دروس حوزه - پایه نهم

مشخصات کتاب

سرشناسه:مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان،1389

عنوان و نام پدیدآور:دروس حوزه (پایه نهم)/ واحد تحقیقات مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان

مشخصات نشر:اصفهان:مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان 1389.

مشخصات ظاهری:نرم افزار تلفن همراه و رایانه

موضوع : حوزه و دانشگاه.

موضوع : حوزه های علمیه-- ایران.

موضوع : دانشگاه ها و مدارس عالی-- ایران.

شناسه افزوده : مرکز تحقیقات رایانه ای قائمیه اصفهان

کفایةالأصول

اشاره

ص: 1

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

ص: 7

أما المقدمة

اشارة

ففی بیان أمور.

الأول [تعریف علم الأصول و موضوعه]

أن موضوع کل علم و هو الذی یبحث فیه عن عوارضه الذاتیة أی بلا بواسطة فی العروض هو نفس موضوعات مسائله عینا و ما یتحد معها خارجا و إن کان یغایرها مفهوما تغایر الکلی و مصادیقه و الطبیعی و أفراده و المسائل عبارة عن جملة من قضایا متشتتة جمعها اشتراکها فی الداخل فی الغرض الذی لأجله دون هذا العلم فلذا قد یتداخل بعض العلوم فی بعض المسائل مما کان له دخل فی مهمین لأجل کل منهما دون علم علی حدة فیصیر من مسائل العلمین.

لا یقال علی هذا یمکن تداخل علمین فی تمام مسائلهما فی ما کان هناک مهمان متلازمان فی الترتب علی جملة من القضایا لا یکاد انفکاکهما.

فإنه یقال مضافا إلی بعد ذلک بل امتناعه عادة لا یکاد یصح لذلک تدوین علمین و تسمیتهما باسمین بل تدوین علم واحد یبحث فیه تارة لکلا المهمین و أخری لأحدهما و هذا بخلاف التداخل فی بعض المسائل فإن حسن تدوین علمین کانا مشترکین فی مسألة أو أزید فی جملة مسائلهما المختلفة لأجل مهمین مما لا یخفی.

ص: 8

و قد انقدح بما ذکرنا أن تمایز العلوم إنما هو باختلاف الأغراض الداعیة إلی التدوین لا الموضوعات و لا المحمولات و إلا کان کل باب بل کل مسألة من کل علم علما علی حدة کما هو واضح لمن کان له أدنی تأمل فلا یکون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجبا للتعدد کما لا یکون وحدتهما سببا لأن یکون من الواحد.

ثم إنه ربما لا یکون لموضوع العلم و هو الکلی المتحد مع موضوعات المسائل عنوان خاص و اسم مخصوص فیصح أن یعبر عنه بکل ما دل علیه بداهة عدم دخل ذلک فی موضوعیته أصلا.

و قد انقدح بذلک أن موضوع علم الأصول هو الکلی المنطبق علی موضوعات مسائله المتشتتة لا خصوص الأدلة الأربعة بما هی أدلة(1)بل و لا بما هی هی(2)ضرورة أن البحث فی غیر واحد من مسائله المهمة لیس من عوارضها و هو واضح لو کان المراد بالسنة منها هو نفس قول المعصوم أو فعله أو تقریره کما هو المصطلح فیها لوضوح عدم البحث فی کثیر من مباحثها المهمة کعمدة مباحث التعادل و الترجیح بل و مسألة حجیة خبر الواحد لا عنها و لا عن سائر الأدلة و رجوع البحث فیهما فی الحقیقة إلی البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد فی مسألة حجیة الخبر کما أفید(3)و بأی الخبرین فی باب التعارض فإنه أیضا بحث فی الحقیقة عن حجیة الخبر فی هذا الحال غیر مفید فإن البحث عن ثبوت الموضوع و ما هو مفاد کان التامة لیس بحثا عن عوارضه فإنها مفاد کان الناقصة.

لا یقال هذا فی الثبوت الواقعی و أما الثبوت التعبدی کما هو


1- کما هو المشهور بین الأصولیین.
2- صرح به صاحب الفصول، الفصول/ 4.
3- افاده الشیخ ( قده) فی فرائد الأصول/ 67، فی بدایة مبحث حجیة الخبر الواحد.

ص: 9

المهم فی هذه المباحث فهو فی الحقیقة یکون مفاد کان الناقصة.

فإنه یقال نعم لکنه مما لا یعرض السنة بل الخبر الحاکی لها فإن الثبوت التعبدی یرجع إلی وجوب العمل علی طبق الخبر کالسنة المحکیة به و هذا من عوارضه لا عوارضها کما لا یخفی.

و بالجملة الثبوت الواقعی لیس من العوارض و التعبدی و إن کان منها إلا أنه لیس للسنة بل للخبر فتأمل جیدا.

و أما إذا کان المراد(1)من السنة ما یعم حکایتها فلأن البحث فی تلک المباحث و إن کان عن أحوال السنة بهذا المعنی إلا أن البحث فی غیر واحد من مسائلها کمباحث الألفاظ و جملة من غیرها لا یخص الأدلة بل یعم غیرها و إن کان المهم معرفة أحوال خصوصها کما لا یخفی.

و یؤید ذلک تعریف الأصول بأنه (العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحکام الشرعیة) و إن کان الأولی تعریفه بأنه (صناعة یعرف بها القواعد التی یمکن أن تقع فی طریق استنباط الأحکام أو التی ینتهی إلیها فی مقام العمل) بناء علی أن مسألة حجیة الظن علی الحکومة و مسائل الأصول العملیة فی الشبهات الحکمیة من الأصول کما هو کذلک ضرورة أنه لا وجه لالتزام الاستطراد فی مثل هذه المهمات.

الأمر الثانی [تعریف الوضع و أقسامه]

الوضع هو نحو اختصاص للفظ بالمعنی و ارتباط خاص بینهما ناش من تخصیصه به تارة و من کثرة استعماله فیه أخری و بهذا المعنی صح تقسیمه إلی التعیینی و التعینی کما لا یخفی


1- هذا مراد صاحب الفصول، الفصول/ 12.

ص: 10

ثم إن الملحوظ حال الوضع إما یکون معنی عاما فیوضع اللفظ له تارة و لأفراده و مصادیقه أخری و إما یکون معنی خاصا لا یکاد یصح إلا وضع اللفظ له دون العام فتکون الأقسام ثلاثة و ذلک لأن العام یصلح لأن یکون آلة للحاظ أفراده و مصادیقه بما هو کذلک فإنه من وجوهها و معرفة وجه الشی ء معرفته بوجه بخلاف الخاص فإنه بما هو خاص لا یکون وجها للعام و لا لسائر الأفراد فلا یکون معرفته و تصوره معرفة له و لا لها أصلا و لو بوجه.

نعم ربما یوجب تصوره تصور العام بنفسه فیوضع له اللفظ فیکون الوضع عاما کما کان الموضوع له عاما و هذا بخلاف ما فی الوضع العام و الموضوع له الخاص فإن الموضوع له و هی الأفراد لا یکون متصورا إلا بوجهه و عنوانه و هو العام و فرق واضح بین تصور الشی ء بوجهه و تصوره بنفسه و لو کان بسبب تصور أمر آخر.

و لعل خفاء ذلک علی بعض الأعلام(1)و عدم تمیزه بینهما کان موجبا لتوهم إمکان ثبوت قسم رابع و هو أن یکون الوضع خاصا مع کون الموضوع له عاما مع أنه واضح لمن کان له أدنی تأمل.

ثم إنه لا ریب فی ثبوت الوضع (2)الخاص و الموضوع له الخاص کوضع الأعلام و کذا الوضع(3) العام و الموضوع له العام کوضع أسماء الأجناس و أما الوضع العام و الموضوع له الخاص فقد توهم(4)أنه وضع الحروف و ما ألحق بها من الأسماء کما توهم(5)أیضا أن المستعمل فیه فیها(6)


1- الظاهر أنّه صاحب البدائع، البدائع/ 39، فی تقسیم الوضع إلی العام و الخاص.
2- فی أو ب: وضع.
3- فی أو ب: وضع.
4- صاحب الفصول، الفصول/ 16، فی الوضع.
5- الفصول/ 16، فی الوضع.
6- فی أ: أن المستعمل فیها.

ص: 11

خاص (1) مع کون الموضوع له کالوضع عاما.

و التحقیق حسب ما یؤدی إلیه النظر الدقیق أن حال المستعمل فیه و الموضوع له فیها حالهما فی الأسماء و ذلک لأن الخصوصیة المتوهمة إن کانت هی الموجبة لکون المعنی المتخصص بها جزئیا خارجیا فمن الواضح أن کثیرا ما لا یکون المستعمل فیه فیها کذلک بل کلیا و لذا التجأ بعض الفحول(2)إلی جعله جزئیا إضافیا و هو کما تری و إن کانت هی الموجبة لکونه جزئیا ذهنیا حیث إنه لا یکاد یکون المعنی حرفیا إلا إذا لوحظ حالة لمعنی آخر و من خصوصیاته القائمة به و یکون حاله کحال العرض فکما لا یکون فی الخارج إلا فی الموضوع کذلک هو لا یکون فی الذهن إلا فی مفهوم آخر و لذا قیل فی تعریفه بأنه ما دل علی معنی فی غیره فالمعنی و إن کان لا محالة یصیر جزئیا بهذا اللحاظ بحیث یباینه إذا لوحظ ثانیا کما لوحظ أولا و لو کان اللاحظ واحدا إلا أن هذا اللحاظ لا یکاد یکون مأخوذا فی المستعمل فیه و إلا فلا بد من لحاظ آخر متعلق بما هو ملحوظ بهذا اللحاظ بداهة أن التصور المستعمل فیه مما لا بد منه فی استعمال الألفاظ و هو کما تری مع أنه یلزم أن لا یصدق علی الخارجیات لامتناع صدق الکلی العقلی علیها حیث لا موطن له إلا الذهن فامتنع امتثال مثل سر من البصرة إلا بالتجرید و إلغاء(3)الخصوصیة هذا مع أنه لیس لحاظ المعنی حالة لغیره فی الحروف إلا کلحاظه فی نفسه فی الأسماء و کما لا یکون هذا اللحاظ معتبرا فی المستعمل فیه فیها کذلک ذاک اللحاظ فی الحروف کما لا یخفی.


1- فی أ و ب: خاصا.
2- المراد من بعض الفحول، إما صاحب الفصول، الفصول/ 16، و إمّا المحقق التقی، هدایة المسترشدین/ 30.
3- فی ب: إلقاء.

ص: 12

و بالجملة لیس المعنی فی کلمة من و لفظ الابتداء مثلا إلا الابتداء فکما لا یعتبر فی معناه لحاظه فی نفسه و مستقلا کذلک لا یعتبر فی معناها لحاظه فی غیرها و آلة و کما لا یکون لحاظه فیه موجبا لجزئیته فلیکن کذلک فیها.

إن قلت علی هذا لم یبق فرق بین الاسم و الحرف فی المعنی و لزم کون مثل کلمة من و لفظ الابتداء مترادفین صح استعمال کل منهما فی موضع الآخر و هکذا سائر الحروف مع الأسماء الموضوعة لمعانیها و هو باطل بالضرورة کما هو واضح.

قلت الفرق بینهما إنما هو فی اختصاص کل منهما بوضع حیث [إنه](1)وضع الاسم لیراد منه معناه بما هو هو و فی نفسه و الحرف لیراد منه معناه لا کذلک بل بما هو حالة لغیره کما مرت الإشارة إلیه غیر مرة فالاختلاف بین الاسم و الحرف فی الوضع یکون موجبا لعدم جواز استعمال أحدهما فی موضع الآخر و إن اتفقا فیما له الوضع و قد عرفت بما لا مزید علیه أن نحو إرادة المعنی لا یکاد یمکن أن یکون من خصوصیاته و مقوماته.

ثم لا یبعد أن یکون الاختلاف فی الخبر و الإنشاء أیضا کذلک فیکون الخبر موضوعا لیستعمل فی حکایة ثبوت معناه فی موطنه و الإنشاء لیستعمل فی قصد تحققه و ثبوته و إن اتفقا فیما استعملا فیه فتأمل.

ثم إنه قد انقدح مما حققناه أنه یمکن أن یقال إن المستعمل فیه فی مثل أسماء الإشارة و الضمائر أیضا عام و أن تشخصه إنما نشأ من قبل طور استعمالها حیث إن أسماء الإشارة وضعت لیشار بها إلی معانیها و کذا


1- أثبتناها من ب.

ص: 13

بعض الضمائر و بعضها لیخاطب به(1)المعنی و الإشارة و التخاطب یستدعیان التشخص کما لا یخفی فدعوی أن المستعمل فیه فی مثل [هذا] أو هو أو إیاک إنما هو المفرد المذکر و تشخصه إنما جاء من قبل الإشارة أو التخاطب بهذه الألفاظ إلیه فإن الإشارة أو التخاطب لا یکاد یکون إلا إلی الشخص أو معه غیر مجازفة.

فتلخص مما حققناه أن التشخص الناشئ من قبل الاستعمالات لا یوجب تشخص المستعمل فیه سواء کان تشخصا خارجیا کما فی مثل أسماء الإشارة أو ذهنیا کما فی أسماء الأجناس و الحروف و نحوهما من غیر فرق فی ذلک أصلا بین الحروف و أسماء الأجناس و لعمری هذا واضح و لذا لیس فی کلام القدماء من کون الموضوع له أو المستعمل فیه خاصا فی الحرف عین و لا أثر و إنما ذهب إلیه بعض من تأخر(2)و لعله لتوهم کون قصده بما هو فی غیره من خصوصیات الموضوع له أو المستعمل فیه و الغفلة من أن قصد المعنی من لفظه علی أنحائه لا یکاد یکون من شئونه و أطواره و إلا فلیکن قصده بما هو هو و فی نفسه کذلک فتأمل فی المقام فإنه دقیق و قد زل فیه أقدام غیر واحد من أهل التحقیق و التدقیق.

الثالث [کیفیة استعمال المجازی]

صحة استعمال اللفظ فیما یناسب ما وضع له هل هو بالوضع أو بالطبع وجهان بل قولان أظهرهما أنه بالطبع بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فیه و لو مع منع الواضع عنه و باستهجان الاستعمال فیما لا یناسبه و لو مع ترخیصه و لا معنی لصحته إلا حسنه و الظاهر أن صحة استعمال


1- فی ب: بها.
2- صاحب الفصول، الفصول/ 16.

ص: 14

اللفظ فی نوعه أو مثله من قبیله کما یأتی الإشارة إلی تفصیله(1).

الرابع لا شبهة فی صحة إطلاق اللفظ و إرادة نوعه

به کما إذا قیل ضرب مثلا فعل ماض أو صنفه کما إذا قیل زید فی ضرب زید فاعل إذا لم یقصد به شخص القول أو مثله کضرب فی المثال فیما إذا قصد.

و قد أشرنا(2)إلی أن صحة الإطلاق کذلک و حسنه إنما کان بالطبع لا بالوضع و إلا کانت المهملات موضوعة لذلک لصحة الإطلاق کذلک فیها و الالتزام بوضعها کذلک کما تری.

و (أما إطلاقه و إرادة شخصه کما إذا قیل زید لفظ و أرید منه شخص نفسه ففی صحته بدون تأویل نظر لاستلزامه اتحاد الدال و المدلول أو ترکب القضیة من جزءین کما فی الفصول(3).)

بیان ذلک أنه إن اعتبر دلالته علی نفسه حینئذ لزم الاتحاد و إلا لزم ترکبها من جزءین لأن القضیة اللفظیة علی هذا إنما تکون حاکیة عن المحمول و النسبة لا الموضوع فتکون القضیة المحکیة بها مرکبة من جزءین مع امتناع الترکب إلا من الثلاثة ضرورة استحالة ثبوت النسبة بدون المنتسبین.

قلت یمکن أن یقال إنه یکفی تعدد الدال و المدلول اعتبارا و إن اتحدا ذاتا فمن حیث إنه لفظ صادر عن لافظه کان دالا و من حیث إن


1- فی الأمر الرابع.
2- أشار إلیه فی الأمر الثالث.
3- الفصول/ 22، عند قوله: فصل قد یطلق اللفظ... الخ.

ص: 15

نفسه و شخصه مراده کان مدلولا مع أن حدیث ترکب القضیة من جزءین لو لا اعتبار الدلالة فی البین إنما یلزم إذا لم یکن الموضوع نفس شخصه و إلا کان أجزاؤها الثلاثة تامة و کان المحمول فیها منتسبا إلی شخص اللفظ و نفسه غایة الأمر أنه نفس الموضوع لا الحاکی عنه فافهم فإنه لا یخلو عن دقة.

و علی هذا لیس من باب استعمال اللفظ بشی ء بل یمکن أن یقال إنه لیس أیضا من هذا الباب ما إذا أطلق اللفظ و أرید به نوعه أو صنفه فإنه فرده و مصداقه حقیقة لا لفظه و ذاک معناه کی یکون مستعملا فیه استعمال اللفظ فی المعنی فیکون اللفظ نفس الموضوع الملقی إلی المخاطب خارجا قد أحضر فی ذهنه بلا وساطة حاک(1)و قد حکم علیه ابتداء بدون واسطة أصلا لا لفظه کما لا یخفی فلا یکون فی البین لفظ قد استعمل فی معنی بل فرد قد حکم فی القضیة علیه بما هو مصداق لکلی(2)اللفظ لا بما هو خصوص جزئیه.

نعم فیما إذا أرید به فرد آخر مثله کان من قبیل استعمال اللفظ فی المعنی اللهم إلا أن یقال إن لفظ ضرب و إن کان فردا له إلا أنه إذا قصد به حکایته و جعل عنوانا له و مرآته کان لفظه المستعمل فیه و کان حینئذ کما إذا قصد به فرد مثله.

و بالجملة فإذا أطلق و أرید به نوعه کما إذا أرید به فرد مثله کان من باب استعمال اللفظ فی المعنی و إن کان فردا منه و قد حکم فی القضیة بما یعمه و إن أطلق لیحکم علیه بما هو فرد کلیه و مصداقه لا بما هو لفظه و به حکایته فلیس من هذا الباب لکن الإطلاقات المتعارفة ظاهرا


1- فی أوب: حاکی.
2- فی أ: لکلیه.

ص: 16

لیست کذلک کما لا یخفی و فیها ما لا یکاد یصح أن یراد منه ذلک مما کان الحکم فی القضیة لا یکاد یعم شخص اللفظ کما فی مثل ضرب فعل ماض.

الخامس [وضع الألفاظ للمعانی الواقعیة لا بما هی مرادة]

لا ریب فی کون الألفاظ موضوعة بإزاء معانیها من حیث هی لا من حیث هی مرادة للافظها لما عرفت بما لا مزید علیه من أن قصد المعنی علی أنحائه من مقومات الاستعمال فلا یکاد یکون من قیود المستعمل فیه.

هذا مضافا إلی ضرورة صحة الحمل و الإسناد فی الجمل بلا تصرف فی ألفاظ الأطراف مع أنه لو کانت موضوعة لها بما هی مرادة لما صح بدونه بداهة أن المحمول علی زید فی زید قائم و المسند إلیه فی ضرب زید مثلا هو نفس القیام و الضرب لا بما هما مرادان مع أنه یلزم کون وضع عامة الألفاظ عاما و الموضوع له خاصا لمکان اعتبار خصوص إرادة اللافظین فیما وضع له اللفظ فإنه لا مجال لتوهم أخذ مفهوم الإرادة فیه کما لا یخفی و هکذا الحال فی طرف الموضوع.

و (أما ما حکی [1] عن العلمین الشیخ الرئیس [2] و المحقق

[1] راجع الشفاء، قسم المنطق فی المقالة الأولی من الفن الأول، الفصل الثامن/ 42، عند قوله (و ذلک لأن معنی دلالة اللفظ، هو أن یکون اللفظ اسما لذلک المعنی علی سبیل القصد الأوّل) انتهی.

و حکی العلّامة الحلّی (ره) فی الجوهر النضید فی شرح التجرید/ 4. عن أستاذه المحقق الطوسی (ره) قوله بأن اللفظ لا یدلّ بذاته علی معناه بل باعتبار الإرادة و القصد.

[2] الشیخ الرئیس أبو علی الحسین بن عبد اللّه بن سینا الحکیم المشهور، أحد فلاسفة المسلمین ولد سنة 370 ه- بقریة من ضیاع بخاری، نادرة عصره فی علمه و ذکائه و تصانیفه، لم یستکمل ثمانی عشرة سنة من عمره الّا و قد فرغ من تحصیل العلوم بأسرها، صنف کتاب الشفاء و النجاة و الإشارات و القانون و غیر ذلک ممّا یقارب مائه مصنّف، و له شعر، توفی بهمدان یوم الجمعة من شهر رمضان 428 ه- و دفن بها. (وفیات الأعیان 2/ 157 رقم 190).

ص: 17

الطوسی [1] من مصیرهما إلی أن الدلالة تتبع الإرادة) فلیس ناظرا إلی کون الألفاظ موضوعة للمعانی بما هی مرادة کما توهمه بعض الأفاضل(1)بل ناظر إلی أن دلالة الألفاظ علی معانیها بالدلالة التصدیقیة أی دلالتها علی کونها مرادة للافظها تتبع إرادتها منها و یتفرع علیها تبعیة مقام الإثبات للثبوت و تفرع الکشف علی الواقع المکشوف فإنه لو لا الثبوت فی الواقع لما کان للإثبات و الکشف و الدلالة مجال و لذا لا بد من إحراز کون المتکلم بصدد الإفادة فی إثبات إرادة ما هو ظاهر کلامه و دلالته علی الإرادة و إلا لما کانت لکلامه هذه الدلالة و إن کانت له الدلالة التصوریة أی کون سماعه موجبا لإخطار معناه الموضوع له و لو کان من وراء الجدار أو من لافظ بلا شعور و لا اختیار.

إن قلت علی هذا یلزم أن لا یکون هناک دلالة عند الخطإ و القطع بما لیس بمراد أو الاعتقاد بإرادة شی ء و لم یکن له من اللفظ مراد.

قلت نعم لا یکون حینئذ دلالة بل یکون هناک جهالة و ضلالة یحسبها الجاهل دلالة و لعمری ما أفاده العلمان من التبعیة علی ما بیناه واضح لا محیص عنه و لا یکاد ینقضی تعجبی کیف رضی المتوهم أن یجعل کلامهما ناظرا إلی ما لا ینبغی صدوره عن فاضل فضلا عمن هو علم

[1] المحقق خواجه نصیر الدّین محمد بن محمد بن الحسن الطوسی الحکیم الفیلسوف ولد فی طوس عام 597 ه- ، درس فی صغره مختلف العلوم و أتقن علوم الریاضیات و کان لا یزال فی مطلع شبابه، سافر الی نیشابور و قضی فیها فترة ظهر نبوغه و تفوّقه، باشر إنشاء مرصد مراغة و أسس مکتبة مراغة، حضر درس المحقق الحلّی عندما زار الفیحاء بصحبة هولاکو، کتب ما یناهز 184 مؤلفا فی فنون شتّی، توفی 682 هه و دفن فی جوار الامام موسی الکاظم (علیه السلام). (أعیان الشیعة 9/ 414).


1- صاحب الفصول 17، السطر الأخیر.

ص: 18

فی التحقیق و التدقیق.

السادس [وضع المرکبات]

لا وجه لتوهم وضع للمرکبات غیر وضع المفردات ضرورة عدم الحاجة إلیه بعد وضعها بموادها فی مثل زید قائم و ضرب عمرو بکرا شخصیا و بهیئاتها المخصوصة من خصوص إعرابها نوعیا و منها خصوص هیئات المرکبات الموضوعة لخصوصیات النسب و الإضافات بمزایاها الخاصة من تأکید و حصر و غیرهما نوعیا بداهة أن وضعها کذلک واف بتمام المقصود منها کما لا یخفی من غیر حاجة إلی وضع آخر لها بجملتها مع استلزامه الدلالة علی المعنی تارة بملاحظة وضع نفسها و أخری بملاحظة وضع مفرداتها و لعل المراد من العبارات الموهمة لذلک هو وضع الهیئات علی حدة غیر وضع المواد لا وضعها بجملتها علاوة علی وضع کل منهما.

السابع [علائم الحقیقة و المجاز]

لا یخفی أن تبادر المعنی من اللفظ و انسباقه إلی الذهن من نفسه و بلا قرینة علامة کونه حقیقة فیه بداهة أنه لو لا وضعه له لما تبادر و لا یقال کیف یکون علامة مع توقفه علی العلم بأنه موضوع له کما هو واضح فلو کان العلم به موقوفا علیه لدار فإنه یقال الموقوف علیه غیر الموقوف علیه فإن العلم التفصیلی بکونه موضوعا له موقوف علی التبادر و هو موقوف علی العلم الإجمالی الارتکازی به لا التفصیلی فلا دور هذا إذا کان المراد به التبادر عند المستعلم و أما إذا کان المراد به التبادر عند أهل المحاورة فالتغایر أوضح من أن یخفی.

ص: 19

ثم إن هذا فیما لو علم استناد الانسباق إلی نفس اللفظ و أما فیما احتمل استناده إلی قرینة فلا یجدی أصالة عدم القرینة فی إحراز کون الاستناد إلیه لا إلیها کما قیل(1)لعدم الدلیل علی اعتبارها إلا فی إحراز المراد لا الاستناد.

ثم إن(2)عدم صحة سلب اللفظ بمعناه المعلوم المرتکز فی الذهن إجمالا کذلک عن معنی تکون علامة کونه حقیقة فیه کما أن صحة سلبه عنه علامة کونه مجازا فی الجملة.

و التفصیل أن عدم صحة السلب عنه و صحة الحمل علیه بالحمل الأولی الذاتی الذی کان ملاکه الاتحاد مفهوما علامة کونه نفس المعنی و بالحمل الشائع الصناعی الذی ملاکه الاتحاد وجودا بنحو من أنحاء الاتحاد علامة کونه من مصادیقه و أفراده الحقیقیة [1].

کما أن صحة سلبه کذلک علامة أنه لیس منهما و إن لم نقل بأن إطلاقه علیه من باب المجاز فی الکلمة بل من باب الحقیقة و أن التصرف فیه فی أمر عقلی کما صار إلیه السکاکی [2] و استعلام حال اللفظ و أنه حقیقة أو

[1] فیما إذا کان المحمول و المحمول علیه کلیا و فردا، لا فیما إذا کانا کلیین متساویین، أو غیرهما، کما لا یخفی. منه قدس سره.

و فی نسخة أ لم یظهر کونه تعلیقا بل الظاهر دخوله فی المتن.

[2] مفتاح العلوم/ 156، الفصل الثالث فی الاستعارة.

أبو یعقوب یوسف بن أبی بکر بن محمد السکاکی الخوارزمی، ولد سنة 555 ه- کان علامة بارعا فی فنون شتّی خصوصا المعانی و البیان، و له کتاب(3)فیه إثنا عشر علما من علوم العربیة، و له النصیب الوافر فی علم الکلام و سائر الفنون مات بخوارزم سنة 626 ه- . (بغیة الوعاة 2/ 364 رقم 2204).


1- قوانین الأصول/ 13.
2- فی أ: إنّه کذلک عدم صحة سلب اللفظ بمعناه المعلوم، المرتکز فی الذهن إجمالا عن معنی... الخ.
3- مفتاح العلوم

ص: 20

مجاز فی هذا المعنی بهما لیس علی وجه دائر لما عرفت فی التبادر من التغایر بین الموقوف و الموقوف علیه بالإجمال و التفصیل أو الإضافة إلی المستعلم و العالم فتأمل جیدا.

ثم إنه قد ذکر الاطراد و عدمه علامة للحقیقة و المجاز أیضا و لعله بملاحظة نوع العلائق المذکورة فی المجازات حیث لا یطرد صحة استعمال اللفظ معها و إلا فبملاحظة خصوص ما یصح معه الاستعمال فالمجاز مطرد کالحقیقة و زیادة قید من غیر تأویل أو علی وجه الحقیقة(1)و إن کان موجبا لاختصاص الاطراد کذلک بالحقیقة إلا أنه حینئذ لا یکون علامة لها إلا علی وجه دائر و لا یتأتی التفصی عن الدور بما ذکر فی التبادر هنا(2)ضرورة أنه مع العلم بکون الاستعمال علی نحو الحقیقة لا یبقی مجال لاستعلام(3)حال الاستعمال بالاطراد أو بغیره.

الثامن [أحوال اللفظ و تعارضها]

أنه للفظ أحوال خمسة و هی التجوز و الاشتراک و التخصیص و النقل و الإضمار لا یکاد یصار إلی أحدها فیما إذا دار الأمر بینه و بین المعنی الحقیقی إلا بقرینة صارفة عنه إلیه و أما إذا دار الأمر بینها فالأصولیون و إن ذکروا لترجیح بعضها علی بعض وجوها إلا أنها استحسانیة لا اعتبار بها إلا إذا کانت موجبة لظهور اللفظ فی المعنی لعدم مساعدة دلیل علی اعتبارها بدون ذلک کما لا یخفی


1- الزیادة من صاحب الفصول، الفصول/ 38، فصل فی علامة الحقیقة و المجاز.
2- فی أ: هاهنا.
3- فی ب: الاستعلام.

ص: 21

التاسع [الحقیقة الشرعیة]

أنه اختلفوا فی ثبوت الحقیقة الشرعیة و عدمه علی أقوال و قبل الخوض فی تحقیق الحال لا بأس بتمهید مقال و هو أن الوضع التعیینی کما یحصل بالتصریح بإنشائه کذلک یحصل باستعمال اللفظ فی غیر ما وضع له کما إذا وضع له بأن یقصد الحکایة عنه و الدلالة علیه بنفسه لا بالقرینة و إن کان لا بد حینئذ من نصب قرینة إلا أنه للدلالة علی ذلک لا علی إرادة المعنی کما فی المجاز فافهم.

و کون استعمال اللفظ فیه کذلک فی غیر ما وضع له بلا مراعاة ما اعتبر فی المجاز فلا یکون بحقیقة و لا مجاز غیر ضائر بعد ما کان مما یقبله الطبع و لا یستنکره و قد عرفت سابقا(1)أنه فی الاستعمالات الشائعة فی المحاورات ما لیس بحقیقة و لا مجاز.

إذا عرفت هذا فدعوی الوضع التعیینی فی الألفاظ المتداولة فی لسان الشارع هکذا قریبة جدا و مدعی القطع به غیر مجازف قطعا و یدل علیه تبادر المعانی الشرعیة منها فی محاوراته و یؤید ذلک أنه ربما لا یکون علاقة معتبرة بین المعانی الشرعیة و اللغویة فأی علاقة بین الصلاة شرعا و الصلاة بمعنی الدعاء و مجرد اشتمال الصلاة علی الدعاء لا یوجب ثبوت ما یعتبر من علاقة الجزء و الکل بینهما کما لا یخفی. هذا کله بناء علی کون معانیها مستحدثة فی شرعنا.

و أما بناء علی کونها ثابتة فی الشرائع السابقة کما هو قضیة غیر واحد من الآیات مثل قوله تعالی کُتِبَ عَلَیْکُمُ الصِّیامُ کَما کُتِبَ عَلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِکُمْ


1- راجع صفحة 14 الأمر الرابع.

ص: 22

(1)و قوله تعالی وَ أَذِّنْ فِی النَّاسِ بِالْحَجِّ(2)و قوله تعالی وَ أَوْصانِی بِالصَّلاةِ وَ الزَّکاةِ ما دُمْتُ حَیًّا(3)إلی غیر ذلک فألفاظها حقائق لغویة لا شرعیة و اختلاف الشرائع فیها جزءا و شرطا لا یوجب اختلافها فی الحقیقة و الماهیة إذ لعله کان من قبیل الاختلاف فی المصادیق و المحققات کاختلافها بحسب الحالات فی شرعنا کما لا یخفی.

ثم لا یذهب علیک أنه مع هذا الاحتمال لا مجال لدعوی الوثوق فضلا عن القطع بکونها حقائق شرعیة و لا لتوهم دلالة الوجوه التی ذکروها علی ثبوتها لو سلم دلالتها علی الثبوت لولاه و منه [قد](4)انقدح حال دعوی الوضع التعینی معه و مع الغض عنه فالإنصاف أن منع حصوله فی زمان الشارع فی لسانه و لسان تابعیه مکابرة نعم حصوله فی خصوص لسانه ممنوع فتأمل.

و أما الثمرة بین القولین فتظهر فی لزوم حمل الألفاظ الواقعة فی کلام الشارع بلا قرینة علی معانیها اللغویة مع عدم الثبوت و علی معانیها الشرعیة علی الثبوت فیما إذا علم تأخر الاستعمال و فیما إذا جهل التاریخ ففیه إشکال و أصالة تأخر الاستعمال مع معارضتها بأصالة تأخر الوضع لا دلیل علی اعتبارها تعبدا إلا علی القول بالأصل المثبت و لم یثبت بناء من العقلاء علی التأخر مع الشک و أصالة عدم النقل إنما کانت معتبرة فیما إذا شک فی أصل النقل لا فی تأخره فتأمل.


1- البقرة/ 183.
2- الحج/ 27.
3- مریم/ 31.
4- أثبتناه من أ .

ص: 23

العاشر [الصحیح و الأعم]

اشارة

أنه وقع الخلاف فی أن ألفاظ العبادات أسام لخصوص الصحیحة أو للأعم منها.

و قبل الخوض فی ذکر أدلة القولین یذکر أمور
منها أنه لا شبهة فی تأتی الخلاف علی القول بثبوت الحقیقة الشرعیة

و فی جریانه علی القول بالعدم إشکال.

و غایة ما یمکن أن یقال فی تصویره أن النزاع وقع علی هذا فی أن الأصل فی هذه الألفاظ المستعملة مجازا فی کلام الشارع هو استعمالها فی خصوص الصحیحة أو الأعم بمعنی أن أیهما قد اعتبرت العلاقة بینه و بین المعانی اللغویة ابتداء و قد استعمل فی الآخر بتبعه و مناسبته کی ینزل کلامه(1)علیه مع القرینة الصارفة عن المعانی اللغویة و عدم قرینة أخری معینة للآخر.

و أنت خبیر بأنه لا یکاد یصح هذا إلا إذا علم أن العلاقة إنما اعتبرت کذلک و أن بناء الشارع فی محاوراته استقر عند عدم نصب قرینة أخری علی إرادته بحیث کان هذا قرینة علیه من غیر حاجة إلی قرینة معینة أخری و أنی لهم بإثبات ذلک.

و قد انقدح بما ذکرنا تصویر النزاع علی (ما نسب(2)إلی الباقلانی [1]

[1] هو القاضی أبو بکر محمد بن الطیب البصری البغدادی المالکی الأصولی المتکلم کان مشهورا بالمناظرة و سرعة الجواب توفی سنة 403 ه- ببغداد، (الکنی و الألقاب: 2/ 55 و العبر فی خبر من غبر: 2/ 207).


1- فی أ: تقدیم ( علیه) علی ( کلامه).
2- نسبه ابن الحاجب و العضدی، راجع شرح العضدی علی مختصر الأصول: 1/ 51- 52.

ص: 24

و ذلک بأن یکون النزاع فی أن قضیة القرینة المضبوطة التی لا یتعدی عنها إلا بالأخری الدالة علی أجزاء المأمور به و شرائطه هو تمام الأجزاء و الشرائط أو هما فی الجملة) فلا تغفل.

و منها أن الظاهر (أن الصحة عند الکل بمعنی واحد

و هو التمامیة و تفسیرها بإسقاط القضاء) کما عن الفقهاء أو بموافقة الشریعة کما عن المتکلمین أو غیر ذلک إنما هو بالمهم من لوازمها لوضوح اختلافه بحسب اختلاف الأنظار و هذا لا یوجب تعدد المعنی کما لا یوجبه اختلافها بحسب الحالات من السفر و الحضر و الاختیار و الاضطرار إلی غیر ذلک کما لا یخفی.

و منه ینقدح أن الصحة و الفساد أمران إضافیان فیختلف شی ء واحد صحة و فسادا بحسب الحالات فیکون تاما بحسب حالة و فاسدا بحسب أخری فتدبر جیدا.

و منها أنه لا بد علی کلا القولین من قدر جامع

فی البین کان هو المسمی بلفظ کذا و لا إشکال فی وجوده بین الأفراد الصحیحة و إمکان الإشارة إلیه بخواصه و آثاره فإن الاشتراک فی الأثر کاشف عن الاشتراک فی جامع واحد یؤثر الکل فیه بذاک الجامع فیصح تصویر المسمی بلفظ الصلاة مثلا بالناهیة عن الفحشاء و ما هو معراج المؤمن و نحوهما.

و الإشکال فیه(1)بأن الجامع لا یکاد یکون أمرا مرکبا إذ کل ما فرض جامعا یمکن أن یکون صحیحا و فاسدا لما عرفت و لا أمرا بسیطا لأنه لا یخلو إما أن یکون هو عنوان المطلوب أو ملزوما مساویا له و الأول غیر معقول لبداهة استحالة أخذ ما لا یتأتی إلا من قبل الطلب فی متعلقه


1- الاشکمال من صاحب التقریرات، مطارح الأنظار/ 6.

ص: 25

مع لزوم الترادف بین لفظة الصلاة و المطلوب و عدم جریان البراءة مع الشک فی أجزاء العبادات و شرائطها لعدم الإجمال حینئذ فی المأمور به فیها و إنما الإجمال فیما یتحقق به و فی مثله لا مجال لها کما حقق فی محله مع أن المشهور القائلین بالصحیح قائلون بها فی الشک فیها و بهذا یشکل لو کان البسیط هو ملزوم المطلوب أیضا مدفوع بأن الجامع إنما هو مفهوم واحد منتزع عن هذه المرکبات المختلفة زیادة و نقیصة بحسب اختلاف الحالات متحد معها نحو اتحاد و فی مثله تجری البراءة و إنما لا تجری فیما إذا کان المأمور به أمرا واحدا خارجیا مسببا عن مرکب مردد بین الأقل و الأکثر کالطهارة المسببة عن الغسل و الوضوء فیما إذا شک فی أجزائهما هذا علی الصحیح.

و أما علی الأعم فتصویر الجامع فی غایة الإشکال فما قیل فی تصویره أو یقال وجوه(1).

أحدها(2)أن یکون عبارة عن جملة من أجزاء العبادة کالأرکان فی الصلاة مثلا و کان الزائد علیها معتبرا فی المأمور به لا فی المسمی.

و فیه ما لا یخفی فإن التسمیة بها حقیقة لا تدور مدارها ضرورة صدق الصلاة مع الإخلال ببعض الأرکان بل و عدم الصدق علیها مع الإخلال بسائر الأجزاء و الشرائط عند الأعمی مع أنه یلزم أن یکون الاستعمال فیما هو المأمور به بأجزائه و شرائطه مجازا عنده و کان من باب استعمال اللفظ الموضوع للجزء فی الکل لا من باب إطلاق الکلی علی الفرد و الجزئی کما هو واضح و لا یلتزم به القائل بالأعم فافهم.


1- راجع القوانین/ 40 فی الصحیح و الأعمّ، و مطارح الأنظار/ 7 فی الصحیح و الأعمّ، و الفصول/ 46.
2- هذا ما یظهر من صاحب القوانین، القوانین 1/ 44 فی الصحیح و الأعمّ.

ص: 26

ثانیها أن تکون موضوعة لمعظم الأجزاء التی تدور مدارها التسمیة عرفا فصدق الاسم کذلک یکشف عن وجود المسمی و عدم صدقه عن عدمه.

و فیه مضافا إلی ما أورد علی الأول أخیرا أنه علیه یتبادل ما هو المعتبر فی المسمی فکان شی ء واحد داخلا فیه تارة و خارجا عنه أخری بل مرددا بین أن یکون هو الخارج أو غیره عند اجتماع تمام الأجزاء و هو کما تری سیما إذا لوحظ هذا مع ما علیه العبادات من الاختلاف الفاحش بحسب الحالات.

ثالثها أن یکون وضعها کوضع الأعلام الشخصیة کزید فکما لا یضر فی التسمیة فیها تبادل الحالات المختلفة من الصغر و الکبر و نقص بعض الأجزاء و زیادته کذلک فیها.

و فیه أن الأعلام إنما تکون موضوعة للأشخاص و التشخص إنما یکون بالوجود الخاص و یکون الشخص حقیقة باقیا ما دام وجوده باقیا و إن تغیرت عوارضه من الزیادة و النقصان و غیرهما من الحالات و الکیفیات فکما لا یضر اختلافها فی التشخص لا یضر اختلافها فی التسمیة و هذا بخلاف مثل ألفاظ العبادات مما کانت موضوعة للمرکبات و المقیدات و لا یکاد یکون موضوعا له إلا ما کان جامعا لشتاتها و حاویا لمتفرقاتها کما عرفت فی الصحیح منها.

رابعها أن ما وضعت له الألفاظ ابتداء هو الصحیح التام الواجد لتمام الأجزاء و الشرائط إلا أن العرف یتسامحون کما هو دیدنهم و یطلقون تلک الألفاظ علی الفاقد للبعض تنزیلا له منزلة الواجد فلا یکون مجازا فی الکلمة علی ما ذهب إلیه السکاکی(1)فی الاستعارة بل یمکن دعوی.


1- مفتاح العلوم/ 156، الفصل الثالث فی الاستعارة.

ص: 27

صیرورته حقیقة فیه بعد الاستعمال فیه کذلک دفعة أو دفعات من دون حاجة إلی الکثرة و الشهرة للأنس الحاصل من جهة المشابهة فی الصورة أو المشارکة فی التأثیر کما فی أسامی المعاجین الموضوعة ابتداء لخصوص مرکبات واجدة لأجزاء خاصة حیث یصح إطلاقها علی الفاقد لبعض الأجزاء المشابه له صورة و المشارک فی المهم أثرا تنزیلا أو حقیقة.

و فیه أنه إنما یتم فی مثل أسامی المعاجین و سائر المرکبات الخارجیة مما یکون الموضوع له(1)فیها ابتداء مرکبا خاصا و لا یکاد یتم فی مثل العبادات التی عرفت أن الصحیح منها یختلف حسب اختلاف الحالات و کون الصحیح بحسب حالة فاسدا(2)بحسب حالة أخری کما لا یخفی فتأمل جیدا.

خامسها أن یکون حالها حال أسامی المقادیر و الأوزان مثل المثقال و الحقة و الوزنة إلی غیر ذلک مما لا شبهة فی کونها حقیقة فی الزائد و الناقص فی الجملة فإن الواضع و إن لاحظ مقدارا خاصا إلا أنه لم یضع له بخصوصه بل للأعم منه و من الزائد و الناقص أو أنه و إن خص به أولا إلا أنه بالاستعمال کثیرا فیهما بعنایة أنهما منه قد صار حقیقة فی الأعم ثانیا.

و فیه أن الصحیح کما عرفت فی الوجه السابق یختلف زیادة و نقیصة فلا یکون هناک ما یلاحظ الزائد و الناقص بالقیاس علیه کی یوضع اللفظ لما هو الأعم فتدبر جیدا.

و منها أن الظاهر أن یکون الوضع و الموضوع له فی ألفاظ العبادات عامین

و احتمال کون الموضوع له خاصا بعید جدا لاستلزامه کون


1- فی ب: الموضوع فیها.
2- فی أ و ب: فاسد.

ص: 28

استعمالها فی الجامع فی مثل الصَّلاةَ تَنْهی عَنِ الْفَحْشاءِ و (: الصلاة معراج المؤمن و [عمود الدین])(1)و (: الصوم جنة من النار) مجازا أو منع استعمالها فیه فی مثلها و کل منهما بعید إلی الغایة کما لا یخفی علی أولی النهایة.

و منها أن ثمرة النزاع إجمال الخطاب علی القول الصحیحی

و عدم جواز الرجوع إلی إطلاقه فی رفع ما إذا شک فی جزئیة شی ء للمأمور به أو شرطیته أصلا لاحتمال دخوله فی المسمی کما لا یخفی و جواز الرجوع إلیه فی ذلک علی القول الأعمی فی غیر ما احتمل دخوله فیه مما شک فی جزئیته أو شرطیته نعم لا بد فی الرجوع إلیه فیما ذکر من کونه واردا مورد البیان کما لا بد منه فی الرجوع إلی سائر المطلقات و بدونه لا مرجع أیضا إلا البراءة أو الاشتغال علی الخلاف فی مسألة دوران الأمر بین الأقل و الأکثر الارتباطیین.

و قد انقدح بذلک أن الرجوع إلی البراءة أو الاشتغال فی موارد إجمال الخطاب أو إهماله علی القولین فلا وجه لجعل الثمرة هو الرجوع إلی البراءة علی الأعم و الاشتغال علی الصحیح(2)و لذا ذهب المشهور إلی البراءة مع ذهابهم إلی الصحیح.

و ربما قیل(3)بظهور الثمرة فی النذر أیضا.

قلت و إن کان تظهر فیما لو نذر لمن صلی إعطاء درهم فی البر فیما لو أعطاه لمن صلی و لو علم بفساد صلاته لإخلاله بما لا یعتبر فی الاسم علی الأعم و عدم البر علی الصحیح إلا أنه لیس بثمرة لمثل هذه


1- أثبتناها من ( ب).
2- القوانین/ 1/ 40، مبحث الصحیح و الأعم.
3- القوانین 1/ 43، مبحث الصحیح و الأعم.

ص: 29

المسألة لما عرفت من أن ثمرة المسألة الأصولیة هی أن تکون نتیجتها واقعة فی طریق استنباط الأحکام الفرعیة فافهم.

و کیف کان

فقد استدل للصحیحی بوجوه
أحدها التبادر

و دعوی أن المنسبق إلی الأذهان منها هو الصحیح و لا منافاة بین دعوی ذلک و بین کون الألفاظ علی هذا القول مجملات فإن المنافاة إنما تکون فیما إذا لم تکن معانیها علی هذا مبینة بوجه و قد عرفت کونها مبینة بغیر وجه.

ثانیها صحة السلب عن الفاسد

بسبب الإخلال ببعض أجزائه أو شرائطه بالمداقة و إن صح الإطلاق علیه بالعنایة.

ثالثها الأخبار

الظاهرة فی إثبات بعض الخواص و الآثار للمسمیات مثل (: الصلاة عمود الدین)(1)أو (معراج المؤمن)(2)و (: الصوم جنة من النار)(3)إلی غیر ذلک أو نفی ماهیتها و طبائعها مثل (: لا صلاة إلا بفاتحة الکتاب)(4)و نحوه مما کان ظاهرا فی نفی الحقیقة بمجرد فقد ما یعتبر فی الصحة شطرا أو شرطا و إرادة خصوص الصحیح من الطائفة الأولی و نفی الصحة من الثانیة لشیوع استعمال هذا الترکیب فی نفی مثل الصحة أو الکمال خلاف الظاهر لا یصار إلیه مع عدم نصب قرینة علیه و استعمال هذا الترکیب فی نفی الصفة ممکن المنع حتی فی مثل (: لا صلاة لجار المسجد إلا فی المسجد)(5)مما یعلم أن المراد نفی الکمال بدعوی استعماله


1- دعائم الاسلام 1/ 133، جامع الأخبار/ 85، الکافی 3/ 99 باب النفساء الحدیث 4 غوالیّ اللآلی 1/ 322 الحدیث 55.
2- لم نجده فی کتب الحدیث، و لکن أورده فی جواهر الکلام 7/ 2.
3- الفقیه 2/ 44 باب فضل الصیام، الحدیث 1 و 5، الکافی 4/ 62 باب ما جاء فی فضل الصوم و الصائم الحدیث 1.
4- غوالی اللآلی 1: 196، الحدیث 2 و غوالی اللآلی 2: 218 الحدیث 13.
5- دعائم الاسلام 1/ 148، التهذیب 3/ 261 باب 25 فضل المساجد و الصلاة فیها، الحدیث 55 وسائل الشیعة 3/ 478 الباب 2 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث 1.

ص: 30

فی نفی الحقیقة فی مثله أیضا بنحو من العنایة لا علی الحقیقة و إلا لما دل علی المبالغة فافهم [1].

رابعها

دعوی القطع بأن طریقة الواضعین و دیدنهم وضع الألفاظ للمرکبات التامة کما هو قضیة الحکمة الداعیة إلیه و الحاجة و إن دعت أحیانا إلی استعمالها فی الناقص أیضا إلا أنه لا یقتضی أن یکون بنحو الحقیقة بل و لو کان مسامحة تنزیلا للفاقد منزلة الواجد.

و الظاهر أن الشارع غیر متخط عن هذه الطریقة.

و لا یخفی أن هذه الدعوی و إن کانت غیر بعیدة إلا أنها قابلة للمنع فتأمل.

و قد استدل للأعمی أیضا بوجوه
اشارة

. منها تبادر الأعم

و فیه أنه قد عرفت الإشکال فی تصویر الجامع الذی لا بد منه فکیف یصح معه دعوی التبادر.

و منها عدم صحة السلب عن الفاسد

و فیه منع لما عرفت.

و منها صحة التقسیم إلی الصحیح و السقیم

. و فیه أنه إنما یشهد علی أنها للأعم لو لم تکن هناک دلالة علی کونها موضوعة للصحیح و قد عرفتها فلا بد أن یکون التقسیم بملاحظة ما یستعمل فیه اللفظ و لو بالعنایة.

[1] إشارة الی أن الأخبار المثبتة للآثار و إن کانت ظاهرة فی ذلک- لمکان أصالة الحقیقة، و لازم ذلک کون الموضوع له للأسماء ه الصحیح، ضرورة اختصاص تلک الآثار به- إلّا أنه لا یثبت بأصالتها کما لا یخفی، لاجرائها العقلاء فی إثبات المراد، لا فی أنه علی نحو الحقیقة لا المجاز، فتأمّل جیدا، منه قدس سره.

ص: 31

و منها استعمال الصلاة و غیرها فی غیر واحد من الأخبار فی الفاسدة

(کقوله علیه الصلاة و السلام: بنی الإسلام علی خمس الصلاة و الزکاة و الحج و الصوم و الولایة و لم یناد أحد بشی ء کما نودی بالولایة فأخذ الناس بأربع و ترکوا هذه فلو أن أحدا صام نهاره و قام لیله و مات بغیر ولایة لم یقبل له صوم و لا صلاة)(1)فإن الأخذ بالأربع لا یکون بناء علی بطلان عبادات تارکی الولایة إلا إذا کانت أسامی للأعم و (قوله علیه السلام: دعی الصلاة أیام أقرائک)(2)ضرورة أنه لو لم یکن المراد منها الفاسدة لزم عدم صحة النهی عنها لعدم قدرة الحائض علی الصحیحة منها.

و فیه أن الاستعمال أعم من الحقیقة مع أن المراد فی الروایة الأولی هو خصوص الصحیح بقرینة أنها مما بنی علیها الإسلام و لا ینافی ذلک بطلان عبادة منکری الولایة إذ لعل أخذهم بها إنما کان بحسب اعتقادهم لا حقیقة و ذلک لا یقتضی استعمالها فی الفاسد أو الأعم و الاستعمال فی قوله فلو أن أحدا صام نهاره [إلی آخره](3)کان کذلک أی بحسب اعتقادهم أو للمشابهة و المشاکلة.

و فی الروایة الثانیة الإرشاد(4)إلی عدم القدرة علی الصلاة و إلا کان الإتیان بالأرکان و سائر ما یعتبر فی الصلاة بل بما یسمی فی العرف بها


1- الکافی 2/ 15 باب 13 دعائم الاسلام- الخصال/ 277 باب الخمسة، الحدیث 21 غوالی اللآلی 1/ 82، الفصل الخامس، الحدیث 4.
2- التهذیب 1/ 384 باب 19 الحیض و الاستحاضة و النفاس، الحدیث 6- الکافی 3/ 88 باب جامع فی الحائض و المستحاضة الحدیث 1. غوالی اللآلی 2/ 207 باب الطهارة الحدیث 124.
3- أثبتناه هذه العبارة من ب.
4- و فی بعض النسخ المطبوعة ( النهی للإرشاد).

ص: 32

و لو أخل بما لا یضر الإخلال به بالتسمیة عرفا محرما علی الحائض ذاتا و إن لم تقصد به القربة.

و لا أظن أن یلتزم به المستدل بالروایة فتأمل جیدا.

و منها أنه لا شبهة فی صحة تعلق النذر و شبهه بترک الصلاة فی مکان تکره فیه

و منها أنه لا شبهة(1)فی صحة تعلق النذر و شبهه بترک الصلاة فی مکان تکره فیه

و حصول الحنث بفعلها و لو کانت الصلاة المنذور ترکها خصوص الصحیحة لا یکاد یحصل به الحنث أصلا لفساد الصلاة المأتی بها لحرمتها کما لا یخفی بل یلزم المحال فإن النذر حسب الفرض قد تعلق بالصحیح منها و لا یکاد یکون معه صحیحة و ما یلزم من فرض وجوده عدمه محال.

قلت لا یخفی أنه لو صح ذلک لا یقتضی إلا عدم صحة تعلق النذر بالصحیح لا عدم وضع اللفظ له شرعا مع أن الفساد من قبل النذر لا ینافی صحة متعلقه فلا یلزم من فرض وجودها عدمها.

و من هنا انقدح أن حصول الحنث إنما یکون لأجل الصحة لو لا تعلقه نعم لو فرض تعلقه بترک الصلاة المطلوبة بالفعل [1] لکان منع حصول الحنث بفعلها بمکان من الإمکان.

بقی أمور
الأول [أسامی المعاملات موضوعة للصحیح أو الأعم]

أن أسامی المعاملات إن کانت موضوعة للمسببات فلا مجال للنزاع فی کونها موضوعة للصحیحة أو للأعم لعدم اتصافها بهما کما لا یخفی بل بالوجود تارة و بالعدم أخری و أما إن کانت موضوعة للأسباب

[1] و لو مع النذر، و لکن صحته کذلک مشکل، لعدم کون الصلاة معه صحیحة مطلوبة، فتأمل جیدا.(2).


1- فی نسخة ( أ): لا إشکال.
2- منه قدس سره

ص: 33

فللنزاع فیه مجال لکنه لا یبعد دعوی کونها موضوعة للصحیحة أیضا و أن الموضوع له هو العقد المؤثر لأثر کذا شرعا و عرفا و الاختلاف بین الشرع و العرف فیما یعتبر فی تأثیر العقد لا یوجب الاختلاف بینهما فی المعنی بل الاختلاف فی المحققات و المصادیق و تخطئة الشرع العرف فی تخیل کون العقد بدون ما اعتبره فی تأثیره محققا لما هو المؤثر کما لا یخفی فافهم.

الثانی أن کون ألفاظ المعاملات أسامی للصحیحة لا یوجب إجمالها

کألفاظ العبادات کی لا یصح التمسک بإطلاقها عند الشک فی اعتبار شی ء فی تأثیرها(1)شرعا و ذلک لأن إطلاقها لو کان مسوقا فی مقام البیان ینزل علی أن المؤثر عند الشارع هو المؤثر عند أهل العرف و لم یعتبر فی تأثیره عنده غیر ما اعتبر فیه عندهم کما ینزل علیه إطلاق کلام غیره حیث إنه منهم و لو اعتبر فی تأثیره ما شک فی اعتباره کان علیه البیان و نصب القرینة علیه و حیث لم ینصب بان عدم اعتباره عنده أیضا و لذا یتمسکون بالإطلاق فی أبواب المعاملات مع ذهابهم إلی کون ألفاظها موضوعة للصحیح.

نعم لو شک فی اعتبار شی ء فیها عرفا فلا مجال للتمسک بإطلاقها فی عدم اعتباره بل لا بد من اعتباره لأصالة عدم الأثر بدونه فتأمل جیدا.

الثالث [أقسام دخل شی ء فی المأمور به]

إن دخل شی ء وجودی أو عدمی فی المأمور به.

تارة بأن یکون داخلا فیما یأتلف منه و من غیره و جعل جملته متعلقا للأمر فیکون جزءا له و داخلا فی قوامه.

و أخری بأن یکون خارجا عنه لکنه کان مما لا یحصل الخصوصیة


1- فی ( أ): تأثیره.

ص: 34

المأخوذة فیه بدونه کما إذا أخذ شی ء مسبوقا أو ملحوقا به أو مقارنا له متعلقا للأمر فیکون من مقدماته لا مقوماته.

و ثالثة بأن یکون مما یتشخص به المأمور به بحیث یصدق علی المتشخص به عنوانه و ربما یحصل له بسببه مزیة أو نقیصة و دخل هذا فیه أیضا طورا بنحو الشطریة و أخری بنحو الشرطیة فیکون الإخلال بما له دخل بأحد النحوین فی حقیقة المأمور به و ماهیته موجبا لفساده لا محالة بخلاف ما له الدخل فی تشخصه و تحققه مطلقا شطرا کان أو شرطا حیث لا یکون الإخلال به إلا إخلالا بتلک الخصوصیة مع تحقق الماهیة بخصوصیة أخری غیر موجبة لتلک المزیة بل کانت موجبة لنقصانها کما أشرنا إلیه کالصلاة فی الحمام.

ثم إنه ربما یکون الشی ء مما یندب إلیه فیه بلا دخل له أصلا لا شطرا و لا شرطا فی حقیقته و لا فی خصوصیته و تشخصه بل له دخل ظرفا فی مطلوبیته بحیث لا یکون مطلوبا إلا إذا وقع فی أثنائه فیکون مطلوبا نفسیا فی واجب أو مستحب کما إذا کان مطلوبا کذلک قبل أحدهما أو بعده فلا یکون الإخلال به موجبا للإخلال به ماهیة و لا تشخصا و خصوصیة أصلا.

إذا عرفت هذا کله فلا شبهة فی عدم دخل ما ندب إلیه فی العبادات نفسیا فی التسمیة بأسامیها و کذا فیما له دخل فی تشخصها مطلقا و أما ما له الدخل شرطا فی أصل ماهیتها فیمکن الذهاب أیضا إلی عدم دخله فی التسمیة بها مع الذهاب إلی دخل ما له الدخل جزءا فیها فیکون الإخلال بالجزء مخلا بها دون الإخلال بالشرط لکنک عرفت أن الصحیح اعتبارهما فیها.

ص: 35

الحادی عشر [الاشتراک اللفظی]

اشارة

الحق وقوع الاشتراک للنقل و التبادر و عدم صحة السلب بالنسبة إلی معنیین أو أکثر للفظ واحد و إن أحاله بعض لإخلاله بالتفهم المقصود من الوضع لخفاء القرائن لمنع الإخلال أولا لإمکان الاتکال علی القرائن الواضحة و منع کونه مخلا بالحکمة ثانیا لتعلق الغرض بالإجمال أحیانا کما أن استعمال المشترک فی القرآن لیس بمحال کما توهم لأجل لزوم التطویل بلا طائل مع الاتکال علی القرائن و الإجمال فی المقال لو لا الاتکال علیها و کلاهما غیر لائق بکلامه تعالی جل شأنه کما لا یخفی و ذلک لعدم لزوم التطویل فیما کان الاتکال علی حال أو مقال أتی به لغرض آخر و منع کون الإجمال غیر لائق بکلامه تعالی مع کونه مما یتعلق به الغرض و إلا لما وقع المشتبه فی کلامه و قد أخبر فی کتابه الکریم(1)بوقوعه فیه قال الله تعالی فیه (مِنْهُ) آیاتٌ مُحْکَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْکِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ(2).

و ربما توهم وجوب وقوع الاشتراک فی اللغات لأجل عدم تناهی المعانی و تناهی الألفاظ المرکبات فلا بد من الاشتراک فیها و هو فاسد لوضوح(3)امتناع الاشتراک فی هذه المعانی لاستدعائه الأوضاع الغیر المتناهیة و لو سلم لم یکد یجدی إلا فی مقدار متناه مضافا إلی تناهی المعانی الکلیة و جزئیاتها و إن کانت غیر متناهیة إلا أن وضع الألفاظ بإزاء کلیاتها یغنی عن وضع لفظ بإزائها کما لا یخفی مع أن المجاز باب واسع فافهم.


1- لا توجد کلمة الکریم فی نسخة ( أ).
2- آل عمران/ 7.
3- فی ب: بوضوح.

ص: 36

الثانی عشر [استعمال اللفظ فی أکثر من معنی]
اشارة

أنه قد اختلفوا فی جواز استعمال اللفظ فی أکثر من معنی علی سبیل الانفراد و الاستقلال بأن یراد منه کل واحد کما إذا لم یستعمل إلا فیه علی أقوال(1).

أظهرها عدم جواز الاستعمال فی الأکثر عقلا.

و بیانه أن حقیقة الاستعمال لیس مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنی بل جعله وجها و عنوانا له بل بوجه نفسه کأنه الملقی و لذا یسری إلیه قبحه و حسنه کما لا یخفی و لا یکاد یمکن جعل اللفظ کذلک إلا لمعنی واحد ضرورة أن لحاظه هکذا فی إرادة معنی ینافی لحاظه کذلک فی إرادة الآخر حیث إن لحاظه کذلک لا یکاد یکون إلا بتبع لحاظ المعنی فانیا فیه فناء الوجه فی ذی الوجه و العنوان فی المعنون و معه کیف یمکن إرادة معنی آخر معه کذلک فی استعمال واحد و مع استلزامه للحاظ آخر غیر لحاظه کذلک فی هذا الحال.

و بالجملة(2)لا یکاد یمکن فی حال استعمال واحد لحاظه وجها لمعنیین و فانیا فی الاثنین إلا أن یکون اللاحظ أحول العینین.

فانقدح بذلک امتناع استعمال اللفظ مطلقا مفردا کان أو غیره فی أکثر من معنی بنحو الحقیقة أو المجاز و لو لا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه فإن اعتبار الوحدة فی الموضوع له واضح المنع و کون(3)الوضع فی حال وحدة المعنی و توقیفیته لا یقتضی عدم الجواز بعد ما لم تکن الوحدة قیدا


1- القوانین 1/ 67، فی بیان الاشتراک، معالم الدین فی الأصول/ 32.
2- فی أ: و فی الجملة.
3- هذا ردّ علی المحقق القّمی، القوانین 1/ 67.

ص: 37

للوضع و لا للموضوع له کما لا یخفی.

ثم لو تنزلنا عن ذلک فلا وجه للتفصیل(1)بالجواز علی نحو الحقیقة فی التثنیة و الجمع و علی نحو المجاز فی المفرد مستدلا علی کونه بنحو الحقیقة فیهما لکونهما بمنزلة تکرار اللفظ و بنحو المجاز فیه لکونه موضوعا للمعنی بقید الوحدة فإذا استعمل فی الأکثر لزم إلغاء قید الوحدة فیکون مستعملا فی جزء المعنی بعلاقة الکل و الجزء فیکون مجازا و ذلک لوضوح أن الألفاظ لا تکون موضوعة إلا لنفس المعانی بلا ملاحظة قید الوحدة و إلا لما جاز الاستعمال فی الأکثر لأن الأکثر لیس جزء المقید بالوحدة بل یباینه مباینة الشی ء بشرط شی ء و الشی ء بشرط لا کما لا یخفی و التثنیة و الجمع و إن کانا بمنزلة التکرار فی اللفظ إلا أن الظاهر أن اللفظ فیهما کأنه کرر و أرید من کل لفظ فرد من أفراد معناه لا أنه أرید منه معنی من معانیه فإذا قیل مثلا جئنی بعینین أرید فردان من العین الجاریة لا العین الجاریة و العین الباکیة و التثنیة و الجمع فی الأعلام إنما هو بتأویل المفرد إلی المسمی بها مع أنه لو قیل بعدم التأویل و کفایة الاتحاد فی اللفظ فی استعمالهما حقیقة بحیث جاز إرادة عین جاریة و عین باکیة من تثنیة العین حقیقة لما کان هذا من باب استعمال اللفظ فی الأکثر لأن هیئتهما إنما تدل علی إرادة المتعدد مما یراد من مفردهما فیکون استعمالهما و إرادة المتعدد من معانیه استعمالهما فی معنی واحد کما إذا استعملا و أرید المتعدد من معنی واحد منهما کما لا یخفی.

نعم لو أرید مثلا من عینین فردان من الجاریة و فردان من الباکیة کان من استعمال العینین فی المعنیین إلا أن حدیث التکرار لا یکاد یجدی فی ذلک أصلا فإن فیه إلغاء قید الوحدة المعتبرة أیضا ضرورة أن التثنیة


1- المفصّل هو صاحب المعالم، معالم الدین/ 32..

ص: 38

عنده إنما یکون لمعنیین أو لفردین بقید الوحدة و الفرق بینهما و بین المفرد إنما یکون فی أنه موضوع للطبیعة و هی موضوعة لفردین منها أو معنیین کما هو أوضح من أن یخفی.

وهم و دفع

لعلک تتوهم أن الأخبار الدالة علی أن للقرآن بطونا سبعة أو سبعین تدل علی وقوع استعمال اللفظ فی أکثر من معنی واحد فضلا عن جوازه و لکنک غفلت عن أنه لا دلالة لها أصلا علی أن إرادتها کان من باب إرادة المعنی من اللفظ فلعله کان بإرادتها فی أنفسها حال الاستعمال فی المعنی لا من اللفظ کما إذا استعمل فیها أو کان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فیه اللفظ و إن کان أفهامنا قاصرة عن إدراکها.

الثالث عشر [المشتق]
اشارة

أنه اختلفوا فی أن المشتق حقیقة فی خصوص ما تلبس بالمبدإ فی الحال أو فیما یعمه و ما انقضی عنه علی أقوال بعد الاتفاق علی کونه مجازا فیما یتلبس به فی الاستقبال و قبل الخوض فی المسألة و تفصیل الأقوال فیها و بیان الاستدلال علیها

ینبغی تقدیم أمور
أحدها [المراد بالمشتق]

أن المراد بالمشتق هاهنا لیس مطلق المشتقات بل خصوص ما یجری منها علی الذوات مما یکون مفهومه منتزعا عن الذات بملاحظة اتصافها بالمبدإ و اتحادها معه بنحو من الاتحاد کان بنحو الحلول أو الانتزاع أو الصدور و الإیجاد(1)کأسماء الفاعلین و المفعولین و الصفات المشبهات بل و صیغ المبالغة و أسماء الأزمنة و الأمکنة و الآلات کما هو ظاهر العنوانات و صریح بعض المحققین مع عدم صلاحیة ما یوجب


1- و فی بعض النسخ المطبوعة: أو الإیجاد.

ص: 39

اختصاص النزاع بالبعض إلا التمثیل به و هو غیر صالح کما هو واضح.

فلا وجه لما (زعمه بعض الأجلة(1)من الاختصاص باسم الفاعل و ما بمعناه من الصفات المشبهة و ما یلحق بها و خروج سائر الصفات) و لعل منشأه توهم کون ما ذکره لکل منها من المعنی مما اتفق علیه الکل و هو کما تری و اختلاف أنحاء التلبسات حسب تفاوت مبادی المشتقات بحسب الفعلیة و الشأنیة و الصناعة و الملکة حسب ما نشیر إلیه(2)لا یوجب تفاوتا فی المهم من محل النزاع هاهنا کما لا یخفی.

ثم إنه لا یبعد أن یراد بالمشتق فی محل النزاع مطلق ما کان مفهومه و معناه جاریا علی الذات و منتزعا عنها بملاحظة اتصافها بعرض أو عرضی و لو کان جامدا کالزوج و الزوجة و الرق و الحر و إن(3)أبیت إلا عن اختصاص النزاع المعروف بالمشتق کما هو قضیة الجمود علی ظاهر لفظه فهذا القسم من الجوامد أیضا محل النزاع.

کما یشهد به ما (عن الإیضاح(4)فی باب الرضاع فی مسألة من کانت له زوجتان کبیرتان أرضعتا زوجته الصغیرة ما هذا لفظه تحرم المرضعة الأولی و الصغیرة مع الدخول بالکبیرتین و أما المرضعة الأخری ففی تحریمها خلاف فاختار والدی المصنف رحمه الله و ابن إدریس تحریمها لأن هذه یصدق علیها أم زوجته لأنه لا یشترط فی المشتق بقاء المشتق منه هکذا هاهنا) و ما (عن المسالک(5)فی هذه المسألة من ابتناء الحکم فیها


1- صاحب الفصول، الفصول/ 60، فی المشتق.
2- إشارة الی ما سیأتی من تفصیل الکلام فی الأمر الرابع صفحة 43.
3- فی ب: فإن أبیت.
4- إیضاح الفوائد 3: 52، أحکام الرضاع.
5- المسالک 1/ 379، کتاب النکاح.

ص: 40

علی الخلاف فی مسألة المشتق).

فعلیه کلما کان مفهومه منتزعا من الذات بملاحظة اتصافها بالصفات الخارجة عن الذاتیات کانت عرضا أو عرضیا کالزوجیة و الرقیة و الحریة و غیرها من الاعتبارات و الإضافات کان محل النزاع و إن کان جامدا و هذا بخلاف ما کان مفهومه منتزعا عن مقام الذات و الذاتیات فإنه لا نزاع فی کونه حقیقة فی خصوص ما إذا کانت الذات باقیة بذاتیاتها.

ثانیها [جریان النزاع فی أسماء الزمان]

قد عرفت أنه لا وجه لتخصیص النزاع ببعض المشتقات الجاریة علی الذوات إلا أنه ربما یشکل بعدم إمکان جریانه فی اسم الزمان لأن الذات فیه و هی الزمان بنفسه ینقضی و ینصرم فکیف یمکن أن یقع النزاع فی أن الوصف الجاری علیه حقیقة فی خصوص المتلبس بالمبدإ فی الحال أو فیما یعم المتلبس به فی المضی.

و یمکن حل الإشکال بأن انحصار مفهوم عام بفرد کما فی المقام لا یوجب أن یکون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العام و إلا لما وقع الخلاف فیما وضع له لفظ الجلالة مع أن الواجب موضوع للمفهوم العام مع انحصاره فیه تبارک و تعالی.

ثالثها [خروج الأفعال و المصادر المزید فیها عن حریم النزاع]
اشارة

أنه من الواضح خروج الأفعال و المصادر المزید فیها عن حریم النزاع لکونها غیر جاریة علی الذوات ضرورة أن المصادر المزید فیها کالمجردة فی الدلالة علی ما یتصف به الذوات و یقوم بها کما لا یخفی و أن الأفعال إنما تدل علی قیام المبادئ بها قیام صدور أو حلول أو طلب فعلها أو ترکها منها علی اختلافها.

إزاحة شبهة [عدم دلالة الفعل علی الزمان]

قد اشتهر فی ألسنة النحاة دلالة الفعل علی الزمان حتی أخذوا

ص: 41

الاقتران بها فی تعریفه و هو اشتباه ضرورة عدم دلالة الأمر و لا النهی علیه بل علی إنشاء طلب الفعل أو الترک غایة الأمر نفس الإنشاء بهما فی الحال کما هو الحال فی الإخبار بالماضی أو المستقبل أو بغیرهما کما لا یخفی بل یمکن منع دلالة غیرهما من الأفعال علی الزمان إلا بالإطلاق و الإسناد إلی الزمانیات و إلا لزم القول بالمجاز و التجرید عند الإسناد إلی غیرها من نفس الزمان و المجردات.

نعم لا یبعد أن یکون لکل من الماضی و المضارع بحسب المعنی خصوصیة أخری موجبة للدلالة علی وقوع النسبة فی الزمان الماضی فی الماضی و فی الحال أو الاستقبال فی المضارع فیما کان الفاعل من الزمانیات و یؤیده أن المضارع یکون مشترکا معنویا بین الحال و الاستقبال و لا معنی له إلا أن یکون له خصوص معنی صح انطباقه علی کل منهما إلا أنه یدل علی مفهوم زمان یعمهما کما أن الجملة الاسمیة کزید ضارب یکون لها معنی صح انطباقه علی کل واحد من الأزمنة مع عدم دلالتها علی واحد منها أصلا فکانت الجملة الفعلیة مثلها.

و ربما یؤید ذلک أن الزمان الماضی فی فعله و زمان الحال أو الاستقبال فی المضارع لا یکون ماضیا أو مستقبلا حقیقة لا محالة بل ربما یکون فی الماضی مستقبلا حقیقة و فی المضارع ماضیا کذلک و إنما یکون ماضیا أو مستقبلا فی فعلهما بالإضافة کما یظهر من مثل قوله یجیئنی زید بعد عام و قد ضرب قبله بأیام و قوله جاء زید فی شهر کذا و هو یضرب فی ذلک الوقت أو فیما بعده مما مضی فتأمل جیدا.

ثم لا بأس بصرف عنان الکلام إلی بیان ما به یمتاز الحرف عما عداه بما یناسب المقام لأجل الاطراد فی الاستطراد فی تمام الأقسام.

فاعلم أنه و إن اشتهر بین الأعلام أن الحرف ما دل علی معنی فی

ص: 42

غیره و قد بیناه فی الفوائد(1)بما لا مزید علیه إلا أنک عرفت فیما تقدم عدم الفرق بینه و بین الاسم بحسب المعنی و أنه فیهما ما لم یلاحظ فیه الاستقلال بالمفهومیة و لا عدم الاستقلال بها و إنما الفرق هو أنه وضع لیستعمل و أرید منه معناه حالة لغیره و بما هو فی الغیر و وضع غیره لیستعمل و أرید منه معناه بما هو هو.

و علیه یکون کل من الاستقلال بالمفهومیة و عدم الاستقلال بها إنما اعتبر فی جانب الاستعمال لا فی المستعمل فیه لیکون بینهما تفاوت بحسب المعنی فلفظ الابتداء لو استعمل فی المعنی الآلی و لفظة من فی المعنی الاستقلالی لما کان مجازا و استعمالا له فی غیر ما وضع له و إن کان بغیر ما وضع له فالمعنی فی کلیهما فی نفسه کلی طبیعی یصدق علی کثیرین و مقیدا باللحاظ الاستقلالی أو الآلی کلی(2)عقلی و إن کان بملاحظة أن لحاظه وجوده ذهنا کان جزئیا ذهنیا فإن الشی ء ما لم یتشخص لم یوجد و إن کان بالوجود الذهنی فافهم و تأمل فیما وقع فی المقام من الأعلام من الخلط و الاشتباه و توهم کون الموضوع له أو المستعمل فیه فی الحروف خاصا بخلاف ما عداه فإنه عام.

و لیت شعری إن کان قصد الآلیة فیها موجبا لکون المعنی جزئیا فلم لا یکون قصد الاستقلالیة فیه موجبا له و هل یکون ذلک إلا لکون هذا القصد لیس مما یعتبر فی الموضوع له و لا المستعمل فیه بل فی الاستعمال فلم لا یکون فیها کذلک کیف و إلا لزم أن یکون معانی المتعلقات غیر منطبقة علی الجزئیات الخارجیة لکونها علی هذا کلیات


1- حاشیة کتاب فرائد الأصول، کتاب الفوائد/ 305.
2- فی ( أ): الآلی الکلی.

ص: 43

عقلیة و الکلی العقلی لا موطن له إلا الذهن فالسیر و البصرة و الکوفة(1)فی سرت من البصرة إلی الکوفة(2)لا یکاد یصدق علی السیر و البصرة و الکوفة(3)لتقیدها بما اعتبر فیه القصد فتصیر عقلیة فیستحیل انطباقها علی الأمور الخارجیة.

و بما حققناه [1] یوفق بین جزئیة المعنی الحرفی بل الاسمی و الصدق علی الکثیرین(4)و أن الجزئیة باعتبار تقید المعنی باللحاظ فی موارد الاستعمالات آلیا أو استقلالیا و کلیته بلحاظ نفس المعنی و منه ظهر عدم اختصاص الإشکال و الدفع بالحروف بل یعم غیره فتأمل فی المقام فإنه دقیق و مزال الأقدام للأعلام و قد سبق فی بعض الأمور بعض الکلام و الإعادة مع ذلک لما فیها من الفائدة و الإفادة فافهم.

رابعها [اختلاف المبادئ لا یوجب اختلافا فی الهیئة]

أن اختلاف المشتقات فی المبادئ و کون المبدإ فی بعضها حرفة و صناعة و فی بعضها قوة و ملکة و فی بعضها فعلیا لا یوجب اختلافا فی دلالتها بحسب الهیئة أصلا و لا تفاوتا فی الجهة المبحوث عنها کما لا یخفی غایة الأمر أنه یختلف التلبس به فی المضی أو الحال فیکون التلبس به فعلا لو أخذ حرفة أو ملکة و لو لم یتلبس به إلی الحال أو انقضی عنه و یکون مما مضی أو یأتی لو أخذ فعلیا فلا یتفاوت فیها أنحاء التلبسات و أنواع التعلقات کما أشرنا إلیه(5).

خامسها [المراد بالحال فی عنوان المسألة]

أن المراد بالحال فی عنوان المسألة هو حال التلبس

[1] فی هامش (ب): ثم إنه قد انقدح بما ذکرنا أن المعنی بما هو معنی اسمی، و ملحوظ استقلالی، أو بما هو معنی حرفی و ملحوظ آلی، کلّی عقلی فی غیر الأعلام الشخصیة، و فیها جزئی کذلک، و بما هو هو أی بلا أحد اللحاظین، کلّی طبیعی أو جزئی خارجی، و به... (نسخه بدل).


1- فی ( أ): تقدیم الکوفة علی البصرة.
2- فی ( أ): تقدیم الکوفة علی البصرة.
3- فی ( أ): تقدیم الکوفة علی البصرة.
4- فی ( أ): علی کثیرین.
5- اشار الیه فی الامر الاول/ 39.

ص: 44

لا حال النطق ضرورة أن مثل کان زید ضاربا أمس أو سیکون غدا ضاربا حقیقة إذا کان متلبسا بالضرب فی الأمس فی المثال الأول و متلبسا به فی الغد فی الثانی فجری المشتق حیث کان بلحاظ حال التلبس و إن مضی زمانه فی أحدهما و لم یأت بعد فی آخر کان حقیقة بلا خلاف و لا ینافیه الاتفاق علی أن مثل زید ضارب غدا مجاز فإن الظاهر أنه فیما إذا کان الجری فی الحال کما هو قضیة الإطلاق و الغد إنما یکون لبیان زمان التلبس فیکون الجری و الاتصاف فی الحال و التلبس فی الاستقبال.

و من هنا ظهر الحال فی مثل زید ضارب أمس و أنه داخل فی محل الخلاف و الإشکال و لو کانت لفظة أمس أو غد قرینة علی تعیین زمان النسبة و الجری أیضا کان المثالان حقیقة.

و بالجملة لا ینبغی الإشکال فی کون المشتق حقیقة فیما إذا جری علی الذات بلحاظ حال التلبس و لو کان فی المضی أو الاستقبال و إنما الخلاف فی کونه حقیقة فی خصوصه أو فیما یعم ما إذا جری علیها فی الحال بعد ما انقضی عنه التلبس بعد الفراغ عن کونه مجازا فیما إذا جری علیها فعلا بلحاظ التلبس فی الاستقبال و یؤید ذلک اتفاق أهل العربیة علی عدم دلالة الاسم علی الزمان و منه الصفات الجاریة علی الذوات و لا ینافیه اشتراط العمل فی بعضها بکونه بمعنی الحال أو الاستقبال ضرورة أن المراد الدلالة علی أحدهما بقرینة کیف لا و قد اتفقوا علی کونه مجازا فی الاستقبال.

لا یقال یمکن أن یکون المراد بالحال فی العنوان زمانه کما هو الظاهر منه عند إطلاقه و ادعی أنه الظاهر فی المشتقات إما لدعوی الانسباق من الإطلاق أو بمعونة قرینة الحکمة.

لأنا نقول هذا الانسباق و إن کان مما لا ینکر إلا أنهم فی هذا العنوان بصدد تعیین ما وضع له المشتق لا تعیین ما یراد بالقرینة منه.

ص: 45

سادسها [عدم أصل لفظی فی مسألة المشتق]

أنه لا أصل فی نفس هذه المسألة یعول علیه عند الشک و أصالة عدم ملاحظة الخصوصیة مع معارضتها بأصالة عدم ملاحظة العموم لا دلیل علی اعتبارها فی تعیین الموضوع له و أما ترجیح الاشتراک المعنوی علی الحقیقة و المجاز إذا دار الأمر بینهما لأجل الغلبة فممنوع لمنع الغلبة أولا و منع نهوض حجة علی الترجیح بها ثانیا.

و أما الأصل العملی فیختلف فی الموارد فأصالة البراءة فی مثل أکرم کل عالم یقتضی عدم وجوب إکرام ما(1)انقضی عنه المبدأ قبل الإیجاب کما أن قضیة الاستصحاب وجوبه لو کان الإیجاب قبل الانقضاء.

فإذا عرفت ما تلونا علیک فاعلم أن الأقوال فی المسألة و إن کثرت إلا أنها حدثت بین المتأخرین بعد ما کانت ذات قولین بین المتقدمین لأجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مبادیه فی المعنی أو بتفاوت ما یعتریه من الأحوال و قد مرت الإشارة(2)إلی أنه لا یوجب التفاوت فیما نحن بصدده و یأتی له مزید بیان فی أثناء الاستدلال علی ما هو المختار و هو اعتبار التلبس فی الحال وفاقا لمتأخری الأصحاب و الأشاعرة و خلافا لمتقدمیهم و المعتزلة و یدل علیه تبادر خصوص المتلبس بالمبدإ فی الحال و صحة السلب مطلقا عما انقضی عنه کالمتلبس به فی الاستقبال و ذلک لوضوح أن مثل القائم و الضارب و العالم و ما یرادفها من سائر اللغات لا یصدق علی من لم یکن متلبسا بالمبادئ و إن کان متلبسا بها قبل الجری و الانتساب و یصح سلبها عنه کیف و ما یضادها بحسب ما ارتکز من معناها فی الأذهان یصدق علیه ضرورة صدق القاعد علیه فی حال تلبسه بالقعود بعد انقضاء تلبسه بالقیام مع وضوح التضاد بین القاعد و القائم بحسب ما ارتکز لهما من المعنی کما لا یخفی.


1- فی ( أ): من انقضی.
2- فی ( أ): من انقضی.

ص: 46

و قد یقرر هذا وجها علی حدة و یقال(1)لا ریب فی مضادة الصفات المتقابلة المأخوذة من المبادئ المتضادة علی ما ارتکز لها من المعانی فلو کان المشتق حقیقة فی الأعم لما کان بینها مضادة بل مخالفة لتصادقها فیما انقضی عنه المبدأ و تلبس بالمبدإ الآخر.

و لا یرد علی هذا التقریر ما أورده بعض الأجلة [1] من المعاصرین من عدم التضاد علی القول بعدم الاشتراط لما عرفت من ارتکازه بینها کما فی مبادئها.

إن قلت لعل ارتکازها لأجل الانسباق من الإطلاق لا الاشتراط.

قلت لا یکاد یکون لذلک لکثرة استعمال المشتق فی موارد الانقضاء لو لم یکن بأکثر.

إن قلت علی هذا یلزم أن یکون فی الغالب أو الأغلب مجازا و هذا بعید ربما لا یلائمه حکمة الوضع.

لا یقال کیف و قد قیل بأن أکثر المحاورات مجازات فإن ذلک لو سلم فإنما هو لأجل تعدد المعانی المجازیة بالنسبة إلی المعنی الحقیقی الواحد نعم ربما یتفق ذلک بالنسبة إلی معنی مجازی لکثرة الحاجة إلی التعبیر عنه لکن أین هذا مما إذا کان دائما کذلک فافهم.

[1] المراد من بعض الأجلّة، هو صاحب البدائع، البدائع/ 181.

الشیخ المیرزا حبیب اللّه بن المیرزا محمد علی خان القوجانی الرشتی، ولد عام 1234 ه- ، حضر بحث صاحب الجواهر و الشیخ الأنصاری، کان من أکابر علماء عصره، أعرض عن الرئاسة و لم یرض أن یقلّده أحد لشدّة تورّعه فی الفتوی، و لم یتصدّ للوجوه، له تصانیف کثیرة منها بدائع الأصول و شرح الشرائع و کاشف الظلام فی علم الکلام و غیرها، توفی لیلة الخمیس 14/ ج 2 عام 1312 ه- و دفن فی النجف الأشرف.

(طبقات أعلام الشیعة، نقباء البشر 1/ 357 رقم 719).


1- البدائع/ 181، فی المشتق.

ص: 47

قلت مضافا إلی أن مجرد الاستبعاد غیر ضائر بالمراد بعد مساعدة الوجوه المتقدمة علیه أن ذلک إنما یلزم لو لم یکن استعماله فیما انقضی بلحاظ حال التلبس مع أنه بمکان من الإمکان فیراد من جاء الضارب أو الشارب و قد انقضی عنه الضرب و الشرب جاء الذی کان ضاربا و شاربا قبل مجیئه حال التلبس بالمبدإ لا حینه بعد الانقضاء کی یکون الاستعمال بلحاظ هذا الحال و جعله معنونا بهذا العنوان فعلا بمجرد تلبسه قبل مجیئه ضرورة أنه لو کان للأعم لصح استعماله بلحاظ کلا الحالین.

و بالجملة کثرة الاستعمال فی حال الانقضاء یمنع عن دعوی انسباق خصوص حال التلبس من الإطلاق إذ مع عموم المعنی و قابلیة کونه حقیقة فی المورد و لو بالانطباق لا وجه لملاحظة حالة أخری کما لا یخفی بخلاف ما إذا لم یکن له العموم فإن استعماله حینئذ مجازا بلحاظ حال الانقضاء و إن کان ممکنا إلا أنه لما کان بلحاظ حال التلبس علی نحو الحقیقة بمکان من الإمکان فلا وجه لاستعماله و جریه علی الذات مجازا و بالعنایة و ملاحظة العلاقة و هذا غیر استعمال اللفظ فیما لا یصح استعماله فیه حقیقة کما لا یخفی فافهم.

ثم إنه ربما أورد(1)علی الاستدلال بصحة السلب بما حاصله أنه إن أرید بصحة السلب صحته مطلقا فغیر سدید و إن أرید مقیدا فغیر مفید لأن علامة المجاز هی صحة السلب المطلق.

و فیه أنه إن أرید بالتقیید تقیید المسلوب الذی یکون سلبه أعم من سلب المطلق کما هو واضح فصحة سلبه و إن لم تکن علامة علی کون المطلق مجازا فیه إلا أن تقییده ممنوع و إن أرید تقیید السلب فغیر ضائر بکونها علامة ضرورة صدق المطلق علی أفراده علی کل حال مع إمکان


1- البدائع/ 180، فی المشتق.

ص: 48

منع تقییده أیضا بأن یلاحظ حال الانقضاء فی طرف الذات الجاری علیها المشتق فیصح سلبه مطلقا بلحاظ هذا الحال کما لا یصح سلبه بلحاظ حال التلبس فتدبر جدا.

ثم لا یخفی أنه لا یتفاوت(1)فی صحة السلب عما انقضی عنه المبدأ بین کون المشتق لازما و کونه متعدیا لصحة سلب الضارب عمن یکون فعلا غیر ملتبس بالضرب و کان متلبسا به سابقا و أما إطلاقه علیه فی الحال فإن کان بلحاظ حال التلبس فلا إشکال کما عرفت و إن کان بلحاظ الحال فهو و إن کان صحیحا إلا أنه لا دلالة علی کونه بنحو الحقیقة لکون الاستعمال أعم منها کما لا یخفی کما لا یتفاوت فی صحة السلب عنه بین تلبسه بضد المبدإ و عدم تلبسه لما عرفت من وضوح صحته مع عدم التلبس أیضا و إن کان معه أوضح و مما ذکرنا ظهر حال کثیر من التفاصیل فلا نطیل بذکرها علی التفصیل.

حجة القول بعدم الاشتراط وجوه
الأول التبادر

و قد عرفت أن المتبادر هو خصوص حال التلبس.

الثانی عدم صحة السلب فی مضروب و مقتول عمن انقضی عنه المبدأ

. و فیه أن عدم صحته فی مثلهما إنما هو لأجل أنه أرید من المبدإ معنی یکون التلبس به باقیا فی الحال و لو مجازا.

و قد انقدح من بعض المقدمات أنه لا یتفاوت الحال فیما هو المهم فی محل البحث و الکلام و مورد النقض و الإبرام اختلاف ما یراد من المبدإ فی کونه حقیقة أو مجازا و أما لو أرید منه نفس ما وقع علی الذات مما صدر


1- التفصیل لصاحب الفصول، الفصول/ 60، فصل حول إطلاق المشتق.

ص: 49

عن الفاعل فإنما لا یصح السلب فیما لو کان بلحاظ حال التلبس و الوقوع کما عرفت لا بلحاظ الحال أیضا لوضوح صحة أن یقال إنه لیس بمضروب الآن بل کان.

الثالث [العابد للصنم ظالم و إن تاب]

استدلال الإمام علیه السلام تأسیا بالنبی صلی اللَّه علیه و آله کما عن غیر واحد من الأخبار بقوله لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ(1)علی عدم لیاقة من عبد صنما أو وثنا لمنصب الإمامة و الخلافة تعریضا بمن تصدی لها ممن عبد الصنم مدة مدیدة و من الواضح توقف ذلک علی کون المشتق موضوعا للأعم و إلا لما صح التعریض لانقضاء تلبسهم بالظلم و عبادتهم للصنم حین التصدی للخلافة و الجواب منع التوقف علی ذلک بل یتم الاستدلال و لو کان موضوعا لخصوص المتلبس.

و توضیح ذلک یتوقف علی تمهید مقدمة و هی أن الأوصاف العنوانیة التی تؤخذ فی موضوعات الأحکام تکون علی أقسام.

أحدها أن یکون أخذ العنوان لمجرد الإشارة إلی ما هو فی الحقیقة موضوعا للحکم لمعهودیته بهذا العنوان من دون دخل لاتصافه به فی الحکم أصلا.

ثانیها أن یکون لأجل الإشارة إلی علیة المبدإ للحکم مع کفایة مجرد صحة جری المشتق علیه و لو فیما مضی.

ثالثها أن یکون لذلک مع عدم الکفایة بل کان الحکم دائرا مدار صحة الجری علیه و اتصافه به حدوثا و بقاء.

إذا عرفت هذا فنقول إن الاستدلال بهذا الوجه إنما یتم لو کان أخذ العنوان فی الآیة الشریفة علی النحو الأخیر ضرورة أنه لو لم یکن المشتق


1- البقرة/ 124.

ص: 50

للأعم لما تم بعد عدم التلبس بالمبدإ ظاهرا حین التصدی فلا بد أن یکون للأعم لیکون حین التصدی حقیقة من الظالمین و لو انقضی عنهم التلبس بالظلم.

و أما إذا کان علی النحو الثانی فلا کما لا یخفی و لا قرینة علی أنه علی النحو الأول لو لم نقل بنهوضها علی النحو الثانی فإن الآیة الشریفة فی مقام بیان جلالة قدر الإمامة و الخلافة و عظم خطرها و رفعة محلها و أن لها خصوصیة من بین المناصب الإلهیة و من المعلوم أن المناسب لذلک هو أن لا یکون المتقمص بها متلبسا بالظلم أصلا کما لا یخفی.

إن قلت نعم و لکن الظاهر أن الإمام علیه السلام إنما استدل بما هو قضیة ظاهر العنوان وضعا لا بقرینة المقام مجازا فلا بد أن یکون للأعم و إلا لما تم.

قلت لو سلم لم یکن یستلزم جری المشتق علی النحو الثانی کونه مجازا بل یکون حقیقة لو کان بلحاظ حال التلبس کما عرفت فیکون معنی الآیة و الله العالم من کان ظالما و لو آنا فی زمان سابق(1)لا ینال عهدی أبدا و من الواضح أن إرادة هذا المعنی لا تستلزم الاستعمال لا بلحاظ حال التلبس.

و منه قد انقدح ما فی الاستدلال علی التفصیل بین المحکوم علیه و المحکوم به باختیار عدم الاشتراط فی الأول بآیة حد السارق و السارقة و الزانی و الزانیة و ذلک حیث ظهر أنه لا ینافی إرادة خصوص حال التلبس دلالتها علی ثبوت القطع و الجلد مطلقا و لو بعد انقضاء المبدإ مضافا إلی


1- فی ب: السابق.

ص: 51

وضوح بطلان تعدد الوضع حسب وقوعه محکوما علیه أو به کما لا یخفی.

و من مطاوی ما ذکرنا هاهنا و فی المقدمات ظهر حال سائر الأقوال و ما ذکر لها من الاستدلال و لا یسع المجال لتفصیلها و من أراد الاطلاع علیها فعلیه بالمطولات.

بقی أمور.
الأول [بساطة مفهوم المشتق و البرهان علیها]
اشارة

أن مفهوم المشتق علی ما (حققه المحقق الشریف [1] فی بعض حواشیه(1)بسیط منتزع عن الذات باعتبار تلبسها بالمبدإ و اتصافها به غیر مرکب و قد أفاد فی وجه ذلک أن مفهوم الشی ء لا یعتبر فی مفهوم الناطق مثلا و إلا لکان العرض العام داخلا فی الفصل و لو اعتبر فیه ما صدق علیه الشی ء انقلبت مادة الإمکان الخاص ضرورة فإن الشی ء الذی له الضحک هو الإنسان و ثبوت الشی ء لنفسه ضروری) هذا ملخص ما أفاده الشریف علی ما لخصه بعض الأعاظم(2).

و (قد أورد علیه فی الفصول(3)بأنه یمکن أن یختار الشق الأول و یدفع الإشکال بأن کون الناطق مثلا فصلا مبنی علی عرف المنطقیین

[1] المیر سید علی بن محمد بن علی الحسینی الاسترابادی، ولد المحقق الشریف سنة 740 ه- بجرجان و کان متکلما بارعا، باهرا فی الحکمة و العربیة، روی عن جماعة منهم العلامة قطب الدین الرازی، و اخذ منه العلامة المذکور، له شرح المطالع و شرح علی مواقف القاضی عضد الایجی فی علم أصول الکلام، عدّه القاضی نور اللّه من حکماء الشیعة و علمائها. و توفی فی شیراز سنة 816 ه- . (الکنی و الالقاب 2/ 358).


1- فی حاشیة علی شرح المطالع عند قول الشارح: الا أن معناه شی ء له المشتق منه... الخ. شرح المطالع/ 11.
2- الفصول/ 61، التنبیهات.
3- الفصول/ 61، التنبیهات.

ص: 52

حیث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات و ذلک لا یوجب وضعه لغة کذلک).

و فیه أنه من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف فی معناه أصلا بل بما له من المعنی کما لا یخفی.

و التحقیق أن یقال إن مثل الناطق لیس بفصل حقیقی بل لازم ما هو الفصل و أظهر خواصه و إنما یکون فصلا مشهوریا منطقیا یوضع مکانه إذا لم یعلم نفسه بل لا یکاد یعلم کما حقق فی محله و لذا ربما یجعل لازمان مکانه إذا کانا متساوی النسبة إلیه کالحساس و المتحرک بالإرادة فی الحیوان و علیه فلا بأس بأخذ مفهوم الشی ء فی مثل الناطق فإنه و إن کان عرضا عاما لا فصلا مقوما للإنسان إلا أنه بعد تقییده بالنطق و اتصافه به کان من أظهر خواصه.

و بالجملة لا یلزم من أخذ مفهوم الشی ء فی معنی المشتق إلا دخول العرض فی الخاصة التی هی من العرضی لا فی الفصل الحقیقی الذی هو من الذاتی فتدبر جیدا.

(ثم قال إنه یمکن أن یختار الوجه الثانی أیضا و یجاب بأن المحمول لیس مصداق الشی ء و الذات مطلقا بل مقیدا بالوصف و لیس ثبوته للموضوع حینئذ بالضرورة لجواز أن لا یکون ثبوت القید ضروریا انتهی).

و یمکن أن یقال إن عدم کون ثبوت القید ضروریا لا یضر بدعوی الانقلاب فإن المحمول إن کان ذات المقید و کان القید خارجا و إن کان التقیید داخلا بما هو معنی حرفی فالقضیة لا محالة تکون ضروریة ضرورة ضروریة ثبوت الإنسان الذی یکون مقیدا بالنطق للإنسان و إن کان المقید به بما هو مقید علی أن یکون القید داخلا فقضیة الإنسان ناطق تنحل فی الحقیقة إلی قضیتین إحداهما قضیة الإنسان إنسان و هی

ص: 53

ضروریة و الأخری قضیة الإنسان له النطق و هی ممکنة و ذلک لأن الأوصاف قبل العلم بها أخبار کما أن الأخبار بعد العلم تکون أوصافا فعقد الحمل ینحل إلی القضیة کما أن عقد الوضع ینحل إلی قضیة مطلقة عامة عند الشیخ و قضیة ممکنة عامة عند الفارابی [1] فتأمل.

لکنه قدس سره تنظر فیما أفاده بقوله (و فیه نظر لأن الذات المأخوذة مقیدة بالوصف قوة أو فعلا إن کانت مقیدة به واقعا صدق الإیجاب بالضرورة و إلا صدق السلب بالضرورة مثلا لا یصدق زید کاتب بالضرورة لکن یصدق زید [الکاتب](1)بالقوة أو بالفعل کاتب بالضرورة انتهی).

و لا یذهب علیک أن صدق الإیجاب بالضرورة بشرط کونه مقیدا به واقعا لا یصحح دعوی الانقلاب إلی الضروریة ضرورة صدق الإیجاب بالضرورة بشرط المحمول فی کل قضیة و لو کانت ممکنة کما لا یکاد یضر بها صدق السلب کذلک بشرط عدم کونه مقیدا به واقعا لضرورة السلب بهذا الشرط و ذلک لوضوح أن المناط فی الجهات و مواد القضایا إنما هو بملاحظة أن نسبة هذا المحمول إلی ذلک الموضوع موجهة بأی جهة منها و مع أیة منها فی نفسها صادقة لا بملاحظة ثبوتها له واقعا أو عدم ثبوتها له کذلک و إلا کانت الجهة منحصرة بالضرورة ضرورة صیرورة الإیجاب أو السلب بلحاظ الثبوت و عدمه واقعا ضروریا و یکون من باب الضرورة

[1] أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ الحکیم المشهور، صاحب التصانیف فی الفلسفة و المنطق و الموسیقی و غیرها من العلوم، أقام ببغداد برهة ثم ارتحل الی مدینة حرّان ثم رجع الی بغداد ثم سافر الی دمشق الی مصر، ثم عاد الی دمشق و أقام بها و سلطانها یومئذ سیف الدولة بن حمدان، و یحکی أن الآلة المسماة(2)من وضعه، و کان منف ردا بنفسه لا یجالس الناس، أکثر تصانیفه فصول تعالیق، توفی عام 339 بدمشق و قد ناهز ثمانین سنة و صلّی علیه سیف الدولة و دفن بظاهر دمشق. (وفیات الأعیان 5/ 153 رقم 701).


1- أثبتناها من ( ب).
2- القانون

ص: 54

بشرط المحمول.

و بالجملة الدعوی هو انقلاب مادة الإمکان بالضرورة فیما لیست مادته واقعا فی نفسه و بلا شرط غیر الإمکان.

و قد انقدح بذلک عدم نهوض ما أفاده رحمه الله بإبطال الوجه الأول کما زعمه قدس سره فإن لحوق مفهوم الشی ء و الذات لمصادیقهما إنما یکون ضروریا مع إطلاقهما لا مطلقا و لو مع التقید إلا بشرط تقید المصادیق به أیضا و قد عرفت حال الشرط فافهم.

ثم إنه لو جعل التالی فی الشرطیة الثانیة لزوم أخذ النوع فی الفصل ضرورة أن مصداق الشی ء الذی له النطق هو الإنسان کان ألیق بالشرطیة الأولی بل کان أولی(1)لفساده مطلقا و لو لم یکن مثل الناطق بفصل حقیقی ضرورة بطلان أخذ الشی ء فی لازمه و خاصته فتأمل جیدا.

ثم إنه یمکن أن یستدل علی البساطة بضرورة عدم تکرار الموصوف فی مثل زید الکاتب و لزومه من الترکب و أخذ الشی ء مصداقا أو مفهوما فی مفهومه.

إرشاد [معنی البساطة مفهوما]

لا یخفی أن معنی البساطة بحسب المفهوم وحدته إدراکا و تصورا بحیث لا یتصور عند تصوره إلا شی ء واحد لا شیئان و إن انحل بتعمل من العقل إلی شیئین کانحلال مفهوم الشجر و الحجر إلی شی ء له الحجریة أو الشجریة مع وضوح بساطة مفهومهما.

و بالجملة لا ینثلم بالانحلال إلی الاثنینیة بالتعمل العقلی وحدة المعنی


1- فی ب: الأولی.

ص: 55

و بساطة المفهوم کما لا یخفی و إلی ذلک یرجع الإجمال و التفصیل الفارقان(1)بین المحدود و الحد مع ما هما علیه من الاتحاد ذاتا فالعقل بالتعمل یحلل النوع و یفصله إلی جنس و فصل بعد ما کان أمرا واحدا إدراکا و شیئا فاردا تصورا فالتحلیل یوجب فتق ما هو علیه من الجمع و الرتق.

الثانی [الفرق بین المشتق و مبدئه]

الفرق بین المشتق و مبدئه مفهوما أنه بمفهومه لا یأبی عن الحمل علی ما تلبس بالمبدإ و لا یعصی عن الجری علیه لما هما علیه من نحو من الاتحاد بخلاف المبدإ فإنه بمعناه یأبی عن ذلک بل إذا قیس و نسب إلیه کان غیره لا هو هو و ملاک الحمل و الجری إنما هو نحو من الاتحاد و الهوهویة و إلی هذا یرجع ما ذکره أهل المعقول فی الفرق بینهما من أن المشتق یکون لا بشرط و المبدأ یکون بشرط لا أی یکون مفهوم المشتق غیر آب عن الحمل و مفهوم المبدإ یکون آبیا عنه و (صاحب الفصول [1] رحمه الله حیث توهم أن مرادهم إنما هو بیان التفرقة بهذین الاعتبارین بلحاظ الطوارئ و العوارض الخارجیة مع حفظ مفهوم واحد أورد علیهم بعدم استقامة الفرق بذلک لأجل امتناع حمل العلم و الحرکة علی الذات و إن اعتبرا لا بشرط) و غفل عن أن المراد ما ذکرنا کما یظهر منهم من بیان الفرق بین الجنس و الفصل و بین المادة و الصورة فراجع.

الثالث [ملاک الحمل]

ملاک الحمل کما أشرنا إلیه هو الهوهویة و الاتحاد من وجه

[1] الفصول/ 62، التنبیه الثانی من تنبیهات المشتق.

هو الشیخ محمد حسین بن محمد رحیم الطهرانی الحائری، ولد فی(2)، أخذ مقدمات العلوم فی طهران، ثم اکتسب من شقیقه الحجة الشیخ محمد تقی الاصفهانی صاحب(3)فی اصفهان، ثم هاجر الی العراق فسکن کربلاء، کان مرجعا عاما فی التدریس و التقلید، و قد تخرّم ن معهده جمع من کبار العلماء، أجاب داعی ربه سنة 1254 ه- و له آثار أشهرها(4)فی الأصول (طبقات اعلام الشیعة الکرام البررة 1/ 390 رقم 795.


1- فی أ و ب: الفارقین.
2- إیوان کیف
3- هدایة المسترشدین
4- الفصول الغرویة

ص: 56

و المغایرة من وجه آخر کما یکون بین المشتقات و الذوات و لا یعتبر معه(1)ملاحظة الترکیب بین المتغایرین و اعتبار کون مجموعهما بما هو کذلک واحدا بل یکون لحاظ ذلک مخلا لاستلزامه المغایرة بالجزئیة و الکلیة.

و من الواضح أن ملاک الحمل لحاظ نحو اتحاد بین الموضوع و المحمول مع وضوح عدم لحاظ ذلک فی التحدیدات و سائر القضایا فی طرف الموضوعات بل لا یلاحظ فی طرفها إلا نفس معانیها کما هو الحال فی طرف المحمولات و لا یکون حملها علیها إلا بملاحظة ما هما علیه من نحو من الاتحاد مع ما هما علیه من المغایرة و لو بنحو من الاعتبار.

فانقدح بذلک فساد ما جعله فی الفصول تحقیقا للمقام و فی کلامه موارد للنظر تظهر بالتأمل و إمعان النظر.

الرابع [یکفی فی الحمل المغایرة مفهوما]

لا ریب فی کفایة مغایرة المبدإ مع ما یجری المشتق علیه مفهوما و إن اتحدا عینا و خارجا فصدق الصفات مثل العالم و القادر و الرحیم و الکریم إلی غیر ذلک من صفات الکمال و الجلال علیه تعالی علی ما ذهب إلیه أهل الحق من عینیة صفاته یکون علی الحقیقة فإن المبدأ فیها و إن کان عین ذاته تعالی خارجا إلا أنه غیر ذاته تعالی مفهوما.

و منه قد انقدح ما فی الفصول من الالتزام بالنقل(2)أو التجوز فی ألفاظ الصفات الجاریة علیه تعالی بناء علی الحق من العینیة لعدم المغایرة المعتبرة بالاتفاق(3)و ذلک لما عرفت من کفایة المغایرة مفهوما و لا اتفاق علی اعتبار غیرها إن لم نقل بحصول الاتفاق علی عدم اعتباره کما لا یخفی و قد عرفت ثبوت المغایرة کذلک بین الذات و مبادی الصفات.


1- اشارة الی ما افاده صاحب الفصول، الفصول، 62 التنبیه الثانی.
2- الفصول/ 62، التنبیه الثالث من تنبیهات المشتق.
3- و هو الاتفاق الذی ادّعاه صاحب الفصول ( قدس سرّه) الفصول/ 62.

ص: 57

الخامس [أنحاء قیام المبدإ بالذات]

أنه وقع الخلاف بعد الاتفاق علی اعتبار المغایرة کما عرفت بین المبدإ و ما یجری علیه المشتق فی اعتبار قیام المبدإ به فی صدقه علی نحو الحقیقة و قد استدل من قال(1)بعدم الاعتبار بصدق الضارب و المؤلم مع قیام الضرب و الألم بالمضروب و المؤلم بالفتح.

و التحقیق أنه لا ینبغی أن یرتاب من کان من أولی الألباب فی أنه یعتبر فی صدق المشتق علی الذات و جریه علیها من التلبس بالمبدإ بنحو خاص علی اختلاف أنحائه الناشئة من اختلاف المواد تارة و اختلاف الهیئات أخری من القیام صدورا أو حلولا أو وقوعا علیه أو فیه أو انتزاعه عنه مفهوما مع اتحاده معه خارجا کما فی صفاته تعالی علی ما أشرنا إلیه آنفا أو مع عدم تحقق إلا للمنتزع عنه کما فی الإضافات و الاعتبارات التی لا تحقق لها و لا یکون بحذائها فی الخارج شی ء و تکون من الخارج المحمول لا المحمول بالضمیمة ففی صفاته الجاریة علیه تعالی یکون المبدأ مغایرا له تعالی مفهوما و قائما به عینا لکنه بنحو من القیام لا بأن یکون هناک اثنینیة و کان ما بحذائه غیر الذات بل بنحو الاتحاد و العینیة و کان ما بحذائه عین الذات و عدم اطلاع العرف علی مثل هذا التلبس من الأمور الخفیة لا یضر بصدقها علیه تعالی علی نحو الحقیقة إذا کان لها مفهوم صادق علیه تعالی حقیقة و لو بتأمل و تعمل من العقل و العرف إنما یکون مرجعا فی تعیین المفاهیم لا فی تطبیقها علی مصادیقها.

و بالجملة یکون مثل العالم و العادل و غیرهما من الصفات الجاریة علیه تعالی و علی غیره جاریة علیهما بمفهوم واحد و معنی فارد و إن اختلفا فیما یعتبر فی الجری من الاتحاد و کیفیة التلبس بالمبدإ حیث إنه بنحو العینیة فیه تعالی و بنحو الحلول أو الصدور فی غیره فلا وجه لما (التزم به فی


1- و هو الاتفاق الذی ادّعاه صاحب الفصول ( قدس سرّه) الفصول/ 62.

ص: 58

الفصول(1)من نقل الصفات الجاریة علیه تعالی عما هی علیها من المعنی) کما لا یخفی کیف و لو کانت بغیر معانیها العامة جاریة علیه تعالی کانت صرف لقلقة اللسان و ألفاظ بلا معنی فإن غیر تلک المفاهیم العامة الجاریة علی غیره تعالی غیر مفهوم و لا معلوم إلا بما یقابلها ففی مثل ما إذا قلنا إنه تعالی عالم إما أن نعنی أنه من ینکشف لدیه الشی ء فهو ذاک المعنی العام أو أنه مصداق لما یقابل ذاک المعنی فتعالی عن ذلک علوا کبیرا و إما أن لا نعنی شیئا فتکون کما قلناه من کونها صرف اللقلقة و کونها بلا معنی کما لا یخفی.

و العجب أنه جعل ذلک علة لعدم صدقها فی حق غیره و هو کما تری و بالتأمل فیما ذکرنا ظهر الخلل فیما استدل من الجانبین و المحاکمة بین الطرفین فتأمل.

السادس [فی عدم اعتبار قیام المبدإ بما یجری علیه المشتق حقیقة]

الظاهر أنه لا یعتبر فی صدق المشتق و جریه علی الذات حقیقة التلبس بالمبدإ حقیقة و بلا واسطة فی العروض کما فی الماء الجاری بل یکفی التلبس به و لو مجازا و مع هذه الواسطة کما فی المیزاب الجاری فإسناد الجریان إلی المیزاب و إن کان إسنادا إلی غیر ما هو له و بالمجاز إلا أنه فی الإسناد لا فی الکلمة فالمشتق فی مثل المثال بما هو مشتق قد استعمل فی معناه الحقیقی و إن کان مبدؤه مسندا إلی المیزاب بالإسناد المجازی و لا منافاة بینهما أصلا کما لا یخفی و لکن ظاهر الفصول(2)بل صریحه اعتبار الإسناد الحقیقی فی صدق المشتق حقیقة و کأنه من باب الخلط بین المجاز فی الإسناد و المجاز فی الکلمة و هذا هاهنا محل الکلام بین الأعلام و الحمد لله و هو خیر ختام.


1- الفصول/ 62، التنبیه الثالث من تنبیهات المشتق.
2- الفصول/ 62، التنبیه الثالث من تنبیهات المشتق.

ص: 59

المقصد الأول الأوامر

اشارة

ص: 60

ص: 61

المقصد الأول فی الأوامر و فیه فصول

الأول فیما یتعلق بمادة الأمر

اشارة

من الجهات و هی عدیدة.

[الجهة] الأولی أنه (قد ذکر للفظ الأمر معان متعددة

منها الطلب کما یقال أمره بکذا.

و منها الشأن کما یقال شغله أمر کذا.

و منها الفعل کما فی قوله تعالی وَ ما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِیدٍ(1).

و منها الفعل العجیب کما فی قوله تعالی فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا(2).

و منها الشی ء کما تقول رأیت الیوم أمرا عجیبا.

و منها الحادثة و منها الغرض کما تقول جاء زید لأمر کذا).

و لا یخفی أن عد بعضها من معانیه من اشتباه المصداق بالمفهوم ضرورة أن الأمر فی جاء زید لأمر ما استعمل فی معنی الغرض بل اللام قد دل علی الغرض نعم یکون مدخوله مصداقه فافهم و هکذا الحال فی قوله


1- هود: 97.
2- هود: 66، 82.

ص: 62

تعالی فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا(1)یکون مصداقا للتعجب لا مستعملا فی مفهومه و کذا فی الحادثة و الشأن.

و بذلک ظهر (ما فی دعوی الفصول(2)من کون لفظ الأمر حقیقة فی المعنیین الأولین) و لا یبعد دعوی کونه حقیقة فی الطلب فی الجملة و الشی ء هذا بحسب العرف و اللغة.

و أما بحسب الاصطلاح فقد نقل(3)الاتفاق علی أنه حقیقة فی القول المخصوص و مجاز فی غیره و لا یخفی أنه علیه لا یمکن منه الاشتقاق فإن معناه حینئذ لا یکون معنی حدثیا مع أن الاشتقاقات منه ظاهرا تکون بذلک المعنی المصطلح علیه بینهم لا بالمعنی الآخر فتدبر.

و یمکن أن یکون مرادهم به هو الطلب بالقول لا نفسه تعبیرا عنه بما یدل علیه نعم القول المخصوص أی صیغة الأمر إذا أراد العالی بها الطلب یکون من مصادیق الأمر لکنه بما هو طلب مطلق أو مخصوص.

و کیف کان فالأمر سهل لو ثبت النقل و لا مشاحة فی الاصطلاح و إنما المهم بیان ما هو معناه عرفا و لغة لیحمل علیه فیما إذا ورد بلا قرینة و قد استعمل فی غیر واحد من المعانی فی الکتاب و السنة و لا حجة علی أنه علی نحو الاشتراک اللفظی أو المعنوی أو الحقیقة و المجاز.

و ما ذکر فی الترجیح عند تعارض هذه الأحوال لو سلم و لم یعارض بمثله فلا دلیل علی الترجیح به فلا بد مع التعارض من الرجوع إلی الأصل فی مقام العمل نعم لو علم ظهوره فی أحد معانیه و لو احتمل أنه کان للانسباق من الإطلاق فلیحمل علیه و إن لم یعلم أنه حقیقة فیه


1- هود: 66، 82.
2- الفصول/ 62، القول فی الأمر.
3- الفصول/ 62- 63، القول فی الأمر.

ص: 63

بالخصوص أو فیما یعمه کما لا یبعد أن یکون کذلک فی المعنی الأول.

الجهة الثانیة الظاهر اعتبار العلو فی معنی الأمر

فلا یکون الطلب من السافل أو المساوی أمرا و لو أطلق علیه کان بنحو من العنایة کما أن الظاهر عدم اعتبار الاستعلاء فیکون الطلب من العالی أمرا و لو کان مستخفضا لجناحه.

و أما احتمال اعتبار أحدهما فضعیف و تقبیح الطالب السافل من العالی المستعلی علیه و توبیخه بمثل أنک لم تأمره إنما هو علی استعلائه لا علی أمره حقیقة بعد استعلائه و إنما یکون إطلاق الأمر علی طلبه بحسب ما هو قضیة استعلائه و کیف کان ففی صحة سلب الأمر عن طلب السافل و لو کان مستعلیا کفایة.

الجهة الثالثة لا یبعد کون لفظ الأمر حقیقة فی الوجوب

لانسباقه عنه عند إطلاقه و یؤید قوله تعالی فَلْیَحْذَرِ الَّذِینَ یُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ(1)و (قوله صلی الله علیه و آله(2): لو لا أن أشق علی أمتی لأمرتهم بالسواک) و (قوله صلی الله علیه و آله(3): لبریرة بعد قولها أ تأمرنی یا رسول الله لا بل إنما أنا شافع) إلی غیر ذلک و صحة الاحتجاج علی العبد و مؤاخذته بمجرد مخالفة أمره و توبیخه علی مجرد مخالفته کما فی قوله تعالی ما مَنَعَکَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُکَ(4).

و تقسیمه إلی الإیجاب و الاستحباب إنما یکون قرینة علی إرادة المعنی الأعم منه فی مقام تقسیمه و صحة الاستعمال فی معنی أعم من کونه علی نحو


1- النور: 63.
2- غوالی اللآلی: 2/ 21 الحدیث 43.
3- الکافی: 5/ 485، التهذیب 7/ 341، الخصال 1/ 190.
4- الأعراف: 12.

ص: 64

الحقیقة کما لا یخفی و أما ما أفید(1)من أن الاستعمال فیهما ثابت فلو لم یکن موضوعا للقدر المشترک بینهما لزم الاشتراک أو المجاز فهو غیر مفید لما مرت الإشارة إلیه فی الجهة الأولی و فی تعارض الأحوال(2)فراجع.

و الاستدلال بأن فعل المندوب طاعة و کل طاعة فهو فعل المأمور به فیه ما لا یخفی من منع الکبری لو أرید من المأمور به معناه الحقیقی و إلا لا یفید المدعی.

الجهة الرابعة [الطلب و الإرادة]
اشارة

الظاهر أن الطلب الذی یکون هو معنی الأمر لیس هو الطلب الحقیقی الذی یکون طلبا بالحمل الشائع الصناعی بل الطلب الإنشائی الذی لا یکون بهذا الحمل طلبا مطلقا بل طلبا إنشائیا سواء أنشئ بصیغة افعل أو بمادة الطلب أو بمادة الأمر أو بغیرها و لو أبیت إلا عن کونه موضوعا للطلب فلا أقل من کونه منصرفا إلی الإنشائی منه عند إطلاقه کما هو الحال فی لفظ الطلب أیضا و ذلک لکثرة الاستعمال فی الطلب الإنشائی کما أن الأمر فی لفظ الإرادة علی عکس لفظ الطلب و المنصرف عنها عند إطلاقها هو الإرادة الحقیقیة(3)و اختلافهما فی ذلک ألجأ بعض أصحابنا إلی المیل إلی (ما ذهب إلیه الأشاعرة من المغایرة بین الطلب و الإرادة) خلافا لقاطبة أهل الحق و المعتزلة من اتحادهما فلا بأس بصرف عنان الکلام إلی بیان ما هو الحق فی المقام و إن حققناه فی بعض فوائدنا إلا أن الحوالة لما لم تکن عن المحذور خالیة و الإعادة بلا فائدة و لا إفادة کان المناسب هو التعرض هاهنا أیضا.

فاعلم أن الحق کما علیه أهله وفاقا للمعتزلة و خلافا للأشاعرة هو اتحاد الطلب و الإرادة بمعنی أن لفظیهما موضوعان بإزاء مفهوم واحد و ما بإزاء


1- أفاده العلامة ( ره) نهایة الأصول/ 64 مخطوطة.
2- فی الأمر الثامن من المقدّمة ص 20.
3- فی ب: الحقیقة..

ص: 65

أحدهما فی الخارج یکون بإزاء الآخر و الطلب المنشأ بلفظه أو بغیره عین الإرادة الإنشائیة و بالجملة هما متحدان مفهوما و إنشاء و خارجا لا أن الطلب الإنشائی الذی هو المنصرف إلیه إطلاقه کما عرفت متحد مع الإرادة الحقیقیة(1)التی ینصرف إلیها إطلاقها أیضا ضرورة أن المغایرة بینهما أظهر من الشمس و أبین من الأمس فإذا عرفت المراد من حدیث العینیة و الاتحاد ففی مراجعة الوجدان عند طلب شی ء و الأمر به حقیقة کفایة فلا یحتاج إلی مزید بیان و إقامة برهان فإن الإنسان لا یجد غیر الإرادة القائمة بالنفس صفة أخری قائمة بها یکون هو الطلب غیرها سوی ما هو مقدمة تحققها عند خطور الشی ء و المیل و هیجان الرغبة إلیه و التصدیق لفائدته و هو الجزم بدفع ما یوجب توقفه عن طلبه لأجلها.

و بالجملة لا یکاد یکون غیر الصفات المعروفة و الإرادة هناک صفة أخری قائمة بها یکون هو الطلب فلا محیص(2)إلّا(3)عن اتحاد الإرادة و الطلب و أن یکون ذلک الشوق المؤکد المستتبع لتحریک العضلات فی إرادة فعله بالمباشرة أو المستتبع لأمر عبیده به فیما لو أراده لا کذلک مسمی بالطلب و الإرادة کما یعبر به تارة و بها أخری کما لا یخفی و کذا الحال فی سائر الصیغ الإنشائیة و الجمل الخبریة فإنه لا یکون غیر الصفات المعروفة القائمة بالنفس من الترجی و التمنی و العلم إلی غیر ذلک صفة أخری کانت قائمة بالنفس و قد دل اللفظ علیها کما قیل

إن الکلام لفی الفؤاد و إنما جعل اللسان علی الفؤاد دلیلا.

و قد انقدح بما حققناه ما فی استدلال الأشاعرة علی المغایرة بالأمر مع عدم الإرادة کما فی صورتی الاختبار و الاعتذار من الخلل فإنه کما لا إرادة


1- فی ب: الحقیقة.
2- فی النسختین فلا محیص إلّا، و الظهر
3- هنا مقحمة فی السیاق.

ص: 66

حقیقة فی الصورتین لا طلب کذلک فیهما و الذی یکون فیهما إنما هو الطلب الإنشائی الإیقاعی الذی هو مدلول الصیغة أو المادة و لم یکن بینا و لا مبینا فی الاستدلال مغایرته مع الإرادة الإنشائیة.

و بالجملة الذی یتکفله الدلیل لیس إلا الانفکاک بین الإرادة الحقیقیة و الطلب المنشإ بالصیغة الکاشف عن مغایرتهما و هو مما لا محیص عن الالتزام به کما عرفت و لکنه لا یضر بدعوی الاتحاد أصلا لمکان هذه المغایرة و الانفکاک بین الطلب الحقیقی و الإنشائی کما لا یخفی.

ثم إنه یمکن مما حققناه أن یقع الصلح بین الطرفین و لم یکن نزاع فی البین بأن یکون المراد بحدیث الاتحاد ما عرفت من العینیة مفهوما و وجودا حقیقیا و إنشائیا و یکون المراد بالمغایرة و الاثنینیة هو اثنینیة الإنشائی من الطلب کما هو کثیرا ما یراد من إطلاق لفظه و الحقیقی من الإرادة کما هو المراد غالبا منها حین إطلاقها فیرجع النزاع لفظیا فافهم.

دفع وهم

(1)

لا یخفی أنه لیس غرض الأصحاب و المعتزلة من (نفی غیر الصفات المشهورة و أنه لیس صفة أخری قائمة بالنفس کانت کلاما نفسیا مدلولا للکلام اللفظی) کما یقول به الأشاعرة أن هذه الصفات المشهورة مدلولات للکلام.

إن قلت فما ذا یکون مدلولا علیه عند الأصحاب و المعتزلة.

قلت أما الجمل الخبریة فهی دالة علی ثبوت النسبة بین طرفیها أو نفیها فی نفس الأمر من ذهن أو خارج کالإنسان نوع أو کاتب.

و أما الصیغ الإنشائیة فهی علی ما حققناه فی بعض فوائدنا(2)موجدة


1- المتوهم هو القوشجی، راجع شرح تجرید العقائد للقوشجی/ 246، عند البحث عن المسموعات.
2- تعلیقة المصنف علی الفرائد، کتاب الفوائد/ 285.

ص: 67

لمعانیها فی نفس الأمر أی قصد ثبوت معانیها و تحققها بها و هذا نحو من الوجود و ربما یکون هذا منشأ لانتزاع اعتبار مترتب علیه شرعا و عرفا آثار کما هو الحال فی صیغ العقود و الإیقاعات.

نعم لا مضایقة فی دلالة مثل صیغة الطلب و الاستفهام و الترجی و التمنی بالدلالة الالتزامیة علی ثبوت هذه الصفات حقیقة إما لأجل وضعها لإیقاعها فیما إذا کان الداعی إلیه ثبوت هذه الصفات أو انصراف إطلاقها إلی هذه الصورة فلو لم تکن هناک قرینة کان إنشاء الطلب أو الاستفهام أو غیرهما بصیغتها لأجل کون الطلب و الاستفهام و غیرهما قائمة بالنفس وضعا أو إطلاقا.

إشکال و دفع

أما الإشکال فهو أنه یلزم بناء علی اتحاد الطلب و الإرادة فی تکلیف الکفار بالإیمان بل مطلق أهل العصیان فی العمل بالأرکان إما أن لا یکون هناک تکلیف جدی إن لم یکن هناک إرادة حیث إنه لا یکون حینئذ طلب حقیقی و اعتباره فی الطلب الجدی ربما یکون من البدیهی و إن کان هناک إرادة فکیف تتخلف عن المراد و لا تکاد تتخلف إذا أراد الله شیئا یقول له کن فیکون.

و أما الدفع فهو أن استحالة التخلف إنما تکون فی الإرادة التکوینیة و هی العلم بالنظام علی النحو الکامل التام دون الإرادة التشریعیة و هی العلم بالمصلحة فی فعل المکلف و ما لا محیص عنه فی التکلیف إنما هو هذه الإرادة التشریعیة لا التکوینیة فإذا توافقتا فلا بد من الإطاعة و الإیمان و إذا تخالفتا فلا محیص عن أن یختار الکفر و العصیان.

إن قلت إذا کان الکفر و العصیان و الإطاعة و الإیمان بإرادته تعالی التی لا تکاد تتخلف عن المراد فلا یصح أن یتعلق بها التکلیف لکونها خارجة عن الاختیار المعتبر فیه عقلا.

ص: 68

قلت إنما یخرج بذلک عن الاختیار لو لم یکن تعلق الإرادة بها مسبوقة بمقدماتها الاختیاریة و إلا فلا بد من صدورها بالاختیار و إلا لزم تخلف إرادته عن مراده تعالی عن ذلک علوا کبیرا.

إن قلت إن الکفر و العصیان من الکافر و العاصی و لو کانا مسبوقین بإرادتهما إلا أنهما منتهیان إلی ما لا بالاختیار کیف و قد سبقهما الإرادة الأزلیة و المشیة الإلهیة و معه کیف تصح المؤاخذة علی ما یکون بالأخرة بلا اختیار.

قلت العقاب إنما بتبعة الکفر و العصیان التابعین للاختیار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتهما الذاتیة اللازمة لخصوص ذاتهما فإن (: السعید سعید فی بطن أمه و الشقی شقی فی بطن أمه)(1)و (: الناس معادن کمعادن الذهب و الفضة)(2)کما فی الخبر و الذاتی لا یعلل فانقطع سؤال أنه لم جعل السعید سعیدا و الشقی شقیا فإن السعید سعید بنفسه و الشقی شقی کذلک و إنما أوجدهما الله تعالی قلم اینجا رسید سر بشکست [1] قد انتهی الکلام فی المقام إلی ما ربما لا یسعه کثیر من الأفهام و من الله الرشد و الهدایة و به الاعتصام.

وهم و دفع

لعلک تقول إذا کانت الإرادة التشریعیة منه تعالی عین علمه بصلاح الفعل لزم بناء علی أن تکون عین الطلب کون المنشإ بالصیغة فی الخطابات الإلهیة هو العلم و هو بمکان من البطلان.

[1] یرید المؤلف (ره): و هنا یقف القلم، لأن الکلام انتهی الی ما ربما لا یسعه کثیر من الأفهام، و ما بین القوسین، تعبیر فارسی ترجمته: لما وصل القلم الی هنا انکسر رأسه.


1- ورد بهذا المضمون فی توحید الصدوق/ 356 الباب 58 الحدیث 3.
2- الروضة من الکافی 8/ 177، الحدیث 197. مسند أحمد بن حنبل 2/ 539 و فیه تقدیم الفضّة علی الذهب. و قریب منه فی هذا المصدر صفحة 257، 260، 391، 438، 485، 498، 525 و البخاری 4/ 216.

ص: 69

لکنک غفلت عن أن اتحاد الإرادة مع العلم بالصلاح إنما یکون خارجا لا مفهوما و قد عرفت(1)أن المنشأ لیس إلا المفهوم لا الطلب الخارجی و لا غرو أصلا فی اتحاد الإرادة و العلم عینا و خارجا بل لا محیص عنه فی جمیع صفاته تعالی لرجوع الصفات إلی ذاته المقدسة (قال أمیر المؤمنین صلوات الله و سلامه علیه(2): و کمال توحیده الإخلاص له و کمال الإخلاص له نفی الصفات عنه).

الفصل الثانی فیما یتعلق بصیغة الأمر

اشارة

و فیه مباحث

[المبحث] الأول أنه ربما یذکر للصیغة معان
اشارة

قد استعملت فیها و قد عد منها الترجی و التمنی و التهدید و الإنذار و الإهانة و الاحتقار و التعجیز و التسخیر إلی غیر ذلک و هذا کما تری ضرورة أن الصیغة ما استعملت فی واحد منها بل لم یستعمل إلا فی إنشاء الطلب إلا أن الداعی إلی ذلک کما یکون تارة هو البعث و التحریک نحو المطلوب الواقعی یکون أخری أحد هذه الأمور کما لا یخفی.

قصاری ما یمکن أن یدعی أن تکون الصیغة موضوعة لإنشاء الطلب فیما إذا کان بداعی البعث و التحریک لا بداع آخر منها فیکون إنشاء الطلب بها بعثا حقیقة و إنشاؤه بها تهدیدا مجازا و هذا غیر کونها مستعملة فی التهدید و غیره فلا تغفل.

إیقاظ [سائر الصیغ الإنشائیة کصیغة الأمر]

لا یخفی أن ما ذکرناه فی صیغة الأمر جار فی سائر الصیغ الإنشائیة فکما یکون الداعی إلی إنشاء التمنی أو الترجی أو الاستفهام


1- مرّ فی صفحة 66 من هذا الکتاب عند قوله: و أما الصیغ الإنشائیة... الخ.
2- نهج البلاغة/ 39 الخطبة الأولی.

ص: 70

بصیغها تارة هو ثبوت هذه الصفات حقیقة یکون الداعی غیرها أخری فلا وجه للالتزام بانسلاخ صیغها عنها و استعمالها فی غیرها إذا وقعت فی کلامه تعالی لاستحالة مثل هذه المعانی فی حقه تبارک و تعالی مما لازمه العجز أو الجهل و أنه لا وجه له فإن المستحیل إنما هو الحقیقی منها لا الإنشائی الإیقاعی الذی یکون بمجرد قصد حصوله بالصیغة کما عرفت ففی کلامه تعالی قد استعملت فی معانیها الإیقاعیة الإنشائیة أیضا لا لإظهار ثبوتها حقیقة بل لأمر آخر حسب ما یقتضیه الحال من إظهار المحبة أو الإنکار أو التقریر إلی غیر ذلک و منه ظهر أن ما ذکر من المعانی الکثیرة لصیغة الاستفهام لیس کما ینبغی أیضا.

المبحث الثانی فی أن الصیغة حقیقة فی الوجوب

أو فی الندب أو فیهما أو فی المشترک بینهما وجوه بل أقوال لا یبعد تبادر الوجوب عند استعمالها بلا قرینة و یؤیده عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الندب مع الاعتراف بعدم دلالته علیه بحال أو مقال و کثرة الاستعمال فیه فی الکتاب و السنة و غیرهما لا یوجب نقله إلیه أو حمله علیه(1)لکثرة استعماله فی الوجوب أیضا مع أن الاستعمال و إن کثر فیه إلا أنه کان مع القرینة المصحوبة و کثرة الاستعمال کذلک فی المعنی المجازی لا یوجب صیرورته مشهورا فیه لیرجح أو یتوقف علی الخلاف فی المجاز المشهور کیف و قد کثر استعمال العام فی الخاص حتی قیل ما من عام إلا و قد خص و لم ینثلم به ظهوره فی العموم بل یحمل علیه ما لم تقم قرینة بالخصوص علی إرادة الخصوص.

المبحث الثالث هل الجمل الخبریة التی تستعمل فی مقام الطلب

و البعث مثل یغتسل و یتوضأ و یعید ظاهرة فی الوجوب أو لا لتعدد


1- هذا تعریض بصاحب المعالم ( قدس سره)، معالم الدین/ 48، فصل فی الأوامر: فائدة.

ص: 71

المجازات فیها و لیس الوجوب بأقواها بعد تعذر حملها علی معناها من الإخبار بثبوت النسبة و الحکایة عن وقوعها.

الظاهر الأول بل تکون أظهر من الصیغة و لکنه لا یخفی أنه لیست الجمل الخبریة الواقعة فی ذلک المقام أی الطلب مستعملة فی غیر معناها بل تکون مستعملة فیه إلا أنه لیس بداعی الإعلام بل بداعی البعث بنحو آکد حیث إنه أخبر بوقوع مطلوبه فی مقام طلبه إظهارا بأنه لا یرضی إلا بوقوعه فیکون آکد فی البعث من الصیغة کما هو الحال فی الصیغ الإنشائیة علی ما عرفت من أنها أبدا تستعمل فی معانیها الإیقاعیة لکن بدواعی أخر کما مر(1).

لا یقال کیف و یلزم الکذب کثیرا لکثرة عدم وقوع المطلوب کذلک فی الخارج تعالی الله و أولیاؤه عن ذلک علوا کبیرا.

فإنه یقال إنما یلزم الکذب إذا أتی بها بداعی الإخبار و الإعلام لا لداعی البعث کیف و إلا یلزم الکذب فی غالب الکنایات فمثل زید کثیر الرماد أو مهزول الفصیل لا یکون کذبا إذا قیل کنایة عن جوده و لو لم یکن له رماد أو فصیل أصلا و إنما یکون کذبا إذا لم یکن بجواد فیکون الطلب بالخبر فی مقام التأکید أبلغ فإنه مقال بمقتضی الحال هذا مع أنه إذا أتی بها فی مقام البیان فمقدمات الحکمة مقتضیة لحملها علی الوجوب فإن تلک النکتة إن لم تکن موجبة لظهورها فیه فلا أقل من کونها موجبة لتعینه من بین محتملات ما هو بصدده فإن شدة مناسبة الإخبار بالوقوع مع الوجوب موجبة لتعین إرادته إذا کان بصدد البیان مع عدم نصب قرینة خاصة علی غیره فافهم.


1- فی المبحث الأول من هذا الفصل، عند قوله ( قدس سره): إیقاظ 69.

ص: 72

المبحث الرابع [فی ظهور صیغة الأمر فی الوجوب و عدمه]

أنه إذا سلم أن الصیغة لا تکون حقیقة فی الوجوب هل لا تکون ظاهرة فیه أیضا أو تکون قیل بظهورها فیه إما لغلبة الاستعمال فیه أو لغلبة وجوده أو أکملیته و الکل کما تری ضرورة أن الاستعمال فی الندب و کذا وجوده لیس بأقل لو لم یکن بأکثر و أما الأکملیة فغیر موجبة للظهور إذ الظهور لا یکاد یکون إلا لشدة أنس اللفظ بالمعنی بحیث یصیر وجها له و مجرد الأکملیة لا یوجبه کما لا یخفی نعم فیما کان الأمر بصدد البیان فقضیة مقدمات الحکمة هو الحمل علی الوجوب فإن الندب کأنه یحتاج إلی مئونة بیان التحدید و التقیید بعدم المنع من الترک بخلاف الوجوب فإنه لا تحدید فیه للطلب و لا تقیید فإطلاق اللفظ و عدم تقییده مع کون المطلق فی مقام البیان کاف فی بیانه فافهم.

المبحث الخامس [التعبدی و التوصلی]
اشارة

أن إطلاق الصیغة هل یقتضی کون الوجوب توصلیا فیجزی إتیانه مطلقا و لو بدون قصد القربة أو لا فلا بد من الرجوع فیما شک فی تعبدیته و توصلیته إلی الأصل.

لا بد فی تحقیق ذلک من تمهید مقدمات
إحداها [الفرق بین التعبدی و التوصلی]

الوجوب التوصلی هو ما کان الغرض منه یحصل بمجرد حصول الواجب و یسقط بمجرد وجوده بخلاف التعبدی فإن الغرض منه لا یکاد یحصل بذلک بل لا بد فی سقوطه و حصول غرضه من الإتیان به متقربا به منه تعالی.

ثانیتها [اعتبار قصد القربة فی الظاعة عقلا]
اشارة

أن التقرب المعتبر فی التعبدی إن کان بمعنی قصد الامتثال و الإتیان بالواجب بداعی أمره کان مما یعتبر فی الطاعة عقلا لا مما أخذ فی نفس العبادة شرعا و ذلک لاستحالة أخذ ما لا یکاد یتأتی إلا من قبل الأمر بشی ء فی متعلق ذاک الأمر مطلقا شرطا أو شطرا فما لم تکن نفس الصلاة متعلقة للأمر لا یکاد یمکن إتیانها بقصد امتثال أمرها.

ص: 73

[توهم إمکان دخل القربة فی العبادة و دفعه]

و توهم إمکان تعلق الأمر بفعل الصلاة بداعی الأمر و إمکان الإتیان بها بهذا الداعی ضرورة إمکان تصور الأمر بها مقیدة و التمکن من إتیانها کذلک بعد تعلق الأمر بها و المعتبر من القدرة المعتبرة عقلا فی صحة الأمر إنما هو فی حال الامتثال لا حال الأمر واضح الفساد ضرورة أنه و إن کان تصورها کذلک بمکان من الإمکان إلا أنه لا یکاد یمکن الإتیان بها بداعی أمرها لعدم الأمر بها فإن الأمر حسب الفرض تعلق بها مقیدة بداعی الأمر و لا یکاد یدعو الأمر إلی ما تعلق به لا إلی غیره.

إن قلت نعم و لکن نفس الصلاة أیضا صارت مأمورة بها بالأمر بها مقیدة.

قلت کلا لأن ذات المقید لا یکون مأمورا بها فإن الجزء التحلیلی العقلی لا یتصف بالوجوب أصلا فإنه لیس إلا وجود واحد واجب بالوجوب النفسی کما ربما یأتی فی باب المقدمة.

إن قلت نعم لکنه إذا أخذ قصد الامتثال شرطا و أما إذا أخذ شطرا فلا محالة نفس الفعل الذی تعلق الوجوب به مع هذا القصد یکون متعلقا للوجوب إذ المرکب لیس إلا نفس الأجزاء بالأسر و یکون تعلقه بکل بعین تعلقه بالکل و یصح أن یؤتی به بداعی ذاک الوجوب ضرورة صحة الإتیان بأجزاء الواجب بداعی وجوبه.

قلت مع امتناع اعتباره کذلک فإنه یوجب تعلق الوجوب بأمر غیر اختیاری فإن الفعل و إن کان بالإرادة اختیاریا إلا أن إرادته حیث لا تکون بإرادة أخری و إلا لتسلسلت لیست باختیاریة کما لا یخفی إنما یصح الإتیان بجزء الواجب بداعی وجوبه فی ضمن إتیانه بهذا الداعی و لا یکاد یمکن الإتیان بالمرکب عن قصد الامتثال بداعی امتثال أمره.

ص: 74

إن قلت نعم(1)لکن هذا کله إذا کان اعتباره فی المأمور به بأمر واحد و أما إذا کان بأمرین تعلق أحدهما بذات الفعل و ثانیهما بإتیانه بداعی أمره فلا محذور أصلا کما لا یخفی فللآمر أن یتوسل بذلک فی الوصلة إلی تمام غرضه و مقصده بلا منعة.

قلت مضافا إلی القطع بأنه لیس فی العبادات إلا أمر واحد کغیرها من الواجبات و المستحبات غایة الأمر یدور مدار الامتثال وجودا و عدما فیها المثوبات و العقوبات بخلاف ما عداها فیدور فیه خصوص المثوبات و أما العقوبة فمترتبه علی ترک الطاعة و مطلق الموافقة إن الأمر الأول إن کان یسقط بمجرد موافقته و لو لم یقصد به الامتثال کما هو قضیة الأمر الثانی فلا یبقی مجال لموافقة الثانی مع موافقة الأول بدون قصد امتثاله فلا یتوسل الآمر إلی غرضه بهذه الحیلة و الوسیلة و إن لم یکد یسقط بذلک فلا یکاد یکون له وجه إلا عدم حصول غرضه بذلک من أمره لاستحالة سقوطه مع عدم حصوله و إلا لما کان موجبا لحدوثه و علیه فلا حاجة فی الوصول إلی غرضه إلی وسیلة تعدد الأمر لاستقلال العقل مع عدم حصول غرض الآمر بمجرد موافقة الأمر بوجوب الموافقة علی نحو یحصل به غرضه فیسقط أمره.

هذا کله إذا کان التقرب المعتبر فی العبادة بمعنی قصد الامتثال.

و أما إذا کان بمعنی الإتیان بالفعل بداعی حسنه أو کونه ذا مصلحة [أو له تعالی](2)فاعتباره فی متعلق الأمر و إن کان بمکان من الإمکان إلا أنه غیر معتبر فیه قطعا لکفایة الاقتصار علی قصد الامتثال الذی عرفت


1- إشارة الی ما أفاده صاحب التقریرات فی مطارح الأنظار/ 60، السطر الأخیر، فی التعبدی و التوصلی.
2- سقطت من أ .

ص: 75

عدم إمکان أخذه فیه بداهة.

تأمل فیما ذکرناه فی المقام تعرف حقیقة المرام کیلا تقع فیما وقع فیه من الاشتباه بعض الأعلام.

ثالثتها [امتناع التمسک بإطلاق الأمر]

أنه إذا عرفت بما لا مزید علیه عدم إمکان أخذ قصد الامتثال فی المأمور به أصلا فلا مجال للاستدلال بإطلاقه و لو کان مسوقا فی مقام البیان علی عدم اعتباره کما هو أوضح من أن یخفی فلا یکاد یصح التمسک به إلا فیما یمکن اعتباره فیه.

فانقدح بذلک أنه لا وجه لاستظهار التوصلیة من إطلاق الصیغة بمادتها و لا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناشئ من قبل الآمر من إطلاق المادة فی العبادة لو شک فی اعتباره فیها نعم إذا کان الآمر فی مقام بصدد بیان تمام ما له دخل فی حصول غرضه و إن لم یکن له دخل فی متعلق أمره و معه سکت فی المقام و لم ینصب دلالة علی دخل قصد الامتثال فی حصوله کان هذا قرینة علی عدم دخله فی غرضه و إلا لکان سکوته نقضا له و خلاف الحکمة فلا بد عند الشک و عدم إحراز هذا المقام من الرجوع إلی ما یقتضیه الأصل و یستقل به العقل.

[لزوم الاحتیاط لأجل الغرض]

فاعلم أنه لا مجال هاهنا إلا لأصالة الاشتغال و لو قیل بأصالة البراءة فیما إذا دار الأمر بین الأقل و الأکثر الارتباطیین و ذلک لأن الشک هاهنا فی الخروج عن عهدة التکلیف المعلوم مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها فلا یکون العقاب مع الشک و عدم إحراز الخروج عقابا بلا بیان و المؤاخذة علیه بلا برهان ضرورة أنه بالعلم بالتکلیف تصح المؤاخذة علی المخالفة و عدم الخروج عن العهدة لو اتفق عدم الخروج عنها بمجرد الموافقة بلا قصد القربة و هکذا الحال فی کل ما شک دخله فی الطاعة و الخروج به عن العهدة مما لا یمکن اعتباره فی المأمور به کالوجه و التمییز.

نعم یمکن أن یقال إن کل ما ربما یحتمل بدوا دخله فی الامتثال

ص: 76

أمرا کان مما یغفل عنه غالبا العامة [1] کان علی الآمر بیانه و نصب قرینة علی دخله واقعا و إلا لأخل بما هو همه و غرضه أما إذا لم ینصب دلالة علی دخله کشف عن عدم دخله و بذلک یمکن القطع بعدم دخل الوجه و التمییز فی الطاعة بالعبادة حیث لیس منهما عین و لا أثر فی الأخبار و الآثار و کانا مما یغفل عنه العامة و إن احتمل اعتباره بعض الخاصة فتدبر جیدا.

ثم إنه لا أظنک أن تتوهم و تقول إن أدلة البراءة الشرعیة مقتضیة لعدم الاعتبار و إن کان قضیة الاشتغال عقلا هو الاعتبار لوضوح أنه لا بد فی عمومها من شی ء قابل للرفع و الوضع شرعا و لیس هاهنا فإن دخل قصد القربة و نحوها فی الغرض لیس بشرعی بل واقعی و دخل الجزء و الشرط فیه و إن کان کذلک إلا أنهما قابلان للوضع و الرفع شرعا فبدلیل الرفع و لو کان أصلا یکشف أنه لیس هناک أمر فعلی بما یعتبر فیه المشکوک یجب الخروج عن عهدته عقلا بخلاف المقام فإنه علم بثبوت الأمر الفعلی کما عرفت فافهم.

المبحث السادس قضیة إطلاق الصیغة

کون الوجوب نفسیا تعینیا عینیا لکون کل واحد مما یقابلها یکون فیه تقیید الوجوب و تضیق دائرته فإذا کان فی مقام البیان و لم ینصب قرینة علیه فالحکمة تقتضی کونه مطلقا وجب هناک شی ء آخر أو لا أتی بشی ء آخر أو لا أتی به آخر أو لا کما هو واضح لا یخفی.

المبحث السابع [وقوع الأمر عقیب الحظر]

أنه اختلف القائلون بظهور صیغة الأمر فی الوجوب وضعا أو إطلاقا فیما إذا وقع عقیب الحظر أو فی مقام توهمه علی أقوال

[1] هذا ما أثبتناه من أ و ب، و فی بعض النسخ المطبوعة هکذا (إن کل ما یحتمل بدوا دخله فی الامتثال و کان یغفل عنه غالبا العامة).

ص: 77

نسب(1)إلی (المشهور ظهورها فی الإباحة) و إلی (بعض العامة(2)ظهورها فی الوجوب) و إلی (بعض(3)تبعیته لما قبل النهی إن علق الأمر بزوال علة النهی) إلی غیر ذلک.

و التحقیق أنه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال فإنه قل مورد منها یکون خالیا عن قرینة علی الوجوب أو الإباحة أو التبعیة و مع فرض التجرید عنها لم یظهر بعد کون عقیب الحظر موجبا لظهورها فی غیر ما تکون ظاهرة فیه.

غایة الأمر یکون موجبا لإجمالها غیر ظاهرة فی واحد منها إلا بقرینة أخری کما أشرنا.

المبحث الثامن [المرة و لا التکرار]
اشارة

الحق أن صیغة الأمر مطلقا لا دلالة لها علی المرة و لا التکرار فإن المنصرف عنها لیس إلا طلب إیجاد الطبیعة المأمور بها فلا دلالة لها علی أحدهما لا بهیئتها و لا بمادتها و الاکتفاء بالمرة فإنما هو لحصول الامتثال بها فی الأمر بالطبیعة کما لا یخفی.

ثم لا یذهب علیک أن (الاتفاق علی أن المصدر المجرد عن اللام و التنوین لا یدل إلا علی الماهیة علی ما حکاه السکاکی)(4)لا یوجب کون (النزاع هاهنا فی الهیئة کما فی الفصول(5)) فإنه غفلة و ذهول عن کون المصدر کذلک لا یوجب الاتفاق علی أن مادة الصیغة لا تدل إلا علی


1- راجع الفصول/ 70، وبدائع الأفکار فی النسخة الثانیة من نسختی الأوامر/ 294.
2- البصری فی المعتمد/ 75، باب فی صیغة الأمر الورادة بعد حظر، و البیضاوی و غیره راجع الإبهاج فی شرح المنهاج للسبکی: 2/ 43.
3- کالعضدی، شرح مختصر الأصول/ 205، فی مسألة وقوع صیغة الأمر بعد الحظر.
4- مفتاح العلوم.
5- الفصول/ 71، فصل: الحق أن هیئة... الخ.

ص: 78

الماهیة ضرورة أن المصدر لیست مادة لسائر المشتقات بل هو صیغة مثلها کیف و قد عرفت فی باب المشتق مباینة المصدر و سائر المشتقات بحسب المعنی فکیف بمعناه یکون مادة لها فعلیه یمکن دعوی اعتبار المرة أو التکرار فی مادتها کما لا یخفی.

إن قلت فما معنی ما اشتهر من کون المصدر أصلا فی الکلام.

قلت مع أنه محل الخلاف معناه أن الذی وضع أولا بالوضع الشخصی ثم بملاحظته وضع نوعیا أو شخصیا سائر الصیغ التی تناسبه مما جمعه معه مادة لفظ متصورة فی کل منها و منه بصورة و معنی کذلک هو المصدر أو الفعل فافهم.

ثم المراد بالمرة و التکرار هل هو الدفعة و الدفعات أو الفرد و الأفراد.

و التحقیق أن یقعا بکلا المعنیین محل النزاع و إن کان لفظهما ظاهرا فی المعنی الأول و توهم(1)أنه لو أرید بالمرة الفرد لکان الأنسب بل اللازم أن یجعل هذا المبحث تتمة للمبحث الآتی من أن الأمر هل یتعلق بالطبیعة أو بالفرد فیقال عند ذلک و علی تقدیر تعلقه بالفرد هل یقتضی التعلق بالفرد الواحد أو المتعدد أو لا یقتضی شیئا منهما و لم یحتج إلی إفراد کل منهما بالبحث کما فعلوه و أما لو أرید بها الدفعة فلا علقة بین المسألتین کما لا یخفی فاسد لعدم العلقة بینهما لو أرید بها الفرد أیضا فإن الطلب علی القول بالطبیعة إنما یتعلق بها باعتبار وجودها فی الخارج ضرورة أن الطبیعة من حیث هی لیست إلا هی لا مطلوبة و لا غیر مطلوبة و بهذا الاعتبار کانت مرددة بین المرة و التکرار بکلا المعنیین فیصح النزاع فی دلالة الصیغة علی المرة و التکرار بالمعنیین و عدمها.


1- المتوهم هو صاحب الفصول، الفصول/ 71.

ص: 79

أما بالمعنی الأول فواضح و أما بالمعنی الثانی فلوضوح أن المراد من الفرد أو الأفراد وجود واحد أو وجودات و إنما عبر بالفرد لأن وجود الطبیعة فی الخارج هو الفرد غایة الأمر خصوصیته و تشخصه علی القول بتعلق الأمر بالطبائع یلازم المطلوب و خارج عنه بخلاف القول بتعلقه بالأفراد فإنه مما یقومه.

تنبیه [فی ما یحصل به الامتثال]

لا إشکال بناء علی القول بالمرة فی الامتثال و أنه لا مجال للإتیان بالمأمور به ثانیا علی أن یکون أیضا به الامتثال فإنه من الامتثال بعد الامتثال و أما علی المختار من دلالته علی طلب الطبیعة من دون دلالة علی المرة و لا علی التکرار فلا یخلو الحال إما أن لا یکون هناک إطلاق الصیغة فی مقام البیان بل فی مقام الإهمال أو الإجمال فالمرجع هو الأصل و إما أن یکون إطلاقها فی ذلک المقام فلا إشکال فی الاکتفاء بالمرة فی الامتثال و إنما الإشکال فی جواز أن لا یقتصر علیها فإن لازم إطلاق الطبیعة المأمور بها هو الإتیان بها مرة أو مرارا لا لزوم الاقتصار علی المرة کما لا یخفی.

و التحقیق أن قضیة الإطلاق إنما هو جواز الإتیان بها مرة فی ضمن فرد أو أفراد فیکون إیجادها فی ضمنها نحوا من الامتثال کإیجادها فی ضمن الواحد لا جواز الإتیان بها مرة و مرات فإنه مع الإتیان بها مرة لا محالة یحصل الامتثال و یسقط به الأمر فیما إذا کان امتثال الأمر علة تامة لحصول الغرض الأقصی بحیث یحصل بمجرده فلا یبقی معه مجال لإتیانه ثانیا بداعی امتثال آخر أو بداعی أن یکون الإتیانان امتثالا واحدا لما عرفت من حصول الموافقة بإتیانها و سقوط الغرض معها و سقوط الأمر بسقوطه فلا یبقی مجال لامتثاله أصلا و أما إذا لم یکن الامتثال علة تامة لحصول الغرض کما إذا أمر بالماء لیشرب أو یتوضأ فأتی به و لم یشرب أو لم یتوضأ فعلا فلا یبعد صحة تبدیل الامتثال بإتیان فرد آخر أحسن منه بل

ص: 80

مطلقا کما کان له ذلک قبله علی ما یأتی بیانه فی الإجزاء.

المبحث التاسع [الفور و التراخی]
اشارة

الحق أنه لا دلالة للصیغة لا علی الفور و لا علی التراخی نعم قضیة إطلاقها جواز التراخی و الدلیل علیه تبادر طلب إیجاد الطبیعة منها بلا دلالة علی تقییدها بأحدهما فلا بد فی التقیید من دلالة أخری کما ادعی دلالة غیر واحد من الآیات علی الفوریة.

و فیه منع ضرورة أن سیاق آیة وَ سارِعُوا إِلی مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ(1)و کذا آیة فَاسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ(2)إنما هو البعث نحو المسارعة إلی المغفرة و الاستباق إلی الخیر من دون استتباع ترکهما للغضب و الشر ضرورة أن ترکهما لو کان مستتبعا للغضب و الشر کان البعث بالتحذیر عنهما أنسب کما لا یخفی فافهم.

مع لزوم کثرة تخصیصه فی المستحبات و کثیر من الواجبات بل أکثرها فلا بد من حمل الصیغة فیهما علی خصوص الندب أو مطلق الطلب و لا یبعد دعوی استقلال العقل بحسن المسارعة و الاستباق و کان ما ورد من الآیات و الروایات فی مقام البعث نحوه إرشادا إلی ذلک کالآیات و الروایات الواردة فی الحث علی أصل الإطاعة فیکون الأمر فیها لما یترتب علی المادة بنفسها و لو لم یکن هناک أمر بها کما هو الشأن فی الأوامر الإرشادیة فافهم.

تتمة [ثمرة دلالة الصیغة علی الفور]

بناء علی القول بالفور فهل قضیة الأمر الإتیان فورا ففورا بحیث لو عصی لوجب علیه الإتیان به فورا أیضا فی الزمان الثانی أو لا وجهان مبنیان علی أن مفاد الصیغة علی هذا القول هو وحدة المطلوب أو تعدده و لا یخفی أنه لو قیل بدلالتها علی الفوریة لما کان لها دلالة علی نحو


1- آل عمران: 133.
2- البقرة: 148، المائدة: 48.

ص: 81

المطلوب من وحدته أو تعدده فتدبر جیدا.

الفصل الثالث [فی الإجزاء]

اشارة

الإتیان بالمأمور به علی وجهه یقتضی الإجزاء فی الجملة بلا شبهة

و قبل الخوض فی تفصیل المقام و بیان النقض و الإبرام ینبغی تقدیم أمور
أحدها [المراد بالوجه فی العنوان]

الظاهر أن المراد من وجهه فی العنوان هو النهج الذی ینبغی أن یؤتی به علی ذاک النهج شرعا و عقلا مثل أن یؤتی به بقصد التقرب فی العبادة لا خصوص الکیفیة المعتبرة فی المأمور به شرعا فإنه علیه یکون علی وجهه قیدا توضیحیا و هو بعید مع أنه یلزم خروج التعبدیات عن حریم النزاع بناء علی المختار کما تقدم من أن قصد القربة من کیفیات الإطاعة عقلا لا من قیود المأمور به شرعا و لا الوجه المعتبر عند بعض الأصحاب(1)فإنه مع عدم اعتباره عند المعظم و عدم اعتباره عند من اعتبره إلا فی خصوص العبادات لا مطلق الواجبات لا وجه لاختصاصه بالذکر علی تقدیر الاعتبار فلا بد من إرادة ما یندرج فیه من المعنی و هو ما ذکرناه کما لا یخفی.

ثانیها [معنی الاقتضاء]

الظاهر أن المراد من الاقتضاء هاهنا الاقتضاء بنحو العلیة و التأثیر لا بنحو الکشف و الدلالة و لذا نسب إلی الإتیان لا إلی الصیغة.

إن قلت هذا إنما یکون کذلک بالنسبة إلی أمره و أما بالنسبة إلی أمر آخر کالإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری أو الظاهری بالنسبة إلی الأمر الواقعی فالنزاع فی الحقیقة فی دلالة دلیلهما علی اعتباره بنحو یفید الإجزاء أو بنحو آخر لا یفیده.


1- من المتکلمین، و أشار الیه فی مطارح الأنظار/ 19.

ص: 82

قلت نعم لکنه لا ینافی کون النزاع فیهما کان فی الاقتضاء بالمعنی المتقدم غایته أن العمدة فی سبب الاختلاف فیهما إنما هو الخلاف فی دلالة دلیلهما هل إنه علی نحو یستقل العقل بأن الإتیان به موجب للإجزاء و یؤثر فیه و عدم دلالته و یکون النزاع فیه صغرویا أیضا بخلافه فی الإجزاء بالإضافة إلی أمره فإنه لا یکون إلا کبرویا لو کان هناک نزاع کما نقل عن بعض(1)فافهم.

ثالثها [معنی الإجزاء]

الظاهر أن الإجزاء هاهنا بمعناه لغة و هو الکفایة(2)و إن کان یختلف ما یکفی عنه فإن الإتیان بالمأمور به بالأمر الواقعی یکفی فیسقط به التعبد به ثانیا و بالأمر الاضطراری أو الظاهری الجعلی فیسقط به القضاء لا أنه یکون هاهنا اصطلاحا بمعنی إسقاط التعبد أو القضاء فإنه بعید جدا.

رابعها الفرق بین هذه المسألة و مسألة المرة و التکرار
رابعها الفرقبین هذه المسألة و مسألة المرة و التکرار

لا یکاد (3)یخفی فإن البحث هاهنا فی أن الإتیان بما هو المأمور به یجزی عقلا بخلافه فی تلک المسألة فإنه فی تعیین ما هو المأمور به شرعا بحسب دلالة الصیغة بنفسها أو بدلالة أخری.

نعم کان التکرار عملا موافقا لعدم الإجزاء لکنه لا بملاکه و هکذا الفرق بینها و بین مسألة تبعیة القضاء للأداء فإن البحث فی تلک المسألة فی دلالة الصیغة علی التبعیة و عدمها بخلاف هذه المسألة فإنه کما عرفت فی


1- و هو القاضی عبد الجبار، راجع المعتمد 1/ 90.
2- اجزأ الشی ء إیای: کفانی. القاموس المحیط 1/ 10 مادة الجزء. أجزأنی الشی ء: کفانی. مجمع البحرین 1/ 85 مادة جزأ.
3- راجع مطارح الأنظار/ 19.

ص: 83

أن الإتیان بالمأمور به یجزی عقلا عن إتیانه ثانیا أداء أو قضاء أو لا یجزی فلا علقة بین المسألة و المسألتین أصلا.

إذا عرفت هذه الأمور فتحقیق المقام یستدعی البحث و الکلام فی موضعین.

[الموضع] الأول [إجزاء الإتیان بالمأمور به مطلقا عن أمره دون غیره]

أن الإتیان بالمأمور به بالأمر الواقعی بل(1)بالأمر الاضطراری أو الظاهری أیضا یجزی عن التعبد به ثانیا لاستقلال العقل بأنه لا مجال مع موافقة الأمر بإتیان المأمور به علی وجهه لاقتضائه التعبد به ثانیا.

نعم لا یبعد أن یقال بأنه یکون للعبد تبدیل الامتثال و التعبد به ثانیا بدلا عن التعبد به أولا لا منضما إلیه کما أشرنا إلیه فی المسألة السابقة(2)و ذلک فیما علم أن مجرد امتثاله لا یکون علة تامة لحصول الغرض و إن کان وافیا به لو اکتفی به کما إذا أتی بماء أمر به مولاه لیشربه فلم یشربه بعد فإن الأمر بحقیقته و ملاکه لم یسقط بعد و لذا لو أهریق(3)الماء و اطلع علیه العبد وجب علیه إتیانه ثانیة کما إذا لم یأت به أولا ضرورة بقاء طلبه ما لم یحصل غرضه الداعی إلیه و إلا لما أوجب حدوثه فحینئذ یکون له الإتیان بماء آخر موافق للأمر کما کان له قبل إتیانه الأول بدلا عنه.

نعم فیما کان الإتیان علة تامة لحصول الغرض فلا یبقی موقع للتبدیل کما إذا أمر بإهراق الماء فی فمه لرفع عطشه فأهرقه بل لو لم یعلم أنه من أی القبیل فله التبدیل باحتمال أن لا یکون علة فله إلیه سبیل و یؤید ذلک بل یدل علیه ما ورد من الروایات فی باب إعادة من صلی فرادی


1- فی نسختی أ و ب بل او....
2- راجع تنبیه المبحث الثامن من هذا الکتاب/ 79.
3- فی ب: أهرق.

ص: 84

جماعة(1)و أن الله تعالی یختار أحبهما إلیه.

الموضع الثانی
اشارة

و فیه مقامان

المقام الأول [إجزاء الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری عن الأمر الواقعی]

فی أن الإتیان بالمأمور به بالأمر الاضطراری هل یجزی عن الإتیان بالمأمور به بالأمر الواقعی ثانیا بعد رفع الاضطرار فی الوقت إعادة و فی خارجه قضاء أو لا یجزی.

تحقیق الکلام فیه یستدعی التکلم فیه تارة فی بیان ما یمکن أن یقع علیه الأمر الاضطراری من الأنحاء و بیان ما هو قضیة کل منها من الإجزاء و عدمه و أخری فی تعیین ما وقع علیه.

فاعلم أنه یمکن أن یکون التکلیف الاضطراری فی حال الاضطرار کالتکلیف الاختیاری فی حال الاختیار وافیا بتمام المصلحة و کافیا فیما هو المهم و الغرض و یمکن أن لا یکون وافیا به کذلک بل یبقی منه شی ء أمکن استیفاؤه أو لا یمکن و ما أمکن کان بمقدار یجب تدارکه أو یکون بمقدار یستحب و لا یخفی أنه إن کان وافیا به یجزی فلا یبقی مجال أصلا للتدارک لا قضاء و لا إعادة و کذا لو لم یکن وافیا و لکن لا یمکن تدارکه و لا یکاد یسوغ له البدار فی هذه الصورة إلا لمصلحة کانت فیه لما فیه من نقض الغرض و تفویت مقدار من المصلحة لو لا مراعاة ما هو فیه من الأهم فافهم.

لا یقال علیه فلا مجال لتشریعه و لو بشرط الانتظار لإمکان استیفاء الغرض بالقضاء.


1- الکافی: 3/ 379، باب الرجل یصلی وحده من کتاب الصلاة. التهذیب: 3/ 269 الحدیث 94، و صفحة 270 الحدیث 95 الی 98 الباب 25. الفقیه: 1/ 251. الحدیث 41 الی 43 من باب الجماعة و فضلها.

ص: 85

فإنه یقال هذا کذلک لو لا المزاحمة بمصلحة الوقت و أما تسویغ البدار أو إیجاب الانتظار فی الصورة الأولی فیدور مدار کون العمل بمجرد الاضطرار مطلقا أو بشرط الانتظار أو مع الیأس عن طرو الاختیار ذا مصلحة و وافیا بالغرض.

و إن لم یکن وافیا و قد أمکن تدارک الباقی(1)فی الوقت أو مطلقا و لو بالقضاء خارج الوقت فإن کان الباقی مما یجب تدارکه فلا یجزی بل لا بد(2)من إیجاب الإعادة أو القضاء و إلا فیجزی و لا مانع عن البدار فی الصورتین غایة الأمر یتخیر فی الصورة الأولی بین البدار و الإتیان بعملین العمل الاضطراری فی هذا الحال و العمل الاختیاری بعد رفع الاضطرار أو الانتظار و الاقتصار بإتیان ما هو تکلیف المختار و فی الصورة الثانیة یجزی البدار و یستحب الإعادة بعد طرو الاختیار.

هذا کله فیما یمکن أن یقع علیه الاضطراری من الأنحاء و أما ما وقع علیه فظاهر إطلاق دلیله مثل قوله تعالی فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً(3)و (قوله علیه السلام: التراب أحد الطهورین(4)و یکفیک عشر سنین(5)) هو الإجزاء و عدم وجوب الإعادة أو القضاء و لا بد فی إیجاب الإتیان به ثانیا من دلالة دلیل بالخصوص.

و بالجملة فالمتبع هو الإطلاق لو کان و إلا فالأصل و هو یقتضی البراءة من إیجاب الإعادة لکونه شکا فی أصل التکلیف و کذا عن إیجاب


1- فی ب: ما بقی منه.
2- فی أ: و لا بد.
3- النساء: 43، المائدة: 6.
4- التهذیب: 1/ 196- 197، 200 باب التیمم و أحکامه. الکافی: 3/ 64. باب الوقت الذی یوجب التیمم، مع اختلاف فی الألفاظ.
5- التهذیب: 1/ 194، الدحیث 35، التیمم و أحکامه، و صفحة 199، الحدیث 52.

ص: 86

القضاء بطریق أولی نعم لو دل دلیله علی أن سببه فوت الواقع و لو لم یکن هو فریضة کان القضاء واجبا علیه لتحقق سببه و إن أتی بالغرض لکنه مجرد الفرض.

المقام الثانی فی إجزاء الإتیان بالمأمور به بالأمر الظاهری

و عدمه.

و التحقیق أن ما کان منه یجری فی تنقیح ما هو موضوع التکلیف و تحقیق متعلقه و کان بلسان تحقق ما هو شرطه أو شطره کقاعدة الطهارة أو الحلیة بل و استصحابهما فی وجه قوی و نحوها بالنسبة إلی کل ما اشترط بالطهارة أو الحلیة یجزی فإن دلیله یکون حاکما علی دلیل الاشتراط و مبینا لدائرة الشرط و أنه أعم من الطهارة الواقعیة و الظاهریة فانکشاف الخلاف فیه لا یکون موجبا لانکشاف فقدان العمل لشرطه بل بالنسبة إلیه یکون من قبیل ارتفاعه من حین ارتفاع الجهل و هذا بخلاف ما کان منها بلسان أنه ما هو الشرط واقعا کما هو لسان الأمارات فلا یجزی فإن دلیل حجیته حیث کان بلسان أنه واجد لما هو شرطه الواقعی فبارتفاع الجهل ینکشف أنه لم یکن کذلک بل کان لشرطه فاقدا(1).

هذا علی ما هو الأظهر الأقوی فی الطرق و الأمارات من أن حجیتها لیست بنحو السببیة و أما بناء علیها و أن العمل بسبب أداء أمارة إلی وجدان شرطه أو شطره یصیر حقیقة صحیحا کأنه واجد له مع کونه فاقدة فیجزی لو کان الفاقد معه فی هذا الحال کالواجد فی کونه وافیا بتمام الغرض و لا یجزی لو لم یکن کذلک و یجب الإتیان بالواجد لاستیفاء الباقی إن وجب و إلا لاستحب.

هذا مع إمکان استیفائه و إلا فلا مجال لإتیانه کما عرفت فی الأمر الاضطراری.


1- فی أ و ب: فاقد.

ص: 87

و لا یخفی أن قضیة إطلاق دلیل الحجیة علی هذا هو الاجتزاء بموافقته أیضا هذا فیما إذا أحرز أن الحجیة بنحو الکشف و الطریقیة أو بنحو الموضوعیة و السببیة و أما إذا شک فیها(1)و لم یحرز أنها علی أی الوجهین فأصالة عدم الإتیان بما یسقط معه التکلیف مقتضیة للإعادة فی الوقت و استصحاب عدم کون التکلیف بالواقع فعلیا فی الوقت لا یجدی و لا یثبت کون ما أتی به مسقطا إلا علی القول بالأصل المثبت و قد علم اشتغال ذمته بما یشک فی فراغها عنه بذلک المأتی.

و هذا بخلاف ما إذا علم أنه مأمور به واقعا و شک فی أنه یجزی عما هو المأمور به الواقعی الأولی کما فی الأوامر الاضطراریة أو الظاهریة بناء علی أن یکون الحجیة علی نحو السببیة فقضیة الأصل فیها کما أشرنا إلیه عدم وجوب الإعادة للإتیان بما اشتغلت به الذمة یقینا و أصالة عدم فعلیة التکلیف الواقعی بعد رفع الاضطرار و کشف الخلاف.

و أما القضاء فلا یجب بناء علی أنه فرض جدید و کان الفوت المعلق علیه وجوبه لا یثبت بأصالة عدم الإتیان إلا علی القول بالأصل المثبت و إلا فهو واجب کما لا یخفی علی المتأمل فتأمل جیدا.

ثم إن هذا کله فیما یجری فی متعلق التکالیف من الأمارات الشرعیة و الأصول العملیة و أما ما یجری فی إثبات أصل التکلیف کما إذا قام الطریق أو الأصل علی وجوب صلاة الجمعة یومها فی زمان الغیبة فانکشف بعد أدائها وجوب صلاة الظهر فی زمانها فلا وجه لإجزائها مطلقا غایة الأمر أن تصیر صلاة الجمعة فیها أیضا ذات مصلحة لذلک و لا ینافی هذا بقاء صلاة الظهر علی ما هی علیه من المصلحة کما لا یخفی إلا أن یقوم دلیل بالخصوص علی عدم وجوب صلاتین فی یوم واحد.


1- أثبتناها من أ .

ص: 88

تذنیبان
الأول [الإجزاء فی القطع بالأمر خطأ]

لا ینبغی توهم الإجزاء فی القطع بالأمر فی صورة الخطإ فإنه لا یکون موافقة للأمر فیها و بقی الأمر بلا موافقة أصلا و هو أوضح من أن یخفی نعم ربما یکون ما قطع بکونه مأمورا به مشتملا علی المصلحة فی هذا الحال أو علی مقدار منها و لو فی غیر الحال غیر ممکن مع استیفائه استیفاء الباقی منها و معه لا یبقی مجال لامتثال الأمر الواقعی و هکذا الحال فی الطرق فالإجزاء لیس لأجل اقتضاء امتثال الأمر القطعی أو الطریقی للإجزاء بل إنما هو لخصوصیة اتفاقیة فی متعلقهما کما فی الإتمام و القصر و الإخفات و الجهر.

الثانی [الفرق بین التصویب و الإجزاء]

لا یذهب علیک أن الإجزاء فی بعض موارد الأصول و الطرق و الأمارات علی ما عرفت تفصیله لا یوجب التصویب المجمع علی بطلانه فی تلک الموارد فإن الحکم الواقعی بمرتبته محفوظ فیها فإن الحکم المشترک بین العالم و الجاهل و الملتفت و الغافل لیس إلا الحکم الإنشائی المدلول علیه بالخطابات المشتملة علی بیان الأحکام للموضوعات بعناوینها الأولیة بحسب ما یکون فیها من المقتضیات و هو ثابت فی تلک الموارد کسائر موارد الأمارات و إنما المنفی فیها لیس إلا الحکم الفعلی البعثی و هو منفی فی غیر موارد الإصابة و إن لم نقل بالإجزاء فلا فرق بین الإجزاء و عدمه إلا فی سقوط التکلیف بالواقع بموافقة الأمر الظاهری و عدم سقوطه بعد انکشاف عدم الإصابة و سقوط التکلیف بحصول غرضه أو لعدم إمکان تحصیله غیر التصویب المجمع علی بطلانه و هو خلو الواقعة عن الحکم غیر ما أدت إلیه الأمارة کیف و کان الجهل بها بخصوصیتها أو بحکمها مأخوذا فی موضوعها فلا بد من أن یکون الحکم الواقعی بمرتبته محفوظا فیها کما لا یخفی.

ص: 89

فصل فی مقدمة الواجب

و قبل الخوض فی المقصود ینبغی رسم أمور
الأول [المسألة فقهیة أم أصولیة أم عقلیة]

الظاهر أن المهم المبحوث عنه فی هذه المسألة البحث عن الملازمة بین وجوب الشی ء و وجوب مقدمته فتکون مسألة أصولیة لا عن نفس وجوبها کما هو المتوهم من بعض العناوین(1)کی تکون فرعیة و ذلک لوضوح أن البحث کذلک لا یناسب الأصولی و الاستطراد لا وجه له بعد إمکان أن یکون البحث علی وجه تکون عن المسائل الأصولیة.

ثم الظاهر أیضا أن المسألة عقلیة و الکلام فی استقلال العقل بالملازمة و عدمه لا لفظیة کما ربما یظهر من صاحب المعالم(2)حیث استدل علی النفی بانتفاء الدلالات الثلاث مضافا إلی أنه ذکرها فی مباحث الألفاظ ضرورة(3)أنه إذا کان نفس الملازمة بین وجوب الشی ء و وجوب مقدمته ثبوتا محل الإشکال فلا مجال لتحریر النزاع فی الإثبات و الدلالة علیها بإحدی الدلالات الثلاث کما لا یخفی.

الأمر الثانی [فی تقسیمات المقدمة]
اشارة

أنه ربما تقسم المقدمة إلی تقسیمات.

[تقسیم المقدمة إلی داخلیة و خارجیة]

منها تقسیمها إلی داخلیة و هی الأجزاء المأخوذة فی الماهیة المأمور بها و الخارجیة و هی الأمور الخارجة عن ماهیته مما لا یکاد یوجد بدونه.


1- کما فی حاشیة القزوینی ( ره) علی القوانین. و ربما یتوهم من عنوان البدائع/ 296 عند قوله أحدهما... فی آخر الصفحة.
2- معالم الدین فی الأصول/ 61، فی مقدمة الواجب.
3- معالم الدین فی الأصول/ 61، فی مقدمة الواجب.

ص: 90

و ربما یشکل(1)فی کون الأجزاء مقدمة له و سابقة علیه بأن المرکب لیس إلا نفس الأجزاء بأسرها.

و الحال أن المقدمة هی نفس الأجزاء بالأسر و ذو المقدمة هو الأجزاء بشرط الاجتماع فیحصل المغایرة بینهما و بذلک ظهر أنه لا بد فی اعتبار الجزئیة أخذ الشی ء بلا شرط کما لا بد فی اعتبار الکلیة من اعتبار اشتراط الاجتماع.

و کون الأجزاء الخارجیة کالهیولی و الصورة هی الماهیة المأخوذة بشرط لا ینافی ذلک فإنه إنما یکون فی مقام الفرق بین نفس الأجزاء الخارجیة و التحلیلیة من الجنس و الفصل و أن الماهیة إذا أخذت بشرط لا تکون هیولی أو صورة و إذا أخذت لا بشرط تکون جنسا أو فصلا لا بالإضافة إلی المرکب فافهم.

ثم لا یخفی أنه (ینبغی خروج الأجزاء عن محل النزاع کما صرح به بعض(2)) و ذلک لما عرفت من کون الأجزاء بالأسر عین المأمور به ذاتا و إنما کانت المغایرة بینهما اعتبارا فتکون واجبة بعین وجوبه و مبعوثا إلیها بنفس الأمر الباعث إلیه فلا تکاد تکون واجبة بوجوب آخر لامتناع اجتماع المثلین و لو قیل بکفایة تعدد الجهة و جواز اجتماع الأمر و النهی معه لعدم تعددها هاهنا لأن الواجب بالوجوب الغیری لو کان إنما هو نفس الأجزاء لا عنوان مقدمیتها و التوسل بها إلی المرکب المأمور به ضرورة أن الواجب بهذا الوجوب ما کان بالحمل الشائع مقدمة لأنه المتوقف علیه لا عنوانها نعم یکون هذا العنوان علة لترشح الوجوب علی المعنون.


1- هو المحقق صاحب حاشیة المعالم.
2- و هو سلطان العلماء کما فی بدائع الأفکار/ 299.

ص: 91

فانقدح بذلک فساد توهم اتصاف کل جزء من أجزاء الواجب بالوجوب النفسی و الغیری باعتبارین فباعتبار کونه فی ضمن الکل واجب نفسی و باعتبار کونه مما یتوسل به إلی الکل واجب غیری اللهم إلا أن یرید أن فیه ملاک الوجوبین و إن کان واجبا بوجوب واحد نفسی لسبقه فتأمل [1].

هذا کله فی المقدمة الداخلیة و أما المقدمة الخارجیة فهی ما کان خارجا عن المأمور به و کان له دخل فی تحققه لا یکاد یتحقق بدونه و قد ذکر لها أقسام و أطیل الکلام فی تحدیدها بالنقض و الإبرام إلا أنه غیر مهم فی المقام.

و منها تقسیمها إلی العقلیة و الشرعیة و العادیة.

فالعقلیة هی(1)ما استحیل واقعا وجود ذی المقدمة بدونه.

و الشرعیة علی ما قیل ما استحیل وجوده بدونه شرعا و لکنه لا یخفی رجوع الشرعیة إلی العقلیة ضرورة أنه لا یکاد یکون مستحیلا ذلک شرعا إلا إذا أخذ فیه شرطا و قیدا و استحالة المشروط و المقید بدون شرطه و قیده یکون عقلیا.

و أما العادیة فإن کانت بمعنی أن یکون التوقف علیها بحسب العادة بحیث یمکن تحقق ذیها بدونها إلا أن العادة جرت علی الإتیان به بواسطتها فهی و إن کانت غیر راجعة إلی العقلیة إلا أنه لا ینبغی توهم دخولها فی محل

[1] وجهه: إنه لا یکون فیه أیضا ملاک الوجوب الغیری، حیث أنه لا وجود له غیر وجوده فی ضمن الکل یتوقف علی وجوده، و بدونه لا وجه لکونه مقدمة، کی یجب بوجوبه أصلا، کما لا یخفی. و بالجملة: لا یکاد یجدی تعدد الاعتبار الموجب للمغایرة بین الأجزاء و الکل فی هذا الباب، و حصول ملاک وجوب الغیری المترشح من وجوب ذی المقدمة علیها، لو قیل بوجوبها، فافهم (منه قدس سره).


1- فی أ و ب فهی.

ص: 92

النزاع و إن کانت بمعنی أن التوقف علیها و إن کان فعلا واقعیا کنصب السلم و نحوه للصعود علی السطح إلا أنه لأجل عدم التمکن من الطیران الممکن عقلا فهی أیضا راجعة إلی العقلیة ضرورة استحالة الصعود بدون مثل النصب عقلا لغیر الطائر فعلا و إن کان طیرانه ممکنا ذاتا فافهم.

و منها تقسیمها إلی مقدمة الوجود و مقدمة الصحة و مقدمة الوجوب و مقدمة العلم

. لا یخفی رجوع مقدمة الصحة إلی مقدمة الوجود و لو علی القول بکون الأسامی موضوعة للأعم ضرورة أن الکلام فی مقدمة الواجب لا فی مقدمة المسمی بأحدها کما لا یخفی.

و لا إشکال فی خروج مقدمة الوجوب عن محل النزاع و بداهة عدم اتصافها بالوجوب من قبل الوجوب المشروط بها و کذلک المقدمة العلمیة و إن استقل العقل بوجوبها إلا أنه من باب وجوب الإطاعة إرشادا لیؤمن من العقوبة علی مخالفة الواجب المنجز لا مولویا من باب الملازمة و ترشح الوجوب علیها من قبل وجوب ذی المقدمة.

و منها تقسیمها إلی المتقدم و المقارن و المتأخر
اشارة

بحسب الوجود بالإضافة إلی ذی المقدمة و حیث إنها کانت من أجزاء العلة و لا بد من تقدمها بجمیع أجزائها علی المعلول أشکل الأمر فی المقدمة المتأخرة کالأغسال اللیلیة المعتبرة فی صحة صوم المستحاضة عند بعض و الإجازة فی صحة العقد علی الکشف کذلک بل فی الشرط أو المقتضی المتقدم علی المشروط زمانا المتصرم حینه کالعقد فی الوصیة و الصرف و السلم بل فی کل عقد بالنسبة إلی غالب أجزائه لتصرمها حین تأثیره مع ضرورة اعتبار مقارنتها معه زمانا فلیس إشکال انخرام القاعدة العقلیة مختصا بالشرط المتأخر فی

ص: 93

الشرعیات کما اشتهر فی الألسنة بل یعم الشرط و المقتضی المتقدمین المتصرمین حین الأثر.

[تحقیق الشرط المتأخر]

و التحقیق فی رفع هذا الإشکال أن یقال إن الموارد التی توهم انخرام القاعدة فیها لا یخلو إما یکون المتقدم أو المتأخر شرطا للتکلیف أو الوضع أو المأمور به. أما الأول فکون أحدهما شرطا له لیس إلا أن للحاظه دخلا فی تکلیف الأمر کالشرط المقارن بعینه فکما أن اشتراطه بما یقارنه لیس إلا أن لتصوره دخلا فی أمره بحیث لولاه لما کاد یحصل له الداعی إلی الأمر کذلک المتقدم أو المتأخر و بالجملة حیث کان الأمر من الأفعال الاختیاریة کان من مبادئه بما هو کذلک تصور الشی ء بأطرافه لیرغب فی طلبه و الأمر به بحیث لولاه لما رغب فیه و لما أراده و اختاره فیسمی کل واحد من هذه الأطراف التی لتصورها دخل فی حصول الرغبة فیه و إرادته شرطا لأجل دخل لحاظه فی حصوله کان مقارنا له أو لم یکن کذلک متقدما أو متأخرا فکما فی المقارن یکون لحاظه فی الحقیقة شرطا کان فیهما کذلک فلا إشکال و کذا الحال فی شرائط الوضع مطلقا و لو کان مقارنا فإن دخل شی ء فی الحکم به و صحة انتزاعه لدی الحاکم به لیس إلا ما کان بلحاظه یصح انتزاعه و بدونه لا یکاد یصح اختراعه عنده فیکون دخل کل من المقارن و غیره بتصوره و لحاظه و هو مقارن فأین انخرام القاعدة العقلیة فی غیر المقارن فتأمل تعرف و أما الثانی فکون شی ء شرطا للمأمور به لیس إلا ما یحصل لذات المأمور به بالإضافة إلیه وجه و عنوان به یکون حسنا أو متعلقا للغرض بحیث لولاها لما کان کذلک و اختلاف الحسن و القبح و الغرض باختلاف الوجوه و الاعتبارات الناشئة من الإضافات مما لا شبهة فیه و لا شک یعتریه و الإضافة کما تکون إلی المقارن تکون إلی المتأخر أو المتقدم بلا تفاوت أصلا کما لا یخفی علی المتأمل فکما تکون إضافة شی ء إلی مقارن له موجبا لکونه

ص: 94

معنونا بعنوان یکون بذلک العنوان حسنا و متعلقا للغرض کذلک إضافته إلی متأخر أو متقدم بداهة أن الإضافة إلی أحدهما ربما توجب ذلک أیضا فلو لا حدوث المتأخر فی محله لما کانت للمتقدم تلک الإضافة الموجبة لحسنه الموجب لطلبه و الأمر به کما هو الحال فی المقارن أیضا و لذلک أطلق علیه الشرط مثله بلا انخرام للقاعدة أصلا لأن المتقدم أو المتأخر کالمقارن لیس إلا طرف الإضافة الموجبة للخصوصیة الموجبة للحسن و قد حقق فی محله أنه بالوجوه و الاعتبارات و من الواضح أنها تکون بالإضافات.

فمنشأ توهم الانخرام إطلاق الشرط علی المتأخر و قد عرفت أن إطلاقه علیه فیه کإطلاقه علی المقارن إنما یکون لأجل کونه طرفا للإضافة الموجبة للوجه الذی یکون بذاک الوجه مرغوبا و مطلوبا کما کان فی الحکم لأجل دخل تصوره فیه کدخل تصور سائر الأطراف و الحدود التی لو لا لحاظها لما حصل له الرغبة فی التکلیف أو لما صح عنده الوضع.

و هذه خلاصة ما بسطناه من المقال فی دفع هذا الإشکال فی بعض فوائدنا(1)و لم یسبقنی إلیه أحد فیما أعلم فافهم و اغتنم.

و لا یخفی أنها بجمیع أقسامها داخلة فی محل النزاع و بناء علی الملازمة یتصف اللاحق بالوجوب کالمقارن و السابق إذ بدونه لا تکاد تحصل الموافقة و یکون سقوط الأمر بإتیان المشروط به مراعی بإتیانه فلو لا اغتسالها فی اللیل علی القول بالاشتراط لما صح الصوم فی الیوم.

الأمر الثالث فی تقسیمات الواجب
منها تقسیمه إلی المطلق و المشروط
اشارة

و قد ذکر لکل منهما تعریفات


1- تعلیقة المصنّف علی فرائد الأصول، کتاب الفوائد/ 302، فائدة فی تقدم الشرط علی المشروط.

ص: 95

و حدود تختلف بحسب ما أخذ فیها من القیود و ربما أطیل الکلام بالنقض و الإبرام(1)فی النقض علی الطرد و العکس مع أنها کما لا یخفی تعریفات لفظیة لشرح الاسم و لیست بالحد و لا بالرسم و الظاهر أنه لیس لهم اصطلاح جدید فی لفظ المطلق و المشروط بل یطلق کل منهما بما له من معناه العرفی کما أن الظاهر أن وصفی الإطلاق و الاشتراط وصفان إضافیان لا حقیقیان و إلا لم یکد یوجد واجب مطلق ضرورة اشتراط وجوب کل واجب ببعض الأمور لا أقل من الشرائط العامة کالبلوغ و العقل.

فالحری أن یقال إن الواجب مع کل شی ء یلاحظ معه إن کان وجوبه غیر مشروط به فهو مطلق بالإضافة إلیه و إلا فمشروط کذلک و إن کانا بالقیاس إلی شی ء آخر کانا بالعکس.

[رجوع القیود إلی الهیئة]
اشارة

ثم الظاهر أن الواجب المشروط کما أشرنا إلیه أن نفس الوجوب فیه مشروط بالشرط بحیث لا وجوب حقیقة و لا طلب واقعا قبل حصول الشرط کما هو ظاهر الخطاب التعلیقی ضرورة أن ظاهر خطاب إن جاءک زید فأکرمه کون الشرط من قیود الهیئة و أن طلب الإکرام و إیجابه معلق علی المجی ء لا أن الواجب فیه یکون مقیدا به بحیث یکون الطلب و الإیجاب فی الخطاب فعلیا و مطلقا و إنما الواجب یکون خاصا و مقیدا و هو الإکرام علی تقدیر المجی ء

[کلام الشیخ فی رجوع الشرط إلی المادة]

فیکون الشرط من قیود المادة لا الهیئة کما نسب ذلک إلی (شیخنا العلامة [1] أعلی الله مقامه مدعیا لامتناع کون الشرط من قیود الهیئة

[1] مطارح الأنظار/ 45- 46 و 52، فی مقدمة الواجب.

هو الشیخ مرتضی بن محمد امین الدزفولی الانصاری النجفی، ولد فی دزفول 1214، قرأ أوائل امره علی عمه الشیخ حسین ثم خرج مع والده الی زیارة مشاهد العراق و هو فی العشرین من عمره، بقی فی کربلاء آخذا عن الاستاذین السید محمد مجاهد و شریف العلماء اربع سنوات، ثم عاد الی وطنه، ثم رجع الی العراق و اخذ من الشیخ موسی الجعفری سنتین، عزم زیارة مشهد خراسان مارا فی طریقة علی کاشان، فاز بلقاء استاذه النراقی مما دعاه الی الاقامة فیها نحو ثلاث سنین، ورد دزفول سنة 1241 ثم عاد الی النجف الاشرف سنة 1249 فاختلف الی مدرسة الشیخ علی بن الشیخ جعفر، ثم انتقل بالتدریس و التالیف، و وضع اساس علم الاصول الحدیث، تخرج علیه المیرزا الشیرازی و المیرزا حبیب اللّه الرشتی و غیرهما له مؤلفات منها(2)فی الاصول و(3)انتهت الیه رئاسة الامامیة. توفی فی 18 جمادی الاخرة سنة 1281 و دفن فی المشهد الغروی (اعیان الشیعة 10/ 117).


1- مطارح الأنظار/ 43، الفصول/ 79، هدایة السمترشدین/ 192، قوانین الأصول 1/ 100، البدائع/ 304.
2- الرسائل
3- المکاسب

ص: 96

واقعا و لزوم کونه من قیود المادة لبا مع الاعتراف بأن قضیة القواعد العربیة أنه من قیود الهیئة ظاهرا.

أما امتناع کونه من قیود الهیئة فلأنه لا إطلاق فی الفرد الموجود من الطلب المتعلق بالفعل المنشإ بالهیئة حتی یصح القول بتقییده بشرط و نحوه فکل ما یحتمل رجوعه إلی الطلب الذی یدل علیه الهیئة فهو عند التحقیق راجع إلی نفس المادة.

و أما لزوم کونه من قیود المادة لبا فلأن العاقل إذا توجه إلی شی ء و التفت إلیه فإما أن یتعلق طلبه به أو لا یتعلق به طلبه أصلا لا کلام علی الثانی.

و علی الأول فإما أن یکون ذاک الشی ء موردا لطلبه و أمره مطلقا علی اختلاف طوارئه أو علی تقدیر خاص و ذلک التقدیر تارة یکون من الأمور الاختیاریة و أخری لا یکون کذلک و ما کان من الأمور الاختیاریة قد یکون مأخوذا فیه علی نحو یکون موردا للتکلیف و قد لا یکون کذلک علی اختلاف الأغراض الداعیة إلی طلبه و الأمر به من غیر فرق فی ذلک بین القول بتبعیة الأحکام للمصالح و المفاسد و القول بعدم التبعیة کما لا یخفی هذا موافق لما أفاده بعض الأفاضل(1)المقرر لبحثه بأدنی تفاوت)

[إشکال المصنف علی الشیخ قدس سرهما]

و لا یخفی ما فیه.


1- هو العلامة المیرزا ابو القاسم النوری ( ره)، علی ما فی مطارح الأنظار، کما تقدم آنفا.

ص: 97

أما حدیث عدم الإطلاق فی مفاد الهیئة فقد حققناه سابقا(1)أن کل واحد من الموضوع له و المستعمل فیه فی الحروف یکون عاما کوضعها و إنما الخصوصیة من قبل الاستعمال کالأسماء و إنما الفرق بینهما أنها وضعت لتستعمل و قصد بها المعنی بما هو هو و الحروف وضعت لتستعمل و قصد بها معانیها بما هی آلة و حالة لمعانی المتعلقات فلحاظ الآلیة کلحاظ الاستقلالیة لیس من طوارئ المعنی بل من مشخصات الاستعمال کما لا یخفی علی أولی الدرایة و النهی.

فالطلب المفاد من الهیئة المستعملة فیه مطلق قابل لأن یقید مع أنه لو سلم أنه فرد فإنما یمنع عن التقید لو أنشئ أولا غیر مقید لا ما إذا أنشئ من الأول مقیدا غایة الأمر قد دل علیه بدالین و هو غیر إنشائه أولا ثم تقییده ثانیا فافهم.

فإن قلت علی ذلک یلزم تفکیک الإنشاء من المنشإ حیث لا طلب قبل حصول الشرط.

قلت المنشأ إذا کان هو الطلب علی تقدیر حصوله فلا بد أن لا یکون قبل حصوله طلب و بعث و إلا لتخلف عن إنشائه و إنشاء أمر علی تقدیر کالإخبار به بمکان من الإمکان کما یشهد به الوجدان فتأمل جیدا.

و أما حدیث(2)لزوم رجوع الشرط إلی المادة لبا ففیه أن الشی ء إذا توجه إلیه و کان موافقا للغرض بحسب ما فیه من المصلحة أو غیرها کما یمکن أن یبعث فعلا إلیه و یطلبه حالا لعدم مانع عن طلبه کذلک یمکن أن یبعث إلیه معلقا و یطلبه استقبالا علی تقدیر شرط متوقع الحصول لأجل مانع عن الطلب


1- راجع صفحة 11 و 12 من هذا الکتاب، الأمر الثانی فی تعریف الوضع.
2- هذه هی الدعوی الإیجابیة التی ادعاها الشیخ ( قده)، من رجوع الشرط إلی المادة لبا. مطارح الأنظار/ 52، فی مقدمة الواجب.

ص: 98

و البعث فعلا قبل حصوله فلا یصح منه إلا الطلب و البعث معلقا بحصوله لا مطلقا و لو متعلقا بذاک علی التقدیر فیصح منه طلب الإکرام بعد مجی ء زید و لا یصح منه الطلب المطلق الحالی للإکرام المقید بالمجی ء هذا بناء علی تبعیة الأحکام لمصالح فیها فی غایة الوضوح.

و أما بناء علی تبعیتها للمصالح و المفاسد فی المأمور به و المنهی عنه فکذلک ضرورة أن التبعیة کذلک إنما تکون فی الأحکام الواقعیة بما هی واقعیة لا بما هی فعلیة فإن المنع عن فعلیة تلک الأحکام غیر عزیز کما فی موارد الأصول و الأمارات علی خلافها و فی بعض الأحکام فی أول البعثة بل إلی یوم قیام القائم عجل الله فرجه مع أن (: حلال محمد صلی الله علیه و آله حلال إلی یوم القیامة و حرامه حرام إلی یوم القیامة) و مع ذلک ربما یکون المانع عن فعلیة بعض الأحکام باقیا مر اللیالی و الأیام إلی أن تطلع شمس الهدایة و یرتفع(1)الظلام کما یظهر من الأخبار المرویة(2)عن الأئمة علیهم السلام.

[فائدة إنشاء الوجوب المشروط]

فإن قلت فما فائدة الإنشاء إذا لم یکن المنشأ به طلبا فعلیا و بعثا حالیا.

قلت کفی فائدة له أنه یصیر بعثا فعلیا بعد حصول الشرط بلا حاجة إلی خطاب آخر بحیث لولاه لما کان فعلا متمکنا من الخطاب هذا مع شمول الخطاب کذلک للإیجاب فعلا بالنسبة إلی الواجد للشرط فیکون بعثا فعلیا بالإضافة إلیه و تقدیریا بالنسبة إلی الفاقد له فافهم و تأمل جیدا.


1- فی ب: و ارتفع الظلام).
2- الکافی: 1، کتاب فضل العلم، باب البدع و الرأی و المقاییس الحدیث 19. الکافی: 2 کتاب الإیمان و الکفر، باب الشرائع، الحدیث 2 مع اختلاف یسیر.

ص: 99

ثم الظاهر دخول المقدمات الوجودیة للواجب المشروط فی محل النزاع(1)أیضا فلا وجه لتخصیصه بمقدمات الواجب المطلق غایة الأمر تکون فی الإطلاق و الاشتراط تابعة لذی المقدمة کأصل الوجوب بناء علی وجوبها من باب الملازمة.

و أما الشرط المعلق علیه الإیجاب فی ظاهر الخطاب فخروجه مما لا شبهة فیه و لا ارتیاب.

أما علی ما هو ظاهر المشهور و المتصور لکونه مقدمة وجوبیة.

و أما علی المختار لشیخنا العلامة(2)أعلی الله مقامه فلأنه و إن کان من المقدمات الوجودیة للواجب إلا أنه أخذ علی نحو لا یکاد یترشح علیه الوجوب منه فإنه جعل الشی ء واجبا علی تقدیر حصول ذاک الشرط فمعه کیف یترشح علیه الوجوب و یتعلق به الطلب و هل هو إلا طلب الحاصل نعم علی مختاره قدس سره لو کانت له مقدمات وجودیة غیر معلق علیها وجوبه لتعلق بها الطلب فی الحال علی تقدیر اتفاق وجود الشرط فی الاستقبال و ذلک لأن إیجاب ذی المقدمة علی ذلک حالی و الواجب إنما هو استقبالی کما یأتی فی الواجب المعلق(3)فإن الواجب المشروط علی مختاره هو بعینه ما اصطلح علیه صاحب الفصول(4)من المعلق فلا تغفل.

[وجوب المعرفة و التعلم]

هذا فی غیر المعرفة و التعلم من المقدمات و أما المعرفة فلا یبعد القول بوجوبها حتی فی الواجب المشروط بالمعنی المختار قبل حصول شرطه لکنه لا بالملازمة بل من باب استقلال العقل بتنجز الأحکام علی الأنام بمجرد قیام


1- کما فی مطارح الأنظار/ 44.
2- من رجوع الشرط إلی المادة لبّا، مطارح الأنظار/ 45- 46 و 52، فی مقدمة الواجب.
3- سیأتی فی الصفحة 103 من هذا الکتاب، عند قوله: و ربما أشکل... الخ.
4- الفصول/ 79 فی آخر الصفحة.

ص: 100

احتمالها إلا مع الفحص و الیأس عن الظفر بالدلیل علی التکلیف فیستقل بعده بالبراءة و أن العقوبة علی المخالفة بلا حجة و بیان و المؤاخذة علیها بلا برهان فافهم.

تذنیب [کیفیة إطلاق الواجب المنجز]

لا یخفی أن إطلاق الواجب علی الواجب المشروط بلحاظ حال حصول الشرط علی الحقیقة مطلقا و أما بلحاظ حال قبل حصوله فکذلک علی الحقیقة علی مختاره(1)قدس سره فی الواجب المشروط لأن الواجب و إن کان أمرا استقبالیا علیه إلا أن تلبسه بالوجوب فی الحال و مجاز علی المختار حیث لا تلبس بالوجوب علیه قبله کما (عن البهائی [1] رحمه الله تصریحه بأن لفظ الواجب مجاز فی المشروط بعلاقة الأول أو المشارفة).

و أما الصیغة مع الشرط فهی حقیقة علی کل حال لاستعمالها علی مختاره(2)قدس سره فی الطلب المطلق و علی المختار فی الطلب المقید علی نحو تعدد الدال و المدلول کما هو الحال فیما إذا أرید منها المطلق المقابل للمقید لا المبهم المقسم فافهم.

و منها تقسیمه إلی المعلق و المنجز
اشارة

(قال فی الفصول(3)إنه ینقسم

[1] زبدة الأصول/ 46 مخطوط.

هو بهاء الدین محمد بن الحسین بن عبد الصمد الجبعی العاملی، ولد فی بعلبک عام 953 ه- ، انتقل به والده و هو صغیر الی الدیار العجمیة، أخذ عن والده و غیره من الجهابذة، ولی بها شیخ الإسلام، ثم أخذ فی السیاحة ثلاثین سنة، و اجتمع فی أثناء ذلک بکثیر من أرباب الفضل، ثم عاد و قطن بأرض العجم، له کتب کثیرة منها الحبل المتین و الزبدة فی الاصول و حاشیة الشرح العضدی علی مختصر الأصول و غیرها، له شعر کثیر بالعربیة و الفارسیة. قال تلمیذه العلایمة المولی محمد تقی المجلسی: ما رأیت بکثرة علومه و وفور فضله و علوّ مرتبته أحدا، توفی سنة 1031. (أمل الآمل 1/ 155 رقم 158).


1- مطارح الأنظار/ 45- 46 و 52 فی مقدمة الواجب.
2- راجع المصدر المتقدم فی هامش رقم ( 1).
3- الفصول/ 79 آخر الصفحة.

ص: 101

باعتبار آخر إلی ما یتعلق وجوبه بالمکلف و لا یتوقف حصوله علی أمر غیر مقدور له کالمعرفة و لیسم منجزا و إلی ما یتعلق وجوبه به و یتوقف حصوله علی أمر غیر مقدور له و لیسم معلقا کالحج فإن وجوبه یتعلق بالمکلف من أول زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة و یتوقف فعله علی مجی ء وقته و هو غیر مقدور له و الفرق بین هذا النوع و بین الواجب المشروط هو أن التوقف هناک للوجوب و هنا للفعل انتهی کلامه رفع مقامه).

لا یخفی (أن شیخنا العلامة أعلی الله مقامه حیث اختار فی الواجب المشروط ذاک المعنی و جعل الشرط لزوما من قیود المادة ثبوتا و إثباتا حیث ادعی امتناع کونه من قیود الهیئة کذلک أی إثباتا و ثبوتا علی خلاف القواعد العربیة) و (ظاهر المشهور کما یشهد به ما تقدم آنفا عن البهائی أنکر(1)علی الفصول هذا التقسیم) ضرورة أن المعلق بما فسره یکون من المشروط بما اختار له من المعنی علی ذلک کما هو واضح حیث لا یکون حینئذ هناک معنی آخر معقول کان هو المعلق المقابل للمشروط.

و من هنا انقدح أنه فی الحقیقة إنما أنکر الواجب المشروط بالمعنی الذی یکون هو ظاهر المشهور و القواعد العربیة لا الواجب المعلق بالتفسیر المذکور.

و حیث قد عرفت بما لا مزید علیه إمکان رجوع الشرط إلی الهیئة کما هو ظاهر المشهور و ظاهر القواعد فلا یکون مجال لإنکاره علیه.

نعم یمکن أن یقال إنه لا وقع لهذا التقسیم لأنه بکلا قسمیه من المطلق المقابل للمشروط و خصوصیة(2)کونه حالیا أو استقبالیا لا توجبه ما لم


1- مطارح الانظار 51- 52. فی الهدایة 6 من القول فی وجوب مقدمة الواجب.
2- و فی چب: خصوصیته.

ص: 102

توجب الاختلاف فی المهم و إلا لکثر تقسیماته لکثرة الخصوصیات و لا اختلاف فیه فإن ما رتبه علیه من وجوب المقدمة فعلا کما یأتی إنما هو من أثر إطلاق وجوبه و حالیته لا من استقبالیة الواجب فافهم.

[الإشکال علی الواجب المعلق و دفعه]

ثم إنه (ربما حکی عن بعض أهل النظر(1)من أهل العصر إشکال فی الواجب المعلق و هو أن الطلب و الإیجاب إنما یکون بإزاء الإرادة المحرکة للعضلات نحو المراد فکما لا تکاد تکون الإرادة منفکة عن المراد فلیکن الإیجاب غیر منفک عما یتعلق به فکیف یتعلق بأمر استقبالی فلا یکاد یصح الطلب و البعث فعلا نحو أمر متأخر).

قلت فیه أن الإرادة تتعلق بأمر متأخر استقبالی کما تتعلق بأمر حالی و هو أوضح من أن یخفی علی عاقل فضلا عن فاضل ضرورة أن تحمل المشاق فی تحصیل المقدمات فیما إذا کان المقصود بعید المسافة و کثیر المئونة لیس إلا لأجل تعلق إرادته به و کونه مریدا له قاصدا إیاه لا یکاد یحمله علی التحمل إلا ذلک و لعل الذی أوقعه فی الغلط ما قرع سمعه من تعریف الإرادة بالشوق المؤکد المحرک للعضلات نحو المراد و توهم أن تحریکها نحو المتأخر مما لا یکاد و قد غفل عن أن کونه(2)محرکا نحوه یختلف حسب اختلافه فی کونه مما لا مئونة له کحرکة نفس العضلات أو مما له مئونة و مقدمات قلیلة أو کثیرة فحرکة العضلات تکون أعم من أن تکون بنفسها مقصودة أو مقدمة له و الجامع أن یکون نحو المقصود بل مرادهم من هذا الوصف فی تعریف الإرادة بیان مرتبة الشوق الذی یکون هو الإرادة و إن لم یکن هناک فعلا تحریک لکون المراد و ما اشتاق إلیه کمال الاشتیاق أمرا استقبالیا غیر محتاج إلی تهیئة مئونة أو تمهید مقدمة ضرورة أن شوقه إلیه ربما یکون أشد من الشوق


1- هو المحقق النهاوندی، تشریح الاصول.
2- هو المحقق النهاوندی، تشریح الاصول.

ص: 103

المحرک فعلا نحو أمر حالی أو استقبالی محتاج إلی ذلک.

هذا مع أنه لا یکاد یتعلق البعث إلا بأمر متأخر عن زمان البعث ضرورة أن البعث إنما یکون لإحداث الداعی للمکلف إلی المکلف به بأن یتصوره بما یترتب علیه من المثوبة و علی ترکه من العقوبة و لا یکاد یکون هذا إلا بعد البعث بزمان فلا محالة یکون البعث نحو أمر متأخر عنه بالزمان و لا یتفاوت طوله و قصره فیما هو ملاک الاستحالة و الإمکان فی نظر العقل الحاکم فی هذا الباب و لعمری ما ذکرناه واضح لا سترة علیه و الإطناب إنما هو لأجل رفع المغالطة الواقعة فی أذهان بعض الطلاب.

و ربما أشکل علی المعلق أیضا بعدم القدرة علی المکلف به فی حال البعث مع أنها من الشرائط العامة.

و فیه أن الشرط إنما هو القدرة علی الواجب فی زمانه لا فی زمان الإیجاب و التکلیف غایة الأمر یکون من باب الشرط المتأخر و قد عرفت بما لا مزید علیه أنه کالمقارن من غیر انخرام للقاعدة العقلیة أصلا فراجع.

ثم لا وجه لتخصیص المعلق بما یتوقف حصوله علی أمر غیر مقدور بل ینبغی تعمیمه إلی أمر مقدور متأخر أخذ علی نحو یکون موردا للتکلیف و یترشح علیه الوجوب من الواجب أو لا لعدم تفاوت فیما یهمه من وجوب تحصیل المقدمات التی لا یکاد یقدر علیها فی زمان الواجب علی المعلق دون المشروط لثبوت الوجوب الحالی فیه فیترشح منه الوجوب علی المقدمة بناء علی الملازمة دونه لعدم ثبوته فیه إلا بعد الشرط.

نعم لو کان الشرط علی نحو الشرط المتأخر و فرض وجوده کان الوجوب المشروط به حالیا أیضا فیکون وجوب سائر المقدمات الوجودیة للواجب أیضا حالیا و لیس الفرق بینه و بین المعلق حینئذ إلا کونه مرتبطا

ص: 104

بالشرط بخلافه و إن ارتبط به الواجب

تنبیه [وجوه دفع الإشکال فی فعلیة وجوب المقدمة قبل ذیها]

قد انقدح من مطاوی ما ذکرناه أن المناط فی فعلیة وجوب المقدمة الوجودیة و کونه فی الحال بحیث یجب علی المکلف تحصیلها هو فعلیة وجوب ذیها و لو کان أمرا استقبالیا کالصوم فی الغد و المناسک فی الموسم کان وجوبه مشروطا بشرط موجود أخذ فیه و لو متأخرا أو مطلقا منجزا کان أو معلقا فیما إذا لم تکن مقدمة للوجوب أیضا أو مأخوذة فی الواجب علی نحو یستحیل أن تکون موردا للتکلیف کما إذا أخذ عنوانا للمکلف کالمسافر و الحاضر و المستطیع إلی غیر ذلک أو جعل الفعل المقید باتفاق حصوله و تقدیر وجوده بلا اختیار أو باختیاره موردا للتکلیف ضرورة أنه لو کان مقدمة الوجوب أیضا لا یکاد یکون هناک وجوب إلا بعد حصوله و بعد الحصول یکون وجوبه طلب الحاصل کما أنه إذا أخذ علی أحد النحوین یکون کذلک فلو لم یحصل لما کان الفعل موردا للتکلیف و مع حصوله لا یکاد یصح تعلقه به فافهم.

إذا عرفت ذلک فقد عرفت أنه لا إشکال أصلا فی لزوم الإتیان بالمقدمة قبل زمان الواجب إذا لم یقدر علیه بعد زمانه فیما کان وجوبه حالیا مطلقا و لو کان مشروطا بشرط متأخر کان معلوم الوجود فیما بعد کما لا یخفی ضرورة فعلیة وجوبه و تنجزه بالقدرة علیه بتمهید مقدمته فیترشح منه الوجوب علیها علی الملازمة و لا یلزم منه محذور وجوب المقدمة قبل وجوب ذیها و إنما اللازم الإتیان بها قبل الإتیان به بل لزوم الإتیان بها عقلا و لو لم نقل بالملازمة لا یحتاج إلی مزید بیان و مئونة برهان کالإتیان بسائر المقدمات فی زمان الواجب قبل إتیانه.

فانقدح بذلک أنه لا ینحصر التفصی عن هذه العویصة بالتعلق بالتعلیق أو بما یرجع إلیه من جعل الشرط من قیود المادة فی المشروط.

ص: 105

فانقدح بذلک أنه لا إشکال فی الموارد التی یجب فی الشریعة الإتیان بالمقدمة قبل زمان الواجب کالغسل فی اللیل فی شهر رمضان و غیره مما وجب علیه الصوم فی الغد إذ یکشف به بطریق الإن عن سبق وجوب الواجب و إنما المتأخر هو زمان إتیانه و لا محذور فیه أصلا و لو فرض العلم بعدم سبقه لاستحالة اتصاف مقدمته بالوجوب الغیری فلو نهض دلیل علی وجوبها فلا محالة یکون وجوبها نفسیا [و لو](1)تهیؤا لیتهیأ بإتیانها و یستعد لإیجاب ذی المقدمة علیه فلا محذور أیضا.

إن قلت لو کان وجوب المقدمة فی زمان کاشفا عن سبق وجوب ذی المقدمة لزم وجوب جمیع مقدماته و لو موسعا و لیس کذلک بحیث یجب علیه المبادرة لو فرض عدم تمکنه منها لو لم یبادر.

قلت لا محیص عنه إلا إذا أخذ فی الواجب من قبل سائر المقدمات قدرة خاصة و هی القدرة علیه بعد مجی ء زمانه لا القدرة علیه فی زمانه من زمان وجوبه فتدبر جدا.

تتمة [تردد القید بین رجوعه إلی المادة أو الهیئة]

قد عرفت اختلاف القیود فی وجوب التحصیل و کونه موردا للتکلیف و عدمه فإن علم حال قید فلا إشکال و إن دار أمره ثبوتا بین أن یکون راجعا إلی الهیئة نحو الشرط المتأخر أو المقارن و أن یکون راجعا إلی المادة علی نهج یجب تحصیله أو لا یجب فإن کان فی مقام الإثبات ما یعین حاله و أنه راجع إلی أیهما من القواعد العربیة فهو و إلا فالمرجع هو الأصول العملیة.

و ربما قیل(2)فی الدوران بین الرجوع إلی الهیئة أو المادة بترجیح الإطلاق فی طرف الهیئة و تقیید المادة بوجهین.


1- أثبتناها من أ .
2- راجع مطارح الأنظار/ 49 الهدایة 5 من القول بوجوب المقدمة، فی الوجه الخامس

ص: 106

أحدهما أن إطلاق الهیئة یکون شمولیا کما فی شمول العام لأفراده فإن وجوب الإکرام علی تقدیر الإطلاق یشمل جمیع التقادیر التی یمکن أن یکون تقدیرا له و إطلاق المادة یکون بدلیا غیر شامل لفردین فی حالة واحدة.

ثانیهما أن تقیید الهیئة یوجب بطلان محل الإطلاق فی المادة و یرتفع به مورده بخلاف العکس و کلما دار الأمر بین تقییدین کذلک کان التقیید الذی لا یوجب بطلان الآخر أولی.

أما الصغری فلأجل أنه لا یبقی مع تقیید الهیئة محل حاجة و بیان لإطلاق المادة لأنها لا محالة لا تنفک عن وجود قید الهیئة بخلاف تقیید المادة فإن محل الحاجة إلی إطلاق الهیئة علی حاله فیمکن الحکم بالوجوب علی تقدیر وجوب القید و عدمه.

و أما الکبری فلأن التقیید و إن لم یکن مجازا إلا أنه خلاف الأصل و لا فرق فی الحقیقة بین تقیید الإطلاق و بین أن یعمل عملا یشترک مع التقیید فی الأثر و بطلان العمل به.

و ما ذکرناه من الوجهین موافق لما أفاده بعض مقرری بحث الأستاذ العلامة أعلی الله مقامه و أنت خبیر بما فیهما.

أما فی الأول فلأن مفاد إطلاق الهیئة و إن کان شمولیا بخلاف المادة إلا أنه لا یوجب ترجیحه علی إطلاقها لأنه أیضا کان بالإطلاق و مقدمات الحکمة غایة الأمر أنها تارة یقتضی العموم الشمولی و أخری البدلی کما ربما یقتضی التعیین أحیانا کما لا یخفی.

و ترجیح عموم العام علی إطلاق المطلق إنما هو لأجل کون دلالته بالوضع لا لکونه شمولیا بخلاف المطلق فإنه بالحکمة فیکون العام أظهر منه فیقدم علیه فلو فرض أنهما فی ذلک علی العکس فکان عام بالوضع دل علی العموم البدلی و مطلق بإطلاقه دل علی الشمول لکان العام

ص: 107

یقدم بلا کلام.

و أما فی الثانی فلأن التقیید و إن کان خلاف الأصل إلا أن العمل الذی یوجب عدم جریان مقدمات الحکمة و انتفاء بعض مقدماته لا یکون علی خلاف الأصل أصلا إذ معه لا یکون هناک إطلاق کی یکون بطلان العمل به فی الحقیقة مثل التقیید الذی یکون علی خلاف الأصل.

و بالجملة لا معنی لکون التقیید خلاف الأصل إلا کونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببرکة مقدمات الحکمة و مع انتفاء المقدمات لا یکاد ینعقد له هناک ظهور کان ذاک العمل المشارک مع التقیید فی الأثر و بطلان العمل بإطلاق المطلق مشارکا معه فی خلاف الأصل أیضا.

و کأنه توهم أن إطلاق المطلق کعموم العام ثابت و رفع الید عن العمل به تارة لأجل التقیید و أخری بالعمل المبطل للعمل به و هو فاسد لأنه لا یکون إطلاق إلا فیما جرت هناک المقدمات.

نعم إذا کان التقیید بمنفصل و دار الأمر بین الرجوع إلی المادة أو الهیئة کان لهذا التوهم مجال حیث انعقد للمطلق إطلاق و قد استقر له ظهور و لو بقرینة الحکمة فتأمل.

و منها تقسیمه إلی النفسی و الغیری
اشارة

و حیث کان طلب شی ء و إیجابه لا یکاد یکون بلا داع فإن کان الداعی فیه هو التوصل به إلی واجب لا یکاد التوصل بدونه إلیه لتوقفه علیه فالواجب غیری و إلا فهو نفسی سواء کان الداعی محبوبیة الواجب بنفسه کالمعرفة بالله تعالی أو محبوبیته بما له من فائدة مترتبة علیه کأکثر الواجبات من العبادات و التوصلیات.

هذا لکنه لا یخفی أن الداعی لو کان هو محبوبیته کذلک أی بما له من الفائدة المترتبة علیه کان الواجب فی الحقیقة واجبا غیریا فإنه لو لم یکن وجود هذه الفائدة لازما لما دعا إلی إیجاب ذی الفائدة.

ص: 108

فإن قلت نعم و إن کان وجودها محبوبا لزوما إلا أنه حیث کانت من الخواص المترتبة علی الأفعال التی لیست داخلة تحت قدرة المکلف لما کاد یتعلق [بها] بهذا الإیجاب.

قلت بل هی داخلة تحت القدرة لدخول أسبابها تحتها و القدرة علی السبب قدرة علی المسبب و هو واضح و إلا لما صح وقوع مثل التطهیر و التملیک و التزویج و الطلاق و العتاق إلی غیر ذلک من المسببات موردا لحکم من الأحکام التکلیفیة.

فالأولی أن یقال إن الأثر المترتب علیه و إن کان لازما إلا أن ذا الأثر لما کان معنونا بعنوان حسن یستقل العقل بمدح فاعله بل و بذم تارکه صار متعلقا للإیجاب بما هو کذلک و لا ینافیه کونه مقدمة لأمر مطلوب واقعا بخلاف الواجب الغیری لتمحض وجوبه فی أنه لکونه مقدمة لواجب نفسی و هذا أیضا لا ینافی أن یکون معنونا بعنوان حسن فی نفسه إلا أنه لا دخل له فی إیجابه الغیری و لعله مراد من فسرهما بما أمر به لنفسه و ما أمر به لأجل غیره فلا یتوجه علیه بأن جل الواجبات لو لا الکل یلزم أن یکون من الواجبات الغیریة فإن المطلوب النفسی قلما یوجد فی الأوامر فإن جلها مطلوبات لأجل الغایات التی هی خارجة عن حقیقتها فتأمل.

ثم إنه لا إشکال فیما إذا علم بأحد القسمین و أما إذا شک فی واجب أنه نفسی أو غیری فالتحقیق أن الهیئة و إن کانت موضوعة لما یعمهما إلا أن إطلاقها یقتضی کونه نفسیا فإنه لو کان شرطا لغیره لوجب التنبیه علیه علی المتکلم الحکیم.

(و أما ما قیل(1)من أنه لا وجه للاستناد إلی إطلاق الهیئة لدفع الشک


1- مطارح الأنظار/ 67 فی الهدایة 11 من القول بوجوب المقدمة.

ص: 109

المذکور بعد کون مفادها الأفراد التی لا یعقل فیها التقیید نعم لو کان مفاد الأمر هو مفهوم الطلب صح القول بالإطلاق لکنه بمراحل من الواقع إذ لا شک فی اتصاف الفعل بالمطلوبیة بالطلب المستفاد من الأمر و لا یعقل اتصاف المطلوب بالمطلوبیة بواسطة مفهوم الطلب فإن الفعل یصیر مرادا بواسطة تعلق واقع الإرادة و حقیقتها لا بواسطة مفهومها و ذلک واضح لا یعتریه ریب).

ففیه أن مفاد الهیئة کما مرت الإشارة إلیه لیس الأفراد بل هو مفهوم الطلب کما عرفت تحقیقه فی وضع الحروف(1)و لا یکاد یکون فرد الطلب الحقیقی و الذی یکون بالحمل الشائع طلبا و إلا لما صح إنشاؤه بها ضرورة أنه من الصفات الخارجیة الناشئة من الأسباب الخاصة.

نعم ربما یکون هو السبب لإنشائه کما یکون غیره أحیانا.

و اتصاف الفعل بالمطلوبیة الواقعیة و الإرادة الحقیقیة الداعیة إلی إیقاع طلبه و إنشاء إرادته بعثا نحو مطلوبه الحقیقی و تحریکا إلی مراده الواقعی لا ینافی اتصافه بالطلب الإنشائی أیضا و الوجود الإنشائی لکل شی ء لیس إلا قصد حصول مفهومه بلفظه کان هناک طلب حقیقی أو لم یکن بل کان إنشاؤه بسبب آخر.

و لعل منشأ الخلط و الاشتباه تعارف التعبیر عن مفاد الصیغة بالطلب المطلق فتوهم منه أن مفاد الصیغة یکون طلبا حقیقیا یصدق علیه الطلب بالحمل الشائع و لعمری إنه من قبیل اشتباه المفهوم بالمصداق فالطلب الحقیقی إذا لم یکن قابلا للتقیید لا یقتضی أن لا یکون مفاد الهیئة قابلا له و إن تعارف تسمیته بالطلب أیضا و عدم تقییده بالإنشائی لوضوح إرادة


1- باعتبار أن الهیئة ملحقة بالحروف، راجع صفحة 11 من هذا الکتاب.

ص: 110

خصوصه و أن الطلب الحقیقی لا یکاد ینشأ بها کما لا یخفی.

فانقدح بذلک صحة تقیید مفاد الصیغة بالشرط کما مر هاهنا بعض الکلام و قد تقدم(1)فی مسألة اتحاد الطلب و الإرادة ما یجدی [فی] المقام.

هذا إذا کان هناک إطلاق و أما إذا لم یکن فلا بد من الإتیان به فیما إذا کان التکلیف بما احتمل کونه شرطا له فعلیا للعلم بوجوبه فعلا و إن لم یعلم جهة وجوبه و إلا فلا لصیرورة الشک فیه بدویا کما لا یخفی.

تذنیبان
الأول لا ریب فی استحقاق الثواب علی امتثال الأمر النفسی
اشارة

و موافقته و استحقاق العقاب علی عصیانه و مخالفته عقلا و أما استحقاقهما علی امتثال الغیری و مخالفته ففیه إشکال و إن کان التحقیق عدم الاستحقاق علی موافقته و مخالفته بما هو موافقة و مخالفة ضرورة استقلال العقل بعدم الاستحقاق إلا لعقاب واحد أو لثواب کذلک فیما خالف الواجب و لم یأت بواحدة من مقدماته علی کثرتها أو وافقه و أتاه بما له من المقدمات.

نعم لا بأس باستحقاق العقوبة علی المخالفة عند ترک المقدمة و بزیادة المثوبة علی الموافقة فیما لو أتی بالمقدمات بما هی مقدمات له من باب أنه یصیر حینئذ من أفضل الأعمال حیث صار أشقها و علیه ینزل ما ورد فی الأخبار(2)من الثواب علی المقدمات أو علی التفضل فتأمل جیدا و ذلک لبداهة أن موافقة الأمر الغیری بما هو أمر لا بما هو شروع فی إطاعة الأمر النفسی لا توجب قربا و لا مخالفته بما هو کذلک بعدا و المثوبة و العقوبة إنما تکونان من تبعات القرب و البعد.


1- راجع صفحة 64 من الکتاب، الجهة الرابعة ( فی بحث الطلب و الإرادة).
2- کامل الزیارات/ 133، فیما ورد فی زیار أبی عبد اللّه، من أنه لکلّ قدم ثواب کذا.

ص: 111

إشکال و دفع
أما الأول [و هو الإشکال]

فهو أنه إذا کان الأمر الغیری بما هو لا إطاعة له و لا قرب فی موافقته و لا مثوبة علی امتثاله فکیف حال بعض المقدمات کالطهارات حیث لا شبهة فی حصول الإطاعة و القرب و المثوبة بموافقة أمرها هذا مضافا إلی أن الأمر الغیری لا شبهة فی کونه توصلیا و قد اعتبر فی صحتها إتیانها بقصد القربة.

و أما الثانی [و هو الدفع]

فالتحقیق أن یقال إن المقدمة فیها بنفسها مستحبة و عبادة و غایاتها إنما تکون متوقفة علی إحدی هذه العبادات فلا بد أن یؤتی بها عبادة و إلا فلم یؤت بما هو مقدمة لها فقصد القربة فیها إنما هو لأجل کونها فی نفسها أمورا عبادیة و مستحبات نفسیة لا لکونها مطلوبات غیریة و الاکتفاء بقصد أمرها الغیری فإنما هو لأجل أنه یدعو إلی ما هو کذلک فی نفسه حیث إنه لا یدعو إلا إلی ما هو المقدمة فافهم.

و قد تفصی عن الإشکال بوجهین آخرین.
اشاره

و قد تفصی عن الإشکال بوجهین آخرین.(1)

أحدهما

ما ملخصه (أن الحرکات الخاصة ربما لا تکون محصلة لما هو المقصود منها من العنوان الذی یکون بذاک العنوان مقدمة و موقوفا علیها فلا بد فی إتیانها بذاک العنوان من قصد أمرها لکونه لا یدعو إلا إلی ما هو الموقوف علیه فیکون عنوانا إجمالیا و مرآة لها فإتیان الطهارات عبادة و إطاعة لأمرها لیس لأجل أن أمرها المقدمی یقضی بالإتیان کذلک بل إنما کان لأجل إحراز نفس العنوان الذی یکون بذاک العنوان موقوفا علیها).

و فیه مضافا إلی أن ذلک لا یقتضی الإتیان بها کذلک لإمکان الإشارة إلی عناوینها التی تکون بتلک العناوین موقوفا علیها بنحو آخر و لو


1- مطارح الأنظار/ 71 فی تنبیهات الهدایة 12 من القول فی وجوب مقدمة الواجب.

ص: 112

بقصد أمرها وصفا لا غایة و داعیا بل کان الداعی إلی هذه الحرکات الموصوفة بکونها مأمورا بها شیئا آخر غیر أمرها أنه غیر واف بدفع إشکال ترتب المثوبة علیها کما لا یخفی.

ثانیهما

ما محصله أن لزوم وقوع الطهارات عبادة إنما یکون لأجل أن الغرض من الأمر النفسی بغایاتها کما لا یکاد یحصل بدون قصد التقرب بموافقته کذلک لا یحصل ما لم یؤت بها کذلک لا باقتضاء أمرها الغیری.

و بالجملة وجه لزوم إتیانها عبادة إنما هو لأجل أن الغرض فی الغایات لا یحصل إلا بإتیان خصوص الطهارات من بین مقدماتها أیضا بقصد الإطاعة.

و فیه أیضا أنه غیر واف بدفع إشکال ترتب المثوبة علیها و أما (ما ربما قیل(1)فی تصحیح اعتبار قصد الإطاعة فی العبادات من الالتزام بأمرین أحدهما کان متعلقا بذات العمل و الثانی بإتیانه بداعی امتثال الأول) لا یکاد یجزی [یجدی] فی تصحیح اعتبارها فی الطهارات إذ لو لم تکن بنفسها مقدمة لغایاتها لا یکاد یتعلق بها أمر من قبل الأمر بالغایات فمن أین یجی ء طلب آخر من سنخ الطلب الغیری متعلق بذاتها لیتمکن به من المقدمة فی الخارج هذا مع أن فی هذا الالتزام ما فی تصحیح اعتبار قصد الطاعة فی العبادة علی ما عرفته مفصلا سابقا فتذکر.

الثانی [اعتبار قصد التوصل فی الطهارات و عدمه]

أنه قد انقدح مما هو التحقیق فی وجه اعتبار قصد القربة فی الطهارات صحتها و لو لم یؤت بها بقصد التوصل بها إلی غایة من غایاتها نعم لو کان المصحح لاعتبار قصد القربة فیها أمرها الغیری لکان قصد الغایة مما لا بد منه فی وقوعها صحیحة فإن الأمر الغیری لا یکاد یمتثل إلا إذا قصد


1- مطارح الانظار/ 71، فی تنبیهات الهدایة 12.

ص: 113

التوصل إلی الغیر حیث لا یکاد یصیر داعیا إلا مع هذا القصد بل فی الحقیقة یکون هو الملاک لوقوع المقدمة عبادة و لو لم یقصد أمرها بل و لو لم نقل بتعلق الطلب بها أصلا.

و هذا هو السر فی اعتبار قصد التوصل فی وقوع المقدمة عبادة لا ما توهم(1)من أن المقدمة إنما تکون مأمورا بها بعنوان المقدمیة فلا بد عند إرادة الامتثال بالمقدمة من قصد هذا العنوان و قصدها کذلک لا یکاد یکون بدون قصد التوصل إلی ذی المقدمة بها فإنه فاسد جدا ضرورة أن عنوان المقدمیة لیس بموقوف علیه الواجب و لا بالحمل الشائع مقدمة له و إنما کان المقدمة هو نفس المعنونات بعناوینها الأولیة و المقدمیة إنما تکون علة لوجوبها.

الأمر الرابع [تبعیة المقدمة لذیها فی الإطلاق و الاشتراک]
اشارة

لا شبهة فی أن وجوب المقدمة بناء علی الملازمة یتبع فی الإطلاق و الاشتراط وجوب ذی المقدمة کما أشرنا إلیه فی مطاوی کلماتنا و لا یکون مشروطا بإرادته کما یوهمه (ظاهر عبارة صاحب المعالم [1] رحمه الله فی بحث الضد قال و أیضا فحجة القول بوجوب المقدمة علی تقدیر تسلیمها إنما تنهض دلیلا علی الوجوب فی حال کون المکلف مریدا للفعل المتوقف علیها کما لا یخفی علی من أعطاها حق النظر).

و أنت خبیر بأن نهوضها علی التبعیة واضح لا یکاد یخفی و إن کان نهوضها علی أصل الملازمة لم یکن بهذه المثابة کما لا یخفی.

[1] معالم الدین/ 74، فی آخر مبحث الضد.

هو الشیخ جمال الدین أبو منصور الحسن بن الشیخ زین الدین، ولد سنة 959 ه- ، کان عالما فاضلا عاملا جامعا للفنون، اعرف أهل زمانه بالفقه و الحدیث و الرجال، یروی عن جماعة من تلامذه أبیه، منهم الشیخ حسین بن عبد الصمد العاملی، له کتب و رسائل منها(2)و(3)توفی سنة 1011 ه- .

(أمل الآمل 1/ 57 رقم 45).


1- مطارح الأنظار/ 72.
2- منتقی الجمان فی الأحادیث الصحیح و الحسان
3- معالم الدین و ملاذ المجتهدین

ص: 114

[دخل قصد التوصل فی تحقق الامتثال]

و هل (یعتبر فی وقوعها علی صفة الوجوب أن یکون الإتیان بها بداعی التوصل بها إلی ذی المقدمة کما یظهر مما نسبه إلی شیخنا العلامة أعلی الله مقامه بعض أفاضل(1)مقرری بحثه) أو (ترتب ذی المقدمة علیها بحیث لو لم یترتب علیها لکشف(2)عن عدم وقوعها علی صفة الوجوب کما زعمه صاحب الفصول(3)قدس سره) أو لا یعتبر فی وقوعها کذلک شی ء منهما.

الظاهر عدم الاعتبار أما عدم اعتبار قصد التوصل فلأجل أن الوجوب لم یکن بحکم العقل إلا لأجل المقدمیة و التوقف و عدم دخل قصد التوصل فیه واضح و لذا اعترف(4)بالاجتزاء بما لم یقصد به ذلک فی غیر المقدمات العبادیة لحصول ذات الواجب فیکون تخصیص الوجوب بخصوص ما قصد به التوصل من المقدمة بلا مخصص فافهم.

نعم إنما اعتبر ذلک فی الامتثال لما عرفت(5)من أنه لا یکاد یکون الآتی بها بدونه ممتثلا لأمرها و آخذا فی امتثال الأمر بذیها فیثاب بثواب أشق الأعمال فیقع الفعل المقدمی علی صفة الوجوب و لو لم یقصد به التوصل کسائر الواجبات التوصلیة لا علی حکمه السابق الثابت له لو لا عروض صفة توقف الواجب الفعلی المنجز علیه فیقع الدخول فی ملک الغیر واجبا إذا کان مقدمة لإنقاذ غریق أو إطفاء حریق واجب فعلی لا حراما و إن لم یلتفت إلی التوقف و المقدمیة غایة الأمر یکون حینئذ متجرئا فیه کما أنه مع الالتفات یتجرأ بالنسبة إلی ذی المقدمة فیما لم یقصد التوصل إلیه أصلا.


1- مطارح الأنظار/ 72.
2- فی ب: یکشف.
3- الفصول/ 86، فی مقدمة الواجب.
4- مطارح الأنظار/ 72.
5- راجع صفحة 112.

ص: 115

و أما إذا قصده و لکنه لم یأت بها بهذا الداعی بل بداع آخر أکده بقصد التوصل فلا یکون متجرئا أصلا.

و بالجملة یکون التوصل بها إلی ذی المقدمة من الفوائد المترتبة علی المقدمة الواجبة لا أن یکون قصده قیدا و شرطا لوقوعها علی صفة الوجوب لثبوت ملاک الوجوب فی نفسها بلا دخل له فیه أصلا و إلا لما حصل ذات الواجب و لما سقط الوجوب به کما لا یخفی.

[المقدمة الموصلة]
اشاره

و لا یقاس علی ما إذا أتی بالفرد المحرم منها حیث یسقط به الوجوب مع أنه لیس بواجب و ذلک لأن الفرد المحرم إنما یسقط به الوجوب لکونه کغیره فی حصول الغرض به بلا تفاوت أصلا إلا أنه لأجل وقوعه علی صفة الحرمة لا یکاد یقع علی صفة الوجوب و هذا بخلاف [ما] هاهنا فإنه إن کان کغیره مما یقصد به التوصل فی حصول الغرض فلا بد أن یقع علی صفة الوجوب مثله لثبوت المقتضی فیه بلا مانع و إلا لما کان یسقط به الوجوب ضرورة و التالی باطل بداهة فیکشف هذا عن عدم اعتبار قصده فی الوقوع علی صفة الوجوب قطعا و انتظر لذلک تتمة(1)توضیح.

و العجب أنه شدد النکیر علی القول بالمقدمة الموصلة و اعتبار ترتب ذی المقدمة علیها فی وقوعها علی صفة الوجوب علی ما حرره بعض مقرری(2)بحثه قدس سره بما یتوجه علی اعتبار قصد التوصل فی وقوعها کذلک فراجع تمام کلامه زید فی علو مقامه و تأمل فی نقضه و إبرامه.

و أما عدم اعتبار ترتب ذی المقدمة علیها فی وقوعها علی صفة الوجوب فلأنه لا یکاد یعتبر فی الواجب إلا ما له دخل فی غرضه الداعی إلی إیجابه


1- فی ب: جهة.
2- راجع مطارح الأنظار/ 74 و 75 فی المقدمة الموصلة.

ص: 116

و الباعث علی طلبه و لیس الغرض من المقدمة إلا حصول ما لولاه لما أمکن حصول ذی المقدمة ضرورة أنه لا یکاد یکون الغرض إلا ما یترتب علیه من فائدته و أثره و لا یترتب علی المقدمة إلا ذلک و لا تفاوت فیه بین ما یترتب علیه الواجب و ما لا یترتب علیه أصلا و أنه لا محالة یترتب علیهما کما لا یخفی.

و أما ترتب الواجب فلا یعقل أن یکون الغرض الداعی إلی إیجابها و الباعث علی طلبها فإنه لیس بأثر تمام المقدمات فضلا عن إحداها فی غالب الواجبات فإن الواجب إلا ما قل فی الشرعیات و العرفیات فعل اختیاری یختار المکلف تارة إتیانه بعد وجود تمام مقدماته و أخری عدم إتیانه فکیف یکون اختیار إتیانه غرضا من إیجاب کل واحدة من مقدماته مع عدم ترتبه علی تمامها(1)فضلا عن کل واحدة منها.

نعم فیما کان الواجب من الأفعال التسبیبیة و التولیدیة کان مترتبا لا محالة علی تمام مقدماته لعدم تخلف المعلول عن علته.

[الرد علی القول بالمقدمة الموصلة]

و من هنا [قد](2)انقدح أن القول بالمقدمة الموصلة یستلزم إنکار وجوب المقدمة فی غالب الواجبات و القول بوجوب خصوص العلة التامة فی خصوص الواجبات التولیدیة.

فإن قلت ما من واجب إلا و له علة تامة ضرورة استحالة وجود الممکن بدونها فالتخصیص بالواجبات التولیدیة بلا مخصص.

قلت نعم و إن استحال صدور الممکن بلا علة إلا أن مبادی اختیار الفعل الاختیاری من أجزاء علته و هی لا تکاد تتصف بالوجوب لعدم کونها


1- فی ب: عامّها.
2- فی ب: عامّها.

ص: 117

بالاختیار و إلا لتسلسل کما هو واضح لمن تأمل و لأنه لو کان معتبرا فیه الترتب لما کان الطلب یسقط بمجرد الإتیان بها من دون انتظار لترتب الواجب علیها بحیث لا یبقی فی البین إلا طلبه و إیجابه کما إذا لم تکن هذه بمقدمته(1)أو کانت حاصلة من الأول قبل إیجابه مع أن الطلب لا یکاد یسقط إلا بالموافقة أو بالعصیان و المخالفة أو بارتفاع موضوع التکلیف کما فی سقوط الأمر بالکفن أو الدفن بسبب غرق المیت أحیانا أو حرقه و لا یکون الإتیان بها بالضرورة من هذه الأمور غیر الموافقة.

إن قلت کما یسقط الأمر فی تلک الأمور کذلک یسقط بما لیس بالمأمور به فیما یحصل به الغرض منه کسقوطه فی التوصلیات بفعل الغیر أو المحرمات.

قلت نعم و لکن لا محیص عن أن یکون ما یحصل به الغرض من الفعل الاختیاری للمکلف متعلقا للطلب فیما لم یکن فیه مانع و هو کونه بالفعل محرما ضرورة أنه لا یکون بینهما تفاوت أصلا فکیف یکون أحدهما متعلقا له فعلا دون الآخر.

[استدلال صاحب الفصول علی وجوب المقدمة الموصلة]

(و قد استدل صاحب الفصول(2)علی ما ذهب إلیه بوجوه حیث قال بعد بیان أن التوصل بها إلی الواجب من قبیل شرط الوجود لها لا من قبیل شرط الوجوب ما هذا لفظه.

و الذی یدلک علی هذا یعنی الاشتراط بالتوصل أن وجوب المقدمة لما کان من باب الملازمة العقلیة فالعقل لا یدل علیه زائدا علی القدر المذکور و أیضا لا یأبی العقل أن یقول الآمر الحکیم أرید الحج و أرید المسیر الذی


1- فی ب: بمقدمة.
2- الفصول/ 86. فی التنبیه الأول من تنبیهات مقدمة الواجب.

ص: 118

یتوصل به إلی فعل الواجب دون ما لم یتوصل به إلیه بل الضرورة قاضیة بجواز تصریح الآمر بمثل ذلک کما أنها قاضیة بقبح التصریح بعدم مطلوبیتها له مطلقا أو علی تقدیر التوصل بها إلیه و ذلک آیة عدم الملازمة بین وجوبه و وجوب مقدماته علی تقدیر عدم التوصل بها إلیه و أیضا حیث إن المطلوب بالمقدمة مجرد التوصل بها إلی الواجب و حصوله فلا جرم یکون التوصل بها إلیه و حصوله معتبرا فی مطلوبیتها فلا تکون مطلوبة إذا انفکت عنه و صریح الوجدان قاض بأن من یرید شیئا بمجرد حصول شی ء آخر لا یریده إذا وقع مجردا عنه و یلزم منه أن یکون وقوعه علی وجه المطلوب منوطا بحصوله انتهی موضع الحاجة من کلامه زید فی علو مقامه).

[المناقشة فی أدلة صاحب الفصول]

و قد عرفت بما لا مزید علیه أن العقل الحاکم بالملازمة دل علی وجوب مطلق المقدمة لا خصوص ما إذا ترتب علیها الواجب فیما لم یکن هناک مانع عن وجوبه کما إذا کان بعض مصادیقه محکوما فعلا بالحرمة لثبوت مناط الوجوب حینئذ فی مطلقها و عدم اختصاصه بالمقید بذلک منها.

و قد انقدح منه أنه لیس للآمر الحکیم الغیر المجازف بالقول ذلک التصریح و أن دعوی أن الضرورة قاضیة بجوازه(1)مجازفة کیف یکون ذا مع ثبوت الملاک فی الصورتین بلا تفاوت أصلا کما عرفت.

نعم إنما یکون التفاوت بینهما فی حصول المطلوب النفسی فی إحداهما و عدم حصوله فی الأخری من دون دخل لها فی ذلک أصلا بل کان بحسن اختیار المکلف و سوء اختیاره و جاز للآمر أن یصرح بحصول هذا المطلوب فی إحداهما و عدم حصوله فی الأخری بل من(2)حیث إن الملحوظ بالذات هو


1- ادّعاه صاحب الفصول، حیث قال: و لا یأبی أن یقول الآمر الحکیم.. الخ.../ الفصول/ 86.
2- أثبتناها من أ .

ص: 119

هذا المطلوب و إنما کان الواجب الغیری ملحوظا إجمالا بتبعه کما یأتی أن وجوب المقدمة علی الملازمة تبعی جاز فی صورة عدم حصول المطلوب النفسی التصریح بعدم حصول المطلوب أصلا لعدم الالتفات إلی ما حصل من المقدمة فضلا عن کونها مطلوبة کما جاز التصریح بحصول الغیری مع عدم فائدته لو التفت إلیها کما لا یخفی فافهم.

إن قلت لعل التفاوت بینهما فی صحة اتصاف إحداهما بعنوان الموصلیة دون الأخری أوجب التفاوت بینهما فی المطلوبیة و عدمها و جواز التصریح بهما و إن لم یکن بینهما تفاوت فی الأثر کما مر.

قلت إنما یوجب ذلک تفاوتا فیهما لو کان ذلک لأجل تفاوت فی ناحیة المقدمة لا فیما إذا لم یکن فی ناحیتها أصلا کما هاهنا ضرورة أن الموصلیة إنما تنتزع من وجود الواجب و ترتبه علیها من دون اختلاف فی ناحیتها و کونها فی کلا الصورتین علی نحو واحد و خصوصیة واحدة ضرورة أن الإتیان بالواجب بعد الإتیان بها بالاختیار تارة و عدم الإتیان به کذلک أخری لا یوجب تفاوتا فیها کما لا یخفی.

(و أما ما أفاده(1)قدس سره من أن مطلوبیة المقدمة حیث کانت بمجرد التوصل بها فلا جرم یکون التوصل بها إلی الواجب معتبرا فیها).

ففیه أنه إنما کانت مطلوبیتها لأجل عدم التمکن من التوصل بدونها لا لأجل التوصل بها لما عرفت من أنه لیس من آثارها بل مما یترتب علیها أحیانا بالاختیار بمقدمات أخری و هی مبادی اختیاره و لا یکاد یکون مثل ذا غایة لمطلوبیتها و داعیا إلی إیجابها و صریح الوجدان إنما یقضی بأن ما أرید لأجل غایة و تجرد عن الغایة بسبب عدم حصول سائر ما له دخل فی حصولها


1- الفصول/ 86، فی تنبیهات مقدمة الواجب.

ص: 120

یقع علی ما هو علیه من المطلوبیة الغیریة کیف و إلا یلزم أن یکون وجودها من قیوده و مقدمة لوقوعه علی نحو یکون الملازمة بین وجوبه بذاک النحو و وجوبها.

و هو کما تری ضرورة أن الغایة لا تکاد تکون قیدا لذی الغایة بحیث کان تخلفها موجبا لعدم وقوع ذی الغایة علی ما هو علیه من المطلوبیة الغیریة و إلا یلزم أن تکون مطلوبة بطلبه کسائر قیوده فلا یکون وقوعه علی هذه الصفة منوطا بحصولها کما أفاده.

و لعل منشأ توهمه خلطه بین الجهة التقییدیة و التعلیلیة هذا مع ما عرفت من عدم تخلف هاهنا و أن الغایة إنما هو حصول ما لولاه لما تمکن من التوصل إلی المطلوب النفسی فافهم و اغتنم.

ثم إنه لا شهادة علی الاعتبار فی صحة منع المولی عن مقدماته بأنحائها إلا فیما إذا رتب علیه الواجب لو سلم أصلا ضرورة أنه و إن لم یکن الواجب منها حینئذ غیر الموصلة إلا أنه لیس لأجل اختصاص الوجوب بها فی باب المقدمة بل لأجل المنع عن غیرها المانع عن الاتصاف بالوجوب هاهنا کما لا یخفی.

مع أن فی صحة المنع عنه کذلک نظر وجهه أنه یلزم أن لا یکون ترک الواجب حینئذ مخالفة و عصیانا لعدم التمکن شرعا منه لاختصاص جواز مقدمته بصورة الإتیان به.

و بالجملة یلزم أن یکون الإیجاب مختصا بصورة الإتیان لاختصاص جواز المقدمة بها و هو محال [1] فإنه یکون من طلب الحاصل المحال فتدبر جیدا.

[1] حیث کان الإیجاب فعلا متوقفا علی جواز المقدمة شرعا، و جوازها کذلک کان متوقفا علی إیصالها المتوقف علی الإتیان بذی المقدمة بداهة، فلا محیص إلّا عن کون إیجابه علی تقدیر الإتیان به، و هو من طلب الحاصل الباطل(1).


1- منه قدس سره

ص: 121

[ثمرة القول بالمقدمة الموصلة]

بقی شی ء و هو أن ثمرة القول بالمقدمة الموصلة هی تصحیح العبادة التی یتوقف علی ترکها فعل الواجب بناء علی کون ترک الضد مما یتوقف علیه فعل ضده فإن ترکها علی هذا القول لا یکون مطلقا واجبا لیکون فعلها محرما فتکون فاسدة بل فیما یترتب علیه الضد الواجب و مع الإتیان بها لا یکاد یکون هناک ترتب فلا یکون ترکها مع ذلک واجبا فلا یکون فعلها منهیا عنه فلا تکون فاسدة.

(و ربما أورد(1)علی تفریع هذه الثمرة بما حاصله بأن فعل الضد و إن لم یکن نقیضا للترک الواجب مقدمة بناء علی المقدمة الموصلة إلا أنه لازم لما هو من أفراد النقیض حیث إن نقیض ذاک الترک الخاص رفعه و هو أعم من الفعل و الترک الآخر المجرد و هذا یکفی فی إثبات الحرمة و إلا لم یکن الفعل المطلق محرما فیما إذا کان الترک المطلق واجبا لأن الفعل أیضا لیس نقیضا للترک لأنه أمر وجودی و نقیض الترک إنما هو رفعه و رفع الترک إنما یلازم الفعل مصداقا و لیس عینه فکما أن هذه الملازمة تکفی فی إثبات الحرمة لمطلق الفعل فکذلک تکفی فی المقام غایة الأمر أن ما هو النقیض فی مطلق الترک إنما ینحصر مصداقه فی الفعل فقط و أما النقیض للترک الخاص فله فردان و ذلک لا یوجب فرقا فیما نحن بصدده کما لا یخفی.)

قلت و أنت خبیر بما بینهما من الفرق فإن الفعل فی الأول لا یکون إلا مقارنا لما هو النقیض من رفع الترک المجامع معه تارة و مع الترک المجرد أخری و لا تکاد تسری حرمة الشی ء إلی ما یلازمه فضلا عما یقارنه أحیانا.

نعم لا بد أن لا یکون الملازم محکوما فعلا بحکم آخر علی خلاف حکمه لا أن یکون محکوما بحکمه و هذا بخلاف الفعل فی الثانی فإنه


1- مطارح الأنظار/ 78.

ص: 122

بنفسه یعاند الترک المطلق و ینافیه لا ملازم لمعانده و منافیه فلو لم یکن عین ما یناقضه بحسب الاصطلاح مفهوما لکنه متحد معه عینا و خارجا فإذا کان الترک واجبا فلا محالة یکون الفعل منهیا عنه قطعا فتدبر جیدا.

و منها تقسیمه إلی الأصلی و التبعی
اشارة

و الظاهر أن یکون هذا التقسیم بلحاظ الأصالة و التبعیة فی الواقع و مقام الثبوت حیث یکون الشی ء تارة متعلقا للإرادة و الطلب مستقلا للالتفات إلیه بما هو علیه مما یوجب طلبه فیطلبه کان طلبه نفسیا أو غیریا و أخری متعلقا للإرادة تبعا لإرادة غیره لأجل کون إرادته لازمة لإرادته من دون التفات إلیه بما یوجب إرادته لا بلحاظ الأصالة و التبعیة فی مقام الدلالة و الإثبات(1)فإنه یکون فی هذا المقام تارة مقصودا بالإفادة و أخری غیر مقصود بها علی حدة إلا أنه لازم الخطاب کما فی دلالة الإشارة و نحوها.

و علی ذلک فلا شبهة فی انقسام الواجب الغیری إلیهما و اتصافه بالأصالة و التبعیة کلیهما حیث یکون متعلقا للإرادة علی حدة عند الالتفات إلیه بما هو مقدمة و أخری لا یکون متعلقا لها کذلک عند عدم الالتفات إلیه کذلک فإنه یکون لا محالة مرادا تبعا لإرادة ذی المقدمة علی الملازمة.

کما لا شبهة فی اتصاف النفسی أیضا بالأصالة و لکنه لا یتصف بالتبعیة ضرورة أنه لا یکاد یتعلق به الطلب النفسی ما لم تکن فیه مصلحة نفسیة و معها یتعلق الطلب بها مستقلا و لو لم یکن هناک شی ء آخر مطلوب أصلا کما لا یخفی.

نعم لو کان الاتصاف بهما بلحاظ الدلالة اتصف النفسی بهما أیضا


1- کما هو مذهب صاحبی القوانین و الفصول ( قدس سرهما). القوانین 1/ 101- 102، فی مقدمة الواجب، المقدمة السادسة و السابعة. الفصول/ 82.

ص: 123

ضرورة أنه قد یکون غیر مقصود بالإفادة بل أفید بتبع غیره المقصود بها لکن الظاهر کما مر أن الاتصاف بهما إنما هو فی نفسه لا بلحاظ حال الدلالة علیه و إلا لما اتصف بواحد منهما إذا لم یکن بعد مفاد دلیل و هو کما تری.

[حکم الشک فی الأصالة و التبعیة]

ثم إنه إذا کان الواجب التبعی ما لم یتعلق به إرادة مستقلة فإذا شک فی واجب أنه أصلی أو تبعی فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به یثبت أنه تبعی و یترتب علیه آثاره إذا فرض له آثار شرعیة(1)کسائر الموضوعات المتقومة بأمور عدمیة.

نعم لو کان التبعی أمرا وجودیا خاصا غیر متقوم بعدمی و إن کان یلزمه لما کان یثبت بها إلا علی القول بالأصل المثبت کما هو واضح فافهم.

تذنیب [ثمرة النزاع فی وجوب المقدمة و عدمه]
اشارة

فی بیان الثمرة و هی فی المسألة الأصولیة کما عرفت سابقا لیست إلا أن تکون نتیجتها صالحة للوقوع فی طریق الاجتهاد و استنباط حکم فرعی کما لو قیل بالملازمة فی المسألة فإنه بضمیمة مقدمة کون شی ء مقدمة لواجب یستنتج أنه واجب.

و منه قد انقدح أنه لیس منها مثل برء النذر بإتیان مقدمة واجب عند نذر الواجب و حصول الفسق بترک واجب واحد بمقدماته إذا کانت له مقدمات کثیرة لصدق الإصرار علی الحرام بذلک و عدم جواز أخذ الأجرة علی المقدمة.

مع أن البرء و عدمه إنما یتبعان قصد الناذر فلا برء بإتیان المقدمة لو قصد الوجوب النفسی کما هو المنصرف عند إطلاقه و لو قیل بالملازمة و ربما


1- فی نسختی أ و ب : آثار شرعی..

ص: 124

یحصل البرء به لو قصد ما یعم المقدمة و لو قیل بعدمها کما لا یخفی.

و لا یکاد یحصل الإصرار علی الحرام بترک واجب و لو کانت له مقدمات غیر عدیدة لحصول العصیان بترک أول مقدمة لا یتمکن معه من الواجب و لا یکون ترک سائر المقدمات بحرام أصلا لسقوط التکلیف حینئذ کما هو واضح لا یخفی.

[حکم أخذ الأجرة علی الواجبات]

و أخذ الأجرة علی الواجب لا بأس به إذا لم یکن إیجابه علی المکلف مجانا و بلا عوض بل کان وجوده المطلق مطلوبا کالصناعات الواجبة کفائیة التی لا یکاد ینتظم بدونها البلاد و یختل لولاها معاش العباد بل ربما یجب أخذ الأجرة علیها لذلک أی لزوم الاختلال و عدم الانتظام لو لا أخذها هذا فی الواجبات التوصلیة.

و أما الواجبات التعبدیة فیمکن أن یقال بجواز أخذ الأجرة علی إتیانها بداعی امتثالها لا علی نفس الإتیان کی ینافی عبادیتها فیکون من قبیل الداعی إلی الداعی غایة الأمر یعتبر فیها کغیرها أن یکون فیها منفعة عائدة إلی المستأجر کی لا تکون المعاملة سفهیة و أخذ الأجرة علیها أکلا بالباطل.

[المناقشة فی ثمرة أخری للمسألة]

و ربما یجعل(1)من الثمرة اجتماع الوجوب و الحرمة إذا قیل بالملازمة فیما کانت المقدمة محرمة فیبتنی علی جواز اجتماع الأمر و النهی و عدمه بخلاف ما لو قیل بعدمها و فیه.

أولا أنه لا یکون من باب الاجتماع کی تکون مبتنیة علیه لما أشرنا إلیه غیر مرة أن الواجب ما هو بالحمل الشائع مقدمة لا بعنوان المقدمة فیکون علی الملازمة من باب النهی فی العبادة و المعاملة.


1- نسب إلی الوحید البهبهانی، مطارح الأنظار/ 18.

ص: 125

و ثانیا: [لا یکاد یلزم الاجتماع أصلا، لاختصاص الوجوب بغیر المحرم فی غیر صورة الانحصار به و فیها إما لا وجوب للمقدمة، لعدم وجوب ذی المقدمة لأجل المزاحمة. و إما لا حرمة لها لذلک کما لا یخفی.

و ثالثا:] أن الاجتماع و عدمه لا دخل له فی التوصل(1)بالمقدمة المحرمة و عدمه أصلا فإنه یمکن التوصل(2)بها إن کانت توصلیة و لو لم نقل بجواز الاجتماع و عدم جواز التوصل(3)بها إن کانت تعبدیة علی القول بالامتناع قیل بوجوب المقدمة أو بعدمه و جواز التوصل(4)بها علی القول بالجواز کذلک أی قیل بالوجوب أو بعدمه.

و بالجملة لا یتفاوت الحال فی جواز التوصل(5)بها و عدم جوازه أصلا بین أن یقال بالوجوب أو یقال بعدمه کما لا یخفی.

فی تأسیس الأصل فی المسألة
اشارة

اعلم أنه لا أصل فی محل البحث فی المسألة فإن الملازمة بین وجوب المقدمة و وجوب ذی المقدمة و عدمها لیست لها حالة سابقة بل تکون الملازمة أو عدمها أزلیة نعم نفس وجوب المقدمة یکون مسبوقا بالعدم حیث یکون حادثا بحدوث وجوب ذی المقدمة فالأصل عدم وجوبها.

و توهم عدم جریانه لکون وجوبها علی الملازمة من قبیل لوازم الماهیة غیر مجعولة و لا أثر آخر مجعول مترتب علیه و لو کان لم یکن بمهم هاهنا مدفوع بأنه و إن کان غیر مجعول بالذات لا بالجعل البسیط الذی هو مفاد کان التامة و لا بالجعل التألیفی الذی هو مفاد کان الناقصة إلا أنه


1- فی أ: التوسل.
2- فی أ و ب : التوسل.
3- فی أ و ب : التوسل.
4- فی أ و ب : التوسل.
5- فی أ و ب : التوسل.

ص: 126

مجعول بالعرض و یتبع جعل وجوب ذی المقدمة و هو کاف فی جریان الأصل.

و لزوم التفکیک بین الوجوبین مع الشک لا محالة لأصالة عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذی المقدمة لا ینافی الملازمة بین الواقعیین و إنما ینافی الملازمة بین الفعلیین نعم لو کانت الدعوی هی الملازمة المطلقة حتی فی المرتبة الفعلیة لما صح التمسک بالأصل کما لا یخفی.

إذا عرفت ما ذکرناه فقد تصدی غیر واحد من الأفاضل(1)لإقامة البرهان علی الملازمة و ما أتی منهم بواحد خال عن الخلل و الأولی إحالة ذلک إلی الوجدان حیث إنه أقوی شاهد علی أن الإنسان إذا أراد شیئا له مقدمات أراد تلک المقدمات لو التفت إلیها بحیث ربما یجعلها فی قالب الطلب مثله و یقول مولویا ادخل السوق و اشتر اللحم مثلا بداهة أن الطلب المنشأ بخطاب ادخل مثل المنشإ بخطاب اشتر فی کونه بعثا مولویا و أنه حیث تعلقت إرادته بإیجاد عبده الاشتراء ترشحت منها له إرادة أخری بدخول السوق بعد الالتفات إلیه و أنه یکون مقدمة له کما لا یخفی.

و یؤید الوجدان بل یکون من أوضح البرهان وجود الأوامر الغیریة فی الشرعیات و العرفیات لوضوح أنه لا یکاد یتعلق بمقدمة أمر غیری إلا إذا کان فیها مناطه و إذا کان فیها کان فی مثلها فیصح تعلقه به أیضا لتحقق ملاکه و مناطه و التفصیل بین السبب و غیره و الشرط الشرعی و غیره سیأتی بطلانه و أنه لا تفاوت فی باب الملازمة بین مقدمة و مقدمة و لا بأس بذکر الاستدلال الذی هو کالأصل لغیره مما ذکره الأفاضل(2)


1- انظر مطارح الأنظار/ 83، فی أدلة القائلین بوجوب المقدمة
2- المصدر السابق/ 83- 84، الفصول/ 84، هدایة المسترشدین/ 205، نهایة الأصول/ 88، فی المبحث الأول من الفصل الخامس فی أحکام الوجوب.

ص: 127

عن الاستدلالات و هو (ما ذکره أبو الحسن [أبو الحسین](1)البصری [1] و هو أنه لو لم یجب المقدمة لجاز ترکها و حینئذ فإن بقی الواجب علی وجوبه یلزم التکیف بما لا یطاق و إلا خرج الواجب المطلق عن وجوبه).

و فیه بعد إصلاحه بإرادة عدم المنع الشرعی من التالی فی الشرطیة الأولی لا الإباحة الشرعیة و إلا کانت الملازمة واضحة البطلان و إرادة الترک عما أضیف إلیه الظرف لا نفس الجواز و إلا فمجرد الجواز بدون الترک لا یکاد یتوهم معه(2)صدق القضیة الشرطیة الثانیة ما لا یخفی فإن الترک بمجرد عدم المنع شرعا لا یوجب صدق إحدی الشرطیتین و لا یلزم [منه] أحد المحذورین فإنه و إن لم یبق له وجوب معه إلا أنه کان ذلک بالعصیان لکونه متمکنا من الإطاعة و الإتیان و قد اختار ترکه بترک مقدمته بسوء اختیاره مع حکم العقل بلزوم إتیانها إرشادا إلی ما فی ترکها من العصیان المستتبع للعقاب.

نعم لو کان المراد من الجواز جواز الترک شرعا و عقلا یلزم أحد المحذورین إلا أن الملازمة علی هذا فی الشرطیة الأولی ممنوعة بداهة أنه لو لم یجب شرعا لا یلزم أن یکون جائزا شرعا و عقلا لإمکان أن لا یکون محکوما بحکم شرعا و إن کان واجبا عقلا إرشادا و هذا واضح.

[التفصیل فی وجوب المقدمة بین السبب و غیره]

و أما التفصیل بین السبب و غیره فقد استدل(3)علی وجوب السبب

[1] هو أبو الحسن علی بن إسماعیل بن إسحاق الأشعری من نسل أبی موسی الأشعری ولد فی البصرة سنة 260 ه- ، تلقی مذهب المعتزلة و تقدم فیهم، ثم رجع و جاهر بخلافهم، و أسس مذهب الأشاعرة، بلغت مصنفاته ثلاثمأة کتاب، توفی ببغداد سنة 326 ه- (اعلام الزرکلی 4/ 263).


1- ما أثبتناه هو الصواب، راجع المعتمد فی أصول الفقه 1/ 94، لأبی الحسین البصری.
2- زیادة تقتضیها العبارة.
3- بدائع الافکار/ 353، القول الثالث فی وجوب المقدمة.

ص: 128

بأن التکلیف لا یکاد یتعلق إلا بالمقدور و المقدور لا یکون إلا هو السبب و إنما المسبب من آثاره المترتبة علیه قهرا و لا یکون من أفعال المکلف و حرکاته أو سکناته فلا بد من صرف الأمر المتوجه إلیه عنه إلی سببه.

و لا یخفی ما فیه من أنه لیس بدلیل علی التفصیل بل علی أن الأمر النفسی إنما یکون متعلقا بالسبب دون المسبب مع وضوح فساده ضرورة أن المسبب مقدور المکلف و هو متمکن عنه بواسطة السبب و لا یعتبر فی التکلیف أزید من القدرة کانت بلا واسطة أو معها کما لا یخفی.

[التفصیل فی وجوب المقدمة بین الشرط الشرعی و غیره]

و أما التفصیل بین الشرط الشرعی و غیره فقد استدل(1)علی الوجوب فی الأول بأنه لو لا وجوبه شرعا لما کان شرطا حیث إنه لیس مما لا بد منه عقلا أو عادة.

و فیه مضافا إلی ما عرفت من رجوع الشرط الشرعی إلی العقلی أنه لا یکاد یتعلق الأمر الغیری إلا بما هو مقدمة الواجب فلو کانت مقدمیته متوقفة علی تعلقه بها لدار و الشرطیة و إن کانت منتزعة عن التکلیف إلا أنه عن التکلیف النفسی المتعلق بما قید بالشرط لا عن الغیری فافهم.

تتمة [مقدمة المستحب و الحرام و المکروه]

لا شبهة فی أن مقدمة المستحب کمقدمة الواجب فتکون مستحبة لو قیل بالملازمة و أما مقدمة الحرام و المکروه فلا تکاد تتصف بالحرمة أو الکراهة إذ منها ما یتمکن معه من ترک الحرام أو المکروه اختیارا کما کان متمکنا قبله فلا دخل له أصلا فی حصول ما هو المطلوب من ترک الحرام أو المکروه فلم یترشح من طلبه طلب ترک مقدمتهما نعم ما لا یتمکن معه من الترک المطلوب لا محالة یکون مطلوب الترک و یترشح من طلب ترکهما طلب ترک خصوص هذه المقدمة فلو لم یکن للحرام مقدمة لا یبقی


1- المصدر المتقدم/ 354، القول الرابع فی وجوب المقدمة.

ص: 129

معها اختیار ترکه لما اتصف بالحرمة مقدمة من مقدماته.

لا یقال کیف و لا یکاد یکون فعل إلا عن مقدمة لا محالة معها یوجد ضرورة أن الشی ء ما لم یجب لم یوجد.

فإنه یقال نعم لا محالة یکون من جملتها ما یجب معه صدور الحرام لکنه لا یلزم أن یکون ذلک من المقدمات الاختیاریة بل من المقدمات الغیر الاختیاریة کمبادئ الاختیار التی لا تکون بالاختیار و إلا لتسلسل فلا تغفل و تأمل.

فصل [فی مسألة الضد]
اشارة

الأمر بالشی ء هل یقتضی النهی عن ضده أو لا.

فیه أقوال و تحقیق الحال یستدعی رسم أمور.

الأول [المراد بالاقتضاء و الضد]

الاقتضاء فی العنوان أعم من أن یکون بنحو العینیة أو الجزئیة أو اللزوم من جهة التلازم بین طلب أحد الضدین و طلب ترک الآخر أو المقدمیة علی ما سیظهر کما أن المراد بالضد هاهنا هو مطلق المعاند و المنافی وجودیا کان أو عدمیا.

الثانی [دفع توهم المقدمیة بین الضدین]

أن الجهة المبحوثة عنها فی المسألة و إن کانت أنه هل یکون للأمر اقتضاء بنحو من الأنحاء المذکورة إلا أنه لما کان عمدة القائلین بالاقتضاء فی الضد الخاص إنما ذهبوا إلیه لأجل توهم مقدمیة ترک الضد کان المهم صرف عنان الکلام فی المقام إلی بیان الحال و تحقیق المقال فی المقدمیة و عدمها فنقول و علی الله الاتکال.

إن توهم توقف الشی ء علی ترک ضده لیس إلا من جهة المضادة و المعاندة بین الوجودین و قضیتهما [و قضیتها] الممانعة بینهما و من الواضحات أن عدم

ص: 130

المانع من المقدمات.

و هو توهم فاسد و ذلک لأن المعاندة و المنافرة بین الشیئین لا تقتضی إلا عدم اجتماعهما فی التحقق و حیث لا منافاة أصلا بین أحد العینین و ما هو نقیض الآخر و بدیله بل بینهما کمال الملاءمة کان أحد العینین مع نقیض الآخر و ما هو بدیله فی مرتبة واحدة من دون أن یکون فی البین ما یقتضی تقدم أحدهما علی الآخر کما لا یخفی.

فکما أن قضیة المنافاة بین المتناقضین لا تقتضی تقدم ارتفاع أحدهما فی ثبوت الآخر کذلک فی المتضادین کیف و لو اقتضی التضاد توقف وجود الشی ء علی عدم ضده توقف الشی ء علی عدم مانعه لاقتضی توقف عدم الضد علی وجود الشی ء توقف عدم الشی ء علی مانعه بداهیة ثبوت المانعیة فی الطرفین و کون المطاردة من الجانبین و هو دور(1)واضح.

(و ما قیل(2)فی التفصی عن هذا الدور بأن التوقف من طرف الوجود فعلی بخلاف التوقف من طرف العدم فإنه یتوقف علی فرض ثبوت المقتضی له مع شراشر شرائطه غیر عدم وجود ضده و لعله کان محالا لأجل انتهاء عدم وجود أحد الضدین مع وجود الآخر إلی عدم تعلق الإرادة الأزلیة به و تعلقها بالآخر حسب ما اقتضته الحکمة البالغة فیکون العدم دائما مستندا إلی عدم المقتضی فلا یکاد یکون مستندا إلی وجود المانع کی یلزم الدور.

إن قلت هذا إذا لوحظا منتهیین إلی إرادة شخص واحد و أما إذا کان کل منهما متعلقا لإرادة شخص فأراد مثلا أحد الشخصین حرکة شی ء و أراد الآخر سکونه فیکون المقتضی لکل منهما حینئذ موجودا فالعدم لا محالة یکون فعلا مستندا إلی وجود المانع.


1- راجع هدایة المسترشدین/ 230 ند قوله: ثانیها.
2- المتفصی هو المحقق الخونساری ( قدس سره) علی ما فی مطارح الأنظار/ 109.

ص: 131

قلت هاهنا أیضا مستند إلی عدم قدرة المغلوب منهما فی إرادة و هی مما لا بد منه فی وجود المراد و لا یکاد یکون بمجرد الإرادة بدونها لا إلی وجود الضد لکونه مسبوقا بعدم قدرته کما لا یخفی) غیر سدید فإنه و إن کان قد ارتفع به الدور إلا أنه غائلة لزوم توقف الشی ء علی ما یصلح أن یتوقف علیه علی حالها لاستحالة أن یکون الشی ء الصالح لأن یکون موقوفا علیه [الشی ء](1)موقوفا علیه ضرورة أنه لو کان فی مرتبة یصلح لأن یستند إلیه لما کاد یصح أن یستند فعلا إلیه.

و المنع عن صلوحه لذلک بدعوی أن قضیة کون العدم مستندا إلی وجود الضد لو کان مجتمعا مع وجود المقتضی و إن کانت صادقة إلا أن صدقها لا یقتضی کون الضد صالحا لذلک لعدم اقتضاء صدق الشرطیة صدق طرفیها مساوق [1] لمنع مانعیة الضد و هو یوجب رفع التوقف رأسا من البین ضرورة أنه لا منشأ لتوهم توقف أحد الضدین علی عدم الآخر إلا توهم مانعیة الضد کما أشرنا إلیه و صلوحه لها.

إن قلت التمانع بین الضدین کالنار علی المنار بل کالشمس فی رابعة النهار و کذا کون عدم المانع مما یتوقف علیه مما لا یقبل الإنکار لیس ما ذکر إلا شبهة فی مقابل البدیهة.

[1] مع أن حدیث عدم اقتضاء صدق الشرطیة لصدق طرفیها، و إن کان صحیحا، إلا أن الشرطیة- هاهنا- غیر صحیحة، فإن وجود المقتضی لضد، لا یستلزم بوجه استناد عدمه الی ضده، و لا یکون الاستناد مترتبا علی وجوده، فضرورة ن المقتضی لا یکاد یقتضی وجود ما یمنع عما یقتضیه أصلا کما لا یخفی، فلیکن المقتضی لاستناد عدم الضد الی وجود ضده فعلا عند ثبوت مقتضی وجوده، هی الخصوصیة التی فیه الموجبة للمنع عن اقتضاء مقتضیه، کما هو الحال فی کل مانع، و لیست فی الضد تلک الخصوصیة، کیف؟ و قد عرفت أنه لا یکاد یکون مانعا إلا علی وجه دائر، نعم إنّما المانع عن الضد هو العلة التامة لضدّه، لاقتضائها ما یعانده و ینافیه، فیکون عدمه کوجود ضدّه مستندا إلیها، فافهم (منه قدس سرّه).


1- أثبتناها من ب .

ص: 132

قلت التمانع بمعنی التنافی و التعاند الموجب لاستحالة الاجتماع مما لا ریب فیه و لا شبهة تعتریه إلا أنه لا یقتضی إلا امتناع الاجتماع و عدم وجود أحدهما إلا مع عدم الآخر الذی هو بدیل وجوده المعاند له فیکون فی مرتبته لا مقدما علیه و لو طبعا و المانع الذی یکون موقوفا علی عدم الوجود هو ما کان ینافی و یزاحم المقتضی فی تأثیره لا ما یعاند الشی ء و یزاحمه فی وجوده.

نعم العلة التامة لأحد الضدین ربما تکون مانعا عن الآخر و مزاحما لمقتضیه فی تأثیره مثلا تکون شدة الشفقة علی الولد الغریق و کثرة المحبة له تمنع عن أن یؤثر ما فی الأخ الغریق من المحبة و الشفقة لإرادة إنقاذه مع المزاحمة فینقذ به الولد دونه فتأمل جیدا.

و مما ذکرنا ظهر أنه لا فرق بین الضد الموجود و المعدوم فی أن عدمه الملائم للشی ء المناقض لوجوده المعاند لذاک لا بد أن یجامع معه من غیر مقتض لسبقه بل قد عرفت ما یقتضی عدم سبقه.

فانقدح بذلک ما فی تفصیل بعض الأعلام(1)حیث قال بالتوقف علی رفع الضد الموجود و عدم التوقف علی عدم الضد المعدوم فتأمل فی أطراف ما ذکرناه فإنه دقیق و بذلک حقیق.

فقد ظهر عدم حرمة الضد من جهة المقدمیة.

و أما من جهة لزوم عدم اختلاف المتلازمین فی الوجود فی الحکم فغایته أن لا یکون أحدهما فعلا محکوما بغیر ما حکم به الآخر لا أن یکون محکوما بحکمه.

و عدم خلو الواقعة عن الحکم فهو إنما یکون بحسب الحکم الواقعی لا الفعلی فلا حرمة للضد من هذه الجهة أیضا بل علی ما هو علیه لو لا


1- هو المحقق الخونساری، راجع مطارح الأنظار 109.

ص: 133

الابتلاء بالمضادة للواجب الفعلی من الحکم الواقعی.

الأمر الثالث [تقریب الاقتضاء التضمنی و فساده]

(أنه قیل(1)بدلالة الأمر بالشی ء بالتضمن علی النهی عن الضد العام بمعنی الترک حیث إنه یدل علی الوجوب المرکب من طلب الفعل و المنع عن الترک) و التحقیق أنه لا یکون الوجوب إلا طلبا بسیطا و مرتبة وحیدة أکیدة من الطلب لا مرکبا من طلبین نعم فی مقام تحدید تلک المرتبة و تعیینها ربما یقال الوجوب یکون عبارة من طلب الفعل مع المنع عن الترک و یتخیل منه أنه یذکر له حدا فالمنع عن الترک لیس من أجزاء الوجوب و مقوماته بل من خواصه و لوازمه بمعنی أنه لو التفت الآمر إلی الترک لما کان راضیا به لا محالة و کان یبغضه البتة.

و من هنا انقدح أنه لا وجه لدعوی العینیة ضرورة أن اللزوم یقتضی الاثنینیة لا الاتحاد و العینیة.

نعم لا بأس بها بأن یکون المراد بها أنه یکون هناک طلب واحد و هو کما یکون حقیقة منسوبا إلی الوجود و بعثا إلیه کذلک یصح أن ینسب إلی الترک بالعرض و المجاز و یکون زجرا و ردعا عنه فافهم.

الأمر الرابع [ثمرة المسألة]

تظهر الثمرة فی أن نتیجة المسألة و هی النهی عن الضد بناء علی الاقتضاء بضمیمة أن النهی فی العبادات یقتضی الفساد ینتج فساده إذا کان عبادة.

(و عن البهائی رحمه الله(2)أنه أنکر الثمرة بدعوی أنه لا یحتاج فی استنتاج الفساد إلی النهی عن الضد بل یکفی عدم الأمر به لاحتیاج العبادة إلی الأمر).


1- القائل هو صاحب المعالم، المعالم/ 63.
2- زبدة الصأول/ 82، مخطوط.

ص: 134

و فیه أنه یکفی مجرد الرجحان و المحبوبیة للمولی کی یصح أن یتقرب به منه کما لا یخفی و الضد بناء علی عدم حرمته یکون کذلک فإن المزاحمة علی هذا لا یوجب إلا ارتفاع الأمر المتعلق به فعلا مع بقائه علی ما هو علیه من ملاکه من المصلحة کما هو مذهب العدلیة أو غیرها أی شی ء کان کما هو مذهب الأشاعرة و عدم حدوث ما یوجب مبغوضیته و خروجه عن قابلیة التقرب به کما حدث بناء علی الاقتضاء.

[الترتب]

ثم إنه (تصدی جماعة من الأفاضل(1)لتصحیح الأمر بالضد بنحو الترتب علی العصیان و عدم إطاعة الأمر بالشی ء بنحو الشرط المتأخر أو البناء علی معصیته(2)المعصیة(3)بنحو الشرط المتقدم أو المقارن بدعوی أنه لا مانع عقلا عن تعلق الأمر بالضدین کذلک أی بأن یکون الأمر بالأهم مطلقا و الأمر بغیره معلقا علی عصیان ذاک الأمر أو البناء و العزم علیه بل هو واقع کثیرا عرفا.)

قلت ما هو ملاک استحالة طلب الضدین فی عرض واحد آت فی طلبهما کذلک فإنه و إن لم یکن فی مرتبة طلب الأهم اجتماع طلبهما إلا أنه کان فی مرتبة الأمر بغیره اجتماعهما بداهة فعلیة الأمر بالأهم فی هذه المرتبة و عدم سقوطه بعد بمجرد المعصیة فیما بعد ما لم یعص أو العزم علیها مع فعلیة الأمر بغیره أیضا لتحقق ما هو شرط فعلیته فرضا.

لا یقال نعم لکنه بسوء اختیار المکلف حیث یعصی فیما بعد بالاختیار فلولاه لما کان متوجها إلیه إلا الطلب بالأهم و لا برهان علی امتناع الاجتماع إذا کان بسوء الاختیار.

فإنه یقال استحالة طلب الضدین لیس إلا لأجل استحالة طلب المحال و استحالة طلبه من الحکیم الملتفت إلی محالیته لا تختص بحال دون


1- منهم صاحب کشف الغطاء، کشف الغطاء/ 27، البحث الثامن عشر.
2- فی ب معصیة، و فی بعض النسخ المطبوعة
3- .

ص: 135

حال و إلا لصح فیما علق علی أمر اختیاری فی عرض واحد بلا حاجة فی تصحیحه إلی الترتب مع أنه محال بلا ریب و لا إشکال.

إن قلت فرق بین الاجتماع فی عرض واحد و الاجتماع کذلک فإن الطلب فی کل منهما فی الأول یطارد الآخر بخلافه فی الثانی فإن الطلب بغیر الأهم لا یطارد طلب الأهم فإنه یکون علی تقدیر عدم الإتیان بالأهم فلا یکاد یرید غیره علی تقدیر إتیانه و عدم عصیان أمره.

قلت لیت شعری کیف لا یطارده الأمر بغیر الأهم و هل یکون طرده له إلا من جهة فعلیته و مضادة متعلقه للأهم و المفروض فعلیته و مضادة متعلقه له.

و عدم إرادة غیر الأهم علی تقدیر الإتیان به لا یوجب عدم طرده لطلبه مع تحققه علی تقدیر عدم الإتیان به و عصیان أمره فیلزم اجتماعهما علی هذا التقدیر مع ما هما علیه من المطاردة من جهة المضادة بین المتعلقین مع أنه یکفی الطرد من طرف الأمر بالأهم فإنه علی هذا الحال یکون طاردا لطلب الضد کما کان فی غیر هذا الحال فلا یکون له معه أصلا بمجال.

إن قلت فما الحیلة فیما وقع کذلک من طلب الضدین فی العرفیات.

قلت لا یخلو إما أن یکون الأمر بغیر الأهم بعد التجاوز عن الأمر به و طلبه حقیقة.

و إما أن یکون الأمر به إرشادا إلی محبوبیته و بقائه علی ما هو علیه من المصلحة و الغرض لو لا المزاحمة و أن الإتیان به یوجب استحقاق المثوبة فیذهب بها بعض ما استحقه من العقوبة علی مخالفة الأمر بالأهم لا أنه أمر مولوی فعلی کالأمر به فافهم و تأمل جیدا.

ثم إنه لا أظن أن یلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق فی

ص: 136

صورة مخالفة الأمرین لعقوبتین ضرورة قبح العقاب علی ما لا یقدر علیه العبد و لذا کان سیدنا الأستاذ قدس سره [1] لا یلتزم به علی ما هو ببالی و کنا نورد به علی الترتب و کان بصدد تصحیحه فقد ظهر أنه لا وجه لصحة العبادة مع مضادتها لما هو أهم منها إلا ملاک الأمر.

نعم فیما إذا کانت موسعة و کانت مزاحمة بالأهم ببعض الوقت لا فی تمامه یمکن أن یقال إنه حیث کان الأمر بها علی حاله و إن صارت مضیقة بخروج ما زاحمه الأهم من أفرادها من تحتها أمکن أن یؤتی بما زوحم منها بداعی ذاک الأمر فإنه و إن کان خارجا عن تحتها بما هی مأمور بها إلا أنه لما کان وافیا بغرضها کالباقی تحتها کان عقلا مثله فی الإتیان به فی مقام الامتثال و الإتیان به بداعی ذاک الأمر بلا تفاوت فی نظره بینهما أصلا.

و دعوی أن الأمر لا یکاد یدعو إلا إلی ما هو من أفراد الطبیعة المأمور بها و ما زوحم منها بالأهم و إن کان من أفراد الطبیعة لکنه لیس من أفرادها بما هی مأمور بها فاسدة فإنه إنما یوجب ذلک إذا کان خروجه عنها بما هی کذلک تخصیصا لا مزاحمة فإنه معها و إن کان لا تعمه الطبیعة المأمور بها إلا أنه لیس لقصور فیه بل لعدم إمکان تعلق الأمر بما تعمه عقلا و علی کل حال فالعقل لا یری تفاوتا فی مقام الامتثال و إطاعة الأمر بها بین هذا الفرد و سائر الأفراد أصلا.

[1] هو آیة اللّه مجدد المذهب الحاج میرزا محمد حسن بن السید میرزا محمود الحسینی الشیرازی ولد فی 15 ج 1 1230، حضر درس المحقق السید حسن المدرس و المحقق الکلباسی قصد العراق عام 1259، حضر الأندیة العلمیة، اختصّ فی التلمذة و الحضور بأبحاث المحقق الأنصاری، عیّن مرجعا بعده، حجّ سنة 1288، و هاجر الی سامراء شعبان سنة 1291 ثم تبعه تلامیذه، أخذ منه کثیر من فحول العلماء، منهم: آقا رضا الهمدانی و الشیخ فضل اللّه النوری و الآخوند الخراسانی، توفی لیلة الأربعاء 24 شعبان 1312 ه- .

(الکنی و الألقاب 3/ 184).

ص: 137

هذا علی القول بکون الأوامر متعلقة بالطبائع.

و أما بناء علی تعلقها بالأفراد فکذلک و إن کان جریانه علیه أخفی کما لا یخفی فتأمل.

ثم لا یخفی أنه بناء علی إمکان الترتب و صحته لا بد من الالتزام بوقوعه من دون انتظار دلیل آخر علیه و ذلک لوضوح أن المزاحمة علی صحة الترتب لا تقتضی عقلا إلا امتناع الاجتماع فی عرض واحد لا کذلک فلو قیل بلزوم الأمر فی صحة العبادة و لم یکن فی الملاک کفایة کانت العبادة مع ترک الأهم صحیحة لثبوت الأمر بها فی هذا الحال کما إذا لم تکن هناک مضادة.

فصل لا یجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه
اشارة

خلافا لما نسب(1)إلی أکثر مخالفینا(2)ضرورة أنه لا یکاد یکون الشی ء مع عدم علته کما هو المفروض هاهنا فإن الشرط من أجزائها و انحلال المرکب بانحلال بعض أجزائه مما لا یخفی و کون الجواز فی العنوان بمعنی الإمکان الذاتی بعید عن محل الخلاف بین الأعلام.

نعم لو کان المراد من لفظ الأمر الأمر ببعض مراتبه و من الضمیر الراجع إلیه بعض مراتبه الأخر بأن یکون النزاع فی أن أمر الآمر یجوز إنشاء مع علمه بانتفاء شرطه بمرتبة فعلیة.

[تصویر النزاع فیه]

و بعبارة أخری کان النزاع فی جواز إنشائه مع العلم بعدم بلوغه إلی المرتبة الفعلیة لعدم شرطه لکان جائزا و فی وقوعه فی الشرعیات و العرفیات


1- کما فی معالم الأصول/ 85، و قوانین الأصول/ 125.
2- راجع شرح مختصر الأصول للعضدی/ 107، و تیسیر التحریر 2/ 240.

ص: 138

غنی و کفایة و لا یحتاج معه إلی مزید بیان أو مئونة برهان.

و قد عرفت سابقا(1)أن داعی إنشاء الطلب لا ینحصر بالبعث و التحریک جدا حقیقة بل قد یکون صوریا امتحانا و ربما یکون غیر ذلک.

و منع کونه أمرا إذا لم یکن بداعی البعث جدا واقعا و إن کان فی محله إلا أن إطلاق الأمر علیه إذا کانت هناک قرینة علی أنه بداع آخر غیر البعث توسعا مما لا بأس به أصلا کما لا یخفی.

و قد ظهر بذلک حال ما ذکره الأعلام فی المقام من النقض و الإبرام و ربما یقع به التصالح بین الجانبین و یرتفع النزاع من البین فتأمل جیدا.

فصل الحق أن الأوامر و النواهی تکون متعلقة بالطبائع دون الأفراد
اشارة

و لا یخفی أن المراد أن متعلق الطلب فی الأوامر هو صرف الإیجاد کما أن متعلقه فی النواهی هو محض الترک و متعلقهما هو نفس الطبیعة المحدودة بحدود و المقیدة بقیود تکون بها موافقة للغرض و المقصود من دون تعلق غرض بإحدی الخصوصیات اللازمة للوجودات بحیث لو کان الانفکاک عنها بأسرها ممکنا لما کان ذلک مما یضر بالمقصود أصلا کما هو الحال فی القضیة الطبیعیة فی غیر الأحکام بل فی المحصورة علی ما حقق فی غیر المقام.

و فی مراجعة الوجدان للإنسان غنی و کفایة عن إقامة البرهان علی ذلک حیث یری إذا راجعه أنه لا غرض له فی مطلوباته إلا نفس الطبائع و لا نظر له إلا إلیها من دون نظر إلی خصوصیاتها الخارجیة و عوارضها العینیة و أن نفس وجودها السعی بما هو وجودها تمام المطلوب و إن کان ذاک الوجود


1- فی المقصد الأول، الفصل الثانی، المبحث الأول صفحة/ 69.

ص: 139

لا یکاد ینفک فی الخارج عن الخصوصیة.

فانقدح بذلک أن المراد بتعلق الأوامر بالطبائع دون الأفراد أنها بوجودها السعی بما هو وجودها قبالا لخصوص الوجود متعلقة للطلب لا أنها بما هی هی کانت متعلقة له کما ربما یتوهم فإنها کذلک لیست إلا هی نعم هی کذلک تکون متعلقة للأمر فإنه طلب الوجود فافهم.

دفع وهم [المراد من تعلق الأوامر بالطبائع]

لا یخفی أن کون وجود الطبیعة أو الفرد متعلقا للطلب إنما یکون بمعنی أن الطالب یرید صدور الوجود من العبد و جعله بسیطا الذی هو مفاد کان التامة و إفاضته لا أنه یرید ما هو صادر و ثابت فی الخارج کی یلزم طلب الحاصل کما توهم و لا جعل الطلب متعلقا بنفس الطبیعة و قد جعل وجودها غایة لطلبها.

و قد عرفت أن الطبیعة بما هی هی لیست إلا هی لا یعقل أن یتعلق بها طلب لتوجد أو تترک و أنه لا بد فی تعلق الطلب من لحاظ الوجود أو العدم معها فیلاحظ وجودها فیطلبه و یبعث إلیه کی یکون و یصدر منه هذا بناء علی أصالة الوجود.

و أما بناء علی أصالة الماهیة فمتعلق الطلب لیس هو الطبیعة بما هی أیضا بل بما هی بنفسها فی الخارج فیطلبها کذلک لکی یجعلها بنفسها من الخارجیات و الأعیان الثابتات لا بوجودها کما کان الأمر بالعکس علی أصالة الوجود.

و کیف کان فیلاحظ الآمر ما هو المقصود من الماهیة الخارجیة أو الوجود فیطلبه و یبعث نحوه لیصدر منه و یکون ما لم یکن فافهم و تأمل جیدا.

فصل إذا نسخ الوجوب

فلا دلالة لدلیل الناسخ و لا المنسوخ علی بقاء الجواز

ص: 140

بالمعنی الأعم و لا بالمعنی الأخص کما لا دلالة لهما علی ثبوت غیره من الأحکام ضرورة أن ثبوت کل واحد من الأحکام الأربعة الباقیة بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممکن و لا دلالة لواحد من دلیلی الناسخ و المنسوخ بإحدی الدلالات علی تعیین واحد منها کما هو أوضح من أن یخفی فلا بد للتعیین من دلیل آخر و لا مجال لاستصحاب الجواز إلا بناء علی جریانه فی القسم الثالث من أقسام استصحاب الکلی و هو ما إذا شک فی حدوث فرد کلی مقارنا لارتفاع فرده الآخر و قد حققنا فی محله(1)أنه لا یجری الاستصحاب فیه ما لم یکن الحادث المشکوک من المراتب القویة أو الضعیفة المتصلة بالمرتفع بحیث عد عرفا لو کان أنه باق لا أنه أمر حادث غیره.

و من المعلوم أن کل واحد من الأحکام مع الآخر عقلا و عرفا من المباینات و المتضادات غیر الوجوب و الاستحباب فإنه و إن کان بینهما التفاوت بالمرتبة و الشدة و الضعف عقلا إلا أنهما متباینان عرفا فلا مجال للاستصحاب إذا شک فی تبدل أحدهما بالآخر فإن حکم العرف و نظره یکون متبعا فی هذا الباب.

فصل [الوجوب التخییری]
اشارة

إذا تعلق الأمر بأحد(2)الشیئین أو الأشیاء ففی وجوب کل واحد علی التخییر بمعنی عدم جواز ترکه إلا إلی بدل أو وجوب الواحد لا بعینه أو وجوب کل منهما مع السقوط بفعل أحدهما أو وجوب المعین عند الله أقوال.

و التحقیق أن یقال إنه إن کان الأمر بأحد الشیئین بملاک أنه هناک غرض واحد یقوم به کل واحد منهما بحیث إذا أتی بأحدهما حصل به تمام


1- فی التنبیه الثالث من تنبیهات الاستصحاب/ 406.
2- فی ب باحدی.

ص: 141

الغرض و لذا یسقط به الأمر کان الواجب فی الحقیقة هو الجامع بینهما و کان التخییر بینهما بحسب الواقع عقلیا لا شرعیا و ذلک لوضوح أن الواحد لا یکاد یصدر من الاثنین بما هما اثنان ما لم یکن بینهما جامع فی البین لاعتبار نحو من السنخیة بین العلة و المعلول.

و علیه فجعلهما متعلقین للخطاب الشرعی لبیان أن الواجب هو الجامع بین هذین الاثنین. و إن کان بملاک أنه یکون فی کل واحد منهما غرض لا یکاد یحصل مع حصول الغرض فی الآخر بإتیانه کان کل واحد واجبا بنحو من الوجوب یستکشف عنه تبعاته من عدم جواز ترکه إلا إلی الآخر و ترتب الثواب علی فعل الواحد منهما و العقاب علی ترکهما فلا وجه فی مثله للقول بکون الواجب هو [1] أحدهما لا بعینه مصداقا و لا مفهوما کما هو واضح إلا أن یرجع إلی ما ذکرنا فیما إذا کان الأمر بأحدهما بالملاک الأول من أن الواجب هو الواحد الجامع بینهما و لا أحدهما معینا مع کون کل منهما مثل الآخر فی أنه واف بالغرض [و لا کل واحد منهما تعینا مع السقوط بفعل أحدهما بداهة عدم السقوط مع إمکان استیفاء ما فی کل منهما من الغرض و عدم جواز الإیجاب کذلک مع عدم إمکانه](1)فتدبر.

[نفی التخییر بین الأقل و الأکثر]

بقی الکلام فی أنه هل یمکن التخییر عقلا أو شرعا بین الأقل و الأکثر أو لا.

[1] فإنه و إن کان مما یصح أن یتعلق به بعض الصفات الحقیقیة ذات الإضافة کالعلم، فضلا عن الصفات الاعتباریة المحضة کالوجوب و الحرمة و غیرهما، مما کان من خارج المحمول الذی لیس بحذائه فی الخارج شی ء غیر ما هو منشأ انتزاعه، إلا أنه لا یکاد یصح البعث حقیقة إلیه، و التحریک نحوه، کما لا کاد یتحقق الداعی لإرادته، و العزم علیه، ما لم یکن مائلا إلی إرادة الجامع، و التحریک نحوه، فتأمل جیدا (منه قدس سره).


1- أثبتناها من ب .

ص: 142

ربما یقال بأنه محال فإن الأقل إذا وجد کان هو الواجب لا محالة و لو کان فی ضمن الأکثر لحصول الغرض به و کان الزائد علیه من أجزاء الأکثر زائدا علی الواجب لکنه لیس کذلک فإنه إذا فرض أن المحصل للغرض فیما إذا وجد الأکثر هو الأکثر لا الأقل الذی فی ضمنه بمعنی أن یکون لجمیع أجزائه حینئذ دخل فی حصوله و إن کان الأقل لو لم یکن فی ضمنه کان وافیا به أیضا فلا محیص عن التخییر بینهما إذ تخصیص الأقل بالوجوب حینئذ کان بلا مخصص فإن الأکثر بحده یکون مثله علی الفرض مثل أن یکون الغرض الحاصل من رسم الخط مترتبا علی الطویل إذا رسم بما له من الحد لا علی القصیر فی ضمنه و معه کیف یجوز تخصیصه بما لا یعمه و من الواضح کون هذا الفرض بمکان من الإمکان.

إن قلت هبه فی مثل ما إذا کان للأکثر وجود واحد لم یکن للأقل فی ضمنه وجود علی حدة کالخط الطویل الذی رسم دفعة بلا تخلل سکون فی البین لکنه ممنوع فیما کان له فی ضمنه وجود کتسبیحة فی ضمن تسبیحات ثلاث أو خط طویل رسم مع تخلل العدم فی رسمه فإن الأقل قد وجد بحده و به یحصل الغرض علی الفرض و معه لا محالة یکون الزائد علیه مما لا دخل له فی حصوله فیکون زائدا علی الواجب لا من أجزائه.

قلت لا یکاد یختلف الحال بذاک فإنه مع الفرض لا یکاد یترتب الغرض علی الأقل فی ضمن الأکثر و إنما یترتب علیه بشرط عدم الانضمام و معه کان مترتبا علی الأکثر بالتمام.

و بالجملة إذا کان کل واحد من الأقل و الأکثر بحده مما یترتب علیه الغرض فلا محالة یکون الواجب هو الجامع بینهما و کان التخییر بینهما عقلیا إن کان هناک غرض واحد و تخییرا شرعیا فیما کان هناک غرضان علی ما عرفت.

ص: 143

نعم لو کان الغرض مترتبا علی الأقل من دون دخل للزائد لما کان الأکثر مثل الأقل و عدلا له بل کان فیه اجتماع الواجب و غیره مستحبا کان أو غیره حسب اختلاف الموارد فتدبر جیدا.

فصل فی الوجوب الکفائی

فصل فی الوجوب(1)الکفائی

و التحقیق أنه سنخ من الوجوب و له تعلق بکل واحد بحیث لو أخل بامتثاله الکل لعوقبوا علی مخالفته جمیعا و إن سقط عنهم لو أتی به بعضهم و ذلک لأنه قضیة ما إذا کان هناک غرض واحد حصل بفعل واحد صادر عن الکل أو البعض.

کما أن الظاهر هو امتثال الجمیع لو أتوا به دفعة و استحقاقهم للمثوبة و سقوط الغرض بفعل الکل کما هو قضیة توارد العلل المتعددة علی معلول واحد.

فصل [الواجب المؤقت]

لا یخفی أنه و إن کان الزمان مما لا بد منه عقلا فی الواجب إلا أنه تارة مما له دخل فیه شرعا فیکون موقتا و أخری لا دخل له فیه أصلا فهو غیر موقت و الموقت إما أن یکون الزمان المأخوذ فیه بقدره فمضیق و إما أن یکون أوسع منه فموسع.

و لا یذهب علیک أن الموسع کلی کما کان له أفراد دفعیة کان له أفراد تدریجیة یکون التخییر بینها کالتخییر بین أفرادها الدفعیة عقلیا.

و لا وجه لتوهم أن یکون التخییر بینها شرعیا ضرورة أن نسبتها إلی الواجب نسبة أفراد الطبائع إلیها کما لا یخفی و وقوع الموسع فضلا عن


1- فی ب: فی الوجوب الواجب الکفائی.

ص: 144

إمکانه مما لا ریب فیه و لا شبهة تعتریه و لا اعتناء ببعض التسویلات کما یظهر من المطولات.

ثم إنه لا دلالة للأمر بالموقت بوجه علی الأمر به فی خارج الوقت بعد فوته فی الوقت لو لم نقل بدلالته علی عدم الأمر به.

نعم لو کان التوقیت بدلیل منفصل لم یکن له إطلاق علی التقیید بالوقت و کان لدلیل الواجب إطلاق لکان قضیة إطلاقه ثبوت الوجوب بعد انقضاء الوقت و کون التقیید به بحسب تمام المطلوب لا أصله.

و بالجملة التقیید بالوقت کما یکون بنحو وحدة المطلوب کذلک ربما یکون بنحو تعدد المطلوب بحیث کان أصل الفعل و لو فی خارج الوقت مطلوبا فی الجملة و إن لم یکن بتمام المطلوب إلا أنه لا بد فی إثبات أنه بهذا النحو من دلالة و لا یکفی الدلیل علی الوقت إلا فیما عرفت و مع عدم الدلالة فقضیة أصالة البراءة عدم وجوبها فی خارج الوقت و لا مجال لاستصحاب وجوب الموقت بعد انقضاء الوقت فتدبر جیدا.

فصل [الأمر بالأمر]

الأمر بالأمر بشی ء أمر به لو کان الغرض حصوله و لم یکن له غرض فی توسیط أمر الغیر به إلا تبلیغ(1)أمره به کما هو المتعارف فی أمر الرسل بالأمر أو النهی و أما لو کان الغرض من ذلک یحصل بأمره بذاک الشی ء من دون تعلق غرضه به أو مع تعلق غرضه به لا مطلقا بل بعد تعلق أمره به فلا یکون أمرا بذاک الشی ء کما لا یخفی.

و قد انقدح بذلک أنه لا دلالة بمجرد الأمر بالأمر علی کونه أمرا به و لا بد فی الدلالة


1- فی ب: بتبلیغ.

ص: 145

علیه من قرینة علیه.

فصل [الأمر بعد الأمر]

إذا ورد أمر بشی ء بعد الأمر به قبل امتثاله فهل یوجب تکرار ذاک الشی ء أو تأکید الأمر الأول و البعث الحاصل به قضیة إطلاق المادة هو التأکید فإن الطلب تأسیسا لا یکاد یتعلق بطبیعة واحدة مرتین من دون أن یجی ء تقیید لها فی البین و لو کان بمثل مرة أخری کی یکون متعلق کل منهما غیر متعلق الآخر کما لا یخفی و المنساق من إطلاق الهیئة و إن کان هو تأسیس الطلب لا تأکیده إلا أن الظاهر هو انسباق التأکید عنها فیما کانت مسبوقة بمثلها و لم یذکر هناک سبب أو ذکر سبب واحد.

ص: 146

ص: 147

المقصد الثانی النواهی

اشارة

ص: 148

ص: 149

المقصد الثانی فی النواهی

فصل [فی مادة النهی و صیغته]

اشارة

الظاهر أن النهی بمادته و صیغته فی الدلالة علی الطلب مثل الأمر بمادته و صیغته غیر أن متعلق الطلب فی أحدهما الوجود و فی الآخر العدم فیعتبر فیه ما استظهرنا اعتباره فیه بلا تفاوت أصلا نعم یختص النهی بخلاف و هو أن متعلق الطلب فیه هل هو الکف أو مجرد الترک و أن لا یفعل.

و الظاهر هو الثانی و توهم أن الترک و مجرد أن لا یفعل خارج عن تحت الاختیار فلا یصح أن یتعلق به البعث و الطلب فاسد فإن الترک أیضا یکون مقدورا و إلا لما کان الفعل مقدورا و صادرا بالإرادة و الاختیار و کون العدم الأزلی لا بالاختیار لا یوجب أن یکون کذلک بحسب البقاء و الاستمرار الذی یکون بحسبه محلا للتکلیف.

[عدم دلالة النهی علی التکرار]

ثم إنه لا دلالة لصیغته علی الدوام و التکرار کما لا دلالة لصیغة الأمر و إن کان قضیتهما عقلا تختلف و لو مع وحدة متعلقهما بأن یکون طبیعة واحدة بذاتها و قیدها تعلق بها الأمر مرة و النهی أخری ضرورة أن وجودها یکون بوجود فرد واحد و عدمها لا یکاد یکون إلا بعدم الجمیع کما لا یخفی.

و من ذلک یظهر أن الدوام و الاستمرار إنما یکون فی النهی إذا کان متعلقه طبیعة مطلقة غیر مقیدة بزمان أو حال فإنه حینئذ لا یکاد یکون مثل هذه الطبیعة معدومة إلا بعدم جمیع أفرادها الدفعیة و التدریجیة.

ص: 150

و بالجملة قضیة النهی لیس إلا ترک تلک الطبیعة التی تکون متعلقة له کانت مقیدة أو مطلقة و قضیة ترکها عقلا إنما هو ترک جمیع أفرادها.

ثم إنه لا دلالة للنهی علی إرادة الترک لو خولف أو عدم إرادته بل لا بد فی تعیین ذلک من دلالة و لو کان إطلاق المتعلق من هذه الجهة و لا یکفی إطلاقها من سائر الجهات فتدبر جیدا.

فصل اختلفوا فی جواز اجتماع الأمر و النهی فی واحد و امتناعه

اشارة

علی أقوال(1)ثالثها(2)جوازه عقلا و امتناعه عرفا

و قبل الخوض فی المقصود یقدم أمور
الأول [بیان المراد بالواحد الذی تعلق به الأمر و النهی]

المراد بالواحد مطلق ما کان ذا وجهین و مندرجا تحت عنوانین بأحدهما کان موردا للأمر و بالآخر للنهی و إن کان کلیا مقولا علی کثیرین کالصلاة فی المغصوب و إنما ذکر لإخراج ما إذا تعدد متعلق الأمر و النهی و لم یجتمعا وجودا و لو جمعهما واحد مفهوما کالسجود لله تعالی و السجود للصنم مثلا لا لإخراج الواحد الجنسی أو النوعی کالحرکة و السکون الکلیین المعنونین بالصلاتیة و الغصبیة.

الثانی الفرق بین هذه المسألة و مسألة النهی فی العبادة
اشارة

الثانی الفرق بین هذه المسألة و مسألة النهی فی العبادة (3)

اشارة

هو أن الجهة المبحوث عنها فیها التی بها تمتاز المسائل هی أن تعدد الوجه و العنوان فی الواحد یوجب تعدد متعلق الأمر و النهی بحیث یرتفع به غائلة استحالة الاجتماع فی الواحد بوجه واحد أو لا یوجبه بل یکون حاله حاله فالنزاع فی سرایة کل


1- راجع مطارح الأنظار/ 129. فی اجتماع الأمر و النهی.
2- مجمع الفائدة و البرهان للأردبیلی 2: 110.
3- فی « ب» العبادات.

ص: 151

من الأمر و النهی إلی متعلق الآخر لاتحاد متعلقیهما وجودا و عدم سرایته لتعددهما وجها و هذا بخلاف الجهة المبحوث عنها فی المسألة الأخری فإن البحث فیها فی أن النهی فی العبادة [أو المعاملة] (1) یوجب فسادها بعد الفراغ عن التوجه إلیها.

نعم لو قیل بالامتناع مع ترجیح جانب النهی فی مسألة الاجتماع یکون مثل الصلاة فی الدار المغصوبة من صغریات تلک المسألة.

[تقریر الفصول فی الفرق بین المسألتین]

فانقدح أن الفرق بین المسألتین فی غایة الوضوح و أما (ما أفاده فی الفصول (2) من الفرق بما هذه عبارته.

ثم اعلم أن الفرق بین المقام و المقام المتقدم و هو أن الأمر و النهی هل یجتمعان فی شی ء واحد أو لا أما فی المعاملات فظاهر و أما فی العبادات فهو أن النزاع هناک فیما إذا تعلق الأمر و النهی بطبیعتین متغایرتین بحسب الحقیقة و إن کان بینهما عموم مطلق و هنا فیما إذا اتحدتا حقیقة و تغایرتا بمجرد الإطلاق و التقیید بأن تعلق الأمر بالمطلق و النهی بالمقید انتهی موضع الحاجة) فاسد فإن مجرد تعدد الموضوعات و تغایرها بحسب الذوات لا یوجب التمایز بین المسائل ما لم یکن هناک اختلاف الجهات و معه لا حاجة أصلا إلی تعددها بل لا بد من عقد مسألتین مع وحدة الموضوع و تعدد الجهة المبحوث عنها و عقد مسألة واحدة فی صورة العکس کما لا یخفی.

و من هنا انقدح أیضا فساد الفرق بأن النزاع هنا فی جواز الاجتماع عقلا و هناک فی دلالة النهی لفظا فإن مجرد ذلک لو لم یکن تعدد الجهة فی البین لا یوجب إلا تفصیلا فی المسألة الواحدة لا عقد مسألتین هذا مع


1- أثبتناها من « ب».
2- الفصول/ 140، فصل فی دلالة النهی علی فساد المنهی عنه.

ص: 152

عدم اختصاص النزاع فی تلک المسألة بدلالة اللفظ کما سیظهر.

الثالث [فی کون مسألة الاجتماع أصولیة]

أنه حیث کانت نتیجة هذه المسألة مما تقع فی طریق الاستنباط کانت المسألة من المسائل الأصولیة لا من مبادئها الأحکامیة و لا التصدیقیة و لا من المسائل الکلامیة و لا من المسائل الفرعیة و إن کانت فیها جهاتها کما لا یخفی ضرورة أن مجرد ذلک لا یوجب کونها منها إذا کانت فیها جهة أخری یمکن عقدها معها من المسائل إذ لا مجال حینئذ لتوهم عقدها من غیرها فی الأصول و إن عقدت کلامیة فی الکلام و صح عقدها فرعیة أو غیرها بلا کلام و قد عرفت فی أول الکتاب (1) أنه لا ضیر فی کون مسألة واحدة یبحث فیها عن جهة خاصة من مسائل علمین لانطباق جهتین عامتین علی تلک الجهة کانت بإحداهما من مسائل علم و بالأخری من آخر فتذکر.

الرابع [فی کون المسألة عقلیة لا لفظیة]

أنه قد ظهر من مطاوی ما ذکرناه أن المسألة عقلیة و لا اختصاص للنزاع فی جواز الاجتماع و الامتناع فیها بما إذا کان الإیجاب و التحریم باللفظ کما ربما یوهمه التعبیر بالأمر و النهی الظاهرین فی الطلب بالقول إلا أنه لکون الدلالة علیهما غالبا بهما کما هو أوضح من أن یخفی و ذهاب البعض (2) إلی الجواز عقلا و الامتناع عرفا لیس بمعنی دلالة اللفظ بل بدعوی أن الواحد بالنظر الدقیق العقلی اثنین و أنه بالنظر المسامحی العرفی واحد ذو وجهین و إلا فلا یکون معنی محصلا للامتناع العرفی غایة الأمر دعوی دلالة اللفظ علی عدم الوقوع بعد اختیار جواز الاجتماع فتدبر جیدا.

الخامس [شمول النزاع فی مسألة الاجتماع لأنواع الإیجاب و التحریم]

لا یخفی أن ملاک النزاع فی جواز الاجتماع و الامتناع یعم جمیع أقسام الإیجاب و التحریم کما هو قضیة إطلاق لفظ الأمر و النهی


1- فی الأمر الأول من مقدمة الکتاب/ 7.
2- الأردبیلی فی شرح الإرشاد 2/ 110.

ص: 153

و دعوی الانصراف إلی النفسیین التعیینیین العینیین فی مادتهما غیر خالیة عن الاعتساف و إن سلم فی صیغتهما مع أنه فیها ممنوع (1).

نعم لا یبعد دعوی الظهور و الانسباق من الإطلاق بمقدمات الحکمة الغیر الجاریة فی المقام لما عرفت من عموم الملاک لجمیع الأقسام و کذا ما وقع فی البین من النقض و الإبرام مثلا إذا أمر بالصلاة و الصوم تخییرا بینهما و کذلک نهی عن التصرف فی الدار و المجالسة مع الأغیار فصلی فیها مع مجالستهم کان حال الصلاة فیها حالها کما إذا أمر بها تعیینا (2) و نهی عن التصرف فیها کذلک فی جریان النزاع فی الجواز و الامتناع و مجی ء أدلة الطرفین و ما وقع من النقض و الإبرام فی البین فتفطن.

السادس [اعتبار المندوحة و عدمه فی محل النزاع]

أنه ربما یؤخذ فی محل النزاع قید المندوحة فی مقام الامتثال بل ربما قیل بأن الإطلاق إنما هو للاتکال علی الوضوح إذ بدونها یلزم التکلیف بالمحال.

و لکن التحقیق مع ذلک عدم اعتبارها فی ما هو المهم فی محل النزاع من لزوم المحال و هو اجتماع الحکمین المتضادین و عدم الجدوی فی کون موردهما موجها بوجهین فی رفع غائلة اجتماع الضدین أو عدم لزومه و أن تعدد الوجه یجدی فی رفعها [دفعها] و لا یتفاوت فی ذلک أصلا وجود المندوحة و عدمها و لزوم التکلیف بالمحال بدونها محذور آخر لا دخل له بهذا النزاع.

نعم لا بد من اعتبارها فی الحکم بالجواز فعلا لمن یری التکلیف بالمحال محذورا و محالا کما ربما لا بد من اعتبار أمر آخر فی الحکم به کذلک أیضا.

و بالجملة لا وجه لاعتبارها إلا لأجل اعتبار القدرة علی الامتثال و عدم


1- فی « ب»: ممنوعة.
2- فی « ب»: تعیّنا.

ص: 154

لزوم التکلیف بالمحال و لا دخل له بما هو المحذور فی المقام من التکلیف المحال فافهم و اغتنم.

السابع [ابتناء النزاع علی تعلق الأحکام بالطبائع لا الأفراد]

أنه ربما یتوهم تارة أن النزاع فی الجواز و الامتناع یبتنی علی القول بتعلق الأحکام بالطبائع و أما الامتناع علی القول بتعلقها بالأفراد فلا یکاد یخفی ضرورة لزوم تعلق الحکمین بواحد شخصی و لو کان ذا وجهین علی هذا القول.

و أخری أن القول بالجواز مبنی علی القول بالطبائع لتعدد متعلق الأمر و النهی ذاتا علیه و إن اتحد وجودا و القول بالامتناع علی القول بالأفراد لاتحاد متعلقهما شخصا خارجا و کونه فردا واحدا.

و أنت خبیر بفساد کلا التوهمین فإن تعدد الوجه إن کان یجدی بحیث لا یضر معه الاتحاد بحسب الوجود و الإیجاد لکان یجدی و لو علی القول بالأفراد فإن الموجود الخارجی الموجه بوجهین یکون فردا لکل من الطبیعتین فیکون مجمعا لفردین موجودین بوجود واحد فکما لا یضر وحدة الوجود بتعدد الطبیعتین لا یضر بکون المجمع اثنین بما هو مصداق و فرد لکل من الطبیعتین و إلا لما کان یجدی أصلا حتی علی القول بالطبائع کما لا یخفی لوحدة الطبیعتین وجودا و اتحادهما خارجا فکما أن وحدة الصلاتیة و الغصبیة فی الصلاة فی الدار المغصوبة وجودا غیر ضائر بتعددهما و کونهما طبیعتین کذلک وحدة ما وقع فی الخارج من خصوصیات الصلاة فیها وجودا غیر ضائر بکونه فردا للصلاة فیکون مأمورا به و فردا للغصب فیکون منهیا عنه فهو علی وحدته وجودا یکون اثنین لکونه مصداقا للطبیعتین فلا تغفل.

الثامن [اعتبار وجود المناطین فی المجمع]

أنه لا یکاد یکون من باب الاجتماع إلا إذا کان فی کل واحد من متعلقی الإیجاب و التحریم مناط حکمه مطلقا حتی فی مورد

ص: 155

التصادق و الاجتماع کی یحکم علی الجواز بکونه فعلا محکوما بالحکمین و علی الامتناع بکونه محکوما بأقوی المناطین أو بحکم آخر غیر الحکمین فیما لم یکن هناک أحدهما أقوی کما یأتی تفصیله (1).

و أما إذا لم یکن للمتعلقین مناط کذلک فلا یکون من هذا الباب و لا یکون مورد الاجتماع محکوما إلا بحکم واحد منهما إذا کان له مناطه أو حکم آخر غیرهما فیما لم یکن لواحد منهما قیل بالجواز و الامتناع هذا بحسب مقام الثبوت.

و أما بحسب مقام الدلالة و الإثبات فالروایتان الدالتان علی الحکمین متعارضتان إذا أحرز أن المناط من قبیل الثانی فلا بد من حمل المعارضة حینئذ بینهما فی الترجیح و التخییر و إلا فلا تعارض فی البین بل کان من باب التزاحم بین المقتضیین فربما کان الترجیح مع ما هو أضعف دلیلا لکونه أقوی مناطا فلا مجال حینئذ لملاحظة مرجحات الروایات أصلا بل لا بد من مرجحات المقتضیات المتزاحمات کما یأتی الإشارة (2) إلیها.

نعم لو کان کل منهما متکفلا للحکم الفعلی لوقع بینهما التعارض فلا بد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم یوفق بینهما بحمل أحدهما علی الحکم الاقتضائی بملاحظة مرجحات باب المزاحمة فتفطن.

التاسع [فی ما یستکشف به المناط]

أنه قد عرفت أن المعتبر فی هذا الباب أن یکون کل واحد من الطبیعة المأمور بها و المنهی عنها مشتملة علی مناط الحکم مطلقا حتی فی حال الاجتماع فلو کان هناک ما دل علی ذلک من إجماع أو غیره فلا إشکال و لو لم یکن إلا إطلاق دلیلی الحکمین ففیه تفصیل و هو.

أن الإطلاق لو کان فی بیان الحکم الاقتضائی لکان دلیلا علی ثبوت


1- راجع التنبیه من تنبیهات اجتماع الأمر و النهی، ص 174.
2- راجع التنبیه من تنبیهات اجتماع الأمر و النهی، ص 174.

ص: 156

المقتضی و المناط فی مورد الاجتماع فیکون من هذا الباب و لو کان بصدد الحکم الفعلی فلا إشکال فی استکشاف ثبوت المقتضی فی الحکمین علی القول بالجواز إلا إذا علم إجمالا بکذب أحد الدلیلین فیعامل معهما معاملة المتعارضین و أما علی القول بالامتناع فالإطلاقان متنافیان من غیر دلالة علی ثبوت المقتضی للحکمین فی مورد الاجتماع أصلا فإن انتفاء أحد المتنافیین کما یمکن أن یکون لأجل المانع مع ثبوت المقتضی له یمکن أن یکون لأجل انتفائه إلا أن یقال إن قضیة التوفیق بینهما هو حمل کل منهما علی الحکم الاقتضائی لو لم یکن أحدهما أظهر و إلا فخصوص الظاهر منهما.

فتلخص أنه کلما کانت هناک دلالة علی ثبوت المقتضی فی الحکمین کان من مسألة الاجتماع و کلما لم تکن هناک دلالة علیه فهو من باب التعارض مطلقا إذا کانت هناک دلالة علی انتفائه فی أحدهما بلا تعیین و لو علی الجواز و إلا فعلی الامتناع.

العاشر [ثمرة بحث الاجتماع و أحکامها]
العاشر [ثمرة بحث الاجتماع و أحکامها]
اشارة

أنه لا (1)إشکال فی سقوط الأمر و حصول الامتثال بإتیان المجمع بداعی الأمر علی الجواز مطلقا و لو فی العبادات و إن کان معصیة للنهی أیضا و کذا الحال علی الامتناع مع ترجیح جانب الأمر إلا أنه لا معصیة علیه و أما علیه و ترجیح جانب النهی فیسقط به الأمر به مطلقا فی غیر العبادات لحصول الغرض الموجب له و أما فیها فلا مع الالتفات إلی الحرمة أو بدونه تقصیرا فإنه و إن کان متمکنا مع عدم الالتفات من قصد القربة و قد قصدها إلا أنه مع التقصیر لا یصلح لأن یتقرب به أصلا فلا یقع مقربا و بدونه لا یکاد یحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة کما لا یخفی و أما إذا لم یلتفت إلیها قصورا و قد قصد القربة بإتیانه فالأمر


1- من هنا الی ص 184 عند قوله « ضرورة أنه لولا جعله» سقط من نسخة ( أ) المعتمدة عندنا.

ص: 157

یسقط لقصد التقرب بما یصلح أن یتقرب به لاشتماله علی المصلحة مع صدوره حسنا لأجل الجهل بحرمته قصورا فیحصل به الغرض من الأمر فیسقط به قطعا و إن لم یکن امتثالا له بناء علی تبعیة الأحکام لما هو الأقوی من جهات المصالح و المفاسد واقعا لا لما هو المؤثر منها فعلا للحسن أو القبح لکونهما تابعین لما علم منهما کما حقق فی محله.

مع أنه یمکن أن یقال بحصول الامتثال مع ذلک فإن العقل لا یری تفاوتا بینه و بین سائر الأفراد فی الوفاء بغرض (1) الطبیعة المأمور بها و إن لم تعمه بما هی مأمور بها لکنه لوجود المانع لا لعدم المقتضی.

و من هنا انقدح أنه یجزی و لو قیل باعتبار قصد الامتثال فی صحة العبادة و عدم کفایة الإتیان بمجرد المحبوبیة کما یکون کذلک فی ضد الواجب حیث لا یکون هناک أمر یقصد أصلا.

و بالجملة مع الجهل قصورا بالحرمة موضوعا أو حکما یکون الإتیان بالمجمع امتثالا و بداعی الأمر بالطبیعة لا محالة غایة الأمر أنه لا یکون مما تسعه بما هی مأمور بها لو قیل بتزاحم الجهات فی مقام تأثیرها للأحکام الواقعیة و أما لو قیل بعدم التزاحم إلا فی مقام فعلیة الأحکام لکان مما تسعه و امتثالا لأمرها بلا کلام.

[الفرق بین الاجتماع و التعارض]

و قد انقدح بذلک الفرق بین ما إذا کان دلیلا الحرمة و الوجوب متعارضین و قدم دلیل الحرمة تخییرا أو ترجیحا حیث لا یکون معه مجال للصحة أصلا و بین ما إذا کانا من باب الاجتماع.

و قیل بالامتناع و تقدیم جانب الحرمة حیث یقع صحیحا فی غیر مورد من موارد الجهل و النسیان لموافقته للغرض بل للأمر و من هنا علم أن


1- فی « ب»: لغرض، و ما أثبتناه من النسخ المطبوع هو الأصحّ.

ص: 158

الثواب علیه من قبیل الثواب علی الإطاعة لا الانقیاد و مجرد اعتقاد الموافقة.

و قد ظهر بما ذکرناه وجه حکم الأصحاب بصحة الصلاة فی الدار المغصوبة مع النسیان أو الجهل بالموضوع بل أو الحکم إذا کان عن قصور مع أن الجل لو لا الکل قائلون بالامتناع و تقدیم الحرمة و یحکمون بالبطلان فی غیر موارد العذر فلتکن من ذلک علی ذکر.

[دلیل الامتناع و تمهید مقدمات]
اشارة

إذا عرفت هذه الأمور فالحق هو القول بالامتناع کما ذهب إلیه المشهور و تحقیقه علی وجه یتضح به فساد ما قیل أو یمکن أن یقال من وجوه الاستدلال لسائر الأقوال یتوقف علی تمهید مقدمات

إحداها [تضاد الأحکام الخمسة]

أنه لا ریب فی أن الأحکام الخمسة متضادة فی مقام فعلیتها و بلوغها إلی مرتبة البعث و الزجر ضرورة ثبوت المنافاة و المعاندة التامة بین البعث نحو واحد فی زمان و الزجر عنه فی ذاک الزمان و إن لم یکن بینهما مضادة ما لم یبلغ إلی تلک المرتبة لعدم المنافاة و المعاندة بین وجوداتها الإنشائیة قبل البلوغ إلیها کما لا یخفی فاستحالة اجتماع الأمر و النهی فی واحد لا تکون من باب التکلیف بالمحال بل من جهة أنه بنفسه محال فلا یجوز عند من یجوز التکلیف بغیر المقدور أیضا.

ثانیتها [تعلق الحکم الشرعی بالموجود خارجا]

أنه لا شبهة فی أن متعلق الأحکام هو فعل المکلف و ما هو فی الخارج یصدر عنه و هو فاعله و جاعله لا ما هو اسمه و هو واضح و لا ما هو عنوانه مما قد انتزع عنه بحیث لو لا انتزاعه تصورا و اختراعه ذهنا لما کان بحذائه شی ء خارجا و یکون خارج المحمول کالملکیة و الزوجیة و الرقیة و الحریة و المغصوبیة (1) إلی غیر ذلک من الاعتبارات و الإضافات ضرورة أن البعث لیس نحوه و الزجر لا یکون عنه و إنما یؤخذ فی متعلق الأحکام آلة للحاظ


1- فی « ب»: الغصبیة.

ص: 159

متعلقاتها و الإشارة إلیها بمقدار الغرض منها و الحاجة إلیها لا بما هو هو و بنفسه و علی استقلاله و حیاله.

ثالثتها [عدم إیجاب تعدد الوجه لتعدد المعنون]

أنه لا یوجب تعدد الوجه و العنوان تعدد المعنون و لا ینثلم به وحدته فإن المفاهیم المتعددة و العناوین الکثیرة ربما تنطبق علی الواحد و تصدق علی الفارد الذی لا کثرة فیه من جهة بل بسیط من جمیع الجهات لیس فیه حیث غیر حیث و جهة مغایرة لجهة أصلا کالواجب تبارک و تعالی فهو علی بساطته و وحدته و أحدیته تصدق علیه مفاهیم الصفات الجلالیة و الجمالیة له الأسماء الحسنی و الأمثال العلیا لکنها بأجمعها حاکیة عن ذاک الواحد الفرد الأحد.

عباراتنا شتی و حسنک واحد ***و کل إلی ذاک الجمال یشیر.

رابعتها [المتحد وجودا متحد ماهیة]

أنه لا یکاد یکون للموجود بوجود واحد إلا ماهیة واحدة و حقیقة فاردة لا یقع فی جواب السؤال عن حقیقته بما هو إلا تلک الماهیة فالمفهومان المتصادقان علی ذاک لا یکاد یکون کل منهما ماهیة و حقیقة و کانت عینه فی الخارج کما هو شأن الطبیعی و فرده فیکون الواحد وجودا واحدا ماهیة و ذاتا لا محالة فالمجمع و إن تصادق علیه متعلقا الأمر و النهی إلا أنه کما یکون واحدا وجودا یکون واحدا ماهیة و ذاتا و لا یتفاوت فیه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهیة.

و منه ظهر عدم ابتناء القول بالجواز و الامتناع فی المسألة علی القولین فی تلک المسألة کما توهم فی الفصول (1) کما ظهر عدم الابتناء علی تعدد وجود الجنس و الفصل فی الخارج و عدم تعدده ضرورة عدم کون العنوانین المتصادقین علیه من قبیل الجنس و الفصل له و أن مثل الحرکة فی دار من أی


1- فی « ب»: الغصبیة.

ص: 160

مقولة کانت لا یکاد یختلف حقیقتها و ماهیتها و یتخلف ذاتیاتها وقعت جزءا للصلاة أو لا کانت تلک الدار مغصوبة أو لا [1].

[مختار المصنف]

إذا عرفت ما مهدناه عرفت أن المجمع حیث کان واحدا وجودا و ذاتا کان تعلق الأمر و النهی به محالا و لو کان تعلقهما به بعنوانین لما عرفت من کون فعل المکلف بحقیقته و واقعیته الصادرة عنه متعلقا للأحکام لا بعناوینه الطارئة علیه و أن غائلة اجتماع الضدین فیه لا تکاد ترتفع بکون الأحکام تتعلق بالطبائع لا الأفراد (1) فإن غایة تقریبه أن یقال إن الطبائع من حیث هی هی و إن کانت لیست إلا هی و لا تتعلق بها الأحکام الشرعیة کالآثار العادیة و العقلیة إلا أنها مقیدة بالوجود بحیث کان القید خارجا و التقید داخلا صالحة لتعلق الأحکام بها و متعلقا الأمر و النهی علی هذا لا یکونان متحدین أصلا لا فی مقام تعلق البعث و الزجر و لا فی مقام عصیان النهی و إطاعة الأمر بإتیان المجمع بسوء الاختیار.

أما فی المقام الأول فلتعددهما بما هما متعلقان لهما و إن کانا متحدین فیما هو خارج عنهما بما هما کذلک.

و أما فی المقام الثانی فلسقوط أحدهما بالإطاعة و الآخر بالعصیان بمجرد الإتیان ففی أی مقام اجتمع الحکمان فی واحد.

و أنت خبیر بأنه لا یکاد یجدی بعد ما عرفت من أن تعدد العنوان لا یوجب تعدد المعنون لا وجودا و لا ماهیة و لا تنثلم به وحدته أصلا و أن المتعلق للأحکام هو المعنونات لا العنوانات و أنها إنما تؤخذ فی المتعلقات بما

[1] و قد عرفت أن صدق ال عناوین المتعددة، لا تکاد تنثلم به وحدة المعنون- لا ذاتا و لا وجودا- غایته أن تکون له خصوصیة بها یستحق الاتصاف بها، و محدودا بحدود موجبة لانطباقها علیه، کما لا یخفی، حدوده و مخصصاته لا توجب تعدده بوجه أصلا، فتدبّر جیدا (منه قدّس سرّه).


1- کما فی قوانین الأصول 1/ 140.

ص: 161

هی حاکیات کالعبارات لا بما هی علی حیالها و استقلالها.

کما ظهر مما حققناه أنه لا یکاد یجدی أیضا کون الفرد مقدمة لوجود الطبیعی المأمور به أو المنهی عنه و أنه لا ضیر فی کون المقدمة محرمة فی صورة عدم الانحصار بسوء الاختیار و ذلک مضافا إلی وضوح فساده و أن الفرد هو عین الطبیعی فی الخارج کیف و المقدمیة تقتضی الاثنینیة بحسب الوجود و لا تعدد کما هو واضح أنه إنما یجدی لو لم یکن المجمع واحدا ماهیة و قد عرفت بما لا مزید علیه أنه بحسبها أیضا واحد.

[بعض أدلة المجوزین و المناقشة فیها]
اشارة

ثم إنه قد استدل (1) علی الجواز بأمور.

منها (2) أنه لو لم یجز اجتماع الأمر و النهی لما وقع نظیره و قد وقع کما فی العبادات المکروهة کالصلاة فی مواضع التهمة و فی الحمام و الصیام فی السفر و فی بعض الأیام.

بیان الملازمة أنه لو لم یکن تعدد الجهة مجدیا فی إمکان اجتماعهما لما جاز اجتماع حکمین آخرین فی مورد مع تعددها لعدم اختصاصهما من بین الأحکام بما یوجب الامتناع من التضاد بداهة تضادها بأسرها و التالی باطل لوقوع اجتماع الکراهة و الإیجاب أو الاستحباب فی مثل الصلاة فی الحمام و الصیام فی السفر و فی عاشوراء و لو فی الحضر و اجتماع الوجوب أو الاستحباب مع الإباحة أو الاستحباب فی مثل الصلاة فی المسجد أو الدار.

و الجواب عنه أما إجمالا فبأنه لا بد من التصرف و التأویل فیما وقع فی الشریعة مما ظاهره الاجتماع بعد قیام الدلیل علی الامتناع ضرورة أن


1- انظر قوانین الأصول 1/ 140.
2- هذا هو الوجه الثانی الذی استدل به، قوانین الأصول 1/ 142.

ص: 162

الظهور لا یصادم البرهان مع أن قضیة ظهور تلک الموارد اجتماع الحکمین فیها بعنوان واحد و لا یقول الخصم بجوازه کذلک بل بالامتناع ما لم یکن بعنوانین و بوجهین فهو أیضا لا بد [له] من التفصی عن إشکال الاجتماع فیها لا سیما إذا لم یکن هناک مندوحة کما فی العبادات المکروهة التی لا بدل لها فلا یبقی له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فیها علی جوازه أصلا کما لا یخفی.

[أقسام العبادات المکروهة]
اشارة

و أما تفصیلا فقد أجیب عنه بوجوه (1) یوجب ذکرها بما فیها من النقض و الإبرام طول الکلام بما لا یسعه المقام فالأولی الاقتصار علی ما هو التحقیق فی حسم مادة الإشکال فیقال و علی الله الاتکال إن العبادات المکروهة علی ثلاثة أقسام.

أحدها ما تعلق به النهی بعنوانه و ذاته و لا بدل له کصوم یوم عاشوراء (2) و النوافل المبتدأة فی بعض الأوقات (3).

ثانیها ما تعلق به النهی کذلک و یکون له البدل کالنهی عن الصلاة فی الحمام (4).

ثالثها ما تعلق النهی به لا بذاته بل بما هو مجامع معه وجودا


1- راجع مطارح الأنظار/ 130 و ما بعده.
2- الکافی 4/ 146، باب صوم عرفة و عاشوراء، الأحادیث 4 إلی 7- و للمزید راجع وسائل الشعیة، 7/ 339 الباب 21 من أبواب الصوم المندوب.
3- الکافی 3/ 288 باب التطوع فی وقت الفریضة و الساعات التی لا یصلّی فیهاالاستبصار 1/ 277 باب وقت نوافل النهار- و للمزید راجع وسائل الشیعة 3/ 170، الباب 38 من أبواب المواقیت.
4- الافی 3/ 390 الحدیث 12 من باب الصلاة فی الکعبة... الخ.

ص: 163

أو ملازم له خارجا کالصلاة فی مواضع التهمة (1) بناء علی کون النهی عنها لأجل اتحادها مع الکون فی مواضعها.

[الجواب عن القسم الأول من العبادات المکروهة]

أما القسم الأول فالنهی تنزیها عنه بعد الإجماع علی أنه یقع صحیحا و مع ذلک یکون ترکه أرجح کما یظهر من مداومة الأئمة علیهم السلام علی الترک إما لأجل انطباق عنوان ذی مصلحة علی الترک فیکون الترک کالفعل ذا مصلحة موافقة للغرض و إن کان مصلحة الترک أکثر فهما حینئذ یکونان من قبیل المستحبین المتزاحمین فیحکم بالتخییر بینهما لو لم یکن أهم فی البین و إلا فیتعین الأهم و إن کان الآخر یقع صحیحا حیث إنه کان راجحا و موافقا للغرض کما هو الحال فی سائر المستحبات المتزاحمات بل الواجبات و أرجحیة الترک من الفعل لا توجب [1] حزازة و منقصة فیه أصلا کما یوجبها ما إذا کان فیه مفسدة غالبة علی مصلحته و لذا لا یقع صحیحا علی الامتناع فإن الحزازة و المنقصة فیه مانعة عن صلاحیة التقرب به بخلاف المقام فإنه علی ما هو علیه من الرجحان و موافقة الغرض

[1] ربما یقال: إن أرجحیة الترک، و إن لم توجب منقصة و حزازة فی الفعل أصلا، إلا أنه توجب المنع منه فعلا، و البعث إلی الترک قطعا، کما لا یخفی، و لذا کان ضد الواجب- بناء علی کونه مقدمة له- حراما، ویفسد لو کان عبادة، مع أنه لا حزازة فی فعله، و إنما کان النهی عنه و طلب ترکه لما فیه من المقدمیة له، و هو علی ما هو علیه من المصلحة، فالمنع عنه لذلک کاف فی فساده لو کان عبادة.

قلت: یمکن أن یقاللاإن النهی التحریمی لذلک و إن کان کافیا فی ذلک بلا إشکال، إلا أن النزیهی غیر کاف، إلا إذا کان عن حزازة فیه، و ذلک لبداهة عدمقابلیة الفعل للتقرب به منه تعالی مع المنع عنه و عدم ترخیصه فی ارتکابه، بخلاف التنزیهی عنه إذا کان لا لحزازة فیه، بل لما فی الترک من المصلحة الراجة، حیث أنه معه مرخوص فیه، و هو علی ما هو علیه من الرجحان و المحبوبیة له تعالی، و لذلک لم تفسد العبادة إذا کانت ضد المستحبة أهم اتفاقا، فتأمل (منه قدس سره).


1- التهذیب 2/ 219 الحدیث 71 من باب 11 ما یجوز الصلاة فیه من اللباس و المکان... الخ. و للمزید راجع وسائل الشیعة 3/ 466 الباب 34 من أبواب مکان المصلی.

ص: 164

کما إذا لم یکن ترکه راجحا بلا حدوث حزازة فیه أصلا.

و إما لأجل ملازمة الترک لعنوان کذلک من دون انطباقه علیه فیکون کما إذا انطبق علیه من غیر تفاوت إلا فی أن الطلب المتعلق به حینئذ لیس بحقیقی بل بالعرض و المجاز فإنما یکون فی الحقیقة متعلقا بما یلازمه من العنوان بخلاف صورة الانطباق لتعلقه به حقیقة کما فی سائر المکروهات من غیر فرق إلا أن منشأه فیها حزازة و منقصة فی نفس الفعل و فیه رجحان فی الترک من دون حزازة فی الفعل أصلا غایة الأمر کون الترک أرجح.

نعم یمکن أن یحمل النهی فی کلا القسمین علی الإرشاد إلی الترک الذی هو أرجح من الفعل أو ملازم لما هو الأرجح و أکثر ثوابا لذلک و علیه یکون النهی علی نحو الحقیقة لا بالعرض و المجاز فلا تغفل.

[الجواب عن القسم الثانی من العبادات المکروهة]

و أما القسم الثانی فالنهی فیه یمکن أن یکون لأجل ما ذکر فی القسم الأول طابق النعل بالنعل کما یمکن أن یکون بسبب حصول منقصة فی الطبیعة المأمور بها لأجل تشخصها فی هذا القسم بمشخص غیر ملائم لها کما فی الصلاة فی الحمام فإن تشخصها بتشخص وقوعها فیه لا یناسب کونها معراجا و إن لم یکن نفس الکون فی الحمام بمکروه و لا حزازة فیه أصلا بل کان راجحا کما لا یخفی.

و ربما یحصل لها لأجل تخصصها بخصوصیة شدیدة الملاءمة معها مزیة فیها کما فی الصلاة فی المسجد و الأمکنة الشریفة و ذلک لأن الطبیعة المأمور بها فی حد نفسها إذا کانت مع تشخص لا یکون له شدة الملاءمة و لا عدم الملاءمة لها مقدار من المصلحة و المزیة کالصلاة فی الدار مثلا و تزداد تلک المزیة فیما کان تشخصها بما له شدة الملاءمة و تنقص فیما إذا لم تکن له ملائمة و لذلک ینقص ثوابها تارة و یزید أخری و یکون النهی فیه لحدوث نقصان فی مزیتها فیه إرشادا إلی ما لا نقصان فیه من سائر الأفراد و یکون أکثر ثوابا منه و لیکن

ص: 165

هذا مراد من (قال إن الکراهة فی العبادة بمعنی أنها تکون أقل ثوابا) و لا یرد علیه بلزوم اتصاف العبادة التی تکون أقل ثوابا من الأخری بالکراهة و لزوم اتصاف ما لا مزید فیه و لا منقصة بالاستحباب لأنه أکثر ثوابا مما فیه المنقصة لما عرفت من أن المراد من کونه أقل ثوابا إنما هو بقیاسه إلی نفس الطبیعة المتشخصة بما لا یحدث معه مزیة لها و لا منقصة من المشخصات و کذا کونه أکثر ثوابا و لا یخفی أن النهی فی هذا القسم لا یصح إلا للإرشاد بخلاف القسم الأول فإنه یکون فیه مولویا و إن کان حمله علی الإرشاد بمکان من الإمکان.

[الجواب عن القسم الثالث من العبادات المکروهة]

و أما القسم الثالث فیمکن أن یکون النهی فیه عن العبادة المتحدة مع ذاک العنوان أو الملازمة له بالعرض و المجاز و کان المنهی عنه به حقیقة ذاک العنوان و یمکن أن یکون علی الحقیقة إرشادا إلی غیرها من سائر الأفراد مما لا یکون متحدا معه أو ملازما له إذ المفروض التمکن من استیفاء مزیة العبادة بلا ابتلاء بحزازة ذاک العنوان أصلا هذا علی القول بجواز الاجتماع.

و أما علی الامتناع فکذلک فی صورة الملازمة و أما فی صورة الاتحاد و ترجیح جانب الأمر کما هو المفروض حیث إنه صحة العبادة فیکون حال النهی فیه حاله فی القسم الثانی فیحمل علی ما حمل علیه فیه طابق النعل بالنعل حیث إنه بالدقة یرجع إلیه إذ علی الامتناع لیس الاتحاد مع العنوان الآخر إلا من مخصصاته و مشخصاته التی تختلف الطبیعة المأمور بها فی المزیة زیادة و نقیصة بحسب اختلافها فی الملاءمة کما عرفت.

و قد انقدح بما ذکرناه أنه لا مجال أصلا لتفسیر الکراهة فی العبادة بأقلیة الثواب فی القسم الأول مطلقا و فی هذا القسم علی القول بالجواز کما انقدح حال اجتماع الوجوب و الاستحباب فیها و أن الأمر الاستحبابی یکون علی نحو

ص: 166

الإرشاد إلی أفضل الأفراد مطلقا علی نحو الحقیقة و مولویا اقتضائیا کذلک و فعلیا بالعرض و المجاز فیما کان ملاکه ملازمتها لما هو مستحب أو متحدا (1) معه علی القول بالجواز.

و لا یخفی أنه لا یکاد یأتی القسم الأول هاهنا فإن انطباق عنوان راجح علی الفعل الواجب الذی لا بدل له إنما یؤکد إیجابه لا أنه یوجب استحبابه أصلا و لو بالعرض و المجاز إلا علی القول بالجواز و کذا فیما إذا لازم مثل هذا العنوان فإنه لو لم یؤکد الإیجاب لما یصحح الاستحباب إلا اقتضائیا بالعرض و المجاز فتفطن.

[دلیل ثالث للمجوزین و جوابه]

و منها أن أهل العرف یعدون من أتی بالمأمور به فی ضمن الفرد المحرم مطیعا و عاصیا من وجهین (2) فإذا أمر المولی عبده بخیاطة ثوب و نهاه عن الکون فی مکان خاص کما مثل به الحاجبی [1] و العضدی (3) فلو خاطه فی ذاک المکان عد مطیعا لأمر الخیاطة و عاصیا للنهی عن الکون فی ذلک المکان.

و فیه مضافا إلی المناقشة فی المثال بأنه لیس من باب الاجتماع ضرورة أن الکون المنهی عنه غیر متحد مع الخیاطة وجودا أصلا کما لا یخفی

[1] انظر شر العضدی علی مختصر المتهی لابن الحاجب/ 92، 93. مسألة استحالة کون الشی ء واجبا حراما من جهة واحدة.

ابن الحاجب ابو عمرو عثمان بن عمر بن ابی بکر المالکی، تولد سنة 570 ه- باسنا کان ابوه جندیا، اشتغل ابنه فی صغره بالقاهرة، و حفظ القرآن المجید، و اخذ بعض القراءات عن الشاطبی و سمع من البوصیری و جماعة، لزم الاشتغال حتی برع فی الاصول و العربیة، ثم قدم دمشق و درس بجامعها، کان الاغلب علیه النحو، و صنف فی عدة علوم، له کتاب «الکافیة» فی النحو و «الشافیة» فی الصرف و «مختصر الاصول» ثم انتقل إلی الاسکندریة، مات بها سنة 646 ه- . (الکنی و الالقاب 1/ 244).


1- فی « ب»: متحدة.
2- دلیل آخر للمجوزین، قوانین الأصول 1/ 148.
3- انظر شر العضدی علی مختصر المتهی لابن الحاجب/ 92، 93. مسألة استحالة کون الشی ء واجبا حراما من جهة واحدة.

ص: 167

المنع إلا عن صدق أحدهما إما الإطاعة بمعنی الامتثال فیما غلب جانب الأمر أو العصیان فیما غلب جانب النهی لما عرفت من البرهان علی الامتناع.

نعم لا بأس بصدق الإطاعة بمعنی حصول الغرض و العصیان فی التوصلیات و أما فی العبادات فلا یکاد یحصل الغرض منها إلا فیما صدر من المکلف فعلا غیر محرم و غیر مبغوض علیه کما تقدم (1).

بقی الکلام فی حال (التفصیل من بعض الأعلام (2) و القول بالجواز عقلا و الامتناع عرفا).

و فیه أنه لا سبیل للعرف فی الحکم بالجواز أو الامتناع إلا طریق العقل فلا معنی لهذا التفصیل إلا ما أشرنا إلیه من النظر المسامحی الغیر المبتنی علی التدقیق و التحقیق و أنت خبیر بعدم العبرة به بعد الاطلاع علی خلافه بالنظر الدقیق و قد عرفت فیما تقدم (3) أن النزاع لیس فی خصوص مدلول صیغة الأمر و النهی بل فی الأعم فلا مجال لأن یتوهم أن العرف هو المحکم فی تعیین المدالیل و لعله کان بین مدلولیهما حسب تعیینه (4) تناف لا یجتمعان فی واحد و لو بعنوانین و إن کان العقل یری جواز اجتماع الوجوب و الحرمة فی واحد بوجهین فتدبر.

و ینبغی التنبیه علی أمور.
الأول [مناط الاضطرار الرافع للحرمة]
اشارة

أن الاضطرار إلی ارتکاب الحرام و إن کان یوجب ارتفاع حرمته و العقوبة علیه مع بقاء ملاک وجوبه لو کان مؤثرا له کما إذا لم یکن


1- فی الامر العاشر/ 156.
2- المحقق الأردبیلی فی شرح الإرشاد 2: 110، و قد ینسب ذلک لإی صاحب الریاض ( قده) أیضا و کأنه مسموع منه شفاها، علی حد تعبیر صاحب مطارح الأنظار/ 129.
3- فی الامر الرابع/ 152.
4- فی « ب» تعینه.

ص: 168

بحرام بلا کلام إلا أنه إذا لم یکن الاضطرار إلیه بسوء الاختیار بأن یختار ما یؤدی إلیه لا محالة فإن الخطاب بالزجر عنه حینئذ و إن کان ساقطا إلا أنه حیث یصدر عنه مبغوضا علیه و عصیانا لذاک الخطاب و مستحقا علیه العقاب لا یصلح لأن یتعلق به الإیجاب و هذا فی الجملة مما لا شبهة فیه و لا ارتیاب.

[حکم الاضطرار بسوء الاختیار]

و إنما الإشکال فیما إذا کان ما اضطر إلیه بسوء اختیاره مما ینحصر به التخلص عن محذور الحرام کالخروج عن الدار المغصوبة فیما إذا توسطها بالاختیار فی کونه منهیا عنه أو مأمورا به مع جریان حکم المعصیة علیه أو بدونه فیه أقوال هذا علی الامتناع.

و أما (علی القول بالجواز فعن أبی هاشم [1] أنه مأمور به و منهی عنه و اختاره الفاضل القمی (1) ناسبا له إلی أکثر المتأخرین و ظاهر الفقهاء).

و الحق أنه منهی عنه بالنهی السابق الساقط بحدوث الاضطرار إلیه و عصیان له بسوء الاختیار و لا یکاد یکون مأمورا به کما إذا لم یکن هناک توقف [2] علیه أو بلا انحصار به و ذلک ضرورة أنه حیث کان قادرا علی ترک

[1] راجع شرح مختصر الأصول/ 94.

هو أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبّائی، ولد عام 247 ه- من أبناء ابان مولی عثمان، عالم بالکلام، من کبار المعتزلة، له آراء انفرد بها و تبعته فرقة سمّیت «البهشمیة» نسبة الی کنیته أبی هاشم و له مصنفات منها: «الشامل» فی انفقه و «تذکرة العالم» و «العدة» فی الاصول مات سنة 321 ه- . «الاعلام للزرکلی 4/ 7».

[2] لا یخفی أنه لا توقف ها هنا حقیقة، بداهة أن الخروج إنما هو مقدمة للکون فی خارج الدار، لا مقدمة لترک الکون فیها الواجب، لکونه ترک الحرام، نعم بینهما ملازمة لأجل التضاد بین الکونین، و وضوح الملازمة بین وجود الشی ء و عدم ضده، فیجب الکون فی خارج الدار عرضا، لوجوب ملازمه حقیقة، فیجب مقدمته کذلک، و هذا هو الوجه فی المماشاة و الجری علی أن مثل الخروج یکون مقدمة لما هو الواجب من ترک الحرام، فانهم.

(منه قدس سره).


1- قوانین الأصول 1/ 153، فی التنبیه الثانی، من قانون دلالة النهی علی الفساد.

ص: 169

الحرام رأسا لا یکون عقلا معذورا فی مخالفته فیما اضطر إلی ارتکابه بسوء اختیاره و یکون معاقبا علیه کما إذا کان ذلک بلا توقف علیه أو مع عدم الانحصار به و لا یکاد یجدی توقف انحصار التخلص عن الحرام به لکونه بسوء الاختیار.

إن قلت کیف لا یجدیه و مقدمة الواجب واجبة.

قلت إنما یجب المقدمة لو لم تکن محرمة و لذا لا یترشح الوجوب من الواجب إلا علی ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة مع اشتراکهما فی المقدمیة.

و إطلاق الوجوب بحیث ربما یترشح منه الوجوب علیها مع انحصار المقدمة بها إنما هو فیما إذا کان الواجب أهم من ترک المقدمة المحرمة و المفروض هاهنا و إن کان ذلک إلا أنه کان بسوء الاختیار و معه لا یتغیر عما هو علیه من الحرمة و المبغوضیة و إلا لکانت الحرمة معلقة علی إرادة المکلف و اختیاره لغیره و عدم حرمته مع اختیاره له و هو کما تری مع أنه خلاف الفرض و أن الاضطرار یکون بسوء الاختیار.

[حکم توسط الأرض المغصوبة]

(إن قلت (1) إن التصرف فی أرض الغیر بدون إذنه بالدخول و البقاء حرام بلا إشکال و لا کلام و أما التصرف بالخروج الذی یترتب علیه رفع الظلم و یتوقف علیه التخلص عن التصرف الحرام فهو لیس بحرام فی حال من الحالات بل حاله حال مثل شرب الخمر المتوقف علیه النجاة من الهلاک فی الاتصاف بالوجوب فی جمیع الأوقات.


1- إشارة الی مختار الشیخ ( قده) مطارح الأنظار/ 155، الهدایة 6 من القول فی جوا اجتماع الأمر و النهی.

ص: 170

و منه ظهر المنع عن کون جمیع أنحاء التصرف فی أرض الغیر مثلا حراما قبل الدخول و أنه یتمکن من ترک الجمیع حتی الخروج و ذلک لأنه لو لم یدخل لما کان متمکنا من الخروج و ترکه و ترک الخروج بترک الدخول رأسا لیس فی الحقیقة إلا ترک الدخول فمن لم یشرب الخمر لعدم وقوعه فی المهلکة التی یعالجها به مثلا لم یصدق علیه إلا أنه لم یقع فی المهلکة لا أنه ما شرب الخمر فیها إلا علی نحو السالبة المنتفیة بانتفاء الموضوع کما لا یخفی.

و بالجملة لا یکون الخروج بملاحظة کونه مصداقا للتخلص عن الحرام أو سببا له إلا مطلوبا و یستحیل أن یتصف بغیر المحبوبیة و یحکم علیه بغیر المطلوبیة.

[جواز ما انحصر به التخلص عن الحرام]

قلت هذا غایة ما یمکن أن یقال فی تقریب الاستدلال علی کون ما انحصر به التخلص مأمورا به و هو موافق لما أفاده شیخنا العلامة أعلی الله مقامه علی ما فی تقریرات بعض الأجلة (1)) لکنه لا یخفی أن ما به التخلص عن فعل الحرام أو ترک الواجب إنما یکون حسنا عقلا و مطلوبا شرعا بالفعل و إن کان قبیحا ذاتا إذا لم یتمکن المکلف من التخلص بدونه و لم یقع بسوء اختیاره إما فی الاقتحام فی ترک الواجب أو فعل الحرام و إما فی الإقدام علی ما هو قبیح و حرام لو لا [أن] (2) به التخلص بلا کلام کما هو المفروض فی المقام ضرورة تمکنه منه قبل اقتحامه فیه بسوء اختیاره.

و بالجملة کان قبل ذلک متمکنا من التصرف خروجا کما یتمکن منه دخولا غایة الأمر یتمکن منه بلا واسطة و منه بالواسطة و مجرد عدم التمکن منه إلا بواسطة لا یخرجه عن کونه مقدورا کما هو الحال فی البقاء فکما یکون ترکه مطلوبا فی جمیع الأوقات فکذلک الخروج مع أنه مثله فی


1- مطارح الأنظار/ 155. الهدایة 6، من القول فی جواز اجتماع الأمر و النهی.
2- اثبتناها من بعض النسخ المطبوعة.

ص: 171

الفرعیة علی الدخول فکما لا تکون الفرعیة مانعة عن مطلوبیته قبله و بعده کذلک لم تکن مانعة عن مطلوبیته و إن کان العقل یحکم بلزومه إرشادا إلی اختیار أقل المحذورین و أخف القبیحین.

و من هنا ظهر حال شرب الخمر علاجا و تخلصا عن المهلکة و أنه إنما یکون مطلوبا علی کل حال لو لم یکن الاضطرار إلیه بسوء الاختیار و إلا فهو علی ما هو علیه من الحرمة و إن کان العقل یلزمه إرشادا إلی ما هو أهم و أولی بالرعایة من ترکه لکون الغرض فیه أعظم [ف] (1) من ترک الاقتحام فیما یؤدی إلی هلاک النفس أو شرب الخمر لئلا یقع فی أشد المحذورین منهما فیصدق أنه ترکهما و لو بترکه ما لو فعله لأدی لا محالة إلی أحدهما کسائر الأفعال التولیدیة حیث یکون العمد إلیها بالعمد إلی أسبابها و اختیار ترکها بعدم العمد إلی الأسباب و هذا یکفی فی استحقاق العقاب علی الشرب للعلاج و إن کان لازما عقلا للفرار عما هو أکثر عقوبة.

و لو سلم عدم الصدق إلا بنحو السالبة المنتفیة بانتفاء الموضوع فهو غیر ضائر بعد تمکنه من الترک و لو علی نحو هذه السالبة و من الفعل بواسطة تمکنه مما هو من قبیل الموضوع فی هذه السالبة فیوقع نفسه بالاختیار فی المهلکة أو یدخل الدار فیعالج بشرب الخمر و یتخلص بالخروج أو یختار ترک الدخول و الوقوع فیهما (2) لئلا یحتاج إلی التخلص و العلاج.

[بقاء المضطر إلیه بسوء الاختیار]

إن قلت کیف یقع مثل الخروج و الشرب ممنوعا عنه شرعا و معاقبا علیه عقلا مع بقاء ما یتوقف علیه علی وجوبه لسقوط و [وضوح] (3) سقوط الوجوب مع امتناع المقدمة المنحصرة و لو کان بسوء الاختیار و العقل قد استقل بأن


1- أثبتناه من بعض النسخ المطبوعة.
2- فی « ب»: فیها.
3- أثبتناها من هامش « ب» المصححة.

ص: 172

الممنوع شرعا کالممتنع عادة أو عقلا.

[عدم المنافاة بین حرمة المقدمة و لزوم إتیانها]

قلت أولا إنما کان الممنوع کالممتنع إذا لم یحکم العقل بلزومه إرشادا إلی ما هو أقل المحذورین و قد عرفت لزومه بحکمه فإنه مع لزوم الإتیان بالمقدمة عقلا لا بأس فی بقاء ذی المقدمة علی وجوبه فإنه حینئذ لیس من التکلیف بالممتنع کما إذا کانت المقدمة ممتنعة.

[المضطر إلیه المحرم لا یکون مامورا به]

و ثانیا لو سلم فالساقط إنما هو الخطاب فعلا بالبعث و الإیجاب لا لزوم إتیانه عقلا خروجا عن عهدة ما تنجز علیه سابقا ضرورة أنه لو لم یأت به لوقع فی المحذور الأشد و نقض الغرض الأهم حیث إنه الآن کما کان علیه من الملاک و المحبوبیة بلا حدوث قصور أو طرو فتور فیه أصلا و إنما کان سقوط الخطاب لأجل المانع و إلزام العقل به لذلک إرشادا کاف لا حاجة معه إلی بقاء الخطاب بالبعث إلیه و الإیجاب له فعلا فتدبر جیدا. و قد ظهر مما حققناه فساد القول بکونه مأمورا به مع إجراء حکم المعصیة علیه نظرا إلی النهی السابق مع ما فیه من لزوم اتصاف فعل واحد بعنوان واحد بالوجوب و الحرمة و لا یرتفع غائلته (باختلاف زمان التحریم و الإیجاب قبل الدخول و بعده کما فی الفصول (1)) مع اتحاد زمان الفعل المتعلق لهما و إنما المفید اختلاف زمانه و لو مع اتحاد زمانهما و هذا أوضح من أن یخفی کیف و لازمه وقوع الخروج بعد الدخول عصیانا للنهی السابق و إطاعة للأمر اللاحق فعلا و مبغوضا و محبوبا کذلک بعنوان واحد و هذا مما لا یرضی به القائل بالجواز فضلا عن القائل بالامتناع.

کما لا یجدی فی رفع هذه الغائلة کون النهی مطلقا و علی کل حال و کون الأمر مشروطا بالدخول ضرورة منافاة حرمة شی ء کذلک مع وجوبه


1- الفصول/ 138، الفصل الرابع من فصول النهی.

ص: 173

فی بعض الأحوال.

[عدم اجتماع الوجوب و الحرمة فی الخروج]

و أما القول (1) بکونه مأمورا به و منهیا عنه ففیه مضافا إلی ما عرفت من امتناع الاجتماع فیما إذا کان بعنوانین فضلا عما إذا کان بعنوان واحد کما فی المقام حیث کان الخروج بعنوانه سببا للتخلص و کان بغیر إذن المالک و لیس التخلص إلا متنزعا عن ترک الحرام المسبب [1] عن الخروج لا عنوانا له أن الاجتماع هاهنا لو سلم أنه لا یکون بمحال لتعدد العنوان و کونه مجدیا فی رفع غائلة التضاد کان محالا لأجل کونه طلب المحال حیث لا مندوحة هنا و ذلک لضرورة عدم صحة تعلق الطلب و البعث حقیقة بما هو واجب أو ممتنع و لو کان الوجوب أو الامتناع بسوء الاختیار و ما قیل (أن الامتناع أو الإیجاب بالاختیار لا ینافی الاختیار) إنما هو فی قبال استدلال (الأشاعرة للقول بأن الأفعال غیر اختیاریة بقضیة أن الشی ء ما لم یجب لم یوجد).

فانقدح بذلک فساد الاستدلال لهذا القول بأن الأمر بالتخلص و النهی عن الغصب دلیلان یجب إعمالهما و لا موجب للتقیید عقلا لعدم استحالة کون الخروج واجبا و حراما باعتبارین مختلفین إذ منشأ الاستحالة إما لزوم اجتماع الضدین و هو غیر لازم مع تعدد الجهة و إما لزوم التکلیف بما لا یطاق و هو لیس بمحال إذا کان مسببا عن سوء الاختیار و ذلک لما عرفت من

[1] قد عرفت- مما علقت علی الهامش- أن ترک الحرام غیر مسبب عن الخروج حقیقة، و إنما المسبب عنه إنما هو الملازم له، و هو الکون فی خارج الدار، نعم یکون مسببا عنه مسامحة و عرضا، و قد انقدح بذلک أنه دلیل فی البین الّا علی حرمة الغصب المقتضی لاستقلال العقل بلزوم الخروج، من باب أنه أقل المحذورین و أنه لا دلیل علی وجوبه بعنوان آخر، فحینئذ یجب إعماله أیضا، بناء علی القول بجواز الاجتماع کاحتمال [کإعمال] النهی عن الغصب، لیکون الخروج مأمورا به و منهیا عنه، فافهم (منه قدس سره).


1- راجع قوانین الأصول 1/ 140، قانون اجتماع الأمر و النهی.

ص: 174

ثبوت الموجب للتقیید عقلا و لو کانا بعنوانین و أن اجتماع الضدین لازم و لو مع تعدد الجهة مع عدم تعددها هاهنا و التکلیف بما لا یطاق محال علی کل حال نعم لو کان بسوء الاختیار لا یسقط العقاب بسقوط التکلیف بالتحریم أو الإیجاب.

[حکم الصلاة فی الدار المغصوبة اضطرارا]

ثم لا یخفی أنه لا إشکال فی صحة الصلاة مطلقا فی الدار المغصوبة علی القول بالاجتماع و أما علی القول بالامتناع فکذلک مع الاضطرار إلی الغصب لا بسوء الاختیار أو معه و لکنها وقعت فی حال الخروج علی القول بکونه مأمورا به بدون إجراء حکم المعصیة (1) علیه أو مع غلبة ملاک الأمر علی النهی مع ضیق الوقت أما مع السعة فالصحة و عدمها مبنیان علی عدم اقتضاء الأمر بالشی ء للنهی عن الضد و اقتضائه فإن الصلاة فی الدار المغصوبة و إن کانت مصلحتها غالبة علی ما فیها من المفسدة إلا أنه لا شبهة فی أن الصلاة فی غیرها تضادها بناء علی أنه لا یبقی مجال مع إحداهما للأخری مع کونها أهم منها لخلوها من المنقصة الناشئة من قبل اتحادها مع الغصب لکنه عرفت عدم الاقتضاء بما لا مزید علیه فالصلاة فی الغصب اختیارا فی سعة الوقت صحیحة و إن لم تکن مأمورا بها

الأمر الثانی [صغرویة الدلیلین لکبری التعارض أو التزاحم]
اشارة

قد مر (2) فی بعض المقدمات أنه لا تعارض بین مثل خطاب صل و خطاب لا تغصب علی الامتناع تعارض الدلیلین بما هما دلیلان حاکیان کی یقدم الأقوی منهما دلالة أو سندا بل إنما هو من باب


1- اختاره الشیخ ( قده)، مطارح الأنظار/ 153، و ابن الحاجب، راجع شرح مختر الأصول 94.
2- فی الأمر التاسع من المقصد الثانی فی النواهی/ 155.

ص: 175

تزاحم المؤثرین و المقتضیین فیقدم الغالب منهما و إن کان الدلیل علی مقتضی الآخر أقوی من دلیل مقتضاه هذا فیما إذا أحرز الغالب منهما و إلا کان بین الخطابین تعارض فیقدم الأقوی منهما دلالة أو سندا و بطریق الإن یحرز به أن مدلوله أقوی مقتضیا هذا لو کان کل من الخطابین متکفلا لحکم فعلی و إلا فلا بد من الأخذ بالمتکفل لذلک منهما لو کان و إلا فلا محیص عن الانتهاء إلی ما تقتضیه الأصول العملیة.

[تطبیق ملاک التزاحم علی الاجتماع]

ثم لا یخفی (1) أن ترجیح أحد الدلیلین و تخصیص الآخر به فی المسألة لا یوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأسا کما هو قضیة التقیید و التخصیص فی غیرها مما لا یحرز فیه المقتضی لکلا الحکمین بل قضیته لیس إلا خروجه فیما کان الحکم الذی هو مفاد الآخر فعلیا و ذلک لثبوت المقتضی فی کل واحد من الحکمین فیها فإذا لم یکن المقتضی لحرمة الغصب مؤثرا لها لاضطرار أو جهل أو نسیان کان المقتضی لصحة الصلاة مؤثرا لها فعلا کما إذا لم یکن دلیل الحرمة أقوی أو لم یکن واحد من الدلیلین دالا علی الفعلیة أصلا.

فانقدح بذلک فساد الإشکال فی صحة الصلاة فی صورة الجهل أو النسیان و نحوهما فیما إذا قدم خطاب لا تغصب کما هو الحال فیما إذا کان الخطابان من أول الأمر متعارضین و لم یکونا من باب الاجتماع أصلا و ذلک لثبوت المقتضی فی هذا الباب کما إذا لم یقع بینهما تعارض و لم یکونا متکفلین للحکم الفعلی فیکون وزان التخصیص فی مورد الاجتماع وزان التخصیص العقلی الناشئ من جهة تقدیم أحد المقتضیین و تأثیره فعلا المختص بما إذا لم یمنع عن


1- هذا ردّ علی الشیخ ( قدّس سرّه)، مطارح الأنظار/ 152.

ص: 176

تأثیره مانع المقتضی لصحة مورد الاجتماع مع الأمر أو بدونه فیما کان هناک مانع عن تأثیر المقتضی للنهی له أو عن فعلیته کما مر تفصیله.

و کیف کان فلا بد فی ترجیح أحد الحکمین من مرجح

و قد ذکروا لترجیح النهی وجوها
منها أنه أقوی دلالة

لاستلزامه انتفاء جمیع الأفراد بخلاف الأمر.

و قد أورد علیه بأن ذلک فیه من جهة إطلاق متعلقه بقرینة الحکمة کدلالة الأمر علی الاجتزاء بأی فرد کان.

و قد أورد علیه بأنه لو کان العموم المستفاد من النهی بالإطلاق بمقدمات الحکمة و غیر مستند إلی دلالته علیه بالالتزام لکان استعمال مثل لا تغصب فی بعض أفراد الغصب حقیقة و هذا واضح الفساد فتکون دلالته علی العموم من جهة أن وقوع الطبیعة فی حیز النفی أو النهی یقتضی عقلا سریان الحکم إلی جمیع الأفراد ضرورة عدم الانتهاء عنها أو انتفائها إلا بالانتهاء عن الجمیع أو انتفائه.

قلت دلالتها علی العموم و الاستیعاب ظاهرا مما لا ینکر لکنه من الواضح أن العموم المستفاد منهما کذلک إنما هو بحسب ما یراد من متعلقهما فیختلف سعة و ضیقا فلا یکاد یدل علی استیعاب جمیع الأفراد إلا إذا أرید منه الطبیعة مطلقة و بلا قید و لا یکاد یستظهر ذلک مع عدم دلالته (1) علیه بالخصوص إلا بالإطلاق و قرینة الحکمة بحیث لو لم یکن هناک قرینتها بأن یکون الإطلاق فی غیر مقام البیان لم یکد یستفاد استیعاب أفراد الطبیعة و ذلک لا ینافی دلالتهما علی استیعاب أفراد ما یراد من المتعلق إذ الفرض عدم الدلالة علی أنه المقید أو المطلق.


1- الظاهر أن أصل العبارة: عدم دلالة، ( حقائق الاصول 1/ 412).

ص: 177

اللهم إلا أن یقال إن فی دلالتهما علی الاستیعاب کفایة و دلالة علی أن المراد من المتعلق هو المطلق کما ربما یدعی ذلک فی مثل کل رجل و أن مثل لفظة کل تدل علی استیعاب جمیع أفراد الرجل من غیر حاجة إلی ملاحظة إطلاق مدخوله و قرینة الحکمة بل یکفی إرادة ما هو معناه من الطبیعة المهملة و لا بشرط فی دلالته علی الاستیعاب و إن کان لا یلزم مجازا أصلا لو أرید منه خاص بالقرینة لا فیه لدلالته علی استیعاب أفراد ما یراد من المدخول و لا فیه إذا کان بنحو تعدد الدال و المدلول لعدم استعماله إلا فیما وضع له و الخصوصیة مستفادة من دال آخر فتدبر.

و منها أن دفع المفسدة أولی من جلب المنفعة

. و (قد أورد علیه فی القوانین (1) بأنه مطلقا ممنوع لأن فی ترک الواجب أیضا مفسدة إذا تعین).

و لا یخفی ما فیه فإن الواجب و لو کان معینا لیس إلا لأجل أن فی فعله مصلحة یلزم استیفاؤها من دون أن یکون فی ترکه مفسدة کما أن الحرام لیس إلا لأجل المفسدة فی فعله بلا مصلحة فی ترکه.

و لکن یرد علیه أن الأولویة مطلقا ممنوعة بل ربما یکون العکس أولی کما یشهد به مقایسة فعل بعض المحرمات مع ترک بعض الواجبات خصوصا مثل الصلاة و ما یتلو تلوها.

و لو سلم فهو أجنبی عن المقام [1] فإنه فیما إذا دار بین الواجب و الحرام.

[1] فأن الترجیح به إما یناسب ترجیح المکلف و اختیاره للفعل أو الترک، بما هو أوفق بغرضه، لا المقام و هو مقام جعل الأحکام، فإن المرجح هناک لیس إلا حسنها أو قبحها العقلیان، لا موافقة الأغراض و مخالفتها، کما لا یخفی، تأمل تعرف (منه قدّس سرّه).


1- قوانین الأصول 1/ 153، فی قانون اجتماع الأمر و النهی.

ص: 178

و لو سلم فإنما یجدی فیما لو حصل به القطع.

و لو سلم أنه یجدی و لو لم یحصل فإنما یجری فیما لا یکون هناک مجال لأصالة البراءة أو الاشتغال کما فی دوران الأمر بین الوجوب و الحرمة التعیینیین لا فیما تجری کما فی محل الاجتماع لأصالة البراءة عن حرمته فیحکم بصحته و لو قیل بقاعدة الاشتغال فی الشک فی الأجزاء و الشرائط فإنه لا مانع عقلا إلا فعلیة الحرمة المرفوعة بأصالة البراءة عنها عقلا و نقلا.

نعم لو قیل [1] بأن المفسدة الواقعیة الغالبة مؤثرة فی المبغوضیة و لو لم یکن الغلبة بمحرزة فأصالة البراءة غیر جاریة بل کانت أصالة الاشتغال بالواجب لو کان عبادة محکمة و لو قیل بأصالة البراءة فی الأجزاء و الشرائط لعدم تأتی قصد القربة مع الشک فی المبغوضیة فتأمل.

و منها الاستقراء

فإنه یقتضی ترجیح جانب الحرمة علی جانب الوجوب کحرمة الصلاة فی أیام الاستظهار و عدم جواز الوضوء من الإناءین المشتبهین.

[1] کما هو غیر بعید کله بتقریب أن إحراز المفسدة و العلم بالحرمة الذاتیة کاف فی تأثیرها بما لها من المرتبة، و لا یتوقف تأثیرها کذلک علی إحرازها بمرتبتها، و لذا کان العلم بمجرد حرمة شی ء موجبا لتنجز حرمته، علی ما هی علیه من المرتب و لو کانت فی أقوی مراتبها، و لاستحقاق العقوبة الشدیدة علی مخالفتها حسب شدتها، کما لا یخفی. هذا، لکنه إنما یکون إذا لم یحرز أیضا ما یحتمل أن یزاحمها و یمنع عن تأثیرها المبغوضیة، و أما معه فیکون الفعل کما إذا لم یحرز أنه ذو مصلحة أو مفسدة مما لا یستقل العقل بحسنة أوقبحه، و حینئذ یمکن أن یقال بصحته عبادة لو أتی به بداعی الأمر المتعلق بما یصدق علیه من الطبیعة، بناء علی عدم اعتبار أزید من إتیان العمل قریبا فی العبادة، و امتثالا للأمر بالطبیعة، و عدم اعتبار کونه ذاتا راجحا، کیف و یمکن أن یکون جلّ العبادات ذاتا راجحا، بل إنما یکون کذلک فیما إذا أتی بها علی نحو قربی، نعم المعتبر فی صحته عبادة، إنما هو أن لا یقع منه مبغوضا علیه، کما لا یخفی، و قولنا: (فتأمل) إشارة الی ذلک (منه قدس سره).

ص: 179

و فیه أنه لا دلیل علی اعتبار الاستقراء ما لم یفد القطع.

و لو سلم فهو لا یکاد یثبت بهذا المقدار.

و لو سلم فلیس حرمة الصلاة فی تلک الأیام و لا عدم جواز الوضوء منهما مربوطا بالمقام لأن حرمة الصلاة فیها إنما تکون لقاعدة الإمکان و الاستصحاب المثبتین لکون الدم حیضا فیحکم بجمیع أحکامه و منها حرمة الصلاة علیها لا لأجل تغلیب جانب الحرمة کما هو المدعی هذا لو قیل بحرمتها الذاتیة فی أیام الحیض و إلا فهو خارج عن محل الکلام.

و من هنا انقدح أنه لیس منه ترک الوضوء من الإناءین فإن حرمة الوضوء من الماء النجس لیس إلا تشریعیا و لا تشریع فیما لو توضأ منهما احتیاطا فلا حرمة فی البین غلب جانبها فعدم جواز الوضوء منهما و لو کذلک بل إراقتهما کما فی النص (1) لیس إلا من باب التعبد أو من جهة الابتلاء بنجاسة البدن ظاهرا بحکم الاستصحاب للقطع بحصول النجاسة حال ملاقاة المتوضئ من الإناء الثانیة إما بملاقاتها أو بملاقاة الأولی و عدم استعمال مطهر بعده و لو طهر بالثانیة مواضع الملاقاة بالأولی.

نعم لو طهرت علی تقدیر نجاستها بمجرد ملاقاتها بلا حاجة إلی التعدد و انفصال الغسالة لا یعلم تفصیلا بنجاستها و إن علم بنجاستها حین ملاقاة الأولی أو الثانیة إجمالا فلا مجال لاستصحابها بل کانت قاعدة الطهارة محکمة.

الأمر الثالث الظاهر لحوق تعدد الإضافات بتعدد العنوانات

و الجهات فی أنه لو کان تعدد الجهة و العنوان کافیا مع وحدة المعنون وجودا فی جواز الاجتماع کان تعدد الإضافات مجدیا ضرورة أنه یوجب أیضا


1- التهذیب 1/ الباب 11، باب تطهیر المیاه من النجاسات، الحدیث 43- 44.

ص: 180

اختلاف المضاف بها بحسب المصلحة و المفسدة و الحسن و القبح عقلا و بحسب الوجوب و الحرمة شرعا فیکون مثل أکرم العلماء و لا تکرم الفساق من باب الاجتماع کصل و لا تغصب لا من باب التعارض إلا إذا لم یکن للحکم فی أحد الخطابین فی مورد الاجتماع مقتض کما هو الحال أیضا فی تعدد العنوانین فما یتراءی منهم من المعاملة مع مثل أکرم العلماء و لا تکرم الفساق معاملة تعارض العموم من وجه إنما یکون بناء علی الامتناع أو عدم المقتضی لأحد الحکمین فی مورد الاجتماع.

فصل فی أن النهی عن الشی ء هل یقتضی فساده أم لا

و لیقدم أمور
الأول [الفرق بین هذه المسألة و مبحث الاجتماع]

أنه قد عرفت فی المسألة السابقة الفرق بینها و بین هذه المسألة و أنه لا دخل للجهة المبحوث عنها فی إحداهما بما هو جهة البحث فی الأخری و أن البحث فی هذه المسألة فی دلالة النهی بوجه یأتی تفصیله علی الفساد بخلاف تلک المسألة فإن البحث فیها فی أن تعدد الجهة یجدی فی رفع غائلة اجتماع الأمر و النهی فی مورد الاجتماع أم لا.

الثانی أنه لا یخفی أن عد هذه المسألة من مباحث الألفاظ

إنما هو لأجل أنه فی الأقوال قول بدلالته علی الفساد فی المعاملات مع إنکار الملازمة بینه و بین الحرمة التی هی مفاده فیها و لا ینافی ذلک أن الملازمة علی تقدیر ثبوتها فی العبادة إنما تکون بینه و بین الحرمة و لو لم تکن مدلولة بالصیغة و علی تقدیر عدمها تکون منتفیة بینهما لإمکان أن یکون البحث معه فی دلالة الصیغة بما تعم دلالتها بالالتزام فلا تقاس بتلک المسألة التی لا یکاد یکون لدلالة اللفظ بها مساس فتأمل جیدا.

ص: 181

الثالث [شمول ملاک البحث للنهی التنزیهی و التبعی]

ظاهر لفظ النهی و إن کان هو النهی التحریمی إلا أن ملاک البحث یعم التنزیهی و معه لا وجه لتخصیص العنوان (1) و اختصاص عموم ملاکه بالعبادات لا یوجب التخصیص به کما لا یخفی.

کما لا وجه لتخصیصه بالنفسی فیعم الغیری إذا کان أصلیا و أما إذا کان تبعیا فهو و إن کان خارجا عن محل البحث لما عرفت أنه فی دلالة النهی و التبعی منه من مقولة المعنی إلا أنه داخل فیما هو ملاکه فإن دلالته علی الفساد علی القول به فیما لم یکن للإرشاد إلیه إنما یکون لدلالته علی الحرمة من غیر دخل لاستحقاق العقوبة علی مخالفته فی ذلک کما توهمه القمی [1] قدس سره و یؤید ذلک أنه جعل ثمرة النزاع فی أن الأمر بالشی ء یقتضی النهی عن ضده فساده إذا کان عبادة فتدبر جیدا.

الرابع [تعیین المراد من العبادة فی المسألة]

ما یتعلق به النهی إما أن یکون عبادة أو غیرها و المراد بالعبادة هاهنا ما یکون بنفسه و بعنوانه عبادة له تعالی موجبا بذاته للتقرب من حضرته لو لا حرمته کالسجود و الخضوع و الخشوع له و تسبیحه و تقدیسه أو ما لو تعلق الأمر به کان أمره أمرا عبادیا لا یکاد یسقط إلا إذا أتی به بنحو قربی کسائر أمثاله نحو صوم العیدین و الصلاة فی أیام العادة لا ما أمر به

[1] قوانین الأصول 1/ 102. فی المقدمة السادسة.

هو أبو القاسم ابن المولی محمد حسن الجیلانی المعروف بالمیرزا القمی. تولد سنة 1151 فی جابلق، فرغ من تشیید مقدمات الکمال فی قم، ثم انتقل الی خونسار فاشتغل علی المحقق الامیر سید حسین ثم توجه الی العتبات العالیات، تتلمذ عند العلامة المرویج فاجاز له فی الروایة و الاجتهاد، له مؤلفات کثیرة منها «القوانین» و «الغنائم» و «المناهج». توفی سنة 1231 (روضات الجنّات 5/ 369 رقم 547).


1- ذهب الیه الشیخ ( قده)، مطارح الأنظار/ 157.

ص: 182

لأجل التعبد به (1) و لا ما یتوقف صحته علی النیة (2) و لا ما لا یعلم انحصار المصلحة فیها فی شی ء (3) کما عرف بکل منها العبادة ضرورة أنها بواحد منها لا یکاد یمکن أن یتعلق بها النهی مع ما أورد علیها بالانتقاض طردا أو عکسا أو بغیره کما یظهر من مراجعة المطولات (4) و إن کان الإشکال بذلک فیها فی غیر محله لأجل کون مثلها من التعریفات لیس بحد و لا برسم بل من قبیل شرح الاسم کما نبهنا علیه غیر مرة فلا وجه لإطالة الکلام بالنقض و الإبرام فی تعریف العبادة و لا فی تعریف غیرها کما هو العادة.

الخامس [تحریر محل النزاع]

أنه لا یدخل فی عنوان النزاع إلا ما کان قابلا للاتصاف بالصحة و الفساد بأن یکون تارة تاما یترتب علیه ما یترقب عنه من الأثر و أخری لا کذلک لاختلال بعض ما یعتبر فی ترتبه أما ما لا أثر له شرعا أو کان أثره مما لا یکاد ینفک عنه کبعض أسباب الضمان فلا یدخل فی عنوان النزاع لعدم طرو الفساد علیه کی ینازع فی أن النهی عنه یقتضیه أو لا فالمراد بالشی ء فی العنوان هو العبادة بالمعنی الذی تقدم و المعاملة بالمعنی الأعم مما یتصف بالصحة و الفساد عقدا کان أو إیقاعا أو غیرهما فافهم.

السادس [تفسیر وصفی الصحة و الفساد]
اشارة

أن الصحة و الفساد وصفان إضافیان یختلفان بحسب الآثار و الأنظار فربما یکون شی ء واحد صحیحا بحسب أثر أو نظر و فاسدا بحسب آخر و من هنا صح أن یقال إن الصحة فی العبادة و المعاملة لا تختلف بل فیهما بمعنی واحد و هو التمامیة و إنما الاختلاف فیما هو المرغوب منهما من الآثار


1- اختاره الشیخ ( قده) مطارح الأنظار/ 158. فی الأمر الثالث.
2- مال إلیه المحقق القمی، قوانین الأصول 1/ 154، فی المقدمة الاولی.
3- هذا التعریف للمحقق القمی أیضا، المصدر السابق.
4- راجع مطارح الانظار 158، و الفصول/ 139.

ص: 183

التی بالقیاس علیها تتصف بالتمامیة و عدمها و هکذا الاختلاف بین الفقیه و المتکلم فی صحة العبادة إنما یکون لأجل الاختلاف فیما هو المهم لکل منهما من الأثر بعد الاتفاق ظاهرا علی أنها بمعنی التمامیة کما هی معناها لغة و عرفا.

[الصحة و الفساد عند المتکلم و الفقیه]

فلما کان غرض الفقیه هو وجوب القضاء أو الإعادة أو عدم الوجوب فسر صحة العبادة بسقوطهما و کان غرض المتکلم هو حصول الامتثال الموجب عقلا لاستحقاق المثوبة فسرها بما یوافق الأمر تارة و بما یوافق الشریعة أخری.

و حیث إن الأمر فی الشریعة یکون علی أقسام من الواقعی الأولی و الثانوی و الظاهری و الأنظار تختلف فی أن الأخیرین یفیدان الإجزاء أو لا یفیدان کان الإتیان بعبادة موافقة لأمر و مخالفة لآخر أو مسقطا للقضاء و الإعادة بنظر و غیر مسقط لهما بنظر آخر فالعبادة الموافقة للأمر الظاهری تکون صحیحة عند المتکلم و الفقیه بناء علی أن الأمر فی تفسیر الصحة بموافقة الأمر أعم من الظاهری مع اقتضائه للإجزاء و عدم اتصافها بها عند الفقیه بموافقته بناء علی عدم الإجزاء و کونه مراعی بموافقة الأمر الواقعی [و] (1) عند المتکلم بناء علی کون الأمر فی تفسیرها خصوص الواقعی.

تنبیه [تحقیق وصفی الصحة و الفساد]

و هو أنه لا شبهة فی أن الصحة و الفساد عند المتکلم وصفان اعتباریان ینتزعان من مطابقة المأتی به مع المأمور به و عدمها و أما الصحة بمعنی سقوط القضاء و الإعادة عند الفقیه فهی من لوازم الإتیان بالمأمور به بالأمر الواقعی الأولی عقلا حیث لا یکاد یعقل ثبوت الإعادة أو القضاء معه جزما فالصحة بهذا المعنی فیه و إن کان لیس بحکم وضعی مجعول بنفسه أو بتبع تکلیف إلا أنه لیس بأمر اعتباری ینتزع کما توهم (2) بل مما یستقل به


1- راجع مطارح الانظار 158، و الفصول/ 139.
2- انظر مطارح الانظار/ 160، فی تذنیب الهدایة الأولی من القول فی اقتضا النهی للفساد.

ص: 184

العقل کما یستقل باستحقاق المثوبة به و فی غیره فالسقوط ربما یکون مجعولا و کان الحکم به تخفیفا و منة علی العباد مع ثبوت المقتضی لثبوتهما کما عرفت فی مسألة الإجزاء کما ربما یحکم بثبوتهما فیکون الصحة و الفساد فیه حکمین مجعولین لا وصفین انتزاعیین.

نعم الصحة و الفساد فی الموارد الخاصة لا یکاد یکونان مجعولین بل إنما هی تتصف بهما بمجرد الانطباق علی ما هو المأمور به هذا فی العبادات.

و أما الصحة فی المعاملات فهی تکون مجعولة حیث کان ترتب الأثر علی معاملة أنه هو بجعل الشارع و ترتیبه علیها و لو إمضاء ضرورة أنه لو لا جعله لما کان یترتب علیه لأصالة الفساد.

نعم صحة کل معاملة شخصیة و فسادها لیس إلا لأجل انطباقها مع ما هو المجعول سببا و عدمه کما هو الحال فی التکلیفیة من الأحکام ضرورة أن اتصاف المأتی به بالوجوب أو الحرمة أو غیرهما لیس إلا لانطباقه مع ما هو الواجب أو الحرام.

السابع [تحقیق حال الأصل فی المسألة]

لا یخفی أنه لا أصل فی المسألة یعول علیه لو شک فی دلالة النهی علی الفساد نعم کان الأصل فی المسألة الفرعیة الفساد لو لم یکن هناک إطلاق أو عموم یقتضی الصحة فی المعاملة.

و أما العبادة فکذلک لعدم الأمر بها مع النهی عنها کما لا یخفی.

الثامن [أقسام متعلق النهی]

أن متعلق النهی إما أن یکون نفس العبادة أو جزءها أو شرطها الخارج عنها أو وصفها الملازم لها کالجهر و الإخفات [1] للقراءة أو وصفها الغیر الملازم کالغصبیة لأکوان الصلاة المنفکة عنها.

[1] فإن کل واحد منهما لا یکاد ینفک عن القراة، و إن کانت هی تنفک عن أحدهما، فالنهی عن أیهما یکون مساوقا للنهی عنها، کما لا یخفی. (منه قدس سره).

ص: 185

لا ریب فی دخول القسم الأول فی محل النزاع و کذا القسم الثانی بلحاظ أن جزء العبادة عبادة إلا أن بطلان الجزء لا یوجب بطلانها إلا مع الاقتصار علیه لا مع الإتیان بغیره مما لا نهی عنه إلا أن یستلزم محذورا آخر.

و أما القسم الثالث فلا یکون حرمة الشرط و النهی عنه موجبا لفساد العبادة إلا فیما کان عبادة کی تکون حرمته موجبة لفساده المستلزم لفساد المشروط به.

و بالجملة لا یکاد یکون النهی عن الشرط موجبا لفساد العبادة المشروطة به لو لم یکن موجبا لفساده کما إذا کانت عبادة.

و أما القسم الرابع فالنهی عن الوصف اللازم مساوق للنهی عن موصوفه فیکون النهی عن الجهر فی القراءة مثلا مساوقا للنهی عنها لاستحالة کون القراءة التی یجهر بها مأمورا بها مع کون الجهر بها منهیا عنه (1) فعلا کما لا یخفی.

و هذا بخلاف ما إذا کان مفارقا کما فی القسم الخامس فإن النهی عنه لا یسری إلی الموصوف إلا فیما إذا اتحد معه وجودا بناء علی امتناع الاجتماع و أما بناء علی الجواز فلا یسری إلیه کما عرفت فی المسألة السابقة هذا حال النهی المتعلق بالجزء أو الشرط أو الوصف.

و أما النهی عن العبادة لأجل أحد هذه الأمور فحاله حال النهی عن أحدها إن کان من قبیل الوصف بحال المتعلق و بعبارة أخری کان النهی عنها بالعرض و إن کان النهی عنها علی نحو الحقیقة و الوصف بحاله و إن کان بواسطة أحدها إلا أنه من قبیل الواسطة فی الثبوت لا العروض کان حاله حال النهی فی القسم الأول فلا تغفل.


1- فی « ب»: عنها.

ص: 186

و مما ذکرنا فی بیان أقسام النهی فی العبادة یظهر حال الأقسام فی المعاملة فلا یکون بیانها علی حدة بمهم

کما أن تفصیل الأقوال فی الدلالة علی الفساد و عدمها التی ربما تزید علی العشرة علی ما قیل (1) کذلک إنما المهم بیان ما هو الحق فی المسألة و لا بد فی تحقیقه علی نحو یظهر الحال فی الأقوال من بسط المقال فی مقامین.

[المقام] الأول فی العبادات

فنقول و علی الله الاتکال إن النهی المتعلق بالعبادة بنفسها و لو کانت جزء عبادة بما هو عبادة کما عرفت مقتض (2) لفسادها لدلالته علی حرمتها ذاتا و لا یکاد یمکن اجتماع الصحة بمعنی موافقة الأمر أو الشریعة مع الحرمة و کذا بمعنی سقوط الإعادة فإنه مترتب علی إتیانها بقصد القربة و کانت مما یصلح لأن یتقرب به (3) و مع الحرمة لا تکاد تصلح لذلک و یتأتی قصدها من الملتفت إلی حرمتها کما لا یخفی.

لا یقال هذا لو کان النهی عنها دالا علی الحرمة الذاتیة و لا یکاد یتصف بها العبادة لعدم الحرمة بدون قصد القربة و عدم القدرة علیها مع قصد القربة بها إلا تشریعا و معه تکون محرمة بالحرمة التشریعیة لا محالة و معه لا تتصف بحرمة أخری لامتناع اجتماع المثلین کالضدین.

فإنه یقال لا ضیر فی اتصاف ما یقع عبادة لو کان مأمورا به بالحرمة الذاتیة مثلا صوم العیدین کان عبادة منهیا عنها بمعنی أنه لو أمر به کان عبادة لا یسقط الأمر به إلا إذا أتی به بقصد القربة کصوم سائر الأیام هذا فیما إذا لم یکن ذاتا عبادة کالسجود لله تعالی و نحوه و إلا کان محرما مع


1- مطارح الأنظار/ 162، فی الهدایة الثانیة من القول فی اقتضاء النهی للفساد.
2- فی « أ و ب»: مقتضی..
3- هکذا فی « أ و ب»: و فی بعض النسخ المطبوعة « بها».

ص: 187

کونه فعلا عبادة مثلا إذا نهی الجنب و الحائض عن السجود له تبارک و تعالی کان عبادة محرمة ذاتا حینئذ لما فیه من المفسدة و المبغوضیة فی هذا الحال مع أنه لا ضیر فی اتصافه بهذه الحرمة مع الحرمة التشریعیة بناء علی أن الفعل فیها لا یکون فی الحقیقة متصفا بالحرمة بل إنما یکون المتصف بها ما هو من أفعال القلب کما هو الحال فی التجری و الانقیاد فافهم.

هذا مع أنه لو لم یکن النهی فیها دالا علی الحرمة لکان دالا علی الفساد لدلالته علی الحرمة التشریعیة فإنه لا أقل من دلالته علی أنها لیست بمأمور بها و إن عمها إطلاق دلیل الأمر بها أو عمومه نعم لو لم یکن النهی عنها إلا عرضا کما إذا نهی عنها فیما کانت ضد الواجب مثلا لا یکون مقتضیا للفساد بناء علی عدم اقتضاء الأمر (1) بالشی ء للنهی عن الضد إلا کذلک أی عرضا فیخصص به أو یقید.

المقام الثانی فی المعاملات
اشارة

و نخبة القول أن النهی الدال علی حرمتها لا یقتضی الفساد لعدم الملازمة فیها لغة و لا عرفا بین حرمتها و فسادها أصلا کانت الحرمة متعلقة بنفس المعاملة بما هو فعل بالمباشرة أو بمضمونها بما هو فعل بالتسبیب أو بالتسبب بها إلیه و إن لم یکن السبب و لا المسبب بما هو فعل من الأفعال بحرام و إنما یقتضی الفساد فیما إذا کان دالا علی حرمة ما لا یکاد یحرم مع صحتها مثل النهی عن أکل الثمن أو المثمن فی بیع أو بیع شی ء.

نعم لا یبعد دعوی ظهور النهی عن المعاملة فی الإرشاد إلی فسادها کما أن الأمر بها یکون ظاهرا فی الإرشاد إلی صحتها من دون دلالته علی إیجابها أو استحبابها کما لا یخفی لکنه فی المعاملات بمعنی العقود و الإیقاعات لا المعاملات بالمعنی الأعم المقابل للعبادات فالمعول هو ملاحظة القرائن فی


1- فی « ب» عدم الأقتضاء للأمر بالشی ء... الخ.

ص: 188

خصوص المقامات و مع عدمها لا محیص عن الأخذ بما هو قضیة صیغة النهی من الحرمة و قد عرفت أنها غیر مستتبعة للفساد لا لغة و لا عرفا.

[الاستدلال علی اقتضاء الحرمة للفساد بالأخبار]

نعم ربما یتوهم استتباعها له شرعا من جهة دلالة غیر واحد من الأخبار علیه منها (ما رواه فی الکافی و الفقیه عن زرارة عن الباقر علیه السلام (1):

سأله عن مملوک تزوج بغیر إذن سیده فقال ذلک إلی سیده إن شاء أجازه و إن شاء فرق بینهما قلت أصلحک الله تعالی (إن الحکم بن عتیبة (2) و إبراهیم النخعی و أصحابهما یقولون إن أصل النکاح فاسد و لا یحل إجازة السید له) فقال أبو جعفر علیه السلام إنه لم یعص الله إنما عصی سیده فإذا أجازه فهو له جائز) حیث دل بظاهره أن النکاح لو کان مما حرمه الله تعالی علیه کان فاسدا و لا یخفی أن الظاهر أن یکون المراد بالمعصیة المنفیة هاهنا أن النکاح لیس مما لم یمضه الله و لم یشرعه کی یقع فاسدا و من المعلوم استتباع المعصیة بهذا المعنی للفساد کما لا یخفی و لا بأس بإطلاق المعصیة علی عمل لم یمضه الله و لم یأذن به کما أطلق علیه [1] بمجرد عدم إذن السید فیه أنه معصیة.

و بالجملة لو لم یکن ظاهرا فی ذلک لما کان ظاهرا فیما توهم و هکذا

[1] وجه ذلک أن العبودیة تقتضی عدم صدور العبد إلا عن أمر سیده و إذنه، حیث أنه کلّ علیه لا یقدر علی شی ء، فإذا استقل بأمر کان عاصیا حیث أتی بما ینافیه مقام عبودیته، لا سیما مثل التزوج الذی کن خطیرا، و أما وجه أنه لم یعص اللّه فیه، فلأجل کون التزوج بالنسبة إلیه أیضا کان مشروعا ماضیا، غایته أنه یعتبر فی تحققه إذن سیده و رضاه، و لیس کالنکاح ف ی العدة غیر مشروع من أصله، فإذا أجاز ما صدر عنه بدون إذنه فقد وجد شرط نفوذه و ارتفع محذور عصیانه، فعصیانه لسیده. (منه قدس سره).


1- الکافی 5/ 478، الحدیث 3، باب المملوک یتزویج بغیر إذن مولاه، الفقیه 3/ 350 الحدیث 4 باب طلاق العبد- التهذیب 7/ 351 الحدیث 63 فی العقود علی الإماء.
2- فی « أ و ب»: حکم بن عتبة.

ص: 189

حال سائر الأخبار الواردة فی هذا الباب (1) فراجع و تأمل.

تذنیب [هل یدل النهی علی صحة متعلقه]

(حکی عن أبی حنیفة (2) و الشیبانی (3) دلالة النهی علی الصحة و عن الفخر (4) أنه وافقهما فی ذلک) و التحقیق [1] أنه فی المعاملات کذلک إذا کان عن المسبب أو التسبیب لاعتبار القدرة فی متعلق النهی کالأمر و لا یکاد یقدر علیهما إلا فیما کانت المعاملة مؤثرة صحیحة و أما إذا کان عن السبب فلا لکونه مقدورا و إن لم یکن صحیحا نعم قد عرفت أن النهی عنه لا ینافیها.

و أما العبادات فما کان منها عبادة ذاتیة کالسجود و الرکوع و الخشوع و الخضوع له تبارک و تعالی فمع النهی عنه یکون مقدورا کما إذا کان مأمورا به و ما کان منها عبادة لاعتبار قصد القربة فیه لو کان مأمورا به فلا یکاد یقدر علیه إلا إذا قیل باجتماع الأمر و النهی فی شی ء و لو بعنوان واحد و هو محال و قد عرفت أن النهی فی هذا القسم إنما یکون نهیا عن العبادة بمعنی أنه لو کان مأمورا به کان الأمر به أمر عبادة لا یسقط إلا بقصد القربة فافهم.

[1] ملخصه أن الکبری و هی: ان النهی- حقیقة- إذا تعلق بشی ء ذی أثر کان دالا علی صحته و ترتب أثره علیه، لاعتباره القدرة فیما تعلق به النهی کذلک و إن کانت مسلمة، إلا أن النهی کذلک لا یکاد یتعلق بالعبادات، ضرورة امتناع تعلق النهی کذلک بما تعلق به الأمر کذلک، و تلعقه بالعبادات بالمعنی الأول و إن کان ممکنا، إلا أن أثر المرغوب منها عقلا أوش رعا غیرم ترتب علیها مطلقا، بل علی خصوص ما لیس بحرام منها و هکذا الحال فی المعاملات، فإن کان الأثر فی معاملة مترتبا علیه و لازما لوجودها کان النهی عنها دالّا علی ترتبه علیها، لما عرفت. (منه قدس سره).


1- راجع وسائل الشیعة 14، الباب 23 الی 25 من أبواب نکاح العبید و الإماء.
2- شرح تنقیح الفصول، 173.
3- شرح تنقیح الفصول، 173.
4- ای فخر المحققین ( ره) نجل العلامة الحلی ( ره).

ص: 190

ص: 191

تفسیر سوره اسرا

اشاره

(17)سوره اسری مکی است و 111 آیه دارد ..... ص : 3

[سوره الإسراء (17): آیه 1] ..... ص : 3

اشاره

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی الَّذِی بارَکْنا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ (1)

ترجمه آیه ..... ص : 3

به نام خداوند بخشاینده مهربان-

پاک و منزه است خدایی که در مبارک شبی بنده خود (محمد) (ص) را از مسجد حرام (مکه معظمه) به مسجد اقصایی که پیرامونش را (به قدوم خاصان خود) مبارک ساخت، سیر داد تا آیات خود را به او بنمایاند که همانا خداوند شنوا و بیناست (1).

بیان آیه ..... ص : 3

اشاره

این سوره پیرامون مساله توحید و تنزیه خدای تعالی از هر شریکی که تصور شود می باشد، و با اینکه در این مورد بحث می کند، اما مساله تسبیح خدا را بر مساله حمد و ثنای او غلبه داده، و بیشتر به قسم دوم پرداخته است، هم چنان که ابتدای آن را با جمله" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ ..." شروع کرده و در خلال سوره هم پی در پی تسبیح او را تکرار نموده، یک جا فرموده:" سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَقُولُونَ" «1»، و جایی دیگر فرموده:" قُلْ سُبْحانَ رَبِّی" «2» و یا

__________________________________________________

(1 و 2)سوره، اسری، آیات 43، 93، 108، 111.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 4

فرموده:" وَ یَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا ..." «1»، و حتی در آیه ای که سوره به آن ختم می شود نیز معنای تسبیح خدای را متذکر گردیده و او را بر تنزهش از داشتن شریک و ولی و اتخاذ فرزند ستوده و فرموده است:" وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ شَرِیکٌ فِی الْمُلْکِ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ کَبِّرْهُ تَکْبِیراً" «2».

[نقل برخی اقوال در باره مدنی بودن بعضی از آیات سوره اسراء و اشاره به مفاد کلی این سوره مبارکه ] ..... ص : 4

از آیات این سوره چنین بر می آید که از سوره های مکی است، ولی بنا بر قول بعضی از مفسرین بطوری که روح المعانی نقل نموده دو آیه از آن مدنی است، که عبارتند از: آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ ..." و آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَسْتَفِزُّونَکَ ...".

بعضی دیگر گفته اند که چهار آیه این سوره مدنی است یعنی آن دو آیه مذکور به اضافه آیه" وَ إِذْ قُلْنا لَکَ إِنَّ رَبَّکَ أَحاطَ بِالنَّاسِ ..."، و آیه" وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ ..." «3».

و از حسن نقل شده که گفته است: همه آیات این سوره جز پنج آیه اش مکی است، و آن پنج آیه عبارتند از آیه" وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ ..." و آیه" وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنی ..." و آیه" أُولئِکَ الَّذِینَ یَدْعُونَ ..." و آیه" أَقِمِ الصَّلاةَ ..."، و آیه" وَ آتِ ذَا الْقُرْبی ..." «4».

و از مقاتل نقل شده که گفته است که تمام سوره مکی است مگر پنج آیه زیر:" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ ..." و آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَسْتَفِزُّونَکَ ..." و آیه" وَ إِذْ قُلْنا لَکَ ..." و آیه" وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی ..." و آیه" إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ ..." «5».

و از قتاده و معدل از ابن عباس روایت شده که گفته است: همه آن مکی است مگر هشت آیه و آنها عبارتند از آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ ..." تا آیه" وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی ..." «6»

.و لیکن در مضامین آیات مذکور هیچ دلیلی بر اینکه در مدینه نازل شده باشند دیده نمی شود، و احکامی هم که در این آیات هست احکامی نیست که نزولش اختصاص به مدینه داشته باشد، چون نظائر آن در سوره های مکی نیز دیده می شود، مانند سوره انعام و اعراف.

سوره مورد بحث هدفی را دنبال می کند که آن عبارت است از تسبیح خدای تعالی، این سوره مطلب را با اشاره به داستان معراج رسول خدا (ص) و سیر آن حضرت از مسجد الحرام به مسجد اقصی (که همان بیت المقدس باشد و بنائی است مرتفع

__________________________________________________

(1 و 2)سوره اسری، آیات 43، 93، 108، 111. [.....]

(3)روح المعانی، ج 15، ص 2.

(4)منهج الصادقین، ج 5، ص 293.

(5)روح المعانی، ج 15، ص 2.

(6)منهج الصادقین، ج 5، ص 2.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 5

(هیکل) که داوود و سلیمان (ع) برای بنی اسرائیل بنا نمودند، و خدا آن را خانه مقدس ایشان قرار داد) شروع نموده و متذکر شده است.

آن گاه کلام را به مناسبت، به مقدرات بنی اسرائیل کشانده، از عزت و ذلت آنان و اینکه خداوند در هر روزگاری که او را اطاعت می کردند سربلندشان می کرده، و هر وقت که از در عصیان در می آمدند ذلیل و خوارشان می ساخته، سخن گفته و نیز کیفیت نزول کتاب بر آنان و پیرامون دعوت آنان به توحید و نفی شرک توضیح داده است.

سپس به همین مناسبت کلام را به وضع این امت معطوف ساخته، که بر این امت نیز کتاب نازل کرده پس اگر اطاعت کنند اجرا می برند، و اگر عصیان بورزند عقاب می شوند، و ملاک کار ایشان مانند آنان به همان اعمالی است که می کنند، و به طور کلی با هر انسانی بر طبق عملش معامله می کنند، و سنت الهی در امتهای گذشته نیز بر همین منوال بوده است.

پس آن گاه حقایق مهم و بسیاری از معارف مربوط به مبدأ و معاد و شرایع عامه از اوامر و نواهی و غیر آن را بیان می کند.

و از آیات برجسته، در این سوره آیه شریفه" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی - بگو چه خدا را بخوانید و چه رحمان را، به هر نامی که بخوانید برای او است اسمای حسنی" «1»

و نیز آیه" کُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً- هر یک از طایفه مؤمن و غیر مؤمن را از عطاء پروردگارت مدد می رسانیم و عطاء پروردگار تو ممنوع نیست" «2»

و نیز آیه" وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِکُوها- و هیچ قریه ای نیست مگر آنکه ما هلاک کننده آنیم" «3»

و همچنین آیات دیگر، است.

" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...".

کلمه" سبحان" اسم مصدر از ماده تسبیح به معنای تنزیه است، و همواره به طور اضافه استعمال می شود و در ترکیب، مفعول مطلقی است که قائم مقام و جانشین فعل است، بنا بر این تقدیر" سبحان اللَّه"" سبحت اللَّه تسبیحا" است یعنی خدای را تنزیه می کنم تنزیه کردن مخصوصی، و آن تنزیه و مبری ساختن او از هر چیزیست که لایق ساحت قدسش نباشد.

__________________________________________________

(1)سوره اسری، آیه 17.

(2)سوره اسری، آیه 20.

(3)سوره اسری، آیه 58.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 6

و بیشتر در وقتی استعمال می شود که بخواهند اظهار تعجب کنند، ولی در این آیه به شهادت سیاق، برای تنزیه است نه تعجب، چون سیاق کلام و غرض از آن تنزیه خداست، هر چند بعضیها «1»

اصرار دارند که آن را برای تعجب بگیرند.

[معنای آیه شریفه:" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ ..."] ..... ص : 6

کلمه" اسراء" و همچنین کلمه" سری" که ثلاثی مجرد آنست به معنای سیر در شب است، وقتی گفته می شود" سری و اسری" معنایش این است که فلانی در شب راه پیمود، و وقتی گفته می شود" سری به و اسری به" معنایش این است که او را شبانه سیر داد، و" سیر" مخصوص روز یا اعم از روز و شب می باشد.

و کلمه" لیلا" مفعول فیه است و بودنش در کلام این معنا را افاده می کند که این سیر همه اش در شب انجام گرفت، هم رفتنش و هم برگشتنش.

مراد از" مسجد اقصی" به قرینه جمله" الَّذِی بارَکْنا حَوْلَهُ" بیت المقدس است و کلمه" اقصی" از ماده" قصو" و این ماده به معنای دوری است، و اگر مسجد بیت المقدس را مسجد الاقصی نامیده بدین جهت است که این مسجد نسبت به محل زندگی رسول خدا (ص) و مخاطبینی که با اویند از مسجد الحرام خیلی دور است، زیرا محل زندگی ایشان شهر مکه است که مسجد الحرام در همانجا است.

و جمله" لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا" نتیجه این سیر دادن را بیان می کند و آن این است که پاره ای از آیات و نشانه های خود را به وی نشان دهد، و این که گفتیم:" پاره ای" به خاطر وجود کلمه" من" در کلام است. و سیاق کلام دلالت دارد بر اینکه آن آیات از آیات و نشانه های عظیمی بوده، هم چنان که در آیه دیگری در داستان معراج به این معنا تصریح نموده و فرموده است" لَقَدْ رَأی مِنْ آیاتِ رَبِّهِ الْکُبْری - آیه های بزرگی از آیات پروردگارش را مشاهده نمود" «2»

.و اینکه فرمود:" إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ" بیان علت سیر دادن او به منظور نشان دادن آیات است، یعنی خدا چون شنوا بگفته های بندگان و بینای به افعال ایشان است و تقاضای حال رسول خود را دید که چنین اکرامی را اقتضاء می کرد لذا او را برای نشان دادن پاره ای از آیات و نشانه هایش شبانه سیر داد.

در این آیه شریفه التفات و نکته ای به کار رفته و آن التفات از غیبت به تکلم با غیر

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 396.

(2)سوره نجم، آیه 18.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 7

است، آنجا که فرموده:" بارَکْنا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا" زیرا در آغاز کلام خدای را غایب گرفته و در اینجا به صورت متکلم آورد و گفت:" مبارک کردیم پیرامون آن را" و دوباره خدای را غایب گرفته فرمود:" او شنوا و بینا است" و وجه آن این است که خواست بدین معنا اشاره کند که این اسراء شبانه و آثار مترتب بر آن یعنی نشان دادن آیات امری بوده که از ساحت عظمت و کبریایی و موطن عزت و جبروت حق تعالی صادر شده، و در آن سلطنت عظمای او به کار رفته، و خداوند با آیات کبرای خود برای او تجلی کرده است و اگر این التفات به کار نمی رفت و گفته می شد:" لیریه من آیاته" تا از آیات خود به او نشان دهد و یا تعبیر دیگری نظیر آن می کرد این نکته حاصل نمی شد.

و معنای آیه این است که:" باید تنزیه کند تنزیه کردن مخصوصی آن خدایی را که با عظمت و کبریائیش بنده خود محمد (ص) را شبانه سیر داد، نهایت قدرت و سلطنت خود را به وی نشان داده در دل یک شب او را از مسجد الحرام به سوی مسجد اقصی برده که همان بیت المقدسی است که پیرامونش را مبارک گردانیده بود، و این بدان جهت است که عظمت و کبریایی و آیات کبرای خود را به وی بنمایاند، چون او شنوای به گفتار و بصیر و دانای به حال او بود، و می دانست که او لایق چنین عنایت و مکرمتی هست".

بحث روایتی [روایتی مفصل در شرح واقعه" اسراء" و" معراج" و آنچه پیامبر (صلی اللَّه علیه و آله) در شب معراج دید و شنید] ..... ص : 7

اشاره

قمی در تفسیر خود از پدرش از ابن ابی عمیر از هشام بن سالم از امام صادق (ع) روایت کرده که فرمود: جبرئیل و میکائیل و اسرافیل براق را برای رسول خدا (ص) آوردند، یکی مهار آن را گرفت و دیگری رکابش را و سومی جامه رسول خدا (ص) را در هنگام سوار شدن مرتب کرد، در این موقع براق بنای چموشی گذاشت که جبرئیل او را لطمه ای زد و گفت: آرام باش ای براق، قبل از این پیغمبر، هیچ پیغمبری سوار تو نشده، و بعد از این هم کسی همانند او، سوارت نخواهد شد.

آن گاه اضافه فرمود که براق بعد از لطمه آرام شد و او را مقداری که خیلی زیاد هم نبود بالا برد، در حالی که جبرئیل هم همراهش بود، و آیات خدایی را از آسمان و زمین به وی نشان می داد. رسول خدا (ص) خودش فرموده: که در حین رفتن ناگهان یک منادی از سمت راست ندایم داد که هان ای محمد! ولی من پاسخ نگفته و توجهی به او نکردم. ترجمه المیزان، ج 13، ص: 8

منادی دیگر از طرف چپ ندایم داد که هان ای محمد! به او نیز پاسخ نگفته و توجهی ننمودم، زنی با دست و ساعد برهنه و غرق در زیورهای دنیوی به استقبالم آمد و گفت ای محمد به من نگاه کن تا با تو سخن گویم به او نیز توجهی نکردم و هم چنان پیش می رفتم که ناگهان آوازی شنیدم و از شنیدنش ناراحت شدم، از آن نیز گذشتم، اینجا بود که جبرائیل مرا پایین آورد و گفت ای محمد، نماز بخوان من مشغول نماز شدم سپس گفت هیچ می دانی کجا است که نماز می خوانی؟ گفتم نه، گفت: طور سینا است، همانجا است که خداوند با موسی تکلم کرد، تکلمی مخصوص، آن گاه سوار شدم، خدا می داند که چقدر رفتیم که به من گفت پیاده شو و نماز بگزار. من پایین آمده نماز گزاردم، گفت: هیچ می دانی کجا نماز خواندی؟ گفتم نه، گفت این بیت اللحم بود، و بیت اللحم ناحیه ایست از زمین بیت المقدس که عیسی بن مریم در آنجا متولد شد.

آن گاه سوار شده براه افتادیم تا به بیت المقدس رسیدیم، پس براق را به حلقه ای که قبلا انبیاء مرکب خود را به آن می بستند بسته وارد شدم در حالی که جبرئیل همراه و در کنارم بود، در آنجا به ابراهیم خلیل و موسی و عیسی در میان عده ای از انبیاء که خدا می داند چقدر بودند برخورد نمودم که همگی به خاطر من اجتماع کرده بودند و مهیای نماز بودند و من شکی نداشتم در اینکه به زودی جبرئیل جلو می ایستد و بر همه ما امامت می کند ولی وقتی صف نماز مرتب شد جبرئیل بازوی مرا گرفت و جلو برد و بر آنان امامت نمودم و البته غرور و عجبی نیست.

آن گاه خازنی نزدم آمد در حالی که سه ظرف همراه داشت یکی شیر و دیگری آب و سومی شراب و شنیدم که می گفت اگر آب را بگیرد هم خودش و هم امتش غرق می شوند و اگر شراب را بگیرد هم خودش و هم امتش گمراه می گردند و اگر شیر را بگیرد خود هدایت شده و امتش نیز هدایت می شوند.

آن گاه فرمود من شیر را گرفتم و از آن آشامیدم، جبرئیل گفت هدایت شدی و امتت نیز هدایت شدند آن گاه از من پرسید در مسیرت چه دیدی؟ گفتم صدای هاتفی را شنیدم که از طرف راستم مرا صدا زد. پرسید آیا تو هم جوابش را دادی؟ گفتم نه و هیچ توجهی به آن نکردم گفت او مبلغ یهود بود اگر پاسخش گفته بودی امتت بعد از خودت به یهودی گری می گرائیدند، سپس پرسید دیگر چه دیدی؟ گفتم هاتفی از طرف چپم صدایم زد، پرسید آیا تو هم جوابش گفتی؟ گفتم نه و توجهی هم نکردم، گفت او داعی مسیحیت بود اگر جوابش می دادی امتت بعد از تو مسیحی می شدند آن گاه پرسید چه کسی در روبرویت ظاهر شد؟

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 9

گفتم زنی دیدم با بازوانی برهنه که همه زیورهای دنیوی بر او بود به من گفت: ای محمد به سوی من بنگر، تا با تو سخن گویم، جبرئیل پرسید آیا تو هم با او سخن گفتی؟ گفتم نه سخن گفتم و نه به او توجهی کردم، گفت او دنیا بود اگر با او همکلام می شدی امتت دنیا را بر آخرت ترجیح می دادند.

آن گاه آوازی هول انگیز شنیدم که مرا به وحشت انداخت جبرئیل گفت ای محمد می شنوی؟ گفتم آری، گفت این سنگی است که من هفتاد سال قبل از لب جهنم به داخل آن پرتاب کرده ام الآن در قعر جهنم جای گرفت و این صدا از آن بود، اصحاب می گویند به همین جهت رسول خدا (ص) تا زنده بود خنده نکرد.

آن گاه فرمود: جبرئیل بالا رفت و من هم با او بالا رفتم تا به آسمان دنیا رسیدیم و در آن فرشته ای را دیدم که او را اسماعیل می گفتند و هم او بود صاحب خطفه که خدای عز و جل در باره اش فرموده:" إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ- مگر کسی که خبر را برباید پس تیر شهاب او را دنبال می کند" «1»

و او هفتاد هزار فرشته زیر فرمان داشت که هر یک از آنان هفتاد هزار فرشته دیگر زیر فرمان داشتند فرشته مذکور پرسید ای جبرئیل، این کیست همراه تو؟ گفت این محمد رسول خدا (ص) است، پرسید: مبعوث هم شده؟ گفت آری، فرشته در را باز کرد من به او سلام کردم او نیز به من سلام کرد من جهت او استغفار کردم او هم جهت من استغفار کرد و گفت مرحبا به برادر صالح و پیغمبر صالح و همچنین ملائکه یکی پس از دیگری به ملاقاتم می آمدند تا به آسمان دوم وارد شدم در آنجا هیچ فرشته ای ندیدم مگر آنکه خوش و خندانش یافتم تا اینکه فرشته ای دیدم که از او مخلوقی بزرگتر ندیده بودم، فرشته ای بود کریه المنظر و غضبناک او نیز مانند سایرین با من برخورد نمود، هر چه آنها گفتند او نیز بگفت و هر دعا که ایشان در حقم نمودند او نیز کرد، اما در عین حال هیچ خنده نکرد، آن چنان که دیگر ملائکه می کردند، پرسیدم: ای جبرئیل این کیست که این چنین مرا به فزع انداخت؟ گفت: جا دارد که ترسیده شود خود ما هم همگی از او می ترسیم او خازن و مالک جهنم است، و تا کنون خنده نکرده، و از روزی که خدا او را متصدی جهنم نموده تا به امروز روز به روز بر غضب غیظ خود نسبت به دشمنان خدا و گنهکاران- می افزاید، و خداوند به دست او از ایشان انتقام می گیرد، و اگر بنا بود به روی احدی تبسم کند، چه آنها که قبل از تو بودند و چه بعدیها قطعا به روی تو تبسم می کرد، پس من بر او سلام کردم و او بر من سلام کرده به نعیم بهشت بشارتم داد.

__________________________________________________

(1)سوره صافات، آیه 10.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 10

پس من به جبرئیل گفتم آیا ممکن است او را فرمان دهی تا آتش دوزخ را به من نشان دهد؟ جبرئیل (یعنی همان کسی که خداوند در باره اش فرمود" مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ" «1»

) گفت آری، و به آن فرشته گفت: ای مالک، آتش را به محمد نشان بده، او پرده جهنم را بالا زد، و دری از آن را باز نمود لهیب و شعله ای از آن بیرون جست و به سوی آسمان سر کشید و هم چنان بالا رفت که گمان کردم مرا نیز خواهد گرفت، به جبرئیل گفتم دستور بده پرده اش را بیندازد، او نیز مالک را گفت تا به حال اولش برگردانید.

آن گاه به سیر خود ادامه دادم، مردی گندم گون و فربه را دیدم از جبرئیل پرسیدم این کیست؟ گفت: این پدرت آدم است، سپس مرا معرفی بر آدم نمود و گفت: این ذریه تو است، آدم گفت (آری) روحی طیب و بویی طیب از جسدی طیب.

رسول خدا (ص) به اینجا که رسید سوره مطففین را از آیه هفدهم که می فرماید:" کَلَّا إِنَّ کِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ وَ ما أَدْراکَ ما عِلِّیُّونَ کِتابٌ مَرْقُومٌ یَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ" تا آخر سوره را تلاوت فرمود، پس آن گاه فرمود: من به پدرم آدم سلام کردم، او هم بر من سلام کرد، من جهت او استغفار نموده او هم جهت من استغفار کرد و گفت مرحبا به فرزند صالحم پیغمبر صالح و مبعوث در روزگار صالح، آن گاه به فرشته ای از فرشتگان گذشتم که در مجلسی نشسته بود، فرشته ای بود که همه دنیا در میان دو زانویش قرار داشت، در این میان دیدم لوحی از نور در دست دارد و آن را مطالعه می کند، و در آن چیزی نوشته بود، و او سرگرم دقت در آن بود، نه به چپ می نگریست و نه به راست و قیافه ای (چون قیافه مردم) اندوهگین به خود گرفته بود، پرسیدم: این کیست ای جبرئیل؟ گفت: این ملک الموت است که دائما سرگرم قبض ارواح می باشد، گفتم مرا نزدیکش ببر قدری با او صحبت کنم وقتی مرا نزدیکش برد سلامش کردم و جبرئیل وی را گفت که این محمد نبی رحمت است که خدایش به سوی بندگان گسیل و مبعوث داشته عزرائیل مرحبا گفت و با جواب سلام تحیتم داد و گفت: ای محمد مژده باد ترا که تمامی خیرات را می بینم که در امت تو جمع شده.

گفتم حمد خدای منان را که منتها بر بندگان خود دارد، این خود از فضل پروردگارم می باشد آری رحمت او شامل حال منست، جبرئیل گفت این از همه ملائکه شدید العمل تر است پرسیدم آیا هر که تا کنون مرده و از این به بعد می میرد او جانش را می گیرد؟ گفت آری از خود عزرائیل پرسیدم آیا هر کس در هر جا به حال مرگ می افتد تو او را می بینی و در آن

__________________________________________________

(1)سوره تکویر، آیه 21.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 11

- واحد بر بالین همه آنها حاضر می شوی؟ گفت آری.

ملک الموت اضافه کرد که در تمامی دنیا در برابر آنچه خدا مسخر من کرده و مرا بر آن سلطنت داده بیش از یک پول سیاه نمی ماند که در دست مردی باشد و آن را در دست بگرداند و هیچ خانه ای نیست مگر آنکه در هر روز پنج نوبت وارسی می کنم و وقتی می بینم مردمی برای مرده خود گریه می کنند می گویم گریه مکنید که باز نزد شما بر می گردم و آن قدر می آیم و می روم تا احدی از شما را باقی نگذارم.

رسول خدا (ص) فرمود ای جبرئیل فوق مرگ واقعه ای نیست! جبرئیل گفت بعد از مرگ شدیدتر از خود مرگ است.

آن گاه فرمود به راه خود ادامه دادیم تا به مردمی رسیدیم که پیش رویشان طعامهایی از گوشت پاک و طعامهایی دیگر از گوشت ناپاک بود. ناپاک را می خوردند و پاک را فرو می گذاشتند پرسیدم ای جبرئیل اینها کیانند؟ گفت اینها حرام خوران از امت تو هستند که حلال را کنار گذاشته و از حرام استفاده می برند.

فرمود آن گاه فرشته ای از فرشتگان را دیدم که خداوند امر او را عجیب کرده بود بدین صورت که نصفی از جسد او را از آتش و نصف دیگرش را از یخ آفریده بود که نه آتش یخ را آب می کرد و نه یخ آتش را خاموش و او با صدای بلند می گفت:" منزه است خدایی که حرارت این آتش را گرفته نمی گذارد این یخ را آب کند، و برودت یخ را گرفته نمی گذارد این آتش را خاموش سازد، بار الها ای خدایی که میان آتش و آب را سازگاری دادی میان دلهای بندگان با ایمانت الفت قرار ده"، پرسیدم ای جبرئیل این کیست؟ گفت فرشته ایست که خدا او را به اکناف آسمان و اطراف زمین ها موکل نموده و او خیرخواه ترین ملائکه است نسبت به بندگان مؤمن از سکنه زمین، و از روزی که خلق شده همواره این دعا را که شنیدی به جان آنان می کند.

و دو فرشته در آسمان دیدم که یکی می گفت پروردگارا به هر کسی که انفاق می کند خلف و جایگزینی عطا کن و به هر کسی که از انفاق دریغ می ورزد تلف و کمبودی ده.

آن گاه به سیر خود ادامه داده به اقوامی برخوردم که لبهایی داشتند مانند لبهای شتر، گوشت پهلویشان را قیچی می کردند و به دهانشان می انداختند، از جبرئیل پرسیدم اینها کیانند؟ گفت سخن چینان و مسخره کنندگانند.

باز به سیر خود ادامه داده به مردمی برخوردم که فرق سرشان را با سنگ های بزرگ می کوبیدند پرسیدم اینها کیانند؟ گفت آنان که نماز عشاء نخوانده می خوابند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 12

باز به سیر خود ادامه دادم به مردمی برخوردم که آتش در دهانشان می انداختند و از پائینشان بیرون می آمد پرسیدم اینها کیانند گفت اینها کسانی هستند که اموال یتیمان را به ظلم می خورند که در حقیقت آتش می خورند و بزودی به سعیر جهنم می رسند.

آن گاه پیش رفته به اقوامی برخوردم که از بزرگی شکم احدی از ایشان قادر به برخاستن نبود از جبرئیل پرسیدم اینها چه کسانی هستند؟ گفت اینها کسانی هستند که ربا می خورند، بر نمی خیزند مگر برخاستن کسی که شیطان ایشان را مس نموده و در نتیجه احاطه شان کرده.

در این میان به راه آل فرعون بگذشتم که صبح و شام بر آتش عرضه می شدند و می گفتند پروردگارا قیامت کی بپا می شود.

رسول خدا (ص) فرمود: پس از آنجا گذشته به عده ای از زنان برخوردم که به پستانهای خود آویزان بودند، از جبرئیل پرسیدم اینها چه کسانی هستند؟ گفت اینها زنانی هستند که اموال همسران خود را به اولاد دیگران ارث می دادند آن گاه رسول خدا (ص) فرمود: غضب خداوند شدت یافت در باره زنی که فرزندی را که از یک فامیل نبوده داخل آن فامیل کرده و او در آن فامیل به عورات ایشان واقف گشته اموال آنان را حیف و میل کرده است.

آن گاه فرمود: (از آنجا گذشته) به عده ای از فرشتگان خدا برخوردم که خدا به هر نحو که خواسته خلقشان کرده و صورت هایشان را هر طور خواسته قرار داده هیچ یک از اعضای بدنشان نبود مگر آنکه جداگانه از همه جوانب و به آوازهای مختلف خدا را حمد و تسبیح می کردند، و فریاد آنان به ذکر و گریه از ترس خدا بلند بود، من از جبرئیل پرسیدم اینها چه کسانی هستند؟ گفت خداوند اینها را همین طور که می بینی خلق کرده و از روزی که خلق شده اند هیچیک از آنان به رفیق بغل دستی خود نگاه نکرده و حتی یک کلمه با او حرف نزده از ترس و خشوع در برابر خدا به بالای سر خود و پائین پایشان نظر نینداخته اند من به ایشان سلام کرده ایشان بدون اینکه به من نگاه کنند با اشاره جواب دادند، آری خشوع در برابر خدا اجازه چنین توجهی را به ایشان نمی داد، جبرئیل مرا معرفی نمود، و گفت: این محمد پیغمبر رحمت است که خدایش به سوی بندگان خود به عنوان نبوت و رسالت فرستاده، آری این خاتم النبیین و سید المرسلین است، آیا با او هم حرف نمی زنید؟ ملائکه وقتی این حرف را شنیدند روی به من آورده سلام کردند و احترام نمودند، و مرا و امتم را به خیر مژده دادند.

سپس به آسمان دوم صعود کردیم، در آنجا ناگهان به دو مرد برخوردیم که شکل هم بودند، از جبرئیل پرسیدم، این دو تن کیانند؟ جبرئیل گفت اینان دو پسر خاله های تو یحیی و

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 13

عیسی بن مریم (ع)، من بر آن دو سلام کردم، ایشان نیز بر من سلام کردند، و برایم طلب مغفرت نموده من هم برای ایشان طلب مغفرت کردم به من گفتند مرحبا به برادر صالح و پیغمبر صالح، در این میان نگاهم به ملائکه ای افتاد که در حال خشوع بودند، خداوند چهره هایشان را آن طور که خواسته قرار داده بود احدی از ایشان نبود مگر اینکه خدای را با صوتهای مختلف حمد و تسبیح می کردند.

آن گاه به آسمان سوم صعود کردیم در آنجا به مردی برخوردم که صورتش آن قدر زیبا بود که از هر خلق دیگری زیباتر بود، آن چنان که ماه شب چهارده از ستارگان زیباتر است، از جبرئیل پرسیدم این کیست؟ گفت: این برادرت یوسف است، من بر او سلام کردم و جهتش استغفار نمودم او هم به من سلام کرده برایم طلب مغفرت نمود، و گفت مرحبا به پیغمبر صالح و برادر صالح و مبعوث در زمان صالح.

در این بین ملائکه ای را دیدم که در حال خشوع بودند به همان نحوی که در باره ملائکه آسمان دوم توصیف کردم جبرئیل همان حرفهایی را که در آسمان دوم در معرفی من زد اینجا نیز همان را تکرار نمود ایشان هم همان عکس العمل را نشان دادند.

آن گاه به سوی آسمان چهارم صعود نمودیم در آنجا مردی را دیدم از جبرئیل پرسیدم این مرد کیست؟ گفت این ادریس است که خداوند به مقام بلندی رفعتش داده، من به او سلام کرده برایش طلب مغفرت نمودم، او نیز جواب سلامم داد، و برایم طلب مغفرت نمود و از ملائکه در حال خشوع همان را دیدم که در آسمانهای قبل دیده بودیم همه مرا و امتم را بشارت به خیر دادند، به علاوه آنها در آنجا فرشته ای دیدم که بر تخت نشسته هفتاد هزار فرشته زیر فرمان داشت که هر یک از آنها هفتاد هزار ملک زیر فرمان داشتند در اینجا به خاطر مبارک رسول خدا (ص) خطور کرد که نکند این همان باشد، پس جبرئیل با صیحه و فریاد به او گفت بایست و او اطاعتش نموده بپا خاست و تا قیامت هم چنان خواهد ایستاد.

آن گاه به آسمان پنجم صعود کردیم در آنجا مردی سالخورده و بزرگ چشم دیدم که بعمرم، پیر مردی به آن عظمت ندیده بودم، نزد او جمع کثیری از امتش بودند من از کثرت ایشان خوشم آمد، از جبرئیل پرسیدم این کیست؟ گفت: این پیغمبری است که امتش دوستش می داشتند، این هارون پسر عمران است، من سلامش کردم، جوابم را داد برایش طلب مغفرت کردم او نیز برای من طلب مغفرت نمود، در همان آسمان باز از ملائکه در حال خشوع همان را دیدم که در آسمانهای قبلی دیده بودم.

آن گاه به آسمان ششم صعود نمودیم، در آنجا مردی بلند بالا و گندم گون دیدم که

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 14

گویی از شنوه (قبیله معروف عرب) بود، و اگر هم دو تا پیراهن روی هم می پوشید باز موی بدنش از آنها بیرون می آمد، و شنیدم که می گفت: بنی اسرائیل گمان کردند که من محترم ترین فرزندان آدم نزد پروردگار هستم و حال آنکه این مرد گرامی تر از من است از جبرئیل پرسیدم این کیست؟ گفت: این برادر تو موسی بن عمران است، پس او را سلام کردم او نیز به من سلام کرد، سپس برای همدیگر استغفار نمودیم، و باز در آنجا از ملائکه در حال خشوع همانها را دیدم که در آسمان های قبلی دیده بودم.

رسول خدا (ص) سپس فرمود آن گاه به آسمان هفتم صعود نمودیم و در آنجا به هیچ فرشته از فرشتگان عبور نکردیم مگر آنکه می گفتند ای محمد حجامت کن و به امتت بگو حجامت کنند، در ضمن در آنجا مردی دیدم که سر و ریشش جو گندمی، و بر کرسی نشسته بود از جبرئیل پرسیدم این کیست که تا آسمان هفتم بالا آمده و کنار بیت المعمور در جوار پروردگار عالم مقام گرفته؟ گفت: ای محمد این پدر تو ابراهیم است در اینجا محل تو و منزل پرهیزکاران از امت تو است، آن گاه رسول خدا (ص) این آیه را تلاوت فرمود:" إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِیُّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُؤْمِنِینَ" «1»

.پس به وی سلام کردم، بعد از جواب سلامم گفت: مرحبا به پیغمبر صالح و فرزند صالح و مبعوث در روزگار صالح، در آنجا نیز از ملائکه در حال خشوع همان را دیدم که در دیگر آسمانها دیده بودم، ایشان نیز مرا و امتم را به خیر بشارت دادند.

رسول خدا (ص) اضافه کرد که در آسمان هفتم دریاها از نور دیدم که آن چنان تلألؤ داشتند که چشم ها را خیره می ساخت و دریاها از ظلمت و دریاها از رنج دیدم که نعره می زد و هر وقت وحشت مرا می گرفت یا منظره هول انگیزی می دیدم از جبرئیل پرسش می کردم، می گفت بشارت باد ترا ای محمد شکر این کرامت الهی را بجای آور و خدای را در برابر این رفتاری که با تو کرد سپاسگزاری کن، خداوند هم دل مرا با گفتار جبرئیل سکونت و آرامش می داد وقتی اینگونه تعجب ها و وحشت ها و پرسشهایم بسیار شد جبرئیل گفت: ای محمد! آنچه می بینی به نظرت عظیم و تعجب آور می آید، اینها که می بینی یک خلق از مخلوقات پروردگار تو است، پس فکر کن خالقی که اینها را آفریده چقدر بزرگ است با اینکه آنچه تو ندیده ای خیلی بزرگتر است از آنچه دیده ای آری میان خدا و خلقش هفتاد هزار حجابست و از همه خلایق نزدیک تر به خدا من و اسرافیلم و بین ما و خدا

__________________________________________________

(1)سوره آل عمران آیه 68.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 15

چهار حجاب فاصله است حجابی از نور حجابی از ظلمت حجابی از ابر و حجابی از آب.

رسول خدا (ص) افزود از عجائب مخلوقات خدا (که هر کدام بر آنچه که خواسته اوست مسخر ساخته) خروسی را دیدم که دو بالش در بطون زمینهای هفتم و سرش نزد عرش پروردگار است و این خود فرشته ای از فرشتگان خدای تعالی است که او را آن چنان که خواسته خلق کرده، دو بالش در بطون زمینهای هفتم و رو به بالا گرفته بود تا سر از هوا در آورد و از آنجا به آسمان هفتم و از آنجا هم چنان بالا گرفته بود تا اینکه شاخش به عرش خدا نزدیک شده بود.

و شنیدم که می گفت: منزه است پروردگار من هر چه هم که بزرگ باشی نخواهی دانست که پروردگارت کجا است، چون شان او عظیم است و این خروس دو بال در شانه داشت که وقتی باز می کرد از شرق و غرب می گذشت و چون سحر می شد بالها را باز می کرد و به هم می زد و به تسبیح خدا بانگ بر می داشت و می گفت:" منزه است خدای ملک قدوس، منزه است خدای کبیر متعال، معبودی نیست جز خدای حی قیوم" و وقتی این جملات را می گفت، خروس های زمین همگی شروع به تسبیح نموده بالها را به هم می زدند، و مشغول خواندن می شدند و چون او ساکت می شد همه آنها ساکت می گشتند. خروس مذکور پرهایی ریز و سبز رنگ و پری سفید داشت که سفیدیش سفیدتر از هر چیز سفیدی بود که تا آن زمان دیده بودم و زغب (پرهای ریز) سبزی هم زیر پرهای سفید داشت آنهم سبزتر از هر چیز سبزی بود که دیده بودم.

رسول خدا (ص) چنین ادامه داد که: سپس به اتفاق جبرئیل به راه افتاده وارد بیت المعمور شدم، در آنجا دو رکعت نماز خواندم و عده ای از اصحاب خود را در کنار خود دیدم که عده ای لباسهای نو به تن داشتند و عده ای دیگر لباسهایی کهنه، آنها که لباسهای نو در برداشتند با من به بیت المعمور روانه شدند و آن نفرات دیگر بجای ماندند.

از آنجا بیرون رفتم دو نهر را در اختیار خود دیدم یکی از آنها به نام" کوثر" دیگری به نام" رحمت" از نهر کوثر آب خوردم و در نهر رحمت شستشو نمودم آن گاه هر دو برایم رام شدند تا آنکه وارد بهشت گشتم که ناگهان در دو طرف آن خانه های خودم و اهل بیتم را مشاهده کردم و دیدم که خاکش مانند مشک معطر بود، دختری را دیدم که در نهرهای بهشت غوطه ور بود، پرسیدم دختر! تو از کیستی؟ گفت از آن زید بن حارثه می باشم صبح این مژده را به زید دادم.

نگاهم به مرغان بهشت افتاد که مانند شتران بختی (عجمی) بودند انار بهشت را دیدم ترجمه المیزان، ج 13، ص: 16

که مانند دلوهای بزرگ بود، درختی دیدم که آن قدر بزرگ بود که اگر مرغی می خواست دور تنه آن را طی کند، می بایست هفتصد سال پرواز کند و در بهشت هیچ خانه ای نبود مگر اینکه شاخه ای از آن درخت بدانجا سر کشیده بود. از جبرئیل پرسیدم این درخت چیست؟ گفت این درخت" طوبی" است که خداوند آن را به بندگان صالح خود وعده داده، و فرموده:

" طُوبی لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ- طوبی و سرانجام نیک مر ایشان راست" «1»

.رسول خدا (ص) فرمود وقتی وارد بهشت شدم به خود آمدم و از جبرئیل از آن دریاهای هول انگیز و عجائب حیرت انگیز آن سؤال نمودم، گفت اینها سیر اوقات و حجابهایی است که خداوند به وسیله آنها خود را در پرده انداخته و اگر این حجابها نبود نور عرش تمامی آنچه که در آن بود را پاره می کرد و از پرده بیرون می ریخت.

آن گاه به درخت سدرة المنتهی رسیدم که یک برگ آن امتی را در سایه خود جای می داد و فاصله من با آن درخت همان قدر بود که خدای تعالی در باره اش فرمود:" قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی " «2»

در اینجا بود که خداوند ندایم داد و فرمود:" آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَیْهِ مِنْ رَبِّهِ" در پاسخ، از قول خودم و امتم عرض کردم:" وَ الْمُؤْمِنُونَ کُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَ مَلائِکَتِهِ وَ کُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَکَ رَبَّنا وَ إِلَیْکَ الْمَصِیرُ" خدای تعالی فرمود:" لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما کَسَبَتْ وَ عَلَیْها مَا اکْتَسَبَتْ" عرض کردم:" رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِینا أَوْ أَخْطَأْنا" خدای تعالی فرمود تو را مؤاخذه نمی کنم عرض کردم:" رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَیْنا إِصْراً کَما حَمَلْتَهُ عَلَی الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنا" خداوند تعالی خطاب فرمود:" نه، تحمیلت نمی کنم"، من عرض کردم" رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَی الْقَوْمِ الْکافِرِینَ" «3»

خدای تعالی فرمود: این را که خواستی به تو و به امت تو دادم.

امام صادق (ع) در اینجا فرمود:" هیچ میهمانی به درگاه خدا گرامی تر از رسول خدا (ص) (در آن وقتی که این تقاضاها را برای امتش می کرد) نبوده است".

رسول خدا (ص) عرض کرد: پروردگارا تو به انبیایت فضائلی کرامت فرمودی، به من نیز عطیه ای کرامت کن، فرمود: به تو نیز در میان آنچه که داده ام دو کلمه عطیه داده ام که در زیر عرشم نوشته شده، و آن کلمه:" لا حول و لا قوة الا باللَّه" و کلمه:

__________________________________________________

(1)سوره رعد، آیه 29.

(2)سوره نجم، آیه 9. [.....]

(3)سوره بقره، آیه 285 و 286.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 17

" لا منجی منک الا الیک" می باشد. رسول خدا (ص) فرمود: در اینجا بود که ملائکه کلامی را به من آموختند، تا در هر صبح و شام بخوانم، و آن این است:

" اللهم ان ظلمی اصبح مستجیرا بعفوک و ذنبی اصبح مستجیرا بمغفرتک و ذلی اصبح مستجیرا بعزتک، و فقری اصبح مستجیرا بغناک و وجهی الفانی اصبح مستجیرا بوجهک الباقی الذی لا یفنی- خدایا اگر ظلم می کنم دلگرم به عفو توام و اگر گناه می کنم پناهنده به مغفرتت هستم، خدایا ذلتم از دلگرمی به عزت تو است و فقرم پناهنده به غنای تو است و وجه فانیم مستجیر به وجه باقی تو" و من این را در موقع عصر می خوانم.

آن گاه صدای اذانی شنیدم و ناگاه دیدم فرشته ایست که اذان می گوید، فرشته ایست که تا قبل از آن شب کسی او را در آسمان ندیده بود، وقتی دو نبوت گفت" اللَّه اکبر" خدای تعالی فرمود درست می گوید بنده من، من از هر چیز بزرگترم، او گفت:" اشهد ان لا اله الا اللَّه" خدای تعالی فرمود: بنده ام درست می گوید، منم اللَّه، که معبودی نیست مگر من و معبودی نیست به غیر من.

او گفت:" اشهد ان محمدا رسول اللَّه اشهد ان محمدا رسول اللَّه" پروردگار فرمود:

بنده ام راست می گوید محمد بنده و فرستاده من است، من او را مبعوث کرده ام، او گفت:

" حی علی الصلاة حی علی الصلاة" خدای تعالی فرمود: راست می گوید بنده من و به سوی واجب من دعوت می کند هر کس از روی رغبت و به امید اجر دنبال واجب من برود همین رفتنش کفاره گناهان گذشته او خواهد بود.

او گفت:" حی علی الفلاح حی علی الفلاح" خدای تعالی فرمود: آری نماز صلاح و نجاح و فلاح است آن گاه در همان آسمان بر ملائکه امامت کردم و نماز گزاردیم آن طور که در بیت المقدس بر انبیاء امامت کرده بودم (این روایت از دستبرد عامه محفوظ نمانده و گرنه جا داشت حی علی خیر العمل هم در آن ذکر شده باشد).

سپس فرمود بعد از نماز، مهی همانند ابر مرا فرا گرفت به سجده افتادم پروردگارم مرا ندا داد: من بر همه انبیای قبل از تو پنجاه نماز واجب کرده بودم همان پنجاه نماز را بر تو و امتت نیز واجب کردم این نمازها را در امتت بپای دار، رسول خدا (ص) می گوید: من برخاسته به طرف پایین به راه افتادم، در مراجعت به ابراهیم برخوردم، چیزی از من نپرسید، به موسی برخوردم، پرسید چه کردی؟ گفتم: پروردگارم فرمود: بر هر پیغمبری پنجاه نماز واجب کردم، و همان را بر تو و بر امتت نیز واجب کردم، موسی گفت: ای محمد ترجمه المیزان، ج 13، ص: 18

امت تو آخرین امتند، و نیز ناتوان ترین امتهایند، پروردگار تو نیز هیچ خواسته ای برایش زیاد نیست و امت تو طاقت این همه نماز را ندارد برگرد و درخواست کن که قدری به امت تو تخفیف دهد.

من به سوی پروردگارم برگشتم تا به سدرة المنتهی رسیده در آنجا به سجده افتادم، و عرض کردم پنجاه نماز بر من و امتم واجب کردی نه من طاقت آن را دارم و نه امتم پروردگارا قدری تخفیفم بده، خدای تعالی ده نماز تخفیفم داد، بار دیگر نزد موسی برگشتم و قصه را گفتم گفت تو و امتت طاقت این مقدار را هم ندارید، برگرد به سوی پروردگار، برگشتم ده نماز دیگر از من برداشت، باز نزد موسی آمدم و قصه را گفتم. گفت باز هم برگرد و در هر بار که بر می گشتم تخفیفی می گرفتم. تا آنکه پنجاه نماز را به ده نماز رساندم، و نزد موسی بازگشتم، گفت: طاقت این را هم ندارید، به درگاه خدا شدم پنج نماز دیگر تخفیف گرفته نزد موسی آمدم، و داستان را گفتم، گفت: این هم زیاد است طاقتش را ندارید، گفتم: من دیگر از پروردگارم خجالت می کشم، و زحمت پنج نماز برایم آسانتر از درخواست تخفیف است، اینجا بود که گوینده ای ندا در داد: حال که بر پنج نماز صبر کردی در برابر همین پنج نماز ثواب پنجاه نماز را داری، هر یک نماز به ده نماز و هر که از امت تو تصمیم بگیرد که به امید ثواب کار نیکی بکند اگر آن کار را انجام داد ده برابر ثواب برایش می نویسم و اگر (به مانعی برخورد و نکرد بخاطر همان تصمیمش) یک ثواب برایش می نویسم، و هر که از امتت تصمیم بگیرد کار زشتی انجام دهد، اگر انجام هم داد فقط یک گناه برایش می نویسم، و اگر منصرف شد و انجام نداد، هیچ گناهی برایش نمی نویسم.

امام صادق (ع) در اینجا فرمود: خداوند از طرف این امت به موسی (ع) جزای خیر بدهد" او باعث شد که تکلیف این امت آسان شود" این است تفسیر آیه:

" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی الَّذِی بارَکْنا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ" «1»

.مؤلف: قریب به مضمون این روایت، روایات بسیار زیادی از طرق شیعه «2»

و سنی «3»

وارد شده است، و اینکه در این روایت داشت: (" مردی گندم گون" در عبارت عربیش دارد)" رجل آدم" و آدم به معنای گندم گون است، و کلمه:" طامه" به معنای امری است شدید که

__________________________________________________

(1)تفسیر قمی، ج 2، ص 3 الی ص 12.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 395.

(3)روح المعانی، ج 15، ص 5.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 19

با شدتش بر هر امر دیگری غلبه کند، و به همین جهت در قرآن کریم، قیامت،" طامه" خوانده شده است.

و کلمه:" اکتاف" جمع کتف (شانه) است، ولی مقصود از این کلمه در این روایت، اطراف و نواحی است و اینکه در شرح گذشتن از آسمان چهارم داشت" به خاطر رسول خدا (ص) چنین خطور کرد که نکند این همان باشد" مقصود این است که نکند این همان کسی باشد که تدبیر امور عالم به دست اوست، و همه امور به او منتهی می گردد.

و اینکه در عبورش از آسمان ششم داشت که" به مردی برخوردم که گویی از شنوه بود" مقصود از" شنوه" قبیله ایست از عرب که به بلندی قامت معروفند.

و اینکه در خصوص آسمان هفتم داشت" به مردی برخوردم که سر و ریشش اشمط بود" مقصود از" اشمط" این است که موی سر و یا ریش سفید و سیاه باشد.

و اینکه در باره آن خروس داشت" خروس مذکور زغبی سبز روی پرها و زغبی دیگر زیر پرها داشت" معنایش در مرغها آن پرهای خیلی ریز است و در حیوانات موی دار مویهای خیلی ریز است.

و اینکه داشت:" نگاهم به مرغان بهشت افتاد که مانند شتران بختی بودند، مقصود از آن شتران خراسانی است، و کلمه:" دلی" (با ضم دال و کسر لام و تشدید یاء) جمع دلو است که در اصل دلوی بر وزن فعول بوده، و ضبابه اگر با صاد بی نقطه باشد باید به فتحه صاد خواند و معنایش شوق و عشق رقیق است، و اگر ضبابه با ضاد نقطه دار باشد، باید با ضمه ضاد خواند و معنایش ابر رقیق است.

[روایات دیگری در شرح اسراء و معراج ] ..... ص : 19

و در امالی صدوق از پدرش از علی از پدرش از ابن ابی عمیر از ابان بن عثمان از ابی عبد اللَّه جعفر بن محمد (ع) روایت آمده که فرمود: وقتی رسول خدا (ص) را به معراج و به بیت المقدس بردند جبرئیل او را سوار براق کرد و به اتفاق به بیت المقدس آمدند جبرئیل محرابهای انبیاء را به آن جناب نشان داد، و رسول خدا (ص) در آن محرابها نماز گزارده و از آنجا عبورش داده در مراجعت به کاروان قریش برخوردند، رسول خدا (ص) آبی را که آنان در ظرف داشتند دید و دید که شتری گم کرده اند و در پی آن می گردند، رسول خدا (ص) از آن آب بیاشامید، و ما بقی آن را به زمین ریخت و چون از معراج برگشت و صبح شد به قریش فرمود که خدای تعالی دیشب مرا به بیت المقدس برد و آثار انبیاء و منزلهای ایشان را نشانم داد، و

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 20

من در مراجعت در فلان محل به کاروانی از قریش برخوردم که شتری گم کرده بودند و از آب ایشان بیاشامیدم، و ما بقی آن را ریختم.

ابو جهل گفت: ای قریش الآن فرصت خوبی دست داده، بپرسید مسجد اقصی چند ستون داشت؟ و چند قندیل در آن آویزان بود؟ پرسیدند ای محمد! در این جمع کسانی هستند که بیت المقدس را دیده باشند، اینک تو بیت المقدس را برای ما توصیف کن ببینیم راست می گویی یا خیر، بگو ببینیم چند عدد ستون داشت؟ و قندیلها و محراب هایش چند تا بود؟

جبرئیل در دم نازل شده صورت بیت المقدس را در برابر آن جناب مجسم نمود، و آن جناب هر چه را ایشان می پرسیدند پاسخ می گفت، بعد از آنکه از جزئیات بیت المقدس فارغ شدند گفتند باید صبر کنی تا کاروان برسد، از کاروانیان نیز قضیه تو را بپرسیم، حضرت فرمود:

شاهد صدق گفتار من این است که کاروانیان قریش هنگام طلوع آفتاب وارد می شوند، در حالی که شتری خاکستری رنگ پیشاپیش کاروانست.

فردای آن روز قریش به استقبال کاروان آمده شکاف دره را نگاه می کردند می گفتند الآن آفتاب می زند در همین بین در یک آن هم آفتاب طلوع کرد و هم کاروان نمودار شد در حالی که شتری خاکستری رنگ پیشاپیش آن بود از داستان شب گذشته و آنچه رسول خدا (ص) فرموده بود پرسیدند گفتند آری همین طور بود شتری از ما در فلان محل گم شده بود و ما آب خود را در ظرفی ریخته بودیم صبح که برخاستیم دیدیم آب به زمین ریخته شده است. ولی مشاهده این معجزات چیزی جز بر طغیان قریش نیفزود «1»

.مؤلف: در معنای این روایت، روایت دیگری نیز از شیعه «2»

و سنی «3»

وارد شده است.

و در همان کتاب به سند خود از عبد اللَّه بن عباس روایت کرده که گفت رسول خدا (ص) وقتی به آسمان عروج نمود جبرئیل او را به کنار نهری رسانید، که آن را نهر نور می گویند و آیه:" وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ" اشاره به آنست، وقتی به آن نهر رسیدند جبرئیل به او گفت: ای محمد! به برکت خدا عبور کن، زیرا خداوند چشمت را برایت نورانی کرده و پیش رویت را وسعت داده، آری این نهری است که تا کنون احدی از آن عبور نکرده نه فرشته ای مقرب و نه پیغمبری مرسل، تنها و تنها من روزی یک بار در آن آب تنی می کنم، و وقتی بیرون می شوم بالهایم را بهم می زنم هیچ قطره ای نیست که از بالم بچکد مگر آنکه

__________________________________________________

(1)امالی شیخ صدوق، ص 363، مجلس 69، ح 1.

(2)منهج الصادقین، ج 5، ص 252.

(3)الدر المنثور، ج 4، ص 155.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 21

خدای تعالی از آن قطره فرشته ای مقرب خلق می کند که بیست هزار صورت و چهل هزار بال دارد و به هر زبانی با لغتی جداگانه حرف می زند که زبان دیگری آن را نمی داند و نمی فهمد.

رسول خدا (ص) از آن نهر عبور کرد تا رسید به حجابها و حجابها پانصد عدد بودند که میان هر دو حجابی پانصد سال راه بود آن گاه به وی گفت ای محمد! جلو برو رسول خدا (ص) پرسید چرا با من نمی آیی گفت من نمی توانم از اینجا پا فراتر بگذارم، رسول خدا (ص) آن قدر که خدا می خواست جلو رفت تا آنکه گفتار خدای را شنید که می فرمود من محمودم و تو محمدی اسمت را از اسم خودم مشتق نمودم پس هر که با تو بپیوندد من با او می پیوندم و هر که با تو قطع کند با او قطع می کنم برو به سوی بندگانم و ایشان را از کرامتی که به تو کردم خبر بده، هیچ پیغمبری برنگزیدم مگر آنکه برای او وزیری قرار دادم و تو پیغمبر من، و علی بن ابی طالب وزیر تو است. «1»

و در مناقب ابن شهر آشوب از ابن عباس روایت شده که در خبری گفته: (رسول خدا) آوازی را شنید که می گفت:" آمنا برب العالمین" ابن عباس اضافه کرده که (جبرئیل) گفت: اینها ساحران فرعونند و همچنین (رسول اللَّه) شنید که گوینده ای می گفت" لبیک اللهم لبیک" جبرئیل گفت اینها حاجیانند، و نیز شنید صدای گوینده ای را که می گفت" لبیک" اللَّه اکبر" جبرئیل گفت اینها مجاهدین راه خدایند و نیز صدای تسبیح شنید جبرئیل بیان داشت که اینان انبیایند پس وقتی به سدرة المنتهی و از آنجا به حجابها رسید جبرئیل گفت یا رسول اللَّه تو خود جلو برو که من بیش از این نمی توانم نزدیک شوم چرا که اگر به اندازه یک بند انگشت نزدیکتر شوم خواهم سوخت «2»

.و در احتجاج از ابن عباس روایت کرده که گفت رسول خدا (ص) در ضمن احتجاجی که علیه یهود می کرد فرمود:" بر بال جبرئیل سوار شدم، سیر نمودم و به آسمان هفتم رسیدم از سدرة المنتهی که نزد آن جنت الماوی است نیز گذشتم تا آنکه به ساق عرش پیوستم، و از ساق عرش ندا شد که به درستی که منم آری منم اللَّه و معبود یکتا، معبودی نیست غیر من، منم" سلام"" مؤمن"" مهیمن"" عزیز"" جبار"" متکبر"" رؤوف"" رحیم"، و من او را با چشم دل دیدم نه با چشم سر ..." «3»

.و در کافی به سند خود از ابی الربیع روایت کرده که گفت سفری با حضرت ابی

__________________________________________________

(1)امالی صدوق، ص 290، ح 10، طبع بیروت.

(2)مناقب، ج 1، ص 179.

(3)احتجاج، ج 1، ص 48، طبع بیروت.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 22

جعفر (ع) به حج مشرف شدم که آن سال هشام بن عبد الملک نیز به اتفاق نافع مولای عمر بن خطاب مشرف بود.

نافع نظری به ابی جعفر (ع) انداخت در حالی که در رکن بیت بود و مردم اطرافش جمع بودند، نافع به هشام گفت یا امیر المؤمنین! این کیست که اینقدر مردم اطرافش را گرفته اند؟ گفت: این پیغمبر اهل کوفه محمد بن علی است، نافع گفت شاهد باش که می روم و از مسائلی پرسش می کنم که در جواب عاجز بماند، سؤالاتی به میان می آورم که جز پیغمبر و یا وصی پیغمبر و یا فرزند پیغمبر نمی تواند جواب بگوید، گفت برو و سعی کن سؤالاتی را مطرح کنی تا شرمنده اش سازی.

نافع نزدیک آمد تا خود را به دوش مردم تکیه داده رو به ابی جعفر کرد و گفت: ای محمد بن علی من تورات و انجیل و زبور و قرآن را خوانده ام و حلال و حرام آنها را یاد گرفته ام اینک آمده ام تا از تو سؤالاتی کنم که جواب آنها را جز پیغمبران و یا اوصیای آنان نمی دانند، راوی می گوید امام ابی جعفر (ع) سرش را بلند کرد و فرمود بپرس هر چه را که می خواهی.

نافع گفت به من بگو ببینم بین عیسی (ع) و خاتم الأنبیاء چند سال فاصله بود؟ فرمود نظریه خودم را بگویم یا رأی ترا؟ عرض کرد هر دو را، فرمود بنا به قول من پانصد سال فاصله شد و اما بنا بر قول تو ششصد سال بوده، گفت: بگو ببینم معنای کلام خدا که می فرماید:" وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ" «1»

چیست؟ و با اینکه بین رسول خدا (ص) و پیغمبر قبل او عیسی پانصد سال فاصله است این سؤال را از کدام پیغمبر بکند؟.

حضرت در جوابش این آیه را تلاوت فرمود:" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی الَّذِی بارَکْنا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا" و از جمله آیاتی که خداوند در بیت المقدس به او نشان داد این بود که خداوند انبیاء و مرسلین اولین و آخرین را محشور نموده به جبرئیل دستور داد تا اذان و اقامه را دو تا دو تا بگوید، و او در اذانش گفت حی علی خیر العمل آن گاه به انبیاء نماز گزارد.

و چون از نماز فارغ شد رو به ایشان کرده پرسید شما به چه چیز شهادت می دهید

__________________________________________________

(1)از پیغمبرانی که قبل از تو فرستاده ایم بپرس آیا ما به غیر رحمان معبودهای دیگری قرار دادیم که مردم را بپرستند؟ سوره زخرف، آیه 45.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 23

(عقاید دینی شما چیست؟) و چه چیزی را می پرستیدید؟ گفتند ما شهادت می دهیم به اینکه معبودی نیست جز خدای تعالی و او را شریکی نیست و نیز شهادت می دهیم بر اینکه تو رسول خدایی بر این معنا از ما عهد و میثاقها گرفته اند، نافع گفت درست فرمودی ای ابا جعفر «1»

.و در علل به سند خود از ثابت بن دینار روایت کرده که گفت من از حضرت زین العابدین علی بن الحسین (ع) در باره خدای عز و جل پرسیدم که آیا خداوند به مکان وصف می شود؟ حضرت فرمود:" تعالی اللَّه عن ذلک- خدا بزرگتر از این است" عرض کردم اگر خداوند به مکان وصف نمی شود پس چرا وقتی می خواست پیغمبرش را به خود نزدیک کند او را به آسمان برد، مگر خدا در آسمان است؟ فرمود: نه این کار برای آن بود که می خواست ملکوت و واقعیت آسمانها و آنچه در آنها (از عجائب صنع و بدایع خلقت) است را به او نشان دهد.

پرسیدم پس اینکه خدای تعالی می فرماید:" ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّی فَکانَ قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی " چه معنا دارد؟ و رسول خدا (ص) به کجا نزدیک شد؟ (که بیش از دو تیرانداز و یا کمتر فاصله نماند؟) فرمود رسول خدا (ص) به حجابهای نوری نزدیک شد و در آنجا ملکوت آسمانها را مشاهده کرد، آن گاه تدلی (نزدیکی) نموده و از طرف پائین ملکوت زمین را نگریست تا آنجا که پنداشت نزدیکیهای زمین است و بیش از دو تیرانداز و یا کمتر فاصله نبود خلاصه جمله" قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی " ناظر به فاصله آن جناب با زمین است «2»

.و در تفسیر قمی به سند خود از اسماعیل جعفی روایت کرده که گفت: من در مسجد الحرام نشسته بودم و حضرت ابی جعفر (ع) نیز در گوشه ای نشسته بود، سر بلند کرده نگاهی به آسمان و نگاهی به کعبه کرد و فرمود:" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی" سه بار این آیه را تکرار کرد، آن گاه متوجه من شد و فرمود: اهل عراق در باره این آیه چه می گویند؟ عرض کردم می گویند خداوند رسول خود را از مسجد الحرام به بیت المقدس برد، فرمود اینطور نیست که آنان می گویند لیکن از اینجا به اینجا سیرش دادند و با دست اشاره به آسمان کرد و فرمود ما بین آن دو حرم است.

آن گاه فرمود: به سدرة المنتهی رسید جبرئیل از همراهیش باز ایستاد رسول خدا (ص)

__________________________________________________

(1)روضه کافی، ص 103، ح 93.

(2)علل شرایع، ج 1، ص 131، باب 112، ح 1.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 24

پرسید آیا در چنین جایی مرا تنها می گذاری؟ گفت تو پیش برو که به خدا سوگند به جایی رسیده ای که هیچ خلقی از خلائق بدانجا نرسیده و نخواهد رسید اینجا بود که پروردگار خود را دید و تنها سبحه میان او و خداوند فاصله بود، پرسیدم فدایت شوم سبحه چیست؟ حضرت با صورت خود اشاره به زمین و با دست خود اشاره به آسمان کرد و سه نوبت گفت" جلال ربی جلال ربی" آن گاه خطاب شد که ای محمد، گفت لبیک یا رب، خطاب رسید سکنه آسمان در چه چیز مشاجره می کنند؟ پیامبر گفت: خداوندا تو منزهی من علمی ندارم جز آنچه که تو به من آموختی.

رسول خدا سپس فرمود: پس خدای تعالی دست در میان دو پستانم گذاشت و من برودت آن را در میان دو کتفم احساس کردم، آن گاه هیچ چیز از گذشته و آینده از من نپرسید مگر آنکه پاسخ آن را دانستم، در پایان پرسید ای محمد! سکان آسمانها در چه چیز مخاصمه و نزاع دارند؟ گفتم در درجات و کفارات و حسنات.

فرمود: ای محمد نبوتت بپایان رسید، و خوردنت تمام شد، چه کسی را برای جانشینی خود در نظر گرفته ای؟ عرض کردم: پروردگارا من همه خلقت را آزمایش کرده ام کسی را مطیع تر از علی برای خود نیافتم، فرمود: ای محمد! همچنین مطیع تر از همه خلق نسبت به دستورات منست، عرض کردم: پروردگارا همه خلقت را آزمودم کسی را نسبت بخودم علاقمندتر از علی نیافتم، فرمود: و همچنین نسبت به من، پس ای محمد! او را بشارت بده به اینکه آیات هدایت و پیشوای اولیای من و نور برای فرمانبران من و کلمه باقیه ایست که من متقین را ملزم به پذیرفتن آن کرده ام، هر که او را دوست بدارد مرا دوست داشته و هر که او را دشمن بدارد مرا دشمن داشته، علاوه بر این، من او را به خصائصی اختصاص داده ام که احدی را به آن اختصاص نداده ام.

عرض کردم پروردگارا آخر او برادر من و صاحب و وزیر و وارث من است، فرمود:

این امری است که قضایش مقدر شده که او باید مبتلا شود و مردم هم به وسیله او امتحان شوند علاوه بر این من او را ارث داده ام وارث داده ام وارث داده ام وارث داده ام، چهار چیز را که گره آنها به دست اوست و او هرگز فاش نمی کند «1»

.مؤلف: اینکه امام (ع) فرمود:" از اینجا به اینجا سیرش دادند" مقصود این است که آن جناب را از کعبه به بیت المعمور سیر دادند (و ما بین کعبه و بیت المعمور حرم

__________________________________________________

(1)تفسیر قمی، ج 2، ص 243. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 25

است) نه اینکه مقصود این باشد که از کعبه تا بیت المقدس نرفته بلکه به مسجد اقصی رفته است، چون اخبار بسیاری وارد شده که مقصود از مسجد اقصی همان بیت المقدس است، نه اینکه خواسته باشد مسجد اقصی را به بیت المعمور تفسیر کرده باشد بلکه مقصود حضرت این است که منتهای معراج بیت المقدس نبوده بلکه از آنجا هم گذشته به بیت المعمور که در آسمانها است برده شده.

و اینکه رسول خدا (ص) فرمود:" اینجا بود که پروردگار خود را دیدم" معنایش دیدن به چشم قلب است نه به چشم سر، هم چنان که در پاره ای از روایات قبلی خود آن حضرت تصریح به آن کرده بود، روایاتی هم که رؤیت را به رؤیت قلبی تفسیر می کند مؤید این معنا است.

و اینکه فرمود:" تنها سبحه میان پیامبر و خدا فاصله بود" معنایش این است که در نزدیکی به خدا به جایی رسید که میان خدا و پیامبر جز جلال او فاصله ای نماند.

و اینکه فرمود:" خدای تعالی دست در میان دو پستانم گذاشت ..." کنایه است از رحمت الهی، و حاصل معنایش این است که علمی از ناحیه او به قلبم وارد شد که هر شک و ریبی را از میان برد.

و در الدر المنثور است که ابن ابی شیبه و مسلم و ابن مردویه از طریق ثابت از انس روایت کرده که گفت: رسول خدا (ص) فرمود: براق را برایم آوردند، حیوانی بود سفید و دراز، و بزرگتر از الاغ و کوچکتر از قاطر که هر گامش به اندازه چشم اندازش بود من آن را سوار شده به راه افتادم تا به بیت المقدس رسیدم، در آنجا براق را به همان حلقه ای که انبیاء مرکب خود را می بستند ببستم و داخل مسجد شده دو رکعت نماز بجا آوردم.

آن گاه بیرون آمدم جبرئیل ظرفی شراب و ظرفی شیر برایم آورد، من شیر را انتخاب کردم جبرئیل گفت، فطرت را اختیار کردی، آن گاه ما را به طرف آسمان دنیا برد در آنجا اجازه ورود خواست، پرسیدند تو کیستی؟ گفت: جبرئیلم، پرسیدند همراهت کیست؟ گفت:

محمد (ص)است، پرسیدند مبعوث شده؟ گفت: آری مبعوث شده، در این موقع درب را باز کردند، ناگهان آدم را دیدم که به من مرحبا گفت و برایم دعای خیر کرد.

آن گاه ما به آسمان دوم عروج داده شدیم در آنجا نیز جبرئیل اذن ورود خواست، پرسیدند: تو کیستی؟ گفت: جبرئیلم، پرسیدند: چه کسی با تو است؟ گفت: محمد است، پرسیدند: مگر مبعوث شده؟ گفت: آری مبعوث شده، ما را راه دادند، ناگهان دو پسر خاله ام عیسی بن مریم و یحیی بن زکریا را دیدم مرا مرحبا گفتند و برایم دعای خیر کردند. ترجمه المیزان، ج 13، ص: 26

سپس به آسمان سوم برده شدیم در آنجا نیز جبرئیل اجازه ورود خواست، پرسیدند: تو کیستی؟ گفت: جبرئیلم، پرسیدند: همراهت کیست؟ گفت: محمد است، پرسیدند: مگر مبعوث شده؟ گفت: آری مبعوث شده، ما را راه دادند، ناگهان یوسف را دیدم که بهره ای از زیبایی داشت مرحبا گفت و برایم دعای خیر نمود.

آن گاه ما به آسمان چهارم برده شدیم، جبرئیل اجازه ورود خواست، پرسیدند کیستی؟

گفت جبرئیلم، پرسیدند: چه کسی با تو است؟ گفت محمد است، پرسیدند مگر مبعوث شده؟ گفت: آری مبعوث شده، آن گاه ما را راه دادند وارد شدیم و من به ادریس برخوردم بر من مرحبا گفت و برایم دعای خیر کرد.

آن گاه به آسمان پنجم رفتیم، و جبرئیل اجازه ورود خواست، گفتند: کیستی؟

گفت: جبرئیلم گفتند: آن کیست با تو؟ گفت: محمد است، پرسیدند: مگر مبعوث شده؟

گفت: آری مبعوث شده، اجازه دادند وارد شدیم، و من به هارون برخوردم و مرا ترحیب گفت و برایم دعای خیر کرد.

سپس به آسمان ششم عروجمان دادند در آنجا نیز جبرئیل اجازه خواست، گفتند:

کیستی؟ گفت: جبرئیلم، پرسیدند: به همراه تو کیست؟ گفت: محمد است، پرسیدند: مگر مبعوث شده؟ گفت: آری مبعوث شده، اجازه دادند وارد شدیم و من موسی را دیدم و مرا ترحیب گفت و دعای خیر برایم کرد.

پس آن گاه به آسمان هفتم عروج داده شدیم و جبرئیل اجازه خواست، پرسیدند:

کیستی؟ گفت: جبرئیلم، گفتند آن کیست؟ گفت محمد، پرسیدند، مگر مبعوث شده؟ گفت آری مبعوث شده اجازه ورودمان دادند و من به ابراهیم برخوردم که تکیه به بیت المعمور داده بود و هر روز هفتاد هزار فرشته به دیدارش می آمدند و دیگر آن عده نزد او نمی آمدند، بلکه هر روز یک عده ای دیگر او را دیدار می کردند.

از آنجا عبور داده شدم و به سدرة المنتهی رسیدم، برگ درخت سدر را در آنجا دیدم که مانند گوش فیل بود و میوه اش همچون کوزه های بزرگ و چون امر الهی آن درخت را فرا گرفت وضعش تغییر کرد، در نتیجه احدی از خلق خدا قادر نیست که زیبایی آن را توصیف کند، آنجا بود که خداوند به من وحی کرد آنچه را که کرد، و پنجاه نماز بر من واجب کرد تا در هر شبانه روز به جای آورم، پس فرود آمدم تا به موسی رسیدم، او پرسید: خدا چه چیز بر امت تو واجب کرد؟ گفتم پنجاه نماز گفت برگرد نزد پروردگارت، چرا که امت تو طاقت این مقدار را ندارند، آری بنی اسرائیل را آزموده و این تجربه را به دست آوردم. ترجمه المیزان، ج 13، ص: 27

من به درگاه پروردگارم برگشته به عرض رساندم که به امت من تخفیف ده خدای تعالی پنج نماز را تخفیف داد و من نزد موسی برگشتم و گفتم که پنج نماز تخفیف داده شد، گفت: امتت طاقت این را هم ندارند برگرد و از پروردگارت درخواست تخفیف کن، می فرماید من هم چنان برمی گشتم و تخفیف می گرفتم تا آنکه خدای تعالی فرمود: ای محمد! حال رسید به پنج نماز، برای هر شبانه روز، و هر نماز اجر ده نماز را دارد و در نتیجه امتت از پنجاه نماز برخوردار می شوند، و هر کس که تصمیم بگیرد حسنه ای را انجام دهد اگر نتوانست انجام دهد یک حسنه به حسابش می نویسند و اگر انجام داد ده حسنه به حسابش نوشته می شود و از طرفی اگر کسی تصمیم گرفت گناهی را مرتکب شود اما به آن گناه دست نیازید چیزی به حسابش نوشته نمی شود و اگر مرتکب شد یک سیئه برایش حساب می شود، اینجا بود که به سوی موسی برگشته و جریان را برایش گفتم، باز موسی گفت که نزد پروردگارت برگرد و باز تخفیف بگیر، گفتم: نه آن قدر رفتم و برگشتم که دیگر خجالت می کشم «1»

.مؤلف: این روایت از انس به طرق مختلفی نقل شده، از آن جمله طریق بخاری و مسلم و ابن جریر و ابن مردویه است که از طریق شریک بن عبد اللَّه بن ابی نمر از انس روایت کرده و روایتش چنین است که گفت: شبی که رسول خدا را از مسجد کعبه به معراج بردند سه نفر قبل از اینکه به آن جناب وحی بیاید نزد او آمدند در حالی که آن جناب در مسجد الحرام خوابیده بود یکی از آن سه نفر از بقیه پرسید کدامیک از ایشان است؟ وسطی گفت:

بهتر از همه او است، دیگری گفت بگیرید بهتر از همه را، و این جریان در آن شب زیاد ادامه نیافت و از نظر آن جناب ناپدید شدند تا آنکه در شبی دیگر آمدند در حالی که دیدگان آن جناب بسته بود ولی دلش بیدار بود و می دید (البته این اختصاص به آن شب و به آن حضرت ندارد اصولا انبیاء چنین هستند که دیدگانشان بسته می شود و لیکن دلهایشان بیدار است و می بیند) هیچ سخن نگفتند و او را برداشته نزد چاه زمزم گذاشتند و از میان آنان جبرئیل جلو آمد و بین گلو تا آخر سینه آن جناب را شکافته و قسمت سینه و اندرون او را با آب زمزم شستشو داد تا اینکه اندرونش پاکیزه گشت، آن گاه طشتی طلایی پر از ایمان و حکمت آورده و سینه و رگهای گردنش را از آن پر کرد آن گاه، روی هم گذاشته (بهبودش بخشید) و سپس به آسمان دنیایش عروج داد. (راوی حدیث را طبق حدیث قبلی ادامه می دهد) «2»

.__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 136.

(2)الدر المنثور، ج 4، ص 137.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 28

مساله شکافتن سینه و شستشو و پاکیزه کردن آن و پر کردنش از ایمان و حکمت، بیان یک حالت مثالی است که آن جناب مشاهده کرده نه اینکه طشتی مادی و از طلا در کار باشد و هم چنان که بعضی ها پنداشته اند مملو از امری مادی بنام ایمان و حکمت شود بلکه همین پر کردن دل آن جناب از ایمان و حکمت، خود قرینه ای است بر اینکه طشت هم امری معنوی و مثالی بوده.

اخبار معراج از اینگونه مشاهدات مثالی و تمثیل های روحی پر است و این معنا در عده ای از اخبار معراجیه که از طرق عامه نقل شده دیده می شود، و پر واضح است که هیچ اشکالی هم ندارد.

ظاهر این روایت این است که معراج پیغمبر (ص) قبل از بعثت بوده که هنوز وحی به او نازل نشده بود دیگر اینکه از آن بر می آید که این پیشامد در خواب بوده نه در بیداری. اما اینکه قبل از بعثت بوده باشد احتمالی است که معظم روایات وارده در معراج که شاید از حد شمارش هم بیرون باشد آن را رد می کند و علمای این بحث نیز همه اتفاق نظر دارند بر اینکه معراج بعد از بعثت بوده.

علاوه بر این، خود حدیث هم با این احتمال سازگار نیست، و آن را دفع می کند زیرا در آن آمده است که در معراج پنجاه نماز و پس از چند نوبت گرفتن تخفیف، به راهنمایی موسی، پنج نماز واجب شده است، و واجب شدن نماز قبل از نبوت چه معنایی دارد؟ پس ناگزیر باید صدر حدیث را که داشت" قبل از آنکه به آن جناب وحی می آمد نزد او آمدند" بر این حمل کنیم که ملائکه شبی قبل از شب بعثت آمدند و آن سخنان را با خود گفتند، آن گاه شب بعد که آن حضرت مبعوث به نبوت شده بود آمدند و به معراجش بردند.

و در روایات ما امامیه «1»

آمده است که آن عده که در شب معراج با آن جناب در مسجد خوابیده بودند عبارت بودند از حمزة بن عبد المطلب و جعفر و علی دو فرزند ابی طالب.

اما اینکه این واقعه در شب معراج در عالم خواب اتفاق افتاده ممکن است.- البته بعید است- بگوئیم که مساله شکافتن سینه و شستشوی اندرون آن حضرت در خواب بوده ولی پس از آن بیدارش کرده و به معراجش برده اند. ولی انصاف این است که ظهور این روایت در اینکه تمامی جریانات معراج، در خواب واقع شده بیشتر است، و روایات بعدی هم دلالت بر آن دارد.

__________________________________________________

(1)تفسیر قمی، ج 2، ص 13.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 29

از آن جمله روایتی است که در الدر المنثور آمده و آن این است که ابن اسحاق و ابن جریر از معاویة بن ابی سفیان روایت کرده اند که هر وقت در باره مساله معراج رسول خدا (ص) از معاویه پرسش می شد در جواب می گفت:" رؤیای صادقه از پیش خدا بود" «1»

[رد روایاتی که بنا بر آنها معراج جسمانی نبوده و در عالم رؤیا صورت گرفته است ] ..... ص : 29

مؤلف: ولی ظاهر آیه کریمه که می فرماید" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ تا جمله: لِنُرِیَهُ مِنْ آیاتِنا" این احتمال و این گفته معاویه را رد می کند و هم چنین آیات اول سوره نجم.- مثلا در آن آیات این جمله است که:" ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغی لَقَدْ رَأی مِنْ آیاتِ رَبِّهِ الْکُبْری " چشم منحرف نشد و خطا نکرد او بزرگترین آیات پروردگار خود را دید «2»

. علاوه بر این که آیه در مقام منت نهادن است، در عین حال ثنای بر خدای سبحان نیز هست که چنین پیشامد بی سابقه را پیش آورده و چنین قدرت نمایی عجیبی را انجام داده، و پر واضح است که مساله" قدرت نمایی" با" خواب دیدن" به هیچ وجه سازگار نیست، خلاصه خواب دیدن پیغمبر بی سابقه و قدرت نمایی نیست چون خواب را همه کس چه صالح و چه طالح می بیند و چه بسا فاسق و فاجر خوابهایی می بینند که بسیار عجیب تر است از خوابهایی که یک مؤمن متقی می بیند.

و اصلا خواب در نظر عامه مردم بیش از یک نوع تخیل چیز دیگری نیست که عامه آن را دلیل بر قدرت یا سلطنت بدانند منتهی اثری که دارد این است که با دیدن آن تفالی بزنند و امیدوار خیری شوند و یا با دیدن آن تطیری بزنند و احتمال پیشامد ناگواری را بدهند.

و نیز در همان کتاب است که ابی اسحاق و ابن جریر از عایشه روایت کرده اند که گفت: من بدن رسول خدا (ص) را از بسترم غایب ندیدم و در آن شب خداوند روح او را به معراج برد «3»

.مؤلف: همان اشکالی که به روایت قبلی وارد بود بر این روایت نیز وارد است. علاوه بر این در سقوط این روایت از درجه اعتبار، همین بس که تمام راویان حدیث و تاریخ نویسان اتفاق کلمه دارند بر اینکه معراج قبل از هجرت به مدینه واقع شده، و ازدواج رسول خدا (ص) با عایشه بعد از هجرت و در مدینه اتفاق افتاده آنهم بعد از گذشتن مدتی از هجرت و حتی دو نفر هم از راویان در این مطلب اختلاف نکرده اند.

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 157.

(2)سوره نجم، آیه 17 و 18.

(3)الدر المنثور، ج 4، ص 157.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 30

خود آیه نیز صریح است در اینکه معراج آن جناب از مکه و مسجد الحرام بوده.

و نیز در همان کتاب است که ترمذی (وی روایت را حسن دانسته) و طبرانی و ابن مردویه از ابن مسعود روایت کرده اند که گفت: رسول خدا (ص) فرمود: من ابراهیم را در شب معراج دیدم به من گفت: ای محمد از من بر امتت سلام برسان و به ایشان بگو که زمین بهشت، زمین پاکیزه و قابل کشت و زرع و آب آن گواراست، و همه آن دشت هموار است و نهالهایی که می توانید بفرستید کلمه سبحان اللَّه و الحمد للَّه و لا اله الا اللَّه و اللَّه اکبر و کلمه لا حول و لا قوة الا باللَّه است «1»

.و نیز در همان کتابست که طبرانی از عایشه روایت کرده که گفت: رسول خدا فرمود: وقتی مرا به آسمان بردند داخل بهشت شدم و به درختی از درختان بهشت رسیدم که زیباتر و سفیدبرگ تر و خوش میوه تر از آن ندیده بودم یک دانه از میوه های آن را چیده و خوردم و همین میوه نطفه ای شد در صلب من، وقتی به زمین آمدم و با خدیجه همبستر شدم به فاطمه حامله شد و اینک هر وقت مشتاق بوی بهشت می شوم فاطمه را می بویم «2»

.و در تفسیر قمی از پدرش از ابن محبوب از ابن رئاب از ابی عبیده از امام صادق (ع) روایت آورده که فرمود: رسول خدا (ص) بسیار فاطمه را می بوسید، این کار برای عایشه خوشایند نبود، رسول خدا (ص) فرمود: ای عایشه! وقتی مرا به آسمان بردند داخل بهشت شدم جبرئیل مرا به نزدیک درخت طوبی برد و از میوه هایش به من داد و من خوردم، خداوند همان میوه را به صورت نطفه ای در پشتم درآورد- وقتی به زمین هبوط نمودم با خدیجه همبستر شدم به فاطمه حامله شد، و اینک هیچ وقت او را نمی بوسم مگر آنکه بوی درخت طوبی را از او استشمام می کنم «3».

و در الدر المنثور است که طبرانی در کتاب اوسط از ابن عمر روایت کرده که وقتی رسول خدا (ص) را به معراج بردند خداوند به او وحی کرد که باید اذان بگوید چون نازل شد (به جبرئیل رسید) جبرئیل اذان را به او یاد داد «4».

و نیز در همان کتاب آمده است که ابن مردویه از علی (ع) روایت کرده که اذان را در شب معراج تعلیم رسول خدا کردند، و واجب شد که نماز را بعد از آن بخوانند «5».

و در کتاب علل به سند خود از اسحاق ابن عمار روایت کرده که گفت: من از

__________________________________________________

(1 و 2)الدر المنثور، ج 4، ص 153.

(3)تفسیر قمی، ج 1، ص 365.

(4 و 5)الدر المنثور، ج 4، ص 154.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 31

حضرت ابی الحسن موسی ابن جعفر پرسیدم چطور شد که هر یک رکعت نماز دارای یک رکوع و دو سجده شد؟ و با اینکه سجده دو تا است چرا دو رکعت حساب نمی شود؟ فرمود: حال که این مطلب را سؤال کردی حواست را جمع کن تا جوابش را خوب بفهمی، اولین نمازی که رسول خدا (ص) بجا آورد نمازی بود که در آسمان در برابر پروردگار متعال و در جلوی عرش خدای عز و جل خواند.

و شرحش چنین است که وقتی آن جناب را به معراج بردند و آن جناب را به معراج بردند و آن جناب به پای عرش الهی رسید به او خطاب شد ای محمد! به چشمه صاد نزدیک شو و محل های سجده خود را بشوی و پاکیزه کن و برای پروردگارت نماز بخوان، رسول خدا (ص) بدانجا که خدایش دستور داده بود نزدیک شده و وضو گرفت، وضویی طولانی و سیر، آن گاه در برابر پروردگار جبار تبارک و تعالی به ایستاد. خدای تعالی دستور داد تا نماز را افتتاح کند، او نیز (با گفتن اللَّه اکبر) نماز را شروع کرد. دستور رسید ای محمد! بخوان: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ تا آخر سوره، او چنین کرد دستورش داد تا به اصطلاح حسب و نسب خدای را بخواند و بگوید بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ، در اینجا خدای تعالی از تلقین بقیه سوره باز ایستاد رسول خدا (ص) گفت: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ. آن گاه خدای تعالی دستورش داد: بگوید لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُولَدْ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ کُفُواً أَحَدٌ، باز خدای تعالی از تلقین بقیه باز ایستاد و رسول خدا (ص) خودش پس از اتمام سوره گفت کذلک اللَّه ربی، کذلک اللَّه ربی.

بعد از آنکه رسول خدا این را بگفت خدای تعالی دستورش داد که برای پروردگارش رکوع کند رسول خدا رکوع کرد و دستور داده شد در حال رکوع بگوید" سبحان ربی العظیم و بحمده" رسول خدا سه بار این ذکر را گفت، دستور آمد سر از رکوع بردارد، رسول خدا سر برداشته در برابر پروردگار متعال ایستاد دستور آمد که ای محمد! سجده کن برای پروردگارت رسول خدا با صورت به سجده افتاد، دستور آمد بگو" سبحان ربی الاعلی و بحمده" او این ذکر را هم سه بار تکرار کرد. دستور رسید بنشیند، رسول خدا (ص) نشست جلالت پروردگار جل جلاله را متذکر گشته بی اختیار و بدون اینکه دستور داشته باشد به سجده افتاد و مجددا سه بار تسبیح گفت، خدای تعالی دستور داد برخیزد آن جناب تمام قامت برخاست، و در برخاستن آن جلالتی که از پروردگار خود باید مشاهده کند ندید.

خدای تعالی دستور داد ای محمد! بخوان همانطور که در رکعت اول خواندی، آن جناب انجام داده بعد از آنکه یکباره سجده کرد نشست باز متذکر جلال پروردگار تبارک و

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 32

تعالی گشته بی اختیار به سجده افتاد بدون اینکه دستور داشته باشد بعد از تسبیح دستور رسید که سر بردار، خداوند ترا ثابت قدم کند و گواهی ده که معبودی نیست به غیر از خدا، و اینکه محمد فرستاده خداست و قیامت آمدنی است و شکی در آن نیست و اینکه خداوند همه مردگان را زنده می کند و بگو" اللهم صل علی محمد و آل محمد کما صلیت و بارکت و ترحمت علی ابراهیم و آل ابراهیم انک حمید مجید اللهم تقبل شفاعته فی امته و ارفع درجته" رسول خدا همه اینها را گفت.

خدای تعالی فرمود ای محمد، رسول خدا روی خود به سوی پروردگارش نموده (و از ادب) سر بزیر افکند و گفت" السلام علیک" پس خدای جبار جل جلاله جوابش داد و گفت:" و علیک السلام یا محمد" به نعمت من نیرو بر طاعتم یافتی و به عصمتم. ترا پیغمبر و حبیب خود کردم.

امام ابو الحسن (ع) سپس فرمود نمازی که خدای تعالی دستور داد دو رکعت بود و دو سجده داشت و او همانطور که برایت گفتم در هر رکعت دو سجده به جا آورد و مشاهده عظمت پروردگارش او را بی اختیار به تکرار سجده واداشت خدای تعالی هم همان دو سجده را واجب کرد.

پرسیدم فدایت شوم آن صاد که رسول خدا مامور شد از آن غسل کند چه بود؟ فرمود:

چشمه ایست که از یکی از ارکان عرش می جوشد و آن را آب حیات می گویند و همان است که خدای تعالی در قرآن از آن یاد کرده و فرموده" ص وَ الْقُرْآنِ ذِی الذِّکْرِ" و خلاصه دستور این بود که از آن چشمه وضو بگیرد و قرائت کند و نماز بخواند «1».

مؤلف: در این معنا روایت دیگری نیز هست.

در کافی به سند خود از علی بن حمزه روایت کرده که گفت در حضور حضرت صادق (ع) بودم که ابو بصیر از آن جناب پرسید: فدایت شوم رسول خدا (ص) را چند نوبت به معراج بردند؟ فرمود دو نوبت جبرئیل او را در موقعی برد و به او گفت:

اینجا باش که در جایی قرار گرفته ای که تا کنون نه فرشته ای بدان راه یافته و نه پیغمبری، اینجاست که پروردگارت صلات می گذارد. پرسید چگونه صلات می گذارد؟ گفت: می گوید:

" سبوح قدوس" منم پروردگار ملائکه و روح، رحمتم از غضبم پیشی گرفته است رسول خدا (ص) گفت:" عفوک عفوک".

__________________________________________________

(1)علل شرایع، ص 335، باب 32، ح 10.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 33

فرمود: در آن حال نزدیکیش به پروردگار همان قدر بوده است که قرآن در باره اش فرموده:

" قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی " ابو بصیر به آن جناب عرض کرد" قابَ قَوْسَیْنِ أَوْ أَدْنی " یعنی چه؟ فرمود:

ما بین دستگیره کمان تا سر کمان سپس فرمود: میان آن دو حجابی است دارای تلألؤ و به نظرم می رسد، فرمود حجابی است از زبرجد. پس رسول خدا" ص" از دریچه ای به قدر سوراخ سوزن عظمتی را که جز خدا نمی داند مشاهده نمود ... «1».

[خلاصه آنچه که از روایات اسراء و معراج استفاده می شود در مجمع البیان طبرسی ] ..... ص : 33

مؤلف: آیات سوره نجم هم مؤید این روایت است که می گوید معراج دو بار اتفاق افتاد:" صلواتی" هم که در این روایت بود ظاهرا باید درست باشد چون معنای صلوات در لغت به معنی میل و انعطاف است. و میل و انعطاف از خدای سبحان (بطوری که گفته شد)" رحمت" و از عبد" دعا" است. گفتاری هم که جبرئیل از خدای تعالی در صلواتش نقل کرد که می فرماید:" رحمت من از غضبم پیشی گرفته" خود مؤید این معنا است. و نیز به همین جهت بود که جبرئیل آن جناب را در آن موقف نگاهداشت موقفی که خود او گفت هیچ فرشته و پیغمبری بدانجا راه نیافته است، و لازمه این وصفی که برای آن موقف کرده این است که موقف مذکور واسطه ای میان خلق و خالق و آخرین حدی از کمال بوده که ممکن است یک انسان بدانجا برسد، پس حد نامبرده همان حدی است که رحمت الهی در آن ظهور کرده، و از آنجا به ما دون و پائین تر افاضه می شود، و به همین جهت در آنجا باز داشته شد که رحمت خدای را (بخود و بمادون خود) ببیند.

و در مجمع البیان خلاصه آنچه را که از روایات استفاده می شود چنین آورده است که: رسول خدا (ص) فرمود: جبرئیل در موقعی که من در مکه بودم نزد من آمد و گفت ای محمد! برخیز و من برخاسته با او به طرف درب به راه افتادم و دیدم که میکائیل و اسرافیل نیز با او آمده اند. جبرئیل براق را- که حیوانی بزرگتر از الاغ و کوچکتر از قاطر بود و صورتی چون گونه انسان و دمی چون دم گاو و یالی چون یال اسب و پاهایی چون پاهای شتر داشت- حاضر کرد بر پشت آن جلی بهشتی بود و دو بال از قسمت رانهایش بر آمده بود، گامش به اندازه ای بود که چشمش کار می کرد جبرئیل خطاب به من گفت سوار شو. من سوار شدم و براه افتادم تا به بیت المقدس رسیدم.

آن گاه داستان را نقل کرده تا رسیده به اینجا که وقتی به بیت المقدس رسیدم فرشتگانی از آسمان فرود آمده از ناحیه رب العزة به من بشارت دادند و احترام کردند و من در

__________________________________________________

(1)اصول کافی، ج 1، ص 442، ح 13.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 34

آنجا به نماز ایستادم.

و در بعضی از روایات این باب آمده است که ابراهیم هم در میان خیل انبیاء مرا بشارت داد، آن گاه از وصف موسی و عیسی گفت و فرمود: سپس جبرئیل دست مرا گرفته بالای صخره برد و در آنجا نشانید که ناگهان نردبان و معراجی دیدم که هرگز به زیبایی و جمال آن ندیده بودم.

پس به آسمان بالا صعود داده شدم و عجائب و ملکوتش را دیدم، ملائکه آنجا به من سلام کردند آن گاه جبرئیل مرا به آسمان دوم برد در آنجا عیسی بن مریم و یحیی بن زکریا را ملاقات کردم سپس، به آسمان سوم عروجم داد در آنجا یوسف را دیدم، مرا به آسمان چهارم بالا برد در آنجا ادریس را دیدم به آسمان پنجم برد در آنجا هارون را دیدم به آسمان ششم بالا برد در آنجا خلق کثیری دیدم که موج می زدند سپس به آسمان هفتم عروج داد در آنجا خلقی و فرشتگانی دیدم و در حدیث ابو هریره آمده است که در آسمان ششم موسی را و در آسمان هفتم ابراهیم را دیدم.

آن گاه فرمود: از آسمان هفتم هم گذشته به اعلی علیین رفتیم و اعلی علیین را وصف نموده و در آخر فرمود: پروردگارم با من سخن گفت و من با پروردگارم سخن گفتم بهشت و دوزخ را دیدم و عرش سدرة المنتهی را نظاره کردم و سپس به مکه بازگشتم.

همین که صبح شد داستان را برای مردم شرح دادم ابو جهل و مشرکین مرا تکذیب کردند مطعم بن عدی گفت: تو چنین می پنداری که در یک شب دو ماه راه را پیموده ای من شهادت می دهم بر اینکه تو از دروغگویانی.

راویان حدیث اضافه کرده اند که قریش گفتند بگو ببینم در این سفر چه چیزها دیدی رسول خدا (ص) فرمود: به کاروان فلان قبیله برخوردم و دیدم که شتری گم کرده دنبالش می گشتند و در کاروانشان ظرف بزرگی از آب بود، از آب نوشیدم و روی ظرف را پوشاندم، شما می توانید از ایشان بپرسید که آیا آب را در قدح دیدند یا نه. قریش گفتند: این یک نشانه، سپس فرمود به کاروان فلان قبیله برخوردم و دیدم که شتر فلانی فرار کرده و دستش شکسته بود شما از ایشان بپرسید، گفتند: این دو نشانه، آن گاه پرسیدند از کاروان ما چه خبر داری؟ فرمود کاروان شما را در تنعیم دیدم، آن گاه از جزئیات بارها و وضع کاروان برای آنان مطالبی گفت و فرمود: پیشاپیش کاروان شتری خاکستری رنگ در حرکت بود که دو فزاره بر دوش داشت در موقع طلوع خورشید پیدایشان می شود گفتند این هم نشانه ای دیگر «1».

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 395.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 35

در تفسیر عیاشی از هشام بن حکم از امام صادق (ع) روایت کرده که فرمود رسول خدا (ص) در آن شب که به معراج رفت هم نماز عشاء را در مکه خواند و هم نماز صبح را «1».

مؤلف: و در پاره ای از اخبار آمده که آن جناب نماز مغرب را در مسجد الحرام خواند و بعد از آن برنامه معراجش شروع شد و میان این دو روایت منافاتی نیست، هم چنان که میان نماز خواندنش قبل از معراج و واجب شدن نماز در شب معراج منافاتی نیست، چرا که نماز قبل از معراج واجب شده بود، و لیکن جزئیات آن که چند رکعت است تا آن روز معلوم نشده بود.

باقی می ماند این اشکال که در روایات بسیاری آمده که آن جناب از روز اول بعثتش نماز می خواند، هم چنان که در سوره علق که اولین سوره است فرموده: أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی عَبْداً إِذا صَلَّی- هیچ یادت هست آن کسی را که نهی می کرد بنده ای را که نماز می خواند" «2» روایاتی هم آمده که آن جناب قبل از اعلام دعوتش تا مدتی با علی" ع" و خدیجه نماز می خواند.

و در کافی از عامری از حضرت ابی جعفر (ع) روایت کرده که فرمود: بعد از آنکه رسول خدا (ص) معراج رفت در مراجعت ده رکعت نماز بجا آورد هر دو رکعت به یک سلام، و چون حسن و حسین (ع) متولد شدند رسول خدا (ص) به شکرانه خدا هفت رکعت دیگر زیاد کرد و خداوند هم عمل او را امضاء فرمود، و اگر در نماز صبح چیزی اضافه نکرد برای این بود که در هنگام فجر ملائکه شب می رفتند و ملائکه روز می آمدند.

و چون خداوند دستورش داد تا در مسافرت نمازهایش بشکند رسول خدا" ص" همه را دو رکعتی کرد مگر مغرب را که از آن چیزی کم نکرد در نتیجه شش رکعت را بر امتش تخفیف داد. و احکام سهو هم تنها مربوط به رکعت هایی است که رسول خدا (ص) اضافه کرد و اگر کسی در اصل واجب یعنی در دو رکعت اول شک کند باید نماز را از سر بگیرد «3».

مرحوم صدوق در کتاب فقیه به سند خود از سعید بن مسیب روایت کرده که:" وی از علی بن الحسین (ع) پرسیده است، چه وقت نماز بدین طریق که امروز واجب است بر

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 279، ح 11.

(2)سوره علق، آیه 9 و 10. [.....]

(3)فروع کافی، ج 3، ص 487، ح 2.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 36

مسلمانان واجب شد؟ فرمود: در مدینه و بعد از ظهور اسلام و قوت گرفتن آن، که خداوند جهاد را بر مسلمانان واجب نمود، آن گاه رسول خدا (ص) هفت رکعت به آن اضافه کرد، دو رکعت در نماز ظهر و دو رکعت در عصر و یک رکعت در مغرب و دو رکعت در عشاء و نماز صبح را به حال خود به همان دو رکعتی که در مکه واجب شده بود باقی گذارد ..." «1». و در الدر المنثور است که احمد و نسایی و بزار و طبرانی و ابن مردویه و بیهقی (در کتاب دلائل) به سند صحیح از ابن عباس روایت کرده اند که گفت رسول خدا (ص) فرمود: وقتی مرا به معراج بردند بویی پاکیزه از پیش رویم گذشت به جبرئیل گفتم این بوی خوش از کجا است؟ گفت: بوی مشاطه و آرایشگر خانواده فرعون بود، چرا که او روزی مشغول شانه زدن به گیسوان دختر فرعون بود که شانه از دستش افتاد و گفت: بسم اللَّه.

دختر فرعون گفت مقصودت نام پدر من است؟ گفت: خیر، مقصودم پروردگار خودم و پروردگار تو و پدرت می باشد، پرسید مگر تو غیر از پدر من پروردگار دیگری داری؟ گفت:

آری. پرسید به پدرم بگویم؟ گفت: بگو!.

دختر فرعون نزد پدرش رفته و جریان را برای او نقل کرد. فرعون آرایشگر و دخترش را احضار کرد و پرسید آیا غیر از من پروردگار دیگری داری؟ گفت: آری پروردگار من و تو خدایی است که در آسمانها است، فرعون دستور داد مجسمه گاوی که از مس بود گداخته کردند و آن زن بیچاره و بچه هایش را در آن افکندند همین که خواستند زن را در آن مس گداخته بیندازند، گفت: من درخواستی از تو دارم. پرسید چیست؟ گفت: حاجتم این است که وقتی مرا و فرزندانم را سوزاندی استخوانهای ما را جمع آوری نموده و دفن کنی ...! فرعون قبول کرد و گفت اینکار را می کنم زیرا تو به گردن ما حق داری. آن گاه آنان را به نوبت در آن مس گداخته انداختند تا در آخر خواستند که طفل شیرخوارش را بسوزانند، مادرش فریادی کشید، طفل گفت: ای مادر پیش بیا و عقب نرو که تو بر حقی، سرانجام او و فرزندانش در آن مجسمه مسی سوختند.

ابن عباس اضافه کرده است که چهار نفر در کودکی به زبان آمده اند، یکی همین کودک است، دومی آن شاهدی بود که به بیگناهی یوسف شهادت داد و سومی طفل شیرخوار در داستان جریح و چهارمی عیسی بن مریم (ع) می باشد «2».

__________________________________________________

(1)من لا یحضره الفقیه، ج 1، ص 291، ح 2.

(2)الدر المنثور، ج 4، ص 150.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 37

مؤلف: این روایت به طرز دیگری از ابن عباس از ابی بن کعب از رسول خدا (ص) روایت شده است «1».

و نیز در الدر المنثور است که ابن مردویه از انس روایت کرده که گفت رسول خدا (ص) فرمود شبی به که مرا به معراج بردند از جمعیتی عبور دادند که لبهایشان را با قیچی های آتشی می بریدند و دوباره جایش سبز می شد، از جبرئیل پرسیدم اینها کیانند؟

گفت: اینها خطیبهایی از امت تواند که به مردم چیزی می گویند که خود عمل نمی کنند «2».

مؤلف: و این نوع تمثلات برزخی که نتایج اعمال و عذابهای آماده شده برای هر یک را مجسم می سازد. در اخبار معراجیه بسیار است که پاره ای از آنها در روایات گذشته از نظر خوانندگان گذشت.

این را هم باید دانست که آنچه که ما از اخبار معراج نقل کردیم فقط مختصری از آن بود و گرنه اخبار در این زمینه بسیار زیاد است که به حد تواتر می رسد و جمع کثیری از صحابه مانند مالک و شداد بن اویس و علی بن ابی طالب (ع) و ابو سعید خدری و ابو هریره و عبد اللَّه بن مسعود و عمر بن خطاب و عبد اللَّه بن عمر و عبد اللَّه بن عباس و ابی ابن کعب و سمرة بن جندب و بریده و صهیب بن سنان و حذیفة بن یمان و سهل بن سعد و ابو ایوب انصاری و جابر بن عبد اللَّه و ابو الحمراء و ابو الدرداء و عروة و ام هانی و ام سلمه و عایشه و اسماء دختر ابی بکر همگی آن را از رسول خدا (ص) روایت کرده اند، و جمع بسیاری از راویان شیعه از امامان اهل بیت (ع) نقل نموده اند.

از دانشمندان اسلامی هم همه آنهایی که کلامشان مورد اعتنا است اتفاق دارند بر اینکه معراج در مکه معظمه و قبل از هجرت به مدینه اتفاق افتاده است، هم چنان که خود آیه مورد بحث هم آن را افاده می کند و می فرماید" سُبْحانَ الَّذِی أَسْری بِعَبْدِهِ لَیْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الْأَقْصَی ...- منزه است آن خدایی که بنده خود را شبانه از مسجد الحرام به مسجد اقصی برد ..." و بسیاری از روایات هم که داستان گفتگوی آن جناب را با قریش نقل می کند بر این معنی دلالت دارد، زیرا از مجموع آنها هم بر می آید که رسول خدا جریان شب گذشته خود را برای قریش نقل نموده و آنان انکار نموده اند. رسول خدا (ص) به عنوان نشانه، عدد ستونهای مسجد اقصی را برایشان گفت، و جزئیاتی که در راه و از کاروانهای بین راه مشاهده کرده بود نقل کرد.

__________________________________________________

(1 و 2)الدر المنثور، ج 4، ص 150.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 38

[اقوال مختلف در باره زمان و مکان معراج و اینکه جسمانی بوده یا روحانی ] ..... ص : 38

و اما در اینکه معراج در چه سالی اتفاق افتاده اختلاف است، بعضی گفته اند: سال دوم بعثت بوده و این قول را به ابن عباس نسبت داده اند، بعضی دیگر از آن جمله صاحب خرائج از علی (ع) نقل کرده که وی فرمود: در سال سوم بعثت اتفاق افتاده، بعضی آن را در سال پنجم و یا ششم دانسته اند، بعضی ده سال و سه ماه بعد از بعثت و بعضی دوازده سال بعد از بعثت و بعضی یک سال و پنج ماه قبل از هجرت و بعضی یک سال و سه ماه قبل از هجرت و بعضی شش ماه قبل از آن دانسته اند «1».

هر چه بوده بحث در آن و تتبع در سال و ماه و روز آن آن قدرها اهمیت ندارد، علاوه بر این مستند و دلیلی هم که بتوان بر آن اعتماد کرد در دست نیست، لذا از این بحث صرفنظر می نمائیم.

چیزی که باید خاطرنشان ساخت این است که روایات وارده از امامان اهل بیت، معراج را در دو نوبت می دانند. و از آیات سوره نجم هم همین معنا استفاده می شود، زیرا در آنجا دارد:" وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْری - بتحقیق آن را دفعه دیگری بدید" تا آخر که انشاء اللَّه به تفسیر آن سوره به زودی خواهید رسید. و بنا بر این جزئیاتی که در باره معراج در روایات وارد شده و با هم سازگاری ندارند ممکن است یک دسته آنها مربوط به معراج اول و یک دسته دیگر راجع به معراج دوم بوده و پاره ای دیگر مشاهداتی باشد که آن حضرت در هر دو معراج مشاهده کرده است.

آن گاه در محل وقوع این حادثه نیز اختلاف دیگری کرده اند، بعضی «2» گفته اند از شعب ابی طالب به معراج رفتند، بعضی «3» دیگر محل آن را خانه ام هانی دانسته که پاره ای از روایات هم بر آن دلالت دارد، آن گاه آیه شریفه مورد بحث را که ابتدای آن را مسجد الحرام دانسته چنین تاویل می کنند که مقصود از آن تمامی حرم است که آن را مجازا مسجد الحرام نامیده.

بعضی «4» دیگر گفته اند از مسجد الحرام بوده چون آیه بر آن دلالت دارد و دلیل دیگری که بتواند آیه را تاویل کند در دست نیست.

ممکن هم هست از آن نظر که گفتیم دوباره اتفاق افتاده بگوئیم: یکی از دو معراج از مسجد الحرام بوده و یکی دیگر از خانه ام هانی و اما اینکه از شعب ابی طالب بوده باشد در روایاتی که متضمن آنست چنین آمده که ابو طالب (ع) در تمام طول شب دنبال آن حضرت

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 6 و مناقب، ج 1، ص 177.

(2)روح المعانی، ج 15، پاورقی ص 6.

(3)مجمع البیان، ج 6، ص 396 و روح المعانی، ج 15، ص 6.

(4)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 146.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 39

می گشت، و به او دست نمی یافت تا آنچه با بنی هاشم در مسجد الحرام جمع شده شمشیرها را برهنه نموده قریش را تهدید کردند که اگر محمد رسول خدا (ص) پیدا نشود چنین و چنان می کنیم، در همین حال بودند که رسول خدا (ص) از آسمان نازل شده نزد ایشان آمد، و مشاهدات خود را برای قریش تعریف کرد: و پر واضح است که این همه جزئیات و خصوصیات تصور نمی رود در ایامی اتفاق افتاده باشد که ابی طالب (ع) در شعب محاصره و دست بگریبان آن شدائد و بلایا بوده.

و به هر حال معراجی که آیه شریفه مورد بحث آن را اثبات می کند معراجی که به بیت المقدس بود ابتدایش مسجد الحرام بوده و آیه شریفه در این معنی کمال ظهور را دارد، و جهت ندارد که ما آن را تاویل کنیم.

باز اختلاف دیگری کرده اند در کیفیت معراج، بعضی «1» گفته اند: هم روحانی و هم جسمانی بوده رسول خدا (ص) با بدن خاکی خود از مسجد الحرام به بیت المقدس و از آنجا نیز با جسد و روحش به آسمانها عروج نموده است، و این قول بیشتر مفسرین است.

بعضی «2» دیگر گفته اند: با روح و جسدش تا بیت المقدس و از آنجا با روح شریفش به آسمانها عروج نموده است و این قول گروهی از مفسرین است. و بعضی گفته اند: با روحش بوده و این خود از رؤیاهای صادقی است که خداوند به پیغمبرش نشان داده، و این قول نادری از مفسرین است.

در مناقب گفته: مردم در معراج اختلاف کرده اند، و خوارج آن را انکار و فرقه جهمیه معترض شده اند به اینکه روحانی و به صورت رؤیا بوده است، ولی فرقه امامیه و زیدیه و معتزله گفته اند تا بیت المقدس روحانی و جسمانی بوده، چون آیه شریفه دارد:" تا مسجد اقصی".

عده ای دیگر گفته اند: از اول تا به آخر حتی آسمانها را هم با جسد و روح خود معراج کرده است، و این معنی از ابن عباس و ابن مسعود، و جابر، و حذیفه و انس و عایشه و ام هانی روایت شده است.

و ما در صورتی که ادله مذکور دلالت کند آن را انکار نمی کنیم، و چگونه انکار کنیم با اینکه سابقه آن در دست هست، و آن معراج موسی بن عمران (ع) است که

__________________________________________________

(1)منهج الصادقین، ج 5، ص 240، روح المعانی، ج 15، ص 7، مجمع البیان، ج 6، پاورقی ص 396.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 7 به نقل از مازری.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 40

خدای تعالی او را با جسد و روحش تا طور سینا برد، و در قرآن در خصوص آن فرموده:" وَ ما کُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ- تو در جانب طور نبودی"، و نیز ابراهیم را تا آسمان دنیا برده در قرآن فرموده" وَ کَذلِکَ نُرِی إِبْراهِیمَ ...- اینچنین به ابراهیم نشان دادیم ..."، و عیسی را تا آسمان چهارم برده در قرآن فرموده:" وَ رَفَعْناهُ مَکاناً عَلِیًّا- او را تا جایی بلند عروج دادیم" و در باره رسول خدا (ص) فرموده:" فَکانَ قابَ قَوْسَیْنِ- پس تا اندازه قاب دو قوس رسید" و معلوم است که این بخاطر علو همت آن حضرت بود، این بود گفتار صاحب مناقب «1».

ولی آنچه سزاوار است در این خصوص گفته شود این است که اصل" اسراء" و" معراج" از مسائلی است که هیچ راهی به انکار آن نیست چون قرآن در باره آن به تفصیل بیان کرده، و اخبار متواتر، از رسول خدا (ص) و امامان اهل بیت بر طبق آن رسیده است.

و اما در باره چگونگی جزئیات آن، ظاهر آیه و روایات محفوف به قرائنی است که آیه را دارای ظهور نسبت به آن جزئیات می کنند. ظهوری که به هیچ وجه قابل دفع نیست، و با در نظر داشتن آن قرائن از آیه و روایات چنین استفاده می شود که آن جناب با روح و جسدش از مسجد الحرام تا مسجد اقصی رفته، و اما عروجش به آسمانها، از ظاهر آیات سوره نجم که به زودی انشاء اللَّه به تفسیرش خواهیم رسید و صریح روایات بسیار زیادی که بر می آید که این عروج واقع شده و به هیچ وجه نمی توان آن را انکار نمود، چیزی که هست ممکن است بگوئیم که این عروج با روح مقدسش بوده است.

و لیکن نه آن طور که قائلین به معراج روحانی معتقدند که به صورت رؤیای صادقه بوده است، چه اگر صرف رؤیا می بود دیگر جا نداشت آیات قرآنی اینقدر در باره آن اهمیت داده و سخن بگوید، و در مقام اثبات کرامت در باره آن جناب برآید.

و همچنین دیگر جا نداشت قریش وقتی که آن جناب قصه را بر ایشان نقل کرد آن طور به شدت انکار نمایند و نیز مشاهداتی که آن جناب در بین راه دیده و نقل فرموده با رؤیا بودن معراج نمی سازد، و معنای معقولی برایش تصور نمی شود.

بلکه مقصود از روحانی بودن آن این است که روح مقدس آن جناب به ما ورای این عالم مادی یعنی آنجایی که ملائکه مکرمین منزل دارند و اعمال بندگان بدانجا منتهی و اقدار از آنجا صادر می شود عروج نموده و آن آیات کبرای پروردگارش را مشاهده و حقایق اشیاء و نتایج اعمال برایش مجسم شده، ارواح انبیای عظام را ملاقات و با آنان گفتگو کرده است،

__________________________________________________

(1)مناقب، ج 1، ص 177.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 41

ملائکه کرام را دیده و با آنان صحبت نموده است و آیاتی الهی دیده که جز با عبارات:

" عرش"" حجب"" سرادقات" تعبیر از آنها ممکن نبوده است.

این است معنای معراج روحانی ولی آقایان چون قائل به اصالت وجود مادی بوده و در عالم به غیر از خدا هیچ موجود مجردی را قائل نیستند و از سوی دیگر که کتاب و سنت در وصف امور غیر محسوسه اوصافی را برمی شمارد که محسوس و مادی است مانند ملائکه کرام و عرش و کرسی و لوح و قلم و حجب و سرادقات ناگزیر شده این امور را حمل کنند بر اجسام مادیه ای که محسوس آدمی واقع نمی شوند و احکام ماده را ندارند، و نیز تمثیلاتی که در روایات در خصوص مقامات صالحین و معارج قرب آنان و بواطن صور معاصی از نتایج اعمال و امثال آن وارد شده بر نوعی از تشبیه و استعاره حمل نموده، در نتیجه خود را به ورطه سفسطه بیندازند حس را خطاکار دانسته قائل به روابطی جزافی و نامنظم در میان اعمال و نتایج آن شوند و محذورهای دیگری از این قبیل را ملتزم گردند.

و نیز به همین جهت بوده که وقتی یک عده از انسان ها معراج جسمانی رسول خدا را انکار کرده اند ناگزیر شده اند که بگویند معراج آن حضرت در خواب بوده چون رؤیا به نظر ایشان یک خاصیت مادی است برای روح مادی، و آن گاه ناچار شده اند آیات و روایاتی را که با این گفتارشان سازگاری نداشته تاویل کنند گو اینکه از آیات و روایات یکی هم با گفتار ایشان جور نمی آید.

بحثی دیگر [(تقسیم جزئیات مربوط به معراج به چهار قسم، از نظر معنی و سند)] ..... ص : 41

در مجمع البیان می گوید: موضعی که آن جناب بدانجا سیر داده شد مورد اختلاف است که کجا بوده، نظر ما این است که بیت المقدس بوده چون قرآن کریم این مطلب را به آن صراحت بیان نموده که هیچ مسلمانی نمی تواند آن را انکار نماید. و اینکه بعضی ها گفته اند:

این جریان در خواب واقع شده کلامی است ظاهر البطلان، زیرا اگر خواب می بود دیگر معجزه و برهان نبود.

و حال آنکه در روایات دارد که پیغمبر ما به آسمان عروج کرد و این مضمون را بسیاری از صحابه از قبیل ابن عباس و ابن مسعود و جابر بن عبد اللَّه و حذیفه و عایشه و ام هانی و دیگران روایت کرده اند چیزی که هست در نقل جزئیات آن کم و زیاد دارند.

و اگر همه آن جزئیات را به دقت مورد نظر قرار دهیم خواهیم دید که از یکی از چهار ترجمه المیزان، ج 13، ص: 42

وجه خالی نیستند.

1- یا خصوصیاتی هستند که هم اخبار متضمن آنها، متواتر است و به هیچ وجه نمی توان انکارش نمود و هم اینکه علم ما می تواند به صحت آنها حکم کند.

2- و یا جزئیات و خصوصیاتی هستند که هر چند اخبار در دلالت بر آنها به حد تواتر نمی رسد و لیکن از آنجایی که اموری غیر معقول و مخالف با اصول نیستند، و خلاصه عقل حکم به امکان آنها می کند، که ما نیز آنها را انکار ننموده، و تجویزش می کنیم، و می گوئیم ممکن است چنین وقایعی اتفاق افتاده باشد و با فرض تواتر حکم قطعی می کنیم که اینگونه امور در بیداری اتفاق افتاده.

3- و یا اموری است که ظاهرش با اصول مسلمه ما مخالفت دارند و لیکن وضع روایاتی که بر آنها دلالت می کند طوری است که می توان ظاهرش را تاویل نمود و محمل معقولی برایش درست کرد، در این صورت از ظاهر آن روایات صرفنظر نموده بر آن معانی معقول حمل می کنیم، حملی که هم با حق بسازد و هم با دلیل و روایت.

4- و یا اموری است که نه ظاهرش معقول و صحیح است و نه ممکن است بر محمل صحیحی حملشان نمود، و حمل نمودن آنها به اصطلاح بدون سریش صورت نمی گیرد، اینگونه جزئیات و خصوصیات راجع به معراج را قبول ننموده ادله آنها را رد می کنیم.

از جمله مطالبی که در باره معراج جزء دسته اول است، یعنی مورد یقین است اصل معراج است و اینکه اجمالا آن جناب را به معراج برده اند.

و از جمله مطالبی که جزء دسته دوم است این است که آن جناب آسمانها را گشته و انبیاء و عرش و سدرة المنتهی و بهشت و دوزخ را دیده است.

و مطالب جزء دسته سوم از قبیل دیدن اهل بهشت و تنعم آنان و اهل دوزخ و کیفیت عذاب ایشان است که می توان بر این معنا حمل کرد که رسول خدا (ص) اسماء و صفات ایشان را دیده و به اصطلاح لیست بهشتیان و دوزخیان را قرائت فرموده است.

و مطالبی که جزء دسته چهارم است و چاره ای جز طرح و طرد روایات آن نیست، مطالبی است که از ظاهر ادله آن تشبیه بر می آید مثل سخن گفتن علنی با خدا و دیدن خدا و با او بر تخت نشستن و امثال آن که ظاهرش جسمانیت و شباهت خدا به خلق را می رساند، و خدا از آنها منزه است، و از همین دسته است آن روایتی که دارد شکم رسول خدا (ص) را شکافته و دل او را شستند. چون دل آن جناب از هر بدی و عیبی طاهر و مطهر

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 43

بوده و چنان دلی که مرکز آن همه معارف و عقائد حقه است چگونه احتیاج به شستشو دارد «1».

و بسیار خوب گفته است، جز اینکه بیشتر مثالهایی که آورده مورد اشکال است، مثلا گردش در آسمانها و دیدن انبیاء و امثال آن و همچنین شکافتن سینه رسول خدا (ص) و شستشوی آن را از دسته چهارم شمرده و حال آنکه از نظر عقل هیچ اشکالی ندارد. زیرا می توان گفت همه آنها از باب تمثلات برزخی و یا روحی بوده است، و روایات معراج پر است از این نوع تمثلات، مانند مجسم شدن دنیا در هیات زنی که همه رقم زیور دنیایی به خود بسته و تمثل دعوت یهودیت و نصرانیت و دیدن انواع نعمت ها و عذابها برای بهشتیان و دوزخیان و امثال اینها.

از جمله مؤیداتی که گفتار ما را تایید می کند اختلاف لحن اخبار این باب است در بیان یک مطلب، مثلا در بعضی از آنها در باره صعود رسول خدا به آسمان می گوید که به وسیله براق صورت گرفته و در بعضی دیگر بال جبرئیل مده و در بعضی نردبانی که یکسرش روی صخره بیت المقدس و سر دیگرش به بام فلک و آسمانها رفته است، و از این قبیل اختلاف تعبیر در بیان یک حقیقت بسیار است که اگر کسی بخواهد دقت کند در خلال روایات این باب بسیار خواهد دید.

بنا بر این از همین جا می توان حدس زد که منظور از این بیانات مجسم ساختن امری غیر جسمی و غیر مادی است به صورت امری مادی به نحو تمثیل و یا تمثیل و وقوع اینگونه تمثیلات در ظواهر کتاب و سنت امری است واضح که به هیچ وجه نمی شود انکارش کرد.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 395.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 44

[سوره الإسراء (17): آیات 2 تا 8] ..... ص : 44

اشاره

وَ آتَیْنا مُوسَی الْکِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدیً لِبَنِی إِسْرائِیلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِی وَکِیلاً (2) ذُرِّیَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ کانَ عَبْداً شَکُوراً (3) وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْکِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا کَبِیراً (4) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَیْکُمْ عِباداً لَنا أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ وَ کانَ وَعْداً مَفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنا لَکُمُ الْکَرَّةَ عَلَیْهِمْ وَ أَمْدَدْناکُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِینَ وَ جَعَلْناکُمْ أَکْثَرَ نَفِیراً (6)

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِیَسُوؤُا وُجُوهَکُمْ وَ لِیَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ کَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِیُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِیراً (7) عَسی رَبُّکُمْ أَنْ یَرْحَمَکُمْ وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْکافِرِینَ حَصِیراً (8)

ترجمه آیات: ..... ص : 44

و به موسی کتاب تورات را فرستادیم و آن را وسیله هدایت بنی اسرائیل قرار دادیم تا غیر من که خدای عالمم هیچکس را حافظ و نگهبان فرا نگیرند (2).

ای فرزندان کسانی که با نوح (بر کشتی) سوار کردیم، او بنده شکرگزاری بود (3).

و در کتاب تورات یا در لوح محفوظ و کتاب تکوین الهی خبر دادیم و چنین مقدر کردیم که شما بنی اسرائیل دو بار حتما در زمین فساد و خونریزی می کنید و تسلط و سرکشی سخت و ظالمانه می یابید (یک بار بقتل شعیا و مخالفت آرمیا و بار دیگر بقتل زکریا و یحیی مبادرت می ورزند) (4).

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 45

پس چون وقت انتقام اول فرا رسید بندگان سخت جنگجو و نیرومند خود را (چون بخت النصر) بر شما برانگیزیم تا آنجا که در درون خانه های شما نیز جستجو کنند و این وعده انتقام، حتمی خواهد بود (5).

آن گاه شما را روبروی آنها قرار داده و بر آنها غلبه دهیم و به مال و فرزندان نیرومند مدد بخشیم و عده جنگجویان شما را بسیار گردانیم (تا بر دشمن و لشکر بخت النصر غلبه کنید) (6).

(شما بنی اسرائیل و همه اهل عالم) اگر نیکی و احسان کردید بخود کرده و اگر بدی و ستم کردید باز بخود کرده اید و آن گاه که وقت انتقام ظلم های شما (کشتن یحیی و زکریا و یا عزم قتل عیسی) فرا رسید باز بندگانی قوی و جنگ آور را بر شما مسلط می کنیم تا اثر بیچارگی و خوف و اندوه رخسار شما ظاهر شود و به مسجد بیت المقدس، معبد بزرگ شما- مانند بار اول- داخل شوند و ویران کنند و به هر چه رسند نابود ساخته و به هر کس تسلط یابند به سختی هلاک گردانند (7).

ای رسول ما! باز هم به بنی اسرائیل بشارت ده که امید است خدا به شما اگر توبه کرده و صالح شوید مهربان گردد و اگر به عصیان و ستمگری برگردید ما هم به عقوبت و مجازات شما باز می گردیم و جهنم را زندان کافران قرار داده ایم (8).

بیان آیات ..... ص : 45

اشاره

از ظاهر سیاق این آیات که در صدر سوره قرار دارند چنین برمی آید که در مقام بیان این معنا است که سنت الهی در امتها و اقوام مختلف انسانی همواره بر این بوده است که ایشان را به راه بندگی و توحید هدایت نموده و رسیدن به آن را برایشان ممکن ساخته و ایشان را در پذیرفتن و نپذیرفتن مخیر نموده است، نعمت های دنیا و آخرت را در اختیارشان قرار داد و ایشان را به همه رقم اسبابی که در اطاعت و معصیت بدان نیازمندند مسلح و مجهز ساخت تا اگر اطاعت و احسان کنند به سعادت دنیا و آخرت پاداششان دهد، و اگر گناه و عصیان ورزند به نکال و خواری در دنیا و عذاب آخرت کیفرشان کند.

بنا بر این می توان گفت که هفت آیه مذکور به منزله مثالی است که کیفیت و چگونگی جریان این سنت عمومی را در بنی اسرائیل مجسم می سازد، بدین شرح که خدا بر پیغمبرشان کتاب نازل کرد، و آن را هدایتی قرار داد تا به وسیله آن به سوی خدایشان راه یابند، و در آن کتاب چنین پیشگویی کرد که به زودی ترقی نموده و در اثر همان ترقی، طغیان و تباهی خواهند ورزید و خداوند با مسلط نمودن دشمن، بر آن قوم، انتقام سختی از آنان خواهد

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 46

گرفت و خوارشان خواهد ساخت و دشمن آن قدر از ایشان بکشد و اسیر کند تا آن که غرور و طغیانشان فروکش نموده دوباره به سوی اطاعت خدا برمی گردند، در آن وقت خدا هم به نعمت و رحمت خود برگشته باز سرو سامانی به ایشان خواهد داد، باز برای بار دوم طغیان خواهند ورزید و خدا هم به عذاب خود برمی گردد.

از این بیان این نتیجه به دست می آید که آیات هفتگانه مورد بحث به منزله توطئه و زمینه چینی برای بیان جریان همین سنت است در امت اسلام، و در حقیقت این چند آیه نظیر جمله معترضه است میان آیه اول و آیه نهم.

[اشاره به مورد استعمال کلمه" کتاب" در قرآن مجید و وجه اینکه وکیل گرفتن غیر خدا شرک است ] ..... ص : 46

" وَ آتَیْنا مُوسَی الْکِتابَ وَ جَعَلْناهُ هُدیً لِبَنِی إِسْرائِیلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِی وَکِیلًا".

کلمه" کتاب" در بسیاری از موارد در قرآن کریم بر مجموع شرایعی که بر مردمی واجب شده، و در آنچه از عقاید و اعمال اختلاف داشته اند داوری می کرده، اطلاق شده است، و اطلاقش بر این معنا خود دلیل بر این است که کتاب مشتمل بر وظایفی اعتقادی و عملی است که باید به آن معتقد شده و عمل کنند، و بعید نیست که به خاطر همین جهت فرموده:" ما کتاب را برای موسی فرستادیم" و نفرمود:" تورات را فرستادیم" تا بفهماند که کتاب نامبرده مشتمل بر شرایطی است که اخذ و عمل به آنها بر آنان فرض و واجب است.

و از همین جا روشن می شود که جمله:" وَ جَعَلْناهُ هُدیً لِبَنِی إِسْرائِیلَ" به منزله تفسیر برای فرستادن کتاب است و هدایت بودن آن همین است که شرایع پروردگارشان را برایشان بیان می کند، شرایعی که اگر به آنها معتقد شوند و عمل کنند به سوی حق راه می یابند و به سعادت دو سرا نائل می گردند.

و کلمه:" ان" در جمله:" أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِی وَکِیلًا" تفسیریه است و مدخول ان، محصل همه آن معارفی است که کتاب هدایتشان مشتمل بر آنست.

پس برگشت معنای آیه به این است که محصل آن معارفی که کتاب بیانش می کند و ایشان را به آن راهنمایی می نماید این است که ایشان را از شرک به خدا نهی می کند، و از اینکه چیزی غیر خدا را وکیل خود بگیرند زنهار می دهد و بنا بر این جمله:" أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِی وَکِیلًا" تفسیر جمله:" وَ جَعَلْناهُ هُدیً لِبَنِی إِسْرائِیلَ" خواهد بود، البته این در صورتیست که ضمیر در جمله:" لا تتخذوا" به بنی اسرائیل برگردد، هم چنان که ظاهر هم همین است، و اما اگر احتمال دهیم که به موسی و بنی اسرائیل هر دو برگردد در این صورت تفسیر همه جملات قبل، خواهد بود.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 47

و در این جمله التفاتی به کار رفته، و آن را التفات از تکلم با غیر (ما) به تکلم تنها (من) است اول فرمود:" ما قرار دادیم" پس از آن فرمود:" غیر من را وکیل نگیرید" و وجه آن بیان این نکته است که در اول به منظور تعظیم و همچنین به منظور حفظ وحدت سیاق، به صورت تکلم با غیر، آورده شد و اشکالی هم وارد نمی شد و اما اگر در دومی هم به همین صورت می آورد و می فرمود:" بغیر ما وکلایی نگیرید" شنونده خیال می کرد که خدایان متعددند و این با توحیدی که خود سیاق در مقام اثبات آنست مناسب نبود به همین جهت در خصوص این جمله از سیاق قبل صرفنظر نموده و جمله را به صیغه تکلم تنهایی آورد.

و بعد از آنکه این محذور برطرف شد دوباره به سیاق سابق عودت نموده و فرمود:

" ذُرِّیَّةَ مَنْ حَمَلْنا".

و اما چرا وکیل گرفتن غیر خدا شرک است؟ جهتش این است که وکیل آن کسی است که شؤون ضروری موکل خود را اصلاح نموده و به برآورده کردن حوائجش اقدام نماید، و چنین کسی غیر از خدای سبحان نمی تواند باشد، پس اگر کسی غیر او پروردگاری اتخاذ کند در حقیقت غیر خدا را وکیل اتخاذ نموده است.

" ذُرِّیَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ کانَ عَبْداً شَکُوراً".

" ذریة" به این عنایت بر اولاد اطلاق می شود که آنها اولاد صغیری هستند که به پدران خود ملحق می شوند، و اگر در آیه شریفه به صدای بالا آمده بخاطر اختصاص است «1».

و اختصاص خود عنایت خاص متکلم را می رساند و می فهماند که متکلم از این حکمی که در باره کلمه" ذریه" کرده بدین جهت بوده که نسبت به آن عنایت خاصی داشته، و بنا بر این، همین اختصاص به منزله تعلیل بوده و خاصیت آن را دارد، هم چنان که به صدای بالا بودن کلمه:" اهل" در آیه:" یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ" «2» همین خاصیت را افاده نموده و چنین معنا می دهد:" خدا می خواهد رجس را از شما ببرد به خاطر اینکه شما اهل بیت نبوت هستید".

در آیه مورد بحث هم جمله" ذُرِّیَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ" آیه قبلی خود را تعلیل می کند،

__________________________________________________

(1)اختصاص یکی از نکات ادبی است و در نحو بابی دارد و منظور از آن این است که اعراب وصفی را به منظور افاده عنایت بیشتر عوض کنند و کلمه:" اخص" را تقدیر بگیرند، در آیه مورد بحث اگر این عنایت نبود کلمه" ذریة" را باید مجرور می خواندیم تا عطف بر لام در بنی اسرائیل باشد و لیکن منصوب آمده تا اختصاص را برساند (مترجم).

(2)سوره احزاب، آیه 33. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 48

هم چنان که جمله" إِنَّهُ کانَ عَبْداً شَکُوراً" آن جمله را تعلیل می کند.

و اما تعلیل بودن جمله اول برای آیه قبلی خود از این جهت است که خداوند سبحان در باره سرنشینان کشتی نوح وعده های جمیل داده و بعد از آنکه از غرق نجاتشان داد فرمود:

" ای نوح از کشتی فرود آی که سلام ما و برکات و رحمت ما بر تو و بر آن اممی که همیشه با تواند اختصاص یافته و امتهایی که (خودسر و ستمگر شوند) ما پس از آنکه به آنها بهره از دنیا دهیم آنان را به عذاب سخت کیفر خواهیم داد" «1».

بنا بر این فرستادن کتاب برای موسی و هدایت بنی اسرائیل به وسیله آن، وفای به همان وعده نیکویی است که به پدرانشان یعنی به سرنشینان کشتی نوح داده بود و هم اجرای سنت الهی است که در امتهای گذشته اعمال می شد.

پس گویی چنین فرموده که" ما بر موسی کتاب فرستادیم و آن را وسیله هدایت بنی اسرائیل قرار دادیم، به خاطر اینکه بنی اسرائیل ذریه همانهایند که ما با نوح سوار بر کشتیشان کردیم، و سلامتی و برکات را وعده شان دادیم".

و اما دوم، برای اینکه این سنت یعنی سنت هدایت و ارشاد و طریقه دعوت به توحید، عینا همان سنتی است که نوح اولین مجری آن در عالم بشری بود، و با قیام به آن، شکر نعمتهای خدا را به جای آورده و عبودیت خود را نسبت به خدا خالص کرده- قبلا هم مکرر گفته ایم: که شکر حقیقی ملازم است با اخلاص در عبودیت- خدای تعالی هم شکر خدمت او را گذارده، و سنت او را تا بقاء دنیا بقاء داده و در همه عوالم بر او سلام کرده و تا روز قیامت در هر کلمه طیب و عمل صالحی که از نسل بشر سر بزند او را شریک در اجر نموده هم چنان که خود فرموده:" وَ جَعَلْنا ذُرِّیَّتَهُ هُمُ الْباقِینَ، وَ تَرَکْنا عَلَیْهِ فِی الْآخِرِینَ، سَلامٌ عَلی نُوحٍ فِی الْعالَمِینَ، إِنَّا کَذلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ" «2».

بنا بر این، آیه مورد بحث در این جمله خلاصه می شود که ما نوح را به خاطر اینکه بنده ای شکور بود پاداش دادیم و دعوتش را باقی گذاردیم سنتش را در ذریه آنها که در کشتی با او بودند اجرا نموده، مثلا بر یکی از ذریه اش موسی کتاب نازل کردیم و آن را مایه هدایت بنی اسرائیل قرار دادیم.

[وجه منصوب بودن کلمه" ذریة" در جمله:" ذُرِّیَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ ..." و معنایی که از آن استفاده می شود] ..... ص : 48

از جمله:" ذُرِّیَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ" و جمله:" وَ جَعَلْنا ذُرِّیَّتَهُ هُمُ الْباقِینَ" بخوبی بر

__________________________________________________

(1)سوره هود، آیه 48.

(2)ذریه او را بقاء دادیم و سنتش را در نسلهای بعد جاری ساختیم، سلام بر نوح در همه ادوار، ما نیکوکاران را چنین پاداش می دهیم. سوره صافات، آیه 97.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 49

می آید که مردم امروز، همه ذریه پسری و دختری نوح می باشند، و اگر تنها ذریه پسری او بودند و مقصود از جمله" آنها که در کشتی با نوح سوار کردیم" پسران نوح باشند بهتر و بلکه متعین این بود که گفته باشد ذریه نوح، و این خود روشن است.

مفسرین در اعراب آیه، وجوه بسیار دیگری دارند، از جمله گفته اند «1»: کلمه" ذریة" منصوب به ندایی است که حذف شده، و تقدیر آن چنین بوده" ای ذریه کسانی که با نوح بر کشتی نشاندیم" و یا گفته اند «2» مفعول اول جمله:" تتخذوا" است و مفعول دوم آن کلمه:

" وکیلا" است و تقدیر کلام این است که:" به جای من کس دیگری را- هر که باشد- از ذریه کسانی که با نوح در کشتیشان نشاندیم وکیل مگیرید" و یا گفته اند «3» بدل است از کلمه موسی که در آیه قبلی بود ولی سخافت هیچیک از این وجوه بر خواننده پوشیده نیست.

وجه زیر نیز از نظر سخافت دست کمی از وجوه مذکور ندارد، و آن این است که گفته اند «4»: ضمیر در" انه" به موسی برمی گردد نه به نوح! و جمله، تعلیل فرستادن کتاب به موسی و آن را هدایت بنی اسرائیل قرار دادن است البته در صورتی که ضمیر" هاء" در" وَ جَعَلْناهُ" را به موسی برگردانیم نه به کتاب.

[معانی مختلف واژه" قضاء" و معنای آیه:" وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْکِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ ..."] ..... ص : 49

" وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْکِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا کَبِیراً".

راغب در مفردات در معنای" قضاء" گفته است که به معنای فیصله دادن به امری است، چه با گفتار باشد و چه با عمل و هر کدام بر دو وجه است یکی الهی و دیگری بشری، از جمله قضاء الهی این است که فرموده:" وَ قَضی رَبُّکَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ". خدا دستور داده که جز او را نپرستید: و نیز در همین معنا است که فرموده:" وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْکِتابِ" یعنی ما اعلام کردیم و حکم را فیصله یافته کردیم و به ایشان به وسیله وحی چنین اعلام نمودیم که ... و بر همین معنا حمل می شود آیه:" وَ قَضَیْنا إِلَیْهِ ذلِکَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ" این امر را به وی حکم کردیم که نسل اینان مقطوع خواهد بود.

و اما قضاء فعلی و عملی الهی این است که می فرماید:" وَ اللَّهُ یَقْضِی بِالْحَقِّ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَقْضُونَ بِشَیْ ءٍ- تنها خداست که به حق حکم می کند و غیر او آنچه را به

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 154 به نقل از مجاهد.

(2)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 154.

(3)روح المعانی، ج 16، ص 15 به نقل از ابو البقاء.

(4)روح المعانی، ج 15، ص 16.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 50

خدایی می خوانند هیچ حکم (و اثری) نخواهند داشت نه به حق و نه بباطل".

" فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِی یَوْمَیْنِ- پس آنها را در دو روز هفت آسمان کرد" که قضاء در آن به معنای ابداء و فراغت از ایجاد است و این آیه در حقیقت در معنی همان آیه:

" بَدِیعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" است.

و اما" قضاء" در قول بشری این است که می گویند: داوود چنین قضاء کرد، پس حکمی که حاکم می کند از مقوله کلام است و در قضاء فعلی بشری، آیه شریفه می فرماید:

" فَإِذا قَضَیْتُمْ مَناسِکَکُمْ- پس چون مناسک خود را بپایان رساندید" و همچنین می فرماید:

" ثُمَّ لْیَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْیُوفُوا نُذُورَهُمْ- پس آلودگیهای خود را زائل نموده به نذرهای خود وفا کنند" «1».

و کلمه" علو" به معنای ارتفاع و در آیه مورد بحث کنایه است از طغیان به ظلم و تعدی، زیرا" علو" عطف بر فساد شده، آنهم عطف تفسیری، در جای دیگر قرآن نیز به این معنا آمده است آنجا که فرموده:" إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِیَعاً- فرعون در زمین علو کرد و اهل زمین را فرقه فرقه نمود".

و معنای آیه این است که ما بنی اسرائیل را در کتاب که همان تورات باشد خبر داده و اعلام نمودیم، خبری قاطع، که سوگند می خورم و قطعی می گویم که شما نژاد و گروه بنی اسرائیل به زودی در زمین فساد خواهید کرد- که مراد از" زمین" سرزمین فلسطین و اطراف آنست- و این فساد را در دو نوبت پشت سر هم انجام خواهید داد.

و در زمین طغیان و علو بزرگی خواهید نمود.

" فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَیْکُمْ عِباداً لَنا ...".

راغب در مفردات در معنای کلمه" باس" می گوید:" بؤس" و" باس" و" باساء" به معنای شدت و مکروه است، با این تفاوت که بؤس بیشتر در فقر و جنگ و باس و باساء بیشتر در عذاب استعمال می شود مانند آیه شریفه:" وَ اللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْکِیلًا" «2».

و در مجمع البیان می گوید: ماده" جوس" به معنای سر زدن به اینجا و آنجا است، مثلا گفته می شود: فلانی را در فلان قبیله رها کردم تا یجوسهم و یدوسهم یعنی بگردد و یک یک را پیدا نموده لگد مال کند، ابو عبیده هم در معنای این کلمه گفته است: هر جا را که

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" قضی".

(2)مفردات راغب، ماده" بؤس".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 51

آمد و شد کرده پا نهاده باشی حوس و جوس کرده ای، آن گاه گفته است: بعضی گفته اند جوس به معنای طلب کردن یک چیزی به جستجو است «1».

[توضیح معنای آیه شریفه:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما ..." و اشاره به ضعف وجوه دیگری که در این باره گفته شده است ] ..... ص : 51

و اینکه فرمود:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما" تفریعی است بر جمله:" لتفسدن ..." و ضمیر تثنیه" هما" به مرتین برمی گردد، و معنایش این است که دو بار فساد می کنید، و بنا بر این معنای" اولیهما" افساد اولی است و مراد به" وعد اولی" وعده اول از آن دو وعده و آن نکال و نقمتی است که خدا در برابر فسادشان داده، و در نتیجه وعد به معنای موعود خواهد بود، و آمدن وعد کنایه از آمدن هنگام انجاز و عملی کردن آنست، و همین خود دلیل است بر اینکه خداوند در برابر دو نوبت افساد آنان دو تا وعده داده، و اگر اسمی از دومی نبرده به خاطر اختصار بوده، و گویا فرموده: در زمین دو نوبت فساد می کنید و ما وعده تان داده ایم که در هر نوبت انتقام بگیریم وقتی افساد اول کردید ... همه آنچه را که گفتیم به کمک سیاق آیه بود که از آیه استفاده کردیم و معنای آیه که فرمود:" بَعَثْنا عَلَیْکُمْ عِباداً لَنا أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ" این است که بندگان نیرومند خود را بسیج کردیم و فرستادیم تا شما را ذلیل نموده و از شما انتقام بگیرند.

و دلیل اینکه گفتیم بعث بمنظور انتقام و ذلیل کردن بوده جمله:" أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ ..." است.

و در اینکه آمدن آن بندگان خدا بسوی بنی اسرائیل و قتل عام و اسارت و غارت و تخریب آنان را" بعث الهی" خوانده، اشکالی ندارد چرا که این بعث و برانگیختن بر سبیل کیفر و در برابر فساد و طغیان و ظلم به غیر حق بنی اسرائیل بوده است، پس کسی نگوید که خدا با فرستادن چنین دشمنانی آدم کش و مسلط ساختن آنان بر بنی اسرائیل نسبت به ایشان ظلم کرده، بلکه خود ایشان به خود ظلم کردند.

و از همین جا روشن می شود که در آیه شریفه هیچ دلیلی وجود ندارد که دلالت کند بر گفتار آن مفسری «2» که گفته است:" قومی که خدای تعالی بر بنی اسرائیل مسلط کرد بندگانی مؤمن بوده اند" چون فرموده" ما برانگیختیم"، و نیز فرموده" عده ای از بندگان خود را فرستادیم".

زیرا هیچیک از این دو دلیل دلالتی بر مؤمن بودن آنان ندارد، اما اولی به خاطر اینکه

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 398.

(2)مجمع البیان، ج 6 ص 398 به نقل از جبائی

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 52

برانگیختن و وادار نمودن کفار برای قلع و قمع کردن مردمی در صورتی که از باب مجازات باشد بعث الهی است و لازم نیست که مجازات الهی همیشه به دست مؤمنین صورت گیرد.

و اما دومی به خاطر اینکه کفار هم بندگان خدایند، آنهم در مثل این آیه که بندگان را به وصف باس و شدت و خونخواری توصیف نموده.

قول «1» دیگری نیز هست که بی شباهت بقول این مفسر نیست، و آن این است که ممکن است افراد مبعوث شده، مؤمنینی بوده اند که خداوند دستورشان داده تا با این طایفه جهاد کنند، و نیز ممکن است که کفاری بوده اند که یکی از پیغمبران با آنان ائتلاف کرده که با این طایفه بجنگند و آنان را بر ایشان که مثل خود آنان کفار و فساق بودند مسلط ساخته باشد و لیکن همان اشکالی که بقول قبلی وارد می شد بر این قول نیز وارد می گردد.

و جمله" وَ کانَ وَعْداً مَفْعُولًا" تاکید است بر حتمی بودن قضاء و معنایش این است که چون زمان آن عذاب که در برابر فساد اولتان وعده دادیم رسید از میان مردم بندگانی نیرومند و خونخوار را علیه شما برمی انگیزیم تا سرزمینهای شما را با قهر و غلبه مسخر نموده و تا مرکز سرزمینهایتان پیش روی کنند و شما را ذلیل و استقلال و علو و آقائیتان را تباه سازند و این خود وعده ای است شدنی که گریزی از آن نیست.

" ثُمَّ رَدَدْنا لَکُمُ الْکَرَّةَ عَلَیْهِمْ وَ أَمْدَدْناکُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِینَ وَ جَعَلْناکُمْ أَکْثَرَ نَفِیراً".

در مجمع البیان گفته است که: کلمه:" کرة" به معنای" برگشتن" و هم به معنای" دولت" است، و" نفیر" به معنای" نفر و عدد رجال" است، و زجاج در معنای آن گفته است: ممکن هم هست که" نفیر" جمع" نفر" باشد، هم چنان که در جمع" عبد"،" عبید" و در جمع" ضأن" (گوسفند)،" ضئین" و در جمع معز (بز) معیز و در جمع کلب (سگ) کلیب هم می گویند، و" نفر" انسان و" نفر"- با سکون- و" نفیر" و" نافرة" به معنای گروهی است که او را یاری می کنند، و با او کوچ می کنند «2».

و معنای آیه روشن است، و ظاهرش این است که بنی اسرائیل به زودی به دولت سابق خود بازگشته و بعد از عذاب بار اول بر دشمنان مسلط می شوند، و از چنگ استعمار رهایی می یابند و به تدریج و در برهه ای از زمان این برگشتن صورت خواهد گرفت، زیرا امداد شدنشان به اموال و فرزندان و بالا رفتن آمارشان به زمان قابل توجهی احتیاج دارد.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 398 به نقل از ابی مسلم.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 398.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 53

و آیه بعدی که می فرماید:" إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها" اشعار و بلکه با کمک سیاق، دلالت دارد بر اینکه این واقعه یعنی برگشتن دولت بنی اسرائیل و غلبه کردنشان بر دشمنان به خاطر برگشتن از کفر و فسق به ایمان و نیکی است، و این هم ثمره چشیدن وبال و آثار تلخ بدیهای قبل است، هم چنان که وعده و یا به تعبیر دیگر عذاب دومی هم به خاطر برگشتن از این نیکیها به سوی بدی است.

[آثار نیک و بد اعمال به عامل بر می گردد (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها)] ..... ص : 53

" إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها".

" لام" در" لانفسکم" و همچنین در" فلها" لام اختصاص است یعنی: هر یک از احسان و اسائه شما مختص به خود شما است، بدون این که به دیگران چیزی از آن بچسبد، و این خود سنت جاریه خداست که اثر و تبعه عمل هر کسی را- چه خوب و چه بد- به خود او برمی گرداند، بنا بر این آیه مورد بحث، در معنای آیه:" تِلْکَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما کَسَبَتْ وَ لَکُمْ ما کَسَبْتُمْ" «1» می باشد.

پس آیه، در مقام بیان این معنا است که اثر هر عمل- چه خوب و چه بد- به صاحبش برمی گردد، نه اینکه بخواهد این معنا را برساند که کار نیک به نفع صاحبش و کار زشت به ضرر او تمام می شود تا گفته شود چرا به جای" فلها" نفرمود:" فعلیها" هم چنان که در آیه دیگر فرمود:" لَها ما کَسَبَتْ وَ عَلَیْها مَا اکْتَسَبَتْ" «2».

بنا بر این دیگر نیازی به آن زحمت بیهوده نیست که بعضی به خود داده و گفته اند:

" لام" در جمله" وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها" به معنی" علی" است و آنکه دیگری گفته که بمعنای" الی" است، زیرا اسائه با این حرف متعدی می شود و گفته می شود:" أساء الی فلان و یسی ء الیه اساءة" یعنی بدی کرد به فلانی یا بدی می کند و یا آن دیگری که گفته است: لام مزبور برای استحقاق و نظیر لامی است که در" لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ" است «3».

و چه بسا که به گفته ما که گفتیم لام، لام اختصاص است اشکال شود به اینکه واقع مطلب خلاف آنست، زیرا که بسیار می بینیم که اثر احسان به خود احسان کننده برنگشته بلکه عاید غیر او می شود و یا اثر گناه و بدی به خود بدکار نرسیده و عاید غیر او می شود.

__________________________________________________

(1)آن گروه پیشین از پیغمبران و امتان همه درگذشتند، هر چه کردند برای خود کردند و شما نیز هر چه کنید به سود خویش کنید. سوره بقره، آیه 141.

(2)نیکی های هر شخصی به سود خودش است و بدیهایش نیز به ضرر خودش. سوره بقره، آیه 286. [.....]

(3)روح المعانی، ج 15، ص 16.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 54

ولی جوابش روشن است، و آن این است که صاحب این اشکال غفلت ورزیده از اینکه قرآن کریم چه نظری نسبت به آثار اعمال دارد و اینکه اثر هر عملی به عاملش بر می گردد مربوط به آثار اخروی اعمال است که به هیچ وجه به غیر صاحب عمل ربطی ندارد، و در این باره فرموده است:" مَنْ کَفَرَ فَعَلَیْهِ کُفْرُهُ وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ یَمْهَدُونَ" «1».

و اما آثار دنیوی اعمال چنان نیست که به غیر فاعل نرسد بلکه در صورتی که خدا بخواهد به عنوان انعام و یا عذاب و یا امتحان اثر عمل شخصی را به شخص دیگر نیز می رساند بنا بر این اینطور نیست که هر فاعلی بتواند به طور دائم اثر فعل خود را به دیگری برساند، مگر همان احیانا که گفتیم مشیت خدا بر آن تعلق گرفته باشد، و اما خود فاعل اثر فعلش دائما و بدون هیچ تخلفی به خودش برمی گردد.

بنا بر این نیکوکار سهمی از عمل نیک و بدکار سهمی از عمل بد خود دارد، هم چنان که فرمود:" فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَهُ" «2».

پس اثر فعل از فاعلش جدا نمی شود، و بطور دائم به غیر او نمی رسد، و این همان معنایی است که از علی «3» (ع) روایت شده که فرمود: تو هیچ احسانی به غیر نمی کنی و هیچ بدی نیز به غیر نمی کنی آن گاه این آیه را تلاوت فرمود.

" فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِیَسُوؤُا وُجُوهَکُمْ وَ لِیَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ کَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِیُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِیراً".

" تتبیر" به معنای هلاک کردن و از ماده تبار به معنی هلاک و دمار است.

و کلمه:" لیسوؤا" از مسائه به معنای غصه دار کردن است. گفته می شود" ساء زید فلانا" یعنی اندوهناک کرد او را و این کلمه بطوری که بعضی «4» هم گفته اند: متعلق است به فعل مقدر که بخاطر اختصار حذف شده.

و لام در آن برای غایت است، و تقدیر آن چنین است:" بعثناهم لیسوؤا وجوهکم بظهور الحزن و الکابة فیها- ما آن بندگان خود را برانگیختیم برای اینکه نشانه های ناراحتی

__________________________________________________

(1)هر که کفر بورزد علیه خود کرده و هر که عمل صالح کند به نفع خود تهیه دیده است. سوره روم آیه 44.

(2)هر کس به وزن ذره ای نیکی کند آن را می بیند، و هر کس به وزن ذره ای بدی کند آن را می بیند سوره زلزال، آیه 8.

(3)کشاف، ج 2، ص 650.

(4)روح المعانی، ج 15، ص 16.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 55

و حزن و اندوه را در چهره هایتان آشکار سازند، بطوری که آثار ذلت و مسکنت و خواری و بردگی از سر و رویتان ببارد، و همه اینها به وسیله قتل عام و غارت ها و اسیریها که در شما اعمال می کنند صورت بگیرد".

و مقصود از مسجد در جمله:" وَ لِیَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ کَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ" مسجد اقصی بیت المقدس- است و به حرف آن کس «1» که گفته مراد از مسجد تمامی سرزمین بیت المقدس است، و مجازا آن را مسجد خوانده نباید اعتنا کرد.

این کلام دلالت بر چند نکته دارد: اول اینکه دشمنان بنی اسرائیل در نوبت اول هم داخل مسجد اقصی شده و آن را به قوه قهریه گرفتند، و اگر در قرآن کریم آن را نیاورده به منظور اختصار بوده است، دوم اینکه داخل شدن در مسجد برای هتک حرمت و تخریب آن بوده، سوم اینکه این مهاجمین و مبعوثین برای مجازات بنی اسرائیل و گرفتن انتقام از ایشان همانها بودند که در بار اول مبعوث برایشان شدند.

و معنای جمله" وَ لِیُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِیراً" این است که هلاک کنند و نابود سازند" هر کسی را" که بر آن دست یابند، مردم را کشته، اموال را سوزانیده، خانه ها را خراب و شهرها را ویران سازند.

احتمال هم دارد که" ما" مصدریه و به معنای مدت باشد، و مضاف حذف شده، تقدیر چنین باشد:" و لیتبروا مدة علوهم تتبیرا" ولی معنای اول به فهم نزدیک تر و با سیاق آیه مناسب تر است.

از مقایسه میان وعد اول یعنی جمله" بَعَثْنا عَلَیْکُمْ عِباداً لَنا ..." و وعد دوم یعنی جمله" لِیَسُوؤُا وُجُوهَکُمْ ..." این معنا به دست می آید که وعده دوم بر بنی اسرائیل سخت تر بوده و در آن وعده نزدیک بوده که به کلی نابود شوند، و در دلالت بر این معنا همین عبارت کافی است که فرمود:" وَ لِیُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِیراً".

و معنای آیه این است که وقتی زمان وعده دوم رسید، یعنی بنی اسرائیل افساد بار دوم خود را از حد گذراندند ما همان بندگان خود را واداشتیم تا با فراهم آوردن اسباب حزن و اندوه و تحقق بخشیدن ذلت و مسکنت آنان چهره هایشان را اندوهگین نموده و نیز مانند نوبت نخستین وارد مسجد اقصی شوند و هر چه را که بر آن غلبه یافتند هلاک نموده و سرزمینهایی را که از آن عبور کردند ویران سازند.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 399.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 56

" عَسی رَبُّکُمْ أَنْ یَرْحَمَکُمْ وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْکافِرِینَ حَصِیراً".

حصیر از ماده" حصر" و به طوری که گفته اند به معنای حبس کردن و در مضیقه قرار دادن است هم چنان که در جای دیگر قرآن فرموده:" وَ احْصُرُوهُمْ" یعنی برایشان تنگ بگیرید.

و معنای جمله" عَسی رَبُّکُمْ أَنْ یَرْحَمَکُمْ"- بطوری که از سیاق برمی آید- این است که امید است بعد از بعث دشمنان در بار دوم خداوند به شما رحم کند، و این وعده امیدوار کننده مشروط است به توبه ایشان و اینکه به طاعت و احسان برگردند. به دلیل جمله" وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا" که تهدید می کند اگر باز هم به فساد برگردید ما نیز به عقوبت و نکال بر می گردیم و ما جهنم را برای کافران حصیر و محلی محصور قرار می دهیم تا نتوانند از آن خارج شوند.

و در جمله" عَسی رَبُّکُمْ أَنْ یَرْحَمَکُمْ" از تکلم با غیر به غیبت التفات شده است، و گویا وجه آن این باشد که خواسته است به اصلی اشاره کند که ربوبیت خدای تعالی اقتضای آن را دارد و آن اصل این است که: بر بندگان خود- در صورتی که به مقتضای خلقت خود مشی کنند- رحم کند و به سوی فطرتشان ارشاد نماید مگر اینکه از خط مرزی خلقت خود منحرف گشته و از راه فطرت بیرون شوند و چون اشاره به این نکته باعث می شد ربوبیت خدای تعالی یادآوری شود لازم بود سیاق تکلم با غیر (ما چنین و چنان می کنیم) به هم بخورد و به سیاق تکلم به غیبت (پروردگارتان چنین و چنان کند) مبدل شود، و بعد از آنکه نکته مزبور ایفاء شد دوباره به همان سیاق قبلی برگردد.

بحث روایتی ..... ص : 56

اشاره

در تفسیر برهان از ابن بابویه به سند خود از محمد بن مسلم از ابی جعفر (ع) روایت کرده که فرمود: اگر خداوند نوح (ع) را عبد شکور نامید برای این بود که آن جناب در هر صبح و شام می گفت: بار الها من گواهی می دهم که اگر در شب و روز قرین نعمتها و عافیتم، همه آنها از تو است و تو یگانه ای هستی بی شریک، حمد و شکر تو به خاطر آن نعمتها بر من فرض است ولی نه تنها آن قدر که راضی شوی بلکه رضایت بعد از رضا نیز لازم است «1».

__________________________________________________

(1)برهان، ج 2، ص 405، ح 2.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 57

مؤلف: این معنا با مختصر تفاوتی به چند طریق در کافی «1» و تفسیر قمی «2» و عیاشی «3» روایت شده است.

و در الدر المنثور است که ابن مردویه از ابی فاطمه روایت کرده که گفت رسول خدا (ص) فرمود: نوح هیچ چیز کوچک و یا بزرگی را برنمی داشت مگر آنکه بسم اللَّه و الحمد للَّه، می گفت و به همین جهت خداوند او را بنده شکور نامید «4».

مؤلف: این روایات با روایاتی که قبلا شکر را به اخلاص تفسیر می کرد منافات ندارد، زیرا پر واضح است که شخصی مثل نوح (ع) دعا نمی کند مگر آنکه حقیقت معنای دعا را داشته باشد، و چنین دعائی منفک از اخلاص در بندگی نیست.

و در تفسیر برهان از ابن قولویه نقل کرده که وی بسند خود از صالح بن سهل از امام صادق (ع) روایت کرده که در ذیل آیه" وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْکِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ" فرمود: یکی کشته شدن امیر المؤمنین (ع) و یکی ضربت خوردن حسن بن علی (ع) است و در تفسیر" وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا کَبِیراً" فرموده: مقصود کشتن حسین بن علی (ع) و در باره جمله:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما" فرمود: وقتی که حسین یاری شود" بَعَثْنا عَلَیْکُمْ عِباداً لَنا أُولِی بَأْسٍ شَدِیدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّیارِ" قبل از قیام قائم قومی برانگیخته شود که هیچ خونی از آل محمد را بی انتقام نگذارند و انتقام همه خونهای ریخته شده از اهل بیت را بگیرند" وَ کانَ وَعْداً مَفْعُولًا" و این وعده ای است شدنی «5».

مؤلف: در این معنا روایتهای دیگری نیز هست که سیاقش مانند این روایت تطبیق حوادثی است که در این امت واقع می شود و در میان بنی اسرائیل اتفاق افتاده است، و در حقیقت در مقام تصدیق مطلبی است که رسول خدا پیش بینی کرده و فرموده بود: این امت به زودی همان را که بنی اسرائیل مرتکب شد دقیقا و طابق النعل بالنعل مرتکب خواهد شد، حتی اگر بنی اسرائیل داخل سوراخی رفته باشد این امت نیز خواهد رفت، پس این روایات را نباید جزو روایاتی شمرد که آیه مورد بحث را تفسیر می کند بلکه تنها در مقام جری و تطبیق است، چرا که می بینیم هر کدام از این روایتها آیه را بگونه ای تطبیق کرده اند.

__________________________________________________

(1)اصول کافی، ج 2، ص 99، ح 29.

(2)تفسیر قمی، ج 2، ص 84.

(3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 280، ح 17.

(4)الدر المنثور، ج 4، ص 162.

(5)برهان، ج 2، ص 407، ح 3.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 58

و اما در اصل داستان که آیات مورد بحث متضمن آن است روایتها اختلاف عجیبی دارند، بطوری که از انسان نسبت به این روایتها سلب اطمینان می شود و به همین جهت، از ایراد آنها در اینجا صرف نظر کردیم، هر که بخواهد باید به جوامع حدیث چه از عامه (اهل سنت) چه از خاصه (شیعه) مراجعه نماید.

[مقصود از دو بار سرکوب شدن و هلاکت بنی اسرائیل بر اثر دو بار فساد انگیزی آنان بر روی زمین ] ..... ص : 58

آری از آن روزی که بنی اسرائیل استقلال یافته و در میان سرها سری بلند کردند بلا و گرفتاری بسیاری دیدند،- بطوری که تاریخ این قوم ضبط کرده- این بلایا از دو تا بیشتر است. و آیات مورد بحث با دو تای آنها قابل انطباق هست و لیکن آن حادثه ای که بطور مسلم یکی از دو حادثه مورد نظر آیات است، حادثه ایست که به دست بخت النصر (نبوکدنصر) یکی از سلاطین بابل در حدود ششصد سال قبل از میلاد بر آنان آمده است.

وی پادشاهی نیرومند و صاحب شوکت و یکی از ستمکاران عهد خود به شمار می رفت و در آغاز از بنی اسرائیل حمایت می کرد و لیکن چون از ایشان تمرد و عصیان دید لشکرهای بی شمار به سرشان گسیل داشت، و ایشان را محاصره و شهرهایشان را در هم کوبید و همه را ویران ساخت، مسجد اقصی را خراب و تورات و کتب انبیاء را طعمه حریق ساخت و مردم را قتل عام نمود، بطوری که جز عده قلیلی از ایشان آن هم از زنان و کودکان و مردان ضعیف، کسی باقی نماند. باقیمانده ایشان را هم اسیر گرفته و به بابل کوچ داد، بنی اسرائیل هم چنان در ذلت و خواری و بی کسی در بابل بسر می بردند و تا بخت النصر زنده بود و مدتی بعد از مرگ او، احدی نبود که از ایشان حمایت و دفاع کند. تا آنکه کسرای کورش یکی از پادشاهان ایران تصمیم گرفت به بابل سفر نموده و آنجا را فتح کند. وقتی فتح کرد نسبت به اسرای بنی اسرائیل تلطف و مهربانی نمود و به ایشان اجازه داد تا دوباره به وطن خود سرزمین مقدس بروند و ایشان را در تجدید بنای هیکل (مسجد اقصی) و تجدید بناهای ویران شده کمک نمود، و به عزرا یکی از کاهنان ایشان اجازه داد تا تورات را برایشان بنویسد، و این حوادث در حدود چهار صد و پنجاه و اندی قبل از میلاد بود.

و آنچه از تاریخ یهود برمی آید این است که اول کسی که از ناحیه خدا مبعوث شد که بیت المقدس را ویران کند بخت النصر بود که در این نوبت هفتاد سال خرابه افتاده بود، و آن کس که در نوبت دوم بیت المقدس را ویران کرد قیصر روم اسپیانوس بود که تقریبا یک قرن قبل از میلاد می زیسته و وزیر خود طوطوز را روانه کرد تا مسجد را خراب و مردمش را ذلیل ساخته و تنبیه نماید.

و بعید نیست که این دو حادثه، مورد نظر این آیات باشد، زیرا بقیه حوادثی که تاریخ ترجمه المیزان، ج 13، ص: 59

برای بنی اسرائیل نشان می دهد طوری نبوده که به کلی آنان را از بین برده و استقلال و مملکتشان را از ایشان گرفته باشد، به خلاف داستان بخت النصر که همه آنان و آقایی و استقلالشان را تا زمان کورش به کلی از بین برد. آن گاه کورش بعد از مدتی همه آنان را جمع نموده و سر و صورتی به زندگیشان داد. بار دیگر رومیان بر آنان دست یافتند و قوت و شوکتشان را گرفتند و دیگر تا زمان اسلام نتوانستند قد علم کنند.

و این احتمال هیچ وجه بعیدی در آن نیست مگر همانی که در تفسیر آیات مورد بحث به آن اشاره کردیم، و آن این بود که از آیات برمی آید منقرض کننده بنی اسرائیل در هر دو نوبت یک طایفه بوده اند، و گرنه نمی فرمود" ثُمَّ رَدَدْنا لَکُمُ الْکَرَّةَ عَلَیْهِمْ" زیرا این عبارت اشعار بر این دارد که خداوند بنی اسرائیل را نیرو بخشید تا توانستند بر دشمنان بار اول خود غلبه کنند و تلافی در آوردند و جمله" فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِیَسُوؤُا وُجُوهَکُمْ" اشعار بر این دارد که برای نوبت دوم بر همان دشمنان غلبه یافته اند. چون ظاهر این است که ضمیر جمع در این جمله به همان جمله" عِباداً لَنا" برگردد.

و لیکن این تنها اشعاری است بدون اینکه ظهور داشته باشد، چون عبارت با این احتمال هم می سازد که جبران حمله اول به دست قومی غیر از بنی اسرائیل انجام شده باشد یعنی خداوند به دست مردمی دیگر انتقام بنی اسرائیل را از دشمنانشان گرفته باشد، و بنی اسرائیل از این پیشامد سود برده باشند و ضمیر جمع هم به گروهی برگردد که از سیاق استفاده می شود، و همانطور که گفتیم سیاق هم ظهور در این ندارد که مبعوثین در مرتبه دوم همان مبعوثین در مرتبه اولند، بلکه با غیر ایشان هم می سازد.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 60

[سوره الإسراء (17): آیات 9 تا 22] ..... ص : 60

اشاره

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ وَ یُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً کَبِیراً (9) وَ أَنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً (10) وَ یَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَیْرِ وَ کانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (11) وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّکُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ وَ کُلَّ شَیْ ءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِیلاً (12) وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ کِتاباً یَلْقاهُ مَنْشُوراً (13)

اقْرَأْ کِتابَکَ کَفی بِنَفْسِکَ الْیَوْمَ عَلَیْکَ حَسِیباً (14) مَنِ اهْتَدی فَإِنَّما یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما یَضِلُّ عَلَیْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری وَ ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّی نَبْعَثَ رَسُولاً (15) وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَةً أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِیراً (16) وَ کَمْ أَهْلَکْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَ کَفی بِرَبِّکَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً (17) مَنْ کانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِیها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِیدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ یَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18)

وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعی لَها سَعْیَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِکَ کانَ سَعْیُهُمْ مَشْکُوراً (19) کُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً (20) انْظُرْ کَیْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَکْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَکْبَرُ تَفْضِیلاً (21) لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (22)

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 61

ترجمه آیات ..... ص : 61

همانا این قرآن خلق را به راست تر و استوارترین طریقه هدایت می کند و اهل ایمان را که نیکوکار باشند به اجر و ثواب عظیم بشارت می دهد (9).

و بر آنان که به عالم آخرت ایمان نمی آورند البته عذاب دردناک مهیا ساخته ایم (10).

انسان با شوق و پرتجملی که خیر و منفعت خود را می جوید چه بسا به نادانی شر و زیان خود را می طلبد و انسان بسیار شتاب کار است (11).

و ما شب و روز را دو آیت و نشانه قدرت خود قرار دادیم آن گاه از آیت شب و روشنی آن کاستیم و آیت روز را تابان ساختیم تا شما در روز روزی حلال از فضل خدا طلب کنید و تا آنکه شماره سالها و حساب اوقات را بدانید و هر چیز را مفصل بیان کردیم (12).

و ما مقدرات و نتیجه اعمال نیک و بد هر انسانی را طوق گردن او ساختیم که ملازم و قرین همیشگی او باشد و روز قیامت کتابی که نامه اعمال اوست بر او بیرون آریم در حالی که آن نامه چنان باز باشد که همه اوراق آن را یک مرتبه ملاحظه کند (13).

و به او خطاب رسد که تو خود کتاب اعمالت را بخوان و بنگر تا در دنیا چه کرده ای که تو خود تنها برای رسیدگی بحساب خویش کافی هستی (14).

هر کس راه هدایت یافت تنها بنفع و سعادت خود یافته و هر کس به گمراهی شتافت آنهم به زیان و شقاوت خود شتافته و هیچ کسی بار عمل دیگری را به دوش نگیرد و ما تا رسول نفرستیم هرگز کسی را عذاب نخواهیم کرد (15).

و ما چون اهل دیاری را بخواهیم به کیفر گناه هلاک سازیم پیشوایان و منعمان آن شهر را امر کنیم راه فسق و تبه کاری و ظلم در آن دیار پیش گیرند و آنجا تنبیه و عقاب لزوم خواهد یافت آن گاه همه را بجرم بدکاری هلاک می سازیم (16).

چه بسیاری از ملل و اقوامی را بعد از نوح به جرم کفر و عصیان هلاک کردیم و تنها خدای تو که بر گناهان بندگانش آگاه و با خبر است کفایت می کند که به مصلحت هر که را خواهد عفو و هر که را خواهد عقاب کند (17).

هر که دنیای نقد و زودگذر را بخواهد ما هم برایش در آن عجله می کنیم. البته برای هر که بخواهیم و هر قدر که بخواهیم، آن گاه جهنم را برایش معین می کنیم که ملامت زده و رانده شده در آن شود (18).

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 62

و هر که آخرت را بخواهد و کوشش خود را همه برای رسیدن به آن قرار دهد آنان سعیشان قبول شده و صاحب اجر خواهند بود (19).

هر یک را از عطاء پروردگارت مدد می کنیم، اینها را و آنها را، و از عطاء پروردگار تو جلوگیری نمی شود (20).

ببین چگونه بعضی را بر بعضی برتری دادیم، تازه این برتریها دنیویست برتری آخرت بیشتر و بزرگتر است (21).

با خدا معبودی دیگر شریک مگیر تا در نتیجه ملامت زده و تنها و بی یار نشوی (22).

بیان آیات ..... ص : 62

اشاره

آیات سابق از سوره مورد بحث، جریان سنت الهی را در هدایت انسان به سوی حق و دین توحید خاطرنشان می کرد و خلاصه آن سنت این بود که خداوند هر کس را که دعوت حق را اجابت کند در دنیا و آخرت سعادتمند گرداند و هر که را که به حق کفر ورزیده و از امر او سرپیچی نماید در دنیا و آخرت عقاب کند.

و اگر نزول تورات و حوادثی را که بعد از آن، برای بنی اسرائیل پیش آمده، ذکر فرمود از باب تطبیق حکم کل این سنت بر افراد و مصادیق آن بود.

و این دسته از آیات جریان همان سنت را در این امت خاطر نشان می سازد، و می فرماید که به همان نحو که در امت موسی (ع) جریان یافت در این امت نیز جریان می یابد، آن گاه نتیجه می گیرد که پس باید از شرک اجتناب ورزیده و همواره ملازم طریق توحید باشند، و در آخر می فرماید:" لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا".

[توضیح در مورد اینکه قرآن بدانچه" اقوم" است هدایت می کند و اینکه اسلام دین" قیم" است ] ..... ص : 62

" إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ" یعنی این قرآن هدایت می کند بسوی دینی که اقوم از هر دین و مسلطتر بر اداره امور بشر است هم چنان که در جای دیگر فرموده:" قُلْ إِنَّنِی هَدانِی رَبِّی إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ دِیناً قِیَماً مِلَّةَ إِبْراهِیمَ حَنِیفاً" «1».

و اقوم افعل تفضیل از قیام است و معنای اصلی قیام، ضد قعود است که این خود یکی

__________________________________________________

(1)بگو ای پیامبر محققا مرا خدا براه راست هدایت کرده است به دین استوار و آیین پاک ابراهیم.

سوره انعام، آیه 161 و 162.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 63

از معتدل ترین حالات آدمی است و انسان در این حال از هر حالت دیگری نسبت به کارهایش مسلطتر است به خلاف قعود و یا طاقباز و یا دمر و امثال آن، ولی این کلمه را در نیکو انجام دادن هر کار استعمال کرده اند و به کسی که به خوبی متصدی کاری شود، و بدون عجز و خستگی و با حسن اداره آن را از آب در آورد می گویند فلانی قائم به فلان امر است یعنی آن امر را مراقب و نگهدارست، و حال آن را آن طور که مناسب آنست رعایت می نماید. در آیه مورد بحث خدای تعالی این ملت حنیف را ملتی قائم نامیده و در جای دیگر در باره آن فرموده:

" فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ" «1» و نیز فرموده:" فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ الْقَیِّمِ" «2».

و این بدان جهت است که این دین خیر دنیا و آخرت ملت خود را تامین و تضمین نموده و قائم بر اصلاح حال معاش و معاد ایشان است. و این نیز نیست مگر بخاطر اینکه این دین موافق با مقتضیات فطرت انسانی و ناموسی است که خداوند بر اساس آن ناموس او را خلق کرده و او را به حسب آن ناموس مجهز به ابزاری فرموده که او را به سوی غایت و هدف از خلقتش و سعادتی که برایش در نظر گرفته شده راهنمایی می کند.

و بنا بر این، توصیف این ملت در آیه مورد بحث به وصف" اقوم" (قائم تر) یا در مقایسه با سایر ملتها است و یا در مقایسه با سایر شریعتها، این را می دانیم که برای هر ملتی سنتی است که آن را برای خود برگزیده اند تا سودشان برساند و به درد زندگیشان بخورد، و لیکن این سنتها اگر در بعضی از امور ایشان را سود ببخشد در پاره ای دیگر به ضررشان تمام می شود، و اگر پاره ای از هواها و امیالشان را تامین می کند قسمت عظیمی از خیرات را از ایشان سلب می کند، همانا در میان همه سنتها این تنها اسلام است که قائم به مصالح حیات و تمامی اهداف دنیایی و آخرتی جامعه است، بدون اینکه خیری از ایشان سلب کرده و از بین برده باشد بنا بر این ملت حنیف اقوم است بر حیات انسانی تا دیگر ملل.

و اگر در مقایسه با سایر شرایع الهی قبل مانند شریعت نوح و موسی و عیسی (ع) باشد (هم چنان که ظاهرش هم همین است چون در مقابل این آیه، آیه دیگری هست که تورات را وسیله هدایت بنی اسرائیل می خواند، لذا فرمود: همانا قرآن کریم خلق را به چیزی

__________________________________________________

(1)پس تو ای رسول مستقیم روی بجانب آیین پاک اسلام آور و پیوسته از طریق دین خدا که فطرت خلق را بر آن آفریده است پیروی کن که هیچ تغییری در خلقت خدا نباید داد. این است آیین استوار.

سوره روم، آیه 30. [.....]

(2)سوره روم، آیه 43.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 64

هدایت می کند که قویم تر و استوارتر است)، در این صورت دلیلش این است که دین حنیف از ادیان سابق خود که کتب انبیاء سلف متضمن آنها بودند کامل تر است، زیرا تمامی معارف الهی تا آنجا که بنیه بشری طاقتش را دارد و همچنین تمامی شرایعی که بشر در زندگی خود بدان نیازمند است در این دین آمده، و حتی یک عمل از اعمال فردی و اجتماعی بشر را بدون حکم نگذاشته، هم چنان که فرموده:" وَ أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتابِ وَ مُهَیْمِناً عَلَیْهِ" «1». پس آنچه قرآن به سوی آن هدایت می کند قویم تر از آن چیزیست که سایر کتب و شرایع بدان هدایت می کنند.

[خداوند برای مؤمنان صالح العمل بر خود حق قرار داده است (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً کَبِیراً)] ..... ص : 64

" وَ یُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً کَبِیراً".

کلمه" صالحات" صفتی است برای موصوفی که به منظور اختصار حذف شده، و تقدیر آن:" و عملوا الأعمال الصالحات" است.

در این آیه حقی برای مؤمنین بر خدا اثبات شده، و اینکه آن را" اجر" نامیده مؤید این معنا است، و همچنین آیه" إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ" «2» نیز مؤید آنست.

و هیچ محذور و اشکالی هم در آن نیست، زیرا زمانی اشکال پیش می آمد که شخص دیگری خدای را بدهکار اجر بندگان کند، اما وقتی که خودش حقی را برای بندگان بر خود واجب بسازد اشکالی پیش نمی آید و نظیر این مطلب که خداوند خود را بدهکار مؤمنین می شمارد آیه شریفه:" ثُمَّ نُنَجِّی رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنُوا کَذلِکَ حَقًّا عَلَیْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِینَ" «3» می باشد.

در این آیه عنایت دارد پاداش منجز و تثبیت شده نیکوکاران را بیان کند، هم چنان که در آیه بعدی عنایتش به بیان کیفری است که منجز شده است، و آن عبارت از عذاب کسانی است که نسبت به آخرت و معاد کفر ورزیده باشند و اما خداوند در این دو آیه متعرض حال کسانی که ایمان آورده ولی عمل صالح نکرده باشند نشده، پس چنین کسی از هیچ طرف وعده منجز ندارد، نه پاداش و نه کیفر، بلکه وضع او منوط به توبه و یا شفاعت است، تا به

__________________________________________________

(1)و ما این کتاب (قرآن عظیم) را بحق بر تو فرستادیم که تصدیق بدرستی و راستی همه کتب که در برابر اوست نموده و بر حقیقت کتب آسمانی پیشین گواهی دهد. سوره مائده، آیه 48.

(2)آنان که به خدا ایمان آورده و نیکوکار شدند البته پاداش بی پایان خواهند یافت. سوره فصلت، آیه 8.

(3)و ما رسولان خود و مؤمنان را نجات می دهیم چنان که ما بر خود فرض کردیم که اهل ایمان را نجات بخشیم. سوره یونس، آیه 103.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 65

وسیله یکی از این دو به گروه صالحان از مؤمنین ملحق شود، و در جای دیگر در حق این طایفه فرموده:" وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَیِّئاً عَسَی اللَّهُ أَنْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ" «1» و نیز فرموده:" وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا یُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا یَتُوبُ عَلَیْهِمْ" «2».

آری، این طایفه با طایفه ای که هم ایمان دارند و هم عمل صالح، در این جهت شرکت دارند که خدا به پاداش اینکه ایمان آوردند ایشان را بر حق پایدار می نماید، هم چنان که فرمود:" وَ بَشِّرِ الَّذِینَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ" «3» و نیز فرمود" یُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَةِ" «4».

" وَ أَنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِیماً".

" اعتاد" به معنای" اعداد و تهیه کردن" است که از" عتاد" (به بفتح عین) گرفته شده است، و به طوری که راغب می گوید به معنای" ذخیره کردن چیزی است" قبل از رسیدن وقت حاجت و نیاز به آن «5».

از سیاق آیه چنین برمی آید که جمله مورد بحث، عطف باشد به جمله" ان لهم ..."

که در آیه قبل بود و تقدیرش چنین است:" قرآن بشارت می دهد کسانی را که عمل صالح کردند به اینکه همانا برای آنان است اجری بزرگ و برای کسانی که ایمان به آخرت نیاورند عذابی دردناک ذخیره کرده ایم" اگر عذاب کفار را برای مؤمنین بشارت داده از این جهت است که عذاب ایشان انتقامی است که خدا از دشمنان دین می گیرد و باعث روشنی دیدگان مؤمنین می شود.

حال چرا از اوصاف این طایفه، تنها" ایمان نیاوردن به آخرت" را ذکر کرده با اینکه کفر، با انکار غیر آخرت- مثل انکار توحید یا نبوت- نیز تحقق می یابد؟ جوابش این است که چون سیاق کلام در بیان اثری است که دین قیم به دنبال دارد و با انکار معاد دیگر خاصیت و

__________________________________________________

(1)و بعضی دیگر آنها به گناه نفاق خود اعتراف کردند که عمل صالح و فعل قبیح را هر دو بجای آوردند، امید باشد که خدا توبه آنان را بپذیرد. سوره توبه، آیه 102.

(2)برخی دیگر از گناهکاران آنهایی هستند که کارشان بر مشیت خدا موقوف است، یا به عدل آنان را عذاب کند و یا به لطف و کرم از گناهشان درگذرد. سوره توبه، آیه 106.

(3)و مؤمنان را به رحمت خدا بشارت ده که به راستی مقامشان نزد خدا رفیع است. سوره یونس، آیه 2.

(4)خدا اهل ایمان را با عقیده ثابت در دنیا و آخرت پایدار می دارد. سوره ابراهیم، آیه 27.

(5)مفردات راغب، ماده" عتد".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 66

اثری برای دین قیم باقی نمی ماند، هر چند منکر معاد قائل به وحدانیت خداوند و سایر معارف حق باشد، و به همین جهت است که می بینیم خدای تعالی فراموش کردن قیامت را ریشه تمامی گمراهیها نامیده و فرمود:" إِنَّ الَّذِینَ یَضِلُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِیدٌ بِما نَسُوا یَوْمَ الْحِسابِ" «1».

[بیان اینکه انسان عجول بوده و آن سان که در طلب خیرات است در پی شر نیز می باشد (وَ یَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَیْرِ)] ..... ص : 66

" وَ یَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَیْرِ وَ کانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا".

مراد از" دعا" بطوری که از سیاق آیه استفاده می شود مطلق طلب است، چه به لفظ دعا باشد مثل" خدایا مال و اولاد بر من روزی کن و ..." و چه بدون لفظ صورت گیرد و به صورت سعی و عمل بوده باشد، همه اینها دعا و درخواست از خداست، حتی اگر این درخواست از کسی صادر شود که به خدا معتقد نبوده و توجهی به درخواست از خدا ندارد، چون در حقیقت غیر از خدا معطی و مانعی وجود ندارد هم چنان که فرمود:" یَسْئَلُهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" «2» و نیز فرموده:" وَ آتاکُمْ مِنْ کُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ" «3».

پس به شهادت این دو آیه، دعا به معنای مطلق طلب است، و حرف" باء" در دو کلمه:" بالشر" و" بالخیر" برای چسباندن فعل به مفعول آن است و مقصود این است که انسان به همان نحو شر را می خواند و آن را درخواست می کند که خیر را می طلبد.

بنا بر این مقصود از اینکه فرمود:" انسان عجول است" این خواهد بود که او وقتی چیزی را طلب می کند صبر و حوصله به خرج نمی دهد، در جهات صلاح و فساد خود نمی اندیشد تا در آنچه طلب می کند راه خیر برایش مشخص گردد، و از آن راه به طلبش اقدام کند بلکه به محض اینکه چیزی را برایش تعریف کردند و مطابق میلش دید با عجله و شتابزدگی به سویش می رود و در نتیجه گاهی آن امر، شری از آب در می آید که مایه خسارت و زحمتش می شود، و گاهی هم خیری بوده که از آن نفع می برد.

این آیه و آیات بعدیش در سیاق توبیخ و سرزنشی است که ناشی از منت نهادن خدای تعالی در آیات قبل است که مساله" هدایت اقوم" را به رخ بندگانش می کشد، گویی که فرموده است: ما کتابی نازل کردیم که شما را به سوی ملتی اقوم هدایت می کند و گروندگان به آن ملت و کیش را به سعادت و بهشت می رساند و به سوی اجری عظیم و خیری

__________________________________________________

(1)آنان که از راه خدا گمراه شوند چون روز حساب (و قیامت را) فراموش کرده اند به عذاب سخت معذب خواهند شد. سوره ص، آیه 26.

(2)از او درخواست می کند هر آن کس که در آسمانها و زمین است. سوره رحمن، آیه 30.

(3)و بشما داده از هر نعمتی که خواستید. سوره ابراهیم، آیه 34.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 67

کثیر ارشاد می کند، و لیکن جنس بشر عجول است و به خاطر همین عجله اش میان خیر و شر فرق نمی گذارد، بلکه هر چه برایش پیش بیاید همان را می خواهد و در طلبش برمی خیزد، بدون اینکه خیر و شر را از هم جدا نموده و حق را از باطل تشخیص دهد، در نتیجه به همان نحوی که عاشق خیر است، شر را نیز به همان وجه طلب می کند، و همانطور که باید بر سر حق سر و سینه بشکند بر سر باطل هم می شکند.

سزاوار نیست که انسان دستخوش عجله گشته و هر چه را که دلش خواست و اشتهایش طلب کرد دنبال کند و هر عملی که ارتکابش برایش ممکن بود مرتکب شود، و تا آنجا که تیغش برید ببرد، و آن گاه این معنا را بهانه کند که خدا برایم فراهم کرد و اگر او نمی خواست نمی گذاشت من اینکار را بکنم! درست است که شب و روز دو آیت الهی اند، و هیچ وقت در یک حال نمی مانند، بلکه خدا با آیت شب آثار روز را از بین برده و حرکات موجودات را متوقف و دیدگان را به خواب می برد، و بر عکس با آیت روز قوا را بار دیگر بیدار نموده و مردم به طلب فضل پروردگارشان به جنب و جوش در می آیند، و با این شب و روز عدد سالها و حسابها را در دست دارند.

و درست است که اعمال خیر و شر همه به اذن خدا در عالم وجود تحقق می یابند و همه آنها با قدرتی برای آدمی مقدور است که خدا به آدمی داده است و لیکن این معنی باعث نمی شود که اعمال خیر و شر، هر دو برای آدمی جایز شوند، و انسان هر چه را که هوس کرد با عجله و سراسیمه دنبال نماید، و بدون هیچ احساس مسئولیتی مرتکب هر عملی- چه خیر و چه شر- بشود و همان طور که در اطاعت خدا آزاد است معصیت خدا را هم آزادانه مرتکب شود.

بلکه واجب است اعمال شر را مانند شب تاریک کننده دانسته و نزدیکش نشود و عمل خیر را مانند روز بینا کننده دانسته انجامش دهد، و با انجام آن فضل پروردگار خود را جستجو نماید، امیدوار باشد که خدا به پاداش آن سعادت آخرت و رزق کریمش مرحمت فرماید آری عمل آدمی گریبانگیر آدمی است و تا او را به سعادت و یا شقاوتش نکشاند دست بردار نیست و آنچه می کند آثارش به خود برگشته و به غیر خود نمی رسد، و کسی را به جای خود نمی گیرد.

این آن معنائیست که از سیاق آیه استفاده می شود و با در نظر گرفتن آن، چند نکته روشن می گردد:

اول اینکه: این آیه و آیات بعدیش در مقام توبیخ و ملامتند و همانطور که قبلا اشاره

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 68

کردیم همین معنی وجه اتصال آنها به ما قبلند که فرمود:" إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ ...".

بنا بر این خدای سبحان می خواهد بفرماید که انسان به خاطر آن قریحه استعجالی که دارد آن طور که باید قدر نعمت هدایت الهی را نمی داند، و ملت اقوم و ملت دیگر در نظرش یکسان است، و به همین جهت همانطور و به همان عشق و علاقه که خیر را می طلبد در طلب شر می رود، و به همان عجله که به دنبال سعادت می رود در پی شقاوت می دود.

نکته دوم اینکه: مراد از" انسان" جنس آدمی است نه افراد معینی از انسانها، از قبیل کفار و مشرکین، چنان که بعضی «1» گفته اند و مراد از" دعا" هم مطلق طلب است نه دعای اصطلاحی که بعضی «2» خیال کرده اند، و مقصود از خیر و شر هر آن چیزی است که در حقیقت مایه سعادت و یا شقاوت آدمی است، نه مطلق هر چیزی که مضر یا نافع باشد، مانند درخواست فلاح و رستگاری برای کسی که مورد علاقه او است و درخواست خسران و نومیدی برای کسی که مورد انزجار و خشم او است و ...

و مراد از" عجله" علاقه آدمی است به اینکه آنچه میل دارد به زودی تحقق یابد، نه لجاجت و درخواست عذاب.

و ما از این نظر مفردات آیه را معنا کردیم که مفسرین در معانی آنها اختلاف عجیبی به راه انداخته اند و در وجه اتصال آیه به آیات قبل و بعدش حرفهایی مضطرب و گوناگون زده اند، که چون فایده ای در نقل آنها ندیدیم از ایراد آنها و غور و بحث در پیرامونش صرفنظر نمودیم، کسانی که مایلند همه آنها را ببینند باید به کتب تفسیر مراجعه نمایند.

" وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ فَمَحَوْنا آیَةَ اللَّیْلِ وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ...".

در مجمع البیان آمده: کلمه" مبصرة" به معنای" مضیئة: روشنگر" و" منیرة: نور دهنده" و" نیرة: درخشنده" است ابو عمرو گفته: مقصود از این کلمه اینست که مردم به وسیله قرآن بینا می شوند، همانطور که گفته می شود" لیل نائم" و" سر کاتم"، کسایی گفته: عرب وقتی می گوید:" ابصر النهار" یعنی بینا کرد روز، مقصود این است که روشن شد «3».

و دو کلمه" لیل" و" نهار" به معنای ظلمت و نوری است که متعاقب هم و به خاطر مواجه بودن زمین با طلوع و غروب آفتاب در زمین پدید می آیند، و این دو مانند سایر موجودات

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 162.

(2 و 3)مجمع البیان، ج 6، ص 401. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 69

عالم و همچنین احوال آن موجودات دو آیت از آیات خدای سبحان است که بالذات دلالت بر یکتایی خدا در ربوبیت می کند.

[مراد از آیت بودن شب و روز و محو آیت لیل و مبصره بودن آیات نهار] ..... ص : 69

و از همین جا روشن می شود اینکه فرمود:" شب و روز را دو آیت قرار داد" مقصود این است که آنها را دو آیت خلق کرد، نه اینکه در آغاز خلقتشان آیت نبودند و بعدا آنها را آیت خود قرار داد و آنها را به عنوان دلیل مقرر داشت، زیرا تمامی موجودات از همان اصل وجود، آیاتی هستند که بر مکون خود دلالت دارند.

بنا بر این به خوبی روشن می شود که مراد از آیت شب و آیت روز خود شب و روز است، و در حقیقت اضافه آیت به لیل و نهار در عبارت" آیة اللیل و آیة النهار" اضافه بیانیه است نه اضافه لامیه و مقصود از محو لیل تاریک کردن و پنهان کردن آن از چشمها است، که به خلاف روز باشد.

پس اینکه بعضی ها «1» گفته اند: مراد از" آیت لیل" ماه و مراد از محو آن، لکه هایی است که در آن دو دیده می شود، و مراد از" آیت نهار" خود آفتاب، و مبصر بودن آن، نداشتن آن لکه ها است به هیچ وجه صحیح نیست.

زیرا گفتگو در خود دو" آیت" (لیل و نهار) است، نه در آیت آن دو آیت، علاوه بر این، تفریعی که بر جمله مورد بحث کرده و فرموده:" لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّکُمْ ..." متفرع بر روشنی دادن روز و ظلمت شب است نه بر لکه داشتن ماه و نداشتن آفتاب.

و نظیر این حرف بی اساس را بعضی «2» دیگر نیز گفته اند که: مراد از آیت شب، ظلمت آن و از آیت روز نور آن و مراد از محو آیت شب، بردن ظلمت آن با نور روز است، و اگر در آیه از بردن نور روز، به وسیله شب سخنی نرفته برای این بوده که همین یکی بر آن دیگری دلالت می کرده.

و اگر خواننده محترم کلام سابق ما را به یاد داشته باشد قطعا وجه سقوط این گفتار بر او پوشیده نخواهد ماند، زیرا ما گفتیم که آیه شریفه در مقام بیان فرقی است که میان این دو آیت است، و بنا به گفتار مفسر مزبور دیگر فرقی میان این دو آیت باقی نمی ماند، این یکی آن دیگری را و آن دیگری این را از بین می برد.

جمله:" لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّکُمْ" متفرع است بر جمله" وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً" و

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 652.

(2)مجمع البیان، ج 2، ص 402.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 70

معنایش این است که اگر ما آیت روز را روشن قرار دادیم برای این است که شما بتوانید در آن موقع رزق پروردگار خود را طلب کنید، چون" رزق" فضل و عطای خدای تعالی است.

بعضی «1» دیگر گفته اند که: تقدیر جمله مورد بحث چنین است:" لتسکنوا باللیل و لتبتغوا فضلا من ربکم بالنهار- تا در شب آرام گیرید و در روز به جستجوی فضل خدا برخیزید" منتهی جمله اولی حذف شد، چون مساله سکونت در شب را در چند جای دیگر خاطرنشان کرده بود، و لیکن این حرف صحیح نیست، زیرا چنین تقدیری با سیاق کلام منافات دارد، چون سیاق اینست که می خواهد آثار یکی از دو آیت را در عین اینکه هر دو آیتند باقی گذارده و آثار آیت دیگری را محو نماید.

و اینکه فرمود:" وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ" یعنی تا اینکه با محو شب و روشنگری روز، سالها را بدانید، یکی از روزهای آن را واحد قرار داده و بقیه ایام را بر آن گره بزنید، و بدینوسیله حساب وقتها و موعدها را بدانید.

و کلمه:" و الحساب" هم متفرع بر مبصر بودن نهار است، نظیر همان متفرع بودن طلب رزق بر آن، و جهتش اینست که ما به هیچ عدم و فقدانی برنمی خوریم مگر از ناحیه وجودی که مقابل آنست، ولی به عکس نیست، یعنی از ناحیه عدمها به وجود متوجه نمی شویم، و ظلمت امری است عدمی به معنای نبود نور، و اگر نور نبود نه به نوری منتقل می شدیم و نه به ظلمتی، و ما هر چند که هم با شب حسابها را نگه می داریم و هم با روز و آن دو را ظاهرا از هم جدا می شماریم، لیکن احساس، اول به امر وجودی (یعنی روز) متعلق می شود، و سپس به نوعی قیاس متوجه امر عدمی (یعنی شب) می شویم، و هر امر وجودی و عدمی که با آن مقایسه شود وضع بدین منوال است.

فخر رازی در تفسیر خود می گوید بهتر این است که بگوییم: مراد از" محو آیت شب" بنا بر اینکه مقصود از آن ماه باشد، اختلاف شکلی است که در گردش از محاق به محاق بخود گرفته و نورش با سپری شدن شبها کم و زیاد می شود، زیرا همین اختلاف نور آثار عظیم و بسیاری در دریاها و بیابانها و مزاجهای مردم دارد، و لازمه این همانطور که خودش اشاره کرده این است که جمله:" لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّکُمْ" و جمله:" لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِینَ وَ الْحِسابَ" متفرع بر محو آیت شب و مبصر کردن آیت نهار (هر دو) باشد، و معنایش چنین باشد:" دو آیت شب و روز را چنین کردیم تا شما با نور خورشید و اختلاف نور ماه رزق خود را به دست آورید

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 2، ص 402.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 71

و تا اینکه بدین وسیله سالها و حسابها را بدانید، چون آفتاب شب و روز را از هم متمایز نموده، و ماه با اختلاف شکلهایش ماههای قمری را ترسیم نموده و ماهها سالها را تشکیل می دهد، و بنا بر این معنا، لام در:" لتبتغوا" و در:" لتعلموا" متعلق به دو فعل:" محونا و جعلنا" (هر دو) خواهد بود «1».

و لیکن این معنا صحیح نیست و آیه شریفه در سیاقی است که با آن نمی سازد، و نمی توان گفت غرضی که در آن ذکر شده غرض واحدی است که مترتب بر هر دو آیه (آیه محو و آیه اثبات) شده است.

زیرا قبلا هم گفتیم که آیات مورد بحث در سیاق توبیخ و ملامت است، و آیه مورد بحث یعنی آیه:" وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ" به منزله جواب از احتجاجی است تقدیری که ممکن است کسی درخواست شر بکند.

[وجود قدرت و آزادی، دلیل و مجوز ارتکاب هر عملی نیست ] ..... ص : 71

و خلاصه آن احتجاج این است که آدمی به خاطر عجله ای که دارد در طلب مقاصدش سراسیمه می شتابد، و بدون اینکه اعتنا و توجهی نسبت به کتاب و هدایت الهی که به سوی ملت فرستاده شده و اقوم است، بنماید، در این راه تفاوتی میان خیر و شر نگذاشته و از هیچ عملی به منظور بررسی صلاح و فساد آن بازنمی ایستد، بلکه به مجرد اینکه عملی را مورد علاقه و مطابق میلش یافت، و قدرتش بر انجام آن نیز مساعدت نمود انجامش می دهد، و در این باره بحریت طبیعی خود اعتماد نموده با زبان حال چنین استدلال می کند که با اینکه خداوند قدرت اینگونه اعمال را به من داده و مرا از آن جلوگیری نکرده، چرا نکنم؟ هم چنان که قرآن کریم این زبان حال را به عنوان زبان حال از مشرکین نقل کرده که رسما می گفتند:" لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَیْ ءٍ نَحْنُ وَ لا آباؤُنا" «2»، و چون جای چنین استدلالی بوده خداوند در آیه مورد بحث بعد از آنکه کلام را با لحن توبیخ و ملامت بیان فرمود چنین جواب داد که صرف قدرت داشتن بر عمل و صحیح انجام دادن آن، دلیل بر جواز آن نمی شود، و صرف اینکه خداوند ایشان را هم بر انجام خیرها قدرت داده و هم بر انجام شرها دلیل بر این نیست که ارتکاب شر هم جائز باشد، مگر نمی بینید که خداوند شب و روز را دو آیت از آیات خود قرار داده که انسان ها در آن شب و روز زندگی کنند، و در عین حال آیت شب را محو نموده، و موجودات را محکوم کرده که در آن به آسایش و خمود بپردازند و آیت روز را مبصر و وسیله درک و بینایی قرار داده تا در آن رزق خود را طلب کنند و به وسیله آن عدد سنین و

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 164.

(2)اگر خدا می خواست ما و پدران ما بغیر او چیزی را نمی پرستیدیم. سوره نحل، آیه 35.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 72

حساب را در دست داشته باشند.

پس همانطور که مشترک بودن شب و روز در آیت بودن باعث نمی شود که در حرکات و تقلبات هم مشترک باشند، بلکه حرکات و تقلبات مخصوص روز است، همچنین اشتراک اعمال خیر و شر در اینکه هر دو به اذن خدا صورت می گیرند، و خداوند قدرت انجام آنها را به آدمی داده باعث نمی شود که بگوییم ارتکاب هر دو جایز است، بلکه جواز انجام و ارتکاب از خواص عمل خیر است، و عمل شر از آن سهمی ندارد، پس آدمی نباید هر چه که برایش پیش آمد بکند، و یا هر چه که دلش خواست انجام دهد، و به این معنا اعتماد و استدلال کند که هم آزادی طبیعی دارم، و هم خداوند قدرت انجام آن را به من داده است.

از آنچه گفته شد فساد گفتار بعضی «1» روشن می شود که گفته اند آیه مورد بحث در مقام استدلال و اثبات توحید است، به این بیان که شب و روز و اختلافاتی که بر آن دو عارض می شود و برکاتی که از ناحیه آن اختلافات پیدا می کنند از نشانه های توحید است.

زیرا دلالت شب و روز بر توحید دلیل بر این نمی شود که آیه هم بخواهد همان را افاده کند، و در هر سیاقی که قرار داشته باشد دلیل بر توحید به حساب آید.

و اینکه در ذیل آیه فرمود:" وَ کُلَّ شَیْ ءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِیلًا" اشاره است به تمیز موجودات، و اینکه در خلقت هیچ گونه ابهام و اجمالی نیست.

[معنای" طائر" و مراد از جمله:" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ"] ..... ص : 72

" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ".

در مجمع البیان گفته:" طائر" در اینجا عمل انسان است، و عمل آدمی را به طائری تشبیه کرده است که از چپ به راست پرواز می کند که عربها آن را به فال نیک می گیرند، و یا از راست به چپ می پرد و آن را به فال بد می گیرند، آری مرغان در عرب دو حال داشتند یا از طرف چپ مسافر به طرف راست وی پرواز می کردند که آن را سانح می نامیدند، و یا طرف چپ خود را در برابر طرف راست ایشان قرار می دادند، و آن را بارح می خواندند و اصل این نامگذاری این بود که مرغ اگر سانح بود تیرانداز به سهولت می توانست صیدش کند، ولی اگر بارح بود نمی توانست نشانه بگیرد.

ابو زید می گوید: هر حیوانی (اعم از مرغ، آهو و یا غیر آن) در حال حرکت دیده می شد آن را طائر می نامیدند «2».

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 164.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 403.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 73

و در کشاف آمده است که: عرب به مرغان فال می زدند، و آن را" زجر" می نامیدند، و چون به سفر می رفتند، و در راه به آن برمی خوردند، کاری می کردند که آن را از خود دور کنند، اگر از طرف چپ ایشان به طرف راستشان پرواز می کرد آن را به فال نیک می گرفتند، و اگر از طرف راست ایشان به سوی چپ شان می پرید آن را شوم دانسته و به فال بد می گرفتند، و به همین جهت فال بد را تطیر نامیدند «1».

و در مفردات آمده: تطیر اصلش تفال به طیر است، ولی بعدها هر فال زدنی را تطیر نامیدند، چه فال نیک و چه فال بد، چه با طیر باشد و چه با غیر آن، و در قرآن آمده:" قالُوا إِنَّا تَطَیَّرْنا بِکُمْ" گفتند که" ما شما را نحس می دانیم" و به همین مناسبت گفته اند:" لا طیر الا طیرک- هیچ فال بدی نیست مگر فال بد تو" و نیز در قرآن آمده:" إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَةٌ یَطَّیَّرُوا بموسی- اگر بدی به ایشان برسد به موسی فال بد می زنند" و نیز آمده:" أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ- آگاه باش که فال بدشان نزد خداست" یعنی آن شوم و پیش آمد بدی که در پیش دارند نزد خداست، که خدا به خاطر اعمال زشتشان برایشان آماده کرده.

در آیات زیر که می فرماید:" قالُوا اطَّیَّرْنا بِکَ وَ بِمَنْ مَعَکَ" و" قالَ طائِرُکُمْ عِنْدَ اللَّهِ" و" قالُوا طائِرُکُمْ مَعَکُمْ" و" کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ" نیز همه به این معنا است، و وقتی گفته می شود:" تطایروا" معنایش این است که" سرعت گرفتند"، و به معنای" متفرق شدند" نیز استعمال می شود «2».

و خلاصه اینکه از سیاق ما قبل آیه و ما بعد آن و مخصوصا از جمله:" مَنِ اهْتَدی فَإِنَّما یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ ..." به خوبی برمی آید که مراد از کلمه" طائر" هر چیزی است که با آن بر میمنت و نحوست استدلال شود، و حسن عاقبت و یا سوء آن کشف و آشکار گردد، زیرا برای هر انسانی چیزی که مربوط به عاقبت امر بوده و بتوان به وسیله آن به کیفیت عاقبتش از خیر و شر پی برد وجود دارد.

و اینکه فرمود:" ما طائر هر کسی را در گردنش الزام کرده ایم" معنایش اینست که آن را لازم لا ینفک و جدایی ناپذیر او قرار داده ایم که به هیچ وجه از او جدا نگردد. و اگر فرمود" طائر او را در گردنش ..."، برای این بود که تنها عضوی که از آدمی جدا نمی شود و انسان از آن جدا نمی گردد گردن است. به خلاف اعضای دیگر از قبیل دست و پا که زندگی

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 3، ص 371.

(2)مفردات راغب، ماده" طیر".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 74

انسان بدون داشتن آنها امکان دارد، ولی با قطع شدن گردن، کسی زنده نمی ماند، چون گردن است که سر را به سینه وصل می کند، و گردن عضوی است که هر چه بر آن آویخته باشد چه زیور و چه غل اولین چیزی خواهد بود که در مواجهه به چشم بیننده می خورد.

و بنا بر این مقصود از جمله" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ" این خواهد بود که خواست خدا بر این مطلب استوار است که آن چیزی که سعادت و شقاوت را به دنبال خود برای آدمی خواهد آورد همواره در گردن او باشد، و این خداست که سرنوشت آدمی را چنین لازم لا ینفک او کرده است، و این سرنوشت همان عمل آدمی است، چون خدای تعالی می فرماید:" وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی وَ أَنَّ سَعْیَهُ سَوْفَ یُری ثُمَّ یُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفی " «1».

پس آن طائر و آینده ای که خداوند لازم لا ینفک آدمی کرده همان عمل اوست، و معنای الزام کردن آن اینست که خداوند چنین مقرر فرموده است که هر عملی قائم به عاملش بوده و خیر و شر آن، به خود او برگردد، نه آنکه او را رها کرده به غیر او گلاویز شود.

و از آیه:" وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِینَ- تا آیه- إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ عُیُونٍ" «2» استفاده می شود که خداوند چنین مقرر فرموده است که عاقبت خیر، با داشتن ایمان و تقوی محقق می شود، و عاقبت بد در پیروی از کفر و معصیت است.

و لازمه این قضاء این است که در عمل هر انسانی شواهدی باشد که به طور قطع و بدون خطا و اشتباه عاقبت او را تعیین و مشخص کند، چون گفتیم که چنین مقرر شده که هر عملی به صاحبش برگردد، و هر کسی جز عملش سرمایه دیگری نداشته باشد و سرانجام کار" اطاعت" به بهشت و کار" گناه" به آتش بیانجامد.

[عاقبت و سرنوشت انسان با اعمال ارادی و اختیاری او لزوم و حتمیت پیدا می کند] ..... ص : 74

در این بیان، روشن می شود که آیه شریفه سعادت و شقاوت را اگر بطور لزوم و حتم برای انسان اثبات می کند از راه اعمال نیک و بدش می باشد که خود به اختیار خویش کسب کرده است نه اینکه بخواهد بگوید لزوم یکی از این دو جبری است و عمل افراد هیچگونه اثری در سعادت و شقاوت آنان ندارد، خلاصه اینکه معنای آیه شریفه آن طور نیست که بعضی «3» خیال کرده اند که آیه شریفه سعادت و شقاوت هر کس را اثر قضاء حتمی و ازلی دانسته، چه اینکه عملی انجام دهد و یا ندهد، و چه اطاعت کند یا معصیت نماید.

__________________________________________________

(1)و اینکه آدمی آینده ای جز کرده های خویش ندارد، و اینکه به زودی کرده های خود را می بیند، سپس پاداش و کیفر آن را به سنگ تمام تری می چشد. سوره نجم، آیه 41.

(2)سوره حجر، آیه 45.

(3)تفسیر ابو الفتوح رازی، ج 7، ص 215.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 75

[مقصود از کتابی که در قیامت برای افراد انسان بیرون آورده می شود (وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ کِتاباً یَلْقاهُ مَنْشُوراً) حقایق اعمال هر کس است که به او نمایانده می شود] ..... ص : 75

" وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ کِتاباً یَلْقاهُ مَنْشُوراً".

وضع این کتاب را که در این جمله گفته شده، جمله بعدی یعنی" اقْرَأْ کِتابَکَ کَفی بِنَفْسِکَ الْیَوْمَ عَلَیْکَ حَسِیباً" روشن می کند، چون دلالت دارد بر اینکه:

اولا آن کتابی که روز قیامت برای انسان بیرون می کشند کتاب خود او است، و هیچ ربطی به غیر او ندارد.

و ثانیا این کتاب حقایق تمامی اعمال آدمی را دارد، بدون اینکه کوچک ترین عمل او را از قلم انداخته باشد، هم چنان که در آیه دیگری همین معنا را آورده و فرموده است:" وَ یَقُولُونَ یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْکِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها" «1».

و سوم اینکه: حقیقت اعمال را آمارگیری نموده سعادت باشد یا شقاوت، نفع باشد یا ضرر جلوه گر می سازد، جلوه ای که هیچ ابهامی نداشته و جای هیچگونه عذری باقی نمی گذارد، هم چنان که فرموده:" لَقَدْ کُنْتَ فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَکَشَفْنا عَنْکَ غِطاءَکَ فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ" «2».

و از آیه" یَوْمَ تَجِدُ کُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَیْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ" «3» برمی آید که کتاب مزبور دربردارنده حقیقت اعمال و نتایج خیر و شر آنها است، نه اینکه مانند کتابهای معمولی عبارت از خطوط و رسمها بوده باشد، پس آن کتاب عبارتست از همان اعمالی که خداوند آن را به انسان نشان می دهد که دیگر جای حاشا و تکذیب نماند، چون هیچ دلیلی محکمتر از مشاهده و دیدن نیست.

و از همین جا معلوم می شود که مراد از" طائر" و" کتاب" که در آیه مورد بحث آمده، یک چیز است و آن عبارت از اعمال آدمی است، و اگر فرمود:" وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ کِتاباً" و نفرمود" و نخرجه" با اینکه یکی بودن آن دو، اقتضاء می کرد که به صورت دوم تعبیر کند، به خاطر این نیست که" کتاب" غیر از" طائر" است، بلکه برای این بوده که کسی توهم نکند که عمل قبلا طائر بوده و کتاب نبوده و در قیامت کتاب شده و دیگر طائر نیست.

__________________________________________________

(1)و می گویند وای بر ما این چه کتابی است که از هیچ کوچک و بزرگی چشم پوشی نکرده مگر آنکه همه را آمارگیری کرده است. سوره کهف، آیه 49.

(2)تو در دنیا از این حقایق اعمالت غافل بودی امروز پرده ات را کنار زدیم اینک دیدگانت تیزبین شده. سوره ق، آیه 22. [.....]

(3)روزی که هر کسی می یابد آنچه را که از کار نیک کرده و آنچه را که از بدی کرده است.

سوره آل عمران، آیه 30.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 76

و خلاصه اینکه در جمله" وَ نُخْرِجُ لَهُ" اشاره ای است به اینکه حقایق کتاب اعمال از ادراک انسان پوشیده شده و در پس پرده غفلت است، و خداوند در روز قیامت آن را از پس پرده بیرون می کشد و آدمی را از جزئیات آن با خبر می سازد، و مقصود از جمله" یَلْقاهُ مَنْشُوراً" هم همین است و این خود دلیل بر این است که این کتاب برای هر کس آماده و زیر سر است، و نسبت به احدی در آن غفلت نمی شود، بنا بر این، جمله مذکور تاکید جمله قبلی است که می فرمود:

" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ" چون حاصل معنای این جمله نیز همین بود که هر انسانی به زودی آثار اعمالش را خواهد یافت، اولا برای اینکه آثار اعمال، لازم لا ینفک و جدایی ناپذیر او است و ثانیا برای اینکه به صورت کتابی در آمده که به زودی آن را پخش و منتشر خواهد دید.

" اقْرَأْ کِتابَکَ کَفی بِنَفْسِکَ الْیَوْمَ عَلَیْکَ حَسِیباً".

در این آیه چیزی در تقدیر است، و تقدیر آن چنین است:" یقال له اقرء کتابک ...".

حرف" باء" در جمله" کَفی بِنَفْسِکَ" زائده است، و اصل آن" کفت نفسک- نفس تو کافی است" بوده و اگر به جای" کفت"" کفی" آورده و با اینکه کلمه" نفس" مؤنث است فعل آن را مذکر آورده، از این جهت بوده است که نفس مؤنث مجازی است و در هر فاعلی که مؤنث مجازی باشد هم می توان فعلش را مذکر آورد و هم مؤنث، و چه بسا که بعضی «1» در توجیه مذکر آوردن" کفی" گفته باشند که باء در" بنفسک" زائده نیست، و این کلمه مجموعا اسم فعل است به معنای" اکتف- بس کن" و بسا توجیهات دیگری نیز وجود دارد.

این آیه دلالت می کند بر اینکه حجت کتاب مذکور حجتی است قاطع به طوری که خواننده آن هیچ تردیدی در آن نمی کند، هر چند که خواننده خود گنهکار باشد، و چطور چنین نباشد و حال آنکه در کتاب به جای خط و نقش، خود عمل دیده می شود و پاداش و کیفر هم خود عمل است، هم چنان که فرموده" لا تَعْتَذِرُوا الْیَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" «2».

از آن بیانی که ما قبلا در وجه اتصال آیه" وَ یَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ" به ما قبلش ذکر کردیم وجه اتصال دو آیه مورد بحث یعنی آیه" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ" تا کلمه" حسیبا" به ما قبل خود نیز معلوم و روشن می گردد.

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 33.

(2)عذر نیاورید زیرا کیفرتان چیزی جز عمل خودتان نیست. سوره تحریم، آیه 7.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 77

و خلاصه معنای آیات با در نظر گرفتن اینکه سیاق آنها سیاق توبیخ و ملامت است این می شود که:" خدای سبحان قرآن را نازل کرده و آن را راهنمای ملتی قرار داد که اقوم است و این کار بر طبق سنت الهی جریان یافته چرا که سنت او در هدایت مردم به سوی توحید و بندگی و به سعادت رساندن راه یافتگان و بدبخت کردن گمراهان در همه اعصار اینچنین بوده است و لیکن انسان خیر را از شر و نفع دهنده را از ضرر زننده تشخیص نداده است، نسبت به آنچه که مطابق هوی و هوس باشد عجله می کند، و در نتیجه شر را به عین حرص و ولعی که در خیر از خود نشان می دهد جستجو و طلب می کند و حال آنکه عمل چه خیر و چه شر همچون سایه دنبال آدمی است، و از یکدیگر جدا شدنی نیستند بلکه در کتابی محفوظ شده تا به زودی در روز قیامت برایش بیرون آورند و در پیش رویش بگسترند، و بر سر آن بازخواستش کنند، و چون چنین است بر آدمی لازم است که به هر چه که دلش خواست مبادرت نورزد و در ارتکاب آن عجله نکند، بلکه در امورش قدری توقف و تفکر نماید تا خیر و شر آن را از هم تشخیص داده و خیر را برگزیده و شر را رها سازد.

" مَنِ اهْتَدی فَإِنَّما یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما یَضِلُّ عَلَیْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری " در مفردات می گوید: کلمه" وزر" به معنای سنگینی است که در اصل از وزر" کوه" گرفته شده است، و گناه را هم به" وزر" تعبیر می کنند و هم به" ثقل" و در قرآن هر دو تعبیر آمده است، یک جا فرموده:" لِیَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ کامِلَةً" و در جای دیگر فرموده:" وَ لَیَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ" و نیز فرموده:" وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری " یعنی حمل نمی کند احدی سنگینی دیگری را به طوری که صاحبش به کلی از وزر فارغ شود «1».

این آیه به منزله نتیجه، برای آیه" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ ..." می باشد، و جمله سومی یعنی" وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری " تاکید جمله دوم است که می فرماید:" وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما یَضِلُّ عَلَیْها".

[هدایت هر کس به سود خود و ضلالتش علیه خود است (وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْری )] ..... ص : 77

و معنایش این است که عمل چه نیک باشد و چه بد، ملازم و دنبال صاحبش بوده و علیه او بایگانی می شود و در هنگام حساب، خود را در برابر صاحبش آفتابی می کند، بنا بر این هر کس در راه و به سوی راه قدم نهد برای خود و به نفع خود قدم نهاده و نفع هدایتش عاید خودش می شود نه غیر خود، و کسی هم که در بیراهه و به سوی بیراهه قدم نهد ضرر گمراهیش به خودش برمی گردد و دودش به چشم خودش می رود، بدون اینکه به غیر خود کمترین

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" وزر".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 78

ضرری برساند، و هیچ نفسی بار گناه نفس دیگر را نمی کشد، و آن طور که بعضی از اهل ضلالت می پندارند که اگر گمراهی کنند وزر گمراهیشان به گردن پیشوایانشان است، و یا مقلدین می پندارند که مسئولیت گمراهیشان به گردن پدران و نیاکان ایشان است، و خود مسئولیتی ندارند، سخت در اشتباهند.

آری آن روزی را که مجرمین دارند، پیشوایانشان نیز دارند، چرا که هر کس که سنت بدی را باب کند تا زمانی که در دنیا عاملی به آن سنت زشت وجود دارد صاحب سنت نیز همه آن وزر را خواهد داشت، همانها که در دنیا می گفتند اینکار را بکن مسئولیتش به گردن من!، باید در قیامت گناه ایشان را به گردن بگیرند.

اما همه اینها وزر امامت و پیشوایی باطل و رواج دادن سنتهای بد است نه عین آن وزری را که مرتکب گناه دارد، تا لازمه به گردن گرفتن سنت گذاران این باشد که خود مرتکبین سنت باطل وزری نداشته باشند، و به فرض هم که عین آن باشد، معنایش این است که در یک گناه دو کس معذب شود.

[توضیح اینکه فرمود:" وَ ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّی نَبْعَثَ رَسُولًا"] ..... ص : 78

" وَ ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّی نَبْعَثَ رَسُولًا".

از ظاهر سیاقی که در این آیه و آیات قبل و بعد دارد بر می آید که مراد از" تعذیب" تعذیب دنیوی و عقوبت استیصال باشد، و مؤید این احتمال سیاق نفی در" ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ" است، زیرا فرق است در اینکه گفته شود:" لسنا معذبین" یا" لا نعذب" یا" لن نعذب" و یا اینکه گفته شود:" ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ" که در سه تعبیر اول، تنها نفی عذاب را می رساند، و در تعبیر چهارم استمرار نفی آن در گذشته را افاده می کند، و می فهماند که سنت الهی جاری در امتهای گذشته بر این بوده است که هیچ امتی را عذاب نمی کرد مگر بعد از آنکه رسولی به سویشان می فرستاد و ایشان را از عذاب خدا می ترساند.

کلمه:" رسول" نیز مؤید این احتمال است، چون می توانست از آن مبعوث به" نبی" تعبیر کند، و بفرماید:" حتی نبعث نبیا" و اگر در نظر خواننده مانده باشد که در جلد دوم این کتاب در فرق میان" رسول" و" نبی" گفتیم که" رسالت" منصب خاصی است الهی که مستلزم حکم فصل در امت است، و گفتیم که حکم فصل عبارتست از عذاب استیصال و یا تمتع و بهره مندی از زندگی تا مدتی معین، هم چنان که قرآن فرموده:" وَ لِکُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ" «1» و نیز فرموده:

__________________________________________________

(1)برای هر قومی رسولی است پس چون آمد رسول آنها قضاوت کند بین آنان و به آنان ظلم نمی شود، سوره یونس، آیه 47.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 79

" قالَتْ رُسُلُهُمْ أَ فِی اللَّهِ شَکٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یَدْعُوکُمْ لِیَغْفِرَ لَکُمْ مِنْ ذُنُوبِکُمْ وَ یُؤَخِّرَکُمْ إِلی أَجَلٍ مُسَمًّی" «1» به خلاف نبوت، زیرا نبوت منصبی نیست که مستلزم چنین لوازمی باشد.

پس اینکه در آیه مورد بحث تعبیر به رسول کرده، خود مؤید این است که مراد از تعذیب تعذیب دنیوی است نه اخروی و مطلق تعذیب.

پس اینکه فرمود:" وَ ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّی نَبْعَثَ رَسُولًا" به منزله دفع توهمی است که ممکن است از کسی سر بزند، و از آیات سابق که می فرمود:" اثر اعمال به صاحبش برمی گردد، و صالحین را به اجر کبیر و طالحین را به عذاب الیم نوید می داد" چنین برداشت کند که آثار گناهان (چه آثار سوء دنیوی آنها و چه اخرویشان) به هیچ وجه از صاحبانش جدا شدنی نبوده و هیچ قید و شرطی در لحوق آنها به صاحبانشان نیست.

در این آیه خداوند از چنین احتمالی پاسخ داده که خدا به رحمت واسعه و عنایت کامله اش یک عذاب را که همان عذاب استیصال دنیوی باشد مقید به قیدی کرده، و آن این است که" بعد از بعث رسول و انذار او" باشد، هر چند می توانست این قید را نیاورد، و لیکن به خاطر رحمت و رأفتش به زبان پیامبر بندگانش را تا نهایت درجه، موعظه نموده و حجت را بعد از تمام شدنش کاملتر می کند آن وقت اگر باز هم به گمراهی خود ادامه دادند عذاب را می فرستد، و بنا بر این جمله" ما کُنَّا مُعَذِّبِینَ" معنایش" واقع نشدن" آن است، نه" جایز نبودن" آن.

بنا بر این آیه شریفه همانطور که ملاحظه می شود در مقام این نیست که حکم عقل را که می گوید:" عقاب بدون بیان جایز نیست" امضاء کند، بلکه کاشف از اقتضایی است که عنایت و رحمت خداوندی دارد، و آن این است که هیچ قومی را (هر چند مستحق عذاب باشند) به عذاب استیصال دچار نکند مگر بعد از آنکه رسولی به سویشان گسیل دارد تا حجت را بر ایشان مؤکد و تمامتر نموده و با بیانهایی پی در پی گوشزدشان کند.

و اما" نبوت"، مقامی است که به وسیله آن تکالیف بر بندگان ابلاغ می شود و شرایع دین بیان می گردد به همین جهت مؤاخذه الهی و یا مغفرتش در حق افراد استقرار می یابد و مشخص می گردد که چه کسی مستحق ثواب و چه کسی مستوجب عقاب اخروی است.

__________________________________________________

(1)گفتند پیامبران آنها آیا در خدا شکی است پدید آورنده آسمانها و زمین است می خواند شما را به چیزی که مغفرت است برای شما از گناهانتان و به تاخیر اندازد شما را تا روز نامبرده شده. سوره ابراهیم، آیه 10.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 80

البته این هم تنها در مسائلی است که (مانند فروع دین) حق و باطل آن، جز از طریق نبوت به دست نمی آید و اما اصولی که عقل آدمی آن را درک می کند، و مسائلی که (مانند توحید و نبوت و معاد) که از ضروریات عقل است در آنها هیچ حاجتی به نبوت و رسالت نیست، بلکه عقل خودش به تنهایی پذیرندگان آنها را مستحق ثواب و منکرین آنها را مستوجب عقاب می داند.

و خلاصه اینکه اصول دین آن مسائلی است که عقل بطور مستقل آنها را بیان می کند و قبول فروع دین که دعوت پیامبران متضمن آنست فرع بر اصول دین است، و تمامیت حجت الهی در باره آنها، منوط به بیان نبی و رسول نیست، چون حجیت بیان نبی و رسول خود از همان مسائل عقلی است، و اگر حجت الهی هم منوط بر آن باشد دور لازم می آید که خلاصه اش" موقوف بودن حجیت مسائل عقلی بر حجیت بیان نبی و رسول و موقوف بودن حجیت بیان نبی و رسول بر حجیت مسائل عقلی" است بلکه در اینگونه مسائل همین که عقل دلیلی قاطع یافت حجت تمام شده، و مؤاخذه الهی صحیح خواهد شد.

آری در فروع دین احتیاجی به بیان نبی هست، و حجت خدا تمام نمی شود و مؤاخذه اش در آخرت استقرار نمی یابد، مگر به بیان نبی، و صرف حکم عقل در آن کافی نبوده و حجت را تمام نمی کند.

و ما در مباحث نبوت در جلد دوم این کتاب و در ذیل داستانهای نوح در جلد دهم آن و در مواردی دیگر بطور مفصل در این مساله بحث کردیم.

این راجع به مؤاخذه اخروی، و اما در باره مؤاخذه دنیوی و عذاب استیصال، اینکه ما گفتیم: خداوند نخست رسولی را برای مردم گسیل می دارد تا مردم را انذار کند و در صورتی که زیر بار نرفتند برایشان عذاب می فرستد، نه از این نظر که حکم عقل چنین است، و عقل عذاب قبل از بعث رسول را محال می داند، بلکه صرفا بدین جهت است که خداوند سبحان چنین عنایت کرده است که قبل از بعث رسول، عذاب نفرستد.

مفسرین در معنای آیه مشاجره های طولانی دارند، که چون بیشتر آنها از غرض بحث تفسیری بدور است لذا به ایرادش نپرداختیم، و شاید هم آنچه ما گفتیم با گفته آنان وفق ندهد، به هر حال حق برای پیروی و اطاعت سزاوارتر است تا گفته این و آن.

" وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَةً أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِیراً"

.راغب در مفردات گفته است که: کلمه" ترفه" به معنای توسعه دادن در نعمت

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 81

است، وقتی گفته می شود:" اترف فلان- فلانی مترف است" معنایش این است که فلانی نعمتش از حد گذشته است- تا آنجا که می گوید- مراد از" مترفین" در جمله" أَمَرْنا مُتْرَفِیها"

همان کسانیند که آیه:" فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَکْرَمَهُ وَ نَعَّمَهُ 3- خدا وقتی انسان را آزمایش کند او را اکرام نموده غرق در نعمتش می سازد" وصفشان می کند «1».

و صاحب مجمع البیان گفته است:" ترفه" به معنای نعمت است.

ابن عرفه در معنای آن گفته:" مترف" کسی را گویند که افسارش را رها کرده باشند و هر چه دلش خواست بکند و جلویش را نگیرند، و نیز در معنای" تدمیر" گفته است: این کلمه به معنای هلاک کردن است و مشتق از" دمار" می باشد «2».

[مقصود از اراده هلاک قریه در جمله:" وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَةً"] ..... ص : 81

و معنای جمله:" وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَةً"

این است که وقتی زمان هلاک کردن قومی نزدیک شد چنین و چنان می کنیم، و این تعبیر از قبیل این است که می گویند: وقتی فلانی می خواست بمیرد چنین و چنان گفت، و آسمان وقتی می خواست ببارد فلان جور شد، که در همه اینها معنا این است که" وقتی نزدیک شد بمیرد و یا ببارد"، چون پر واضح است که هیچکس به حقیقت معنای اراده، اراده مردن نمی کند، و آسمان هم اراده باریدن ندارد، در قرآن هم آمده:" فَوَجَدا فِیها جِداراً یُرِیدُ أَنْ یَنْقَضَّ" «3» پس در همه این موارد، اراده به معنای نزدیک شدن وقت عمل است.

ممکن هم هست مراد از آن، اراده فعلیه باشد، چون حقیقت اراده عبارت است از توافق اسبابی که مقتضی مراد و مساعد با وقوع آنست و این معنا نزدیک به همان معنایی است که خاطرنشان ساختیم، چون برگشت آن به تحقق اسبابی است که اقتضای هلاکت ایشان را دارد، و آن عبارت از کفران ایشان به نعمت و طغیان به معصیت است، هم چنان که فرموده:

" لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّکُمْ وَ لَئِنْ کَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِی لَشَدِیدٌ" «4»، و نیز فرموده:" الَّذِینَ طَغَوْا فِی الْبِلادِ، فَأَکْثَرُوا فِیهَا الْفَسادَ، فَصَبَّ عَلَیْهِمْ رَبُّکَ سَوْطَ عَذابٍ، إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصادِ" «5»

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" ترفه".

(2)مجمع البیان، ج 5، ص 29.

(3)دیواری یافتند که می خواست خراب شود. سوره کهف، آیه 77.

(4)اگر شکر بگزارید قطعا نعمتهایتان را زیادتر می کنم و اگر کفران کنید مسلمان عذاب من شدید است. سوره ابراهیم، آیه 7.

(5)کسانی که در بلاد طغیان ورزیده در آنها فساد را زیاد کردند، پس پروردگارت تازیانه عذاب را بر ایشان فرود آورد که پروردگار تو در کمین گاه است. سوره فجر، آیه 11- 14.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 82

[وجوه مختلفی که در توضیح و توجیه جمله:" أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها ..." ..... ص : 82

و اینکه فرمود:" ما به مترفین آن قوم دستور دادیم تا در آن قریه ها فسق و فجور کنند" با اینکه از کلام خدای تعالی این معنا را می دانیم که هرگز امر تشریعی به فسق و فجور نکرده و بلکه صریحا فرموده:" قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ" «1»، لذا می فهمیم که این امر، امر تشریعی نبوده.

و اما تعلق نگرفتن امر تکوینی، به معصیت، از آن جهت که معصیت است نیز واضح است بلکه واضح تر از امر تشریعی است، زیرا اگر خداوند امر تکوینی به عملی کند، آن عمل، ضروری شده و دیگر متعلق به اختیار کسی نمی شود، و وقتی عملی اختیاری انسان نشد انجامش معصیت نیست، هم چنان که قرآن کریم در معنای امر تکوینی خداوند فرموده است:

" إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ" «2».

بنا بر این اگر متعلق امر، در جمله" امرنا" اطاعت باشد، امر به معنای حقیقی یعنی امر تشریعی خواهد بود، یعنی امری که با زبان پیغمبرشان به ایشان ابلاغ شده، پیامبری که مبعوث شدنش برای انذار ایشان به عذاب خدا در صورت مخالفت امر او بوده است، و قبلا هم اشاره کردیم که اصولا این شان یعنی انذار مردم از مختصات فرستادگان خداست.

پس قوم هر پیغمبری اگر مخالفت کنند و از امر پروردگارشان فسق بورزند، قول عذاب برایشان محقق می شود، یعنی مبتلا به عذاب و هلاکت می گردند.

و اگر متعلق امر در جمله مورد بحث، فسق و معصیت باشد، مقصود از امر این خواهد بود که ما نعمت را برایشان افاضه نموده و بر سبیل املاء و استدراج فراوانش کردیم تا بدین وسیله دسترسیشان به فسق بیشتر گشته و فسق را از حد بگذرانند و قول بر آنان محقق گردد تا عذاب نازل شود.

این دو وجه بود که با هر یک از آنها جمله" امرنا ..." را می توان توجیه نمود.

اما وجه اول از دو جهت بعید است، یکی اینکه خلاف ظاهر است، چون ظاهر اینکه می گوئیم:" دستورش دادم و او چنین و چنان کرد" این است که دستور به عین همان عملی که او کرده صادر شده است، و در آیه مورد بحث هم ظاهر این است که امر به خود فسق تعلق گرفته باشد، نه به طاعت.

دوم اینکه تا همه اهل یک شهر فسق نورزند بلای عمومی نازل نمی شود، و با این حال وجهی نیست که امر تنها متوجه مترفین شود.

__________________________________________________

(1)بگو خداوند امر به فحشاء نمی کند. سوره اعراف، آیه 28.

(2)و چون چیزی را اراده کند بگوید باش بی درنگ خواهد شد. سوره یس، آیه 82.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 83

زمخشری در توجیه این امر گفته است: امر در اینجا حتما امری است مجازی، زیرا وقتی امر حقیقی می بود که به ایشان فرموده باشد:" افسقوا- فسق بورزید" و چون چنین امری معقول و ممکن نیست، لا جرم امر مجازی خواهد بود، و اما وجه مجازیت آن این است که از آنجایی که خداوند نعمت را بر آنان بسیار کرده و وسیله پیروی شهوات را بر ایشان فراهم نموده پس گویی که ایشان ماموریت داشته اند که نعمت های خدا را در اینکار صرف کنند.

ولی حقیقتش این است که خداوند نعمت را برای این ارزانیشان داشت که شکرگزاری نموده و در راه خیر صرف کنند، و متمکن از احسان و نیکی باشند، هم چنان که ایشان را صحیح و سالم و نیرومند آفرید و متمکن در خیر و شرشان کرد، و از ایشان خواست تا خیر را بر شر و اطاعت را بر معصیت مقدم بدارند، ولی ایشان فسق و فجور را مقدم داشتند، و چون دست و دامن بدان بیالودند" قول" که همان کلمه عذاب باشد برایشان استقرار یافت، و نابودشان کرد.

و اگر بگویی که چرا آیه را چنین معنا نکنیم که" ما ایشان را به اطاعت امر کردیم و ایشان فسق ورزیدند"؟ در جواب می گوئیم بدین جهت نمی توانیم که چنین معنا کردن مستلزم حذف چیزی است که در آیه دلیل و قرینه ای بر آن نیست و چنین حذفی جایز نمی باشد چه رسد به حذف چیزی که دلیل بر خلاف آن هست.

به خلاف اینکه مامور به که حذف شده همان فسق باشد که کلمه" فسقوا" بر آن دلالت دارد، و اینگونه تعبیر بسیار است، مثلا گفته می شود: امرش کردم پس ایستاد، یا دستورش دادم خواند، که غیر از این از آن فهمیده نمی شود که مامور به حذف شده در اولی ایستادن و در دومی همان قرائت است، و اگر چیز دیگری در تقدیر بگیریم در حقیقت از شنونده خود علم غیب توقع کرده ایم.

البته این معنا را در مثل" او را دستور دادم نافرمانیم کرد" و یا" او را امر کردم امرم را امتثال نکرد" نمی گوئیم، زیرا هیچ عاقلی مامور خود را امر به نافرمانی نمی کند، و چون محال است چنین معنایی مورد نظر گوینده باشد از این جهت کلام گوینده هم دلالت بر آن ندارد، بلکه صاحب چنین کلامی منظورش این است که من اصلا مامور ندارم و خطم را نمی خوانند، من فلانی را امر کردم ولی او اطاعتم نکرد، مثل اینکه بعضی از سفیهان و دیوانگان بدون اینکه ماموری داشته باشند امر و نهی می کنند.

خواهی گفت: با اینکه می دانیم خداوند امر به فحشاء نمی کند و همواره به خیر و عدالت امر می کند چرا همین معنا قرینه بر این نباشد که مقصود از جمله" امرنا ..."، این باشد ترجمه المیزان، ج 13، ص: 84

که ما مترفین آن قریه ها را امر به خیر کردیم ولی ایشان عصیان ورزیدند؟.

در جواب می گوییم: این حرف صحیح نیست، زیرا تقدیر گرفتن کلمه" بخیر" تقدیر گرفتن چیزیست که ظاهر عبارت" فسقوا" مخالف آنست، بنا بر این جز همان راه که گفتیم که باید کلام مورد بحث را، حمل بر مجاز کرد چاره دیگری نداریم «1».

و این کلام در توجیه جمله مورد بحث و اینکه چگونه فسق مامور به شده است حرف خوبی است، و لیکن آن طور که ایشان ادعا کرده اند که آیه شریفه صریح در این معنا است و احتمال دیگری وجود ندارد، صحیح نیست.

همانطور که آن وجه محتمل است بیان ما نیز محتمل است، چرا صحیح نباشد که بگوئیم در جمله" امرش کردم پس نافرمانی کرد" به قرینه اینکه" عصیان" منافی با" امر" است، مامور به" اطاعت" بوده و تقدیر چنین باشد که" من او را به اطاعت امر کردم ولی او فسق ورزید" چون فسق همان عصیان و خروج از زی بندگی است، و یا چرا صحیح نباشد بگوئیم که فعل" امرنا" در آیه شریفه در لازمه معنای خود استعمال شده، و معنای آن این است که امر ما متوجه مترفین شد، و ایشان در آن فسق ورزیدند.

بنا بر این انصاف این است که هم توجیه ما متحمل است، و هم توجیه زمخشری، و هیچیک هم اشکالی ندارد، جز اینکه توجیه ما صرف احتمال نیست، بلکه بهره ای از ظهور نیز دارد.

بعضی «2» دیگر از این سؤال که چرا امر فقط متوجه مترفین شده، چنین پاسخ داده اند که چون ایشان رؤسا و زمامداران قوم بوده اند، و دیگران از ایشان پیروی می کردند، و معلوم است که حکم تابع حکم متبوع او است، ولی این جواب بی اشکال نیست.

بعضی «3» دیگر گفته اند: جمله:" امرنا ..." صفت قریه است، نه جواب کلمه" اذا" و جواب کلمه مزبور حذف شده است، هم چنان که در آیه" حَتَّی إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها" حذف شده، و جهت حذف آن این بوده که حاجتی به ذکرش نبوده، و کلام بر آن دلالت می کرد.

عده ای «4» دیگر گفته اند که در آیه، تقدیم و تاخیر به کار رفته و تقدیرش چنین است" و اذا امرنا مترفی قریة ففسقوا فیها اردنا ان نهلکها- و چون مترفین هر شهری را امر کنیم و ایشان

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 654. [.....]

(2 و 3 و 4)روح المعانی، ج 15، ص 44 و 45.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 85

در امر ما فسق بورزند اراده می کنیم هلاکشان سازیم" چون اراده هلاکت قبل از آنکه جهتش محقق شود معنا ندارد، این وجه مانند وجه قبلیش سخیف و بی اساس است.

همه این توجیهات بر تقدیریست که آیه را به قرائت معروف که جمله" امرنا" را با همزه و بعد از آن میم بدون تشدید قرائت نموده اند قرائت کنیم و آن را از ماده" امر" که به معنای طلبیدن است بدانیم، ولی چه بسا که آن را به معنای اکثار دانسته اند، و گفته اند معنایش این است که مال و اولاد مترفین را زیاد کردیم، و ایشان در آن شهر فساد راه انداختند.

و بعضی «1» دیگر آن را به صورت" امرنا" قرائت کرده و به علی (ع) و به عاصم و ابن کثیر و نافع و غیر ایشان نسبتش داده اند که از ماده" ایمار" و به معنای زیاد کردن مال و نسل است، بعضی «2» دیگر آن را به صورت" أمرنا" با تشدید میم از مصدر تامیر به معنای تولیت و عهده داری امارت قرائت کرده و به امام علی و امام حسن و امام باقر (ع) و به ابن عباس و زید بن علی و غیر ایشان نسبتش داده اند.

" وَ کَمْ أَهْلَکْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَ کَفی بِرَبِّکَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً".

در مفردات گفته است: کلمه" قرن" به معنای مردمی است که در یک زمان زندگی کنند و از جهت عصر و زمان مشترک باشند، و جمع آن قرون می آید، هم چنان که در قرآن فرمود:" وَ لَقَدْ أَهْلَکْنَا الْقُرُونَ" و نیز فرموده:" کَمْ أَهْلَکْنا مِنَ الْقُرُونِ" «3» و معنای آیه روشن است که می خواهد مطلب گذشته در آیه قبل را تثبیت نموده و با اشاره به قرون گذشته هلاک شده، بفهماند که هلاک ساختن اهل قریه ها و دیارها یکی از سنت های جاریه خداوندی است.

و این آیه خالی از اشعار به این معنا نیست که سنت هلاک ساختن از زمان نوح در میان قرون بشری شروع شده است، و همین طور هم هست قبلا هم در تفسیر آیه:" کانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِیِّینَ" «4»، در جلد دوم این کتاب گفتیم که جامعه انسانی، قبل از زمان نوح (ع) یک جامعه ساده فطری بوده است و بشر جز آنچه را که به فطرت خود می یافته درک نمی کرده است و بعد از آمدن نوح بود که اختلافات در میان بشر پیدا شد.

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 44 و 45.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 44.

(3)مفردات راغب، ماده" قرن".

(4)مردم امت واحده ای بودند خداوند پیغمبران را مبعوث کرد. سوره بقره، آیه 213.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 86

" مَنْ کانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِیها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِیدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ یَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً".

کلمه" عاجلة" صفت است برای موصوفی که حذف شده و بعید نیست که موصوفش حیات (زندگی) باشد، به قرینه اینکه مقابل آن را در آیه بعد، آخرت آورده است.

بعضی «1» هم گفته اند که مراد از" عاجلة" نعمت های عاجله است، بعضی «2» نیز گفته اند که متاع دنیای عاجل است.

و مفردات در معنای" یصلیها" گفته است که اصل این کلمه" صلی" و به معنای گیراندن آتش است، آن گاه از خلیل نقل کرده که گفته است: معنای" صلی الکافر النار" این است که کافر حرارت آتش را چشید. و به همین معنا است جمله" یَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِیرُ" و بعضی گفته اند" صلی النار" به معنای" داخل آتش گشت" می باشد و" اصلی النار" یعنی:

" دیگری را در آتش انداخت" هم چنان که در قرآن کریم آمده است:" فَسَوْفَ نُصْلِیهِ ناراً" «3».

و در مجمع البیان گفته:" مدحور" از ماده" دحر" به معنای دور کردن است: و مدحور یعنی مطرود و دور شده. اینکه گفته می شود" اللهم ادحر عنا الشیطان- یعنی خدایا شیطان را از ما دور کن" «4».

خداوند متعال بعد از آنکه سنت خود را در تعذیب دنیوی، پس از دعوت رسالت، بیان نمود و متذکر شد که همواره امتهای انسانی را به سوی ایمان و عمل صالح راهنمایی می کند، و در آخر اگر به فساد و افساد پرداختند رسولی می فرستد، و اگر باز هم طغیان و فسق ورزیدند به عذاب دسته جمعیشان مبتلا می سازد، اینک در این آیه به بیان سنتش در عذاب اخروی و ثواب آن می پردازد، در یک آیه بعد، عذاب اخروی را و در آیه بعد از آن، ملاک ثواب اخروی را و در آیه ای دیگر خلاصه گفتار و اصل کلی در این باب را بیان می فرماید.

[مراد از عاجله در ایه" مَنْ کانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ"] ..... ص : 86

پس اینکه فرمود:" مَنْ کانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ" معنایش این است که هر کس حیات عاجله یعنی زندگی دنیا را بخواهد یعنی متاعی را از دنیا طلب کند که نفس از آن ملتذذ و قلب بدان علاقمند است، و تعلق قلب به حیات عاجله و طلب آن، وقتی تعلق و دنیاطلبی است که فقط حیات عاجله را بخواهد، اما اگر دنیا را از این نظر بخواهد که وسیله نیل به

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 407.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 46.

(3)مفردات راغب، ماده" صلا".

(4)مجمع البیان، ج 6، ص 406.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 87

سعادت اخروی است، این در حقیقت دنیاطلبی نیست، بلکه اراده آخرت و عقبی طلبی است.

از آنجا که به آخرت نمی توان رسید مگر از راه دنیا، لذا به هر انسانی که این راه را طی کند نمی شود گفت دنیا طلب مگر آنکه از آخرت اعراض نموده و به کلی آن را فراموش کند و در نتیجه اراده و حواسش خالص برای دنیا شود، هم چنان که کلمه" کان" در جمله" مَنْ کانَ یُرِیدُ" که استمرار را افاده می کند نیز این معنا را می رساند.

آری طالب دنیا کسی است که معتقد به زندگی دیگری غیر این زندگی دنیا نباشد، و در نتیجه اعتقاد به نبوت و توحید را لغو بپندارد، زیرا که اگر اعتقاد به معاد نباشد، دیگر ایمان به خدا و فرستادگان او و تدین به دین اثری نخواهد داشت.

هم چنان که خدای تعالی فرمود:" فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّی عَنْ ذِکْرِنا وَ لَمْ یُرِدْ إِلَّا الْحَیاةَ الدُّنْیا ذلِکَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ" «1».

و اینکه فرمود" عَجَّلْنا لَهُ فِیها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِیدُ" معنایش این است که ما هم آنچه را که او می خواهد فورا به او می دهیم، البته نه هر قدر که او می خواهد، بلکه هر قدر که ما بخواهیم، پس امر به دست ما است نه به اختیار او، و اثر هر چه هست در اراده ما است نه در اراده او، تازه این روش را در باره همه دنیاطلبان اعمال نمی کنیم، بلکه در حق هر کس که خواستیم به کار می بندیم، پس اراده اشخاص از هیچ جهت حاکم بر اراده ما نیست، و این تنها اراده ما است که در ایشان حکومت می کند.

و چون اراده فعلی خدای عز و جل نسبت به هر چیز عبارتست از فراهم شدن اسباب خارجی و رسیدن آن به حد علیت تامه، لذا باید گفت که آیه شریفه دلالت بر این دارد که هر انسان دنیا طلب از دنیا آن مقداری که اسباب اقتضاء کند، و عواملی که خداوند در عالم به جریان انداخته و به تقدیر خود هر کدام را اثری داده، مساعدت نماید رزق می خورد، پس دنیا طلب جز به قسمتی از خواسته هایش نمی رسد و فقط به پاره ای از آنچه که می خواهد و به زبان تکوین مسئلت می نماید نائل می شود، لیکن جز آن مقدار که خداوند اسباب را به سویش جریان بیندازد نائل نمی گردد." وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِیطٌ".

خدای سبحان این حقیقت را در آیه ای دیگر به زبانی دیگر بیان کرده و فرمود:" وَ لَوْ

__________________________________________________

(1)تو هم ای رسول از هر کس که از یاد ما روی گردانید و جز زندگانی دنیا را نخواست به کلی اعراض کن. منتهای علم و فهم این مردم تا همین حد است خدا بحال آن کس که از راه حق گمراه شد آگاه است. سوره نجم، آیه 29 و 30.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 88

لا أَنْ یَکُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ یَکْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُیُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَیْها یَظْهَرُونَ وَ لِبُیُوتِهِمْ أَبْواباً وَ سُرُراً عَلَیْها یَتَّکِؤُنَ وَ زُخْرُفاً وَ إِنْ کُلُّ ذلِکَ لَمَّا مَتاعُ الْحَیاةِ الدُّنْیا" «1» یعنی اگر نبود یک نواخت زندگی کردن مردم، و اینکه همه محکوم به قانون اسباب و عللند، و در این قانون فرقی میان مؤمن و کافر نیست و هر یک از این دو فریق به عوامل غنی و ثروت مصادف شود ثروتمند گشته و هر یک به عوامل مخالف آن برخورد کند فقیر می شود، چه مؤمن و چه کافر، ما کفار را به مزید نعمتهای دنیوی اختصاص می دادیم، چون نعمتهای دنیوی در نزد ما و در بازار آخرت ارج و قیمتی ندارد.

این بود معنایی که ما برای" اراده عاجله" کردیم، بعضی دیگر «2» گفته اند: مقصود از خواستن عاجله، این است که انسان هر چه می کند مقصودش طلب دنیا باشد نه آخرت، چنین کسی در آخرت از پاداش نیک اعمالش بی بهره است، و لیکن این قیدی است که آیه را بدون دلیل، مقید بدان کرده اند و بعید نیست این معنی را از آیه:" مَنْ کانَ یُرِیدُ الْحَیاةَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها نُوَفِّ إِلَیْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِیها وَ هُمْ فِیها لا یُبْخَسُونَ أُولئِکَ الَّذِینَ لَیْسَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ" «3» گرفته باشد، غافل از اینکه این آیه با آیه مورد بحث، دو غرض مختلف را دنبال می کنند، به این صورت که آیه مورد بحث در مقام بیان این معنا است که" طالب دنیا از سعی و کوشش جز همان دنیا بهره نمی برد" و آیه سوره هود در این مقام است که بفهماند" انسان جز عملش بهره دیگری ندارد"، یعنی اگر طالب دنیا باشد همان دنیا را به او می رسانند، و فرق میان این دو غرض روشن و واضح است (دقت بفرمائید).

و معنای جمله" ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ یَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً" این است که ما جهنم را جزای او در آخرت قرار دادیم تا حرارت آن را بچشد آنهم در حالی که مذموم و دور از رحمت باشد، و این دو قید، یعنی قید مذموم و دوری از رحمت می فهماند که وی" مخصوص به جهنم" و" محروم از مغفرت و رحمت" است.

__________________________________________________

(1)و اگر نه این بود که مردم همه نوع و یک امتند ما آنان که کافر به خدا می شوند (به مال فراوان) سقف خانه هایشان را از نقره خام قرار می دادیم و (چندین طبقه که بر سقف با) نردبان بالا روند و نیز بر منزلهایشان (از بزرگی و وسعت) درهای بسیار و تختهای زرنگار که بر آن تکیه زنند قرار می دادیم و (عماراتشان را) به زر و زیور می آراستیم و اینها همه متاع (پست فانی) دنیاست. سوره زخرف، آیه 33- 35.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 46.

(3)کسانی که طالب تعیش مادی و زینت و شهوات دنیوی هستند، ما مزد سعی آنها را در کار دنیا، کاملا می دهیم و هیچ از اجر عملشان کم نخواهد شد. (ولی) هم اینان هستند که دیگر در آخرت نصیبی جز آتش دوزخ ندارند. سوره هود، آیه 15 و 16.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 89

و این آیه هر چند که وضعیت دنیاطلبان و غافلان از آخرت را بیان می کند، و لیکن باید بدانیم که مراتب دنیاطلبی و انکار آخرت مختلف است، یکی هم از ناحیه زبان چنین است و هم از ناحیه عمل، و دیگری در مرحله عمل چنین است هر چند لسانا به نشاه آخرت گواهی می دهد، جمله" وَ لَلْآخِرَةُ أَکْبَرُ دَرَجاتٍ ..." که به زودی می آید نیز این اختلاف را تصدیق می کند.

" وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعی لَها سَعْیَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِکَ کانَ سَعْیُهُمْ مَشْکُوراً".

راغب می گوید:" سعی" به معنای راه رفتن به سرعت است، البته نه به آن حدی که دویدن شمرده شود، و در حدیث در هر کار (چه خیر و چه شر) استعمال می شود «1».

در باره جمله" وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ" بیان ما همان است که در جمله" مَنْ کانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ" گذشت، اشکال ما هم به کلام مفسری که «2» گفته است:" معنای اینکه فرموده:" وَ مَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ" این است که آن کس که با عمل خود آخرت را طالب باشد". همان اشکالی است که در گفتار مفسر در معنای جمله" مَنْ کانَ یُرِیدُ الْعاجِلَةَ" گذشت.

حرف" لام" در جمله" وَ سَعی لَها سَعْیَها" برای اختصاص است و همچنین اضافه" سعی" به" ضمیر آخرت" اختصاص را می رساند و چنین معنا می دهد که" هر که کوشش کند و مجدانه کوشش کند و کوششی کند که مختص به آخرت است" و از این معنا چنین استفاده می شود که سعی برای آخرت باید طوری باشد که لایق به آن باشد، مثل اینکه کمال جدیت را در حسن عمل به خرج دهد و حسن عمل را هم از عقل قطعی و یا حجت شرعی گرفته باشد، و معنای جمله" وَ هُوَ مُؤْمِنٌ" این است که این سعی را در حالی کند که ایمان به خدا داشته باشد، و این خود مستلزم توحید و ایمان به نبوت و معاد است، زیرا کسی که اعتراف به یکی از این سه اصل نداشته باشد خدای سبحان او را در کلام مجیدش مؤمن به خود نمی داند، و آیات قرآنی در این باره بسیار است.

به فرض اینکه از آیات مذکور هم که چشم پوشی کنیم تقیید به جمله" وَ هُوَ مُؤْمِنٌ" برای رساندن این معنا کافی است، زیرا کسی که آخرت بخواهد و کارهای مخصوص به آن را مجدانه انجام دهد قطعا ایمان به خدا و به ورای دنیا دارد.

و اگر تقیید مذکور به منظور رساندن صحت ایمان، که خود مستلزم اعتقاد به توحید و

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" سعی". [.....]

(2)روح المعانی، ج 15، ص 47.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 90

نبوت است نبود، هیچ وجه دیگری برای آن متصور نمی شد، پس تنها تقیید به" ایمان"، به سایر آیات قرآنی در این باره کمک می کند.

و معنای جمله" فَأُولئِکَ کانَ سَعْیُهُمْ مَشْکُوراً" این است که خداوند عمل چنین کسانی را به بهترین وجه قبول نموده و کوشش آنان را می ستاید و ستایش خدا در برابر عمل بنده، عبارت است از تفضل او بر بنده اش.

آری همین که خداوند پاداش نیک به بنده اش می دهد، تفضلی است بر بنده اش و گرنه وظیفه بنده، بندگی مولای خویش است، و نباید خود را طلبکار مولایش بداند، پس ثواب دادن، تفضل مولا است، و ثنا خواندنش بر بنده، تفضلی است دیگر (وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ).

[اعمال آدمی اسباب اخروی هستند و بر خلاف اسباب دنیوی تخلف ناپذیرند] ..... ص : 90

این دو آیه دلالت بر این دارند که اسباب اخروی عبارتند از اعمال و بس، و اعمال سببهایی هستند که هرگز از غایات و نتایج خود تخلف ندارند، به خلاف اسباب دنیوی که تخلف پذیرند زیرا در باره اسباب اخروی فرموده است:" فَأُولئِکَ کانَ سَعْیُهُمْ مَشْکُوراً" و در باره اسباب دنیوی فرموده" عَجَّلْنا لَهُ فِیها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِیدُ" پس هر قدر می خواهیم و برای هر کس که بخواهیم.

" کُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً".

راغب در مفردات می گوید: کلمه" مد" در اصل بمعنای کشیدن است، و به همین جهت است که زمان ممتد را مدت گویند، طولانی بودن زخم را" مدت الجرح" و کشیدن نهر را" مد النهر" و پیوستن نهری به نهری دیگر را" مد النهر بالنهر" گویند، و چشم به چیزی دوختن را" مد" گویند، و قرآن کریم فرموده:" لا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ- چشم های خود را ندوز ..."

و نیز می گویند:" مددته فی غیه- او را در گمراهیش امتداد دادم" و لشگر را با مدد امداد کردم، و فلان شخص را با غذا مدد دادم، و کلمه" امداد" بیشتر در" محبوب و نیکی ها" و کلمه" مد" در" مکروه و بدی ها" استعمال می شوند، لذا در قرآن کریم آمده:" وَ أَمْدَدْناهُمْ بِفاکِهَةٍ وَ لَحْمٍ مِمَّا یَشْتَهُونَ- ایشان را به میوه و گوشت از هر قسمش که میل داشتند امداد کردیم" و در مکروه مد را به کار برده فرموده:" وَ نَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا" و نیز فرموده:" وَ یَمُدُّهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ- ایشان را در طغیانشان مدد می کنیم" و نیز فرموده:" وَ إِخْوانُهُمْ یَمُدُّونَهُمْ فِی الغَیِّ- و برادرانشان ایشان را در گمراهی نگه می داشتند" این بود گفتار راغب، البته با تلخیصی از ما «1».

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" مد".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 91

پس می توان گفت که امداد و مد هر چیز به این است که از نوع خودش بدان اضافه کنیم تا بدین وسیله وجود و بقایش امتداد یابد، که اگر این اضافه را نکنیم وجودش قطع می شود، مانند چشمه آب که از منبع زیر زمینی خود مدد گرفته و لحظه به لحظه به آن اضافه می شود، و در نتیجه جریانش امتداد می یابد.

خدای سبحان هم که انسان را در عملش (چه دنیوی چه اخروی) امداد می کند در حقیقت به همین معنا است، زیرا تمامی وسائل عمل و آنچه که عملش در تحققش محتاج بدان است از قبیل علم و اراده و ابزار بدنی و قوای فعاله و مواد خارجی که عمل روی آنها واقع می شود، و عامل با عمل خود در آنها تصرف می کند، و همچنین اسباب و شرائط مربوط به عمل و به مواد، همه و همه اموری تکوینی هستند که آدمی خودش در خلقت و فراهم نمودن آنها دخالت ندارد، و اگر یکی و یا همه آنها نباشد، عمل انسان هم تحقق نخواهد یافت، این خدای سبحان است که به فضل خود آنها را افاضه فرموده و وجود و بقاء آدمی را امتداد می دهد، آری اگر عطای او منقطع شود عمل هر عاملی از او منقطع می گردد.

[بیان اینکه دنیا طلبان در اعمال دنیوی، و عقبی طلبان در اعمال اخروی مستمد از عطای خداوندند] ..... ص : 91

پس اهل دنیا در دنیای خود و اهل آخرت در آخرت خود از عطای خدا استمداد می کنند، و در این عطا کردن چیزی جز حمد عاید خدای سبحان نمی شود، آری هر چه او عطا می کند انعامی است بر آدمی که آن را در موضع نیکو و موردی که پروردگارش راضی باشد استعمال کند، و اما اگر فسق بورزد و آن نعمت را در آن مورد نیکو استعمال نکند در حقیقت کلمه خدا را از جای خود تحریف کرده و نباید جز خود کسی را ملامت کند، به هر حال خداوند مستحق ثنای جمیل می باشد و حجت بالغه او تمام است.

پس اینکه فرمود:" کلا نمد" معنایش این است که ما هر دو فریق را (چه آنها که برایشان عجله می کنیم و چه آنها که شکر سعیشان را می گذاریم) امداد می نماییم و اگر مفعول" نمد" که کلمه" کلا" باشد (با اینکه باید بعد از فعل بیاید) قبل از فعل آورده شده، بدین جهت بوده است که بفهماند نسبت به آن عنایتی است، و مقصود بیان عمومیت امداد نسبت به هر دو فریق است.

و اینکه به یک یک آن دو گروه اشاره کرد و فرمود:" هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ" یعنی این دسته که برایشان عجله می شود و این دسته که سعیشان شکرگزاری می گردد، برای این بود که بفهماند هر کدام از آنها وضعی مخصوص بخود دارند، و نتیجه معنا چنین می شود که هر یک از این دو فریق در تحت تربیت الهی قرار داشته و از عطاء خدا برایشان افاضه می شود، بدون هیچ تفاوت، جز اینکه یکی از این دو دسته نعمت اللَّه را در طلب آخرت مصرف نموده و خدا

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 92

هم سعیش را شکرگزاری می کند و دیگری آن را در طلب دنیای عاجله مصرف نموده و آخرت.

را فراموش می نماید، و از سعیش جز بدبختی و خسران برایش نمی ماند.

و اگر مدد به هر دو را از عطاء پروردگار خواند و فرمود:" مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ" برای این بود که گفتیم هر دو گروه در تمامی آنچه که در عمل خود از آنها استفاده می کنند از عطاء پروردگار برخوردارند، و از خود آنان نیست، آری نه خود آنان در وجود آنها دخالت دارند و نه مخلوقی دیگر، بلکه تنها خدای سبحان است که مالک و ایجاد کننده آنها است، پس همه آنها از عطای او است.

از این قید، وجه آن پاداشی هم که برای هر یک از دو گروه ذکر فرمود استفاده می شود، زیرا وقتی بنا شد که اعمال هر دو گروه به امداد خدای عز و جل و فقط از عطاء او باشد پس جا دارد و سزاوار است که هر کس نعمت او را در کفر و فسق مصرف کند به آتش افتاده و مذموم و مدحور باشد، و هر کس که آنها را در ایمان و اطاعت خدا مصرف کند سعیش مشکور باشد.

در اینکه سیاق را از تکلم با غیر (نمد) به غیبت تغییر داده و فرمود" عطاء ربک" و نفرمود:" من عطاءنا" و کلمه" ربک" را هم تکرار نمود، این نکته استفاده می شود که امداد ایشان از شؤون ربوبیت است، و هر چند جز خدای سبحان برای کسی ربی نیست و لیکن از آنجایی که بت پرستان برای بتهای خود ربوبیت قائل بودند لذا ربوبیت خدای سبحان را به پیغمبر گرامیش نسبت داده فرمود:" ربک".

و معنای جمله:" وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً" این است که عطاء پروردگار تو ممنوع نیست، چون کلمه:" حظر" به معنای منع است، پس اهل دنیا و اهل آخرت هر دو از عطای او استمداد می کنند، و جیره خوار نعمت او و ممنون به منت های اویند.

در این آیه شریفه دلالتی است بر این حقیقت که بخششهای الهی مطلق و غیر محدود است، چون" عطاء" و همچنین" نبودن منع" را مطلق آورد، پس هر جا که محدودیت و یا تقدیر و یا منعی (به اختلاف موارد) وجود داشته باشد، همه از ناحیه شخصی است که به او بخشش می شود و بستگی به داشتن یا نداشتن استعداد او دارد و آن محدودیت از ناحیه خود خداوند که مفیض است ناشی نمی شود.

این بود آن مطالبی که از آیه شریفه به نظر ما رسید، و از جمله حرفهای عجیبی که در تفسیر این آیه گفته اند «1» و آن را به حسن و قتاده نسبت داده اند این است که: منظور از عطاء و

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 407.

مه المیزان، ج 13، ص: 93

بخشش عطاء دنیوی است، که مشترک بین مؤمن و کافر است، نه عطاء اخروی، چون عطای اخروی مخصوص مؤمنین است و بنا بر این معنای آیه چنین می شود: ما هر دو فریق و گروه را با عطایای دنیوی خود مدد می کنیم، چه آن فریق که عاجله را می خواهند و چه آن فریق که آخرت را، و عطایای دنیوی ما از هیچیک از ایشان محظور و ممنوع نیست.

و لیکن این تفسیر صحیح نیست زیرا مقید کردن" عطاء" به" عطاء دنیوی" بدون دلیل و مقید است، آن هم با اینکه این مورد، صلاحیت اطلاق را دارد، و اما این دلیلی که آورده اند که عطاء اخروی مخصوص مؤمنین است، و کفار در آن شرکت ندارند اصلا از محل بحث خارج و نسبت به زمینه گفتار اجنبی و بی ربط است، چون زمینه گفتار در آیه شریفه عبارتست از امدادی که اعمال (که منتهی به جزاء و پاداش می شوند) منتهی و مستند به آن امدادند، نه خود پاداش، و مساله عطایای مؤمنین در آخرت، از قبیل جزا و پاداش است، نه از قبیل اعمال.

علاوه بر این، چه کسی به شما گفته است که عطایای اخروی مخصوص به مؤمنین و ممنوع از کفار است، آن عطایا نیز هم چنان که قبلا هم گفتیم از احدی ممنوع نیست، و منع هر چه هست از ناحیه خود کفار است، نه از ناحیه خداوند، مانند عطایای دنیوی که گفتیم هر چه محدودیت در آنها هست از ناحیه محدود بودن استعداد مستفیض است نه از ناحیه مفیض.

آلوسی در روح المعانی گفته: تقسیمی که در این آیه شده است، حاصر (جامع افراد) و مانع اغیار نیست، و حاصر نبودنش ضرری به معنا نمی زند، اما اینکه گفتیم حاصر نیست، برای اینکه وقتی حاصر بود که هر صاحب عملی، از عمل خود یا عاجله تنها را بخواهد و یا آخرت تنها را و یا هر دو را و یا هیچ یک را، و آیه شریفه تنها متعرض دو قسم اول از این چهار قسم شده است، پس جامع افراد نیست و تازه قسم سوم به تنهایی سه قسم می شود، زیرا آن کس که از عمل خود هم دنیا را می خواهد و هم آخرت را یا آخرت در نظرش رجحان دارد و یا دنیا، و یا نظرش نسبت به هر دو مساوی است.

آن گاه بحث را در آن قسم که اراده آخرت ارجح باشد طول داده و اختلاف علما را در اینکه آیا چنین عملی قبول است یا نه، نقل کرده، در باره قبول نشدن عمل آن کس که دنیا در نظرش ارجح و یا مساوی باشد از علماء نقل کرده که متفقا گفته اند عملش قبول نیست.

و در باره قسم چهارم که نه دنیا را بخواهد و نه آخرت را گفته است چنین فرضی به نظر کسانی که معتقدند صدور فعل از قادر متوقف بر وجود داعی است محال است ولی کسانی که عمل را متوقف بر داعی نمی دانند چنین فرضی را ممکن دانسته و گفته اند عملی

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 94

که نه داعی دنیوی در آن باشد و نه اخروی، اثری در باطن ندارد و در ظاهر حرام است، «1» این بود گفتار آلوسی که البته قبل از او دیگران هم این تقسیم را کرده اند.

ولی خواننده عزیز توجه دارد که آیه شریفه در مقام بیان حکم قبول شدن و نشدن اعمال و اینکه از چه عاملی قبول و از چه عاملی مردود است نمی باشد، بلکه آیه شریفه در باره هدف و غایت انسان و تعیین غایت او به حسب نشانه زندگیش نظر دارد که یا متعلق به زندگی دنیایی است، و از آنچه می کند جز مزایای زندگی مادی دنیا منظوری ندارد و به کلی از آخرت اعراض دارد، و یا آنکه غایت و هدفش زندگی آخرت است، که لازمه اش آنست که برای خود یک زندگی جاودانه و همیشگی سراغ داشته باشد که این زندگی دائم یک طرفش مقدمه طرف دیگر است، ابتدای آن، که زندگی دنیا است مقدمه زندگی آخرت است و مقصود از زندگی دنیا همان سعادت اخروی است.

و با این حال معلوم است که آیه شریفه از آن اقسامی که وی تصور کرده جز دو قسمش را نتیجه نمی دهد، البته این هست که هر یک از این دو قسم، برای خود چند قسم دارد، چون کسی که آخرت را می خواهد یک وقت برای آن عمل هم می کند و یک وقت نمی کند مانند گنهکاران و اهل بدعت، تازه این دو طایفه یک وقت ایمان هم دارند و یک وقت ندارند و لیکن آیات قرآنی متعرض احکام یک یک آن اقسام نیست، چون مقصود بیان آن احکام نبوده بلکه مقصود تشخیص ملاک سعادت از ملاک شقاوت بوده است.

[توضیح اینکه درجات اخروی بزرگتر از درجات دنیوی است ] ..... ص : 94

" انْظُرْ کَیْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلی بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَکْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَکْبَرُ تَفْضِیلًا".

این جمله اشاره است به تفاوت درجات که از سعی و کوشش انسان ناشی می شود.

تا کسی توهم نکند که سعی بسیار و سعی اندک هر دو یکی است، و در آخرت فرقی با هم ندارند، آری اگر خداوند فرقی میان عمل کم و عمل بسیار و عمل خوب و خوبتر نگذارد در حقیقت آن ما زاد را که بیشتر و خوبتر است، شکرگزاری نکرده و مورد قبول درگاهش ننموده است.

بنا بر این، معنای" بعضهم"،" بعض الناس" خواهد بود، و از قرینه" وَ لَلْآخِرَةُ أَکْبَرُ" می فهمیم که تفضیل بعض الناس در دنیا می باشد یعنی ما بعضی از مردم را در دنیا بر بعضی دیگر برتری دادیم و برتری در دنیا به این است که مال و متاع و جاه و فرزند و نیرو و شهرت و ریاست و آقایی و مقبولیت در بین مردم که متاعهای دنیایند در بعضی بیشتر از بعضی دیگر باشد.

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 49.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 95

و معنای اینکه فرمود:" وَ لَلْآخِرَةُ أَکْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَکْبَرُ تَفْضِیلًا" این است که هم خود آخرت بزرگتر از دنیا است، و هم برتریها و امتیازاتش بزرگتر از برتریها و امتیازات دنیا است، پس کسی خیال نکند که اهل آخرت در زندگی یکسانند و نیز توهم نکند که تفاوت زندگی اهل آخرت مانند تفاوت در زندگی دنیا است، بلکه آخرت خانه ایست وسیع تر از دنیا، وسعتی که نمی شود آن را به چیزی قیاس کرد.

آری برتریهای دنیایی به خاطر اختلافی است که در اسباب مادی دنیا است، و چون این اسباب محدود است و دنیا دار تزاحم است در نتیجه برتریهای دنیا هم محدود است، به خلاف برتریهای آخرت که به خاطر اختلاف اسباب کونیه نیست، بلکه به خاطر اختلافی است که جانها و دلها در ایمان و اخلاص که از احوال قلب است، دارند و اختلاف احوال قلب وسیع تر از اختلاف احوال جسم است، وسعتی که نتوان با چیزی مقایسه کرد، هم چنان که فرمود:" إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِکُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحاسِبْکُمْ بِهِ اللَّهُ" «1»، و نیز فرموده:" یَوْمَ لا یَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَی اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِیمٍ" «2».

بنا بر این نتیجه این می شود که خدای سبحان رسول گرامی خود را دستور می دهد که فضیلتها و برتریهای اعتباری را که در میان اهل دنیا هست وسیله قرار داده و از آن برتریها به برتریهای درجات آخرت پی ببرد، چون برتریها باعث اختلاف ادراکات باطنی و نیات و اعمال می شود، آری هر چه قدرت بیشتر شد عملهای بیشتری برای انسان مقدور می شود، و هر چه آن کم شد این نیز کم می گردد، و همین اختلاف باعث اختلاف درجات آخرت خواهد شد.

" لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا".

در مفردات می گوید:" خذلان" بدین معنا است که آن کس که آدمی احتمال می دهد او را یاری کند در هنگام احتیاج یاری نکند «3».

و این آیه به منزله نتیجه ای برای آیات قبل است که سنت خدا در بندگانش را یادآور بود، و به این معنا خاتمه یافت که" هر کس از بندگان خدا دنیای عاجل را بطلبد همین طلبش او را در آخر به آتش و مذمومیت و مدحوریت منتهی می کند، و هر کس از ایشان که آخرت

__________________________________________________

(1)اگر اظهار کنید آنچه در دلها دارید و یا پنهانش کنید خداوند با آن محاسبه تان می کند. سوره بقره، آیه 284.

(2)روزی که مال و فرزندان سودی نبخشد مگر کسی که با دل سالم نزد خدا آید. سوره شعراء، آیه 89.

(3)مفردات راغب، ماده" خذل".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 96

بخواهد خداوند سعیش را و کار نیکش را شکر می گزارد".

پس معنا چنین می شود" به خدای سبحان شرک مورز، تا کارت را بدینجا نکشاند که زمین گیر شوی و از سیر به درجات قرب بمانی و خود را مذموم کنی و خدا هم که یاوری جز او نیست یاریت نکند".

بعضی «1» از مفسرین گفته اند: قعود نه به معنای بازماندن از سیر است، بلکه به معنای مذلت و عجز می باشد.

بحث روایتی [(روایاتی در ذیل برخی آیات گذشته)] ..... ص : 96

در کافی به سند خود از ابی عمرو زبیری از امام صادق (ع) روایت کرده که در تفسیر جمله:" إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ" فرموده است: کلمه" یهدی" به معنای" یدعو" است، یعنی این قرآن دعوت می کند «2».

و در تفسیر عیاشی از فضیل بن یسار از ابی جعفر (ع) روایت کرده که در ذیل آیه" إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ ..."، فرموده: مقصود از" لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ" ولایت است و به آن دعوت می کند «3».

مؤلف: این روایت از باب جری و تطبیق کلی بر مصداق است، ممکن هم هست که مقصود از آن، کمال معارف دینی باشد که نزد امام است، و بخواهد بفرماید: قرآن به سوی آن دین کامل و معارف کامله دینی که نزد امام است دعوت می کند، مؤید این احتمال این است که در بعضی از روایات دارد: قرآن به سوی امام هدایت می کند «4».

در روایت ابی الجارود از ابی جعفر (ع) نقل کرده که در ذیل آیه" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ" می فرمود: چه خیرش و چه شرش با او است، هر جا که باشد و به هیچ وجه نمی تواند از آن جدا شود، تا روزی که کتابش را که همان اعمال و کرده های او است به دستش بدهند «5».

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 53.

(2)فروع کافی، ج 5، ص 13، ح 1.

(3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 283، ح 25.

(4)برهان، ج 2، ص 409، ح 2.

(5)نور الثقلین، ج 3، ص 144، ح 105.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 97

و در همان کتاب از زرارة و حمران و محمد بن مسلم از امام ابی جعفر و امام صادق (ع) از معنای این آیه سؤال شد، فرمودند: مقصود از کتابی که در قیامت به گردن هر کسی است، همان مقدراتی است که برایش تقدیر کرده اند «1».

و نیز در همان کتاب از خالد بن یحیی از امام صادق (ع) نقل کرده که در تفسیر جمله:" اقْرَأْ کِتابَکَ ..." فرمود: بنده تمامی آنچه را که کرده بیاد می آورد، و با آنچه که در آن کتاب ضبط شده مطابق می بیند، آن چنان که گویی همین الآن آن عمل را انجام داده است، آن گاه می گوید:" یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْکِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلَّا أَحْصاها- وای بر ما این چه کتابیست که از هیچ کوچک و بزرگی (از اعمال ما) چشم پوشی نکرده، و همه را برشمرده" «2».

باز در همان کتاب از حمران از ابی جعفر (ع) نقل کرده که جمله" أَمَرْنا مُتْرَفِیها"

را" امرنا" با تشدید قرائت کرد، که به معنای" کثرنا" می باشد و فرمود: من آن را بدون تشدید نخوانده ام «3».

مؤلف: و در حدیثی دیگر از حمران از آن جناب آمده که جمله مزبور را به معنای" بزرگانشان را دستور دادیم" تفسیر فرموده «4».

و در جمله:" وَ یَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ ..." و در آیه:" وَ جَعَلْنَا اللَّیْلَ وَ النَّهارَ آیَتَیْنِ ..." در تفسیر آیه" وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ ..." از طرق شیعه و سنی از رسول خدا (ص) و علی (ع) و سلمان و غیر سلمان روایاتی آمده که چون مورد تایید کتاب و سنت نبود و دلیل عقل هم آن را تایید نمی کرد و سند معتبری هم نداشت لذا از مطرح کردن آنها خودداری نمودیم.

گفتاری در چند فصل پیرامون قضاء ..... ص : 97

فصل 1- در معنا و حدود آن: [1- معنا و حدود قضای تکوینی و تشریعی ] .... ص : 97

هیچ حادثه ای از حوادث نیست مگر آنکه وقتی با علت و سببهای مقتضای خود

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 284، ح 32.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 284، ح 33. [.....]

(3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 284، ح 34.

(4)برهان، ج 2، ص 412، ح 2.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 98

مقایسه کنیم می بینیم که یکی از دو حالت را دارد: حالتی که قبل از تمامیت علل و شرائط و همچنین قبل از ارتفاع موانع می باشد، و حالتی که بعد از آن بوقوع می پیوندد، اما حالت قبل از آن این است که نه تحقق و ثبوت برایش متعین و حتمی است و نه عدم محقق و ثبوت، بلکه نسبتش به" وجود" و" عدم" یکسان است، ممکن است موجود شود و ممکن است هم چنان در عدم بماند.

و اما حالت بعد از تمامیت علل و اسباب و فقدان همه موانع، این است که دیگر به حالت ابهام و تردد باقی نمانده، بلکه تحقق و وجود برایش حتمی و متعین است و در صورت فقدان یکی از آن دو شرط، عدم برایش متعین می شود، و تعیین وجود از خود وجود انفکاک ناپذیر است.

در افعال خارجی خود ما نیز همین حساب جریان دارد، و ما دام که اقدام به کاری نکرده ایم آن کار هم چنان در حال امکان و تردد بین" وقوع" و" لا وقوع" باقی است، و لیکن وقتی اسباب و شرائط و اوضاع مقتضی فراهم گشت و اراده و تصمیم ما هم تمام شد و دیگر حالت انتظاری باقی نماند، قهرا یکی از دو طرف" امکان" و" تردد" واقع می شود یعنی آن عمل را انجام می دهیم.

و همچنین حساب مذکور در حوادث و افعال خارجی، در اعمال اعتباری ما نیز جریان دارد، مثلا وقتی بر سر مالی بین دو نفر نزاع واقع می شود و هر کدام ادعای ملکیت آن را می کنند، مملوکیت آن مال، برای یکی از آن دو طرف امری است ممکن و مردد، ولی وقتی قرار گذاشتند که به داوری یک قاضی و حکم تن در دهند و آن قاضی حکم کرد به اینکه مال مزبور از آن فلانی است، و آن دیگری در آن حقی ندارد، قهرا حالت" امکان" و" تردد" از میان رفته و یکی از آن دو نفر به عنوان مالک معین گشته و رابطه اش با طرف دیگر قطع می شود.

بنا بر این می توان گفت که در جریان حساب مزبور در اینگونه موارد، یک قسم توسع و مجاز به کار رفته است، زیرا تعیین" قولی" (که به همان حکم حاکم و داوری او است) مانند تعیین" عملی"، فصل خصومت خارجی شمرده شده است، و این همان است که ما آن را" قضاء" و داوری می نامیم.

و از آنجایی که حوادث این عالم در وجود و تحققش مستند به خدای سبحان و در حقیقت فعل او است، لذا این دو اعتبار یعنی" امکان" و" تعیین" عینا در آنها نیز جریان می یابد، به این معنا که هر موجودی و حادثی را که خدای عز و جل نخواهد تحقق و وجود بدهد ترجمه المیزان، ج 13، ص: 99

و علل و شرائطش موجود نشده باشد به همان حالت امکان و تردد میان" وقوع و لا وقوع" و" وجود و عدم" باقی می ماند، و به محض اینکه بخواهد تحقق دهد و علل و تمامی شرایطش را فراهم سازد به طوری که جز موجود شدن حالت انتظاری برایش نماند، به آن وجود می دهد و موجودش می کند و این مشیت حق و فراهم کردن علل و شرائط، همان تعیین یکی از دو طرف است که قضای الهی نامیده می شود.

نظیر این دو اعتبار، در مرحله تشریع نیز جریان دارد، یعنی حکم قطعی خدا در باره مسائل شرعی را نیز" قضای الهی" می گوئیم و لذا در هر جا که در کلام مجیدش، اسمی از قضاء برده شده، این حقیقت به چشم می خورد، چه قضاء تکوینی مانند آیه شریفه" وَ إِذا قَضی أَمْراً فَإِنَّما یَقُولُ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ" «1» و یا آیه" فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ" «2» و یا آیه" قُضِیَ الْأَمْرُ الَّذِی فِیهِ تَسْتَفْتِیانِ" «3»، و یا آیه شریفه" وَ قَضَیْنا إِلی بَنِی إِسْرائِیلَ فِی الْکِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ" «4»، و همچنین آیات دیگر که متعرض مساله قضای تکوینی خداست.

و چه آیاتی که متعرض قضای تشریعی او است مانند آیه" وَ قَضی رَبُّکَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ" «5»، و آیه" إِنَّ رَبَّکَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فِیما کانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ" «6» و آیه" وَ قُضِیَ بَیْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِیلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ" «7»، البته قضای در این آیه و همچنین آیه قبلی اش به نوعی قضای تشریعی است و به نوع دیگر قضای تکوینی.

بنا بر این آیات کریمه مزبور- به طوری که ملاحظه می کنید صحت این دو اعتبار عقلی را امضاء نموده و موجودات خارجی را از جهت اینکه افعال خدایند قضاء و داوری خدا می داند، و همچنین احکام شرعی را از جهت اینکه افعال تشریعی خدا است و نیز هر حکم فصلی را که منسوب به اوست قضای او نامیده و این دو اعتبار عقلی را امضا نموده است.

و چه بسا مواردی که از آن به حکم و قول تعبیر کرده که البته عنایت دیگری باعث

__________________________________________________

(1)سوره بقره، آیه 117.

(2)سوره حم سجده، آیه 12.

(3)سوره یوسف، آیه 41.

(4)سوره اسری، آیه 4.

(5)سوره اسری، آیه 23.

(6)سوره یونس، آیه 93.

(7)سوره زمر، آیه 75.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 100

شده است، مانند آیه" أَلا لَهُ الْحُکْمُ" «1»، و آیه" وَ اللَّهُ یَحْکُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُکْمِهِ" «2»، و آیه" ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ" «3»، و آیه،" وَ الْحَقَّ أَقُولُ" «4».

فصل 2- نظری فلسفی در معنای قضاء: ..... ص : 100

شکی نیست در این که قانون علیت و معلولیت قانونی است ثابت و غیر قابل انکار و هر موجود ممکنی، معلول خدای سبحان است، منتهی یا بدون واسطه و یا با چند واسطه و نیز شکی نیست در اینکه وقتی معلول به علت تامه اش نسبت داده شود از ناحیه آن علت، دارای ضرورت و وجوب خواهد بود (هر چند که از ناحیه خودش نسبت امکان را داراست) چون هیچ موجودی تا واجب نشود موجود نمی گردد، و اما اگر معلول را به علتش نسبت ندهیم و با آن مقایسه نکنیم جز امکان نسبت دیگری ندارد، حال چه اینکه خودش فی نفسه و بدون مقایسه به چیزی لحاظ شود، مانند ماهیت های ممکنه، و یا آنکه با بعضی از اجزای علتش هم مقایسه شود، در هر حال ممکن است، زیرا ما دام که همه اجزای علتش تمام نشده وجودش واجب نمی گردد، و اگر فرضا موجود شود قطعا اجزای علتش تمام و خلاصه علتش علت تامه شده و این خلاف فرض است.

و از آنجا که ضرورت و وجوب، عبارت از متعین شدن یکی از دو طرف امکان است، ناگزیر ضرورت و وجوبی که بر سراسر ممکنات گسترده شده خود قضایی است عمومی از خدای تعالی، چون ممکنات این ضرورت را از ناحیه انتساب به خدای تعالی به خود گرفته اند که به خاطر آن انتساب هر یک در طرف خود وجود پیدا کرده اند، پس سایه افکندن ضرورت بر روی سلسله ممکنات، یک قضای عمومی الهی است، و ضرورت مخصوص به یک یک موجودات قضای خصوصی او است، چون گفتیم مقصود از قضاء تعیین یکی از دو طرف" امکان" و" ابهام" است.

و از همین جا معلوم می شود که صفت قضاء که خود یکی از صفات خداوندی است یکی از صفات فعلی او است نه ذاتیش، چون گفتیم از افعال او (موجودات) و به لحاظ انتسابش به او- که علت تامه است- انتزاع می گردد.

__________________________________________________

(1)سوره انعام، آیه 62.

(2)خداست که حکم می کند و حکمش را جلوگیری نیست. سوره رعد، آیه 41.

(3)نزد من قول دگرگونه نمی شود. سوره ق، آیه 29.

(4)حق را می گویم. سوره ص، آیه 84.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 101

فصل 3- روایات هم این نظریه را تایید می کنند [3- قضاء در روایات آخرین مرحله از مراحل: علم، مشیت، اراده، تقدیر و قضا می باشد] ..... ص : 101

: روایاتی که مؤید این معنا است بسیار است، از آن جمله روایتی است که برقی (در محاسن خود) از پدرش و او از ابن ابی عمیر و او از هشام بن سالم نقل کرده که گفت: امام صادق (ع) فرمود: خداوند هر چیز را که بخواهد ایجاد کند اول تقدیرش می کند و وقتی تقدیرش کرد قضایش را می راند، و وقتی قضایش را راند امضایش می فرماید «1».

و همچنین برقی (در کتاب خود) از پدرش و او از ابن ابی عمیر، و ابن ابی عمیر از محمد بن اسحاق روایت کرده که گفت: امام ابو الحسن (ع) به یونس (آزاد کرده علی بن یقطین) فرمود: ای یونس به مساله قدر نپرداز عرض کرد: من به مساله قدر زیاد نپرداخته ام، لیکن همین را می گویم که:" تنها چیزی موجود می شود که خدا اراده اش کرده باشد و مشیتش هم تعلق گرفته باشد، و نیز قضای آن را رانده و تقدیرش کرده باشد، فرمود ولی من اینطور نمی گویم، من می گویم: هیچ چیز تحقق نمی یابد مگر آنکه اول مورد مشیت خدا و سپس مورد اراده او و آن گاه قدر او و در مرحله چهارم قضای او قرار گرفته باشد، آن گاه فرمود:

هیچ می دانی مشیت چیست؟ عرض کرد: نه، فرمود: تصمیم به کاری گرفتن، هیچ می دانی اراده کردنش به چه معنا است؟ عرض کرد: نه، فرمود: به اینکه آن چیز را بر طبق مشیت خود تمام کند، آن گاه فرمود: هیچ می دانی قدرش چه معنا دارد؟ عرض کرد: نه، فرمود: قدر خدا هندسه و ابعاد دادن به موجود و تعیین مدت بقای آنست، سپس فرمود: خدا وقتی چیزی را بخواهد اول اراده می کند، و بعد تقدیرش نموده سپس قضایش را می راند، و وضعش را مشخص می کند، و وقتی کارش را یک طرفی کرد امضا و اجرایش می سازد «2».

و در روایت دیگر از یونس از همان جناب آمده که فرمود: هیچ چیزی صورت خارجی به خود نمی گیرد مگر آنکه مورد مشیت و اراده و قدر و قضای خدا قرار گرفته باشد عرض کردم:

پس معنای مشیت چیست؟ فرمود: آغاز و شروع هر فعلی، عرض کردم اراده به چه معنا است؟

فرمود: اثبات و تحقق دادن آن، پرسیدم معنای قدر چیست؟ فرمود: اندازه گیری آن از طول و عرض، عرض کردم: پس معنای قضاء چیست؟ فرمود: اگر بعد از مشیت و اراده و قدر، قضای آن را براند امضایش نموده و آن چیز وجود به خود می گیرد، و دیگر جلوگیری برایش نخواهد

__________________________________________________

(1)محاسن، ص 243، ح 235. [.....]

(2)محاسن، ص 244، ح 238.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 102

بود «1».

و در توحید صدوق از دقاق و او از کلینی و او از ابن عامر و او از معلی روایت کرده که گفت: از عالم (ع) سؤال کردند که علم خدا چگونه است؟ فرمود: اول می داند بعد مشیتش تعلق می گیرد آن گاه اراده می کند و در مرحله چهارم تقدیر نموده و سپس قضاء می راند، و در آخر امضاء می کند، پس خدای سبحان چیزی را امضاء و اجراء می کند که قضایش را رانده باشد و قضای چیزی را می راند که تقدیرش کرده باشد، و چیزی را مقدر می سازد که اراده کرده باشد، پس مشیت او به علم او، و اراده اش با مشیتش و تقدیرش با اراده اش و قضایش با تقدیرش و امضایش با قضایش صورت می گیرد، در نتیجه رتبه علم او، مقدم بر مشیت و مشیت در مرتبه دوم مقدم بر اراده و اراده در مرتبه سوم و مقدم بر تقدیر است و تقدیر به وسیله امضاء، قضا را می راند «2».

پس ما دام که قضای خدا به وسیله امضا رانده نشده در مراحل قبلی بداء هست و ممکن است از ایجاد آنچه که مورد علم و مشیت و اراده و تقدیرش تعلق گرفته صرفنظر کند، و آن را ایجاد ننماید، ولی اگر با امضاء به مرحله قضاء رسید دیگر بداء نیست.

این ترتیب که در روایت آمده و مشیت را مترتب بر علم و اراده را مترتب بر مشیت و همچنین هر یک را مترتب بر ما قبل خود دانسته ترتبی است عقلی چون عقل انتزاع به غیر این ترتیب را صحیح نمی داند.

و در همان کتاب به سند خود از ابن نباته روایت کرده که گفت: امیر المؤمنین (ع) از زیر دیواری که مشرف به خرابی بود برخاست و به دیواری دیگر تکیه داد، شخصی پرسید یا امیر المؤمنین آیا از قضای خدا فرار می کنی؟ فرمود: آری از قضای خدا به قدر او می گریزم «3».

مؤلف: آری چون قدر خدا مقدرش را حتمی نکرده و امید آن هست که آنچه تقدیر کرده واقع نشود اما قضای خدا مقتضی خود را حتمی کرده است، دیگر گریزی از آن نیست، و روایات وارد در این باب از طرق ائمه اهل بیت (ع) بسیار زیاد است.

__________________________________________________

(1)محاسن، ص 244، ح 237.

(2)توحید صدوق، ص 334، ح 9.

(3)توحید صدوق، ص 369، ح 8.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 103

بحث فلسفی [(در بیان اینکه فیض خداوند مطلق و نامحدود است و منشا اختلاف انواع و افراد اختلاف قابلیت ها است)] ..... ص : 103

در اینکه" فیض" مطلق و غیر محدود است بطوری که از آیه شریفه:" وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً" چنین استفاده می شود.

همه براهین اتفاق دارند بر اینکه وجود واجب تعالی به خاطر اینکه لذاته واجب است، مطلق است و به هیچ حدی محدود و به هیچ قیدی مقید و به هیچ شرطی مشروط نیست، و گرنه اگر محدود به چیزی می شد در پشت حد و بیرون آن وجود نمی داشت و به فرض نبودن قید و یا شرطش به طور کلی معدوم و باطل می گشت، حال که وجودش واجب فرض شد بنا بر این باید گفت: خدای تعالی واحدی است که برای وحدتش دومی نیست و مطلقی است که به هیچ قیدی مقید نمی باشد.

این معنا نیز به اثبات رسید که وجود ما سوای او هر چه که هست اثر مجعول او است، و هیچ فعلی نیست که میان آن فعل و فاعلش سنخیت نباشد، به همین جهت باید گفت از آنجایی که خدای تعالی واحد است اثر صادر از او هم واحد حقیقی است و از آنجایی که او مطلق است اثر او هم به حکم سنخیت مطلق و غیر محدود می باشد، و گرنه اگر مقید و محدود می بود لازم می آمد که ذاتش مرکب باشد از" محدود" و" حد" و یا به عبارت دیگر از وجود (در داخل حد) و عدم (در خارج آن) و به حکم سنخیت، این مناقضت ذاتی، به ذات فاعل و آفریدگارش سرایت می کرد و او هم مرکب می شد، با اینکه فرض کردیم که او واحد است و مطلق، پس وجود هم که اثر و فعل او است واحد است و مطلق، و مطلوب هم همین است.

پس این جهات اختلاف که موجودات از نظر" نقص و کمال" و" وجود و فقدان" دارند مربوط به خود آنهاست، نه به وجود آورنده و آفریدگارشان، برای اینکه این اختلافات یا:

اختلافهایی است که در اصل نوعی و یا لوازم نوعیه با هم دارند، به این معنی که نوعی چنین است و نوعی چنان یعنی در واقع منشا این اختلافات ماهیات است که قابلیت گرفتن وجود، در آنها مختلف است، مانند انسان و اسب، که هم در اصل نوع و هم در لوازم نوع با هم اختلاف دارند، یکی به اندازه معینی از وجود گرفته و دیگری بیش از آن را.

و یا اختلافی است که افراد یک نوع، در کمال و نقص با هم دارند، یکی از میان سایر افراد واجد کمالاتی می گردد، در حالی که دیگران فاقد آنند، و آنها هم که واجدند بعضی حد کامل آن را دارند، و بعضی ناقصش را، و منشا اینگونه اختلافات، به جهت اختلافی

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 104

است که در استعدادهای مادی آنها است که آن هم ناشی از اختلاف علل نهفته ای است که افاضه را از ناحیه علت و استفاضه را از ناحیه معلول فراهم می سازند.

پس آنچه را که علت مفیضه افاضه می کند اثر واحد و مطلق است، لیکن این گیرنده های فیضند که به خاطر اختلاف در قابلیت گرفتن آن فیض، فیض مذکور را بسیار می کنند، مثلا یکی بطور کلی آن فیض را نمی پذیرد، و در پی تحصیل چیزی نقیض آن فیض است، یکی دیگر قبول می کند ولی اندکی از آن را و آن دیگری همه آن را، مانند اجسام نسبت به نور آفتاب که او یک نور را که تمامی اجزایش نظیر همند افاضه می کند ولی اجسام در گرفتن و استفاده از آن مختلفند، و هر یک بر حسب قوه و استعدادی که دارد در آن نور دخل و تصرف می نماید.

حال اگر بگویی که این اختلافات یک سلسله امور واقعی و خارجی ای هستند مانند سایر موجودات و واقعیات، اگر منشای که برای آن ذکر کردی و آن را با ماهیات دانستی و یا استعدادها اگر امور وهمی بوده باشند دیگر معنا ندارد اختلاف مذکور را (که گفتیم از امور واقعی است) مستند به امور وهمی و خیالی بکنیم، و آن گاه برگشت حرف به این می شود که تنها وجود، اثر فیض حق باشد و حال آنکه شما قبلا گفتید فیض حق مطلق است، و اگر منشا آن از امور واقعی باشد نه امور وهمی، قهرا از سنخ وجود خواهند بود، و خود اصالت خواهند داشت، و باز محذور به جای خود باقی خواهد ماند زیرا منشا اختلاف هم از سنخ وجود و خود مخلوق خداست و این خلاف مدعای شما است.

در پاسخ می گوئیم: همین نظر، همه موجودات را به یک سنخ وجود برمی گرداند و دیگر اثری از اختلاف باقی نمی گذارد، آری در این نظر چیزی دیده نمی شود جز یک وجود ظلی که قائم است به وجودی واحد و اصلی، و دیگر محلی برای این بحث باقی نمی ماند.

و به عبارت دیگر تقسیم کردن موجود مطلق را به" ماهیت" و" وجود" یا به" ما بالقوه" و" ما بالفعل" باعث شده است که سلب هایی که در واقع و نفس الأمر است جلوه گر شود، و موجودات را بدو قسم" واجد و فاقد"،" مستکمل و محروم" و" قابل و مقبول" تقسیم نماید که منشاش تحلیل عقل است که اشیاء را به" ماهیت قابل وجود" و" وجود مقبول ماهیت" و همچنین" قوه فاقد فعلیت" و" فعلیت قابل قوه" تقسیم می نماید و گرنه اگر این تقسیم ها در بین نیاید برگشت همه به موجودات که آن خود یک حقیقت است خواهد بود، و دیگر جایی برای بحث از سبب اختلاف باقی نمی ماند، و اثر جاعل و فیض او همان واحد و مطلق خواهد بود، بدون هیچ کثرت و تعددی. (دقت فرمائید).

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 105

[سوره الإسراء (17): آیات 23 تا 39] ..... ص : 105

اشاره

وَ قَضی رَبُّکَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً إِمَّا یَبْلُغَنَّ عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ کِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً کَرِیماً (23) وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما کَما رَبَّیانِی صَغِیراً (24) رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما فِی نُفُوسِکُمْ إِنْ تَکُونُوا صالِحِینَ فَإِنَّهُ کانَ لِلْأَوَّابِینَ غَفُوراً (25) وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَ الْمِسْکِینَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِیراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ کانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ وَ کانَ الشَّیْطانُ لِرَبِّهِ کَفُوراً (27)

وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّکَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَیْسُوراً (28) وَ لا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إِلی عُنُقِکَ وَ لا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29) إِنَّ رَبَّکَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَقْدِرُ إِنَّهُ کانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً (30) وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ خَشْیَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِیَّاکُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ کانَ خِطْأً کَبِیراً (31) وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنی إِنَّهُ کانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِیلاً (32)

وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ کانَ مَنْصُوراً (33) وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ إِلاَّ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ حَتَّی یَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ کانَ مَسْؤُلاً (34) وَ أَوْفُوا الْکَیْلَ إِذا کِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ ذلِکَ خَیْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِیلاً (35) وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (36) وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّکَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (37)

کُلُّ ذلِکَ کانَ سَیِّئُهُ عِنْدَ رَبِّکَ مَکْرُوهاً (38) ذلِکَ مِمَّا أَوْحی إِلَیْکَ رَبُّکَ مِنَ الْحِکْمَةِ وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقی فِی جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (39)

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 106

ترجمه آیات ..... ص : 106

پروردگارت حکم قطعی کرده که غیر او را نپرستید و به والدین احسان کنید، و اگر یکی از آن دو در حیات تو به حد پیری رسید، و یا هر دوی آنان سالخورده گشتند زنهار کلمه ای که رنجیده خاطر شوند مگو و کمترین آزار به آنها مرسان و با ایشان به اکرام و احترام سخن بگو (23).

از در رحمت پر و بال مسکنت بر ایشان بگستر و بگو پروردگارا این دو را رحم کن همانطور که مرا در کوچکیم تربیت کردند (24).

پروردگار شما، به آنچه در دلهای شما است آگاه است اگر صالح باشید خداوند برای توبه گزاران غفور است (25).

حق خویشاوند و مسکین و راه مانده را بده، و اسراف و زیاده روی هم مکن (26).

چه اسرافکاران برادران شیطانهایند، و شیطان کفران پروردگار خود کرد (27).

و چنانچه از ارحام و فقیران ذوی الحقوق مذکور چون فعلا نادار هستی ولی در آتیه به لطف خدا امیدواری، اکنون اعراض می کنی و توجه به حقوقشان نتوانی کرد باز به گفتار خوش و زبان شیرین آنها را از خود دلشاد کن (28).

(در انفاق به محتاجان زیاده روی مکن) نه بخل بورز که گویی دستت را به گردنت بسته اند و نه آن چنان باز کن که چیزی (برای روز مبادا) نزد خود نگذاری آن وقت تهی دست بنشینی و خود را ملامت کنی (29).

که پروردگار تو رزق را برای هر که بخواهد توسعه می دهد و برای هر که بخواهد تنگ می گیرد.

آری او به (صلاح) بندگان خود آگاه و بینا است (30).

و فرزندان خود را از ترس فقر مکشید، ما آنان را و خود شما را روزی می دهیم، و کشتن آنان خطایی بزرگ است (31).

و نزدیک زنا مشوید که زنا همیشه فاحشه بوده و روشی زشت است (32).

و خونی را که خدا محترم شمرده مریزید، مگر آنکه کشتن او حق باشد، و کسی که بی گناهی را بکشد ما برای ولی او سلطنت و قدرت قانونی قرار داده ایم (که می تواند قاتل را بکشد) پس نباید کسی در

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 107

خونریزی از حد تجاوز کند که کشته بی گناه به وسیله قانون یاری شده (33).

به مال یتیم هم نزدیک مشوید مگر بنحوی که تصرف در آن بهتر باشد برای یتیم از تصرف نکردن، (و هم چنان مال او را نگه دارید) تا به حد رشد برسد، و (نیز) به عهد خود وفا کنید، که از عهدها نیز بازخواست خواهید شد (34).

و چون ترازوداری می کنید کیل تمام بدهید و با وزنی مستقیم و یکسان بدهید و بستانید این هم (برای دنیایتان) خوبست و هم در آخرت عاقبت بهتری دارد (35).

دنبال چیزی را که بدان علم نداری مگیر که گوش و چشم و دل در باره همه اینها روزی مورد بازخواست قرار خواهی گرفت (36).

در زمین با نخوت و غرور قدم مزن تو نه می توانی زمین را بشکافی و نه به بلندی کوه ها می رسی (خلاصه نمی توانی هر چه بخواهی بکنی) (37).

همه اینها گناهش نزد پروردگارت کیفر بد دارد (38).

اینها از جمله وحی هایی است که پروردگارت از حکمت بسویت فرستاد و (نیز) با خدای تعالی خدایانی دیگر مگیر تا ملامت زده و رانده از رحمت خدا به جهنم نیفتی (39).

بیان آیات [قضاء تشریعی خداوند به نپرستیدن جز او] ..... ص : 107

اشاره

این آیات بعضی از کلیات دین را ذکر می کند، و در حقیقت دنباله آیه شریفه" إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ ..." است.

" وَ قَضی رَبُّکَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ".

جمله" أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ" نفی و استثناء و کلمه" أن" مصدریه است، ممکن هم هست بگوئیم" لا تعبدوا" نهی و استثناء و کلمه" أن" مصدریه و یا مفسره است و به هر حال مجموع مستثنی و مستثنی منه به دو جمله تقسیم می شود، نظیر اینکه بگوئیم" او را بپرستید" و" غیر او را نپرستید" و به وجه دیگر، برگشت هر دو جمله به یک حکم است، و آن اینکه" باید او را با اخلاص بپرستید".

و این جمله چه برگشت به دو جمله کند و چه به یک جمله، در هر حال چیزی است که قضای الهی متعلق بدان شده است، البته قضای تشریعی خدا که متعلق به احکام و مسائل تشریعی می شود، و معنای یک طرفی کردن و حکم قاطع مولوی نمودن را می رساند، و این قضاء همانطور که شامل اوامر خدا می شود شامل نواهی او نیز می گردد، همانطور که احکام مثبته را

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 108

یک طرفی می کند احکام منفیه را نیز یک طرفی می کند، به همین جهت فرمود:" وَ قَضی رَبُّکَ" زیرا اگر فرموده بود:" و أمر ربک ان لا تعبدوا ..." صحیح نبود زیرا معنایش این می شد که" خدا امر کرده جز او را نپرستید" و حال آنکه نهی کرده از اینکه غیر او را نپرستند و محتاج به نوعی تاویل و تجوز می شد.

مساله" امر به اخلاص در پرستش" بزرگترین اوامر دینی، و اخلاص در عبادت از واجب ترین واجبات شرعی است، هم چنان که در مقابل، شرک ورزیدن به خدای عز و جل بزرگترین گناه است، و به همین جهت فرمود:" خدا نمی آمرزد این گناه را که بدو شرک بورزند، و پائین تر از آن را از هر که بخواهد می آمرزد".

و ما اگر یک یک معاصی را تحلیل و تجزیه کنیم خواهیم دید که برگشت تمامی گناهان به شرک است، زیرا اگر انسان غیر خدا یعنی شیطان های جنی و انسی و یا هوای نفس و یا جهل را اطاعت نکند هرگز اقدام به هیچ معصیتی نمی کند، و هیچ امر و نهیی را از خدا نافرمانی نمی کند، پس هر گناهی اطاعت از غیر خدا است، و اطاعت هم خود یک نوع عبادت است، هم چنان که در آیات زیر اطاعت شیطان را پرستش وی خوانده و فرمود:" أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یا بَنِی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ" «1» و نیز فرمود:" أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ" «2».

حتی کافری که منکر صانع است نیز مشرک است، زیرا با اینکه فطرت ساده اش حکم می کند بر اینکه برای عالم صانعی است مع ذلک امر تدبیر عالم را به دست ماده و یا طبیعت و یا دهر می داند.

و چون مساله همانطور که گفتیم مساله مهمی بود، لذا آن را قبل از سایر احکام ذکر کرد، با اینکه آن احکام هم هر یک در جای خود بسیار اهمیت دارند، مانند عقوق والدین و ندادن حقوق واجب مالی و اسراف و تبذیر و فرزندکشی و زنا و قتل نفس و خوردن مال یتیم و عهدشکنی و کم فروشی و پیروی غیر علم و تکبر ورزیدن، و با اینکه مساله اخلاص در عبادت را بر اینها مقدم داشت در آخر و بعد از شمردن اینها مجددا همین اخلاص را خاطر نشان ساخته و از شرک نهی فرمود.

" وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً".

این جمله عطف است بر جمله قبلی و معنایش چنین است" پروردگارت چنین حکم

__________________________________________________

(1)مگر با شما عهد نکردم که شیطان را پرستش نکنید؟. سوره یس، آیه 60.

(2)آیا می بینی کسی را که هوای خود را معبود خود کرد ... سوره جاثیه، آیه 23.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 109

رانده که: تحسنوا بالوالدین احسانا" و احسان در فعل، مقابل بدی و آزار است.

[نیکی کردن به والدین، از مهمترین واجبات بعد از توحید] ..... ص : 109

معلوم می شود مساله احسان به پدر و مادر بعد از مساله توحید خدا واجب ترین واجبات است هم چنان که مساله عقوق بعد از شرک ورزیدن به خدا از بزرگترین گناهان کبیره است، و به همین جهت این مساله را بعد از مساله توحید و قبل از سایر احکام اسم برده و این نکته را نه تنها در این آیات متذکر شده، بلکه در موارد متعددی از کلام خود همین ترتیب را به کار بسته.

در سوره انعام پیرامون تفسیر آیه 151 که شبیه به آیه مورد بحث است گذشت که گفتیم رابطه عاطفی میان پدر و مادر از یک طرف و میان فرزندان از طرف دیگر از بزرگترین روابط اجتماعی است که قوام و استواری جامعه انسانی بدانها است، و همین وسیله ای است طبیعی که زن و شوهر را به حال اجتماع نگهداشته و نمی گذارد از هم جدا شوند، بنا بر این از نظر سنت اجتماعی و به حکم فطرت، لازم است آدمی پدر و مادر خود را احترام کند و به ایشان احسان نماید زیرا که اگر این حکم در اجتماع جریان نیابد و فرزندان با پدر و مادر خود معامله یک بیگانه را بکنند قطعا آن عاطفه از بین رفته و شیرازه اجتماع به کلی از هم گسیخته می گردد.

" إِمَّا یَبْلُغَنَّ عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ کِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا کَرِیماً".

کلمه" اما" مرکب است از" ان" شرطیه و" مای" زائده، و اگر این ما، زائده نبود جائز نبود که نون تاکید ثقیله در آخر فعل شرط که" یبلغ" باشد، در آید، اثر ماء زائده این است که چنین کاری را تجویز می کند.

کلمه" کبر" به معنای بزرگسالی است، و کلمه" اف" مانند کلمه" آخ" در فارسی، انزجار را می رساند، و کلمه" نهر" به معنای رنجاندن است که یا با داد زدن به روی کسی انجام می گیرد و یا با درشت حرف زدن، اگر حکم را اختصاص به دوران پیری پدر و مادر داده از این جهت بوده که پدر و مادر، در آن دوران سخت ترین حالات را دارند، و بیشتر احساس احتیاج به کمک فرزند می نمایند، زیرا از بسیاری از واجبات زندگی خود ناتوانند، و همین معنا یکی از آمال پدر و مادر است که همواره از فرزندان خود آرزو می کنند، آری روزگاری که پرستاری از فرزند را می کردند و روزگار دیگری که مشقات آنان را تحمل می نمودند، و باز در روزگاری که زحمت تربیت آنها را به دوش می کشیدند، در همه این ادوار که فرزند از تامین واجبات خود عاجز بود آنها این آرزو را در سر می پروراندند که در روزگار پیری از دستگیری فرزند برخوردار شوند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 110

پس آیه شریفه نمی خواهد حکم را منحصر در دوران پیری پدر و مادر کند، بلکه می خواهد وجوب احترام پدر و مادر و رعایت احترام تام در معاشرت و سخن گفتن با ایشان را بفهماند، حال چه در هنگام احتیاجشان به مساعدت فرزند و چه در هر حال دیگر، و معنای آیه روشن است.

" وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما کَما رَبَّیانِی صَغِیراً".

کلمه" خفض جناح" (پر و بال گستردن) کنایه است از مبالغه در تواضع و خضوع زبانی و عملی، و این معنا از همان صحنه ای گرفته شده که جوجه بال و پر خود را باز می کند تا مهر و محبت مادر را تحریک نموده و او را به فراهم ساختن غذا وادار سازد، و به همین جهت کلمه جناح را مقید به ذلت کرده و فرمود:" جَناحَ الذُّلِّ" و معنای آیه این است که:

" انسان باید در معاشرت و گفتگوی با پدر و مادر طوری روبرو شود که پدر و مادر تواضع و خضوع او را احساس کنند، و بفهمند که او خود را در برابر ایشان خوار می دارد، و نسبت به ایشان مهر و رحمت دارد".

این در صورتی است که" ذل" به معنای خواری باشد، و اگر به معنای مطاوعه باشد از گستردن بال مرغان جوجه دار ماخوذ شده که از در مهر و محبت بال خود را برای جوجه های خود باز می کنند تا آنها را زیر پر خود جمع آوری نمایند، و از سرما و شکار شدن حفظ کنند.

و در اینکه فرمود:" و بگو پروردگارا ایشان را رحم کن آن چنان که ایشان مرا در کوچکیم تربیت کردند" دوران کوچکی و ناتوانی فرزند را به یادش می آورد، و به او خاطرنشان می سازد، در این دوره که پدر و مادر ناتوان شده تو بیاد دوره ناتوانی خود باش و از خدا بخواه که خدای سبحان ایشان را رحم کند، آن چنان که ایشان تو را رحم نموده و در کوچکیت تربیت کردند.

در مجمع البیان می گوید: این آیه دلالت دارد بر اینکه دعای فرزند برای پدر و مادرش که از دنیا رفته اند مسموع است، زیرا اگر مسموع نبود و برای آنها اثری نداشت معنا نداشت که در این آیه امر به دعا کند «1».

مؤلف: لیکن آیه بیش از این دلالت ندارد که دعای فرزند در مظنه اجابت است و چنین دعائی بی خاصیت نیست، زیرا هم گفتیم که ممکن است به اجابت رسد و هم اینکه ادبی است دینی که فرزند از آن استفاده می برد، و لو در موردی مستجاب نشود، و پدر و مادر از

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 410.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 111

آن بهره مند نگردند، علاوه بر این، مرحوم طبرسی دعا را مختص به حال بعد از مرگ پدر و مادر دانسته، و حال آنکه آیه شریفه مطلق است." رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما فِی نُفُوسِکُمْ إِنْ تَکُونُوا صالِحِینَ فَإِنَّهُ کانَ لِلْأَوَّابِینَ غَفُوراً".

سیاق آیات حکم می کند که این آیه نیز متعلق به مطالب آیات قبل (در باره پدر و مادر) باشد، بنا بر این باید گفت این آیه، متعرض آن حالی است که احیانا از فرزند حرکت ناگواری سرزده که پدر و مادر از وی رنجیده و متاذی شده اند، و اگر صریحا اسم فرزند را نیاورده و اسم آن عمل را هم نبرده، برای این بوده است که بفهماند همانطور که مرتکب شدن به این اعمال سزاوار نیست، بیان آن نیز مصلحت نبوده و نباید بازگو شود.

پس اینکه فرمود:" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِما فِی نُفُوسِکُمْ" معنایش این است که پروردگار شما از خود شما بهتر می داند که چه حرکتی کردید و این مقدمه است برای بعدش که می فرماید:

" إِنْ تَکُونُوا صالِحِینَ" و مجموعا معنایش این می شود که اگر شما صالح باشید و خداوند هم این صلاح را در نفوس و ارواح شما ببیند، او نسبت به توبه کاران آمرزنده است.

و در جمله" فَإِنَّهُ کانَ لِلْأَوَّابِینَ غَفُوراً" کلمه" اوابین" به معنای برگشت کنندگان به سوی خداست که در هر گناهی که می خواهند انجام دهند به یاد خدا افتاده و بر می گردند. و این تعبیر از قبیل بیان عام در مورد خاص است.

و معنایش این است که اگر شما صالح باشید و خداوند هم این صلاح را در روح شما ببیند و شما در یک لغزشی که نسبت به والدین خود مرتکب شدید به سوی خدا بازگشت کرده و توبه نمودید، خداوند شما را می آمرزد، برای اینکه او همواره در باره اوابین (و بازگشت کنندگان) غفور و بخشنده بوده است.

" وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ وَ الْمِسْکِینَ وَ ابْنَ السَّبِیلِ".

در مباحث گذشته در نظائر این آیه شریفه مطالب مربوط به آن گذشت، و از همین آیه معلوم می شود که انفاق به ذی القربی و مسکینان و در راه ماندگان از احکامی است که قبل از هجرت واجب شده است، برای اینکه این آیه مکی است و در سوره مکی قرار دارد.

" وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِیراً إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ کانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ وَ کانَ الشَّیْطانُ لِرَبِّهِ کَفُوراً".

صاحب مجمع البیان فرموده است" تبذیر" به معنای پاشیدن با اسراف است، و در واقع از بذر افشانی گرفته شده است، منتهی فرقی که با آن دارد این است که افشاندن در آنجا به منظور استفاده است و در اسراف به منظور افساد، و به همین جهت در هر جا که به منظوراصلاح باشد" تبذیر" گفته نمی شود، هر چند که زیاد باشد «1».

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 112

[اشاره به وجه اینکه فرمود: اسرافکاران برادران شیاطین هستند] ..... ص : 112

و جمله" إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ کانُوا إِخْوانَ الشَّیاطِینِ" تعلیلی است بر نهی از تبذیر، و معنایش این است که اسراف مکن زیرا که اگر اسراف کنی از مبذرین- که برادران شیطانند- خواهی شد.

و گویا وجه برادری مبذرین و اسراف کنندگان با شیطانها این باشد که اسراف کاران و شیطان از نظر سنخیت و ملازمت مانند دو برادر مهربان هستند که همیشه با همند، و ریشه و اصلشان هم یک پدر و مادر است هم چنان که آیه شریفه" وَ قَیَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ" «2»، و آیه" احْشُرُوا الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ" «3» (که مقصود از ازواج در اینجا همان قرناء در آیه قبلی است) و آیه" وَ إِخْوانُهُمْ یَمُدُّونَهُمْ فِی الغَیِّ ثُمَّ لا یُقْصِرُونَ" «4» همین معنا را می رساند.

و از همین جا معلوم می شود که تفسیر آن مفسر «5» که آیه را به قرین و دوستان شیطانها، تفسیر کرده بهتر است از تفسیری «6» که دیگری به معنای اتباع و پیروان شیطان گرفته است.

و مراد از کلمه شیطان در جمله" وَ کانَ الشَّیْطانُ لِرَبِّهِ کَفُوراً" همان ابلیس است که پدر شیطانها است، و شیطانها ذریه و قوم و قبیله او هستند، بنا بر این، لام" شیطان" لام عهد ذهنی است و همچنین می شود لام را لام جنس بگیریم که مراد از شیطان، جنس شیطان باشد و به هر حال کفر ورزیدن شیطان نسبت به پروردگار خود از این جهت است که او نعمتهای خدا را کفران نموده و آنچه از قوه و قدرت و ابزار بندگی از جانب خدا به او داده شده، همه را در راه اغواء و فریب بندگان خدا و وادار کردن آنان به نافرمانی و دعوتشان به خطاکاری و کفران نعمت مصرف می کند.

و از آنچه گذشت این معنا روشن گردید که چرا اول شیطان را به صیغه جمع (شیاطین) و بعدا به صیغه مفرد (شیطان) آورد، آیه کریمه ابتدا خواسته بفهماند که هر اسراف کننده ای برادر شیطان خویش است، پس همه اسراف کاران برادران شیطانهایند. و اما در

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 410.

(2)مبعوث می کنیم برای آنها قرین هایی از شیطانها. سوره حم سجده، آیه 25.

(3)بیاورید کسانی را که ظلم کردند و همزادهایشان را. سوره صافات، آیه 22.

(4)و (شیاطین انس و جن) برادرانشان را (یعنی مردم فاسق هواپرست را) براه ضلالت و گمراهی می کشند و در گمراه کردن بدکاران هیچ کوتاهی نمی کنند. سوره اعراف، آیه 202.

(5)مجمع البیان، ج 9، ص 10.

(6)روح المعانی، ج 16، ص 118.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 113

تعبیر دوم که مفرد آورد، گفتیم مقصود از آن یا پدر شیطانها است که نامش ابلیس است و یا مقصود جنس شیطان است.

" وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّکَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَیْسُوراً".

جمله" إِمَّا تُعْرِضَنَّ" در اصل" ان تعرض" بوده و" مای" زائده بر سر" ان" شرطی در آمد تا نون تاکید بتواند بر سر" تعرض" در آید.

شهادت سیاق دلیل بر این است که گفتار در باره انفاق مالی بوده، پس مراد از جمله" إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ" اعراض از کسی است که مالی درخواست کرده تا در سد جوع و رفع حاجتش مصرف کند، و مقصود از آن، هر اعراضی آنهم به هر صورت که باشد نیست، بلکه تنها آن قسم اعراضی است که دستش تهی است و نمی تواند مساعدتی به وی بکند، ولی مایوس هم نیست، احتمال می دهد که بعدا پولدار شود، و وی را کمک کند، به دلیل اینکه دنبالش می فرماید:" ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّکَ تَرْجُوها" یعنی اینکه تو از ایشان اعراض می کنی نه از این بابست که مال داری و نمی خواهی بدهی، و نه از این باب که نداری و از به دست آمدن آن هم مایوسی، بلکه از این بابست که الآن نداری ولی امیدوار هستی که به دستت بیاید، و به ایشان بدهی، و در طلب رحمت پروردگار خود هستی.

و اینکه فرمود:" فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَیْسُوراً" بدین معنی است که با ایشان به نرمی حرف بزن، سخن درشت و خشن مگو و این سفارش را در جایی دیگر به بیانی دیگر فرموده:" وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ" «1».

در کشاف گفته: جمله" ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّکَ" یا متعلق به جواب شرطیست که مقدم بر خود شرط می باشد، و تقدیرش این است که:" با آنان به آسانی و نرمی سخن بگو و با وعده های نیک دلشان را خوش کن، و با اینگونه رحمت ها که به ایشان می کنی رحمت پروردگارت را برای خود بدست آور"، و یا آنکه متعلق است به خود شرط، و معنایش این است که:" و اگر به خاطر نرسیدن آن مالی که امیدوار رسیدنش بودی از ایشان اعراض کردی که از رزق تعبیر به رحمت شده باشد- در اینصورت ایشان را به نرمی و خوبی برگردان".

بنا بر این معنا، کلمه" ابتغاء" به جای" فقر و تهی دستی و نرسیدن مال" به کار رفته، به این عنایت که شخص بی روزی همیشه در طلب روزی است، پس" نداشتن" همیشه سبب درخواست و ابتغاء است و ابتغاء مسبب فقد می باشد، و در این آیه مسبب به جای سبب

__________________________________________________

(1)سائل و فقیر را نرنجان بلکه با زبان نرم او را راه بینداز. سوره ضحی، آیه 10. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 114

آمده است «1».

[نهی از افراط و تفریط در انفاق ] ..... ص : 114

" وَ لا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إِلی عُنُقِکَ وَ لا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً".

" دست به گردن بستن" کنایه است از خرج نکردن و خسیس بودن و خودداری از بخشش نمودن، درست مقابل" بسط ید" است که کنایه از بذل و بخشش می باشد و این که هر چه به دستش آید از دست خود فرو بریزد، بطوری که هیچ چیز برای خود باقی نمی گذارد، مانند کسی که کاملا دست خود را در مقابل باران گشوده و حتی قطره ای از آن در دست وی باقی نمی ماند، و این تعبیر بلیغ ترین و رساترین تعبیر در مورد نهی از افراط و تفریط در انفاق است.

و جمله" فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً" فرع جمله" وَ لا تَبْسُطْها ..." است، و کلمه" محسورا" از ماده" حسر" است که به معنای انقطاع و یا عریان شدن است و در این آیه این معنا را می رساند که دست خویش تا به آخر مگشای و بیش از حد دست و دلباز نباش که ممکن است روزی زانوی غم بغل کرده و دستت از همه جا بریده شود و دیگر نتوانی خود را در اجتماع ظاهر ساخته و با مردم معاشرت کنی.

بعضی «2» گفته اند که جمله" فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً" متفرع است بر هر دو جمله (" وَ لا تَجْعَلْ یَدَکَ ..." و" وَ لا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ") نه تنها به جمله آخری (وَ لا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ) و معنایش این است که اگر از خرج کردن خودداری کنی و بخل بورزی سرانجام ملامت و مذمت شده و در گوشه ای خواهی نشست، و اگر زیاده روی کنی حسرت خورده و مغموم و پشیمان خواهی شد.

اشکال این حرف این است که معلوم نیست جمله" وَ لا تَبْسُطْها ..." در مقام نهی از تبذیر و اسراف باشد، و حتی معلوم نیست دادن تمامی اموال در راه خدا اسراف باشد، هر چند که با همین آیه از آن نهی شده باشد، زیرا قبلا هم گفتیم که در مفهوم" تبذیر"،" افساد" نهفته است و اسراف در راه خدا افساد نیست، و معنی ندارد که چنین عملی که نه خودش فاسد می شود و نه چیزی را فاسد می کند حسرت و اندوه در پی داشته باشد.

" إِنَّ رَبَّکَ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَقْدِرُ إِنَّهُ کانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً".

از ظاهر سیاق بر می آید که این آیه در مقام تعلیل مطالب آیه قبل است که از افراط و

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 662.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 411.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 115

تفریط در انفاق نهی می کرد.

و معنایش این است که این دأب و سنت پروردگار است که بر هر کس بخواهد روزی دهد فراخ و گشایش دهد و برای هر که نخواهد، تنگ بگیرد و سنت او چنین نیست که بی حساب و بی اندازه فراخ سازد و یا بکلی قطع کند، آری او مصلحت بندگان را رعایت می کند، چرا که او به حال بندگان خود خبیر و بینا است، تو نیز سزاوار است چنین کنی و متخلق به اخلاق خدا گردی و راه وسط و اعتدال را پیش گرفته از افراط و تفریط بپرهیزی.

بعضی «1» از مفسرین گفته اند که آیه مورد بحث، آیه قبل را بدین نحو تعلیل می کند که" بسط رزق" و" قبض آن" کار خداست، و تو نباید چنین کاری کنی، چرا که این کار از شؤون الوهیت و مختص به ذات پروردگار است، و اما تو باید میانه روی کنی بدون این که از راه اعتدال به سوی افراط و یا تفریط بگرایی.

بعضی دیگر در معنای تعلیل مذکور حرفهای دیگری زده اند که وجوهی بعید از اعتبار است.

" وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ خَشْیَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِیَّاکُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ کانَ خِطْأً کَبِیراً".

" املاق" به معنای فقر و نداری است، و در مفردات گفته است که" خطاة" به معنای انحراف از جهت است و این چند قسم تصور می شود:

1- تصمیم به کاری بگیرد که اراده و انجامش شایسته نیست و بلکه زشت می باشد، خلاصه تصمیم و اراده خطاء باشد، و این بارزترین مصداق خطاء است که آدمی بدان مرتکب شده و دچار می گردد. و در تعبیر چنین خطایی گفته می شود:" خطأ یخطا و خطا" و آیات زیر به همین معنا است" إِنَّ قَتْلَهُمْ کانَ خِطْأً کَبِیراً" و" وَ إِنْ کُنَّا لَخاطِئِینَ".

2- قسم دیگر خطاء این است که: آدمی کاری را اراده کند که انجامش خوبست، و لیکن آن طور که می خواسته انجام نشده باشد، و بر خلاف اراده اش از آب درآید، در تعبیر اینگونه خطاء می گویند:" اخطا اخطاء" و آن شخص را می گویند" مخطئ"، پس چنین کسی در اراده اش اشتباه نکرده عملش هم خطاء نبوده، لیکن خطاء از آب در آمده، در آیه شریفه" وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِیرُ رَقَبَةٍ" این معنی مقصود است.

3- قسم بعدی خطاء، آنست که مانند قسم اول در اراده خطاء شود و ناشایسته را اراده

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 66.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 116

کند، ولی اتفاقا خلاف آن از آب در آمده و کار نیکی انجام شود، چنین کسی در اراده اش" مخطی" و در عملش" مصیب" است، و او را برای اراده عمل زشت مذمت کرده و عمل نیکش را ستایش نمی کنند.

و خلاصه سخن آنکه اگر کسی چیزی را اراده کند و خلاف آن را انجام دهد می گویند" اخطا" و اگر همان چیزی را که اراده کرده، انجام دهد می گویند" اصاب" گاهی هم به کسی که کار بدی کرده و یا اراده بدی کرده می گویند" اخطا" و تعبیر معروف" اصاب الخطا و اخطا الصواب و اصاب الصواب و اخطا الخطا" از همین باب است، و این لفظ مشترکی است که بطوری که ملاحظه می کنید مردد میان چند معنا است، و این بر عهده دانشمند اهل تحقیق است که در هر مورد کاملا جستجو نموده و معنای این کلمه را معلوم نماید «1».

[نهی از فرزند کشی (چه دختر و چه پسر) از بیم فقر و گرسنگی که در عرب رسم بوده ] ..... ص : 116

و در آیه شریفه از کشتن اولاد به جهت ترس از فقر و احتیاج، شدیدا نهی شده است و جمله" نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِیَّاکُمْ" تعلیل همان نهی و در مقام مقدمه چینی برای جمله بعدی است که فرمود:" إِنَّ قَتْلَهُمْ کانَ خِطْأً کَبِیراً".

و معنای آیه این است که فرزندان خود را از ترس این که مبادا دچار فقر و هلاکت شوید و به خاطر ایشان تن به ذلت گدایی دهید به قتل نرسانید، و دختران خود را از ترس اینکه گرفتار داماد ناجوری شوید و یا به جهت های دیگری مایه آبروریزی شما شود مکشید زیرا این شما نیستید که روزی اولادتان را می دهید، تا در هنگام فقر و تنگدستی دیگر نتوانید روزی ایشان را برسانید، بلکه مائیم که هم ایشان و هم شما را روزی می دهیم، آری کشتن فرزندان خطایی است بزرگ.

مساله نهی از فرزندکشی در قرآن کریم مکرر آمده، و این عمل شنیع در حالی که یکی از مصادیق آدم کشی است، چرا فقط این مصداق ذکر گردیده؟ می توان گفت که چون فرزندکشی از زشت ترین مصادیق شقاوت و سنگدلی است و جهت دیگرش هم این است که اعراب در سرزمینی زندگی می کردند که بسیار دچار قحطی می شد، و از همین جهت همین که نشانه های قحطی را می دیدند اول کاری که می کردند به اصطلاح برای حفظ آبرو و عزت و احترام خود!! فرزندان خود را می کشتند.

و در کشاف گفته: مقصود از فرزندکشی همان دخترکشی است که در عرب مرسوم

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" خطا".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 117

بوده «1» و لیکن ظاهرا این حرف صحیح نباشد، زیرا مساله دخترکشی یک عنوان مستقلی است که آیات مستقل دیگری مخصوص نهی از آن و حرمت آن آمده، مانند آیه:" وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَیِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ" «2»، و آیه" وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثی ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَ هُوَ کَظِیمٌ یَتَواری مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَ یُمْسِکُهُ عَلی هُونٍ أَمْ یَدُسُّهُ فِی التُّرابِ أَلا ساءَ ما یَحْکُمُونَ" «3».

و اما آیه مورد بحث و امثال آن، به طور کلی از کشتن اولاد از ترس فقر و نداری نهی می کند، و داعی نداریم که اولاد را حمل بر خصوص دختران کنیم با اینکه اعم از دختر و پسر است، و نیز هیچ موجبی نیست که جمله" أَ یُمْسِکُهُ عَلی هُونٍ" را حمل بر ترس از فقر و فاقه کنیم، با اینکه می دانیم هون با فقر در معنا متغایرند.

پس حق مطلب همین است که بگوئیم از آیه مورد بحث کشف می شود که عرب غیر از مساله دخترکشی (وأد) یک سنت دیگری داشته که به خیال خود با آن عمل هون و خواری خود را حفظ می کردند، و آن این بوده است که از ترس خواری و فقر و فاقه فرزند خود را- چه دختر و چه پسر- می کشته، و آیه مورد بحث و نظائر آن از این عمل نهی کرده است.

[نهی شدید از زنا کاری ] ..... ص : 117

" وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنی إِنَّهُ کانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِیلًا".

این آیه از زنا نهی می کند و در حرمت آن مبالغه کرده است، چون نفرموده اینکار را نکنید، بلکه فرموده نزدیکش هم نشوید، و این نهی را چنین تعلیل کرده که این عمل فاحشه است، و زشتی و فحش آن صفت لا ینفک و جدایی ناپذیر آن است، به طوری که در هیچ فرضی از آن جدا نمی شود، و با تعلیل دیگر که فرمود:" وَ ساءَ سَبِیلًا" فهماند که این روش روش زشتی است که به فساد جامعه، آن هم فساد همه شؤون اجتماع منجر می شود، و به کلی نظام اجتماع را مختل ساخته و انسانیت را به نابودی تهدید می کند، و در آیه ای دیگر در عذاب مرتکبین آن مبالغه نموده و در ضمن صفات مؤمنین فرموده" وَ لا یَزْنُونَ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِکَ یَلْقَ أَثاماً یُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ یَخْلُدْ فِیهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً" «4».

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 664.

(2)و روزی که از دختر زنده به گور بازخواست می شود که به چه گناهی کشته شد. سوره تکویر، آیه 9.

(3)چون یکی از آنان را به فرزند دختری مژده آید از شدت غم و حسرت رخسارش سیاه شده و سخت دلتنگ می شود و از این عار روی از قوم خود پنهان می دارد و بفکر افتد که آیا آن دختر را با ذلت و خواری نگهدارد و یا زنده به خاک گور کند (عاقلان) آگاه باشید که آنها بسیار بد حکم می کنند. سوره نحل، آیه 58 و 59.

(4)سوره فرقان، آیه 68.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 118

گفتاری پیرامون حرمت زنا [بحث قرآنی و اجتماعی پیرامون حرمت زنا] ..... ص : 118

این بحثی که عنوان می کنیم هم بحثی است قرآنی و هم اجتماعی.

همه می دانیم که هر یک از جنس" نر" و" ماده" نوع بشر وقتی به حد رشد رسید- در صورتی که دارای بنیه ای سالم باشد- در خود میلی غریزی نسبت به طرف دیگر احساس می کند، و البته این مساله غریزی منحصر در افراد انسان نیست، بلکه در تمامی حیوانات نیز این میل غریزی را مشاهده می کنیم.

علاوه بر این همچنین مشاهده می کنیم که هر یک از این دو طرف مجهز به جهاز و اعضاء و قوایی است که او را برای نزدیک شدن به طرف مقابلش وادار می کند.

اگر در نوع جهاز تناسلی این دو طرف به دقت مطالعه و بررسی کنیم جای هیچ تردیدی باقی نمی ماند که این شهوت غریزی بوده و وسیله ای است برای توالد و تناسل که خود مایه بقاء نوع است.

علاوه بر جهاز تناسلی، انواع حیوانات از آن جمله انسان به جهازهای دیگری نیز مجهز است که باز دلالت دارند بر اینکه غرض از خلقت جهاز تناسلی همان بقاء نوع است، یکی از آنها محبت و علاقه به فرزند است، و یکی دیگر مجهز بودن ماده هر حیوان پستاندار به جهاز شیرساز است تا طفل خود را برای مدتی که بتواند خودش غذا را بجود و فرو ببرد و هضم کند شیر بدهد و از گرسنگی حفظ نماید، همه اینها تسخیرهایی است الهی که به منظور بقاء نوع جنس نر را مسخر ماده و ماده را مسخر نر کرده جهاز تناسلی طرفین را مسخر و دلهای آنان را و و و همه را مسخر کرده تا این غرض تامین شود.

و به همین جهت می بینیم انواع حیوانات با اینکه مانند انسان مجبور به تشکیل اجتماع و مدنیت نیستند و به خاطر این که زندگیشان ساده و حوائجشان مختصر است، و هیچ احتیاجی به یکدیگر ندارند معذلک گاه گاهی غریزه جنسی وادارشان می کند که نر و ماده با هم اجتماع کرده و عمل مقاربت را انجام دهند، و نه تنها انجام بدهند و هر یک دنبال زندگی خویش را بگیرند، بلکه به لوازم این عمل هم ملتزم شوند، و هر دو در تکفل طفل و یا جوجه خود و غذا دادن و تربیت آن پای بند باشند، تا طفل و یا جوجه شان به حد رشد برسد، و به اداره چرخ زندگی خویش مستقل گردد.

و نیز به همین جهت است که می بینیم از روزی که تاریخ، زندگی بشریت و سیره و ترجمه المیزان، ج 13، ص: 119

سنت او را سراغ می دهد سنت ازدواج را هم که خود یک نوع اختصاص و رابطه میان زن و شوهر است سراغ می دهد، همه اینها ادله مدعای ما است، زیرا اگر غریزه، تناسل بشر را به اینکار وا نمی داشت باید تاریخ سراغ دهد که در فلان عصر نظامی در میان زن و شوهرها نبوده، آری مساله اختصاص یک زن به شوهر خود، اصلی طبیعی است که مایه انعقاد جامعه انسانی می گردد، و جای هیچ تردید نیست که ملت های گوناگون بشری در گذشته هر چند هم که دارای افراد فراوان بوده اند بالأخره به مجتمعات کوچکی به نام خانواده منتهی می شدند.

همین اختصاص باعث شده که مردان، زنان خود را مال خود بدانند، و عینا مانند اموال خود از آن دفاع کنند، و جلوگیری از تجاوز دیگران را فریضه خود بدانند همانطور که دفاع از جان خود را فریضه می دانند، بلکه دفاع از عرض را واجب تر دانسته گاهی جان خود را هم بر سر عرض و ناموس خود از دست بدهند.

و همین غریزه دفاع از اغیار است که در هنگام هیجان و فورانش غیرتش می نامند و به کسی که نمی گذارد به ناموسش تجاوز شود غیرتمند می گویند، و نمی گویند مردی است بخیل.

باز به همین جهت است که می بینیم در همه اعصار نوع بشر نکاح و ازدواج را مدح کرده و آن را سنت حسنه دانسته، و زنا را نکوهش نموده فی الجمله آن را عملی شنیع معرفی کرده اند و گناهی اجتماعی و عملی زشت دانسته اند، بطوری که خود مرتکب نیز آن را علنی ارتکاب نمی کند، هر چند بطوری که در تاریخ امم و اقوام دیده می شود در بعضی از اقوام وحشی آنهم در پاره ای از اوقات و در تحت شرائطی خاص در میان دختران و پسران و یا بین کنیزان معمول بوده است.

پس اینکه می بینیم تمامی اقوام و ملل در همه اعصار این عمل را زشت و فاحشه خوانده اند برای این بوده که می فهمیدند این عمل باعث فساد انساب و شجره های خانوادگی و قطع نسل و ظهور و بروز مرضهای گوناگون تناسلی گشته و همچنین علاوه بر این باعث بسیاری از جنایات اجتماعی از قبیل آدم کشی و چاقوکشی و سرقت و جنایت و امثال آن می گردد، و نیز باعث می شود عفت و حیاء و غیرت و مودت و رحمت در میان افراد اجتماع جای خود را به بی عفتی و بی شرمی و بی غیرتی و دشمنی و شقاوت بدهد.

با همه اینها، تمدنی که ممالک غربی در این اعصار به وجود آورده اند، از آنجایی که صرفا بر اساس لذت جویی و عیاشی کامل و برخورداری از مزایای زندگی مادی و نیز آزادی افراد در همه چیز بنا نهاده شده و آزادی را جز در آن اموری که مورد اعتنای قوانین مدنی است سلب نکرده و حتی کار را به جایی رسانده اند که تمامی آداب قومی و مرزهای دینی و ترجمه المیزان، ج 13، ص: 120

اخلاقی و شرافت انسانی را کنار گذاشته افراد را در هر چیز که میل داشته باشند و در هر عملی- هر چه هم که شنیع باشد- آزاد گذاشته اند و گذشته از بعضی شرائط جزئی که در پاره ای موارد مخصوص، اعتبار کرده اند دیگر هیچ اعتنایی به آثار سوء این آزادی بی قید و شرط افراد ندارند، و قوانین اجتماعی را هم بر طبق خواسته اکثر مردم تدوین می کنند.

نتیجه چنین تمدنی اشاعه فحشاء میان مردان و زنان شده و حتی تا داخل خانه ها در میان مردان صاحب زن و زنان صاحب شوهر و حتی نسبت به محارم سرایت نموده و شاید دیگر کسی دیده نشود که از آثار شوم این تمدن، سالم مانده باشد، بلکه به سرعت اکثریت را با خود همراه کرده است، و یکی از آثار شومش این است که صفات کریمه ای که هر انسان طبیعی، متصف بدان است و آن را برای خود می پسندد و همه آنها از قبیل عفت و غیرت و حیاء آدمی را به سنت ازدواج سوق می دهد، رفته رفته ضعیف گشته است، تا آنجا که بعضی از فضائل مسخره شده است، و اگر نقل پاره ای از کارهای زشت خودش شنیع و زشت نبود، و اگر بحث ما قرآنی و تفسیر نبود آماری را که پاره ای از جراید منتشر کرده اند اینجا نقل می کردیم تا مدعای ما ثابت گردد، که آثار شوم این تمدن تا چند درصد افراد بشر را آلوده کرده است.

و اما شریعت های آسمانی بطوری که قرآن کریم بدان اشاره می کند و تفسیر آیات آن در سوره انعام آیه 151 تا آیه 153 گذشت، همه از عمل زشت زنا به شدیدترین وجه نهی می کرده اند، در میان یهود قدغن بوده، از انجیل ها هم برمی آید که در بین نصاری نیز حرام بوده است، در اسلام هم مورد نهی قرار گرفته و جزء گناهان کبیره شمرده شده است، و البته حرمتش در محارم چون مادر و دختر و خواهر و عمه و خاله شدیدتر است، و همچنین در صورت احصان یعنی در مورد مردی که زن داشته و زنی که شوهر داشته باشد حرمتش بیشتر است و در غیر صورت احصان حدود سبک تری دارد مثلا اگر بار اول باشد صد تازیانه است و در نوبت سوم و چهارم یعنی اگر دو یا سه بار حد خدایی بر او جاری شده باشد و باز هم مرتکب شود حدش اعدام است، و اما در صورت محصنه بودن در همان نوبت اول باید سنگسار شود.

و در آیه مورد بحث، به حکمت حرمت آن اشاره نموده و در ضمن نهی از آن، فرموده" به زنا نزدیک نشوید که آن فاحشه و راه بدی است" اولا آن را فاحشه خوانده، و در ثانی به راه بد توصیفش کرده که مراد از آن- و خدا داناتر است- سبیل بقاء است، هم چنان که از آیه" أَ إِنَّکُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ السَّبِیلَ" «1» نیز برمی آید که مقصود از راه همان راه بقاء نسل

__________________________________________________

(1)آیا با مردان جفت می شوید؟ و راه را قطع می کنید؟. سوره عنکبوت، آیه 29.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 121

است، و معنایش این است که آیا شما در آمیختن با زنان را که راه بقای نسل می باشد و نظام جامعه خانوادگی را که محکم ترین وسیله است برای بقای مجتمع مدنی به وجود می آورد از هم می گسلید؟.

آری با باز شدن راه زنا روز به روز میل و رغبت افراد به ازدواج کمتر می شود، چون با اینکه می تواند از راه زنا حاجت جنسی خود را برآورد داعی ندارد اگر مرد است محنت و مشقت نفقه عیال و اگر زن است زحمت حمل جنین و تربیت او را تحمل نموده و با محافظت و قیام به واجبات زندگیش، جانش به لب برسد، با اینکه غریزه جنسی که محرک و باعث همه اینها است از راه دیگر هم اقناع می شود، بدون اینکه کمترین مشکل و تعبی تحمل کند، هم چنان که می بینیم دختر و پسر جوان غربی همین کار را می کند، و حتی به بعضی از جوانهای غربی گفته اند که چرا ازدواج نمی کنی؟ در پاسخ گفته است: چکار به ازدواج دارم، تمام زنهای این شهر از آن من می باشد! دیگر ازدواج چه نتیجه ای دارد؟ تنها خاصیت آن مشارکت و همکاری در کارهای جزئی خانه است که آن هم مانند سایر شرکتها است که با اندک بهانه ای منجر به جدایی شریکها از همدیگر می شود و این مساله امروزه بخوبی در جوامع غربی مشهود است.

و اینجاست که می بینیم ازدواج را به یک شرکت تشبیه کرده اند که بین زن و شوهر منعقد می شود و آن را تنها غرض و هدف ازدواج می شمارند، بدون اینکه حسابی برای تولید نسل و یا برآوردن خواسته های غریزه باز کنند، بلکه اینها را از آثار مترتبه و فرع بر شرکت در زندگی می دانند، در نتیجه اگر توافق در این شرکت ادامه یافت که هیچ و گرنه از اولاد و مساله غریزه طبیعی صرفنظر می کنند.

همه اینها انحرافهایی است از راه فطرت، و ما اگر در اوضاع و احوال حیوانات و انواع مختلف آنها دقت کنیم خواهیم دید که حیوانات غرض اصلی و بالذات از ازدواج را، ارضاء غریزه تحریک شده، و پدید آوردن نسل و ذریه می دانند.

هم چنان که دقت در وضع انسان در اولین باری که این تمایل را در خود احساس می کند ما را به این حقیقت می رساند که هدف اصلی و تقدمی که او را به این عمل دعوت می کند همان ارضاء غریزه است، که مساله تولید نسل دنبال آن است.

و اگر محرک انسان به این سنت طبیعی، مساله شرکت در زندگی و تعاون در ضروریات حیات، از خوراک و پوشاک و آشیانه و امثال آن بود، ممکن بود مرد این شرکت را با مردی مثل خود، و زن با زنی مثل خود برقرار کند، و اگر چنین چیزی ممکن بود و دعوت

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 122

غریزه را ارضاء می کرد باید در میان جوامع بشری گسترش می یافت و یا حد اقل برای نمونه هم که شده، در طول تاریخ در میان یکی از جوامع بشری صورت می گرفت و میان دو مرد و دو زن حتی احیانا چنین شرکتی برقرار می شد و در تمام طول تاریخ و در همه جوامع مختلف بشری به یک و تیره (طریقه، راه و روش) جریان نمی یافت و اصلا چنین رابطه ای میان دو طبقه اجتماع یعنی طبقه مردان از یک طرف و زنان از طرف دیگر برقرار نمی شد.

و از طرفی دیگر اگر این روش غربی ها ادامه پیدا نموده و روز به روز به عدد فرزندان نامشروع اضافه شود، مساله مودت و محبت و عواطفی که میان پدران و فرزندان است به تدریج از بین رفته و باعث می شود که این رابطه معنوی از میان پدران نسبت به فرزندان رخت بربندد، و وقتی چنین رابطه ای باقی نماند قهرا سنت ازدواج از میان جامعه بشر کنار رفته و بشر رو به انقراض خواهد نهاد، همه اینها که گفتیم نمونه هایش در جامعه های اروپایی خودنمایی می کند.

یکی از تصورات باطل این است که کسی تصور کند که کار بشر در اثر پیشرفتهای فنی به زودی به جایی برسد که چرخ زندگی اجتماعی خود را با اصول فنی و طرق علمی بچرخاند، بدون اینکه محتاج به کمک غریزه جنسی شود، یعنی فرزندان را به وجود آورد بدون اینکه اصلا احتیاجی به رابطه به اصطلاح معنوی و محبت پدری و مادری باشد، مثل اینکه جائزه هایی مقرر کنند برای کسانی که تولید نسل کنند و پدران به خاطر رسیدن به آن جوائز فرزند تحویل دهند! هم چنان که در بعضی از ممالک امروز معمول شده است، غافل از اینکه جائزه قرار دادن و یا هر قانون و سنت دیگری ما دام که در نفوس بشر ضامن اجراء نداشته باشد دوام پیدا نمی کند، قوانین در بقای خود از قوا و غرائز طبیعی انسان کمک می گیرند، نه به عکس که غرائز از قوانین استمداد نماید و قوانین بتوانند غرائز را به کلی باطل کنند، آری اگر غرائز باطل شد نظام اجتماع باطل می شود.

هیات اجتماع قائم بافراد اجتماع است، و قوام قوانین جاری بر این است که افراد آن را بپذیرند و بدان رضایت دهند، و آن قوانین بتواند پاسخگوی جامعه باشد، با این حال چگونه ممکن است قوانینی در جامعه ای جریان یابد و دوام پیدا کند که قریحه جامعه خواستار آن نبوده و دلها پذیرایش نباشد.

پس حاصل کلام این شد که باطل شدن غریزه طبیعی و غفلت اجتماع بشری از غایت و هدف اصلی آن، انسانیت را تهدید به نابودی می کند، و به زودی هم کارش را بدینجا خواهد کشانید، و اگر هنوز چنین خطری کاملا محسوس نشده برای این است که هنوز ترجمه المیزان، ج 13، ص: 123

عمومیت پیدا نکرده است.

علاوه بر مطالب مذکور این عمل زشت و پست اثر دیگری هم از نظر شریعت اسلامی دارد، و آن بر هم زدن انساب و رشته خانوادگی است، که با گسترش زنا، دیگر جایی برای احکام نکاح و ارث باقی نمی ماند.

" وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ".

این آیه از کشتن نفس محترمه نهی می کند، مگر در صورتی که بحق باشد، به این معنا که طرف مستحق کشته شدن باشد، مثل اینکه کسی را کشته باشد یا مرتد شده باشد (و حرمت دینی را در جامعه بشکند) و امثال اینها که در قوانین شرع مضبوط است.

و شاید از اینکه نفس را توصیف کرد به" حَرَّمَ اللَّهُ" و نفرمود" حرم اللَّه فی الاسلام" اشاره به این باشد که حرمت قتل نفس مختص به اسلام نیست، در همه شرایع آسمانی حرام بوده و این حکم از شرایع عمومی است، هم چنان که در تفسیر آیه 151 و 135 سوره انعام هم بدان اشاره شد.

[بیان آیه ] ..... ص : 123

[معنای جمله:" فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ کانَ مَنْصُوراً"] ..... ص : 123

" وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ کانَ مَنْصُوراً".

مقصود از اینکه فرمود:" ما برای ولی مقتول سلطانی قرار دادیم" همین است که او را در قصاص از قاتل سلطنت و اختیار داده ایم، و ضمیری که در" فَلا یُسْرِفْ" و در" انه" هست به ولی برمی گردد و مقصود از" منصور بودن او" همان مسلط بودن قانونی بر کشتن قاتل است.

و معنای آیه این است که" کسی که مظلوم کشته شده باشد ما به حسب شرع برای صاحب خون او سلطنت قرار دادیم، تا اگر خواست قاتل را قصاص کند، و اگر خواست خونبها بگیرد، و اگر هم خواست عفو کند، حال صاحب خون هم باید در کشتن اسراف نکند، و غیر قاتل را نکشد، و یا بیش از یک نفر را به قتل نرساند، و بداند که ما یاریش کرده ایم و به هیچ وجه قاتل از چنگ او فرار نمی کند، پس عجله به خرج ندهد و به غیر قاتل نپردازد".

بعضی «1» دیگر از مفسرین احتمال داده اند که ضمیر در" فَلا یُسْرِفْ" به قاتل برگردد، هر چند کلمه قاتل در آیه نیامده ولی سیاق بر آن دلالت دارد، و ضمیر" انه" به" من" برگردد در نتیجه معنا چنین باشد:" قاتلها بدانند که ما برای صاحبان مقتول که مظلوم کشته شده اند تسلط قرار دادیم، پس در آدم کشی اسراف نکنند، و به ظلم کسی را نکشند زیرا کسی که به

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 202.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 124

ظلم کشته شود از ناحیه ما یاری شده است، چون ما صاحب خون او را تسلط قانونی داده ایم"، لیکن این معنا از سیاق آیه بعید است علاوه بر این، لازمه اش این است که تنها ضمیر" انه" به مقتول برگردد.

و اما راجع به قصاص از آنجایی که در جلد اول این کتاب در ذیل آیه" وَ لَکُمْ فِی الْقِصاصِ حَیاةٌ" «1» فصلی در باره آن گذراندیم در اینجا دیگر بحث نمی کنیم.

[نهی از تصرف در مال یتیم و امر به وفاء به عهد] ..... ص : 124

" وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ حَتَّی یَبْلُغَ أَشُدَّهُ".

این آیه از خوردن مال یتیم نهی می کند که خود یکی از کبائری است که خداوند وعده آتش به مرتکبین آن داده و فرموده است:" إِنَّ الَّذِینَ یَأْکُلُونَ أَمْوالَ الْیَتامی ظُلْماً إِنَّما یَأْکُلُونَ فِی بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَیَصْلَوْنَ سَعِیراً" «2» و اگر به جای" نهی از خوردن آن" از" نزدیک شدن به آن" نهی کرد برای این بود که شدت حرمت آن را بفهماند، و معنای جمله" إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ" این است که در صورتی که تصرف در مال یتیم به نحوی باشد که از تصرف نکردن بهتر باشد به این معنا که تصرف در آن به مصلحت یتیم و باعث زیاد شدن مال باشد عیب ندارد و حرام نیست، و بلوغ اشد در جمله" حَتَّی یَبْلُغَ أَشُدَّهُ" اوان و آغاز این بلوغ و رشد است که در این هنگام حکم یتیمی از یتیم برداشته می شود، و دیگر او را یتیم نمی گویند، پس اینکه فرمود: نزدیک مال یتیم نشوید تا بالغ شود به این معنا است که مال یتیم را حفظ کنید تا بالغ شود، و چون بالغ شد به دستش بسپارید، و به عبارت دیگر به این معنا است که نزدیک مال یتیم ما دام که یتیم است نشوید، در سوره انعام آیه 152 نیز مطالبی که مربوط به این مقام است گذشت.

" وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ کانَ مَسْؤُلًا".

مسئول در اینجا به معنای" مسئول عنه" است، یعنی از آن بازخواست می شوید، و این از باب حذف و ایصالی است که در کلام عرب جائز شمرده شده، بعضی «3» هم گفته اند منظور این است که از خود" عهد" می پرسند که فلانی با تو چه معامله ای کرد، آن دیگری چه کرد و ... و همچنین، چون ممکن است عهد را که یکی از اعمال است در روز قیامت مجسم سازند تا به له و یا علیه مردم گواهی دهد، یکی را شفاعت و با یکی مخاصمه کند.

__________________________________________________

(1)و برای شما در قصاص، زندگی می باشد. سوره بقره، آیه 179.

(2)بدرستی که آنان که می خورند اموال یتیمان را به ستم نمی خورند در شکمهای خود مگر آتش را و بزودی انداخته می شوند در آتش سوزان. سوره نساء، آیه 10.

(3)مجمع البیان، ج 6، ص 414.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 125

[امر به مراعات عدالت و وفا در کیل و وزن و بیان" خیر" و" أَحْسَنُ تَأْوِیلًا" بودن آن ] ..... ص : 125

" وَ أَوْفُوا الْکَیْلَ إِذا کِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ ذلِکَ خَیْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِیلًا".

کلمه" فسطاس" (به کسر قاف و هم به ضم آن) به معنای" ترازو و میزان" است، بعضی «1» گفته اند کلمه ای است رومی که داخل زبان عرب شده و بعضی «2» دیگر گفته اند که عربی است، و بعضی «3» آن را مرکب از" قسط" که به معنای عدالت است و" طاس" که به معنای کفه ترازو دانسته اند و" قسطاس مستقیم" به معنای ترازوی عدل است که هرگز در وزن خیانت نمی کند.

کلمه" خیر" به معنای آن چیزی است که وقتی امر دایر شد بین آن و یک چیز دیگر آدمی باید آن را اختیار کند، و کلمه" تاویل" هر چیز به معنای حقیقتی است که امر آن چیز بدان منتهی گردد، و اینکه می فرماید: ایفاء کیل و وزن و دادن آن به قسطاس مستقیم بهتر است، برای این است که اولا کم فروشی یک نوع دزدی ناجوانمردانه است و ثانیا وثوق و اطمینان را بهتر جلب می کند.

و" أَحْسَنُ تَأْوِیلًا" بودن این دو عمل از این جهت است که اگر مردم این دو وظیفه را عمل کنند، کم نفروشند و زیاد نخرند رشد و استقامت در تقدیر معیشت را رعایت کرده اند، چون قوام معیشت مردم در استفاده از اجناس مورد حاجت بر دو اصل اساسی است، یکی" به دست آوردن جنس مرغوب و سالم و بدردخور" و دیگری" مبادله مقدار زائد بر حاجت است با اجناس دیگری که مورد احتیاج است" آری هر کسی در زندگی خود حساب و اندازه گیری دارد که چه چیزهایی و از هر جنسی چه مقدار نیاز دارد و چه چیزهایی بیش از نیاز او است، چه مقدار از آن را باید بفروشد و با قیمت آن اجناس دیگر مورد حاجت خود را تحصیل کند و اگر پای کم فروشی به میان آید حساب زندگی بشر از هر دو طرف اختلاف پیدا کرده و امنیت عمومی از میان می رود.

و اما اگر کیل و وزن به طور عادلانه جریان یابد زندگی و اقتصادشان رشد و استقامت یافته و هر کس هر چه را احتیاج دارد، همان را به مقدار نیازش به دست می آورد، و علاوه بر آن، نسبت به همه سوداگران وثوق پیدا کرده و امنیت عمومی برقرار می شود.

" وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا".

بنا به قرائت معروف:" لا تقف" (به سکون قاف و ضمه فاء) از ماده" قفا- یقفو-

__________________________________________________

(1 و 2 و 3)روح المعانی، ج 15، ص 72. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 126

قفوا" و به معنای متابعت است، قافیه شعر را هم از این جهت قافیه می گویند که آخر هر مصراع با آخر مصراعهای قبل از خودش متابعت می کند.

و بنا به قرائت غیر معروف که" لا تقف" (با ضمه قاف و سکون فاء) قرائت کرده اند از ماده" قاف" گرفته اند که به همان معنای متابعت است، و لذا از بعضی اهل لغت نقل شده که گفته اند: ماده دومی از ماده اولی قلب شده، مانند لغت" جبذ" که از ماده" جذب" قلب شده و هر دو به یک معنا است، و لذا علم قیافه شناسی را از این نظر قیافه گفته اند که دنبال جای پا را گرفته و به مقصود راهنمایی می شود.

[نهی از متابعت از غیر علم (لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ) و اشاره به حکم فطرت به لزوم پیروی از علم یا پیروی از ظن به استناد حجت علمی و عقلی ] ..... ص : 126

این آیه از پیروی و متابعت هر چیزی که بدان علم و یقین نداریم نهی می کند، و چون مطلق و بدون قید و شرط است پیروی اعتقاد غیر علمی و همچنین عمل غیر علمی را شامل گشته و معنایش چنین می شود: به چیزی که علم به صحت آن نداری معتقد مشو، و چیزی را که نمی دانی مگو، و کاری را که علم بدان نداری مکن، زیرا همه اینها پیروی از غیر علم است، پیروی نکردن از چیزی که بدان علم نداریم و همچنین پیروی از علم در حقیقت حکمی است که فطرت خود بشر آن را امضاء می کند.

آری انسان فطرتا در مسیر زندگیش- در اعتقاد و عملش- جز رسیدن به واقع و متن خارج، هدفی ندارد، او می خواهد اعتقاد و علمی داشته باشد که بتواند قاطعانه بگوید واقع و حقیقت همین است و بس، و این تنها با پیروی از علم محقق می شود، گمان و شک و وهم چنین خاصیتی ندارد، به مظنون و مشکوک و موهوم نمی توان گفت که عین واقع است.

انسانی که سلامت فطرت را از دست نداده و در اعتقاد خود پیرو آن چیزی است که آن را حق و واقع در خارج می یابد، و در عملش هم آن عملی را می کند که خود را در تشخیص آن محق و مصیب می بیند، چیزی که هست در آنچه که خودش قادر بر تحصیل علم هست علم خود را پیروی می کند، و در آنچه که خود قادر نیست مانند پاره ای از فروع اعتقادی نسبت به بعضی از مردم و غالب مسائل عملی نسبت به غالب مردم از اهل خبره آن مسائل تقلید می کند، آری همان فطرت سالم او را به تقلید از علم عالم و متخصص آن فن، وا می دارد و علم آن عالم را علم خود می داند، و پیروی از او را در حقیقت پیروی از علم خود می شمارد، شاهد این مدعا همان اعمال فطری و ارتکازی مردم است، می بینیم که شخصی که راهی را بلد نیست به قول راهنما اعتماد نموده و به راه می افتد، مریضی که درد و درمان خود را نمی شناسد کورکورانه به دستور طبیب عمل می کند، و ارباب حاجت به اهل فن صنعت مورد احتیاج خود، اعتماد نموده و به ایشان مراجعه می کنند، البته این در صورتی است که به علم و

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 127

معرفت آن راهنما و آن طبیب و آن مهندس و مکانیسین اعتماد داشته باشد.

از اینجا نتیجه می گیریم که انسان سلیم الفطرة در مسیر زندگیش هیچوقت از پیروی علم منحرف نمی شود، و دنبال ظن و شک و وهم نمی رود، چیزی که هست یا در مسائل مورد حاجت زندگیش شخصا علم و تخصص دارد که همان را پیروی می کند، و یا علم کسی را پیروی می کند که وثوق و اطمینان و یقین به صحت گفته های وی دارد، هر چند اینچنین یقین را در اصطلاح برهان منطقی، علم نمی گویند.

پس در هر مرحله ای از زندگی وقتی مساله ای برای انسان پیش می آید به آن علم دارد، یا علم به خود مساله و یا علم به وجوب عمل، بر طبق دلیل علمی که در دست دارد، بنا بر این باید آیه شریفه" وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ" را به چنین معنایی ناظر دانست، پس اگر دلیل علمی قائم شد بر وجوب پیروی از ظنی مخصوص، پیروی آن ظن هم پیروی از علم خواهد بود.

در نتیجه معنای آیه این می شود که: در هر اعتقاد یا عملی که تحصیل علم ممکن است، پیروی از غیر علم حرام است، و در اعتقاد و عملی که نمی شود به آن علم پیدا کرد زمانی اقدام و ارتکاب جائز است که دلیل علمی آن را تجویز نماید، مانند اخذ احکام از پیغمبر و پیروی و اطاعت آن جناب در اوامر و نواهی که از ناحیه پروردگارش دارد، و عمل کردن مریض طبق دستوری که طبیب می دهد، و مراجعه به صاحبان صنایع در مسائلی که باید به ایشان مراجعه شود، زیرا در همه این موارد، دلیل علمی داریم بر اینکه آنچه اینان می گویند مطابق با واقع است. ادله عصمت انبیاء (ع) دلیل علمی هستند بر اینکه آنچه رسول خدا دستور می دهد- چه اوامرش و چه نواهیش- همه اش مطابق با واقع است، و هر کس که دستورات وی را عمل نماید به واقع رسیده است، و همچنین دلیل علمی که بر خبره بودن و حاذقیت طبیب و یا صاحبان صنایع در صنعتشان به دست آورده ایم خود حجتی است علمی بر اینکه هر کس به ایشان مراجعه نموده و به دستوراتشان عمل نماید به واقع رسیده است.

و اگر اقدام بر عمل، بر طبق حجت علمی که اقدام را واجب کند اقدام و پیروی علم نبود آیه شریفه از دلالت بر مدلول خود به کلی قاصر بود، برای اینکه ما مفاد خود آیه را با یک دلیل علمی درک می کنیم که خود آن ظنی بیش نیست، و آن ظهور لفظی است که بیش از ظن و گمان را نمی رساند، و لیکن دلیل قطعی داریم بر اینکه پیروی این ظن واجب است، و آن دلیل قطعی عبارت است از بنای عقلا بر حجیت ظهور، پس اگر پیروی از علم تنها به آن معنا بود که در هر مساله خود انسان علم پیدا کند، پیروی ما از ظاهر آیه پیروی علم نبود، زیرا

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 128

یقین نداریم که مقصود واقعی از آن همان معنایی است که از ظاهرش استفاده می شود، احتمال می دهیم شاید مقصود واقعی آیه، غیر از معنای ظاهرش باشد، و خود آیه می گوید پیروی از ظن و گمان نکن، پس باید از آیه پیروی نکنیم که در این صورت خود آیه ناقض و مخالف خودش خواهد بود.

و از همین جا صحیح نبودن قول بعضی «1» از مفسرین مانند رازی مشخص می شود که گفته اند:" عمل به ظن در فروع بسیار زیاد است، و بعد از تخصیص زدن آیه به مواردی که متابعت جائز است جز موارد انگشت شماری از پیروی ظن غیر معتبر باقی نمی ماند و چنین عامی نسبت به موارد باقی مانده، بیش از ظن افاده نمی کند، و حال آنکه خودش از پیروی ظن نهی کرده" و دلیل صحیح نبودن آن این است که: این آیه بدون هیچ تردیدی دلالت بر" عدم جواز پیروی از غیر علم" دارد، چیزی که هست مواردی از عمل به ظن- که به قول ایشان بسیار هم زیاد است- از آنجایی که با دلیل علمی تجویز شده در حقیقت استثناء نشده و عمل کردن در آن موارد عمل به آن دلیل های علمی است، پس آیه شریفه هیچ تخصیص نخورده تا عام مخصص باشد.

و به فرض هم که تسلیم شویم و بگوئیم همین هم تخصیص و استثناء است، تازه نتیجه می گیریم که عمل کردن به عام در ما بقی افراد که در تحت عام باقی مانده عمل به حجت عقلائیه است و با عام غیر مخصص هیچ تفاوتی ندارد.

نظیر این اشکال، اشکال دیگری نیز در آیه شریفه به نظر می رسد، و آن این است که طریق و راه رسیدن به مقصد و فهم مراد از آیه، همان ظهور آن است و بس، و ظهور هم طریقی است ظنی، پس اگر آیه دلالت کند بر حرمت پیروی از غیر علم، مسلما دلالت خواهد کرد بر حرمت عمل و اخذ به ظهور خودش.

و لیکن قبلا هم گفتیم که عمل به ظهور هر چند خودش ظنی است ولی همین عمل به ظن پیروی از حجتی است علمی و عقلایی، به این معنا که بنای عقلا بر این است که ظن ظهور را حجت بدانند، پس پیروی آن، پیروی غیر علم نیست.

" إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا".

این قسمت از آیه، علت نهی" پیروی از غیر علم" را بیان می کند و آنچه که بر حسب ظاهر به چشم می خورد و به ذهن انسان تبادر دارد این است که ضمیر در" کان" و در

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 208.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 129

" عنه" هر دو به کلمه" کل" برمی گردد، کلمه" عنه" نائب فاعل است برای اسم مفعول (مسئولا) که به گفته زمخشری در کشاف بر آن مقدم شده است، و یا آنکه قائم مقام نایب فاعل است، و کلمه:" اولئک" اشاره است به گوش و چشم و قلب «1»، و اگر با این کلمه که مخصوص اشاره به صاحبان عقل است اشاره به آنها کرده از این جهت بوده که در این لحاظ که لحاظ مسئول عنه واقع شدن آنها است به منزله عقلا اعتبار می شوند، و نظائر آن در قرآن کریم بسیار است که اشاره و یا موصول مخصوص صاحبان عقل در موردی که فاقد عقل است به کار رفته باشد.

ولی بعضی ها گفته اند: که اصلا قبول نداریم کلمه" اولئک" مخصوص صاحبان عقل باشد، برای اینکه در کلمات اساتید زبان عرب دیده شده که در غیر ذوی العقول هم به کار رفته است، مثلا جریر شاعر گفته:

" ذم المنازل بعد منزلة اللوی و العیش بعد اولئک الأیام"

" یعنی نکوهیده شد منزلها بعد از منزل لوای معهود و نیز نکوهیده و سرزنش گشت زندگی بعد از آن چند روز".

بنا بر این ادعا،" مسئول" و سؤال شده خود" گوش"،" چشم" و" قلب" خواهد بود که از خود آنها پرسش می شود، و آنها هم به نفع و یا ضرر آدمی شهادت می دهند هم چنان که خود قرآن فرمود:" وَ تُکَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما کانُوا یَکْسِبُونَ" «2».

بعضی «3» دیگر چنین به نظرشان رسیده که ضمیر" عنه" به" کل" برگشته و بقیه ضمیرها به" متابعت کننده غیر علم" (که سیاق بر آن دلالت دارد) برگشته است، در نتیجه مسئول همان" متابعت کننده" باشد که از او می پرسند که چشم و گوش و فؤادش را چگونه استعمال کرد و در چه کارهایی به کار برد، و بنا بر این معنا، در آیه شریفه التفات و توجهی از خطاب به غیبت به کار رفته و می باید گفته شود" کنت عنه مسئولا" و به هر حال معنای بعیدی است.

و معنای صحیح همان است که ما از نظر خواننده گذراندیم، و حاصلش این است که: دنبال روی از چیزهایی که علم به آنها نداری نکن، زیرا خدای سبحان به زودی از گوش و چشم و فؤاد که وسائل تحصیل علمند بازخواست می فرماید، و حاصل تعلیل آن طور که

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 667.

(2 و 3)مجمع البیان، ج 6، ص 415.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 130

با مورد بسازد این است که گوش و چشم و فؤاد نعمتهایی هستند که خداوند ارزانی داشته است تا انسان به وسیله آنها حق را از باطل تمیز داده و خود را به واقع برساند، و به وسیله آنها اعتقاد و عمل حق تحصیل نماید، و به زودی از یک یک آنها بازخواست می شود که آیا در آنچه که کار بستی علمی به دست آوردی یا نه، و اگر به دست آوردی پیروی هم کردی یا خیر؟.

مثلا از گوش می پرسند آیا آنچه شنیدی از معلومها و یقینها بود یا هر کس هر چه گفت گوش دادی؟ و از چشم می پرسند آیا آنچه تماشا می کردی واضح و یقینی بود یا خیر؟ و از قلب می پرسند آنچه که اندیشیدی و یا بدان حکم کردی به آن یقین داشتی یا نه؟ گوش و چشم و قلب ناگزیرند که حق را اعتراف نمایند، و این اعضاء هم ناگزیرند حق را بگویند، و به آنچه که واقع شده گواهی دهند، بنا بر این بر هر فردی لازم است که از پیروی کردن غیر علم بپرهیزد، زیرا اعضاء و ابزاری که وسیله تحصیل علمند به زودی علیه آدمی گواهی می دهند، و می پرسند آیا چشم و گوش و قلب را در علم پیروی کردی یا در غیر علم؟ اگر در غیر علم پیروی کردی چرا کردی؟ و آدمی در آن روز عذر موجهی نخواهد داشت.

[تعلیل نهی از پیروی از غیر علم به:" إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا"] ..... ص : 130

و برگشت این معنا به این است که بگوئیم" لا تقف ما لیس لک به علم فانه محفوظ علیک فی سمعک و بصرک و فؤادک- پیروی مکن چیزی را که علم به صحتش نداری زیرا گوش و چشم و دل تو علیه تو شهادت خواهند داد" و بنا بر این، آیه شریفه در معنای آیه" حَتَّی إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَیْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما کانُوا یَعْمَلُونَ ... وَ ما کُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ یَشْهَدَ عَلَیْکُمْ سَمْعُکُمْ وَ لا أَبْصارُکُمْ وَ لا جُلُودُکُمْ وَ لکِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا یَعْلَمُ کَثِیراً مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَ ذلِکُمْ ظَنُّکُمُ الَّذِی ظَنَنْتُمْ بِرَبِّکُمْ أَرْداکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِینَ" «1» خواهد بود با این تفاوت که آیه مورد بحث، فؤاد را هم اضافه کرده و جزو گواهان علیه آدمی معرفی نموده، چون فؤاد همان است که انسان هر چه را درک می کند به وسیله آن درک می کند و این از

__________________________________________________

(1)تا چون همه بر دوزخ رسند آن هنگام گوش و چشمها و پوست بدنها بر جرم و گناه آنها گواهی دهند ... و آنها به اعضاء بدن گویند چگونه بر اعمال ما شهادت دادید؟ آن اعضاء جواب گویند خدایی که همه موجودات را به نطق آورد ما را نیز گویا گردانید و او شما را نخستین بار بیافرید و باز به سوی او بر می گردید. و شما که اعمال زشت خود را پنهان می داشتید برای این نبود که گوش و چشمهای شما و پوست بدنهایتان امروز شهادت ندهند و لیکن گناه را پنهان می کردید به گمانتان که اکثر اعمال زشتی که می کنید از خدا هم پنهان است و بر آن آگاه نیست ولی همان گمان باطل شما در باره خدا موجب هلاکت شما گردید و امروز همه از زیانکاران شدید. سوره فصلت، آیات 19- 23.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 131

عجیب ترین مطالبی است که انسان از آیات راجع به محشر استفاده می کند، که خدای تعالی نفس انسانی انسان را مورد بازخواست قرار دهد و از او از آنچه که در زندگی دنیا درک نموده بپرسد، و او علیه انسان که همان خود اوست شهادت دهد.

پس کاملا روشن شد که آیه شریفه از اقدام بر هر امری که علم به آن نداریم نهی می فرماید، چه اینکه اعتقاد ما جهل باشد و یا عملی باشد که نسبت به جواز آن و وجه صحتش جاهل باشد، و چه اینکه ترتیب اثر به گفته ای داده که علم به درستی آن گفتار نداشته باشد.

آن وقت ذیل آیه، مطلب را چنین تعلیل نموده که چون خداوند تعالی از گوش و چشم و قلب پرسش می کند، در اینجا جای سؤالی باقی می ماند که چطور پرسش از این اعضاء را منحصر به صورتی کرده که آدمی دنبال غیر علم را بگیرد و حال آنکه از آیه شریفه" الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلی أَفْواهِهِمْ وَ تُکَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما کانُوا یَکْسِبُونَ" «1» برمی آید که اعضاء و جوارح آدمی، همه به زبان می آیند. چه در آن عقاید و اعمالی که پیروی از علم شده باشد، و چه در آنها که پیروی غیر علم شده باشد.

در پاسخ می گوئیم علت اعم آوردن برای تقلیل یک امری اخص ضرر ندارد، و در آیه مورد بحث می خواهد بفرماید گوش و چشم و فؤاد تنها در صورت پیروی غیر علم مورد بازخواست قرار می گیرند.

و در مجمع البیان در معنای جمله" وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ" گفته است: یعنی چیزی را که نشنیدی به دروغ نگو شنیدم، و چیزی را که ندیده ای مگو دیده ام، و چیزی را که علم نداری مگو اطلاع دارم (نقل از ابن عباس و قتاده) و بعضی گفته اند: یعنی دنبال سر دیگران حرفی نزن وقتی اشخاص از نزد شما می گذرند بدگوئیشان مکن (نقل از حسن) و بعضی گفته اند یعنی شهادت دروغ مده (نقل از محمد بن حنفیه).

لیکن مطلب این است که آیه شریفه، عام است و شامل هر گفتار و یا کردار و یا تصمیمی که بدون علم باشد می شود، گویی اینکه خدای سبحان فرموده است هیچ حرفی مزن مگر اینکه علم داشته باشی که زدنش جائز است، و هیچ عملی انجام مده مگر آنکه علم داشته باشی که انجام آن جائز است، و هیچ عقیده ای را معتقد مشو مگر بعد از آنکه یقین کنی که اعتقاد به آن جایز است «2».

__________________________________________________

(1)امروز است که بر دهان آن کافران مهر خموشی می نهیم و دستهایشان با ما سخن می گویند و پاهایشان به آنچه کرده اند گواهی دهند. سوره یس، آیه 65.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 415.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 132

مؤلف: لیکن این حرف اشکال دارد، زیرا عمومیتش بیش از مفاد آیه است، آیه از پیروی چیزی نهی می کند که بدان علم نداشته باشیم، نه اینکه پیروی از هر گفتار و کردار و اعتقاد را نهی کرده باشد مگر تنها در صورتی که علم به آن داشته باشیم، و معلوم است که دومی اعم از اولی است.

و اما آن معانی و وجوهی که در آغاز کلام خود از ابن عباس و قتاده نقل کرد، جا داشت آن را در تفسیر" إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ ..." نقل کند نه در تفسیر" لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ" که معلل است، تا به پاره ای از مصادیق تعلیل اشاره بشود.

[نهی از تکبر و گردن فرازی کردن ] ..... ص : 132

" وَ لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّکَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا" کلمه:" مرح" به طوری که گفته اند به معنای" برای باطل، زیاد خوشحالی کردن" است، و شاید قید باطل برای این باشد که بفهماند خوشحالی بیرون از حد اعتدال مرح است، زیرا خوشحالی به حق آن است که از باب شکر خدا در برابر نعمتی از نعمتهای او صورت گیرد، و چنین خوشحالی هرگز از حد اعتدال تجاوز نمی کند، و اما اگر بحدی شدت یافت که عقل را سبک نموده و آثار سبکی عقل در افعال و گفته ها و نشست و برخاستنش و مخصوصا در راه رفتنش نمودار شد چنین فرحی، فرح به باطل است، و جمله" لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً" نهی است از اینکه انسان به خاطر تکبر خود را بیش از آنچه هست بزرگ بداند، و اگر مساله راه رفتن به مرح را مورد نهی قرار داد، برای این بود که اثر همه آن انحرافها در راه رفتن نمودارتر می شود، و جمله" إِنَّکَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا" کنایه است که این ژست و قیافه ای که به منظور اظهار قدرت و نیرو و عظمت به خود می گیری وهمی بیش نیست، چون اگر دستخوش واهمه نمی شدی می دیدی که از تو بزرگتر و نیرومندتر وجود دارد که تو با چنین راه رفتنی نمی توانی آن را بشکافی و آن زمین است که زیر پای تو است. و از تو بلندتر هم هست و آن کوه های بلند است که خیلی از تو رشیدتر و بلندترند، آن وقت اعتراف می کردی که خیلی خوار و بی مقداری و انسان هیچ چیز را، ملک و عزت و سلطنت و قدرت و آقایی و مال و نه چیزهای دیگر در این نشاه به دست نمی آورد، و با داشتن آن به خود نمی بالد و تنها چیزی که به دست می آورد اموری هستند موهوم و خالی از حقیقت که در خارج از درک و واهمه آدمی ذره ای واقعیت ندارند، بلکه این خدای سبحان است که دلهای بشر را مسخر کرده که اینگونه موهومات را واقعت بپندارند، و در عمل خود بر آنها اعتماد کنند، تا کار این دنیا به سامان برسد، و اگر این اوهام نبود، و بشر اسیر آن نمی شد آدمی در دنیا زندگی نمی کرد، و نقشه پروردگار عالم به کرسی نمی نشست و حال آنکه او خواسته است تا غرض خود را به

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 133

کرسی بنشاند، و فرموده است" وَ لَکُمْ فِی الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلی حِینٍ" «1».

" کُلُّ ذلِکَ کانَ سَیِّئُهُ عِنْدَ رَبِّکَ مَکْرُوهاً".

کلمه" ذلک" به طوری که گفته اند اشاره است به واجبات و محرماتی که قبلا گفته شد، و ضمیر در" سیئه" به همین کلمه، یعنی به" ذلک" برمی گردد، و معنایش این است که" همه اینها که گفته شد- یعنی همه آنچه که مورد نهی واقع شد- گناهش نزد پروردگارت مکروه است، و خداوند آن را نخواسته است".

و بنا به قرائتی که" همزه" را به صدای بالا و" هاء" را" تاء" و کلمه را به صورت" سیئة" خوانده اند کلمه مزبور خبر" کان" خواهد بود، و معنایش چنین می شود:" همه اینها نزد پروردگارت سیئه و مکروه است".

" ذلِکَ مِمَّا أَوْحی إِلَیْکَ رَبُّکَ مِنَ الْحِکْمَةِ".

کلمه" ذلک" اشاره است به تکالیفی که قبلا ذکر فرمود، و اگر در این آیه احکام فرعی دین را حکمت نامیده، از این جهت بوده است که هر یک مشتمل بر مصالحی است که اجمالا از سابقه کلام فهمیده می شد.

" وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقی فِی جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً".

خدای سبحان از آن جهت نهی از شرک را تکرار نمود- چون قبلا هم از آن نهی کرده بود- که خواست عظمت امر توحید را برساند، علاوه بر این نهی دومی به منزله پیوندی است که آخر کلام را به اول آن وصل می کند، و معنای آیه روشن و واضح است.

بحث روایتی ..... ص : 133

اشاره

در احتجاج از یزید بن عمیر بن معاویه شامی از حضرت رضا (ع) نقل کرده که در ضمن حدیثی که در آن مساله جبر و تفویض و امر بین امرین را ذکر فرموده گفته است:

" عرض کردم آیا خدای تعالی در کار بندگان اراده و مشیتی دارد"؟ فرمود: اما در اطاعتها اراده و مشیت خدا همان امری است که خدا در باره آنها فرموده و خشنودی است که نسبت به انجام آنها دارد و کمک و توفیقی است که به فاعل آنها ارزانی می دارد، و اما در معصیت ها اراده و مشیتش همان نهیی است که از آنها کرده و سخطی است که نسبت به مرتکبین آنها

__________________________________________________

(1)و شما را در زمین آرامگاه و آسایشی خواهد بود تا روز مرگ. سوره بقره، آیه 36.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 134

دارد، و سنگینی بار ایشان است «1».

[روایاتی در ذیل جمله:" وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً" در باره نیکی کردن به پدر و مادر] ..... ص : 134

و در تفسیر عیاشی از ابی ولاد الحناط روایت کرده که گفت: از امام صادق معنای آیه" وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً" را پرسیدم، فرمود: یعنی با پدر و مادر نیکو معاشرت کنی و وادارشان مکنی که مجبور شوند در حوائجشان از تو چیزی بخواهند (بلکه قبلا برایشان فراهم کنی) هر چند که خود بی نیاز از آن باشند مگر نشنیدی که خدای تعالی فرموده:" لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" به خیر و احسان نمی رسید مگر زمانی که از آنچه که دوست می دارید انفاق کنید آن گاه امام (ع) فرمود: اما اینکه فرمود:" إِمَّا یَبْلُغَنَّ عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ کِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ" معنایش این است که اگر خسته ات کردند به ایشان اف نگویی و اگر تو را زدند" وَ لا تَنْهَرْهُما" ایشان را نرنجانی" وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا کَرِیماً" یعنی در عوض بگویی خدا شما را بیامرزد، این است قول کریم تو،" وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ" یعنی دیدگان خود از نگاه پر مکنی مگر به نگاه از رحمت و رقت، و صدای خود بلندتر از صدای ایشان و دست خود ما فوق دست ایشان بلند مکنی و در راه از ایشان جلو نیفتی «2».

مؤلف: این روایت را کلینی نیز در کافی به سند خود از ابی ولاد الحناط از آن جناب نقل کرده است «3».

و در کافی به سند خود از حدید بن حکیم از امام صادق (ع) روایت کرده که فرمود: کمترین عقوق والدین" اف گفتن" است، و اگر خدای تعالی از این کمتر را سراغ داشت از آن نیز نهی می کرد «4».

مؤلف: همچنین این روایت را به سند دیگر از امام صادق (ع) نقل کرده و نیز همین معنا را به سند خود از ابی البلاد از آن حضرت روایت کرده است «5»، و عیاشی هم همان را در تفسیر خود از حریز از آن جناب نقل نموده، و طبرسی در مجمع البیان از حضرت رضا (ع) و آن حضرت از پدرش و پدرش از آن جناب امام صادق (ع) نقل کرده است «6»، و روایات در نیکی به پدر و مادر و حرمت عقوق چه در زندگی ایشان

__________________________________________________

(1)احتجاج، ج 2، ص 198، ط نجف.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 285، ح 39.

(3)اصول کافی، ج 2، ص 157، ح 1.

(4)اصول کافی، ج 2 ص 348، ح 1.

(5)اصول کافی، ج 2، ص 349، ح 7- 9.

(6)مجمع البیان، ج 6، ص 409.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 135

و چه بعد از مرگشان چه از طرق عامه از رسول خدا (ص) و از طرق خاصه از آن حضرت، و از امامان اهل بیت (ع) بیش از آن است که بتوان شمرد.

[چند روایت در معنای" اوابین"] ..... ص : 135

و در مجمع از ابی عبد اللَّه (ع) در باره معنای" اواب" روایت کرده که فرمود: اواب به معنای کسی است که بسیار توبه می کند، و متعبدی است که همواره از گناه به سوی خدا باز می گردد «1».

و در تفسیر عیاشی از ابی بصیر از امام صادق (ع) آورده که فرمود: ای ابا محمد بر شما باد به ورع و اجتهاد و ادای امانت و راستگویی و حسن معاشرت با هر کس که با شما همنشین است و طول دادن سجده، که اینها از سنت ها و روش توابین اوابین است، آن گاه ابو بصیر اضافه کرد که اوابین همان توابین اند «2».

مؤلف: و نیز از ابو بصیر از آن حضرت روایت شده که در تفسیر آیه فرموده: توابین- عبادت پیشگانند «3».

و در الدر المنثور است که ابن ابی شیبه و حناد از علی بن ابی طالب (ع) روایت کرده که گفت: وقتی که سایه میل کرد و ارواح به استراحت پرداختند (یعنی هنگام عصر) حوائج خود به درگاه خدای تعالی ببرید که آن ساعت، ساعت اوابین است، آن گاه خواند" فَإِنَّهُ کانَ لِلْأَوَّابِینَ غَفُوراً" «4».

و نیز در همان کتاب آمده که ابن حریز از علی بن الحسین (رضی اللَّه عنه) روایت کرده که به مردی از اهل شام فرمود: آیا قرآن خوانده ای؟ عرض کرد: بلی، فرمود: آیا در باره بنی اسرائیل نخوانده ای که فرمود" وَ آتِ ذَا الْقُرْبی حَقَّهُ"؟ مرد گفت: مگر شما از آنهائید که خدا امر کرده حقشان داده شود؟ فرمود: آری «5».

مؤلف: این روایت را تفسیر برهان از صدوق و او به سند خود از امام (ع) و ثعلبی در تفسیر خود از سدی از ابن دیلمی از آن جناب آورده اند «6».

و در تفسیر عیاشی از عبد الرحمن بن حجاج نقل کرده که گفت: من از امام صادق (ع) در باره این آیه پرسیدم که می فرماید:" وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِیراً" در جوابم فرمود: هر کس هر خرجی در غیر اطاعت خدا کند مبذر است، و هر خرجی که در راه خدا کند در آن

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 410. [.....]

(2 و 3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 286، ح 44 و 42.

(4 و 5)الدر المنثور، ج 4، ص 176.

(6) تفسیر برهان، ج 2، ص 415، ح 3 و 4.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 136

خرج اقتصاد و میانه روی را رعایت کرده است «1».

و در همان کتاب از ابی بصیر از آن جناب روایت کرده که در تفسیر این جمله فرموده است:" تبذیر" آن است که انسان هر چه دارد بدهد آن وقت خودش دست روی دست بگذارد و محتاج گردد، پرسیدم این تبذیر تبذیر در حلال نیست؟ فرمود: چرا «2».

و در تفسیر قمی می گوید: امام صادق (ع) فرمود:" محسورا" به معنای برهنه و عریان است «3».

[روایاتی در باره اجتناب از افراط و تفریط در انفاق در ذیل آیه:" وَ لا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إِلی عُنُقِکَ ..."] ..... ص : 136

و در کافی به سند خود از عجلان روایت می کند که گفت وقتی در حضور حضرت صادق (ع) بودم، سائلی آمد حضرت برخاست و از ظرفی که خرما داخل آن بود دو مشتش را پر کرد و به سائل داد، چیزی نگذشت که سائل دیگری آمد، دو مشتی هم به او داد، آن گاه سومی آمد به او ندا داد و فرمود:" اللَّه رازقنا و ایاکم- خدا روزی ده ما و شما است".

آن گاه فرمود: رسول خدا چنین بود که احدی از او چیزی از مال دنیا نمی خواست مگر آنکه به او می داد، زنی فرزند خود را نزد آن جناب فرستاد و به او سپرد اگر رسول خدا (ص) گفت چیزی ندارم بگو پیراهنت را بده که ما در خانه چیزی نداریم، حضرت پیراهنش را در آورد و به سویش انداخت، و در نسخه دیگری آمده، به او داد، و خدا آن حضرت را این چنین تادیب کرد که" لا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إِلی عُنُقِکَ وَ لا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً" آن گاه حضرت فرمود:" احسار" به معنای فقر و نداری است «4».

مؤلف: این روایت را عیاشی هم در تفسیر خود از عجلان از آن جناب نقل کرده «5» و داستان رسول خدا (ص) را قمی هم در تفسیر خود «6» و همچنین در المنثور «7» از ابن ابی حاتم از منهال بن عمرو و از ابن جریر طبری از ابن مسعود آورده اند.

و در کافی به سند خود از مسعدة بن صدقه از ابی عبد اللَّه (ع) روایت کرده که فرمود: خداوند در این آیه رسول خدا را تعلیم می دهد که چطور باید انفاق کند، و داستانش

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 288، ح 55.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 288، ح 4.

(3)تفسیر قمی، ج 2، ص 19.

(4)فروع کافی، ج 4، ص 55، ح 7.

(5)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 289، ح 59.

(6)تفسیر قمی، ج 2، ص 18.

(7)الدر المنثور، ج 4، ص 178.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 137

این است که چند وقیه پول طلا نزدش مانده بود دلش نمی خواست شب آنها را نزد خود نگهدارد لذا همه را صدقه داد، و چون صبح شد چیزی در دست نداشت، و اتفاقا سائلی مراجعه نموده و چیزی خواست، و وقتی فهمید چیزی ندارد آن جناب را ملامت کرده و حضرت غمناک شد، زیرا از یک سو چیزی در دست نداشت و از سوی دیگر چون دلسوز و رقیق القلب بود، از وضع مرد متاثر شد، لذا خدای تعالی وی را به وسیله این آیه مؤدب نمود که:" لا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً ..." خاطر نشانش کرد که چه بسا مردم از تو درخواستی کنند که اگر عذر بیاوری عذرت را نپذیرند، پس هیچوقت نباید همه آنچه را که در دست داری به یک نفر بدهی و دست خالی بمانی «1».

و در تفسیر عیاشی از ابن سنان از امام صادق (ع) روایت کرده که در تفسیر:" وَ لا تَجْعَلْ یَدَکَ مَغْلُولَةً إِلی عُنُقِکَ" دستها را در هم قفل کرد و فرمود یعنی اینطور (و دست خود به گردن حلقه کرد) و در ذیل جمله" وَ لا تَبْسُطْها کُلَّ الْبَسْطِ" کف دست خود را باز نموده و فرمود یعنی اینچنین «2».

و در تفسیر عیاشی از ابن سنان از امام صادق (ع) روایت کرده که در ضمن حدیثی می گوید: خدمت آن حضرت عرض کردم:" املاق" چیست؟ فرمود: املاق به معنای افلاس است «3».

و در الدر المنثور است که ابن ابی حاتم از قتاده و او از حسن روایت کرده که در ذیل آیه" وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنی إِنَّهُ کانَ فاحِشَةً" گفته است: رسول خدا (ص) بارها می فرمود:" بنده خدا در حینی که زنا می کند ایمان به خدا ندارد، و در حینی که بهتان می زند ایمان به خدا ندارد، و در حینی که دزدی می کند ایمان به خدا ندارد، و در حینی که شراب می خورد ایمان به خدا ندارد، و در حینی که خیانت می کند ایمان به خدا ندارد" پرسیدند: یا رسول اللَّه به خدا سوگند ما خیال می کردیم این کارها با ایمان سازگار هست، رسول خدا (ص) فرمود اگر یکی از این کارها از آدمی سر بزند ایمان از قلبش بیرون می رود، و اگر توبه کند توبه اش قبول می شود «4».

مؤلف: این حدیث به طرق دیگری از عایشه و ابی هریرة نیز روایت شده، و از طرق

__________________________________________________

(1)فروع کافی، ج 5، ص 67، ح 1.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 289، ح 60، با اختلاف در سند.

(3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 289، ح 63.

(4)الدر المنثور، ج 4، ص 179. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 138

اهل بیت (ع) هم چنین مضمونی رسیده که روح ایمان در حین معصیت از آدمی جدا می شود.

[چند روایت در ذیل آیه:" وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً ..."] ..... ص : 138

و در کافی به سند خود از اسحاق بن عمار روایت کرده که گفت: به حضرت ابی الحسن (ع) عرض کردم خدای عز و جل می فرماید:" وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ إِنَّهُ کانَ مَنْصُوراً" مقصود از این اسراف چیست که خدا از آن نهی می کند؟ فرمود: مقصود این است که به جای قاتل شخص بی گناهی را بکشی و یا قاتل را مثله کنی، عرض کردم، پس معنای جمله:" إِنَّهُ کانَ مَنْصُوراً" چیست؟ فرمود: چه نصرتی بالاتر از این که قاتل را دست بسته در اختیار اولیای مقتول بگذارند تا اگر خواستند به قتل برسانند البته این در صورتی است که پیامد و تالی فاسدی در بین نباشد، و اثر سوء دینی و یا دنیایی به بار نیاورد «1».

و در تفسیر عیاشی از ابی العباس روایت کرده که گفت: از امام صادق (ع) پیرامون دو نفر که شخصی را به شرکت کشته بودند سؤال کردم فرمود: صاحب خون یعنی اولیای مقتول می توانند یکی از آن دو نفر را بکشند، و هر یک را کشتند نصف دیه او را آن دیگری به ورثه اش می دهد و همچنین اگر مردی زنی را کشت اگر اولیای مقتول قبول کردند که خونبها بگیرند هیچ و اگر جز کشتن قاتل را رضا ندادند می توانند قاتل را بکشند و نصف دیه اش را هم به ورثه اش بپردازند، این است معنای کلام خدای تعالی که می فرماید:" فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِیِّهِ سُلْطاناً فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ" «2».

مؤلف: و در معنای این دو روایت روایات دیگری نیز هست، مثلا الدر المنثور از بیهقی نقل کرده که او در سنن خود از زید بن اسلم روایت کرده که گفت: مردم را در جاهلیت رسم چنین بود که اگر مردی از یک فامیلی کسی را می کشت از آن قوم و قبیله راضی نمی شدند، مگر بعد از آنکه یکی از بزرگان و رؤسای ایشان را بکشند، البته این در صورتی بود که قاتل خودش از رؤساء نباشد، خدای تعالی در این آیه ایشان را اندرز نموده و می فرماید" وَ لا تَقْتُلُوا- تا آنجا که می فرماید- فَلا یُسْرِفْ فِی الْقَتْلِ" «3».

و در تفسیر قمی در ذیل آیه شریفه" وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِیمِ" گفته: که در روایت ابی الجارود نقل شده که امام ابی جعفر (ع) در معنای قسطاس مستقیم

__________________________________________________

(1)فروع کافی، ج 7، ص 370، ح 7.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 290، ح 66.

(3)الدر المنثور، ج 4، ص 181.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 139

فرموده که:" قسطاس مستقیم" آن میزانی را گویند که زبانه (شاهین) داشته باشد «1».

مؤلف: مقصود از ذکر زبانه این است که استقامت را برساند که معمولا ترازوهای دو کفه ای این حال را دارند.

[روایاتی در باره پیروی نکردن از غیر علم و تقسیم شدن ایمان، بر اعضاء و جوارح (إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ ...)] ..... ص : 139

و در تفسیر عیاشی از ابی عمر و زبیری از امام صادق (ع) نقل کرده که فرمود: خدای تبارک و تعالی ایمان را بر همه اعضاء و جوارح آدمی واجب کرده و بر همه تقسیم نموده است، پس هیچ عضوی نیست مگر آنکه موظف است به ایمانی مخصوص به خود، غیر از آن ایمانی که عضو دیگر موظف بر آن است، یک عضو آدمی دو چشم او است که با آن می بیند و یکی دو پای او است که با آن راه می رود.

بر چشم واجب کرده که به آنچه حرام است ننگرد، و آنچه را که خدا نهی کرده و حلال نیست نبیند این عمل ایمان چشم است، و فرموده:" لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا" این وظیفه چشم و ایمان او است ...

و همچنین بر دو پای آدمی واجب کرده که به سوی معاصی الهی نرود، و به سوی آنچه که خدا واجب کرده حرکت کند، و فرموده" لا تَمْشِ فِی الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّکَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا" و نیز فرموده" وَ اقْصِدْ فِی مَشْیِکَ وَ اغْضُضْ مِنْ صَوْتِکَ إِنَّ أَنْکَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِیرِ" «2».

مؤلف: این روایت را کافی هم به سند خود از ابی عمر و زبیری از آن جناب در ضمن حدیث مفصلی نقل کرده «3».

و در همان کتاب از ابی جعفر روایت کرده که گفت: نزد امام صادق (ع) بودم که مردی خدمت آن حضرت عرض کرد: پدر و مادرم فدای تو باد، من کنیفی دارم و وارد آن کنیف (مستراح) می شوم تا رفع حاجت کنم، در همسایگی ما اشخاصی هستند که کنیزان آوازه خوان دارند، آواز می خوانند و موسیقی می نوازند، و چه بسا می شود من نشستن در آنجا را طول می دهم تا صدای آنها را بشنوم، این عمل چطور است؟ فرمود: اینکار را مکن عرض کرد به خدا قسم من هرگز به سراغ آنها نرفته ام و نمی روم، بلکه صدایی است که از ایشان می شنوم، فرمود: مگر کلام خدای را نشنیدی که می فرماید:" إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ کُلُّ أُولئِکَ کانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا"؟.

__________________________________________________

(1)تفسیر قمی، ج 2، ص 19.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 293، ح 77.

(3)اصول کافی، ج 2، ص 33، ح 1.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 140

عرض کرد: نه به خدا سوگند، مثل اینکه تا کنون این آیه را از کتاب خدا نشنیده بودم نه از عجم و نه از عرب، دیگر چنین عملی را تکرار نمی کنم ان شاء اللَّه، و نسبت به گذشته هم استغفار می کنم.

فرمود: برخیز و غسل کن و آنچه می توانی نماز بخوان، چون تا کنون در کار بزرگی مشغول بوده ای و چقدر حال بدی داشتی اگر بر این حال می مردی، شکر می کنم خدا را که متوجه شدی و از او درخواست می کنم که از هر بدی که از تو دیده صرفنظر کند. آری خدای تعالی کراهت ندارد مگر از هر کار زشت تو، کارهای زشت را بگذار برای اهلش، چون هر چیزی در عالم اهلی دارد «1».

مؤلف: این روایت را شیخ طوسی رضوان اللَّه علیه در کتاب تهذیب «2» از آن جناب و کلینی در کافی از مسعدة بن زیاد از آن جناب نقل کرده اند «3».

و نیز در همان کتاب از حسین بن هارون از امام صادق (ع) روایت کرده که در ذیل جمله" إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ ..." فرمود: خدای تعالی از گوش می پرسد که چه شنیدی و از چشم سؤال می کند که به چه چیز نگریستی و از قلب پرسش می کند که بر چه چیزهایی معتقد شدی «4».

و در تفسیر قمی در ذیل آیه" وَ لا تَقْفُ ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ ..." گفته است: معصوم (ع) فرموده احدی را از آنچه که به آن علم نداری پیروی مکن، که رسول خدا (ص) فرمود: هر کس به مردی مؤمن و یا زنی مؤمنه تهمت بزند خداوند او را در طینت خبال نگه می دارد تا از عهده آنچه گفته برآید «5».

مؤلف: طینت خبال در روایت ابن ابی یعفور از امام صادق (ع) به نقل از کافی، به چرکی تفسیر شده که از عورت زنان بدکار بیرون می آید، و از طرق اهل سنت از ابو ذر و انس از رسول خدا (ص) معنایی نظیر آن روایت شده است.

و روایات- بطوری که ملاحظه می کنید- بعضیها مفسر مورد آیه به خصوص است، و بعضی دیگرش مفسر عموم تعلیل آیه است، هم چنان که در بیان گذشته هم اشاره شده.

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 292 ح 76.

(2)تهذیب، ج 1، ص 116، ح 36.

(3)کافی، ج 6، ص 432، ح 10.

(4)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 292، ح 75.

(5)تفسیر قمی، ج 2، ص 19.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 141

[سوره الإسراء (17): آیات 40 تا 55] ..... ص : 141

اشاره

أَ فَأَصْفاکُمْ رَبُّکُمْ بِالْبَنِینَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِکَةِ إِناثاً إِنَّکُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِیماً (40) وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِیَذَّکَّرُوا وَ ما یَزِیدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (41) قُلْ لَوْ کانَ مَعَهُ آلِهَةٌ کَما یَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلاً (42) سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوًّا کَبِیراً (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلاَّ یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لکِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ إِنَّهُ کانَ حَلِیماً غَفُوراً (44)

وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (45) وَ جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِذا ذَکَرْتَ رَبَّکَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلی أَدْبارِهِمْ نُفُوراً (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ یَسْتَمِعُونَ إِلَیْکَ وَ إِذْ هُمْ نَجْوی إِذْ یَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (47) انْظُرْ کَیْفَ ضَرَبُوا لَکَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلاً (48) وَ قالُوا أَ إِذا کُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِیداً (49)

قُلْ کُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِیداً (50) أَوْ خَلْقاً مِمَّا یَکْبُرُ فِی صُدُورِکُمْ فَسَیَقُولُونَ مَنْ یُعِیدُنا قُلِ الَّذِی فَطَرَکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَیُنْغِضُونَ إِلَیْکَ رُؤُسَهُمْ وَ یَقُولُونَ مَتی هُوَ قُلْ عَسی أَنْ یَکُونَ قَرِیباً (51) یَوْمَ یَدْعُوکُمْ فَتَسْتَجِیبُونَ بِحَمْدِهِ وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِیلاً (52) وَ قُلْ لِعِبادِی یَقُولُوا الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّیْطانَ یَنْزَغُ بَیْنَهُمْ إِنَّ الشَّیْطانَ کانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِیناً (53) رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِکُمْ إِنْ یَشَأْ یَرْحَمْکُمْ أَوْ إِنْ یَشَأْ یُعَذِّبْکُمْ وَ ما أَرْسَلْناکَ عَلَیْهِمْ وَکِیلاً (54)

وَ رَبُّکَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِیِّینَ عَلی بَعْضٍ وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً (55)

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 142

ترجمه آیات ..... ص : 142

(خدایانی دیگر اتخاذ نموده آنها را دختران خدا می دانند؟) آیا خدا شما را از خود محترم تر می داند که پسران را به شما داده و از ملائکه دختران را خود گرفته، با این سخن گناه بزرگی مرتکب می شوید (40).

ما در این قرآن دلائل و مثلها مکرر ذکر کردیم تا ایشان متذکر گردند ولی جز دوری بیشتر در ایشان اثری نبخشید (41).

بگو اگر با او آلهه ای می بود آن طور که ایشان می گویند، در مقام غلبه یافتن بر خدای صاحب عرش برمی آمدند و راهی برای رسیدن به این هدف می جستند (42).

منزه و متعالی است خدا از آنچه آنان می گویند و بسیار بزرگتر از آن است (43).

همه آسمانهای هفتگانه و زمین و موجوداتی که بین آنهاست همه او را منزه می دارند، و اصولا هیچ موجودی نیست مگر آنکه با حمدش خداوند را منزه می دارد ولی شما تسبیح آنها را نمی فهمید که او همواره بردبار و آمرزنده است (44).

و چون قرآن را می خوانی ما میان تو و میان کسانی که به روز جزا ایمان نمی آورند حجابی ساتر قرار می دهیم (45).

و بر دلهایشان پرده افکنیم تا از اینکه قرآن را بفهمند مانع شود، و نیز در گوشهایشان کری و چون پروردگارت را به تنهایی در قرآن یاد می کنی پشت می کنند و می روند (46).

ما بهتر می دانیم که غرض ایشان از اینکه می آیند قرآن خواندن تو را بشنوند چیست؟ و نیز بهتر می دانیم که پس از شنیدن آهسته با هم چه می گویند، ستمکاران می گویند: جز از مردی جادو شده پیروی نمی کنید (47).

ببین چگونه برایت مثل ها می زنند گمراه شده اند و دیگر راهی پیدا نمی کنند (48).

و (نیز) گفتند: آیا بعد از آنکه استخوان شدیم و پوسیده گشتیم دو مرتبه به خلقتی از نو زنده می شویم (49).

بگو (استخوان که سهل است) اگر سنگ و آهن و یا هر چه که به نظرتان سخت تر از آن نیست بوده

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 143

باشید نمی توانید جلو بعث خدای را بگیرید (50).

دوباره می پرسند چه کسی ما را برمی گرداند؟ بگو همان که بار اول خلقتان کرد این دفعه سرهایشان را به عنوان مسخره کردن برایت تکان می دهند، و می گویند: این چه وقت خواهد بود؟ بگو شاید نزدیک باشد (51).

و آن روزی است که شما را صدا می زنند و شما در حالی که حمد خدا می گوئید آن دعوت را اجابت می کنید. و به نظرتان چنین می آید که جز چند ساعتی نیارمیده اید (52).

و به بندگانم بگو سخنی که بهتر است بگوئید، چون شیطان می خواهد میان آنان کدورت بیفکند که شیطان برای انسان دشمنی آشکار است (53).

پروردگارتان شما را بهتر می شناسد اگر بخواهد به شما رحم می کند، و یا اگر بخواهد عذابتان می کند، و ما تو را نفرستاده ایم که وکیل ایشان باشی (54).

و پروردگارتان داناتر به هر کسی است که در آسمانها و زمین است و ما بعضی پیامبران را بر بعضی دیگر برتری دادیم و به داوود زبور دادیم (55).

بیان آیات ..... ص : 143

اشاره

در این آیات مساله توحید و سرزنش مشرکین دنبال شده است که چگونه خدایانی برای خود درست کرده اند، و ملائکه کرام را زنانی پنداشته اند، و چگونه با آمدن قرآن و ادله توحید آن، باز هم متنبه نشده و آیات قرآنی را نمی فهمند، و در عوض فرستاده ما را و مساله بعث و نشور را مسخره می کنند، و سخنان زشتی در باره خدا می گویند، و همچنین مطالبی دیگر.

" أَ فَأَصْفاکُمْ رَبُّکُمْ بِالْبَنِینَ وَ اتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِکَةِ إِناثاً إِنَّکُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِیماً".

کلمه" اصفاء" به معنای اخلاص است، در مجمع البیان گفته است: وقتی می گویی" اصفیت فلانا بالشی ء" معنایش این است که" من فلانی را نسبت به فلان چیز مقدم بر خود داشتم" «1».

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 416.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 144

این آیه خطاب به آن دسته از مشرکین است که می گفتند: ملائکه دختران خدا هستند، و یا بعضی از ملائکه دختران اویند، استفهامی که در آن شده استفهام انکاری است، و اگر به جای" بنات- دختران" کلمه" اناث- زنان" را آورد از این جهت بود که ایشان جنس زن را پست می دانستند.

و معنای آیه این است که وقتی خدای سبحان پروردگار شما باشد، و پروردگار دیگری نداشته باشید و او همان کسی باشد که اختیاردار هر چیزی است آن وقت آیا جا دارد که بگوئید شما را بر خودش مقدم داشته و به شما پسر داده و از جنس اولاد، جز دختران نصیب خود نکرده است؟! و ملائکه را که به خیال شما از جنس زنانند به خود اختصاص داده؟

راستی حرف بزرگی می زنید که تبعات و آثار سوء آن بسیار بزرگ است.

[تصریف آیات (تنوع بیان و احتجاج) به منظور متذکر شدن شنوندگان ] ..... ص : 144

" وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِیَذَّکَّرُوا وَ ما یَزِیدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً".

در مفردات می گوید کلمه:" صرف" به معنای برگرداندن چیزی است از حالی به حالی، و یا عوض کردن آن با غیر آن است، کلمه" تصریف" نیز به همین معنا است، با این تفاوت که تصریف علاوه بر آنچه که صرف آن را افاده می کند تکثیر را هم می رساند، و بیشتر در جایی به کار می رود که در مورد گرداندن و تغییر دادن چیزی است از حالی به حالی و یا از امری به امری، و معنای" تصریف الریاح" به معنای حرکت دادن و گرداندن بادها است از حالی به حالی، و همچنین در جمله" وَ صَرَّفْنَا الْآیاتِ" و جمله" وَ صَرَّفْنا فِیهِ مِنَ الْوَعِیدِ" و نیز از این باب است تصریف کلام و تصریف درهم «1».

و نیز در معنای" نفور" گفته است" نفر" هم به معنای تنفر شدید از چیزی است و هم به سوی چیزی مانند" فزع" که هم به معنای ترس از چیزی است و هم به سوی چیزی، پس وقتی گفته می شود:" ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً" و یا" ما یَزِیدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً" معنای فوق مورد نظر است «2».

پس به شهادت سیاق معنای جمله" وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِیَذَّکَّرُوا" این خواهد شد که قسم می خورم به تحقیق گفتار در پیرامون مساله توحید و نفی شریک را در این آیه قرآن چند جور عوض کردیم هر بار با بیان دیگری غیر از بیان قبل احتجاج نمودیم، هر دفعه لحن آن را عوض کردیم، عبارتها عوض شد بیانها مختلف گردید بلکه اینها به فکر بیفتند، و متذکر شوند،

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" صرف".

(2)مفردات راغب، ماده" نفر". [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 145

و حق بر ایشان روشن شود.

" وَ ما یَزِیدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً"- یعنی این عوض کردنها سرانجام اثری جز روی گردانی بیشتر از این راهنماییها اثری نبخشید.

در این آیه شریفه التفاتی به کار رفته، اول سیاق کلام سیاق خطاب بود بعدا موضع غیبت به خود گرفت تا این معنا را بفهماند که اینان بعد از آنکه کارشان بدینجا کشید دیگر قابل خطاب و تکلم نیستند.

[با اینکه ثمره تصریف آیات ازدیاد نفرت کفار بوده، حکمت نزول آیات چه بوده است؟] ..... ص : 145

در مجمع البیان می گوید:" اگر بگویی وقتی خدا می دانست که ثمره تصریف آیات همان زیاد شدن نفرت مردم است، دیگر چرا این آیات را نازل کرد و حکمت آن چه بود؟".

بعضی در پاسخ این اشکال گفته اند که حکمتش این بوده که حجت را برطرف تمام نموده و در اظهار دلائل و فراهم نمودن زمینه برای تکلیف، جای عذری باقی نگذارد، علاوه بر این نازل شدن و نشدنش نسبت به همه مساوی نبود، بلکه برای عده ای فرق داشت زیرا عده ای با نازل شدن این آیات اصلاح می شوند، همینها هم که از ایمان فرار می کنند فسادهای بزرگتری را به راه می انداختند، پس حکمت اقتضا کرد که این معانی در همین آیات نازل شود، و اگر موقع دیدن آیات و دلائل، نفور خود را زیاد کردند از این جهت بود که آنها این آیات را شبهه و حیله می پنداشتند، و نمی توانستند در باره آنها درست فکر کنند «1».

و اینکه گفت" همینها هم که از ایمان فرار می کنند فسادهای بزرگتری به راه می انداختند" بی اشکال نیست، زیرا زیاد شدن نفور ایشان ایشان را به جحود و لجبازی و دشمنی با حق و جلوگیری از پیشرفت آن، وادار می کرد و در باب دعوت چه فسادی بزرگ تر از این!.

و لیکن این را هم باید دانست که کفر و لجبازی و نفور از حق، و دشمنی با آن، همین طور که صاحبان خود را آزار نموده و ایشان را به هلاکت سوق می دهد به همان اندازه به نفع صاحبان ایمان و راضیان از رضای خدا و تسلیم شدگان در برابر حق تمام می شود، زیرا اگر برای این صفات نیک و خصال ستوده مقابلهایی پیدا نمی شد واقعیت قدر آنها معلوم نمی گردید (دقت فرمائید) پس حکمت اقتضا می کرد که حجت تمام شود، و همچنین در تمامیت خود رو به ازدیاد رود تا از افراد شقی تمامی آن شقاوتی را که در طاقت و وسعش هست بیرون افکنده و افراد سعید هم با مساعی مختلف خود درجاتی مقابل درکات اشقیاء طی

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 417.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 146

کنند هم چنان که فرمود:" کُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّکَ وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً" (آیه 20 همین سوره).

[تقریر استدلال برای نفی شریک به اینکه اگر با خدا آلهه ای می بود راهی به سوی خدای ذی العرش جستجو می کردند (إِذاً لَابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا)] ..... ص : 146

" قُلْ لَوْ کانَ مَعَهُ آلِهَةٌ کَما یَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا".

باز هم از خطاب ایشان اعراض نموده خطاب را متوجه رسول خود نمود، و دستور داد که با ایشان همکلام شود، و در امر توحید و شرک نورزیدن با ایشان گفتگو کند و چون ایشان معتقد به خدایانی غیر از خدای تعالی بودند که هر یک بر حسب اختلاف درجاتشان جهات مختلف عالم را تدبیر می کنند، یکی اله و رب آسمان، دیگری اله و رب زمین، سومی خدای جنگ و چهارمی خدای قریش و همچنین خدایان دیگر ...

و نیز چون این خدایان را شریکهای خدا در تدبیر عالم می دانستند قهرا باید برای هر یک از آنها بر حسب ربوبیتشان سهمی از ملک قائل می شدند، و با اینکه ملک از توابع خلقت است که به اعتراف خود ایشان مختص به خدای سبحان است، ناگزیر باید بگویند غیر خدا هم مالک می شود، و وقتی خدایان دیگر را مالک دانستند ناگزیرند آنها را به جنگ با خدا هم روانه کنند، چون علاقه به ملک غریزی هر مالکی است، و هر صاحب قدرت و سلطنتی قدرت و سلطنت خود را دوست می دارد، و قهرا هر یک از خداها نیز می خواهند که با خدا در ملکش منازعه نموده و ملک خدای را از دستش بگیرند و خود به تنهایی مالک باشند، و عزت و هیمنه سلطنت مختص به او گردد (تعالی اللَّه عن ذلک).

پس خلاصه احتجاج این است که اگر آن طور که شما پنداشته اید با خدای تعالی اللَّه دیگری هم وجود می داشت آن وقت ممکن می شد که کسی غیر خدا چیزی از ملک خدا به چنگ آورد، هر چند که ملکیت از لوازم ذات فیاض خداوندی است، که وجود هر چیز از افاضات او است، آن وقت به طور قهر، خدایان در مقام نزاع با خدا برمی آمدند، چون ملک دوستی و سلطنت خواهی امری است ارتکازی در تمامی موجودات و همین علاقه به ملکیت آلهه او را وادار می کرد تا ملک خدای را از کفش بیرون کرده و او را از عرش خود به زیر بکشند، و روز به روز به ملکیت خود بیفزایند حال به کدامیک از این حرفها ملتزم می شوند؟

(تعالی اللَّه عن ذلک).

پس اینکه فرمود:" إِذاً لَابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا" معنایش این است که در جستجوی راهی هستند که باشد به خدا دست یابند، و بر او و ملک و سلطنت او غالب شوند، و تعبیر از خدا به عبارت" ذِی الْعَرْشِ" برای این بود که بفهماند اگر در جستجوی راه به سوی خدا هستند برای این است که خدا دارای عرش است می خواهند عرش او را بگیرند و بر آن تکیه زنند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 147

از اینجا معلوم می شود اینکه بعضی «1» گفته اند استدلالی که در آیه شده نظیر استدلال در آیه" لَوْ کانَ فِیهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا" «2» است حرف صحیحی نیست.

زیرا مقدمات استدلال در این دو آیه با هم مختلف است، هر چند هر دو نفی شریک را اثبات می کند، و لیکن آیه مورد بحث، از این راه شریک را برای خدا نفی می کند که اگر شرکاء دیگری در کار بودند حتما در مقام غلبه بر خدا و تسخیر عرش او برمی آمدند، و ملک و سلطنت او را می گرفتند.

و در سوره انبیاء از این راه نفی می کند که اصلا بودن شریک مایه اختلاف در تدبیر می شد، و این نیز منجر به فساد نظام می گردید، هر چند در مقام غلبه بر خدای تعالی هم برنیایند، پس حق مطلب این است که دلیل در آیه مورد بحث غیر از دلیلی است که در آن آیه است، آیه ای که از نظر استدلال نزدیک به آیه سوره انبیاء است، آیه" إِذاً لَذَهَبَ کُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلی بَعْضٍ" «3» می باشد.

و همچنین معلوم می شود این تفسیر هم که از بعضی از قدمای مفسرین نقل شده که گفته اند" مراد از جستجوی راهی به سوی خدای ذی العرش این است که راهی به او پیدا کنند تا مقرب درگاه او شوند" «4» نیز صحیح نیست، و چنانچه بخواهیم آن را توجیه نموده و بگوئیم" اگر با خدا خدایان دیگر می بود آن طور که مشرکین پنداشته اند، حتما آن خدایان در مقام تقرب به خدای تعالی برمی آمدند، چون می دانستند که او ما فوق ایشان است، و کسی که محتاج به ما فوق خود باشد اله و خدا نیست و الوهیت با احتیاج و زیر دستی نمی سازد" راه بیهوده ای پیموده ایم.

زیرا سیاق خود بر خلاف آن شهادت می دهد، اولا اینکه خدا را به وصف" ذِی الْعَرْشِ" توصیف می کند و این شاهد گویایی است بر اینکه می خواهد بفهماند آنچه مشرکین در باره خدا خیال کرده اند با ساحت کبریایی و عظمت او نمی سازد، و ثانیا دنبالش فرموده:

" سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَقُولُونَ" که این نیز می رساند که اعتقاد مشرکین محذور بزرگی در بر

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 82.

(2)سوره انبیاء، آیه 22.

(3)آن وقت هر الهی به کار مخلوق خود می پرداخت، و دیگر اینکه بعضی مسلط بر بعضی دیگر می شد. سوره مؤمنون، آیه 91.

(4)تفسیر ابو الفتوح رازی، ج 7، ص 236.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 148

دارد که ساحت عظمت خدا آن را تحمل نمی کند، و آن این است که ملک خدا در معرض تهاجم غیر قرار بگیرد، و اصولا ملکش ملکی باشد که به حسب طبع قابل سلب بوده و انتقالش به غیر، ممکن باشد.

" سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوًّا کَبِیراً".

کلمه" تعالی" به معنای نهایت درجه علو است، و به همین جهت مفعول مطلق یعنی" علوا" با وصف" کبیرا" توصیف شده، و به کلام معنای" تعالی تعالیا" داده، این آیه خدای تعالی را از آنچه که مشرکین در باره اش گفته اند و خدایان دیگری در مقابل او پنداشته اند و ملک او را قابل زوال دانسته اند منزه می دارد.

" تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لکِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ ...".

این آیه و ما قبلش هر چند که مانند آیه" وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ" «1» در مقام تعظیم و تنزیه خدا قرار دارد و لیکن در عین حال به وجهی به درد حجت قبلی نیز می خورد، و تقریبا مقدمه ای را می ماند که حجت نامبرده را یعنی جمله" لَوْ کانَ مَعَهُ آلِهَةٌ کَما یَقُولُونَ" را تکمیل می کند، چه حجت مزبور به اصطلاح منطق یک قیاس استثنایی است، و آنکه به منزله استثناء است مساله تسبیح موجودات برای خدای سبحان است که آیه مورد بحث متضمن آن است، و صورت این قیاس چنین است، اگر چنانچه با خدای تعالی خدایان دیگری هم می بود، هر آینه ملک و سلطنتش در معرض نزاع و هجوم قرار می گرفت و لیکن ملک آسمانها و زمین و هر چه که در آنها است خدای را از بودن آلهه دیگر منزه می دارد، و شهادت می دهد بر اینکه خداوند در ملک شریکی ندارد، و جز از خود او آغاز نشده، و جز به سوی خود او منتهی نمی شود، و جز به ذات او متقوم نیست، و از در خضوع جز او را سجده نمی کند، پس معلوم می شود که کسی جز او مالک نبوده و صلاحیت ملک را ندارد، پس رب دیگری غیر او نیست.

ممکن هم هست که این دو آیه یعنی آیه" سُبْحانَهُ وَ تَعالی عَمَّا یَقُولُونَ عُلُوًّا کَبِیراً" و آیه" تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ ..." روی هم معنای استثنای در قیاس مزبور را بدهند، و تقدیر این باشد: اگر با او آلهه دیگری می بود حتما در مقام غلبه بر او و عزل او و گرفتن ملک او بر می آمدند، و لیکن خدای سبحان را هم ذات فیاضش که قوام هر چیز به او است او را تنزیه نموده و ربوبیتش را جدا شدنی از او و قابل انتقال به غیر او نمی داند و هم ملک او که همان

__________________________________________________

(1)سوره بقره، آیه 116.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 149

آسمان ها و زمین و موجودات در آنها است به ذات خود او را منزه دانسته و تسبیحش می گویند.

برای اینکه این موجودات قائم به ذات خود نیستند، و قوام ذاتشان به خدای سبحان است، به طوری که اگر یک چشم به هم زدن ارتباطش با خدا قطع شده و یا از او محجوب گردد فانی و معدوم می شود، پس با او الهی دیگر نیست، و ملک و ربوبیت او چیزی نیست که ممکن باشد غیر او در صدد برآید که از او بگیرد (دقت فرمائید).

و به هر حال چه آن گونه باشد و چه اینگونه جمله:" تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ" برای اجزای عالم همین اجزایی که می بینم اثبات تسبیح می کند، و می فهماند که تمامی آنچه در آسمانها و زمین است خدای را از آنچه که جاهلان برایش درست می کنند و به او نسبت می دهند منزه می دارند.

تسبیح سنگ و چوب به چه معنا است؟ ..... ص : 149

تسبیح به معنای منزه داشتن است، که با زبان انجام شود، مثلا گفته شود" سبحان اللَّه" ولی وقتی حقیقت کلام عبارت باشد از فهماندن و کشف از ما فی الضمیر و اشاره و راهنمایی به منوی خود، این فهماندن و کشف به هر طریقی که صورت گیرد کلام خواهد بود هر چند که با زبان نباشد، آری این انسان است که برای نشان دادن منویات خود و اشاره بدانها راهی ندارد که از طریق تکوین انجامش دهد، مثلا منوی خود را در دل طرف خلق کند لذا ناگزیر است که برای این کار الفاظ را استخدام نموده و به وسیله الفاظ که عبارت است از صوتهایی که هر یک برای یک معنا قرار داده شده مخاطب خود را به آنچه که در دل دارد خبردار سازد و قهرا روش و سنت تفهیم و تفهم بر همین استخدام الفاظ جریان یافته، البته چه بسا که برای پاره ای مقاصد خود از اشاره با دست و سر و یا غیر آن و چه بسا از کتابت و نصب علامات نیز استفاده کند.

و اگر بشر راه دیگری جز استخدام الفاظ و یا اشاره و نصب علامت نداشته به همین ها عادت کرده و تنها اینها را کلام می داند دلیل نمی شود که در واقع هم کلام همین ها باشد، بلکه هر چیزی که از معنای قصد شده ما پرده بردارد قول و کلام خواهد بود، و اگر موجودی قیام وجودش بر همین کشف بود همان قیام او قول و تکلم است، هر چند به صورت صوت شنیدنی و الفاظ گفتنی نباشد.

به دلیل اینکه می بینیم قرآن مجید کلام و قول و امر و نهی و وحی و امثال این معانی را به خدای تعالی نسبت می دهد، در حالی که می دانیم کلام او از قبیل آواز شنیدنی، و ترجمه المیزان، ج 13، ص: 150

الفاظ قراردادی نیست، و اگر در عین حال چنین نسبتی به خدا داده جز برای این نیست که کلام منحصر در آواز نیست، بلکه هر چیزی که از مقاصد کشف و پرده برداری کند کلام است.

و ما می بینیم که این موجودات آسمانی و زمینی و خود آسمان و زمین همه بطور صریح از وحدانیت رب خود در ربوبیت کشف می کند، و او را از هر نقص و عیبی منزه می دارد، پس می توان گفت، و بلکه باید گفت که آسمان و زمین خدا را تسبیح می گویند.

[وجود سرا پا فقر و نیاز موجودات، وجود رب واحد را اعلام می کند] ..... ص : 150

آری این عالم فی نفسه جز محض حاجت و صرف فقر و فاقه به خدای تعالی چیز دیگری نیست، در ذاتش و صفاتش و احوالش و به تمام سراسر وجودش محتاج خداست، و احتیاج بهترین کاشف از وجود محتاج الیه است، و می فهماند که بدون او خودش مستقلا هیچ چیز ندارد، و آنی منفک از او و بی نیاز از او نیست، و تمامی موجودات عالم با حاجتی که در وجود و نقصی که در ذات خود دارند از وجود پدید آورنده ای غنی در وجود و تام و کامل در ذات خبر می دهند، و همچنین با ارتباطی که با سایر موجودات داشته از آنها برای تکمیل وجود خود استمداد می کند، و نقائصی که در ذات خود دارد برطرف می سازد بطور صریح کشف می کند از وجود پدید آورنده ای که او رب و متصرف در هر چیز و مدبر امر هر چیز است.

از سوی دیگر این نظام عمومی و جاری در موجودات عالم که باعث شده همه پراکنده ها را جمع نموده و رابطه ای در میان همه برقرار سازد نیز بدون زبان از این حقیقت، کشف و پرده برداری می کند، پس پدید آورنده این عالم هم واحد و یکتا است، او است که با تنهایی خود مرجع همه عالم و با وحدت خود برآورنده همه حوائج و تکمیل کننده همه نواقص است، پس هر که غیر او است بدون حاجت و نقیضه نخواهد بود.

رب و پروردگار او است، ربی غیر او نیست و غنیی که فقر نداشته باشد و کاملی که نقص نداشته باشد او است، بنا بر این تمامی این موجودات عالم با حاجت و نقص خود خدای را از داشتن احتیاج تنزیه و از داشتن نقص تبرئه می کنند.

حتی نادانان مشرکین هم که برای خدا شرکائی اثبات می کنند و یا نقصی و عیبی به او نسبت می دهند با همین عمل خود تقدس خدای را از شریک و برائتش را از نقص اثبات می کنند، زیرا معنایی که در ذهن و ضمیر این انسانها تصور شده و الفاظی که با آن الفاظ حرف می زنند و تمامی اعضایی که برای رساندن این هدف استخدام می کنند همه اموری هستند که با حاجت وجودی خود از پروردگاری واحد و بی شریک و نقص خبر می دهند.

پس مثل این انسان که توحید آفریدگار خود را انکار می کند مثل انسانی است که به ترجمه المیزان، ج 13، ص: 151

بانگ بلند ادعا کند که حتی یک نفر هم در عالم نیست که سخن بگوید، و بر چنین مطلبی شهادت دهد، زیرا این شخص غافل است که همین شهادتش بهترین دلیل بر خلاف مدعای خودش است، و هر چه پافشاری بیشتری کند و یا شهود بیشتری بیاورد بر خلاف گفته خودش حجت محکمتری اقامه کرده است.

[هر موجودی از موجودات دارای مرتبه ای از علم است و تسبیح موجودات تسبیح حقیقی است ] ..... ص : 151

حال اگر بگویی صرف اینکه عالم به وجودش کشف از وجود آفریدگاری می کند سبب نمی شود که بگوئیم عالم همه تسبیح خدا می گویند، چون صرف کشف را تسبیح نمی گویند، مگر وقتی که توأم با قصد و اختیار باشد، هم کشف باشد و هم قصد، و قصد هم از توابع حیات است، و اغلب موجودات عالم از حیات بی بهره اند آسمان و آنچه سیاره است، و زمین و آنچه جمادات است حیات ندارند، پس گویا چاره ای نیست از اینکه تسبیح را حمل بر معنای مجازی نموده مقصود از آن را همان کشف و دلالت بر وجود پروردگار خود بدانیم.

در پاسخ می گوئیم: از کلام خدای تعالی فهمیده می شود که مساله علم نیز در تمامی موجودات هست، هر جا که خلقت راه یافته علم نیز بدانجا رخنه کرده است، و هر یک از موجودات به مقدار حظی که از وجود دارد بهره ای از علم دارد، و البته لازمه این حرف این نیست که بگوئیم تمامی موجودات از نظر علم با هم برابرند، و یا بگوئیم علم در همه یک نوع است، و یا همه آنچه را که انسان می فهمد می فهمند و باید آدمی به علم آنها پی ببرد، و اگر نبرد معلوم می شود علم ندارند.

البته این نیست، ولی اگر این نیست دلیل نمی شود بر اینکه هیچ بهره ای از علم ندارند، خواهی گفت از کجای کلام خدا برمی آید که همه عالمند و بهره ای از علم دارند؟

می گوئیم از آیه" قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِی أَنْطَقَ کُلَّ شَیْ ءٍ" «1»، و نیز آیه:" فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ" «2»، و آیاتی که این معنا را افاده کند بسیار است که به زودی در بحثی مستقل همه آنها را ان شاء اللَّه نقل می کنیم.

و چون چنین است که هیچ موجودی فاقد علم نیست بنا بر این خیلی آسان است که بگوییم هیچ موجودی نیست مگر آنکه وجود خود را درک می کند (البته مرحله ای از درک) و می خواهد با وجود خود احتیاج و نقص وجودی خود را که سراپایش را احاطه کرده اظهار

__________________________________________________

(1)(آن اعضاء جواب) گویند خدایی که همه موجودات را به نطق آورد، ما را نیز گویا گردانید.

سوره فصلت، آیه 21.

(2)فرمود که ای آسمان و زمین همه به سوی خدا (و اطاعت فرمان حق) به شوق و رغبت یا به جبر و کراهت بشتابید. آنها عرضه داشتند ما با کمال شوق و میل به سوی تو می شتابیم. سوره فصلت، آیه 11.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 152

نماید، احتیاج و نقصی که غنای پروردگار و کمال او آن را احاطه نموده است، پس هیچ موجودی نیست مگر آنکه درک می کند که ربی غیر از خدای تعالی ندارد، پس او پروردگار خود را تسبیح نموده و از داشتن شریک و یا هر عیبی منزه می دارد.

با این بیان به خوبی روشن می گردد که وجهی ندارد که ما تسبیح زمین و آسمان را در آیه مورد بحث حمل بر مطلق دلالت کرده و مرتکب مجاز شویم، زیرا وقتی جایز است ارتکاب مجاز کرد که نشود کلام صاحب کلام را حمل بر حقیقت نمود.

نظیر این حرف، گفتار بعضی «1» دیگر است که گفته اند: تسبیح بعضی از موجودات از قبیل مؤمنین از افراد انسان و ملائکه زبانی و قالی و تسبیح بقیه موجودات حالی است، و مجازا تسبیح گفته می شود، چون موجودات هر یک به نوبه خود به وجود خدای تعالی دلالت می کنند، به این اعتبار آنان را تسبیح گوی خدا خوانده است، و خلاصه اینکه کلمه" تسبیح" در این آیه بر سبیل عموم المجاز به کار رفته است.

جواب این حرف همان جوابی است که به اولی دادیم و حق مطلب همان است که گفتیم تسبیح تمامی موجودات تسبیح حقیقی و قالی است چیزی که هست قالی بودن لازم نیست حتما با الفاظ شنیدنی و قراردادی بوده باشد، در آخر جلد دوم این کتاب هم کلامی که به درد این بحث بخورد گذشت.

پس اینکه فرمود:" تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ" تسبیح حقیقی را- که عبارت است از تکلم- برای هر وجودی اثبات می کند. آری هر موجودی با وجودش و آنچه مربوط به وجودش می باشد و با ارتباطی که با سایر موجودات دارد خدای را تسبیح می کند و بیانش این است که پروردگار من منزه تر از این است که بتوان مانند مشرکین نسبت شریک و یا نقص به او داد.

و اینکه فرمود:" وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" مقصود این است که بفهماند تسبیح برای خدا اختصاص به طایفه و یا نوع معینی از موجودات ندارد، بلکه تمامی موجودات او را تسبیح می گویند، و این معنا را جمله قبلی هم- که آسمانها و زمین و هر چه را که در آنها است اسم می برد- بیان کرد، ولی چیزی که هست اینکه: در این جمله" حمد خدا" را نیز بر" تسبیح" اضافه کرد تا بفهماند همانطور که خدا را تسبیح می کنند حمد هم می کنند، و خدا را به صفات جمیل و افعال نیکش می ستایند.

__________________________________________________

(1)منهج الصادقین، ج 5، ص 283.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 153

چون همانطور که در همه موجودات چیزی از نقص و حاجت وجود دارد که از خود آنها نشات گرفته است، همچنین سهمی از کمال و غنی در آنها وجود دارد که مستند به صنع جمیل خدا و انعام او است، و از ناحیه او دارای این اوصاف کمالیه شده است.

[وجود موجودات هم حمد خدا و هم تسبیح او است ] ..... ص : 153

بنا بر این همانطور که اظهار این نعمتها یعنی وجود دادن آنها، اظهار حاجت و نقص آن موجود و کشف برائت خدا از حاجت و نقص است، و یا تسبیح است همچنین اظهار و ایجادش ابراز فعل جمیل خدا نیز هست، که حکایت از اوصاف جمیل خدا می کند، پس همین ایجاد هم تسبیح خدا و هم حمد خداست، چون حمد جز ثنای بر فعل جمیل اختیاری چیزی نیست، موجودات هم با وجود خود همین کار را می کنند، پس وجود موجودات هم حمد خدا و هم تسبیح او است.

و به بیانی دیگر اگر اشیاء و موجودات از جهت کشفشان، غنا و کمال خدایی و نقص و احتیاج خود مورد لحاظ قرار گیرند، وجودشان تسبیح خواهد بود، و اگر از این جهت لحاظ شوند که نشان دهنده نعمت وجود و سایر جهات کمالند از این نظر وجودشان حمد خدا است، البته در این صورت وقتی حمد و تسبیح دارند که شعور موجودات را هم در نظر بگیریم.

و اما اگر موجودات از این نظر لحاظ شوند که نشان دهنده صفات جمال و جلال خدایند و از علم و شعورشان قطع نظر شود، در این صورت صرفا آیاتی هستند که بر ذات پروردگار دلالت می کنند.

و همین خود بهترین شاهد است بر اینکه مراد از" تسبیح" در آیه شریفه، صرف دلالت به نفی شریک و نفی جهات نقص نیست، زیرا خطاب به اینکه" و لیکن شما تسبیح ایشان را نمی فهمید" یا خطاب به مشرکین است یا به تمام مردم (اعم از مؤمن و مشرک) و مشرکین در هر حال دلالت اشیاء بر وجود آورنده آن را می فهمد، در حالی که آیه کریمه قوه فهم را از آنان نفی می کند. پس به سخن این گروه «1» نمی شود اعتنا کرد که گفته اند خطاب به مشرکین است و مشرکین در اثر تدبر نکردن در آیات و کمی انتفاعشان از آن، فهمشان به منزله عدم فهم، فرض شده است و همچنین به حرف آنان که ادعا کرده اند که:" چون مشرکین حتی یک معنای از تسبیح را نمی فهمیدند از این نظر قرآن فهم تمامی معنای تسبیح را از ایشان نفی کرده است" نمی شود اعتنا کرد زیرا" با فهم" را" بی فهم" فرض کردن، یا" بعض" را" جمع" تصور نمودن با مقام احتجاج و استدلال سازگار نیست، خدای تعالی در آیه قبل ایشان را

__________________________________________________

(1)منهج الصادقین، ج 5، ص 283.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 154

مخاطب قرار داده تا به حجتش توجه کنند، آن گاه چطور ایشان را نفهم فرض کرده است؟ از همه بالاتر این خود یک نوع مسامحه به خاطر تغلیب و یا امثال آن است که قرآن کریم تحمل آن را ندارد و نمی شود چنین چیزهایی را به آن نسبت داد. و اما نفی فهم و فقه از مشرکین در آیه بعدی که می فرماید:" وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ..." به هیچ وجه نمی تواند مؤید حرفهای قبل واقع شود زیرا در آیه مذکور فهم قرآن را از ایشان نفی می کند و فهم قرآن چه ربطی به فهمیدن دلالت مخلوق بر خالق و بر منزه بودن آن دارد؟ آری تا این را نفهمند هیچ حجتی بر آنان تمام نمی شود.

پس حق این است که تسبیح- که آیه شریفه آن را برای تمامی موجودات اثبات می کند،- تسبیح به معنای حقیقی است که در کلام خدای تعالی به طور مکرر برای آسمان و زمین و آنچه در بین آن دو است (اعم از موجودات عاقل و غیر عاقل) اثبات شده، و ما می بینیم که در میان نامبردگان موردی است که جز تسبیح حقیقی را نمی شود بدان نسبت داد و چون تسبیح در آن مورد حقیقی است قهرا باید در تمامی نامبردگان به نحو حقیقت باشد، مثلا یکی از این سنخ آیات، آیه شریفه" إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ یُسَبِّحْنَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِشْراقِ" «1» و آیه شریفه" وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ یُسَبِّحْنَ وَ الطَّیْرَ" «2» است که به یک سیاق و یک بیان فرموده کوه ها و مرغ ها با او تسبیح می گفتند، و قریب به این مضمون است آیه" یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ وَ الطَّیْرَ" «3» و با اینحال دیگر معنا ندارد تسبیح را نسبت به کوه ها و مرغان" زبان حال" گرفت، و نسبت به آن پیغمبر" زبان قال"!.

علاوه بر این، روایات بسیاری، هم از طریق اهل سنت و هم از طریق شیعه در دست داریم که نسبت تسبیح به موجودات داده است از آن جمله روایات بی شماری است که می گوید:" سنگریزه های در دست رسول خدا (ص) تسبیح گفتند" که ان شاء اللَّه در بحث روایتی آینده مقداری از آنها از نظر خواننده خواهد گذشت.

" إِنَّهُ کانَ حَلِیماً غَفُوراً"- یعنی خداوند حلم و حوصله اش بسیار است، و در عقوبت اینان عجله نمی کند بلکه مهلتشان می دهد تا هر که را که توبه نموده و به سویش باز گردد،

__________________________________________________

(1)به درستی که ما مسخر گردانیدیم کوه ها را که با او تسبیح می گفتند در شبانگاه و وقت طلوع آفتاب. سوره ص، آیه 18.

(2)و رام کردیم ما برای داوود کوه ها را تسبیح می گفتند با او و نیز پرندگان. سوره انبیاء، آیه 79.

(3)و امر کردیم ای کوه ها و ای پرندگان شما نیز با تسبیح و نغمه الهی داوود هم آهنگ شوید.

سوره سبا، آیه 10.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 155

بیامرزد، این دو وصف یعنی" حلم" و" غفران" دلالت بر منزه بودن خدای تعالی از هر نقص می کند، زیرا لازمه" حلم" این است که از فوت هدفی نهراسد، و لازمه آمرزش این است که از آمرزیدن و صرفنظر کردن و در عوض افاضه رحمت نمودن ضرری نبیند، پس ملک و ربوبیت او، نقص و زوال پذیر نیست.

بعضی «1» در معنای جمله آخر آیه گفته اند که اشاره است به این که: انسان چون در فهم این تسبیح (که تمامی موجودات دائما مشغول آنند و حتی خودش هم به جمیع ارکان وجودش دائما مشغول آن است) قصور می ورزد، خطاکار است، و در این خطا سزاوار مؤاخذه است، اما خدای سبحان چون حلیم و غفور است، در مؤاخذه وی شتاب نمی کند، و نسبت به هر که بخواهد صرفنظر می نماید.

و این توجیه خوبی است و لازمه اش این است که انسان بتواند تسبیح موجودات- از خودش و غیر خودش- را بشنود و درک کند، و درک آن برایش محال نباشد، و شاید ان شاء اللَّه در جای مناسب این حقیقت را بیان نموده و شرح و بسط بیشتری بدهیم.

" وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً".

از اینکه" حجاب" را به وصف" مستور" توصیف نموده، می رساند که حجاب مزبور حجابی است که به چشم نمی آید، به خلاف سایر حجابهای معمولی که با آن چیزی را از چیز دیگر پنهان می کنند، و معلوم می شود که این حجاب حجاب معنوی است که خداوند میان رسول خدا (ص) (از این جهت که خواننده قرآن و حامل آن است) و میان مشرکین (که ایمان به روز جزا ندارند) افکنده و او را از ایشان پنهان می نموده و در نتیجه نمی توانستند حقیقت آنچه که از معارف قرآن نزد وی است بفهمند و بدان ایمان آورند، و یا اذعان کنند که او به راستی فرستاده خداست که به حق به سوی ایشان فرستاده شده، و از همین جهت وقتی اسم خدای یگانه را می آورد از او اعراض می کنند، و در انکار معاد پافشاری نموده و او را مردی جادو شده می خوانند، آیات بعدی هم این معنا را تایید می کنند.

و اگر مشرکین را چنین وصف کرده که" لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ" جهتش این است که انکارشان نسبت به آخرت جایی برای ایمان به خدای یگانه و رسالت پیغمبران باقی نمی گذارد، آری کفر به معاد مستلزم کفر به همه اصول دین است، و علاوه بر این جمله مذکور خاصیت دیگری هم دارد و آن این است که زمینه را برای آیه بعد که مساله انکار بعث و قیامت

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 418. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 156

را بیان می کند فراهم می سازد.

و معنای آیه شریفه این است که وقتی تو قرآن می خوانی و بر آنان تلاوت می کنی ما میان تو و میان مشرکین که به آخرت ایمان ندارند- این توصیف هم از در مذمت است- حجابی معنوی می افکنیم که از فهم آن محجوب می شوند، و دیگر نمی توانند اسم خدای یگانه را بشنوند، و تو را به رسالت حق بشناسند، و به معاد ایمان آورده به حقیقت آن پی برند.

[وجوه مختلفی که در معنای" حِجاباً مَسْتُوراً" در آیه:" وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ ..." گفته شده است ] ..... ص : 156

مفسرین «1» در معنای" حِجاباً مَسْتُوراً" اقوال دیگری دارند، مثلا از بعضی از ایشان نقل شده که گفته اند کلمه مفعول (مستور) مفعول معمولی نیست، بلکه برای نسبت است، نظیر اینکه می گویند" رجل مرطوب" (مردی دارای رطوبت) و" مکان مهول" (جای وحشتناک) و جاریه مغنوجة (زنی دارای غنج)، در آیه شریفه هم آمده:" حجابی دارای ستر"، و از همین باب است جمله" وَعْدُهُ مَأْتِیًّا" یعنی وعده ای که محقق خواهد شد هر چند چنین نسبتی را بیشتر باید با اسم فاعل آورد نه اسم مفعول، مانند" لابن" و" تامر" (می گویند" شتر لابن" یعنی شتر شیردار و" نخل تامر" یعنی درخت خرمادار).

از اخفش نقل شده که گفته است: بسیار می شود مفعول به معنای فاعل می آید، مانند:" میمون" و" مشئوم" که به معنای" یامن" و" شائم" (یمن دار و نحوست دار) است هم چنان که بسیار می شود که اسم فاعل به معنای اسم مفعول می آید مانند" ماءٍ دافِقٍ" یعنی آبی مدفوق (پراکنده شده) با این حال چه می شود که بگوئیم" مستور" در آیه هم به معنای" ساتر" است «2».

از بعضی «3» دیگر نقل شده که گفته اند اسناد" مستور" به" حجاب" اسنادی مجازی است، برای اینکه مستور واقعی چیزی غیر از حجاب است.

از بعضی «4» دیگر نقل شده که گفته اند: این طرز بیان از قبیل حذف و ایصال است، و اصل آن" حجابا مستورا به الرسول عنهم" بوده، یعنی حجابی که با آن رسول خدا (ص) از ایشان پنهان می شده.

و بعضی دیگر گفته اند: معنای جمله مذکور" حجابا مستورا بحجاب آخر" است، و در حقیقت خداوند خواسته است بفرماید که: ما پرده های متعددی بین تو و ایشان می افکنیم.

بعضی «5» دیگر گفته اند: معنای حجاب مستور حجابی است که حجاب بودنش را هم

__________________________________________________

(1 و 2)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 222.

(3 و 4)روح المعانی، ج 15، ص 87 و 88.

(5)کشاف، ج 2، ص 670.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 157

درک نکنند، به این معنا که گفته های تو را نفهمند و هم نفهمند که نمی فهمند.

این بود که وجوهی که در معنای" حِجاباً مَسْتُوراً" گفته اند، و به نظر ما سه معنای آخری از همه وجوه سخیف تر و بی پایه تر است.

" وَ جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَنْ یَفْقَهُوهُ وَ فِی آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِذا ذَکَرْتَ رَبَّکَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلی أَدْبارِهِمْ نُفُوراً".

کلمه" اکنه" جمع" کن" با صدای زیر کاف است که بنا به گفته راغب به معنای ظرفی است که چیزی در آن پنهان و محفوظ شود «1»، و کلمه" وقر" به معنای سنگینی گوش است.

و در مجمع البیان گفته کلمه" نفور" جمع نافر است و این نحو جمع، جمع قیاسی و عمومی است، یعنی به طور کلی در هر اسم فاعلی که از فعلی مشتق شده باشد که مصدرش فعول بوده باشد مانند رکوع و سجود و شهود که جمع اسم فاعل آن نیز رکوع و سجود و شهود می آید «2».

و جمله" وَ جَعَلْنا عَلی قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً ..." به منزله بیان حجابی است که در آیه قبلی بود، و رویهمرفته معنای آن دو چنین می شود که:" وقتی تو قرآن می خوانی ما دلهای ایشان را با پرده هایی می پوشانیم تا قرآن را نفهمند و گوشهایشان را هم کر و سنگین می کنیم تا قرآن را به گوش قبول نشنوند و با فهم ایمان صدق آن را نفهمند" البته همه اینها کیفر کفر و فسق ایشان است.

و عبارت" وَ إِذا ذَکَرْتَ رَبَّکَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ" یعنی و چون در قرآن پروردگار خود را با وصف یکتایی ذکر می کنی و شریک را از او نفی می نمایی" ولوا علی ادبارهم نافرین" از شنیدن آن در حالی که پشت می کنند اعراض می نمایند.

" نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ یَسْتَمِعُونَ إِلَیْکَ ...".

کلمه" نجوی" مصدر است، و به همین جهت با آن مفرد و تثنیه و جمع و مذکر و مؤنث را وصف می کنند، و ظاهر خود آن تغییر نمی کند، و همین خود شاهد این است که مصدر است، زیرا مصدر چنین خاصیتی دارد.

این آیه به منزله دلیلی است برای مضمون آیه قبل که می فرمود:" بر دلهایشان پرده

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" کن".

(2)مجمع البیان، ج 4، ص 54.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 158

می افکنیم تا نفهمند و در گوشهایشان کری ایجاد می کنیم تا نشنوند"، و جمله" نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَسْتَمِعُونَ" ناظر و دلیل کر کردن است. و جمله" وَ إِذْ هُمْ نَجْوی " ناظر به پرده افکندن بر دلها است.

و معنای مجموع آن دو چنین می شود:" ما به گوشهای ایشان که با آن به تو گوش می دهند داناتریم، و به دلهای ایشان که با آن به کار تو می نگرند عالم تریم، و چگونه عالم تر نباشیم و حال آنکه آفریدگار و مدبر آنها مائیم، پس ما به آنچه که با آن گوش می دهند یعنی به گوشهایشان در حین گوش دادن عالم تریم و همچنین به دلهاشان در آن هنگام که با هم به حالت نجوی و در گوشی حرف می زنند، و از ترس صدا بلند نمی کنند داناتریم که ظالمین ایشان بعد از بیخ گوشیها حرف زدن، در آخر رأی می دهند و می گویند شما مسلمانان جز مردی جادو شده را پیروی نمی کنید، و همین خود مصداق این است که اینها حق را نفهمیده اند".

این آیه اشعار و بلکه دلالت دارد بر اینکه مشرکین نزد وی نمی آمدند تا قرآن به گوششان نخورد، چون از ملامت هم مسلکان خود می ترسیدند، و اگر نزد آن جناب می آمدند پنهانی بوده و حتی اگر یکی از ایشان فرد دیگری را در حال استماع قرآن می دیده آهسته او را ملامت می کرده، زیرا می ترسیده که رسول خدا (ص) و مؤمنین پی ببرند و بفهمند که این افراد دشمنند بعضی به بعضی می گفتند پیروی نمی کند مگر مردی جادو شده را، و بر طبق همین بیان روایاتی در شان نزول آیه مورد بحث آمده و به زودی آن روایات را در بحث روایتی آینده ان شاء اللَّه ایراد خواهیم نمود.

" انْظُرْ کَیْفَ ضَرَبُوا لَکَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا یَسْتَطِیعُونَ سَبِیلًا".

کلمه" مثل" به معنای وصف و ضرب المثل بیان صفات است و معنای آیه روشن است، و این نکته را افاده می کند که مشرکین کارشان به جایی رسیده که دیگر امیدی به ایمان آوردنشان نیست هم چنان که در جای دیگر فرموده" سَواءٌ عَلَیْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا یُؤْمِنُونَ" «1».

" وَ قالُوا أَ إِذا کُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِیداً".

در مجمع البیان می گوید: شکسته و پوسیده هر چیزی را" رفات" می گویند و این صیغه، یعنی صیغه فعال بیشتر در هر چیزی که شکسته و خرد شده باشد به کار می رود، گفته

__________________________________________________

(1)بر ایشان یکسان است چه انذارشان کنی و چه نکنی ایمان نمی آورند. سوره یس، آیه 10.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 159

می شود خطام و دقاق و تراب.

و مبرد می گوید: هر چیزی که در نهایت نرمی سائیده شده باشد آن را" رفات" می گویند «1».

[مشرکین دلیلی بر انکار معاد نداشته، فقط آن را استبعاد می کنند و خداوند با اشاره به قدرت مطلقه خود به آنان پاسخ می دهد] ..... ص : 159

در این آیه شریفه همان مطالب قبلی دنبال شده و مساله نفهمیدن و نداشتن درک مشرکین تعقیب گردیده است که تحقق معاد را با اینکه از اهم معارف قرآنی است انکار می کردند آری مساله معاد واضح ترین مطلبی است که از راه وحی و هم از راه عقل بر آن استدلال شده است، حتی خدای تعالی آن را در کلام خود چنین وصف کرده که" لا رَیْبَ فِیهِ- جای شک در آن نیست" و این منکرین هم غیر از بعید شمردن مساله معاد، هیچگونه دلیلی بر انکار خود و بر نبودن معاد در دست ندارند.

و بزرگترین چیزی که این استبعاد را در دلهایشان جلوه داده این پندار است که مرگ یعنی نابودی، و بعید است چیزی بعد از نابودی دوباره موجود شود هم چنان که گفته اند" أَ إِذا کُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً" آیا بعد از مرگ و فساد بدنهایمان که هیچ اثری از آن نمانده دوباره از نو خلق می شویم و به صورت انسانهایی که بودیم در می آئیم؟ چه برگشتن دوری.

خدای سبحان این استبعادشان را رد نموده و آن را با قدرت مطلقه خود و به رخ کشیدن خلقت نخست، جواب داده که به زودی خواهد آمد.

" قُلْ کُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِیداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا یَکْبُرُ فِی صُدُورِکُمْ".

از آنجایی که منکرین معاد کلام خود را با تعبیری غرورآمیز چون" أَ إِذا کُنَّا ..." اداء کرده بودند، خداوند دستور داد تا با امر تسخیری به ایشان بفرماید: اگر سنگ یا آهن و یا هر چه بزرگ تر از آن و دورتر از انسان شدن باشید باز هم خداوند شما را به صورت انسان در خواهد آورد.

بنا بر این آیه شریفه، اشاره به این است که قدرت مطلقه الهی را تجدید خلقت هیچ چیزی به ستوه نمی آورد، چه استخوانهای پوسیده و توتیا شده، و چه آهن و چه غیر آن.

و معنایش این است که به ایشان بگو اگر از هر چیزی باشید سخت تر از استخوان های پوسیده مانند سنگ یا آهن و یا مخلوقی دیگر و در نتیجه استبعادتان چند برابر و از این بیشتر باشد.

خداوند به زودی شما را به خلقت اولتان برخواهد گردانید، و مبعوثتان خواهد نمود.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 419.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 160

" فَسَیَقُولُونَ مَنْ یُعِیدُنا قُلِ الَّذِی فَطَرَکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ".

یعنی وقتی از استبعادشان جواب دهی آن وقت خواهند گفت: کیست که ما را از صورت گرد و غبار دوباره به صورت انسان اولی در آورد؟ در پاسخ بگو: خدای سبحان، و آن وقت از میان اوصاف خدا آن وصف را برایشان بیان کن که در از بین بردن استبعادشان مؤثرتر باشد و دیگر جایی برای آن باقی نگذارد، و آن وصف این است که:" خدا همان کسی است که در مرتبه اول شما را خلق کرد در حالی که آن روز استخوان پوسیده هم نبودید".

پس اگر به جای" بگو خدا" فرمود:" بگو آن کس که ..." برای این بود که با ذکر مثال امکان بعث را اثبات نموده استبعاد منکرین را از بین ببرد.

" فَسَیُنْغِضُونَ إِلَیْکَ رُؤُسَهُمْ وَ یَقُولُونَ مَتی هُوَ قُلْ عَسی أَنْ یَکُونَ قَرِیباً".

راغب در مفردات می گوید" انغاض" به این معنا است که کسی سر خود را با حالت غرور و خودخواهی در مقابل دیگری تکان دهد «1»، پس بنا به گفته راغب معنا چنین می شود:

و چون حجت خود را به گوششان برسانی و قدرت خدای را بر هر چیز و همچنین بر خلقت اولشان یادآوری کنی تازه سرهاشان را از باب مسخره کردن تکان خواهند داد و خواهند گفت:

این قیامت کی است؟! بگو شاید نزدیک باشد، چون امری است که بر همه پوشیده است و راهی به سوی علم بدان نیست و از غیب هایی است که جز خدا کسی نمی داند، و لیکن اوصافش معلوم است، چون خداوند آن اوصاف را بیان کرده، و لذا در آیه بعدی به جای آنکه وقت قیامت را بیان کند اوصاف آن را بیان می فرماید و چنین ادامه می دهد:" یَوْمَ یَدْعُوکُمْ فَتَسْتَجِیبُونَ بِحَمْدِهِ ...".

" یَوْمَ یَدْعُوکُمْ فَتَسْتَجِیبُونَ بِحَمْدِهِ وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا".

کلمه" یوم" از این نظر منصوب است که ظرف و مفعول قید فعلی است که در تقدیر است، و تقدیرش" و تبعثون یوم فلان" است، و مقصود از دعوت در این آیه، آن ندای غیبی است که همه را زنده می کند، و استجابت خلق هم همان قبول دعوت الهی و زنده شدن است، و اینکه فرمود:" بحمده" حال است از فاعل" تستجیبون" یعنی استجابت می کنید در حالی که سرگرم حمد خدائید، و زنده شدن و دوباره به وجود آمدن را فعل نیکی از خدا می دانید فعلی که فاعلش باید حمد و ثنا شود، زیرا آن روز روزی است که حقایق برایتان مکشوف می شود، و روشن می گردد که در حکمت الهی واجب بود مردم دوباره زنده شوند و

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" نغض".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 161

پاداش و کیفر خود را ببینند و خلاصه زندگی دوم بعد از زندگی اول ضروری بود.

و اینکه فرمود:" وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا" معنایش این است که آن روز گمان می کنید که در قبرها بیشتر از اندک زمانی نمانده اید، و خلاصه روز قیامت را نسبت به روز مردن خیلی نزدیک می بینید خداوند هم ایشان را در این پندار تصدیق کرده است، هر چند در آیات دیگر پندار ایشان را نسبت به مدتی که خود تخمین زده اند خطا شمرد، و فرموده:" قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا لَوْ أَنَّکُمْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" «1»، و نیز فرموده:" وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ یُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَیْرَ ساعَةٍ کَذلِکَ کانُوا یُؤْفَکُونَ وَ قالَ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِیمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِی کِتابِ اللَّهِ إِلی یَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا یَوْمُ الْبَعْثِ" «2».

و اینکه فرمود:" وَ تَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا" هم تعریض به کفار است که روز قیامت را بعید می شمردند، و آن را استهزاء می کردند، و هم تایید جمله قبل است که می فرمود:" قُلْ عَسی أَنْ یَکُونَ قَرِیباً" یعنی ما امروز اظهار امید می کردیم که قیامت نزدیک باشد، شما هم به زودی آن را نزدیک می شمارید.

و همچنین جمله" فَتَسْتَجِیبُونَ بِحَمْدِهِ" تعریض بر مشرکین و کفار است که شما از آمدن قیامت تعجب می کردید، و آن را به باد مسخره می گرفتید ولی به زودی آمدنش را حمد و ثنا خواهید کرد.

[امر به خوش زبانی و اجتناب از درشتگویی ] ..... ص : 161

" وَ قُلْ لِعِبادِی یَقُولُوا الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّیْطانَ یَنْزَغُ بَیْنَهُمْ".

از سیاق برمی آید که مقصود از کلمه" عبادی" مؤمنین اند، و اضافه بندگان به" من" تشریفی است و معنای جمله این است که به بندگان من دستور بده که ... و کلمه" یقولوا" در مقام امر است، و هم جواب امر" قل"، و به همین جهت مجزوم شده، و معنای جمله" الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ" کلماتی است که احسن و از نظر مشتمل بودن بر ادب و خالی بودن از خشونت و ناسزا و توالی فاسده دیگر، نیکوتر باشد.

این آیه و دو آیه بعد از آن، دارای یک سیاقند، و خلاصه مضمون آن دو دستور به نیکو

__________________________________________________

(1)خدا فرماید شما اگر از حال (زندگانی) خود آگاه بودید، می دانستید که مدت درنگتان در دنیا (با آنکه چند سال بود باز) بسیار اندک بود. سوره مؤمنون، آیه 114.

(2)و روزی که ساعت قیامت برپا شود بدکاران قسم یاد کنند که (دنیا و قبر و برزخ) ساعتی بیش درنگ نکردند. همین گونه از راستی و حقیقت به ناراستی و دروغ پردازند. و آنان که به مقام علم و ایمان رسیده اند به آن فرقه بدکار گویند شما تا روز قیامت که هم امروز است در عالم علم خدا مهلت یافتید. سوره روم، آیه 55 و 56.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 162

سخن گفتن و ادب در کلام را رعایت کردن و از وسوسه های شیطان احتراز جستن است، و اینکه بدانند که امور همه به مشیت خدا است، نه به دست رسول خدا (ص)، تا او قلم تکلیف را از گروندگان خود برداشته و ایشان را اهلیت سعادت بدهد به طوری که هر چه خواستند بگویند، و دیگران را از هر چیزی محروم کنند، و در باره دیگران هر چه دلشان خواست بگویند، نه، چنین نیست که خداوند به گزاف فردی را هر چند از انبیاء باشد چنین اختیاری بدهد که افراد نالایق را بی جهت تقرب داده و افراد لایق را محکوم آنان کند، آری در درگاه خدا حسن سریره و خوش رفتاری و کمال ادب ملاک برتری انسانها است، حتی اگر در میان انبیاء هم خداوند بعضی را بر بعضی برتری داده باز بیهوده نبوده، بلکه به خاطر همین حسن رفتار و سیرت و ادب بیشتر بوده است، مثلا داوود (ع) را بر دیگران برتری داده و او را زبور داد و در آن بهترین ادب و پاکیزه ترین حمد و ثنا را نسبت به خدای تعالی به وی آموخت.

از همینها معلوم می شود که گویا قبل از هجرت رسول خدا بعضی از مسلمانها با مشرکین مواجه می شدند و در گفتگوی با آنان سخنان درشت گفته و چه بسا می گفته اند شما اهل آتش و ما مؤمنین به برکت رسول خدا (ص) اهل بهشتیم، و همین باعث می شده که مشرکین علیه مسلمانان، تهییج شده عداوتها و فاصله ها بیشتر شود، و در روشن کردن آتش فتنه و آزار مؤمنین و رسول خدا (ص) و عناد با حق بهانه های تازه ای به دستشان بیاید.

لذا خدای تعالی به رسول گرامی خود دستور می فرماید که ایشان مردم را امر به خوش زبانی کنند و اتفاقا مقام مناسب چنین سفارشی هم بود، چون در همین آیات قبل بود که دیدیم مشرکین نسبت به آن جناب بی ادبی نموده و او را مردی جادو شده خواندند، و نیز نسبت به قرآن و معارفی که در باره مبدأ و معاد در آن است استهزاء کردند، و همین وجه آیات سه گانه مورد بحث را به آیات قبل وصل می کند، و نیز خود آیات سه گانه را به هم مربوط می سازند. (دقت فرمائید).

پس جمله" وَ قُلْ لِعِبادِی یَقُولُوا الَّتِی هِیَ أَحْسَنُ" امر به این است که رسول خدا (ص) را امر به خوش زبانی کند، و آیه شریفه از نظر بیان نظیر آیه" وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ" «1» می باشد.

__________________________________________________

(1)سوره نحل، آیه 125.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 163

و جمله" إِنَّ الشَّیْطانَ یَنْزَغُ بَیْنَهُمْ" تعلیل حکم مذکور است، هم چنان که جمله" إِنَّ الشَّیْطانَ کانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِیناً" تعلیل برای تعلیل قبل است.

و چه بسا بعضی «1» گفته باشند مقصود از گفتار به احسن خودداری کردن از جنگ با مشرکین و برقرار کردن روابط حسنه و مسالمت آمیز است، و خطاب در آیه به مؤمنین صدر اسلام و اهل مکه است که هنوز رسول خدا (ص) هجرت نکرده، و آیه شریفه بطوری که از روایات اسباب نزول برمی آید، در حقیقت نظیر آیه:" وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً" می باشد (که در آیه 83 سوره بقره قرار داشت) به مسلمانان دستور می دهد با مردم خوشزبان باشند، ولی خواننده گرامی توجه دارد که این تفسیر با تعلیلی که در ذیل آیه است سازگاری ندارد.

[سعادت و شقاوت هر کس بسته به مشیت الهی است که بر اساس عمل تعیین می شود] ..... ص : 163

" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِکُمْ إِنْ یَشَأْ یَرْحَمْکُمْ أَوْ إِنْ یَشَأْ یُعَذِّبْکُمْ وَ ما أَرْسَلْناکَ عَلَیْهِمْ وَکِیلًا".

قبلا گفتیم که این آیه و آیه بعدش تتمه و دنباله سیاق آیه قبلی است، بنا بر این اول آیه تتمه کلامی است که رسول خدا (ص) مامور شده به مردم برساند، و ذیل آیه خطابی است که خداوند تنها به رسول گرامی خود نموده، بنا بر این دیگر کسی نپندارد که در آیه شریفه التفاتی به کار رفته است.

ممکن هم هست بگوئیم خطاب در صدر آیه متوجه رسول خدا (ص) و مؤمنین هر دو باشد به اینکه جانب خطاب آن جناب را، بر غیبت آنان غلبه داده باشد، و این احتمال با سیاق آیه قبلی سازگارتر است، و کلام را (که همه اش از خداست) بهتر به هم مربوط و متصل می کند.

و به هر حال جمله" رَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِکُمْ إِنْ یَشَأْ یَرْحَمْکُمْ أَوْ إِنْ یَشَأْ یُعَذِّبْکُمْ" در مقام تعلیل امری است که قبلا کرده بود، هر چند در آیه قبلی امر مزبور را تعلیل کرده بود، ولی این تعلیل تعلیل دوم است و این معنا را می رساند که" خداوند دوست دارد که مؤمنین از سخن درشت با یکدیگر دوری کنند و نسبت به سعادت و شقاوت یکدیگر- که خدا به آن داناتر است- قضاوت نکنند و مثلا نگویند فلانی چون پیروی رسول خدا (ص) را کرده سعید و آن دیگری که نکرده شقی است، فلانی اهل بهشت و آن دیگری اهل جهنم است" زیرا:

کس نمی داند در این بحر عمیق سنگریزه قرب دارد یا عقیق

آری کسانی که به خدا ایمان دارند باید اینگونه امور را به خدا واگذار نمایند، چون پروردگار شما، شما را بهتر می شناسد، و همانا او به مقتضای استحقاقی که از رحمت و یا عذاب او

__________________________________________________

(1) منهج الصادقین، ج 5، ص 288.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 164

دارید میان شما قضاوت و داوری می کند، اگر خواست رحم می کند، (و البته این ترحم را نمی کند مگر به شرط ایمان و عمل صالح، چون در کلامش مکرر این شرط شده).

و اگر خواست عذابتان می کند، و این را عملی نمی کند مگر با کفر و فسق، و ما تو را ای پیغمبر وکیل ایشان قرار نداده و امر ایشان را به تو واگذار نکرده ایم تا اختیار تام داشته باشی به هر که خواستی بدهی و هر که را خواستی محروم کنی.

از همینها می توان فهمید که تردید در عبارت:" اگر خواست بر شما رحم می کند، و اگر خواست عذابتان می کند" به اعتبار مشیت های مختلف پدید می آید و مشیت های مختلف هم ناشی از ایمان و کفر و عمل صالح و طالح است. و این نیز روشن می گردد که جمله" وَ ما أَرْسَلْناکَ عَلَیْهِمْ وَکِیلًا" ردع و تخطئه مؤمنین است از اینکه در نجات خود (از عمل صالح دست بردارند و تنها) اعتماد به رسول خدا (ص) کنند و سرنوشت خود را مستند به قبول دین او بدانند (همانطور که یهود و نصاری به دین خود دلخوش هستند)، آیه شریفه قرآن هم همه را تخطئه نموده و می فرماید:" لَیْسَ بِأَمانِیِّکُمْ وَ لا أَمانِیِّ أَهْلِ الْکِتابِ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً یُجْزَ بِهِ" «1» و نیز در تخطئه از همین پندار می فرماید:" إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ هادُوا وَ النَّصاری وَ الصَّابِئِینَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ" «2» و همچنین در مواردی دیگر.

البته در تفسیر آیه مورد بحث، اقوال دیگری نیز هست که از آنجا که در نقلش فائده ای ندیدیم از نقل آن صرفنظر نمودیم.

" وَ رَبُّکَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِیِّینَ عَلی بَعْضٍ وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً".

صدر آیه تعلیلی را که در آیه قبلی بود توسعه داده است گویی که می فرماید:" چگونه خداوند از شما داناتر نیست؟ و حال آنکه او داناتر است به آنچه در آسمانها و زمین است، که شما یکی از آنهائید".

جمله:" وَ لَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِیِّینَ عَلی بَعْضٍ" به منزله تمهید و مقدمه است برای جمله" وَ آتَیْنا داوُدَ زَبُوراً" و رویهمرفته فضیلت داوود و برتری او از سایر انبیاء را که همان

__________________________________________________

(1)کار به آمال و آرزوی شما و آرزوی یهود و نصاری درست نشود، هر آن کس کار بد کند (هر کس که باشد) کیفر آن را خواهد دید. سوره نساء، آیه 123.

(2)محققا هر مسلمان و یهود و نصاری و ستاره پرست که از روی حقیقت ایمان به خدا و روز قیامت آورد و عمل شایسته کند از جانب پروردگار به اجر و ثواب رسند. سوره بقره، آیه 62. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 165

داشتن کتاب زبور است، بیان می کند، و در زبور احسن کلمات را در حمد و تسبیح خدا به کار برد.

در آیه شریفه مؤمنین را تحریک می کند که ایشان هم در گفتار نیکو، رغبت نموده و در گفت و شنود با مردم به ادب جمیل و زیبا مؤدب گردند، البته مفسرین در تفسیر آیه، اقوال دیگری نیز دارند که ما از ایرادش خودداری نمودیم، طالبین می توانند به تفسیرهای مبسوط و طولانی مراجعه نمایند.

بحث روایتی ..... ص : 165

اشاره

در تفسیر قمی در ذیل آیه" لَوْ کانَ مَعَهُ آلِهَةٌ کَما یَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلی ذِی الْعَرْشِ سَبِیلًا" می گوید: امام (ع) فرمود: اگر این بتها اله و معبود بودند آن طور که شما پنداشته اید یقینا به عرش می رفتند «1».

مؤلف: یعنی مسلط بر عرش می شدند، و زمام امور عالم را به دست می گرفتند، آری معنای عرش این است، نه ملک که جهاتش محدود است.

[روایاتی در باره تسبیح موجودات و سفارش مدارا با حیوانات ] ..... ص : 165

و در الدر المنثور است که احمد و ابن مردویه از ابن عمر روایت کرده اند که گفت:

رسول خدا (ص) فرمود: وقتی مرگ نوح فرا رسید به دو فرزند خود گفت: من شما را امر می کنم به تسبیح و حمد خدا، چون این دو کلمه نماز هر چیز است، و با همین دو کلمه است که هر چیزی روزی می خورد «2».

مؤلف: قبلا در معنای تسبیح موجودات این ارتباطی که روایت میان تسبیح و حمد و روزی خوردن موجودات بیان می کند گذشت و گفتیم که رزق هر موجودی با ترازوی احتیاج و سؤال او اندازه گیری می شود، و گفتیم که هر موجودی خدای را با اظهار حاجت و نقص خود تسبیح نموده و او را از داشتن حاجتی مثل حاجت خود و نقصی چون نقص خود منزه می دارد.

و در تفسیر عیاشی از ابی الصباح از امام صادق (ع) روایت شده که گفت خدمت آن جناب عرض کردم معنای جمله" وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ" چیست؟ فرمود:

هر چیزی خدای را با تسبیح خود حمد می کند، آری همین که می بینیم دیوارها ترک می خورد و

__________________________________________________

(1)تفسیر قمی، ج 2، ص 120.

(2)الدر المنثور، ج 4، ص 183.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 166

شکاف برمی دارد این خود تسبیح دیوار است، چون نشان می دهد که تعمیر احتیاج دارد «1».

مؤلف: این روایت را از حسین بن سعید از آن جناب نیز نقل کرده است»

.و در همان کتاب از نوفلی از سکونی از جعفر بن محمد از پدرش (ع) روایت کرده که فرمود: رسول خدا (ص) نهی کردند از اینکه چارپایان را داغ کنند، و اینکه مردم به صورت آنها بزنند و فرمود: زیرا چارپایان هم خدا را به حمد تسبیح می گویند «3».

مؤلف: این مطلب یعنی نهی از زدن به صورت حیوانات را کلینی هم در کافی به سند خود از محمد بن مسلم از امام صادق (ع) از رسول خدا نقل کرده که در ضمن حدیثی فرمود: حیوانات را از صورت داغ مکن «4».

و در همان کتاب از اسحاق بن عمار از امام صادق (ع) روایت شده که فرمود: هیچ مرغی نیست که در صحرا یا دریا شکار شود مگر به خاطر این است که در تسبیح خدا کوتاهی کرده است «5».

مؤلف: این معنا را اهل سنت هم به طرق زیادی از ابن مسعود و ابی الدرداء و ابی هریره و غیر ایشان از رسول خدا (ص) نقل کرده اند.

و در همان کتاب از مسعدة بن صدقه از امام صادق از پدرش (ع) روایت کرده که فرمود: مردی بر پدرم وارد شد و گفت: پدر و مادرم فدایت باد من می بینم خدای تعالی در کتابش می فرماید:" وَ إِنْ مِنْ شَیْ ءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لکِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِیحَهُمْ" این چگونه است؟ پدرم فرمود: درست است، پرسید یعنی می فرمائید: درخت خشکیده خدای را تسبیح می گوید؟ فرمود آری، مگر نشنیدی چوبهایی را که در خانه ها به کار رفته چگونه به صدا در می آید؟ این همان تسبیح چوب خشک است که می گوید" سبحان اللَّه علی کل حال" «6».

و در الدر المنثور است که ابن مردویه از ابی هریره روایت می کند که رسول خدا (ص) فرمود: مورچه ها تسبیح خدا می گویند «7».

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 293 ح 79.

(2)تفسیر عیاشی، ج 4، ص 294 ح 80.

(3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 294، ح 82.

(4)فروع کافی، ج 6، ص 538، ح 4.

(5 و 6)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 294، ح 83 و 84.

(7)الدر المنثور، ج 4 ص 183.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 167

و در همان کتاب است که نسایی و ابو الشیخ و ابن مردویه از ابن عمر روایت کرده اند که گفت: رسول خدا (ص) مردم را از کشتن قورباغه نهی کرد و فرمود: همان صدایش تسبیح است «1».

و در همان کتاب است که خطیب از ابی حمزه روایت کرده که گفت ما نزد امام سجاد علی بن الحسین (ع) بودیم که جمعی گنجشک از جلوی ما عبور کردند، و همه با هم جیک جیک می کردند، حضرت فرمود: می دانید چه می گویند؟ عرض کردیم: نه، فرمود: اول به شما بگویم که من ادعا نمی کنم که علم غیب دارم و لیکن از پدرم شنیدم که فرمود: از پدرم علی بن ابی طالب (ع) شنیدم که می فرمود: مرغان در هر صبحگاهی خدا را تسبیح نموده قوت و غذای روزشان را مسئلت می دارند، و این همان تسبیح صبحگاهی بود که از خدای خود رزق امروز خود را طلب می کردند «2».

مؤلف: نظیر این روایت را از ابی الشیخ و ابی نعیم در حلیه از ابی حمزه ثمالی از محمد بن علی بن الحسین (ع) روایت کرده اند که عبارتش چنین است محمد بن علی بن الحسین صدای گنجشکان را شنید که جیک جیک می کردند، فرمود: می دانی چه می گویند؟ گفتیم: نه، فرمود: پروردگار خود را تسبیح می کنند و از او غذای امروز خود را طلب می نمایند «3».

در همان کتاب است که خطیب در تاریخ خود از عایشه روایت کرده که گفت:

رسول خدا (ص) وقتی بر من وارد شد فرمود: ای عایشه این دو برد (لباس) مرا بشوی، عرض کردم یا رسول اللَّه دیروز آنها را شستم، فرمود: مگر نمی دانی لباس آدمی خدای را تسبیح می گوید، و اگر چرک شود تسبیحش قطع می شود «4».

و در همان کتاب می گوید: عقیلی در کتاب الضعفاء و ابو الشیخ و دیلمی از انس روایت کرده اند که گفت: رسول خدا (ص) فرمود: اجل و سرآمد عمر چارپایان و حشرات زمین و مورچه و کبک و ملخ و اسبان و قاطران و تمامی جنبندگان و غیر جنبندگان در تسبیح است، هر وقت تسبیح خود را قطع کرد خدا جانش را می ستاند، و این کار دیگر ربطی به عزرائیل (ملک الموت) ندارد «5».

مؤلف: و شاید مقصود از اینکه فرمود: این کار ربطی به ملک الموت ندارد این باشد

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 183.

(2 و 3 و 4)الدر المنثور، ج 4 ص 185.

(5)الدر المنثور، ج 4 ص 184.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 168

که او شخصا متصدی قبض روح حیوانات نمی شود، و آن را به بعضی از ملائکه زیر دست خود واگذار می کند، زیرا ملائکه به هر حال واسطه هستند، چنین نیست که بدون وساطت آنان قبض روح صورت بگیرد.

و نیز در همان کتاب آمده که احمد از معاذ بن انس از رسول خدا (ص) روایت کرده که وقتی از کنار مردمی عبور کرد که روی اسبان و مرکبهای خود ایستاده بودند و مرکبها در حال سیر و کوچ بودند حضرت فرمود: حیوانات را سالم سوار شوید و سالم هم پیاده گردید، و آنها را کرسی و تخت نشیمن خود مکنید که روی آنها نشسته در راهها و بازارها به قصه بپردازید، آری چه بسیار مرکبها که از راکب خود بهترند، و بیشتر ذکر خدای را می گویند «1».

و در کافی به سند خود از سکونی از امام صادق (ع) روایت کرده که فرمود:

حیوان بر صاحبش شش حق دارد 1- بیش از طاقتش بار نکند 2- پشت آن را مجلس و نشیمن گاه خود برای گفتگو قرار ندهد 3- هر وقت در منزل پیاده شد ابتداء به علف و آب آن بپردازد 4- و از صورت، آن را داغ نکند 5- آن را نزند، زیرا خدای را تسبیح می گوید 6- هر وقت از آب عبور داد آب را بر آن عرضه بدارد «2».

و در مناقب ابن شهر آشوب از علقمه و ابن مسعود روایت کرده که گفتند: ما بارها شد که در خدمت رسول خدا (ص) نشستیم تا غذا بخوریم صدای تسبیح از غذایی که رسول خدا (ص) می خورد می شنیدیم، این را نیز بودم که روزی مکرز عامری از آن جناب معجزه ای خواست حضرت 9 دانه ریگ را در دست گرفت و از آنها خواست تا خدای را تسبیح گویند، و ما شنیدیم که ریگها تسبیح گفتند.

و در حدیث ابی ذر آمده که وقتی ریگها را به زمین می گذاشتند ساکت می شد، و چون در دست آن جناب قرار می گرفت مشغول تسبیح می شد.

ابن عباس هم گفته است: ملوک حضرموت شرفیاب حضور آن جناب شدند و گفتند:

از کجا بدانیم شما رسول خدائید؟ حضرت مشتی از ریگهای زمین را برداشت و فرمود: این ریگها شهادت می دهند ریگها اول شروع کردند به تسبیح خدای تعالی بعدا شهادت دادند به رسالت آن جناب «3».

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 183.

(2)فروع کافی، ج 6، ص 537، ح 1.

(3)مناقب، ج 1، ص 90. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 169

و در همان کتاب از ابو هریره و جابر انصاری و ابن عباس و ابی بن کعب و امام زین العابدین (ع) روایت کرده که رسول خدا وقتی در مدینه به خطبه می ایستاد به یکی از ستونهای مسجد تکیه می کرد، و چون برایش منبر ساختند و حضرت برای اولین بار بالای منبر رفت همه شنیدند که آن ستون به ناله درآمد، همانطور که شتر فریاد می زند، و چون دوباره نزد ستون آمد و دست به او کشید عین بچه ای که از گریه ساکت شود ناله کرد «1».

[توضیحی در مورد تسبیح محسوس برخی موجودات که در پاره ای روایات نقل شده است ] ..... ص : 169

مؤلف: روایات در تسبیح موجودات با همه اختلافی که در انواع آنها هست بسیار زیاد آمده، و شاید امر اینگونه روایات برای بعضی مشتبه شده باشد، و خیال کرده باشند که تسبیح نامبرده برای تمامی موجودات از قبیل لفظ و صوت است، آن گاه پنداشته اند که هر موجودی برای خود لغتی و واژه ای دارد که هر کلمه اش برای معنایی وضع شده، نظیر انسان که برای کشف منویات خود لغاتی درست کرده است، چیزی که هست حواس ما زبان حیوانات و سایر موجودات را درک نمی کند، لیکن این پندار اشتباه است.

آنچه از بحث قبلی به دست آمد این بود که موجودات همه تسبیح دارند، و تسبیح آنها کلام هم هست و به حقیقت هم کلام است نه به مجاز و کلام موجودات عبارت است از پاک دانستن و مقدس شمردن خدای عز و جل از احتیاج و نقص به این طریق که احتیاج و نقص ذات و صفات و افعال خود را نشان می دهند تا همه پی ببرند که پروردگار عالم چنین نیست و منزه است، و چون این کار را از روی علم هم می کنند لذا عمل ایشان عین کلام خواهد بود.

پس این روایات هم که می گوید: سنگریزه در دست رسول خدا (ص) تسبیح کرد و ما شنیدیم یا آنکه داوود شنید که کوه ها و مرغان با او تسبیح می گویند، یا روایات شبیه به آن همه صحیح است، و صدایی که می شنیدند به ادراک باطنی بود که تسبیح واقعی و حقیقت معنای آن را از طریق باطن درک می کردند، و حس هم چیزی نظیر آن و مناسب با آن را حکایت می کرده گوش هم الفاظ و کلماتی که این معنا را برساند احساس می نموده.

نظیر این معنا گذشت که گفتیم معنای مجرده در عالم خواب به صورت اشکالی مناسب خود و مالوف با ذهن صاحب خواب در می آید، مثلا حقیقت یعقوب و خاندانش در خوابی که یوسف دید به صورت آفتاب و ماه و یازده ستاره درآمد، و همچنین سایر خوابهایی که خداوند در سوره یوسف نقل کرده که بحث آنها گذشت.

__________________________________________________

(1)مناقب، ج 1، ص 90.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 170

به همین حساب می توان گفت کسی که تسبیح موجودات یا حمد و یا شهادت آنها برایش محسوس شده در نخست حقیقت معنای تسبیح و حمد و شهادت برایش کشف شده، و پس از کشف آن حس باطنی آن را در صورت الفاظی شنیدنی در آورده، و آن الفاظ همان معانی را افاده کرده و در نتیجه صاحب کشف به گوش خود هم شنیده است (و خدا داناتر است).

و در الدر المنثور است که ابو یعلی و ابن ابی حاتم (وی روایت را صحیح دانسته) و ابن مردویه و ابو نعیم و بیهقی هر دو در کتاب دلائل از اسماء دختر ابی بکر روایت کرده اند که گفت: وقتی آیه:" تَبَّتْ یَدا أَبِی لَهَبٍ وَ تَبَّ" نازل شد عوراء که او را ام جمیل هم می گفتند ولوله کنان در حالی که لاشه سنگی در دست داشت نزد رسول خدا (ص) آمد و زیر لب می گفت:" مذمما ابینا، و دینه قلینا، و امره عصینا".

رسول خدا (ص) نشسته بود ابی بکر هم پهلویش بود، عرض کرد: این دارد می آید، و من می ترسم تو را ببیند، فرمود: او مرا نخواهد دید آن گاه آیه ای از قرآن را خواند، و خود را از شر او حفظ کرد، و در این باره است که خدای تعالی می فرماید:" وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَیْنَکَ وَ بَیْنَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً" ام جمیل هم چنان نزدیک آمد تا ایستاد بالای سر ابی بکر و گفت: شنیده ام که رفیقت مرا هجو کرده، ابو بکر گفت نه به پروردگار این خانه سوگند او تو را هجو نکرده، ام جمیل راه خود را گرفت و رفت در حالی که می گفت: قریش خوب می داند که من دختری آقای اویم «1».

مؤلف: این معنا به طریق دیگری نیز از اسماء و از ابی بکر و ابن عباس به طور مختصر نقل شده، و آن را مجلسی هم در بحار قرب الاسناد از حسن بن ظریف از معمر از حضرت رضا از پدرش از جدش (ع) در ضمن حدیثی که فهرست معجزات رسول خدا (ص) را می شمارد روایت کرده اند «2».

[چند روایت در باره" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ" در ذیل آیه:" وَ إِذا ذَکَرْتَ رَبَّکَ ..."] ..... ص : 170

و در تفسیر عیاشی از زراره از یکی از آن دو بزرگوار" یعنی امام باقر و امام صادق (ع)" روایت کرده که در تفسیر آیه شریفه" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ" فرموده: این آیه سزاوارترین آیه ایست که آن را بلند بخوانند، و این همان آیه است که خدای تعالی در باره اش فرمود:" وَ إِذا ذَکَرْتَ رَبَّکَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ بسم اللَّه الرحمن الرحیم وَلَّوْا عَلی أَدْبارِهِمْ نُفُوراً"

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4 ص 184.

(2)بحار الأنوار.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 171

چه مشرکین به تلاوت رسول خدا (ص) گوش می دادند همین که می خواند" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ" پشت می کردند، و می رفتند، و چون از این آیه فارغ می شد باز بر می گشتند «1».

مؤلف: این معنا را از منصور بن حازم از امام صادق (ع) نیز روایت کرده «2»، همچنین قمی آن را بدون ذکر اسم مبارک امام در تفسیر خود آورده «3».

و در الدر المنثور است که بخاری در تاریخ خود از ابی جعفر محمد بن علی (ع) روایت کرده که گفت: چرا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ را از قرآن حاشا کردید و آن را جزو قرآن نمی دانید؟ با اینکه رسول خدا (ص) وقتی وارد منزلش می شد و قریش نزدش جمع می شدند، حضرت می خواند: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ، و در خواندن آن صدایش را بلند می کرد، قریش فرار می کردند، خداوند این آیه را فرستاد" وَ إِذا ذَکَرْتَ رَبَّکَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلی أَدْبارِهِمْ نُفُوراً" و طبق این آیه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ، جزو قرآن است «4».

و نیز در همان کتاب است که ابن اسحاق، و بیهقی در کتاب دلائل از زهری روایت کرده اند که گفت: شنیدم از کسی که می گفت: ابو جهل و ابو سفیان و اخنس بن شریق به نماز رفتند که ببینند رسول خدا (ص) که در آن موقع در خانه اش در حال نماز است چه می گوید، هر کدام گوشه ای نشستند به طوری که هیچیک از جای دیگری خبر نداشت، نشستند و گوش فرا می دادند به نماز خواندن آن جناب تا آنکه فجر طلوع کرده متفرق شدند، در راه به هم برخوردند یکدیگر را ملامت کردند، و گفتند این چه کاری است می کنید، اگر یکی از عوام با خبر شود خیال می کند که ما هم مسلمان شده ایم.

آن گاه متفرق شدند تا شب بعد باز هر یک به جای دیشب خود برگشتند به نماز خواندن آن جناب گوش می دادند تا طلوع فجر شد، برخاستند و متفرق شدند، و در راه به یکدیگر برخورده و همان حرف دیشب را به هم زدند، و متفرق شده شب سوم باز هر یک جای خود را گرفته گوش به آن جناب فرا دادند تا طلوع فجر شد، باز در مراجعت به یکدیگر برخوردند این دفعه با هم عهد بستند که دیگر چنین کاری نکنند.

صبح اخنس نزد ابو سفیان آمده پرسید بگو ببینم از این جریان چه فهمیدی؟ (آیا او را

__________________________________________________

(1 و 2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 295 ح 86 و 87.

(3)تفسیر قمی، ج 2، ص 20.

(4)الدر المنثور، ج 4، ص 187.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 172

راستی پیغمبر یافتی یا نه؟) گفت به خدا قسم چیزهایی شنیدم که همه را شناخته و غرض وی را از آن فهمیدم، و چیزهای دیگری شنیدم که نه خود آنها را فهمیدم و نه غرض وی را، اخنس گفت: من هم به همان خدای که قسم خوردی همین طور بودم.

از منزل ابو سفیان بیرون شده به منزل ابو جهل رفت، از او پرسید رأی تو چیست؟ از آنچه در این سه شب از محمد شنیدی چه فهمیدی؟ گفت: من چیزها شنیدم، ما فرزندان عبد مناف بر سر شرافت و آقایی نزاع داریم، ایشان مهمان نوازی می کنند، ما هم می کنیم، تا کار ما و ایشان به اینجا کشید که چون دو اسب مسابقه در طراز هم شدیم، حال ایشان وقتی دیدند نمی توانند گوی سبقت را در شرافت و آقایی بربایند مدعی شدند که از ما پیغمبری است که از آسمان به سویش وحی می شود، و تو هرگز نمی فهمی که اینها چه نقشه ای دارند؟ نه به خدا سوگند ما به او ایمان نخواهیم آورد، و تصدیقش نخواهیم کرد، اخنس از منزل او برخاست و برگشت «1».

و در مجمع البیان می گوید: مشرکین اصحاب رسول خدا (ص) را در مکه آزار و اذیت می کردند، و ایشان به آن جناب عرض می کردند اجازه بده تا با ایشان قتال و کارزار کنیم، رسول خدا (ص) می فرمود: من فعلا مامور به قتال با ایشان نیستم، و آیه شریفه:" قُلْ لِعِبادِیَ ..." در این باره نازل شد." نقل از کلبی" «2».

مؤلف: ما در تفسیر آیه شریفه اشاره کردیم به اینکه این حرف با سیاق آیات سازگار نیست- و خدا داناتر است.

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 187.

(2)مجمع البیان، ج 4، ص 61.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 173

[سوره الإسراء (17): آیات 56 تا 65] ..... ص : 173

اشاره

قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا یَمْلِکُونَ کَشْفَ الضُّرِّ عَنْکُمْ وَ لا تَحْوِیلاً (56) أُولئِکَ الَّذِینَ یَدْعُونَ یَبْتَغُونَ إِلی رَبِّهِمُ الْوَسِیلَةَ أَیُّهُمْ أَقْرَبُ وَ یَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ یَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّکَ کانَ مَحْذُوراً (57) وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِکُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِیداً کانَ ذلِکَ فِی الْکِتابِ مَسْطُوراً (58) وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ إِلاَّ أَنْ کَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَ آتَیْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَ ما نُرْسِلُ بِالْآیاتِ إِلاَّ تَخْوِیفاً (59) وَ إِذْ قُلْنا لَکَ إِنَّ رَبَّکَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلاَّ طُغْیاناً کَبِیراً (60)

وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِیسَ قالَ أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِیناً (61) قالَ أَ رَأَیْتَکَ هذَا الَّذِی کَرَّمْتَ عَلَیَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ لَأَحْتَنِکَنَّ ذُرِّیَّتَهُ إِلاَّ قَلِیلاً (62) قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَکَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُکُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (63) وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِکَ وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ وَ رَجِلِکَ وَ شارِکْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (64) إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَکَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ وَ کَفی بِرَبِّکَ وَکِیلاً (65)

ترجمه آیات ..... ص : 173

بگو آن الهه که به غیر خدا خدایانی می پندارید صدا بزنید و از آنها حاجت بخواهید (خواهید دید)

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 174

که مالک بلاگردانی از شما را نیستند تا مکروه شما را برگردانیده محبوبتان را بیاورند (56).

آنهایی که کفار به خدائیشان می خوانند و خدا را می خوانند و همه در جستجوی راهی به سوی پروردگار خویشند تا کدام منزلتی نزدیک تر به دست آورند به رحمت او امیدوار و از عذاب او ترسانند که عذاب پروردگارت لازم الاحترام است (57).

و هیچ قریه ای نیست مگر اینکه ما هلاک کننده آن قبل از قیامت و یا عذاب کننده آنیم به عذابی شدید و این در کتاب نوشته شده است (58).

و اگر آیات پیشنهادی کفار قریش را نفرستادیم چیزی مانع ما نشد جز اینکه در امتهای گذشته فرستادیم تکذیبش کردند (هم چنان که) به قوم ثمود ناقه (ای که خود خواسته بودند) را که آیتی بینا کننده بود دادیم، پس به آن ظلم کردند و ما هر وقت آیات را بفرستیم به منظور تخویف می فرستیم (59).

و بیاد آور وقتی را که به تو گفتیم پروردگارت احاطه به مردم دارد، و ما آن رؤیا که به تو نشان دادیم جز به منظور آزمایش بشر قرارش ندادیم، همچنین شجره ای که در قرآن لعن شده که تخویفشان می کنیم ولی هر چه می کنیم جز بیشتر شدن طغیانشان نتیجه نمی دهد آن هم چه طغیان بزرگی (60).

(و نیز) بیاد آر آن زمان را که به ملائکه گفتیم سجده بر آدم کنید، همه سجده کردند جز ابلیس که گفت:

من سجده کنم برای کسی که تو او را از گل خلق کرده ای؟ (61).

و نیز گفت: به من بگو ببینم موجود قحطی بود که این را بر من برتری دهی اگر مرا تا روز قیامت عمر دهی تمامی فرزندان او را جز اندکی فریب داده گمراه می کنم (62).

پروردگارت فرمود: برو! هر کس از ایشان خواست پیروی تو کند بکند که جهنم هم بزرگ است و جزائی کامل است (63).

با آواز خود هر چه توانستی از ایشان بفریبی بفریب و از مدارج کمال پائین بیاور و تا آنجا که می توانی لشگر سوار و پیاده ات را بر سرشان بتازان و احاطه شان کن و در اموال و اولادشان شرکت کن و وعده های دروغیشان بده، آری شیطان چیزی جز دروغ و فریب وعده شان نمی دهد (64).

همانا ترا بر بندگان (خاص) من تسلط نیست و تنها محافظت و نگهبانی خدا (آنها را) کافی است (65).

بیان آیات ..... ص : 174

اشاره

در این آیات در باره مساله توحید بگونه دیگری احتجاج شده، و ربوبیت خدایانی که مشرکین می پرستیدند ابطال گردیده، و حاصلش اینست که بتها قادر به رفع گرفتاریها و برداشتن آنها از پرستش کنندگان خود نیستند، بلکه آنها در احتیاج به خدای سبحان مانند خود

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 175

بت پرستانند، که همواره در جستجوی وسیله ای به درگاه خدا هستند، و رحمت او را امیدوار، و از عذاب او بیمناکند.

و مساله گرفتاریها و هلاکت ها و عذابها همه به دست خدای تعالی است، و او در کتاب خود نوشته که هر قریه ای را قبل از روز قیامت هلاک کند، و یا به عذاب شدیدی مبتلا سازد، در بین امتهای گذشته هم همین معنا را اعمال کرده، برای هر امتی آیات و معجزات خود را می فرستاده و چون کفر می ورزیدند و آن را تکذیب می کردند دنبالش عذاب انقراض آور را می فرستاده ولی در امت آخرین از آوردن آن معجزات که دنبالش عذاب استیصال است خودداری کرد.

آری خداوند چنین خواست که رفتار ایشان را با هلاکت تلافی نکند، چیزی که هست اصل فساد در میان آنان رو به پیشرفت است، و به زودی شیطان همه شان را گمراه می کند، آن وقت است که وعده خدا در باره آنان محقق گشته و خدا هلاکشان می سازد، و این امری است شدنی.

[استدلال بر نفی الوهیت خدایان مشرکین به اینکه لازمه ربوبیت، داشتن قدرت بر رساندن سود و دفع ضرر است ] ..... ص : 175

" قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا یَمْلِکُونَ کَشْفَ الضُّرِّ عَنْکُمْ وَ لا تَحْوِیلًا" کلمه" زعم" که حرف اول آن به هر سه حرکت خوانده می شود به معنای مطلق اعتقاد است، لیکن بیشتر در اعتقاد باطل استعمال شده، و به همین جهت از ابن عباس نقل می کنند که گفته: هر جا کلمه" زعم" در قرآن آمده به معنای دروغ است.

کلمه:" دعاء" و" نداء" به یک معنا است، با این تفاوت که نداء در جایی است که خواندن مستلزم صدا و آواز هم باشد، و لیکن دعاء اعم است، حتی در جایی هم که دعوت و خواندنی به اشاره و یا غیر آن صورت گیرد استعمال می شود.

و بعضی «1» ها در فرق میان آن دو گفته اند که" نداء" خواندنی را گویند که اسم خوانده شده، به زبان آورده نشود (مثل اینکه در فارسی هم کسی را که می خواهند صدا بزنند می گویند: آهای) و تنها حروف نداء یعنی- یا- و- ایا- و یا امثال آنها به کار رود، به خلاف دعاء که به معنای صدا زدنی است که اسم شخص خوانده شده هم برده شود، مثلا گفته شود" ای حسن".

این آیه بر نفی الوهیت خدایان مشرکین از این راه استدلال می کند که آن ربی که مستحق پرستش است ربی است که قادر بر رساندن منفعت و دفع ضرر باشد، چون داشتن چنین قدرتی لازمه ربوبیت است.

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 98.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 176

و خود مشرکین هم این معنا را می دانند و قبول دارند، چیزی که هست اگر شریکهایی برای خدا گرفته و می پرستیدند به طمع نفع آنها و از ترس ضرر آنها است، و در همین جا به خطا رفته اند زیرا این شرکاء قادر بر رساندن نفع و دفع ضرر نیستند، پس الوهیت ندارند، شاهد نفع و ضرر نداشتن آنها این است که مشرکین آنها را به این امید و به همین ترس می پرستند، و تا کنون چنین خاصیتی از آنها ندیده اند.

و چطور می توانند از پیش خود و مستقلا خاصیت بلاگردانی را داشته و حاجت برآورند و رفع پریشانی کنند با اینکه خود آنها مخلوق خدایند، و به اعتراف خود مشرکین در پی راهی و وسیله ای به درگاه خدا هستند، امیدوار رحمت او و بیمناک از عذاب اویند.

پس معلوم شد که اولا مراد از جمله" الَّذِینَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ" مشرکین است که ملائکه و جن و یا انس را می پرستیدند، چون مقصود ایشان از پرستش بتها تقرب به ملائکه و یا جن و انس بوده و همچنین اگر آفتاب و یا ماه و یا ستارگان را می پرستیدند به همین منظور بوده که به درگاه روحانیان آنها که از جنس ملائکه هستند تقرب یابند.

علاوه بر این بتها از آن نظر که بت هستند حقیقتا چیزی نیستند که قابل پرستش باشند، هم چنان که فرمود:" إِنْ هِیَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّیْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُکُمْ" اینها جز اسمایی که پدرانتان و یا خودتان نامیده اند چیز دیگری نیستند.

و اما آنهایی که از چوب و یا فلزی ساخته شده اند که جز جماد بی جان چیز دیگری نیستند، و با سایر جمادات فرقی ندارند، و سجده در برابر آنها با سجده در برابر سایر چوبها و سایر سنگها فرقی ندارد، پس بت بودنشان از جهت سنگ و چوب بودن نیست.

و ثانیا روشن شد که مراد از نفی قدرت آنها، اینست که مستقلا و بدون احتیاج به خدای سبحان قادر نیستند، به دلیل اینکه در آیه بعد می فرماید:" أُولئِکَ الَّذِینَ یَدْعُونَ یَبْتَغُونَ إِلی رَبِّهِمُ الْوَسِیلَةَ ...".

[چند وجه دیگر در بیان مراد از مالک نفع و ضرر نبودن بتها] ..... ص : 176

بعضی «1» از مفسرین گفته اند: گویا مراد از مالک ضرر و نفع نبودن بتها این است که قدرت تام و کامل ندارند، و گرنه مشرکین اقرار دارند که قدرت خدایان دروغی از ناحیه خداست، آری مشرکین این معنا را انکار ندارند که شرکاء و بتها به جمیع صفاتشان مخلوق خدایند، و صفات خدا کاملتر و قوی تر از صفات بتها است.

این معنا که معلوم شد استدلال آیه کاملا تمام گشته مشرکین مجاب می شوند، و گرنه

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 98.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 177

قدرت نداشتن ملائکه و جن که مورد پرستش مشرکین هستند خیلی روشن نیست، و دلیل روشنی نداریم که بطور مطلق جن و ملک هیچ قدرتی ندارند.

و اگر بگویی: دلیلش این است که مشرکین دست به دامن جن و ملک می شوند، و اجابتی نمی بینند، جواب می دهیم ما مسلمانها هم دست به دامن خدا می شویم و دعاهایمان مستجاب نمی شود.

بعضی «1» دیگر گفته اند: مراد این است که اصلا قدرتی بر نفع و ضرر ندارند و استدلال می کنند به دلیل اشعریها که می گویند تمامی ممکنات در ابتدای تکوینشان مستند به خدایند، و ما در پاسخ آنان می گوییم جن و انس و ملائکه هر چند که الآن قدرت دارند، لیکن در آغاز هم خودشان و هم قدرتشان مستند به خدایند پس در حقیقت مستقلا هیچ قدرتی ندارند.

و لیکن هر چند که قرآن برای ملائکه و جن اثبات انواع قدرت می کند آن هم نه در یک آیه و دو آیه بلکه در آیات بسیاری که نمی توان تاویلش کرد ولی در عین حال حقیقت قدرت را در نظائر آیه" أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعاً" «2» به خدا اختصاص می دهد.

و از اینجا می فهمیم که غیر خدا اگر چیزی یا کسی قدرتی دارد قدرتش از قدرت خدا نشات گرفته است، یعنی خدا او را قادر ساخته است، و اگر چیزی را مالک است خداوند تملیکش کرده، پس احدی نیست که در قدرت و ملکی مستقل باشد مگر خود او، و قدرت و ملکهایی که در دست دیگران است عاریتی می باشد و تاثیرش نیز بستگی به اذن خدا و مشیت او دارد.

بنا بر این نمی توان احتجاج آیه شریفه را منوط بر این دانست که ملائکه و جن و انس که مورد پرستش بت پرستان قرار گرفته اند اصلا قدرت ندارند، بلکه حجت مزبور مبتنی بر این است که خدایان، مستقل در ملک و قدرت نیستند، و در هر چه دارند مثل خود پرستش کنندگانشان محتاج به خدایند، و به درگاه او روانند و اگر بت پرستان این خدایان را می خوانند از آنجایی که دعا متوجه قدرت مستقل می شود نه به قدرت کسی که قدرتش و ملکش به تملیک دیگری است، پس در حقیقت دعا و مسئلت ایشان هم متوجه درگاه خدای تعالی است، و در حقیقت از او می خواهند نه از بتها.

و اما به این سخن مفسر که گفت:" دلیلی واضح و روشن نداریم که ملائکه و

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 98.

(2)سوره بقره، آیه 165.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 178

جن مطلقا قدرت نداشتند زیرا اگر استدلال کنی بر اینکه مشرکین دست به دامن آنها (ملائکه و جن) می شوند و اجابتی نمی بینند جواب می دهیم ما مسلمانها هم دست به دامن خدا می شویم و دعایمان مستجاب نمی شود و این دلیل بر این نیست که خداوند قدرت ندارد" جوابش را خدای تعالی در کلام خود داده تا دیگر کسی چنین معارضه ای نکند.

[دعا و در خواست حقیقی از خدای سبحان مستجاب است، بر خلاف دعای مشرکین و طلب از بتها که قادر بر اجابت نیستند] ..... ص : 178

توضیح اینکه: خدای تعالی که گفتارش حق است فرموده:" أُجِیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ" «1» و نیز فرموده:" ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ" «2» و این گفتار خود را به هیچ قیدی مقید نکرد، در نتیجه فهماند که وقتی عبد با حالت جدی دعا کند و با دعا بازی نکند و قلبش در دعا متوجه کسی جز خدا نباشد، بلکه از غیر خدا قطع و متوجه و ملتجی به درگاه او شود، البته او هم دعایش را مستجاب می سازد.

آن گاه در ذیل آیات مورد بحث انقطاع مزبور را به عنوان متمم حجت بیان نموده و فرموده است:" وَ إِذا مَسَّکُمُ الضُّرُّ فِی الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِیَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاکُمْ إِلَی الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ" یعنی شما در هنگام برخورد با پیشامدهای دریایی بطور کلی از هر چیزی منقطع گشته با راهنمایی فطرتتان متوجه درگاه پروردگار می شوید، و خدا دعای شما را اجابت نموده و به سوی خشکی نجاتتان می دهد «3».

و از احتجاج مزبور چنین استفاده می شود که وقتی امید بنده ای از هر چیز و هر کس منقطع گردد و از صمیم دل و قلبی فارغ و سالم رو به درگاه خدا ببرد خداوند دعایش را مستجاب می کند.

در حالی که اگر توجه خود را از درگاه خدا منقطع ساخته و رو به سوی غیر خدا آورد هر چه هم از صمیم قلب دعا کند دعایش را مستجاب نمی کند، البته نه اینکه می تواند و نمی کند، بلکه نمی تواند مستجاب کند.

و با این حال دیگر جایی برای معارضه مذکور نمی ماند، برای اینکه این تفاوت برای ایشان وجدانی است که هر چه خدایان خود را بخوانند دعایشان را مستجاب نمی کند، ولی اگر در دریا سرگردان شوند، و به شرف غرق برسند، و خدای را بخوانند خداوند نجاتشان می دهد، و به خشکیشان می رساند، و این معنا را خودشان هم اعتراف دارند، مساله دریا مثال بارزی بود که به عنوان نمونه آوردیم، و گرنه مسلمانان اگر در خشکی هم به این طور که در

__________________________________________________

(1)دعوت دعا کننده را وقتی اجابت می کنم که مرا بخواند. سوره بقره، آیه 186.

(2)مرا بخوانید تا اجابت کنم. سوره مؤمن آیه 60. [.....]

(3)سوره اسراء، آیه 67.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 179

دریا او را می خوانند بخوانند قطعا ناامید نمی گردند.

خدای تعالی هم در کلام خود میان دعای مشرکین به درگاه بتها و دعای مسلمین به درگاه خدای سبحان مقابله نینداخته بود تا مشرکین برگردند و به عنوان معارضه بگویند هر دو قسم دعا در مستجاب نشدن مشترکند، بلکه قرآن کریم مقابله را میان دعای مشرکین به درگاه بتها و دعای ایشان به درگاه خدای سبحان انداخته بود که در صورت ناامیدی از هر چیز و انقطاع سایر اسباب رو به آن درگاه نهاده دعایشان هم مستجاب می شود.

نکته جالبی که در این احتجاج بکار رفته این است که حجت مزبور را با واسطه رسول گرامیش القاء کرده و فرموده:" تو به ایشان بگو" تا اگر مشرکین با او مناقشه کردند و گفتند در مستجاب نشدن دعا این خدایان و خدای تو مثل همند رسول خدا (ص) خدای را بخواند و مستجاب بشود تا معارضه مشرکین باطل گردد.

[توضیح اینکه آلهه دروغین، خود در جستجوی وسیله به سوی پروردگارشان هستند] ..... ص : 179

" أُولئِکَ الَّذِینَ یَدْعُونَ یَبْتَغُونَ إِلی رَبِّهِمُ الْوَسِیلَةَ أَیُّهُمْ أَقْرَبُ ...".

کلمه" اولئک" مبتداء و کلمه" الذین" صفت آن و جمله" یدعون" صله آن صفت و ضمیر صله عاید به مشرکین است و جمله" یبتغون" خبر مبتدای" اولئک" است، و ضمیر جمعی که در آن است و همچنین هر چه ضمیر جمع تا به آخر آیه هست همه به" اولئک" بر می گردد، و جمله" أَیُّهُمْ أَقْرَبُ" بیان وسیله جویی است، چون کلمه" ابتغاء" به معنای فحص و پرستش است، این است آنچه که از سیاق بر می آید.

و" وسیله" به طوری که تفسیرش کرده اند به معنای توسل و تقرب است و چه بسا در معنای آلت توسل و تقرب استعمال شود، و شاید معنای دوم با سیاق مناسب تر باشد، چون دنبال کلمه" وسیله" جمله" أَیُّهُمْ أَقْرَبُ" قرار گرفته که با معنای دوم سازگارتر است.

و معنا (و خدا داناتر است) این است که این ملائکه و جن و انس که مشرکین معبودشان خوانده اند خودشان برای تقرب به درگاه پروردگار خود وسیله می خواهند تا به او نزدیک تر باشند و راه او را بروند، و به کارهای او اقتداء کنند، همه امید رحمت از خدا دارند و در تمامی حوائج زندگی و وجودشان به او مراجعه می کنند، از عذاب او بیمناکند، از او می ترسند و معصیتش نمی کنند، در حالی که عذاب پروردگارت محذور است و باید از آن دوری جست.

و مساله توسل و دست به دامن شدن به بعضی از مقربین درگاه خدا به طوری که از آیه" یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَةَ" «1» برمی آید عمل صحیحی است و غیر از آن

__________________________________________________

(1)ای کسانی که ایمان آورده اید بترسید از خدا و بجویید به سوی او وسیله ای را. سوره مائده، آیه 35.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 180

عملی است که مشرکین بت پرست می کنند، چرا که آنان متوسل به درگاه خدا می شوند، ولی تقرب و عبادت را نسبت به ملائکه و جن و اولیای انس انجام می دهند، و عبادت خدای را ترک می کنند، نه او را عبادت می کنند و نه به او امیدوارند و نه از او بیمناک، بلکه همه امید و ترسشان نسبت به وسیله است، و لذا تنها وسیله را عبادت می کنند، و امیدوار رحمت وسیله و بیمناک از عذاب آن هستند آن گاه برای تقرب به آن وسیله، که به زعم ایشان یا ملائکه است و یا جن و یا انس متوسل به بتها و مجسمه ها شده خود آن خدایان را رها می کردند، و بتها را می پرستیدند، و با دادن قربانیها به آنها تقرب می جستند. خلاصه اینکه ادعای اصلیشان این بود که ما به وسیله بعضی از مخلوقات خدا، به درگاه او تقرب می جوئیم ولی در مقام عمل آن وسیله را بطور مستقل پرستش نموده، از خود آنها بیمناک و به خود آنها امیدوار بودند، بدون اینکه خدا را در آن منافع مورد امید، و آن ضررهای مورد بیم مؤثر بدانند، پس در نتیجه بتها و یا خدایان را شریک خدا در ربوبیت و پرستش می دانستند.

حال اگر مراد از جمله" أُولئِکَ الَّذِینَ یَدْعُونَ" ملائکه گرام و یا صلحای مقربین از جن، و یا انبیاء و اولیاء از انس باشد قهرا مراد از" جستجوی وسیله" و" امید رحمت" و" ترس از عذاب" همان معنای ظاهرش خواهد بود.

و اگر مراد اعم از این باشد به طوری که شامل شیاطین جن، و فاسقین از انس از قبیل فرعون و نمرود و امثال آنها نیز بشود آن وقت مراد از" جستجوی وسیله" به سوی خدا همان خضوع و سجود و تسبیح تکوینی خواهد بود، که قبلا بیان نمود (و برای همه موجودات اثباتش کرد) و هم چنین خوف و رجایشان مربوط به ذات ایشان خواهد بود.

[وجوه دیگری که در معنای جمله:" یَبْتَغُونَ إِلی رَبِّهِمُ الْوَسِیلَةَ أَیُّهُمْ أَقْرَبُ" گفته اند] ..... ص : 180

بعضی «1» از مفسرین تمامی ضمیرهای جمع را که در آیه وجود دارد به کلمه" اولئک" برگردانده اند، ولی در معنا اشتباه کرده آیه را چنین معنا کرده اند که:" آن انبیایی که ایشان به جای خدا می پرستند و مردم را به سوی حق می خوانند، یا خدای را می خوانند، و به درگاه او تضرع برده در جستجوی تقرب به سوی اویند" و لیکن همانطور که می بینید معنای صحیحی نیست.

در کشاف در معنای آیه گفته است: یعنی خدایان آنها خودشان در جستجوی وسیله و تقرب به سوی خدایند، و کلمه" ایهم" را بدل از واو" یبتغون" و کلمه" ای" را موصوله گرفته

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 98، به نقل از ابن فورک.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 181

که در نتیجه معنای آیه چنین می شود:" مشرکین کسانی و چیزهایی می پرستند و آن را خدای خود قرار می دهند که مقرب ترین آنها در جستجوی وسیله ای به درگاه اویند تا چه رسد به غیر مقربین".

سپس گفته ممکن هم هست جمله" یبتغون الوسیلة" را متضمن معنای" یحرصون" گرفته و چنین معنا کنیم:" اینها هستند که مشرکین خدای خود پنداشته اند، و حال آنکه همین خدایان خود حرص و شتاب دارند که از دیگران به درگاه خدا نزدیک تر باشند و چون راه تقرب را اطاعت و زیادی خیر و صلاح می دانند بیشتر اطاعت می کنند و مانند سایر بندگان خدا بیشتر به خیر و صلاح می پردازند، بیشتر می ترسند، و بیشتر امید می دارند، آن وقت چگونه مشرکین ایشان را آلهه خود می گیرند" «1».

و البته معنای بدی نیستند، در صورتی که سیاق آیه با آنها بسازد، لیکن آن طور که بایست سازگاری ندارد، هر چند که معنای دوم به سیاق آیه از اولی نزدیک تر است.

بعضی «2» دیگر گفته اند: معنای آیه این است که:" اینها هستند که مشرکین آنان را خدای خود خوانده و عبادتشان می کنند و معتقدند که معبود ایشانند و سعی می کنند با پرستیدن آنها وسیله ای و تقربی به درگاه خدا پیدا کنند، و هر یک سعی می کند با پرستش بیشتر از دیگران سبقت جسته مقرب تر شود" این معنا هم به هیچ وجه با الفاظ آیه تطبیق نمی کند.

" وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِکُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِیداً کانَ ذلِکَ فِی الْکِتابِ مَسْطُوراً".

می گویند: عذاب شدید همیشه به معنای آن عذابی است که قومی را مستاصل و منقرض کند آن وقت در این آیه که در مقابل عذاب شدید مساله هلاکت را قرار داده لا بد معنا و مراد از هلاکت مرگهای طبیعی و تدریجی افراد است، و در نتیجه معنای آیه چنین می شود" هیچ قومی نیست مگر اینکه ما مردمش را قبل از قیامت یا می میرانیم و یا به عذاب استیصال و مرگ دسته جمعی مبتلا می کنیم تا بعد از آن قیامت را بپا کنیم" هم چنان که در جای دیگر فرمود:" وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَیْها صَعِیداً جُرُزاً" «3» و لذا بعضی گفته اند که" هلاک" وی مربوط به قراء و اقوام صالح، و" تعذیب" مربوط به قراء و اقوام طالح است.

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 673.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 422.

(3)و به درستی که قرار می دهیم آنچه را بر زمین است بیابانی خشکزار. سوره کهف، آیه 8.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 182

مفسرین «1» در اینکه آیه مورد بحث به چه وجهی متصل به آیه قبلی است گفته اند: که این آیه موعظه ای است که همان مشرکین را بعد از بیان توحید و معاد از عذاب خدا انذار می کند، و از حوادث قبل از روز بعث پاره ای را که دلیل بر عظمت خدای سبحان است خاطر نشان می سازد، تا مؤید مطالب قبل باشد.

[سنت الهی در اقوام گذشته: دعوت به حق، به سعادت رساندن مؤمنان و هلاکت یا عذاب شدید منکران و طاغیان ] ..... ص : 182

ولی ظاهرا این آیه معطوف و مربوط به جلوتر از آیات مورد بحث است، یعنی آیه شانزدهم که می فرمود:" وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَةً أَمَرْنا مُتْرَفِیها ..."

چون آیات این سوره همواره بعضی به بعضی نظر داشته و عطف می شود، و غرض عمومی از سراپای این سوره، بیان سنتی است که خدای تعالی در اقوام و ملل داشته که نخست ایشان را به سوی حق دعوت می کرده، آن گاه یک عده را که پذیرای دعوتش گشته و اطاعت کرده اند سعادتمند، و دیگران را که از در استکبار مخالفت و طغیان نمودند عقوبت می نموده است، و بنا بر این مراد از هلاک در این آیه همان تدمیر به عذاب استیصال در آن آیه است چنانچه از ابی مسلم مفسر هم نقل شده و مراد از عذاب شدید عذاب آسان تر است از قبیل عذاب قحطی یا گرانی که باعث جلای وطن و یا خرابی عمارتهای آن قریه شده، و یا بلاها و محنت های دیگر است.

در نتیجه آیه شریفه به این معنا اشاره دارد که قریه های نامبرده به زودی یکی پس از دیگری به خاطر فساد اهلش و فسق فاسقانش ویران می گردد، و این خود بنا به اشاره ای که در ذیل آیه دارد به قضای خدای سبحان است.

با این بیان وجه اتصال آیه بعدی (وَ ما مَنَعَنا ...) به این آیه روشن می شود و معنا چنین می شود که:" این مردم نیز مانند اهل همان قریه ها مستعد برای فساد و آماده تکذیب آیات خدا هستند، آیاتی که به دنبال تکذیبش هلاک و نابودی در پی دارد، چیزی که هست اگر از آن قسم آیات خود را که بر آن اقوام فرستادیم و به خاطر تکذیبشان هلاکشان کردیم به این مردم هم بفرستیم همان اهلاک و تدمیر که بر سر آنها آمد و منقرضشان کرد بر سر اینان نیز آمده و اینان را به آنان ملحق خواهد کرد، آن وقت بساط دنیا برچیده خواهد شد و چون نمی خواهیم برچینیم لذا تا مدتی مهلتشان دادیم، ولی سرانجام اینان را نیز گرفتار می کنیم، و چنین نیست که اینان استثناء شوند" و این همان معنایی است که آیه" وَ لِکُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ"»

و آیات بعد از آن، بدان اشاره می کند.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 423.

(2)سوره یونس، آیه 47.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 183

بعضی «1» از مفسرین گفته اند: مراد از" قری" در آیه شریفه، قریه های کافرنشین است و اگر بگوئیم مراد عموم قریه ها است، با سیاق آیه نمی سازد، لیکن این ادعایی است بدون دلیل.

[مراد از" کتاب" در جمله:" کانَ ذلِکَ فِی الْکِتابِ مَسْطُوراً" و بحثی که برخی مفسرین با قول به اینکه مراد از کتاب" لوح محفوظ" است در ذیل آن عنوان کرده اند] ..... ص : 183

و اینکه فرمود:" کانَ ذلِکَ فِی الْکِتابِ مَسْطُوراً" معنایش این است که اهلاک قری و تعذیب آنها به عذاب شدید قبلا در کتاب نوشته شده، یعنی سرنوشتی است حتمی، از اینجا معلوم می شود که مراد از" کتاب" لوح محفوظ است که قرآن تمامی حوادث را نوشته شده در آن دانسته و در باره اش فرموده:" وَ کُلَّ شَیْ ءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ" «2» و نیز فرموده" وَ ما یَعْزُبُ عَنْ رَبِّکَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی السَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِکَ وَ لا أَکْبَرَ إِلَّا فِی کِتابٍ مُبِینٍ" «3».

برخی از مفسرین «4» بحث عجیبی در باره این کتاب عنوان کرده و گفته اند که: بسیاری از دانشمندان معتقدند که هیچ موجود و هیچ حادثه ای نیست مگر آنکه با تمامی کیفیات و اسباب موجبه اش و زمانی که برایش تعیین شده در لوح محفوظ و کتاب مسطور نوشته شده، آن وقت به آنان اشکال شده است که این حرف مستلزم آن است که بعد کتاب نامبرده غیر متناهی باشد، و حال آنکه براهین عقلی و نقلی بر خلاف آن است، و همه آنها بطور کلی بعد را متناهی می دانند، پس ناگزیر باید در جواب بگوئیم کتاب مزبور تنها حوادث این جهان را در بر دارد، و کلمه" شی ء" را که در آیه" و کل شی ء" است حمل بر خصوص اشیاء این عالم بکنیم.

بعضی «5» دیگر در حل اشکال گفته اند که کلمه" شی ء" را به همان عموم خود باقی می گذاریم لیکن نوشته را حمل بر بیانی می کنیم که با تناهی ابعاد بسازد، و می گوئیم لوح محفوظ در بیان کردن و نوشتن تمامی اشیاء دنیوی و اخروی و آنچه بوده و آنچه خواهد شد نظیر بیان جفر، جامع است که یک حرفش شامل و بیان کننده بسیاری حوادث است این بود آن بحث عجیبی که خاطرنشان ساختیم.

عجیب تر این است که اینان خیال کرده اند کتاب مذکور از جنس همین کاغذ و

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 20، ص 233.

(2)تمام اشیاء را ضبط کردیم در مقتدای بیان کننده. سوره یس، آیه 12.

(3)و پنهان نمی ماند از پروردگارت ذرة المثقالی در زمین و نه در آسمان و نه کوچکتر از آن و نه بزرگتر از آن مگر در کتابی روشن. سوره یونس، آیه 61.

(4 و 5)روح المعانی، ج 15، ص 102.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 184

قلمهای جسمانی و مادی است، و خلاصه کتابی است مانند سایر کتابها که آن را در یک گوشه عالم گذاشته اند و در آن اسامی و اوصاف و احوال تمامی موجودات و اینکه هر یک چه حوادثی مخصوص به خود دارند، و در نظام عمومی و جاری چه بر سرشان می آید نوشته شده است.

غافل از اینکه اگر لوح محفوظ چنین کتابی می بود، حتی گنجایش آن را نداشت که اسامی یک یک اجزای خودش را که از آنها ترکیب شده و بیان صفات و احوال آن اجزاء را در خود بگنجاند تا چه رسد به موجودات دیگر که جز خدای سبحان هیچ کس نمی تواند به تفاصیل صفات و احوال آنها و حوادث مربوط به آنها و ربط و نسبت هایی که با یکدیگر دارند برشمرده و به آنها احاطه یابد.

بنا بر این جواب دادن از اشکال به اینکه کلمه" شی ء" تنها مخصوص به اشیاء این عالم است چه حلی از اشکال می کند و اینکه بعضی ها در حل آن گفته اند که این کتاب از قبیل حروف 28 گانه الفباء است که تمامی عالم و کتابها از آنها تشکیل شده در حقیقت ملتزم شده اند به اینکه لوح محفوظ کتابی است که تنها صور حوادث آن هم بالقوه و یا اجمال آن را دارد، و حال آنکه آیاتی که این کتاب را تعریف و توصیف می کند، یا صریح و یا نزدیک به صریح است در اینکه کتاب مذکور مشتمل بر خود اشیاء و خود حوادث گذشته و حال و آینده است آن هم بالفعل نه بالقوه، آنهم بطور تفصیل نه اجمال، آنهم به عنوان قضاء و سرنوشت حتمی و وجوبی نه امکان، و اگر لوح محفوظ از مقوله الفباء بود یک صفحه کاغذ هم که 28 حرف در آن نوشته باشد لوح محفوظ می بود، چون اسامی هر چه هست و بوده و خواهد بود در این حروف وجود دارد.

علاوه بر این، جمع کردن میان این دو حرف که:" لوح محفوظ مصون از هر گونه تحول و تغییری است" و هم" مادی و جسمانی و قابل تحول و دگرگونی ها است" دلیلی لازم دارد که خیلی اساسی تر از اینگونه تصورات پوچ باشد، و این حرف اشکالات بسیاری دارد که دیگر متعرض نمی شویم.

پس حق مطلب این است که کتاب مبین همان متن اعیان و موجودات با حوادثی است که به خود می گیرند، و این به خود گرفتن از این نظر حتمی و واجب است که هر یک مترتب بر علت خویش است و پیدایش معلول بعد از وجود علت واجب و غیر قابل تخلف است، نه از نظر اینکه موجودی است مادی، آری ماده و قوه آن از نظر ذاتشان ممکن الوجودند.

و اگر این معنا یعنی مساله علیت و معلولیت را کتاب مبین و لوح محفوظ نامیده به این ترجمه المیزان، ج 13، ص: 185

منظور بوده که حقیقت معنا را با کمک مثال بفهماند، و ما به زودی در جای مناسبی ان شاء اللَّه این بحث را به طور کامل مطرح خواهیم نمود.

[از آنجا که خواست خدا بر این است که امت اسلام را پیش از مهلت منقرض نسازد، پیشنهاد کفار راجع به آوردن آیات را اجابت نکرد] ..... ص : 185

" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ إِلَّا أَنْ کَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ...".

قبلا وجه اتصال این آیه با آیات قبلش گذشت، و حاصل آن این بود که آیه قبلی می رسانید که مردم- که آخرینشان مثل اولینشان هستند- به خاطر آن غریزه فسق و فساد که در ایشان است مستحق آمدن هلاکت و انواع دیگر عذابهای شدید هستند، و خدای تعالی هم در باره قریه ها این سرنوشت را مقرر فرموده که همه هلاک و یا معذب به عذاب شدید شوند، و همین معنا باعث شد که خدای تعالی آیاتی که کفار پیشنهاد می کنند نفرستد، چون با در نظر گرفتن اینکه آخرین بشر با اولین او یکسانند، و هر چه اولین را وادار به عصیان کرد آخرین را هم وادار می کند، و نیز با در نظر گرفتن اینکه اولین با آمدن آیات پیشنهادی خود باز کفر ورزیدند این مساله وجود دارد که اینها نیز بعد از دیدن معجزه و آیت پیشنهادی خود ایمان نیاورند، و در نتیجه به عذاب هلاک و یا عذاب شدید دیگری مبتلا شوند، هم چنان که پیشینیان ایشان شدند، و چون خدا نمی خواهد این امت را به عذاب عاجل و زودرس مؤاخذه نماید، لذا آیات پیشنهادی کفار را نمی فرستد.

با این بیان این معنا روشن می شود که این دو آیه با آیات دیگر این سوره- از آیه 90 تا آخر سوره- که اقتراحات و پیشنهادات کفار را خاطرنشان ساخته و می فرماید:" وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً ..." «1» ارتباط دارند و از ظاهر آیات سوره هم برمی آید که سوره یکباره نازل شده است.

پس اینکه فرمود:" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ" کلمه" منع" نمی تواند به معنای ظاهری خودش باشد، زیرا" منع" عبارت است از اینکه کسی و یا چیزی قوی تر از انسان جلوی خواست او را بگیرد، و چون به حکم" وَ اللَّهُ یَحْکُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُکْمِهِ" و به حکم اینکه او غالب و قاهر است هر چه اراده کند می شود، و برای شدن آن به غیر از کلمه" کن" سرمایه دیگری لازم نیست نمی توان گفت تکذیب اولین نسبت به آیات خدا مانع شد از اینکه خداوند آیات پیشنهادی بعدی را بفرستد و خدای را جلوگیر و سد گردید.

ناگزیر باید بگوئیم معنایش این است که از آنجا که آیات پیشنهادی هیچگونه مصلحتی نداشته، و صاحبان پیشنهاد و بطور کلی هیچکس از آن نفعی نمی برده و هیچیک به

__________________________________________________

(1) سوره اسراء، آیه 90.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 186

آن ایمان نمی آوردند از این نظر خدای تعالی آن آیات را نفرستاد.

و اگر خواستی بگو کلمه" منع" در آیه شریفه معنای دیگری غیر از" جلوگیری" را می رساند و آن منافات میان دو امر زیر است.

1- فرستادن آیات پیشنهادی مردم با اینکه امتهای گذشته آن را تکذیب کرده و آخرین هم راه ایشان را می روند باعث انقراض و استیصال ایشان می شود.

2- و مشیت خدا تعلق گرفته بر اینکه امت اسلام را مهلت دهد.

و خداوند از این منافات که میان این امر است به منع تعبیر فرموده.

و شاید به منظور اشعار به همین نکته بوده که فرستادن آیات را به عبارت" ارسال" تعبیر فرمود نه به" ایتاء" چرا که" ایتاء" به معنای دادن و ارسال به معنای فرستادن است، و هر جا که به دومی تعبیر شود بیانگر این است که خود آیات مانند یک فرد با شعور ماموریت دارند.

و اما چرا جمله" إِلَّا أَنْ کَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ" از امتهای گذشته و هلاک شده تعبیر به" اولون" کرده؟ شاید برای این بود که اشاره کند به اینکه این مردمی که امروز آیات خدا را تکذیب می کنند دنباله روان و ادامه دهندگان همانها هستند (و به تعبیر امروزه جلد دوم همانها می باشند) و در حقیقت امت واحد هستند، پس اگر اینها هم تکذیب کنند نابود خواهند شد، خلاصه اینکه بشریت سر و ته یک کرباس است، هر غریزه ای که در قبلی ها و اولی ها بوده و کار آنها را به هلاکت کشیده در آخریها نیز هست و هر حکمی که صدرش داشت ذیلش هم دارد، و به همین جهت است که از همین مردم مکرر نقل کرده که می گفتند:" ما سَمِعْنا بِهذا فِی آبائِنَا الْأَوَّلِینَ" «1» که صدر بشریت را پدران خود شمرده اند، و به هر حال معنای آیه این است که ما آن آیاتی را که قریش پیشنهاد کردند نفرستادیم، زیرا اگر می فرستادیم ایمان نمی آوردند و ما هلاکشان می کردیم، ولی قضا و خواست ما بر این شده است که این امت را عذاب نکنیم مگر بعد از مدتی مهلت، و این خصوصیت امت اسلام، در مواردی از کلام خدای تعالی استفاده می شود و تنها آیه مورد بحث نیست.

[دو وجه دیگر در معنای آیه:" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ إِلَّا أَنْ کَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ"] ..... ص : 186

و در معنای آیه کریمه دو وجه دیگر ذکر کرده اند «2».

1- ما آیات را نفرستادیم چون می دانستیم که ایشان حتی با دیدن آنها نیز ایمان

__________________________________________________

(1)ما این سخنانی که این شخص می گوید از پدران پیشین خود هیچ نشنیده ایم. سوره مؤمنون، آیه 24. [.....]

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 424.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 187

نمی آورند، و فرستادنش بی فایده بود، هم چنان که امتهای قبل هم با آمدن آیاتی که خودشان خواسته بودند ایمان نیاوردند، و البته این مطلب در مورد آیات مربوط به اثبات توحید است، و اما معجزاتی که نبوت را اثبات می کند، و یا بودنش لطفی از ناحیه خداوند به شمار می رود لا محاله فرستاده می شود، چون اگر نفرستد، نبوت پیغمبر اثبات نمی شود.

2- ما آیات را از این رو نفرستادیم که پدران و اسلاف شما نظیر آنها را درخواست کرده و پیشنهاد دادند و وقتی اجابت کردیم و فرستادیم باز ایمان نیاوردند، شما هم که پیرو و مقلد گذشتگان خود هستید ایمان نمی آورید، پس چه فایده از فرستادن آن.

و معنای دوم از ابی مسلم نقل شده، و لیکن فرقی میان آن دو و وجه قبلی به نظر نمی رسد، و مشکل است آن را طوری معنا کرد که با هیچیک از آن دو تطبیق نکند." وَ آتَیْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها"- قوم ثمود مردمی بودند که نام پیغمبرشان صالح است، از او ناقه ای خواستند، خداوند هم شتر ماده ای به عنوان یک معجزه بسیار روشن بر ایشان از کوه بیرون کرد.

کلمه" مبصرة" همانطور که در آیه" وَ جَعَلْنا آیَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً" آمده به معنای بین و روشن است، و در آیه مورد بحث صفت ناقه و یا صفت محذوف است که همان آیت باشد، یعنی ما برای قوم ثمود ناقه را در حالی که ظاهر و روشن بود، و یا در حالی که آیتی روشن بود فرستادیم، ایشان به سبب آن به خود ستم کردند، و یا با تکذیب کردن آن، به خود ستم کردند.

" وَ ما نُرْسِلُ بِالْآیاتِ إِلَّا تَخْوِیفاً"- یعنی حکمت در فرستادن آیات ترساندن و انذار مردم بود، حال اگر آن آیت از آیاتی باشد که در دنبال خود عذاب استیصال را دارد تخویف در آن تخویف به هلاکت در دنیا و عذاب آتش در آخرت است، و اگر از آن آیات نباشد تخویف از آنها تخویف و انذار به عقوبت آخرت است.

و بعید نیست مراد از" تخویف" ایجاد خوف و وحشت باشد به اینکه عذاب کمتر از استیصال را به ایشان نشان دهد، و بنا بر این تخویف در این آیه معنای تخوف در آیه" أَوْ یَأْخُذَهُمْ عَلی تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّکُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ" «1» را خواهد داشت، و برگشت معنای آیه به این می شود که ما آیات اقتراحی ایشان را نمی فرستیم، چون نمی خواهیم با عذاب استیصال از بینشان ببریم، و اگر آیاتی را می فرستیم به منظور این است که با ایجاد ترس در دلهایشان

__________________________________________________

(1)یا آنکه آنها را به حال ترس و اضطراب بگیرد که پروردگار تو بسیار به خلق مشفق و مهربان است. سوره نحل، آیه 47.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 188

متوجهشان کنیم، و آن وقت با دیدن آن از عذابهای سخت تر بهراسند. این وجه را به برخی از مفسرین «1» نسبت داده اند.

[مراد از" رؤیا" و" شجره ملعونه" در آیه:" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ ..."] ..... ص : 188

" وَ إِذْ قُلْنا لَکَ إِنَّ رَبَّکَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً کَبِیراً".

فقرات این آیه که چهار فقره است معانی روشنی دارد، و لیکن از نظر ارتباط و وجه اتصالی که با هم دارند خالی از اجمال نیست و سبب اصلی این اجمال دو فقره دومی و سومی است، زیرا خدای سبحان بیان نکرده که آن رؤیا که به پیغمبر خود ارائه داده چه بوده، و در سایر آیات قرآنش هم چیزی که آن را تفسیر کند نیامده.

و رؤیاهایی که در آیه:" إِذْ یُرِیکَهُمُ اللَّهُ فِی مَنامِکَ قَلِیلًا وَ لَوْ أَراکَهُمْ کَثِیراً لَفَشِلْتُمْ" «2» و آیه" لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ" «3» آمده هیچیک با رؤیای در آیه مورد بحث تطبیق نمی کند چون آیه مورد بحث در مکه نازل شده و مربوط به قبل از هجرت است، و آن دو آیه مربوط به حوادث بعد از هجرت هستند.

و همچنین شجره ملعونه هم معلوم نیست که چیست که خدا آن را فتنه مردم قرار داده، و در قرآن کریم شجره ای به چشم نمی خورد که خداوند اسمش را برده سپس آن را لعنت کرده باشد.

آری، از شجره ای اسم برده به نام" شجره زقوم" و آن را به وصف فتنة توصیف می کند، و می فرماید:" أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِینَ" «4» ولی دیگر آن را نه در اینجا و نه در جای دیگر لعنت نکرده، و اگر صرف اینکه در جهنم سبز می شود و مایه عذاب ستمگران است باعث لعن آن باشد، باید خود جهنم و عذابهای آن همه لعن شوند، و نیز باید ملائکه عذاب که در حقشان فرموده:" وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِکَةً وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِینَ کَفَرُوا" «5» ملعون باشند، با اینکه خدای تعالی ایشان را ستوده و ثنا گفته، آن هم

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 104.

(2)در آن موقع خداوند تعداد آنها را در خواب به تو کم نشان داد، و اگر فراوان نشان می داد مسلما سست می شدی. سوره انفال، آیه 43.

(3)البته خدا صدق و حقیقت خواب رسولش را آشکار و محقق ساخت که در عالم رؤیا دید شما مؤمنان البته به مسجد الحرام با دل ایمن وارد شوید. سوره فتح، آیه 27.

(4)یا درخت زقوم جهنم که آن درخت را ما بلای جان ستمکاران عالم گردانیدیم. سوره صافات، آیه 62.

(5)ما خازنان دوزخ را غیر فرشتگان عذاب قرار ندادیم و عدد آنها را جز برای فتنه و محنت کفار (نوزده) نگرداندیم. سوره مدثر، آیه 30.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 189

ثنائی که فرموده:" عَلَیْها مَلائِکَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ" «1».

و نیز یکی از وسائل عذاب و شکنجه مردم کافر، دست مؤمنین است که فرموده:

" قاتِلُوهُمْ یُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِیکُمْ" «2» معلوم است که دست مؤمنین ملعون نیست.

از همه اینها معلوم می شود که مراد آیه، روشن کردن و بیان دو فقره خود یعنی" داستان رؤیا" و" داستان شجره ملعونه" در قرآن که مایه فتنه مردم شده نیست، بلکه مقصود اشاره اجمالی است به آن دو تا، خواننده به کمک سیاق تفصیل آنها را پیدا کند.

آری چه بسا بتوان از سیاق آیات پاره ای از جزئیات این دو داستان را استفاده کرد، آیات قبلی در این مقام بود که بفرماید: بشریت آخرش مانند اول و صدرش در بی اعتنایی به آیات خدا و تکذیب آن الگوی آیندگان می باشد، و مجتمعات بشری به تدریج و نسلی بعد از نسل دیگر و قریه ای بعد از قریه ای دیگر عذاب خدای را می چشند که یا آن عذاب هلاکت است و یا عذابی کمتر از آن.

و آیات بعدی که از آیه" وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ" شروع می شود و داستان ابلیس و تسلط عجیب او را بر اغوای بنی آدم بیان می کند و نیز همان سیاق آیات قبل را دنبال می کند.

و از این وحدت سیاق بر می آید که داستان رؤیا و شجره ملعونه دو امر مهمی است که یا به زودی در بشریت پیدا می شود و یا آنکه در ایام نزول آیات پیدا شده و مردم را دچار فتنه نموده و فساد را در آنان شایع ساخته، و طغیان و استکبار را در آنان پرورش داده.

و ذیل آیه که می فرماید:" وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً کَبِیراً" به همین معنا اشاره نموده و آن را تایید می کند و بلکه صدر و ابتدای آیه هم که می فرماید" وَ إِذْ قُلْنا لَکَ إِنَّ رَبَّکَ أَحاطَ بِالنَّاسِ" همین اشاره و تایید را دارد.

با در نظر گرفتن آنچه گفته شد این را نیز در نظر بگیریم که خدای تعالی شجره نامبرده را به وصف ملعونه در قرآن توصیف کرده است، و از این به خوبی بر می آید که قرآن کریم مشتمل بر لعن آن هست، و لعن آن شجره هم الآن در میان لعنت های قرآن موجود است، چون

__________________________________________________

(1)و بر آن دوزخ فرشتگانی بسیار دل سخت مامورند که هرگز نافرمانی خدا را نخواهند کرد و آنچه به آنها حکم شود فورا انجام دهند، سوره تحریم، آیه 6.

(2)شما ای اهل ایمان با آن کافران، به قتال و کارزار برخیزید تا خدا آنان را به دست شما عذاب کند. سوره توبه، آیه 14.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 190

ظاهر جمله" وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ" همین است.

حال ببینیم در قرآن چه چیزهایی لعن شده، در قرآن ابلیس و یهود و مشرکین و منافقین و مردمی دیگر به عناوینی دیگر لعنت شده اند مثل کسانی که با حالت کفر بمیرند، و یا آیات خدا را کتمان کنند، و یا خدا و رسول را آزار نمایند و امثال این عناوین.

و در آیه مورد بحث" شجره" به این لعنت ها وصف شده، و شجره همانطور که به درختهای ساقه دار اطلاق می شود همچنین به ریشه هایی که از آنها شاخه های فرعی جوانه می زند اطلاق می گردد مانند ریشه های مذهبی و اعتقادی.

در لسان العرب می گوید: وقتی می گویند فلانی از شجره مبارکه ای است معنایش این است که ریشه دودمان مبارکی دارد «1»، از گفتار لسان العرب هم که بگذریم در لسان رسول خدا (ص) هم بسیار دیده می شود که" من و علی از یک شجره ایم" و نیز از همین باب است که در حدیث عباس فرمود عموی آدمی صنو پدر او است، (و صنو یکی از دو شاخه خرما را می گویند که از یک ریشه روئیده باشند).

و اگر در این مساله کمال دقت را به کار ببریم، این معنا برایمان روشن خواهد شد که شجره ملعونه یکی از همان اقوام ملعونه در کلام خدا هستند که صفات شجره را دارند، یعنی از یک ریشه منشعب شده و نشو و نما نموده و شاخه هایی شده اند، و مانند درخت، بقایی یافته و میوه ای داده اند، دودمانی هستند که امت اسلام به وسیله آن آزمایش شده و می شوند.

و چنین صفاتی جز بر یکی از سه دسته از آنها که شمردیم تطبیق نمی کند، یا مشرکین، و یا منافقین و یا اهل کتاب.

و بقاء و نشو و نمایشان یا از راه تناسل و زاد و ولد است، و هر خانواده از ایشان که در میان مردمی زندگی کنند دین و دنیای آن مردم را فاسد نموده و دچار فتنه شان می سازند، یا از این راه در میان مسلمین دوام یافته و در همه اعصار آثار شوم خود را می بخشند، و یا از راه پیدا شدن عقیده ها و مذاهب فاسد که آنها دور آن را گرفته و ترویجش می کنند، و هم چنان نسلی بعد نسل آن را پایدار نگه می دارند، و در آن لانه فساد، به اسلام ضربه وارد می آورند.

وقتی بنا شد شجره ملعونه بطور مسلم یکی از این سه فرقه باشد حال باید ببینیم از اوضاع و احوال زمان رسول خدا (ص) و زمان نزول آیه چه می فهمیم؟.

بطور مسلم در آن زمان از مشرکین و اهل کتاب یعنی یهود و نصاری قومی که چنین

__________________________________________________

(1)لسان العرب، ماده" شجر".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 191

صفاتی داشته باشند ظهور نکرد (نه قبل از هجرت و نه بعد از آن) زیرا تاریخ نشان می دهد که خداوند مسلمانان را از شر این دو طائفه ایمن کرده و ایشان را استقلال داده بود و با امثال آیه" الْیَوْمَ یَئِسَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ دِینِکُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ" «1»، استقلالشان را اعلام فرموده بود که ما در تفسیر آن بحث مفصلی گذراندیم.

وقتی اوضاع و احوال صدر اسلام با مصداق بودن مشرکین و اهل کتاب سازگار نشد، قهرا باقی می ماند فرقه سوم، یعنی منافقین که در ظاهر مسلمان بودند، و تظاهر به اسلام می کردند، و در میان مسلمانان یا از راه فامیلی و یا از راه پیروزی عقیده و مسلک بقا و دوام یافته و در اعصار بعدی هم فتنه مسلمانان شدند.

آری جای هیچ تردیدی نیست که سیاق آیه اشاره به ارتباطی دارد که در میان دو فقره" ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ" و فقره" وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ" برقرار است، مخصوصا با دقت در اینکه قبل از این فقره جمله" وَ إِذْ قُلْنا لَکَ إِنَّ رَبَّکَ أَحاطَ بِالنَّاسِ" قرار گرفته و آن گاه دنباله هر سه فقره جمله" وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً کَبِیراً" آمده است.

زیرا ارتباط این چند فقره با یکدیگر این معنا را به خوبی می رساند که آیه شریفه در صدد بیان و اشاره به یک امری است که خدای سبحان به آن احاطه دارد، خطری است که موعظه و تخویف از آن را نکاسته بلکه بیشترش می کند.

با در نظر گرفتن این جهات معلوم می شود که قضیه از این قرار بوده که خدای سبحان شجره ملعونه را در عالم خواب به رسول گرامی خود نشان داده، آن گاه در قرآن بیان کرده که آن شجره ای که در رؤیا نشانت دادیم، و پاره ای از رفتارشان را در اسلام برایت ارائه دادیم فتنه اسلام است.

پس مراد از" احاطه" در جمله" وَ إِذْ قُلْنا لَکَ إِنَّ رَبَّکَ أَحاطَ بِالنَّاسِ" به مقتضای سیاق احاطه علمی است، و ظرف" اذ" متعلق به محذوف است، و تقدیر کلام چنین است" بیاد آور آن زمانی را که به تو چنین و چنان گفتیم"، و خلاصه آنچه را که در این آیات برایت گفتیم فراموش مکن که شیوه مردم استمرار بر فساد و فسق و فجور است و در اعراض از یاد خدا و بی اعتنایی او از اسلاف خود پیروی می کنند، و گفتیم که پروردگار تو احاطه علمی به

__________________________________________________

(1)امروز کافران از این که به دین شما دست برد زنند و اختلالی رسانند طمع بریدند پس شما از آنان بیمناک نگشته و از من بترسید. سوره مائده، آیه 3.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 192

سراپای بشریت دارد، و می داند که این شیوه همانطور که در گذشته در بشر جریان داشت در آینده نیز جریان خواهد یافت.

پس حاصل معنای" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِی الْقُرْآنِ" این شد که ما شجره ملعونه در قرآن را (که تو با معرفی ما آن را شناختی و در رؤیا پاره ای از فسادهایش را دیدی) قرار ندادیم مگر فتنه برای مردم و بوته امتحانی که یک یک مردم در آن آزمایش گردند، و ما به همه آنان احاطه داریم.

و دو ضمیر جمعی که در جمله" نُخَوِّفُهُمْ فَما یَزِیدُهُمْ إِلَّا طُغْیاناً کَبِیراً" است ظاهرا به ناس بر می گردد، و مراد از تخویف (ترساندن) مردم یا تخویف با موعظه بیان است و یا تخویف به آیات آسمانی و زمینی است که ایشان را می ترساند ولی از بین نمی برد.

و معنایش این است که ما مردم را می ترسانیم، ولی هشدار و ترساندن ما جز به طغیان ایشان نمی افزاید، آن هم نه هر طغیانی، بلکه طغیانی بزرگ، یعنی مردم از هشدار ما نمی ترسند، تا بدینوسیله از کرده های زشت خود دست بردارند، بلکه تخویف ما را با طغیانی کبیر پاسخ می گویند، و خلاصه مردم در طغیان خود تا آنجا که می توانند پیش می روند، و دشمنی و عناد با حق را از حد می گذرانند.

این را هم بگوئیم که به اعتراف بسیاری از مفسرین سیاق آیات سیاق تسلیت است، می خواهد رسول گرامی خود را تسلیت بگوید این فتنه ها که در رؤیا به تو نمودیم چیز تازه ای نیست بلکه سنت خدای تعالی همواره بدین منوال بر امتحان بندگانش جریان داشته است.

[بیان اینکه آیه شریفه ناظر به" بنی امیه" است و نقل سخن بعضی از مفسرین که رؤیا را" معراج" و شجره ملعونه را" شجره زقوم" دانسته اند و جواب آن ] ..... ص : 192

تمامی آنچه را که گفتیم روایات عامه و اتفاق احادیث خاصه تایید می کند، زیرا در آنها آمده که مراد از" رؤیا" در این آیه، خوابی است که رسول خدا (ص) در باره بنی امیه دید و شجره ملعونه شجره این دودمان است، و به زودی روایات مزبور در بحث روایتی آینده از نظر خواننده خواهد گذشت. ان شاء اللَّه تعالی.

البته جمعی از مفسرین «1» نیز به نقلی که از ابن عباس شده، استناد کرده و گفته اند که مراد از رؤیایی که خدای تعالی به پیغمبرش نشان داد معراج رسول است، و مراد از شجره ملعونه در قرآن شجره زقوم است این عده از مفسرین همچنین گفته اند که رسول خدا (ص) وقتی از معراج برگشت صبح آن شب به مشرکین خبر داد که دیشب به معراج رفتم، مشرکین تکذیب کرده و مسخره اش نمودند، و همچنین وقتی مشرکین آیاتی را که در آن اسم

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 191.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 193

زقوم برده شده بود شنیدند مسخره کردند خداوند این آیه را فرستاد که آن خوابی که ما به تو نمودیم همان معراج و شجره هم همان زقوم است، و ما آن دو را جز مایه امتحان مردم قرار ندادیم.

آن وقت وقتی به مفسرین مذکور اشکال شد که آخر بنا به تصریح همه اهل لغت" رؤیا" به معنای صحنه هایی است که آدمی در خواب می بیند و این چه ربطی به معراج (که در بیداری اتفاق افتاده) دارد؟ چنین عذر می آورند که کلمه مذکور مانند رؤیت مصدر است و معنای دیدن را می دهد و اختصاص به خواب ندارد، و یا می گویند: رؤیا هر چیزی است که انسان آن را در شب ببیند چه در بیداری و چه در خواب و یا می گویند معراج را از این نظر رؤیا خوانده که در نظر مشرکین چیزی شبیه به رؤیای خواب می آمده، و یا می گویند: این به زعم مشرکین رؤیا خوانده شده هم چنان که قرآن سنگهایی را که مشرکین خدا می خواندند، خدا خوانده.

و لذا می بینیم که بعضی از مشرکین به رسول خدا (ص) گفته اند:

نکند این عالم را در خواب دیده ای، و چون چنین بوده خدا هم آن را رؤیا خوانده، و یا می گویند از این نظر رؤیا خوانده شده که از جهت اشتمالش بر عجائب یا از جهت سرعت وقوع و یا به شب واقع شدنش شبیه به رؤیا بوده است.

آن گاه عده ای دیگر به این حرفها پاسخ داده اند که در روایت عایشه و معاویه آمده که معراج در خواب بوده.

و نیز وقتی اشکال شده که معنا ندارد درخت زقوم را شجره ملعونه بنامند، مگر درخت چه کرده که ملعون شود؟ در جواب گفته اند: مراد از لعن درخت لعن خورندگان آن است که بطور مجاز اسناد، و به منظور مبالغه در لعن به خود درخت گفته شده، و یا گفته اند: لغت به معنای دوری است و شجره ملعونه در دورترین فاصله از رحمت خدا قرار دارد، چون در قعر جهنم واقع شده.

و یا گفته اند «1»:" از این جهت ملعون شده که طلعش شبیه به سر شیطان ها است، و چون شیطانها ملعونند آن نیز ملعون شده"، و یا گفته اند: عرب هر غذای ناپسند و سمی و مضر را ملعون می خواند و شجره مزبور هم از این جهت ملعون خوانده شده".

حال بد نیست جوابی به این حرفها بدهیم و بگذریم:

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 106.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 194

اما اینکه در باره" رؤیا" گفته اند همچون (رؤیت) مصدر است یا به معنای" دیدن در شب" است، جوابش این است که چنین معنایی در لغت ثابت نشده و در سخنان نظم و نثر ادبای عرب شاهدی بر آن دیده نشده است و جز ادعای محض دلیل دیگری ندارد.

و اما اینکه گفته اند:" معراج را رؤیا نامیدن از باب تسلیم به اعتقاد خصم است که می پنداشته اگر معراجی بوده در خواب بوده است، هم چنان که خدای تعالی سنگ و چوبهای مشرکین را خدای ایشان نامیده، و این معنایش امضای خدایی آنها نیست"، در جواب می گوئیم بر ما واجب است که کلام خدای را از چنین توجیهاتی منزه بدانیم، اگر قرآن کریم چنین کاری کرده بود قرینه ای می آورد که بفهماند چه عنایتی در کار بوده، و قضیه خدایان مشرکین را هم قبول نداریم، زیرا هیچ جای قرآن معبودهای مشرکین را خدا نخوانده، و حتی شرکاء هم ننامیده، و اگر اسمی از آنها برده به تعبیر" خدایان ایشان" و یا" شرکاء ایشان" آورده نه آلهه و شرکاء، تا کاملا بفهماند که قرآن و اهل قرآن خدایان ایشان را قبول ندارند، نظیر این جواب را بر آن استدلالشان هم که گفته اند: از باب تسمیه" معراج" به" رؤیا" است نیز می توان آورد، چرا که بطور کلی مجاز قرینه می خواهد، و بدون قرینه نمی شود کلامی را حمل بر معنای مجازیش کرد، و اگر قرینه ای در کار بود قائلین به معراج روحی، به کلمه رؤیا در این آیه- بنا بر اینکه ناظر به داستان معراج باشد- استدلال نمی کردند، بلکه به همان قرینه تمسک می جستند. و اما اینکه در جواب گفتند" اصلا معراج در خواب اتفاق افتاده"، بطلانش در اول سوره در تفسیر آیه اسراء گذشت.

و بقیه پاسخ هایی که داده اند نیز هیچیک استدلالی نیست، مثلا یکی این بود که مقصود از شجره ملعونه شجره ای است که خورندگانش ملعونند، و منظور از این تعبیر، مبالغه در لعنت ایشان است، و این حرف هر چند در محاورات عامه نمونه اش دیده می شود که وقتی می خواهند کسی را ناسزا بگویند زن او را به بدی یاد می کنند، دختر او را می گویند، پدر و مادر و قوم و قبیله اش را دشنام می دهند تا در دشنام خود او مبالغه کرده باشند، گاهی هم از این باب آن آسمانی که بر او سایه افکنده، و آن سرزمینی که او را در خود جای داده و آن خانه ای که او را در خود گنجانیده، و آن مردمی که با او معاشرت می کنند همه را به باد فحش می گیرند، آری چنین چیزی در محاورات مردم بی سر و بی پا هست ولی مگر هر چه در محاورات دیده شد باید در قرآن کریم هم راه داده و آیات آن را بر طبق آن محاورات، معنا کرد؟ در حالی که ادب قرآن چنین اجازه ای را به ما نمی دهد، که به او نسبت لعنت به درختی دهیم که مردم بد از میوه اش خورده اند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 195

و نیز اینکه گفتند:" اصلا لعنت به معنای مطلق راندن و دور کردن است"، در جواب می گوئیم که چنین چیزی در لغت ثابت نشده، آنچه که در قرآن آمده و قرائن بر آن دلالت کرده اند این است که لعنت به معنای دوری از رحمت و کرامت الهی است، و اینکه گفته شد آیه مورد بحث، نظیر آیه" شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِی أَصْلِ الْجَحِیمِ" است و اصل جحیم چون دورترین نقاط از رحمت است، پس شجره ملعونه هم همان شجره است، در پاسخش می گوئیم: اگر مقصود از رحمت، بهشت است، ادعای شما دلیلی ندارد، چون کسی نمی داند که اصل جحیم با بهشت چه فاصله ای دارد، و اگر مقصود از رحمت معنای مقابل عذابست لازمه اش این است که ملعونه بودن شجره به معنای دور بودن از رحمت و کرامت باشد، و مقتضای این حرف این است که خود جهنم و عذابهایی که در آن آماده شده و ملائکه آتش و خزنه دوزخ، همه مغضوب خدا و دور از رحمت او باشند و حال آنکه هیچیک از آنها ملعون نیستند، بلکه لعنت و غضب و دوری، از آن کسانی از جن و انس است که در آن عذابها معذب می باشند.

و اما اینکه گفتند" از این جهت آن را ملعون خوانده اند که طلع آن شبیه به کله شیطان ها است، و چون شیطانها ملعونند آن درخت را نیز ملعون خوانده"، جوابش این است که این یک" مجاز در اسناد" نمونه و نوظهوری است که کمتر کسی به قرینه آن پی می برد، بنا بر این همه ایرادها که به وجه اول کردیم به این نیز وارد است.

و اینکه گفتند:" عرب هر غذای ناپسند و مضری را ملعون می نامند" نیز صحیح نیست، زیرا باید اول چنین استعمالی را ثابت کنیم آن گاه چنین نسبت غیر ثابتی را به جای اینکه به میوه درخت بدهیم، بدون قرینه به درخت نسبت دهیم، و به هر حال اینکه این معنا یکی از معانی لعن بوده باشد ثابت نیست، بلکه ظاهرا اگر درختی را به صفت ملعونیت توصیف کنند همان معنای معروف لعن از آن فهمیده می شود، و عموم مردم هم چیزی را که نمی پسندند و طعام و شرابی که دوست نمی دارند ملعون می نامند.

و اما اینکه مطلب را به ابن عباس نسبت داده اند، به فرض که وی چنین حرفی زده باشد تازه ثابت نمی شود، چون حجت نیست، آن هم با معارضه ای که با حدیث آینده عایشه دارد، و همچنین احادیثی دیگر که تفسیر رسول خدا (ص) را متضمن است که دیگر حرفی بالای حرفش نیست، و روایات دیگر نمی تواند با آن معارضه کند.

در کشاف در ذیل آیه" وَ إِذْ قُلْنا لَکَ إِنَّ رَبَّکَ أَحاطَ بِالنَّاسِ" گفته است معنایش این است که به یاد آور روزی را که به تو وحی نمودیم که پروردگار تو احاطه به مردم قریش دارد،

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 196

و تو را به واقعه بدر و پیروزی در آن واقعه و شکستن دشمن نوید دادیم و آن نوید را در جمله" سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ یُوَلُّونَ الدُّبُرَ" و جمله" قُلْ لِلَّذِینَ کَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ" و جملاتی دیگر محقق ساخته و آن گاه بر حسب عادتی که در خبر دادن دارد فرموده است خداوند به مردم احاطه دارد.

و در بحبوحه ای که دو دشمن به جان هم افتاده بودند و رسول خدا (ص) با ابی بکر در عریش قرار داشت و دعا می کرد که:" اللهم انی اسئلک عهدک و وعدک- خدایا از همان عهد و وعده ای که دادی درخواست می کنم"، آن گاه از عریش بیرون آمد در حالی که زرهی به تن داشت، مردم را علیه دشمن تحریک نموده و می فرمود:" سَیُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ یُوَلُّونَ الدُّبُرَ" به زودی جمعشان پراکنده گشته و پا به فرار می گذارند.

و شاید خدای تعالی در عالم رؤیا قتلگاه ایشان را هم به آن جناب نشان داده باشد، چون وقتی به چاه بدر رسید اشاره به زمین کرد و فرمود: مثل اینکه قتلگاه دشمن را می بینم، آن گاه فرمود: اینجا قتلگاه فلانی و اینجا از آن فلانی است، همین گفته ها به عنوان وحیی که به رسول خدا (ص) شده به گوش قریش رسید و فهمیدند که در خواب قتلگاه چه کسانی به وی نمودار شده در مقابل مسخره اش کردند و قاه قاه خندیدند، و در استهزاء آن جناب شتابزدگی هم داشتند.

و وقتی شنیدند که می خواند:" إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِیمِ" آن را نیز به باد مسخره گرفته و گفتند: محمد از یک طرف می گوید جهنم سنگ را هم می سوزاند از طرفی دیگر می گوید از میان آن درخت سبز می شود! زمخشری در معنای آیه چنین ادامه می دهد که این آیات به منظور تخویف و ترساندن بندگان نازل شده و مشرکین در روز بدر به عذاب دنیا که عبارت از کشته شدن باشد مبتلا شدند، این بود تفسیری که زمخشری برای آیه کرده «1»، آن گاه وقتی به مساله رؤیا می رسد گفته های قبلی خود را فراموش نموده و آن را با مساله معراج تطبیق می کند.

[رد وجه دیگری که" رؤیا" را به جنگ بدر مربوط دانسته است ] ..... ص : 196

از اینجا معلوم می شود که وی تفسیر رؤیا را به معراج نپسندیده و خواسته است بگوید که در روایت چنین آمده، آن گاه از آن صرفنظر کرده و خودش به رؤیای واقعه بدر قبل از وقوع آن تفسیر نموده.

زمخشری هر چند به این وسیله از تفسیر رؤیا به معراج فرار کرده، و لیکن در محذور

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 675. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 197

دیگری افتاده که کمتر از محذور آن تفسیر نیست، اگر شدیدتر از آن نباشد و آن این است که رؤیا را به این احتمال تفسیر کرد که ممکن است رسول خدا (ص) چنین خوابی دیده باشد، و هیچ فکر نکرده که مگر ممکن است قرآن کریم را به احتمال تفسیر نمود؟ چطور چنین جرأتی به خود داده که قرآن را به توهمی تفسیر کند که هیچ شاهد و دلیلی بر آن نباشد، نه در خود آیات و نه در خارج؟.

بعضی «1» دیگر گفته اند: مراد از" رؤیا" خوابی است که رسول خدا (ص) دید که در آینده وارد مکه و مسجد الحرام خواهد شد، و همان رؤیایی است که خدای سبحان در آیه" لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْیا ..." به آن اشاره می کند.

اشکال این حرف این است که رؤیای در آیه مورد بحث رؤیایی است که قبل از هجرت واقع شده و رؤیایی که ایشان می گویند بعد از هجرت و قبل از صلح حدیبیه اتفاق افتاده، و ما ان شاء اللَّه به زودی در باره آن رؤیا بحث خواهیم نمود.

بعضی «2» دیگر به ابی مسلم مفسر نسبت داده اند که گفته مراد از" شجره ملعونه" در قرآن یهود است.

و در اینکه آیا می توان آیه را به این وجه تفسیر نمود یا نه بحثش گذشت.

" وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِکَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِیسَ قالَ أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِیناً".

در مجمع البیان از زجاج نقل می کند که گفته: کلمه" طینا" به خاطر اینکه حال است منصوب شده، و معنایش این است که" تو ای خدا آدم را در حالی که از گل بود خلق فرمودی"، و نیز ممکن است که در تقدیر" من طین" بوده بعد از افتادن کلمه" من" به فعل" خلقت" وصل شده و منصوب گردیده است، هم چنان که در آیه" أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَکُمْ" همین طور شده، یعنی در تقدیر" لأولادکم" بوده بعد از افتادن" لام" منصوب شده است.

بعضی هم گفته اند که منصوب شدنش از این باب است که کلمه مورد بحث، تمیز است نه حال «3».

و در کشاف احتمال داده که حال برای موصول باشد نه مفعول" خلقت" هم چنان که زجاج و بعضی گفته اند: در هر حال حالیه بودن خلاف ظاهر است، زیرا کلمه" طینا" جامد

__________________________________________________

(1)منهج الصادقین، ج 5، ص 293.

(2)منهج الصادقین، ج 5، ص 294، و مجمع البیان، ج 6، ص 424.

(3)مجمع البیان، ج 4، ص 69.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 198

است، و حال باید مشتق باشد «1».

[یاد آوری داستان سجده نکردن ابلیس بر آدم (علیه السلام) و آغاز عصیان و اغوای او] ..... ص : 198

در این آیه شریفه یادآوری دیگری است برای رسول خدا (ص) و آن داستان ابلیس و ماجرایی است که میان او و خدای سبحان اتفاق افتاد، آن موقعی که امر خدا به سجده به آدم را عصیان ورزید تا نسبت به وضع مردم خیلی ناراحت نشود و بداند که جنس بشر از ازل همین طور بوده که اوامر خدای را سبک شمرده و در برابر حق سرپیچی و استکبار می ورزند، و اعتنایی به آیات خدا نمی کنند، و از این به بعد هم همواره چنین خواهد بود، بیاد آور که چگونه ابلیس قسم خورد که گریبان ذریه آدم را بگیرد، و خدا هم او را بر کسانی که اطاعتش کنند مسلط فرمود، و احدی از پیروان دعوت او و دعوت سواران و پیادگان از لشگر او را استثناء نکرد، و کسانی را استثناء کرد که از بندگان مخلص خدا باشند.

بنا بر این معنای آیه چنین می شود: به یاد آر زمانی را که پروردگارت به ملائکه گفت:

بر آدم سجده کنید، همه سجده کردند مگر ابلیس، در اینجا مثل اینکه کسی پرسیده باشد:

خوب ابلیس چکار کرد و یا چه گفت؟ در جوابش فرمود: امر خدای را نادرست تلقی کرده و گفت: آیا من سجده کنم؟- این استفهام را انکاری گویند- در برابر کسی که او را از گل آفریدی با اینکه مرا از آتش خلق کرده ای که شرافت آتش بیشتر از گل است.

و بطوری که ملاحظه می کنید در آیه شریفه مطالبی به منظور اختصار حذف شده، چون سیاق اقتضای این اختصار را داشت، زیرا مقصود بیان علل و عواملی است که باعث شد ظلم و فساد بنی آدم استمرار و دوام یابد و نسلش برچیده نگردد، و در این باره نخست این را فرمود که اولین بشر به آیات و معجزات اقتراحی خودش ایمان نیاورد، آخرین هم پیرو همان اولین اند، و ایمان نخواهند آورد، و سپس به پیغمبر گرامی خود یاد آور شد که در این میان فتنه ها در کار است، که به زودی ظهور نموده و امت اسلام را در بوته امتحان خود داغ می کند، آن گاه داستان آدم و ابلیس را خاطر نشان می فرماید که ابلیس سوگند خورد ذریه آدم را گمراه سازد، و از خدا درخواست کرد که او را بر کرده اش مسلط سازد، پس خیلی بعید نیست که اکثر مردم به سوی راه ضلالت گرائیده و در ظلم و طغیان و اعراض از آیات خدا غوطه ور گردند، چون از یک سو فتنه های الهی احاطه شان کرده و از سوی دیگر شیطان با قشون سواره و پیاده اش محاصره شان نموده است.

" قالَ أَ رَأَیْتَکَ هذَا الَّذِی کَرَّمْتَ عَلَیَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ لَأَحْتَنِکَنَّ ذُرِّیَّتَهُ إِلَّا قَلِیلًا".

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 676.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 199

کاف در کلمه" ا رایتک" زائده است، و هیچ محلی از اعراب ندارد، فقط معنای خطاب را می رساند چنانچه در اسماء اشاره این کار را می کند، و مراد شیطان از اینکه گفت:

" الَّذِی کَرَّمْتَ عَلَیَّ" آدم (ع) است، برتری دادن آدم بر ابلیس همان است که خدای تعالی او را وادار کرد که تا بر او سجده کند، و چون نکرد از درگاه خودش براند.

و از همین جا روشن می شود که ابلیس از دستور سجده کردن بر آدم همین تفضیل را فهمیده چنانچه از کلام ملائکه در پاسخ خدای تعالی که گفتند:" آیا در زمین خلقی قرار می دهی که فساد و خونریزی کنند" فهمید که خلق آینده نیز گناه می توانند بکنند، و لذا جرأت و جسارت به خرج داده تصمیم گرفت ذریه آدم را اغواء کند، و در تفسیر آیه" أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ ..." (سوره بقره، آیه 30) مطالبی که نافع باشد گذشت.

کلمه" احتناک" به طوری که در مجمع البیان «1» گفته به معنای قطع شدن از ریشه است، و وقتی گفته می شود:" احتنک فلان ما عند فلان من مال او علم- فلانی آنچه مال یا علم نزد فلان کس بود همه را احتناک کرد" معنایش این است که جستجو نموده تا دینار آخرش را از او گرفت، و یا وقتی گفته می شود:" احتنک الجراد المزرع- ملخ زراعت را احتناک کرد" معنایش این است که تا دانه آخرش را خورد «2».

بعضی «3» گفته اند اصل این کلمه از" حنک" است، وقتی گفته می شود:" حنک الدابة بحبلها" معنایش این است که ریسمانی به گردن حیوان بست و او را کشید، و ظاهرا معنای آخری معنای اصلی احتناک است، چون احتناک خود به معنای افسار کردن است.

و معنای آیه این است که ابلیس بعد از آنکه سرپیچی کرد دچار غضب الهی شد و گفت: پروردگارا این بود آن کس که مرا به سجده کردن بر وی مامور نمودی؟ و چون انجام ندادم از درگاه خودت دورم ساختی؟ سوگند که اگر تا روز قیامت که مدت عمر بشر در زمین است مرا مهلت دهی فرد فرد ذریه او را افسار می کنم مگر اندکی را که بندگان مخلص تواند.

" قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَکَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُکُمْ جَزاءً مَوْفُوراً".

بعضی «4» گفته اند: امر" برو" (اذهب) امر حقیقی نیست بلکه کنایه از آزادی است،

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 425.

(2)مجمع البیان، ج 4، ص 68.

(3)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 4.

(4)روح المعانی، ج 15، ص 110.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 200

هم چنان که در محاورات روزمره به مخالف خود می گوئیم برو و هر چه از دستت بر می آید کوتاهی مکن.

بعضی «1» دیگر گفته اند: امر" برو" امر حقیقی است، و عبارت اخرای" فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّکَ رَجِیمٌ" است، و کلمه موفور به معنای کامل است، و جزای موفور آن جزائی است که چیزی از آن ذخیره نگردد و همه اش داده شود، و معنای آیه روشن است.

" وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِکَ وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ وَ رَجِلِکَ ..."

" استفزز" به معنای هل دادن به آرامی و به سرعت است، و" جلب" به طوری که در مجمع «2» گفته سوق دادن به وسیله سائق است، و" جلبه" به معنای صوت است، و در مفردات گفته که اصل" جلب" و ثلاثی مجرد آن به معنای سوق دادن چیزی است، وقتی گفته می شود فلانی را جلب کردم معنایش این است که او را کشاندم، هم چنان که شاعر عرب هم گفته:" و قد یجلب الشی ء البعید الجواب- گاه می شود که جواب چیز دوری را هم جلب می کند" ولی اگر به باب افعال برود، و گفته شود" اجلبت علیه" معنایش این می شود که از روی قهر بر سرش فریاد زدم، هم چنان که در قرآن آمده" وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ وَ رَجِلِکَ" «3».

و کلمه" خیل" به طوری که گفته شده به معنای اسبان است، و از این ماده کلمه ای که به معنای یک اسب باشد نیامده، ولی گاهی مجازا به اسب سوار هم اطلاق می شود.

و کلمه" رجل"- به فتح راء و کسر جیم- به معنای راجل" پیاده" است هم چنان که" حذر و حاذر" و" کمل و کامل" به یک معنا است، و رجل مقابل راکب" سواره" است، و ظاهر مقابله رجل با خیل این است که مراد از آن پیاده نظام باشد.

پس معنای آیه شریفه این می شود که با آوازت از ذریه آدم هر که را که می توانی گمراه و به معصیت وادار بکن، که البته به حکم آیات سوره حجر کسانی خواهند بود که ابلیس را دوست داشته و پیرویش کنند، و گویا" استفزاز با آواز" کنایه از خوار کردن آنان با وسوسه های باطل و خالی از حقیقت است، و اینکه وضع شیطان و پیروانش وضع چوپان و رمه را دارد که با یک صدا به راه می افتند، و با صدایی دیگر می ایستند و معلوم است که این صداها آوازهایی بی معنی است.

و اینکه فرمود:" وَ أَجْلِبْ عَلَیْهِمْ بِخَیْلِکَ وَ رَجِلِکَ" معنایش این است که برای به راه

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 110.

(2)مجمع البیان، ج 4 ص 68.

(3)مفردات راغب، ماده" جلب".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 201

انداختن آنان به سوی معصیت به لشگریانت اعم از سواره نظام و پیاده نظام دستور بده تا پیوسته بر سر آنان بزنند، و این گویا اشاره است به اینکه لشگریان شیطان بعضی شان تندکار و بعضی کندکارند، هم چنان که وضع هر لشگری همین طور است بعضی سواره و بعضی پیاده اند، پیاده ها را به کاری می گمارند که حاجت به سرعت عمل نداشته باشد.

[مراد از مشارکت شیطان در اموال و اولاد مردم در خطاب:" وَ شارِکْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ"] ..... ص : 201

وَ شارِکْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ"

.شرکت جز در ملکیت و اختصاص تصور نمی شود، و لازمه اش این است که شریک در استفاده از آن ملک- که غرض از تحصیل آن همان استفاده است- سهیم باشد، چرا که مال عینی است خارجی و جدای از انسان و همچنین فرزند موجودی است مستقل و جدای از پدر و مادر و اگر غرض از مال و فرزند استفاده از آنها نبود هرگز انسان مالیتی برای مال و اختصاصی برای فرزند قائل نمی شد.

پس شرکت کردن شیطان با آدمی در مال و فرزند سهم بردن از منفعت و اختصاص است، مثل اینکه آدمی را وادار کند به تحصیل مال که خداوند آن را مایه رفع حاجت آدمی قرار داده از راه حرام، زیرا در این صورت هم آدمی از آن مال منتفع شده به غرض طبیعی خود نائل می شود، و هم شیطان به غرض خود رسیده است و یا آنکه از راه حلال کسب بکند و لیکن در معصیت به کار برند، و در اطاعت خدا صرف نکند، پس هر دو از آن مال منتفع شده اند با اینکه او از رحمت خدا تهی دست است.

و یا آنکه از راه حرام فرزندی برای آدمی به دنیا آید، و یا از راه حلال به دنیا آیند و لیکن به تربیت دینی و صالح تربیتش نکند و به آداب خدایی مؤدبش نسازد، در نتیجه سهمی از آن فرزند را برای شیطان قرار داده و سهمی را برای خودش، و همچنین چیزهای دیگر.

و این وجه که ما ذکر کردیم وجه خوبی است در تفسیر آیه، و جامع همه معانی و وجوه مختلفه است که ذکر کرده اند، مانند گفتار بعضی»

که گفته اند: اموال و اولادی که شیطان در آنها شرکت دارد عبارت است از اموالی که از راه حرام و غیر حق به دست آمده باشد، و فرزندی که از راه زنا پدید آمده باشد" نقل از ابن عباس و غیره".

و یا گفته اند «2»: شرکت شیطان در اموال به این است که او دستور دهد اموال را به صورت" سائبه" و" بحیره" و یا غیر آن در آورند، و در اولاد به این است که فرزندان را یهودی

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 426.

(2)تفسیر فخر رازی، ج 21 ص 6.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 202

و نصاری و مجوس سازند (نقل از قتاده).

و یا گفته اند «1»: هر مال حرام و فرج حرامی مورد شرکت شیطان است (نقل از کلبی) و یا گفته اند: مراد از اولادی که شیطان از او سهم داشته باشد، اولادی است که نام بت پرستان را داشته باشد چون عبد شمس و عبد الحارث و امثال آنها، و یا گفته اند: مقصود از فرزندی که شیطان در آن سهیم است فرزندی است که عرب زنده به گور کرده بود (ایضا نقل از ابن عباس) و یا گفته اند «2»:" مشارکت شیطان در اموال" این است که وادار سازد اموال را به صورت گوسفند و شتر در آورده و برای بتها و خدایان خیالی خود قربانی کنند (نقل از ضحاک) و همچنین وجوه و اقوال دیگری که از علمای تفسیر روایت شده.

" وَ عِدْهُمْ وَ ما یَعِدُهُمُ الشَّیْطانُ إِلَّا غُرُوراً" یعنی شیطان به ایشان وعده نمی دهد مگر وعده دروغین و گول زننده به این معنا که خطا را در نظرشان صواب و باطل را به صورت حق جلوه می دهد، بنا بر این کلمه" غرور" مصدر به معنای اسم فاعل است.

" إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَکَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ وَ کَفی بِرَبِّکَ وَکِیلًا".

مراد از" عبادی" (بندگان من) اعم از مخلصین است که خود ابلیس آنها را استثناء کرد و گفت" الا قلیلا" پس مقصود عموم مردم است، و باقی می ماند برای شیطان غاوین که عبارتند از کسانی که هدف را گم کرده اند، هم چنان که در جای دیگر فرموده" إِنَّ عِبادِی لَیْسَ لَکَ عَلَیْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَکَ مِنَ الْغاوِینَ" «3».

و اضافه" عباد" به" ی" به منظور احترام به بندگان است.

و اینکه فرمود:" وَ کَفی بِرَبِّکَ وَکِیلًا" معنایش این است که خدا بس است برای قیام بر اراده نفوس و اعمال ایشان، و برای نگهداری منافع ایشان و سرپرستی امور ایشان، زیرا کلمه وکیل به معنای متکفل شدن بر امور دیگری است که قائم مقام او در تدبیر امور و گرداندن چرخ زندگی اوست.

از همین جا معلوم می شود اینکه مراد از این کلمه، وکالت خاص الهی است که مخصوص به غیر غاوین است، و در گذشته بحثهای مختلفی پیرامون سجده بر آدم گذشت که به درد این مقام هم می خورد، مانند سوره بقره، و اعراف و حجر.

__________________________________________________

(1 و 2)کشاف، ج 2، ص 678. [.....]

(3)سوره حجر، آیه 42.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 203

بحث روایتی [روایاتی در ذیل آیه:" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ ..."] ..... ص : 203

اشاره

در تفسیر عیاشی از ابن سنان از ابی عبد اللَّه (ع) روایت کرده که در ذیل آیه:" وَ إِنْ مِنْ قَرْیَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِکُوها قَبْلَ یَوْمِ الْقِیامَةِ" فرمود: مقصود نابودی به مرگ و یا غیر آن است، و در روایت دیگری از همان جناب آمده که مقصود از آن قتل و یا مرگ و یا غیر آن است «1».

مؤلف: شاید این روایت دومی خواسته است همه آیه را تفسیر کند یک فقره را به قتل و یکی را به مرگ.

و در تفسیر قمی در ذیل آیه:" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ ..." فرمود: این آیه در باره قریش نازل شده و در روایت ابی الجارود از امام باقر (ع) نیز آمده که در تفسیر آیه فرمود: رسول خدا (ص) از قوم خود درخواست کرد که نزدش بیایند جبرئیل نازل شد و گفت: خدای تعالی می فرماید" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ إِلَّا أَنْ کَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ" و ما هر وقت آیتی به سوی قریش می فرستادیم و ایمان نمی آوردند به همین جهت هلاکشان می کردیم، و لیکن اینکار را با قریش این عصر نمی کنیم، چون نمی خواهیم با بودن تو در میان آنان، آنها را هلاک کنیم لذا معجزاتی که می خواهند نمی فرستیم «2».

و در الدر المنثور است که احمد و نسایی و بزار و ابن جریر و ابن منذر و طبرانی و حاکم (وی حدیث را صحیح دانسته) و ابن مردویه و بیهقی در کتاب دلائل خود و ضیاء در کتاب مختاره خود همگی از ابن عباس روایت کرده اند که گفت: اهل مکه از رسول خدا (ص) این چنین معجزه خواستند که کوه صفا را برایشان طلا کند، و کوه های اطراف مکه که آن شهر را محاصره نموده اند از آن شهر دور شوند تا بتوانند کشت و زرع کنند، خطاب رسید" اگر می خواهی در باره خواسته آنها درنگ کنیم، و یا آن را برآوریم و اگر این معجزه را برایشان آوردیم آن وقت باز هم ایمان نیاوردند بدانکه همه آنان را هلاک خواهیم کرد هم چنان که امم گذشته را به خاطر اینکه معجزه پیشنهادیشان را فرستادیم و ایمان نیاوردند هلاکشان نمودیم و آیه شریفه:" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ إِلَّا أَنْ کَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ" در

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 297.

(2)تفسیر قمی، ج 2، ص 21.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 204

همین باره نازل شد و رسول خدا (ص) فرمود: پس درنگ می کنم «1».

مؤلف: قریب به این معنا به طرق زیادی روایت شده است.

[روایات متعدد از طرق عامه و خاصه راجع به خواب دیدن پیامبر (صلی اللَّه علیه و آله) بنی امیه را به شکل میمون هایی بر منبرش، و اینکه" رؤیا" و" شجره ملعونه در قرآن" در آیه، ناظر به آنان است ] ..... ص : 204

و نیز در الدر المنثور است که ابن جریر از سهل بن سعد روایت کرده که گفت: رسول خدا (ص) در خواب دید که بنی فلان" بنی امیه" در منبرش همچون میمونها جست و خیز می کنند بسیار ناراحت شد، و تا زنده بود کسی او را خندان ندید، خدای تعالی این آیه را فرستاد" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ" «2».

و نیز در آن کتاب آمده که ابن ابی حاتم از ابن عمر روایت کرده که رسول خدا (ص) فرمود: من فرزندان حکم بن ابی العاص را در خواب دیدم که بر فراز منبرها بر آمده اند و دیدم که در ریخت و قیافه میمونها بودند، و سپس خدای تعالی این آیه را فرستاد:" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ" که منظور از آن شجره دودمان حکم بن ابی العاص است «3».

و نیز در همان کتاب است که ابن ابی حاتم از یعلی بن مرة روایت کرده که گفت:

رسول خدا (ص) فرمود: در خواب دیدم که بنی امیه در همه شهرها بر فراز منبرها برآمده اند، و اینکه به زودی بر شما سلطنت می کنند، و شما ایشان را بدترین ارباب خواهید یافت، آن گاه رسول خدا (ص) از آن به بعد در اندوه عمیقی فرو رفت و بدین جهت خدای تعالی این آیه را فرستاد" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ" «4».

و نیز در آن کتاب است که ابن مردویه از حسین بن علی روایت کرده که رسول خدا (ص) را روزی اندوهناک دیدند، و از آن جناب سبب اندوهش را پرسیدند؟

فرمود: در خواب به من نمایان شد که گویا بنی امیه این منبر مرا دست به دست می گردانند و گفته شد یا رسول اللَّه (ص) غم مخور دنیا است که ایشان از آن برخوردار می شوند (در عوض از آخرت بهره ای ندارند) سپس خدای تعالی این آیه را فرستاد:" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ" «5».

باز در همان کتاب آمده که ابن ابی حاتم و ابن مردویه و بیهقی در کتاب دلائل و ابن عساکر از سعید بن مسیب روایت کرده اند که گفت رسول خدا (ص) در عالم رؤیا بنی امیه را دید که بر بالای منبرش رفته اند به همین خاطر اندوهناک شد، خداوند

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 190.

(2 و 3 و 4 و 5)الدر المنثور، ج 4، ص 191.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 205

وحی فرستاد که غم مخور دنیایی است که به دست می آورند (و در آخرت بهره ای ندارند) رسول خدا (ص) خوشحال شد، و این است معنای آیه" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ" یعنی ما این پیشامد را مایه امتحان مردم قرار دادیم «1».

مؤلف: این روایت را تفسیر برهان هم از ثعلبی نقل کرده که او در تفسیر خود بدون ذکر سند از سعید بن مسیب روایت کرده است «2».

و در تفسیر برهان از کتاب فضیلة الحسین بدون ذکر سند از ابی هریره روایت کرده که گفت: روزی رسول خدا (ص) فرمود: در عالم رؤیا بنی الحکم و یا بنی العاص را دیدم که بر فراز منبرم جست آن طور که میمونها بالا و پائین می روند، آن روز رسول خدا (ص) آن قدر ناراحت به نظر می رسید که تو گویی خشم از سر و روی نازنینش می بارید، و دیگر تا زنده بود کسی او را خندان ندید تا از دار دنیا رحلت فرمود «3».

و در الدر المنثور است که ابن مردویه از عایشه روایت کرده که روزی به مروان حکم گفت من خود از رسول خدا (ص) شنیدم که به پدرت و جدت می فرمود:

شمائید آن شجره ملعونه در قرآن «4».

و در مجمع البیان گفته است: رؤیایی که رسول خدا (ص) در خواب دید این بود که میمونهایی از منبرش بالا می روند و پائین می آیند، و این جریان وی را دچار اندوه ساخت، و این خواب را سهل بن سعید از پدرش روایت کرده، آن گاه اضافه می کند که همین معنا از حضرت ابی جعفر (ع) و از امام صادق (ع) روایت شده که فرموده اند: بنا بر این تاویل شجره ملعونه در قرآن همان دودمان بنی امیه اند «5».

مؤلف: منظور ما از نقل کلام صاحب مجمع این بود که از ایشان بپرسم چرا این معنا را تاویل نامیده و حال آنکه تناسبی با تاویل ندارد؟ بلکه انطباق آیه شریفه با این روایات تنزیل است نه تاویل، مگر آنکه در پاسخ بفرمایند گاهی کلمه تاویل در مطلق توجیه مقصود، استعمال می شود.

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 191.

(2)تفسیر برهان، ج 2، ص 426.

(3)تفسیر برهان، ج 2، ص 426، ش 16.

(4)الدر المنثور، ج 4، ص 191.

(5)مجمع البیان، ج 4، ص 66.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 206

عیاشی هم این معنا را در تفسیر خود از عده ای از راویان موثق مانند زرارة و حمران و محمد بن مسلم و معروف بن خربوذ و سلام جعفی و قاسم بن سلیمان و یونس بن عبد الرحمن اشل و عبد الرحیم قصیر از حضرت ابی جعفر و حضرت صادق (ع) روایت نموده قمی هم در تفسیر خود بدون ذکر امام و عیاشی نیز از ابی الطفیل از علی (ع) روایت کرده «1».

و در بعضی از این روایات، دیگران نیز با بنی امیه اسم برده شده اند. و در بیان معنی و مفاد آیه، در ذیل آن بحث و بررسی لازم گذشت و همچنین روایاتی در تفسیر آیه" مَثَلُ کَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ کَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ" «2» هم گذشت که بنا بر آن روایات شجره خبیثه دو طائفه از قریشند که از همه طوائف فاجرترند.

و در الدر المنثور است که عبد الرزاق و سعید بن منصور و احمد و بخاری و ترمذی و نسایی و ابن جریر و ابن منذر و ابن ابی حاتم و طبرانی و حاکم و ابن مردویه و بیهقی در کتاب دلائل همگی از ابن عباس روایت کرده اند که در ذیل آیه" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ" گفته: این آیه راجع به صحنه ای است که رسول خدا (ص) در شب معراج که به بیت المقدس رفت با چشم خود دیده نه اینکه در خواب دیده باشد، و مراد از شجره ملعونه در قرآن همان درخت زقوم است «3».

مؤلف: این معنا از ابن سعد و ابو یعلی و ابن عساکر از ام هانی نیز روایت شده و لیکن وضع این روایت در بحثی که در تفسیر آیه کردیم به دست آمد.

و در همان کتاب است که ابن جریر و ابن مردویه از ابن عباس روایت کرده اند که در تفسیر آیه" وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْیَا الَّتِی أَرَیْناکَ ..." گفته است: رسول خدا (ص) در خواب دید که به اتفاق اصحابش داخل مکه شد، و این خواب را در مدینه دید ناگزیر به سوی مکه حرکت کرد، غافل از اینکه خواب مزبور در آن سال تعبیر نمی شود و مربوط به سال بعد است مشرکین آن سال نگذاشتند آن جناب وارد مکه شود، عده ای از مردم گفتند، پس چطور شد که پیش بینی رسول خدا (ص) درست در نیامد مگر به ما نگفته بود:

به زودی داخل مکه می شویم؟ و همین برگشتنش به مدینه باعث فتنه و امتحان آن گروه گردید «4».

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 297 ش 95.

(2)سوره ابراهیم، آیه 26.

(3 و 4)الدر المنثور، ج 4 ص 191.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 207

مؤلف:در تفسیر آیه اشکالی که بر این روایت وارد می شد مطرح کردیم، علاوه بر این، این روایت معارض روایت قبلی ابن عباس است.

[چند روایت در باره شرکت شیطان در اموال و اولاد مردم ] ..... ص : 207

و در تفسیر برهان از حسین بن سعید در کتاب زهد از عثمان بن عیسی از عمر بن اذینة از سلیمان بن قیس روایت کرده که گفت: از امیر المؤمنین (ع) شنیدم که می فرمود:

رسول خدا (ص) فرمود: خداوند بهشت را بر هر کسی که فحاش و بی حیا باشد و باکی نداشته باشد از اینکه چه می گوید و مردم در باره اش چه می گویند، حرام کرده چون اینگونه اشخاص را اگر کاملا بررسی کنی خواهد دید که یا خود شیطانند و یا شیطان در نطفه آنان شریک است.

پس مردی عرض کرد: یا رسول اللَّه مگر در مردم شرک شیطان هم هست؟ فرمود:

مگر کلام خدای را نخوانده ای که می فرماید:" وَ شارِکْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ"؟ مرد عرض کرد آن کیست که از آنچه بگوید و یا در باره اش بگویند پروا نداشته باشد؟ فرمود: آن کسی است که متعرض مردم شود و در باره ایشان چیزها بگوید با اینکه می داند مردم او را رها نخواهند کرد، چنین کسی است که باک ندارد از اینکه چه بگوید و مردم در باره اش چه بگویند «1».

و در تفسیر عیاشی از محمد بن مسلم از ابی جعفر (ع) روایت کرده که گفت: از آن جناب معنای شرک شیطان را پرسیدم که خدا در باره اش فرمود:" وَ شارِکْهُمْ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ" فرمود: هر چیزی که از مال حرام باشد شرک شیطان است، و آن گاه فرمود:

همین شیطان با آدمی است تا به عمل جماع بپردازد، اگر آن جماع حرام باشد فرزند شرک شیطان است، چون از نطفه او و نطفه شیطان درست شده «2».

مؤلف: روایت در این معانی بسیار زیاد است، و لیکن همه آنها از باب ذکر مصداق است و معنای جامع آیه و شرک شیطان همان بود که ما در ذیل آیه آوردیم.

و اینکه در این روایات آمده که شیطان در عمل وقاع شرکت می کند و نطفه هم نیمی از شیطان است کنایه از این است که شیطان از این عمل بهره ای می برد نه اینکه راستی او هم جماع می کند و نطفه می ریزد، بلکه از باب تمثیل و مجسم ساختن مقصود است، و نظائر اینگونه کنایه ها در روایات بسیار است.

__________________________________________________

(1)تفسیر برهان، ج 2، ص 426. [.....]

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 299 ح 102.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 208

[سوره الإسراء (17): آیات 66 تا 72] ..... ص : 208

اشاره

رَبُّکُمُ الَّذِی یُزْجِی لَکُمُ الْفُلْکَ فِی الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ کانَ بِکُمْ رَحِیماً (66) وَ إِذا مَسَّکُمُ الضُّرُّ فِی الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِیَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاکُمْ إِلَی الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَ کانَ الْإِنْسانُ کَفُوراً (67) أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ یَخْسِفَ بِکُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ یُرْسِلَ عَلَیْکُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَکُمْ وَکِیلاً (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ یُعِیدَکُمْ فِیهِ تارَةً أُخْری فَیُرْسِلَ عَلَیْکُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّیحِ فَیُغْرِقَکُمْ بِما کَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَکُمْ عَلَیْنا بِهِ تَبِیعاً (69) وَ لَقَدْ کَرَّمْنا بَنِی آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلاً (70)

یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِیَ کِتابَهُ بِیَمِینِهِ فَأُولئِکَ یَقْرَؤُنَ کِتابَهُمْ وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلاً (71) وَ مَنْ کانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلاً (72)

ترجمه آیات ..... ص : 208

پروردگار شما است که در دریا کشتیها را به حرکت در می آورد تا شما بتوانید سفر کنید و از فضل خدا و رزق او بطلبید که او نسبت به شما رحیم است (66).

و چون در دریا به شما خوف و خطری رسد به جز خدا همه را فراموش می کنید، ولی همین که خدا شما را نجات داد باز از خدا روی می گردانید که انسان کفر کیش و ناسپاس است (67).

آیا پس از نجات از دریا باز هم ایمنید که زمین شما را فرو ببرد؟ و یا بر سرتان سنگ ببارد آن گاه برای خود از آن بلای الهی پناه و نگهبانی نیابید (68).

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 209

آیا از این ایمنید که بار دیگر خدا شما را به دریا برگرداند و تندبادی بفرستد تا همه به کیفر کفر به دریا غرق شوید آن گاه کسی را از قهر ما دادخواه و فریادرس نیابید (69).

و ما فرزندان آدم را بسیار گرامی داشتیم، و آنان را بر مرکبهای آبی و صحرایی سوار کردیم و از هر غذای لذیذ و پاکیزه روزیشان کردیم و بر بسیاری از مخلوقات خود برتریشان دادیم، آنهم چه برتری؟ (70).

ای رسول بیاد آور روزی را که هر قومی را با کتاب و امامتشان دعوت کنیم هر کس نامه دعوتش را به دست راستش دهند آنان نامه خود قرائت کنند و کمترین ستمی به ایشان نخواهد رسید (71).

هر کسی در این جهان یعنی دنیا نابینا و کوردل باشد در آخرت نیز نابینا و گمراه تر خواهد بود (72).

بیان آیات ..... ص : 209

اشاره

این آیات در مقام تکمیل نمودن آیات قبلی است، و مساله" استجابت دعا" و" کشف ضر" را که آیات قبل، از بتها و خدایان مشرکین نفی می کرد در باره خدای سبحان اثبات می نماید، زیرا آن آیات قبل از اینجا شروع شد که می فرمود:" قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ..." و این آیات از اینجا شروع می شود که" رَبُّکُمُ الَّذِی یُزْجِی لَکُمُ الْفُلْکَ فِی الْبَحْرِ ...".

و اگر گفتیم این آیات به منزله مکمل است برای این بود که هر چند طائفه اول و این طائفه، خود یک حجت تامه و مستقل در مدلول هستند یکی الوهیت خدایان مشرکین را باطل می کند و این دیگری الوهیت خدای سبحان را اثبات می نماید، و هر یک در جای خود حجتی مستقلند، برای این بود که آن آیات با کلمه" قل- بگو" شروع می شد، و در این آیات چنین کلمه ای به کار نرفته، و اگر این آیات دلیل دوم و جداگانه ای بود جا داشت در ابتدای آنها نیز بفرماید" و قل" پس معلوم می شود که آنها و اینها مجموعا احتجاج واحدی هستند که رسول خدا (ص) مامور شده آن را در برابر مشرکین القاء نموده و ایشان را ملزم به توحید بسازد.

سیاق سابق بر این دو طائفه آیات هم که با جمله" قُلْ لَوْ کانَ مَعَهُ آلِهَةٌ کَما یَقُولُونَ ..." آغاز می شد مؤید این معنا است، مخصوصا با در نظر گرفتن اینکه دنبالش داشت" وَ قالُوا أَ إِذا کُنَّا عِظاماً تا آنجا که فرمود: قُلْ کُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِیداً".

و همچنین اینکه احتجاج مزبور با آیه" یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ..." ختم شده، و با ترجمه المیزان، ج 13، ص: 210

آن اشاره به این معنا کرده که این هدایت و ضلالتی که مورد بحث بود در آخرت نیز ملازم انسان است، و نشاه آخرت مطابق نشاه دنیا است، هر که در دنیا بینا باشد در آخرت هم بینا است و هر که در اینجا کور باشد آنجا هم کور و بلکه گمراهتر است.

" رَبُّکُمُ الَّذِی یُزْجِی لَکُمُ الْفُلْکَ فِی الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ کانَ بِکُمْ رَحِیماً".

کلمه یزجی از" ازجاء" است که به قول صاحب مجمع به معنای سوق دادن چیزی است از حالی به حالی دیگر «1»، پس مراد از آن، در اینجا به راه انداختن کشتیها در دریا به وسیله باد و امثال آن و روان و نرم ساختن آب است، چون اگر خداوند آب را تر و مایع خلق نمی کرد، دیگر کشتیها نمی توانستند در دریاها به حرکت در آیند، کلمه" فلک" جمع" فلکه" است، که به معنای کشتی است.

و طلب رزق را از این جهت" ابتغاء الفضل"" طلب زیادی" خوانده که رزق فضل وجودی از خدای تعالی است، چه شخص جواد غالبا آنچه را که ما زاد بر مقدار احتیاج خودش باشد به دیگران می دهد، و فضل هر چیز زیادی و باقی مانده آن را گویند و حرف" من" ابتدائیه است و چه بسا گفته شود که تبعیضیه است، و در ذیل آیه، حکم آیه را با رحمت خدایی تعلیل می کند، و معنای آیه روشن است، و آیه مقدمه آیه بعدی است.

[انسان چه در" ضراء" که خدا را می خواند و چه در" سراء" که از خدا اعراض می کند بالفطره متوجه خدا است ] ..... ص : 210

" وَ إِذا مَسَّکُمُ الضُّرُّ فِی الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِیَّاهُ ...".

کلمه" ضر" به معنای سختی و گرفتاری است، و مس ضر در دریا عبارت از مشرف شدن به غرق است، که به خاطر طوفانی شدن دریا پیش می آید.

و مراد از" ضلال" در جمله" ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِیَّاهُ" بطوری که گفته اند محو شدن از خاطره ها است نه گم کردن راه، بعضی هم گفته اند به معنای از دست دادن است، وقتی گفته می شود" ضل عن فلان کذا" معنایش این است که فلان چیز از دست فلانی رفت، و به هر حال برگشت هر دو معنا به یک چیز است، و آن فراموشی است.

و مراد از" دعا" طلب کردن و درخواست است، نه دعای عبادت، و به همین جهت جمله" من تدعون" هم شامل اله حق می شود، و هم آلهه باطل که مشرکین از آنها درخواست می کنند، و استثناء" الا" استثناء متصل است، و معنای آیه این است که وقتی در دریا کارتان به سختی کشید و بیچاره شدید و نزدیک شد غرق شوید آن وقت دیگر همه خدایان خود را که همواره از آنها حاجت می خواستید فراموش می کنید، جز خدای تعالی را.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، ص 72.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 211

بعضی «1» گفته اند: مراد از دعا دعای عبادت است نه دعای درخواست و در نتیجه جمله" من تدعون" مختص به همان معبودهایی است که می پرستیدند، در نتیجه استثناء مزبور منقطع است، و معنای آیه این است که" وقتی بیچارگی گریبان شما را در دریا گرفت خدایانی که همواره عبادت می کردید از خاطرهایتان محو می شود، و لیکن خدای سبحان را هیچوقت غایب ندیده و فراموش نمی کنید".

و ظاهرا مراد از" ضلال" همان معنای معروف آن است که مخالف هدایت است، و گفتار در آیه بر اساس تمثیل آمده آن هم تمثیلی لطیف، مثل اینکه وقتی انسان در دریا بیچاره می شود به قلبش می افتد که دست به دامن معبودش شود و مقصودش از معبود به خاطر انس ذهن و سوابقی که دارد همان آلهه ای است که همیشه آنها را می خواند، آن گاه آلهه یکی پس از دیگری به ذهن شخص گرفتار می آیند، و در راه آمدن از یکدیگر پیشدستی می کنند تا شاید خود را به یاری وی برسانند، و لیکن هیچیک از آن آلهه به شخص درمانده نمی رسند و در راه گم می شوند، و در نتیجه شخص مزبور هیچ وقت بیاد آنها نمی افتد، و ناگزیر از همان بار اول متوجه خدا می شود، و خدای را در دل خود حاضر می بیند، و به یاد او می افتد و دست به دامن او می زند، با اینکه تا کنون از او اعراض می کرد، خدای تعالی هم ایشان را پاسخ گفته و به سوی خشکی نجاتشان می دهد.

از همین جا روشن است که مراد از" ضلال" همان معنای معروف آن، یعنی راه گم کردن است، و مراد از" من تدعون" تنها آلهه ای است که به غیر خدا می خوانند، و استثناء هم استثناء منقطع است، و وجه منقطع بودن این است که آن معنای تشبیهی که گفتیم کلمه" ضل" آن را می رساند با ساحت قدس خدای تعالی مناسب نیست چون نمی توان در این تشبیه خدای را هم در سر راه قرار داده و در آمدن شریک آلهه اش قرار داد تا پس از گم شدن آلهه تنها او به سوی خواهنده قطع طریق نماید از همین جهت باید گفت استثناء مزبور استثناء منقطع است.

علاوه بر این، جمله" فَلَمَّا نَجَّاکُمْ إِلَی الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ" ظاهر در این است که مراد از" دعوت" دعای مسئلت است، نه دعای عبادت، و چون مشرکین در خشکی و در حال عادی از خدای تعالی اعراض داشته و هیچ وقت او را نمی خواندند، و جمله" من تدعون" که ظاهر در استمرار و همیشگی است که می رساند که مراد از آن خواندن آلهه است که همیشه

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 679. و روح المعانی، ج 15، ص 115.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 212

می خواندند، پس گفتن" مگر خدا" قهرا استثناء منقطع خواهد بود.

و معنای اینکه فرمود:" فَلَمَّا نَجَّاکُمْ إِلَی الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ" این است که وقتی شما را از غرق شدن نجات داده گرفتاری و بیچارگیشان را برطرف نمود، و شما را بار دیگر به خشکی رسانید، دوباره از او و از دعای او اعراض کردید، و این خود دلالت دارد بر اینکه یاد خدای تعالی هیچ وقت از دل آدمی بیرون نمی رود، و در هیچ حالی مغفول نیست، و اگر دعا می کند ذات و فطرت او وادارش می کند که در ضراء و سراء در شدت و در رخاء او را بخواند، زیرا اگر بعضی از او اعراض می کنند لا بد او هست، و گرنه اگر چنین چیزی در ذات و فطرت آدمی وجود نداشت دیگر اعراض معنا نداشت، پس معنای اینکه آیه مورد بحث می فرماید:

انسان خدای را در بیچارگیهایش می خواند ولی در خوشحالی ها از او اعراض می کند در معنای این است که انسان همیشه به وسیله فطرتش به سوی خدا هدایت می شود.

" وَ کانَ الْإِنْسانُ کَفُوراً"- یعنی کفران نعمت عادت انسان است، و از این جهت است که دارای طبیعت انسانی است که همه سر و کارش با اسباب مادی و طبیعی است، و در اثر عادت و خو کردن با اسباب مادی و طبیعی مسبب الاسباب را فراموش می کند، با اینکه در هر آنی در نعمتهای او غوطه ور است.

و اگر کلام را با اینچنین ذیلی ختم نمود برای این بود که بفهماند اعراض آدمی از یاد خدا در غیر حال بیچارگی امری غریزی فطری نیست، چون اگر فراموشی خدا فطری بود خود دلیل بر نفی ربوبیت او می شد، بلکه امری عادی است و عادت زشتی است از انسان که او را به کفران نعمت وا می دارد.

و در آیه، دلیلی هم بر توحید ربوبیت خدای تعالی هست، و حاصلش این است که اگر آدمی در حادثه ای کارش به جایی برسد که از هر سببی از اسباب ظاهری جهان منقطع و مایوس شود اصل سبب منقطع نمی شود، و امید نجاتش به کلی ناامید نمی گردد، بلکه هنوز امید نجات داشته و به سببی که توانای بر اموری باشد که هیچ سببی قادر بر آن نیست امیدوار است.

و اگر در واقع چنین سببی که ما فوق همه اسباب عالم و مسبب همه آنها یعنی خدای سبحان وجود نمی داشت چرا بایستی در دل آدمی و در فطرت او چنین ارتباط و تعلقی یافت شود؟ پس وجود چنین تعلقی خود حجتی است بر مساله اثبات صانع که اگر اشتغال به زخارف زندگی دنیا و دلبستگی و انس با اسباب مادی و ظاهری نبود هرگز از یاد او غافل نمی شدیم.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 213

" أَ فَأَمِنْتُمْ أَنْ یَخْسِفَ بِکُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ یُرْسِلَ عَلَیْکُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَکُمْ وَکِیلًا".

خسوف قمر به معنای پنهان شدن قرص ماه و پوشیده شدنش به ظلمت و سایه است، و اگر گفته شود:" خسف اللَّه به الأرض" معنایش این است که خداوند او را در زمین پوشانید و کلمه" حاصب" به طوری که در مجمع البیان آمده به معنای بادی است که از شدت، سنگ ریزه ها را از جای بکند «1» و بعضی «2» گفته اند:" حاصب" به معنای باد کشنده ای است که در بیابان برخیزد، به خلاف (قاصف) که به معنای باد کشنده در دریا (یعنی طوفان) است.

[آیا در خشکی تضمینی و تامینی از گرفتاری ها دارید که از خدا اعراض می کنید] ..... ص : 213

استفهامی که در آیه آمده، استفهام توبیخ است، خدای سبحان ایشان را بر این معنا که تا در خشکی هستند از دعوتش اعراض می کنند توبیخ و سرزنش می فرماید، چون بشر در خشکی هم هیچ مامن و پناهگاهی که او را از حوادث کشنده حفظ کند ندارد، هم چنان که هیچ مامنی از غرق و هلاکت در دریا ندارد، زیرا نمی داند چه حوادثی در دریا و یا بیابان در انتظار او است، و به همین جهت در هر آنی احتمال می دهد که خداوند زمین زیر پای او را فرو ببرد و یا تند بادی بفرستد، و او را هلاک کند، و کسی را هم که شدت و بلا را از ایشان دور کرده و سلامتی و امنیت قبلی را برگرداند، ندارند.

" أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ یُعِیدَکُمْ فِیهِ تارَةً أُخْری فَیُرْسِلَ عَلَیْکُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّیحِ فَیُغْرِقَکُمْ بِما کَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَکُمْ عَلَیْنا بِهِ تَبِیعاً".

کلمه" قصف" به معنای شکستن و خرد کردن شدید است، و" قاصف" به معنای بادی است که کشتی ها و ساختمانها را در هم می شکند.

بعضی دیگر گفته اند: به معنای بادهای کشنده دریا است، و کلمه" تبیع" به معنای تابع است، و ضمیر" فیه" به" بحر" (دریا) و ضمیر" به" به" غرق" یا به ارسال و یا به اعتبار ما وقع به هر دو بر می گردد، و برای هر یک از این احتمالات قائلی هم هست، و آیه شریفه تتمه توبیخ قبل است.

و معنایش این است که آیا شما ایمن از این هستید که هیچوقت دچار غرق دریا نگردید؟ و یا ایمنید از اینکه بار دیگر گذارتان به دریا نیفتد؟ تا خداوند از بادهای شکننده و

__________________________________________________

(1 و 2)مجمع البیان، ج 6، ص 427 و 428.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 214

کشنده بفرستد و شما را و کشتی شما را خرد نموده و غرقتان سازد؟ نه، چنین تامینی ندارید، کسی را هم ندارید که بعد از غرق شدن از شما دفاع نموده و به خدا اعتراض کند که چرا چنین کردی.

و در جمله" ثُمَّ لا تَجِدُوا لَکُمْ عَلَیْنا بِهِ تَبِیعاً" التفات از" غیبت" به" تکلم با غیر" به کار رفته، قبلا خدای تعالی غایب فرض شده بود، و ضمیر غایب (بفرستد) (حفظ کند) (برگرداند) به او بر می گشت، ولی ناگهان در این جمله به صورت متکلم با غیر (علینا- بر ما) درآمده، و گویا نکته این التفات این باشد که می خواهد این آیه را با آیات بعدی که سیاق متکلم مع الغیر را دارد در یک سیاق در آورد.

[معنای آیه:" وَ لَقَدْ کَرَّمْنا بَنِی آدَمَ ..."] ..... ص : 214

" وَ لَقَدْ کَرَّمْنا بَنِی آدَمَ وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا".

این آیه در سیاق منت نهادن است، البته منتی آمیخته با عتاب، گویی خدای تعالی پس از آنکه فراوانی نعمت و تواتر فضل و کرم خود را نسبت به انسان ذکر نمود و او را برای به دست آوردن آن نعمتها و رزقها و برای اینکه زندگیش در خشکی به خوبی اداره شود سوار بر کشتیش کرد. و او پروردگار خود را فراموش نموده و از وی رو گردانید، و از او چیزی نخواست و بعد از نجات از دریا باز هم روش نخست خود را از سر گرفت با اینکه همواره در میان نعمت های او غوطه ور بوده اینک در این آیه خلاصه ای از کرامتها و فضل خود را می شمارد، باشد که انسان بفهمد پروردگارش نسبت به وی عنایت بیشتری دارد، و مع الأسف انسان این عنایت را نیز مانند همه نعمتهای الهی کفران می کند.

از همین جا معلوم می شود که مراد از آیه، بیان حال جنس بشر است، صرفنظر از کرامتهای خاص و فضائل روحی و معنوی که به عده ای اختصاص داده، بنا بر این این آیه مشرکین و کفار و فاسقین را زیر نظر دارد، چه اگر نمی داشت و مقصود از آن انسان های خوب و مطیع بود معنای امتنان و عتاب درست درنمی آمد.

پس اینکه فرمود:" وَ لَقَدْ کَرَّمْنا بَنِی آدَمَ" مقصود از تکریم اختصاص دادن به عنایت و شرافت دادن به خصوصیتی است که در دیگران نباشد، و با همین خصوصیت است که معنای" تکریم" با" تفضیل" فرق پیدا می کند، چون تکریم معنایی است نفسی و در تکریم کاری به غیر نیست، بلکه تنها شخص مورد تکریم مورد نظر است که دارای شرافتی و کرامتی بشود، به خلاف تفضیل که منظور از آن این است که شخص مورد تفضیل از دیگران برتری یابد، در حالی که او با دیگران در اصل آن عطیه شرکت دارد.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 215

حال که معنای تکریم و فرق آن با تفضیل روشن شد اینک می گوئیم: انسان در میان. سایر موجودات عالم خصوصیتی دارد که در دیگران نیست، و آن داشتن نعمت عقل است، و معنای تفضیل انسان بر سایر موجودات این است که در غیر عقل از سایر خصوصیات و صفات هم انسان بر دیگران برتری داشته و هر کمالی که در سایر موجودات هست حد اعلای آن در انسان وجود دارد.

و این معنا در مقایسه انسان و تفنن هایی که در خوراک و لباس و مسکن و ازدواج خود دارد با سایر موجودات کاملا روشن می شود، و همچنین فنونی را که می بینیم انسان در نظم و تدبیر اجتماع خود به کار می برد در هیچ موجود دیگری نمی بینیم، انسان برای رسیدن به این هدفهایش سایر موجودات را استخدام می کند ولی سایر حیوانات و نباتات و غیر آن دو چنین نیستند بلکه می بینیم که دارای آثار و تصرفاتی ساده و بسیط و مخصوص به خود هستند. از آن روزی که خلق شده اند تا کنون از موقف و موضع خود قدمی فراتر نگذاشته اند، و تحول محسوسی به خود نگرفته اند، و حال آنکه انسان در تمامی ابعاد زندگی خود، قدمهای بزرگی به سوی کمال برداشته و هم چنان بر می دارد. و خلاصه اینکه بنی آدم در میان سایر موجودات عالم، از یک ویژگی و خصیصه ای برخوردار گردیده و به خاطر همان خصیصه است که از دیگر موجودات جهان امتیاز یافته و آن عقلی است که به وسیله آن حق را از باطل و خیر را از شر و نافع را از مضر تمیز می دهد.

و اما اینکه مفسرین گفته اند و یا روایتی هم بر طبقش رسیده که مقصود از آن خصیصه مساله" نطق و گویایی" است، و یا" بر دو پا راه رفتن"، و یا" انگشت داشتن" است که با آنها به دلخواه خود کار کند، و یا عبارت از" خوردن با دست" و یا" قدرت بر نوشتن" و یا" خوش ترکیبی" و" حسن صورت"، و یا" تسلط بر سایر مخلوقات و تسخیر آنها" است و یا آنکه" خداوند پدر ایشان- آدم- را به دست خود خلق کرده"، و یا" هم چون خاتم انبیا محمد صلوات اللَّه علیه، پیغمبری را برای آنان برانگیخته و یا آنکه" به خاطر همه اینها" یی است که گفته شد هیچیک صحیح نیست، بلکه روایات اینها را به عنوان مثل ذکر کرده نه اینکه مراد از آن خصیصه اینها باشد.

چون بعضی از آنها که شمرده شد بعد از داشتن عقل، پیدا می شود یعنی ابتدا باید عقل وجود پیدا کند و سپس" خط" و" نطق" و" تسلط بر سایر مخلوقات"، و بعضی دیگرش از مصادیق تفضیل است نه تکریم چون در سایر مخلوقات هم مقدار کمترش وجود دارد، و بعضی دیگر از آنها اصلا از مدلول آیه خارج است، مانند" آفریده شدن پدر آدمیان به دست خدا"، و

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 216

یا" قرار گرفتن خاتم انبیاء (ص) در میان آنان"، چرا که اینها همه جزو تکریم های معنوی و آخرتی است، و آیه شریفه پیرامون خصیصه های مادی و دنیوی سخن می گوید.

از اینجا آن اشکال که متوجه گفتار بعضی می شود روشن می گردد، چون گفته اند:

مقصود از تکریم همه این هایی است که گفته شد، و اشتباهی که صاحب روح المعانی کرده این است که بعد از ذکر اقوال گذشته گفته است که همه اینها از باب مثال و ذکر مصداق است، و اگر کسی مانند ابن عطیه بگوید: تکریم به فعل است و بس ادعای غلطی کرده، و سخن بیهوده ای گفته، و راهی بر خلاف صریح عقل و صحیح نقل، پیموده است «1».

و حال آنکه خواننده محترم توجه فرمودند که بر عکس، سخن ابن عطیه صحیح، و دعوی روح المعانی باطل است.

و اینکه فرمود:" وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ" معنایش این است که ما ایشان را در دریا سوار بر کشتی و در خشکی سوار بر چارپایان و غیر از آن کردیم تا به سوی مقاصد خود رهسپار شوند و در پی جستجوی فضل پروردگار خود و رزق او برآیند، و این خود یکی از مظاهر تکریم بشر است (چون بشر به وسیله عقل از این موهبت ها برخوردار می شود).

و مقصود از" طیبات" در جمله" وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ" اقسام میوه ها و حاصل هایی است که مورد استفاده و خوش آیند بشر بوده و هر چیزی دیگر است که از آن متنعم گشته و لذت می برد، و عنوان رزق بر آن صادق باشد، و این نیز یکی از مظاهر تکریم است که انسان را به میهمانی مثل می زند که به ضیافتی دعوت شود آن گاه برای حضور در آن ضیافت برایش مرکب بفرستند، و در آن ضیافت انواع غذاها و میوه ها در اختیارش بگذارند، که هم میهمانی تکریم است، و هم مرکب فرستادن و هم غذاهای لذیذ برایش آوردن همه مصداق تکریم است.

با این بیان روشن می گردد که عطف جمله" وَ حَمَلْناهُمْ ..." و جمله" وَ رَزَقْناهُمْ ..."

بر" تکریم" از قبیل عطف مصداقی است که از عنوانی کلی انتزاع شده و بر آن متفرع شود.

[معنای جمله:" وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا"] ..... ص : 216

" وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا"- بعید نیست که مراد از" من خلقنا- کسانی که خلق کردیم" انواع حیوانات دارای شعور و همچنین جن باشد که قرآن آن را اثبات کرده، آری قرآن کریم انواع حیوانات را هم امتهایی زمینی خوانده، مانند انسان که یک امت

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 119.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 217

زمینی است، و آنها را به منزله صاحبان عقل شمرده و فرمود:" وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ یَطِیرُ بِجَناحَیْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُکُمْ ما فَرَّطْنا فِی الْکِتابِ مِنْ شَیْ ءٍ ثُمَّ إِلی رَبِّهِمْ یُحْشَرُونَ" «1» و این احتمال با معنای آیه مناسب تر است، چون می دانیم که غرض از آیه مورد بحث بیان آن جهاتی است که خداوند با آن جهات آدمی را تکریم کرده، و بر بسیاری از موجودات این عالم برتری داده، و این موجودات- تا آنجا که ما سراغ داریم- حیوان و جن هستند، و اما ملائکه از آن جایی که موجودات مادی و در تحت نظام حاکم بر عالم ماده قرار ندارند نمی توانیم آنها را نیز مشمول آیه بگیریم.

بنا بر این معنای آیه این می شود که ما بنی آدم را از بسیاری از مخلوقاتمان که حیوان و جن بوده باشند برتری دادیم، و اما بقیه موجودات که در مقابل کلمه" بسیار" (کثیر) قرار دارند یعنی ملائکه خارج از محل گفتارند، زیرا آنها موجوداتی نوری و غیر مادی هستند و داخل در نظام جاری در این عالم نیستند، و آیه شریفه هر چند در باره انسان بحث می کند و لیکن از این نظر مورد بحث قرارش داده که یکی از موجودات عالم مادی است که او را به نعمتهایی نفسی و اضافی تکریم کرده است.

[فرق بین" تکریم" و" تفضیل" انسان و چند وجه دیگر که در بیان فرق بین" کَرَّمْنا بَنِی آدَمَ" و" فضلناهم" گفته شده است ] ..... ص : 217

از آنچه گذشت چند نکته زیر روشن گردید.

1- اینکه هر یک از دو کلمه: تفضیل و تکریم ناظر به یک دسته از موهبت های الهی است که به انسان داده شده، تکریمش به دادن عقل است که به هیچ موجودی دیگر داده نشده، و انسان به وسیله آن خیر را از شر و نافع را از مضر و نیک را از بد تمیز می دهد، موهبت های دیگری از قبیل تسلط بر سایر موجودات و استخدام و تسخیر آنها برای رسیدن به هدفها از قبیل نطق و خط و امثال آن نیز زمانی محقق می شود که عقل باشد.

و اما تفضیل انسان بر سایر موجودات به این است که آنچه را که به آنها داده از هر یک سهم بیشتری به انسان داده است، اگر حیوان غذا می خورد خوراک ساده ای از گوشت و یا میوه و یا گیاهان و یا غیر آن دارد، ولی انسان که در این جهت با حیوان شریک است این اضافه را دارد که همان مواد غذایی را گرفته و انواع طعامهای پخته و خام برای خود ابتکار می کند، طعامهای گوناگون و فنون مختلف و لذیذ که نمی توان به شماره اش آورده برای خود اختراع می نماید و همچنین آشامیدنی، و پوشیدنی، و اطفاء غریزه جنسی و طریقه مسکن گزیدن و رفتار اجتماعی در حیوانات و انسان بدین قیاس است.

__________________________________________________

(1)و نیست هیچ جنبنده ای در زمین و نه پرنده ای که می پرد و به دو بالش مگر آنکه امت هایی مثل شمایند و تقصیر نکردیم در کتاب از چیزی پس بسوی پروردگارشان محشور می شوند. سوره انعام، آیه 38.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 218

در مجمع البیان می گوید: اگر گفته شود که معنای تکریم و تفضیل یکی نیست، زیرا اگر یکی بود چه جهت داشت که تکرار شود؟ گفتن یکی از آن دو کافی بود. در جواب می گوئیم: جمله" کرمنا" صرف انعام را می رساند بدون اینکه نظری به برتری انسان نسبت به سایر موجودات داشته باشد، ولی تفضیل نظر به برتری دارد، و اگر دومی را نمی گفت، این اشاره ظاهر نمی شد، بعضی هم گفته اند که تکریم تنها شامل نعمت های دنیا می شود، و تفضیل مربوط به نعمتهای آخرت است، بعضی دیگر گفته اند که تکریم آن نعمتهایی است که مصحح و مجوز تکلیف شده و تفضیل نعمت تکلیف (دین) است که به وسیله آن آدمی به منازل و رتبه های والا می رسد «1».

اما اینکه گفته است که تفضیل یک نکته ای را می رساند که تکریم فاقد آن است و آن عبارت از این است که" نعمت مورد تفضیل بدون استحقاق داده شده"! در جوابش می گوئیم که چنین چیزی را قبول نداریم، و می گوئیم تفضیل، هم در نعمتهایی که مفضل استحقاق آن را دارد اطلاق می شود، و هم در نعمتهایی که طرف استحقاق آن را نداشته باشد، و اما آن وجوهی که از دیگران نقل کرده هیچیک دلیلی ندارد.

فخر رازی در تفسیر خود در باره فرق میان" تکریم" و" تفضیل" گفته قریب تر از هر معنا این به نظر می رسد که گفته شود:" خدای تعالی انسان را بر سایر حیوانات به اموری خلقی و طبیعی و ذاتی از قبیل عقل و نطق و خط و صورت زیبا و قامت موزون برتری داده است، و همه اینها را به وسیله عقل و فهم در اختیار آدمی قرار داده، تا به وسیله آنها عقاید حق و اخلاق فاضله را تحصیل کند".

اولی تکریم و دومی تفضیل است.

پس گویی که خواسته است بفرماید: ما بشر را با در معرض کسب نجات و تقرب قرار دادن برتری دادیم، تا آنچه مایه نجات او از بدیها و مهالک است و مایه تقرب او از نیکیها است به وسیله مبادی و ابزاری که در اختیارش قرار داده ایم کسب کند، حال وظیفه خود اوست که شکر داده های ما را به جای آورد، و آنچه را که برایش خلق کرده ایم در همان موردی که برای آن مورد خلقش کردیم به کار گیرد، یعنی خدا را به یگانگی بپرستد و چیزی شریک او قرار ندهد، و بتهایی که دارد کنار بگذارد «2».

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 429.

(2)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 16.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 219

و خلاصه اش این است که میان تکریم (کرمنا) و تفضیل (و فضلناهم) فرق است اولی عبارت از امور ذاتی و ملحقات آن از غرائز است، و دومی عبارت از امور کسبی است که خود او باید تحصیل کند، و لیکن خواننده گرامی توجه می فرماید که هر چند به گفته او مواهبی که در آدمی است دو جور است، یکی امور" ذاتی" و دیگری" اکتسابی"، و لیکن اینکه مراد از تکریم اولی باشد و مراد از تفضیل دومی، دلیلی ندارد، و بلکه لغت عرب هم با آن سازگار نیست، پس وجه صحیح در فرق بین این دو کلمه همان است که گفتیم.

2- این آیه ناظر به کمال انسانی از حیث وجود مادی است، و تکریم و تفضیلش در مقایسه با سایر موجودات مادی است، و بنا بر این ملائکه از آنجا که از تحت نظام کونی و مادی این عالم خارجند لذا از محل کلام بیرونند، و خلاصه تفضیل و برتری دادن انسان بر بسیاری از موجودات، تفضیل از غیر ملائکه از موجودات مادی این عالم است، و اما ملائکه اصولا وجودشان غیر این وجود است پس آیه هیچ نظری به برتری آدمی از ملائکه ندارد.

[آیه شریفه ناظر به تفضیل انسان از حیث وجود مادی است و ملائکه از مفضل علیه (کثیر ممن خلقنا) خارج است ] ..... ص : 219

از این بیان فساد گفتار بعضی به خوبی واضح می شود که با این آیه استدلال کرده اند بر اینکه ملائکه از بنی نوع بشر حتی از انبیایش افضل است، به این بیان که جمله" وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا" دلالت دارد بر اینکه موجوداتی هستند که خدا انسان را بر آنها برتری نداده، و آن موجودات جز ملائکه نمی تواند باشد، برای اینکه می دانیم انسان از تمامی موجودات سوای ملائکه برتری دارد، و این خود مطلبی اتفاقی است.

و وجه فساد آن این است که آن مطلبی که آیه شریفه متعرض آن است برتری از حیث وجود مادی دنیوی است، و ملائکه به چنین وجودی اصلا موجود نیستند، جواب دیگری هم که بعضی «1» از این گفتار داده اند به همین جواب ما بر می گردد، و آن این است که گفته اند: بطور مسلم منظور از این برتری برتری در ثواب نیست، زیرا برتری در ثواب ابتداء صحیح نیست، چون ثواب بستگی به عمل و اطاعت دارد، بلکه مراد از آن برتری در فنون نعمتهای دنیایی است که خداوند در دنیا به موجودات ارزانی داشته است.

و اما این جواب دیگری که بعضی «2» داده اند و گفته اند: که کلمه" کثیر" در آیه به معنای" جمیع" و کلمه" من" بیانیه است، و معنایش این است که ما انسان را از هر چه که خلق کرده ایم با همه کثرتشان برتری داده ایم صحیح نیست، و بلکه جواب سخیف و بی پایه ای است که نه خود کلام خدا به آن دلالت دارد و نه سیاق کلام.

__________________________________________________

(1 و 2)مجمع البیان، ج 6، ص 429.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 220

و همچنین است اینکه گفته اند «1» این آیه از قبیل این است که می گویند:" بذلت له العریض من جاهی- من آبرویی از آبروی خودم را که خیلی هم زیاد است به او دادم" و یا می گویند:" ابحته المنیع من حریمی- من حریمی از حریم خودم را که خیلی هم منیع است به او اباحه کردم" که در اینگونه تعبیرات معنا این نیست که من عریض جاهم و منیع مقامم را به او داده و غیر عریض و غیر منیع آن را برای خود گذاشتم، بلکه مراد این است که من از جاه خودم که دارای صفت عریض است و از مقام خودم که دارای صفت منیع است به او دادم.

وجه بطلان این است که اگر مقصود از آوردن این دو مثال این است که بگویی عنایت در اینگونه کلمات در این است که بفهمانیم که من مثلا تمامی جاه خود را با اینکه عریض است به او دادم در این صورت این دو مثال با مورد آیه تطبیق نمی کند، زیرا در این صورت جاه و حریم دو قسم نیست که یکی عریض و منیع باشد و آن دیگری غیر عریض و غیر منیع، و حال آنکه دو قسم است، به خلاف مورد آیه که دو قسم نیست، و مخلوقات خدا همان کثیر است و بس.

و اگر مقصود این است که بفهماند من جاه عریض خود را به او دادم تا چه رسد به غیر عریض آن، در مورد آیه شریفه قطعا جائز نیست، زیرا معنا این می شود که ما انسان را بر خلق کثیر خود برتری دادیم تا چه رسد به خلق غیر کثیر.

و چه بسا «2» بعضی از این اشکال جواب داده اند که ما تسلیم می شویم، و می پذیریم که مراد از" کثیر" غیر ملائکه است، و کلمه" من" در" ممن" برای تبعیض است، تازه نهایت حرفی که می توانید بزنید این است که بگوئید: آیه شریفه از بیان برتر بودن انسان از ملائکه ساکت است، ما هم می گوئیم سکوت اعم از این است که ملائکه برتر از انسان باشد، آیه اگر از آن ساکت است از این نیز ساکت است، زیرا ممکن است واقعا انسان و ملائکه هیچیک بر دیگری برتری نداشته باشد، و با هم مساوی باشند.

و باز هم به فرض که تسلیم شویم و بپذیریم که آیه دلالت بر تفضیل ملائکه بر انسان دارد، تازه نهایت حرفی که شما می توانید بزنید این است که بگوئید جنس ملائکه بر جنس آدم برتری دارد، و این حرف منافات ندارد با اینکه بعضی از افراد بنی آدم افضل از ملائکه باشند مانند انبیاء (ع).

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 429.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 118 و 119.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 221

پس حق همان است که گفتیم آیه شریفه متعرض برتری از نظر ثواب و تقرب و برتریهای آخرت نیست و به عبارت دیگر آیه متعرض برتری از حیث وجود مادی است و مراد از" کثیری از آنچه خلق کردیم" غیر ملائکه است و کلمه" من" تبعیضی است، و مراد از" من خلقنا" ملائکه و غیر ملائکه و انسان و حیوان و جن است، و انسان به حسب وجود مادیش از حیوان و جن برتری دارد، این را در نظر داشته باشید تا ان شاء اللَّه گفتار ما را پیرامون برتری انسان از ملک بخوانید.

گفتار در برتری انسان از ملائکه ..... ص : 221

اشاره

مسلمین اختلاف دارند در اینکه انسان و ملک کدامیک برترند؟ قول معروف که به اشاعره هم منسوب شده این است که انسان افضل است، و مراد ما از فضیلت انسان، نه همه افراد انسانها است، بلکه افراد مؤمن است، زیرا حتی دو نفر هم اختلاف ندارند در اینکه عده ای از افراد انسان از چارپایان هم پست تر و گمراهترند، و آنان عبارتند از منکران حق و لجوج ها که زیر بار حق نمی روند، بنا بر این چگونه ممکن است که چنین جانورانی از ملائکه مقرب تر باشند؟.

دلیل کسانی که گفته اند انسان از ملک برتر است، یکی همین آیه شریفه است که البته همانطور که در تفسیرش اشاره کردیم کلمه کثیر را به معنای جمیع گرفته اند، دلیل دیگرشان روایاتی است که می گوید مؤمن نزد خدا گرامی تر از ملائکه است.

و این رأی از مذهب شیعه نیز معروف است، و چه بسا این استدلال را هم بکنند که ملائکه مطبوع بر اطاعت خدایند، و اطاعت طبیعت و فطری آنها است، اصلا قادر بر معصیت نیستند، به خلاف انسان که هم می تواند اطاعت کند و هم مخالفت، و سازمان وجودش را هم دو قسم نیرو تشکیل می دهد یکی نیروهای شیطانی و دیگری رحمانی، یکی عقل و یکی شهوت و غضب.

پس انسان مؤمنی که با نفس خود جهاد نموده، با آنکه می تواند معصیت کند خودداری نموده، در عوض خدای را اطاعت می کند از ملائکه افضل است.

ولی با همه این حرفها افضلیت انسان به آن معنایی که گذشت در میان شیعه و اشاعره اتفاقی نیست، و از اشاعره کسانی هستند که قائل به افضلیت ملک شده اند، مانند زجاج، و به ابن عباس هم نسبت داده اند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 222

بعضی «1» دیگر از ایشان قائل شده اند به افضلیت پیغمبران- بطور مطلق- از سایر موجودات، و بعد از این سلسله فرستادگان از ملائکه بر سایر ملائکه و بر سایر افراد بشر، و سپس افضلیت تمامی ملائکه بر تمامی بشر.

بعضی «2» دیگر از ایشان قائلند به برتری کروبین از ملائکه بطور مطلق، آن گاه برجستگان بشر، سپس عموم ملائکه از عموم بشر، که امام فخر رازی این قول را اختیار کرده و به غزالی هم نسبت داده است.

و اما معتزله معتقد شده اند به افضلیت ملائکه از بشر و استدلال کرده اند به ظاهر آیه" وَ لَقَدْ کَرَّمْنا بَنِی آدَمَ- تا آنجا که می فرماید- وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا" که تقریب استدلالشان در تفسیر آیه گذشت.

زمخشری به کسانی که قائل به افضلیت انسان از ملک شده اند خیلی بدگویی کرده و در ذیل جمله" وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا" گفته است: مراد از کثیر آن طور که اینان پنداشته اند جمیع نیست، بلکه موجودات غیر ملائکه است، و همین فضیلت برای بنی آدم بس است که ما فوقشان ملائکه است، و غیر از این موجودات شریف و مقرب درگاه خدا ما فوق دیگری ندارند.

و عجب از جبری مذهبان است که چطور در هر مساله ای عکس وفاق را رفته اند، و آن قدر در لجاجت پیش رفته اند که به خود جرأت دهند توهین بزرگی را مرتکب شده و انسان را بر ملائکه برتری دهند، با اینکه بارها از قرآن کریم شنیدند که تا چه حدی ملائکه خود را احترام فرموده و تا چه اندازه به احترام نام ایشان را برده، و با اینکه می دانند ملائکه چه اندازه به ساحت قدس خدا نزدیکند، و چطور خداوند ایشان را نسبت به انبیاء مانند انبیاء نسبت به سایر مردم قرار داده آن گاه از فرط تعصب کارشان بدینجا کشید که حرفهایی و اخباری سر هم کنند و ببافند، مثلا نقل کنند که ملائکه گفته اند: پروردگارا تو دنیا را به بنی آدم دادی، در آن دنیا می خورند، لذت می برند ولی ما را از آن لذت ها محروم ساختی حال از آخرت به ما بده، خدای تعالی هم در جواب فرموده به عزت و جلال خودم هیچوقت این کار را نمی کنم و شما را که با امر" کن" خلق کرده ام در مقابل ذریه کسی که او را به دست خود آفریده ام قرار نمی دهم، و آن گاه از ابی هریره روایت کرده اند که گفته است: مؤمن گرامی تر است از ملائکه ای که نزد اویند.

__________________________________________________

(1)فخر رازی در تفسیر آیه 34، سوره بقره.

(2)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 16.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 223

و نیز از ایشان تعجب است که کلمه" کثیر" را به معنای جمیع گرفته و گویا ذوق سلیم را از دست داده و زشتی گفتار خود را حس نمی کنند، و نمی فهمند که گفتن" و فضلناهم علی جمیع ممن خلقنا" چقدر رکیک و زشت است (زیرا با بودن جمیع دیگر جایی برای حرف" من" باقی نمی ماند) و همین رسوایی برای ایشان بس است اگر بفهمند.

شما ببینید برای به کرسی نشاندن حرفی غلط و در دشمنی ملائکه چه تمحلات و تشبثاتی نموده و چه تاویل های بعیدی مرتکب می شوند! گویا که اینها از دودمان قوم لوط باشند، و چون جبرئیل قوم لوط را نابود کرده حالا دارند تلافی در می آورند، و به هیچ وجه آن داغ از دلهایشان برون نمی رود «1». روایتی که نقل کرده که ملائکه از خدا خواستند در مقابل دنیایی که به بنی آدم اختصاص داده آخرت را هم به ایشان اختصاص دهد، روایتی است که از ابن عمرو انس بن مالک و زید بن اسلم و جابر بن عبد اللَّه انصاری از رسول خدا روایت شده، و در روایت آخری آمده که وقتی خداوند آدم و ذریه او را خلق کرد ملائکه گفتند: پروردگارا اینها را خلق کردی و همه گونه وسائل لذت مانند خوردن، آشامیدن و نکاح کردن و بر اسب سوار شدن برایشان فراهم نمودی، حال که چنین کردی پس دنیا را به ایشان بده و آخرت را به ما فرشتگان واگذار، خدای تعالی فرمود: من هرگز کسی را که با دو دست خود خلقش کرده ام با کسی که با یک کلمه" کن" او را آفریدم برابر نمی کنم.

صرفنظر از این که اصل مضمون روایت درست نیست، زیرا در این روایت خوردن و آشامیدن و ازدواج کردن و امثال آن را لذت و کمال خوانده در حالی که این کارها در آدمی به منظور استکمال و بقاء انجام می گیرد و ملائکه بدون این اعمال آن را دارند، یعنی ملائکه از ابتداء وجود آن کمالاتی را که بنی آدم با به کار بردن قوای مادی خود، و اعمال خسته کننده اش به دست می آورد واجد است (او بدون خوردن سیر است و بدون تلاش جهت خریدن و دوختن لباس دارد) ولی انسان مجبور است نظام جاری در عالم ماده را بپذیرد، بنا بر این چگونه ممکن است که بگوئیم ملائکه از خدا چنین چیزهایی را خواسته اند، آری محال است چیزی را مسئلت و درخواست کنند که دارای آن هستند و نسبت به اموری حرص به خرج دهند که از آن محروم نیستند.

نظیر این اشکال به استدلال قبلیشان وارد است که برای اثبات افضلیت انسان

__________________________________________________

(1)کشاف، ج 2، ص 681. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 224

از ملک، کرده و می گفتند: وجود انسان مرکب است از قوایی که او را به اطاعت می خواند و هم از قوایی که او را به معصیت می کشاند، و اگر اطاعت را بر معصیت ترجیح داده و به سوی اسلام و عبودیت گرایش پیدا کند ارزش اطاعت او را از اطاعت ملائکه بیشتر است، چون اطاعت، فطری ملائکه و ترک معصیت نیز از فطریات او است، پس بنی آدم بیشتر از ملائکه می تواند به خدا تقرب جوید و ثواب و اجر بیشتری کسب کند.

و این حرف پایه و اساسش یک اصل عقلایی است که در جامعه بشری معتبر شمرده شده، و آن این است که اطاعتی که امتثال امر مولوی و یا نهی مولوی باشد از معصیت بهتر است، اطاعت باعث استحقاق اجر، و معصیت موجب استحقاق عقاب است، و اما اجر و ثواب هر وقت که مورد استحقاق قرار گرفت وقتی اثر خود را می کند که انسان مخاطب به آن تکلیف، در شرائطی باشد که هم بتواند اطاعت کند و هم بتواند نکند، فعل و ترک برایش مساوی باشد، و اما اگر مساوی الطرفین نبود مثلا مخاطب، به اطاعت نزدیک بود تا به معصیت و یا به عکس، حکم تفاوت می کند، مثلا در تکلیف اجتناب از زنا یک مرد عنین و یا پیر مرد فرتوت که تحصیل مقدمات چنین کاری برایش دشوار است، با یک جوان قوی که اکثر موانع از پیش پایش برداشته و جز ترس از خدا هیچ مانعی ندارد مساوی نیستند، اگر آن عنین زنا نکرد نمی گوئیم اطاعت کرده ولی اگر آن پیر فرتوت زنا نکرد می گوئیم اطاعت کرده، و اگر آن جوان نکرد می گوئیم اطاعت بیشتری کرده، و بر همین قیاس سایر تکالیف را حساب می کنند.

و در ملائکه چون می بینیم راهی به سوی معصیت ندارند، نه غریزه شهوت و غضب دارند و نه چون انسان دچار هوای نفس می شوند، اگر این ملائکه خطابهای مولوی خدا را اطاعت کنند اطاعتشان نظیر زنا نکردن عنین و یا زنا نکردن پیر فرتوت است، بنا بر این انسان که مجهز به وسائل گناه هست ولی گناه نمی کند از ملائکه برتر است.

این آن تقریبی و آن حسابی است که در جامعه بشری اعتبار شده، ولی اشکالش این است که اگر این حرف تمام باشد باید اطاعت ملائکه اصلا ارزشی نداشته باشد، چون بنا بر این نمی توانند گناه بکنند، و مانند آدمیان، کردن و نکردن یک عمل برایشان یکسان نیست، بنا بر این هیچ شرافت ذاتی و ارزش جوهری ندارند، زیرا اطاعتی اجر و شرافت دارد که نافرمانیش هم ممکن باشد، و در حقیقت انقیاد ذاتی که هیچ وقت از ذات تخلف نمی کند اطاعت حقیقی نیست و اگر هم اطاعتش بنامیم مجازی است. و اگر این حرف درست باشد دیگر علتی ندارد که ملائکه مقرب درگاه خدا باشند و یا اطاعتشان ارزش داشته و باعث مقام ومنزلتشان شود.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 225

و حال آنکه می بینیم خدای سبحان ملائکه را دارای مقام قرب و زلفی دانسته و ایشان را در حظائر قدس و منازل انس جای داده خزینه های اسرار خود و حاملین امر و واسطه های میان خود و خلقش قرار داده و آیا این همه مقام و منزلت ها صرف گزاف و بدون شایستگی در خود ملائکه بوده؟.

چطور ممکن است چنین سخنی را در باره ملائکه گفت؟ و حال آنکه خدای تعالی در کتابش ایشان را ثنا گفته، یک جا فرموده است:" بَلْ عِبادٌ مُکْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ" «1» و نیز فرموده" لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ"»

، به طوری که ملاحظه می کنید ذات ایشان را گرامی داشته است، بدون اینکه مقید به قیدی کرده باشد، و اطاعتشان را و معصیت نکردنشان را مدح نموده است (پس معلوم می شود نسبت به هر امری از اوامر خدایی هم قدرت اطاعت دارند و هم قدرت معصیت).

و نیز در مدح عبادت و تذلل در برابر پروردگارشان فرموده" وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ مُشْفِقُونَ" «3» و نیز فرموده:" فَإِنِ اسْتَکْبَرُوا فَالَّذِینَ عِنْدَ رَبِّکَ یُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لا یَسْأَمُونَ" «4»، و نیز فرمود:" وَ لا تَکُنْ مِنَ الْغافِلِینَ إِنَّ الَّذِینَ عِنْدَ رَبِّکَ لا یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ یُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ یَسْجُدُونَ" «5»، که پیغمبر گرامی خود را دستور می دهد خدای را یاد کند آن طور که ملائکه او را یاد می کنند و خدای را بندگی کند آن طور که فرشتگان عبادتش می کنند.

[افضل بودن اطاعت انسان از جهت کشف صفای باطن و حسن سریره او است ] ..... ص : 225

پس حق مطلب این است که صرف امکان فعل و ترک و اینکه انسان بطور مساوی به آن دو قدرت دارد ملاک اصلی فضیلت و بهتری اطاعت او نیست، بلکه اطاعت بشر از این جهت افضل است که از صفای طینت و حسن سریرة او کشف می کند، به دلیل اینکه می بینیم عبادت و اطاعت کسی که می دانیم دارای خبث سریرة و پلیدی نفس است هیچ قیمتی ندارد، هر چند در تصفیه عمل و بذل منتهای قدرت نهایت درجه سعی را کرده باشد.

__________________________________________________

(1)بندگانی بزرگوار که در سخن از او پیشی نگرفته به امرش عمل می کنند. سوره انبیاء، آیه 271.

(2)از فرمان خدا سرپیچی نمی کنند و آنچه دستور یابند عمل می کنند. سوره تحریم، آیه 6.

(3)سوره انبیاء، آیه 28.

(4)اگر اینها استکبار ورزند باری آنها که نزد پروردگار تواند شب و روز او را تسبیح گفته و خسته نمی شوند. سوره حم سجده، آیه 38.

(5)از غافلان مباش که آنان که نزد پروردگار تو هستند، از عبادتش استکبار نداشته و تسبیحش می کنند و برایش به سجده می افتند. سوره اعراف، آیه 206.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 226

مانند اطاعت منافق و آنها که دچار مرض درونی می باشند که عملشان نزد خدای سبحان حبط است و خداوند حسناتشان را از دیوان اعمالشان محو می کند، پس ملاک ارزش و فضیلت اطاعت، صفای نفس مطیع و جمال ذات او و خلوصش در عبودیت است، و همین است که او را از معصیت به سوی اطاعت می کشاند، و وادارش می سازد تا در راه خدا و اطاعت او و ترک معصیت او مشقت ها تحمل نموده در نتیجه عمل و اطاعتش ارزش و نفاست پیدا کند.

و بنا بر این ذات ملائکه که قوامش بر طهارت و کرامت است و اعمالش جز ذلت عبودیت و خلوص نیت حکمی ندارد از جنس و ذات انسان که با کدورت های هوا و تیرگی های غضب و شهوت مشوب و مکدر است افضل و شریف تر است، آری کمتر اعمال انسانی از قضایای شرک و شامت نفس و دخالت طمع خالی است.

به همین جهت قوام ذات فرشتگان از قوام ذات انسان افضل و اعمال فرشته خالص تر و خدایی تر از اعمال انسان است، اعمال فرشتگان همرنگ ذات آنان و اعمال آدمی همرنگ ذات او است، و کمالی که انسان آن را برای ذات خود هدف قرار داده و در پرتو اطاعت خدا جستجویش می کند، این کمال را ملائکه به بیانی که گذشت در ابتدای وجودشان دارا هستند.

البته این هم هست که ممکن است همین انسان که کمال ذاتی خود را به تدریج یا به سرعت و یا به کندی از راه به دست آوردن استعدادهای تازه کسب می کند در اثر آن استعدادهای حاصله به مقامی از قرب و به حدی از کمال برسد که ما فوق حدی باشد که ملائکه با نور ذاتیش در ابتدای وجودش رسیده، ظاهر کلام خدای تعالی هم این امکان را تایید می کند.

برای اینکه در داستان خلق کردن خلیفه برای زمین برتری انسان را برای ملائکه بیان کرده و فرمود: این موجود در تحمل علم به اسماء، قدرتی دارد که شما ندارید، او می تواند علم به تمامی اسماء را تحمل کند، و همین تحمل مقامی است از کمال که مقام تسبیح ملائکه به حمد خدا و تقدیسشان به آن پایه نمی رسد، و مقامی است که باطن انسان را از فساد و سفک دماء پاک می کند، و لذا می بینیم که ملائکه به این قانع شدند هم چنان که فرمود:" وَ إِذْ قالَ رَبُّکَ لِلْمَلائِکَةِ إِنِّی جاعِلٌ فِی الْأَرْضِ خَلِیفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِیها مَنْ یُفْسِدُ فِیها وَ یَسْفِکُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَ نُقَدِّسُ لَکَ قالَ إِنِّی أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ" «1» و ما تفصیل بحث آن را در جلد

__________________________________________________

(1)بیاد آر آن گاه که پروردگار تو به ملائکه فرمود: من در زمین خلیفه برگمارم ملائکه گفتند:

پروردگارا می خواهی کسانی را بگماری که فساد کنند و در زمین خونها بریزند و حال آنکه ما خود تو را تسبیح و تقدیس می کنیم خداوند فرمود: پس می دانم چیزی که شما نمی دانید. سوره بقره، آیه 30.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 227

اول این کتاب گذراندیم.

و نیز داستان مامور شدن ملائکه به سجده کردن بر آدم و اینکه همه آنان وی را سجده کردند یادآور شده و می فرماید:" فَسَجَدَ الْمَلائِکَةُ کُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ" «1» و ما در تفسیر آیاتی که راجع به این داستان در سوره اعراف آمده روشن کردیم که سجده ملائکه بر آدم از باب خضوع ایشان در برابر مقام کمال انسانی بوده، و آدم جنبه قبله را برای ایشان داشته، وی با وجود خود، انسانیت را در برابر ایشان مجسم نموده بود، این بود آنچه که از ظاهر آیات مورد بحث و سایر آیاتی که آوردیم استفاده می شد، و البته در روایات هم گوشه ها و اشاراتی که این معنا را تایید کند دیده می شود، و چون این بحث غیر از جنبه قرآنیش جنبه عقلانی نیز دارد تفصیل آن را باید در مباحث عقلی جستجو کرد.

[موارد استعمال کلمه" امام" در قرآن و مراد از" امامهم" در جمله:" یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ"] ..... ص : 227

" یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ".

مقصود از این" یوم" روز قیامت است، و ظرف یوم متعلق به مقدر است، و تقدیر کلام چنین است:" اذکر یوم فلان- بیاد آور روزی را که" و کلمه" امام" به معنای مقتداء است، و خدای سبحان افرادی از بشر را به این نام نامیده که جامع آنان این است که بشر را با امر خدا هدایت می کنند، هم چنان که در باره ابراهیم (ع) این اسم را به کار برده و فرمود:

" إِنِّی جاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِماماً" «2» و در باره سایرین فرموده:" وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا" «3» و افراد دیگری را که مقتدا و رهبر گمراهانند ائمه کفر خوانده و فرمود" فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْکُفْرِ" «4» و نیز تورات را امام خوانده و فرمود:" وَ مِنْ قَبْلِهِ کِتابُ مُوسی إِماماً وَ رَحْمَةً" «5»، و چه بسا از آن استفاده شود که کتابهای آسمانی که مشتمل بر دین تازه و شریفند مانند کتاب نوح و ابراهیم و عیسی و محمد (صلوات اللَّه علیهم) همه امام باشند.

و نیز لوح محفوظ را امام خوانده و فرمود" وَ کُلَّ شَیْ ءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ" «6».

__________________________________________________

(1)همه فرشتگان عالم سجده کردند. سوره حجر، آیه 30.

(2)ترا به پیشوایی خلق برگزیدم. سوره بقره، آیه 124.

(3)و آن را به پیشوای مردم ساختیم تا خلق را به امر ما هدایت کنند. سوره انبیاء، آیه 73.

(4)قتال کنید با پیشوایان کفر. سوره توبه، آیه 12.

(5)و قبل از او کتاب موسی که امام و رحمت بود. سوره هود، آیه 17.

(6)هر چیزی را در امام مبین آمارگیری کرده ایم. سوره یس، آیه 12.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 228

و وقتی از ظاهر آیه استفاده می شود که برای هر طائفه ای از مردم امامی است غیر از امام طائفه دیگر،- چون امام را به جمعیت ها نسبت داده و فرمود" امامهم"- لذا نمی شود مراد از" امام" همان امام در آیه لوح باشد، برای اینکه در آنجا لوح محفوظ را یک امام نامیده که دومی ندارد، و مخصوص به طائفه معینی نیست.

و نیز ظاهر آیه این است که آیه مورد بحث، تمامی مردم- اعم از اولین و آخرین- را شامل است، در سابق هم در تفسیر آیه" کانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِیِّینَ مُبَشِّرِینَ وَ مُنْذِرِینَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ الْکِتابَ" «1»، گفتیم که اولین کتاب آسمانی که مشتمل بر شریعتی تازه بود کتاب نوح است که کتاب دیگری قبل از آن نبوده، و از اینجا معلوم می شود که نمی توان مراد از امام در آیه مورد بحث را کتاب گرفت، برای اینکه لازمه اش این می شود که امتهای قبل از نوح امام نداشته باشند، چون کتاب نداشتند، و حال آنکه ظاهرش این است که آنها هم امام داشته اند.

پس نتیجه این می شود که بگوئیم: مراد از" امام هر طائفه" همان اشخاصی هستند که مردم هر طائفه به آنها اقتداء و در راه حق و یا باطل از آنها پیروی می کرده اند، و قبلا هم گفتیم که قرآن کریم هر دو مقتداء را امام خوانده، و امام حق کسی را دانسته که خداوند سبحان او را در هر زمانی برای هدایت اهل آن زمان برگزیده است، حال چه اینکه پیغمبر بوده باشد مانند ابراهیم و محمد (صلوات اللَّه علیهما)، و یا غیر پیغمبر.

و ما در تفسیر آیه" وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّی جاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قالَ لا یَنالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ" «2» تفصیل این بحث را مطرح کردیم.

چیزی که هست از آیه ای که در باره فرعون که یکی از امامان ضلال و گمراهی است بحث می کند یعنی از آیه" یَقْدُمُ قَوْمَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ" «3»، و همچنین از آیه" لِیَمِیزَ اللَّهُ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ وَ یَجْعَلَ الْخَبِیثَ بَعْضَهُ عَلی بَعْضٍ فَیَرْکُمَهُ جَمِیعاً فَیَجْعَلَهُ فِی جَهَنَّمَ" «4» و

__________________________________________________

(1)مردم یک گروه بودند خدا رسولان را فرستاد که نیکوکاران را بشارت دهند به رحمت و غفرانش و بدان بترسانند از عذاب نیرانش و با پیامبران کتاب به راستی فرستاد. سوره بقره، آیه 213.

(2)بیاد آر هنگامی که خداوند ابراهیم را به اموری چند امتحان فرمود و او همه را به جای آورد خداوند بدو گفت: من ترا به پیشوای خلق برگزینم، ابراهیم عرض کرد این پیشوایی را به فرزندان من نیز عطا فرمایی، فرمود: که عهد من هرگز به مردم ستمکار نخواهد رسید. سوره بقره، آیه 124. [.....]

(3)جلو قدم خود به راه می افتد و ایشان را در آتش می ریزد. سوره هود: آیه 98.

(4)تا آنکه خدا پلید را از پاکیزه جدا سازد و پلیدان را بعضی با بعضی دیگر درآمیزد و با هم گرد آورد آن گاه همه را در آتش دوزخ افکند که آنها زیانکاران عالمند. سوره انفال، آیه 37.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 229

غیر اینها از آیات بسیاری دیگر استفاده می شود که اهل ضلال هیچوقت از اولیایشان جدا نمی شوند، و لازمه این سخن آن است که روز قیامت ایشان به اتفاق پیشوایان خود فرا خوانده می شوند.

علاوه بر این کلمه" بامامهم" مطلق است، و مقید به امام حق که خدا او را هادی به امر خود قرارش داده باشد نشده، و مقتدای ضلالت عین مقتدای هدایت امام خوانده شده و سیاق ذیل آیه و آیه دومی هم مشعر بر این است که امامی که روز قیامت خوانده می شود آن کسی است که مردم او را امام خود گرفته باشند و به او اقتداء کرده باشند. نه آن کس که خداوند به امامتش برگزیده باشد، و برای هدایت به امرش انتخاب کرده باشد، چه اینکه مردم هم او را پیروی کرده باشند و یا کنارش زده باشند.

پس ظاهر این می شود که مراد از امام هر طائفه، آن کسی است که مردم به پیشواییش تن در داده باشند، حال چه اینکه امام حق باشد و چه امام باطل.

و چنین نیست که بعضی پنداشته اند که روز قیامت مردم به اسم امامشان خوانده شوند، مثلا گفته شود" ای امت ابراهیم" و" ای آل فرعون" و" ای آل فلان"، برای اینکه این معنا با ظاهر آیه نمی سازد، آیه شریفه نتیجه و فرع جمله" نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ" را، این دو جمله: یعنی جمله" فَمَنْ أُوتِیَ کِتابَهُ بِیَمِینِهِ" و جمله" وَ مَنْ کانَ فِی هذِهِ أَعْمی ..." قرار داده، و اگر دعوت به امام معنایش آن باشد نتیجه بودن آن دو جمله فرع برای جمله دعوت به امام روشن نیست، چه ربطی هست میان اینکه مردم را به اسم امامشان بخوانند، و میان به دست راست دادن نامه عمل، و یا به کوری در دنیا و آخرت. به خلاف اینکه مراد از" دعوت" را- به طوری که از سیاق برمی آید احضار بگیریم که هر طائفه ای با پیشوای خودشان احضار شده و هر که به امام حقی اقتداء کرده و نامه عملش را به دست راستش می دهند، و هر که از معرفت امام حق در دنیا کور بوده، در آنجا هم کور خواهد بود، این آن معنایی است که از تدبر و دقت در آیه به دست می آید.

[اقوال و وجوه مختلف در باره مراد از" امام" در جمله فوق ] ..... ص : 229

البته مفسرین در تفسیر" امام" در آیه مورد بحث نظرات مختلفی دارند.

بعضی «1» گفته اند که مراد از" امام" کتابی است که از آن پیروی شده است، مانند تورات، انجیل و قرآن، روز قیامت مردم به اسم کتابشان خوانده شوند مثلا گفته می شود: ای

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 77.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 230

پیروان تورات، ای پیروان انجیل، ای پیروان قرآن، از آنجا که قبلا اشکالش را خواندید، دیگر تکرار نمی کنیم.

بعضی «1» دیگر گفته اند مراد از" امام" پیغمبر است که پیشوای پیروان حق است، و شیطان و پیشوایان ضلالت که پیشوای رهروان باطل است، و گفته می شود پیروان ابراهیم را بیاورند، و پیروان موسی را بیاورید، پیروان محمد را بیاورید، اهل حق برمی خیزند در حالی که کتابهایشان به دست راستشان داده شده، بعد صدا می زنند پیروان شیطان و رهروان رؤسای ضلالت را بیاورید، عده ای هم به این عنوان حاضر می شوند.

و لیکن این وجه مبنی بر این است که امام در آیه به معنای عرفیش بوده باشد یعنی آن فرد از عقلا که دیگران به وی اقتداء و از او پیروی کنند، و اگر معنای خاص دیگری در عرف قرآن داشته باشد نمی توانیم حمل بر این معنای عرفی کنیم، و اتفاقا این کلمه در عرف قرآن معنای مخصوصی دارد و لذا هر جا اطلاق شود به آن معنا حمل می شود، و آن عبارت است از کسی که به امر خدا هدایت می کند، و یا در گمراهی به وی اقتداء می شود.

و از جمله «2» اقوال، یکی دیگر این است که مراد از" امام" نامه اعمال مردم است، هم چنان که گفته می شود: ای اصحاب کتاب خیر، و ای اصحاب کتاب شر و اگر نامه اعمال را امام نامیده برای این بوده که مردم تابع حکم آنند، هر حکمی که کرد چه بهشت و چه دوزخ چاره ای جز اطاعت ندارد.

این وجه نیز باطل است، و معنا ندارد نامه اعمال و پرونده زندگی افراد، را پیشوا و امام بنامند با اینکه نامه تابع اعمال آدمی است نه اینکه انسان تابع آن باشد، پس اگر آن را تابع بنامیم مناسب تر است تا متبوع، و اما این توجیهی که برایش کرده اند و گفته اند که مردم تابع حکم آن کتابند، آن نیز صحیح نیست، زیرا آنکه اطاعت و پیروی می شود حکمی است که خداوند بعد از پخش نامه ها و پس از سؤال و سنجیدن اعمال و شهادت شهود می کند، نه حکم کتاب، چون کتاب حکم بهشت و دوزخ ندارد تنها مشتمل بر متن اعمال از خیر و شر است.

از همین جا روشن می شود که مراد از" امام" لوح محفوظ و یا صحیفه اعمال امت نیز- که آیه" کُلُّ أُمَّةٍ تُدْعی إِلی کِتابِهَا" «3» بدان اشاره می کند- نیست، زیرا کتاب در آیه مذکور

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 77 به نقل از مجاهد و قتاده.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 121.

(3)سوره جاثیه، آیه 28.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 231

کتاب امتها است ولی در آیه مورد بحث کتاب فرد فرد اشخاص است که به دستشان داده می شود، آری ظاهر" فَمَنْ أُوتِیَ کِتابَهُ بِیَمِینِهِ" همین است.

و از جمله اقوال «1» یکی این است که: مراد از" امام" مادران است- که امام را جمع ام بگیریم- به دلیل اینکه در روایت آمده روز قیامت مردم را به اسم مادران صدا می زنند پس معنای آیه این است که روزی که مردم را به اسم مادرانشان صدا می زنیم.

اشکال این وجه این است که با لفظ آیه جور نمی آید، زیرا در آیه فرموده:" می خوانیم هر مردمی را با امامشان" و نفرموده" می خوانیم مردم را با امامشان" و یا" می خوانیم هر انسانی را با مادرش" و اگر واقعا منظور از امام مادران بودند جا داشت به یکی از دو تعبیر آخری فرموده باشد، و آن روایتی هم که گفتند بر طبق این وجه هست به فرض که صحیح باشد و قبولش کنیم تازه یک روایت مستقلی است که ربطی به تفسیر آیه ندارد.

علاوه بر این، جمع بستن ام (مادر) به" امام" خود لغت نادری است که کلام خدای را بر چنین معنای نادر حمل نباید کرد، و زمخشری هم در کشاف این قول را از بدعتهای تفاسیر دانسته است «2».

و از آن جمله این است که گفته اند مراد از" امام" کسی است که به او اقتداء شود، چه عاقل باشد و چه غیر عاقل چه حق و چه باطل، بنا بر این قول، انبیاء و اولیاء و شیطان و رؤسای ضلالت و خود ادیان حق و باطل و کتب آسمانی و کتب ضلال و سنت های اجتماعی از خوب و بد همه امامند، بنا بر این وجه شاید دعوت هر مردمی با امامشان کنایه از این باشد که هر تابعی در روز قیامت ملازم متبوع، خویش است و" باء"" بامامهم" برای مصاحبه است.

اشکال این وجه همان اشکالی است که به قول گذشته- که می گفت: (مراد از" امام حق" پیغمبر است و مراد از" امام باطل" شیطان)- کردیم، آری در آنجا گفتیم وقتی خود قرآن در این کلمه عرف خاصی دارد نمی توانیم حمل بر معنای عرفی و لغوی کنیم، قرآن امام را در طرف هدایت، عبارت می داند از کسی که به امر خدا هدایت می کند، و در طرف ضلالت مقتدا و پیشوای گمراهان قرار می گیرد، ممکن هم هست بگوئیم:" باء" در" بامامهم" باء آلت است، و معنای آن این است که روزی که هر طائفه ای به وسیله امامش

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 121.

(2)کشاف، ج 2، ص 682.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 232

دعوت و احضار می شود (دقت فرمائید).

علاوه بر این" کتاب"،" سنت"،" دین" و دیگر موارد مذکور، امام مستقل نیستند، بلکه برگشت پیروی از آنها به پیروی از پیغمبر و امام است، و همچنین پیغمبر هم از جهت اینکه امام است به امر خدا هدایت می کند، و اما در جهت اینکه از معارف غیبی خبر می دهد یا پیامهای خدایی را ابلاغ می نماید از این جهت نبی و یا رسول است، و امام نیست، و همچنین اضلال مذاهب باطله و کتب ضلال و سنت های غلط در حقیقت اضلال مؤسسین آن مذاهب و مبدعین آن بدعتها است.

[مراد از اینکه فرمود:" مَنْ کانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی " و وجوهی که در این باره گفته شده است ] ..... ص : 232

" وَ مَنْ کانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا".

مقابله میان" فی هذه" و" فی الآخرة" می رساند که مقصود از" هذه" همین زندگی دنیا است، هم چنان که بودن سیاق آیه در مقام بیان یکسانی و مطابقت دنیا با آخرت دلیل بر این است که مراد از کوری آخرت کوری چشم نیست، بلکه نداشتن بصیرت و دیده باطنی است، و همچنین مقصود از کوری در دنیا هم همین است هم چنان که در جای دیگر این کوری را، کوری بصیرت معنا کرده و فرموده" فَإِنَّها لا تَعْمَی الْأَبْصارُ وَ لکِنْ تَعْمَی الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ" «1» و نیز مؤید این معنا قرار گرفتن" أَضَلُّ سَبِیلًا" بعد از کوری آخرت است که می رساند مقصود از آن گمراهی و بی بصیرتی است.

پس معنای آیه این است که هر که در این نشاه یعنی زندگی دنیا امام حق را نشناسد و راه حق نپیماید چنین کسی در آخرت سعادت و رستگاری را نمی بیند و راه به سوی آمرزش نمی برد.

از آنچه گذشت روشن گردید اینکه بعضیها گفته اند: اشاره در" فی هذه" به نعمتهایی است که در آیه ذکر شده، و معنایش این است که:" کسانی که در این نعمتها که خدا روزیشان کرده کور باشند، و قدرش را ندانند و شکرش را بجا نیاورند در آخرت هم کور محشور می شوند" صحیح نیست.

و همچنین اینکه بعضی دیگر گفته اند: مراد از کوری در دنیا نداشتن بصیرت و مراد از کوری در آخرت کوری چشم است صحیح نیست «2» و وجه بطلان هر دو از آنچه گذشت معلوم می شود، علاوه بر این کوری چشم در آخرت چه بسا برگشتنش به کوری بصیرت باشد، برای

__________________________________________________

(1)سوره حج، آیه 46.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 430.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 233

اینکه خود قرآن کریم قیامت را روز نمایان شدن سریره ها و نهانها خوانده و فرموده" یَوْمَ تُبْلَی السَّرائِرُ" پس کسی که در آن روز کوردل باشد، کور چشم هم خواهد بود.

و از ظاهر کلام بعضی مفسرین برمی آید که خواسته اند بگویند کلمه" اعمی" ی دومی افعل و تفضیل و به معنای کورتر است، چون در تفسیر خود آن را به عبارت" اشد عمی" تفسیر کرده، و اتفاقا سیاق هم مساعد تفسیر او است چون جمله" أَضَلُّ سَبِیلًا" که آن هم افعل تفضیل است به آن عطف شده «1».

بحث روایتی [(روایاتی در باره برتری انسان، احضار هر گروه با امام خود در قیامت و ...)] ..... ص : 233

در امالی شیخ از زید بن علی از پدرش (ع) نقل شده که در تفسیر آیه" وَ لَقَدْ کَرَّمْنا بَنِی آدَمَ" می فرمود: یعنی بنی آدم را بر سایر مخلوقات برتری دادیم" وَ حَمَلْناهُمْ فِی الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ" یعنی او را بر خشکی و تری عالم مسلط کردیم" وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ" یعنی انواع میوه های پاکیزه روزیش کردیم" وَ فَضَّلْناهُمْ" یعنی در خوردن از آن طیبات او را بر دیگر حیوانات برتری دادیم و مسلطترش کردیم، چون هیچ پرنده و جنبنده ای در موقع خوردن دست خود را کار نمی زند مگر بنی آدم «2».

و در تفسیر عیاشی از جابر از حضرت ابی جعفر (ع) روایت شده که در ذیل جمله" وَ فَضَّلْناهُمْ عَلی کَثِیرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِیلًا" فرمود: خداوند تمامی حیوانات را" منکب" (- به روی افتاده) خلق کرده جز آدمی را که او را منتصب آفریده، و این خود یک نوع برتری است. «3»

مؤلف: آنچه در این دو روایت است دو مصداق از برتری است، نه اینکه آیه منحصر در همینها باشد، به دلیل کلام خود امام که در آخر روایت فرمود: این خود یک نوع برتری است.

و نیز در همان کتاب از فضیل روایت شده که گفت از حضرت ابی جعفر (ع) معنای آیه" یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ" را پرسیدم، فرمود: در آن روز رسول خدا (ص) و علی (ع) و حسن بن علی و حسین بن علی (ع) با قوم خود می آیند و هر کس که در عصر هر امامی از دنیا رفته آن روز با آن امام محشور می شود «4».

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 18.

(2)امالی طوسی، ج 2، ص 103.

(3 و 4)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 302، ح 113 و 114.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 234

و در تفسیر برهان از ابن شهر آشوب از امام صادق (ع) روایت می کند که فرمود: آیا حمد خدا بجا نمی آورید که وقتی قیامت می شود هر قومی را به سوی کسی می خوانند که آن کس را دوست می داشتند؟ ما دست به دامن رسول خدا (ص) می شویم و شما دست به دامن ما «1».

مؤلف: این روایت را مجمع البیان از آن جناب نقل کرده، و این خود دلالت دارد بر اینکه رسول خدا (ص) امام امامان است هم چنان که گواهی است بر گواهان، و نیز دلالت دارد بر اینکه مساله دعوت به امام در روز قیامت در بین خود ائمه هم جریان خواهد داشت «2».

و در مجمع البیان می گوید: عامه و خاصه (یعنی سنی و شیعه) از علی بن موسی الرضا (ع) با سندهای صحیح روایت کرده اند که آن جناب از پدران بزرگوارش از رسول خدا (ص) روایت کرده اند که در تفسیر این آیه فرموده است: هر قومی در آن روز از امام زمان خود و از کتاب پروردگار و سنت پیغمبر خود بازخواست می شوند «3».

مؤلف: این روایت را تفسیر برهان هم از ابن شهر آشوب از آن جناب از پدران بزرگوارش از رسول خدا (ص) مثل همین عبارت روایت کرده و او هم گفته که عامه و خاصه این روایت را نقل کرده اند «4».

و در الدر المنثور است که ابن مردویه از علی (ع) روایت کرده که فرمود:

رسول خدا (ص) در معنای آیه" یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ" فرمود: هر قومی از امام زمانش و از کتاب پروردگارش و از سنت پیغمبرش پرسش می شود «5».

و در تفسیر عیاشی از عمار ساباطی از حضرت صادق (ع) نقل کرده که گفت: زمین بدون امام رها نمی شود که حلال کند حلال خدا را و حرام کند حرام خدا را و همان قول خداوند تعالی است که می فرماید" یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ" پس فرمود: رسول خدا فرموده است کسی که بدون امام بمیرد مرده است مانند مردم عهد جاهلیت «6».

مؤلف: علت استدلال به آیه در این حدیث عموم دعوت است که شامل جمیع مردم

__________________________________________________

(1)برهان، ج 2، ص 431، ح 22. [.....]

(2 و 3)مجمع البیان، ج 6، ص 430.

(4)برهان، ج 2، ص 413، ح 21.

(5)الدر المنثور، ج 4، ص 149.

(6)تفسیر عیاشی.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 235

می شود.

و نیز در همان کتاب از اسماعیل بن همام از حضرت صادق (ع) نقل می کند که در قول خداوند تعالی" یَوْمَ نَدْعُوا کُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ" فرمود: چون روز قیامت شود خداوند می فرماید: آیا عدالت از پروردگارشان نیست اینکه بگوید: هر قومی دنبال هر کسی بوده اند بروند. می گویند بلی عدالت است پس گفته می شود از هم جدا شوید، پس جدا می شوند «1».

مؤلف: در این روایت تایید است در آنچه ما گفتیم مراد از (دعوت به امام) در آیه احضار مردم است با امام خودشان و دعوت به معنای ندای با اسم نیست و روایات در معانی گذشته زیاد است.

در تفسیر قمی در قول خداوند" وَ لا یُظْلَمُونَ فَتِیلًا" گفته:" فتیل" پوسته ای است نازک که روی هسته خرما را پوشانده «2».

و در تفسیر عیاشی از مثنی از امام صادق (ع) روایت کرده که گفت ابو بصیر از آن جناب پرسید در حالی که من می شنیدم که چه می فرمائید در باره مردی که صد هزار درهم داشت همه ساله با خود می گفت امسال به زیارت حج می روم- امسال به زیارت حج می روم و نرفت تا مرد و به حج اسلام موفق نشد!. فرمود ای ابا بصیر مگر نشنیدی کلام خدای را که می فرماید؟" مَنْ کانَ فِی هذِهِ أَعْمی فَهُوَ فِی الْآخِرَةِ أَعْمی وَ أَضَلُّ سَبِیلًا"؟ و مگر نمی دانی که مقصود از کوری در دنیا کوری نسبت به واجبی از واجبات خدا است «3».

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی.

(2)تفسیر قمی.

(3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 306، ح 130.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 236

[سوره الإسراء (17): آیات 73 تا 81] ..... ص : 236

اشاره

وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ عَنِ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ لِتَفْتَرِیَ عَلَیْنا غَیْرَهُ وَ إِذاً لاتَّخَذُوکَ خَلِیلاً (73) وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناکَ لَقَدْ کِدْتَ تَرْکَنُ إِلَیْهِمْ شَیْئاً قَلِیلاً (74) إِذاً لَأَذَقْناکَ ضِعْفَ الْحَیاةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَکَ عَلَیْنا نَصِیراً (75) وَ إِنْ کادُوا لَیَسْتَفِزُّونَکَ مِنَ الْأَرْضِ لِیُخْرِجُوکَ مِنْها وَ إِذاً لا یَلْبَثُونَ خِلافَکَ إِلاَّ قَلِیلاً (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَکَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِیلاً (77)

أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً (78) وَ مِنَ اللَّیْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَکَ عَسی أَنْ یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقاماً مَحْمُوداً (79) وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْکَ سُلْطاناً نَصِیراً (80) وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ کانَ زَهُوقاً (81)

ترجمه آیات ..... ص : 236

نزدیک بود تو را فریبت دهند و از آنچه به تو وحی کردیم غافل سازند و چیز دیگری به ما نسبت دهی تا مشرکان تو را دوست خود گیرند (73).

و اگر ما تو را ثابت قدم نمی گرداندیم نزدیک بود که به مشرکین نامبرده اندک تمایل و اعتمادی بکنی؟ (74).

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 237

که در این صورت (یعنی اگر به بت پرستان اندک توجهی می کردی)، کیفر این عمل را به تو می چشاندیم و عذاب تو را در دنیا و آخرت مضاعف می کردیم آن گاه از قهر و خشم ما هیچ یاوری بر خود نمی یافتی (75).

و نیز نزدیک بود کافران تو را در سرزمین خود سبک کرده در نتیجه یا با مکر یا به زور تو را از آنجا بیرون کنند، که در این صورت بیش از اندک زمانی نمی زیستند (76).

ما سنت خود را در سایر پیغمبران که پیش از تو بودند همین قرار دادیم و این طریقه ما را تغییرپذیر نخواهی یافت (77).

نماز را وقت زوال آفتاب تا اول تاریکی شب به پا دار و نماز صبح را نیز به جای آر که آن به حقیقت هم مشهود ملائکه شب است (که می روند) و هم ملائکه روز (که می آیند) (78).

و بعضی از شب را بیدار باش و تهجد کن که این نماز شب تنها بر تو واجب است باشد که خدایت به مقامی محمود (شفاعت) مبعوث گرداند (79).

و همواره بگو پروردگارا مرا با قدمی صدق داخل و با قدمی صدق بیرون کن و به من از جانب خود بصیرت و حجت روشنی که همواره یاریم کند عطا کن (80).

و به امتت بگو: رسول حق آمد و باطل را نابود کرد که باطل خود بی آبرو و لایق محو و نابودی ابدی است (81).

بیان آیات ..... ص : 237

اشاره

این آیات گوشه ای از نیرنگهای مشرکین را که به قرآن و به پیغمبر (ص) زدند و تعدی و پافشاری که در انکار توحید و معاد کردند یادآور شده، در همین باره علیه ایشان احتجاج و استدلال می کند. آری آنها خواسته بودند که رسول خدا (ص) نسبت به قسمتی از دستورات، با آنان مداهنه کند و نیز خواستند او را از مکه بیرون کنند.

به همین جهت در این آیات به شدیدترین بیان آن جناب را تهدید می کند که مبادا به طرف مشرکین و لو هر قدر هم اندک باشد میل پیدا کند، و ایشان را هشدار داده که اگر آن جناب را از مکه بیرون کنند هلاکشان فرماید.

در این آیات توصیه رسول خدا (ص) به نماز و توسل به درگاه پروردگار در آغاز کلام و هم در انجام آن و نیز اعلام به ظهور حق آمده است.

" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ عَنِ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ لِتَفْتَرِیَ عَلَیْنا غَیْرَهُ وَ إِذاً لَاتَّخَذُوکَ خَلِیلًا"

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 238

کلمه" ان" مخفف از" ان" است به دلیل اینکه لام بر سر" لَیَفْتِنُونَکَ" در آمده و فتنه به معنی لغزاندن و برگرداندن است و کلمه خلیل از خلت به معنی صداقت است، چه بسا گفته باشند؟ که از خلت به معنی حاجت است ولی بعید به نظر می رسد.

[نیرنگ مشرکین برای اینکه پیامبر (صلی اللَّه علیه و آله) از خدایانشان بدگویی نکند و افراد ضعیف و فقیر را از خود دور بسازد] ..... ص : 238

ظاهر سیاق می رساند که مراد از" الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ" قرآن باشد که مشتمل بر توحید و نفی شرک و سیرت صالح است، و این مؤید روایاتی است که در شان نزول آیات وارد شده که مشرکین از رسول خدا (ص) درخواست کردند که دست از بدگویی خدایان ایشان بردارد و غلامان و کنیزان بی شخصیت ایشان را که مسلمان شده و به وی گرویده اند از خود دور کند چون عارشان می شد که با بردگان خود یک جا بنشینند و آیات خدای را بشنوند، و در چنین مناسبتی آیه مورد بحث نازل شد.

و معنایش این است که مشرکین نزدیک شد تو را بلغزانند و از آنچه به تو وحی نمودیم منحرفت کنند تا مرامی مخالف آن پیش گیری و اعمالی بر خلاف آن انجام دهی و بدین وسیله افترایی به ما ببندی و روش اختلاف طبقاتی را روشی خداپسندانه جلوه دهی و گفتند که اگر چنین کنی و یک مشت گدا و ژنده پوش را از خود برانی، با تو رفاقت می کنیم." وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناکَ لَقَدْ کِدْتَ تَرْکَنُ إِلَیْهِمْ شَیْئاً قَلِیلًا".

" تثبیت" در اینجا به طوری که از سیاق برمی آید به معنای عصمت و حفظ الهی است و اگر جواب لولا را خود رکون قرار نداده و نفرمود" ترکن" بلکه نزدیک شدن به رکون را قرار داده فرمود:" لَقَدْ کِدْتَ تَرْکَنُ" برای این بود که با در نظر داشتن اینکه رکون به معنای کمترین میل است دلالت کند بر اینکه رسول خدا (ص) میل به کفار که نکرد سهل است بلکه نزدیک به میل هم نشد، و اینکه فرمود" الیهم" و رکون را به مشرکین نسبت دادند به اجابت خواسته های آنان این معنا را تاکید می کند.

و معنای آیه این است که اگر ما با عصمت خود تو را پایداری نمی دادیم نزدیک می شدی به اینکه به سوی آنان اندکی میل کنی، لیکن ما تو را استوار ساختیم، و در نتیجه به آنان کمترین میلی نکردی تا چه رسد به اینکه اجابتشان کنی، پس رسول خدا (ص) ایشان را اجابت نکرد و ذره ای میل به ایشان هم ننمود و نه نزدیک بود میل کند.

" إِذاً لَأَذَقْناکَ ضِعْفَ الْحَیاةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَکَ عَلَیْنا نَصِیراً".

سیاق آیه تهدید است و مراد از ضعف حیات و ممات مضاعف و دو چندان شدن عذاب زندگی و مرگ است و معنا این است که اگر نزدیک شوی به اینکه به سوی آنان متمایل ترجمه المیزان، ج 13، ص: 239

گردی هر چند تمایل مختصری باشد ما عذاب دو چندان زندگی که مجرمین را با آن شکنجه می دهیم و عذاب دو چندان مرگ را که در عالم دیگر با آن شکنجه شان می دهیم به تو خواهیم چشانید.

و در مجمع از ابان بن تغلب روایت کرده که گفته است مراد از ضعف عذاب عذابی است که درد و الم آن دو چندان باشد، و معنا این است که ما عذاب دنیا و آخرت (هر دو) را به تو می چشانیم، آن گاه به گفته شاعر استدلال کرده که گفته است.

لمقتل ما لک اذ بان منی ابیت اللیل فی ضعف الیم

که مقصود از ضعف الیم عذاب الیم است یعنی وقتی مالک از من جدا گشت و کشته شد آن شب را در عذاب الیمی صبح کردیم.

و اینکه در ذیل آیه فرمود:" ثُمَّ لا تَجِدُ لَکَ عَلَیْنا نَصِیراً" تشدید در تهدید است، و معنایش این است که در این صورت عذاب واقع خواهد شد، و هیچ راه گریزی از آن نخواهد بود «1».

" وَ إِنْ کادُوا لَیَسْتَفِزُّونَکَ مِنَ الْأَرْضِ لِیُخْرِجُوکَ مِنْها وَ إِذاً لا یَلْبَثُونَ خِلافَکَ إِلَّا قَلِیلًا".

کلمه" استفزاز" به معنای سوق دادن و تحریک خفیف و آسان است، و الف و لام در" الأرض" برای عهد است، و مقصود از آن زمین معهود، مکه معظمه است، و کلمه" خلاف" به معنای بعد است، و مقصود از قلیل زمان اندک است.

و معنای آیه این است که مشرکین نزدیک بود که ترا وادار کنند تا از مکه بیرون شوی، و اگر ایشان ترا بیرون می کردند، بعد از رفتن تو، زمان زیادی زنده نمی ماندند، بلکه پس از مدت کوتاهی همه هلاک می شدند.

بعضی «2» گفته اند: مراد اتحادی است که مشرکین با یهود کردند تا آن جناب را از سرزمینهای عرب بیرون کنند.

و لیکن این احتمال بعید به نظر می رسد چرا که سوره مورد بحث، مکی است و آیات آن هم در یک سیاق است و گرفتاری رسول خدا (ص) با یهودیان در مدینه و بعد از هجرت بوده است.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 82، چاپ بیروت.

(2)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 83.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 240

" سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَکَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِیلًا".

کلمه" تحویل" به معنای نقل چیزی است از حالی به حال دیگر، و کلمه" سنة من" در تقدیر (لسنة من) است، یعنی مانند سنت کسی که ما فرستادیم و این جار و مجرور متعلق به جمله" لا یلبثون" است یعنی دیری نمی پائید که مردم مکه مانند سنت کسی که قبل از تو فرستادیم می شدند.

و این سنت یعنی هلاک کردن مردمی که پیغمبر خود را از بلاد خود بیرون کردند سنت خدای سبحان است، و اگر فرمود: سنت پیغمبری است که فرستادیم و آن را به پیغمبر نسبت داده به این اعتبار بوده که سنت را به خاطر پیغمبران خود قرار داده به دلیل اینکه دنبالش فرموده" وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِیلًا" و در جای دیگر فرموده" وَ قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّکُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنا فَأَوْحی إِلَیْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِکَنَّ الظَّالِمِینَ" «1».

و معنای آیه این است که" در این صورت ایشان را هلاک خواهیم کرد به خاطر سنتی که ما برای پیغمبران قبل از تو باب نموده و اجراء کردیم، و تو هیچ تغییر و تبدیلی برای سنت ما نخواهی یافت".

[معنای" دلوک شمس" و" غَسَقِ اللَّیْلِ" در آیه:" أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ ..."] ..... ص : 240

" أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً".

در مجمع البیان گفته:" دلوک" به معنای زوال آفتاب و رسیدن به حد ظهر است.

مبرد گفته:" لِدُلُوکِ الشَّمْسِ" به معنای اول ظهر تا غروب است، بعضی دیگر گفته اند:

" لِدُلُوکِ الشَّمْسِ" به معنای غروب آفتاب است و اصل کلمه از" دلک" است که به معنای مالیدن است، و اگر ظهر را دلوک گفته اند بدین جهت است که از شدت روشنایی هر کس به آن نگاه کند چشم خود را می مالد، و اگر غروب آفتاب را دلوک شمس خوانده اند باز برای این است که بیننده چشم خود را می مالد تا درست درک کند «2».

و نیز در مجمع گفته:" غَسَقِ اللَّیْلِ" هنگامی است که تاریکی شب پدید می آید، وقتی می گویند" غسقت القرحه" معنایش این است که زخم و جراحت دهن باز کرد و داخلش نمودار گشت «3».

__________________________________________________

(1)و گفتند آنان که کافر بودند بر رسولان و پیغمبران خود را به خدا قسم که هر آینه بیرون می کنیم شما را از زمین ما یا آنکه عود کنید شما در مذهب ما پس هر آینه هلاک گردانیم ما ستمکاران و کافران را.

سوره ابراهیم، آیه 13.

(2 و 3)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 84، چاپ بیروت.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 241

و در مفردات گفته:" غسق شب" به معنای شدت ظلمت شب است «1».

مفسرین در تفسیر اول آیه اختلاف کرده اند، و از ائمه اهل بیت (ع) به طریق شیعه روایت شده که فرموده اند:" لِدُلُوکِ الشَّمْسِ" هنگام ظهر و" غَسَقِ اللَّیْلِ" نصف شب است، و به زودی ان شاء اللَّه در بحث روایتی آینده به آن اشاره خواهد شد.

و بنا بر این روایت، آیه شریفه از اول ظهر تا نصف شب را شامل می شود، و نمازهای واجب یومیه که در این قسمت از شبانه روز باید خوانده شود چهار نماز است، ظهر و عصر و مغرب و عشاء، و با انضمام نماز صبح که جمله:" و قُرْآنَ الْفَجْرِ" دلالت بر آن دارد نمازهای پنجگانه یومیه کامل می شود.

و اینکه فرموده:" و قُرْآنَ الْفَجْرِ" عطف است بر کلمه" الصلاة" که تقدیرش چنین می شود:" و اقم قرآن الفجر" که مراد از آن نماز صبح است، و چون مشتمل بر قرائت قرآن است آن را قرآن صبح خوانده، چون روایات همه متفقند بر اینکه مراد از" قُرْآنَ الْفَجْرِ" همان نماز صبح است.

و همچنین روایات از طرق عامه و خاصه متفقا جمله" إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً" را تفسیر کرده اند به اینکه:" نماز صبح را هم ملائکه شب (در موقع مراجعت) و هم ملائکه صبح (در موقع آمدن) می بینند، و ما به زودی به بعضی از آن روایات اشاره خواهیم کرد ان شاء اللَّه.

[امر به رسول (صلی اللَّه علیه و آله) به تهجد نیمه شب و دعا و استمداد از خداوند] ..... ص : 241

" وَ مِنَ اللَّیْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَکَ عَسی أَنْ یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقاماً مَحْمُوداً".

کلمه" تهجد" از ماده" هجود" است که در اصل به معنای خواب است، و تهجد به طوری که بسیاری از اهل لغت گفته اند به معنای بیداری بعد از خواب است، و ضمیر در" به" به قرآن یا به کلمه" بعض" که از کلمه" من اللیل" استفاده می شود برمی گردد، و کلمه" نافله" از ماده" نفل" به معنای زیادی است، و چه بسا گفته شده که کلمه" من اللیل" از قبیل اغراء" تحریک و تهیج" و نظیر" علیک باللیل- بر تو باد شب" می باشد، و حرف" فاء" که بر سر" فتهجد" آمده نظیر فاء در" فَإِیَّایَ فَارْهَبُونِ" «2» است.

و معنای آیه چنین است که قسمتی از شب را پس از خوابیدنت بیدار باش و به قرآن (یعنی نماز) مشغول شو، نمازی که زیادی بر مقدار واجب تو است.

کلمه مقام در جمله" مَقاماً مَحْمُوداً" ممکن است مصدر میمی و به معنای بعث باشد،

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" غسق".

(2)سوره نحل، آیه 51.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 242

که در این صورت مفعول مطلق جمله" لیبعثک" خواهد بود، هر چند که لفظ بعث در بین نیامده باشد، و معنا چنین می شود" باشد که پروردگارت تو را بعث کند بعثی پسندیده" و ممکن هم هست اسم مکان بوده و آن گاه بعث به معنای اقامه و یا متضمن معنای اعطاء و امثال آن باشد که بنا بر این احتمال، معنای آیه چنین می شود" باشد که پروردگارت تو را به مقامی محمود به پا دارد" و یا" در حالی که معطی تو است به مقامی محمود بعث فرماید" و یا" عطا کند تو را در حالی که بعث کننده تو است مقامی محمود".

در اینجا محمود بودن مقام آن جناب را مطلق آورده و هیچ قیدی به آن نزده است، و این خود می فهماند که مقام مذکور مقامی است که هر کس آن را می پسندد، و معلوم است که همه وقتی مقامی را حمد می کنند که از آن خوششان بیاید، و همه کس از آن منتفع گردد، و به همین جهت آن را تفسیر کرده اند به مقامی که همه خلائق آن را حمد می کنند، و آن مقام شفاعت کبرای رسول خدا (ص) است که روز قیامت در آن مقام قرار می گیرد، و روایات وارده در تفسیر این آیه از طرق شیعه و سنی همه متفقند بر این معنا.

[مقصود از" دخول و خروج به صدق" در" رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ ..."] ..... ص : 242

" وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِی مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِی مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْکَ سُلْطاناً نَصِیراً".

کلمه" مدخل" (به ضم میم و فتح خاء) مصدر میمی به معنای داخل کردن است، و همین طور" مخرج" که آن نیز هم وزن همان صیغه است و به معنای خارج کردن است، و اگر ادخال و اخراج را به صدق اضافه کرده به این عنایت است که دخول و خروج در هر امری دخول و خروجی باشد که متصف به صدق و دارای حقیقت باشد، نه اینکه ظاهرش مخالف با واقع و باطنش باشد، و یا یک طرفش با طرف دیگرش متضاد بوده باشد، مثل اینکه اگر داخل دعا می شود به زبانش خدای را بخواند ولی منظور قلبیش این باشد که در میان مردم و همگان موجه گشته از این راه وجهه ای کسب کند، و یا در یک قسمت از دعایش خدای را به خلوص بخواند، و در قسمت دیگر غیر خدای را هم شرکت دهد.

و خلاصه اینکه" دخول و خروج به صدق" این است که صدق و واقعیت را در تمامی دخول و خروج هایش ببیند، و صدق سراپای وجودش را بگیرد، چیزی بگوید که عمل هم بکند، و عملی بکند که همان را بگوید، چنان نباشد که بگوید آنچه را که عمل نمی کند و عملی انجام ندهد مگر آن را که ایمان دارد و بدان معتقد است و این مقام مقام صدیقین است، و بنا بر این برگشت کلام به این می شود که مثلا بگوئیم: خدایا امور مرا آن چنان سرپرستی کن که صدیقین را سرپرستی می کنی.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 243

" وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْکَ سُلْطاناً نَصِیراً"- یعنی سلطنتی یاری شده، به این معنی که مرا در تمامی مهماتم و در هر کاری که مشغول می شوم یاری کن، اگر مردم را به دین تو دعوت می کنم مغلوب نشوم، و حجت های باطله ایشان مرا مغلوب نسازد، و به فتنه ای و مکری از ناحیه دشمنانت دچار نگردم، و به وسوسه ای از شیطان گمراه نشوم.

و این آیه همانطور که ملاحظه می کنید به طور مطلق رسول خدا (ص) را امر می کند که از پروردگارش بخواهد در تمامی مدخل و مخرج ها او را سرپرستی کند، و از ناحیه خود سلطانی به او دهد که او را یاور باشد، در نتیجه از هیچ حقی منحرف نگشته و به سوی هیچ باطلی متمایل نشود.

و بنا بر این اطلاق، دیگر وجهی نیست که گفتار بعضی از مفسرین را قبول کنیم که گفته اند: مراد از دخول و خروج، دخول به مدینه پس از بیرون شدن از مکه و خروج از مدینه به سوی مکه و فتح مکه است «1»، و یا آنکه مراد از دخول و خروج دخول در قبر به مرگ و خروج از قبر به بعث است «2».

بله از آنجایی که آیه شریفه بعد از آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ" و آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَسْتَفِزُّونَکَ" و در سیاق آن دو قرار گرفته اشاره به مساله دخول و خروج مکانی هم دارد، اما به عنوان مصداقی از دخول و خروج، نه اینکه دخول و خروج مکانی معنای منحصر به فرد آیه باشد، آری رسول خدا (ص) را امر می کند به اینکه در تمامی مهماتش و کارهایی که در امر دعوت دینی دارد به پروردگارش ملتجی شود، و همچنین در دخول و خروج هر مکانی که سکونت می کند، و یا صرفا داخل و خارج می شود، و این معنا واضح است.

" وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ کانَ زَهُوقاً".

در مجمع البیان گفته کلمه" زهوق" به معنای هلاکت و بطلان است، وقتی گفته می شود:" زهقت نفسه" معنایش این است که جانش بیرون آمد، گویی اینکه جانش به سوی هلاکت بیرون شد، این بود کلام صاحب مجمع، و معنای آیه روشن است «3».

در این آیه که رسول خدا (ص) را امر می کند به اینکه ظهور حق را به

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، ص 88، جزء 15، چاپ بیروت نقل از ابن عباس و قتاده. [.....]

(2)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 33.

(3)مجمع البیان، ج 4، ص 86، جزء 15 چاپ بیروت.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 244

همه اعلام کند، و چون آیه شریفه در سیاق آیات قبلی یعنی از آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ" تا آخر سه آیه واقع شده این معنا از آن استفاده می شود که منظور از آن این است که مشرکین را دلسرد نموده و اعلام کند که برای همیشه از او مایوس باشند، و یقین کنند که دیگر به هیچ وجه زورشان به آن جناب نمی رسد.

باز آیه شریفه دلالت بر این دارد که هیچ وقت باطل دوام نمی یابد، هم چنان که در جای دیگر راجع به این معنا فرموده" وَ مَثَلُ کَلِمَةٍ خَبِیثَةٍ کَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ" «1».

بحث روایتی [روایاتی در ذیل آیه:" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ ..." که خدعه مشرکین با رسول اللَّه (صلی اللَّه علیه و آله) را حکایت می کند] ..... ص : 244

اشاره

در مجمع البیان پیرامون سبب نزول آیه" وَ إِنْ کادُوا لَیَفْتِنُونَکَ عَنِ الَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ ..." گفته است که مشرکین به رسول خدا (ص) گفتند از بدگویی و توهین به خدایان ما و احمقانه خواندن عقاید ما دست بردار، و این اطرافیانت را که همه از طبقه فقراء و بردگان متعفن هستند از دور خود دور کن تا ما به تو نزدیک شویم، و گوش به گفتارت بدهیم، و رسول خدا (ص) از شنیدن این پیشنهاد به مسلمان شدن آنان امیدوار شد، و لذا آیات مذکور نازل گردید «2».

مؤلف: در الدر المنثور هم قریب به این معنا را از ابن ابی حاتم از سعید بن نفیر روایت کرده «3».

و اما روایتی که از ابن عباس آورده که گفته است" امیة بن خلف و ابو جهل بن هشام و مردانی دیگر از قریش نزد رسول خدا (ص) آمده و گفتند: بیا خدایان ما را دست بکش و زیارت کن، تا ما هم به دین تو درآئیم، و چون رسول خدا (ص) از کناره گیری فامیلش ناراحت بود و به اسلام آنها علاقه زیادی داشت دلش به حال آنان سوخت، در نتیجه این آیه تا جمله" نصیرا" نازل شد" روایت قابل اعتمادی نیست چون با ظاهر آیات نمی سازد، آری آیات از نزدیک شدن به رکون (میل) نهی می کند تا چه رسد به

__________________________________________________

(1)و مثل سخن ناپاک مانند درخت ناپاک است که ریشه آن نزدیک بر روی زمین است نیست مر آن را ثباتی و استحکامی. سوره ابراهیم، آیه 26.

(2)مجمع البیان، ج 4، جزء 15 ص 80 چاپ بیروت.

(3)الدر المنثور، ج 4، ص 194.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 245

رکون (خود میل) «1».

و همچنین آن روایتی که طبری و ابن مردویه از ابن عباس آورده اند که قبیله ثقیف به رسول خدا (ص) گفتند: یک سال به ما مهلت بده تا از قربانی هایی که برای خدایان ما می آورند استفاده کنیم، بعد از آنکه آنها را به چنگ آوردیم آن گاه مسلمان می شویم، و خدایان خود را خرد می کنیم، رسول خدا (ص) هم تصمیم گرفت چنین مهلتی به آنان بدهد، در نتیجه این آیه نازل شد «2».

و همچنین روایتی که در تفسیر عیاشی از ابی یعقوب از امام صادق (ع) در تفسیر آیه آمده که فرمود: وقتی روز فتح مکه فرا رسید رسول خدا (ص) بتهایی را از مسجد بیرون ریخت که یکی از آنها بت بالای مروه بود، قریش پیغام دادند که آن بت را نشکند، رسول خدا (ص) که بسیار با حیا و نرم خو بود زمانی دچار شرم گشته بعدا دستور داد شکستند، و آیه شریفه در این مورد نازل شد «3».

و نظیر آن دو روایت اخبار دیگری است قریب به همان معنا که هیچیک با ظاهر آیه سازگار نیست، آری از مقام رسول خدا (ص) به دور است که تصمیم به چنین بدعتهایی بگیرد با اینکه پروردگارش او را از نزدیک شدن به رکون و میل مختصر نهی کرده بود، تا چه رسد به اینکه تصمیم بگیرد.

علاوه بر این، این قضایا و حوادث- اگر واقع شده باشد- بعد از هجرت و در فتح مکه واقع شده، و حال آنکه آیه مورد بحث مکی است.

و در عیون به سند خود از علی بن محمد بن جهم از ابی الحسن رضا (ع) در ضمن سؤالات مامون روایت کرده که پرسید: معنای" عَفَا اللَّهُ عَنْکَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ" چیست؟ فرمود: این آیه از باب کنایه است خداوند به پیغمبرش خطاب کرده، و لیکن منظور امت او است، و همچنین آیه" لَئِنْ أَشْرَکْتَ لَیَحْبَطَنَّ عَمَلُکَ وَ لَتَکُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ" و آیه" لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناکَ لَقَدْ کِدْتَ تَرْکَنُ إِلَیْهِمْ شَیْئاً قَلِیلًا" مامون گفت درست می فرمایی یا بن رسول اللَّه (ص) «4».

و در مجمع از ابن عباس روایت کرده که در ذیل آیه" إِذاً لَأَذَقْناکَ" گفته است:

وقتی این آیه نازل شد رسول خدا (ص) عرض کرد: پروردگارا حتی یک چشم

__________________________________________________

(1، 2)الدر المنثور، ج 4، ص 194.

(3)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 306، ح 132.

(4)عیون الأخبار، ج 1، ص 202، باب 15 در ذیل حدیثی طولانی.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 246

بر هم زدن مرا به خودم وا مگذار (الهی لا تکلنی الی نفسی طرفة عین ابدا" «1».

و در تفسیر عیاشی از سعید بن مسیب از علی بن الحسین (ع) روایت کرده که گفت به حضورش عرض کردم: نماز چه وقت بر مسلمانان واجب شد آن طور که امروز واجب است؟ فرمود: در مدینه و بعد از قوت یافتن دعوت اسلام و وجوب جهاد بر مسلمانان، چیزی که هست آن روز به این صورت فعلی واجب نشد، بلکه هفت رکعت کمتر بود آن هفت رکعت را رسول خدا (ص) اضافه نمود، دو رکعت در ظهر و دو رکعت در عصر و یک رکعت در مغرب و دو رکعت در عشاء، ولی نماز صبح را به همان صورت که در مکه واجب شده بود گذاشت، چون در هنگام صبح ملائکه روز، در آمدن و ملائکه شب در رفتن عجله دارند، و لذا نماز صبح را برای اینکه هم آیندگان آن را با رسول خدا (ص) درک کنند و هم روندگان، به دو رکعتیش باقی گذاشت، و معنای آیه:" إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً" همین است که هم مسلمانان آن را شاهدند و هم ملائکه شب و هم ملائکه روز «2».

[روایاتی در باره واجب شدن نمازهای پنجگانه و مراد از مشهود بودن قرآن فجر (نماز صبح) در ذیل آیه:" أَقِمِ الصَّلاةَ ..."] ..... ص : 246

و در مجمع البیان در ذیل آیه" أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلی غَسَقِ اللَّیْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ" گفته است: در این آیه وجوب نمازهای پنجگانه و اوقات آنها بیان شده، و مؤید آن روایتی است که عیاشی به سند خود از عبید بن زراره از امام صادق (ع) در ذیل این آیه روایت کرده که امام فرمود: خداوند چهار نماز واجب کرده در یک قسمت زمانی که ابتدائش اول ظهر و آخرش نصف شب است، دو تا از ظهر تا غروب، یکی قبل از دیگری و دو تا از اول غروب آفتاب تا نصف شب که آنها هم یکی قبل از دیگری است «3».

و در الدر المنثور است که ابن جریر از ابن مسعود روایت کرده که گفت: رسول خدا (ص) فرمود: جبرئیل موقع دلوک آفتاب هنگام ظهر نزد من آمد و نماز را با من خواند «4».

و در همان کتاب است که حکیم ترمذی در کتاب نوادر الاصولش و ابن جریر و طبرانی و ابن مردویه از ابی درداء روایت کرده اند که گفت: رسول خدا (ص) این آیه را خواند" إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً" و فرمود: زیرا هم ملائکه شب آن را می بینند و

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 82.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 310، ح 142.

(3)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 86.

(4)الدر المنثور، ج 4، ص 195.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 247

هم ملائکه روز «1».

مؤلف: تفسیر مشهود بودن قرآن فجر در روایات شیعه و سنی به اینکه چون ملائکه شب آن را می بینند و هم ملائکه روز آن قدر در این دو طائفه بسیار است که نزدیک است به حد تواتر برسد، و در بعضی از آنها همانطور که گذشت شهادت خدا و دیدن مسلمین نیز اضافه شده است.

و در تفسیر عیاشی از عبید بن زرارة روایت کرده که گفت: شخصی از امام صادق (ع) از مؤمن پرسش نمود که آیا او هم شفاعت می کند؟ حضرت فرمود: آری، شخص دیگری از میان جمعیت عرض کرد آیا مؤمن هم محتاج شفاعت محمد (ص) هست؟

فرمود: آری برای مؤمن نیز گناهان و خطاهایی است، هیچکس نیست مگر آنکه آن روز محتاج به شفاعت محمد (ص) هست.

راوی می گوید: مردی پرسید معنای کلام رسول خدا (ص) که فرمود:

" من سید و سرور فرزندان آدمم ولی فخر نمی فروشم" چیست؟ فرمود: آری او حلقه درب بهشت را می گیرد و بازش می کند آن گاه به سجده می افتد، خدای تعالی خطابش می کند که سر بردار و شفاعت کن که شفاعتت پذیرفته است، و بخواه که هر چه بخواهی به آن می رسی، رسول خدا (ص) سر برداشته دو باره به سجده می افتد، خدایش می فرماید:

سر بردار و شفاعت کن که پذیرفته است، و بخواه که به آن خواهی رسید آن جناب سر بر می دارد و شفاعت می کند، شفاعتش پذیرفته می شود، درخواست می کند خدا هم عطایش می فرماید. «2»

و نیز در همان کتاب از سماعة بن مهران از ابی ابراهیم (ع) روایت کرده که در ذیل آیه" عَسی أَنْ یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقاماً مَحْمُوداً" فرمود: مردم روز قیامت به مقدار چهل روز سر از خاک برداشته به آفتاب دستور می رسد که پائین و نزدیک سر بندگان آید، به حدی که عرق سراپایشان بگیرد، و به زمین دستور می رسد که عرق ایشان نپذیرد، آن وقت است که همگی نزد آدم شده شفاعت می خواهند او ایشان را به نوح راهنمایی می کند، و نوح به ابراهیم و او به موسی و او به عیسی و او به رسول خدا (ص) حوالت می دهد، و می گوید بر شما باد خاتم النبیین محمد (ص)، و بالأخره محمد (ص) می گوید: اینکار با من.

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 196.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 314، ح 150. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 248

آن گاه راهی شده تا در بهشت آمده دق الباب می کند، به او می گویند: کیست کوبنده در؟ و خدا داناتر است رسول خدا (ص) می گوید: باز کنید، وقتی درب را باز می کنند رو به درگاه خدا نهاده به سجده می افتد و سر برنمی دارد تا به او گفته می شود: حرف بزن، و درخواست کن تا به دست آوری و شفاعت کن تا پذیرفته شود، پس بار دیگر به سجده می افتد، و مثل بار اول سر برمی دارد و شفاعت می کند، و حتی آنهایی هم که در آتش سوخته اند شفاعت می شوند، به همین جهت در روز قیامت در میان تمامی امتها شخصی موجه تر از رسول خدا (ص) نیست، و این است معنای کلام خدا که می فرماید:" عَسی أَنْ یَبْعَثَکَ رَبُّکَ مَقاماً مَحْمُوداً" «1».

مؤلف: و اینکه فرمود: تا آنکه شفاعت می کند کسانی را که در آتش سوخته اند، معنایش این است که بعضی از آنان شفاعت می شوند، و در معنای این روایت از طرق اهل سنت از رسول خدا (ص) روایاتی چند رسیده است.

و در الدر المنثور است که بخاری و ابن جریر و ابن مردویه از ابن عمر روایت کرده اند که گفت: من از رسول خدا (ص) شنیدم که می فرمود: آفتاب آن قدر نزدیک می رسد که عرق تا نصف گوش می رسد، در این بین که مردم در این حالتند دست به دامن آدم می شوند او می گوید: این کار از من ساخته نیست، به موسی مراجعه می کنند او نیز همان را می گوید اینجا است که محمد (ص) شفاعت می کند، و شفاعتش پذیرفته می شود و خداوند میان مردم به داوری می پردازد، رسول خدا (ص) به طرف بهشت می رود و حلقه درب بهشت را می گیرد، آن موقع است که خداوند او را مقامی محمود می دهد «2».

و در همان کتاب است که ابن جریر و بیهقی در شعب الایمان از ابی هریره روایت می کند که رسول خدا (ص) فرمود: مقام محمود مقام شفاعت است «3».

و باز در آن کتاب از ابن مردویه از سعد بن ابی وقاص روایت کرده که گفت شخصی از رسول خدا (ص) معنای مقام محمود را پرسید، فرمود: شفاعت است «4».

مؤلف: روایات در این مضامین بسیار است.

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 315، ح 151.

(2 و 3)الدر المنثور، ج 4، ص 197.

(4)الدر المنثور، ج 4، ص 197.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 249

[سوره الإسراء (17): آیات 82 تا 100] ..... ص : 249

اشاره

وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ لا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلاَّ خَساراً (82) وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَی الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأی بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ کانَ یَؤُساً (83) قُلْ کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ فَرَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدی سَبِیلاً (84) وَ یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی وَ ما أُوتِیتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِیلاً (85) وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَکَ بِهِ عَلَیْنا وَکِیلاً (86)

إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّکَ إِنَّ فَضْلَهُ کانَ عَلَیْکَ کَبِیراً (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلی أَنْ یَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا یَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ کانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِیراً (88) وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ فَأَبی أَکْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ کُفُوراً (89) وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً (90) أَوْ تَکُونَ لَکَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِیراً (91)

أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ کَما زَعَمْتَ عَلَیْنا کِسَفاً أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِکَةِ قَبِیلاً (92) أَوْ یَکُونَ لَکَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقی فِی السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّکَ حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا کِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّی هَلْ کُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93) وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی إِلاَّ أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (94) قُلْ لَوْ کانَ فِی الْأَرْضِ مَلائِکَةٌ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ لَنَزَّلْنا عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَکاً رَسُولاً (95) قُلْ کَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ إِنَّهُ کانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً (96)

وَ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِهِ وَ نَحْشُرُهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَلی وُجُوهِهِمْ عُمْیاً وَ بُکْماً وَ صُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ کُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِیراً (97) ذلِکَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ کَفَرُوا بِآیاتِنا وَ قالُوا أَ إِذا کُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِیداً (98) أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قادِرٌ عَلی أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَیْبَ فِیهِ فَأَبَی الظَّالِمُونَ إِلاَّ کُفُوراً (99) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِکُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّی إِذاً لَأَمْسَکْتُمْ خَشْیَةَ الْإِنْفاقِ وَ کانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (100)

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 250

ترجمه آیات ..... ص : 250

و ما آنچه از قرآن فرستیم شفای دل و رحمت الهی بر اهل ایمان است، لیکن کافران را به جز زیان چیزی نخواهد افزود (82).

و ما هر گاه به انسان نعمتی عطا کردیم رو بگردانید. و دوری جست و هر گاه شر و بلائی به او روی آورد (می بینی که) به کلی مایوس و ناامید شد (83).

تو به خلق بگو که هر کس بر حسب ذات و طبیعت خود عملی انجام خواهد داد و خدای شما بر آن کس که راه هدایت یافته از همه آگاهتر است (84).

و (وای رسول ما) تو را از حقیقت روح پرسش می کنند، جواب ده که روح از سنخ امر پروردگار من است (و بدون واسطه جسمانیات بلکه به امر الهی به بدنها تعلق می گیرد) و آنچه از علم به شما روزی شده بسیار اندک است (85).

(ای پیامبر) اگر ما بخواهیم آنچه به تو وحی کرده ایم از تو بگیریم و ببریم می توانیم و آن گاه تو بر قهر ما هیچ مددی نخواهی یافت (86).

مگر آنکه باز لطف پروردگارت به تو مدد کند که فضل او بر تو بسیار است (87).

بگو ای پیغمبر اگر جن و انس متفق شوند که مانند این قرآن کتابی بیاورند هرگز نتوانند هر چند همه پشتیبان یکدیگر باشند (88).

همانا در این قرآن برای مردم هر گونه مثال آوردیم اکثر مردم از کفر و عناد گذشته هیچ حرف دیگری نمی پذیرند (89).

و صریحا گفتند: ما هرگز به تو ایمان نخواهیم آورد تا آنکه از زمین برای ما چشمه آبی بیرون آری (90).

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 251

یا آنکه تو را باغی از خرما و انگور باشد که در میان آن باغ نهرهای آب جاری گردد (91).

یا آنکه همانطور که خودت پنداشتی آسمان بر سر ما فرو افتد یا آنکه خدا را با فرشتگانش مقابل ما حاضر سازی (92).

یا آنکه خانه ای از طلا تو را باشد و یا بر آسمان بالا روی، البته ادعای تو را که به آسمان رفتم قبول نمی کنیم بلکه باید کتابی بر ما نازل کنی آن را به چشم خود قرائت کنیم (ای رسول) بگو خدا منزه است (از اینکه من او را و یا فرشتگانش را حاضر سازم) و من فرد بشری بیشتر نیستم که از جانب او به رسالت آمده ام (93).

بعد از آمدن قرآن چیزی مردم را از هدایت باز نداشت مگر همین استبعاد که مگر خدا تا کنون بشری را به رسالت فرستاده است؟ (94).

ای پیغمبر بگو اگر فرشتگان را در زمین سکنی بودی باز ناگزیر بودیم فرشته ای از آسمان به سوی آنان رسول فرستیم (95).

بگو خدا شاهد میان من و شما کافی است که او به احوال بندگانش آگاه و بصیر است (96).

هر که را خدا راهنمایی کند آن کس به حقیقت هدایت یافته و هر که را گمراه کند دیگر جز خود او راهنما و دوستی و نگهبانی برایش نخواهی یافت و روز قیامت زیر و رو در حالی که کور و گنگ و کر هم باشند محشورشان می کنیم و منزلگاهشان جهنم است جهنمی که هر گاه آتشش خاموش شود باز شدیدتر سوزان و فروزان می کنیم که (97).

این است کیفر آن کافران چون به آیات ما کافر شدند و گفتند آیا پس از آنکه ما استخوانی پوسیده شدیم از نو برانگیخته می شویم (98).

آیا ندیدند و ندانستند که آن خدایی که زمین و آسمان را آفرید قادر است که مانند اینها را باز خلق کند و بر ایشان وقتی معین قرار دهد (ولی با همه این آیات روشن) باز ستمکاران جز راه کفر و عناد نمی پیمایند (99).

ای رسول ما به این مردم پست بگو اگر شما دارای گنج های مرحمت خدا شوید باز هم به خاطر ترس فقر از خرج کردن آنها خودداری خواهید کرد که انسان طبعا بسیار ممسک و بخیل است (100).

بیان آیات [قرآن از جهت اینکه معالج امراض قلبی است، برای مؤمنین «شفاء» و به لحاظ اینکه صحت و استقامت نفسانی می آورد «رحمت» است ] ..... ص : 251

اشاره

در این آیات برای دومین بار به مساله معجزه بودن قرآن اشاره می کند و مجددا آن را آیت و معجزه نبوت معرفی می کند، و نیز رحمت و برکتش می خواند، و این گفتار با جمله" إِنَّ ترجمه المیزان، ج 13، ص: 252

هذَا الْقُرْآنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ"

که در آیات قبلی بود آغاز شده، در اینجا دوباره به همان سخن برگشته و می فرماید:" وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِی هذَا الْقُرْآنِ لِیَذَّکَّرُوا ..." و نیز می فرماید:" وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ..." و باز می فرماید:" وَ ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآیاتِ ...".

پس در این آیات می خواهد این جهت را بیان کند که قرآن شفا و رحمت است، و به عبارت دیگر اصلاح کننده کسی است که خود نفسی اصلاح طلب داشته باشد، و گرنه همین قرآن نسبت به ستمکاران خسارت و زیان است، و با اینکه این قرآن معجزه نبوت است، معجزه های دیگر از رسول خدا (ص) می خواهند، و آن گاه جوابشان را می دهد، و البته غیر آنچه گفته شد ملحقاتی هم در این آیات آمده که از آن جمله پرسش از چگونگی روح و جواب از آن است.

[قران از جهت اینکه معالج امراض قلبی است برای مؤمنین «شفاء» و به لحاظ اینکه صحت و استقامت نفسانی میاورد «رحمت» است ] ..... ص : 252

" وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ لا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَساراً".

کلمه" من" در" من القرآن" بیانیه است که موصول" ما" در" ما هُوَ شِفاءٌ" را معنا می کند و معنایش این است که ما نازل می کنیم آنچه را که شفا و رحمت است، و آن قرآن است.

و اگر قرآن را شفا نامیده با در نظر داشتن اینکه شفا باید حتما مسبوق به مرضی باشد، خود افاده می کند که دلهای بشر احوال و کیفیاتی دارد که اگر قرآن را با آن احوال مقایسه کنیم خواهیم دید که همان نسبتی را دارد که یک داروی معالج با مرض دارد، این معنا از اینکه دین حق را فطری دانسته نیز استفاده می شود.

زیرا همانطور که آدمی از اولین روز پیدایشش دارای بنیه ای بود که در صورت نبودن موانع و قبل از آنکه احوالی منافی و آثاری مغایر پیدا شود آن بنیه او را به صورت دو پا و مستقیم در می آورد، و همه افراد انسان به همین حالت به دنیا می آمدند و با دو پا و استقامت قامت در پی اطوار زندگی می شدند، همچنین از نظر خلقت اصلی دارای عقائد حقه ای است در باره مبدأ و معاد و فروع آن دو، چه از اصول معارف و چه از پایه های اخلاق فاضله و مناسب با آن عقاید که در نتیجه داشتن آن فطرت و غریزه اعمال و احوالی از او سر می زند که با آن ملکات مناسب است.

این را گفتیم تا کاملا روشن گردد که انسان همانطور که سلامتی و ناسلامتی جسمی دارد یک سلامتی و ناسلامتی روحی هم دارد، و همانطور که اختلال در نظام جسمی او باعث می شود که دچار مرضهایی جسمی گردد همچنین اختلال در نظام روح او باعث می شود به مرضهای روحی مبتلا شود، و همانطور که برای مرضهای جسمیش دوائی است،

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 253

برای مرضهای روحیش نیز دوائی است. هم چنان که خدای سبحان در میان مؤمنین گروهی را چنین معرفی می کند که در دلهاشان مرض دارند، و این مرض غیر از کفر و نفاق است که صریح می باشند، و می فرماید:" لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْمُرْجِفُونَ فِی الْمَدِینَةِ لَنُغْرِیَنَّکَ بِهِمْ" «1» و نیز می فرماید:" وَ لِیَقُولَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْکافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا" «2».

و اینکه قرآن کریم آن را مرض خوانده قطعا چیزی است که ثبات قلب و استقامت نفس را مختل می سازد، از قبیل شک و ریب که هم آدمی را در باطن دچار اضطراب و تزلزل نموده به سوی باطل و پیروی هوی متمایل می سازد، و هم با ایمان (البته با نازل ترین درجه ایمان) منافات نداشته عموم مردم با ایمان نیز دچار آن هستند، و خود یکی از نواقص و نسبت به مراتب عالیه ایمان شرک شمرده می شود، و خدای تعالی در این باره فرموده:" وَ ما یُؤْمِنُ أَکْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِکُونَ" «3» و نیز فرموده:" فَلا وَ رَبِّکَ لا یُؤْمِنُونَ حَتَّی یُحَکِّمُوکَ فِیما شَجَرَ بَیْنَهُمْ ثُمَّ لا یَجِدُوا فِی أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَیْتَ وَ یُسَلِّمُوا تَسْلِیماً" «4».

و قرآن کریم با حجت های قاطع و براهین ساطع خود، انواع شک و تردیدها و شبهاتی را که در راه عقاید حق و معارف حقیقی می شود از بین برده با مواعظ شافی خود و داستانهای آموزنده و عبرت انگیز و مثلهای دلنشین و وعده و وعید و انذار و تبشیرش و احکام و شرایعش، با تمامی آفات و عاهات دلها مبارزه نموده همه را ریشه کن می سازد، بدین جهت خداوند قرآن را شفای دل مؤمنین نامیده است.

و اما اینکه آن را رحمت برای مؤمنین خوانده- با در نظر داشتن اینکه رحمت افاضه ای است که به وسیله آن کمبودها جبران گشته حوائج برآورده می شود- دلیلش این است که قرآن

__________________________________________________

(1)البته اگر منافقان و آنان که در دلهایشان مرض و ناپاکی است و هم آنها که در مدینه دل اهل ایمان را مضطرب و هراسان می سازند دست نکشند ما هم ترا بر آن برانگیزیم و مسلط گردانیم. سوره احزاب، آیه 60.

(2)تا آنان که دلهایشان مریض است و کافران نیز به طعنه نگویند خدا از این مثل چه منظور داشت.

سوره مدثر، آیه 31.

(3)و اکثر خلق به خدا ایمان نمی آورند مگر آنکه مشرک شوند. سوره یوسف، آیه 106.

(4)نه چنین است قسم به خدای تو که اینان به حقیقت اهل ایمان نمی شوند مگر آنکه در خصومت و نزاعشان تنها تو را حاکم کنند و آن گاه به هر حکمی که (به سود و زیان آنها) کنی هیچگونه اعتراضی در دل نداشته و کاملا از دل و جان تسلیم فرمان تو باشند. سوره نساء، آیه 65.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 254

دل آدمی را به نور علم و یقین روشن می سازد، و تاریکیهای جهل و کوری و شک را از آن دور می نماید، و آن را به زیور ملکات فاضله و حالت شریفه آراسته اینگونه زیورها را جایگزین پلیدیها و صورت های زشت و صفات نکوهیده می سازد.

پس قرآن کریم از آن جهت شفا است که اول صفحه دل را از انواع مرضها و انحرافات پاک می کند، و زمینه را برای جای دادن فضائل آماده می سازد، و از آن جهت رحمت است که صحت و استقامت اصلی و فطری آن را به وی باز می گرداند، پس از آن جهت شفا است که محل دل را از موانعی که ضد سعادت است پاک نموده و آماده پذیرشش می سازد، و از آن جهت رحمت است که هیات سعادت به دل مؤمن داده، نعمت استقامت و یقین را در آن جایگزین می کند. پس قرآن کریم، هم شفا است برای دلها و هم رحمت، هم چنان که هدایت و رحمت برای نفوس در معرض ضلالت است، این را بدانجهت تذکر دادیم که نکته متفرع شدن" رحمت" بر" شفا" در جمله" ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ" روشن شود، پس این جمله نظیر آیه:" هُدیً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ" «1» و جمله" وَ مَغْفِرَةً وَ رَحْمَةً" «2» است.

و بنا بر آنچه گذشت معنای آیه" وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ" این است که ما چیزی بر تو نازل می کنیم که مرضهای قلبها را از بین برده و حالت صحت و استقامت اصلیش را به آن باز می گرداند، پس آن را از نعمت سعادت و کرامت برخوردار می سازد.

[توضیح اینکه قران ظالمین را جز زیان نمی افزاید] ..... ص : 254

" وَ لا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَساراً"- سیاق آیات دلالت بر این می کند که مراد از این جمله، بیان اثری است که قرآن در غیر مؤمنین دارد و آن عکس آن اثر نیکی است که در مؤمنین دارد، پس مراد از ظالمین قهرا غیر مؤمنین یعنی کفار خواهند بود البته بنا به گفته بعضی از مفسرین کفار غیر مشرکین.

و اگر حکم" مزید خسران" را معلق به" وصف ظلم" کرد برای این بود که به علت حکم هم اشاره کرده باشد و بفهماند که قرآن در ایشان جز زیاد شدن خسران اثری ندارد، به خاطر اینکه با ارتکاب کفر به خود ستم کردند.

کلمه:" خسار" به معنای ضرر دادن از اصل سرمایه است، کفار مانند همه افراد،

__________________________________________________

(1)سوره یوسف، آیه 111.

(2)سوره نساء، آیه 96.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 255

یک سرمایه اصلی داشتند و آن دین فطریشان بود. که هر دل ساده و سالمی به آن ملهم است، ولی ایشان به خاطر کفری که به خدا و آیات او ورزیدند از این سرمایه اصلی کاستند و چون به قرآن کفر ورزیده و بدون منطق و دلیل بلکه به ستم از آن اعراض نمودند، همین قرآن خسران ایشان را دو چندان نموده و نقصی روی نقص قبلیشان اضافه می کند، البته این در صورتی است که از آن فطرت اصلی چیزی در دلهایشان مانده باشد، و گرنه هیچ اثری در آنها نخواهد داشت، و لذا به جای اینکه بفرماید:" یزید الظالمین خسارا- در ستمگران خسران را زیادتر می کند" فرمود" وَ لا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَساراً- در ظالمان اثری جز خسران ندارد" یعنی در آن کس که از فطرت اصلیش چیزی نمانده هیچ اثر ندارد و در آن کسانی که هنوز از موهبت فطرتشان مختصری مانده این اثر را دارد که کمترش می کند.

از اینجا است که به خوبی روشن می شود که حاصل معنای آیه این است که قرآن بر صحت و استقامت مؤمنین می افزاید و سعادتی بر سعادت و استقامتی بر استقامتشان اضافه می کند، و اگر در کافران هم چیزی زیاد کند آن چیز عبارت از نقص و خسران خواهد بود.

مفسرین در معنای صدر و ذیل آیه وجوه دیگری ذکر کرده اند که ما از مطرح کردن آن خودداری نمودیم، اگر کسی بخواهد بیشتر اطلاع حاصل کند باید به تفاسیر آنان مراجعه نماید.

از جمله حرفهایی که زده اند یکی این است که مراد از" شفاء" در آیه اعم از شفای مرضهای روحی از قبیل جهل و شبهه و شک و ملکات زشت نفسانی است، و بلکه مرضهای جسمی را هم شامل است، زیرا با تبرک به آیات کریمه قرآن و نوشتن و همراه داشتن آنها مرضهای بدنی هم معالجه می شود «1».

ما هم در این نظر حرفی نداریم و لیکن اگر این عمومیت صحیح باشد باید در صدر و ذیل آیه هر دو صحیح باشد و بگوئیم همانطور که به کمک آیه های قرآن و نوشتن و خواندن آن مرضها و ناخوشی ها برطرف می شود، همچنین از همان راه دشمنی دشمنان دین و ظلم ظالمین و کید کافرین دفع و باطل می گردد، و در نتیجه باز قرآن جز خسران اثری برای کفار ندارد، اینهم در جای خود مطلبی است.

در آیه شریفه زیاد شدن خسران کفار را مجازا به خود قرآن نسبت داده. زیرا خسران

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، ص 90، جزء 15، چاپ بیروت.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 256

ایشان در حقیقت اثر کفر خود آنان و سوء اختیارشان و شقاوت نفوسشان می باشد؟.

[بیان حال انسان عادی دلبسته به اسباب ظاهری که در حال تنعم از خدا دور شده و در شر و بد حالی نومید است ] ..... ص : 256

" وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَی الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأی بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ کانَ یَؤُساً".

در مفردات گفته که کلمه" عرض" در مقابل طول است، و در اصل در مورد اجسام به کار می رفته، سپس در غیر اجسام نیز استعمال شده- تا آنجا که می گوید- معنای" اعرض" این است که عرض خود را نشان داد (روی خود برگردانید) و اگر می گویند:" اعرض لی کذا" معنایش این است که پهنایش پیدا شد و در دسترس من قرار گرفت «1».

کلمه:" نا" از" نای" به معنای دوری است،" وَ نَأی بِجانِبِهِ" معنایش این است که برای خود جهت دوری از ما را انتخاب کرد، و مجموع جمله" أَعْرَضَ" وَ" نَأی بِجانِبِهِ" وضع آدمی را در دوری از خدا و قطع رابطه با پروردگار را در موقع انعام خدا مجسم می سازد، که خدا به او انعام می کند، او روی خود را از درگاه او برتافته (مانند کودکان قهر می کند به نقطه دوری می رود) و چه بسا بعضی مفسرین که گفته اند جمله:" نَأی بِجانِبِهِ" کنایه از تکبر و بلندپروازی است «2».

و اما اینکه فرمود:" وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ کانَ یَؤُساً" معنایش این است که وقتی اندکی با شر و مصیبت برخورد کند آن وقت مایوس و ناامید از خیر و نعمت می شود، در اینجا شر را به خدای تعالی نسبت نمی دهد آن طور که نازل کردن نعمت را به او نسبت می داد، برای اینکه بفهماند خدا منزه از آن است که شری را به او نسبت دهند.

و نیز برای اینکه وجود شر امری نسبی است نه امر نفسی، یعنی هر شری که در عالم تصور کنیم از قبیل مرگ و فقر و نقص ثمرات و امثال آن نسبت به مورد خودش شر است، و اما نسبت به غیر موردش مخصوصا نسبت به نظام جمعی و عمومی که در عالم جریان دارد خیر است، آن هم خیری که هیچ چیز جای آن را نمی گیرد.

پس هر چه خیر است معنای خیر بودنش این است که خداوند عنایتی به عین موردش داشته، و آن مورد منظور بالذات بوده، و هر چه شر است شر بودنش این است که خداوند خیر غیر موردش را خواسته و عنایت الهی اولا و بالذات متوجه غیر مورد شده، و قهرا نسبت به مورد باعث نقصان و یا مرگ و امثال آن شده است.

پس معنای آیه این است که:" ما وقتی انعامی به انسان- که موجودی است واقع در

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" عرض".

(2)مفردات راغب، ماده" نای".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 257

مجرای اسباب- می کنیم سرگرم به ظواهر اسباب شده و دل به آن می بندد و ما را فراموش می کند و شکر ما را به جای نمی آورد، وقتی مختصر شری به او برسد و در نتیجه خیری را از او بگیرد و یا جلوی اسباب خیر را ببندد دچار یاسی شدید و نومیدی از خیر می گردد، چون او دل همه به اسباب داده بود و دارد از کار افتادن اسباب را می بیند چطور دچار نومیدی نشود؟ آری او پروردگار خود را در اجرای این اسباب هیچکاره می دانست.

این آیه حال انسانهای عادی را توصیف می کند که در محیط زندگی قرار گرفته که حاکم در آن عرف و عادت است، وقتی نعمتهای الهی- از حال و جاه و فرزندان و چیزهای دیگر- به سویش سرازیر است، و اسباب ظاهری هم سر سازگاری دارند همه امید و دلگرمیش متوجه آن اسباب شده و دل به آنها می دهد، و در دلش دیگر جای فارغی برای یاد خدا نمی ماند تا او را شکر بگزارد، و به همین جهت وقتی شری به او می رسد و بعضی از نعمتهای الهی از او سلب می شود به کلی از خیر مایوس می گردد، چون جای دیگری را سراغ ندارد، همه امیدش اسباب ظاهری بود که آنهم روی ترش کرده و پشت کرده است.

این حال غیر از حال یک انسان فطری است که ذهنش به عادت و رسوم مشوب نگشته، و عرف و عادت در دلش هیچ نقشی را بازی نکرده و دخل و تصرفی ندارد.

آری، انسانی که با تایید الهی و یا به خاطر پیشامدی، اسباب ظاهری را فراموش کرده به فطرت ساده خود برگشته همواره چشم امید به خدای خود دوخته رفع گرفتاریها را از او می خواهد نه از اسباب.

پس آدمی دارای دو حال است یکی حال فطری که او را در هنگام گرفتاری و برخورد با شر هدایت به رجوع پروردگارش می کند و یکی حال عادی او که در آن حال اسباب ظاهری میان او و یاد پروردگارش حایل گشته دلش را از رجوع به خدا و یاد او و شکر او مشغول می سازد، آیه مورد بحث این حال دومی را وصف می کند نه حال اولی را.

از همین جا روشن می گردد که میان این آیه و آیاتی که افاده می کند که انسان وقتی به سختی و گرفتاری دچار شود به یاد خدای تعالی افتاده و پروردگار خود را می خواند، هیچ منافاتی نیست، مانند آیه:" وَ إِذا مَسَّکُمُ الضُّرُّ فِی الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِیَّاهُ" «1» و آیه:" وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً" «2» و همچنین آیات دیگر، چون همانطور که

__________________________________________________

(1)و چون گرفتاریها بیچاره تان کند خدایان دروغی فراموش و گم می شوند تنها به یاد او می افتید. سوره اسری، آیه 67.

(2)چون مرض و گرفتاری آدمی را گرفت به هر پهلو بغلتد ما را می خواند بنشیند ما را می خواند بایستد ما را می خواند. سوره یونس، آیه 12. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 258

گفتیم آن آیه متعرض حال عادی آدمی است و این آیات متعرض حال فطری او است.

و نیز این معنا روشن می گردد که این آیه از جهت ذیل متصل به آیه قبل است که می فرمود:" وَ لا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَساراً" و حاصل آن دو این است که از چنین مردمی این خسار هیچ بعید نیست، زیرا یکی از احوال آدمی این است که اسباب ظاهری در موقع آمدن نعمتهای الهی او را به خود مشغول می کند، و نعمت را از آن اسباب می بیند در نتیجه از یاد پروردگارش غافل می شود و به کلی اعراض نموده در نتیجه در صورت قطع شدن آن نعمت مایوس و بیچاره می شود، چون نعمت را از اسباب ظاهری می دانست که فعلا از کار افتاده اند.

بحثی فلسفی [(در بیان اینکه شرور بالعرض داخل در قضای الهی هستند)] ..... ص : 258

اشاره

حکما گفته اند که شرور بالعرض داخل در قضای الهی هستند، و در بیان آن چنین گفته اند:

از افلاطون نقل شده که گفته است:" شر عدم است" و این دعوی خود را با چند مثل توضیح داده و گفته است:" مثلا یکی از شرها آدم کشی است و حال آنکه می بینیم آدم کشی کار قاتل نیست تا بگوئیم شری ایجاد کرد آنچه کار قاتل است این است که بتواند دست خود را بلند و پائین کند، و کار جرأت و شجاعت او هم نیست، و همچنین کار شمشیر و تیزی آن هم نیست زیرا همه اینها در جای خود خوب و کمال و خیرند، و نیز از ناحیه قبول پاره شدن رگها و گوشتها هم به وسیله شمشیر نیست، زیرا کمال بدن مقتول این است که نرم باشد، پس باقی نمی ماند برای شر مگر مساله بی جان شدن مقتول و بطلان حیات او که آن هم امری است عدمی، و همچنین هر شر دیگری که به این طریق تجزیه و تحلیل کنیم خواهیم دید شر بودنش از یک امر عدمی است، نه امور وجودی.

چیزی که باید دانست این است که شروری که در عالم به چشم می خورد از آنجایی که با حوادث موجود در این عالم ارتباط دارند، و با آنها پیچیده و در هم هستند از این رو عدمهای مطلق نیستند بلکه عدمهای نسبی اند که خود بهره ای از وجود و واقعیت را دارند مانند انواع فقدانها و نقص ها و مرگ و فسادهایی که در داخل و خارج نظام عالمی پدید می آید که همه اینها اعدامی نسبی بوده و مساسی با قضای الهی- که حاکم در عالم است- دارند، البته داخل در قضای الهی نیستند نه بالعرض نه بالذات.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 259

توضیح اینکه آنچه ما از عدم در ذهن خود تصور می کنیم یا عدم مطلق است که همان نقیض و نقطه مقابل وجود مطلق است. و یا عدم مضاف و منسوب به ملکه است، که عبارت است از عدم کمال وجودی که جا دارد آن کمال را داشته باشد مانند نابینایی که عبارت است از عدم بصر از کسی که جا داشت بصر داشته باشد" و لذا به دیوار نمی گوئیم نابینا".

قسم اول هم چند جور تصور می شود یکی اینکه عدم را به ماهیت چیزی بزنیم نه به وجود آن، مثل اینکه عدم زید را تصور کنیم، و خود آن را معدوم فرض کنیم، نه او را بعد از آنکه موجود بود، این قسم صرف یک تصور عقلی است که هیچ شری در آن متصور نیست، چون موضوع را که مشترک میان" بود" و" نبود" باشد تصور نکرده ایم تا نبودش شری باشد.

بله ممکن است انسان عدم چیزی را مقید به آن چیز کند مثلا عدم زید موجود را تصور کند، و او را بعد از آنکه موجود شده معدوم فرض نماید چنین عدمی شر هست و لیکن این قسم عدم همان عدم ملکه ای است که توضیحش خواهد آمد.

تصور دوم اینکه عدم چیزی را بالنسبه به چیز دیگری اعتبار کنیم مانند نبود وجود واجبی برای موجودات امکانی، و نبود وجود انسانیت مثلا برای ماهیت دیگری مانند اسب، و یا نداشتن نبات وجود حیوان و نداشتن گاو وجود اسب را که این قسم عدم از لوازم ماهیات است، و امری است اعتباری نه مجعول و محقق.

قسم دوم از عدم همان عدم ملکه ای است که در بالا بدان اشاره شد و آن عبارت است از فقدان و نبود کمال برای چیزی که شان آن، داشتن آن کمال است، نظیر انواع فسادها و نواقص و عیبها و آفات و امراض و دردها و ناگواریهایی که عارض بر چیزی می شود که شان آن نداشتن این نواقص و داشتن کمال مقابل آن است.

این قسم از عدم شر است، و در امور مادی پیدا می شود، و منشا آن هم قصوری است که در استعدادهای مادیات است که البته این قصور در همه به یک پایه نیست، بلکه مراتب مختلفی دارد، منظور این است که منشا اینگونه عدم ها که شرند منبع قبض وجود یعنی ذات باری تعالی نیست، و نمی شود آنها را به ساحت او نسبت داد چون علت عدم چیزی است مانند خود آن عدم، هم چنان که علت وجود وجودی دیگر است، نه عدم.

پس آن چیزی که در اینگونه امور توأم با شر مورد تعلق کلمه ایجاد اراده الهی قرار می گیرد و قضای الهی هم بالذات شامل آن می شود، آن مقداری است که وجود به خود گرفته، و به عبارت دیگر استعداد و قابلیت گرفتن وجود را داشته، و همان است که می توان گفت

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 260

خدا خلق کرده، اراده الهی ایجادش نموده و قضای الهی بر آن رانده شده.

و اما عدمهایی که همراه آن است مستند به خدا نیست، بلکه مستند به نداشتن قابلیت بیشتر خود او و قصور استعداد اوست، پس چرا همان عدمها را هم مخلوق دانسته نسبت جعل و اضافه به آنها می دهیم، از این جهت است که آمیخته و متحد به آن مقدار وجود می باشند.

و به بیانی روشن تر امور به پنج قسمند 1- آنها که خیر محضند 2- آنها که خیرشان بیشتر از شرشان است 3- آنها که خیر و شرشان یکسان است 4- آنها که شرشان بر خیرشان می چربد 5- آنها که شر محضند. از این پنج قسم امور سه قسم آخری آنها معقول نیست که هستی به خود بگیرند زیرا هست شدن آنها مستلزم ترجیح بلا مرجح است و یا ترجیح مرجوح بر راجح.

و اگر حکمت الهی را که از قدرت و علم واجبی او سرچشمه می گیرد، و همچنین جود خدایی را که هرگز آمیخته با بخل نمی شود در نظر بگیریم حکم خواهیم کرد بر اینکه بر چنین خدایی واجب می آید که فیض خود را به وجهی مصروف کند که اصلح و شایسته تر برای نظام اتم است، و از امور پنجگانه گذشته دو تای اولی را که ایجاد کند که عبارت بود از خیر محض و آن دیگری که خیرش بیش از شرش می باشد، زیرا اگر اولی را خلق نکند مرتکب شر محض شده، و اگر دومی را خلق نکند شر بیشتر را خلق کرده است.

بنا بر این آنچه از شرور که به نظر ما می رسد نسبت به آنچه که از خیرات به چشم می خورد نادر و قلیل است، و شر قلیل به خاطر خیر کثیر تحقق یافته و ممکن نبود تحقق نیابد.

امام فخر رازی در اینجا دچار اشتباهی شده که گفته است: اینکه حکما گفته اند:

" شرور اعدام اند و مستند به خدا نیستند" حرف بیهوده ای است و با مسلک خود آنان منافات دارد که خدای تعالی را علت تامه عالم می دانند و اعتراف می کنند که انفکاک معلول از علت تامه محال است زیرا با چنین اعترافی خدای تعالی در کارهایش مجبور است، و اختیاری ندارد که فلان کار را بکند و آن دیگری را نکند، او خواه ناخواه علت هر چه هست را ایجاد می کند چه خیر و چه شر، نه اینکه سبک سنگین نموده راجح را خلق کند.

و اشتباه او در این است که نفهمیده این وجوب و خواه ناخواهی که معلولات دارند عینا تایید وجودشان را از قبل علت خود گرفته اند، وقتی وجوب مخلوق مانند وجودش عاریتی و از ناحیه خدای تعالی باشد دیگر معقول نیست همین معلول برگشته حاکم و قاهر بر علت خود شده و او را مجبور بر انجام عمل (ایجاد مخلوق) و تجدید حدود آن سازد.

در اینجا صاحب روح المعانی انصاف را از دست نداده نخست به بحث گذشته ما اشاره نموده و گفته است: مخفی نماند که این سخن بنا بر این مذهب تمام است که اراده خدا ترجمه المیزان، ج 13، ص: 261

را در ایجاد و عدم ایجاد متساوی النسبة ندانیم، و او را بدون رعایت مصلحت و یا داعی دیگری مجبور در کار خود بدانیم، و این مذهب اشاعره است.

و گرنه اگر او را مختار بدانیم چه مانعی دارد که در انتخاب خیرات و یا شرور اختیار داشته و هر کدام را که بخواهد انجام دهد و لیکن چیزی که هست حکما و اساطین اسلام می گویند: افق اختیار خدای تعالی عالی تر از این تصورات است، و امور عالم منوط به قوانین کلی است و افعال او مربوط به حکمت ها و مصالحی است آشکار و نهان.

آن گاه می گوید: و اما گفتار امام فخر که گفته است:" فلاسفه بعد از آنکه قائل به جبر در افعال شده اند دیگر خوض و دقتشان در این بحث از جمله فضولیها و گمراهی صرف است، زیرا پرسش از اینکه چرا فلان شر ایجاد شد نظیر پرسش از این است که چرا آتش سوزندگی از خود بروز می دهد، آری سوزندگی از ذات آتش برمی خیزد نه از اختیارش" ناشی از تعصب اوست.

زیرا محققین از حکما و فلاسفه قائل به جبر نبوده بلکه اختیار را اثبات کرده اند، و هرگز صدور افعال خدایی از خدای تعالی را مانند صدور سوزندگی از آتش جبری نمی دانند.

و به فرض هم که گفتار وی را قبول نموده و همه را جبری مذهب بدانیم تازه باز بحثشان در این مساله فضولی نیست، زیرا باز هم جای اشکال هست که با اینکه خدای تبارک و تعالی خیر محض است و ترکیبی در ذات او نیست دیگر چه معنا دارد که در عالم شرور پیدا شود، مگر خداوند مرکب از دو جهت- خیر و شر- است تا خیرات را ناشی از آن جهتش و شرور را صادر از این جهتش بدانیم، آری حکما و لو به گفته او جبری مذهب باشند به محض اینکه به این مساله برمی خورند فورا به ذهنشان می آید که پس افتراء مجوسیها درست است که یک مبدأ برای شرور و یکی برای خیرات قائلند، و لذا برای رهایی از این اشکال به خود اجازه داده اند که وارد این بحث شده و آن را حلاجی کنند، پس بحث ایشان نه تنها فضولی نیست که فضل است.

" قُلْ کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ فَرَبُّکُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدی سَبِیلًا".

" شاکله"- به طوری که در مفردات گفته- از ماده شکل می باشد که به معنای بستن پای چارپا است، و آن طنابی را که با آن پای حیوان را می بندند" شکال" (به کسر شین) می گویند، و" شاکله" به معنای خوی و اخلاق است، و اگر خلق و خوی را شاکله خوانده اند بدین مناسبت است که آدمی را محدود و مقید می کند و نمی گذارد در آنچه می خواهد آزاد

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 262

باشد، بلکه او را وادار می سازد تا به مقتضا و طبق آن اخلاق رفتار کند «1».

و در مجمع البیان گفته است:" شاکله" به معنای طریقت و مذهب است وقتی گفته می شود: این طریق دارای شاکله ها است معنایش این است که" هر جمیعتی از آن راه دیگری برای خود جدا کرده اند".

گویا" طریقه" و" مذهب" را از این جهت" شاکله" خوانده اند که رهروان و منسوبین به آن دو خود را ملتزم می دانند که از آن راه منحرف نشوند «2».

بعضی دیگر گفته اند که" شاکله" از شکل (به فتحه شین) است که به معنای مثل و مانند است، بعضی دیگر گفته اند: این کلمه از شکل (به کسر شین) گرفته شده که به معنای هیات و فرم است.

و به هر حال آیه کریمه عمل انسان را مترتب بر شاکله او دانسته به این معنا که عمل هر چه باشد مناسب با اخلاق آدمی است چنانچه در فارسی گفته اند" از کوزه همان برون تراود که در اوست" پس شاکله نسبت به عمل، نظیر روح جاری در بدن است که بدن با اعضا و اعمال خود آن را مجسم نموده و معنویات او را نشان می دهد.

و این معنا هم با تجربه و هم از راه بحثهای علمی به ثبوت رسیده که میان ملکات نفسانی و احوال روح و میان اعمال بدنی رابطه خاصی است، و معلوم شده که هیچوقت کارهای یک مرد شجاع و با شهامت با کارهایی که یک مرد ترسو از خود نشان می دهد یکسان نیست، او وقتی به یک صحنه هول انگیز برخورد کند حرکاتی که از خود بروز می دهد غیر از حرکاتی است که یک شخص شجاع از خود بروز می دهد و همچنین اعمال یک فرد جواد و کریم با اعمال یک مرد بخیل و لئیم یکسان نیست.

و نیز ثابت شده که میان صفات درونی و نوع ترکیب بنیه بدنی انسان یک ارتباط خاصی است، پاره ای از مزاجها خیلی زود عصبانی می شوند و به خشم در می آیند، و طبعا خیلی به انتقام علاقمندند، و پاره ای دیگر شهوت شکم و غریزه جنسی در آنها زود فوران می کند، و آنان را بی طاقت می سازد، و به همین منوال سایر ملکات که در اثر اختلاف مزاجها انعقادش در بعضی ها خیلی سریع است، و در بعضی دیگر خیلی کند و آرام.

[بنیه بدنی، صفات اخلاقی و محیط اجتماعی در حد اقتضاء، و نه علیت تامه- در اعمال آدمی اثر دارد (کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ)] ..... ص : 262

و با همه اینها، دعوت و خواهش و تقاضای هیچیک از این مزاجها که باعث ملکات

__________________________________________________

(1)مفردات راغب، ماده" شکل".

(2)مجمع البیان، ج 4، جزء 15، ص 90.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 263

و یا اعمالی مناسب خویش است از حد اقتضاء تجاوز نمی کند به این معنا که خلق و خوی هر کسی هیچ وقت او را مجبور به انجام کارهای مناسب با خود نمی کند، و اثرش به آن حد نیست که ترک آن کارها را محال سازد، و در نتیجه، عمل از اختیاری بودن بیرون شده و جبری بشود خلاصه اینکه شخص عصبانی در عین اینکه عصبانی و دچار فوران خشم شده، باز هم می تواند از انتقام صرفنظر کند، و شخص شکمباره باز نسبت به فعل و ترک عمل مناسب با خلقش اختیار دارد، و چنان نیست که شخص شهوتران در آنچه که به مقتضای دعوت شهوتش می کند مجبور باشد، هر چند که ترک عمل مناسب با اخلاق و انجام خلاف آن دشوار و در پاره ای موارد در غایت دشواری است.

کلام خدای تعالی اگر کاملا مورد دقت قرار گیرد این معانی را تایید می کند، آری این خدای سبحان است که می فرماید:" وَ الْبَلَدُ الطَّیِّبُ یَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِی خَبُثَ لا یَخْرُجُ إِلَّا نَکِداً" «1» که اگر این آیه را با آیات دال بر عمومیت دعوت های دینی از قبیل آیه" لِأُنْذِرَکُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ" «2» مجموعا مورد دقت قرار دهیم این معنا را می رساند که بنیه انسانی و صفات درونی او در اعمالش اثر دارد اما تنها به نحو اقتضا نه به نحو علیت تامه، و اگر خواننده قدری دقت کند مطلب روشن است.

و چگونه چنین نباشد و صفات درونی علت تامه اعمال بدنی باشد و حال آنکه خدای تعالی دین را امری فطری دانسته که خلقت تبدیل ناپذیر انسان از آن خبر می دهد هم چنان که فرموده:" فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها لا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ" «3» و نیز فرموده:" ثُمَّ السَّبِیلَ یَسَّرَهُ" «4».

و معنا ندارد که هم فطرت آدمی او را به سوی دین حق و سنت معتدل دعوت کند، و خلقت او وی را به سوی شر و فساد و انحراف از اعتدال بخواند آن هم به نحو علیت تامه که قابل تخلف نباشد.

__________________________________________________

(1)و زمین پاک و پاکیزه بیرون می آید زراعت او به فرمان پروردگار آن خوب و با نفع و آن زمین که ناپاک است بیرون نمی آید نبات آن مگر در حالتی که اندک و بی نفع است. سوره اعراف، آیه 58.

(2)تا شما را و هر که دعوتم به گوشش بخورد انذار کنم. سوره انعام، آیه 19.

(3)پس راست گردان روی خود را برای دین در حالی که مایل باشی از همه ادیان باطل به دین حق ملازم باش ملت اسلام را آن ملت اسلامی که آفرید خدای تعالی مردم را بر آن ملت هیچ تغییری نیست مر خلق خدای تعالی را این فطرت دین مستقیم است. سوره روم، آیه 30.

(4)آن گاه راه دین را برای همه هموار کرد. سوره عبس، آیه 20.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 264

[بیان اینکه سعادت و شقاوت ضروری و تغییر ناپذیر نیست و اکتسابی و از آثار اعتقادات و اعمال انسان می باشد] ..... ص : 264

و اینکه بعضی گفته اند سعادت و شقاوت دو امر ذاتی است که هرگز از ذات تخلف نمی پذیرد، و مانند جفت بودن عدد چهار و فرد بودن عدد سه است، و یا اینکه گفته اند مساله سعادت و شقاوت مربوط به قضاء مقرر شده ازلی است، و مساله دعوت برای اتمام حجت است هم چنان که فرمود:" لِیَهْلِکَ مَنْ هَلَکَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیی مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ" «1» نه اینکه شقی را از شقاوت برگرداند و به امید این باشد که کسی از آنچه در ازل برایش نوشته شده دست بردارد، زیرا آنچه که نوشته شده، نوشته شده است و دیگر قابل تحول نیست، حرف غلطی است.

و جوابش همان اتمام حجتی است که خود اعتراف کردند، زیرا همین آیه شریفه می رساند که سعادت برای سعید و شقاوت برای شقی ضروری و غیر قابل تغییر نیست، آری اگر از لوازم ذات بودند دیگر برای رساندن لازمه ذات به ذات، حاجت و نیازی به حجیت نبود، چون ذاتیات دلیل و حجت بردار نیستند، و همچنین اگر سعادت و شقاوت به قضای حتمی لازم ذات شده باشند نه اینکه خود لازمه ذات باشند باز هم اتمام حجت لغو بود، بلکه حجت به نفع مردم و علیه خدای تعالی می بود، چون او بود که شقی را شقی خلق کرد و یا شقاوت را برایش نوشت، پس همین که می بینیم خدای تعالی علیه خلق اقامه حجت می کند، باید بفهمیم که هیچیک از سعادت و شقاوت ضروری و لازمه ذات کسی نیست، بلکه از آثار اعمال نیک و بد او و اعتقادات حق و باطل اوست.

علاوه بر این ما می بینیم که انسان به حکم فطرتش (نه به سفارش غیر) برای رسیدن به مقاصدش به تعلیم و تعلم و تربیت و انذار و تبشیر و وعد و وعید و امر و نهی و امثال آن دست می زند، و این خود روشن ترین دلیل است بر اینکه انسان بالفطرة خود را مجبور به یکی از دو سرنوشت سعادت و شقاوت نمی داند، بلکه خود را همواره در سر این دو راه متحیر می بیند، و احساس می کند که انتخاب هر یک که بخواهد در اختیار و قدرت اوست، و نیز احساس می کند که هر یک از آن دو را اختیار کند پاداشی مناسب آن خواهد داشت هم چنان که خدای تعالی هم فرموده" وَ أَنْ لَیْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعی وَ أَنَّ سَعْیَهُ سَوْفَ یُری ثُمَّ یُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفی " «2».

تا اینجا به یک نوع ارتباط اشاره شد که عبارت بود از ارتباط میان" اعمال" و" اخلاق" و" ذات" در این میان یک نوع ارتباط دیگری است که در میان اعمال و ملکات

__________________________________________________

(1)سوره انفال، آیه 42.

(2)و این که نیست مر آدمی را مگر جزای آنچه خود سعی کرده و این که سعی خود را زود باشد که در صحرای محشر ببیند پس جزا داده شود به آن سعی جزای تمام. سوره نجم، آیه 39- 41.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 265

آدمی و میان اوضاع و احوال جو زندگی او و عوامل خارج از ذات او است که در ظرف زندگی او حکمفرما است مانند آداب و سنن و رسوم و عادتهای تقلیدی، زیرا اینها نیز آدمی را به موافقت خود دعوت نموده، و از هر کاری که با آنها ناسازگار است و همچنین از مخالفت با آنها بازمی دارد، و چیزی نمی گذرد که یک صورت جدیدی در نظر انسان منعکس می سازد که از مخالفت آن وحشت نموده و مخالفت با آن را شنای بر خلاف جریان آب تصور می کند، و قهرا اعمالش با اوضاع و احوال محیط و جو زندگی اجتماعیش تطبیق می گردد.

این رابطه نیز غالبا تا حد اقتضاء می رسد و از آن تجاوز نمی کند، و لیکن گاهی آن چنان ریشه دار و پای برجا می شود که دیگر امیدی به از بین رفتن آن نمی ماند، به خاطر اینکه در اثر مرور زمان ملکاتی- یا رذیله و یا فاضله- در قلب رسوخ پیدا می کند و در کلام خدای تعالی هم اشاره به آن آمده، مانند آنجا که می فرماید:" إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا سَواءٌ عَلَیْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا یُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلی قُلُوبِهِمْ وَ عَلی سَمْعِهِمْ وَ عَلی أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ" «1» و همچنین آیاتی دیگر.

و لیکن با این حال باز صحت تکلیف و صحت اقامه حجت علیه چنین افراد و دعوت و انذار و تبشیر آنان جایی نمی رود، و هنوز دعوت آنان صحیح است، به خاطر اینکه اگر تاثیر دعوت در آنان محال و ممتنع شده، باری امتناع تاثیر آن، به خاطر سوء اختیار خود آنان است، و این معروف است که امتناع با اختیار منافی با اختیار نیست (هم چنان که توبیخ کسی که انتحار کرده و دارد می میرد باز هم صحیح است هر چند که دیگر راهی برای بازگشت ندارد، زیرا این راه نداشتن را خود برای خود درست کرده).

بنا بر این، از آنچه گذشت- هر چند که طولانی شد- این معنا به دست آمد که آدمی دارای یک شاکله نیست، بلکه شاکله ها دارد، یک شاکله آدمی زائیده نوع خلقت و خصوصیات ترکیب مزاج اوست، که شاکله ای شخصی و خلقتی است، و از فعل و انفعالهای جهازات بدنی او حاصل می شود مانند خود مزاج او که یک کیفیت متوسطه ای است که از فعل و انفعالهای کیفیتهای متضاد با یکدیگر حاصل می شود.

شاکله دیگر او خصوصیاتی است که خلقی که علاوه بر شاکله، که از ناحیه تاثیر عوامل خارج از ذاتش در او پدید می آید.

و آدمی به هر شاکله ای که باشد و هر صفت روحی که داشته باشد اعمالش بر طبق

__________________________________________________

(1)کافران را یکسان است بترسانی یا نترسانی ایمان نخواهند آورد خدا بر دلها و گوشهای آنان مهر نهاده و بر چشمهای آنها پرده افکنده شده. سوره بقره، آیه 6 و 7.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 266

همان شاکله و موافق با فعلیات داخل روحش از او سر می زند، و اعمال بدنی او همان صفات و فعلیات روحی را مجسم می سازد، هم چنان که انسان متکبر مغرور این صفات روحیش از سراپای گفتار و سکوت و قیام و قعود و حرکت و سکونش می بارد و شخص خوار و ذلیل و مسکین از تمامی حرکات و سکناتش ذلت به چشم می خورد، و همچنین شجاع با ترسو، و سخی با بخیل و صبور با عجول و هر صاحب صفتی با فاقد آن صفت از نظر کردار و رفتار متفاوت است، و چگونه نباشد و حال آنکه گفتیم عمل خارجی مجسمه صفات درونی است و بقول معروف ظاهر عنوان باطن و صورت دلیل بر معنا است.

کلام خدای سبحان هم این معنا را تصدیق نموده و حجت های خود را بر همین اساس چیده است، از آن جمله می فرماید" وَ ما یَسْتَوِی الْأَعْمی وَ الْبَصِیرُ وَ لَا الظُّلُماتُ وَ لَا النُّورُ وَ لَا الظِّلُّ وَ لَا الْحَرُورُ وَ ما یَسْتَوِی الْأَحْیاءُ وَ لَا الْأَمْواتُ" «1» و نیز می فرماید" الْخَبِیثاتُ لِلْخَبِیثِینَ وَ الْخَبِیثُونَ لِلْخَبِیثاتِ وَ الطَّیِّباتُ لِلطَّیِّبِینَ وَ الطَّیِّبُونَ لِلطَّیِّباتِ ..." «2» و امثال این از آیات بسیاری دیگر.

" کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ"- پس این جمله به هر معنای که حمل شود معنای محکمی دارد، جز اینکه اتصالش به آیه" وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَ لا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَساراً" و نیز واقع شدنش در سیاق این معنا که خدای سبحان مؤمنین را بهره داده و با قرآن کریم و دعوت حقه اش شفا می دهد و از همین راه ستمگران را خسران می بخشد این احتمال را به ذهن نزدیک می کند که شاید مراد از شاکله، شاکله به معنای دوم باشد که همان شخصیت روحی است که از مجموع غرائزش و عوامل خارجیش به دست می آید.

گویی که خدای تعالی بعد از آنکه فرمود مؤمنین از کلام او شفا و رحمت استفاده نموده و ظالمین از آن محرومند، و بلکه استفاده شان از قرآن بیشتر شدن خسران ایشان است، کسی اعتراض کرده است که چرا باید میان بندگانش فرق بگذارد، اعتراض دیگر اینکه اگر این تفاوت را قائل نمی شد و قرآن را بر هر دو فرقه شفا و رحمت قرار می داد غرض رسالت

__________________________________________________

(1)هرگز (کافر تاریک جان) کور و (مؤمن روشن روان) بینا یکسان نیست، و هیچ ظلمت با نور مساوی نخواهد بود و هرگز آفتاب و سایه هم مرتبه نباشد و ابدا زندگان با مردگان برابر نیستند. سوره فاطر، آیه 22.

(2)زنان بدکار و ناپاک شایسته مردانی بدین وصفند و مردان زشت کار و ناپاک نیز شایسته زنانی بدین وصفند، و بالعکس زنان پاکیزه نیکو لایق مردانی چنین و مردان پاکیزه نیکو لایق زنانی همین گونه اند و این پاکیزگان از سخنان بهتانی که ناپاکان در باره آنان گویند منزهند و از خدا برایشان آمرزش می رسد و رزق آنها نیکو است. سوره نور، آیه 26.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 267

بهتر حاصل می شد و به حال دعوت نافع تر بود و چرا چنین تفاوتی قائل شد، لذا در آیه مورد بحث رسول گرامی خود را دستور می دهد که ایشان را پاسخ دهد.

به وی می فرماید تا به ایشان بگوید:" کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ" یعنی ما تفاوت قائل نشده ایم این خود مردمند که اعمالشان بر طبق شاکله و فعالیت های موجودشان صادر می شود، آن کس که دارای شاکله معتدل است راه یافتنش به سوی کلمه حق و عمل صالح و برخورداری از دین قدری آسانتر است، و آن کس که شاکله ظالم و سرکشی دارد، او هم می تواند به سوی کلمه حق و دین راه یابد اما برای او قدری دشوارتر است، و بیشتر به آن راه نمی آید و در نتیجه از شنیدن دعوت دین حق، جز خسران عایدش نمی شود.

و خدایی که پروردگار شما و دانای به اسرار و نهانهای شما و مدبر امر شما است بهتر می داند که چه کسی شاکله معتدل دارد و چه کسی شاکله عادل و کدام آسانتر به راه حق می افتد و به استفاده و بهره مند شدن از نعمت دین نزدیک تر است، و همچنین آن پیغمبری که خدای علیم به او خبر داده و او را واقف ساخته و می داند که مؤمنین راه یابنده ترند، و در نتیجه شفا و رحمت هم مختص آنان خواهد بود، و از قرآن برای ظالمان چیزی جز بیشتر شدن خسران نمی ماند، مگر آنکه از ظلم دست بردارند و از قرآن منتفع شوند.

از همین جا معلوم می شود که نکته تعبیر به صیغه افعل تفضیل در کلمه" اهدی" چه بوده است، چون همانطور که گفتیم شاکله و صفات درونی در دعوت به آنچه تقاضا دارد دعوت لازم و حتمی نیست که نتوان از آن تخلف کرد، خلاصه آن کسی که شاکله ظلم دارد هر چند شاکله اش او را به سوی کارهای زشت دعوت می کند الا اینکه هر چه می کند بطور حتم نیست باز هم می تواند و لو به سختی و کندی راه هدایت را پیش بگیرد چیزی که هست دارنده شاکله عدالت، تندتر در این راه پیش می رود.

امام فخر رازی در تفسیر خود مطلبی دارد و خلاصه اش این است که می گوید: آیه شریفه دلالت می کند بر اینکه نفوس ناطقه انسانی اصلا در ماهیت هایشان با هم مختلفند، چون در آیه قبلی می فرمود قرآن نسبت به بعضی از نفوس فائده، شفا و رحمت را می بخشد، و در بعضی دیگر خسارت و خواری را، آن گاه دنباله اش فرموده" قُلْ کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ" و معنایش این است که لائق به این نفوس ظاهره و پاکیزه این است که از قرآن آثار ذکاء و کمال بگیرد و در نفوسی که شاکله ظلم و کدورت دارد، لایق برای آن همین است که از قرآن آثار خزی و ضلالت بگیرد، هم چنان که آفتاب نمک را که سفت است سفت تر می کند، و روغن را که نرم است نرمتر می سازد جامه رنگرز متقلب را سفیدتر و سیه رویی او را بیشتر می کند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 268

آن گاه می گوید: البته این حرف وقتی صحیح است که ارواح و نفوس در مرحله ذات و ماهیت هم مختلف باشند، بعضی صاف و نورانی باشد و قرآن کریم نوری بر نور آن بیفزاید، و بعضی دیگر کدر و ظلمانی باشد که در نتیجه قرآن کریم ضلالتی بر ضلالت و ذلتی بر ذلتشان بیفزاید «1».

اشکال کلام وی این است که اگر حجتی اقامه کرد بر اینکه نفوس بعد از رسوخ ملکات در آنها هر یک به صورت یکی از آن ملکات در آمده و غیر آن دیگری می شود باز حرفی بود، و اما او چنین نکرده بلکه این حجت را برای نفوس ساده اقامه کرده است و حال آنکه نفوس ساده و بی ملکه یعنی قبل از رسوخ ملکات در آنها اختلافی با هم نداشتند و اگر هم آثار مختلفی داشته باشند به طور حتم و ضروری و جبری نیست، تا حجت نامبرده در آنها جریان یابد. و خواننده عزیز به یاد دارد که آیه شریفه متعرض حال آدمی بعد از پیدا شدن شاکله و شخصیت خلقیه است که از مجموع غرائز و عوامل خارجیه مؤثره حاصل می شود، و آدمی را به یک نوع عمل دعوت می کند البته دعوت بطور اقتضاء نه به طور جبر و حتم (دقت فرمائید).

بحث فلسفی [(در باره سنخیت وجودی و رابطه ذاتی بین فعل و علت فاعلی)] ..... ص : 268

اشاره

حکما گفته اند که میان فعل و فاعلش که عنوان معلول و علت را دارند سنخیتی وجودی و رابطه ای ذاتی است که با آن رابطه وجود عمل طوری جلوه می کند که گویا یک مرتبه نازله و درجه ای پائین تر از وجود فاعل است، همچنین یعنی سنخیت و رابطه مذکور و به عکس وجود فاعل را چنان جلوه می دهد که گویا مرتبه عالیه ای از وجود فعل است، بلکه بنا بر اصالت وجود و تشکیک آن نیز، مطلب از همین قرار است.

به این بیان که گفته اند اگر میان فعل که معلول است و فاعل که علت است هیچ ارتباط و مناسبتی ذاتی و خصوصیتی واقعی که این فعل را مختص آن فاعل و آن فاعل را مختص این فعل کند وجود نداشت می بایست نسبت فاعل به فعلش با نسبت او به غیر آن فعل برابر باشد، همچنین نسبت فعل به فاعل و غیر فاعل یکسان باشد، و بنا بر این دیگر معنا ندارد که فعلی را به فاعل معینی نسبت دهیم.

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 36.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 269

[وجود رابطه و سنخیت بین فعل و فاعل از نظر قرآن ] ..... ص : 269

نظیر این برهان در معلول بالنسبة به سائر علل جریان داشته اثبات می کند که میان علت ها و معلولها نیز سنخیت و رابطه وجود برقرار است، و علت فاعلی از آنجایی که اقتضا دارد وجود معلول را و وجود دهنده آن است.

ذات نایافته از هستی بخش کی تواند که شود هستی بخش

ناگزیر باید خودش واجد کمال وجودی معلول باشد، و همچنین معلوم ممثل و مجسم کننده وجود علت باشد (البته در مرتبه نازله ای).

همین معنا را مرحوم صدر المتالهین به وجهی دقیق و لطیف تر بیان فرموده، و آن این است که معلول در هست شدن محتاج علت فاعلی است و ذاتش وابسته و مربوط به آن است، و با اینکه این فقر جزء ذات معلول است دیگر معنا ندارد که از مرحله ذاتش عقب افتاده و بعد از وجود آن پیدا شود، و جدای از هم باشند، چه در چنین صورتی ذات معلول، بی نیاز از علت، و خود، مستقل از آن می بود، و در چنین فرضی دیگر معلول نبود، و این خود خلف فرض است، چون فرض ما معلول بودن معلول است، پس وقتی ذات معلول جدای از فقر نبوده، و فقر عین ذاتش شد پس از وجود جز وجودی رابط و غیر مستقل بهره ای ندارد، و وجودش عین ربط با علت است، و آن استقلالی که آدمی در بدو نظر در وجود او می بیند در حقیقت استقلال او نیست، بلکه استقلال علت او است که در او مشاهده می کند، پس بنا بر این وجود معلول از وجود علت خود حکایت نموده و آن را در همان حدی که خود از وجود دارد مجسم می سازد.

دنباله بحث سابق از نظر قرآن ..... ص : 269

دقت در آیات قرآنی تردیدی برای انسان باقی نمی گذارد که قرآن کریم موجودات را با همه اختلافی که در نسخه آنها و در نوع آنها وجود دارد آیات خدای تعالی دانسته که اسماء و صفات او را مجسم می سازند، و هیچ موجودی نیست مگر آنکه هم در اصل وجودش و هم در هر جهتی از جهات که در وجودش فرض شود آیت خدای تعالی و اشاره کننده به ساحت عظمت و کبریایی اوست، و آیت که به معنای علامت یعنی دلالت کننده است، از جهت اینکه آیت است وجودش وجود مرآت و آینه ای است که فانی در صاحب آیت است و بی او استقلال ندارد زیرا اگر در وجودش یا جهتی از جهات وجودش مستقل می بود دیگر از این جهت آیت و نشانگر و دلالت کننده به سوی او نبود و این خلف فرض است زیرا فرض کردیم که وجود موجودات و تمامی جهات وجودشان آیات خدایند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 270

بنا بر این موجودات از این جهت که مخلوق اویند افعال او هستند، افعالی که با هستی خود و صفات هستی خود هستی خدای را حکایت می کنند، صفات علیای او را نشان می دهند، و اینکه گفتیم فعل همیشه هم سنخ فاعل است همین معنا است نه اینکه فعل واجد هویت فاعل بوده و مانند حقیقت ذات او باشد، زیرا این حرف با بداهت و ضرورت مخالف است.

[بیان آیات ] ..... ص : 270

[معنای" روح" و مراد از" امر خدا" و توضیح اینکه روح از امر خدا است ] ..... ص : 270

" وَ یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی وَ ما أُوتِیتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِیلًا".

کلمه" روح" به طوری که در لغت معرفی شده به معنای مبدأ حیات است که جاندار به وسیله آن قادر بر احساس و حرکت ارادی می شود و به لفظ" روح" هم ضمیر مذکر بر می گردد و هم مؤنث و چه بسا در استعمال این کلمه جواز صادر شده که مجازا در اموری که به وسیله آنها آثار نیک و مطلوبی ظاهر می شود اطلاق بکنند، چنان که علم را حیات نفوس می گویند چنانچه خدای تعالی هم فرمود:" أَ وَ مَنْ کانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ" «1» که مقصود از آن زنده کردن، هدایت نمودن به سوی ایمان است، و در آیه شریفه" یُنَزِّلُ الْمَلائِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ" «2» هم از همین باب جمعی روح را به وحی تفسیر کرده اند و همچنین آیه" وَ کَذلِکَ أَوْحَیْنا إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" «3» که مراد از آن قرآن است که آن نیز وحی است، و گفته اند که اگر خدا قرآن و وحی را روح نامیده از این باب بوده که نفوس مرده به وسیله آن حیات و زندگی می یابند هم چنان که روح معروف مایه حیات جسدهای مرده است.

و به هر حال کلمه" روح" در بسیاری از آیات مکی و مدنی تکرار شده، و در همه جا به این معنایی که در جانداران می یابیم و مبدأ حیات و منشا احساس و حرکت ارادی است نیامده، مثلا یک جا فرمود:" یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِکَةُ صَفًّا" «4» و نیز فرموده" تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ فِیها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ" «5» که بدون تردید مراد از آن در این دو آیه غیر روح حیوانی و غیر ملائکه است، و قبلا هم روایتی از علی (ع) نقل کردیم که آن جناب به آیه" یُنَزِّلُ الْمَلائِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ" «6» استدلال فرموده بود بر اینکه روح

__________________________________________________

(1)کسی که مرده بود زنده اش کردیم. سوره انعام، آیه 122.

(2)ملائکه با امر او روح را می آورند. سوره نحل، آیه 2. [.....]

(3)و اینچنین روحی از امر خود را به تو وحی کردیم. سوره شوری، آیه 52.

(4)روزی که روح و ملائکه به صف می ایستند. سوره نبا، آیه 38.

(5)ملائکه و روح در آن شب به امر پروردگارشان هر چیزی را نازل می کنند. سوره قدر، آیه 4.

(6)خدا فرشتگان و روح را به امر خود بر هر که از بندگان خواهد می فرستد ... سوره نحل، آیه 2.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 271

غیر از ملائکه است.

و نیز قرآن کریم که یک جا آن را به" قدس" و جایی دیگر به" امانت" توصیف کرده است- و به زودی خواهد آمد- به خاطر این است که چون روح از خیانت و قذارتهای مادی و پلیدیهای معنوی و از معایب و امراضی که روحهای انسانی آلوده به آنها است پاک و منزه است.

و این روح هر چند غیر از ملائکه است، لیکن جز در امر وحی و تبلیغ- هم چنان که از آیه" یُنَزِّلُ الْمَلائِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ..." «1» استفاده می شود- همراه ملائکه هست.

از سوی دیگر می بینیم یک جا آورنده قرآن را به نام جبرئیل معرفی نموده و می فرماید:

" قُلْ مَنْ کانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلی قَلْبِکَ بِإِذْنِ اللَّهِ" «2» و در جای دیگر همین جبرئیل را روح الامین خوانده و آورنده قرآنش نامیده و فرموده:" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلی قَلْبِکَ لِتَکُونَ مِنَ الْمُنْذِرِینَ بِلِسانٍ عَرَبِیٍّ مُبِینٍ" «3» و نیز فرموده:" قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّکَ" «4» و روح را که به وجهی غیر ملائکه است به جای جبرئیل که خود از ملائکه است آورنده قرآن دانسته است، پس معلوم می شود جبرئیل آورنده روح است و روح حامل این قرآن خواندنی است.

از همین جا آن گره و مشکلی که در آیه" وَ کَذلِکَ أَوْحَیْنا إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" «5» بود حل می شود، و معلوم می گردد که مراد از" وحی روح" در آیه مزبور نازل کردن روح القدس است به رسول خدا (ص)، و نازل کردن روح القدس برای آن جناب همان وحی قرآن است به او، چون همانطور که بیان شد حامل قرآن روح القدس است، پس اجباری نیست که ما هم مانند بعضی که در چند سطر قبل نقل کردیم مراد از روح را در آیه شریفه قرآن بگیریم.

__________________________________________________

(1)خدا فرشتگان و روح را به امر خود بر هر که از بندگان خواهد می فرستد ... سوره نحل، آیه 2.

(2)بگو ای پیامبر هر که با جبرئیل دشمن است [با خدا دشمن است ] زیرا او به فرمان خدا قرآن را به قلب پاک تو رساند. سوره بقره، آیه 97.

(3)جبرئیل (روح الامین) نازل گردانید و آن را بر قلب تو فرود آورده تا به حکمت و اندرزهای آن خلق را متذکر ساخته و از عقاب خدا بترسانی (و مردم را) به زبان عربی فصیح (هدایت کنی). سوره شعراء، آیه 195.

(4)بگو روح القدس از ناحیه پروردگارت آورده. سوره نحل، آیه 102.

(5)و همین گونه ما روح خود را به فرمان خویش برای وحی به تو فرستادیم. سوره شوری، آیه 52.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 272

و اگر نسبت وحی را به روح داد و فرمود روح را به تو وحی کردیم با اینکه روح از موجودات عینی و از اعیان خارجی است و وحی به معنای کلام پنهان است، از این باب است که این سلسله از موجودات یعنی ارواح که موجوداتی طاهر و مقدسند همانطور که موجوداتی مقدس از خلق خدا هستند یکی از کلمات خدای تعالی نیز هستند همانطوری که در قرآن عیسی بن مریم را کلمه خدا نامیده و فرموده:" وَ کَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلی مَرْیَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ" «1».

پس روح را از این رو کلمه نامیده که مانند سایر کلمات بر مراد صاحب خود دلالت می کند و وقتی جائز باشد روح را کلمه بنامیم پس جائز خواهد بود که آن را وحی نیز بنامیم، و اگر در آن آیه عیسی بن مریم را کلمه ای از خود (کلمه منه) دانسته بدین جهت بوده که پیدایش عیسی به وسیله کلمه" ایجاد" بوده بدون اینکه سببهای عادی که در تکون انسان دخالت دارند در او دخالت داشته و واسطه شده باشند، به شهادت اینکه خود قرآن صریحا فرموده:" إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ" «2».

خدای سبحان برای روشن کردن و واضح نمودن حقیقت روح این را نیز فرموده:" قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی" و ظاهر از کلمه" من" این است که حقیقت جنس را معنا می کند هم چنان که این کلمه در سایر آیات وارده در این باب بیانیه است، مانند آیه" یُلْقِی الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ" «3» و آیه" یُنَزِّلُ الْمَلائِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ" «4» و آیه" أَوْحَیْنا إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" «5» و آیه" تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ فِیها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ" «6» که در همه اینها کلمه من می فهماند روح از جنس و سنخ امر است.

آن گاه امر را بیان کرده و می فرماید:" إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ فَسُبْحانَ الَّذِی بِیَدِهِ مَلَکُوتُ کُلِّ شَیْ ءٍ" «7» که در درجه اول می فهماند امر او عبارت است از

__________________________________________________

(1)و کلمه ای و روحی از خود که به مریم القاء نمود. سوره نساء، آیه 171.

(2)همانا مثل خلقت عیسی از جانب خدا مثل خلقت آدم ابو البشر است که خدا او را از خاک بساخت سپس بدان خاک گفت بشری به حد کمال باش چنان گشت. سوره آل عمران، آیه 59.

(3)القاء می کند روح را از امر خود. سوره مؤمن، آیه 5.

(4)خدا فرشتگان و روح را به امر خود نازل می کند. سوره نحل، آیه 2.

(5)به همین گونه ما روح خود را به فرمان خویش برای وحی به تو فرستادیم. سوره شوری، آیه 52. [.....]

(6)در این شب فرشتگان و روح به اذن خدا (بر امام عصر) از هر فرمان نازل گرداند. سوره القدر، آیه 4.

(7)فرمان خدا نافذ خدا (در عالم) چون اراده خلقت چیزی را کند به محض اینکه گوید موجود باش بلافاصله موجود خواهد شد، پس منزه و پاک خدایی که ملک و ملکوت هر موجود بدست قدرت او و بازگشت شما همه خلایق به سوی او است. سوره یس، آیه 82.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 273

کلمه" کن" که همان کلمه ایجادی است که عبارت از خود ایجاد است و ایجاد هم عبارت است از وجود هر چیز، لیکن نه از هر جهت بلکه وجود هر چیز از جهت استنادش به خدای تعالی و اینکه وجودش قائم به ذات است، این معنای امر خدا است، و از جمله دلیلهایی که می رساند وجود اشیاء از جهت استنادش به ذات پروردگار و با قطع نظر از اسباب وجودی دیگر کلام خدا هستند آیه ذیل است که می فرماید:" وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ کَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ" «1» که امر خدای را بعد از آنکه یگانه معرفی نموده به لمح بصر تشبیه نموده است که منظور از آن نفی تدریجی بودن است و از آن فهمیده می شود که موجودات خارج با اینکه تدریجا و به وسیله اسباب مادی موجود گشته و منطبق بر زمان و مکان هستند معذلک جهتی دارند که آن جهت عاری از تدریج، و خارج از حیطه زمان و مکان است و از این جهت امر خدا و قول و کلمه او شمرده شده است و اما از جهت اینکه در مسیر سلسله علل و اسباب قرار داشته و بر زمان و مکان منطبق می گردد از این جهت امر خدا نیست بلکه خلق خداست هم چنان که فرمود:" أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ" «2» پس امر، عبارت است از وجود هر موجود از این نقطه نظر که تنها مستند به خدای تعالی است، و خلق، عبارت است از وجود همان موجود از جهت اینکه مستند به خدای تعالی است با وساطت علل و اسباب.

این معنا از کلام دیگر خدای سبحان به خوبی استفاده می شود که فرمود" إِنَّ مَثَلَ عِیسی عِنْدَ اللَّهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ" «3» زیرا در این آیه نخست خلقت آدم را ذکر نموده و ارتباط آن را با خاک که یکی از اسباب است بیان می کند سپس همان وجود را بدون ارتباطش به چیزی با تعبیر" کن" خاطر نشان می سازد (دقت فرمائید).

و همچنین نظیر این آیه است آیه" ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِی قَرارٍ مَکِینٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ... ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ" «4» زیرا ایجاد

__________________________________________________

(1)و فرمان ما در عالم یکی است در سرعت به مانند چشم به هم زدنی انجام یابد. سوره قمر، آیه 50.

(2)آگاه باشید که ملک آفرینش خاص خدا است و حکم نافذ فرمان او است. سوره اعراف، آیه 54.

(3)همانا مثل خلقت عیسی (در خارق العاده بودن) از جانب خدا مثل خلقت آدم ابو البشر است که خدا او را از خاک بساخت سپس بدان خاک گفت بشری به حد کمال باش چنان گشت. سوره آل عمران، آیه 59.

(4)پس آن گاه او را نطفه گردانیده و در جای استوار (صلب و رحم) قرار دادیم آن گاه نطفه را علقه و علقه را گوشت پاره و باز آن گوشت را استخوان و سپس بر استخوانها گوشت پوشانیدیم پس از آن خلقتی دیگر انشاء نمودیم. سوره مؤمنون، آیه 14.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 274

خدای سبحان را که منسوب به خود او است و سلسله علل، تخلل و واسطه نیستند خلق دیگری نامیده.

از همه آنچه که گفته شد این معنا به دست آمد که امر عبارت است از کلمه ایجاد آسمانی یعنی فعل مختص به ذات او و اسباب و علل واسطه و تخلل نیستند و این امر به مقیاس زمان و مکان و هیچ خصیصه مادی دیگری اندازه گیری نمی شود.

و در درجه دوم این معنا را خاطر نشان می سازد که امر او در هر چیز عبارت است از ملکوت آن چیز، و فراموش نشود که ملکوت، ابلغ از ملک است بنا بر این برای هر موجودی ملکوتی و امری است آن چنان که فرمود:" أَ وَ لَمْ یَنْظُرُوا فِی مَلَکُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" «1» و نیز فرمود:" وَ کَذلِکَ نُرِی إِبْراهِیمَ مَلَکُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ" «2» و نیز فرمود:" تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ فِیها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ" «3».

پس، از آنچه گذشت این معنا روشن گردید که امر خدا عبارت از کلمه ایجاد او است و کلمه ایجاد او همان فعل مخصوص به او است بدون اینکه اسباب وجودی و مادی در آن دخالت داشته و با تاثیرات تدریجی خود در آن اثر بگذارند این همان وجود ما فوق نشاه مادی و ظرف زمان است و روح به حسب وجودش از همین باب است یعنی از سنخ امر و ملکوت است.

و خدای سبحان امر روح را به اوصاف مختلفی توصیف فرموده یکی اینکه آن را به تنهایی ذکر کرده مانند آیه" یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِکَةُ صَفًّا" «4» و نیز مانند" تَعْرُجُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ إِلَیْهِ ..." «5».

[موارد اطلاق و استعمال کلمه" روح" در آیات قرآن مجید] ..... ص : 274

از کلام خدای سبحان چنین بر می آید که این روح گاهی با ملائکه است هم چنان که آیات زیر بدان دلالت دارد که می فرماید:

__________________________________________________

(1)آیا فکر و نظر در ملکوت و قوای آسمانها و زمین نمی کنند. سوره اعراف، آیه 185.

(2)و همچنین ما بر ابراهیم ملکوت و باطن آسمانها و زمین رای ارائه دادیم. سوره انعام، آیه 75.

(3)در این شب فرشتگان روح (یعنی جبرئیل) به اذن خدا (بر امام زمان) از هر فرمان (و دستور الهی و سرنوشت خلق) نازل گرداند. سوره قدر، آیه 4.

(4)روزی که آن فرشته بزرگ روح القدس با همه فرشتگان صف زده. سوره نبا، آیه 38.

(5)فرشتگان به سوی عرش خدا بالا روند. سوره معارج، آیه 4.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 275

" مَنْ کانَ عَدُوًّا لِجِبْرِیلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلی قَلْبِکَ" «1» و" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلی قَلْبِکَ" «2» و" قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ" «3» و" فَأَرْسَلْنا إِلَیْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِیًّا"

«4».

و گاهی آن حقیقتی است که در عموم آدمیان نفخ و دمیده می شود و در این باره فرموده است:" ثُمَّ سَوَّاهُ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ" «5» و نیز فرموده:" فَإِذا سَوَّیْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی" «6».

و گاهی دیگر آن حقیقتی که با مؤمنین است نامیده شده است و در این باره فرموده:

" أُولئِکَ کَتَبَ فِی قُلُوبِهِمُ الْإِیمانَ وَ أَیَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ" «7» اشعار بلکه دلالت دارد بر این مطلب آیه شریفه:" أَ وَ مَنْ کانَ مَیْتاً فَأَحْیَیْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً یَمْشِی بِهِ فِی النَّاسِ" «8».

برای اینکه در آن از حیات جدید گفتگو شده و حیات فرع روح است.

و گاهی دیگر آن حقیقتی نامیده شده است که انبیاء با وی در تماسند و در این باره فرموده:" یُنَزِّلُ الْمَلائِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلی مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا ..." «9» و نیز فرموده" وَ آتَیْنا عِیسَی ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ" «10» و نیز فرموده:" وَ کَذلِکَ أَوْحَیْنا إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" «11» و آیاتی دیگر.

__________________________________________________

(1)بگو ای پیغمبر (بطائفه یهود که با جبرئیل اظهار دشمنی می کنند) هر که با جبرئیل دشمن است با خدا دشمن است زیرا او به فرمان خدا قرآن را به قلب پاک تو رسانید. سوره بقره، آیه 97.

(2)جبرئیل (روح الامین) نازل گردانید و آن را بر قلب تو فرود آورده. سوره شعراء، آیه 193.

(3)تو بگو که این آیات را روح القدس از جانب پروردگار من به حقیقت و راستی نازل کرد.

سوره نحل، آیه 102. [.....]

(4)پس فرستادیم به سوی او روح ما را پس مجسم شد برای او مانند بشری کامل. سوره مریم، آیه 17.

(5)پس تمام کرد او را و دمید در او از روح خود. سوره الم سجده، آیه 9.

(6)پس هنگامی که تمام کردم او را و دمیدم در او از روح خودم. سوره حجر، آیه 29 و سوره ص، آیه 72.

(7)اینان نوشته شده در دلهایشان ایمان و تایید کرده است آنها را با روح از خودش. سوره مجادله، آیه 22.

(8)آیا کسی که مرده است پس زنده کردیم او را و قرار دادیم برای او نوری که به آن در بین مردم برود. سوره انعام، آیه 122.

(9)سوره نحل، آیه 2.

(10)سوره بقره، آیه 87.

(11)سوره شوری، آیه 52.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 276

و گاهی به آن حقیقتی اطلاق می شود که در حیوانات و نباتات زنده وجود دارد، و پاره ای از آیات اشعار به این معنا دارد، یعنی زندگی حیوانات و نباتات را هم روح نامیده چون همانطور که گفتیم حیات متفرع بر داشتن روح است.

پس، از آنچه گذشت با تمام طول و تفصیلش معنای آیه" یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی" روشن شد، و معلوم شد که جواب آیه از سؤال از روح مشتمل بر بیان حقیقت روح است، و اینکه روح از مقوله امر است، به آن معنایی که گذشت. و اما جمله" وَ ما أُوتِیتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِیلًا" معنایش این است که آن علم به روح که خداوند به شما داده اندکی از بسیار است، زیرا روح موقعیتی در عالم وجود دارد و آثار و خواصی در این عالم بروز می دهد که بسیار بدیع و عجیب است، و شما از آن آثار بی خبرید.

[اقوال مختلف و متعدد مفسرین در باره مراد از روح در آیه:" یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ ..."] ..... ص : 276

این بود نظریه ما در باره روح ولی مفسرین در اینکه مراد از روح که در آیه مورد بحث مورد سؤال و جواب قرار گرفته چیست اقوال مختلفی دارند.

بعضی «1» از ایشان گفته اند: مراد از روح که در آیه از آن سؤال شده همان روحی است که خدای تعالی در آیه" یَوْمَ یَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِکَةُ صَفًّا" و در آیه" تَعْرُجُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ إِلَیْهِ ..." از آن اسم برده، ولی این مفسرین دلیلی بر گفته خود ارائه نداده اند.

بعضی «2» دیگر گفته اند: مراد از آن، جبرئیل است، زیرا خدای تعالی او را روح نامیده و فرموده:" نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلی قَلْبِکَ" دلیل ایشان همین است که خدا او را روح نامیده، ولی صرف نامیدن، دلیل نمی شود بر اینکه هر جا کلمه روح بیاید به معنای جبرئیل باشد، علاوه بر این ما در آغاز گفتار خاطرنشان ساختیم که تسمیه جبرئیل به روح معنای خاصی دارد، و اگر این معنا نبود می بایستی عیسی و جبرئیل شخص واحدی باشند چون خدای سبحان عیسی را نیز در کلام خود روح نامیده.

بعضی «3» دیگر گفته اند: مراد از روح، قرآن کریم است، چون خدای سبحان آن را روح خوانده، و حاصل سؤال و جواب در آیه مورد بحث این است که مردم از تو از قرآن می پرسند که آیا از امر خداست و یا از خود تو؟ جوابشان بگو که از ناحیه امر پروردگار من است، و غیر از پروردگار من کسی قادر نیست مانند آن را بیاورد، و به همین جهت قرآن آیتی

__________________________________________________

(1)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 39.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 152 به نقل از قتاده.

(3)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 38.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 277

است معجزه که بر صحت رسالت من دلالت دارد، و شما علمتان به قرآن بسیار کم است، و احاطه به آن ندارید تا بتوانید مثل آن را بیاورید، سپس اضافه کرده اند که آیه بعد هم که می فرماید:" وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ" این معنا را تایید می کند.

این قول نیز صحیح نیست، و همان ایرادی که به وجه قبلی کردیم به این نیز وارد است، زیرا صرف اینکه در کلام خدای سبحان روح به معنای قرآن آمده باشد دلیل نمی شود بر اینکه هر جا که این کلمه اطلاق شده به معنای قرآن بوده باشد، علاوه بر این قبلا هم گفتیم که روح در آیه" وَ کَذلِکَ أَوْحَیْنا إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" به معنای قرآن نیست، و اشکالی را هم که به این معنا وارد می شد بیان نمودیم، از این هم که بگذریم آیه" و لو شئنا" که بعد از آیه مورد بحث قرار دارد چنین نیست، که تنها این قول را تایید کند، بلکه مؤید اقوال دیگری نیز هست.

بعضی «1» دیگر گفته اند: مراد از روح، روح انسانی است، چون متبادر از آن هر جا که اطلاق شود همین معنا است، و پاسخ" قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی" در حقیقت، طفره رفتن از جواب و نهی از غور در فهم حقیقت روح است، چون روح از امر خداست که خدا علم آن را به خود اختصاص داده و احدی را به حقیقت آن راه نداده است. قائلین به این قول سپس اختلاف کرده اند در اینکه آیا روح جسمی است هوایی و لطیف که در جوف بدن آمد و شد می کند، و یا آنکه جسمی است هوایی در هیات و شکل بدن که در بدن حلول نموده بعد از مرگ از بدن بیرون می شود، و یا آنکه اجزای اصلی بدن است که در قلب جای دارد، و یا آنکه حالتی است برای بدن، و یا آنکه همان بدن آدمی است و یا چیزی غیر اینها، و هر کدام از ایشان یکی از این احتمالات را اختیار کرده اند.

اشکال این قول این است که قبول نداریم متبادر از لفظ روح در کلام خدای سبحان روح آدمی باشد، و دقت و تدبر در آیات کریمه ای که متعرض کلمه روح شده احتمالاتی را که این قائلین بر سر آنها اختلاف کرده اند همه را دفع می کند.

بعضی دیگر گفته اند: مراد از روح، مطلق روحهایی است که در کلام مجید خدای تعالی آمده، و مقصود از سؤال این است که آیا این روح ها که در قرآن آمده آیا قدیمند یا حادثند، جواب داده که روح، حادث از امر خدا و فعل او است و فعل خدا حادث است نه قدیم.

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 437.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 278

اشکال این قول این است که هر چند این تعمیم صحیح است لیکن ارجاع سؤال به پرسش از حدوث و قدم روح و معنا کردن جواب به طوری که با این سؤال جور و مناسب در آید ادعایی است بدون دلیل و لفظ آیه هیچ دلالتی بر آن ندارد.

مفسرین، گذشته از این اختلاف، اختلاف دیگری در معنای" قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی" دارند که آیا این جواب، جواب مثبتی است، یا آنکه طفره رفتن از جواب و توجه نکردن به سؤال است، وجوه و اقوالی که در معنای روح نقل کردیم از نظر مناسبت با این دو قول مختلفند، پاره ای از آن اقوال با قول اول مناسبند، و پاره ای دیگر با قول دوم، که اگر دقت فرموده باشید ما در نقل هر یک از آن اقوال اشاره به این جهت نیز کرده ایم.

سپس اختلاف دیگری کرده اند که مخاطبین به این آیه چه کسانی هستند؟ و اینکه می فرماید:" شما از علم بهره ای داده نشده اید مگر اندکی" آیا مخاطب به آن قوم یهود است و یا قریش؟- البته اگر قریش باشند قطعا یهودیها یادشان داده اند که از رسول خدا (ص) چنین سؤالی بکنند- و یا آنکه مخاطبین به آن رسول خدا (ص) و سایر مردمند؟ مناسب تر به سیاق آیات این است که مخاطبین به خطاب" وَ ما أُوتِیتُمْ" یهود باشد، و جمله مذکور تتمه کلام رسول خدا (ص) باشد، و هم ایشان پرسش مذکور را کرده باشند، چون در عصر رسول خدا (ص) یهود معروف به علم و دانش بوده اند، و در این کلام و خطاب هم مختصر علمی برای آنان اثبات کرده.

و اما قریش و کفار عرب که در پاره ای آیات قرآن از ایشان با جمله" الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ" تعبیر شده مردمی جاهل بوده اند.

" وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَکَ بِهِ عَلَیْنا وَکِیلًا".

کلامی است متصل به ما قبلش، زیرا آیه قبلی اگر چه متعرض مطلق روح بود که خود دارای مراتب مختلفی است اما بر حسب سیاق آیات مورد بحث که در باره قرآن گفتگو داشت می فهمیم که مقصود از آن خصوص آن روحی است که از آسمان بر رسول خدا (ص) نازل می شود و قرآن را به او القاء می کرد.

و بنا بر این، معنای آیه مورد بحث- و خدا داناتر است- چنین خواهد شد آن روح که بر تو نازل می شود و قرآن را به امر ما به تو القاء می کند از تحت قدرت ما خارج نیست و قسم می خورم که اگر بخواهیم همان روح را که کلمه القاء شده ما به تو است، از بین می بریم، آن وقت است که دیگر کسی را که به نفع تو و علیه ما وکیل به آن باشد نخواهی یافت یعنی کسی را نخواهی جست که از تو دفاع نموده و ما را محکوم و مجبور به برگرداندن آن نماید.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 279

و از این معنا برمی آید که اولا مراد از" بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ" آن روح الهی است که کلمه القاء شده به رسول خدا (ص) بوده و همان حقیقتی است که آیه" وَ کَذلِکَ أَوْحَیْنا إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" «1» به آن اشاره می کند.

و ثانیا اینکه مراد از وکیل، وکیل مطالبه و برگرداندن آن چیزی است که خدا گرفته است، نه وکیل در حفظ قرآن و تلاوت آن که بعضی «2» از مفسرین پنداشته اند، و معلوم است که این تفسیر مبنی بر این است که مراد از" بِالَّذِی أَوْحَیْنا إِلَیْکَ" قرآن باشد، نه روح که آورنده آن است، و حال آنکه جلوتر گفتیم مراد از آن روح است.

" إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّکَ إِنَّ فَضْلَهُ کانَ عَلَیْکَ کَبِیراً".

کلمه" الا" استثناء از جمله ای است که به خاطر دلالت سیاق حذف شده و تقدیر کلام چنین بوده: تو به آنچه اختصاص یافتی اختصاص نیافتی و آن موهبتی که به تو عطا شد که عبارت از نازل شدن روح و ملازمتش با تو است به تو اختصاص ندادند مگر به عنوان رحمتی از پروردگارت، آن گاه آن رحمت را تعلیل نموده و فرموده:" إِنَّ فَضْلَهُ کانَ عَلَیْکَ کَبِیراً- همانا فضل او بر تو بسیار بزرگ است" و معلوم است که این جمله در مقام منت نهادن بر رسول خدا (ص) است.

" قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلی أَنْ یَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا یَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ کانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِیراً".

کلمه ظهیر به معنای کمک کار و ماخوذ از ظهر است مانند کلمه رئیس که ماخوذ از" رأس" است، و کلمه" بمثله" از باب به کار بردن اسم ظاهر در جای مضمر است، و ضمیر آن به قرآن برمی گردد.

در این آیه به روشنی و صراحت تحدی شده است، و ظهور در این دارد که به تمامی خصوصیات قرآن و صفات کمالی که از نظر لفظ و معنا دارد تحدی شده، نه تنها به فصاحت و بلاغت لفظ آن، زیرا اگر منظور معجزه بودن لفظ آن بود دیگر معنا نداشت که همه جن و انس را دخالت دهد، بلکه باید می فرمود: اگر همه عرب جمع شوند نمی توانند به مثل آن بیاورند.

علاوه بر این ظاهر آیه می رساند که تحدی مزبور مدت معینی ندارد، به شهادت اینکه می بینیم در این عصر هم که اثری از فصحا و بلغای آن روز عرب نمانده قرآن بر اعجاز باقی

__________________________________________________

(1)این چنین وحی نمودیم به تو روحی از امر خود را. سوره شوری، آیه 54.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 438. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 280

مانده و به بانگ بلند تحدی می کند.

" وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِی هذَا الْقُرْآنِ مِنْ کُلِّ مَثَلٍ فَأَبی أَکْثَرُ النَّاسِ إِلَّا کُفُوراً".

" تصریف امثال" به معنای برگرداندن و دوباره آوردن و با بیانهای مختلف و اسلوبهای گوناگون ایراد کردن است، و" مثل" به معنای توصیف مقصود است به چیزی که آن را مجسم و ممثل کند و ذهن شنونده را به آن نزدیک گرداند، و کلمه" من" در جمله" مِنْ کُلِّ مَثَلٍ" برای ابتداء غایت است، مراد این است که ما هر مثلی را که روشنگر راه حق و راه ایمان و شکر باشد برای ایشان بیان کردیم، ولی بیشتر مردم جز راه کفران را نپیمودند، و این کلام همانطور که ملاحظه می کنید، در مقام توبیخ و ملامت است.

و در جمله" أَکْثَرُ النَّاسِ"، اسم ظاهر" ناس" به جای ضمیر" هم" به کار رفته، و در اصل" اکثرهم" بوده، و شاید جهت این تعبیر این بوده که خواسته است اشاره به این نکته کند که سر کفران ایشان همین است که ناسند هم چنان که در آیه" وَ کانَ الْإِنْسانُ کَفُوراً" «1» نیز گذشت که کفران، خاصیت انسان بودن است.

و معنای آیه این است که سوگند می خوریم که ما در این قرآن برای مردم مکرر مثلها آوردیم که حق را برایشان روشن می کرد، و ایشان را به ایمان به ما و شکر نعمتهای ما دعوت می نمود، و لیکن بیشتر مردم جز راه کفران نپیمودند و شکر ما نگزاردند.

[مشرکین از در عناد و لجاجت، ایمان آوردن خود را به انجام معجزاتی غریب و ناممکن مشروط می کنند] ..... ص : 280

" وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّی تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ یَنْبُوعاً ... کِتاباً نَقْرَؤُهُ".

کلمه" فجر" به معنای باز کردن و شکافتن است، و همچنین است کلمه" تفجیر" با این تفاوت که تفجیر مبالغه و بسیاری را هم می رساند، و" ینبوع" به معنای چشمه ای است که آبش خشک نمی شود، و کلمه" خلال" به معنای وسط و اثناء هر چیزی است، و" کسف" جمع کسفه است هم چنان که قطع جمع قطعه است، هم بر وزن آن است و هم به معنای آن، و کلمه" قبیل" به معنای مقابل است، مانند عشیر که به معنای معاشر است و کلمه" زخرف" به معنای طلا است، و" رقی" به معنای صعود و بالا رفتن است.

این آیات آن معجزاتی را حکایت می کند که قریش علیه رسول خدا (ص) اقتراح و از وی مطالبه می کرده اند. و با وجود قرآن که معجزه جاودانی است ایمان آوردن خود را مشروط به آن می نمودند، چون می خواستند قرآن را یک دستی گرفته آن را خوار بشمارند.

و معنای آن این است که" قالوا" یعنی قریش گفتند:" لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ" ای محمد به تو

__________________________________________________

(1)سوره اسری، آیه 67.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 281

ایمان نمی آوریم" حَتَّی تَفْجُرَ" تا آنکه بشکافی" لَنا مِنَ الْأَرْضِ" برای ما از زمین مکه با همه کم آبیش" ینبوعا" چشمه آبی که آبش خشک نشود" او تکون- اعجازا- لک" تا اینکه به عنوان معجزه برای تو بوده باشد (جَنَّةٌ مِنْ نَخِیلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ) باغی از خرما و انگور که در آن نهرها جاری سازی" خلالها" در وسط آن بهشت" تفجیرا" جاری ساختنی" أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ کَما زَعَمْتَ" و یا آسمان را فرو ریزی همانطور که خودت (در سخنانت) ادعا کردی.

(این جمله اشاره است به حکایت کلام خدا که فرموده بود:" أَوْ نُسْقِطْ عَلَیْهِمْ کِسَفاً مِنَ السَّماءِ" «1» و از همین جا فهمیده می شود که سوره اسری بعد از سوره سبأ نازل شده)" عَلَیْنا کِسَفاً" یا آسمان را بر سر ما قطعه قطعه فرو ریزی" أَوْ تَأْتِیَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِکَةِ قَبِیلًا" و یا خدا و ملائکه را در مقابل چشم ما حاضر کنی تا آنها را ببینیم" أَوْ یَکُونَ لَکَ بَیْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ" و یا خانه ای از طلا داشته باشی" أَوْ تَرْقی فِی السَّماءِ" و یا به آسمان بالا روی" وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِیِّکَ" و هرگز به بالا رفتنت ایمان نیاوریم" حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا" تا آنکه بر ما نازل کنی" کِتاباً نَقْرَؤُهُ" کتابی را که بخوانیم.

[تحقق بخشیدن به پیشنهاد مشرکین، در شان پیامبر (صلی اللَّه علیه و آله) نه به عنوان یک فرد بشری و نه به عنوان پیامبر الهی، نیست ] ..... ص : 281

" قُلْ سُبْحانَ رَبِّی هَلْ کُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا".

در این جمله رسول خدا (ص) را فرمان می دهد تا از معجزات پیشنهادی ایشان پاسخ گفته ایشان را بر جهل و لجاجتشان آگاهی دهد، لجاجتی که بر هیچ عاقلی پوشیده نیست، زیرا ایشان کارهای بس بزرگی را پیشنهاد و از رسول خدا (ص) توقع می کنند که بیشتر آنها از تحت قدرت او خارج است و جز قدرت غیبی الهی کسی یارای آنها را ندارد، حتی برخی از آنها که اصلا محال بالذات است مانند آوردن خدا و ملائکه در برابر چشم ایشان و به این هم قناعت نکردند، ای کاش می گفتند: ما ایمان نمی آوریم تا آنکه از خدایت درخواست کنی که چنین و چنان کند و این امور غیر معقول و غیر ممکن را از خدا می خواستند، ولی این چنین نگفتند، بلکه گفتند ما به تو ایمان نمی آوریم مگر وقتی که تو خودت نهر و چشمه جاری سازی و چه کنی و چه کنی.

اگر منظورشان این بوده که آن جناب به این عنوان که یک فرد از افراد بشر است این کارها را انجام دهد که زهی نفهمی، زیرا بشر کجا و چنین قدرت مطلقه و غیر متناهی و محیط حتی بر محالات ذاتی کجا؟ و اگر مقصودشان این بوده که آن جناب از این جهت که مدعی رسالت است چنین کارهایی را بکند که زهی لجاجت، زیرا رسالت کجا چنین

__________________________________________________

(1)سوره سبأ، آیه 9.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 282

اقتضایی دارد، رسالت تنها این اقتضاء را دارد که آنچه را خداوند به او پیغام داده و مامور به ابلاغ بر بندگانش کرده که از راه انذار و تبشیر ابلاغ کند، نه اینکه قدرت غیبی خود را هم به او واگذار نموده او را بر آفریدن هر چه که بخواهد قدرت دهد و به فرض محال که چنین چیزی ممکن باشد خود آن جناب چنین ادعایی نکرده و بارها خاطر نشان ساخته که من مانند شما یک فرد بشرم با این تفاوت که به من وحی می شود، پس این اقتراح و پیشنهاد ایشان با اینکه واضح البطلان است پیشنهاد عجیبی است.

و به همین جهت پیامبر خود را مامور نموده که در جواب آنها نخست پروردگار خود را از گزاف و تفویض قدرت که از گفته ایشان برمی آمد منزه نماید (بعید نیست که از جمله" قُلْ سُبْحانَ رَبِّی" تعجب هم استفاده بشود چون مقام بسیار مناسبت آن را دارد)، و در ثانی بصورت استفهام بفرماید:" هَلْ کُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا" مگر من جز یک فرد بشرم؟، و همین جواب، خود مؤید این است که جمله" سُبْحانَ رَبِّی" در مورد تعجب و به منظور افاده آن آمده باشد، و معنا چنین باشد که اگر این اقتراح و توقعاتتان از من از این نظر است که من محمد و فرزند عبد اللَّه هستم که از این نظر من یک فرد بشر هستم و هیچ بشری قدرت بر انجام این امور ندارد، و اگر از این نظر از من چنین توقعاتی می کنید که من رسول خدایم که معنای رسالت، داشتن قدرت بر اینگونه امور نیست و رسول جز گرفتن رسالت و رساندن آن شانی ندارد، و معنای رسالت این نیست که دارای قدرت غیبی مطلق باشد.

از این بیان روشن شد که هر یک از دو کلمه" بشرا" و" رسولا" دخالتی در تمامیت جواب دارند، کلمه" بشرا" جواب اقتراح ایشان است که آن جناب خودش چنین و چنان کند، و کلمه" رسولا" جواب از این است که اگر تو رسولی از خدایت قدرت برآوردن اینگونه امور را بگیر.

بعضی»

از مفسرین گفته اند: تنها کلمه" رسولا" در جواب دخالت دارد، و کلمه" بشرا" به عنوان مقدمه آورده شده، یعنی خواسته است قبلا ایشان را از این اشتباه که مگر بشر هم رسول می شود بیرون آورده و بفهماند که پیغمبران گذشته هم از جنس بشر بوده اند، و آن گاه جواب دهد که پیغمبران جز بر آنچه که به دستشان سپرده شده قدرت برآوردن چیز دیگری ندارند، و معنای پیغمبری این نیست که خداوند قدرت خود را به ایشان واگذار کرده باشد، و ایشان بتوانند به پروردگار خود تحکم کنند. پس معنای کلام این می شود که:" مگر من جز

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 169.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 283

پیغمبری مانند سایر پیغمبرانم؟".

مفسر نامبرده سپس چنین گفته است: ما نمی توانیم هر دو کلمه بشرا و رسولا را دو نقطه اتکاء در جواب بدانیم زیرا اولا با آنچه که از روایات برمی آید مخالف است برای اینکه از روایات برمی آید که مشرکین از رسول خدا (ص) درخواست کردند که از خدای خود چنین و چنان بخواهد، نه اینکه خودش از پیش خود بیاورد تا در جوابشان گفته شود" من جز بشری نیستم" و در ثانی مستلزم این است که کلمه رسول، خبر بعد از خبر بوده و هر دو خبر" کان" بوده باشند که ذوق سلیم این معنا را نمی پسندد. اشکالی که در گفتار او هست این است که:

اولا- حمل کردن کلمه" بشرا" بر پاسخ از این پندار که ممکن نیست فرستاده خدا از جنس بشر باشد حملی است بدون دلیل، زیرا در آیات قرآنی هیچ نقلی از چنین پنداری دیده نشده است.

و ثانیا- آن طور هم که او جمله" هَلْ کُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا" را معنا کرده باز نقطه اتکاء کلام" رسولا" نیست، بلکه تشبیه رسول به سایر پیغمبران است چون معنای او این شد:" مگر من جز پیغمبری مانند سایر پیغمبرانم؟" پس در نتیجه نقطه اتکاء کلام حذف شده و معلوم است که حذف معتمد کلام، سیاق را فاسد نموده و شنونده چیزی از آن نمی فهمد (دقت بفرمائید).

و ثالثا- اگر در روایات آمده که از آن جناب خواستند تا از پروردگارش درخواست اقتراحات ایشان را بکند در صورتی متبع است که صریح کتاب مخالف آن نباشد و گرنه به خاطر روایت دست از قرآن برنمی داریم و قرآن صراحت دارد بر اینکه" لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّی تَفْجُرَ"" تا آنکه تو برایمان نهر بشکافی"" أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ" یا آسمان را به زیر آوری، سبحان اللَّه این چه بلندپروازی است در حق تاریخ و روایات آن، که حتی آن را بر کتاب خدا حکومت داده و در صورت مخالفت و معارضه صریح هم آن را بر قرآن مقدم بداریم.

و رابعا- ادعای اینکه ذوق سلیم خبر بعد از خبر را نمی پسندد هیچ وجهی ندارد.

" وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی إِلَّا أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا".

استفهام در جمله" أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا" استفهام انکاری است، و جمله" قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ ..." حکایت حال کفار و وضع اعتقادات ایشان است، هر چند که عین این کلام را نگفته باشند.

و انکار نبوت و رسالت با اقرار به ثبوت اله، خود از عقائد بت پرستان است که در عین ترجمه المیزان، ج 13، ص: 284

اقرار به وجود پروردگار زیر بار نبوت نمی روند، و همین خود قرینه بر این است که مقصود از کلمه" ناس" در این آیه همان بت پرستان، و مراد از ایمانی که زیر بارش نرفتند ایمان به رسالت است.

بنا بر این، معنای آیه این می شود که: چه بازداشت بت پرستان را- البته فراموش نشود که قریش و عموم عرب آن روز از این طائفه بودند- از اینکه به رسالت و یا به رسالت تو ایمان آورند؟ چیزی بازشان نداشت الا اینکه می پنداشتند رسول نمی تواند از جنس بشر باشد، و به همین جهت همواره با رسولان می ستیزیدند و دعوت ایشان را رد می کردند هم چنان که خدای تعالی در نظائر آیه" لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِکَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ کافِرُونَ" «1»، پندار ایشان را حکایت نموده است.

[تقریر و توضیح برهان بر نبوت عامه و اثبات آن، که در جواب خداوند به مشرکین که رسالت یک فرد بشری را محال می دانستند بیان گشته است ] ..... ص : 284

" قُلْ لَوْ کانَ فِی الْأَرْضِ مَلائِکَةٌ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ لَنَزَّلْنا عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَکاً رَسُولًا".

در این آیه رسول خود را دستور می دهد که گفتار و انکار ایشان را نسبت به انکار رسالت بشر و نزول وحی را رد نموده و بفرماید: عنایت الهی چنین تعلق گرفته که اهل زمین را هدایت فرماید، و این صورت نمی گیرد مگر به وسیله وحی آسمانی، چون بشر از پیش خود هدایت نمی شود پس انسانها که در زمین زندگی می کنند هیچ وقت بی نیاز از وحی آسمانی نیستند، بناچار باید فرشته ای به عنوان رسول به یک دسته از ایشان که همان انبیاء هستند نازل گردد.

و این خصیصه زندگی زمینی و عیش مادی است که به هدایت الهی نیازمند است، و آن هم نمی شود مگر به وسیله نزول وحی از آسمان، حتی اگر فرضا عده ای از فرشتگان هم در زمین زندگی کنند و محکوم به عیش مادی و زمینی شوند بر آنان نیز فرشته ای نازل می کردیم تا وحی ما را به ایشان برساند، آری این مساله از خصائص زندگی زمینی است.

خواننده محترم به طوری که ملاحظه می فرماید عنایت و نقطه اتکاء در آیه شریفه به دو جهت است یکی اینکه زندگی بشر زمینی و مادی است و دوم اینکه هدایت که خدای تعالی آن را بر خود واجب کرده تنها از راه وحی آسمانی و به وسیله یکی از فرشتگان عملی است، و راه دیگری ندارد.

__________________________________________________

(1)اگر پروردگار ما می خواست ملائکه ای می فرستاد ما به آنچه که شما بدان فرستاده شده اید کافریم. سوره حم، سجده، آیه 14.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 285

و اتفاقا همین طور هم هست و این دو جهت خود دو تا از مقدمات اساسی برهان بر نبوت عامه و اثبات آن است.

و اما اصراری که مفسرین کرده اند که معنای آیه را به این تنگنا مقید کرده اند که رسول هر جنسی باید از همان جنس باشد مثلا رسول آدمیان آدمی و رسول فرشتگان، فرشته باشد صحیح نبوده و معنایی آن چنان با اهمیت هم نیست که نسبت به آن اصرار ورزیده اند، زیرا بشر بودن رسولان گسیل شده به سوی بشر با اینکه آموزندگان و مربیان بشرند امری است ضروری و از لوازم زندگی زمینی، پس آن نکته ای که گفتنی است و آیه کریمه به آن عنایت دارد همین است که زندگی بشر زمینی و مادی است و وحیی که از آسمان به ایشان می شود به وسیله فرشته ای آسمانی است، و این وحی هر چند برای بشر است و لیکن همه افراد بشر قابل دریافت آن نیستند، آری افراد نوع بشر از نظر سعادت و شقاوت و کمال و نقص و پاکی و ناپاکی باطن مختلفند، تنها از میان افراد این نوع آن عده معدودی می توانند حامل و دریافت کننده آن باشند که مانند فرشته آورنده آن پاک و از مساس شیطان منزه باشند، و آن عده معدود همان رسولان خدا و انبیاء هستند.

توضیح اینکه عنایت الهی اقتضاء دارد که خداوند هر نوع از انواع مخلوقات را به سوی کمال و سعادتش هدایت کند، و انسان نیز که یکی از انواع مخلوقات است مستثنای از این قاموس کلی و عمومی نیست و این را می دانیم که سعادت و کمال این نوع جز در زندگی اجتماعی صورت نمی گیرد، چون خصوص انسان موجودی است که باید دسته جمعی زندگی کند و قوانین و سنت هایی که مایه سعادت دنیا و آخرتش باشد در ظرف اجتماعیش جریان یابد، اختلافات قهری و اجتناب ناپذیری که در میان افراد اجتماعش پدید می آید برطرف کند.

و از آنجایی که زندگی این نوع از مخلوقات، زندگی شعوری است ناگزیر باید علاوه بر عقل و تمیز میان خیر و شر، مجهز به وسائل بیشتری برای پذیرفتن قانون و سنت باشد، زیرا اگر به غیر عقل چیز دیگری که مایه هدایت او باشد نمی داشت به سعادت مطلوبش نمی رسید، آری مایه اختلاف او همین عقل او است، و عقلی که خود مایه اختلاف است چگونه رفع اختلاف می کند پس ناگزیر باید به یک شعور دیگری هم مجهز باشد تا با آن شعور خود معارف و قوانین رافع اختلاف و ضامن سعادت و کمالش را که خداوند به سویش می فرستد درک نماید، و آن شعور عبارت است از شعور وحی، و انسان دارنده آن عبارت است از نبی و پیغمبر.

و این برهان عقلی برهانی است تمام که از کلام خود خدای تعالی استفاده می شود و ترجمه المیزان، ج 13، ص: 286

ما چگونگی استفاده آن را در بحث نبوت جلد دوم این کتاب و در ضمن داستانهای نوح (ع) در جلد دهم آن با شرحی مفصل گذراندیم.

و اما آیه مورد بحث یعنی آیه" قُلْ لَوْ کانَ فِی الْأَرْضِ مَلائِکَةٌ ..." نکته دیگری علاوه بر برهان گذشته افاده نموده چنین می رساند که القاء وحی به سوی بشر حتما باید به وسیله فرستادن فرشته از آسمان صورت گیرد.

و حاصل مضمون آیه مذکور و آیه قبلیش این است که تنها مانع پذیرفتن مردم دعوت تو رسول خدا (ص) را این است که ایشان پنداشته اند که رسالت بشر از ناحیه خدا محال است، و در این پندار خود خطا کرده اند، زیرا مقتضای زندگی زمینی از یک سو، و عنایت خدای تعالی نسبت به هدایت بندگانش از سوی دیگر اقتضاء می کند که خداوند فرستاده ای از جنس فرشتگان به سوی افرادی از بشر گسیل بدارد، و پیامهای خود را به وسیله آن فرشته به آن افراد برساند، و این به حدی اجتناب ناپذیر و لازم است که حتی اگر فرضا ساکنان زمین هم فرشتگان بودند باز خدای تعالی به افرادی از آنان که رسول خدا بودند فرشتگانی از آسمان می فرستاد تا وحی او را به ایشان ابلاغ نماید.

و این بیان به طوری که ملاحظه می فرمائید اولا معنای رسالت بشری را می رساند و می فهماند که رسول عبارت است از انسانی که ملائکه ای از آسمان به سویش نازل شده دین خدا را به او ابلاغ و او به مردم ابلاغ می نماید.

و ثانیا به برهان رسالت اشاره نموده می رساند که زندگی انسان در زمین از یک سو، و عنایت خدای سبحان به هدایت بندگان خود از سوی دیگر احتیاج به نزول دینی آسمانی را ایجاب می کند، چون ملائکه واسطه های هر نوع برکت آسمانیند، ناگزیر نزول دین بر بشر هم به وسیله ایشان صورت می گیرد، و این آمد و شد ملائکه عبارت است از رسالت، و آن شخصی هم که گیرنده وحی و دین خداست (که البته به خاطر اینکه باید دارای طهارت باطنی و روحی از امر خدا باشد افرادی از بشر خواهند بود، نه همگی ایشان) نبی و پیغمبر است.

از سیاق آیه چنین انتظار می رفت که در قبال گفته مشرکین" أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا" بفرماید:" لبعث اللَّه فیهم ملکا رسولا" و لیکن به دو جهت چنین نفرمود بلکه به جای آن فرمود:" لَنَزَّلْنا عَلَیْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَکاً رَسُولًا" جهت اول اینکه: بهتر شبهه ایشان را برطرف سازد، زیرا بطور کلی وثنی ها و بت پرستان چه از فرقه برهمائیان و چه بودائیان و چه صابئین از مبعوث شدن یک فرد کامل بشر برای تکمیل آدمیان آن طور که مشرکین عرب انکار و تعجب می کردند انکار و تحاشی ندارند، و به طوری که از کتب مقدسه ایشان برمی آید، این مساله

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 287

را امری عادی شمرده و از آن شخص کامل به منجی و یا مصلح تعبیر نموده بعثتش را هم نزول اله به زمین و ظهور اله بر اهل زمین، و جلوه اله به صورت یک موجود زمینی تعبیر می کرده،- و به طوری که گفته شده- بودا و یوذاسف را همان کاملین می دانند، و به هر حال بت پرستان معبود را عبارت از فرشته و یا جن و یا انسان در خود فرو رفته می دانند، نه خدای سبحان را.

پس مشرکین از رسالت یک فرد برجسته وحشت و تعجب نداشته اند، بلکه چیزی که مورد انکار شدید ایشان است این است که فرشته که خود از آلهه و مورد پرستش است رسول به سوی یک فرد بشر گشته، دینی بیاورد که مردم بر طبق آن خدای تعالی را که به خیال ایشان اله غیر معبود است بپرستند، و به همین جهت در آیه شریفه در جواب از توهم مشرکین رسالت فرشته به سوی یک فرد بشر را تصریح کرد تا مخالفت با خرافه ایشان را به حد کامل رسانده باشد، و بفهماند نه ملائکه معبود است، و نه خدای سبحان غیر قابل عبادت.

جهت دوم اینکه: خواست اشاره کند، به عمومیت رسالت ملائکه، و بفهماند که در حقیقت ملائکه به شخص پیغمبر نازل نشده بلکه به عموم انسان نازل شده است، چیزی که هست تلقی و گرفتن وحی مخصوص به یک فرد از ایشان است، و اگر دیگران از آن محرومند به خاطر قصوری است که در خود ایشان است، و گرنه فیض خدای سبحان عمومی است، هر چند که مستفیض از آن اشخاص مخصوصی باشند.

هم چنان که فرمود:" وَ ما کانَ عَطاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً" «1» و نیز فرمود:" قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّی نُؤْتی مِثْلَ ما أُوتِیَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ" «2».

و این آیه یعنی آیه مورد بحث آن روایاتی را که ائمه اهل بیت (ع) در باره فرق میان رسول و نبی وارد شده تایید می کند، زیرا در آن روایات آمده که رسول عبارت است از انسانی که ملک را می بیند و صدایش را می شنود، ولی نبی آن کسی است که پیام آسمانی را به صورت رؤیا می گیرد، و چیزی به چشم نمی بیند، و ما پاره ای از این اخبار را در جلد دوم این کتاب در ضمن بحث از نبوت ایراد کردیم.

و از لطائف قرآن کریم تعبیری است که در آیه مورد بحث از زندگی زمینی کرده و فرموده:" فِی الْأَرْضِ مَلائِکَةٌ یَمْشُونَ مُطْمَئِنِّینَ" زیرا رفتن و انتقال مکانی از این سو به آن سوی زمین، و قرار داشتن تحت جاذبه زمین از روشن ترین خواص زندگی مادی زمین است.

__________________________________________________

(1)عطای پروردگارت ممنوع نیست. سوره اسری، آیه 20.

(2)گفتند:ایمان نمی آوریم تا به ما هم داده شود آنچه که به رسولان خدا داده شده، خداوند بهتر می داند رسالت خود را کجا قرار دهد. سوره انعام، آیه 124.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 288

[چون دلیل و برهان نتیجه نبخشید، گواهی را به خدا واگذار] ..... ص : 288

" قُلْ کَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ إِنَّهُ کانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً".

بعد از آنکه احتجاج مزبور را پایان برده و نیز بعد از آنکه معجزه رسالت آن جناب را که همان قرآن کریم و تحدی آن است خاطر نشان ساخت، و ایشان هم چنان بر کفر و انکار خود پافشاری نموده اعتنایی نکردند، و هم چنان بر اقتراح و پیشنهادات خرافی خود پافشاری نموده هیچ حقی را نپذیرفته و از حرف باطل خود دست برنداشتند اینک رسول گرامی خود را دستور می دهد که مساله را به گواهی خدا واگذار نماید چون که خدای تعالی آنچه را که از او و از ایشان سر می زند شاهد است و می داند که پیغمبرش رسالت او را ابلاغ نموده و دعوت و احتجاج را به نهایت رسانده و عذری باقی نگذاشت، و ایشان هم شنیدند و حجت بر آنان تمام شد، و هم چنان استکبار و عناد به خرج دادند.

بنا بر این برگشت معنای جمله مورد بحث به این می شود که ای پیامبر من! دیگر حجت و مجادله با ایشان را بس کن و امر را به مالک امور واگذار تا او هر طور که می خواهد حکم نماید.

بعضی ها «1» گفته اند: مراد از این آیه شاهد گرفتن خدا است بر حقانیت دعوت و صحت رسالت گویا می گوید: همین برای حجت و دلیل بس که خدا شاهد بر رسالت من است و این کلام او است که بر رسالت من تصریح می کند، و اگر بگوئید از کجا که این قرآن کلام خدا باشد و از افترائات تو نباشد در پاسخ می گویم اگر از افترائات من که یک فرد مانند شمایم بوده باشد باید شما هم بتوانید مثل من آن را بیاورید، ولی هرگز نخواهید توانست، هر چند که جن و انس یار و مدد کار شما باشند.

و این حرف هر چند حرف خوبی است و لیکن ذیل آیه یعنی جمله" بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ" و همچنین جمله" إِنَّهُ کانَ بِعِبادِهِ خَبِیراً بَصِیراً" بطوری که دیگران هم گفته اند با آن نمی سازد زیرا اگر مقصود از آیه این معنا بود جا داشت بفرماید:" شهیدا لی علیکم- خدا شاهد من بر علیه شما است" و یا بفرماید:" شهیدا علی رسالتی- خدا گواه رسالت من است" و یا عبارتی دیگر نظیر آن.

مطلب دیگری که باید خاطر نشان ساخت این است که آیه مورد بحث و دو آیه قبل از آن مسجع به کلمه رسولا است یعنی آخر سه آیه این کلمه آمده و این در همه قرآن تنها موردی است که سه آیه پی در پی در سجع و قافیه متحد باشند.

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 174.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 289

" وَ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَ مَنْ یُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِهِ ...".

این آیه به طوری که از سیاق کلام برمی آید تتمه خطاب اخیر رسول خدا (ص) است که به وی می فرمود:" قُلْ کَفی بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ- بگو خدا گواه میان من و شما است" و در نتیجه معلوم می شود آیه مورد بحث کنایه از این است که دیگر حجت بر ایشان تمام شده و ضلالتشان حتمی گشته و دیگر امیدی به هدایتشان نیست.

و بنا بر این، خلاصه معنای آیه این می شود که: ای رسول من! به مخالفین اعلام کن که دیگر حرفی با ایشان نداری و دیگر علیه ایشان احتجاج و استدلال نخواهی داشت، زیرا هدایت کار خدا است که هیچکس در آن شرکت ندارد، پس هر کس که خدا هدایتش کند تنها او راه را یافته است و بس، و کسی که خدا گمراهش کرده باشد و براهش نینداخته باشد تو ای رسول من هرگز یاوری به غیر خدا برایش نخواهی یافت و خدا هم که ایشان را هدایت نمی کند، پس نه خدا ایشان را هدایت می کند و نه غیر خدا یاوران دیگری دارند، دیگر چه جای بگومگوی با ایشان است؟ پس بیش از این خود را به امید هدایت شدن ایشان به زحمت نینداز.

از همین جا می توان فهمید که اینکه بعضی «1» گفته اند:" آیه مورد بحث کلامی جداگانه و ابتدایی است و کلمه" بگو" ی دیگری از اول آن حذف شده" گفتار صحیحی نیست.

و اگر یار و یاور را بطور جمع آورده و فرموده" اولیاء" با اینکه اگر مفرد آورده بود مبالغه بیشتری را داشت برای اشاره به این بود که اگر به غیر خدا یاور دیگری داشته باشند ناگزیر این یاور یا همان بتهای ایشان است که خود بسیار زیادند، و یا سایر اسباب مادی عالم است که آنها نیز زیادند.

و در اینکه فرمود:" وَ مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ" التفات از تکلم با غیر (ما) به غیبت (او) را به کار برده، و گرنه جا داشت بفرماید:" و من نهده فهو المهتد- هر که ما او را هدایت کنیم راه یافته است" چون هم قبل از این جمله سیاق، سیاق تکلم بود و می فرمود:" ما از آسمان ملکی رسول می فرستادیم" و هم سیاق جمله بعد که می فرماید" وَ نَحْشُرُهُمْ- و ما ایشان را کر و کور محشور می کنیم".

و در وسط این دو سیاق ناگهان سیاق را به غیبت تبدیل نموده فرمود:" و هر که خدا او

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 174.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 290

را هدایت کند" و جهت این تبدیل سیاق شاید این باشد که اگر تبدیل نمی کرد و می فرمود:

" هر که ما هدایتش کنیم، و هر که ما گمراهش سازیم" باعث می شد که شنونده گمان کند ملائکه هم در هدایت و گمراهی بندگان دخالت دارند، و در این دو امر با خدا شریکند و آن وقت آیه مشتمل بر تناقض گویی می شد، برای اینکه دنبال همین جمله دارد:" فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِهِ- به غیر از خدا هرگز ولی و یاوری برای ایشان نخواهی یافت" یعنی خواهی دید ایشان که ملائکه را اولیای خود می پندارند و آنها را معبود خود خیال کرده و می پرستند به غیر خدا اولیای دیگری ندارند.

و جمله" وَ نَحْشُرُهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَلی وُجُوهِهِمْ" تا آخر دو آیه معنایش روشن است زیرا کلمه" عمی" و" بکم" و" صم" جمع اعمی و ابکم و اصم، به معنای کوران و لالان و کران است و کلمه" خبت" از خبو النار به معنای سکونت و آرام شدن شراره آتش است، کلمه سعیر هم به معنای زبانه آتش است، پس معنای آیه این است که هر گاه زبانه های آتش فرو نشست دوباره افروخته ترش می کنیم.

[معنای جمله:" قادِرٌ عَلی أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ" و بیان اینکه انسان مبعوث در قیامت عین انسان دنیایی است نه مانند او] ..... ص : 290

" أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قادِرٌ عَلی أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ...".

" کفور" به معنای جحود و هر دو به معنای انکار از در لجبازی است، و این آیه احتجاجی است از خدای سبحان بر مساله قیامت و زنده شدن بعد از مرگ، علیه کسانی که آن را بعید می شمردند، چون زنده شدن بدن بعد از متلاشی گشتن را محال پنداشته می گفتند:

" أَ إِذا کُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِیداً- آیا بعد از آنکه به صورت اسکلتی در آمدیم، و آن اسکلت هم متلاشی و پوسیده شد دوباره با خلقت جدیدی مبعوث می شویم؟" خدای تعالی در پاسخشان می فرماید خلقت بدن در نخستین بار دلیل بر این است که چنین چیزی ممکن است، و وقتی ممکن شد دیگر فرقی میان بار اول و بار دوم نیست، و خلاصه همین که خود شما در این دنیا هستید و بدنی زنده دارید دلیل بر این است که چنین خلقتی محال نیست، و وقتی محال نشد دیگر چه فرقی میان این بار و بار دیگر است.

در اینجا ممکن است به ذهن برسد که خداوند خلقت بعدی را مثل خلقت قبلی دانسته نه عین آن پس یک فرد بشر در قیامت مثل آن فردی است که در دنیا بوده، نه خود او، در جواب می گوییم تشبیه و مانند بودن تنها در بدن است که مورد انکار منکرین بود، نه جان آدمی که حافظ وحدت و شخصیت انسان هم در این دنیا و هم در آخرت است، و بدان جهت انسان آخرتی عین انسان دنیوی است، نه مانند آن، آری ملاک یکی بودن حسین فرزند تقی در دنیا و آخرت همان نفس انسانی او است که آن هم نزد خدای سبحان محفوظ است و با مردن

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 291

معدوم و باطل نمی گردد، و وقتی آن نفس به بدن جدید در آخرت تعلق گرفت باز این بدن همان بدن حسین در دنیا خواهد شد هم چنان که در خود دنیا هم چند بار بدنش با همه اجزایش عوض شد و او هم چنان حسین پسر تقی بود.

خواهی پرسید که چه دلیل قرآنی بر این معنا دارید؟ در جواب می گوییم آیه شریفه" وَ قالُوا أَ إِذا ضَلَلْنا فِی الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ کافِرُونَ قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ" که در پاسخ کسانی که گفتند آیا بعد از نابود شدن بدن و متفرق گشتن تار و پود آن دوباره به خلقت جدیدی خلق می شویم؟ فرموده که: شما بعد از مرگ نه متفرق می شوید و نه نابود می گردید، بلکه آن ملک الموتی که موکل بر شما است شما را به تمام و کمال می گیرد و حفظ می کند، و اما آنکه در قبر می پوسد و تار و پودش متلاشی می گردد آن بدن خاکی شما است که تجدید بنای آن برای خدا آسان است، همانطور که بار اول بنا نمود.

این آیه دلیل بر این بود که حقیقت آدمی همان نفس او است که آن هم نزد خدا محفوظ است، و اما دلیل بر اینکه انسان مبعوث در قیامت عین انسان در دنیا است نه شخص دیگری مانند آن، همه آیات قیامت است که آن را بازگشت انسان به سوی خدا می داند، و زنده شدنش را زنده شدن آن انسان و حساب و مجازات و پاداشش را حساب و مجازات و پاداش همان انسان می داند. پس، از آنچه گفته شد معلوم گردید که جمله" یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ" نمی خواهد بفرماید انسان مخلوق در آخرت شخصی نظیر انسان دنیا است، بلکه مقصود همان معنایی است که گفته شد و اگر مانند بودن این بدن و آن بدن را به میان آورد، و نتیجه اش آن شد که پای مماثله به میان آید بدین جهت بود که خواست جواب درست مقابل متن اشکال باشد، چون اشکال ایشان که گفتند:" آیا وقتی اسکلت و سپس خاک شدیم دوباره به خلقت جدیدی مبعوث می شویم؟" همه مربوط به شؤون بدن مرده بود نه مربوط به حقیقت انسان، و وقتی از حقیقت انسان یعنی نفس آدمی قطع نظر شود مماثله صحیح است، یعنی بدن آخرتی نظیر و مثل بدن دنیایی است هر چند که با در نظر گرفتن نفس، عین همند.

بعضی «1» از مفسرین گفته اند که: مراد از کلمه" مثلهم" خود آنان است، نه مانند ایشان، هم چنان که ما نیز به یکدیگر می گوییم:" مثل تو کسی چنین کاری نمی کند" یعنی تو

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 4، ص 103، جزء 15، چاپ بیروت.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 292

هم چنین کاری نمی کنی. و لیکن این توجیه بی اشکال نیست و جای مناقشه در آن هست.

و ظاهر این است که در عبارت مذکور مراد از مثل، همان مثل است نه عین و عنایت در این تعبیر به این است که بفهماند کسی که مثل تو است یعنی صفات تو را دارد و روح تو را و خصائص تو را دارد اینکار را نمی کند پس تو هم که مثل او هستی نباید چنین کار را بکنی پس در این تعبیر کنایی فعل نفی شده اما با نفی سببش که همان صفت باشد و این جور کنایه آوردن مؤکدتر است از اینکه صریحا بگوید تو این کار را مکن.

و جمله" وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَیْبَ فِیهِ" ظهور در این دارد که مراد از اجل، همان مرگ است، زیرا کلمه مزبور دو قسم استعمال دارد یکی مدت زندگی از حین ولادت تا مرگ و یکی هم سرآمد زندگی که مقارن با مرگ است، به هر معنا که باشد مرگ را شامل است و اگر در این جمله مرگ را یادآوری می نماید به منظور عبرت گرفتن کفار است تا شاید از جرأت و جسارت بر خدا و تکذیب آیات او دست بردارند و بدانند که خدای تعالی می تواند ایشان را دوباره زنده نموده انتقام کردار زشتشان را بگیرد.

بنا بر این، جمله:" وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَیْبَ فِیهِ" ناظر به جمله" ذلِکَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ کَفَرُوا بِآیاتِنا" می باشد که در صدر آیه قرار داشت و آیه آن معنایی را می دهد که آیه" وَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ ... أَ وَ لَمْ یَنْظُرُوا فِی مَلَکُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ... وَ أَنْ عَسی أَنْ یَکُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَهُ یُؤْمِنُونَ" «1» در مقام افاده آن است.

این معنا استظهاری است که ما از آیه مورد بحث کردیم.

بعضی «2» از مفسرین احتمال داده اند که: مراد از اجل، روز قیامت باشد، و لیکن این معنا با سیاق آیه سازگار نیست برای اینکه قبل از این جمله داستان انکار معاد را از ایشان نقل می کرد، و علیه آن احتجاج می کرد که خدا قادر است دوباره زنده شان کند، و در چنین زمینه ای مناسب نیست قیامت را مسلم و" لا ریب فیه" بگیرد.

و نظیر این کلام گفتار بعضی «3» دیگر است که جمله" وَ جَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَیْبَ فِیهِ" را یک احتجاج دیگری برای اثبات معاد دانسته اند.

و به هر حال چه مراد از اجل روز مرگ باشد و چه روز قیامت خیلی مهم نیست چون نتیجه ای ندارد فقط خواستیم بگوئیم این احتجاج خالی از تکلف نیست.

__________________________________________________

(1)سوره اعراف آیات 182- 185.

(2)روح المعانی، ج 15، ص 179.

(3)تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 62.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 293

" قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِکُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّی إِذاً لَأَمْسَکْتُمْ خَشْیَةَ الْإِنْفاقِ وَ کانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً".

کلمه قتور به معنای بخیل تفسیر شده البته بخیلی که بخل را به نهایت رسانده باشد، و در مجمع البیان گفته: کلمه: قتر، به معنای تنگی است، و قتور مبالغه در همان معنا است، و وقتی گفته می شود: قتر یقتر و یا تقتر و یا اقتر و یا قتر در همه آنها معنا یکی است، و آن این است که فلانی در خرج کردن امساک می کند. «1»

خدای تعالی در آیه مورد بحث کفار را بر آن معنایی که در آیه:" وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدی إِلَّا أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا" گذشت یعنی بر جلوگیری و کارشکنی در پیشرفت دعوت انبیاء (ع) بر منع از رسالت بشر توبیخ می نماید، و معنای خود آیه روشن است.

بحث روایتی [روایاتی در باره نیت و عمل در ذیل جمله:" کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ"] ..... ص : 293

اشاره

در تفسیر عیاشی از مسعدة بن صدقه از امام صادق (ع) روایت شده که فرمود: شفاء همه در علم قرآن است، زیرا این خدای تعالی است که می فرماید:" ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ ..." «2».

و در کافی به سند خود از سفیان بن عیینه از امام صادق (ع) روایت کرده که به من فرمود: نیت از عمل بهتر است و اصلا نیت عمل است، آن گاه این کلام خدای عز و جل را قرائت نمود که می فرماید:" کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ، یعنی هر کسی بر طبق نیت خود عمل می کند" «3».

مؤلف: اینکه امام فرمود: اصلا نیت عمل است اشاره به اتحاد آن دو دارد، و اینکه اتحاد نیت و عمل اتحاد عنوان و معنون است.

و در همان کتاب به سند خود از ابی هاشم روایت کرده که گفت امام صادق (ع) فرمود اینکه اهل آتش همیشه در آتش خواهند بود بدین جهت است که نیتشان در

__________________________________________________

(1)مجمع البیان ج 4، ص 102 جزء 15، چاپ بیروت.

(2)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 315، ح 154. [.....]

(3)اصول کافی، ج 2، ص 16، ح 4، باب الاخلاص.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 294

دنیا این بود که برای همیشه گناه و نافرمانی خدا بکنند، و همچنین اگر اهل بهشت همیشه در بهشت بمانند برای این است که نیتشان در دنیا این بوده که همیشه خدا را اطاعت کنند پس به خاطر نیت ها است که آن دسته و این دسته مخلدند آن گاه این آیه را تلاوت فرمود:" کُلٌّ یَعْمَلُ عَلی شاکِلَتِهِ" و فرمود: یعنی هر کس بر طبق نیتش عمل می کند «1».

مؤلف: این روایت اشاره به رسوخ ملکات در نفس است، رسوخی که باعث می شود نفس استعداد مقابل را از دست بدهد، توضیح اینکه نفس در بدو خلقتش استعداد نیک و بد هر دو را داشت، ولی وقتی ملکه یکی از آن دو در آن رسوخ نمود استعداد آن دیگرش به کلی باطل می شود، عیاشی هم در تفسیر خود این روایت را از ابی هاشم از آن جناب نقل کرده است.

[چند روایت در باره شان نزول آیه:" یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ ..." و بیان مراد از روح ] ..... ص : 294

و در الدر المنثور است که احمد و ترمذی" که ترمذی حدیث را صحیح دانسته" و نسایی و ابن منذر و ابن حبان و ابو الشیخ در کتاب عظمت و حاکم" که وی نیز روایت را صحیح دانسته" و ابن مردویه و ابو نعیم و بیهقی هر دو در کتاب دلائل خود، همگی نامبردگان در ذیل آیه:" یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ" از ابن عباس روایت کرده اند که گفت قریش به یهودیان مراجعه کردند که از امور دینی چیزی به ما یاد دهید تا از این مرد بپرسیم" شاید از جواب به ما عاجز مانده زبانش از ما کوتاه گردد" یهودیان گفتند: از او از روح بپرسید، ایشان از آن جناب پرسیدند که روح چیست؟ این آیه نازل شد:" یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی وَ ما أُوتِیتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِیلًا".

وقتی این آیه را در پاسخ شنیدند گفتند: اتفاقا ما علم بسیاری داریم ما تورات داریم، و هر که تورات داشته باشد چیز بسیاری دارد، در پاسخ این سخنشان این آیه نازل شد:" قُلْ لَوْ کانَ الْبَحْرُ مِداداً لِکَلِماتِ رَبِّی لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ کَلِماتُ رَبِّی وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً" «2».

مؤلف: به طریق دیگری از عبد اللَّه بن مسعود و از عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن ام الحکم روایت شده که اصلا سؤال نامبرده را خود یهود و در مدینه از آن جناب کرده اند، و آیه هم در جواب آن در مدینه نازل شده و لیکن مکی بودن سوره و همچنین وحدت سیاق آیات آن با این روایت سازگار نیست.

و در همان کتاب است که ابن جریر و ابن منذر و ابن ابی حاتم و ابن انباری" در کتاب اضداد" و بیهقی" در کتاب اسماء و صفات" از علی بن ابی طالب (ع)

__________________________________________________

(1)اصول کافی، ج 2، عربی، ص 69، ح 5، باب النیه.

(2)الدر المنثور، ج 4، ص 199.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 295

روایت کرده اند که در ذیل آیه:" وَ یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ" فرموده: روح یکی از فرشتگان است که هفتاد هزار روی دارد و هر رویش هفتاد هزار زبان دارد و هر زبانش با هفتاد هزار لغت حرف می زند و خدا را تسبیح می کند، و خدای تعالی از هر تسبیح او فرشته ای خلق می کند که تا روز قیامت با فرشتگان پرواز می نماید «1».

مؤلف: از جنس ملک بودن روح با ظاهر عده ای از آیات قرآنی نمی سازد، چه ظاهر بسیاری از آیات این است که روح خود یک نحوه مخلوقی است که فرشته آن را نازل می کند مانند آیه:" یُنَزِّلُ الْمَلائِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ" «2»، و آیاتی دیگر، و همچنین با روایات هم نمی سازد، و ما در تفسیر جمله" یُنَزِّلُ الْمَلائِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ" در سوره نحل حدیثی از علی (ع) نقل کردیم که ملک بودن روح را انکار می کرد، و به همین آیه استدلال فرمود:

بنا بر این عبرت در مساله روح به روایاتی است که اینک از نظر شما می گذرد.

در کافی به سند خود از ابی بصیر روایت کرده که گفت: من از امام صادق (ع) از آیه:" یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی" سؤال نمودم، فرمود: روح مخلوقی است بزرگتر از جبرئیل و میکائیل که همواره همراه رسول خدا (ص) بود، و همان روح همراه امامان نیز هست، و از عالم ملکوت است «3».

مؤلف: در این معنا روایات دیگری نیز هست و این روایت با مدلول آیات به شرح و توضیحی که دادیم موافقت دارد.

و در تفسیر عیاشی از زرارة و حمران از ابی جعفر و ابی عبد اللَّه (ع) روایت کرده که از آن دو بزرگوار معنای آیه:" یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ" را پرسیدند در جواب فرمودند خدای تبارک و تعالی احد و صمد است و صمد عبارت است از هر چیز بدون جوف، پس روح خلقی است از خلائق او که دارای چشم و نیرو و تایید است، و خداوند آن را در دلهای پیغمبران و مؤمنین قرار می دهد «4».

مؤلف: اگر در صدر این روایت متعرض معنای صمد شدند برای این بوده که خواسته اند از توهمی که ممکن است از تعبیر" وَ نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی- از روح خود در او دمیدم" به ذهن درآید جلوگیری کرده باشند، چون آدمی از تعبیر نامبرده در این توهم می شود

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 200.

(2)ملائکه روح را به امر خدا نازل می کند. سوره نحل، آیه 2.

(3)نور الثقلین، ج 3، ص 215، ح 422.

(4)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 316، ح 160.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 296

که خداوند نیز مانند ما دارای جوفی و بدنی و روحی دمیده در بدن است.

و در همان کتاب از ابی بصیر از یکی از آن دو بزرگوار روایت کرده که در پاسخ ابی بصیر از آیه:" وَ یَسْئَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّی" فرموده: همان است که در همه جنبندگان هست، ابا بصیر می گوید پرسیدم: آن چیست؟ فرمود از عالم ملکوت و از قدرت است «1».

مؤلف: این روایات مؤید آن بیانی است که ما برای آیه نموده گفتیم: آن روحی که از حقیقتش پرسش شده حقیقتی وسیع و دارای مراتبی مختلف است و نیز از ظاهر روایت آخری بر می آید که روح حیوانی نیز مجرد و از ملکوت است.

[روایتی متضمن گفتگوی قریش با پیامبر (صلی اللَّه علیه و آله) و پیشنهادات آنان به او در ذیل آیه:" وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّی ..."] ..... ص : 296

و در الدر المنثور است که ابن جریر و ابن اسحاق و ابن منذر و ابن ابی حاتم از ابن عباس روایت کرده اند که گفت روزی عتبه و شیبه دو پسر ربیعه و ابو سفیان پسر حرب و مردی از قبیله بنی عبد الدار و ابا البختری برادر بنی اسد و اسود بن مطلب و ربیعة بن اسود «2» و ولید بن مغیره و ابو جهل بن هشام و عبد اللَّه بن ابی امیة و امیة بن خلف و عاص بن وائل و نبیه و منبه سهمی دو پسر حجاج بعد از غروب آفتاب پشت خانه کعبه اجتماع نموده به اصطلاح شورایی تشکیل دادند و در باره رسول خدا (ص) به بحث پرداخته سرانجام چنین رأی دادند که شخصی را نزد آن جناب بفرستند و او را دعوت نموده با وی گفتگو و مخاصمه کنند، و عذری برایش باقی نگذارند.

و همین کار را کردند، شخصی را نزد آن جناب فرستادند که اشراف قوم تو برای گفتگوی با تو یک جا جمع شده منتظر شمایند، رسول خدا (ص) به گمان اینکه دشمنان در رفتار خصمانه خود تجدید نظر کرده اند و می خواهند به اسلام بگروند به شتاب نزد ایشان آمد، چون به ارشاد آنان بسیار حریص و علاقمند بود و از دشمنی و گمراهی ایشان بسیار ناراحت و نگران بود.

حضار جلسه گفتند: ای محمد ما تو را خواستیم تا عذری و بهانه ای برای تو باقی نگذاریم، و ما به خدا قسم هیچ مرد عربی را سراغ نداریم که با قوم خود رفتاری چون رفتار تو کرده باشد، آری تو پدران قوم خود را بدگویی کردی، و دین ایشان را نکوهیده و آرای آنها را سفیهانه خواندی و خدایان را بد گفتی، پیوند اجتماع را گسستی، و خلاصه هیچ کار زشتی

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 317، ح 163.

(2)الدر المنثور بجای (ربیعة بن اسود)- (زمعة بن اسود) می باشد.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 297

نماند مگر آنکه با ما کردی، حال ما آخرین حرف خود را به تو می گوئیم تا عذری برایت باقی نماند، و آن این است که اگر منظورت از این کارها پول است بگو تا از اموال خود آن قدر برایت جمع کنیم که تو از همه ما توانگرتر باشی، و اگر منظورت ریاست و آقایی است بگو تا تو را به آقایی و ریاست خود برگزینیم، و اگر منظورت سلطنت است بگو تا تو را سلطان خود کنیم، و اگر همزاد جنی خود را می بینی و او است که بر عقل و فکر تو چیره گشته به این روزت افکنده بگو تا چون ریگ پول خرج کنیم و با دست اطباء معالجه ات نمائیم و خلاصه در باره تو از هیچ فداکاری مضایقه نداریم.

رسول خدا (ص) فرمود: هیچ یک از اینها که گفتید در من نیست، من آنچه را که آورده ام و شما را بدان دعوت می کنم به طمع مال شما و خراج گرفتن از شما و سلطنت بر شما نیست، بلکه خدای تعالی مرا به سوی شما مبعوث نموده و کتابی بر من نازل کرده، و مرا دستور داده تا شما را بشارت داده انذار کنم، و من هم رسالت پروردگار خود را به شما ابلاغ نمودم و خیر خواهیتان کردم، اگر از من پذیرفتید و دین مرا قبول کردید بهره خود را در دنیا و آخرت گرفته اید، و اگر آن را رد کرده و از پذیرفتنش سر باز زدید صبر می کنم و دشواری امر خدای را تحمل می نمایم تا خدا میان من و شما حکم کند.

گفتند: ای محمد، حال که سخنان ما را نمی پذیری و می خواهی که ما دعوت تو را بپذیریم پس به پیشنهاد دیگر ما توجه کن، و آن این است که تو می دانی که در دنیا مردمی فقیرتر از ما و سرزمینی بی درآمدتر از سرزمین ما و زندگانی ای دشوارتر از زندگی ما نیست، بیا و از پروردگاری که می گویی مبعوثت نموده درخواست کن گشایشی به زندگی ما بدهد، و این کوه ها را که چون دیوار ما را محاصره نموده از اطراف ما دور ساخته سرزمین ما را وسعت دهد، و چون سرزمین شام و عراق از چشمه سارها و رودخانه ها مشروب سازد، پدران گذشته ما را دوباره زنده کند، و در آنان قصی بن کلاب را هم که مردی بزرگوار و راستگو بود مبعوث نماید تا از او در باره دعوت تو گواهی خواسته حق و یا باطل بودن آن را بپرسیم، اگر این کار را بکنی، و ایشان تو را تصدیق کنند ما نیز تصدیق می کنیم، و آن وقت به مقام و منزلت در نزد خدا پی می بریم، و می فهمیم که او تو را فرستاده.

رسول خدا (ص) فرمود: من به چنین چیزهایی مبعوث نشده ام، تنها به آن دینی که می دانید مبعوث گشته ام، و من آن را به شما ابلاغ نمودم، اگر پذیرفتید همان بهره شما در دنیا و آخرت است، و اگر رد نمودید در برابر امر خدا صبر می کنم تا میان من و شما حکم کند.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 298

گفتند: حال که این را هم قبول نمی کنی اقلا منفعت خودت را در نظر بگیر و از پروردگارت درخواست کن فرشته ای به سوی ما بفرستد و تو را تصدیق کند و شر ما را از تو کوتاه کند، و تو از او بخواهی که برایت باغی و گنجهایی و کاخهایی از طلا و نقره فراهم نماید، و تو را از آنچه که می بینیم در طلبش هستی بی نیاز کند، چون تو الآن مانند ما محتاج به بازار رفتن و تحصیل معاشی، اگر راستی پیغمبری و با خدای تعالی ارتباط داری اینکار که می گوئیم بکن تا ما به مقام و منزلت تو پی ببریم.

رسول خدا (ص) فرمود: من اینکار را نمی کنم، و هرگز از پروردگار خود چنین چیزهایی درخواست نمی نمایم، و به چنین چیزهایی هم مبعوث نشده ام، بلکه خداوند مرا به عنوان بشیر و نذیر مبعوث کرده اگر قبولم کردید همان پذیرفتنتان حظتان در دنیا و آخرت خواهد بود، و اگر مرا رد نمودید من در برابر امر خدا صبر می کنم تا خدا میان من و شما داوری کند.

گفتند: پس آسمان را به زمین بینداز تو که می گویی پروردگارت اگر بخواهد می تواند اینکار را بکند، و ما به هیچ وجه به تو ایمان نمی آوریم مگر اینکه آسمان را به زمین بیندازی، رسول خدا (ص) فرمود: این با خدا است اگر بخواهد بکند، و شما را در زیر آن خرد سازد.

گفتند: ای محمد خدای تو می داند که ما تصمیم گرفته ایم هم چنان با تو بنشینیم، و هر چه خواستیم سؤال کنیم تا آنکه نزد تو (ملکی) را بفرستد و تو را از توطئه و تصمیم ما خبر دهد و آنچه را هم که می خواهد با ما انجام دهد بتو اعلام بدارد، و اگر به آنچه که آورده ای ایمان نمی آوریم، برای این است که به ما گفته اند که این حرفها را مردی به نام رحمان از اهل یمامه به تو درس می دهد و ما هم به خدا سوگند هرگز زیر بار رحمان یمامه ای نخواهیم رفت، و ما دیگر عذر و بهانه ای برای تو باقی نگذاشته ایم، ای محمد (ص) متوجه باش که به خدا سوگند دست بردار از تو نیستیم، تا تو را به خاطر آنچه به ما کردی نابود کنیم، و یا تو ما را نابود سازی، سخنگوی ایشان گفت: هرگز به تو ایمان نمی آوریم تا آنکه خدا و ملائکه را یک جا برایمان نیاوری.

وقتی این حرف را زدند رسول خدا (ص) برخاست و عبد اللَّه بن ابی امیه هم با او برخاست و گفت: ای محمد (ص) قومت پیشنهادهایی کرده اند نپذیرفتی از تو برای خود چیزهایی خواسته اند تا بدان وسیله منزلت و مقام ترا نزد خدا بدانند انجام ندادی، در آخر از تو خواستند تا آن عذابی که با آن تهدیدشان می کنی بیاوری آن را هم

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 299

نیاوردی اینک به تو بگویم که به خدا سوگند هرگز به تو ایمان نمی آورم چه، اگر نردبانی به آسمان بگذاری و از آن بالا روی، و من با چشم خود ببینم که بر فراز آسمان شدی آن گاه نسخه ای باز با خود بیاوری و چهار فرشته هم با تو بیایند و شهادت دهند که آنچه می گویی حق است، به خدا سوگند اگر این را هم بکنی گمان می کنم که تصدیقت نکنم.

این را گفت و رفت، رسول خدا (ص) اندوهگین به خانه خود بازگشت، و از اینکه مردم بر خلاف آنچه انتظار داشت با وی مواجه شدند و برای همیشه از پیرویش مایوسش کردند تاسف می خورد و در اینجا بود که آیه (لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ) تا جمله (بَشَراً رَسُولًا) در باره کلام عبد اللَّه بن ابی امیه نازل شد ... «1».

مؤلف: آنچه در این روایت در حکایت گفتگوی قریش با رسول خدا (ص) آمده با ظاهر آیات مورد بحث نمی سازد، هم چنان که جوابهایی که در این روایت است از رسول خدا (ص) نقل کرده با جوابهایی که از آن جناب در این آیات آمده تطبیق نمی کند و بیان این ناسازگاری از آنچه که در بیان آیات گذشت دست می آید.

علاوه بر اینکه در روایات متعددی از طرق شیعه و هم از طرق اهل سنت آمده که سخنگوی قریش که پیشنهادات نامبرده و سؤالها را می کرده عبد اللَّه بن ابی امیه مخزومی برادر ام سلمه همسر رسول خدا (ص) بوده است.

و در الدر المنثور در تفسیر جمله" وَ نَحْشُرُهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عَلی وُجُوهِهِمْ" آمده که احمد و بخاری و مسلم و نسایی و ابن جریر و ابن ابی حاتم و حاکم و ابو نعیم در کتاب معرفت و ابن مردویه و بیهقی در کتاب اسماء و صفات از انس روایت کرده اند که گفت: شخصی از رسول خدا (ص) پرسید: چطور مردم بر روی خود محشور می شوند؟ فرمود آن کس که مردم را بر دو پا به راه انداخت نیز می تواند بر رویشان براه اندازد «2».

مؤلف: در این معنا روایات دیگری نیز هست.

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 202.

(2)الدر المنثور، ج 4، ص 203.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 300

[سوره الإسراء (17): آیات 101 تا 111] ..... ص : 300

اشاره

وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِی إِسْرائِیلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّی لَأَظُنُّکَ یا مُوسی مَسْحُوراً (101) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّی لَأَظُنُّکَ یا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (102) فَأَرادَ أَنْ یَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ جَمِیعاً (103) وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِی إِسْرائِیلَ اسْکُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِکُمْ لَفِیفاً (104) وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ وَ ما أَرْسَلْناکَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَ نَذِیراً (105)

وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَی النَّاسِ عَلی مُکْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِیلاً (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا یُتْلی عَلَیْهِمْ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (107) وَ یَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ کانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (108) وَ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ یَبْکُونَ وَ یَزِیدُهُمْ خُشُوعاً (109) قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَیْنَ ذلِکَ سَبِیلاً (110)

وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ شَرِیکٌ فِی الْمُلْکِ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ کَبِّرْهُ تَکْبِیراً (111)

ترجمه آیات ..... ص : 300

و هر آینه به تحقیق، موسی را نه معجزه آشکار دادیم. پس از بنی اسرائیل بپرس، آن دم که موسی بیامدشان و فرعون بدو گفت: ای موسی من تو را جادو شده می پندارم (101).

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 301

گفت: تو خود می دانی که این معجزه ها را جز پروردگار آسمانها و زمین نازل نکرده، و من تو را ای فرعون هلاک شده می بینم (102).

پس (فرعون) خواست از آن سرزمین بیرونشان کند، پس او و کسانی که همراهش بودند را جملگی غرق کردیم (103).

و پس از او به بنی اسرائیل گفتیم: در این سرزمین جای گیرید، و چون موعد دیگر بیاید شما را همه با هم بیاوریم (104).

قرآن را به حق نازل کردیم، و به حق نازل شده است و تو را جز نویدبخش و بیم رسان نفرستاده ایم (105).

و قرآن را به تدریج فرستادیم تا آن را به تدریج برای مردم بخوانی و آن را نازل کردیم نازل کردنی کامل (106).

بگو قرآن را باور کنید یا باور نکنید کسانی که پیش از این علم داده شده اند، وقتی قرآن بر آنها خوانده شود بر چانه سجده کنان به زمین می افتند (107).

و می گویند پروردگار ما منزه است که وعده پروردگارمان انجام شدنی است (108).

و گریه کنان بر چانه ها افتند و تواضعشان افزون شود (109).

بگو خدا را بخوانید یا رحمان را، هر کدام را بخوانید نامهای نیکو از اوست، نماز خویش را بلند مخوان و آهسته هم مخوان بلکه میان این دو راهی پیش گیر (110).

بگو ستایش خاص خدایی است که فرزندی نگرفته و در ملک شریک ندارد، و وی را دوست و سرپرستی برای رفع مذلت نیست. وی را تکبیر گوی تکبیر گفتنی کامل (111).

بیان آیات ..... ص : 301

اشاره

در این آیات وضع رسول خدا (ص) و معجزه قرآنش و اعراض مشرکین از آن جناب و طلب نمودن معجزاتی بیهوده تشبیه شده به وضع موسی (ع) و معجزات نبوتش و اعراض فرعون از آن معجزات، و نسبت سحر به وی دادن، و پس از تشبیه مجددا به وصف قرآن کریم و سبب نزول تدریجی آن و نیز به بیان معارفی دیگر می پردازد.

" وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِی إِسْرائِیلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّی لَأَظُنُّکَ یا مُوسی مَسْحُوراً".

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 302

[مقصود از معجزات نه گانه موسی (علیه السلام) در آیه:" وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسی تِسْعَ آیاتٍ بَیِّناتٍ ..."] ...... ص : 302

معجزاتی که موسی بن عمران (ع) آورده به طوری که قرآن حکایت می کند بیش از نه معجزه است، و اگر در آیه مورد بحث، آنها را نه معجزه شمرده، منظور، آن معجزاتی بوده که در برابر فرعون و دعوت او آورده، و آن عبارت است از عصا و ید بیضاء و طوفان و ملخ و قورباغه و سوسمار و خون و قحطی و کمبود میوه ها، و ظاهرا مقصود از معجزات نه گانه در آیه همین ها باشد، مخصوصا با در نظر گرفتن این که گفتار موسی به فرعون را حکایت نموده می فرماید:" لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ- تو خود می دانی که این معجزات را جز پروردگار آسمان و زمین به منظور بینایی خلق کس دیگری نفرستاده".

و اما سایر معجزاتی که آن جناب داشته، مانند شکافتن دریا و جریان آب از سنگ و زنده کردن کشته ای به وسیله گاو و زنده کردن آنان که با صاعقه هلاک شدند و سایه کردن کوه بر بالای سر ایشان و امثال آن، همه خارج از معجزات نه گانه است، و معجزاتی است که برای امت خود آورده نه برای فرعون.

(در اینجا ممکن است بگویی ظاهر" تِسْعَ آیاتٍ" این است که نه معجزه نامبرده یک بار نازل شده و این مخالف با واقع مطلب است، چون واقع، این است که معجزات تدریجا نازل شده. در جواب می گوئیم این منافات در صورتی است که بخواهد یک واقعه را بیان کند، ولی آیه شریفه ناظر به مجموع مخاصمات فرعون با موسی در طول مدت دعوتش می باشد).

و بنا بر این دیگر نباید به گفته بعضی «1» از مفسرین که نه معجزه را غیر از معجزات مذکور معرفی کرده اند اعتناء نمود.

در تورات معجزات نه گانه مزبور عبارتند از: عصا و خون و سوسمار و قورباغه و مرگ چارپایان و سرمایی سوزان چون آتش که از هر جا عبور کرد نباتات و حیوانات را نابود ساخت و ملخ و ظلمت و مرگ عمومی بزرگسالان و همه حیوانات.

و بعید نیست همین دوگونگی تورات با ظاهر قرآن در خصوص معجزات نه گانه، باعث شده که قرآن کریم اسامی آنها را به طور مفصل بیان نکند، زیرا اگر بیان می کرد، و دنبالش می فرمود:" فَسْئَلْ بَنِی إِسْرائِیلَ"- از یهود بپرس یهود در جواب، آن اسامی را انکار می نمود، چون یهود هرگز حاضر نمی شد گفتاری را از قرآن که مخالف با تورات باشد بپذیرد، لا جرم به تکذیب قرآن مبادرت می نمودند، از همین جهت قرآن اسم آنها را نبرده.

" إِنِّی لَأَظُنُّکَ یا مُوسی مَسْحُوراً"- یعنی من گمان می کنم که تو را سحر کرده باشند و

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 182 و کشاف، ج 2، ص 697 و مجمع البیان، ج 6، ص 443.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 303

در نتیجه خللی به عقلت وارد آمده باشد، و این همان معنایی است که در جای دیگر نقل نموده فرموده است:" إِنَّ رَسُولَکُمُ الَّذِی أُرْسِلَ إِلَیْکُمْ لَمَجْنُونٌ" «1» بعضی «2» گفته اند: مقصود از مسحور که به صیغه اسم مفعول است ساحر و به معنای اسم فاعل است نظیر کلمه میمون و مشئوم که به معنای دارنده میمنت و دارنده نحوست است که در اصل در نسبت استعمال شده معنای میمنتی و مشئمتی را می دهد (مانند همدانی و شیرازی).

" قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّی لَأَظُنُّکَ یا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً".

کلمه" مثبور" به معنای هالک است زیرا از ماده" ثبور" است که به معنای هلاکت است، و معنا این است که موسی فرعون را مخاطب نموده گفت: تو خوب می دانی که این معجزات روشن را غیر پروردگار آسمانها و زمین کسی نازل نکرده، و او به منظور بصیرت یافتن مردم نازل کرده، تا چشم دلشان روشن گشته میان حق و باطل را تمیز دهند، و من گمان می کنم که تو به خاطر عناد و انکارت سرانجام هلاک شوی ای فرعون.

و اگر در پاسخ فرعون فرمود: من گمان می کنم که تو هلاک می شوی بدین جهت بود که اولا حکم دست خداست و نمی شود بطور یقین حکم کرد و ثانیا خواست تا کلامش مطابق با کلام فرعون باشد که گفت: من گمان می کنم که تو جادو شده ای، به علاوه، استعمال کلمه:" ظن" در مورد یقین در پاره ای موارد جائز است.

" فَأَرادَ أَنْ یَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ جَمِیعاً".

استفزاز به معنای بیرون کردن به قهر و زور است، و معنای آیه روشن است.

[معنای اینکه خطاب به بنی اسرائیل فرمود:" اسْکُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ..."] ..... ص : 303

" وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِی إِسْرائِیلَ اسْکُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِکُمْ لَفِیفاً".

مقصود از زمینی که مامور شدند در آنجا سکونت نمایند سرزمین مقدسی است که به حکم آیه شریفه" ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِی کَتَبَ اللَّهُ لَکُمْ" «3» و آیاتی دیگر، خداوند برای آنان مقدر فرموده بود. هم چنان که از سیاق برمی آید که مراد از کلمه ارض در آیه قبلی، مطلق روی زمین و یا خصوص سرزمین مصر می باشد.

و معنای اینکه فرمود:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ" این است که وقتی وعده بار دوم و

__________________________________________________

(1)رسولتان که به سوی شما گسیل شده مجنون است. سوره شعراء، آیه 27.

(2)مجمع البیان، ج 6، ص 444 و تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 65. [.....]

(3)داخل شوید زمین مقدسی را که خداوند برای شما نوشته است. سوره مائده، آیه 21.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 304

یا وعده زندگی آخرت رسید که بنا به احتمال دوم مراد از آن بطوری که مفسرین «1» گفته اند روز قیامت است، و معنای جمله:" جِئْنا بِکُمْ لَفِیفاً" این است که همه شما را ملفوف یعنی دسته جمعی و به هم پیچیده خواهیم آورد.

و معنایش این است که بعد از غرق فرعون به بنی اسرائیل گفتیم در سرزمین مقدس سکونت کنید- در حالی که فرعون می خواست ایشان را به زور بیرون کند- و گفتیم که چون روز قیامت شود شما را با هم برای حساب و داوری محشور می کنیم.

بعید هم نیست که مراد از وعده آخرت همان قضایی باشد که راندن آن را در اول سوره ذکر نموده فرمود:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِیَسُوؤُا وُجُوهَکُمْ وَ لِیَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ کَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِیُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِیراً" هر چند که بیشتر مفسرین این احتمال را نداده اند، لیکن بنا بر این احتمال صدر سوره با ذیل آن مرتبط می شود، و آن وقت مراد از ذیل این می شود که: بعد از غرق فرعون، به بنی اسرائیل دستور دادیم که در سرزمین مقدس که فرعون شما را از رفتن به آنجا جلوگیری می کرد منزل کنید و در آنجا باشید تا وعده دیگر شما برسد، همان وعده ای که در آن، بلاها شما را می پیچاند و دچار قتل و غارت و اسیری و جلای وطن می شوید در آن موقع همه شما را گرد آورده و در هم فشرده می آوریم (و این همان اسارت بنی اسرائیل و جلای وطن آنان است که یکپارچه به بابل آمدند).

و بنا بر این وجه، نکته فاء تفریعی که بر سر جمله:" فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ..." آمده روشن می شود و معلوم می گردد که چرا جمله مزبور متفرع بر جمله:" وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِی إِسْرائِیلَ اسْکُنُوا الْأَرْضَ" شده، در حالی که بنا بر وجه سابق هیچ نکته ای از این تفریع به دست نمی آید.

" وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ وَ ما أَرْسَلْناکَ إِلَّا مُبَشِّراً وَ نَذِیراً".

بعد از آنکه از تشبیهی که گفتیم فارغ گردید مجددا به بیان حال قرآن و ذکر اوصاف آن برگشته خاطرنشان می سازد که قرآن را به همراهی حق نازل کرده و قرآن از ناحیه خداوند به مصاحبت با حق نازل شده، پس، از باطل مصونیت دارد، زیرا نه از ناحیه کسی که نازلش کرده چیزی از باطل و لغو همراه دارد که تباهش کند، و نه در داخلش چیزی هست که ممکن باشد روزی فاسدش کند، و نه غیر خدا کسی با خدا در آن شرکت داشته که روزی از روزها تصمیم بگیرد آن را نسخ نموده و باطل سازد، و نه رسول خدا می تواند در آن دخل و تصرفی

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 444 و تفسیر فخر رازی، ج 21، ص 66 و روح المعانی، ج 15، ص 187.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 305

نموده کم و یا زیادش کند و یا به کلی و یا بعضی از آن را به پیشنهاد مردم و یا هوای دل خویش متروک گذارد، و از خدا آیه ای دیگر که مطابق میل مردم و یا میل خود او است بخواهد و یا در پاره ای از احکام و معارفش مداهنه و یا مسامحه کند، چون او رسولی بیش نیست، و تنها مامور است که بشر را بشارت و انذار دهد. پس همه اینها برای این است که قرآن حق است و از مصدر حق صادر گشته،" فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ- بعد از حق غیر از ضلالت چه چیز دیگری هست".

پس جمله" وَ ما أَرْسَلْناکَ ..." متمم کلام سابق است، و خلاصه اش این است که قرآن آیتی است حق، که احدی نمی تواند در آن دخل و تصرف نماید، و رسول خدا (ص) و غیر او در این مداخله نداشتن برابرند.

" وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَی النَّاسِ عَلی مُکْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِیلًا".

این آیه عطف است بر ما قبلش و معنای مجموع آن دو چنین می شود، ما قرآن را به حق نازل نمودیم و آن را آیه آیه کردیم. در مجمع البیان گفته «1»:" معنای" فرقناه"" فصلناه" است، یعنی آن را آیه آیه و سوره سوره نازل کردیم، جمله:" عَلی مُکْثٍ" نیز بر همین معنا دلالت می کند، زیرا" مکث"- به ضمه میم و همچنین به فتحه آن- دو واژه هستند به یک معنا".

پس لفظ آیه با صرفنظر از سیاق آن تمامی معارف قرآنی را شامل می شود، و این معارف در نزد خدا در قالب الفاظ و عبارات بوده که جز به تدریج در فهم بشر نمی گنجد، لذا باید به تدریج که خاصیت این عالم است نازل گردد تا مردم به آسانی بتوانند تعقلش کرده حفظش نمایند، و بر این حساب آیه شریفه همان معنایی را می رساند که آیه" إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ وَ إِنَّهُ فِی أُمِّ الْکِتابِ لَدَیْنا لَعَلِیٌّ حَکِیمٌ" «2» در مقام بیان آن است.

[حکمت نزول تدریجی و تفریق قرآن، مقارن شدن علم و عمل به قرآن و تمامیت یافتن استعداد مردم در تلقی آن است ] ..... ص : 305

و نزول آیات قرآنی به تدریج و بند بند و سوره سوره و آیه آیه، به خاطر تمامیت یافتن استعداد مردم در تلقی معارف اصلی و اعتقادی و احکام فرعی و عملی آن است، و به مقتضای مصالحی است که برای بشر در نظر بوده، و آن این است که علم قرآن با عمل به آن مقارن باشد، و طبع بشر از گرفتن معارف و احکام آن زده نشود، معارفش را یکی پس از دیگری درک

__________________________________________________

(1)مجمع البیان، ج 6، ص 445.

(2)بدرستی که ما قرار دادیم آن را قرآنی عربی شاید شما تعقل کنید، و به درستی که آن در اصل کتاب نزد ما هر آینه بلند مرتبه و با حکمت است. سوره زخرف، آیات 3 و 4.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 306

نماید تا به سرنوشت تورات دچار نشود، که به خاطر اینکه یکباره نازل شد، یهود از تلقی آن سر باز زد، و تا خدا کوه را بر سرشان معلق نکرد حاضر به قبول آن نشدند.

این آن معنایی است که از نظر لفظ آیه با قطع نظر از سیاق استفاده می شود، و لیکن از نظر سیاق آیات قبلی که در آن سخنی چون:" حَتَّی تُنَزِّلَ عَلَیْنا کِتاباً نَقْرَؤُهُ" وجود داشت که پیشنهاد کرده بودند قرآن یکباره نازل شود استفاده می شود که منظور از" تفریق قرآن" این است که آن را بر حسب تدریجی بودن تحقق اسباب نزول سوره سوره و آیه آیه نازل کردیم و پیشنهاد نزول دفعی در قرآن کریم مکرر حکایت شده است مانند آیه:" وَ قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَیْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً" «1» و نیز آیه:" یَسْئَلُکَ أَهْلُ الْکِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَیْهِمْ کِتاباً مِنَ السَّماءِ" «2».

مؤید این احتمال ذیل آیه است که می فرماید:" وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِیلًا" برای اینکه تنزیل به معنای نازل کردن به تدریج است، و این با اعتبار دوم سازگارتر است تا اعتبار اول.

و با این حال اعتبار دوم که عبارت است از تفصیل قرآن و تفریق آن به حسب نزول، یعنی نازل کردن بعضی از آن را بعد از بعضی دیگر مستلزم اعتبار اول نیز هست، زیرا اعتبار اول عبارت بود از این که مقصود از تفریق قرآن تفریق معارف و احکامش باشد نه تفریق آیات و سوره اش. اگر هم منظور از تفریق معنای دوم باشد، معارف و احکام نیز تفریق خواهد شد، چون همه از یک حقیقت سرچشمه می گیرد هم تفریق معارف و هم تفریق آیات و سوره ها.

و به همین جهت خدای تعالی کتاب خود را به سوره ها و سوره هایش را به آیات تفریق نمود، البته بعد از آنکه به لباس واژه عربی ملبسش نمود، و چنین کرد تا فهمش برای مردم آسان باشد، هم چنان که خودش فرموده:" لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ"

آن گاه آن کتاب را دسته دسته و متنوع به چند نوع نموده و مرتبش کرد و سپس یکی پس از دیگری هر کدام را در موقع حاجت بدان و پس از پدید آمدن استعدادهای مختلف در مردم و به کمال رسیدن قابلیت آنان برای تلقی هر یک از آنها نازل کرد، و این نزول در مدت بیست و سه سال صورت گرفت تا تعلیم با تربیت و علم با عمل همسان یکدیگر پیش رفته باشند.

و ما ان شاء اللَّه به زودی در یک بحث جداگانه به مطالبی که مربوط به این آیه است برمی گردیم.

__________________________________________________

(1)آنان که کافر شدند گفتند: چرا قرآن یکباره بر او نازل نشد؟. سوره فرقان، آیه 32.

(2)اهل کتاب از تو می خواهند که کتابی یک پارچه بر ایشان نازل کنی. سوره نساء، آیه 153.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 307

" قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا ... وَ یَزِیدُهُمْ خُشُوعاً".

مراد از" الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ" کسانی اند که قبل از نزول قرآن، خدا و آیات او را می شناختند، چه از یهود و چه از نصاری و چه از غیر ایشان، بنا بر این هیچ جهتی ندارد که ما آن را به طائفه معینی اختصاص دهیم.

مگر آنکه کسی بگوید: از سیاق استفاده می شود که مقصود از آن، علمای اهل حقند که دینشان منسوخ نشده باشد و چنین کسانی منحصرا علمای مسیحیت خواهند بود چون قبل از نزول قرآن دین غیر منسوخ همان نصرانیت بود و منظور از علمای ایشان آنهایند که از دین خدا روی برنگردانده و آن را دستخوش تحریف نکردند.

و به هر حال مقصود از اینکه فرمود:" قبل از آن علم داده شدند" این است که برای فهم کلمه حق و قبول آن مستعد شدند چون مجهز به فهم حقیقت معنای حق گشته بودند، در نتیجه حق بودن قرآن کریم هم در دلهای ایشان ایجاد خضوع بیشتری کرده است.

" یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً"- کلمه" اذقان" جمع" ذقن" به معنای چانه است که محل اجتماع دو طرف صورت است، و" خرور کردن ذقن" به معنای به خاک افتادن برای سجده است، و کلمه" سجدا" نیز همین معنا را بیان می کند. و اگر از میان جهات مختلف صورت، از پیشانی و گونه و چانه، تنها چانه را ذکر کرده برای این است که چانه از دیگر جهات صورت به زمین نزدیکتر است و در هنگام به خاک افتادن زودتر به زمین می رسد. و چه بسا که گفته»

باشند:" مقصود از اذقان همه صورت است که به طور مجاز، جزء صورت را بر کل آن اطلاق نموده اند".

" وَ یَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ کانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا"- یعنی خدای را از هر نقیصه و از آن جمله خلف وعده منزه می دارند. از سیاق آیات قبل استفاده می شد که مقصود از وعده، وعده ای است که خدای تعالی به بعثت و زنده کردن مجدد خلق داده بود، و این در قبال اصراری است که مشرکین بر نبودن بعث و انکار معاد داشتند هم چنان که در آیات سابق بر این نیز، مکرر نقل شد.

" وَ یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ یَبْکُونَ وَ یَزِیدُهُمْ خُشُوعاً"- قبلا خرور برای سجده را که معنای خشوع را می رساند فرموده بود، در این جمله مجددا آن را به اضافه گریه آورده تا معنای خضوع را افاده کند، زیرا" خرور" به تنهایی تذلل و اظهار حقارت با جوارح بدنی است و" خشوع"

__________________________________________________

(1)روح المعانی، ج 15، ص 189.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 308

تذلل و اظهار مذلت با قلب است، پس خلاصه آیه چنین می شود که: ایشان برای خدا خضوع و خشوع می کنند.

در این آیه خصیصه ای برای مردم با ایمان ذکر می کند، و آن این است که قرآن مایه خضوع و خشوع ایشان است، هم چنان که قبلا هم فرموده بود:" وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ" و یک خصیصه از خصائص مشرکین را از مؤمنین نفی می نماید، و آن مساله انکار بعث است.

[توضیحی در مورد بی نیاز بودن قرآن از ایمان مشرکین به آن، برای ثبوت حقانیت و کمالش ] ..... ص : 308

و این سه آیه می فهماند که قرآن کریم از ایمان آوردن مشرکین بی نیاز است، البته نه از این جهت که ایمان کسانی که قبلا علم داده شده بودند، احتیاج قرآن را رفع می کند، و دیگر به ایمان مشرکین احتیاج ندارد، بلکه از این جهت که ایمان آن دسته که گفتیم کاشف از این است که این کتاب، کتاب حقی است که در حقانیت و کمالش محتاج به ایمان هیچ مؤمنی و تصدیق هیچ مصدقی نیست. اگر کسی ایمان آورد به سود خود اوست و اگر کفر ورزد به ضرر خود اوست، نه به سود و زیان قرآن.

قبلا خدای سبحان اعراض مشرکین از قرآن و کفرشان به آن و بی اعتنائیشان به آیت بودن آن و اقتراحشان، آیاتی دیگر را بیان کرده بود و سپس صفات کمال و دلائل معجزه بودن لفظ و معنای قرآن و نفوذ اثر آن در دلها و کیفیت نزولش را آن قدر که بدانند کتابی است که الی الابد دستخوش فساد نمی شود را بیان کرده بود، اینک در این آیات سه گانه این معنا را بیان می کند که قرآن از ایمان ایشان بی نیاز است، ایشان خود می دانند که از کفر و ایمان به قرآن کدامیک را اختیار کنند.

" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی ".

لفظ" او" در این آیه یکسانی و یا اباحه هر دو طرف را افاده می کند و مراد از کلمه" اللَّه" و کلمه" الرحمن" دو اسم است که بر یک مسمی دلالت می کنند، نه دو مسمی. و معنای آیه این است که:" خدا را چه به اسم اللَّه بخوانید و چه به اسم رحمان او را خوانده اید و میان این دو گونه خواندن فرقی نیست".

و جمله" أَیًّا ما تَدْعُوا" شرطیه است و کلمه" ما" نظیر" ما" یی است که در جمله" فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ" «1» و نیز در جمله" عَمَّا قَلِیلٍ لَیُصْبِحُنَّ نادِمِینَ" «2» به کار رفته است، و کلمه

__________________________________________________

(1)سوره آل عمران آیه 159.

(2)سوره مؤمنون آیه 40.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 309

" ایا" که شرطیه است مفعول" تدعوا" می باشد.

[اشاره به اقسام نام ها و بیان مراد از جمله:" فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی "] ..... ص : 309

و جمله" فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی " جواب شرط مزبور است که از باب نهادن سبب در جای مسبب چنین آمده، و معنای آن این است که: هر یک از این دو اسم را بخوانید یکی از اسماء احسن خدا را خوانده اید، برای اینکه همه اسماء حسنی از آن او است، پس اسماء که دلالت بر مسمیات دارند دو قسمند: یکی آنهایی که دلالت می کنند بر مسمیاتی که دارای حسنند، و دیگر آنهایی که دلالت می کنند بر مسمیاتی که دارای قبحند، و چون قبح در ساحت مقدس خدای تعالی راه ندارد لا جرم تنها قسم اول در آنجا یافت می شود. و همان قسم هم باز دو نوع است:

یکی آن اسماء حسنایی که حسن محضند، و آمیخته با نقص و قبح نیستند، مانند غنائی که آمیخته با فقر نباشد، و حیاتی که موت همراه نداشته باشد و عزتی که با ذلت در هم نباشد.

و دیگر آن اسماء حسنایی که آمیخته با قبح باشند، لیکن حسن آنها بر قبحشان فزونی دارد.

از این دو قسم تنها قسم اول اسماء خداست که عبارت است از هر اسمی که در معنایش احسن الاسماء باشد، هم چنان که پیشوایان دین فرموده اند" خدای تعالی غنی است، اما نه چون اغنیاء، حی است اما نه چون احیاء، عزیز است، نه چون عزیزان، علیم است، نه چون علماء" و همانگونه که از اسماء، آنهایی که حسن محضند برای خدای تعالی است، از هر کمالی هم صرف و خالص آن که هیچ شائبه و آمیختگی با خلافش ندارد، برای خداوند ثابت است.

ضمیر" له" در جمله" فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی " به ذات خدا که از هر اسم و رسمی متعالی است برمی گردد، نه به دو اسم" اللَّه" و" رحمان"، زیرا مراد از آن دو- همانطور که گفتیم- دو اسم است، نه ذات متعالی که همان مسمی به آن دو اسم است، زیرا معنا ندارد که کسی بگوید:" هر یک از دو اسم را بخوانید، باری برای آن اسم همه اسماء حسنی و یا بقیه اسماء حسنی هست" پس معنای صحیح همین است که بگوییم: هر یک از اسماء خدا را بخوانید مانعی ندارد، چون همه آنها اسماء او هستند، چون تمامی آنها حسنایند و اسماء حسنی هم تمامیش از خداست، و این اسماء وسایل خواندن خدایند، چه خود خدا را بخوانید، چه آن اسماء را هیچ فرقی ندارد، چون اسماء مذکور تنها اسماء اویند، و اسم آئینه و نمایاننده مسمی و عنوان او است- دقت بفرمائید.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 310

این آیه از آیات برجسته قرآنی است که آن حقیقتی را که قرآن کریم از مساله توحید ذات و توحید عبادت در قبال دید و ثنیت (دوگانه پرستی) نسبت به توحید در ذات و شرک در عبادت می بیند آشکار و روشن می سازد.

[رد عقیده بت پرستان که اسماء متعدد خدا را حاکی از آلهه متعدد پنداشته به شرکت در عبادت مبتلا شده اند و بیان اینکه اسماء خدای تعالی مرآت و معرف یک مسمی هستند] ..... ص : 310

آری پیروان وثنیت- همانطور که در جلد دهم این کتاب پاره ای از اعتقاداتشان را نقل کردیم- خدای سبحان را ذاتی متعال از هر حد و وصفی می بینند، و وقتی همین ذات مطلق به یکی از مشخصات که خود اسمی است از اسماء مشخص می شود همان تشخص را تولد می خوانند، و از دید وثنیت ملائکه و جن مظاهر عالیه ای برای اسماء هستند، و به همین جهت آن دو را فرزندان خدا دانستند که در عالم وجود دخل و تصرف دارند. و نیز از دید آنان عبادت عبادت کاران و توجه هر متوجهی از مرحله ظهور اسماء و مرتبه فرزندان خدا که مظاهر اسماء اویند تجاوز نمی کند (و به خدا نمی رسد، هر چند که او خیال کند متوجه خدا شده بلکه در حقیقت متوجه همان فرزندان خدا گشته است).

آری، اگر ما خدا را می پرستیم در حقیقت خالق و رازق و محیی و ممیت و امثال آن را می پرستیم که همه اینها اسمایی هستند که تنها در ملائکه و جن جلوه دارند، و اما ذات متعالی خدا اجل و بالاتر از آن است که عقل و وهم و یا حس آدمی او را درک نماید.

پس به نظر وثنی ها خواندن هر اسمی از اسماء خدا پرستیدن همان اسم است، یعنی پرستیدن فرشته یا جنی است که مظهر آن اسم است، و همان جن و ملک اله و معبود آن عبادت است، و تعدد خدایان از همین جا ریشه گرفته است، چون دعاها انواع زیادی داشته، و زیادی انواع دعاها هم به خاطر زیادی و تعدد انواع حاجات بوده، و به همین جهت وقتی یکی از مشرکین شنید که رسول خدا (ص) در نمازش می گفته یا اللَّه، یا رحمن گفته بود: به این بی دین نگاه کنید که ما را از پرستیدن دو اله منع می کند آن وقت خودش دو اله را می خواند.

آیه شریفه مورد بحث این حرف را رد می کند و وجه خطای این اعتقاد را هم بیان می نماید که این اسماء، اسماء متعددی برای خدا و مملوک صرف اویند، نه اینکه خودشان اله مستقل بوده در ذات و صفات از او جدا باشند، و خود ذات و صفات جداگانه ای دارا باشند و جز وسیله بودن برای پرستش خدای یگانه خاصیت دیگری ندارند، و خواندن آنها خواندن او است، و توجه به سوی آنها توجه به سوی او است، زیرا معقول نیست که مسمی از اسم جدا باشد. پس این اسماء صرفا طریق به سوی خدا و راهنمای به سوی او و وجه اویند که به وسیله آنها برای غیر خود جلوه می کند، پس خواندن خدا به وسیله اسماء متعدد منافات با توحید در عبادت ندارد.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 311

بر عکس خواندن اسماء به طوری که از اسم به مسمی تجاوز نکند، محال و غیر معقول است.

از این بیان به خوبی روشن می گردد که اسماء و یا مظاهر اسماء از جن و ملک را فرزندان خدا دانستن خطاء است، زیرا جن و ملک را فرزند و یا پسر اطلاق کردن چه اطلاق به نحو حقیقت باشد و چه به نحو مجاز و به عنوان احترام و تشریف، محتاج نوعی سنخیت و اشتراک میان پسر و پدر است، یعنی این دو باید در اصل و حقیقت ذات و یا حد اقل در کمالی از کمالات ذات با هم نوعی اشتراک داشته باشند، و ساحت کبریایی خدای تعالی منزه است از اینکه چیزی غیر او، شریک در ذات و یا کمالش باشد، زیرا هر چه او خودش دارد و هر چه که غیر خودش دارد همه از آن او است، و غیر او چیزی از خود ندارد، پس چگونه شریک او می شود؟.

و نیز روشن می گردد که نسبت تصرف در وجود را به جن و ملک دادن هر قسم تصرف باشد باطل است، زیرا این ملائکه و همچنین اسمایی که ملائکه مظاهر آنند خودشان از خود، مالک چیزی نیستند، و در قبال خدای تعالی در هیچ چیز استقلال ندارند بلکه همانطور که خدای سبحان فرموده:" بَلْ عِبادٌ مُکْرَمُونَ لا یَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ یَعْمَلُونَ" «1» و در آنچه انجام می دهند خدای را اطاعت می کنند و جن نیز در اعمال خود اینچنین است.

و کوتاه سخن اینکه هیچ سببی از اسباب مؤثر در عالم نیست مگر اینکه خدا قدرت و سببیت را به آن داده باشد. پس مالک حقیقی هر چه که اسباب مالکند، خداست، و قادر هر قدرتی که آنها از خود نشان دهند خداست نه خود آنان.

و این حقیقتی است که آیه بعدی هم که می فرماید:" وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ شَرِیکٌ فِی الْمُلْکِ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ" آن را افاده می کند، و ما ان شاء اللَّه به زودی این افاده را تکرار می کنیم.

ناگفته نماند که آیه شریفه مورد بحث، دلالت می کند بر اینکه اسم جلاله" اللَّه" جزو اسامی حسنای خدا است که در اصل" الاله" بوده. وصفی بوده که معنای معبودیت را می رسانده، و فعلا در اثر کثرت استعمال صورت اسمیت و علمیت به خود گرفته، به شهادت اینکه می بینیم که صحیح است آن را به اوصافی وصف کنیم، مثلا بگوییم اللَّه، رحمان و رحیم است، ولی صحیح نیست بگوییم رحمان، اللَّه و رحیم است هم چنان که در خود قرآن

__________________________________________________

(1)عبادی مکرمند که در هیچ حرفی از او پیشدستی ننموده به اوامرش عمل می کنند. سوره انبیاء، آیات، 26 و 27.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 312

کریم هم معامله علمیت با آن شده و مکرر فرموده" بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ- به نام خدایی که این صفت دارد: رحمان و رحیم است.

" وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَیْنَ ذلِکَ سَبِیلًا".

" جهر" و" اخفات" دو صفت متقابل همند که صداها را با آن دو توصیف می کنند، و چه بسا در وسط آن دو صفت دیگری را هم معتبر بشمارند که نسبت به جهر اخفات باشد و نسبت به اخفات جهر باشد، (مانند آب ملایم که نسبت به آب داغ خنک و نسبت به آب یخ داغ است) و در این صورت جهر به معنای مبالغه در بلند کردن آواز و اخفات به معنای مبالغه در آهسته سخن گفتن و حد وسط آن دو معتدل حرف زدن می شود، و بنا بر این معنای آیه این می شود که: در نماز صدایت را خیلی بلند مکن و خیلی هم آهسته مخوان، حد وسط را رعایت نما. و اگر این حد وسط را سبیل خوانده از این رو بوده که می خواسته اینطور نماز خواندن در میان همه مسلمین رسم و سنت شود تا همه گروندگان به دین اسلام این گونه نماز بخوانند.

البته این در صورتی است که مراد از" بصلاتک" تک تک نمازها بطور استغراق باشد و اما اگر مراد از آن مجموع نمازها (و شاید هم این ظاهرتر است) باشد در این صورت معنای آیه این خواهد شد که در همه نمازها جهر مخوان و در همه آنها اخفات مکن، بلکه راه میانه را اتخاذ کن، که در بعضی جهر و در بعضی اخفات کنی. و این احتمال با آنچه در سنت اثبات شده، که نماز صبح و مغرب و عشاء بلند و ظهر و عصر آهسته خوانده شود، مناسب تر است. و بعید نیست که این وجه با در نظر گرفتن اتصال ذیل آیه به صدر آن وجه موافق تری باشد، چون در صدر آیه می فرمود: به هر اسمی می توانی خدا را بخوانی و در این ذیل می فرماید بلند کردن صدا در نماز معنایش متعالی بودن و بالا بودن خدا است و آهسته خواندن آن معنایش نزدیک بودن او است، حتی نزدیک تر از رگ قلب، پس به هر دو قسم، نماز خواندن، اداء حق همه اسماء خدا است.

" وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ شَرِیکٌ فِی الْمُلْکِ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ کَبِّرْهُ تَکْبِیراً".

این آیه عطف است بر جمله:" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ" که در آیه قبل بود، و حاصل کلام این می شود که: ای پیغمبر، به ایشان بگو اسمایی که می خوانید و خیال می کنید که معبودهای شما هستند، تنها اسمایی می باشند که مملوک خدایند، نه مالک نفس خودند و نه صاحب چیزی از آنچه در اختیار دارند. پس خواندن آنها خواندن خدا است، از این جهت در هر حال او معبود است.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 313

[نفی فرزند، ولی و شریک داشتن خدای تعالی ] ..... ص : 313

بعد از آنکه این نکته را به ایشان خاطر نشان کردی، خدا را حمد و ثنا کن، به حمد و ثنائی که از آثار ملکیت علی الاطلاق او باشد، چرا که هیچ چیز مانند او در ذات و یا در صفات نیست، تا بتواند آن طور که وثنیت دوگانه پرستان و اهل کتاب از نصاری و یهود و قدمای مجوس، در باره ملائکه و جن و یا مسیح و یا عزیر و یا احبار خود پنداشته اند، فرزند او باشد، و یا آن طور که دوگانه پرستان وثنی ها و ستاره پرستان و شیطان پرستان پنداشته اند، بدون اشتقاق و پدر فرزندی شریک او باشد، و یا آنکه علاوه بر شریک بودن، ما فوق او هم باشند و نسبت به خدا ولایت داشته، آنچه که خدا از اصلاحش عاجز بماند، آنها به خاطر قدرت بیشتری که نسبت به خدا دارند و بر حق تعالی غلبه دارند، اصلاح کنند.

و به عبارت دیگر هیچ چیزی هم جنس او نیست تا اگر پائین تر از او است فرزند او، و اگر مساوی با او است شریک او، و اگر ما فوق او است ولی و غالب بر او در ملک باشد.

این آیه در حقیقت ثنائی است بر خدا، به داشتن ملکیت علی الاطلاق که بر آن متفرع می شود نفی فرزند و شریک و ولی. و به همین جهت رسول خدا (ص) را امر فرمود: او را تحمید کند نه تسبیح با اینکه آنچه در این ثنا آمده از نفی فرزند و شریک و ولی صفات سلبی است که مناسب با نفی آن تسبیح است نه تحمید (دقت بفرمائید).

خدای سبحان آیه را با جمله:" وَ کَبِّرْهُ تَکْبِیراً" ختم کرده، و این تکبیر (بزرگ تر دانستن) را مطلق آورده و نفرموده: از چه چیز بزرگتر است، و این بدان جهت است که بعد از توصیف و تنزیه قبلی، متذکر شود به اینکه: خدا از هر وصفی که شما بکنید و از هر حمد و ثنائی که بگوئید بزرگتر است. و لذا جمله معروف:" اللَّه اکبر" را این طور تفسیر کرده اند که: خدا بزرگتر از آن است که در وصف کسی بگنجد و همین تفسیر از امام صادق (ع) روایت شده «1»، و اگر به معنای بزرگتر از هر چیز باشد خالی از شرک نخواهد بود، برای اینکه سایر موجودات را در بزرگی شریک او ولی خدا را بزرگتر از آنها دانسته ایم. و ساحت مقدس او اجل و عزیزتر از آن است که کسی و یا چیزی در امری از امور و وصفی از اوصاف شریک او باشد.

و از لطائفی که در این سوره به کار رفته این است که اولین آیه اش با تسبیح افتتاح و آخرین آیه اش با تحمید افتتاح و با تکبیر اختتام یافته است.

__________________________________________________

(1)اصول کافی، ج 2، ص 91، ح 9، دوره 2 جلدی عربی.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 314

بحث روایتی [(روایاتی در ذیل برخی آیات گذشته)] ..... ص : 314

اشاره

در الدر المنثور است که سعید بن منصور و ابن منذر و ابن ابی حاتم از علی روایت کرده اند که وی آیه:" لَقَدْ عَلِمْتَ" را" علمت" می خواند، و چنین توجیه می فرمود: که به خدا سوگند فرعون دشمن خدا، ندانست که نازل کننده، پروردگار آسمانها و زمین بود، بلکه خود موسی بود که این حقیقت را می دانست «1».

مؤلف: این قرائتی است که به آن جناب نسبت داده شده.

و در کافی از علی بن محمد به سندش روایت کرده که گفت: شخصی از امام صادق (ع) پرسید: کسی که در پیشانی ناراحتی و جراحتی دارد و نمی تواند با آن سجده کند چه باید بکند ...؟ حضرت فرمود: چانه خود را به زمین نهد، زیرا خدای تعالی فرموده:

" یَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً" «2».

مؤلف: در این معنا روایات دیگری نیز هست.

و در الدر المنثور آمده که ابن جریر و ابن مردویه از ابن عباس روایت کرده اند که گفت: روزی رسول خدا (ص) در مکه نماز می گزارد در نمازش دعا کرد و گفت:" یا اللَّه یا رحمن" مشرکین گفتند: به این بی دین نگاه کنید که ما را از پرستش دو خدا نهی می کند، در حالی که خودش دو معبود را می خواند، در اینجا بود که آیه:" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ..." نازل گردید «3».

مؤلف: در سبب نزول این آیه، روایات دیگری، مخالف این روایت رسیده، که علتهایی غیر علت مذکور را بیان نموده، اما از همه آنها بهتر، همین روایت است و با مفاد آیه انطباق بیشتری دارد.

[روایاتی در باره اسماء حسنی، اسماء حقیقی و اسماء اسماء خدا و عقائد بت پرستان در باره اسماء خدا] ..... ص : 314

و در توحید به طور مسند و در احتجاج به طور مرسل (بدون ذکر سند) از هشام بن حکم روایت شده که گفت: من از امام صادق (ع) در باره اسماء خدا- عز و جل- و از اشتقاق آنها پرسیده (گفتم: کلمه:" اللَّه" از چه مشتق شده؟) فرمود: ای هشام" اللَّه" مشتق

__________________________________________________

(1)الدر المنثور، ج 4، ص 205.

(2)فروع کافی، ج 3، ص 334 ط تهران.

(3)الدر المنثور، ج 4، ص 206، ط بیروت. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 315

از اله است و اله مالوه می خواهد و اسم غیر مسمی است، پس هر کس اسم را بدون معنا بپرستد کافر شده و چیزی نپرستیده و کسی که اسم و معنا را بپرستد باز کافر شده، چون دو چیز را پرستیده، و کسی که معنا را بپرستد بدون اسم او خدا را به یگانگی پرستیده آیا فهمیدی ای هشام؟.

هشام می گوید: عرض کردم: بیش از این بفرمائید، فرمود: برای خدای تبارک و تعالی نود و نه اسم است، پس اگر بنا باشد که اسم همان مسمی باشد باید هر اسمی برای خود، الهی باشد، و لیکن چنین نیست، بلکه خدای تعالی معنا و مسمای واحدی است که این اسامی بر آن دلالت می کنند، و همه این اسامی باز غیر اویند، ای هشام اسم نان غیر از نان است، و آدمی را سیر نمی کند ولی به آن دلالت می کند، و همچنین آب که اسم نوشیدنی است، و لباس که اسم پوشیدنی است و آتش که اسم سوزاننده است «1».

و نیز در توحید به سند خود از ابن رئاب از عده ای از امام صادق (ع) روایت آورده که فرمود: هر کس خدای را با توهم عبادت کند کافر شده، و هر که اسم را بپرستد و معنا را رها کند کافر گشته، و هر کس اسم و معنا هر دو را بپرستد مشرک شده و هر کس معنا را بپرستد و اسم را عنوان و معرف آن قرار دهد و با صفاتش او را توصیف کند و بر این معنا اعتقاد قلبی داشته و زبانش هم همین را در پنهان و آشکار بگوید، چنین کسی از اصحاب امیر المؤمنین (ع) است و در حدیث دیگر آمده چنین کسانی مؤمن حقیقیند «2».

و در توحید بحار الانوار در باب مغایرت بین اسم و معنا از کتاب توحید نقل کرده که او به سند خود از ابراهیم بن عمر از امام صادق (ع) روایت آورده که فرمود: خدای تبارک و تعالی اسمی خلق کرد که با حروف توصیف نمی شود، و با الفاظ به زبان در نمی آید و در پیکر شخصی مجسم نمی شود، و با هیچ چیز تشبیه نمی گردد و به هیچ رنگی در نمی آید، در اقطار و مکانها نمی گنجد، و از تعریف شدن برتر است و از حس هر متوهمی محجوب و پرده پوشیده است، آن گاه آن اسم را کلمه تامه ای بر اساس چهار جزء با هم قرار داد، به طوری که هیچ یک از آنها قبل از دیگری نبود سپس سه چیز که مورد حاجت خلق بود از آن ظاهر ساخت و یک چیز از آن را محجوب گذاشت، و آن یک چیز همان اسم مکنون مخزون است که به وسیله همین سه اسم ظاهر مخزون گردید.

__________________________________________________

(1)توحید صدوق، ص 220، ح 13 و احتجاج، ج 2، ص 72، ح 13.

(2)توحید صدوق، ص 220، ح 12.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 316

و ظاهرا آن سه اسم ظاهر عبارتند از: اللَّه و تبارک و سبحان، و برای هر کدام از این سه اسم، ارکانی چهارگانه است که در مجموع دوازده رکن می شود، پس آن گاه برای هر رکنی سی اسم قرار داد که هر یک فعلی و کاری منسوب به او است، پس او است رحمان و رحیم، ملک و قدوس و خالق و بارئ و مصور وحی و قیوم و لا تاخذه سنة و لا نوم و علیم و خبیر و سمیع و بصیر و حکیم و عزیز و جبار و متکبر و علی و عظیم و مقتدر و قادر و سلام و مؤمن و مهیمن و منشئ و بدیع و رفیع و جلیل و کریم و رازق و محیی و ممیت و باعث و وارث.

پس این اسماء و آنچه که از اسماء حسنی هست، تا سیصد و شصت اسم تمام شود، همه از این سه اسم منشعب می گردد. و این سه اسم ارکان و حجابهایی هستند برای آن اسم واحد مکنون که به وسیله این سه اسم مخزون شدند، و این همان مطلبی است که آیه:" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنی " بیانش می کند «1».

مؤلف: این حدیث در کافی نیز از آن جناب روایت شده «2».

در جلد هشتم این کتاب در بحث اسماء حسنی گذشت که گفتیم: این اسماء که اسماء حسنایش نامیده اند اسماء اسماء هستند، و آنچه از مصادیق که این اسماء بر آن دلالت و اشاره می کند یعنی ذات متصف به فلان وصف اسم حقیقی می باشد، و بنا بر این بعضی از اسماء حسنی عین ذات خواهند بود: و آن اسمایی هستند که مصداق یکی از صفات ثبوتیه کمالیه را برساند چون: حی و علیم و قدیر، و بعضی از آنها زائد بر ذات و خارج از ذاتند، و آن اسمایی هستند مشتمل که بر یکی از صفات سلبیه می باشند نظیر: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ و یا فعلی از افعال خدا باشند مانند: خالق و رازق.

اینها اسماء حقیقی خدا است و اما اسماء اسماء خدا عبارت است از همین الفاظ که بر ذات متصف به صفتی دلالت کند و هیچ شکی نیست که این الفاظ غیر ذات خدایند، بلکه الفاظی هستند که گوینده آنها، آنها را ایجاد می کند، پس هم حادثند و هم قائم به گوینده.

در این مطالب هیچ بحثی نیست، خلافی که در این میان هست در دو جهت است:

جهت اول اینکه: بعضی از جاهلان از متکلمین سلف میان اسماء و اسماء اسماء خلط کرده پنداشته اند که مقصود از عین ذات بودن اسماء، همین الفاظ است که اسماء اسماء

__________________________________________________

(1)بحار الانوار، ج 4، ص 166، ط اسلامیه.

(2)اصول کافی، ج 1، ص 87، ح 11، دوره دو جلدی عربی.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 317

خداست، و به همین جهت معتقد شده اند که اسم، عین مسمی است، و در نتیجه عبادت اسم و خواندن آن، عین عبادت مسمی است و این قول در اوائل عصر خلفای عباسی رواج داشت و دو روایت گذشته یعنی دو روایت توحید صدوق در رد بر این قول صادر شده اند.

جهت دوم: نظریه ای است که بت پرستان داشتند، و آن این است که: به هیچ وجه ممکن نیست خدای سبحان مورد توجه و بندگی بندگان قرار گیرد، و همه توجهات به اسماء خدا است، پس اسماء که مظاهر آن ملائکه و جن و انسانهای کامل هستند مورد توجه عبادت کاران هستند، و همانها آلهه و معبودهای خلقند، نه خود خدا، و شما خواننده عزیز از بیان گذشته فهمیدید که آیه شریفه:" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ" رد بر این نظریه و اعتقاد است.

از روایت اخیر حقیقت دیگری نیز کشف می شود، و آن چگونگی انتشار اسماء از ناحیه ذات متعالیه خدا است، ذاتی که رفیع تر از آن است که علم کسی بدان احاطه یابد و یا وصفی و نعتی او را مقید کند، و یا اسمی و رسمی او را محدود سازد، و روایت با مطالبی که در صدر و ذیلش دارد صریح در این است که مراد از اسماء در آیه شریفه همان اسماء حقیقی است که گفتیم، نه اسماء اسماء، و ما این حدیث را تا حدی در ذیل بحثی که در باره اسماء حسنی در جلد هشتم این کتاب کردیم، شرح داده ایم بدانجا مراجعه شود.

[چند روایت در باره جهر و اخفاف در نماز] ..... ص : 317

و در تفسیر عیاشی از زراره و حمران و محمد بن مسلم از ابی جعفر و ابی عبد اللَّه (ع) روایت شده که در تفسیر آیه:" وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَیْنَ ذلِکَ سَبِیلًا" فرموده اند: ایامی که رسول خدا (ص) در مکه بود، نمازش را با صدای بلند اقامه می فرمود در نتیجه مشرکین صدایش را می شنیدند و محل حضور حضرت برایشان مشخص می شد سپس به آنجا رفته وی را آزار می دادند، لذا این آیه شریفه نازل گردید «1».

مؤلف: این معنا در الدر المنثور «2» هم از ابن مردویه از ابن عباس روایت شده و نیز از عایشه «3» روایت شده که گفته است:" این آیه در باره دعاء است" و عیبی هم ندارد، چون میان آن و دیگر روایات معارضه ای نیست، و نیز از عایشه روایت شده که آیه در باره تشهد است.

و در کافی به سند خود از سماعة روایت شده که گفت: از امام (ع) معنای آیه:" وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَ لا تُخافِتْ بِها" را پرسیدم، فرمود: مخافته آن است که انسان طوری

__________________________________________________

(1)تفسیر عیاشی، ج 2، ص 318، ح 175.

(2 و 3)الدر المنثور، ج 4، ص 206 و 207، ص بیروت.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 318

تکلم کند که گوش خودش هم نشنوند، و جهر آن است که جوهره صدا به شدت بلند شود «1».

مؤلف: این روایات تا حدی معنای اولی را که در تفسیر آیه گذراندیم تایید می کند.

و باز در همان کتاب به سند خود عبد اللَّه بن سنان روایت کرده که گفت: از امام صادق (ع) پرسیدم آیا بر امام جماعت واجب است که نماز را آن قدر بلند بخواند که مامومین بشنوند؟ و اگر چنین است در جماعتهایی که جمعیت بسیار است چطور می شود؟

فرمود: باید بطور معتدل و متوسط بخواند چنانچه خدای تعالی فرمود:" وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِکَ وَ لا تُخافِتْ بِها" «2».

و در الدر المنثور است که احمد و طبرانی از معاذ بن انس روایت کرده که گفت:

رسول خدا (ص) فرمود: آیه:" وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَمْ یَتَّخِذْ وَلَداً" تا آخر آیه عزت است «3».

و در تفسیر قمی از امام آورده که در ذیل" وَ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ" فرموده است:

یعنی خداوند هرگز ذلیل نشده تا محتاج ولیی شود که یاریش کند «4».

بحثی روایتی و قرآنی [(در باره تفریق آیات قرآن- وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ ...) تقسیم قرآن به آیات و سور] ..... ص : 318

اشاره

این بحث پیرامون آیه شریفه" وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَی النَّاسِ عَلی مُکْثٍ" است که در سه فصل عنوان می شود:

فصل اول، پیرامون تقسیمات قرآن کریم: کتاب الهی به اجزایی تقسیم شده که با آن شناخته می شود، مانند سی جزء، و اینکه هر جزئی 4 حزب و هر حزبی 10 عشر دارد، و امثال آن، و این تقسیم بندی است که در قرآن کریم کرده اند، ولی آنچه در خود قرآن می باشد، دو تقسیم است: یکی سوره و دیگر تقسیم هر سوره به چند آیه، و مکرر از آن دو، اسم برده مثلا فرموده:" سُورَةٌ أَنْزَلْناها" «5» و یا فرموده:" قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ" «6» و همچنین در غیر این

__________________________________________________

(1)فروع کافی، ج 3، ص 305، ح 21.

(2)فروع کافی، ج 3، ص 317، ح 27.

(3)الدر المنثور، ج 4، ص 208، ط بیروت.

(4)تفسیر قمی، ج 2، ص 30، ط نجف.

(5)سوره نور، آیه 1.

(6)سوره یونس، آیه 38.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 319

دو آیه.

در لسان رسول خدا و صحابه و ائمه معصومین (ع) نیز استعمال این دو کلمه زیاد آمده به حدی که جای تردید نمانده که سوره و آیه دو حقیقت قرآنی است و این سوره ها مجموعه ای از کلام الهی است که هر یک با بسم اللَّه آغاز شده و غرضی را بیان می کند، و آن غرض معرف سوره است، و در هیچ یک این قاعده تخلف نپذیرفته، مگر در سوره برائت آن هم به حکم پاره ای از روایات ائمه اهل بیت (ع)- که در ذیل آیه:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ" «1» در جلد دوازدهم این کتاب ذکر نمودیم- تتمه آیاتی از سوره انفال است، و نیز سوره" و الضحی" و" ا لم نشرح" که با اینکه یک سوره هستند یک بسم اللَّه در وسط فاصله شده، و همچنین سوره فیل و ایلاف که سوره واحدی هستند و یک بسم اللَّه در وسط فاصله شده است. البته همه این موارد استثنایی به حکم روایاتی است که از ائمه (ع) رسیده و شیخ آن را در تهذیب «2» به سند خود از شحام از امام صادق (ع) روایت کرده و محقق در شرایع «3» و طبرسی در مجمع البیان «4» آن را به روایت اصحاب ما- امامیه- نسبت داده اند.

نظیر این مطلبی که در باره سوره ها گفتیم در آیه ها جریان دارد، زیرا در کلام خدای تعالی آیه بطور مکرر بر قطعه ای از کلام الهی اطلاق شده است، مانند:" وَ إِذا تُلِیَتْ عَلَیْهِمْ آیاتُهُ زادَتْهُمْ إِیماناً" «5» و نیز مانند:" کِتابٌ فُصِّلَتْ آیاتُهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا" «6».

از ام سلمه روایت شده که گفت: رسول خدا آخر هر آیه وقف می کرد «7»، و نیز روایت صحیح آمده که سوره حمد هفت آیه است «8» و از رسول خدا (ص) روایت شده که فرمود: سوره ملک سی آیه است «9»، و همچنین روایاتی دیگر که در باره عدد آیه های هر سوره قرآن از رسول خدا (ص) نقل شده است.

__________________________________________________

(1)سوره حجر، آیه 9.

(2)تهذیب، ج 2، ص 72، ط اسلامیه. [.....]

(3)شرایع، کتاب الصلاة، ص 24.

(4)مجمع البیان، ج 10، ص 542 پاورقی طبع اسلامیه.

(5)وقتی آیات خدا بر آنان خوانده می شود ایمانشان را زیاد می کند. سوره انفال، آیه 2.

(6)کتابی که آیاتش جدا جدا شده و به عربی خوانده می شود. سوره حم سجده، آیه 3.

(7)الدر المنثور، ج 4، ص 207.

(8)تفسیر عیاشی، ج 1، ص 19، ح 3 و مجمع البیان ج 1، ص 11.

(9)تفسیر ابو الفتوح رازی، ج 11، ص 205 و اتقان سیوطی، ج 1، ص 68.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 320

و آنچه که دقت در تقسیم بندی طبیعی کلام عرب به فصول و قطعه های جدای از هم، و مخصوصا در کلمات مسجع آن، و نیز آنچه که تدبر در روایات وارده از رسول خدا (ص) و اهل بیتش در خصوص عدد آیات وارد شده اقتضاء می کند، این است که یک آیه از قرآن کریم یک قطعه از کلام خداست که حقش این است که بر آن یک قطعه اعتماد و تکیه نموده و در تلاوت آن را، از قبل و بعدش جدا کرد.

و این قطعات به اختلاف سیاقها و مخصوصا در سیاقهای مسجع مختلف می شود، چه بسا یک کلمه به تنهایی به خاطر سجع آخرش یک آیه به حساب آید، مانند کلمه:" مدهامتان- دو برگ سبز" «1» و چه بسا آیه دو کلمه یا بیشتر باشد، خواه کلام تام باشد یا ناقص، مانند" الرَّحْمنُ"" عَلَّمَ الْقُرْآنَ"" خَلَقَ الْإِنْسانَ"" عَلَّمَهُ الْبَیانَ" «2» و مانند" الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَ ما أَدْراکَ مَا الْحَاقَّةُ" «3» و چه بسا که یک آیه بسیار طولانی باشد، مانند آیه پیرامون قرض دادن و گرفتن که آیه 282 از سوره بقره است.

[عدد سوره ها و آیات قرآن کریم ] ..... ص : 320

فصل دوم، پیرامون عدد سوره ها و آیات قرآن کریم: تعداد سوره های قرآن، صد و چهارده عدد است، و بر همین عدد، قرآنهای موجود در میان مسلمین تدوین شده و این قرآنها مطابق قرآنی است که عثمان جمع آوری نموده، و ما قبلا از ائمه معصومین (سلام اللَّه علیهم اجمعین) نقل کردیم که فرمودند: سوره" برائت" سوره ای مستقل نیست، بلکه متمم سوره" انفال" است، و همچنین" وَ الضُّحی " و" أَ لَمْ نَشْرَحْ" یک سوره و" فیل" و" ایلاف" یک سوره هستند.

و پیرامون تعداد آیه های قرآن باید گفت: در این خصوص نص متواتری نرسیده که یک یک آیه ها را معرفی کند، و هر یک را از دیگری متمایز سازد. روایات محدودی هم که رسیده به خاطر خبر واحد بودن قابل اعتماد نیستند، و روشن ترین علت بر نبودن دلیل معتبر، اختلاف اهل مکه، مدینه، شام، بصره و کوفه است، که در باره تعداد آیات اعداد متفاوتی ارائه کرده اند.

بعضی»

گفته اند: عدد آن شش هزار آیه است، بعضی»

دیگر گفته اند: شش هزار و دویست و چهار آیه است، یکی»

گفته شش هزار و دویست و چهارده آیه، و یکی»

دیگر گفته

__________________________________________________

(1)سوره الرحمن، آیه 64.

(2)سوره الرحمن آیات 1- 4.

(3)سوره الحاقه، آیات 1- 3.

(4 و 5 و 6 و 7)الاتقان سیوطی، ج 1، ص 67.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 321

نوزده آیه، بعضی «1» گفته اند: بیست و پنج و بعضی «2» دیگر سی و شش.

مکی ها عدد خود را از عبد اللَّه بن کثیر از مجاهد از ابن عباس از ابی بن کعب روایت کرده اند، مدنی ها برای خود دو جور عدد روایت کرده اند یکی به ابی جعفر مرثد بن قعقاع و شیبة بن نصاح منتهی می شود. و روایت دیگرشان به اسماعیل بن جعفر بن ابی کثیر انصاری منتهی می گردد.

و اهل شام عدد خود را از ابی درداء روایت کرده اند، و روایت بصری ها به عاصم بن عجاج جحدری و روایت عدد کوفی ها به حمزه و کسایی و خلف منتهی می شود، حمزه گفته است: این عدد را ابن ابی لیلی از ابی عبد الرحمن سلمی از علی بن ابی طالب (ع) برای ما روایت کرده «3».

و کوتاه سخن، وقتی اعداد به یک نص متواتر و یا حد اقل خبر واحد قابل اعتنایی منتهی نشود، و هیچ آیه ای به طور اطمینان بخشی، از سایر آیات قبل و بعدش متمایز نگردد، هیچ الزامی نیست که یکی از این روایت اخذ شود، لا جرم هر یک از این روایات که روشن و قابل اعتماد بود را می پذیریم و ما بقی را طرد می کنیم، و یا به هیچ یک عمل نمی کنیم، و اگر شخصی اهل تدبر باشد، باید به هر روایتی که در نظرش بیشتر قابل اعتماد بود، عمل نماید.

و آنچه که از علی (ع) در عدد کوفیان نقل شده معارض است با ادله ای که از خود آن جناب و همچنین از سایر ائمه اهل بیت (ع) رسیده که: در هر سوره" بسم اللَّه" جزء آن سوره و یکی از آیات آن است «4»، زیرا به حساب کوفیان، تنها بسم اللَّه فاتحه، جزء سوره است، و ما بقی به حساب نیامده، و لازمه روایت نامبرده این است که عدد آیه های قرآن به مقدار بسم اللَّه های سوره ها بیشتر باشد.

و این همان علتی است که ما را از ایراد بحثهای مفصل که در باره عدد آیه های قرآن شده منصرف ساخته است، چون دیدیم که این بحثها به نتیجه ای نمی رسد، تنها به این اشاره اکتفاء می کنیم که در عدد چهل سوره قرآنی اتفاق دارند، و در عدد آیه ها و یا رءوس آیه های هفتاد و چهار سوره اختلاف کرده اند، و همچنین در اینکه کلمه:" الر" مثلا آیه ای است تام و مستقل اتفاق کرده اند ولی در بقیه حروف مقطعه اختلاف نموده اند و آن گروه از

__________________________________________________

(1 و 2)الاتقان سیوطی، ج 1، ص 67.

(3)الاتقان، ج 1، ص 67.

(4)تفسیر عیاشی، ج 1، ص 19، ح 3. [.....]

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 322

خوانندگان عزیز که می خواهند به جزئیات این اختلاف واقف گردند، باید به محل طرح این بحثها مراجعه نمایند.

[ترتیب سوره های قرآن کریم ] ..... ص : 322

فصل سوم، پیرامون ترتیب سوره ها: در کتاب اتقان از ابن ضریس نقل شده که او در کتاب فضائل القرآن خود گفته: محمد بن عبد اللَّه بن ابی جعفر رازی به ما خبر داد که عمرو بن هارون ما را حدیث کرد که عثمان بن عطای خراسانی برایمان نقل کرد از پدرش از ابن عباس که گفت: آغاز هر سوره که در مکه نازل شده در مکه نوشته شد و بعدها خداوند هر چه می خواست به آن ملحق می کرد.

و سوره هایی که به ترتیب و پشت سر هم نازل شده اند عبارتند از:

1-" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ" 2-" ن" 3-" مزمل" 4-" مدثر" 5-" تبت" 6-" تکویر" 7-" اعلی" 8-" وَ اللَّیْلِ إِذا یَغْشی " 9-" وَ الْفَجْرِ" 10-" وَ الضُّحی " 11-" أَ لَمْ نَشْرَحْ" 12-" وَ الْعَصْرِ" 13-" وَ الْعادِیاتِ" 14-" إِنَّا أَعْطَیْناکَ" 15-" أَلْهاکُمُ التَّکاثُرُ" 16-" أَ رَأَیْتَ" 17-" قُلْ یا أَیُّهَا الْکافِرُونَ" 18-" أَ لَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ" 19-" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ" 20-" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ" 21-" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ" 22-" وَ النَّجْمِ" 23-" عبس" 24-" إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ" 25-" وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها" 26-" وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ" 27-" وَ التِّینِ" 28-" لِإِیلافِ قُرَیْشٍ" 29-" قارعة" 30-" لا أُقْسِمُ بِیَوْمِ الْقِیامَةِ" 31-" وَیْلٌ لِکُلِّ هُمَزَةٍ" 32-" وَ الْمُرْسَلاتِ" 33-" ق" 34-" لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ" 35-" وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ" 36-" اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ" 37-" ص" 38-" اعراف" 39-" قُلْ أُوحِیَ" 40-" یس" 41-" فرقان" 42-" ملائکه" 43-" کهیعص" 44-" طه" 45-" واقعه" 46"- طسم شعراء" 47-" طس" 48-" قصص" 49-" بنی اسرائیل" 50-" یونس" 51-" هود" 52-" یوسف" 53-" حجر" 54-" انعام" 55-" صافات" 56-" لقمان" 57-" سبأ" 58-" زمر" 59-" حم مؤمن" 60-" حم سجده" 61-" حم عسق" 62-" حم زخرف" 63-" حم دخان" 64-" جاثیه" 65-" احقاف" 66-" ذاریات" 67-" غاشیه" 68-" کهف" 69-" نحل" 70-" إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً" 71-" ابراهیم" 72-" انبیاء" 73-" مؤمنین" 74-" تنزیل سجده" 75-" طور" 76-" تبارک الملک" 77-" الحاقه" 78-" سائل" 79-" عَمَّ یَتَساءَلُونَ" 80-" نازعات" 81-" إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ" 82-" إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ" 83-" روم" 84-" عنکبوت" 85-" وَیْلٌ لِلْمُطَفِّفِینَ".

این سوره هایی بوده که در مکه نازل شده است.

پس خدای تعالی سوره های زیر را به ترتیب در مدینه نازل کرد: 1-" سوره بقره" 2-" انفال" 3-" آل عمران" 4-" احزاب" 5-" ممتحنه" 6-" نساء" 7-" إِذا زُلْزِلَتِ" 8-" حدید" ترجمه المیزان، ج 13، ص: 323

9-" قتال" 10-" رعد" 11-" رحمان" 12-" انسان" 13-" طلاق" 14-" لَمْ یَکُنِ" 15-" حشر" 16-" إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ" 17-" نور" 18-" حج" 19-" منافقون" 20-" مجادله" 21-" حجرات" 22-" تحریم" 23-" جمعه" 24-" تغابن" 25-" صف" 26-" فتح" 27-" مائده" 28-" برائت" «1».

در این روایات سوره فاتحه ساقط شده و چه بسا گفته باشند که این سوره دو بار نازل شده یکی در مکه و بار دیگر در مدینه.

اتقان از بیهقی نقل کرده که در کتاب دلائل النبوة به سند خود از عکرمه و حسین بن ابی الحسن روایت کرده که این دو نفر گفته اند: خداوند از قرآن کریم سوره اقرء باسم ربک را نازل کرد، همچنین سوره هایی که در روایت بالا بود شمرده اند تا به آخر جز اینکه سوره فاتحه و اعراف و کهیعص را از آنچه در مکه نازل شده ساقط کرده اند.

و نیز این دو نفر حم دخان را قبل از حم سجده و انشقاق را قبل از انفطار و نیز مطففین را قبل از بقره در سوره های مدنی، و نیز آل عمران را قبل از انفال و مائده را قبل از ممتحنه از سوره های مکی ضبط کرده اند «2».

آن گاه بیهقی به سند خود از مجاهد از ابن عباس روایت کرده که گفت: اولین سوره ای که خدا از قرآن کریم بر پیغمبرش نازل کرد سوره" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ" بود تا آخر حدیث، و این حدیث از نظر ترتیب مطابق با حدیث عکرمه است، با این تفاوت که آن سوره های مکی که در حدیث عکرمه ساقط شده در این حدیث آمده است «3».

باز در همان کتاب، از کتاب ناسخ و منسوخ، تالیف ابن حصار نقل کرده که:

سوره های مدنی مورد اتفاق بیست سوره است و آنچه در آن اختلاف هست دوازده سوره است، و از این چند سوره گذشته بقیه سوره ها به اتفاق مکی است، این بود کلام ناسخ و منسوخ «4».

و آن سوره هایی که مدنی بودنشان مورد اتفاق است عبارتند از: 1- بقره 2- آل عمران 3- نساء 4- مائده 5- انفال 6- توبه 7- نور 8- احزاب 9- سوره محمد 10- فتح 11- حجرات 12- حدید 13- مجادله 14- حشر 15- ممتحنه 16- منافقون 17- جمعه 18- طلاق 19- تحریم 20- نصر.

و آنچه از مکی ها و مدنی های مورد اختلاف است سوره های ذیل است:

1- رعد 2- رحمان 3- جن 4- صف 5- تغابن 6- مطففین 7- قدر 8- بینة 9- زلزال 10-

__________________________________________________

(1 و 2 و 3)الاتقان، ج 1، ص 10.

(4)الاتقان، ج 1، ص 11.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 324

توحید 11 و 12- معوذتان.

البته در فن تفسیر و بحثهای مربوط به دعوت نبویه و سیر روحی و سیاسی و اجتماعی دعوت در زمان رسول خدا (ص) و تحلیل سیره شریفه آن جناب، دانستن اینکه کدام سوره مکی و کدام مدنی است و تقدیم و تاخیر نزول آیات، دخالت بسیاری دارد.

و روایات، به طوری که دیدید در اثبات این مجهولات نمی توانند مورد اعتماد باشند، چون هیچ یک از مضامین آنها متواتر نیست، علاوه بر اینکه میان آنها تعارض وجود دارد که در نتیجه از درجه اعتبار ساقط شده اند.

پس تنها طریق برای تحصیل این غرض، تدبر و دقت در سیاق آیات و بهره جویی از قرائن و امارات داخلی و خارجی است، که ما هم در تفسیر خود از همین راه استفاده کرده ایم و اللَّه المستعان.

ترجمه المیزان، ج 13، ص: 325

فصل سوم: ترتیب سوره های قرآن کریم

ترتیب سوره های قرآن کریم

فصل سوم ، پیرامون ترتیب سوره ها: در کتاب اتقان از ابن ضریس نقل شده که او در کتاب فضائل القرآن خود گفته : محمد بن عبد الله بن ابی جعفر رازی به ما خبر داد که عمروبن هارون ما را حدیث کرد که عثمان بن عطای خراسانی برایمان نقل کرد از پدرش ازابن عباس که گفت : آغاز هر سوره که در مکه نازل شده در مکه نوشته شد و بعدها خداوند هر چه می خواست به آن ملحق می کرد.

و سوره هایی که به ترتیب و پشت سر هم نازل شده اند عبارتند از: 1 - (اقرء باسم ربّک ) 2 - (ن ) 3 - (مزمل ) 4 - (مدثر) 5 - (تبت ) 6 - (تکویر) 7 - (اعلی ) 8 - (و اللیل اذا یغشی ) 9 - (و الفجر)10 - (و الضحی ) 11 - (الم نشرح ) 12 - (و العصر) 13 - (و العادیات ) 14 - (انا اعطیناک ) 15 - (الهاکم التکاثر) 16 - (ارایت ) 17 - (قل یا ایها الکافرون ) 18 - (الم تر کیف فعل ربّک ) 19 - (قل اعوذ برب الفلق )20 - (قل اعوذ برب الناس ) 21 - (قل هو اللّه احد) 22 - (و النجم ) 23 - (عبس ) 24 - (انا انزلناه فی لیله القدر) 25 - (و الشمس و ضحاها) 26 - (و السماء ذات البروج ) 27 - (و التین ) 28 - (لایلاف قریش ) 29 - (قارعه ) 30 - (لا اقسم بیوم القیامه ) 31 - (ویل لکل همره ) 32- (و المرسلات ) 33 - (ق ) 34 - (لا اقسم بهذا البلد) 35 - (و السماء و الطارق ) 36 - (اقتربت الساعه ) 37 - (ص ) 38 - (اعراف ) 39 - (قل اوحی ) 40 - (یس ) 41 - (فرقان ) 42 - (ملائکة ) 43 - (کهیعص ) 44 - (طه ) 45 - (واقعه ) 46 - (طسم شعراء) 47 - (طس ) 48 - (قصص ) 49 - (بنی اسرائیل ) 50 - (یونس ) 51 - (هود) 52 - (یوسف ) 53 - (حجر) 54 - (انعام ) 55 - (صافات ) 56 - (لقمان ) 57 - (سباء) 58 - (زمر) 59 - (حم مومن ) 60 - (حم سجده ) 61 - (حم عسق ) 62 - (حم زخرف ) 63 - (حم دخان ) 64 - (جاثیه ) 65 - (احقاف ) 66 - (ذاریات ) 67 - (غاشیه ) 68 - (کهف ) 69 - (نحل ) 70 - (انا ارسلنا نوحا) 71 - (ابراهیم ) 72 - (انبیاء) 73 - (مؤ منین ) 74 - (تنزیل سجده ) 75 - (طور) 76 - (تبارک الملک ) 77 - (الحاقه ) 78 - (سائل ) 79 - (عم یتسائلون ) 80 - (نازعات ) 81 - (اذا السماء انفطرت ) 82 - (اذا السماء انشقت ) 83 - (روم ) 84 - (عنکبوت ) 85 - (ویل للمطففین ).

این سوره هائی بوده که در مکه نازل شده است .

پس خدای تعالی سوره های زیر را به ترتیب در مدینه نازل کرد: 1 - (سوره بقره ) 2 - (انفال ) 3 - (آل عمران ) 4 - (احزاب ) 5 - (مم تحنه ) 6 - (نساء) 7 - (اذا زلزلت ) 8 - (حدید) 9 - (قتال ) 10 - (رعد) 11 - (رحمان ) 12 - (انسان ) 13 - (طلاق ) 14 - (لم یکن ) 15 - (حشر) 16 - (اذا جاء نصر اللّه ) 17 - (نور) 18 - (حج ) 19 - (منافقون ) 20 - (مجادله ) 21 - (حجرات ) 22 - (تحریم ) 23 - (جمعه ) 24 - (تغابن ) 25 - (صف ) 26 - (فتح ) 27 - (مائده ) 28 - (برائت ).

در این روایات سوره فاتحه ساقط شده و چه بسا گفته باشند که این سوره دو بار نازل شده یکی در مکه و بار دیگر در مدینه .

اتقان از بیهقی نقل کرده که در کتاب دلائل النبوه به سند خود از عکرمه و حسین بن ابی الحسن روایت کرده که این دو نفر گفته اند: خداوند از قرآن کریم سوره اقرء باسم ربّک را نازل کرد، همچنین سوره هائی که در روایت بالا بود شمرده اند تا به آخر جز اینکه سوره فاتحه و اعراف و کهیعص را از آنچه در مکه نازل شده ساقط کرده اند.

و نیز این دو نفر حم دخان را قبل از حم سجده و انشقاق را قبل از انفطار و نیز مطففین را قبل از بقره در سوره های مدنی ، و نیز آل عمران را قبل از انفال و مائده را قبل از ممتحنه از سوره های مکی ضبط کرده اند.

آنگاه بیهقی به سند خود از مجاهد از ابن عباس روایت کرده که گفت : اولین سوره ای که خدا از قرآن کریم بر پیغمبرش نازل کرد سوره اقرء باسم ربّک بود تا آخر حدیث ، و این حدیث از نظر ترتیب مطابق با حدیث عکرمه است ، با این تفاوت که آن سوره های مکی که در حدیث عکرمه ساقط شده در این حدیث آمده است .

باز در همان کتاب ، از کتاب ناسخ و منسوخ ، تاءلیف ابن حصار نقل کرده که : سوره های مدنی مورد اتفاق بیست سوره است و آنچه در آن اختلاف هست دوازده سوره است ، و از این چند سوره گذشته بقیه سوره ها به اتفاق مکی است ، این بود کلام ناسخ و منسوخ .

و آن سوره هایی که مدنی بودنشان مورد اتفاق است عبارتند از: 1 - بقره 2 - آل عمران 3 - نساء 4 - مائده 5 - انفال 6 - توبه 7 - نور 8 - احزاب 9 - سوره محمد 10 - فتح 11 - حجرات 12 - حدید 13 - مجادله 14 - حشر 15 - ممتحنه 16 - منافقون 17 - جمعه 18 - طلاق 19 - تحریم 20 - نصر.

و آنچه از مکی ها و مدنی های مورد اختلاف است سوره های ذیل است : 1- رعد 2 - رحمان 3 - جن 4 - صف 5 - تغابن 6 - مطففین 7 - قدر 8 - بینه 9 - زلزال 10 - توحید 11 و 12 - معوذتان .

البته در فن تفسیر و بحثهای مربوط به دعوت نبویه و سیر روحی و سیاسی و اجتماعی دعوت در زمان رسول خدا (صلی اللّه علیه و آله و سلم ) و تحلیل سیره شریفه آن جناب ، دانستن اینکه کدام سوره مکی و کدام مدنی است و تقدیم و تاءخیر نزول آیات ، دخالت بسیاری دارد.

و روایات ، به طوری که دیدید در اثبات این مجهولات نمی توانند مورد اعتماد باشند، چون هیچ یک از مضامین آنها متواتر نیست ، علاوه بر اینکه میان آنها تعارض وجود دارد که در نتیجه از درجه اعتبار ساقط شده اند.

پس تنها طریق برای تحصیل این غرض ، تدبر و دقت در سیاق آیات و بهره جویی از قرائن و امارات داخلی و خارجی است ، که ما هم در تفسیر خود از همین راه استفاده کرده ایم و اللّه المستعان .

المکاسب

اشارة

سرشناسه : انصاری، مرتضی بن محمدامین، ق 1281 - 1214

عنوان و نام پدیدآور : ...المکاسب / مرتضی الانصاری؛ التحقیق مرکز التحقیقات لموسسه احسن الحدیث

مشخصات نشر : قم: احسن الحدیث، 1421ق. = 1379.

مشخصات ظاهری : ج 3

شابک : 964-5738-11-3(دوره) ؛ 964-5738-08-315000ریال:(ج.1) ؛ 964-5738-09-122000ریال:(ج.2) ؛ 964-5738-10-517000ریال:(ج.3)

یادداشت : فهرستنویسی براساس اطلاعات فیپا.

یادداشت : کتابنامه

موضوع : معاملات (فقه)

شناسه افزوده : موسسه احسن الحدیث. مرکز تحقیقات

رده بندی کنگره : BP190/1/الف 8م 7 1379

رده بندی دیویی : 297/372

شماره کتابشناسی ملی : م 79-2771

الجزء الأول

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی محمد و آله الطاهرین و لعنة الله علی أعدائهم أجمعین إلی یوم الدین

فالاکتساب المحرم أنواع

و ینبغی أولا التیمن بذکر بعض الأخبار
اشارة

الواردة علی سبیل الضابطة للمکاسب من حیث الحل و الحرمة فنقول مستعینا بالله تعالی

[روایة تحف العقول]

[روایة تحف العقول]

روی فی الوسائل و الحدائق عن الحسن بن علی بن شعبة فی کتاب تحف العقول: عن مولانا الصادق ص حیث سئل من معایش العباد فقال جمیع المعایش کلها من وجوه المعاملات فیما بینهم مما یکون لهم فیه المکاسب أربع جهات و یکون فیها حلال من جهة و حرام من جهة فأول هذه الجهات الأربع الولایة- ثم التجارة ثم الصناعات ثم الإجارات و الفرض من الله تعالی علی العباد فی هذه المعاملات الدخول فی جهات الحلال و العمل بذلک و اجتناب جهات الحرام منها فإحدی الجهتین من الولایة ولایة ولاة العدل الذین أمر الله بولایتهم علی الناس و الجهة الأخری ولایة ولاة الجور فوجه الحلال من الولایة ولایة الوالی العادل و ولایة ولاته بجهة ما أمر به الوالی العادل بلا زیادة و نقیصة فالولایة له و العمل معه و معونته و تقویته حلال محلل و أما وجه الحرام من الولایة فولایة الوالی الجائر و ولایة ولاته و العمل لهم و الکسب لهم بجهة الولایة معهم حرام محرم معذب فاعل ذلک علی قلیل من فعله أو کثیر لأن کل شی ء من جهة المعونة له معصیة کبیرة من الکبائر و ذلک أن فی ولایة والی الجائر دروس الحق کله و إحیاء الباطل کله و إظهار الظلم و الجور و الفساد و إبطال الکتب و قتل الأنبیاء و هدم المساجد و تبدیل سنة الله و شرائعه فلذلک حرم العمل معهم و معونتهم و الکسب معهم إلا بجهة الضرورة نظیر الضرورة إلی الدم و المیتة و أما تفسیر التجارات فی جمیع البیوع و وجوه الحلال من وجه التجارات التی یجوز للبائع أن یبیع مما لا یجوز له و کذلک المشتری الذی یجوز له شراؤه مما لا یجوز فکل مأمور به مما هو غذاء للعباد و قوامهم به فی أمورهم فی وجوه الصلاح الذی لا یقیمهم غیرها مما یأکلون و یشربون و یلبسون و ینکحون و یملکون و یستعملون من جمیع المنافع التی لا یقیمهم غیرها و کل شی ء یکون لهم فیه الصلاح من جهة من الجهات فهذا کله حلال بیعه و شراؤه و إمساکه و استعماله و هبته و عاریته و أما وجوه الحرام من البیع و الشراء فکل أمر یکون فیه الفساد مما هو منهی عنه من جهة أکله و شربه أو کسبه أو نکاحه أو ملکه أو إمساکه أو هبته أو عاریته أو شی ء یکون فیه وجه من وجوه الفساد نظیر البیع بالربا أو بیع المیتة أو الدم أو لحم الخنزیر أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطیر أو جلودها أو الخمر أو شی ء من وجوه النجس فهذا کله حرام محرم لأن ذلک کله منهی عن أکله و شربه و لبسه و ملکه و إمساکه و التقلب فیه فجمیع تقلبه فی ذلک حرام و کذلک کل مبیع ملهو به و کل منهی عنه مما یتقرب به لغیر الله عز و جل أو یقوی به الکفر و الشرک فی جمیع وجوه المعاصی أو باب یوهن به الحق فهو حرام محرم بیعه و شراؤه و إمساکه و ملکه و هبته و عاریته و جمیع التقلب فیه إلا فی حال تدعو الضرورة فیه إلی ذلک و أما تفسیر الإجارات فإجارة الإنسان نفسه أو ما یملک أو یلی أمره من قرابته أو دابته أو ثوبه بوجه الحلال من جهات الإجارات أن یؤجر نفسه أو داره أو أرضه أو شیئا یملکه فیما ینتفع به من وجوه المنافع أو العمل بنفسه و ولده و مملوکه و أجیره من غیر أن یکون وکیلا للوالی أو والیا للوالی فلا بأس أن یکون أجیرا یؤجر نفسه أو ولده أو قرابته أو ملکه أو وکیله فی إجارته لأنهم وکلاء الأجیر من عنده لیس هم بولاة الوالی نظیر الحمال الذی یحمل شیئا معلوما بشی ء معلوم فیجعل ذلک الشی ء الذی یجوز له حمله بنفسه أو بملکه أو دابته أو یؤاجر نفسه فی عمل یعمل ذلک العمل بنفسه أو بمملوکه أو قرابته أو بأجیر من قبله فهذه وجوه من وجوه الإجارات حلالا لمن کان من الناس ملکا أو سوقة أو کافرا أو مؤمنا فحلال إجارته و حلال کسبه من هذه الوجوه فأما وجوه الحرام من وجوه الإجارة نظیر أن یؤاجر نفسه علی حمل ما یحرم أکله أو شربه أو

المکاسب، ج 1، ص 3

یؤاجر نفسه فی صنعة ذلک الشی ء أو حفظه أو یؤاجر نفسه فی هدم المساجد ضرارا أو قتل النفس بغیر حق أو عمل التصاویر و الأصنام و المزامیر و البرابط و الخمر و الخنازیر و المیتة و الدم أو شی ء من وجوه الفساد الذی کان محرما علیه من غیر جهة الإجارة فیه و کل أمر منهی عنه من جهة من الجهات فمحرم علی الإنسان إجارة نفسه فیه أو له أو شی ء منه أو له إلا لمنفعة من استأجرته کالذی یستأجر الأجیر یحمل له المیتة ینحیها عن أذاه أو أذی غیره و ما أشبه ذلک إلی أن قال و کل من آجر نفسه أو ما یملک أو یلی أمره من کافر أو مؤمن أو ملک أو سوقة علی ما فسرناه مما تجوز الإجارة فیه فحلال محلل فعله و کسبه و أما تفسیر الصناعات فکل ما یتعلم العباد أو یعلمون غیرهم من أصناف الصناعات مثل الکتابة و الحساب و النجارة و الصیاغة و البناء و الحیاکة و السراجة و القصارة و الخیاطة و صنعة صنوف التصاویر ما لم تکن مثل الروحانی و أنواع صنوف الآلات التی یحتاج إلیها العباد منها منافعهم و بها قوامهم و فیها بلغه جمیع حوائجهم فحلال فعله و تعلیمه و العمل به و فیه لنفسه أو لغیره و إن کانت تلک الصناعة و تلک الآلة قد یستعان بها علی وجوه الفساد و وجوه المعاصی و تکون معونة علی الحق و الباطل فلا بأس بصناعته و تقلبه نظیر الکتابة التی هی علی وجه من وجوه الفساد تقویة و معونة لولاه الجور و کذلک السکین و السیف و الرمح و القوس و غیر ذلک من وجوه الآلات التی تصرف إلی وجوه الصلاح و جهات الفساد و تکون آلة و معونة علیهما فلا بأس بتعلیمه و تعلمه و أخذ الأجر علیه و العمل به و فیه لمن کان له فیه جهات الصلاح من جمیع الخلائق و محرم علیهم تصریفه إلی جهات الفساد و المضار فلیس علی العالم و لا المتعلم إثم و لا وزر لما فیه من الرجحان فی منافع جهات صلاحهم و قوامهم و بقائهم و إنما الإثم و الوزر علی المتصرف فیه فی جهات الفساد و الحرام و ذلک إنما حرم الله الصناعة التی هی حرام کلها التی یجی ء منها الفساد محضا نظیر البرابط و المزامیر و الشطرنج و کل ملهو به و الصلبان و الأصنام و ما أشبه ذلک من صناعات الأشربة الحرام و ما یکون منه و فیه الفساد محضا و لا یکون منه و لا فیه شی ء من وجوه الصلاح فحرام تعلیمه و تعلمه و العمل به و أخذ الأجرة علیه و جمیع التقلب فیه من جمیع وجوه الحرکات إلا أن یکون صناعة قد تصرف إلی جهة المنافع و إن کان قد یتصرف فیها و یتناول بها وجه من وجوه المعاصی فلعله ما فیه من الصلاح حل تعلمه و تعلیمه و العمل به و یحرم علی من صرفه إلی غیر وجه الحق و الصلاح فهذا تفسیر بیان وجوه اکتساب معائش العباد و تعلمهم فی وجوه اکتسابهم إلی آخر الحدیث المنقول عن تحف العقول: و حکاه غیر واحد عن رسالة المحکم و المتشابه للسید قدس سره:

[روایة فقه الرضا]

[روایة فقه الرضا]

و فی الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا ص: اعلم یرحمک الله أن کل مأمور به علی العباد و قوام لهم فی أمورهم من وجوه الصلاح الذی لا یقیمهم غیره مما یأکلون و یشربون و یلبسون و ینکحون و یملکون و یستعملون فهذا کله حلال بیعه و شراؤه و هبته و عاریته و کل أمر یکون فیه الفساد مما قد نهی عنه من جهة أکله و شربه و لبسه و نکاحه و إمساکه بوجه الفساد مثل المیتة و الدم و لحم الخنزیر و الربا و جمیع الفواحش و لحوم السباع و الخمر و ما أشبه ذلک فحرام ضار للجسم انتهی

[روایة الدعائم]

[روایة الدعائم]

و عن دعائم الإسلام للقاضی نعمان المصری عن مولانا الصادق ع: أن الحلال من البیوع کلما کان حلالا من المأکول و المشروب و غیر ذلک مما هو قوام للناس و یباح لهم الانتفاع و ما کان محرما أصله منهیا عنه لم یجز بیعه و لا شراؤه انتهی

[النبوی المشهور]

[النبوی المشهور]

و فی النبوی المشهور: أن الله إذا حرم شیئا حرم ثمنه.

[تقسیم المکاسب إلی الأحکام الخمسة]

[تقسیم المکاسب إلی الأحکام الخمسة]

إذا عرفت ما تلوناه و جعلته فی بالک متدبرا لمدلولاته فنقول قد جرت عادة غیر واحد علی تقسیم المکاسب إلی محرم و مکروه و مباح مهملین للمستحب و الواجب بناء علی عدم وجودهما فی المکاسب مع إمکان التمثیل للمستحب بمثل الزراعة و الرعی- مما ندب إلیه الشرع- و للواجب بالصناعة الواجبة کفایة- خصوصا إذا تعذر قیام الغیر به فتأمل.

و معنی حرمة الاکتساب

و معنی حرمة الاکتساب

حرمة النقل و الانتقال بقصد ترتب الأثر المحرم. و أما حرمة أکل المال فی مقابلها فهو متفرع علی فساد البیع لأنه مال الغیر وقع فی یده بلا سبب شرعی و إن قلنا بعدم التحریم لأن ظاهر أدلة تحریم بیع مثل الخمر منصرف إلی ما لو أراد ترتیب الآثار المحرمة أما لو قصد الأثر المحلل فلا دلیل علی تحریم المعاملة إلا من حیث التشریع.

و کیف کان

فالاکتساب المحرم أنواع
اشارة

فالاکتساب المحرم أنواع

نذکر کلا منها فی طی مسائل

[النوع] الأول الاکتساب بالأعیان النجسة عدا ما استثنی
و فیه مسائل ثمان
الأولی یحرم المعاوضة علی بول غیر مأکول اللحم
اشارة

الأولی یحرم المعاوضة علی بول غیر مأکول اللحم

بلا خلاف ظاهر لحرمته و نجاسته و عدم الانتفاع به منفعة محللة مقصودة فیما عدا بعض أفراده کبول الإبل الجلالة أو الموطوءة.

فرعان
الأول ما عدا بول الإبل من أبوال ما یؤکل لحمه
اشارة

الأول ما عدا بول الإبل من أبوال ما یؤکل لحمه

المحکوم بطهارتها عند المشهور إن قلنا بجواز شربها اختیارا کما علیه جماعة من القدماء و المتأخرین بل عن المرتضی دعوی الإجماع علیه فالظاهر جواز بیعها. و إن قلنا بحرمة شربها کما هو مذهب جماعة أخری لاستخباثها ففی جواز بیعها قولان من عدم المنفعة المحللة المقصودة فیها و المنفعة النادرة لو جوزت المعاوضة لزم منه جواز معاوضة کل شی ء. و التداوی بها لبعض الأوجاع لا یوجب قیاسه علی الأدویة و العقاقیر لأنه یوجب قیاس کل شی ء علیها للانتفاع به فی بعض الأوقات و من أن المنفعة الظاهرة و لو عند الضرورة المسوغة للشرب کافیة فی جواز البیع.

و الفرق بینها و بین ذی المنفعة الغیر المقصودة حکم العرف بأنه لا منفعة فیه و سیجی ء الکلام فی ضابطة المنفعة المسوغة للبیع.

[ما یستدل علی أن ضابط المنع تحریم الشی ء اختیارا]

[ما یستدل علی أن ضابط المنع تحریم الشی ء اختیارا]

نعم یمکن أن یقال إن قوله ص: إن الله إذا حرم شیئا حرم ثمنه و کذلک الخبر المتقدم عن دعائم الإسلام یدل علی أن ضابطة المنع تحریم الشی ء اختیارا و إلا فلا حرام إلا و هو محلل عند الضرورة و المفروض حرمة شرب الأبوال اختیارا و المنافع الأخر غیر الشرب لا یعبأ بها جدا فلا ینتقض بالطین المحرم أکله فإن المنافع الأخر للطین أهم و أعم من منفعة الأکل المحرم بل لا یعد الأکل من منافع الطین فالنبوی دال علی أنه إذا حرم الله شیئا بقول مطلق بأن قال یحرم الشی ء الفلانی حرم بیعه لأن تحریم عینه إما راجع إلی تحریم جمیع منافعه أو إلی تحریم أهم منافعه التی یتبادر عند الإطلاق بحیث یکون غیره غیر مقصود منه.

المکاسب، ج 1، ص 4

و علی التقدیرین یدخل الشی ء لأجل ذلک فیما لا ینتفع به منفعة محللة مقصودة و الطین لم یحرم کذلک بل لم یحرم إلا بعض منافعه الغیر المقصودة منه و هو الأکل بخلاف الأبوال فإنها حرمت کذلک فیکون التحریم راجعا إلی شربها و غیره من المنافع فی حکم العدم. و بالجملة فالانتفاع بالشی ء حال الضرورة- منفعة محرمة فی حال الاختیار لا یوجب جواز بیعه و لا ینتقض أیضا بالأدویة المحرمة فی غیر حال المرض لأجل الإضرار و لأن حلیة هذه فی حال المرض لیست لأجل الضرورة بل لأجل تبدل عنوان الإضرار بعنوان النفع- . و مما ذکرنا یظهر أن قوله ع فی روایة تحف العقول المتقدمة و کل شی ء یکون فیه الصلاح من جهة من الجهات یراد به جهة الصلاح الثابتة حال الاختیار دون الضرورة.

و مما ذکرنا یظهر حرمة بیع لحوم السباع دون شحومها

و مما ذکرنا یظهر حرمة بیع لحوم السباع دون شحومها

فإن الأول من قبیل الأبوال و الثانی من قبیل الطین فی عدم حرمة جمیع منافعها المقصودة منها و لا ینافیه النبوی: لعن الله الیهود حرمت علیهم الشحوم فباعوها و أکلوا ثمنها لأن الظاهر أن الشحوم کانت محرمة الانتفاع علی الیهود بجمیع الانتفاعات لا کتحریم شحوم غیر مأکول اللحم علینا هذا و لکن الموجود من النبوی فی باب الأطعمة عن الخلاف: أن الله إذا حرم أکل شی ء حرم ثمنه و الجواب عنه مع ضعفه و عدم الجابر له سندا و دلالة لقصورها لزوم تخصیص الأکثر.

الثانی بول الإبل یجوز بیعه إجماعا

الثانی بول الإبل یجوز بیعه إجماعا

علی ما فی جامع المقاصد و عن إیضاح النافع إما لجواز شربه اختیارا کما یدل علیه قوله ع فی روایة الجعفری: أبوال الإبل خیر من ألبانها و إما لأجل الإجماع المنقول لو قلنا بعدم جواز شربها إلا لضرورة الاستشفاء کما یدل علیه روایة سماعة قال: سألت أبا عبد الله ع عن بول الإبل و البقر و الغنم ینتفع به من الوجع هل یجوز أن یشرب قال نعم لا بأس به و موثقة عمار: عن بول البقر یشربه الرجل قال إن کان محتاجا إلیه یتداوی بشربه فلا بأس و کذلک بول الإبل و الغنم. لکن الإنصاف أنه لو قلنا بحرمة شربه اختیارا أشکل الحکم بالجواز إن لم یکن إجماعیا کما یظهر من مخالفة العلامة فی النهایة و ابن سعید فی النزهة قال فی النهایة و کذلک البول یعنی یحرم بیعه و إن کان طاهرا للاستخباث کأبوال البقر و الإبل و إن انتفع به فی شربه للدواء لأنه منفعة جزئیة نادرة فلا یعتد به انتهی. أقول بل لأن المنفعة المحللة للاضطرار- و إن کانت کلیة لا تسوغ البیع کما عرفت

الثانیة یحرم بیع العذرة النجسة من کل حیوان
اشارة

الثانیة یحرم بیع العذرة النجسة من کل حیوان

علی المشهور بل فی التذکرة کما عن الخلاف الإجماع علی تحریم بیع السرجین النجس و یدل علیه مضافا إلی ما تقدم من الأخبار روایة یعقوب بن شعیب: ثمن العذرة من السحت. نعم فی روایة محمد بن المصادف: لا بأس ببیع العذرة

[الجمع بین الروایات المانعة و المجوزة]
اشارة

[الجمع بین الروایات المانعة و المجوزة]

و جمع الشیخ بینهما بحمل الأول علی عذرة الإنسان و الثانی علی عذرة البهائم و لعله لأن الأول نص فی عذرة الإنسان ظاهر فی غیرها بعکس الخبر الثانی فیطرح ظاهر کل منهما بنص الآخر. و یقرب هذا الجمع روایة سماعة قال: سأل رجل أبا عبد الله ع و أنا حاضر عن بیع العذرة فقال إنی رجل أبیع العذرة فما تقول قال حرام بیعها و ثمنها و قال لا بأس ببیع العذرة. فإن الجمع بین الحکمین فی کلام واحد لمخاطب واحد یدل علی أن تعارض الأولین لیس إلا من حیث الدلالة فلا یرجع فیه إلی المرجحات السندیة أو المرجحات الخارجیة و به یدفع ما یقال من أن العلاج فی الخبرین المتنافیین علی وجه التباین الکلی هو الرجوع إلی المرجحات الخارجیة ثم التخییر أو التوقف لا إلغاء ظهور کل منهما و لهذا طعن علی من جمع بین الأمر و النهی بحمل الأمر علی الإباحة و النهی علی الکراهة. و احتمل السبزواری حمل خبر المنع علی الکراهة و فیه ما لا یخفی من البعد و أبعد منه ما عن المجلسی- من احتمال حمل خبر المنع علی بلاد لا ینتفع به و الجواز علی غیرها و نحوه حمل خبر المنع علی التقیة- لکونه مذهب أکثر العامة

[الأظهر من وجوه الجمع]

[الأظهر من وجوه الجمع]

و الأظهر ما ذکره الشیخ رحمه الله- لو أرید التبرع بالحمل لکونه أولی من الطرح و إلا فروایة الجواز لا یجوز الأخذ بها- من وجوه لا تخفی.

[وجه ثبوت الحکم فی غیر عذرة الإنسان]

[وجه ثبوت الحکم فی غیر عذرة الإنسان]

ثم إن لفظ العذرة فی الروایات إن قلنا إنه ظاهر فی عذرة الإنسان کما حکی التصریح به عن بعض أهل اللغة فثبوت الحکم فی غیرها بالأخبار العامة المتقدمة و بالإجماع المتقدم علی السرجین النجس. و استشکل فی الکفایة فی الحکم تبعا للمقدس الأردبیلی رحمه الله إن لم یثبت الإجماع و هو حسن إلا أن الإجماع المنقول هو الجابر لضعف سند الأخبار العامة السابقة. و ربما یستظهر من عبارة الإستبصار القول بجواز بیع عذرة ما عدا الإنسان و فیه نظر.

فرع الأقوی جواز بیع الأرواث الطاهرة

فرع الأقوی جواز بیع الأرواث الطاهرة

التی ینتفع بها منفعة محللة مقصودة و عن الخلاف نفی الخلاف فیه. و حکی أیضا عن المرتضی رحمه الله الإجماع علیه. و عن المفید حرمة بیع العذرة و الأبوال کلها إلا بول الإبل. و حکی عن سلار أیضا و لا أعرف مستندا لذلک إلا دعوی أن تحریم الخبائث فی قوله تعالی وَ یُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ یشمل تحریم بیعها. و قوله ع: إن الله إذا حرم شیئا حرم ثمنه و ما تقدم من روایة دعائم الإسلام و غیرها. و یرد علی الأول أن المراد بقرینة مقابلته لقوله تعالی یُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ الأکل لا مطلق الانتفاع و فی النبوی و غیره ما عرفت من أن الموجب لحرمة الثمن حرمة عین الشی ء بحیث یدل علی تحریم جمیع منافعه أو المنافع المقصودة الغالبة و منفعة الروث لیست هی الأکل المحرم فهو کالطین المحرم کما عرفت سابقا

الثالثة یحرم المعاوضة علی الدم بلا خلاف
اشارة

الثالثة یحرم المعاوضة علی الدم بلا خلاف

بل عن النهایة و حاشیة الإرشاد لفخر الدین و التنقیح الإجماع علیه و یدل علیه الأخبار السابقة- .

فرع و أما الدم الطاهر

فرع و أما الدم الطاهر

إذا فرضت له منفعة محللة کالصبغ لو قلنا بجوازه ففی جواز بیعه وجهان أقواهما الجواز لأنها عین طاهرة ینتفع بها منفعة محللة. و أما مرفوعة الواسطی المتضمنة لمرور أمیر المؤمنین ع بالقصابین و نهیهم عن بیع سبعة بیع الدم و الغدد و آذان الفؤاد و الطحال إلی آخرها فالظاهر إرادة حرمة البیع للأکل و لا شک فی تحریمه لما سیجی ء من أن قصد المنفعة المحرمة فی المبیع موجب لحرمة البیع بل بطلانه. و صرح فی التذکرة بعدم جواز بیع الدم الطاهر لاستخباثه و لعله لعدم المنفعة الظاهرة فیه غیر الأکل المحرم

الرابعة لا إشکال فی حرمة بیع المنی
اشارة

الرابعة لا إشکال فی حرمة بیع المنی

لنجاسته و عدم الانتفاع به إذا وقع فی خارج الرحم و لو وقع فیه فکذلک لا ینتفع به المشتری- لأن الولد نماء الأم فی الحیوانات عرفا و للأب فی الإنسان شرعا لکن

المکاسب، ج 1، ص 5

الظاهر أن حکمهم بتبعیة الأم متفرع علی عدم تملک المنی و إلا لکان بمنزلة البذر المملوک یتبعه الزرع فالمتعین التعلیل بالنجاسة لکن قد منع بعض من نجاسته إذا دخل عن الباطن إلی الباطن.

[بیع العسیب]

[بیع العسیب]

و قد ذکر العلامة من المحرمات بیع عسیب الفحل و هو ماؤه قبل الاستقرار فی الرحم کما أن الملاقیح هو ماؤه بعد الاستقرار کما فی جامع المقاصد و عن غیره و علل فی الغنیة بطلان بیع ما فی أصلاب الفحول بالجهالة و عدم القدرة علی التسلیم

الخامسة تحرم المعاوضة علی المیتة و أجزائها التی تحلها الحیاة من ذی النفس السائلة
اشارة

الخامسة تحرم المعاوضة علی المیتة و أجزائها التی تحلها الحیاة من ذی النفس السائلة

علی المعروف من مذهب الأصحاب و فی التذکرة کما عن المنتهی و التنقیح الإجماع علیه و عن رهن الخلاف الإجماع علی عدم ملکیتها. و یدل علیه مضافا إلی ما تقدم من الأخبار ما دل علی أن المیتة لا ینتفع بها منضما إلی اشتراط وجود المنفعة المباحة فی المبیع لئلا یدخل فی عموم النهی عن أکل المال بالباطل و خصوص عد ثمن المیتة من السحت فی روایة السکونی.

[ظهور مکاتبة الصیقل فی الجواز]
اشارة

[ظهور مکاتبة الصیقل فی الجواز]

نعم قد ورد بعض ما یظهر منه الجواز مثل روایة صیقل قال: کتبوا إلی الرجل ع جعلنا الله فداک أنا قوم نعمل السیوف و لیست لنا معیشة و لا تجارة غیرها و نحن مضطرون إلیها و إنما غلافها من جلود المیتة من البغال و الحمیر الأهلیة لا یجوز فی أعمالنا غیرها فیحل لنا عملها و شراؤها و بیعها و مسها بأیدینا و ثیابنا و نحن نصلی فی ثیابنا و نحن محتاجون إلی جوابک فی هذه المسألة یا سیدنا لضرورتنا إلیها فکتب ع اجعلوا ثوبا للصلاة إلی آخر الحدیث و نحوها روایة أخری بهذا المضمون و لذا قال فی الکفایة و الحدائق إن الحکم لا یخلو عن إشکال.

[المناقشة فی دلالتها علی جواز البیع]

[المناقشة فی دلالتها علی جواز البیع]

و یمکن أن یقال إن مورد السؤال عمل السیوف و بیعها و شراؤها لا خصوص الغلاف مستقلا و لا فی ضمن السیف علی أن یکون جزء من الثمن فی مقابل عین الجلد فغایة ما یدل علیه جواز الانتفاع بجلد المیتة بجعله غمدا للسیف و هو لا ینافی عدم جواز معاوضته بالمال و لذا جوز جماعة منهم الفاضلان فی مختصر النافع و الإرشاد علی ما حکی عنهما الاستقاء بجلد المیتة لغیر الصلاة و الشرب مع عدم قولهم بجواز بیعه مع أن الجواب لا ظهور فیه فی الجواز إلا من حیث التقریر الغیر الظاهر فی الرضا خصوصا فی المکاتبات المحتملة للتقیة

[بیع المیتة لو جاز الانتفاع بجلدها]

[بیع المیتة لو جاز الانتفاع بجلدها]

هذا. و لکن الإنصاف أنه إذا قلنا بجواز الانتفاع بجلد المیتة منفعة مقصودة کالاستقاء بها للبساتین و الزرع إذا فرض عده مالا عرفا فمجرد النجاسة لا یصلح علة لمنع البیع لو لا الإجماع علی حرمة بیع المیتة بقول مطلق لأن المانع حرمة الانتفاع فی المنافع المقصودة لا مجرد النجاسة.

و إن قلنا إن مقتضی الأدلة حرمة الانتفاع بکل نجس فإن هذا کلام آخر سیجی ء ما فیه بعد ذکر النجاسات.

[ظهور ما دل علی المنع فی کون المانع حرمة الانتفاع]

[ظهور ما دل علی المنع فی کون المانع حرمة الانتفاع]

لکنا نقول إذا قام الدلیل الخاص علی جواز الانتفاع منفعة مقصودة بشی ء من النجاسات فلا مانع من صحة بیعه لأن ما دل علی المنع عن بیع النجس من النص و الإجماع ظاهر فی کون المانع حرمة الانتفاع فإن روایة تحف العقول المتقدمة قد علل فیها المنع عن بیع شی ء من وجوه النجس بکونه منهیا عن أکله و شربه إلی آخر ما ذکر فیها. و مقتضی روایة دعائم الإسلام المتقدمة أیضا إناطة جواز البیع و عدمه بجواز الانتفاع و عدمه.

[ظهور کلام جماعة فی ما استظهر من النص و الإجماع]

[ظهور کلام جماعة فی ما استظهر من النص و الإجماع]

و أدخل ابن زهرة فی الغنیة النجاسات فیما لا یجوز بیعه من جهة عدم حل الانتفاع بها و استدل أیضا علی جواز بیع الزیت النجس بأن النبی ص أذن فی الاستصباح به تحت السماء قال و هذا یدل علی جواز بیعه لذلک انتهی. فقد ظهر من أول کلامه و آخره أن المانع من البیع منحصر فی حرمة الانتفاع و أنه یجوز مع عدمها و مثل ما ذکرناه عن الغنیة من الاستدلال کلام الشیخ فی الخلاف فی باب البیع حیث ذکر النبوی الدال علی إذن النبی ص فی الاستصباح ثم قال و هذا یدل علی جواز بیعه انتهی.

و عن فخر الدین فی شرح الإرشاد و الفاضل المقداد فی التنقیح الاستدلال علی المنع عن بیع النجس بأنه محرم الانتفاع و کل ما کان کذلک لا یجوز بیعه. نعم ذکر فی التذکرة شرط الانتفاع و حلیته بعد اشتراط الطهارة. و استدل للطهارة بما دل علی وجوب الاجتناب عن النجاسات و حرمة المیتة و الإنصاف إمکان إرجاعه إلی ما ذکرناه فتأمل. و یؤیده أنهم أطبقوا علی بیع العبد الکافر و کلب الصید و علله فی التذکرة بحل الانتفاع به و رد من منع عن بیعه لنجاسته بأن النجاسة غیر مانعة و تعدی إلی کلب الحائط و الماشیة و الزرع لأن المقتضی و هو النفع موجود فیها

[المعاوضة علی لبن الیهودیة المرضعة]

[المعاوضة علی لبن الیهودیة المرضعة]

و مما ذکرناه من قوة جواز بیع جلد المیتة- لو لا الإجماع إذا جوزنا الانتفاع به فی الاستقاء یظهر حکم جواز المعاوضة علی لبن الیهودیة المرضعة بأن یجعل تمام الأجرة أو بعضها فی مقابل اللبن فإن نجاسته لا تمنع عن جواز المعاوضة علیه.

فرعان
الأول أنه کما لا یجوز بیع المیتة منفردة کذلک لا یجوز بیعها منضمة إلی مذکی
اشارة

الأول أنه کما لا یجوز بیع المیتة منفردة کذلک لا یجوز بیعها منضمة إلی مذکی

و لو باعها فإن کان المذکی ممتازا صح البیع فیه و بطل فی المیتة کما سیجی ء فی محله و إن کان مشتبها بالمیتة لم یجز بیعه أیضا- لأنه لا ینتفع به منفعة محللة- بناء علی وجوب الاجتناب عن کلا المشتبهین فهو فی حکم المیتة من حیث الانتفاع فأکل المال بإزائه أکل المال بالباطل کما أن أکل کل من المشتبهین فی حکم أکل المیتة

[هل یجوز بیع المختلط ممن یستحل المیتة]
اشارة

[هل یجوز بیع المختلط ممن یستحل المیتة]

و من هنا یعلم أنه لا فرق فی المشتری بین الکافر المستحل للمیتة و غیره

[دلالة روایتی الحلبی علی الجواز]

[دلالة روایتی الحلبی علی الجواز]

لکن فی صحیحة الحلبی و حسنته إذا اختلط المذکی بالمیتة بیع ممن یستحل المیتة و حکی نحوهما عن کتاب علی بن جعفر. و استوجه العمل بهذه الأخبار فی الکفایة و هو مشکل مع أن المروی عن أمیر المؤمنین ع أنه یرمی بهما

[تجویز بعضهم البیع بقصد بیع المذکی و الإیراد علیه]

[تجویز بعضهم البیع بقصد بیع المذکی و الإیراد علیه]

و جوز بعضهم البیع بقصد بیع المذکی. و فیه أن القصد لا ینفع بعد فرض عدم جواز الانتفاع بالمذکی لأجل الاشتباه. نعم لو قلنا بعدم وجوب الاجتناب فی الشبهة المحصورة و جواز ارتکاب أحدهما جاز البیع بالقصد المذکور- و لکن لا ینبغی القول به فی المقام لأن الأصل فی کل واحد من المشتبهین عدم التذکیة غایة الأمر العلم الإجمالی بتذکیة أحدهما و هو غیر قادح فی العمل بالأصلین و إنما یصح القول بجواز ارتکاب أحدهما فی المشتبهین إذا کان الأصل فی کل منهما الحل و علم إجمالا بوجود الحرام فقد یقال هنا بجواز ارتکاب أحدهما اتکالا علی أصالة الحل و عدم جواز ارتکاب الآخر بعد ذلک

المکاسب، ج 1، ص 6

حذرا عن ارتکاب الحرام الواقعی و إن کان هذا الکلام مخدوشا فی هذا المقام أیضا. لکن القول به ممکن هنا بخلاف ما نحن فیه لما ذکرنا فافهم- .

[حمل العلامة لروایتی الحلبی]

[حمل العلامة لروایتی الحلبی]

و عن العلامة حمل الخبرین علی جواز استنقاذ مال المستحل للمیتة بذلک برضاه. و فیه أن المستحل قد یکون ممن لا یجوز الاستنقاذ منه إلا بالأسباب الشرعیة کالذمی

[حمل المؤلف لهما]

[حمل المؤلف لهما]

و یمکن حملهما علی صورة قصد البائع المسلم أجزاءها التی لا تحلها الحیاة من الصوف و العظم و الشعر و نحوها و تخصیص المشتری بالمستحل لأن الداعی له علی الاشتراء اللحم أیضا و لا یوجب ذلک فساد البیع ما لم یقع العقد علیه.

[الانتفاع بألیات الغنم المقطوعة]

[الانتفاع بألیات الغنم المقطوعة]

و فی مستطرفات السرائر عن جامع البزنطی صاحب الرضا ع قال:

سألته عن الرجل تکون له الغنم یقطع من ألیاتها و هی أحیاء یصلح له أن ینتفع بما قطع قال نعم یذیبها و یسرج بها و لا یأکلها و لا یبیعها. و استوجه فی الکفایة العمل بها تبعا لما حکاه الشهید عن العلامة فی بعض أقواله و الروایة شاذة- ذکر الحلی بعد إیرادها أنها من نوادر الأخبار و الإجماع منعقد علی تحریم المیتة و التصرف فیها علی کل حال إلا أکلها للمضطر. أقول مع أنها معارضة بما دل علی المنع من موردها معللا بقوله ع: أ ما علمت أنه یصیب الثوب و الید و هو حرام و مع الإغماض عن المرجحات یرجع إلی عموم ما دل علی المنع عن الانتفاع بالمیتة مطلقا مع أن الصحیحة صریحة فی المنع عن البیع إلا أن یحمل علی إرادة البیع من غیر الإعلام بالنجاسة.

الثانی أن المیتة من غیر النفس السائلة یجوز المعاوضة علیها

الثانی أن المیتة من غیر النفس السائلة یجوز المعاوضة علیها

إذا کانت مما ینتفع بها أو ببعض أجزائها کدهن السمک المیتة للإسراج و التدهین لوجود المقتضی و عدم المانع لأن أدلة عدم الانتفاع بالمیتة مختصة بالنجسة و صرح بما ذکرنا جماعة و الظاهر أنه مما لا خلاف فیه

السادسة یحرم التکسب بالکلب الهراش و الخنزیر البریین

السادسة یحرم التکسب بالکلب الهراش و الخنزیر البریین

إجماعا علی الظاهر المصرح به فی المحکی عن جماعة و کذلک أجزاؤهما. نعم لو قلنا بجواز استعمال شعر الخنزیر و جلده جاء فیه ما تقدم فی جلد المیتة

السابعة یحرم التکسب بالخمر و کل مسکر مائع و الفقاع إجماعا نصا و فتوی

السابعة یحرم التکسب بالخمر و کل مسکر مائع و الفقاع إجماعا نصا و فتوی

. و فی بعض الأخبار: یکون لی علی الرجل الدراهم فیعطینی بها خمرا فقال خذها ثم أفسدها قال ابن أبی عمیر یعنی اجعلها خلا و المراد به إما أخذ الخمر مجانا ثم تخلیلها أو أخذها و تخلیلها لصاحبها ثم أخذ الخل وفاء عن الدراهم

الثامنة یحرم المعاوضة علی الأعیان المتنجسة- الغیر القابلة للطهارة

الثامنة یحرم المعاوضة علی الأعیان المتنجسة- الغیر القابلة للطهارة

إذا توقف منافعها المحللة المعتد بها علی الطهارة لما تقدم من النبوی: إن الله إذا حرم شیئا حرم ثمنه و نحوه المتقدم عن دعائم الإسلام. و أما التمسک بعموم قوله ع فی روایة تحف العقول أو شی ء من وجوه النجس ففیه نظر لأن الظاهر من وجوه النجس العنوانات النجسة لأن ظاهر الوجه هو العنوان. نعم یمکن الاستدلال علی ذلک بالتعلیل المذکور بعد ذلک- و هو قوله ع لأن ذلک کله محرم أکله و شربه و لبسه إلی آخر ما ذکر. ثم اعلم أنه قیل بعدم جواز بیع المسوخ من أجل نجاستها و لما کان الأقوی طهارتها لم یحتج إلی التکلم فی جواز بیعها هنا. نعم لو قیل بحرمة البیع لا من حیث النجاسة کان محل التعرض له ما سیجی ء من أن کل طاهر له منفعة محللة مقصودة یجوز بیعه. و سیجی ء ذلک فی ذیل القسم الثانی مما لا یجوز الاکتساب به لأجل عدم المنفعة فیه

و أما المستثنی من الأعیان المتقدمة
اشارة

و أما المستثنی من الأعیان المتقدمة

فهی أربعة تذکر فی مسائل أربع

@@@

الأولی یجوز بیع المملوک الکافر
اشارة

أصلیا کان أم مرتدا ملیا بلا خلاف ظاهر بل ادعی علیه الإجماع و لیس ببعید کما یظهر للمتتبع فی المواضع المناسبة لهذه المسألة کاسترقاق الکفار و شراء بعضهم من بعض و بیع العبد الکافر إذا أسلم علی مولاه الکافر و عتق الکافرة و بیع المرتد و ظهور کفر العبد المشتری علی ظاهر الإسلام و غیر ذلک

[بیع العبد المرتد عن فطرة]
اشارة

و کذا الفطری علی الأقوی بل الظاهر أنه لا خلاف فیه من هذه الجهة و إن کان فیه کلام من حیث کونه فی معرض التلف لوجوب قتله و لم نجد من تأمل فیه من جهة نجاسته عدا ما یظهر من بعض الأساطین- فی شرحه علی القواعد حیث احترز بقول العلامة ما لا یقبل التطهیر من النجاسات عما یقبله و لو بالإسلام کالمرتد و لو عن فطرة علی أصح القولین فبنی جواز بیع المرتد علی قبول توبته بل بنی جواز بیع مطلق الکافر علی قبوله للطهر بالإسلام. و أنت خبیر بأن حکم الأصحاب بجواز بیع الکافر نظیر حکمهم بجواز بیع الکلب لا من حیث قابلیته للتطهیر نظیر الماء المتنجس و إن اشتراطهم قبول التطهیر إنما هو فیما یتوقف الانتفاع به علی طهارته- لیتصف بالملکیة لا مثل الکلب و الکافر المملوکین مع النجاسة إجماعا. و بالغ تلمیذه فی مفتاح الکرامة فقال أما المرتد عن فطرة فالقول بجواز بیعه ضعیف جدا لعدم قبول توبته فلا یقبل التطهیر ثم ذکر جماعة ممن جوز بیعه إلی أن قال و لعل من جوز بیعه بنی علی قبول توبته انتهی و تبعه علی ذلک شیخنا المعاصر. أقول لا إشکال و لا خلاف فی کون المملوک المرتد عن فطرة ملکا و مالا لمالکه و یجوز له الانتفاع به بالاستخدام ما لم یقتل و إنما استشکل من استشکل فی جواز بیعه من حیث کونه فی معرض القتل بل واجب الإتلاف شرعا فکان الإجماع منعقد علی عدم المنع من بیعه من جهة عدم قابلیته للطهارة بالتوبة

[نقل کلمات الأعلام فی المسألة]

. قال فی الشرائع و یصح رهن المرتد و إن کان عن فطرة و استشکل فی المسالک من جهة وجوب إتلافه و کونه فی معرض التلف ثم اختار الجواز لبقاء مالیته إلی زمان القتل. و قال فی القواعد و یصح رهن المرتد و إن کان عن فطرة علی إشکال و ذکر فی جامع المقاصد أن منشأ الإشکال أنه یجوز بیعه فیجوز رهنه بطریق أولی و من أن مقصود البیع حاصل- و أما مقصود الرهن فقد لا یحصل بقتل الفطری حتما و الآخر قد لا یتوب ثم اختار الجواز و قال فی التذکرة المرتد إن کان عن فطرة ففی جواز بیعه نظر ینشأ من تضاد الحکمین- و من بقاء الملک فإن کسبه لمولاه أما عن غیر فطرة فالوجه صحة بیعه لعدم تحتم قتله ثم ذکر المحارب الذی لا تقبل توبته- لوقوعها بعد القدرة علیه و استدل علی جواز بیعه بما یظهر منه جواز بیع المرتد عن فطرة و جعله نظیر المریض المأیوس عن برئه نعم منع فی التحریر و الدروس عن بیع المرتد عن فطرة و المحارب إذا وجب قتله للوجه

المکاسب، ج 1، ص 7

المتقدم. و عن التذکرة بل فی الدروس أن بیع المرتد عن ملة أیضا مراعی بالتوبة و کیف کان فالمتتبع یقطع بأن اشتراط قابلیة الطهارة إنما هو فیما یتوقف الانتفاع المعتد به علی طهارته و لذا قسم فی المبسوط المبیع إلی آدمی و غیره. ثم اشترط الطهارة فی غیر الآدمی نعم استثنی الکلب الصیود

الثانیة یجوز المعاوضة علی غیر کلب الهراش فی الجملة
اشارة

بلا خلاف ظاهر إلا ما عن ظاهر إطلاق العمانی و لعله کإطلاق کثیر من الأخبار بأن ثمن الکلب سحت محمول علی الهراش لتواتر الأخبار و استفاضة نقل الإجماع علی جواز بیع ما عدا کلب الهراش فی الجملة. ثم إن ما عدا کلب الهراش علی أقسام

أحدها کلب الصید السلوقی

و هو المتیقن من الأخبار و معاقد الإجماعات الدالة علی الجواز.

الثانی کلب الصید غیر السلوقی
اشارة

و بیعه جائز علی المعروف من غیر ظاهر إطلاق المقنعة و النهایة. و یدل علیه قبل الإجماع المحکی عن الخلاف و المنتهی و الإیضاح و غیرها

الأخبار المستفیضة [الدالة علی الجواز]

منها قوله ع فی روایة القاسم بن الولید قال: سألت أبا عبد الله ع عن ثمن الکلب الذی لا یصید قال سحت و أما الصیود فلا بأس به و منها الصحیح عن ابن فضال عن أبی جمیلة عن لیث قال: سألت أبا عبد الله ع عن الکلب الصیود یباع قال ع نعم و یؤکل ثمنه و منها روایة أبی بصیر قال: سألت أبا عبد الله ع عن ثمن کلب الصید قال لا بأس به و أما الآخر فلا یحل ثمنه و منها ما عن دعائم الإسلام للقاضی نعمان المصری عن أمیر المؤمنین ع أنه قال: لا بأس بثمن کلب الصید و منها مفهوم روایة أبی بصیر عن أبی عبد الله ع قال قال رسول الله ص: ثمن الخمر و مهر البغی و ثمن الکلب الذی لا یصطاد من السحت و منها مفهوم روایة عبد الرحمن بن أبی عبد الله عن أبی عبد الله ع قال: ثمن الکلب الذی لا یصید سحت و لا بأس بثمن الهرة و مرسلة الصدوق رحمه الله و فیها: ثمن الکلب الذی لیس بکلب الصید سحت.

ثم إن دعوی انصراف هذه الأخبار کمعاقد الإجماعات المتقدمة إلی السلوقی ضعیفة لمنع الانصراف لعدم الغلبة المعتد بها علی فرض تسلیم کون مجرد غلبة الوجود من دون غلبة الاستعمال منشأ للانصراف مع أنه لا یصح فی مثل قوله ثمن الکلب الذی لا یصید أو لیس بکلب الصید لأن مرجع التقیید إلی إرادة ما یصح عنه سلب صفة الاصطیاد. و کیف کان فلا مجال لدعوی الانصراف بل یمکن أن یکون مراد المقنعة و النهایة من السلوقی مطلق الصیود علی ما شهد به بعض الفحول من إطلاقه علیه أحیانا. و یؤید بما عن المنتهی- حیث إنه بعد ما حکی التخصیص بالسلوقی عن الشیخین قال و عنی بالسلوقی کلب الصید لأن سلوق قریة بالیمن أکثر کلابها معلمة فنسب الکلب إلیها و إن کان هذا الکلام من المنتهی یحتمل- لأن یکون مسوقا لإخراج غیر کلب الصید من الکلاب السلوقیة و أن المراد بالسلوقی خصوص الصیود لا کل سلوقی لکن الوجه الأول أظهر فتدبر.

الثالث کلب الماشیة و الحائط
اشارة

و هو البستان و الزرع و الأشهر بین القدماء علی ما قیل المنع لعله استظهر ذلک من الأخبار الحاصرة لما یجوز بیعه فی الصیود المشتهرة بین المحدثین کالکلینی و الصدوقین و من تقدمهم بل و أهل الفتوی کالمفید و القاضی و ابن زهرة و ابن سعید و المحقق بل ظاهر الخلاف و الغنیة الإجماع علیه.

نعم المشهور بین الشیخ و من تأخر عنه الجواز

وفاقا للمحکی عن ابن الجنید قدس سره حیث قال لا بأس بشراء الکلب الصائد و الحارس للماشیة و الزرع ثم قال لا خیر فی الکلب فیما عدا الصیود و الحارس و ظاهر الفقرة الأخیرة لو لم یحمل علی الأولی جواز بیع الکلاب الثلاثة و غیرها کحارس الدور و الخیام.

و حکی الجواز أیضا عن الشیخ و القاضی فی کتاب الإجارة و عن سلار و أبی الصلاح و ابن حمزة و ابن إدریس و أکثر المتأخرین کالعلامة و ولده السعید و الشهیدین و المحقق الثانی و ابن القطان فی المعالم و الصیمری و ابن فهد و غیرهم من متأخری المتأخرین

[ذهاب المحقق و قلیل من متأخری المتأخرین إلی المنع]

عدا قلیل وافق المحقق کالسبزواری و التقی المجلسی و صاحب الحدائق و العلامة الطباطبائی فی مصابیحه و فقیه عصره فی شرح القواعد و هو الأوفق بالعمومات المتقدمة المانعة إذ لم نجد مخصصا لها

[دلالة مرسلة المبسوط علی الجواز]

سوی ما أرسله فی المبسوط من أنه روی ذلک یعنی جواز البیع فی کلب الماشیة و الحائط المنجبر قصور سنده و دلالته لکون المنقول مضمون الروایة لا معناها و لا ترجمتها باشتهاره بین المتأخرین

بل ظهور الاتفاق المستفاد من قول الشیخ فی کتاب الإجارة إن أحدا لم یفرق بین بیع هذه الکلاب و إجارتها بعد ملاحظة الاتفاق علی صحة إجارتها و من قوله فی التذکرة جوز بیع هذه الکلاب عندنا و من المحکی عن الشهید فی الحواشی أن أحدا لم یفرق بین الکلاب الأربعة فیکون هذه الدعاوی قرینة علی

حمل کلام من اقتصر علی کلب الصید علی المثال

لمطلق ما ینتفع به منفعة محللة مقصودة. کما یظهر ذلک من عبارة ابن زهرة فی الغنیة حیث اعتبر أولا فی المبیع أن یکون مما ینتفع به منفعة محللة مقصودة ثم قال و احترزنا بقولنا ینتفع به منفعة محللة عما یحرم الانتفاع به و یدخل فی ذلک کل نجس إلا ما خرج بالدلیل من بیع الکلب المعلم للصید و الزیت النجس لفائدة الاستصباح تحت السماء و من المعلوم بالإجماع و السیرة جواز الانتفاع بهذه الکلاب منفعة محللة مقصودة أهم من منفعة الصید فیجوز بیعها لوجود القید الذی اعتبره فیها و أن المنع من بیع النجس منوط بحرمة الانتفاع فینتفی بانتفائها

[التأیید بما أفاده العلامة و المناقشة فیه]

و یؤید ذلک کله ما فی التذکرة من أن المقتضی لجواز بیع کلب الصید أعنی المنفعة موجود فی هذه الکلاب. و عنه رحمه الله فی مواضع أخر أن تقدیر الدیة لها یدل علی مقابلتها بالمال و إن ضعف الأول برجوعه إلی القیاس- و الثانی بأن الدیة لو لم تدل علی عدم التملک و إلا لکان الواجب القیمة کائنة ما کانت لم تدل علی التملک لاحتمال کون الدیة من باب تعیین غرامة معینة لتفویت شی ء ینتفع به لا لإتلاف مال کما فی إتلاف الحر

[المناقشة فی أدلة الجواز]

و نحوهما فی الضعف دعوی انجبار المرسلة بدعوی الاتفاق المتقدم عن الشیخ و العلامة و الشهید قدس الله أسرارهم لوهنها بعد الإغماض عن معارضتها بظاهر عبارتی الخلاف و الغنیة من الإجماع علی عدم جواز بیع غیر المعلم من الکلاب بوجدان الخلاف العظیم من أهل الروایة و الفتوی.

[الفرق بین دعوی الاتفاق و دعوی الإجماع]

نعم لو ادعی الإجماع أمکن منع وهنها بمجرد الخلاف و لو من الکثیر بناء علی ما سلکه بعض متأخری المتأخرین فی الإجماع من کونه

المکاسب، ج 1، ص 8

منوطا بحصول الکشف من اتفاق جماعة و لو خالفهم أکثر منهم مع أن دعوی الإجماع ممن لم یصطلح الإجماع علی مثل هذا الاتفاق لا یعبأ بها عند وجدان الخلاف. و أما شهرة الفتوی بین المتأخرین فلا تجبر الروایة خصوصا مع مخالفة کثیر من القدماء و مع کثرة ظاهر العمومات الواردة فی مقام الحاجة و خلو کتب الروایة المشهورة عنها حتی أن الشیخ لم یذکرها فی جامعیة

و أما حمل کلمات القدماء علی المثال ففی غایة البعد

و أما کلام ابن زهرة المتقدم فهو مختل علی کل حال- لأنه استثنی الکلب المعلم عما یحرم الانتفاع به مع أن الإجماع علی جواز الانتفاع بالکافر فحمل کلب الصید علی المثال لا یصحح کلامه إلا أن یرید کونه مثالا و لو للکافر أیضا کما أن استثناء الزیت من باب المثال لسائر الأدهان المتنجسة هذا و لکن الحاصل من شهرة الجواز بین المتأخرین بضمیمة أمارات الملک فی هذه الکلاب یوجب الظن بالجواز حتی فی غیر هذه الکلاب مثل کلاب الدور و الخیام

[مختار المؤلف]

فالمسألة لا تخلو عن إشکال و إن کان الأقوی بحسب الأدلة- و الأحوط فی العمل هو المنع فافهم

الثالثة الأقوی جواز المعاوضة علی العصیر العنبی
اشارة

إذا غلی و لم یذهب ثلثاه و إن کان نجسا لعمومات البیع و التجارة الصادقة علیه بناء علی أنه مال قابل للانتفاع به بعد طهارته بالنقص لأصالة بقاء مالیته و عدم خروجه عنها بالنجاسة غایة الأمر أنه مال معیوب قابل لزوال عیبه و لذا لو غصب عصیرا فأغلاه حتی حرم و نجس لم یکن فی حکم التالف بل وجب علیه رده و وجب علیه غرامة الثلثین و أجرة العمل فیه حتی یذهب الثلثان کما صرح به فی التذکرة معللا لغرامة الأجرة بأنه رده معیبا و یحتاج زوال العیب إلی خسارة و العیب من فعله فکانت الخسارة علیه نعم ناقشه فی جامع المقاصد فی الفرق بین هذا و بین ما لو غصبه عصیرا فصار خمرا حیث حکم فیه بوجوب غرامة مثل العصیر لأن المالیة قد فاتت تحت یده فکان علیه ضمانها کما لو تلفت لکن لا یخفی الفرق الواضح بین العصیر إذا غلی و بینه إذا صار خمرا فإن العصیر بعد الغلیان مال عرفا و شرعا و النجاسة إنما تمنع من المالیة إذا لم تقبل التطهیر کالخمر فإنه لا تزول نجاستها إلا بزوال موضوعها بخلاف العصیر فإنه تزول نجاسته بنقصه نظیر طهارة ماء البئر بالنزح-

[عدم شمول نجس العین للعصیر]

و بالجملة فالنجاسة فیه و حرمة الشرب عرضیة تعرضانه فی حال متوسط بین حالتی طهارته فحکمه حکم النجس بالعرض القابل للتطهیر فلا یشمله قوله ع فی روایة تحف العقول أو شی ء من وجوه النجس و لا یدخل تحت قوله ص إن الله إذا حرم شیئا حرم ثمنه لأن الظاهر منها العنوانات النجسة و المحرمة بقول مطلق لا ما تعرضانه فی حال دون حال فیقال یحرم فی حال کذا و ینجس فی حال کذا. و بما ذکرنا یظهر عدم شمول معقد إجماع التذکرة علی فساد بیع نجس العین للعصیر لأن المراد بالعین هی الحقیقة و العصیر لیس کذلک

[استظهار المنع من بیع العصیر فی مفتاح الکرامة]

و یمکن أن ینسب جواز بیع العصیر إلی کل من قید الأعیان النجسة المحرم بیعها بعدم قابلیتها للتطهیر و لم أجد مصرحا بالخلاف عدا ما فی مفتاح الکرامة من أن الظاهر المنع للعمومات المتقدمة و خصوص بعض الأخبار- مثل قوله ع: و إن غلی فلا یحل بیعه و روایة أبی کهمس: إذا بعته قبل أن یکون خمرا و هو حلال فلا بأس و مرسل ابن الهیثم: إذا تغیر عن حاله و غلی فلا خیر فیه بناء علی أن الخیر المنفی یشمل البیع.

و فی الجمیع نظر

أما فی العمومات فلما تقدم. و أما الأدلة الخاصة فهی مسوقة للنهی عن بیعه بعد الغلیان نظیر بیع الدبس و الخل من غیر اعتبار إعلام المکلف و فی الحقیقة هذا النهی کنایة عن عدم جواز الانتفاع ما لم یذهب ثلثاه فلا یشمل بیعه بقصد التطهیر مع إعلام المشتری نظیر بیع الماء النجس و بالجملة فلو لم یکن إلا استصحاب مالیته و جواز بیعه کفی و لم أعثر علی من تعرض للمسألة صریحا عدا جماعة من المعاصرین نعم قال المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد فی ذیل قول المصنف و لا بأس ببیع ما عرض له التنجیس مع قبولها التطهیر بعد الاستشکال بلزوم عدم جواز بیع الأصباغ المتنجسة بعدم قبولها التطهیر و دفع ذلک بقبولها له بعد الجفاف- و لو تنجس العصیر و نحوه فهل یجوز بیعه علی من یستحله فیه إشکال ثم ذکر أن الأقوی العدم لعموم وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ و الظاهر أنه أراد بیع العصیر للشرب من غیر التثلیث کما یظهر من ذکر المشتری و الدلیل فلا یظهر منه حکم بیعه علی من یطهره

الرابعة یجوز المعاوضة علی الدهن المتنجس
اشارة

علی المعروف من مذهب الأصحاب و جعل هذا من المستثنی عن بیع الأعیان النجسة مبنی علی المنع من الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدلیل أو علی المنع من بیع المتنجس و إن جاز الانتفاع به نفعا مقصودا محللا و إلا کان الاستثناء منقطعا من حیث إن المستثنی منه ما لیس فیه منفعة محللة مقصودة من النجاسات و المتنجسات و قد تقدم أن المنع عن بیع النجس فضلا عن المتنجس لیس إلا من حیث حرمة المنفعة المقصودة فإذا فرض حلها فلا مانع من البیع و یظهر من الشهید الثانی فی المسالک خلاف ذلک و أن جواز بیع الدهن للنص لا لجواز الانتفاع به و إلا لاطرد الجواز فی غیر الدهن أیضا و أما حرمة الانتفاع بالمتنجس إلا ما خرج بالدلیل فسیجی ء الکلام فیه إن شاء الله تعالی و کیف کان فلا إشکال فی جواز بیع الدهن المذکور و عن جماعة الإجماع علیه فی الجملة

[الأخبار المستفیضة الدالة علی الجواز]

و الأخبار به مستفیضة منها الصحیح عن معاویة بن وهب عن أبی عبد الله ع قال: قلت له جرذ مات فی سمن أو زیت أو عسل قال ع أما السمن و العسل فیؤخذ الجرذ و ما حوله و الزیت یستصبح به و زاد فی المحکی عن التهذیب أنه یبیع ذلک الزیت و یبینه لمن اشتراه لیستصبح به و لعل الفرق بین الزیت و أخویه من جهة کونه مائعا غالبا بخلاف السمن و العسل و فی روایة إسماعیل الآتیة إشعار بذلک و منها الصحیح عن سعید الأعرج عن أبی عبد الله ع: فی الفأرة و الدابة تقع فی الطعام و الشراب فتموت فیه قال ع إن کان سمنا أو عسلا أو زیتا فإنه ربما یکون بعض هذا فإن کان الشتاء فانزع ما حوله و کله و إن کان الصیف فادفعه حتی یسرج به و منها ما عن أبی بصیر فی الموثق: عن الفأرة تقع فی السمن أو فی الزیت فتموت فیه قال ع إن کان جامدا فلیطرحها و ما حولها و یؤکل ما بقی و إن کان ذائبا فأسرج به و أعلمهم إذا بعته و منها روایة إسماعیل بن عبد الخالق قال: سأله سعید الأعرج السمان و أنا حاضر عن السمن و الزیت و العسل تقع فیه الفأرة فتموت کیف یصنع به قال ع أما الزیت فلا تبعه إلا أن تبین له فیبتاع للسراج

المکاسب، ج 1، ص 9

و أما الأکل فلا و أما السمن فإن کان ذائبا فکذلک و إن کان جامدا و الفأرة فی أعلاه فیؤخذه ما تحتها و ما حولها ثم لا بأس به و العسل کذلک إن کان جامدا

إذا عرفت هذا فالإشکال یقع فی مواضع

@@@ الأول أن صحة بیع هذا الدهن هل هی مشروطة باشتراط الاستصباح به

صریحا أو یکفی قصدهما لذلک أو لا یشترط أحدهما ظاهر الحلی فی السرائر الأول- فإنه بعد ذکر جواز الاستصباح بالأدهان المتنجسة جمع قال و یجوز بیعها بهذا الشرط عندنا و ظاهر المحکی عن الخلاف الثانی حیث قال جاز بیعه لمن یستصبح به تحت السماء دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم و قال أبو حنیفة یجوز مطلقا و نحوه مجردا عن دعوی الإجماع عبارة المبسوط و زاد أنه لا یجوز بیعه إلا لذلک و ظاهره کفایة القصد و هو ظاهر غیره ممن عبر بقوله جاز بیعه للاستصباح- کما فی الشرائع و القواعد و غیرهما. نعم ذکر المحقق الثانی ما حاصله أن التعلیل راجع إلی الجواز یعنی یجوز لأجل تحقق فائدة الاستصباح بیعه و کیف کان فقد صرح جماعة بعدم اعتبار قصد الاستصباح.

[اعتبار قصد الاستصباح إذا کان من المنافع النادرة]

و یمکن أن یقال باعتبار قصد الاستصباح إذا کانت المنفعة المحللة منحصرة فیه و کان من منافعه النادرة التی لا تلاحظ فی مالیته کما فی دهن اللوز و البنفسج و شبههما و وجهه أن مالیة الشی ء إنما هی باعتبار منافعه المحللة المقصودة منه لا باعتبار مطلق الفوائد غیر الملحوظة فی مالیته و لا باعتبار الفوائد الملحوظة المحرمة فإذا فرض أن لا فائدة فی الشی ء محللة ملحوظة فی مالیته فلا یجوز بیعه علی الإطلاق لأن الإطلاق ینصرف إلی کون الثمن بإزاء المنافع المقصودة منه و المفروض حرمتها فیکون أکلا للمال بالباطل و لا علی قصد الفائدة النادرة المحللة لأن قصد الفائدة النادرة لا یوجب کون الشی ء مالا. ثم إذا فرض ورود النص الخاص علی جواز بیعه کما فیما نحن فیه فلا بد من حمله علی إرادة صورة قصد الفائدة النادرة لأن أکل المال حینئذ لیس بالباطل بحکم الشارع بخلاف صورة عدم القصد لأن المال فی هذه الصورة مبذول فی مقابل المطلق المنصرف إلی الفوائد المحرمة فافهم و حینئذ فلو لم یعلم المتبایعان جواز الاستصباح بهذا الدهن و تعاملا من غیر قصد إلی هذه الفائدة کانت المعاملة باطلة لأن المال مبذول مع الإطلاق فی مقابل الشی ء باعتبار الفوائد المحرمة. ثم لو علمنا عدم التفات المتعاملین إلی المنافع أصلا أمکن صحتها لأنه مال واقعی شرعا قابل لبذل المال بإزائه و لم یقصد به ما لا یصح بذل المال بإزائه من المنافع المحرمة و مرجع هذا فی الحقیقة إلی أنه لا یشترط إلا عدم قصد المنافع المحرمة فافهم.

[عدم اعتبار قصد الاستصباح إذا کان من المنافع الغالبة أو المساویة]

و أما فیما کان الاستصباح منفعة غالبة بحیث کان مالیة الدهن باعتباره کالأدهان المعدة للإسراج فلا یعتبر فی صحة بیعه قصده أصلا لأن الشارع قد قرر مالیته العرفیة بتجویز الاستصباح به و إن فرض حرمة سائر منافعه بناء علی أضعف الوجهین من وجوب الاقتصار فی الانتفاع بالنجس علی مورد النص. و کذا إذا کان الاستصباح منفعة مقصودة مساویة لمنفعة الأکل المحرم کالألیة و الزیت و عصارة السمسم فلا یعتبر قصد المنفعة المحللة فضلا عن اشتراطه إذ یکفی فی مالیته وجود المنفعة المقصودة المحللة غایة الأمر کون حرمة منفعته الأخری المقصودة نقصا فیه یوجب الخیار للجاهل

نعم یشترط عدم اشتراط المنفعة المحرمة

بأن یقول بعتک بشرط أن تأکله و إلا فسد العقد بفساد الشرط بل یمکن الفساد و إن لم نقل بإفساد الشرط الفاسد لأن مرجع الاشتراط فی هذا الفرض إلی تعیین المنفعة المحرمة علیه فیکون أکل الثمن أکلا بالباطل لأن حقیقة النفع العائد إلی المشتری بإزاء ثمنه هو النفع المحرم فافهم بل یمکن القول بالبطلان بمجرد القصد و إن لم یشترط فی متن العقد و بالجملة فکل بیع قصد فیه منفعة محرمة بحیث قصد أکل الثمن أو بعضه بإزاء المنفعة المحرمة کان باطلا کما یومئ إلی ذلک ما ورد فی تحریم شراء الجاریة المغنیة و بیعها و صرح فی التذکرة بأن الجاریة المغنیة إذا بیعت بأکثر مما یرغب فیها لو لا الغناء فالوجه التحریم انتهی.

ثم إن الأخبار المتقدمة خالیة عن اعتبار قصد الاستصباح

لأن موردها مما یکون الاستصباح فیه منفعة مقصودة منها کافیة فی مالیتها العرفیة و ربما یتوهم من قوله ع- فی روایة الأعرج المتقدمة تبینه لمن یشتریه فیبتاع للسراج اعتبار القصد و یدفعه أن الابتیاع للسراج إنما جعل غایة للإعلام بمعنی أن المسلم إذا اطلع علی نجاسته فیشتریه للإسراج نظیر قوله ع فی روایة معاویة بن وهب: یبینه لمن اشتراه لیستصبح به.

الثانی أن ظاهر بعض الأخبار وجوب الإعلام فهل یجب مطلقا أم لا- و هل وجوبه نفسی أم شرطی

بمعنی اعتبار اشتراطه فی صحة البیع الذی ینبغی أن یقال إنه لا إشکال فی وجوب الإعلام إن قلنا باعتبار اشتراط الاستصباح فی العقد أو تواطئهما علیه من الخارج لتوقف القصد علی العلم بالنجاسة و أما إذا لم نقل باعتبار اشتراط الاستصباح فی العقد فالظاهر وجوب الإعلام وجوبا نفسیا- قبل العقد أو بعده لبعض الأخبار المتقدمة- و فی قوله ع: یبینه لمن اشتراه لیستصبح به إشارة إلی وجوب الإعلام لئلا یأکله فإن الغایة للإعلام لیس هو تحقق الاستصباح إذ لا ترتب بینهما شرعا و لا عقلا و لا عادة- بل الفائدة حصر الانتفاع فیه بمعنی عدم الانتفاع به فی غیره

[وجوب إعلام الجاهل بما یعطی إذا کان الانتفاع الغالب به محرما]

ففیه إشارة إلی وجوب إعلام الجاهل بما یعطی إذا کان الانتفاع الغالب به محرما بحیث یعلم عادة وقوعه فی الحرام لو لا الإعلام فکأنه قال أعلمه لأن لا یقع فی الحرام الواقعی بترکک الإعلام

[الأخبار الدالة علی حرمة تعزیر الجاهل بالحکم أو الموضوع]

و یشیر إلی هذه القاعدة کثیر من الأخبار المتفرقة الدالة علی حرمة تغریر الجاهل بالحکم أو الموضوع فی المحرمات مثل ما دل علی أن من أفتی بغیر علم لحقه وزر من عمل بفتیاه فإن إثبات الوزر للمباشر من جهة فعل القبیح الواقعی و حمله علی المفتی من حیث التسبیب و التغریر و مثل قوله ع: ما من إمام صلی بقوم فیکون فی صلاتهم تقصیر- إلا کان علیه أوزارهم: و فی روایة أخری: فیکون فی صلاته و صلاتهم تقصیر إلا کان إثم ذلک علیه: و فی روایة أخری:

لا یضمن الإمام صلاتهم إلا أن یصلی بهم جنبا و مثل روایة أبی بصیر المتضمنة لکراهة أن تسقی البهیمة أو تطعم ما لا یحل للمسلم أکله أو شربه فإن فی کراهة ذلک فی البهائم إشعارا بحرمته بالنسبة إلی المکلف و یؤیده أن أکل الحرام و شربه من القبیح و لو فی حق الجاهل و لذا یکون الاحتیاط فیه مطلوبا مع الشک إذ لو کان

المکاسب، ج 1، ص 10

للعلم دخل فی قبحه لم یحسن الاحتیاط و حینئذ فیکون إعطاء النجس للجاهل المذکور إغراء بالقبیح و هو قبیح عقلا. بل قد یقال بوجوب الإعلام و إن لم یکن منه تسبیب کما لو رأی نجسا فی یده یرید أکله و هو الذی صرح به العلامة رحمه الله فی أجوبة المسائل المهنائیة حیث سأله السید المهنا عمن رأی فی ثوب المصلی نجاسة فأجاب بأنه یجب الإعلام لوجوب النهی عن المنکر لکن إثبات هذا مشکل

[أقسام إلقاء الغیر فی الحرمة الواقعیة]

و الحاصل أن هنا أمورا أربعة. أحدها أن یکون فعل الشخص علة تامة لوقوع الحرام فی الخارج کما إذا أکره غیره علی المحرم و لا إشکال فی حرمته و کون وزر الحرام علیه بل أشد لظلمة. و ثانیها أن یکون فعله سببا للحرام کمن قدم إلی غیره محرما و مثله ما نحن فیه و قد ذکرنا أن الأقوی فیه التحریم لأن استناد الفعل إلی السبب أقوی- فنسبة فعل الحرام إلیه أولی و لذا یستقر الضمان علی السبب دون المباشر الجاهل بل قیل إنه لا ضمان ابتداء إلا علیه. الثالث أن یکون شرطا لصدور الحرام و هذا یکون علی وجهین أحدهما أن یکون من قبیل إیجاد الداعی علی المعصیة إما لحصول الرغبة فیها کترغیب الشخص علی المعصیة و إما لحصول العناد من الشخص حتی یقع فی المعصیة کسب آلهة الکفار الموجب لإلقائهم فی سب الحق عنادا أو سب آباء الناس الموقع لهم فی سب أبیه و الظاهر حرمة القسمین و قد ورد فی ذلک عدة من الأخبار. ثانیهما أن یکون بإیجاد شرط آخر غیر الداعی کبیع العنب ممن یعلم أنه یجعله خمرا و سیأتی الکلام فیه. الرابع أن یکون من قبیل عدم المانع و هذا یکون تارة مع الحرمة الفعلیة فی حق الفاعل کسکوت الشخص عن المنع من المنکر و لا إشکال فی الحرمة بشرائط النهی عن المنکر و أخری مع عدم الحرمة الفعلیة بالنسبة إلی الفاعل کسکوت العالم عن إعلام الجاهل کما فیما نحن فیه فإن صدور الحرام منه مشروط بعدم إعلامه

فهل یجب دفع الحرام بترک السکوت أم لا

فیه إشکال إلا إذا علمنا من الخارج وجوب دفع ذلک لکونه فسادا قد أمر بدفعه کل من قدر علیه کما لو اطلع علی عدم إباحة دم من یرید الجاهل قتله أو عدم إباحة عرضه له أو لزم من سکوته ضرر مالی قد أمرنا بدفعه عن کل أحد فإنه یجب الإعلام و الردع لو لم یرتدع بالإعلام بل الواجب هو الردع و لو بدون الإعلام ففی الحقیقة الإعلام بنفسه غیر واجب. و أما فیما تعلق بغیر الثلاثة من حقوق الله فوجوب دفع مثل هذا الحرام مشکل لأن الظاهر من أدلة النهی عن المنکر وجوب الردع عن المعصیة فلا یدل علی وجوب إعلام الجاهل بکون فعله معصیة نعم وجب ذلک فیما إذا کان الجهل بالحکم لکنه من حیث وجوب تبلیغ التکالیف لیستمر التکلیف إلی آخر الأبد بتبلیغ الشاهد الغائب فالعالم فی الحقیقة مبلغ عن الله لیتم الحجة علی الجاهل و یتحقق فیه قابلیة الإطاعة و المعصیة

[الاستدلال علی وجوب الإعلام بأن النجاسة عیب خفی و المناقشة فیه]

ثم إن بعضهم استدل علی وجوب الإعلام بأن النجاسة عیب خفی فیجب إظهارها و فیه مع أن وجوب الإعلام علی القول به لیس مختصا بالمعاوضات بل یشمل مثل الإباحة و الهبة من المجانیات أن کون النجاسة عیبا لیس إلا لکونه منکرا واقعیا و قبیحا فإن ثبت ذلک حرم الإلقاء فیه مع قطع النظر عن مسألة وجوب إظهار العیب و إلا لم یکن عیبا فتأمل.

الثالث المشهور بین الأصحاب وجوب کون الاستصباح تحت السماء

بل فی السرائر أن الاستصباح به تحت الظلال محظور بغیر خلاف و فی المبسوط أنه روی أصحابنا أنه یستصبح به تحت السماء دون السقف لکن الأخبار المتقدمة علی کثرتها و ورودها فی مقام البیان ساکتة عن هذا القید و لا مقید لها من الخارج عدا ما یدعی من مرسلة الشیخ- المنجبرة بالشهرة المحققة و الاتفاق المحکی لکن لو سلم الانجبار فغایة الأمر دورانه بین تقیید المطلقات المتقدمة أو حمل الجملة الخبریة علی الاستحباب أو الإرشاد لئلا یتأثر السقف بدخان النجس الذی هو نجس بناء علی ما ذکره الشیخ من دلالة المرسلة علی نجاسة الدخان النجس إذ قد لا یخلو من أجزاء لطیفة دهنیة تتصاعد بواسطة الحرارة و لا ریب أن مخالفة الظاهر فی المرسلة خصوصا بالحمل علی الإرشاد دون الاستحباب أولی خصوصا مع ابتناء التقیید إما علی ما ذکره الشیخ من دلالة الروایة علی نجاسة الدخان المخالفة للمشهور و إما علی کون الحکم تعبدا محضا و هو فی غایة البعد. و لعله لذلک أفتی فی المبسوط بالکراهة مع روایته للمرسلة

و الإنصاف أن المسألة لا تخلو عن إشکال

من حیث ظاهر الروایات البعیدة عن التقیید لإبائها فی أنفسها عنه و إباء المقید عنه و من حیث الشهرة المحققة و الاتفاق المنقول و لو رجع إلی أصالة البراءة حینئذ لم یکن إلا بعیدا عن الاحتیاط و جرأة علی مخالفة المشهور.

ثم إن العلامة فی المختلف فصل

بین ما إذا علم بتصاعد شی ء من أجزاء الدهن و ما إذا لم یعلم فوافق المشهور فی الأول و هو مبنی علی ثبوت حرمة تنجیس السقف و لم یدل علیه دلیل و إن کان ظاهر کل من حکم بکون الاستصباح تحت السماء تعبدا لا لنجاسة الدخان معللا بطهارة دخان النجس التسالم علی حرمة التنجیس و إلا لکان الأولی تعلیل التعبد به لا بطهارة الدخان کما لا یخفی

الرابع هل یجوز الانتفاع بهذا الدهن فی غیر الاستصباح

بأن یعمل صابونا أو یطلی به الأجرب أو السفن قولان مبنیان علی أن الأصل فی المتنجس جواز الانتفاع إلا ما خرج بالدلیل کالأکل و الشرب و الاستصباح تحت الظل أو أن القاعدة فیه المنع عن التصرف إلا ما خرج بالدلیل کالاستصباح تحت السماء و بیعه لیعمل صابونا علی روایة ضعیفة تأتی

[کلمات الفقهاء فی المسألة]

و الذی صرح به فی مفتاح الکرامة هو الثانی و وافقه بعض مشایخنا المعاصرین و هو ظاهر جماعة من القدماء کالشیخین و السیدین و الحلی و غیرهم.

[ما قاله السید فی الانتصار]

قال فی الانتصار و مما انفردت به الإمامیة أن کل طعام عالجه أهل الکتاب و من ثبت کفرهم بدلیل قاطع لا یجوز أکله و لا الانتفاع به و اختلف باقی الفقهاء فی ذلک و قد دللنا علی ذلک فی کتاب الطهارة حیث دللنا علی أن سؤر الکفار نجس.

[ما قاله الشیخ فی المبسوط و النهایة و الخلاف]

و قال فی المبسوط فی الماء المضاف إنه مباح التصرف فیه بأنواع التصرف ما لم تقع فیه نجاسة فإن وقعت فیه نجاسة لم یجز استعماله علی حال و قال فی حکم الماء المتغیر بالنجاسة إنه لا یجوز استعماله إلا عند الضرورة للشرب لا غیر و قال فی النهایة و إن کان ما حصل فیه المیتة مائعا لم یجز استعماله و وجب إهراقه انتهی و قریب منه عبارة المقنعة. و قال فی الخلاف فی حکم السمن و البذر و الشیرج و الزیت إذا وقعت فیه فأرة إنه جاز الاستصباح به و لا یجوز أکله و لا الانتفاع به بغیر الاستصباح و به قال الشافعی و قال قوم من أصحاب الحدیث لا ینتفع به بحال لا باستصباح و لا غیره بل یراق

المکاسب، ج 1، ص 11

کالخمر و قال أبو حنیفة یستصبح به و یباع لذلک مطلقا و قال ابن داود إن کان المائع سمنا لم ینتفع به و إن کان غیره من الأدهان لم ینجس بموت الفأرة فیه و یحل أکله و شربه لأن الخبر ورد فی السمن فحسب دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم

[ما قاله الحلی فی السرائر]

و فی السرائر فی حکم الدهن المتنجس أنه لا یجوز الادهان به و لا استعماله فی شی ء من الأشیاء عدا الاستصباح تحت السماء انتهی و ادعی فی موضع آخر أن الاستصباح به تحت الظلال محظور بغیر خلاف

[ما قاله ابن زهرة فی الغنیة]

و قال ابن زهرة بعد أن اشترط فی المبیع أن یکون مما ینتفع به منفعة محللة و شرطنا فی المنفعة أن تکون مباحة تحفظا من المنافع المحرمة و یدخل فی ذلک کل نجس لا یمکن تطهیره عدا ما استثنی من بیع الکلب المعلم للصید و الزیت النجس للاستصباح به تحت السماء و هو إجماع الطائفة ثم استدل علی جواز بیع الزیت بعد الإجماع بأن النبی ص أذن فی الاستصباح به تحت السماء قال و هذا یدل علی جواز بیعه لذلک انتهی

و لکن الأقوی وفاقا لأکثر المتأخرین جواز الانتفاع إلا ما خرج بالدلیل

و یدل علیه أصالة الجواز و قاعدة حل الانتفاع بما فی الأرض و لا حاکم علیها سوی ما یتخیل من بعض الآیات و الأخبار و دعوی الجماعة المتقدمة الإجماع علی المنع

و الکل غیر قابل لذلک.

[الاستدلال علی المنع بالآیات و الجواب عنه]

أما الآیات فمنها قوله تعالی إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَیْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ دل بمقتضی التفریع علی وجوب اجتناب کل رجس و فیه أن الظاهر من الرجس ما کان کذلک فی ذاته لا ما عرض له ذلک فیختص بالعناوین النجسة و هی النجاسات العشر مع أنه لو عم المتنجس لزم أن یخرج عنه أکثر الأفراد فإن أکثر المتنجسات لا یجب الاجتناب عنه مع أن وجوب الاجتناب ثابت فیما کان رجسا من عمل الشیطان یعنی من مبتدعاته فیختص وجوب الاجتناب المطلق بما کان من عمل الشیطان سواء أ کان نجسا کالخمر أم قذرا معنویا مثل المیسر. و من المعلوم أن المائعات المتنجسة کالدهن و الطین و الصبغ و الدبس إذا تنجست لیست من أعمال الشیطان و إن أرید من عمل الشیطان عمل المکلف المتحقق فی الخارج بإغوائه لیکون المراد بالمذکورات استعمالها علی النحو الخاص فالمعنی أن الانتفاع بهذه المذکورات رجس من عمل الشیطان کما یقال فی سائر المعاصی إنها من عمل الشیطان فلا تدل أیضا علی وجوب الاجتناب عن استعمال المتنجس إلا إذا ثبت کون الاستعمال رجسا و هو أول الکلام و کیف کان فالآیة لا تدل علی المطلوب و من بعض ما ذکرنا یظهر ضعف الاستدلال علی ذلک بقوله تعالی وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ بناء علی أن الرجز هو الرجس و أضعف من الکل الاستدلال بآیة تحریم الخبائث بناء علی أن کل متنجس خبیث و التحریم المطلق یفید عموم الانتفاع إذ لا یخفی أن المراد هنا حرمة الأکل بقرینة مقابلته بحلیة الطیبات.

[الاستدلال علی المنع بالأخبار و الجواب عنه]

و أما الأخبار فمنها ما تقدم فی روایة تحف العقول حیث علل النهی عن بیع وجوه النجس بأن ذلک کله محرم أکله و شربه و إمساکه و جمیع التقلب فیه. فجمیع التقلب فی ذلک حرام و فیه ما تقدم من أن المراد بوجوه النجس عنواناته المعهودة لأن الوجه هو العنوان و الدهن لیس عنوانا للنجاسة و الملاقی للنجس و إن کان عنوانا للنجاسة لکنه لیس وجها من وجوه النجاسة فی مقابلة غیره و لذا لم یعدوه عنوانا فی مقابل العناوین النجسة مع ما عرفت من لزوم تخصیص الأکثر لو أرید به المنع عن استعمال کل متنجس. و منها ما دل علی الأمر بإهراق المائعات الملاقیة للنجاسة و إلقاء ما حول الجامد من الدهن و شبهه و طرحه و قد تقدم بعضها فی مسألة الدهن و بعضها الآخر متفرقة مثل قوله یهریق المرق و نحو ذلک و فیه أن طرحها کنایة عن عدم الانتفاع بها فی الأکل فإن ما أمر بطرحه من جامد الدهن و الزیت یجوز الاستصباح به إجماعا فالمراد اطراحه من ظرف الدهن و ترک الباقی للأکل.

[الإجماعات المدعاة علی المنع و النظر فی دلالتها]

و أما الإجماعات ففی دلالتها علی المدعی نظر یظهر من ملاحظتها فإن الظاهر من کلام السید المتقدم أن مورد الإجماع هو نجاسة ما باشره أهل الکتاب و أما حرمة الأکل و الانتفاع فهی من فروعها المتفرعة علی النجاسة لا أن معقد الإجماع حرمة الانتفاع بالنجس فإن خلاف باقی الفقهاء فی أصل النجاسة فی أهل الکتاب لا فی أحکام النجس. و أما إجماع الخلاف فالظاهر أن معقده ما وقع الخلاف فیه بینه و بین من ذکر من المخالفین إذ فرق بین دعوی الإجماع علی محل النزاع بعد تحریره و بین دعواه ابتداء علی الأحکام المذکورات فی عنوان المسألة فإن الثانی یشمل الأحکام کلها و الأول لا یشمل إلا الحکم الواقع مورد الخلاف- لأنه الظاهر من قوله دلیلنا إجماع الفرقة فافهم و اغتنم و أما إجماع السید فی الغنیة فهو فی أصل مسألة تحریم بیع النجاسات و استثناء الکلب المعلم و الزیت المتنجس لا فیما ذکره من أن حرمة بیع المتنجس من حیث دخوله فیما یحرم الانتفاع نعم هو قائل بذلک و بالجملة فلا ینکر ظهور کلام السید فی حرمة الانتفاع بالنجس الذاتی و العرضی و لکن دعواه الإجماع علی ذلک بعیدة عن مدلول کلامه جدا و کذلک لا ینکر کون السید و الشیخ قائلین بحرمة الانتفاع بالمتنجس کما هو ظاهر المفید و صریح الحلی لکن دعواهما الإجماع علی ذلک ممنوعة عند المتأمل المنصف ثم علی تقدیر تسلیم دعواهم الإجماعات فلا ریب فی وهنها بما یظهر من أکثر المتأخرین من قصر حرمة الانتفاع علی أمور خاصة.

[ما قاله المحقق فی المعتبر]

قال فی المعتبر فی أحکام الماء القلیل المتنجس و کل ماء حکم بنجاسته لم یجز استعماله إلی أن قال و نرید بالمنع عن استعماله الاستعمال فی الطهارة و إزالة الخبث و الأکل و الشرب دون غیره مثل بل الطین و سقی الدابة انتهی. أقول إن بل الصبغ و الحناء بذلک الماء داخل فی الغیر فلا یحرم الانتفاع بهما

[ما قاله العلامة فی کتبه]

و أما العلامة فقد قصر حرمة استعمال الماء المتنجس فی التحریر و القواعد و الإرشاد علی الطهارة و الأکل و الشرب و جوز فی المنتهی الانتفاع بالعجین النجس فی علف الدواب محتجا بأن المحرم علی المکلف تناوله و بأنه انتفاع فیکون سائغا للأصل و لا یخفی أن کلا دلیلیه صریح فی حصر التحریم فی أکل العجین المتنجس.

[ما قاله الشهید فی قواعده و الذکری]

و قال الشهید فی قواعده النجاسة ما حرم استعماله فی الصلاة و الأغذیة ثم ذکر ما یؤید المطلوب. و قال فی الذکری فی أحکام النجاسة تجب إزالة النجاسة عن الثوب و البدن ثم ذکر المساجد و غیرها إلی أن قال و عن کل مستعمل فی أکل أو شرب أو ضوء تحت ظل للنهی عن النجس و للنص انتهی و مراده بالنهی عن النجس النهی عن أکله و مراده بالنص ما ورد عن النهی عن الاستصباح

المکاسب، ج 1، ص 12

بالدهن المتنجس تحت السقف فانظر إلی صراحة کلامه فی أن المحرم من الدهن المتنجس بعد الأکل و الشرب خصوص الاستضاءة تحت الظل للنص

[ما حکاه المحقق الثانی عن بعض فوائد الشهید]

و هو المطابق لما حکاه المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد عنه قدس سره فی بعض فوائده من جواز الانتفاع بالدهن المتنجس فی جمیع ما یتصور من فوائده. و قال المحقق و الشهید الثانیان فی المسالک و حاشیة الإرشاد عند قول المحقق و العلامة قدس سرهما تجب إزالة النجاسة عن الأوانی إن هذا إذا استعملت فیما یتوقف استعماله علی الطهارة کالأکل و الشرب و سیأتی عن المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد فی مسألة الانتفاع بالإصباغ المتنجسة ما یدل علی عدم توقف جواز الانتفاع بها علی الطهارة

[ما أفاده الشهید الثانی فی المسالک]

و فی المسالک فی ذیل قول المحقق قدس سره و کل مائع نجس عدا الأدهان قال لا فرق فی عدم جواز بیعها علی القول بعدم قبولها للطهارة بین صلاحیتها للانتفاع علی بعض الوجوه و عدمه و لا بین الإعلام بحالها و عدمه علی ما نص علیه الأصحاب و أما الأدهان المتنجسة بنجاسة عارضیة کالزیت تقع فیه الفأرة فیجوز بیعها لفائدة الاستصباح بها و إنما خرج هذا الفرد بالنص و إلا فکان ینبغی مساواتها لغیرها من المائعات المتنجسة التی یمکن الانتفاع بها فی بعض الوجوه و قد ألحق بعض الأصحاب ببیعها للاستصباح بیعها لیعمل صابونا أو یطلی بها الأجرب و نحو ذلک و یشکل بأنه خروج عن مورد النص المخالف للأصل فإن جاز لتحقق المنفعة فینبغی مثله فی المائعات النجسة التی ینتفع بها کالدبس یطعم للنحل و نحوه و لا یخفی ظهوره فی جواز الانتفاع بالمتنجس و کون المنع من بیعه لأجل النص یقتصر علی مورده و کیف کان فالمتتبع فی کلام المتأخرین یقطع بما استظهرناه من کلماتهم و الذی أظن و إن کان الظن لا یغنی لغیری شیئا أن کلمات القدماء یرجع إلی ما ذکره المتأخرون و أن المراد بالانتفاع فی کلمات القدماء الانتفاعات الراجعة إلی الأکل و الشرب و إطعام الغیر و بیعه علی نحو بیع ما یحل أکله ثم لو فرضنا مخالفة القدماء کفی موافقة المتأخرین فی دفع الوهن عن الأصل و القاعدة السالمین عما یرد علیهما

[جواز بیعه لغیر الاستصباح من الانتفاعات بناء علی جوازها]

ثم إن علی تقدیر جواز غیر الاستصباح من الانتفاعات فالظاهر جواز بیعه لهذه الانتفاعات وفاقا للشهید و المحقق الثانی قدس سرهما قال الثانی فی حاشیة الإرشاد فی ذیل قول العلامة إلا الدهن للاستصباح إن فی بعض الحواشی المنسوبة إلی شیخنا الشهید إن الفائدة لا تنحصر فی ذلک إذ مع فرض فائدة أخری للدهن لا تتوقف علی طهارته یمکن بیعه لها کاتخاذ الصابون منه قال و هو مروی و مثله طلی الدواب. أقول لا بأس بالمصیر إلی ما ذکره شیخنا و قد ذکر أن به روایة انتهی أقول و الروایة إشارة إلی ما عن الراوندی فی کتاب النوادر بإسناده عن أبی الحسن موسی بن جعفر ع و فیه: سئل ع عن الشحم یقع فیه شی ء له دم فیموت قال ع تبیعه لمن یعمله صابونا إلی آخر الخبر

[حکم بیع غیر الدهن من المتنجسات]

ثم لو قلنا بجواز البیع فی الدهن لغیر المنصوص من الانتفاعات المباحة فهل یجوز بیع غیره من المتنجسات المنتفع بها فی المنافع المقصودة المحللة کالصبغ و الطین و نحوهما أم یقتصر علی المتنجس المنصوص و هو الدهن غایة الأمر التعدی من حیث غایة البیع- إلی غیر الاستصباح إشکال

[وجه المنع]

من ظهور استثناء الدهن فی کلام المشهور فی عدم جواز بیع ما عداه بل عرفت من المسالک نسبه عدم الفرق بین ما له منفعة محللة و ما لیست له إلی نص الأصحاب

[وجه الجواز]

و مما تقدم فی مسألة جلد المیتة- من أن الظاهر من کلمات جماعة من القدماء و المتأخرین کالشیخ فی الخلاف و ابن زهرة و العلامة و ولده و الفاضل المقداد و المحقق الثانی و غیرهم دوران المنع عن بیع النجس مدار جواز الانتفاع به و عدمه إلا ما خرج بالنص کألیات المیتة مثلا أو مطلق نجس العین علی ما سیأتی من الکلام فیه و هذا هو الذی یقتضیه استصحاب الحکم قبل التنجس و هی القاعدة المستفادة من قوله ع فی روایة تحف العقول: أن کل شی ء یکون لهم فیه الصلاح من جهة من الجهات فذلک کله حلال. و ما تقدم من روایة دعائم الإسلام من حل بیع کل ما یباح الانتفاع به و أما قوله تعالی فَاجْتَنِبُوهُ و قوله تعالی وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ

[توجیه ما یظهر منه المنع من النصوص]

فقد عرفت أنهما لا تدلان علی حرمة الانتفاع بالمتنجس فضلا عن حرمة البیع علی تقدیر جواز الانتفاع. و من ذلک یظهر عدم صحة الاستدلال فیما نحن فیه بالنهی فی روایة تحف العقول عن بیع شی ء من وجوه النجس بعد ملاحظة تعلیل المنع فیها بحرمة الانتفاع

[توجیه کلام من أطلق المنع]

و یمکن حمل کلام من أطلق المنع- عن بیع النجس إلا الدهن لفائدة الاستصباح علی إرادة المائعات النجسة التی لا ینتفع بها فی غیر الأکل و الشرب منفعة محللة مقصودة من أمثالها و یؤیده تعلیل استثناء الدهن لفائدة الاستصباح نظیر استثناء بول الإبل للاستشفاء و إن احتمل أن یکون ذکر الاستصباح لبیان ما یشترط أن یکون غایة للبیع. قال فی جامع المقاصد فی شرح قول العلامة قدس سره إلا الدهن لتحقق فائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة قال لیس المراد بخاصة بیان حصر الفائدة فی الاستصباح کما هو الظاهر و قد ذکر شیخنا الشهید فی حواشیه أن فی روایة جواز اتخاذ الصابون من الدهن المتنجس و صرح مع ذلک بجواز الانتفاع به فیما یتصور من فوائده به کطلی الدواب إن قیل إن العبارة تقتضی حصر الفائدة لأن الاستثناء فی سیاق النفی یفید الحصر فإن المعنی فی العبارة إلا الدهن المتنجس لهذه الفائدة قلنا لیس المراد ذلک لأن الفائدة بیان لوجه الاستثناء أی إلا الدهن لتحقق فائدة الاستصباح و هذا لا یستلزم الحصر و یکفی فی صحة ما قلنا تطرق الاحتمال فی العبارة المقتضی لعدم الحصر انتهی. و کیف کان فالحکم بعموم کلمات هؤلاء- لکل مائع متنجس مثل الطین و الجص المائعین و الصبغ و شبه ذلک محل تأمل و ما نسبه فی المسالک من عدم فرقهم فی المنع عن بیع المتنجس بین ما یصلح للانتفاع به و ما لا یصلح فلم یثبت صحته مع ما عرفت من کثیر من الأصحاب من إناطة الحکم فی کلامهم مدار الانتفاع

[استشکال المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد علی عبارة العلامة]

و لأجل ذلک استشکل المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد فیما ذکره العلامة بقوله و لا بأس بیع ما عرض له التنجیس مع قبول الطهارة حیث قال مقتضاه أنه لو لم یکن قابلا للطهارة لم یجز بیعه و هو مشکل إذ الأصباغ المتنجسة لا تقبل عند الأکثر و الظاهر جواز بیعها لأن منافعها لا تتوقف علی الطهارة اللهم إلا أن یقال إنها تئول إلی حاله یقبل معها التطهیر لکن بعد جفافها بل ذلک هو المقصود منها فاندفع الإشکال. أقول لو لم یعلم من مذهب العلامة- دوران المنع عن بیع المتنجس مدار حرمة الانتفاع لم یرد علی عبارته إشکال لأن المفروض

المکاسب، ج 1، ص 13

حینئذ التزامه بجواز الانتفاع بالإصباغ مع عدم جواز بیعها إلا أن یرجع الإشکال إلی حکم العلامة و أنه مشکل علی مختار المحقق لا إلی کلامه و أن الحکم مشکل علی مذهب المتکلم فافهم ثم إن ما دفع به الإشکال من جعل الأصباغ قابلة للطهارة إنما ینفع فی خصوص الأصباغ. و أما مثل بیع الصابون المتنجس فلا یندفع الإشکال عنه بما ذکره- و قد تقدم منه سابقا جواز بیع الدهن المتنجس لیعمل صابونا بناء علی أنه من فوائده المحللة. مع أن ما ذکره من قبول الصبغ التطهیر بعد الجفاف محل نظر لأن المقصود من قبوله الطهارة قبولها قبل الانتفاع و هو مفقود فی الأصباغ لأن الانتفاع بها و هو الصبغ قبل الطهارة و أما ما یبقی منها بعد الجفاف و هو اللون فهی نفس المنفعة لا الانتفاع مع أنه لا یقبل التطهیر و إنما القابل هو الثوب.

بقی الکلام فی حکم نجس العین من حیث أصالة حل الانتفاع به فی غیر ما ثبتت حرمته

أو أصالة العکس فاعلم أن ظاهر الأکثر أصالة حرمة الانتفاع بنجس العین بل ظاهر فخر الدین فی شرح الإرشاد و الفاضل المقداد الإجماع علی ذلک حیث استدلا علی عدم جواز بیع الأعیان النجسة بأنها محرمة الانتفاع و کل ما هو کذلک لا یجوز بیعه قالا أما الصغری فإجماعیة و یظهر من الحدائق فی مسألة الانتفاع بالدهن المتنجس فی غیر الاستصباح نسبه ذلک إلی الأصحاب.

[دلالة ظواهر الکتاب و السنة علی حرمة الانتفاع بنجس العین مطلقا]

و یدل علیه ظواهر الکتاب و السنة مثل قوله تعالی حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ بناء علی ما ذکره الشیخ و العلامة من إرادة جمیع الانتفاعات و قوله تعالی إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَیْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ الدال علی وجوب اجتناب کل رجس و هو نجس العین و قوله تعالی وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ بناء علی أن هجره لا یحصل إلا بالاجتناب عنه مطلقا و تعلیله ع فی روایة تحف العقول حرمة بیع وجوه النجس بحرمة الأکل و الشرب و الإمساک و جمیع التقلبات فیه.

[دلالة کل ما دل حرمة البیع علی حرمة الانتفاع بالملازمة]

و یدل علیه أیضا کل ما دل من الأخبار و الإجماع علی عدم جواز بیع نجس العین بناء علی أن المنع من بیعه لا یکون إلا مع الانتفاع به

[مقتضی التأمل رفع الید عما ذکر من الأدلة]

هذا و لکن التأمل یقتضی بعدم جواز الاعتماد فی مقابلة أصالة الإباحة علی شی ء مما ذکر. أما آیات التحریم و الاجتناب و الهجر فلظهورها فی الانتفاعات المقصودة- فی کل نجس بحسبه و هی فی مثل المیتة الأکل و فی الخمر الشرب و فی المیسر اللعب به و فی الأنصاب و الأزلام ما یلیق بحالهما و أما روایة تحف العقول فالمراد بالإمساک و التقلب فیه ما یرجع إلی الأکل و الشرب- و إلا فسیجی ء الاتفاق علی جواز إمساک نجس العین لبعض الفوائد- . و ما دل من الإجماع و الأخبار علی حرمة بیع نجس العین قد یدعی اختصاصه بغیر ما یحل الانتفاع المعتد به أو بمنع استلزامه لحرمة الانتفاع بناء علی أن نجاسة العین مانع مستقل عن جواز البیع من غیر حاجة إلی إرجاعها إلی عدم المنفعة المحللة

[دفع توهم الإجماع علی الحرمة بظهور کلمات الفقهاء فی الجواز]

و أما توهم الإجماع فمدفوع بظهور کلمات کثیر منهم فی جواز الانتفاع فی الجملة. قال فی المبسوط إن سرجین ما لا یؤکل لحمه و عذرة الإنسان و خرء الکلاب لا یجوز بیعها و یجوز الانتفاع بها فی الزروع و الکروم و أصول الشجر بلا خاف انتهی و قال العلامة فی التذکرة یجوز اقتناء الأعیان النجسة لفائدة و نحوها فی القواعد و قرره علی ذلک فی جامع المقاصد و زاد علیه قوله لکن هذه لا تصیرها مالا بحیث یقابل بالمال و قال فی باب الأطعمة و الأشربة من المختلف إن شعر الخنزیر یجوز استعماله مطلقا مستدلا بأن نجاسته لا تمنع الانتفاع به لما فیه من المنفعة الخالیة عن ضرر عاجل و آجل و قال الشهید فی قواعده النجاسة ما حرم استعماله فی الصلاة و الأغذیة للاستقذار و للتوصل بها إلی الفرار ثم ذکر أن قید الأغذیة لبیان مورد الحکم و فیه تنبیه علی الأشربة کما أن فی الصلاة تنبیها علی الطواف انتهی و هو کالنص فی جواز الانتفاع بالنجس فی غیر هذه الأمور. و قال الشهید الثانی فی الروضة عند قول المصنف فی عداد ما لا یجوز بیعه من النجاسات و الدم قال و إن فرض له نفع حکمی کالصبغ و أبوال و أرواث ما لا یؤکل لحمه و إن فرض لهما نفع فإن الظاهر أن المراد بالنفع المفروض للدم و الأبوال و الأرواث هو النفع المحلل و إلا لم یحسن ذکر هذا القید فی خصوص هذه الأشیاء دون سائر النجاسات و لا ذکر خصوص الصبغ للدم مع أن الأکل هی المنفعة المتعارفة المنصرف إلیها الإطلاق فی قوله تعالی حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ وَ الدَّمُ و المسوق لها الکلام فی قوله تعالی أَوْ دَماً مَسْفُوحاً. و ما ذکرنا هو ظاهر المحقق الثانی حیث حکی عن الشهید أنه حکی عن العلامة جواز الاستصباح بدهن المیتة ثم قال و هو بعید لعموم النهی عن الانتفاع بالمیتة فإن عدوله عن التعلیل بعموم المنع عن الانتفاع بالنجس إلی ذکر خصوص المیتة یدل علی عدم العموم فی النجس- و کیف کان فلا یبقی بملاحظة ما ذکرنا وثوق بنقل الإجماع المتقدم عن شرح الإرشاد و التنقیح الجابر لروایة تحف العقول عن جمیع التقلب فی التنجس مع احتمال أن یراد من جمیع التقلب جمیع أنواع التعاطی لا الاستعمالات و یراد إمساکه إمساکه للوجه المحرم

[اختیار بعض الأساطین جواز الانتفاع بالنجس کالمتنجس]

و لعله للإحاطة بما ذکرنا اختار بعض الأساطین فی شرحه علی القواعد جواز الانتفاع بالنجس کالمتنجس لکن مع تفصیل لا یرجع إلی مخالفة فی محل الکلام فقال و یجوز الانتفاع بالأعیان النجسة و المتنجسة فی غیر ما ورد النص بمنعه کالمیتة النجسة التی لا یجوز الانتفاع بها فیما یسمی استعمالا عرفا للأخبار و الإجماع و کذا الاستصباح بالدهن المتنجس تحت الظلال و ما دل علی المنع من الانتفاع بالنجس و المتنجس مخصوص أو منزل علی الانتفاع الدال علی عدم الاکتراث بالدین و عدم المبالاة. و أما من استعمله لیغسله فغیر مشمول للأدلة فیبقی علی حکم الأصل انتهی. و التقیید بما یسمی استعمالا فی کلامه رحمه الله لعله لإخراج مثل الإیقاد بالمیتة- و سد ساقیة الماء بها و إطعامها لجوارح الطیر و مراده سلب الاستعمال المضاف إلی المیتة عن هذه الأمور لأن استعمال کل شی ء إعماله فی العمل المقصود منه عرفا فإن إیقاد الباب و السریر لا یسمی استعمالا لهما لکن یشکل بأن المنهی عنه فی النصوص الانتفاع بالمیتة الشامل لغیر الاستعمال المعهود المتعارف فی الشی ء و لذا قید هو قدس سره الانتفاع بما یسمی استعمالا.

[ما هو الانتفاع المنهی عنه فی النصوص]

نعم یمکن أن یقال إن مثل هذه الاستعمالات لا تعد انتفاعا تنزیلا لها منزلة المعدوم- و لذا یقال للشی ء إنه مما لا ینتفع به مع قابلیته للأمور المذکورة. فالمنهی عنه هو الانتفاع بالمیتة بالمنافع المقصودة التی

المکاسب، ج 1، ص 14

تعد عرفا غرضا من تملک المیتة لو لا کونها میتة و إن کانت قد تملک لخصوص هذه الأمور کما قد یشتری اللحم لإطعام الطیور و السباع لکنها أغراض شخصیة کما قد یشتری الجلاب لإطفاء النار و الباب للإیقاد و التسخین به.

[ما قاله العلامة فی النهایة]

قال العلامة فی النهایة فی بیان أن الانتفاع ببول غیر المأکول فی الشرب للدواب منفعة جزئیة لا یعتد بها قال إذ کل شی ء من المحرمات لا یخلو من منفعة کالخمر للتخلیل و العذرة للتسمید و المیتة لأکل جوارح الطیر و لم یعتبرها الشارع انتهی.

[عدم الاعتداد بالمنافع النادرة]

ثم إن الانتفاع المنفی فی المیتة- و إن کان مطلقا فی حیز النفی إلا أن اختصاصه بما ادعیناه من الأغراض المقصودة من الشی ء دون الفوائد المترتبة علیه من دون أن تعد مقاصد لیس من جهة انصرافها إلی المقاصد حتی یمنع انصراف المطلق فی حیز النفی بل من جهة التسامح و الادعاء العرفی تنزیلا للموجود منزلة المعدوم فإنه یقال للمیتة مع وجود تلک الفوائد فیها إنها مما لا ینتفع به و مما ذکرنا ظهر الحال فی البول و العذرة و المنی فإنها مما لا ینتفع بها و إن استفید منها بعض الفوائد کالتسمید و الإحراق کما هو سیرة بعض الجصاصین من العرب کما یدل علیه وقوع السؤال فی بعض الروایات عن الجص یوقد علیه العذرة و عظام الموتی و یجصص به المسجد فقال الإمام ع: إن الماء و النار قد طهراه بل فی الروایة إشعار بالتقریر فتفطن.

[استبعاد ما ذکره بعض الأساطین]

و أما ما ذکره من تنزیل ما دل علی المنع من الانتفاع بالنجس علی ما یؤذن بعدم الاکتراث بالدین و عدم المبالاة لا من استعمله لیغسله فهو تنزیل بعید.

[تنزیل ما دل علی المنع علی الانتفاع الموجب للتلویث]

نعم یمکن أن ینزل علی الانتفاع به علی وجه الانتفاع بالطاهر- بأن یستعمله علی وجه یوجب تلویث بدنه و ثیابه و سائر آلات الانتفاع کالصبغ بالدم و إن بنی علی غسل الجمیع عند الحاجة إلی ما یشترط فیه الطهارة و فی بعض الروایات إشارة إلی ذلک.

[دلالة روایة الوشاء علی ذلک]

ففی الکافی بسنده عن الوشاء قال: سألت أبا الحسن ع فقلت له جعلت فداک إن أهل الجبل تثقل عندهم ألیات الغنم فیقطعونها فقال حرام هی فقلت جعلت فداک فنستصبح بها فقال أ ما علمت أنه یصیب الید و الثوب و هو حرام بحملها علی حرمة الاستعمال- علی وجه یوجب تلویث البدن و الثیاب. و أما حمل الحرام علی النجس کما فی کلام بعض فلا شاهد علیه و الروایة فی نجس العین فلا ینتقض بجواز الاستصباح بالدهن المتنجس لاحتمال کون مزاولة نجس العین مبغوضا للشارع کما یشیر إلیه قوله تعالی وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ

[المنفعة المحللة للنجس قد تجعله مالا عرفا و قد لا تجعله]

ثم إن منفعة النجس المحللة للأصل أو النص- قد تجعله مالا عرفا إلا أنه منع الشرع عن بیعه کجلد المیتة إذا قلنا بجواز الاستقاء به لغیر الوضوء کما هو مذهب جماعة مع القول بعدم جواز بیعه لظاهر الإجماعات المحکیة و شعر الخنزیر إذا جوزنا استعماله اختیارا و الکلاب الثلاث إذا منعنا عن بیعها فمثل هذه أموال لا تجوز المعاوضة علیها و لا یبعد جواز هبتها لعدم المانع مع وجود المقتضی فتأمل- . و قد لا تجعله مالا عرفا- لعدم ثبوت المنفعة المقصودة منه له و إن ترتب علیه الفوائد کالمیتة التی یجوز إطعامها لجوارح الطیر و الإیقاد بها و العذرة للتسمید. فإن الظاهر أنها لا تعد أموالا عرفا کما اعترف به جامع المقاصد فی شرح قول العلامة و یجوز اقتناء الأعیان النجسة لفائدة

[الظاهر ثبوت حق الاختصاص فی الأعیان النجسة]

و الظاهر ثبوت حق الاختصاص فی هذه الأمور الناشئ إما عن الحیازة و إما عن کون أصلها مالا للمالک کما لو مات حیوان له أو فسد لحم اشتراه للأکل علی وجه خرج عن المالیة و الظاهر جواز المصالحة علی هذا الحق بلا عوض بناء علی صحة هذا الصلح بل دفع العوض بناء علی أنه لا یعد ثمنا لنفس العین- حتی یکون سحتا بمقتضی الأخبار.

[ما أفاده العلامة فی التذکرة]

قال فی التذکرة و تصح الوصیة بما یحل الانتفاع به من النجاسات کالکلب المعلم و الزیت النجس لإشعاله تحت السماء و الزبل للانتفاع بإشعاله و التسمید به و جلد المیتة إن سوغنا الانتفاع به و الخمر المحترمة لثبوت الاختصاص فیها و انتقالها من ید إلی ید بالإرث و غیره انتهی و الظاهر أن مراده بغیر الإرث الصلح الناقل. و أما الید الحادثة بعد إعراض الید الأولی فلیس انتقالا لکن الإنصاف أن الحکم مشکل نعم لو بذل مالا علی أن یرفع یده عنها لیحوزها الباذل کان حسنا کما یبذل الرجل المال علی أن یرفع الید عما فی تصرفه من الأمکنة المشترکة کمکانه من المسجد و المدرسة و السوق.

[ما ذکره بعض الأساطین]

و ذکر بعض الأساطین بعد إثبات حق الاختصاص أن دفع شی ء من المال لافتکاکه یشک فی دخوله تحت الاکتساب المحظور فیبقی علی أصالة الجواز

[اشتراط قصد الانتفاع فی الحیازة الموجبة لحصول حق الاختصاص]

ثم إنه یشترط فی الاختصاص بالحیازة قصد الحائز للانتفاع و لذا ذکروا أنه لو علم کون حیازة الشخص للماء و الکلاء لمجرد العبث لم یحصل له حق و حینئذ فیشکل الأمر فیما تعارف فی بعض البلاد من جمع العذرات حتی إذا صارت من الکثرة بحیث ینتفع بها فی البساتین و الزرع بذل له مال فأخذت منه فإن الظاهر المقطوع أنه لم یحزها للانتفاع بها و إنما حازها لأخذ المال علیها و من المعلوم أن أخذ المال فرع ثبوت الاختصاص المتوقف علی قصد الانتفاع المعلوم انتفاؤه فی المقام و کذلک لو سبق إلی مکان من الأمکنة المذکورة من غیر قصد الانتفاع منها بالسکنی. نعم لو جمعها فی مکانه المملوک فبذل له المال علی أن یتصرف فی ذلک المکان بالدخول لأخذها لکان حسنا. کما أنه لو قلنا بکفایة مجرد الحیازة فی الاختصاص و إن لم یقصد الانتفاع بعینه أو قلنا بجواز المعاوضة علی حق الاختصاص کان أسهل

النوع الثانی مما یحرم التکسب به ما یحرم لتحریم ما یقصد به
اشارة

و هو علی أقسام

الأول ما لا یقصد من وجوده علی نحوه الخاص إلا الحرام
اشارة

الأول ما لا یقصد من وجوده علی نحوه الخاص إلا الحرام

و هی أمور هیاکل العبادة

منها هیاکل العبادة المبتدعة
اشارة

الأول ما لا یقصد من وجوده علی نحوه الخاص إلا الحرام

و هی أمور هیاکل العبادة

[ما یدل علی حرمة الاکتساب بهیاکل العبادة]

[ما یدل علی حرمة الاکتساب بهیاکل العبادة]

و یدل علیه مواضع من روایة تحف العقول المتقدمة فی مثل قوله ع: و کل أمر یکون فیه الفساد مما هو منهی عنه و قوله ع: أو شی ء یکون فیه وجه من وجوه الفساد و قوله ع: و کل منهی عنه مما یتقرب به لغیر الله و قوله ع: إنما حرم الله الصناعة التی حرام هی کلها مما یجی ء منها الفساد محضا نظیر المزامیر و البرابط و کل ملهو به و الصلبان و الأصنام إلی أن قال فحرام تعلیمه و تعلمه و العمل به و أخذ الأجرة علیه و جمیع التقلب فیه من وجوه الحرکات إلی آخر الحدیث. هذا کله مضافا إلی أن أکل المال فی مقابل هذه الأشیاء أکل له بالباطل و إلی قوله ص: إن الله إذا حرم شیئا حرم ثمنه بناء علی أن تحریم هذه الأمور تحریم لمنافعها الغالبة بل الدائمة فإن الصلیب من حیث إنه خشب بهذه الهیئة لا ینتفع به إلا فی الحرام و لیس بهذه الهیئة مما ینتفع به فی المحلل و المحرم و لو فرض ذلک

المکاسب، ج 1، ص 15

کان منفعة نادرة لا یقدح فی تحریم العین بقول مطلق الذی هو المناط فی تحریم الثمن.

[جواز المعاوضة لو فرض هیئة خاصة مشترکة بین هیکل العبادة و آلة أخری لعمل محلل]

[جواز المعاوضة لو فرض هیئة خاصة مشترکة بین هیکل العبادة و آلة أخری لعمل محلل]

نعم لو فرض هیئة خاصة مشترکة بین هیکل و آلة أخری لعمل محلل بحیث لا تعد منفعة نادرة فالأقوی جواز البیع بقصد تلک المنفعة المحللة کما اعترف به فی المسالک.

[توجیه القول بعدم الفرق بین قصد الجهة المحللة و غیرها]

[توجیه القول بعدم الفرق بین قصد الجهة المحللة و غیرها]

فما ذکره بعض الأساطین من أن ظاهر الإجماع و الأخبار أنه لا فرق بین قصد الجهة المحللة و غیرها فلعله محمول علی الجهة المحللة التی لا دخل للهیئة فیها أو النادرة التی مما للهیئة دخل فیه. نعم ذکر أیضا وفاقا لظاهر غیره بل الأکثر أنه لا فرق بین قصد المادة و الهیئة.

[تحقیق حول قصد المادة]

[تحقیق حول قصد المادة]

أقول إن أراد بقصد المادة کونها هی الباعثة علی بذل المال بإزاء ذلک الشی ء و إن کان عنوان المبیع المبذول بإزائه الثمن هو ذلک الشی ء فما استظهره من الإجماع و الأخبار حسن لأن بذل المال بإزاء هذا الجسم المتشکل بالشکل الخاص من حیث کونه مالا عرفا بذل للمال علی الباطل. و إن أراد بقصد المادة کون المبیع هی المادة سواء تعلق البیع بها بالخصوص کأن یقول بعتک خشب هذا الصنم أو فی ضمن مجموع مرکب لو وزن له وزنه حطب فقال بعتک فظهر فیه صنم أو صلیب فالحکم ببطلان البیع فی الأول و فی مقدار الصنم فی الثانی مشکل لمنع شمول الأدلة لمثل هذا الفرد لأن المتیقن من الأدلة المتقدمة حرمة المعاوضة علی هذه الأمور نظیر المعاوضة علی غیرها من الأموال العرفیة و هو ملاحظة مطلق ما یتقوم به مالیة الشی ء من المادة و الهیئة و الأوصاف. و الحاصل أن الملحوظ فی البیع قد یکون مادة الشی ء من غیر مدخلیة الشکل أ لا تری أنه لو باعه وزنه نحاس فظهر فیها آنیة مکسورة لم یکن له خیار العیب لأن المبیع هی المادة و دعوی أن المال هی المادة بشرط عدم الهیئة مدفوعة بما صرح به من أنه لو أتلف الغاصب لهذه الأمور ضمن موادها و حمله علی الإتلاف تدریجا تمحل.

[إذا کان لمکسورها قیمة و باعها صحیحة لتکسر]

[إذا کان لمکسورها قیمة و باعها صحیحة لتکسر]

و فی محکی التذکرة أنه إذا کان لمکسورها قیمة و باعها صحیحة لتکسر و کان المشتری ممن یوثق بدیانته فإنه یجوز بیعها علی الأقوی انتهی و اختار ذلک صاحب الکفایة و صاحب الحدائق و صاحب الریاض نافیا عنه الریب.

[توجیه التقیید فی کلام العلامة]

[توجیه التقیید فی کلام العلامة]

و لعل التقیید فی کلام العلامة بکون المشتری ممن یوثق بدیانته لئلا یدخل فی باب المساعدة علی المحرم فإن دفع ما یقصد منه المعصیة غالبا مع عدم وثوق بالمدفوع إلیه تقویة لوجه من وجوه المعاصی فیکون باطلا کما فی روایة تحف العقول لکن فیه مضافا إلی التأمل فی بطلان البیع لمجرد الإعانة علی الإثم أنه یمکن الاستغناء عن هذا القید بکسره قبل أن یقبضه إیاه فإن الهیئة غیر محترمة فی هذه الأمور کما صرحوا به فی باب الغصب بل قد یقال بوجوب إتلافها فورا و لا یبعد أن یثبت لوجوب حسم مادة الفساد.

[ما أفاده المحقق الثانی فی جامع المقاصد]

[ما أفاده المحقق الثانی فی جامع المقاصد]

و فی جامع المقاصد بعد حکمه بالمنع عن بیع هذه الأشیاء و إن أمکن الانتفاع علی حالها فی غیر محرم منفعة لا تقصد منها قال و لا أثر لکون رضاضها الباقی بعد کسرها مما ینتفع به فی المحلل و یعد مالا لأن بذل المال فی مقابلها و هی علی هیئتها بذل له فی المحرم الذی لا یعد مالا عند الشارع. نعم لو باع رضاضها الباقی بعد کسرها قبل أن یکسرها و کان المشتری موثوقا به و أنه یکسرها أمکن القول بصحة البیع و مثله باقی الأمور المحرمة کأوانی النقدین و الصنم انتهی

آلات القمار

و منها آلات القمار بأنواعه
اشارة

و منها آلات القمار بأنواعه

بلا خلاف ظاهرا و یدل علیه جمیع ما تقدم فی هیاکل العبادة و یقوی هنا أیضا جواز بیع المادة قبل تغییر الهیئة. و فی المسالک أنه لو کان لمکسورها قیمة و باعها صحیحة لتکسر و کان المشتری ممن یوثق بدیانته ففی جواز بیعها وجهان و قوی فی التذکرة الجواز مع زوال الصفة و هو حسن و الأکثر أطلقوا المنع انتهی. أقول إن أراد بزوال الصفة زوال الهیئة فلا ینبغی الإشکال فی الجواز و لا ینبغی جعله محلا للخلاف بین العلامة و الأکثر

[بیان المراد بالقمار]

[بیان المراد بالقمار]

ثم إن المراد بالقمار مطلق المراهنة بعوض فکل ما أعد لها بحیث لا یقصد منه علی ما فیه من الخصوصیات غیرها حرمت المعاوضة علیه و أما المراهنة بغیر عوض فسیجی ء أنه لیس بقمار. نعم لو قلنا بحرمتها لحق الآلة المعدة لها حکم آلات القمار مثل ما یعملونه شبه الکرة- یسمی عندنا الطوبة و الصولجان

و منها آلات اللهو علی اختلاف أصنافها

و منها آلات اللهو علی اختلاف أصنافها

بلا خلاف لجمیع ما تقدم فی المسألة السابقة و الکلام فی بیع المادة کما تقدم و حیث إن المراد بآلات اللهو ما أعد له توقف علی تعیین معنی اللهو و حرمة مطلق اللهو إلا أن المتیقن منه ما کان من جنس المزامیر و آلات الأغانی و من جنس الطبول و سیأتی معنی اللهو و حکمه

أوانی الذهب و الفضة

و منها أوانی الذهب و الفضة

و منها أوانی الذهب و الفضة

إذا قلنا بتحریم اقتنائها و قصد المعاوضة علی مجموع الهیئة و المادة لا المادة فقط

الدراهم

و منها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس
اشارة

و منها الدراهم الخارجة المعمولة لأجل غش الناس

إذا لم یفرض علی هیئتها الخاصة منفعة محللة معتد بها مثل التزیین أو الدفع إلی الظالم الذی یرید مقدارا من المال کالعشار و نحوه بناء علی جواز ذلک و عدم وجوب إتلاف مثل هذه الدراهم و لو بکسرها من باب دفع مادة الفساد

[ما یدل علی وجوب إتلاف الدراهم المغشوشة]

[ما یدل علی وجوب إتلاف الدراهم المغشوشة]

کما یدل علیه قوله ع فی روایة الجعفی مشیرا إلی درهم: اکسر هذا فإنه لا یحل بیعه و لا إنفاقه و فی روایة موسی بن بکر: قطعه بنصفین ثم قال ألقه فی البالوعة حتی لا یباع بشی ء فیه غش و تمام الکلام فیه فی باب الصرف إن شاء الله

[لو وقعت المعاوضة علیها جهلا فتبین الحال]

[لو وقعت المعاوضة علیها جهلا فتبین الحال]

و لو وقعت المعاوضة علیها جهلا فتبین الحال لمن صارت إلیه فإن وقع عنوان المعاوضة علی الدرهم المنصرف إطلاقه إلی المسکوک بسکة السلطان بطل البیع و إن وقعت المعاوضة علی شخصه من دون عنوان فالظاهر صحة البیع مع خیار العیب إن کانت المادة مغشوشة و إن کان الغش مجرد تفاوت السکة فهو خیار التدلیس فتأمل.

[الفرق بین المعاوضة علی الدراهم المغشوشة و آلات القمار]

[الفرق بین المعاوضة علی الدراهم المغشوشة و آلات القمار]

و هذا بخلاف ما تقدم من الآلات فإن البیع الواقع علیها لا یمکن تصحیحه بإمضائه من جهة المادة فقط و استرداد ما قابل الهیئة من الثمن المدفوع کما لو جمع بین الخل و الخمر لأن کل جزء من الخل و الخمر مال لا بد أن یقابل فی المعاوضة بجزء من المال ففساد المعاملة باعتباره یوجب فساد مقابله من المال لا غیر بخلاف المادة و الهیئة فإن الهیئة من قبیل القید للمادة جزء عقلی لا خارجی تقابل بمال علی حدة ففساد المعاملة باعتباره فساد لمعاملة المادة حقیقة و هذا الکلام مطرد فی کل قید فاسد بذل الثمن الخاص لداعی وجوده

القسم الثانی ما یقصد منه المتعاملان المنفعة المحرمة
[الوجوه المتصورة فی قصد المنفعة المحرمة]

[الوجوه المتصورة فی قصد المنفعة المحرمة]

و هو تارة علی وجه یرجع إلی بذل

المکاسب، ج 1، ص 16

المال فی مقابل المنفعة المحرمة کالمعاوضة علی العنب مع التزامهما أن لا یتصرف فیه إلا بالتخمیر و أخری علی وجه یکون الحرام هو الداعی إلی المعاوضة لا غیر کالمعاوضة علی العنب مع قصدهما تخمیره و الأول إما أن یکون الحرام مقصودا لا غیر کبیع العنب علی أن یعمله خمرا و نحو ذلک و إما أن یکون الحرام مقصودا مع الحلال بحیث یکون بذل المال بإزائهما کبیع الجاریة المغنیة بثمن لوحظ فیه وقوع بعضه بإزاء صفة التغنی.

فهنا مسائل ثلاث

الأولی بیع العنب علی أن یعمل خمرا
اشارة

الأولی بیع العنب علی أن یعمل خمرا

و الخشب علی أن یعمل صنما أو آلة لهو أو قمار و إجارة المساکن لیباع أو یحرز فیها الخمر و کذا إجارة السفن و الحمولة لحملها و لا إشکال فی فساد المعاملة فضلا عن حرمته و لا خلاف فیه و یدل علیه مضافا إلی کونها إعانة علی الإثم و إلی أن الإلزام و الالتزام بصرف المبیع فی المنفعة المحرمة الساقطة فی نظر الشارع أکل و إیکال للمال بالباطل

[خبر جابر الدال علی حرمة مؤاجرة البیت لیباع فیه الخمر]

[خبر جابر الدال علی حرمة مؤاجرة البیت لیباع فیه الخمر]

خبر جابر قال: سألت أبا عبد الله ع عن الرجل یؤاجر بیته فیباع فیه الخمر قال حرام أجرته فإنه إما مقید بما إذا استأجره لذلک أو یدل علیه بالفحوی بناء علی ما سیجی ء من حرمة العقد مع من یعلم أنه یصرف المعقود علیه فی الحرام.

[مصححة ابن أذینة الدالة علی الجواز]

[مصححة ابن أذینة الدالة علی الجواز]

نعم فی مصححة ابن أذینة قال: سألت أبا عبد الله ع عن الرجل یؤاجر سفینته أو دابته لمن یحمل فیها أو علیها الخمر و الخنازیر قال لا بأس

[الجمع بین الخبرین]

[الجمع بین الخبرین]

لکنها محمولة علی ما إذا اتفق الحمل من دون أن یؤخذ رکنا أو شرطا فی العقد بناء علی أن خبر جابر نص فیما نحن فیه و ظاهر فی هذا عکس الصحیحة فیطرح ظاهر کل بنص الآخر فتأمل مع أنه لو سلم التعارض کفت العمومات المتقدمة.

و قد یستدل أیضا فیما نحن فیه بالأخبار المسئول فیها عن جواز بیع الخشب ممن یتخذه صلبانا أو صنما مثل مکاتبة ابن أذینة: عن رجل له خشب فباعه ممن یتخذه صلبانا قال لا و روایة عمرو بن الحریث: عن التوت أبیعه ممن یصنع الصلیب أو الصنم قال لا و فیه أن حمل تلک الأخبار علی صورة اشتراط البائع المسلم علی المشتری أو تواطئهما علی التزام صرف المبیع فی الصنم و الصلیب بعید فی الغایة. و الفرق بین مؤاجرة البیت لبیع الخمر فیه و بیع الخشب علی أن یعمل صلیبا أو صنما لا یکاد یخفی فإن بیع الخمر فی مکان و صیرورته دکانا لذلک منفعة عرفیة یقع الإجارة علیها من المسلم کثیرا کما یؤجرون البیوت لسائر المحرمات بخلاف جعل العنب خمرا و الخشب صلیبا فإنه لا غرض للمسلم فی ذلک غالبا یقصده فی بیع عنبه أو خشبة فلا یحمل علیه موارد السؤال. نعم لو قیل فی المسألة الآتیة بحرمة بیع الخشب ممن یعلم أنه یعمله صنما لظاهر هذه الأخبار صح الاستدلال بفحواها علی ما نحن فیه لکن ظاهر هذه الأخبار معارض بمثله أو بأصرح منه کما سیجی ء.

[حرمة بیع کل ذی منفعة محللة علی أن یصرف فی الحرام]

[حرمة بیع کل ذی منفعة محللة علی أن یصرف فی الحرام]

ثم إنه یلحق بما ذکر من بیع العنب و الخشب علی أن یعملا خمرا أو صلیبا بیع کل ذی منفعة محللة علی أن یصرف فی الحرام لأن حصر الانتفاع بالبیع فی الحرام یوجب کون أکل الثمن بإزائه أکلا للمال بالباطل. ثم إنه لا فرق بین ذکر الشرط المذکور فی متن العقد و بین التواطؤ علیه خارج العقد و وقوع العقد علیه و لو کان فرق فإنما هو فی لزوم الشرط و عدمه لا فیما هو مناط الحکم هنا

[الأظهر فساد العقد المشروط فیه الحرام و إن لم نقل بإفساد الشرط الفاسد]

[الأظهر فساد العقد المشروط فیه الحرام و إن لم نقل بإفساد الشرط الفاسد]

و من ذلک یظهر أنه لا یبنی فساد هذا العقد علی کون الشرط الفاسد مفسدا بل الأظهر فساده و إن لم نقل بإفساد الشرط الفاسد لما عرفت من رجوعه فی الحقیقة إلی أکل المال فی مقابل المنفعة المحرمة. و قد تقدم الحکم بفساد المعاوضة علی آلات المحرم مع کون موادها أموالا مشتملة علی منافع محللة مع أن الجزء أقبل للتفکیک بینه و بین الجزء الآخر من الشرط و المشروط و سیجی ء أیضا فی المسألة الآتیة ما یؤید هذا أیضا إن شاء الله.

المسألة الثانیة یحرم المعاوضة علی الجاریة المغنیة
اشارة

المسألة الثانیة یحرم المعاوضة علی الجاریة المغنیة

و کل عین مشتملة علی صفة یقصد منها الحرام إذا قصد منها ذلک و قصد اعتبارها فی البیع علی وجه یکون دخیلا فی زیادة الثمن کالعبد الماهر فی القمار أو اللهو و السرقة إذا لوحظ فیه هذه الصفة و بذل بإزائها شی ء من الثمن لا ما کان علی وجه الداعی و یدل علیه أن بذل شی ء من الثمن بملاحظة الصفة المحرمة أکل للمال بالباطل.

[التفکیک بین القید و المقید غیر معروف عرفا و غیر واقع شرعا]

[التفکیک بین القید و المقید غیر معروف عرفا و غیر واقع شرعا]

و التفکیک بین القید و المقید بصحة العقد فی المقید و بطلانه فی القید بما قابله من الثمن غیر معروف عرفا لأن القید أمر معنوی لا یوزع علیه شی ء من المال و إن کان یبذل المال بملاحظة وجوده و غیر واقع شرعا علی ما اشتهر من أن الثمن لا یوزع علی الشروط فتعین بطلان العقد رأسا. و قد ورد النص بأن ثمن الجاریة المغنیة سحت و أنه قد یکون للرجل الجاریة تلهیه و ما ثمنها إلا کثمن الکلب. نعم لو لم تلاحظ الصفة أصلا فی کمیة الثمن فلا إشکال فی الصحة

[بیع الجاریة المغنیة مع ملاحظة الصفة المحرمة و عدمها]

[بیع الجاریة المغنیة مع ملاحظة الصفة المحرمة و عدمها]

و لو لوحظت من حیث إنه صفة کمال قد تصرف إلی المحلل فیزید لأجلها الثمن فإن کانت المنفعة المحللة لتلک الصفة مما یعتد بها فلا إشکال فی الجواز و إن کانت نادرة بالنسبة إلی المنفعة المحرمة ففی إلحاقها بالعین فی عدم جواز بذل المال إلا لما اشتمل علی منفعة محللة غیر نادرة بالنسبة إلی المنفعة المحرمة و عدمه لأن المقابل بالمبذول هو الموصوف و لا ضیر فی زیادة ثمنه بملاحظة المنفعة النادرة وجهان أقواهما الثانی إذ لا یعد أکلا للمال بالباطل و النص بأن ثمن المغنیة سحت مبنی علی الغالب

المسألة الثالثة یحرم بیع العنب ممن یعمله خمرا بقصد أن یعمله
اشارة

المسألة الثالثة یحرم بیع العنب ممن یعمله خمرا بقصد أن یعمله

و کذا بیع الخشب بقصد أن یعمله صنما أو صلیبا لأن فیه إعانة علی الإثم و العدوان و لا إشکال و لا خلاف فی ذلک

[الأخبار المجوزة للبیع مع عدم القصد]

[الأخبار المجوزة للبیع مع عدم القصد]

أما لو لم یقصد ذلک فالأکثر علی عدم التحریم للأخبار المستفیضة منها خبر ابن أذینة قال: کتبت إلی أبی عبد الله ع أسأله عن رجل له کرم [أ] یبیع العنب [و التمر] ممن یعلم أنه یجعله خمرا أو مسکرا فقال ع إنما باعه حلالا فی الإبان الذی یحل شربه أو أکله فلا بأس ببیعه و روایة أبی کهمس قال: سأل رجل أبا عبد الله ع إلی أن قال هو ذا نحن نبیع تمرنا ممن نعلم أنه یصنعه خمرا إلی غیر ذلک مما هو دونهما فی الظهور

[الأخبار المانعة]

[الأخبار المانعة]

و قد تعارض تلک بمکاتبة ابن أذینة: عن رجل له خشب فباعه ممن یتخذه صلبانا قال لا و روایة عمرو بن حریث: عن التوت أبیعه ممن یصنع الصلیب أو الصنم قال لا

[الجمع بین الأخبار]

[الجمع بین الأخبار]

و قد یجمع بینهما و بین الأخبار المجوزة بحمل المانعة علی صورة اشتراط جعل الخشب صلیبا أو صنما أو تواطئهما علیه و فیه أن هذا فی غایة البعد إذ لا داعی للمسلم علی اشتراط صناعة الخشب صنما فی متن بیعه أو خارجه ثم یجی ء و یسأل الإمام ع عن جواز فعل هذا فی المستقبل و حرمته و هل یحتمل أن یرید

المکاسب، ج 1، ص 17

الراوی بقوله أبیع التوت ممن یصنع الصنم و الصلیب أبیعه مشترطا علیه و ملزما فی متن العقد أو قبله أن لا یتصرف فیه إلا بجعله صنما.

فالأولی حمل الأخبار المانعة علی الکراهة

فالأولی حمل الأخبار المانعة علی الکراهة

لشهادة غیر واحد من الأخبار علی الکراهة کما أفتی به جماعة و یشهد له روایة الحلبی: عن بیع العصیر ممن یصنعه خمرا فقال بیعه ممن یصنعه خلا أحب إلی و لا أری به بأسا و غیرها أو الالتزام بالحرمة فی بیع الخشب ممن یعمله صلیبا أو صنما لظاهر تلک الأخبار و العمل فی مسألة بیع العنب و شبهها علی الأخبار المجوزة و هذا الجمع قول فصل لو لم یکن قولا بالفصل

[الاستدلال علی الحرمة بعموم النهی عن التعاون علی الإثم]

[الاستدلال علی الحرمة بعموم النهی عن التعاون علی الإثم]

و کیف کان فقد یستدل علی حرمة البیع- ممن یعلم أنه یصرف المبیع فی الحرام بعموم النهی علی التعاون علی الإثم و العدوان

[اعتبار القصد فی مفهوم الإعانة]

[اعتبار القصد فی مفهوم الإعانة]

و قد یستشکل فی صدق الإعانة بل یمنع حیث لم یقع القصد إلی وقوع الفعل من المعان بناء علی أن الإعانة هو فعل بعض مقدمات فعل الغیر بقصد حصوله منه لا مطلقا و أول من أشار إلی هذا المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد فی هذه المسألة حیث إنه بعد حکایة القول بالمنع مستندا إلی الأخبار المانع قال و یؤیده قوله تعالی وَ لا تَعاوَنُوا عَلَی الْإِثْمِ و یشکل بلزوم عدم جواز بیع شی ء مما یعلم عادة التوصل به إلی محرم لو تم هذا الاستدلال فیمنع معاملة أکثر الناس. و الجواب عن الآیة المنع من کون محل النزاع معاونة مع أن الأصل الإباحة و إنما یظهر المعاونة مع بیعه لذلک انتهی. و وافقه فی اعتبار القصد فی مفهوم الإعانة جماعة من متأخری المتأخرین کصاحب الکفایة و غیره هذا.

[زیادة بعض المعاصرین اعتبار وقوع المعان علیه فی الخارج]

[زیادة بعض المعاصرین اعتبار وقوع المعان علیه فی الخارج]

و ربما زاد بعض المعاصرین علی اعتبار القصد اعتبار وقوع المعان علیه فی تحقق مفهوم الإعانة فی الخارج و تخیل أنه لو فعل فعلا بقصد تحقق الإثم الفلانی من الغیر و لم یتحقق منه لم یحرم من جهة صدق الإعانة بل من جهة قصدها بناء علی ما حرره من حرمة الاشتغال بمقدمات الحرام بقصد تحققه و أنه لو تحقق الفعل کان حراما من جهة القصد إلی المحرم و من جهة الإعانة و فیه تأمل فإن حقیقة الإعانة علی الشی ء هو الفعل بقصد حصول الشی ء سواء حصل أم لا. و من اشتغل ببعض مقدمات الحرام الصادر عن الغیر بقصد التوصل إلیه فهو داخل فی الإعانة علی الإثم و لو تحقق الحرام لم یتعدد العقاب

[ظهور کلام الأکثر فی عدم اعتبار القصد]

[ظهور کلام الأکثر فی عدم اعتبار القصد]

و ما أبعد ما بین ما ذکره المعاصر و بین ما یظهر من الأکثر من عدم اعتبار القصد فعن المبسوط الاستدلال علی وجوب بذل الطعام لمن یخاف تلفه بقوله ص:

من أعان علی قتل مسلم و لو بشطر کلمة جاء یوم القیامة مکتوبا بین عینیه آیس من رحمة الله و قد استدل فی التذکرة علی حرمة بیع السلاح من أعداء الدین بأن فیه إعانة علی الظلم و استدل المحقق الثانی علی حرمة بیع العصیر المتنجس ممن یستحله بأن فیه إعانة علی الإثم و قد استدل المحقق الأردبیلی علی ما حکی عنه من القول بالحرمة فی مسألتنا بأن فیه إعانة علی الإثم و قد قرره علی ذلک فی الحدائق فقال إنه جید فی حد ذاته لو سلم من المعارضة بأخبار الجواز و فی الریاض بعد ذکر الأخبار السابقة الدالة علی الجواز قال و هذه النصوص و إن کثرت و اشتهرت و ظهرت دلالتها بل ربما کان بعضها صریحا لکن فی مقابلتها للأصول و النصوص المعتضدة بالعقول إشکال انتهی. و الظاهر أن مراده بالأصول قاعدة حرمة الإعانة علی الإثم و من العقول حکم العقل بوجوب التوصل إلی دفع المنکر مهما أمکن

[إطلاق الإعانة فی غیر واحد من الأخبار علی المجرد عن القصد]

[إطلاق الإعانة فی غیر واحد من الأخبار علی المجرد عن القصد]

و یؤید ما ذکروه من صدق الإعانة بدون القصد إطلاقها فی غیر واحد من الأخبار. ففی النبوی المروی فی الکافی عن أبی عبد الله ع: من أکل الطین فمات فقد أعان علی نفسه و فی العلوی الوارد فی الطین المروی أیضا فی الکافی عن أبی عبد الله ع: فإن أکلته و مت فقد أعنت علی نفسک و یدل علیه غیر واحد مما ورد فی أعوان الظلمة و سیأتی. و حکی أنه سئل بعض الأکابر فقیل له إنی رجل خیاط أخیط للسلطان ثیابه فهل ترانی بذلک فی أعوان الظلمة فقال له المعین لهم من یبیعک الإبر و الخیوط و أما أنت فمن الظلمة أنفسهم.

[ما أفاده المحقق الأردبیلی حول صدق مفهوم الإعانة]

[ما أفاده المحقق الأردبیلی حول صدق مفهوم الإعانة]

و قال المحقق الأردبیلی فی آیات أحکامه فی الکلام علی الآیة الظاهر أن المراد بالإعانة علی المعاصی مع القصد أو علی الوجه الذی یصدق أنها إعانة مثل أن یطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فیعطیه إیاها أو یطلب القلم لکتابة ظلم فیعطیه إیاه و نحو ذلک مما یعد معونة عرفا فلا تصدق علی التاجر الذی یتجر لتحصیل غرضه أنه معاون للظالم العاشر فی أخذ العشور و لا علی الحاج الذی یؤخذ منه المال ظلما و غیر ذلک مما لا یحصی فلا یعلم صدقها علی بیع العنب ممن یعمله خمرا أو الخشب ممن یعمله صنما و لذا ورد فی الروایات الصحیحة جوازه و علیه الأکثر و نحو ذلک مما لا یخفی انتهی کلامه رفع مقامه. و لقد دقق النظر حیث لم یعلق صدق الإعانة علی القصد و لا أطلق القول بصدقه بدونه بل علقه بالقصد أو بالصدق العرفی و إن لم یکن قصد

[تفصیل الکلام فی تحقیق المرام]

[تفصیل الکلام فی تحقیق المرام]

لکن أقول لا شک فی أنه إذا لم یکن مقصود الفاعل من الفعل وصول الغیر إلی مقصده و لا إلی مقدمة من مقدماته بل یترتب علیه الوصول من دون قصد الفاعل فلا یسمی إعانة کما فی تجارة التاجر بالنسبة إلی أخذ العشور و مسیر الحاج بالنسبة إلی أخذ المال ظلما و کذلک لا إشکال فیما إذا قصد الفاعل بفعله و دعاه إلیه وصول الغیر إلی مطلبه الخاص فإنه یقال إنه إعانة علی ذلک المطلب فإن کان عدوانا مع علم المعین به صدق الإعانة علی العدوان. و إنما الإشکال فیما إذا قصد الفاعل بفعله وصول الغیر إلی مقدمة مشترکة بین المعصیة و غیرها مع العلم بصرف الغیر إیاها إلی المعصیة کما إذا باعه العنب فإن مقصود البائع تملک المشتری له و انتفاعه به فهی إعانة له بالنسبة إلی أصل تملک العنب و لذا لو فرض ورود النهی عن معاونة هذا المشتری الخاص فی جمیع أموره أو فی خصوص تملک العنب حرم بیع العنب علیه مطلقا فمسألة بیع العنب ممن یعلم أنه یجعله خمرا نظیر إعطاء السیف أو العصا لمن یرید قتلا أو ضربا حیث إن الغرض من الإعطاء هو ثبوته بیده و التمکن منه کما أن الغرض من بیع العنب تملکه له فکل من البیع و الإعطاء بالنسبة إلی أصل تملک الشخص و استقراره فی یده إعانة إلا أن الإشکال فی أن العلم بصرف ما حصل بإعانة البائع و المعطی فی الحرام هل یوجب صدق الإعانة علی الحرام أم لا.

[هل الإعانة علی شرط الحرام إعانة علی الحرام]

[هل الإعانة علی شرط الحرام إعانة علی الحرام]

فحاصل محل الکلام هو أن الإعانة علی شرط الحرام مع العلم بصرفه فی الحرام هل هی إعانة علی الحرام أم لا. فظهر الفرق بین بیع

المکاسب، ج 1، ص 18

العنب و بین تجارة التاجر و مسیر الحاج و أن الفرق بین إعطاء السوط للظالم و بین بیع العنب لا وجه له و أن إعطاء السوط إذا کان إعانة کما اعترف به فیما تقدم من آیات الأحکام کان بیع العنب کذلک کما اعترف به فی شرح الإرشاد فإذا بنینا علی أن شرط الحرام حرام مع فعله توصلا إلی الحرام- کما جزم به بعض دخل ما نحن فیه فی الإعانة علی المحرم فیکون بیع العنب إعانة علی تملک العنب المحرم مع قصد التوصل به إلی التخمیر و إن لم یکن إعانة علی نفس التخمیر أو علی شرب الخمر.

و إن شئت قلت إن شراء العنب للتخمیر حرام کغرس العنب لأجل ذلک فالبائع إنما یعین علی الشراء المحرم.

[بیع الطعام علی من یرتکب المعاصی]

[بیع الطعام علی من یرتکب المعاصی]

نعم لو لم یعلم أن الشراء لأجل التخمیر لم یحرم و إن علم أنه سیخمر العنب بإرادة جدیدة منه و کذا الکلام فی بائع الطعام علی من یرتکب المعاصی فإنه لو علم إرادته من الطعام المبیع التقوی به عند التملک علی المعصیة حرم البیع منه. و أما العلم بأنه یحصل من هذا الطعام قوة علی المعصیة یتوصل بها إلیها فلا یوجب التحریم هذا و لکن الحکم بحرمة الإتیان بشرط الحرام توصلا إلیه قد یمنع إلا من حیث صدق التجری و البیع لیس إعانة علیه و إن کان إعانة علی الشراء إلا أنه فی نفسه لیس تجریا فإن التجری یحصل بالفعل المتلبس بالقصد و توهم أن الفعل مقدمة له فیحرم الإعانة مدفوع بأنه لم یوجد قصد إلی التجری حتی یحرم و إلا لزم التسلسل فافهم. نعم لو ورد النهی بالخصوص عن بعض شروط الحرام کالغرس للخمر دخل الإعانة علیه فی الإعانة علی الإثم کما أنه لو استدللنا بفحوی ما دل علی لعن الغارس علی حرمة التملک للتخمیر حرم الإعانة علیه أیضا بالبیع.

[بیان المتحصل مما ذکر]

[بیان المتحصل مما ذکر]

فتحصل مما ذکرناه- أن قصد الغیر لفعل الحرام معتبر قطعا فی حرمة فعل المعین و أن محل الکلام هی الإعانة علی شرط الحرام بقصد تحقق الشرط دون المشروط و أنها هل تعد إعانة علی المشروط فتحرم أم لا فلا تحرم ما لم تثبت حرمة الشرط من غیر جهة التجری و أن مجرد بیع العنب ممن یعلم أنه سیجعله خمرا من دون العلم بقصده ذلک من الشراء لیس محرما أصلا لا من جهة الشرط و لا من جهة المشروط و من ذلک یعلم ما فیما تقدم عن حاشیة الإرشاد من أنه لو کان بیع العنب ممن یعمله خمرا إعانة لزم المنع عن معاملة أکثر الناس.

ثم إن محل الکلام فیما یعد شرطا للمعصیة الصادرة عن الغیر

ثم إن محل الکلام فیما یعد شرطا للمعصیة الصادرة عن الغیر

فما تقدم من المبسوط من حرمة ترک بذل الطعام لخائف التلف مستندا إلی قوله ص من أعان علی قتل مسلم إلی آخر الحدیث محل تأمل إلا أن یرید الفحوی و لذا استدل فی المختلف بعد حکایة ذلک عن الشیخ بوجوب حفظ النفس مع القدرة و عدم الضرر.

ثم إنه یمکن التفصیل فی شروط الحرام المعان علیها

ثم إنه یمکن التفصیل فی شروط الحرام المعان علیها

بین ما ینحصر فائدته و منفعته عرفا فی المشروط المحرم کحصول العصا فی ید الظالم المستعیر لها من غیره لضرب أحد فإن ملکه للانتفاع بها فی هذا الزمان تنحصر فائدته عرفا فی الضرب و کذا من استعار کأسا لیشرب الخمر فیه و بین ما لم یکن کذلک کتملیک الخمار للعنب فإن منفعة التملیک و فائدته غیر منحصرة عرفا فی الخمر حتی عند الخمار فیعد الأول عرفا إعانة علی المشروط المحرم بخلاف الثانی. و لعل من جعل بیع السلاح من أعداء الدین حال قیام الحرب من المساعدة علی المحرم و جوز بیع العنب ممن یعمله خمرا کالفاضلین فی الشرائع و التذکرة و غیرهما نظر إلی ذلک و کذلک المحقق الثانی حیث منع من بیع العصیر المتنجس علی مستحله مستندا إلی کونه من الإعانة علی الإثم و منع من کون بیع العنب ممن یعلم أنه یجعله خمرا من الإعانة فإن تملک المستحل للعصیر منحصر فائدته عرفا عنده فی الانتفاع به حال النجاسة بخلاف تملک العنب و کیف کان فلو ثبت تمیز موارد الإعانة من العرف فهو و إلا فالظاهر مدخلیة قصد المعین.

[الاستدلال علی الحرمة فی المسألة بوجوب دفع المنکر]

[الاستدلال علی الحرمة فی المسألة بوجوب دفع المنکر]

نعم یمکن الاستدلال علی حرمة بیع الشی ء ممن یعلم أنه یصرف المبیع فی الحرام بأن دفع المنکر کرفعه واجب و لا یتم إلا بترک البیع فیجب و إلیه أشار المحقق الأردبیلی رحمه الله حیث استدل علی حرمة بیع العنب فی المسألة بعد عموم النهی عن الإعانة بأدلة النهی عن المنکر.

[ما یشهد لهذا الاستدلال]

[ما یشهد لهذا الاستدلال]

و یشهد بهذا ما ورد من أنه: لو لا أن بنی أمیة وجدوا من یجبی لهم الصدقات و یشهد جماعتهم ما سلبوا حقنا دل علی مذمة الناس فی فعل ما لو ترکوه لم یتحقق المعصیة من بنی أمیة فدل علی ثبوت الذم لکل ما لو ترک لم یتحقق المعصیة من الغیر و هذا و إن دل بظاهره علی حرمة بیع العنب و لو ممن یعلم أنه سیجعله خمرا مع عدم قصد ذلک حین الشراء إلا أنه لم یقم دلیل علی وجوب تعجیز من یعلم أنه سیهم بالمعصیة و إنما الثابت من النقل و العقل القاضی بوجوب اللطف وجوب ردع من هم بها و أشرف علیها بحیث لو لا الردع لفعلها أو استمر علیها

[توقف هذا الاستدلال علی علم البائع بعدم حصول المعصیة لو لم یبعه]

[توقف هذا الاستدلال علی علم البائع بعدم حصول المعصیة لو لم یبعه]

ثم إن الاستدلال المذکور إنما یحسن مع علم البائع بأنه لو لم یبعه لم تحصل المعصیة لأنه حینئذ قادر علی الردع أما لو لم یعلم ذلک أو علم بأنه یحصل منه المعصیة بفعل الغیر فلا یتحقق الارتداع بترک البیع کمن یعلم عدم الانتهاء بنهیه عن المنکر و توهم أن البیع حرام علی کل أحد فلا یسوغ لهذا الشخص فعله معتذرا بأنه لو ترکه لفعله غیره مدفوع بأن ذلک فیما کان محرما علی کل واحد علی سبیل الاستقلال فلا یجوز لواحد منهم الاعتذار بأن هذا الفعل واقع لا محالة و لو من غیری فلا ینفع ترکی له. أما إذا وجب علی جماعة شی ء واحد کحمل ثقیل مثلا بحیث یراد منهم الاجتماع علیه فإذا علم واحد من حال الباقی عدم القیام به و الاتفاق معه فی إیجاد الفعل کان قیامه بنفسه بذلک الفعل لغوا فلا یجب و ما نحن فیه من هذا القبیل فإن عدم تحقق المعصیة من مشتری العنب موقوف علی تحقق ترک البیع من کل بائع فترک المجموع للبیع سبب واحد لترک المعصیة کما أن بیع واحد منهم علی البدل شرط لتحققها فإذا علم واحد منهم عدم اجتماع الباقی معه فی تحصیل السبب و المفروض أن قیامه منفردا لغو سقط وجوبه.

[توجیه الخبر الدال علی ذم أتباع بنی أمیة]

[توجیه الخبر الدال علی ذم أتباع بنی أمیة]

و أما ما تقدم من الخبر فی اتباع بنی أمیة فالذم فیه إنما هو علی إعانتهم بالأمور المذکورة فی الروایة و سیأتی تحریم کون الرجل من أعوان الظلمة حتی فی المباحات التی لا دخل لها برئاستهم فضلا عن مثل جبایة الصدقات و حضور الجماعات و شبهها مما هو من أعظم المحرمات.

[المتلخص مما ذکر]

[المتلخص مما ذکر]

و قد تلخص مما ذکرنا أن فعل ما هو من قبیل الشرط لتحقق المعصیة من الغیر من دون قصد توصل الغیر به إلی المعصیة غیر محرم لعدم کونه فی العرف إعانة مطلقا أو علی التفصیل الذی احتملناه أخیرا و أما

المکاسب، ج 1، ص 19

ترک هذا الفعل فإن کان سببا یعنی علة تامة لعدم المعصیة من الغیر کما إذا انحصر العنب عنده وجب لوجوب الردع عن المعصیة عقلا و نقلا و أما لو لم یکن سببا بل کان السبب ترکه منضما إلی ترک غیره فإن علم أو ظن أو احتمل قیام الغیر بالترک وجب قیامه به أیضا و إن علم أو ظن عدم قیام الغیر سقط عنه وجوب الترک لأن ترکه بنفسه لیس برادع حتی یجب. نعم هو جزء للرادع المرکب من مجموع تروک أرباب العنب لکن یسقط وجوب الجزء إذا علم بعدم تحقق الکل فی الخارج

[الوجوه المتصورة فی فعل ما هو شرط للحرام الصادر من الغیر]

[الوجوه المتصورة فی فعل ما هو شرط للحرام الصادر من الغیر]

فعلم مما ذکرناه فی هذا المقام أن فعل ما هو شرط للحرام الصادر من الغیر یقع علی وجوه أحدها أن یقع من الفاعل قصدا منه لتوصل الغیر به إلی الحرام و هذا لا إشکال فی حرمته لکونه إعانة. الثانی أن یقع منه من دون قصد لحصول الحرام و لا لحصول ما هو مقدمة له مثل تجارة التاجر بالنسبة إلی معصیة العاشر فإنه لم یقصد بها تسلط العاشر علیه الذی هو شرط لأخذ العشر و هذا لا إشکال فی عدم حرمته. الثالث أن یقع منه بقصد حصول ما هو من مقدمات حصول الحرام عن الغیر لا لحصول نفس الحرام منه و هذا قد یکون من دون قصد الغیر التوصل بذلک الشرط إلی الحرام کبیع العنب من الخمار المقصود منه تملکه للعنب الذی هو شرط لتخمیره لا نفس التخمیر مع عدم قصد الغیر أیضا التخمیر حال الشراء و هذا أیضا لا إشکال فی عدم حرمته و قد یکون مع قصد الغیر التوصل به إلی الحرام أعنی التخمیر حال شراء العنب و هذا أیضا علی وجهین أحدهما أن یکون ترک هذا الفعل من الفاعل علة تامة لعدم تحقق الحرام من الغیر و الأقوی هنا وجوب الترک و حرمة الفعل. و الثانی أن لا یکون کذلک بل یعلم عادة أو یظن بحصول الحرام من الغیر من غیر تأثیر لترک ذلک الفعل و الظاهر عدم وجوب الترک حینئذ بناء علی ما ذکرنا من اعتبار قصد الحرام فی صدق الإعانة علیه مطلقا أو علی ما احتملناه من التفصیل.

[الظاهر عدم فساد البیع فی کل مورد حکم فیه بالحرمة لأجل الإعانة علی الإثم]

[الظاهر عدم فساد البیع فی کل مورد حکم فیه بالحرمة لأجل الإعانة علی الإثم]

ثم کل مورد حکم فیه بحرمة البیع من هذه الموارد الخمسة فالظاهر عدم فساد البیع لتعلق النهی بما هو خارج عن المعاملة- أعنی الإعانة علی الإثم أو المسامحة فی الردع عنه. و یحتمل الفساد لإشعار قوله ع فی روایة تحف العقول المتقدمة بعد قوله: و کل بیع ملهو به و کل منهی عنه مما یتقرب به لغیر الله أو یقوی به الکفر و الشرک فی جمیع وجوه المعاصی أو باب یوهن به الحق فهو حرام محرم بیعه و شراؤه و إمساکه إلخ [إلی آخر حدیث تحف العقول] بناء علی أن التحریم مسوق لبیان الفساد فی تلک الروایة کما لا یخفی لکن فی الدلالة تأمل و لو تمت لثبت الفساد مع قصد المشتری خاصة للحرام لأن الفساد لا یتبعض

القسم الثالث ما یحرم لتحریم ما یقصد منه شأنا
اشارة

القسم الثالث ما یحرم لتحریم ما یقصد منه شأنا

بمعنی أن من شأنه أن یقصد منه الحرام و تحریم هذا مقصور علی النص إذ لا یدخل ذلک تحت الإعانة خصوصا مع عدم العلم بصرف الغیر له فی الحرام

[حرمة بیع السلاح من أعداء الدین]
اشارة

[حرمة بیع السلاح من أعداء الدین]

کبیع السلاح من أعداء الدین مع عدم قصد تقویهم بل و عدم العلم باستعمالهم لهذا المبیع الخاص فی حرب المسلمین إلا أن المعروف بین الأصحاب حرمته بل لا خلاف فیها

[الأخبار الدالة علی الحرمة]

[الأخبار الدالة علی الحرمة]

و الأخبار بها مستفیضة منها روایة الحضرمی قال: دخلنا علی أبی عبد الله ع فقال له حکم السراج ما تری فیمن یحمل إلی الشام من السروج و أداتها قال لا بأس أنتم الیوم بمنزلة أصحاب رسول الله ص أنتم فی هدنة فإذا کانت المباینة حرم علیکم أن تحملوا إلیهم السلاح و السروج و منها روایة هند السراج قال: قلت لأبی جعفر ع أصلحک الله إنی کنت أحمل السلاح إلی أهل الشام فأبیعه منهم فلما عرفنی الله هذا الأمر ضقت بذلک و قلت لا أحمل إلی أعداء الله فقال لی احمل إلیهم و بعهم فإن الله یدفع بهم عدونا و عدوکم یعنی الروم فإذا کانت الحرب بیننا فلا تحملوا فمن حمل إلی عدونا سلاحا یستعینون به علینا فهو مشرک

[اختصاص الحرمة فی الأخبار بصورة قیام الحرب]

[اختصاص الحرمة فی الأخبار بصورة قیام الحرب]

و صریح الروایتین اختصاص الحکم بصورة قیام الحرب بینهم و بین المسلمین بمعنی وجود المباینة فی مقابل الهدنة و بهما تقید المطلقات جوازا أو منعا مع إمکان دعوی ظهور بعضها فی ذلک- مثل مکاتبة صیقل: أشتری السیوف و أبیعها من السلطان أ جائز لی بیعها فکتب لا بأس به و روایة علی بن جعفر عن أخیه ع قال: سألته عن حمل المسلمین إلی المشرکین التجارة قال إذا لم یحملوا سلاحا فلا بأس و مثله: ما فی وصیة النبی ص لعلی ع یا علی کفر بالله العظیم من هذه الأمة عشرة أصناف و عد منها بائع السلاح من أهل الحرب.

[نقد ما عن حواشی الشهید]

[نقد ما عن حواشی الشهید]

فما عن حواشی الشهید من أن المنقول أن بیع السلاح حرام مطلقا فی حال الحرب و الصلح و الهدنة لأن فیه تقویة الکافر علی المسلم فلا یجوز علی کل حال شبه الاجتهاد فی مقابل النص- مع ضعف دلیله کما لا یخفی.

[شمول الحکم لما إذا لم یقصد البائع المعونة]

[شمول الحکم لما إذا لم یقصد البائع المعونة]

ثم إن ظاهر الروایات شمول الحکم لما إذا لم یقصد البائع المعونة و المساعدة أصلا بل صریح مورد السؤال فی روایتی الحکم و الهند هی صورة عدم قصد ذلک فالقول باختصاص البیع بصورة قصد المساعدة کما یظهر من بعض العبائر ضعیف جدا. و کذلک ظاهرها الشمول لما إذا لم یعلم باستعمال أهل الحرب للمبیع فی الحرب بل یکفی مظنة ذلک بحسب غلبة ذلک مع قیام الحرب بحیث یصدق حصول التقوی لهم بالبیع

[جواز بیع ما یکن]

[جواز بیع ما یکن]

و حینئذ فالحکم مخالف للأصول صیر إلیه للأخبار المذکورة و عموم روایة تحف العقول المتقدمة فیقتصر فیه علی مورد الدلیل و هو السلاح دون ما لا یصدق علیه ذلک کالمجن و الدرع و المغفر و سائر ما یکن وفاقا للنهایة و ظاهر السرائر و أکثر کتب العلامة و الشهیدین و المحقق الثانی للأصل. و ما استدل به فی التذکرة من روایة محمد بن قیس قال: سألت أبا عبد الله ع عن الفئتین من أهل الباطل تلتقیان أبیعهما السلاح قال بعهما ما یکنهما الدرع و الخفین و نحو هذا

[المناقشة فی الجواز]

[المناقشة فی الجواز]

و لکن یمکن أن یقال إن ظاهر روایة تحف العقول إناطة الحکم علی تقوی الکفر و وهن الحق. و ظاهر قوله ع فی روایة هند من حمل إلی عدونا سلاحا یستعینون به علینا أن الحکم منوط بالاستعانة و الکل موجود فیما یکن أیضا کما لا یخفی مضافا إلی فحوی روایة الحکم المانعة عن بیع السروج و حملها علی السیوف السریجیة لا یناسبه صدر الروایة مع کون الراوی سراجا.

[رد دلالة روایة محمد بن قیس علی الجواز]

[رد دلالة روایة محمد بن قیس علی الجواز]

و أما روایة محمد بن قیس فلا دلالة لها علی المطلوب لأن مدلولها بمقتضی أن التفصیل قاطع للشرکة الجواز فیما یکن و التحریم فی غیره مع کون الفئتین من أهل الباطل فلا بد من حملها علی فریقین محقونی الدماء إذ لو کان کلاهما أو أحدهما مهدور الدم لم یکن وجه للمنع من بیع السلاح علی صاحبه. فالمقصود من بیع ما یکن منهما- تحفظ کل منهما عن صاحبه

المکاسب، ج 1، ص 20

و تترسه بما یکن و هذا غیر مقصود فیما نحن فیه بل تحفظ أعداء الدین عن بأس المسلمین خلاف مقصود الشارع فالتعدی عن مورد الروایة إلی ما نحن فیه یشبه القیاس مع الفارق. و لعله لما ذکر قید الشهید فیما حکی عن حواشیه علی القواعد إطلاق العلامة جواز بیع ما یکن بصورة الهدنة و عدم قیام الحرب

[هل یتعدی الحکم إلی غیر أعداء الدین]
اشارة

[هل یتعدی الحکم إلی غیر أعداء الدین]

ثم إن مقتضی الاقتصار علی مورد النص عدم التعدی إلی غیر أعداء الدین کقطاع الطریق

[شمول روایة تحف العقول قطاع الطریق أیضا]

[شمول روایة تحف العقول قطاع الطریق أیضا]

إلا أن المستفاد من روایة تحف العقول إناطة الحکم بتقوی الباطل و وهن الحق فلعله یشمل ذلک و فیه تأمل. ثم إن النهی فی هذه الأخبار لا یدل علی الفساد فلا مستند له سوی ظاهر خبر تحف العقول الواردة فی بیان المکاسب الصحیحة و الفاسدة و الله العالم

النوع الثالث مما یحرم الاکتساب به ما لا منفعة فیه محللة معتدا بها
اشارة

النوع الثالث مما یحرم الاکتساب به ما لا منفعة فیه محللة معتدا بها

عند العقلاء

[التحریم هنا وضعی]

[التحریم هنا وضعی]

و التحریم فی هذا القسم لیس إلا من حیث فساد المعاملة و عدم تملک الثمن و لیس کالاکتساب بالخمر و الخنزیر.

و الدلیل علی الفساد

و الدلیل علی الفساد

فی هذا القسم علی ما صرح به فی الإیضاح کون أکل المال بإزائه أکلا بالباطل و فیه تأمل لأن منافع کثیرة من الأشیاء التی ذکروها فی المقام یقابل عرفا بمال و لو قلیلا بحیث لا یکون بذل مقدار قلیل من المال بإزائه سفها

[استفادة عدم اعتناء الشارع بالمنافع النادرة من کلمات العلماء]

[استفادة عدم اعتناء الشارع بالمنافع النادرة من کلمات العلماء]

فالعمدة ما یستفاد من الفتاوی و النصوص من عدم اعتبار الشارع المنافع النادرة و کونها فی نظره کالمعدومة. قال فی المبسوط إن الحیوان الطاهر علی ضربین ضرب ینتفع به و الآخر لا ینتفع به إلی أن قال و إن کان مما لا ینتفع به فلا یجوز بیعه بلا خلاف مثل الأسد و الذئب و سائر الحشرات مثل الحیات و العقارب و الفأر و الخنافس و الجعلان و الحداءة و الرخمة و النسر و بغاث الطیر و کذلک الغربان انتهی و ظاهر الغنیة الإجماع علی ذلک أیضا. و یشعر به عبارة التذکرة حیث استدل علی ذلک بخسة تلک الأشیاء و عدم نظر الشارع إلی مثلها فی التقویم و لا یثبت ید لأحد علیها قال و لا اعتبار بما ورد فی الخواص من منافعها لأنها لا تعد مع ذلک مالا و کذا عند الشافعی انتهی و ظاهره اتفاقنا علیه. و ما ذکره من عدم جواز بیع ما لا یعد مالا مما لا إشکال فیه و إنما الکلام فما عدوه من هذا.

[تحسین ما قاله فی محکی إیضاح النافع]

[تحسین ما قاله فی محکی إیضاح النافع]

قال فی محکی إیضاح النافع و نعم ما قال جرت عادة الأصحاب بعنوان هذا الباب و ذکر أشیاء معینة علی سبیل المثال فإن کان ذلک لأن عدم النفع مفروض فیها فلا نزاع و إن کان لأن ما مثل به لا یصح بیعه لأنه محکوم بعدم الانتفاع فالمنع متوجه فی أشیاء کثیرة انتهی. و بالجملة فکون الحیوان من المسوخ أو السباع أو الحشرات لا دلیل علی کونه کالنجاسة مانعا

[جواز بیع ما یشتمل علی منفعة مقصودة للعقلاء]

[جواز بیع ما یشتمل علی منفعة مقصودة للعقلاء]

فالمتعین فیما اشتمل منها منفعة مقصودة للعقلاء جواز البیع فکل ما جازت الوصیة به لکونه مقصودا بالانتفاع للعقلاء فینبغی جواز بیعه إلا ما دل الدلیل علی المنع فیه تعبدا. و قد صرح فی التذکرة بجواز الوصیة بمثل الفیل و الأسد و غیرهما من المسوخ و المؤذیات و إن منعنا عن بیعها و ظاهر هذا الکلام أن المنع من بیعها علی القول به للتعبد لا لعدم المالیة

[نقد ما أفاده العلامة فی التذکرة]

[نقد ما أفاده العلامة فی التذکرة]

ثم إن ما تقدم منه قدس سره من أنه لا اعتبار بما ورد فی الخواص من منافعها لأنها لا تعد مالا مع ذلک یشکل بأنه إذا اطلع العرف علی خاصیة فی إحدی الحشرات معلومة بالتجربة أو غیرها فأی فرق بینها و بین نبات من الأدویة علم فیه تلک الخاصیة و حینئذ فعدم جواز بیعها و أخذ المال فی مقابله بملاحظة تلک الخاصیة یحتاج إلی دلیل لأنه حینئذ لیس أکلا للمال بالباطل و یؤید ذلک ما تقدم فی روایة التحف من أن: کل شی ء یکون لهم فیه الصلاح من جهة من الجهات فذلک حلال بیعه إلی آخر الحدیث.

[تحسین ما قاله فی الدروس]

[تحسین ما قاله فی الدروس]

و قد أجاد فی الدروس حیث قال ما لا نفع فیه مقصودا للعقلاء کالخشار و فضلات الإنسان و عن التنقیح ما لا نفع فیه بوجه من الوجوه کالخنافس و الدیدان

[النظر فی منع العلامة بیع ما ینتفع به نادرا]

[النظر فی منع العلامة بیع ما ینتفع به نادرا]

و مما ذکرنا یظهر النظر فیما ذکره فی التذکرة من الإشکال فی جواز بیع العلق الذی ینتفع به لامتصاص الدم و دیدان القز التی یصاد بها السمک ثم استقرب المنع فقال لندور الانتفاع فیشبه ما لا منفعة فیه إذ کل شی ء فله نفع ما انتهی. أقول و لا مانع من التزام جواز بیع کل ما له نفع ما و لو فرض الشک فی صدق المال علی مثل هذه الأشیاء المستلزم للشک فی صدق البیع أمکن الحکم بصحة المعاوضة علیها لعمومات التجارة و الصلح و العقود و الهبة المعوضة و غیرها و عدم المانع لأنه لیس إلا أکل المال بالباطل و المفروض عدم تحققه هنا.

[انعقاد الإجماع علی عدم الاعتناء بالمنافع النادرة]

[انعقاد الإجماع علی عدم الاعتناء بالمنافع النادرة]

فالعمدة فی المسألة الإجماع علی عدم الاعتناء بالمنافع النادرة

[مقتضی التأمل فی الأخبار عدم الاعتناء بالمنافع النادرة]

[مقتضی التأمل فی الأخبار عدم الاعتناء بالمنافع النادرة]

و هو الظاهر من التأمل فی الأخبار أیضا مثل ما دل علی تحریم بیع ما یحرم منفعته الغالبة مع اشتماله علی منفعة نادرة محللة مثل قوله ص:

لعن الله الیهود حرمت علیهم الشحوم فباعوها و أکلوا ثمنها بناء علی أن للشحوم منفعة نادرة محللة علی الیهود لأن ظاهر تحریمها علیهم تحریم أکلها أو سائر منافعها المتعارفة فلو لا أن النادر فی نظر الشارع کالمعدوم لم یکن وجه للمنع عن البیع- کما لم یمنع الشارع عن بیع ما له منفعة محللة مساویة للمحرمة فی التعارف و الاعتداد (إلا أن یقال المنع فیها تعبد للنجاسة لا من حیث عدم المنفعة المتعارفة فتأمل.) و أوضح من ذلک قوله ع- فی روایة تحف العقول فی ضابط ما یکتسب به: و کل شی ء یکون لهم فیه الصلاح من جهة من الجهات فذلک کله حلال بیعه و شراؤه إلی آخر حدیث تحف العقول إذ لا یراد منه مجرد المنفعة و إلا یعم الأشیاء کلها.

و قوله فی آخره: إنما حرم الله الصناعة التی یجی ء منها الفساد محضا نظیر کذا و کذا إلی آخر ما ذکره فإن کثیرا من الأمثلة المذکورة هناک لها منافع محللة فإن الأشربة المحرمة کثیرا ما ینتفع بها فی معالجة الدواب بل المرضی فجعلها مما یجی ء منه الفساد محضا باعتبار عدم الاعتناء بهذه المصالح لندرتها إلا أن الإشکال فی تعیین المنفعة النادرة و تمییزها عن غیرها فالواجب الرجوع فی مقام الشک إلی أدلة التجارة و نحوها مما ذکر

[جواز بیع السباع بناء علی وقوع التذکیة علیها]

[جواز بیع السباع بناء علی وقوع التذکیة علیها]

و منه یظهر أن الأقوی جواز بیع السباع بناء علی وقوع التذکیة علیها للانتفاع البین بجلودها و قد نص فی الروایة علی بعضها و کذا شحومها و عظامها. و أما لحومها فالمصرح به فی التذکرة عدم الجواز معللا بندور المنفعة المحللة المقصودة منه کإطعام الکلاب المحترمة و جوارح الطیر

[جواز بیع الهرة]

[جواز بیع الهرة]

و یظهر أیضا جواز بیع الهرة و هو المنصوص فی غیر واحد

المکاسب، ج 1، ص 21

من الروایات و نسبه فی موضع من التذکرة إلی علمائنا بخلاف القرد لأن المصلحة المقصودة منه و هو حفظ المتاع نادرة.

[عدم المنفعة المعتد بها یستند تارة إلی خسة الشی ء و أخری إلی قلته]

[عدم المنفعة المعتد بها یستند تارة إلی خسة الشی ء و أخری إلی قلته]

ثم اعلم أن عدم المنفعة المعتد بها یستند تارة إلی خسة الشی ء کما ذکر من الأمثلة فی عبارة المبسوط و أخری إلی قلته کجزء یسیر من المال لا یبذل فی مقابلة مال کحبة حنطة. و الفرق أن الأول لا یملک و لا یدخل تحت الید کما عرفت من التذکرة بخلاف الثانی فإنه یملک و لو غصبه غاصب کان علیه مثله إن کان مثلیا خلافا للتذکرة فلم یوجب شیئا کغیر المثلی و ضعفه بعض بأن اللازم حینئذ عدم الغرامة فیما لو غصب صبرة تدریجا و یمکن أن یلتزم فیه کما یلتزم فی غیر المثلی فافهم ثم إن منع حق الاختصاص فی القسم الأول مشکل مع عموم قوله ص: من سبق إلی ما لم یسبق إلیه أحد من المسلمین فهو أحق به مع عد أخذه قهرا ظلما عرفا

النوع الرابع ما یحرم الاکتساب به لکونه عملا محرما فی نفسه
اشارة

النوع الرابع ما یحرم الاکتساب به لکونه عملا محرما فی نفسه

و هذا النوع و إن کانت أفراده هی جمیع الأعمال المحرمة القابلة لمقابلة المال بها فی الإجارة و الجعالة و غیرهما إلا أنه جرت عادة الأصحاب بذکر کثیر مما من شأنه الاکتساب به من المحرمات بل و لغیر ذلک مما لم یتعارف الاکتساب به کالغیبة و الکذب و نحوهما و کیف کان فنقتفی آثارهم بذکر أکثرها فی مسائل مرتبة بترتیب حروف أوائل عنواناتهم إن شاء الله تدلیس الماشطة

المسألة الأولی تدلیس الماشطة
اشارة

المسألة الأولی تدلیس الماشطة

المرأة التی یراد تزویجها أو الأمة التی یراد بیعها حرام بلا خلاف کما عن الریاض و عن مجمع الفائدة الإجماع علیه و [کذا] فعل المرأة ذلک بنفسها

[بما ذا یحصل التدلیس]

[بما ذا یحصل التدلیس]

قال فی المقنعة و کسب المواشط حلال إذا لم یغششن و لم یدلسن فی عملهن فیصلن شعور النساء بشعور غیرهن من الناس و یشمن الخدود و یستعملن ما لا یجوز فی شریعة الإسلام فإن وصلن شعرهن بشعر غیر الناس لم یکن بذلک بأس و نحوه بعینه عبارة النهایة. و قال فی السرائر فی عداد المحرمات و عمل المواشط بالتدلیس بأن یشمن الخدود و یحمرنها و ینقشن بالأیدی و الأرجل و یصلن شعر النساء بشعر غیرهن و ما جری مجری ذلک انتهی و حکی نحوه عن الدروس و حاشیة الإرشاد

[هل یعد وشم الخدود و وصل الشعر بشعر الغیر من التدلیس]

[هل یعد وشم الخدود و وصل الشعر بشعر الغیر من التدلیس]

و فی عد وشم الخدود من جملة التدلیس تأمل لأن الوشم فی نفسه زینة. و کذا التأمل فی التفصیل بین وصل الشعر بشعر الإنسان و وصله بشعر غیره فإن ذلک لا مدخل له فی التدلیس و عدمه إلا أن یوجه الأول بأنه قد یکون الغرض من الوشم حدوث نقطة خضراء فی البدن حتی یتراءی بیاض سائر البدن و صفاؤه أکثر مما کان یری لو لا هذه النقطة و یوجه الثانی بأن شعر غیر المرأة لا یلتبس علی الشعر الأصلی للمرأة فلا یحصل التدلیس به بخلاف شعر المرأة. و کیف کان یظهر من بعض الأخبار المنع عن الوشم و وصل الشعر بشعر الغیر

[ظاهر بعض الأخبار المنع عن مطلق الوشم و وصل الشعر بشعر الغیر]

[ظاهر بعض الأخبار المنع عن مطلق الوشم و وصل الشعر بشعر الغیر]

و ظاهرها المنع و لو فی غیر مقام التدلیس ففی مرسلة ابن أبی عمیر عن رجل عن أبی عبد الله ع قال: دخلت ماشطة علی رسول الله ص فقال لها هل ترکت عملک أو أقمت علیه فقالت یا رسول الله أنا أعمله إلا أن تنهانی عنه فانتهی عنه فقال افعلی فإذا مشطت فلا تجلی الوجه بالخرقة فإنها تذهب بماء الوجه و لا تصلی شعر المرأة بشعر امرأة غیرها و أما شعر المعز فلا بأس به بأن یوصل بشعر المرأة و فی مرسلة الفقیه: لا بأس بکسب الماشطة ما لم تشارط و قبلت ما تعطی و لا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غیرها و أما شعر المعز فلا بأس بأن یوصله بشعر المرأة و عن معانی الأخبار بسنده عن علی بن غراب عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال: لعن رسول الله ص النامصة و المنتمصة و الواشرة و الموتشرة و الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة. قال الصدوق قال علی بن غراب النامصة التی تنتف الشعر و المنتمصة التی یفعل ذلک بها و- الواشرة التی تشر أسنان المرأة و تفلجها و تحددها و الموتشرة التی یفعل ذلک بها و الواصلة التی تصل شعر المرأة بشعر امرأة غیرها و المستوصلة التی یفعل ذلک بها و الواشمة التی تشم وشما فی ید المرأة أو فی شی ء من بدنها و هو أن تغرز بدنها أو ظهر کفها بإبرة حتی تؤثر فیه ثم تحشوها بالکحل أو شی ء من النورة فتخضر و المستوشمة التی یفعل بها ذلک.

و ظاهر بعض الأخبار کراهة الوصل و لو بشعر غیر المرأة

و ظاهر بعض الأخبار کراهة الوصل و لو بشعر غیر المرأة

مثل ما عن عبد الله بن الحسن قال: سألته عن القرامل قال و ما القرامل قلت صوف تجعله النساء فی رءوسهن قال إن کان صوفا فلا بأس و إن کان شعرا فلا خیر فیه من الواصلة و المستوصلة.

و ظاهر بعض الأخبار الجواز مطلقا

و ظاهر بعض الأخبار الجواز مطلقا

ففی روایة سعد الإسکاف قال: سئل أبو جعفر ع عن القرامل التی تضعها النساء فی رءوسهن یصلنه بشعورهن قال لا بأس علی المرأة بما تزینت به لزوجها قال فقلت له بلغنا أن رسول الله ص لعن الواصلة و المستوصلة فقال لیس هناک إنما لعن رسول الله ص الواصلة التی تزنی فی شبابها فإذا کبرت قادت النساء إلی الرجال فتلک الواصلة

و یمکن الجمع بین الأخبار

و یمکن الجمع بین الأخبار

بالحکم بکراهة وصل مطلق الشعر کما فی روایة عبد الله بن الحسن و شدة الکراهة فی الوصل بشعر المرأة. و عن الخلاف و المنتهی الإجماع علی أنه یکره وصل شعرها بشعر غیرها رجلا کان أو امرأة و أما ما عدا الوصل مما ذکر فی روایة معانی الأخبار فیمکن حملها أیضا علی الکراهة لثبوت الرخصة من روایة سعد الإسکاف فی مطلق الزینة خصوصا مع صرف الإمام للنبوی الوارد فی الواصلة عن ظاهرها المتحد سیاقا مع سائر ما ذکر فی النبوی و لعله أولی من تخصیص الرخصة بهذه الأمور- مع أنه لو لا الصرف لکان الواجب إما تخصیص الشعر بشعر المرأة أو تقییده بما إذا کان هو أو إحدی أخواته فی مقام التدلیس فلا دلیل علی تحریمها فی غیر مقام التدلیس کفعل المرأة المزوجة ذلک لزوجها خصوصا بملاحظة ما فی روایة علی بن جعفر عن أخیه ع: عن المرأة تحف الشعر عن وجهها قال لا بأس و هذه أیضا قرینة علی صرف إطلاق لعن النامصة فی النبوی عن ظاهره بإرادة التدلیس و الحمل علی الکراهة.

نعم قد یشکل الأمر فی وشم الأطفال

نعم قد یشکل الأمر فی وشم الأطفال

من حیث إنه إیذاء لهم بغیر مصلحة بناء علی أن لا مصلحة فیه لغیر المرأة المتزوجة إلا التدلیس بإظهار شدة بیاض البدن و صفائه بملاحظة النقطة الخضراء الکدرة فی البدن لکن الإنصاف أن کون ذلک تدلیسا مشکل بل ممنوع بل هو تزیین للمرأة من حیث خلط البیاض بالخضرة فهو تزیین لا موهم لما لیس فی البدن واقعا من البیاض و الصفاء. نعم مثل نقش الأیدی و الأرجل بالسواد یمکن أن یکون الغالب فیه

المکاسب، ج 1، ص 22

إرادة إیهام بیاض البدن و صفائه و مثله الخط الأسود فوق الحاجبین أو وصل الحاجبین بالسواد لتوهم طولهما و تقوسهما.

[حصول التدلیس بمجرد رغبة الخاطب أو المشتری و إن علما بذلک]

[حصول التدلیس بمجرد رغبة الخاطب أو المشتری و إن علما بذلک]

ثم إن التدلیس بما ذکرنا إنما یحصل بمجرد رغبة الخاطب أو المشتری و إن علما أن هذا البیاض و الصفاء لیس واقعیا بل حدث بواسطة هذه الأمور فلا یقال إنها لیست بتدلیس لعدم خفاء أثرها علی الناظر و حینئذ فینبغی أن یعد من التدلیس لبس المرأة أو الأمة الثیاب الحمر أو الخضر الموجبة لظهور بیاض البدن و صفائه و الله العالم.

[کراهة کسب الماشطة مع شرط الأجرة المعینة]

[کراهة کسب الماشطة مع شرط الأجرة المعینة]

ثم إن المرسلة المتقدمة عن الفقیه دلت علی کراهة کسب الماشطة- مع شرط الأجرة المعینة و حکی الفتوی به عن المقنع و غیره. و المراد بقوله ع إذا قبلت ما تعطی البناء علی ذلک حین العمل و إلا فلا یلحق العمل بعد وقوعه ما یوجب کراهته.

[الحکمة فی أولویة قبول ما یعطاه الحجام و الختان و الماشطة]

[الحکمة فی أولویة قبول ما یعطاه الحجام و الختان و الماشطة]

ثم إن أولویة قبول ما یعطی و عدم مطالبة الزائد إما لأن الغالب عدم نقص ما تعطی عن أجرة مثل العمل إلا أن مثل الماشطة و الحجام و الختان و نحوهم کثیرا ما یتوقعون أزید مما یستحقون خصوصا من أولی المروءة و الثروة و ربما یبادرون إلی هتک العرض إذا منعوا و لا یعطون ما یتوقعون من الزیادة أو بعضه إلا استحیاء و صیانة للعرض. و هذا لا یخلو عن شبهه فأمروا فی الشریعة الإسلامیة بالقناعة بما یعطون و ترک مطالبة الزائد فلا ینافی ذلک جواز مطالبة الزائد و الامتناع عن قبول ما یعطی إذا اتفق کونه دون أجرة المثل و إما لأن المشارطة فی مثل هذه الأمور لا یلیق بشأن کثیر من الأشخاص لأن المماکسة فیها خلاف المروءة و المسامحة فیها قد لا تکون مصلحة لکثرة طمع هذه الأصناف فأمروا بترک المشارطة و الإقدام علی العمل بأقل ما یعطی و قبوله و ترک مطالبة الزائد مستحب للعامل و إن وجب علی من عمل له إیفاء تمام ما یستحقه من أجرة المثل فهو مکلف وجوبا بالإیفاء و العامل مکلف ندبا بالسکوت و ترک المطالبة خصوصا علی ما یعتاده هؤلاء من سوء الاقتضاء أو لأن الأولی فی حق العامل قصد التبرع بالعمل و قبول ما یعطی علی وجه التبرع أیضا فلا ینافی ذلک ما ورد من قوله ع: لا تستعملن أجیرا حتی تقاطعه

تزین الرجل بما یحرم علیه

المسألة الثانیة [حرمة تزیین الرجل بما یختص بالنساء و کذا العکس]
اشارة

المسألة الثانیة [حرمة تزیین الرجل بما یختص بالنساء و کذا العکس]

تزین الرجل بما یحرم علیه من لبس الحریر و الذهب حرام لما ثبت فی محله من حرمتها علی الرجال و ما یختص بالنساء من اللباس کالسوار و الخلخال و الثیاب المختصة بهن فی العادات علی ما ذکره فی المسالک. و کذا العکس أعنی تزین المرأة بما یخص الرجال کالمنطقة و العمامة و یختلف باختلاف العادات

[لا دلیل علی الحرمة عدا النبوی]
اشارة

[لا دلیل علی الحرمة عدا النبوی]

و اعترف غیر واحد بعدم العثور علی دلیل لهذا الحکم عدا النبوی المشهور المحکی عن الکافی و العلل: لعن الله المتشبهین من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال

و فی دلالته قصور

و فی دلالته قصور

لأن الظاهر من التشبه تأنث الذکر و تذکر الأنثی لا مجرد لبس أحدهما لباس الآخر مع عدم قصد التشبه. و یؤیده المحکی عن العلل: إن علیا ع رأی رجلا به تأنث فی مسجد رسول الله ص فقال له اخرج من مسجد رسول الله ص فإنی سمعت رسول الله ص یقول لعن الله إلی آخر الحدیث و فی روایة یعقوب بن جعفر الواردة فی المساحقة: أن فیهن قال رسول الله ص لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء إلی آخر الحدیث و فی روایة أبی خدیجة عن أبی عبد الله ع: لعن رسول الله ص المتشبهین من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال و هم المخنثون و اللائی ینکحن بعضهن بعضا نعم فی روایة سماعة عن أبی عبد الله ع: عن رجل یجر ثیابه قال إنی لأکره أن یتشبه بالنساء و عنه عن آبائه ع: کان رسول الله ص یزجر الرجل أن یتشبه بالنساء و ینهی المرأة أن تتشبه بالرجال فی لباسها و فیهما خصوصا الأولی بقرینة المورد ظهور فی الکراهة فالحکم المذکور لا یخلو عن إشکال.

ثم الخنثی یجب علیها ترک الزینتین المختصتین بکل من الرجل و المرأة

ثم الخنثی یجب علیها ترک الزینتین المختصتین بکل من الرجل و المرأة

کما صرح به جماعة لأنها یحرم علیها لباس مخالفة فی الذکورة و الأنوثة و هو مردد بین اللبسین فیجتنب عنهما مقدمة لأنهما له من قبیل المشتبهین المعلوم حرمة أحدهما و یشکل بناء علی کون مدرک الحکم حرمة التشبه بأن الظاهر من التشبه صورة علم المتشبه

التشبیب

المسألة الثالثة التشبیب بالمرأة المعروفة المؤمنة المحترمة
[بیان معنی التشبیب]

[بیان معنی التشبیب]

و هو کما فی جامع المقاصد ذکر محاسنها و إظهار شدة حبها بالشعر حرام علی ما عن المبسوط و جماعة کالفاضلین و الشهیدین و المحقق الثانی

[أدلة الحرمة]

[أدلة الحرمة]

و استدل علیه بلزوم تفضیحها و هتک حرمتها و إیذائها و إغراء الفساق بها و إدخال النقص علیها و علی أهلها و لذا لا ترضی النفوس الآبیة ذوات الغیرة و الحمیة أن یذکر ذاکر عشق بعض بناتهم و أخواتهم بل البعیدات من قراباتهم.

و الإنصاف أن هذه الوجوه لا تنهض لإثبات التحریم

و الإنصاف أن هذه الوجوه لا تنهض لإثبات التحریم

مع کونه أخص من المدعی إذ قد لا یتحقق شی ء من المذکورات فی التشبیب بل و أعم منه من وجه فإن التشبیب بالزوجة قد یوجب أکثر المذکورات.

[الاستدلال بعمومات حرمة اللهو و الباطل و الفحشاء و فحوی ما دل علی حرمة ما یوجب تهییج القوة الشهویة]

[الاستدلال بعمومات حرمة اللهو و الباطل و الفحشاء و فحوی ما دل علی حرمة ما یوجب تهییج القوة الشهویة]

و یمکن أن یستدل علیه بما سیجی ء من عمومات حرمة اللهو و الباطل و ما دل علی حرمة الفحشاء و منافاته للعفاف المأخوذ فی العدالة و فحوی ما دل علی حرمة ما یوجب و لو بعیدا تهییج القوة الشهویة بالنسبة إلی غیر الحلیلة مثل ما دل عن المنع عن النظر لأنه سهم من سهام إبلیس و المنع عن الخلوة بالأجنبیة لأن ثالثهما الشیطان و کراهة جلوس الرجل فی مکان المرأة حتی یبرد المکان. و یرجحان التستر عن نساء أهل الذمة لأنهن یصفن لأزواجهن و التستر عن الصبی الممیز الذی یصف ما یری. و النهی فی الکتاب العزیز بقوله تعالی فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذِی فِی قَلْبِهِ مَرَضٌ و عن أن یضربن بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ ما یُخْفِینَ مِنْ زِینَتِهِنَّ إلی غیر ذلک من المحرمات و المکروهات التی یعلم منها حرمة ذکر المرأة المعینة المحترمة بما یهیج الشهوة علیها خصوصا ذات البعل التی لم یرض الشارع بتعریضها للنکاح بقوله رب راغب فیک

[لا یبعد القول بجواز التشبیب بالمخطوبة قبل العقد]

[لا یبعد القول بجواز التشبیب بالمخطوبة قبل العقد]

نعم لو قیل بعدم حرمة التشبیب بالمخطوبة قبل العقد بل مطلق من یراد تزوجها لم یکن بعیدا لعدم جریان أکثر ما ذکر فیها و المسألة غیر صافیة عن الاشتباه و الإشکال. ثم إن المحکی عن المبسوط و جماعة جواز التشبیب بالحلیلة بزیادة الکراهة عن المبسوط

[جواز التشبیب بالمرأة المبهمة]

[جواز التشبیب بالمرأة المبهمة]

و ظاهر الکل جواز التشبیب بالمرأة المبهمة بأن یتخیل امرأة و یتشبب بها و أما المعروفة عند القائل دون السامع سواء علم السامع إجمالا إنه یقصد معینة أم لا ففیه إشکال. و فی جامع المقاصد کما عن الحواشی الحرمة فی الصورة الأولی و فیه إشکال من جهة اختلاف الوجوه المتقدمة للتحریم و کذا إذا لم یکن هنا سامع.

و أما اعتبار الإیمان

و أما اعتبار الإیمان

فاختاره فی القواعد و التذکرة و تبعه بعض الأساطین

المکاسب، ج 1، ص 23

لعدم احترام غیر المؤمنة و فی جامع المقاصد کما عن غیره حرمة التشبیب بنساء أهل الذمة لفحوی حرمة النظر إلیهن و نقض بحرمة النظر إلی نساء أهل الحرب مع أنه صرح بجواز التشبیب بهن و المسألة مشکلة من جهة الاشتباه فی مدرک أصل الحکم و کیف کان فإذا شک المستمع فی تحقق شروط الحرمة لم یحرم علیه الاستماع کما صرح به فی جامع المقاصد.

و أما التشبیب بالغلام فهو محرم علی کل حال

و أما التشبیب بالغلام فهو محرم علی کل حال

کما عن الشهیدین و المحقق الثانی و کاشف اللثام لأنه فحش محض فیشتمل علی الإغراء بالقبیح و عن المفاتیح أن فی إطلاق الحکم نظرا و الله العالم

التصویر

المسألة الرابعة تصویر ذوات الأرواح حرام
اشارة

المسألة الرابعة تصویر ذوات الأرواح حرام

إذا کانت الصورة مجسمة بلا خلاف فتوی و نصا و کذا مع عدم التجسم وفاقا لظاهر النهایة و صریح السرائر و المحکی عن حواشی الشهید و المیسیة و المسالک و إیضاح النافع و الکفایة و مجمع البرهان و غیرهم

[الأخبار المستفیضة الدالة علی حرمة مجرد النقش]

[الأخبار المستفیضة الدالة علی حرمة مجرد النقش]

للروایات المستفیضة مثل قوله ع: نهی [رسول الله ص] أن ینقش شی ء من الحیوان علی الخاتم و قوله ع: و نهی عن تزویق البیوت قلت و ما تزویق البیوت قال تصاویر التماثیل و المتقدم عن تحف العقول: و صنعة صنوف التصاویر ما لم یکن مثال الروحانی و قوله ع فی عدة أخبار: من صور صورة کلفه الله یوم القیامة أن ینفخ فیها و لیس بنافخ. و قد یستظهر اختصاصها بالمجسمة من حیث إن النفخ فی الروح لا یکون إلا فی المجسمة و إرادة تجسم النقش مقدمة للنفخ ثم النفخ فیه خلاف الظاهر. و فیه أن النفخ یمکن تصوره فی النقش بملاحظة محله بل بدونها کما فی أمر الإمام ع الأسد المنقوش علی البساط بأخذ الساحر فی مجلس الخلیفة أو بملاحظة لون النقش الذی هو فی الحقیقة أجزاء لطیفة من الصبغ. و الحاصل أن مثل هذا لا یعد قرینة عرفا علی تخصیص الصورة بالمجسم و أظهر من الکل صحیحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله ع عن تماثیل الشجر و الشمس و القمر فقال لا بأس ما لم یکن شیئا من الحیوان فإن ذکر الشمس و القمر قرینة علی إرادة مجرد النقش. و مثل قوله ع: من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن الإسلام. فإن المثال و التصویر مترادفان علی ما حکاه کاشف اللثام عن أهل اللغة مع أن الشائع من التصویر و المطلوب منه هی الصور المنقوشة علی أشکال الرجال و النساء و الطیور و السباع دون الأجسام المصنوعة علی تلک الإشکال

[استظهار أن الحکمة فی التحریم هی حرمة التشبه بالخالق]

[استظهار أن الحکمة فی التحریم هی حرمة التشبه بالخالق]

و یؤیده أن الظاهر أن الحکمة فی التحریم هی حرمة التشبه بالخالق فی إبداع الحیوانات و أعضائها علی الإشکال المطبوعة التی یعجز البشر عن نقشها علی ما هی علیه فضلا عن اختراعها و لذا منع بعض الأساطین عن تمکین غیر المکلف من ذلک. و من المعلوم أن المادة لا دخل لها فی هذه الاختراعات العجیبة فالتشبه إنما یحصل بالنقش و التشکیل لا غیر

و من هنا یمکن استظهار اختصاص الحکم بذوات الأرواح

و من هنا یمکن استظهار اختصاص الحکم بذوات الأرواح

فإن صور غیرها کثیرا ما یحصل بفعل الإنسان للدواعی الأخر غیر قصد التصویر و لا یحصل به تشبه بحضرة المبدع تعالی عن التشبیه بل کل ما یصنعه الإنسان من التصرف فی الأجسام فیقع علی شکل واحد من مخلوقات الله تعالی.

[ما أفاده فی کشف اللثام من النقض علی التعمیم]

[ما أفاده فی کشف اللثام من النقض علی التعمیم]

و لذا قال کاشف اللثام علی ما حکی عنه فی مسألة کراهة الصلاة فی الثوب المشتمل علی التماثیل أنه لو عمت الکراهة لتماثیل ذی الروح و غیرها کرهت الثیاب ذوات الأعلام لشبه الأعلام بالأخشاب و القصبات و نحوها و الثیاب المحشوة لشبه طرائقها المخیطة بها بل الثیاب قاطبة لشبه خیوطها بالأخشاب و نحوها انتهی و إن کان ما ذکره لا یخلو عن نظر کما سیجی ء هذا. و لکن العمدة فی اختصاص الحکم بذوات الأرواح أصالة الإباحة مضافا إلی ما دل علی الرخصة مثل صحیحة محمد بن مسلم السابقة و روایة التحف المتقدمة و ما ورد: فی تفسیر قوله تعالی یَعْمَلُونَ لَهُ ما یَشاءُ مِنْ مَحارِیبَ وَ تَماثِیلَ فی قوله ع و الله ما هی تماثیل الرجال و النساء و لکنها تماثیل الشجر و شبهه و الظاهر شمولها للجسم و غیره فبها یقید بعض ما مر من الإطلاق خلافا لظاهر جماعة

[ظاهر بعض تعمیم الحکم لغیر ذی الروح]

[ظاهر بعض تعمیم الحکم لغیر ذی الروح]

حیث إنهم بین من یحکی عنه تعمیمه الحکم لغیر ذی الروح و لو لم یکن مجسما لبعض الإطلاقات اللازم تقییدها بما تقدم مثل قوله ع: و ینهی عن تزویق البیوت و قوله ع: من مثل مثالا إلی آخر الحدیث

[ظاهر بعض تخصیص الحکم بالمجسم]

[ظاهر بعض تخصیص الحکم بالمجسم]

و بین من عبر بالتماثیل المجسمة بناء علی شمول التمثال لغیر الحیوان کما هو کذلک فخص الحکم بالمجسم لأن المتیقن من المقیدات للإطلاقات و الظاهر منها بحکم غلبة الاستعمال و الوجود النقوش لا غیر و فیه أن هذا الظهور لو اعتبر لسقط الإطلاقات عن نهوضها لإثبات حرمة المجسم فتعین حملها علی الکراهة دون التخصیص بالمجسمة. و بالجملة التمثال فی الإطلاقات المانعة مثل قوله ص من مثل مثالا إن کان ظاهرا فی شمول الحکم للمجسم کان کذلک فی الأدلة المرخصة لما عدا الحیوان کروایة تحف العقول و صحیحة محمد بن مسلم و ما فی تفسیر الآیة فدعوی ظهور الإطلاقات المانعة فی العموم و اختصاص المقیدات المجوزة بالنقوش تحکم.

[خروج تصویر ما هو مصنوع للعباد عن أدلة الحرمة]

[خروج تصویر ما هو مصنوع للعباد عن أدلة الحرمة]

ثم إنه لو عممنا الحکم بغیر الحیوان مطلقا أو مع التجسم فالظاهر أن المراد به ما کان مخلوقا لله سبحانه علی هیئة خاصة معجبة للناظر علی وجه تمیل النفس إلی مشاهدة صورتها المجردة عن المادة أو معها فمثل تمثال السیف و الرمح و القصور و الأبنیة و السفن مما هو مصنوع للعباد و إن کانت فی هیئة حسنة معجبة خارج. و کذا مثل تمثال القصبات و الأخشاب و الجبال و الشطوط مما خلق الله لا علی هیئة معجبة للناظر بحیث تمیل النفس إلی مشاهدتها و لو بالصور الحاکیة لها لعدم شمول الأدلة لذلک کله هذا کله مع قصد الحکایة و التمثیل فلو دعت الحاجة إلی عمل شی ء یکون شبیها بشی ء من خلق الله و لو کان حیوانا من غیر قصد الحکایة فلا بأس قطعا و منه یظهر النظر فیما تقدم عن کاشف اللثام.

ثم إن المرجع فی الصورة إلی العرف

ثم إن المرجع فی الصورة إلی العرف

فلا یقدح فی الحرمة نقص بعض الأعضاء و لیس فیما ورد من رجحان تغیر الصورة بقلع عینها أو کسر رأسها دلالة علی جواز تصویر الناقص

و لو صور بعض أجزاء الحیوان ففی حرمته نظر بل منع

و لو صور بعض أجزاء الحیوان ففی حرمته نظر بل منع

و علیه فلو صور نصف الحیوان من رأسه إلی وسطه فإن قدر الباقی موجودا بأن فرضه إنسانا جالسا لا یتبین ما دون وسطه حرم و إن قصد النصف لا غیر لم یحرم إلا مع صدق الحیوان علی هذا النصف و لو بدا له فی إتمامه حرم الإتمام لصدق التصویر بإکمال الصورة لأنه إیجاد لها و لو اشتغل بتصویر حیوان فعل حراما حتی لو بدا له فی إتمامه و هل یکون ما فعل حراما من حیث التصویر أو لا یحرم إلا من حیث التجری وجهان من أنه لم یقع إلا بعض مقدمات الحرام بقصد تحققه و من أن معنی حرمة الفعل عرفا لیس إلا حرمة الاشتغال به عمدا فلا تراعی الحرمة بإتمام

المکاسب، ج 1، ص 24

العمل. و الفرق بین فعل الواجب المتوقف استحقاق الثواب علی إتمامه و بین الحرام هو قضاء العرف فتأمل

بقی الکلام فی جواز اقتناء ما حرم عمله من الصور و عدمه
اشارة

بقی الکلام فی جواز اقتناء ما حرم عمله من الصور و عدمه

فالمحکی عن شرح الإرشاد للمحقق الأردبیلی أن المستفاد من الأخبار الصحیحة و أقوال الأصحاب عدم حرمة إبقاء الصور و قرره الحاکی علی هذه الاستفادة.

و ممن اعترف بعدم الدلیل علی الحرمة المحقق الثانی فی جامع المقاصد مفرعا علی ذلک جواز بیع الصور المعمولة و عدم لحوقها بآلات اللهو و القمار و أوانی النقدین و صرح فی حاشیة الإرشاد بجواز النظر إلیها. لکن ظاهر کلام بعض القدماء حرمة بیع التماثیل و ابتیاعها ففی المقنعة بعد أن ذکر فیما یحرم الاکتساب به الخمر و صناعتها و بیعها قال و عمل الأصنام و الصلبان و التماثیل المجسمة و الشطرنج و النرد و ما أشبه ذلک حرام و بیعه و ابتیاعه حرام انتهی و فی النهایة و عمل الأصنام و الصلبان و التماثیل المجسمة و الصور و الشطرنج و النرد و سائر أنواع القمار حتی لعب الصبیان بالجوز و التجارة فیها و التصرف فیها و التکسب بها محظور انتهی و نحوها ظاهر السرائر

و یمکن أن یستدل للحرمة

و یمکن أن یستدل للحرمة

مضافا إلی أن الظاهر من تحریم عمل الشی ء مبغوضیة وجود المعمول ابتداء و استدامة بما تقدم فی صحیحة ابن مسلم من قوله ع: لا بأس ما لم یکن حیوانا بناء علی أن الظاهر من سؤال الراوی عن التماثیل سؤاله عن حکم الفعل المتعارف المتعلق بها العام البلوی و هو الاقتناء. و أما نفس الإیجاد فهو عمل مختص بالنقاش أ لا تری أنه لو سئل عن الخمر فأجاب بالحرمة أو عن العصیر فأجاب بالإباحة انصرف الذهن إلی شربهما دون صنعتهما بل ما نحن فیه أولی بالانصراف لأن صنعة العصیر و الخمر یقع من کل أحد بخلاف صنعة التماثیل و بما تقدم من الحصر فی قوله ع فی روایة تحف العقول: إنما حرم الله الصناعة التی یجی ء فیها الفساد محضا و لا یکون منه و فیه شی ء من وجوه الصلاح إلی قوله ع یحرم جمیع التقلب فیه فإن ظاهره أن کل ما یحرم صنعته و منها التصاویر یجی ء منها الفساد محضا یحرم جمیع التقلب فیه بمقتضی ما ذکر فی الروایة بعد هذه الفقرة. و بالنبوی: لا تدع صورة إلا محوتها و لا کلبا إلا قتلته بناء علی إرادة الکلب الهراش المؤذی الذی یحرم اقتناؤه. و ما عن قرب الإسناد بسنده عن علی بن جعفر ع عن أخیه ع قال: سألته عن التماثیل هل یصلح أن یلعب بها قال لا و بما ورد فی إنکار أن المعمول لسلیمان علی نبینا و آله و علیه السلام هی تماثیل الرجال و النساء فإن الإنکار إنما یرجع إلی مشیه سلیمان للمعمول کما هو ظاهر الآیة دون أصل العمل فدل علی کون مشیه وجود التمثال من المنکرات التی لا یلیق بمنصب النبوة. و بمفهوم صحیحة زرارة عن أبی جعفر ع: لا بأس بأن یکون التماثیل فی البیوت إذا غیرت رءوسها و ترک ما سوی ذلک و روایة المثنی عن أبی عبد الله ع: إن علیا ع یکره الصور فی البیوت بضمیمة ما ورد فی روایة أخری مرویة فی باب الربا: إن علیا ع لم یکن یکره الحلال و روایة الحلبی المحکیة عن مکارم الأخلاق عن أبی عبد الله ع قال: أهدیت إلی طنفسة من الشام فیها تماثیل طائر فأمرت به فغیر رأسه فجعل کهیئة الشجر

[المناقشة فی أدلة حرمة الاقتناء]

[المناقشة فی أدلة حرمة الاقتناء]

هذا و فی الجمیع نظر أما الأول فلأن الممنوع هو إیجاد الصورة و لیس وجودها مبغوضا حتی یجب رفعه. نعم قد یفهم الملازمة من سیاق الدلیل أو من خارج کما أن حرمة إیجاد النجاسة فی المسجد یستلزم مبغوضیة وجودها فیه المستلزم لوجوب رفعها. و أما الروایات فالصحیحة الأولی غیر ظاهرة فی السؤال عن الاقتناء لأن عمل الصور مما هو مرکوز فی الأذهان حتی أن السؤال عن حکم اقتنائها بعد معرفة حرمة عملها إذ لا یحتمل حرمة اقتناء ما لا یحرم عمله. و أما الحصر فی روایة تحف العقول فهو بقرینة الفقرة السابقة منه الواردة فی تقسیم الصناعات إلی ما یترتب علیه الحلال و الحرام و ما لا یترتب علیه إلا الحرام إضافی بالنسبة إلی هذین القسمین یعنی لم یحرم من القسمین إلا ما ینحصر فائدته فی الحرام و لا یترتب علیه إلا الفساد. نعم یمکن أن یقال إن الحصر وارد فی مساق التعلیل و إعطاء الضابطة للفرق بین الصنائع لا لبیان حرمة خصوص القسم المذکور. و أما النبوی فسیاقه ظاهر فی الکراهة کما یدل علیه عموم الأمر بقتل الکلاب. و قوله ع فی بعض هذه الروایات و لا قبرا إلا سویته. و أما روایة علی بن جعفر فلا تدل إلا علی کراهة اللعب بالصورة و لا نمنعها بل و لا الحرمة إذا کان اللعب علی وجه اللهو و أما ما فی تفسیر الآیة فظاهره رجوع الإنکار إلی مشیة سلیمان علی نبینا و آله و علیه السلام لعملهم بمعنی إذنه فیه أو إلی تقریره لهم فی العمل و أما الصحیحة فالبأس فیها محمول علی الکراهة لأجل الصلاة أو مطلقا مع دلالته علی جواز الاقتناء و عدم وجوب المحو. و أما ما ورد من أن علیا ع لم یکن یکره الحلال فمحمول علی المباح المتساوی طرفاه لأنه ع کان یکره المکروه قطعا. و أما روایة الحلبی فلا دلالة لها علی الوجوب أصلا

[معارضة روایات حرمة الاقتناء مع روایات الجواز]

[معارضة روایات حرمة الاقتناء مع روایات الجواز]

و لو سلم الظهور فی الجمیع فهی معارضة بما هو أظهر و أکثر مثل صحیحة الحلبی عن أبی عبد الله ع: ربما قمت أصلی و بین یدی الوسادة فیها تماثیل طیر فجعلت علیها ثوبا و روایة علی بن جعفر عن أخیه ع: عن الخاتم یکون فیه نقش تماثیل طیر أو سبع أ یصلی فیه قال لا بأس و عنه ع عن أخیه: عن البیت فیه صورة سمکة أو طیر یعبث به أهل البیت هل یصلی فیه قال لا حتی یقطع رأسه و یفسد و روایة أبی بصیر قال: سألت أبا عبد الله ع عن الوسادة و البساط یکون فیه التماثیل قال لا بأس به یکون فی البیت قلت ما التماثیل فقال کل شی ء یوطأ فلا بأس به و سیاق السؤال مع عموم الجواب یأبی عن تقیید الحکم بما یجوز عمله کما لا یخفی. و روایة أخری لأبی بصیر قال: قلت لأبی عبد الله ع إنا نبسط عندنا الوسائد فیها التماثیل و نفرشها قال لا بأس بما یبسط و یفرش و یوطأ و إنما یکره منها ما نصب علی الحائط و علی السریر و عن قرب الإسناد عن علی بن جعفر عن أخیه ع قال: سألته عن رجل کان فی بیته تماثیل أو فی ستر و لم یعلم بها و هو یصلی فی ذلک البیت ثم علم ما علیه قال ع لیس علیه فیما لم یعلم شی ء فإذا علم فلینزع الستر و لیکسر رءوس التماثیل فإن ظاهره أن الأمر بالکسر لأجل کون البیت مما یصلی فیه و لذلک لم یأمر ع بتغییر ما علی الستر و اکتفی بنزعه و منه یظهر أن ثبوت البأس فی صحیحة زرارة السابقة مع عدم تغییر الرءوس إنما هو لأجل الصلاة.

[مختار المؤلف]

[مختار المؤلف]

و کیف کان

المکاسب، ج 1، ص 25

فالمستفاد من جمیع ما ورد من الأخبار الکثیرة فی کراهة الصلاة فی البیت الذی فیه التماثیل إلا إذا غیرت أو کانت بعین واحدة أو ألقی علیها ثوب جواز اتخاذها و عمومها یشمل المجسمة و غیرها و یؤید الکراهة الجمع بین اقتناء الصور و التماثیل فی البیت- و اقتناء الکلب و الإناء المجتمع فیه البول فی الأخبار الکثیرة مثل ما روی عنهم ع مستفیضا عن جبرئیل علی نبینا و آله و علیه السلام: أننا لا ندخل بیتا فیه صورة إنسان و لا بیتا یبال فیه و لا بیتا فیه کلب و فی بعض الأخبار إضافة الجنب إلیها و الله العالم بأحکامه

التطفیف

المسألة الخامسة التطفیف حرام
اشارة

المسألة الخامسة التطفیف حرام

ذکره فی القواعد فی المکاسب و لعله استطرادا و المراد اتخاذه کسبا بأن ینصب نفسه کیالا أو وزانا فیطفف للبائع و کیف کان فلا إشکال فی حرمته و یدل علیه الأدلة الأربعة.

ثم إن البخس فی العد و الذرع- یلحق به حکما

ثم إن البخس فی العد و الذرع- یلحق به حکما

و إن خرج عن موضوعه

و لو وازن الربوی بجنسه فطفف فی أحدهما

و لو وازن الربوی بجنسه فطفف فی أحدهما

فإن جرت المعاوضة علی الوزن المعلوم الکلی فیدفع الموزون علی أنه بذلک الوزن اشتغلت ذمته بما نقص و إن جرت علی الموزون المعین باعتقاد المشتری أنه بذلک الوزن فسدت المعاوضة فی الجمیع للزوم الربا و لو جرت علیه علی أنه بذلک الوزن یجعل ذلک عنوانا للعوض فحصل الاختلاف بین العنوان و المشار إلیه لم یبعد الصحة و یمکن ابتناؤه علی أن لاشتراط المقدار مع تخلفه قسطا من العوض أم لا فعلی الأول یصح دون الثانی

التنجیم

المسألة السادسة التنجیم حرام
اشارة

المسألة السادسة التنجیم حرام

و هو کما فی جامع المقاصد الإخبار عن أحکام النجوم باعتبار الحرکات الفلکیة و الاتصالات الکوکبیة و توضیح المطلب یتوقف علی الکلام فی مقامات

الأول الظاهر أنه لا یحرم الإخبار عن الأوضاع الفلکیة المبتنیة علی سیر الکواکب
اشارة

الأول الظاهر أنه لا یحرم الإخبار عن الأوضاع الفلکیة المبتنیة علی سیر الکواکب

کالخسوف الناشئ عن حیلولة الأرض بین النیرین و الکسوف الناشئ عن حیلولة القمر أو غیره بل یجوز الإخبار بذلک إما جزما إذا استند إلی ما یعتقده برهانا أو ظنا إذا استند إلی الأمارات

و قد اعترف بذلک جملة ممن أنکر التنجیم

و قد اعترف بذلک جملة ممن أنکر التنجیم

منهم السید المرتضی و الشیخ أبو الفتح الکراجکی فیما حکی عنهما فی رد الاستدلال علی إصابتهم فی الأحکام بإصابتهم فی الأوضاع ما حاصله أن الکسوفات و اقتران الکواکب و انفصالها من باب الحساب و سیر الکواکب و له أصول صحیحة و قواعد سدیدة و لیس کذلک ما یدعونه عن تأثیر الکواکب فی الخیر و الشر و النفع و الضرر و لو لم یکن الفرق بین الأمرین إلا الإصابة الدائمة المتصلة فی الکسوفات و ما یجری مجراها فلا یکاد یبین فیها خطأ و أن الخطأ الدائم المعهود إنما هو فی الأحکام حتی أن الصواب فیها عزیز و ما یتفق فیها من الإصابة قد یتفق من المخمن أکثر منه فحمل أحد الأمرین علی الآخر بهت و قلة دین و حیاء انتهی المحکی من کلام السید رحمه الله و قد أشار إلی جواز ذلک فی جامع المقاصد مؤیدا ذلک بما ورد من کراهة السفر و التزویج فی برج العقرب.

[عدم الإصابة الدائمة فی إخبار الفلکین بالأوضاع]

[عدم الإصابة الدائمة فی إخبار الفلکین بالأوضاع]

لکن ما ذکره السید رحمه الله عن الإصابة الدائمة فی الإخبار عن الأوضاع محل نظر لأن خطأهم فی الحساب فی غایة الکثرة و لذلک لا یجوز الاعتماد فی ذلک علی عدولهم فضلا عن فساقهم لأن حساباتهم مبتنیة علی أمور نظریة مبتنیة علی نظریات أخری إلا فیما هو کالبدیهی مثل إخبارهم بکون القمر فی هذا الیوم فی برج العقرب و انتقال الشمس عن برج إلی برج فی هذا الیوم و إن کان یقع الاختلاف بینهم فیما یرجع إلی تفاوت یسیر و یمکن الاعتماد فی مثل ذلک علی شهادة عدلین منهم إذا احتاج الحاکم لتعیین أجل دین أو نحوه.

الثانی یجوز الإخبار بحدوث الأحکام عن الاتصالات و الحرکات المذکورة
اشارة

الثانی یجوز الإخبار بحدوث الأحکام عن الاتصالات و الحرکات المذکورة

بأن یحکم بوجود کذا فی المستقبل عند الوضع المعین من القرب و البعد و المقابلة و الاقتران بین الکوکبین إذا کان علی وجه الظن المستند إلی تجربة محصلة أو منقولة فی وقوع تلک الحادثة بإرادة الله عند الوضع الخاص من دون اعتقاد ربط بینهما أصلا بل الظاهر حینئذ جواز الإخبار علی وجه القطع إذا استند إلی تجربة قطعیة إذ لا حرج علی من حکم قطعا بالمطر فی هذه اللیلة نظرا إلی ما جربه من نزول کلبه عن السطح إلی داخل البیت مثلا

[قصة المحقق نصیر الدین الطوسی و الطحان]

[قصة المحقق نصیر الدین الطوسی و الطحان]

کما حکی أنه اتفق ذلک لمروج هذا العلم بل محییه نصیر الملة و الدین حیث نزل فی بعض أسفاره علی طحان له طاحونة خارج البلد فلما دخل منزله صعد السطح لحرارة الهواء فقال له صاحب المنزل انزل و نم فی البیت تحفظا من المطر فنظر المحقق إلی الأوضاع الفلکیة فلم یر شیئا فیما هی مظنة للتأثیر فی المطر فقال صاحب المنزل إن لی کلبا ینزل فی کل لیلة یحس المطر فیها إلی البیت فلم یقبل منه المحقق ذلک و بات فوق السطح فجاءه المطر فی اللیل و تعجب المحقق. ثم إن ما سیجی ء فی عدم جواز تصدیق المنجم یراد به غیر هذا أو ینصرف إلی غیره لما عرفت من معنی التنجیم

الثالث الإخبار عن الحادثات و الحکم بها مستندا إلی تأثیر الاتصالات المذکورة
اشارة

الثالث الإخبار عن الحادثات و الحکم بها مستندا إلی تأثیر الاتصالات المذکورة

فیها بالاستقلال أو بالمدخلیة و هو المصطلح علیه بالتنجیم فظاهر الفتاوی و النصوص حرمته مؤکدة

[النصوص الدالة علی الحرمة]
اشارة

[النصوص الدالة علی الحرمة]

فقد أرسل المحقق فی المعتبر عن النبی ص: أنه من صدق منجما أو کاهنا فقد کفر بما أنزل علی محمد ص و هو یدل علی حرمة حکم المنجم بأبلغ وجه. و فی روایة نصر بن قابوس عن الصادق ع: إن المنجم ملعون و الکاهن ملعون و الساحر ملعون

[محاورة أمیر المؤمنین (ع) مع بعض المنجمین]

[محاورة أمیر المؤمنین (ع) مع بعض المنجمین]

و فی نهج البلاغة: أنه ع لما أراد المسیر إلی بعض أسفاره فقال له بعض أصحابه إن سرت فی هذا الوقت خشیت أن لا تظفر بمرادک من طریق علم النجوم فقال ع له أ تزعم أنک تهدی إلی الساعة التی من سار فیها انصرف عنه السوء و تخوف من الساعة التی من سار فیها حاق به الضر فمن صدقک بهذا فقد کذب القرآن و استغنی عن الاستعانة بالله فی نیل المحبوب و دفع المکروه إلی أن قال ع أیها الناس إیاکم و تعلم النجوم إلا ما یهتدی به فی بر أو بحر فإنها تدعو إلی الکهانة و الکاهن کالساحر و الساحر کالکافر و الکافر فی النار إلخ

[محاورة أمیر المؤمنین (ع) مع منجم آخر]

[محاورة أمیر المؤمنین (ع) مع منجم آخر]

و قریب منه ما وقع [بعینه] بینه و بین منجم آخر نهاه عن المسیر أیضا: فقال ع له أ تدری ما فی بطن هذه الدابة أ ذکر أم أنثی قال إن حسبت علمت قال فمن صدقک علی هذا القول فقد کذب القرآن قال الله إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ یُنَزِّلُ الْغَیْثَ وَ یَعْلَمُ ما فِی الْأَرْحامِ الآیة [ وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَکْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِی نَفْسٌ بِأَیِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ] ما کان محمد ص یدعی ما ادعیت أ تزعم أنک تهدی إلی الساعة التی من سار فیها صرف عنه السوء و الساعة التی من سار فیها حاق به الضر من صدقک بهذا استغنی بقولک عن الاستعانة بالله فی ذلک الوجه و أحوج إلی الرغبة إلیک فی دفع المکروه عنه

[قول الصادق علیه السلام لعبد الملک بن أعین أحرق کتبک]

[قول الصادق علیه السلام لعبد الملک بن أعین أحرق کتبک]

و فی روایة عبد الملک بن أعین المرویة عن الفقیه: قلت لأبی عبد الله ع إنی قد ابتلیت

المکاسب، ج 1، ص 26

بالنظر فی النجوم فأرید الحاجة فإذا نظرت إلی الطالع و رأیت الطالع الشر جلست و لم أذهب فیها و إذا رأیت طالع الخیر ذهبت فی الحاجة فقال لی تقضی قلت نعم قال أحرق کتبک

[روایة المفضل بن عمر فی قوله تعالی و إذ ابتلی إبراهیم ربه بکلمات]

[روایة المفضل بن عمر فی قوله تعالی و إذ ابتلی إبراهیم ربه بکلمات]

و فی روایة المفضل بن عمر المرویة عن معانی الأخبار فی قوله تعالی وَ إِذِ ابْتَلی إِبْراهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِماتٍ قال و أما الکلمات فمنها ما ذکرناه و منها المعرفة بقدم بارئه و توحیده و تنزیهه عن التشبیه حتی النظر إلی الکواکب و القمر و الشمس و استدل بأفول کل واحد منها علی حدوثه و بحدوثه علی محدثة ثم أعلمه عز و جل أن الحکم بالنجوم خطأ.

[جواز النظر فی النجوم لمجرد التفؤل إن فهم الخیر و التحذر بالصدقة إن فهم الشر]

[جواز النظر فی النجوم لمجرد التفؤل إن فهم الخیر و التحذر بالصدقة إن فهم الشر]

ثم إن مقتضی الاستفصال فی روایة عبد الملک المتقدمة بین القضاء بالنجوم بعد النظر و عدمه: أنه لا بأس بالنظر إذا لم یقض به بل أرید به مجرد التفاؤل إن فهم الخیر و التحذر بالصدقة إن فهم الشر کما یدل علیه ما عن المحاسن عن أبیه عن ابن أبی عمیر عن عمر بن أذینة عن سفیان بن عمر قال: کنت أنظر فی النجوم و أعرفها و أعرف الطالع فیدخلنی من ذلک شی ء فشکوت ذلک إلی أبی الحسن ع فقال إذا وقع فی نفسک شی ء فتصدق علی أول مسکین ثم امض فإن الله عز و جل یدفع عنک.

[الحکم بالنجوم مع الاعتقاد بأن الله یمحو ما یشاء و یثبت]

[الحکم بالنجوم مع الاعتقاد بأن الله یمحو ما یشاء و یثبت]

و لو حکم بالنجوم علی جهة أن مقتضی الاتصال الفلانی و الحرکة الفلانیة الحادثة الواقعیة و إن کان الله یمحو ما یشاء و یثبت لم یدخل أیضا فی الأخبار الناهیة لأنها ظاهرة فی الحکم علی سبیل البت کما یظهر من قوله ع: فمن صدقک بهذا فقد استغنی عن الاستعانة بالله فی دفع المکروه بالصدقة و الدعاء و غیرهما من الأسباب نظیر تأثیر نحوسة الأیام الواردة فی الروایات و رد نحوستها بالصدقة إلا أن جوازها مبنی علی جواز اعتقاد الاقتضاء فی العلویات للحوادث السفلیة و سیجی ء إنکار المشهور لذلک و إن کان یظهر ذلک من المحدث الکاشانی

[جواز الإخبار لا بنحو اقتضاء الأوضاع الفلکیة]

[جواز الإخبار لا بنحو اقتضاء الأوضاع الفلکیة]

و لو أخبر بالحوادث بطریق جریان العادة علی وقوع الحادثة عند الحرکة الفلانیة من دون اقتضاء لها أصلا فهو أسلم- قال فی الدروس و لو أخبر بأن الله تعالی یفعل کذا عند کذا لم یحرم و إن کره انتهی.

الرابع اعتقاد ربط الحرکات الفلکیة بالکائنات
اشارة

الرابع اعتقاد ربط الحرکات الفلکیة بالکائنات

و الربط یتصور علی وجوه

الأول الاستقلال فی التأثیر
اشارة

الأول الاستقلال فی التأثیر

بحیث یمتنع التخلف عنها امتناع تخلف المعلول عن العلة العقلیة

و ظاهر کثیر من العبارات کون هذا کفرا

و ظاهر کثیر من العبارات کون هذا کفرا

. قال السید المرتضی رحمه الله فیما حکی عنه و کیف یشتبه علی مسلم بطلان أحکام التنجیم و قد أجمع المسلمون قدیما و حدیثا علی تکذیب المنجمین و الشهادة بفساد مذهبهم و بطلان أحکامهم و معلوم من دین الرسول ضرورة تکذیب ما یدعیه المنجمون و الإزراء علیهم و التعجیز لهم و فی الروایات عنه ص ما لا یحصی کثرة و کذا عن علماء أهل بیته و خیار أصحابه و ما اشتهر بهذه الشهرة فی دین الإسلام کیف یفتی بخلافه منتسب إلی الملة و مصل إلی القبلة انتهی و قال العلامة فی المنتهی بعد ما أفتی بتحریم التنجیم و تعلم النجوم مع اعتقاد إنها مؤثرة أو أن لها مدخلا فی التأثیر فی النفع و الضر و بالجملة کل من اعتقد ربط الحرکات النفسانیة و الطبیعیة بالحرکات الفلکیة و الاتصالات الکوکبیة کافر انتهی و قال الشهید رحمه الله فی قواعده کل من اعتقد فی الکواکب أنها مدبرة لهذا العالم و موجدة له فلا ریب أنه کافر و قال فی جامع المقاصد و اعلم أن التنجیم مع اعتقاد أن للنجوم تأثیرا فی الموجودات السفلیة و لو علی جهة المدخلیة حرام و کذا تعلم النجوم علی هذا النحو بل هذا الاعتقاد فی نفسه کفر نعوذ بالله انتهی و قال شیخنا البهائی ما زعمه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلیة بالأجرام العلویة إن زعموا أنها هی العلة المؤثرة فی تلک الحوادث بالاستقلال أو أنها شریکة فی التأثیر فهذا لا یحل للمسلم اعتقاده و علم النجوم المبتنی علی هذا کفر و علی هذا حمل ما ورد فی الحدیث عن التحذیر من علم النجوم و النهی عن اعتقاد صحته انتهی و قال فی البحار لا نزاع بین الأمة فی أن من اعتقد أن الکواکب هی المدبرة لهذا العالم و الخالقة لما فیه من الحوادث و الخیر و الشر فإنه یکون کافرا علی الإطلاق انتهی و عنه فی موضع آخر أن القول بأنها علة فاعلیة بالإرادة و الاختیار و إن توقف تأثیرها علی شرائط أخری کفر و مخالفة لضرورة الدین بل ظاهر الوسائل نسبة دعوی ضرورة الدین علی بطلان التنجیم و القول بکفر معتقده إلی جمیع علمائنا حیث قال قد صرح علماؤنا بتحریم علم النجوم و العمل بها و بکفر من اعتقد تأثیرها أو مدخلیتها فی التأثیر و ذکروا أن بطلان ذلک من ضروریات الدین انتهی.

[موافقة العامة علی هذا الحکم]

[موافقة العامة علی هذا الحکم]

بل یظهر من المحکی عن ابن أبی الحدید أن الحکم کذلک عند علماء العامة أیضا حیث قال فی شرح نهج البلاغة إن المعلوم ضرورة من الدین إبطال حکم النجوم و تحریم الاعتقاد بها و النهی و الزجر عن تصدیق المنجمین و هذا معنی قول أمیر المؤمنین ع فمن صدقک بهذا فقد کذب القرآن و استغنی عن الاستعانة بالله انتهی

[ظاهرهم لا فرق بین استلزامه إنکار الصانع و عدمه]

[ظاهرهم لا فرق بین استلزامه إنکار الصانع و عدمه]

ثم لا فرق فی أکثر العبارات المذکورة بین رجوع الاعتقاد المذکور إلی إنکار الصانع جل ذکره کما هو مذهب بعض المنجمین. و بین تعطیله تعالی عن التصرف فی الحوادث السفلیة بعد خلق الأجرام العلویة علی وجه تتحرک علی النحو المخصوص سواء قیل بقدمها کما هو مذهب بعض آخر أم قیل بحدوثها و تفویض التدبیر إلیها کما هو المحکی عن ثالث منهم و بین أن لا یرجع إلی شی ء من ذلک بأن یعتقد أن حرکة الأفلاک تابعة لإرادة الخالق فهی مظاهر لإرادة الخالق تعالی و مجبولة علی الحرکة علی طبق اختیار الصانع جل ذکره کالآلة أو بزیادة أنها مختارة باختیار هو عین اختیاره تعالی عما یقول الظالمون. لکن ما تقدم فی بعض الأخبار من أن المنجم بمنزلة الکاهن الذی هو بمنزلة الساحر الذی هو بمنزلة الکافر من عدا الفرق الثلاث الأول إذ الظاهر عدم الإشکال فی کون الفرق الثلاث- من أکفر الکفار لا بمنزلتهم.

[معنی کون تصدیق المنجم کفرا]

[معنی کون تصدیق المنجم کفرا]

و منه یظهر أن ما رتبه ع علی تصدیق المنجم من کونه تکذیبا للقرآن و کونه موجبا للاستغناء عن الاستعانة بالله فی جلب الخیر و دفع الشر یراد منه إبطال قوله بکونه مستلزما لما هو فی الواقع مخالف للضرورة من تکذیب القرآن و الاستغناء عن الله کما هی طریقة کل مستدل من إنهاء بطلان التالی إلی ما هو بدیهی البطلان عقلا أو شرعا أو حسا أو عادة و لا یلزم من مجرد ذلک الکفر و إنما یلزم ممن التفت إلی الملازمة و اعترف باللازم و إلا فکل من أفتی بما هو مخالف لقول الله واقعا إما لعدم تفطنه لقول الله أو لدلالته یکون مکذبا للقرآن. و أما قوله ص: فمن صدق منجما أو کاهنا فقد کفر بما أنزل علی محمد فلا یدل أیضا علی کفر المنجم و إنما یدل

المکاسب، ج 1، ص 27

علی کذبه فیکون تصدیقه تکذیبا للشارع المکذب له و یدل علیه عطف أو کاهن علیه.

[لا بد فی تکفیر المنجم من مطابقة ما یعتقده لإحدی موجبات الکفر]

[لا بد فی تکفیر المنجم من مطابقة ما یعتقده لإحدی موجبات الکفر]

و بالجملة فلم یظهر من الروایات تکفیر المنجم بالمعنی الذی تقدم للتنجیم فی صدر عنوان المسألة کفرا حقیقیا فالواجب الرجوع فیما یعتقده المنجم إلی ملاحظة مطابقته لأحد موجبات الکفر من إنکار الصانع أو غیره مما علم من الدین بدیهة و لعله لذا اقتصر الشهید فیما تقدم من القواعد فی تکفیر المنجم علی من یعتقد فی الکواکب أنها مدبرة لهذا العالم و موجدة له و لم یکفر غیر هذا الصنف کما سیجی ء تتمة کلامه السابق و لا شک أن هذا الاعتقاد إنکار إما للصانع و إما لما هو ضروری الدین من فعله تعالی و هو إیجاد العالم و تدبیره

[ما أفاده السید شارح النخبة]

[ما أفاده السید شارح النخبة]

بل الظاهر من کلام بعض اصطلاح لفظ التنجیم فی الأول. قال السید شارح النخبة إن المنجم من یقول بقدم الأفلاک و النجوم و لا یقولون بمفلک و لا خالق و هم فرقة من الطبیعیین یستمطرون بالأنواء معدودون من فرق الکفر فی مسفورات الخاصة و العامة یعتقدون فی الإنسان أنه کسائر الحیوانات یأکل و یشرب و ینکح ما دام حیا فإذا مات بطل و اضمحل و ینکرون جمیع الأصول الخمسة انتهی ثم قال رحمه الله و أما هؤلاء الذین یستخرجون بعض أوضاع السیارات و ربما یتخرصون علیها بأحکام مبهمة متشابهة ینقلونها تقلیدا لبعض ما وصل إلیهم من کلمات الحکماء الأقدمین مع صحة عقائدهم الإسلامیة فغیر معلوم دخولهم فی المنجمین الذین ورد فیهم من المطاعن ما ورد انتهی.

[نقد کلام السید]

[نقد کلام السید]

أقول فیه مضافا إلی عدم انحصار الکفار من المنجمین فیمن ذکر بل هم علی فرق ثلاث کما أشرنا إلیه و سیجی ء التصریح به من البحار فی مسألة السحر أن النزاع المشهور بین المسلمین فی صحة التنجیم و بطلانه هو المعنی الذی ذکره أخیرا و کما عرفت فی جامع المقاصد- و المطاعن الواردة فی الأخبار المتقدمة و غیرها کلها أو جلها علی هؤلاء دون المنجم بالمعنی الذی ذکره أولا و ملخص الکلام أن ما ورد فیهم من المطاعن لا صراحة فیها بکفرهم بل ظاهر ما عرفت خلافه. و یؤیده ما رواه فی البحار: عن محمد و هارون ابنی سهل النوبختی أنهما کتبا إلی أبی عبد الله ع نحن ولد نوبخت المنجم و قد کنا کتبنا إلیک هل یحل النظر فیها فکتب نعم و المنجمون یختلفون فی صفة الفلک فبعضهم یقولون إن الفلک فیه النجوم و الشمس و القمر إلی أن قال فکتب ع نعم ما لم یخرج من التوحید.

الثانی أنها تفعل الآثار المنسوبة إلیها
اشارة

الثانی أنها تفعل الآثار المنسوبة إلیها

و الله سبحانه هو المؤثر الأعظم کما یقوله بعضهم علی ما ذکره العلامة و غیره

[ما أفاده العلامة فی أنوار الملکوت]

[ما أفاده العلامة فی أنوار الملکوت]

قال العلامة فی محکی شرح فص الیاقوت اختلف قول المنجمین علی قولین أحدهما قول من یقول إنها حیة مختارة الثانی قول من یقول إنها موجبة و القولان باطلان. و قد تقدم عن المجلسی رحمه الله أن القول بکونها فاعلة بالإرادة و الاختیار و إن توقف تأثیرها علی شرائط أخر کفر و هو ظاهر أکثر العبارات المتقدمة. و لعل وجهه أن نسبة الأفعال التی دلت علی ضرورة الدین علی استنادها إلی الله تعالی کالخلق و الرزق و الإحیاء و الإماتة و غیرها إلی غیره تعالی مخالف لضرورة الدین.

[ظاهر الشهید فی قواعده عدم کفر المعتقد بذلک]

[ظاهر الشهید فی قواعده عدم کفر المعتقد بذلک]

لکن ظاهر شیخنا الشهید فی القواعد العدم فإنه بعد ما ذکر الکلام الذی نقلناه منه سابقا قال و إن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إلیها و الله سبحانه هو المؤثر الأعظم فهو مخطئ إذ لا حیاة لهذه الکواکب ثابتة بدلیل عقلی و لا نقلی انتهی. و ظاهره أن عدم القول بذلک لعدم المقتضی له و هو الدلیل لا لوجود المانع منه و هو انعقاد الضرورة علی خلافه فهو ممکن غیر معلوم الوقوع.

[توجیه ما ذکره الشهید]

[توجیه ما ذکره الشهید]

و لعل وجهه أن الضروری عدم نسبة تلک الأفعال إلی فاعل مختار باختیار مستقل مغایر لاختیار الله کما هو ظاهر قول المفوضة أما استنادها إلی الفاعل بإرادة الله المختار بعین مشیته و اختیاره حتی یکون کالآلة بزیادة الشعور و قیام الاختیار به بحیث یصدق أنه فعله و فعل الله فلا إذ المخالف للضرورة إنکار نسبة الفعل إلی الله تعالی علی وجه الحقیقة لا إثباته لغیره أیضا بحیث یصدق أنه فعله. نعم ما ذکره الشهید رحمه الله من عدم الدلیل علیه حق فالقول به تخرص و نسبة فعل الله إلی غیره بلا دلیل و هو قبیح. و ما ذکره قدس سره کان مأخذه ما فی الاحتجاج عن هشام بن الحکم قال: سأل الزندیق أبا عبد الله ع فقال ما تقول فیمن یزعم أن هذا التدبیر الذی یظهر فی هذا العالم تدبیر النجوم السبعة قال ع یحتاجون إلی دلیل أن هذا العالم الأکبر و العالم الأصغر من تدبیر النجوم التی تسبح فی الفلک و تدور حیث دارت متبعة لا تفتر و سائرة لا تقف ثم قال و إن کل نجم منها موکل مدبر فهی بمنزلة العبید المأمورین المنهیین فلو کانت قدیمة أزلیة لم تتغیر من حال إلی حال إلی آخر الخبر و الظاهر أن قوله بمنزلة العبید المأمورین المنهیین یعنی فی حرکاتهم لا أنهم مأمورون بتدبیر العالم بحرکاتهم فهی مدبرة باختیاره المنبعث عن أمر الله تعالی.

[ما أفاده المحدث الکاشانی]

[ما أفاده المحدث الکاشانی]

نعم ذکر المحدث الکاشانی فی الوافی فی توجیه البداء کلاما ربما یظهر منه مخالفة المشهور حیث قال فاعلم أن القوی المنطبعة الفلکیة لم تحط بتفاصیل ما سیقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهی تلک الأمور بل إنما تنقش فیها الحوادث شیئا فشیئا [و جملة فجملة مع أسبابها و عللها علی نهج مستمر و نظام مستقر] فإن ما یحدث فی عالم الکون و الفساد إنما هو من لوازم حرکات الأفلاک المسخرة لله و نتائج برکاتها فهی تعلم أنه کلما کان کذا کان کذا انتهی موضع الحاجة و ظاهره أنها فاعلة بالاختیار لملزومات الحوادث.

و بالجملة فکفر المعتقد بالربط علی هذا الوجه الثانی لم یظهر من الأخبار و مخالفتها لضرورة الدین لم یثبت أیضا إذ لیس المراد العلیة التامة فکیف و قد حاول المحدث الکاشانی بهذه المقدمات إثبات البداء.

الثالث استناد الأفعال إلیها کإسناد الإحراق إلی النار
[ظاهر کثیر کون هذا الاعتقاد کفرا]

[ظاهر کثیر کون هذا الاعتقاد کفرا]

و ظاهر کلمات کثیر ممن تقدم کون هذا الاعتقاد کفرا إلا أنه قال شیخنا المتقدم فی قواعده بعد الوجهین الأولین و أما ما یقال من استناد الأفعال إلیها کاستناد الإحراق إلی النار و غیرها من العادیات بمعنی أن الله تعالی أجری عادته أنها إذا کانت علی شکل مخصوص أو وضع مخصوص یفعل ما ینسب إلیها و یکون ربط المسببات بها کربط مسببات الأدویة و الأغذیة بها مجازا باعتبار الربط العادی لا الربط العقلی الحقیقی فهذا لا یکفر معتقده لکنه مخطئ و إن کان أقل خطأ من الأول لأن وقوع هذه الآثار عندها

المکاسب، ج 1، ص 28

لیس بدائم و لا أکثری انتهی. و غرضه من التعلیل المذکور الإشارة إلی عدم ثبوت الربط العادی لعدم ثبوته بالحس کالحرارة الحاصلة بسبب النار و الشمس و برودة القمر و لا بالعادة الدائمة و لا الغالبة لعدم العلم بتکرر الدفعات کثیرا حتی یحصل العلم أو الظن ثم علی تقدیره فلیس فیه دلالة علی تأثیر تلک الحرکات فی الحوادث فلعل الأمر بالعکس أو کلتاهما مستندتان إلی مؤثر ثالث فیکونان من المتلازمین فی الوجود. و بالجملة فمقتضی ما ورد من أنه أبی الله أن یجری الأشیاء إلا بأسبابها کون کل حادث مسببا و إما أن السبب هی الحرکة الفلکیة أو غیرها فلم یثبت و لم یثبت أیضا کونه مخالفا لضرورة الدین.

[ظاهر بعض الأخبار ثبوت التأثیر للکواکب]

[ظاهر بعض الأخبار ثبوت التأثیر للکواکب]

بل فی بعض الأخبار ما یدل بظاهره علی ثبوت التأثیر للکواکب مثل ما فی الاحتجاج عن أبان بن تغلب: فی حدیث الیمانی الذی دخل علی أبی عبد الله ع و سماه باسمه الذی لم یعلمه أحد و هو سعد فقال له یا سعد و ما صناعتک قال إنا من أهل بیت ننظر فی النجوم إلی أن قال ع ما اسم النجم الذی إذا طلع هاجت الإبل فقال ما أدری قال صدقت قال ما اسم النجم الذی إذا طلع هاجت البقر قال ما أدری قال صدقت فقال ما اسم النجم الذی إذا طلع هاجت الکلاب قال ما أدری قال صدقت فقال ما زحل عندکم فقال سعد نجم نحس فقال له أبو عبد الله ع لا تقل هذا فإنه نجم أمیر المؤمنین ع و هو نجم الأوصیاء و هو النجم الثاقب الذی قال الله تعالی فی کتابه [ النَّجْمُ الثَّاقِبُ] و فی روایة المدائنی المرویة عن الکافی عن أبی عبد الله ع قال: إن الله خلق نجما فی الفلک السابع فخلقه من ماء بارد و خلق سائر النجوم الجاریات من ماء حار و هو نجم الأوصیاء و الأنبیاء و هو نجم أمیر المؤمنین ع یأمر بالخروج من الدنیا و الزهد فیها و یأمر بافتراش التراب و توسد اللبن و لباس الخشن و أکل الجشب و ما خلق الله نجما أقرب إلی الله [تعالی] منه [إلی آخر الخبر] و الظاهر أن أمر النجم بما ذکر من المحاسن کنایة عن اقتضائه لها.

الرابع أن یکون ربط الحرکات بالحوادث
اشارة

الرابع أن یکون ربط الحرکات بالحوادث

من قبیل ربط الکاشف و المکشوف و الظاهر أن هذا الاعتقاد لم یقل أحد بکونه کفرا

[قول الشیخ البهائی فهذا لا مانع منه و لا حرج فی اعتقاده]

[قول الشیخ البهائی فهذا لا مانع منه و لا حرج فی اعتقاده]

قال شیخنا البهائی رحمه الله بعد کلامه المتقدم الظاهر فی تکفیر من قال بتأثیر الکواکب أو مدخلیتها ما هذا لفظه و إن قالوا إن اتصالات تلک الأجرام و ما یعرض لها من الأوضاع علامات علی بعض حوادث هذا العالم مما یوجده الله سبحانه بقدرته و إرادته کما أن حرکات النبض و اختلافات أوضاعه علامات یستدل بها الطبیب علی ما یعرض للبدن من قرب الصحة و اشتداد المرض و نحوه و کما یستدل باختلاج بعض الأعضاء علی بعض الأحوال المستقبلة فهذا لا مانع منه و لا حرج فی اعتقاده و ما روی فی صحة علم النجوم و جواز تعلمه محمول علی هذا المعنی انتهی.

[ما أفاده العلامة]

[ما أفاده العلامة]

و ممن یظهر منه خروج هذا عن مورد طعن العلماء علی المنجمین ما تقدم من قول العلامة رحمه الله إن المنجمین بین قائل بحیاة الکواکب و کونها فاعلة مختارة و بین من قال إنها موجبة

[ما یظهر من کلام السید المرتضی]

[ما یظهر من کلام السید المرتضی]

و یظهر ذلک من السید رحمه الله حیث قال بعد إطالة الکلام فی التشنیع علیهم ما هذا لفظه المحکی و ما فیهم أحد یذهب إلی أن الله تعالی أجری العادة بأن یفعل عند قرب بعضها من بعض أو بعده أفعالا من غیر أن یکون للکواکب أنفسها تأثیر فی ذلک قال و من ادعی منهم هذا المذهب الآن فهو قائل بخلاف ما ذهب إلیه القدماء و منتحل بهذا المذهب عند أهل الإسلام انتهی

[إنکار السید ابن طاوس علی علم الهدی]

[إنکار السید ابن طاوس علی علم الهدی]

لکن ظاهر المحکی عن ابن طاوس إنکار السید رحمه الله لذلک حیث إنه بعد ما ذکر أن للنجوم علامات و دلالات علی الحادثات لکن یجوز للقادر الحکیم تعالی أن یغیرها بالبر و الصدقة و الدعاء و غیر ذلک من الأسباب و جوز تعلم علم النجوم و النظر فیه و العمل به إذا لم یعتقد أنها مؤثرة و حمل أخبار النهی علی ما إذا اعتقد أنها کذلک ثم أنکر علی علم الهدی تحریم ذلک ثم ذکر لتأیید ذلک أسماء جماعة من الشیعة کانوا عارفین به انتهی. و ما ذکر رحمه الله حق إلا أن مجرد کون النجوم دلالات و علامات لا یجدی مع عدم الإحاطة بتلک العلامات و معارضاتها و الحکم مع عدم الإحاطة لا یکون قطعیا بل و لا ظنیا

[خلاصة ما أنکره السید أمران]

[خلاصة ما أنکره السید أمران]

و السید علم الهدی إنما أنکر من المنجمین أمرین أحدهما اعتقاد التأثیر و قد اعترف به ابن طاوس و الثانی غلبة الإصابة فی أحکامهم کما تقدم منه ذلک فی صدر المسألة و هذا أمر معلوم بعد فرض عدم الإحاطة بالعلامات و معارضاتها.

[ما أفاده الشیخ البهائی]

[ما أفاده الشیخ البهائی]

و لقد أجاد شیخنا البهائی أیضا حیث أنکر الأمرین و قال بعد کلامه المتقدم فی إنکار التأثیر و الاعتراف بالأمارة و العلامة اعلم أن الأمور التی یحکم بها المنجمون من الحوادث الاستقبالیة أقسام لها أصول بعضها مأخوذة من أصحاب الوحی ع و بعضها یدعون لها التجربة و بعضها مبتن علی أمور متشعبة لا تفی القوة البشریة بضبطها و الإحاطة بها کما یومئ إلیه قول الصادق ع: کثیره لا یدرک و قلیله لا ینتفع به و لذلک وجد الاختلاف فی کلامهم و تطرق الخطأ إلی بعض أحکامهم و من اتفق له الجری علی الأصول الصحیحة صح کلامه و صدقت أحکامه لا محالة کما نطق به الإمام الصادق ع و لکن هذا أمر عزیز المنال لا یظفر به إلا القلیل و الله الهادی إلی سواء السبیل انتهی.

[ما أفاده الشیخ البهائی هو الذی صرح به الإمام الصادق علیه السلام]
اشارة

[ما أفاده الشیخ البهائی هو الذی صرح به الإمام الصادق علیه السلام]

و ما أفاده رحمه الله أولا من الاعتراف بعدم بطلان کون الحرکات الفلکیة أمارات و علامات و آخرا من عدم النفع فی علم النجوم إلا مع الإحاطة التامة هو الذی صرح به الإمام الصادق ع فی روایة هشام الآتیة بقوله: إن أصل الحساب حق و لکن لا یعلم ذلک إلا من علم موالید الخلق و یدل أیضا علی کل من الأمرین الأخبار المتکثرة. فما یدل علی الأول و هو ثبوت الدلالة و العلامة فی الجملة

[الأخبار الدالة علی صحة علم النجوم فی نفسه]

[الأخبار الدالة علی صحة علم النجوم فی نفسه]

مضافا إلی ما تقدم من روایة سعد المنجم المحمولة بعد الصرف عن ظاهرها الدال علی سببیة طلوع الکواکب لهیجان الإبل و البقر و الکلاب علی کونه أمارة و علامة علیه المروی فی الاحتجاج: عن روایة الدهقان المنجم الذی استقبل أمیر المؤمنین حین خروجه إلی النهروان فقال له یومک هذا یوم صعب قد انقلب منه کوکب و انقدح من برجک النیران و لیس لک الحرب بمکان فقال ع له أیها الدهقان المنبئ عن الآثار المحذر عن الأقدار ثم سأله عن مسائل کثیرة من النجوم فاعترف الدهقان بجهلها إلی أن قال ع له أما قولک انقدح من برجک النیران فکان الواجب أن تحکم به لی لا علی أما نوره و ضیاؤه فعندی و أما حریقه و لهبه فذهب عنی فهذه مسألة عمیقة فاحسبها إن کنت حاسبا و فی روایة أخری أنه ع قال له احسبها إن کنت عالما بالأکوار و الأدوار قال لو علمت هذا لعلمت أنک تحصی عقود القصب فی

المکاسب، ج 1، ص 29

هذه الأجمة و فی الروایة الآتیة لعبد الرحمن بن سیابة: هذا حساب إذا حسبه الرجل و وقف علیه عرف القصبة التی فی وسط الأجمة و عدد ما عن یمینها و عدد ما عن یسارها و عدد ما خلفها و عدد ما أمامها حتی لا یخفی علیه من قصب الأجمة واحدة

[عدة أخبار أوردها فی البحار]

[عدة أخبار أوردها فی البحار]

و فی البحار وجد فی کتاب عتیق عن عطاء قال: قیل لعلی بن أبی طالب ع هل کان للنجوم أصل قال نعم نبی من الأنبیاء قال له قومه إنا لا نؤمن بک حتی تعلمنا بدء الخلق و آجالهم فأوحی الله عز و جل إلی غمامة فأمطرتهم و استنقع حول الجبل ماء صاف ثم أوحی الله [عز و جل] إلی الشمس و القمر و النجوم أن تجری فی ذلک الماء ثم أوحی الله [عز و جل] إلی ذلک النبی أن یرتقی هو و قومه علی الجبل فقاموا علی الماء حتی عرفوا بدء الخلق و آجاله بمجاری الشمس و القمر و النجوم و ساعات اللیل و النهار و کان أحدهم یعرف متی یموت و متی یمرض و من ذا الذی یولد له و من ذا الذی لا یولد له فبقوا کذلک برهة من دهرهم ثم إن داود ع قاتلهم علی الکفر فأخرجوا علی داود ع فی القتال من لم یحضر أجله و من حضر أجله خلفوه فی بیوتهم فکان یقتل من أصحاب داود و لا یقتل من هؤلاء أحد فقال داود ع رب أقاتل علی طاعتک و یقاتل هؤلاء علی معصیتک یقتل أصحابی و لا یقتل من هؤلاء أحد فأوحی الله عز و جل إلیه أنی علمتهم بدء الخلق و آجالهم و إنما أخرجوا إلیک من لم یحضره أجله و من حضر أجله خلفوه فی بیوتهم فمن ثم یقتل من أصحابک و لا یقتل منهم أحد قال داود ع رب علی ما ذا علمتهم قال علی مجاری الشمس و القمر و النجوم و ساعات اللیل و النهار قال فدعا الله عز و جل فحبس الشمس علیهم فزاد النهار و لم یعرفوا قدر الزیادة فاختلط حسابهم قال علی ع فمن ثم کره النظر فی علم النجوم و فی البحار أیضا عن الوافی بالإسناد عن أبی عبد الله ع قال: سئل عن النجوم فقال لا یعلمها إلا أهل بیت من العرب و أهل بیت من الهند و بالإسناد عن محمد بن سالم قال قال أبو عبد الله ع: قوم یقولون النجوم أصح من الرؤیا و ذلک کانت صحیحة حین لم ترد الشمس علی یوشع بن نون و أمیر المؤمنین ع فلما رد الله الشمس علیهما ضل فیها علوم علماء النجوم و خبر یونس قال: قلت لأبی عبد الله ع جعلت فداک أخبرنی عن علم النجوم ما هو قال هو علم من علوم الأنبیاء قال فقلت کان علی بن أبی طالب ع یعلمه قال کان أعلم الناس به و خبر ریان بن الصلت قال: حضر عند أبی الحسن الرضا ع الصباح بن نصر الهندی و سأله عن النجوم فقال هو علم فی أصل صحیح ذکروا أن أول من تکلم فی النجوم إدریس ع و کان ذو القرنین بها ماهرا و أصل هذا العلم من [عند] الله [عز و جل] و عن معلی بن خنیس قال: سألت أبا عبد الله ع عن النجوم أ حق هی فقال نعم إن الله عز و جل بعث المشتری إلی الأرض فی صورة رجل فأخذ رجلا من العجم فعلمه فلم یستکملوا ذلک فأتی بلد الهند فعلم رجلا منهم فمن هناک صار علم النجوم بها. و قد قال قوم هو علم من علوم الأنبیاء خصوا به لأسباب شتی فلم یستدرک المنجمون الدقیق منها فشاب الحق بالکذب إلی غیر ذلک مما یدل علی صحة علم النجوم فی نفسه.

[الأخبار الدالة علی کثرة الخطإ و الغلط فی حساب المنجمین]

[الأخبار الدالة علی کثرة الخطإ و الغلط فی حساب المنجمین]

و أما ما دل علی کثرة الخطإ و الغلط فی حساب المنجمین فهی کثیرة منها ما تقدم فی الروایات السابقة مثل قوله ع فی الروایة الأخیرة فشابوا الحق بالکذب و قوله ع ضل فیها علماء النجوم و قوله ع فی تخطئة ما ادعاه المنجم من أن زحل عندنا کوکب نحس إنه کوکب أمیر المؤمنین ع و الأوصیاء و تخطئة أمیر المؤمنین ع للدهقان الذی حکم بالنجوم بنحوسة الیوم الذی خرج فیه أمیر المؤمنین ع. و منها خبر عبد الرحمن بن سیابة قال:

قلت لأبی عبد الله ع جعلت فداک إن الناس یقولون إن النجوم لا یحل النظر فیها و هی تعجبنی فإن کانت تضر بدینی فلا حاجة لی فی شی ء یضر بدینی و إن کانت لا یضر بدینی فو الله إنی لأشتهیها و أشتهی النظر فیها فقال لیس کما یقولون لا یضر بدینک ثم قال إنکم تنظرون فی شی ء کثیره لا یدرک و قلیله لا ینتفع به إلی آخر الخبر و منها خبر هشام قال: قال لی أبو عبد الله ع کیف بصرک بالنجوم قلت ما خلقت بالعراق أبصر بالنجوم منی ثم سأله عن أشیاء لم یعرفها ثم قال فما بال العسکرین یلتقیان فی هذا حاسب و فی هذا حاسب فیحسب هذا لصاحبه بالظفر و یحسب هذا لصاحبه بالظفر فیلتقیان فیهزم أحدهما الآخر فأین کانت النجوم قال فقلت لا و الله لا أعلم ذلک قال فقال ع صدقت إن أصل الحساب حق و لکن لا یعلم ذلک إلا من علم موالید الخلق کلهم و منها المروی فی الاحتجاج عن أبی عبد الله ع فی حدیث: إن زندیقا قال له ما تقول فی علم النجوم قال ع هو علم قلت منافعه و کثرت مضاره لأنه لا یدفع به المقدور و لا یتقی به المحذور إن أخبر المنجم بالبلاء لم ینجه التحرز عن القضاء و إن أخبر هو بخیر لم یستطع تعجیله و إن حدث به سوء لم یمکنه صرفه و المنجم یضاد الله فی علمه بزعمه أنه یرد قضاء الله عن خلقه إلی آخر الخبر إلی غیر ذلک من الأخبار الدالة علی أن ما وصل إلیه المنجمون أقل بقلیل من أمارات الحوادث من دون وصول إلی معارضاتها. و من تتبع هذه الأخبار لم یحصل له ظن بالأحکام المستخرجة منها فضلا عن القطع. نعم قد یحصل من التجربة المنقولة خلفا عن سلف الظن بل العلم بمقارنة حادث من الحوادث لبعض الأوضاع الفلکیة.

فالأولی التجنب عن الحکم بها

فالأولی التجنب عن الحکم بها

و مع الارتکاب فالأولی الحکم علی سبیل التقریب و أنه لا یبعد أن یقع کذا عند کذا و الله المسدد

حفظ کتب الضلال

المسألة السابعة حفظ کتب الضلال حرام
اشارة

المسألة السابعة حفظ کتب الضلال حرام

فی الجملة بلا خلاف کما فی التذکرة و المنتهی

[أدلة الحرمة]

[أدلة الحرمة]

و یدل علیه مضافا إلی حکم العقل بوجوب قطع مادة الفساد و الذم المستفاد من قوله تعالی وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ و الأمر بالاجتناب عن قول الزور قوله ع فیما تقدم من روایة تحف العقول: إنما حرم الله تعالی الصناعة التی یجی ء منها الفساد محضا إلی آخر الحدیث. بل قوله ع قبل ذلک: أو ما یقوی به الکفر فی جمیع وجوه المعاصی أو باب یوهن به الحق إلی آخره و قوله ع فی روایة عبد الملک المتقدمة: حیث شکا إلی الإمام الصادق ع أنی ابتلیت بالنظر إلی النجوم فقال ع أ تقضی قال نعم قال أحرق کتب بناء علی أن الأمر للوجوب دون الإرشاد للخلاص من الابتلاء بالحکم بالنجوم.

[جواز الحفظ إذا لم یترتب علی إبقائها مفسدة]

[جواز الحفظ إذا لم یترتب علی إبقائها مفسدة]

و مقتضی الاستفصال فی هذه الروایة أنه إذا لم یترتب علی إبقاء کتب الضلال مفسدة لم یحرم و هذا أیضا مقتضی ما تقدم من إناطة التحریم بما یجی ء منه الفساد محضا.

نعم المصلحة الموهومة أو المحققة النادرة لا اعتبار بها

نعم المصلحة الموهومة أو المحققة النادرة لا اعتبار بها

فلا یجوز الإبقاء بمجرد احتمال ترتب مصلحة علی ذلک مع کون الغالب ترتب المفسدة و کذلک المصلحة النادرة غیر المعتد بها. و قد

المکاسب، ج 1، ص 30

تحصل من ذلک أن حفظ کتب الضلال لا یحرم إلا من حیث ترتب مفسدة الضلالة قطعا أو احتمالا قریبا فإن لم یکن کذلک أو کانت المفسدة المحققة معارضة بمصلحة أقوی أو عارضت المفسدة المتوقعة مصلحة أقوی أو أقرب وقوعا منها فلا دلیل علی الحرمة إلا أن یثبت إجماع أو یلزم بإطلاق عنوان معقد نفی الخلاف الذی لا یقصر عن نقل الإجماع

[المراد بالضلال]

[المراد بالضلال]

و حینئذ فلا بد من تنقیح هذا العنوان و أن المراد بالضلال ما یکون باطلا فی نفسه فالمراد الکتب المشتملة علی المطالب الباطلة أو أن المراد به مقابل الهدایة فیحتمل أن یراد بکتبه ما وضع لحصول الضلال و أن یراد ما أوجب الضلال و إن کانت مطالبها حقه کبعض کتب العرفاء و الحکماء المشتملة علی ظواهر منکرة یدعون أن المراد غیر ظاهرها فهذه أیضا کتب ضلال علی تقدیر حقیتها.

ثم الکتب السماویة المنسوخة غیر المحرفة

ثم الکتب السماویة المنسوخة غیر المحرفة

لا تدخل فی کتب الضلال. و أما المحرفة کالتوراة و الإنجیل علی ما صرح به جماعة فهی داخلة فی کتب الضلال بالمعنی الأول بالنسبة إلینا حیث إنها لا توجب للمسلمین بعد بداهة نسخها ضلالة نعم توجب الضلالة للیهود و النصاری قبل نسخ دینهما فالأدلة المتقدمة لا تدل علی حرمة حفظهما.

[ما قاله الشیخ رحمه الله فی المبسوط]

[ما قاله الشیخ رحمه الله فی المبسوط]

قال رحمه الله فی المبسوط فی باب الغنیمة من الجهاد فإن کان فی المغنم کتب نظر فیها فإن کانت مباحة یجوز إقرار الید علیها مثل کتب الطب و الشعر و اللغة و المکاتبات فجمیع ذلک غنیمة و کذلک المصاحف و علوم الشریعة کالفقه و الحدیث [و نحوه] لأن هذا مال یباع و یشتری کالثیاب و إن کانت کتبا لا یحل إمساکها کالکفر و الزندقة و ما أشبه ذلک فکل ذلک لا یجوز بیعه و ینظر فیه فإن کان مما ینتفع بأوعیته کالجلود و نحوها فإنها غنیمة و إن کان مما لا ینتفع بأوعیته کالکاغد فإنها تمزق و تحرق إذ ما من کاغذ إلا و له قیمة و حکم التوراة و الإنجیل هکذا کالکاغد فإنه یمزق لأنه کتاب مغیر مبدل انتهی. و کیف کان فلم یظهر من معقد نفی الخلاف إلا حرمة ما کان موجبا للضلال و هو الذی دل علیه الأدلة المتقدمة.

[حکم الکتب الباطلة غیر الموجبة للضلال]

[حکم الکتب الباطلة غیر الموجبة للضلال]

نعم ما کان من الکتب جامعا للباطل فی نفسه من دون أن یترتب علیه ضلالة لا یدخل تحت الأموال فلا یقابل بالمال لعدم المنفعة المحللة المقصودة فیه مضافا إلی آیتی لهو الحدیث و قول الزور أما وجوب إتلافها فلا دلیل علیه.

[حکم تصانیف المخالفین]

[حکم تصانیف المخالفین]

و مما ذکرنا ظهر حکم تصانیف المخالفین فی الأصول و الفروع و الحدیث و التفسیر و أصول الفقه و ما دونها من العلوم فإن المناط فی وجوب الإتلاف جریان الأدلة المتقدمة فإن الظاهر عدم جریانها فی حفظ شی ء من تلک الکتب إلا القلیل مما ألف فی خصوص إثبات الجبر و نحوه و إثبات تفضیل الخلفاء أو فضائلهم و شبه ذلک

[استثناء الحفظ للنقض و الاحتجاج]

[استثناء الحفظ للنقض و الاحتجاج]

و مما ذکرنا أیضا یعرف وجه ما استثنوه فی المسألة من الحفظ للنقض و الاحتجاج علی أهلها أو للاطلاع علی مطالبهم لیحصل به التقیة أو غیر ذلک و لقد أحسن جامع المقاصد حیث قال إن فوائد الحفظ کثیرة.

[لو کان بعض الکتاب موجبا للضلال]

[لو کان بعض الکتاب موجبا للضلال]

و مما ذکرنا یعرف أیضا حکم ما لو کان بعض الکتاب موجبا للضلال فإن الواجب رفعه و لو بمحو جمیع الکتاب إلا أن یزاحم مصلحة وجوده لمفسدة وجود الضلال و لو کان باطلا فی نفسه کان خارجا عن المالیة- فلو قوبل بجزء من العوض المبذول یبطل المعاوضة بالنسبة إلیه

[المراد بالحفظ المحرم]

[المراد بالحفظ المحرم]

ثم إن الحفظ المحرم یراد منه الأعم من الحفظ بظهر القلب و النسخ و المذاکرة و جمیع ما له دخل فی بقاء المطالب المضلة

الرشوة

المسألة الثامنة الرشوة حرام
اشارة

المسألة الثامنة الرشوة حرام

و فی جامع المقاصد و المسالک أن علی تحریمها إجماع المسلمین

[أدلة حرمة الرشوة]

[أدلة حرمة الرشوة]

و یدل علیه الکتاب و السنة و فی المستفیضة: أنه کفر بالله العظیم أو شرک ففی روایة الأصبغ بن نباتة عن أمیر المؤمنین ع قال: أیما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه یوم القیامة و عن حوائجه و إن أخذ هدیة کان غلولا و إن أخذ الرشوة فهو مشرک و عن الخصال فی الصحیح عن عمار بن مروان قال: کل شی ء غل من الإمام فهو سحت و السحت أنواع کثیرة منها ما أصیب من أعمال الولاة الظلمة و منها أجور القضاة و أجور الفواجر و ثمن الخمر و النبیذ المسکر و الربا بعد البینة فأما الرشا یا عمار فی الأحکام فإن ذلک الکفر بالله العظیم و برسوله: و مثلها روایة سماعة عن أبی عبد الله ع: و فی روایة یوسف بن جابر: لعن رسول الله ص من نظر إلی فرج امرأة لا تحل له و رجلا خان أخاه فی امرأته و رجلا احتاج الناس إلیه لفقهه فسألهم الرشوة و ظاهر هذه الروایة سؤال الرشوة لبذل فقهه فتکون ظاهرة فی حرمة أخذ الرشوة للحکم بالحق أو للنظر فی أمر المترافعین لیحکم بعد ذلک بینهما بالحق من غیر أجرة.

[کلمات اللغویین حول الرشوة]

[کلمات اللغویین حول الرشوة]

و هذا المعنی هو ظاهر تفسیر الرشوة فی القاموس بالجعل و إلیه نظر المحقق الثانی حیث فسر فی حاشیة الإرشاد الرشوة بما یبذله المتحاکمان. و ذکر فی جامع المقاصد أن الجعل من المتحاکمین للحاکم رشوة و هو صریح الحلی أیضا فی مسألة تحریم أخذ الرشوة مطلقا و إعطائها إلا إذا کان علی إجراء حکم صحیح فلا یحرم علی المعطی هذا و لکن عن مجمع البحرین قلما تستعمل الرشوة إلا فیما یتوصل به إلی إبطال حق أو تمشیة باطل و عن المصباح هی ما یعطیه الشخص للحاکم أو غیره لیحکم له أو یحمله علی ما یرید و عن النهایة أنها الوصلة إلی الحاجة بالمصانعة و الراشی الذی یعطی ما یعینه علی الباطل و المرتشی الآخذ و الرائش هو الذی یسعی بینهما لیزید لهذا أو ینقص لهذا و مما یدل علی عدم عموم الرشا لمطلق الجعل علی الحکم ما تقدم فی روایة عمار بن مروان من جعل الرشا فی الحکم مقابلا لأجور القضاة خصوصا بکلمة إما.

[عدم اختصاص الحرمة بما یبذل علی الحکم الباطل]

[عدم اختصاص الحرمة بما یبذل علی الحکم الباطل]

نعم لا یختص بما یبذل علی خصوص الباطل بل یعم ما یبذل لحصول غرضه و هو الحکم له حقا کان أو باطلا و هو ظاهر ما تقدم عن المصباح و النهایة. و یمکن حمل روایة یوسف بن جابر علی سؤال الرشوة للحکم للراشی حقا أو باطلا أو یقال إن المراد الجعل فأطلق علیه الرشوة تأکیدا للحرمة.

[حرمة أخذ الحاکم للجعل مع تعین الحکومة علیه]

[حرمة أخذ الحاکم للجعل مع تعین الحکومة علیه]

و منه یظهر حرمة أخذ الحاکم للجعل من المتحاکمین مع تعین الحکومة علیه کما یدل علیه قوله ع احتاج الناس إلیه لفقهه و المشهور المنع مطلقا بل فی جامع المقاصد دعوی النص و الإجماع و لعله لحمل الاحتیاج فی الروایة علی الاحتیاج إلی نوعه و لإطلاق ما تقدم فی روایة عمار بن مروان من جعل أجور القضاة من السحت بناء علی أن الأجر فی العرف یشمل الجعل و إن کان بینهما فرق عند المتشرعة.

[الاستدلال علی المنع عن أخذ الأجر مطلقا بصحیحة ابن سنان]

[الاستدلال علی المنع عن أخذ الأجر مطلقا بصحیحة ابن سنان]

و ربما یستدل علی المنع بصحیحة ابن سنان قال: سئل أبو عبد الله ع عن قاض بین قریتین یأخذ علی القضاء الرزق من السلطان قال ع ذلک السحت و فیه أن ظاهر الروایة کون القاضی منصوبا من قبل السلطان الظاهر بل الصریح فی سلطان الجور إذ ما یؤخذ من العادل لا یکون سحتا قطعا و لا شک أن هذا المنصوب غیر قابل للقضاء فما یأخذه سحت من هذا

المکاسب، ج 1، ص 31

الوجه و لو فرض کونه قابلا للقضاء لم یکن رزقه من بیت المال أو من جائزة السلطان محرما قطعا فیجب إخراجه عن العموم إلا أن یقال إن المراد الرزق من غیر بیت المال و جعله علی القضاء بمعنی المقابلة قرینة علی إرادة العوض و کیف کان فالأولی فی الاستدلال علی المنع ما ذکرناه خلافا لظاهر الغنیة و المحکی عن القاضی الجواز.

[مستند الجواز الأصل و ظاهر روایة حمزة بن حمران]

[مستند الجواز الأصل و ظاهر روایة حمزة بن حمران]

و لعله للأصل و ظاهر روایة حمزة بن حمران قال سمعت أبا عبد الله ع یقول: من استأکل بعلمه افتقر فقلت إن فی شیعتک قوما یتحملون علومکم و یبثونها فی شیعتکم فلا یعدمون منهم البر و الصلة و الإکرام فقال ع لیس أولئک بمستأکلین إنما ذاک الذی یفتی بغیر علم و لا هدی من الله لیبطل به الحقوق طمعا فی حطام الدنیا إلی آخر الخبر و اللام فی قوله لیبطل به الحقوق إما للغایة أو للعاقبة. و علی الأول فیدل علی حرمة أخذ المال فی مقابل الحکم بالباطل. و علی الثانی فیدل علی حرمة الانتصاب للفتوی من غیر علم طمعا فی الدنیا و علی کل تقدیر فظاهرها حصر الاستیکال المذموم فیما کان لأجل الحکم بالباطل و مع عدم معرفة الحق فیجوز الاستیکال مع الحکم بالحق. و دعوی کون الحصر إضافیا بالنسبة إلی الفرد الذی ذکره علی حرمة السائل فلا یدل إلا علی عدم الذم علی هذا الفرد دون کل من کان غیر المحصور فیه خلاف الظاهر

[تفصیل العلامة فی جواز الأخذ للقاضی بین حاجته و عدمها]

[تفصیل العلامة فی جواز الأخذ للقاضی بین حاجته و عدمها]

و فصل فی المختلف فجوز أخذ الجعل و الأجرة مع حاجة القاضی و عدم تعیین القضاء علیه و منعه مع غناه أو عدم الغنی عنه و لعل اعتبار عدم تعین القضاء لما تقرر عندهم من حرمة الأجرة علی الواجبات العینیة و حاجته لا تسوغ أخذ الأجرة علیها و إنما یجب علی القاضی و غیره رفع حاجته من وجوه أخر. و أما اعتبار الحاجة فلظهور اختصاص أدلة المنع بصورة الاستغناء کما یظهر بالتأمل فی روایتی یوسف و عمار المتقدمتین و لا مانع من التکسب بالقضاء من جهة وجوبه الکفائی کما هو أحد الأقوال فی المسألة الآتیة فی محلها إن شاء الله.

و أما الارتزاق من بیت المال

و أما الارتزاق من بیت المال

فلا إشکال فی جوازه للقاضی مع حاجته بل مطلقا إذا رأی الإمام المصلحة فیه لما سیجی ء من الأخبار الواردة فی مصارف الأراضی الخراجیة. و یدل علیه ما کتبه أمیر المؤمنین ع إلی مالک الأشتر من قوله ع: و افسح له أی للقاضی بالبذل ما یزیح علته و تقل معه حاجته إلی الناس

[جواز أخذ الرزق من السلطان الجائر]

[جواز أخذ الرزق من السلطان الجائر]

و لا فرق بین أن یأخذ الرزق من السلطان العادل أو من الجائر لما سیجی ء من حلیة بیت المال لأهله و لو خرج من ید الجائر. و أما ما تقدم فی صحیحة ابن سنان من المنع من أخذ الرزق من السلطان فقد عرفت الحال فیه

[حکم الهدیة و بیان الفرق بینها و بین الرشوة]

[حکم الهدیة و بیان الفرق بینها و بین الرشوة]

و أما الهدیة و هی ما یبذله علی وجه الهبة لیورث المودة الموجبة للحکم له حقا کان أو باطلا و إن لم یقصد المبذول له الحکم إلا بالحق إذا عرف و لو من القرائن أن الباذل قصد الحکم له علی کل تقدیر فیکون الفرق بینها و بین الرشوة أن الرشوة تبذل لأجل الحکم و الهدیة تبذل لإیراث الحب المحرک له علی الحکم علی وفق مطلبه فالظاهر حرمتها لأنها رشوة أو بحکمها بتنقیح المناط. و علیه یحمل ما تقدم من قول أمیر المؤمنین ع: و إن أخذ یعنی الوالی هدیة کان غلولا و ما ورد من أن هدایا العمال غلول و فی آخر سحت. و عن عیون الأخبار عن مولانا أبی الحسن الرضا ع عن أمیر المؤمنین ع: فی تفسیر قوله تعالی أَکَّالُونَ لِلسُّحْتِ قال هو الرجل یقضی لأخیه حاجته ثم یقبل هدیته و للروایة توجیهات تکون الروایة علی بعضها محمولة علی ظاهرها من التحریم و علی بعضها محمولة علی المبالغة فی رجحان التجنب عن قبول الهدایا من أهل الحاجة إلیه لئلا یقع فی الرشوة یوما.

و هل تحرم الرشوة فی غیر الحکم
اشارة

و هل تحرم الرشوة فی غیر الحکم

بناء علی صدقها کما یظهر مما تقدم عن المصباح و النهایة کأن یبذل له مالا علی أن یصلح أمره عند الأمیر

[التفصیل بین الحاجة المحرمة و غیرها]

[التفصیل بین الحاجة المحرمة و غیرها]

فإن کان أمره منحصرا فی المحرم أو مشترکا بینه و بین المحلل لکن بذل علی إصلاحه حراما أو حلالا فالظاهر حرمته لا لأجل الرشوة لعدم الدلیل علیها عدا بعض الإطلاقات المنصرف إلی الرشا فی الحکم بل لأنه أکل للمال بالباطل فتکون الحرمة هنا لأجل الفساد فلا یحرم القبض فی نفسه و إنما یحرم التصرف لأنه باق علی ملک الغیر. نعم یمکن أن یستدل علی حرمته بفحوی إطلاق ما تقدم فی هدیة الولاة و العمال و أما بذل المال علی وجه الهدیة الموجبة لقضاء الحاجة المباحة فلا حظر فیه کما یدل علیه ما ورد: فی أن الرجل یبذل الرشوة لیتحرک من منزله فیسکنه قال لا بأس به و المراد المنزل المشترک کالمدرسة و المسجد و السوق و نحوها

و مما یدل علی التفصیل فی الرشوة بین الحاجة المحرمة و غیرها روایة الصیرفی

و مما یدل علی التفصیل فی الرشوة بین الحاجة المحرمة و غیرها روایة الصیرفی

قال: سمعت أبا الحسن ع و سأله حفص الأعور فقال إن عمال السلطان یشترون منا القرب و الإداوة فیوکلون الوکیل حتی یستوفیه منا فنرشوه حتی یظلمنا فقال لا بأس بما تصلح به مالک ثم سکت ساعة ثم قال إذا أنت رشوته یأخذ منک أقل من الشرط قلت نعم قال فسدت رشوتک. و مما یعد من الرشوة أو یلحق بها المعاملة المشتملة علی المحاباة کبیعه من القاضی ما یساوی عشرة دراهم بدرهم

[حکم المعاملة المشتملة علی المحاباة مع القاضی]

[حکم المعاملة المشتملة علی المحاباة مع القاضی]

فإن لم یقصد من المعاملة إلا المحاباة التی فی ضمنها أو قصد المعاملة لکن جعل المحاباة لأجل الحکم له بأن کان الحکم له من قبیل ما تواطئا علیه من الشروط غیر المصرح بها فی العقد فهی الرشوة و إن قصد أصل المعاملة و حابی فیها لجلب قلب القاضی فهو کالهدیة ملحقة بالرشوة. و فی فساد المعاملة المحاباة فیها وجه قوی

[حکم المال المأخوذ حراما من حیث الضمان و عدمه]
اشارة

[حکم المال المأخوذ حراما من حیث الضمان و عدمه]

ثم إن کل ما حکم بحرمة أخذه وجب علی الآخذ رده و رد بدله مع التلف إذا قصد مقابلته بالحکم کالجعل و الأجرة- حیث حکم بتحریمها. و کذا الرشوة لأنها حقیقة جعل علی الباطل و لذا فسره فی القاموس بالجعل

[الظاهر عدم ضمان ما أخذ هدیة]

[الظاهر عدم ضمان ما أخذ هدیة]

و لو لم یقصد بها المقابلة بل أعطی مجانا لیکون داعیا علی الحکم و هو المسمی بالهدیة فالظاهر عدم ضمانه لأن مرجعه إلی هبة مجانیة فاسدة إذ الداعی لا یعد عوضا و ما لا یضمن بصحیحه لا یضمن بفاسده و کونها من السحت إنما یدل علی حرمة الأخذ لا علی الضمان و عموم علی الید مختص بغیر الید المتفرعة علی التسلیط المجانی و لذا لا یضمن بالهبة الفاسدة فی غیر هذا المقام.

[احتمال عدم الضمان فی الرشوة مطلقا و مناقشته]

[احتمال عدم الضمان فی الرشوة مطلقا و مناقشته]

و فی کلام بعض المعاصرین أن احتمال عدم الضمان فی الرشوة مطلقا غیر بعید معللا بتسلیط المالک علیها مجانا و لأنها تشبه المعاوضة و ما لا یضمن بصحیحه لا یضمن بفاسده. و لا یخفی ما بین تعلیله من التنافی لأن تشبیهه الرشوة بالمعاوضة یستلزم الضمان لأن المعاوضة الصحیحة یوجب ضمان کل منهما ما وصل إلیه بعوضه الذی دفعه فیکون مع الفساد مضمونا بعوضه الواقعی و هو المثل أو القیمة و لیس فی المعاوضات ما لا یضمن العوض بصحیحه حتی لا

المکاسب، ج 1، ص 32

یضمن بفاسده. نعم قد یتحقق عدم الضمان فی بعض المعاوضات بالنسبة إلی غیر العوض کما أن العین المستأجرة غیر مضمونة فی ید المستأجر بالإجارة فربما یدعی أنها غیر مضمونة إذا قبض بالإجارة الفاسدة. لکن هذا کلام آخر [قد ثبت فساده بما ذکرنا فی باب الغصب من أن المراد مما لا یضمن بصحیحه أن یکون عدم الضمان مستندا إلی نفس العقد الصحیح لمکان الباء و عدم ضمان عین المستأجرة لیس مستندا إلی الإجازة الصحیحة بل إلی قاعدة الأمانة المالکیة و الشرعیة لکون التصرف فی العین مقدمة لاستیفاء المنفعة مأذونا فیه شرعا فلا یترتب علیه الضمان بخلاف الإجازة الفاسدة فإن الإذن الشرعی فیها مفقود و الإذن المالکی غیر مثمر لکونه تبعیا و لکونه لمصلحة القابض فتأمل] و الکلام فی ضمان العوض بالمعاوضة الفاسدة و التحقیق أن کونها معاوضة أو شبیهة بها وجه لضمان العوض فیها لا لعدم الضمان

فروع فی اختلاف الدافع و القابض
[دعوی الدافع الهدیة و القابض الهبة الصحیحة]

[دعوی الدافع الهدیة و القابض الهبة الصحیحة]

لو ادعی الدافع أنها هدیة ملحقة بالرشوة فی الفساد و الحرمة و ادعی القابض أنها هبة صحیحة لداعی القربة أو غیرها احتمل تقدیم الأول لأن الدافع أعرف بنیته و لأصالة الضمان فی الید إذا کانت الدعوی بعد التلف و الأقوی تقدیم الثانی لأنه یدعی الصحة.

[دعوی الدافع الرشوة و القابض الهبة الصحیحة]

[دعوی الدافع الرشوة و القابض الهبة الصحیحة]

و لو ادعی الدافع أنها رشوة أو أجرة علی المحرم و ادعی القابض کونها هبة صحیحة احتمل أنه کذلک لأن الأمر یدور بین الهبة الصحیحة و الإجارة الفاسدة. و یحتمل العدم إذ لا عقد مشترک هنا اختلفا فی صحته و فساده فالدافع منکر لأصل العقد الذی یدعیه القابض لا لصحته فیحلف علی عدم وقوعه و لیس هذا من مورد التداعی کما لا یخفی.

[دعوی الدافع الرشوة و القابض الهبة الفاسدة]

[دعوی الدافع الرشوة و القابض الهبة الفاسدة]

و لو ادعی أنها رشوة و القابض أنها هدیة فاسدة لدفع الغرم عن نفسه بناء علی ما سبق من أن الهدیة المحرمة لا توجب الضمان ففی تقدیم الأول لأصالة الضمان فی الید أو الآخر لأصالة عدم سبب الضمان و منع أصالة الضمان وجهان أقواهما الأول لأن عموم خبر علی الید یقضی بالضمان إلا مع تسلیط المالک مجانا و الأصل عدم تحققه و هذا حاکم علی أصالة عدم سبب الضمان فافهم

سب المؤمن

التاسعة سب المؤمنین حرام فی الجملة
اشارة

التاسعة سب المؤمنین حرام فی الجملة

بالأدلة الأربعة لأنه ظلم و إیذاء و إذلال

[الروایات الواردة فی حرمة السب]

[الروایات الواردة فی حرمة السب]

ففی روایة أبی بصیر عن أبی جعفر ع قال قال رسول الله ص: سباب المؤمن فسوق و قتاله کفر و أکل لحمه معصیة و حرمة ماله کحرمة دمه و فی روایة السکونی عن أبی عبد الله ع قال قال رسول الله ص: سباب المؤمن کالمشرف علی الهلکة و فی روایة أبی بصیر عن أبی جعفر ع قال:

جاء رجل من تمیم إلی رسول الله ص فقال له أوصنی فکان فیما أوصاه لا تسبوا فتکتسبوا العداوة و فی روایة ابن الحجاج عن أبی الحسن ع: فی رجلین یتسابان قال البادی منهما أظلم و وزره و وزر صاحبه علیه ما لم یعتذر إلی المظلوم و فی مرجع الضمائر اغتشاش و یمکن الخطأ من الراوی. و المراد و الله أعلم أن مثل وزر صاحبه علیه لإیقاعه إیاه فی السب من غیر أن یخفف عن صاحبه شی ء فإن اعتذر إلی المظلوم عن سبه و إیقاعه إیاه فی السب برأ من الوزرین. ثم إن المرجع فی السب إلی العرف

[تفسیر السب]

[تفسیر السب]

و فسره فی جامع المقاصد بإسناده ما یقتضی نقصه إلیه مثل الوضیع و الناقص و فی کلام بعض آخر أن السب و الشتم بمعنی واحد و فی کلام ثالث أن السب أن تصف الشخص بما هو إزراء و نقص فیدخل فی النقص کل ما یوجب الأذی کالقذر و الحقیر و الوضیع و الکلب و الکافر و المرتد و التعبیر بشی ء من بلاء الله تعالی کالأجذم و الأبرص.

ثم الظاهر أنه لا یعتبر فی صدق السب مواجهة المسبوب

ثم الظاهر أنه لا یعتبر فی صدق السب مواجهة المسبوب

نعم یعتبر فیه قصد الإهانة و النقص فالنسبة بینه و بین الغیبة عموم و خصوص من وجه و الظاهر تعدد العقاب فی مادة الاجتماع لأن مجرد ذکر الشخص بما یکرهه لو سمعه و لو لغیر قصد الإهانة غیبة محرمة و الإهانة محرم آخر.

ثم إنه یستثنی من المؤمن المظاهر بالفسق

ثم إنه یستثنی من المؤمن المظاهر بالفسق

لما سیجی ء فی الغیبة من أنه لا حرمة له و هل یعتبر فی جواز سبه کونه من باب النهی عن المنکر فیشترط بشروطه أم لا ظاهر النصوص و الفتاوی کما فی الروضة الثانی و الأحوط الأول

و یستثنی من ذلک المبتدع أیضا

و یستثنی من ذلک المبتدع أیضا

لقوله ص: إذا رأیتم أهل البدع من بعدی فأظهروا البراءة منهم و أکثروا من سبهم و الوقیعة فیهم

و یمکن أن یستثنی من ذلک ما إذا لم یتأثر المسبوب عرفا

و یمکن أن یستثنی من ذلک ما إذا لم یتأثر المسبوب عرفا

بأن لا توجب قول هذا القائل فی حقه مذلة و لا نقصا کقول الوالد لولده أو السید لعبده عنده مشاهدة ما یکرهه یا حمار و عند غیظه یا خبیث و نحو ذلک سواء لم یتأثر بذلک بأن لم یکرهه أصلا أم تأثر به بناء علی أن العبرة بحصول الذل و النقص فیه عرفا. و یشکل الثانی بعموم أدلة حرمة الإیذاء نعم لو قال السید ذلک فی مقام التأدیب جاز لفحوی جواز الضرب. و أما الوالد فیمکن استفادة الجواز فی حقه مما ورد من مثل قولهم ع: أنت و مالک لأبیک فتأمل مضافا إلی استمرار السیرة بذلک إلا أن یقال إن استمرار السیرة إنما هو مع عدم تأثر السامع و تأذیه بذلک من هنا یوهن التمسک بالسیرة فی جواز سب المعلم للمتعلم فإن السیرة إنما نشأت فی الأزمنة السابقة من عدم تألم المتعلم بشتم المعلم لعد نفسه أدون من عبده بل ربما کان یفتخر بالسب لدلالته علی کمال لطفه. و أما زماننا هذا الذی یتألم المتعلم فیه من المعلم مما لم یتألم به من شرکائه فی البحث من القول و الفعل فحل إیذائه یحتاج إلی الدلیل و الله الهادی إلی سواء السبیل

السحر

العاشرة السحر [فهو] حرام فی الجملة
اشارة

العاشرة السحر [فهو] حرام فی الجملة

بلا خلاف بل هو ضروری کما سیجی ء

و الأخبار بالحرمة مستفیضة

و الأخبار بالحرمة مستفیضة

منها ما تقدم من أن الساحر کالکافر. و منها قوله ع: من تعلم شیئا من السحر قلیلا أو کثیرا فقد کفر و کان آخر عهده بربه وحده أن یقتل إلا أن یتوب و فی روایة السکونی عن الصادق ع قال قال رسول الله ص: ساحر المسلمین یقتل و ساحر الکفار لا یقتل قیل یا رسول الله لم لا یقتل ساحر الکفار قال لأن الشرک أعظم من السحر و لأن السحر و الشرک مقرونان و فی نبوی آخر: ثلاثة لا یدخلون الجنة مدمن خمر و مدمن سحر و قاطع رحم إلی غیر ذلک من الأخبار

ثم إن الکلام هنا یقع فی مقامین

الأول فی المراد بالسحر
اشارة

الأول فی المراد بالسحر

و هو لغة علی ما عن بعض أهل اللغة ما لطف مأخذه و دق و عن بعضهم أنه صرف الشی ء عن وجهه و عن ثالث أنه الخدیعة و عن رابع أنه إخراج الباطل فی صورة الحق و قد اختلفت عبارات الأصحاب فی بیانه

[کلمات الفقهاء]
اشارة

[کلمات الفقهاء]

قال العلامة رحمه الله فی القواعد و التحریر إنه کلام یتکلم به أو یکتبه أو رقیة أو یعمل شیئا تؤثر فی بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غیر مباشرة و زاد فی المنتهی أو عقدا

[اعتبار الإضرار فی السحر عند بعض]

[اعتبار الإضرار فی السحر عند بعض]

و زاد فی المسالک أو أقساما أو عزائم یحدث بسببها ضرر علی الغیر و زاد فی الدروس الدخنة و التصویر و النفث و تصفیة النفس و یمکن أن یدخل جمیع ذلک فی قوله فی القواعد أو یعمل شیئا. نعم ظاهر المسالک و محکی الدروس أن المعتبر فی السحر الإضرار.

فإن أرید من التأثیر فی عبارة القواعد و غیرها خصوص الإضرار بالمسحور فهو و إلا کان أعم. ثم إن الشهیدین رحمهما الله عدا من السحر- استخدام الملائکة و استنزال الشیاطین فی کشف الغائبات و علاج المصاب و استحضارهم و تلبیسهم ببدن صبی أو امرأة و کشف الغائبات علی لسانه و الظاهر أن المسحور فیما ذکراه هم الملائکة و الجن و الشیاطین و الإضرار

المکاسب، ج 1، ص 33

بهم یحصل بتسخیرهم و تعجیزهم من المخالفة له و إلجائهم إلی الخدمة. و قال فی الإیضاح إنه استحداث الخوارق- إما بمجرد التأثیرات النفسانیة و هو السحر أو بالاستعانة بالفلکیات فقط و هی دعوة الکواکب أو بتمزیج القوی السماویة بالقوی الأرضیة و هی الطلسمات أو علی سبیل الاستعانة بالأرواح الساذجة و هی العزائم و یدخل فیه النیرنجات و الکل حرام فی شریعة الإسلام و مستحله کافر انتهی. و تبعه علی هذا التفسیر فی محکی التنقیح و فسر النیرنجات فی الدروس بإظهار غرائب خواص الامتزاجات و أسرار النیرین. و فی الإیضاح أما ما کان علی سبیل الاستعانة- بخواص الأجسام السفلیة فهو علم الخواص أو الاستعانة بالنسب الریاضیة فهو علم الحیل و جر الأثقال و هذان لیسا من السحر انتهی. و ما جعله خارجا قد أدخله غیره و فی بعض الروایات دلالة علیه و سیجی ء المحکی و المروی و لا یخفی أن هذا التعریف أعم من الأول لعدم اعتبار مسحور فیه فضلا عن الإضرار ببدنه أو عقله. و عن الفاضل المقداد فی التنقیح أنه عمل یستفاد منه ملکه نفسانیة یقتدر بها علی أفعال غریبة بأسباب خفیة و هذا یشمل علمی الخواص و الحیل

[ما أفاده العلامة المجلسی فی البحار فی بیان أقسام السحر]
اشارة

[ما أفاده العلامة المجلسی فی البحار فی بیان أقسام السحر]

و قال فی البحار بعد ما نقل عن أهل اللغة إنه ما لطف و خفی سببه إنه فی عرف الشرع مختص بکل أمر مخفی سببها و یتخیل علی غیر حقیقته و یجری مجری التمویه و الخداع انتهی و هذا أعم من الکل لأنه ذکر بعد ذلک ما حاصله أن السحر علی أقسام

الأول سحر الکلدانیین

الأول سحر الکلدانیین

الذین کانوا فی قدیم الدهر و هم قوم کانوا یعبدون الکواکب و یزعمون أنها المدبرة لهذا العالم و منها تصدیر الخیرات و الشرور و السعادات و النحوسات ثم ذکر أنهم علی ثلاثة مذاهب فمنهم من یزعم أنها الواجبة لذاتها الخالقة للعالم و منهم من یزعم أنها قدیمة لقدم العلة المؤثرة فیها و منهم من یزعم أنها حادثة مخلوقة فعالة مختارة فوض خالقها أمر العالم إلیها و الساحر عند هذه الفرق من یعرف القوی الغالبة الفعالة بسائطها و مرکباتها و یعرف ما یلیق بالعالم السفلی معداتها لیعدها و عوائقها لیرفعها بحسب الطاقة البشریة فیکون من استحداث ما یخرق العادة.

الثانی سحر أصحاب الأوهام

الثانی سحر أصحاب الأوهام

و النفوس القویة.

الثالث الاستعانة بالأرواح الأرضیة

الثالث الاستعانة بالأرواح الأرضیة

و قد أنکرها بعض الفلاسفة و قال بها الأکابر منهم و هی فی أنفسها مختلفة فمنهم خیرة و هم مؤمنو الجن و شریرة و هم کفار الجن و شیاطینهم.

الرابع التخیلات الآخذة بالعیون مثل راکب السفینة

الرابع التخیلات الآخذة بالعیون مثل راکب السفینة

یتخیل نفسه ساکنا و الشط متحرکا.

الخامس الأعمال العجیبة

الخامس الأعمال العجیبة

التی تظهر من ترکیب الآلات المرکبة علی نسب الهندسة کرقاص یرقص و فارسان یقتتلان.

السادس الاستعانة بخواص الأدویة

السادس الاستعانة بخواص الأدویة

مثل أن یجعل فی الطعام بعض الأدویة المبلدة أو المزیلة للعقل أو الدخن المسکر أو عصارة البنج المجعول فی الملبس و هذا مما لا سبیل إلی إنکاره و أثر المغناطیس شاهد.

السابع تعلیق القلب

السابع تعلیق القلب

و هو أن یدعی الساحر أنه یعرف الکیمیاء و علم السیمیاء و الاسم الأعظم حتی یمیل إلیه العوام و لیس له أصل.

الثامن النمیمة

الثامن النمیمة

انتهی الملخص منه

[الإشارة إلی بعض أقسام السحر فی الروایة]

[الإشارة إلی بعض أقسام السحر فی الروایة]

و ما ذکره من وجوه السحر بعضها قد تقدم عن الإیضاح و بعضها قد ذکر فیما ذکره فی الاحتجاج من حدیث الزندیق الذی سأل أبا عبد الله ع عن مسائل کثیرة منها ما ذکره بقوله: أخبرنی عن السحر ما أصله و کیف یقدر الساحر علی ما یوصف من عجائبه و ما یفعل قال أبو عبد الله ع إن السحر علی وجوه شتی منها بمنزلة الطب کما أن الأطباء وضعوا لکل داء دواء فکذلک علماء السحر احتالوا لکل صحة آفة و لکل عافیة عاهة و لکل معنی حلیة و نوع آخر منه خطفة و سرعة و مخاریق و خفة و نوع آخر منه ما یأخذه أولیاء الشیاطین منهم قال فمن أین علم الشیاطین السحر قال من حیث علم الأطباء الطب بعضه بتجربة و بعضه بعلاج قال فما تقول فی الملکین هاروت و ماروت و ما یقول الناس إنهما یعلمان الناس السحر قال إنما هما موضع ابتلاء و موقف فتنة و تسبیحهما الیوم لو فعل الإنسان کذا و کذا لکان کذا و لو تعالج بکذا و کذا لصار کذا فیتعلمون منهما ما یخرج عنهما فیقولان لهم إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما یضرکم و لا ینفعکم قال أ فیقدر الساحر علی أن یجعل الإنسان بسحره فی صورة کلب أو حمار أو غیر ذلک قال هو أعجز من ذلک و أضعف من أن یغیر خلق الله إن من أبطل ما رکبه الله تعالی و صوره و غیره فهو شریک الله فی خلقه تعالی الله عن ذلک علوا کبیرا لو قدر الساحر علی ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم و الآفة و الأمراض و لنفی البیاض عن رأسه و الفقر عن ساحته و إن من أکبر السحر النمیمة یفرق بها بین المتحابین و یجلب العداوة بین المتصافین و یسفک بها الدماء و یهدم بها الدور و یکشف بها الستور و النمام شر من وطئ علی الأرض بقدمه فأقرب أقاویل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء فجاءه الطبیب فعالجه بغیر ذلک فأبرأه إلی آخر الحدیث. ثم لا یخفی أن الجمع بین ما ذکر فی معنی السحر فی غایة الإشکال لکن المهم بیان حکمه لا موضوعه.

المقام الثانی فی حکم الأقسام المذکورة
اشارة

المقام الثانی فی حکم الأقسام المذکورة

فنقول أما الأقسام الأربعة المتقدمة من الإیضاح فیکفی فی حرمتها مضافا إلی شهادة المحدث المجلسی رحمه الله فی البحار بدخولها فی المعنی المعروف للسحر عند أهل الشرع فتشملها الإطلاقات

[دعوی ضرورة الدین علی حرمة أربعة أقسام منه]

[دعوی ضرورة الدین علی حرمة أربعة أقسام منه]

دعوی فخر المحققین فی الإیضاح کون حرمتها من ضروریات الدین و أن مستحلها کافر و دعوی الشهیدین فی الدروس و المسالک أن مستحله یقتل فإنا و إن لم نطمئن بدعوی الإجماعات المنقولة إلا أن دعوی ضرورة الدین مما یوجب الاطمئنان بالحکم و اتفاق العلماء علیه فی جمیع الأعصار.

[ما ذکره شارح النخبة حول الطلسمات]

[ما ذکره شارح النخبة حول الطلسمات]

نعم ذکر شارح النخبة أن ما کان من الطلسمات مشتملا علی إضرار أو تمویه علی المسلمین أو استهانة بشی ء من حرمات الله کالقرآن و أبعاضه و أسماء الله الحسنی و نحو ذلک فهو حرام بلا ریب سواء عد من السحر أم لا و ما کان للأغراض کحضور الغائب و بقاء العمارة و فتح الحصون للمسلمین و نحوه فمقتضی الأصل جوازه و یحکی عن بعض الأصحاب و ربما یستندون فی بعضها إلی أمیر المؤمنین ع و السند غیر واضح و ألحق فی الدروس تحریم عمل الطلسمات بالسحر و وجهه غیر واضح انتهی. و لا وجه أوضح من دعوی الضرورة من فخر المحققین و الشهیدین قدس سرهما

[حرمة السحر المضر بالنفس المحترمة]

[حرمة السحر المضر بالنفس المحترمة]

و أما غیر تلک الأربعة فإن کان مما یضر بالنفس المحترمة فلا إشکال أیضا فی حرمته و یکفی فی الضرر صرف نفس المسحور عن الجریان علی مقتضی إرادته فمثل

المکاسب، ج 1، ص 34

إحداث حب مفرط فی الشخص یعد سحرا. روی الصدوق فی الفقیه فی باب عقاب المرأة علی أن تسحر زوجها بسنده عن السکونی عن جعفر بن محمد عن أبیه عن آبائه ع قال: قال رسول الله ص لامرأة سألته أن لی زوجا و به غلظة علی و إنی صنعت شیئا لأعطفه علی أف لک کدرت البحار و کدرت الطین و لعنتک الملائکة الأخیار و ملائکة السماوات و الأرض قال فصامت المرأة نهارها و قامت لیلها و حلقت رأسها و لبست المسوح فبلغ ذلک النبی ص فقال إن ذلک لا یقبل منها بناء علی أن الظاهر من قولها صنعت شیئا المعالجة بشی ء غیر الأدعیة و الصلوات و نحوها و لذا فهم الصدوق منها السحر و لم یذکر فی عنوان سحر المرأة غیر هذه الروایة.

[الظاهر جواز ما لا یضر مع الشک فی صدق اسم السحر علیه]

[الظاهر جواز ما لا یضر مع الشک فی صدق اسم السحر علیه]

و أما ما لا یضر فإن قصد به دفع ضرر السحر أو غیره من المضار الدنیویة أو الأخرویة فالظاهر جوازه مع الشک فی صدق اسم السحر علیه للأصل بل فحوی ما سیجی ء من جواز دفع الضرر بما علم کونه سحرا و إلا فلا دلیل علی تحریمه إلا أن یدخل فی اللهو أو الشعوذة.

نعم لو صح سند روایة الاحتجاج صح الحکم بحرمة جمیع ما تضمنته

نعم لو صح سند روایة الاحتجاج صح الحکم بحرمة جمیع ما تضمنته

و کذا لو عمل بشهادة من تقدم کالفاضل المقداد و المحدث المجلسی رحمهما الله بکون جمیع ما تقدم من الأقسام داخلا فی السحر اتجه الحکم بدخولها تحت إطلاقات المنع عن السحر لکن الظاهر استناد شهادتهم إلی الاجتهاد مع معارضته بما تقدم من الفخر من إخراج علمی الخواص و الحیل من السحر.

و ما تقدم من تخصیص صاحب المسالک و غیره السحر بما یحدث ضررا بل عرفت تخصیص العلامة له بما یؤثر فی بدن المسحور أو قلبه أو عقله فهذه شهادة من هؤلاء علی عدم عموم لفظ السحر لجمیع ما تقدم من الأقسام. و تقدیم شهادة الإثبات لا یجری فی هذا الموضع لأن الظاهر استناد المثبتین إلی الاستعمال و النافین إلی الاطلاع علی کون الاستعمال مجازا للمناسبة

و الأحوط الاجتناب عن جمیع ما تقدم من الأقسام

و الأحوط الاجتناب عن جمیع ما تقدم من الأقسام

فی البحار بل لعله لا یخلو عن قوة لقوة الظن من خبر الاحتجاج و غیره

بقی الکلام فی جواز دفع ضرر السحر بالسحر
اشارة

بقی الکلام فی جواز دفع ضرر السحر بالسحر

و یمکن أن یستدل له مضافا إلی الأصل بعد دعوی انصراف الأدلة إلی غیر ما قصد به غرض راجح شرعا بالأخبار

[الأخبار الواردة فی جواز دفع ضرر السحر بالسحر]
اشارة

[الأخبار الواردة فی جواز دفع ضرر السحر بالسحر]

منها ما تقدم فی خبر الاحتجاج و منها ما فی الکافی عن القمی عن أبیه عن شیخ من أصحابنا الکوفیین قال: دخل عیسی بن سقفی علی أبی عبد الله ع قال جعلت فداک إنا رجل کانت صناعتی السحر و کنت آخذ علیه الأجر و کان معاشی و قد حججت منه و قد من الله علی بلقائک و قد تبت إلی الله عز و جل من ذلک فهل لی فی شی ء من ذلک مخرج فقال له أبو عبد الله ع حل و لا تعقد. و کان الصدوق رحمه الله فی العلل أشار إلی هذه الروایة حیث قال روی أن توبة الساحر أن یحل و لا یعقد و ظاهر المقابلة بین الحل و العقد فی الجواز و العدم کون کل منهما بالسحر فحمل الحل علی ما کان بغیر السحر من الدعاء و الآیات و نحوهما کما عن بعض لا یخلو عن بعد.

[ما ورد فی قصة هاروت و ماروت]

[ما ورد فی قصة هاروت و ماروت]

و منها ما عن العسکری عن آبائه ع: فی قوله تعالی وَ ما أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَکَیْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ قال کان بعد نوح قد کثرت السحرة و الموهون فبعث الله ملکین إلی نبی ذلک الزمان یذکر ما یسحر به السحرة و یذکر ما یبطل به سحرهم و یرد به کیدهم فتلقاه النبی عن الملکین و أداه إلی عباد الله بأمر الله و أمرهم أن یقضوا به علی السحر و أن یبطلوه و نهاهم أن یسحروا به الناس و هذا کما یقال إن السم ما هو و إن ما یدفع به غائلة السم ما هو ثم یقال للمتعلم هذا السم فمن رأیته سم فادفع غائلته بهذا و لا تقتل بالسم إلی أن قال و ما یعلمان من أحد ذلک السحر و إبطاله حتی یقولا للمتعلم إنما نحن فتنة و امتحان للعباد لیطیعوا الله فیما یتعلمون من هذا و یبطل به کید السحرة و لا تسحروهم فلا تکفر باستعمال هذا السحر و طلب الإضرار و دعاء الناس إلی أن یعتقدوا أنک تحیی و تمیت و تفعل ما لا یقدر علیه إلا الله عز و جل فإن ذلک کفر إلی أن قال وَ یَتَعَلَّمُونَ ما یَضُرُّهُمْ وَ لا یَنْفَعُهُمْ لأنهم إذا تعلموا ذلک السحر لیسحروا به و یضروا به فقد تعملوا ما یضر بدینهم و لا ینفعهم إلی آخر الحدیث و فی روایة محمد بن الجهم عن مولانا الرضا ع فی حدیث قال: أما هاروت و ماروت فکانا ملکین علما الناس السحر لیحترزوا به عن سحر السحرة فیبطلوا به کیدهم و ما علما أحدا من ذلک شیئا حتی قالا إنما نحن فتنة فلا تکفر فکفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز عنه و جعلوا یفرقون بما تعلموه بین المرء و زوجه قال الله تعالی وَ ما هُمْ بِضارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ یعنی بعلمه.

هذا کله مضافا إلی أن ظاهر أخبار الساحر إرادة من یخشی ضرره کما اعترف به بعض الأساطین و استقرب لذلک جواز الحل به بعد أن نسبه إلی کثیر من أصحابنا.

[منع جمع من الأعلام من حل السحر بالسحر]

[منع جمع من الأعلام من حل السحر بالسحر]

لکنه مع ذلک کله فقد منع العلامة فی غیر واحد من کتبه و الشهید رحمه الله فی الدروس و الفاضل المیسی و الشهید الثانی من حل السحر به و لعلهم حملوا ما دل علی الجواز مع اعتبار سنده علی حالة الضرورة و انحصار سبب الحل فیه لا مجرد دفع الضرر مع إمکانه بغیره من الأدعیة و التعویذات و لذا ذهب جماعة منهم الشهیدان و المیسی و غیرهم إلی جواز تعلمه لیتوقی به من السحر و یدفع به دعوی المتنبی. و ربما حملت أخبار الجواز الحاکیة لقصة هاروت و ماروت علی جواز ذلک فی الشریعة السابقة و فیه نظر.

ثم الظاهر أن التسخیرات بأقسامها داخلة فی السحر

ثم الظاهر أن التسخیرات بأقسامها داخلة فی السحر

علی جمیع تعاریفه و قد عرفت أن الشهیدین مع أخذ الإضرار فی تعریف السحر ذکرا أن استخدام الملائکة و الجن من السحر و لعل وجه دخوله تضرر المسخر بتسخیره. و أما سائر التعاریف فالظاهر شمولها لها و ظاهر عبارة الإیضاح أیضا دخول هذه فی معقد دعواه الضرورة علی التحریم لأن الظاهر دخولها فی الأقسام و العزائم و النفث و یدخل فی ذلک تسخیر الحیوانات- من الهوام و السباع و الوحوش و غیر ذلک خصوصا الإنسان.

و عمل السیمیاء ملحق بالسحر اسما أو حکما

و عمل السیمیاء ملحق بالسحر اسما أو حکما

و قد صرح بحرمته الشهید فی الدروس و المراد به علی ما قیل إحداث خیالات لا وجود لها فی الحس یوجب تأثیرا فی شی ء آخر

الشعوذة

الحادیة عشرة الشعوذة و هی حرام بلا خلاف
[تعریف الشعوذة]

و هی الحرکة السریعة بحیث یوجب علی الحس الانتقال من الشی ء إلی شبهه کما تری النار المتحرکة علی الاستدارة دائرة متصلة لعدم إدراک السکونات المتخللة بین الحرکات.

[أدلة الحرمة]

و یدل علی الحرمة بعد الإجماع مضافا إلی أنه من الباطل و اللهو دخوله فی السحر فی الروایة المتقدمة عن الاحتجاج المنجبر وهنها بالإجماع المحکی. و فی بعض التعاریف المتقدمة للسحر ما یشملها

الغش

الثانیة عشرة الغش حرام بلا خلاف
[الروایات الدالة علی الحرمة]

و الأخبار به متواترة نذکر بعضها متیمنا فعن النبی ص بأسانید متعددة: لیس من المسلمین من غشهم

المکاسب، ج 1، ص 35

و فی روایة العیون بأسانید قال رسول الله ص: لیس منا من غش مسلما أو ضره أو ماکره و فی عقاب الأعمال عن النبی ص: من غش مسلما فی بیع أو شراء فلیس منا و یحشر مع الیهود یوم القیامة لأنه من غش الناس فلیس بمسلم إلی أن قال و من غشنا فلیس منا قالها ثلاثا و من غش أخاه المسلم نزع الله برکة رزقه و أفسد علیه معیشته و وکله إلی نفسه و فی مرسلة هشام عن أبی عبد الله ع: أنه قال لرجل یبیع الدقیق إیاک و الغش فإن من غش غش فی ماله فإن لم یکن له مال غش فی أهله و فی روایة سعد الإسکاف عن أبی جعفر ع قال: مر النبی ص فی سوق المدینة بطعام فقال لصاحبه ما أری طعامک إلا طیبا فأوحی الله إلیه أن یدس یده فی الطعام ففعل فأخرج طعاما ردیا فقال لصاحبه ما أراک إلا و قد جمعت خیانة و غشا للمسلمین و روایة موسی بن بکر عن أبی الحسن ع: أنه أخذ دینارا من الدنانیر المصبوبة بین یدیه فقطعها نصفین ثم قال ألقه فی البالوعة حتی لا یباع بشی ء فیه غش و قوله فیه غش جملة ابتدائیة و الضمیر فی لا یباع راجع إلی الدینار. و فی روایة هشام بن الحکم قال: کنت أبیع السابری فی الظلال فمر بی أبو الحسن فقال لی یا هشام إن البیع فی الظلال غش و الغش لا یحل و فی روایة الحلبی قال: سألت أبا عبد الله ع عن الرجل یشتری طعاما فیکون أحسن له و اتفق له أن یبله من غیر أن یلتمس زیادته فقال إن کان بیعا لا یصلحه إلا ذلک و لا ینفقه غیره من غیر أن یلتمس فیه زیادة فلا بأس و إن کان إنما یغش به المسلمین فلا یصلح و روایته الأخری قال: سألت أبا عبد الله ع عن الرجل یکون عنده لونان من الطعام سعرهما شتی و أحدهما أجود من الآخر و یخلطهما جمیعا ثم یبیعهما بسعر واحد فقال لا یصلح له أن یغش المسلمین حتی یبینه و روایة داود بن سرحان قال: کان معی جرابان من مسک أحدهما رطب و الآخر یابس فبدأت بالرطب فبعته ثم أخذت الیابس أبیعه فإذا أنا لا أعطی بالیابس الثمن الذی یسوی و لا یزیدونی علی ثمن الرطب فسألت أبا عبد الله ع عن ذلک أ یصلح لی أن أندیه قال لا إلا أن تعلمهم قال فندیته ثم أعلمتهم قال لا بأس.

ثم إن ظاهر الأخبار هو کون الغش بما یخفی

کمزج اللبن بالماء و خلط الجید بالردی ء فی مثل الدهن و منه وضع الحریر فی مکان بارد لیکتسب ثقلا و نحو ذلک

و أما المزج و الخلط بما لا یخفی فلا یحرم

لعدم انصراف الغش إلیه.

و یدل علیه مضافا إلی بعض الأخبار المتقدمة صحیحة ابن مسلم عن أحدهما ع: أنه سئل عن الطعام یخلط بعضه ببعض و بعضه أجود من بعض قال إذا رؤیا جمیعا فلا بأس ما لم یغط الجید الردی ء. و مقتضی هذه الروایة بل روایة الحلبی الثانیة و روایة سعد الإسکاف أنه لا یشترط فی حرمة الغش کونه مما لا یعرف إلا من قبل البائع فیجب الإعلام بالعیب غیر الخفی إلا أن تنزیل الحرمة فی موارد الروایات الثلاث علی ما إذا تعمد الغش برجاء التلبیس علی المشتری و عدم التفطن له و إن کان من شأن ذلک العیب أن یتفطن له فلا تدل الروایات علی وجوب الإعلام إذا کان العیب من شأنه التفطن له فقصر المشتری و سامح فی الملاحظة

[وجوب الإعلام بالعیب الخفی لو حصل الغش]

ثم إن غش المسلم إنما هو بیع المغشوش علیه مع جهله فلا فرق بین کون الاغتشاش بفعله أو بغیره فلو حصل اتفاقا أو لغرض وجب الإعلام بالعیب الخفی و یمکن أن یمنع صدق الأخبار المذکورة إلا علی ما إذا قصد التلبیس و أما ما هو ملتبس فی نفسه فلا یجب علیه الإعلام. نعم یحرم علیه إظهار ما یدل علی سلامته من ذلک فالعبرة فی الحرمة بقصد تلبیس الأمر علی المشتری سواء أ کان العیب خفیا أم جلیا کما تقدم لا بکتمان العیب مطلقا أو خصوص الخفی و إن لم یقصد التلبیس و من هنا منع فی التذکرة من کون بیع المعیب مطلقا مع عدم الإعلام بالعیب غشا. و فی التفصیل المذکور فی روایة الحلبی إشارة إلی هذا المعنی حیث إنه ع جوز بل الطعام بدون قید الإعلام إذا لم یقصد به الزیادة و إن حصلت به و حرمه مع قصد الغش. نعم یمکن أن یقال فی صورة تعیب المبیع بخروجه عن مقتضی خلقته الأصلیة بعیب خفی أو جلی أن التزام البائع بسلامته عن العیب مع علمه به غش للمشتری کما لو صرح باشتراط السلامة فإن العرف یحکمون علی البائع بهذا الشرط مع علمه بالعیب أنه غاش

[أقسام الغش]

ثم إن الغش یکون بإخفاء الأدنی فی الأعلی کمزج الجید بالردی ء أو غیر المراد فی المراد کإدخال الماء فی اللبن أو بإظهار الصفة الجیدة المفقودة واقعا و هو التدلیس أو بإظهار الشی ء علی خلاف جنسه کبیع المموه علی أنه ذهب أو فضة

[ما أفاده المحقق الثانی فی صحة المعاملة و فسادها]

ثم إن فی جامع المقاصد ذکر فی الغش بما یخفی- بعد تمثیله له بمزج اللبن بالماء وجهین فی صحة المعاملة و فسادها من حیث إن المحرم هو الغش و المبیع عین مملوکة ینتفع بها و من أن المقصود بالبیع هو اللبن و الجاری علیه العقد هو المشوب. ثم قال و فی الذکری فی باب الجماعة ما حاصله إنه لو نوی الاقتداء بإمام معین علی أنه زید فبان عمرا إن فی الحکم نظرا و مثله ما لو قال بعتک هذا الفرس فإذا هو حمار و جعل منشأ التردد تغلیب الإشارة أو الوصف انتهی.

[نقد ما ذکره المحقق الثانی]

و ما ذکره من وجهی الصحة و الفساد جار فی مطلق العیب لأن المقصود هو الصحیح و الجاری علیه العقد هو المعیب و جعله من باب تعارض الإشارة و الوصف مبنی علی إرادة الصحیح من عنوان المبیع فیکون قوله بعتک هذا العبد بعد تبین کونه أعمی بمنزلة قوله بعتک هذا البصیر. و أنت خبیر بأنه لیس الأمر کذلک کما سیجی ء فی باب العیب بل وصف الصحة ملحوظ علی وجه الشرطیة و عدم کونه مقوما للمبیع کما یشهد به العرف و الشرع. ثم لو فرض کون المراد من عنوان المشار إلیه هو الصحیح لم یکن إشکال فی تقدیم العنوان علی الإشارة بعد ما فرض رحمه الله أن المقصود بالبیع هو اللبن و الجاری علیه العقد هو المشوب لأن ما قصد لم یقع و ما وقع لم یقصد و لذا اتفقوا علی بطلان الصرف فیما إذا تبین أحد العوضین معیبا من غیر الجنس. و أما التردد فی مسألة تعارض الإشارة و العنوان فهو من جهة اشتباه ما هو المقصود بالذات بحسب الدلالة اللفظیة فإنها مرددة بین کون متعلق القصد أولا و بالذات هو العین الحاضرة و یکون اتصافه بالعنوان مبنیا علی الاعتقاد و کون متعلقة هو العنوان و الإشارة إلیه باعتبار حضوره. أما علی تقدیر العلم بما هو المقصود بالذات و مغایرته للموجود الخارجی کما فیما نحن فیه فلا یتردد أحد فی البطلان.

[توجیه ما عن الذکری فی مسألة الاقتداء]

و أما وجه تشبیه مسألة الاقتداء فی الذکری بما یتعارض فیه الإشارة و الوصف فی الکلام مع عدم الإجمال فی النیة فباعتبار عروض الاشتباه

المکاسب، ج 1، ص 36

للناوی بعد ذلک فیما نواه إذ کثیرا ما یشتبه علی الناوی أنه خطر فی ذهنه العنوان و نوی الاقتداء به معتقدا لحضوره المعتبر فی إمام الجماعة فیکون الإمام هو المعنون بذلک العنوان و إنما أشار إلیه معتقدا لحضوره أو أنه نوی الاقتداء بالحاضر و عنونه بذلک العنوان لإحراز معرفته بالعدالة أو تعنون به بمقتضی الاعتقاد من دون اختیار هذا.

[الاستدلال علی فساد بیع المغشوش بورود النهی عنه]

ثم إنه قد یستدل علی الفساد- کما نسب إلی المحقق الأردبیلی رحمه الله بورود النهی عن هذا البیع فیکون المغشوش منهیا عن بیعه کما أشیر إلیه فی روایة قطع الدینار و الأمر بإلقائه فی البالوعة معللا بقوله حتی لا یباع بشی ء و لأن نفس البیع غش منهی عنه

[المناقشة فی هذا الاستدلال]

و فیه نظر فإن النهی عن البیع لکونه مصداقا لمحرم هو الغش لا یوجب فساده کما تقدم فی بیع العنب علی من یعمله خمرا. و أما النهی عن بیع المغشوش لنفسه فلم یوجد فی خبر و أما خبر الدینار فلو عمل به لخرجت المسألة عن مسألة الغش لأنه إذا وجب إتلاف الدینار و إلقاؤه فی البالوعة کان داخلا فیما یکون المقصود منه حراما نظیر آلات اللهو و القمار و قد ذکرنا ذلک فیما یحرم الاکتساب به لکون المقصود منه محرما فیحمل الدینار علی المضروب من غیر جنس النقدین أو من غیر الخالص منهما لأجل التلبیس علی الناس و معلوم أن مثله بهیئته لا یقصد منه إلا التلبیس فهی آلة الفساد لکل من دفعت إلیه و أین هو من اللبن الممزوج بالماء و شبهه.

فالأقوی حینئذ فی المسألة صحة البیع فی غیر القسم الرابع

ثم العمل علی ما تقتضیه القاعدة عند تبین الغش فإن کان قد غش فی إظهار وصف مفقود کان فیه خیار التدلیس و إن کان من قبیل شوب اللبن بالماء فالظاهر هنا خیار العیب لعدم خروجه بالمزج عن مسمی اللبن فهو لبن معیوب و إن کان من قبیل التراب الکثیر فی الحنطة کان له حکم تبعض الصفقة و ینقص من الثمن بمقدار التراب الزائد لأنه غیر متمول و لو کان شیئا متمولا بطل البیع فی مقابله

الغناء

الثالثة عشرة الغناء لا خلاف فی حرمته فی الجملة
[الأخبار المستفیضة الدالة علی الحرمة]

و الأخبار بها مستفیضة و ادعی فی الإیضاح تواترها منها ما ورد مستفیضا فی تفسیر قول الزور فی قوله تعالی وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ففی صحیحة زید الشحام و مرسلة ابن أبی عمیر و موثقة أبی بصیر المرویات عن الکافی و روایة عبد الأعلی المحکیة عن معانی الأخبار و حسنة هشام المحکیة عن تفسیر القمی رحمه الله تفسیر قَوْلَ الزُّورِ بالغناء. و منها ما ورد مستفیضا فی تفسیر لهو الحدیث کما فی صحیحة ابن مسلم و روایة مهران بن محمد و روایة الوشاء و روایة حسن بن هارون و روایة عبد الأعلی السابقة. و منها ما ورد فی تفسیر الزور فی قوله تعالی وَ الَّذِینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ کما فی صحیحة ابن مسلم عن أبی عبد الله ع تارة بلا واسطة و أخری بواسطة أبی الصباح الکنانی.

[المناقشة فی دلالة الروایات علی حرمة الکیفیة]

و قد یخدش فی الاستدلال بهذه الروایات بظهور الطائفة الأولی بل الثانیة فی أن الغناء من مقولة الکلام لتفسیر قول الزور به. و یؤیده ما فی بعض الأخبار من أن قول الزور أن تقول للذی یغنی أحسنت و یشهد له قول علی بن الحسین ع فی مرسلة الفقیه الآتیة: فی الجاریة التی لها صوت لا بأس لو اشتریتها فذکرتک الجنة یعنی بقراءة القرآن و الزهد و الفضائل التی لیست بغناء و لو جعل التفسیر من الصدوق دل علی الاستعمال أیضا. و کذا لهو الحدیث بناء علی أنه من إضافة الصفة إلی الموصوف فیختص الغناء المحرم بما کان مشتملا علی الکلام الباطل فلا تدل علی حرمة نفس الکیفیة و هو لم یکن فی کلام باطل و منه تظهر الخدشة فی الطائفة الثالثة حیث إن مشاهد الزور التی مدح الله تعالی من لا یشهدها هی مجالس التغنی بالأباطیل من الکلام

[إشعار بعض النصوص بکون اللهو علی إطلاقه مبغوضا لله تعالی]

فالإنصاف أنها لا تدل علی حرمة نفس الکیفیة إلا من حیث إشعار لهو الحدیث بکون لهو الحدیث علی إطلاقه مبغوضا لله تعالی. و کذا الزور بمعنی الباطل و إن تحققا فی کیفیة الکلام لا فی نفسه کما إذا تغنی فی کلام حق من قرآن أو دعاء أو مرثیة. و بالجملة فکل صوت یعد فی نفسه مع قطع النظر عن الکلام المتصوت به لهوا و باطلا فهو حرام

[الروایات الدالة علی حرمة الغناء من حیث کونه لهوا و باطلا و لغوا]

و مما یدل علی حرمة الغناء من حیث کونه لهوا و باطلا و لغوا روایة عبد الأعلی و فیها ابن فضال قال: سألت أبا عبد الله ع عن الغناء و قلت إنهم یزعمون أن رسول الله ص رخص فی أن یقال جئناکم جئناکم حیونا حیونا نحیکم فقال کذبوا إن الله تعالی یقول ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما لاعِبِینَ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ کُنَّا فاعِلِینَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَی الْباطِلِ فَیَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَ لَکُمُ الْوَیْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ثم قال قال ویل لفلان مما یصف رجل لم یحضر المجلس إلی آخر الخبر. فإن الکلام المذکور المرخص فیه بزعمهم لیس بالباطل و اللهو اللذین یکذب الإمام ع رخصة النبی ص فیه فلیس الإنکار الشدید و جعل ما زعموا الرخصة فیه من اللهو بالباطل إلا من جهة التغنی به. و روایة یونس قال: سألت الخراسانی ص عن الغناء و قلت إن العباسی زعم أنک ترخص فی الغناء فقال کذب الزندیق ما هکذا قلت له سألنی عن الغناء فقلت له إن رجلا أتی أبا جعفر ع فسأله عن الغناء فقال له یا فلان إذا میز الله بین الحق و الباطل فأین یکون الغناء قال مع الباطل فقال ع حسبک فقد حکمت و روایة محمد بن أبی عباد و کان مستهترا بالسماع و بشرب النبیذ قال: سألت الرضا ع عن السماع قال لأهل الحجاز فیه رأی و هو فی حیز الباطل و اللهو أ ما سمعت الله عز و جل یقول وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا کِراماً. و الغناء من السماع کما نص علیه فی الصحاح و قال أیضا جاریة مسمعة أی مغنیة. و فی روایة الأعمش الواردة فی تعداد الکبائر قوله: و الملاهی التی تصد عن ذکر الله کالغناء و ضرب الأوتار و قوله ع: و قد سئل عن الجاریة المغنیة قد یکون للرجل جاریة تلهیه و ما ثمنها إلا کثمن الکلب. و ظاهر هذه الأخبار بأسرها حرمة الغناء من حیث اللهو و الباطل فالغناء و هی من مقولة الکیفیة للأصوات کما سیجی ء إن کان مساویا للصوت اللهوی و الباطل کما هو الأقوی و سیجی ء فهو و إن کان أعم وجب تقیید بما کان من هذا العنوان کما أنه لو کان أخص وجب التعدی منه إلی مطلق الصوت الخارج علی وجه اللهو.

[المحرم ما کان من لحون أهل الفسوق و المعاصی]

و بالجملة فالمحرم هو ما کان من لحون أهل الفسوق و المعاصی التی ورد النهی عن قراءة القرآن بها سواء أ کان مساویا للغناء أم أعم أو أخص مع أن الظاهر أنه لیس الغناء إلا هو

[کلمات اللغویین فی معنی الغناء]

و إن اختلفت فیه عبارات الفقهاء و اللغویین فعن المصباح أن الغناء الصوت و عن آخر أنه مد الصوت و عن النهایة عن الشافعی أنه تحسین الصوت و ترقیقه و عنها أیضا أن کل من رفع صوتا و والاه فصوته عند العرب غناء. و کل هذه المفاهیم مما یعلم عدم حرمتها و عدم صدق الغناء علیها فکلها إشارة إلی المفهوم المعین عرفا

[تعریف المشهور للغناء]

و الأحسن

المکاسب، ج 1، ص 37

من الکل ما تقدم من الصحاح و یقرب منه المحکی عن المشهور بین الفقهاء من أنه مد الصوت المشتمل علی الترجیع المطرب

[معنی الطرب]

و الطرب علی ما فی الصحاح خفة تعتری الإنسان لشدة حزن أو سرور و عن الأساس للزمخشری خفة لسرور أو هم. و هذا القید هو المدخل للصوت فی أفراد اللهو و هو الذی أراده الشاعر بقوله أ طربا و أنت قنسری أی شیخ کبیر و إلا فمجرد السرور أو الحزن لا یبعد عن الشیخ الکبیر.

[مجرد مد الصوت لا مع الترجیع المطرب لا یعد لهوا]

و بالجملة فمجرد مد الصوت لا مع الترجیع المطرب أو و لو مع الترجیع لا یوجب کونه لهوا و من اکتفی بذکر الترجیع کالقواعد أراد به المقتضی للإطراب.

قال فی جامع المقاصد فی الشرح لیس مجرد مد الصوت محرما و إن مالت إلیه النفوس ما لم ینته إلی حد یکون مطربا بالترجیع المقتضی للإطراب انتهی.

[هل المراد بالمطرب کونه مطربا فعلا]

ثم إن المراد بالمطرب ما کان مطربا فی الجملة بالنسبة إلی المغنی أو المستمع أو ما کان من شأنه الإطراب و مقتضیا له لو لم یمنع عنه مانع من جهة قبح الصوت أو غیره. و أما لو اعتبر الإطراب فعلا خصوصا بالنسبة إلی کل أحد و خصوصا بمعنی الخفة لشدة السرور أو الحزن فیشکل لخلو أکثر ما هو غناء عرفا عنه و کان هذا هو الذی دعا الشهید الثانی إلی أن زاد فی الروضة و المسالک بعد تعریف المشهور قوله أو ما یسمی فی العرف غناء و تبعه فی مجمع الفائدة و غیره.

[ما زعمه صاحب مفتاح الکرامة من أن الإطراب غیر الطرب]

و لعل هذا أیضا دعا صاحب مفتاح الکرامة إلی زعم أن الإطراب فی تعریف الغناء غیر الطرب المفسر فی الصحاح بخفة لشدة سرور أو حزن و إن توهمه صاحب مجمع البحرین و غیره من أصحابنا. و استشهد علی ذلک بما فی الصحاح من أن التطریب فی الصوت مدة و تحسینه. و ما عن المصباح من أن طرب فی صوته مدة و رجعة. و فی القاموس الغناء ککساء من الصوت ما طرب به و أن التطریب الإطراب کالتطرب و التغنی. قال رحمه الله فتحصل من ذلک أن المراد بالتطریب و الإطراب غیر الطرب بمعنی الخفة لشدة حزن أو سرور کما توهمه صاحب مجمع البحرین و غیره من أصحابنا فکأنه قال فی القاموس الغناء من الصوت ما مد و حسن و رجع فانطبق علی المشهور إذ الترجیع تقارب ضروب حرکات الصوت و النفس فکان لازما للإطراب و التطریب انتهی کلامه.

[نقد ما أفاده فی مفتاح الکرامة]

و فیه أن الطرب إذا کان معناه علی ما تقدم من الجوهری و الزمخشری هو ما یحصل للإنسان من الخفة لا جرم یکون المراد بالإطراب و التطریب إیجاد هذه الحالة و إلا لزم الاشتراک اللفظی به مع أنهم لم یذکروا للطرب معنی آخر لیشتق منه لفظ التطریب و الإطراب. مضافا إلی أن ما ذکر فی معنی التطریب من الصحاح و المصباح إنما هو للفعل القائم بذی الصوت لا الإطراب القائم بالصوت و هو المأخوذ فی تعریف الغناء عند المشهور دون فعل الشخص فیمکن أن یکون معنی تطریب الشخص فی صوته إیجاد سبب الطرب بمعنی الخفة بمد الصوت و تحسینه و ترجیعه کما أن تفریح الشخص إیجاد سبب الفرح بفعل ما یوجبه فلا ینافی ذلک ما ذکر ما معنی الطرب. و کذا ما فی القاموس من قوله ما طرب به یعنی ما أوجد به الطرب

مع أنه لا مجال لتوهم کون التطریب بمادته بمعنی التحسین و الترجیع

إذ لم یتوهم أحد کون الطرب بمعنی الحسن و الرجوع أو کون التطریب هو نفس المد فلیست هذه الأمور إلا أسبابا للطرب یراد إیجاده من فعل هذه الأسباب. هذا کله مضافا إلی عدم إمکان إرادة ما ذکر من المد و التحسین و الترجیع من المطرب فی قول الأکثر إن الغناء مد الصوت المشتمل علی الترجیع المطرب کما لا یخفی مع أن مجرد المد و الترجیع و التحسین لا یوجب الحرمة قطعا لما مر و سیجی ء فتبین من جمیع ما ذکرنا أن المتعین حمل المطرب فی تعریف الأکثر للغناء علی الطرب بمعنی الخفة. و توجیه کلامهم بإرادة ما یقتضی الطرب و یعرض له بحسب وضع نوع ذلک الترجیع و إن لم یطرب شخصه لمانع من غلظة الصوت و مج الإسماع له. و لقد أجاد فی الصحاح حیث فسر الغناء بالسماع و هو المعروف عند أهل العرف و قد تقدم فی روایة محمد بن أبی عباد المستهتر بالسماع.

[المتحصل من الأدلة حرمة الصوت المرجع فیه علی سبیل اللهو]

و کیف کان فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فیه علی سبیل اللهو فإن اللهو کما یکون بآلة من غیر صوت کضرب الأوتار و نحوه و بالصوت فی الآلة کالمزمار و القصب و نحوهما فقد یکون بالصوت المجرد فکل صوت یکون لهوا بکیفیة و معدودا من ألحان أهل الفسوق و المعاصی فهو حرام و إن فرض أنه لیس بغناء و کل ما لا یعد لهوا فلیس بحرام و إن فرض صدق الغناء علیه فرضا غیر محقق لعدم الدلیل علی حرمة الغناء إلا من حیث کونه باطلا و لهوا و لغوا و زورا

ثم إن اللهو یتحقق بأمرین

أحدهما قصد التلهی و إن لم یکن لهوا الثانی کونه لهوا فی نفسه عند المستمعین و إن لم یقصد به التلهی

ثم إن المرجع فی اللهو إلی العرف

و الحاکم بتحققه هو الوجدان حیث یجد الصوت المذکور مناسبا لبعض آلات اللهو و الرقص و لحضور ما یستلذ القوی الشهویة من کون المغنی جاریة أو أمرد أو نحو ذلک و مراتب الوجدان المذکور مختلفة فی الوضوح و الخفاء فقد یحس بعض الترجیع من مبادی الغناء و لم یبلغه.

و ظهر مما ذکرنا أنه لا فرق بین استعمال هذه الکیفیة فی کلام حق أو باطل

فقراءة القرآن و الدعاء و المراثی بصوت یرجع فیه علی سبیل اللهو لا إشکال فی حرمتها و لا فی تضاعف عقابها لکونها معصیة فی مقام الطاعة و استخفافا بالمقرو و المدعو و المرثی. و من أوضح تسویلات الشیطان أن الرجل المتستر- قد تدعوه نفسه لأجل التفرج و التنزه و التلذذ إلی ما یوجب نشاطه و رفع الکسالة عنه من الزمزمة الملهیة فیجعل ذلک فی بیت من الشعر المنظوم فی الحکم و المراثی و نحوها فیتغنی به أو یحضر عند من یفعل ذلک. و ربما یعد مجلسا لأجل إحضار أصحاب الألحان و یسمیه مجلس المرثیة فیحصل له بذلک ما لا یحصل له من ضرب الأوتار من النشاط و الانبساط. و ربما یبکی فی خلال ذلک- لأجل الهموم المرکوزة فی قلبه الغائبة عن خاطره من فقد ما یستحضره القوی الشهویة و یتخیل أنه بکی فی المرثیة و فاز بالمرتبة العالیة و قد أشرف علی النزول إلی درکات الهاویة فلا ملجأ إلا إلی الله من شر الشیطان و النفس الغاویة.

[عروض بعض الشبهات فی الحکم أو الموضوع]
اشارة

[عروض بعض الشبهات فی الحکم أو الموضوع]

و ربما یجری علی هذا عروض الشبهة فی الأزمنة المتأخرة فی هذه المسألة فتارة من حیث أصل الحکم و أخری من حیث الموضوع و ثالثة من اختصاص الحکم ببعض الموضوع.

[الأول الشبهة فی أصل الحکم]
[کلام الکاشانی فی جواز الغناء فی نفسه]
اشارة

أما الأول فلأنه حکی عن المحدث الکاشانی- أنه خص الحرام منه بما اشتمل علی محرم من خارج مثل اللعب بآلات اللهو و دخول الرجال علی النساء و الکلام بالباطل و إلا فهو فی نفسه غیر محرم. و المحکی من کلامه فی الوافی أنه بعد حکایة الأخبار التی یأتی بعضها قال الذی یظهر من مجموع الأخبار الواردة فیه اختصاص حرمة الغناء و ما یتعلق به من الأجر و التعلیم و الاستماع و البیع و الشراء کلها بما کان علی النحو المعهود المتعارف فی زمن الخلفاء [بنی أمیة و بنی العباس] من دخول الرجال علیهن و تکلمهن بالأباطیل

المکاسب، ج 1، ص 38

و لعبهن بالملاهی من العیدان و القصب و غیرهما دون ما سوی ذلک من أنواعه کما یشعر به قوله ع لیست بالتی یدخل علیها الرجال إلی أن قال و علی هذا فلا بأس بسماع التغنی بالأشعار المتضمنة لذکر الجنة و النار و التشویق إلی دار القرار و وصف نعم الله الملک الجبار و ذکر العبادات و الترغیب فی الخیرات و الزهد فی الفانیات و نحو ذلک کما أشیر إلیه فی حدیث الفقیه بقوله فذکرتک الجنة و ذلک لأن هذا کله ذکر الله و ربما تقشعر منه جلود الذین یخشون ربهم ثم تلین جلودهم و قلوبهم إلی ذکر الله.

و بالجملة فلا یخفی علی أهل الحجی بعد سماع هذه الأخبار تمییز حق الغناء عن باطله و أن أکثر ما یتغنی به المتصوفة فی محافلهم من قبیل الباطل انتهی.

[نقد ما أفاده المحدث الکاشانی]

[نقد ما أفاده المحدث الکاشانی]

أقول لو لا استشهاده بقوله لیست بالتی یدخل علیها الرجال أمکن بلا تکلف تطبیق کلامه علی ما ذکرناه من أن المحرم هو الصوت اللهوی الذی یناسبه اللعب بالملاهی و التکلم بالأباطیل و دخول الرجال علی النساء لحظ السمع و البصر من شهوة الزنی دون مجرد الصوت الحسن الذی یذکر أمور الآخرة و ینسی شهوات الدنیا. إلا أن استشهاده بالروایة لیست بالتی یدخل علیها الرجال ظاهر فی التفصیل بین أفراد الغناء لا من حیث نفسه فإن صوت المغنیة التی تزف العرائس علی سبیل اللهو لا محالة و لذا لو قلنا بإباحته فیما یأتی کنا قد خصصناه بالدلیل

[نسبة ما قاله المحدث الکاشانی إلی صاحب الکفایة]

و نسب القول المذکور إلی صاحب الکفایة أیضا. و الموجود فیها بعد ذکر الأخبار المتخالفة جوازا و منعا فی القرآن و غیره

[کلام صاحب الکفایة فی الجمع بین الأخبار]
اشارة

أن الجمع بین هذه الأخبار یمکن بوجهین أحدهما تخصیص تلک الأخبار الواردة المانعة بما عدا القرآن و حمل ما یدل علی ذم التغنی بالقرآن علی قراءة تکون علی سبیل اللهو کما یصنعه الفساق فی غنائهم و یؤیده روایة عبد الله بن سنان المذکورة: اقرءوا القرآن بألحان العرب و إیاکم و لحون أهل الفسوق و الکبائر و سیجی ء من بعدی أقوام یرجعون القرآن ترجیع الغناء. و ثانیهما أن یقال و حاصل ما قال حمل الأخبار المانعة علی الفرد الشائع فی ذلک الزمان قال و الشائع فی ذلک الزمان الغناء علی سبیل اللهو من الجواری و غیرهن فی مجالس الفجور و الخمور و العمل بالملاهی و التکلم بالباطل و إسماعهن الرجال فحمل المفرد المعرف یعنی لفظ الغناء علی تلک الأفراد الشائعة فی ذلک الزمان غیر بعید. ثم ذکر روایة علی بن جعفر الآتیة و روایة اقرءوا القرآن المتقدمة و قوله لیست بالتی یدخل علیها الرجال مؤیدا لهذا الحمل قال إن فیه إشعارا بأن منشأ المنع فی الغناء هو بعض الأمور المحرمة المقترنة به کالالتهاء و غیره إلی أن قال إن فی عدة من أخبار المنع عن الغناء إشعارا بکونه لهوا باطلا و صدق ذلک فی القرآن و الدعوات و الأذکار المقروة بالأصوات الطیبة المذکرة للجنة المهیجة للشوق إلی العالم الأعلی محل تأمل علی أن التعارض واقع بین أخبار الغناء و الأخبار الکثیرة المتواترة الدالة علی فضل قراءة القرآن و الأدعیة و الأذکار بالصوت الحسن مع عمومها لغة و کثرتها و موافقتها للأصل. و النسبة بین الموضوعین عموم من وجه فإذا لا ریب فی تحریم الغناء علی سبیل اللهو و الاقتران بالملاهی و نحوهما ثم إن ثبت إجماع فی غیره و إلا بقی حکمه علی الإباحة و طریق الاحتیاط واضح انتهی

[نقد ما أفاده صاحب الکفایة]

أقول لا یخفی أن الغناء علی ما استفدناه من الأخبار بل و فتاوی الأصحاب و قول أهل اللغة هو من الملاهی نظیر ضرب الأوتار و النفخ فی القصب و المزمار و قد تقدم التصریح بذلک فی روایة الأعمش الواردة فی الکبائر فلا یحتاج فی حرمته إلی أن یقترن بالمحرمات الأخر کما هو ظاهر بعض ما تقدم من المحدثین المذکورین.

[المظنون عدم إفتاء أحد بحرمة الصوت الحسن]

نعم لو فرض کون الغناء موضوعا لمطلق الصوت الحسن کما یظهر من بعض ما تقدم فی تفسیر معنی التطریب توجه ما ذکر بل لا أظن أحدا یفتی بإطلاق حرمة الصوت الحسن. و الأخبار بمدح الصوت الحسن و أنه من أجمل الجمال و استحباب القراءة و الدعاء به و أنه حلیة القرآن و اتصاف الأنبیاء و الأئمة به فی غایة الکثرة

[الأخبار فی مدح الصوت الحسن فی غایة الکثرة]

و قد جمعها فی الکفایة بعد ما ذکر أن غیر واحد من الأخبار یدل علی جواز الغناء فی القرآن بل استحبابه بناء علی دلالة الروایات علی استحباب حسن الصوت و التحزین و الترجیع به و الظاهر أن شیئا منها لا یوجد بدون الغناء علی ما استفید من کلام أهل اللغة و غیرهم علی ما فصلناه فی بعض رسائلنا انتهی و قد صرح فی شرح قوله ص: اقرءوا القرآن بألحان العرب إن اللحن هو الغناء. و بالجملة فنسبة الخلاف إلیه فی معنی الغناء أولی من نسبة التفصیل إلیه بل ظاهر أکثر کلمات المحدث الکاشانی أیضا ذلک لأنه فی مقام نفی التحریم عن الصوت الحسن المذکر لأمور الآخرة المنسی لشهوات الدنیا.

[ظهور بعض کلمات المحقق السبزواری و المحدث الکاشانی فی ما نسب إلیهما]

نعم بعض کلماتهما ظاهرة فیما نسب إلیهما التفصیل فی الصوت اللهوی الذی لیس هو عند التأمل تفصیلا بل قول بإطلاق جواز الغناء و أنه لا حرمة فیه أصلا و إنما الحرام ما یقترن به من المحرمات فهو علی تقدیر صدق نسبته إلیهما فی غایة الضعف لا شاهد له یقید الإطلاقات الکثیرة المدعی تواترها إلا بعض الروایات التی ذکراها

[بعض الروایات التی یمکن أن تکون شاهدة لما نسب إلیهما]
اشارة

منها ما عن الحمیری بسند لم یبعد فی الکفایة إلحاقه بالصحاح عن علی بن جعفر عن أخیه ع قال: سألته عن الغناء فی الفطر و الأضحی و الفرح قال لا بأس به ما لم یعص به و المراد به ظاهرا ما لم یصر الغناء سببا للمعصیة و لا مقدمة للمعاصی المقارنة له و منها ما فی کتاب علی بن جعفر عن أخیه قال: سألته عن الغناء هل یصلح فی الفطر و الأضحی و الفرح قال لا بأس ما لم یزمر به و الظاهر أن المراد بقوله ما لم یزمر به ما لم یلعب معه بالمزمار أو ما لم یکن الغناء بالمزمار و نحوه من آلات الأغانی. و روایة أبی بصیر قال: سألت أبا عبد الله ع عن کسب المغنیات فقال التی یدخل علیها الرجال حرام و التی تدعی إلی الأعراس لا بأس به و هو قول الله عز و جل وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَشْتَرِی لَهْوَ الْحَدِیثِ لِیُضِلَّ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ و عن أبی بصیر عن أبی عبد الله ع قال: أجر المغنیة التی تزف العرائس لبس به بأس لیست بالتی یدخل علیها الرجال فإن ظاهر الثانیة و صریح الأولی أن حرمة الغناء منوطة بما یقصد منه فإن کان المقصود إقامة مجلس اللهو حرم و إلا فلا. و قوله فی الروایة و هو قول الله إشارة إلی ما ذکره من التفصیل و یظهر منه أن کلا الغناءین من لهو الحدیث لکن یقصد بأحدهما إدخال الناس فی المعاصی و الإخراج عن سبیل الحق و طریق الطاعة دون الآخر.

[توجیه الروایات]

و أنت خبیر بعدم مقاومة هذه الأخبار للإطلاقات لعدم ظهور یعتد به فی دلالتها فإن الروایة الأولی لعلی بن جعفر

المکاسب، ج 1، ص 39

ظاهرة فی تحقق المعصیة بنفس الغناء فیکون المراد بالغناء مطلق الصوت المشتمل علی الترجیع و هو قد یکون مطربا ملهیا فیحرم و قد لا ینتهی إلی ذلک الحد فلا یعصی به و منه یظهر توجیه الروایة الثانیة لعلی بن جعفر ع فإن معنی قوله لم یزمر به لم یرجع فیه ترجیع المزمار أو أن المراد من الزمر التغنی علی سبیل اللهو. و أما روایة أبی بصیر مع ضعفها سندا بعلی بن أبی حمزة البطائنی فلا تدل إلا علی کون غناء المغنیة التی یدخل علیها الرجال داخلا فی لهو الحدیث فی الآیة و عدم دخول غناء التی تدعی إلی الأعراس فیه و هذا لا یدل علی دخول ما لم یکن منهما فی القسم المباح مع کونه من لهو الحدیث قطعا فإذا فرضنا أن المغنی یغنی بإشعار باطلة فدخول هذا فی الآیة أقرب من خروجه. و بالجملة فالمذکور فی الروایة تقسیم غناء المغنیة باعتبار ما هو الغالب من أنها تطلب للتغنی إما فی المجالس المختصة بالنساء کما فی الأعراس و إما للتغنی فی مجالس الرجال.

[عدم رفع الید عن إطلاق الحرمة لأجل إشعار بعض الروایات بالجواز]

نعم الإنصاف أنه لا یخلو من إشعار بکون المحرم هو الذی یدخل فیه الرجال علی المغنیات لکن المنصف لا یرفع الید عن الإطلاقات لأجل هذا الإشعار خصوصا مع معارضته بما هو کالصریح فی حرمة غناء المغنیة و لو لخصوص مولاها کما تقدم من قوله ع: قد یکون للرجل الجاریة تلهیه و ما ثمنها إلا ثمن الکلب فتأمل. و بالجملة فضعف هذا القول بعد ملاحظة النصوص أظهر من أن یحتاج إلی الإظهار و ما أبعد ما بین هذا و بین ما سیجی ء من فخر الدین من عدم تجویز الغناء فی الأعراس لأن الروایتین و إن کانتا نصین فی الجواز إلا أنهما لا تقاومان الأخبار المانعة لتواترها. و أما ما ذکره فی الکفایة من تعارض أخبار المنع للأخبار الواردة فی فضل قراءة القرآن فیظهر فساده عند التکلم فی التفصیل

و أما الثانی و هو الاشتباه فی الموضوع

فهو ما ظهر من بعض من لا خبرة له من طلبة زماننا تقلیدا لمن سبقه من أعیاننا من منع صدق الغناء فی المراثی و هو عجیب فإنه إن أراد أن الغناء مما یکون لمواد الألفاظ دخل فیه فهو تکذیب للعرف و اللغة. أما اللغة فقد عرفت و أما العرف فلأنه لا ریب فی أن من سمع من بعید صوتا مشتملا علی الإطراب المقتضی للرقص أو ضرب آلات اللهو لا یتأمل فی إطلاق الغناء علیه إلی أن یعلم مواد الألفاظ و إن أراد أن الکیفیة التی یقرأ بها للمرثیة لا یصدق علیها تعریف الغناء فهو تکذیب للحسن.

و أما الثالث و هو اختصاص الحرمة ببعض أفراد الموضوع
اشارة

فقد حکی فی جامع المقاصد قولا لم یسم قائله باستثناء الغناء فی المراثی نظیر استثنائه فی الأعراس و لم یذکر وجهه و ربما وجهه بعض من متأخری المتأخرین لعمومات أدلة الإبکاء و الرثاء و قد أخذ ذلک مما تقدم عن صاحب الکفایة من الاستدلال بإطلاق أدلة قراءة القرآن.

[المناقشة فیه أن أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات]

و فیه أن أدلة المستحبات لا تقاوم أدلة المحرمات خصوصا التی تکون من مقدماتها فإن مرجع أدلة الاستحباب- إلی استحباب إیجاد الشی ء بسببه المباح لا بسببه المحرم أ لا تری أنه لا یجوز إدخال السرور فی قلب المؤمن و إجابته بالمحرمات کالزنا و اللواط و الغناء و السر فی ذلک أن دلیل الاستحباب إنما یدل علی کون الفعل لو خلی و طبعه خالیا عما یوجب لزوم أحد طرفیه فلا ینافی ذلک طرو عنوان من الخارج یوجب لزوم فعله أو ترکه کما إذا صار مقدمة لواجب أو صادفه عنوان محرم فأجابه المؤمن و إدخال السرور فی قلبه لیس فی نفسه شی ء ملزما لفعله أو ترکه فإذا تحقق فی ضمن الزنی فقد طرأ علیه عنوان ملزم لترکه کما أنه إذا أمر به الوالد أو السید طرأ علیه عنوان ملزم لفعله. و الحاصل أن جهات الأحکام الثلاثة أعنی الإباحة و الاستحباب و الکراهة لا تزاحم جهة الوجوب أو الحرمة فالحکم لهما مع اجتماع جهتیهما مع إحدی الجهات الثلاث.

[الاستشهاد بالنبوی]

و یشهد لما ذکرنا من عدم تأدی المستحبات فی ضمن المحرمات قوله ص: اقرءوا القرآن بألحان العرب و إیاکم و لحون أهل الفسوق و الکبائر و سیجی ء بعدی أقوام یرجعون القرآن ترجیع الغناء و النوح و الرهبانیة لا یجوز تراقیهم قلوبهم مقلوبة و قلوب من یعجبه شأنهم قال فی الصحاح اللحن واحد الألحان و اللحون و منه الحدیث اقرءوا القرآن بلحون العرب و قد لحن فی قراءته إذا طرب بها و غرد و هو ألحن الناس إذا کان أحسنهم قراءة أو غناء انتهی.

[ما أفاده صاحب الحدائق حول کلمة اللحن]

و صاحب الحدائق جعل اللحن فی هذا الخبر بمعنی اللغة أی بلغة العرب و کأنه أراد باللغة اللهجة و تخیل أن إبقاءه علی معناه یوجب ظهور الخبر فی جواز الغناء فی القرآن.

[المناقشة فی ما أفاده صاحب الحدائق]

و فیه ما تقدم من أن مطلق اللحن إذا لم یکن علی سبیل اللهو لیس غناء. و قوله ص و إیاکم و لحون أهل الفسوق نهی عن الغناء فی القرآن ثم إن فی قوله لا یجوز تراقیهم إشارة إلی أن مقصودهم لیس تدبر معانی القرآن بل هو مجرد الصوت المطرب.

[لا منافاة بین حرمة الغناء فی القرآن و بین ما روی فی الترجیع بالقرآن]

و ظهر مما ذکرنا أنه لا تنافی بین حرمة الغناء فی القرآن و ما ورد من قوله ع: و رجع بالقرآن صوتک فإن الله یحب الصوت الحسن فإن المراد بالترجیع تردید الصوت فی الحلق و من المعلوم أن مجرد ذلک لا یکون غناء إذا لم یکن علی سبیل اللهو فالمقصود من الأمر بالترجیع أن لا یقرأ کقراءة عبائر الکتب عند المقابلة لکن مجرد الترجیع لا یکون غناء و لذا جعله نوعا منه فی قوله ص یرجعون القرآن ترجیع الغناء. و فی محکی شمس العلوم أن الترجیع تردید الصوت مثل ترجیع أهل الألحان و القراءة و الغناء انتهی. و بالجملة فلا تنافی بین الخبرین و لا بینهما و بین ما دل علی حرمة الغناء حتی فی القرآن کما تقدم زعمه من صاحب الکفایة فی بعض ما ذکره من عدم اللهو فی قراءة القرآن و غیره

[ما ذکره المحقق الأردبیلی فی تأیید استثناء المراثی و المناقشة فیه]

تبعا لما ذکره المحقق الأردبیلی رحمه الله حیث إنه بعد ما وجه استثناء المراثی و غیرها من الغناء بأنه ما ثبت الإجماع إلا فی غیرها. و الأخبار لیست بصحیحة صریحة فی التحریم مطلقا أید استثناء المراثی بأن البکاء و التفجع مطلوب مرغوب و فیه ثواب عظیم و الغناء معین علی ذلک و أنه متعارف دائما فی بلاد المسلمین من زمن المشایخ إلی زماننا هذا من غیر نکیر ثم أیده بجواز النیاحة و جواز أخذ الأجرة علیها و الظاهر أنها لا تکون إلا معه و بأن تحریم الغناء للطرب علی الظاهر و لیس فی المراثی طرب بل لیس إلا الحزن انتهی. و أنت خبیر بأن شیئا مما ذکره لا ینفع فی جواز الغناء علی الوجه الذی ذکرناه

[منع کون الغناء معینا علی البکاء]

أما کون الغناء معینا علی البکاء و التفجع فهو ممنوع بناء علی ما عرفت من کون الغناء هو الصوت اللهوی بل و علی ظاهر تعریف المشهور من الترجیع المطرب لأن الطرب الحاصل منه إن کان سرورا فهو مناف للتفجیع لا معین له و إن کان حزنا فهو علی ما هو المرکوز فی النفس الحیوانیة من فقد

المکاسب، ج 1، ص 40

المشتهیات النفسانیة لا علی ما أصاب سادات الزمان مع أنه علی تقدیر الإعانة لا ینفع فی جواز الشی ء کونه مقدمة لمستحب أو مباح بل لا بد من ملاحظة عموم دلیل الحرمة له فإن کان فهو و إلا فیحکم بإباحته للأصل و علی أی حال فلا یجوز التمسک فی الإباحة بکونه مقدمة لغیر حرام لما عرفت

[توجیه کلام الأردبیلی فی نفیه الطرب فی المراثی]

ثم إنه یظهر من هذا و ما ذکر أخیرا من أن المراثی لیس فیها طرب أن نظره إلی المراثی المتعارفة لأهل الدیانة التی لا یقصدونها إلا للتفجع و کأنه لم یحدث فی عصره المراثی التی یکتفی بها أهل اللهو و المترفون من الرجال و النساء بها عن حضور مجالس اللهو و ضرب العود و الأوتار و التغنی بالقصب و المزمار کما هو الشائع فی زماننا الذی قد أخبر النبی ص بنظیره فی قوله یتخذون القرآن مزامیر کما أن زیارة سیدنا و مولانا أبی عبد الله ع صار سفرها من أسفار اللهو و النزاهة لکثیر من المترفین. و قد أخبر النبی ص بنظیره فی سفر الحج: و أنه یحج أغنیاء أمتی للنزهة و الأوساط للتجارة و الفقراء للسمعة و کان کلامه ص کالکتاب العزیز واردا فی مورد و جاریا فی نظیره. و الذی أظن أن ما ذکرناه فی معنی الغناء المحرم من أنه الصوت اللهوی أن هؤلاء و غیرهم غیر مخالفین فیه و أما ما لم یکن علی جهة اللهو المناسب لسائر آلاته فلا دلیل علی تحریمه لو فرض شمول الغناء له لأن مطلقات الغناء منزلة علی ما دل علی إناطة الحکم فیه باللهو و الباطل من الأخبار المتقدمة خصوصا مع انصرافها فی أنفسها کأخبار المغنیة إلی هذا الفرد.

بقی الکلام فیما استثناه المشهور
اشارة

و هو أمران

أحدهما الحداء

بالضم کدعاء صوت یرجع فیه للسیر بالإبل. و فی الکفایة أن المشهور استثناؤه و قد صرح بذلک فی شهادات الشرائع و القواعد و فی الدروس و علی تقدیر کونه من الأصوات اللهویة کما یشهد به استثناؤهم إیاه عن الغناء بعد أخذهم الإطراب فی تعریفه فلم أجد ما یصلح لاستثنائه مع تواتر الأخبار بالتحریم عدا روایة نبویة ذکرها فی المسالک من تقریر النبی ص لعبد الله بن رواحة حیث حدا للإبل و کان حسن الصوت و فی دلالته و سنده ما لا یخفی.

الثانی غناء المغنیة فی الأعراس

إذا لم یکتنف بها محرم آخر من التکلم بالأباطیل و اللعب بآلات الملاهی المحرمة و دخول الرجال علی النساء و المشهور استثناؤه للخبرین المتقدمین عن أبی بصیر فی أجر المغنیة التی تزف العرائس و نحوهما ثالث عنه أیضا. و إباحة الأجر لازمة لإباحة الفعل و دعوی أن الأجر لمجرد الزف لا للغناء عنده مخالفة للظاهر لکن فی سند الروایات أبو بصیر و هو غیر صحیح و الشهرة علی وجه یوجب الانجبار غیر ثابتة لأن المحکی عن المفید رحمه الله و المرتضی و ظاهر الحلبی و صریح الحلی و التذکرة و الإیضاح بل کل من لم یذکر الاستثناء بعد التعمیم المنع. لکن الإنصاف أن سند الروایات و إن انتهت إلی أبی بصیر إلا أنه لا یخلو من وثوق فالعمل بها تبعا للأکثر غیر بعید و إن کان الأحوط کما فی الدروس الترک و الله العالم

الغیبة

الرابعة عشرة الغیبة حرام بالأدلة الأربعة
و یدل علیه من الکتاب

قوله تعالی وَ لا یَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً أَ یُحِبُّ أَحَدُکُمْ أَنْ یَأْکُلَ لَحْمَ أَخِیهِ مَیْتاً فَکَرِهْتُمُوهُ فجعل المؤمن أخا و عرضه کلحمه و التفکه به أکلا و عدم شعوره بذلک بمنزلة حالة موته.

و قوله تعالی وَیْلٌ لِکُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ و قوله تعالی لا یُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ و قوله تعالی إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ.

و یدل علیه من الأخبار

ما لا یحصی فمنها ما روی عن النبی ص بعده طرق: أن الغیبة أشد من الزنی و إن الرجل یزنی فیتوب و یتوب الله علیه و إن صاحب الغیبة لا یغفر له حتی یغفر له صاحبه و عنه ص: أنه خطب یوما فذکر الربا و عظم شأنه فقال إن الدرهم یصیبه الرجل من الربا أعظم من ستة و ثلاثین زنیة و إن أربی الربا عرض الرجل المسلم و عنه ص: من اغتاب مسلما أو مسلمة لم یقبل الله صلاته و لا صیامه أربعین صباحا إلا أن یغفر له صاحبه و عنه ص: من اغتاب مؤمنا بما فیه لم یجمع الله بینهما فی الجنة و من اغتاب مؤمنا بما لیس فیه انقطعت العصمة بینهما و کان المغتاب خالدا فی النار و بئس المصیر و عنه ع: کذب من زعم أنه ولد من حلال و هو یأکل لحوم الناس بالغیبة فاجتنب الغیبة فإنها إدام کلاب النار و عنه ع: من مشی فی غیبة أخیه و کشف عورته کانت أول خطوة خطاها وضعها فی جهنم و روی: أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من یدخل الجنة و إن لم یتب فهو أول من یدخل النار و عنه ص: إن الغیبة حرام علی کل مسلم و إن الغیبة لتأکل الحسنات کما تأکل النار الحطب و أکل الحسنات إما أن یکون علی وجه الإحباط أو لاضمحلال ثوابها فی جنب عقابه أو لأنها تنقل الحسنات إلی المغتاب کما فی غیر واحد من الأخبار. و منها النبوی ص: یؤتی بأحد یوم القیامة فیوقف بین یدی الرب عز و جل و یدفع إلیه کتابه فلا یری حسناته فیه فیقول إلهی لیس هذا کتابی لا أری فیه حسناتی فیقال له إن ربک لا یضل و لا ینسی ذهب عملک باغتیاب الناس ثم یؤتی بآخر و یدفع إلیه کتابه فیری فیه طاعات کثیرة فیقول إلهی ما هذا کتابی فإنی ما عملت هذه الطاعات فیقال له إن فلانا اغتابک فدفعت حسناته إلیک الخبر و منها ما ذکره کاشف الریبة رحمه الله روایة عن عبد الله بن سلیمان النوفلی الطویلة عن الصادق ع و فیها عن النبی ص: أدنی الکفر أن یسمع الرجل من أخیه کلمة فیحفظها علیه یرید أن یفضحه بها أولئک لا خلاق لهم و حدثنی أبی عن آبائه عن علی ع أنه: من قال فی مؤمن ما رأته عیناه و سمعت أذناه مما یشینه و یهدم مروته فهو من الذین قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ.

ثم إن ظاهر هذه الأخبار کون الغیبة من الکبائر

کما ذکر جماعة بل أشد من بعضها- و عد فی غیر واحد من الأخبار من الکبائر الخیانة و یمکن إرجاع الغیبة إلیها فأی خیانة أعظم من التفکه بلحم الأخ علی غفلة منه و عدم شعوره بذلک. و کیف کان فما سمعناه من بعض من عاصرناه من الوسوسة فی عدها من الکبائر إظهار فی غیر المحل

ثم إن ظاهر الأخبار اختصاص حرمة الغیبة بالمؤمن

فیجوز اغتیاب المخالف کما یجوز لعنه و توهم عموم الآیة کبعض الروایات لمطلق المسلم مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم و عدم جریان أحکام الإسلام علیهم إلا قلیلا مما یتوقف استقامة نظم معاش المؤمنین علیه مثل عدم انفعال ما یلاقیهم بالرطوبة و حل ذبائحهم و مناکحتهم

المکاسب، ج 1، ص 41

و حرمة دمائهم لحکمة دفع الفتنة و نسائهم لأن لکل قوم نکاحا و نحو ذلک مع أن التمثیل المذکور فی الآیة مختص بمن ثبت إخوته فلا یعم من وجب التبری عنه و کیف کان فلا إشکال فی المسألة بعد ملاحظة الروایات الواردة فی الغیبة و فی حکمه حرمتها و فی حال غیر المؤمن فی نظر الشارع.

ثم الظاهر دخول الصبی الممیز المتأثر بالغیبة لو سمعها

لعموم بعض الروایات المتقدمة و غیرها الدالة علی حرمة اغتیاب الناس و أکل لحومهم مع صدق الأخ علیه کما یشهد به قوله تعالی وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُکُمْ فی الدین مضافا إلی إمکان الاستدلال بالآیة و إن کان الخطاب للمکلفین بناء علی عد أطفالهم منهم تغلیبا و إمکان دعوی صدق المؤمن علیه مطلقا أو فی الجملة و لعله لما ذکرنا صرح فی کشف الریبة بعدم الفرق بین الصغیر و الکبیر و ظاهره الشمول لغیر الممیز أیضا

و منه یظهر حکم المجنون

إلا أنه صرح بعض الأساطین باستثناء من لا عقل له و لا تمییز معللا بالشک فی دخوله تحت أدلة الحرمة و لعله من جهة أن الإطلاقات منصرفة إلی من یتأثر لو سمع و سیتضح ذلک زیادة علی ذلک.

بقی الکلام فی أمور
الأول [حقیقة] الغیبة
اشارة

اسم مصدر لاغتاب أو مصدر لغاب ففی المصباح اغتابه إذا ذکره بما یکرهه من العیوب و هو حق و الاسم الغیبة و عن القاموس غابه أی عابه و ذکره بما فیه من السوء و عن النهایة أن یذکر الإنسان فی غیبته بسوء مما یکون فیه. و الظاهر من الکل خصوصا القاموس المفسر لها أولا بالعیب أن المراد ذکره فی مقام الانتقاص و المراد بالموصول هو نفس النقص الذی فیه و الظاهر من الکراهة فی عبارة المصباح کراهة وجوده و لکنه غیر مقصود قطعا فالمراد إما کراهة ظهوره و لو لم یکره وجوده کالمیل إلی القبائح و إما کراهة ذکره بذلک العیب. و علی هذا التعریف دلت جملة من الأخبار مثل: قوله ع و قد سأله أبو ذر عن الغیبة أنها ذکرک أخاک بما یکرهه و فی نبوی آخر قال ص: أ تدرون ما الغیبة قالوا الله و رسوله أعلم قال ذکرکم أخاکم بما یکرهه

[ما قاله فی جامع المقاصد فی حقیقة الغیبة]

و لذا قال فی جامع المقاصد إن حد الغیبة علی ما فی الأخبار أن تقول فی أخیک ما یکرهه لو سمعه مما هو فیه. و المراد بما یکرهه کما تقدم فی عبارة المصنف ما یکرهه ظهوره سواء کره وجوده کالبرص و الجذام أم لا کالمیل إلی القبائح و یحتمل أن یراد بالموصول نفس الکلام الذی یذکر الشخص به و یکون کراهته إما لکونه إظهارا للعیب و إما لکونه صادرا علی جهة المذمة و الاستخفاف و الاستهزاء و إن لم یکن العیب مما یکره إظهاره لکونه ظاهرا بنفسه و إما لکونه مشعرا بالذم و إن لم یقصد المتکلم الذم به کالألقاب المشعرة بالذم قال فی الصحاح الغیبة أن یتکلم خلف إنسان مستور بما یغمه لو سمعه. و ظاهره التکلم بکلام یغمه لو سمعه

بل فی کلام بعض من قارب عصرنا

أن الإجماع و الأخبار متطابقان علی أن حقیقة الغیبة أن یذکر الغیر بما یکره لو سمعه سواء أ کان بنقص فی نفسه أو بدنه أو دینه أو دنیاه أو فیما یتعلق به من الأشیاء و ظاهره أیضا إرادة الکلام المکروه.

و قال الشهید الثانی فی کشف الریبة

أن الغیبة ذکر الإنسان فی حال غیبته بما یکره نسبته إلیه مما یعد نقصا فی العرف بقصد الانتقاص و الذم و یخرج علی هذا التعریف ما إذا ذکر الشخص بصفات ظاهرة یکون وجودها نقصا مع عدم قصد انتقاصه بذلک مع أنه داخل فی التعریف عند الشهید أیضا حیث عد من الغیبة ذکر بعض الأشخاص بالصفات المعروف بها کالأعمش و الأعور و نحوهما. و کذلک ذکر عیوب الجاریة التی یراد شراؤها إذا لم یقصد من ذکرها إلا بیان الواقع و غیر ذلک مما ذکره هو و غیره من المستثنیات و دعوی أن قصد الانتقاص یحصل بمجرد بیان النقائص موجبة لاستدراک ذکره بعد قوله مما یعد نقصا.

[أولی التعاریف بملاحظة الأخبار و کلمات الأصحاب]

و الأولی بملاحظة ما تقدم من الأخبار و کلمات الأصحاب بناء علی إرجاع الکراهة إلی الکلام المذکور به لا إلی الوصف ما تقدم من أن الغیبة أن یذکر الإنسان بکلام یسوؤه إما بإظهار عیبه المستور و إن لم یقصد انتقاصه و إما بانتقاصه بعیب غیر مستور إما بقصد التکلم أو بکون الکلام بنفسه منقصا له کما إذا اتصف الشخص بالألقاب المشعرة بالذم. نعم لو أرجعت الکراهة إلی الوصف الذی یسند إلی الإنسان تعین إرادة کراهة ظهورها فیختص بالقسم الأول و هو ما کان إظهارا لأمر مستور.

و یؤید هذا الاحتمال بل یعینه الأخبار المستفیضة الدالة علی اعتبار کون المقول مستورا غیر منکشف

مثل قوله ع فیما رواه العیاشی بسنده عن ابن سنان: الغیبة أن تقول فی أخیک ما فیه مما قد ستره الله علیه و روایة داود بن سرحان المرویة فی الکافی قال: سألت أبا عبد الله ع عن الغیبة قال هو أن تقول لأخیک فی دینه ما لم یفعل و تبث علیه أمر قد ستره الله تعالی علیه لم یقم علیه فیه حد و روایة أبان عن رجل لا یعلمه إلا یحیی الأزرق قال: قال لی أبو الحسن ع من ذکر رجلا من خلفه بما هو فیه مما عرفه الناس لم یغتبه و من ذکره من خلفه بما هو فیه مما لا یعرفه الناس فقد اغتابه و من ذکره بما لیس فیه فقد بهته و حسنة عبد الرحمن بن سیابة بابن هاشم قال قال سمعت أبا عبد الله ع یقول: الغیبة أن تقول فی أخیک ما ستره الله علیه و أما الأمر الظاهر فیه مثل الحدة و العجلة فلا و البهتان أن تقول فیه ما لیس فیه و هذه الأخبار کما تری صریحة فی اعتبار کون الشی ء غیر منکشف. و یؤید ذلک ما فی الصحاح من أن الغیبة أن یتکلم خلف إنسان مستور بما یغمه لو سمعه فإن کان صدقا سمی غیبة و إن کان کذبا سمی بهتانا فإن أراد من المستور من حیث ذلک المقول وافق الأخبار و إن أراد مقابل المتجاهر احتمل الموافقة و المخالفة.

و الملخص من مجموع ما ورد فی المقام أن الشی ء المقول إن لم یکن نقصا

فلا یکون ذکر الشخص حینئذ غیبة و إن اعتقد المقول فیه کونه نقصا علیه نظیر ما إذا نفی عنه الاجتهاد و لیس ممن یکون ذلک نقصا فی حقه إلا أنه معتقد باجتهاد نفسه. نعم قد یحرم هذا من وجه آخر

و إن کان نقصا شرعا أو عرفا بحسب حال المغتاب

فإن کان مخفیا للسامع بحیث یستنکف عن ظهوره للناس و أراد القائل تنقیص المغتاب به فهو المتیقن من أفراد الغیبة و إن لم یرد القائل التنقیص فالظاهر حرمته لکونه کشفا لعورة المؤمن و قد تقدم الخبر من مشی فی غیبة أخیه و کشف عورته. و فی صحیحة ابن سنان عن أبی عبد الله ع قال: قلت عورة المؤمن علی المؤمن حرام قال نعم قلت تعنی سفلتیه قال لیس حیث تذهب إنما هی إذاعة سره و فی روایة محمد بن فضل عن أبی الحسن ع: و لا

المکاسب، ج 1، ص 42

تذیعن علیه شیئا تشینه به و تهدم به مروته فتکون من الذین قال الله عز و جل فی کتابه إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ و لا یقید إطلاق النهی بصورة قصد الشین و الهدم من جهة الاستشهاد بآیة حب شیاع الفاحشة بل الظاهر أن المراد مجرد فعل ما یوجب شیاعها مع أنه لا فائدة کثیرة فی التنبیه علی دخول القاصد لإشاعة الفاحشة فی عموم الآیة و إنما یحسن التنبیه علی أن قاصد السبب قاصد للمسبب و إن لم یقصده بعنوانه.

[إذاعة ما یوجب مهانة المؤمن هل هی غیبة أم لا]

و کیف کان فلا إشکال من حیث النقل و العقل فی حرمة إذاعة ما یوجب مهانة المؤمن و سقوطه عن أعین الناس فی الجملة. و إنما الکلام فی أنها غیبة أم لا مقتضی الأخبار المتقدمة بأسرها ذلک خصوصا المستفیضة الأخیرة فإن التفصیل فیها بین الظاهر و الخفی إنما یکون مع عدم قصد القائل المذمة و الانتقاص و أما مع قصده فلا فرق بینهما فی الحرمة و المنفی فی تلک الأخبار و إن کان تحقق موضوع الغیبة دون الحکم بالحرمة إلا أن ظاهر سیاقها نفی الحرمة فیما عداها أیضا لکن مقتضی ظاهر التعریف المتقدم عن کشف الریبة عدمه لأنه اعتبر قصد الانتقاص و الذم إلا أن یراد اعتبار ذلک فیما یقع علی وجهین دون ما لا یقع إلا علی وجه واحد فإن قصد ما لا ینفک عن الانتقاص قصد له

و إن کان المقول نقصا ظاهرا للسامع

فإن لم یقصد القائل الذم و لم یکن الوصف من الأوصاف المشعرة بالذم نظیر الألقاب المشعرة به فالظاهر أنه خارج عن الغیبة لعدم حصول کراهة للمقول فیه لا من حیث الإظهار و لا من حیث ذم المتکلم و لا من حیث الإشعار و إن کان من الأوصاف المشعرة بالذم أو قصد المتکلم التعییر و المذمة لوجوده فلا إشکال فی حرمة الثانی بل و کذا الأول لعموم ما دل علی حرمة إیذاء المؤمن و إهانته- و حرمة التنابز بالألقاب و حرمة تعییر المؤمن علی صدور معصیة منه فضلا عن غیرها. ففی عدة من الأخبار: من عیر مؤمنا علی معصیة لم یمت حتی یرتکبه و إنما الکلام فی کونهما من الغیبة فإن ظاهر المستفیضة المتقدمة عدم کونهما منها. و ظاهر ما عداها من الأخبار المتقدمة بناء علی إرجاع الکراهة فیها إلی کراهة الکلام الذی یذکر به الغیر و کذلک کلام أهل اللغة عدا الصحاح علی بعض احتمالاته کونهما غیبة. و العمل بالمستفیضة لا یخلو عن قوة و إن کان ظاهر الأکثر خلافه فیکون ذکر الشخص بالعیوب الظاهرة التی لا یفید السامع اطلاعا لم یعلمه و لا یعلمه عادة من غیر خبر مخبر لیس غیبة- فلا یحرم إلا إذا ثبتت الحرمة من حیث المذمة و التعییر أو من جهة کون نفس الاتصاف بتلک الصفة مما یستنکفه المغتاب و لو باعتبار بعض التعبیرات فیحرم من جهة الإیذاء و الاستخفاف و الذم و التعییر.

[عدم الفرق فی النقص بین أن یکون فی بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دینه أو دنیاه]

ثم الظاهر المصرح به فی بعض الروایات- عدم الفرق فی ذلک علی ما صرح به غیر واحد بین ما کان نقصانا فی بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دینه أو دنیاه حتی فی ثوبه أو داره أو دابته أو غیر ذلک. و قد روی عن مولانا الصادق ع الإشارة إلی ذلک بقوله: وجوه الغیبة تقع بذکر عیب فی الخلق و الفعل و المعاملة و المذهب و الجهل و أشباهه

[ما أفاده بعض فی بیان وجوه النقص]

قیل أما البدن فکذکرک فیه العمش و الحول و العور و القرع و القصر و الطول و السواد و الصفرة و جمیع ما یتصور أن یوصف به مما یکرهه. و أما النسب فبأن تقول أبوه فاسق أو خبیث أو خسیس أو إسکاف أو حائک أو نحو ذلک مما یکره. و أما الخلق فبأن تقول إنه سیئ الخلق بخیل مراء متکبر شدید الغضب جبان ضعیف القلب و نحو ذلک. و أما فی أفعاله المتعلقة بالدین فکقولک إنه سارق کذاب شارب خائن ظالم متهاون بالصلاة لا یحسن الرکوع و السجود و لا یجتنب من النجاسات لیس بارا بوالدیه لا یحرس نفسه من الغیبة و التعرض لإعراض الناس. و أما أفعاله المتعلقة بالدنیا فکقولک إنه قلیل الأدب متهاون بالناس لا یری لأحد علیه حقا کثیر الکلام کثیر الأکل نئوم یجلس فی غیر موضعه. و أما فی ثوبه فکقولک إنه واسع الکم طویل الذیل وسخ الثیاب و نحو ذلک.

[حرمة الاغتیاب بغیر اللسان من الفعل و الإشارة]

ثم إن ظاهر النص و إن کان منصرفا إلی الذکر باللسان لکن المراد حقیقة الذکر فهو مقابل الإغفال فکل ما یوجب التذکر للشخص من القول و الفعل و الإشارة و غیرها فهو ذکر له و من ذلک المبالغة فی تهجین المطلب الذی ذکره بعض المصنفین بحیث یفهم منها الإزراء بحال ذلک المصنف فإن قولک إن هذا المطلب بدیهی البطلان تعریض لصاحبه بأنه لا یعرف البدیهیات- بخلاف ما إذا قیل إنه مستلزم لما هو بدیهی البطلان لأن فیه تعریضا بأن صاحبه لم ینتقل إلی الملازمة بین المطلب و بین ما هو بدیهی البطلان و لعل الملازمة نظریة و قد وقع من بعض الأعلام بالنسبة إلی بعضهم ما لا بد له من الحمل و التوجیه- أعوذ بالله من الغرور و إعجاب المرء بنفسه و حسده علی غیره و الاستیکال بالعلم.

ثم إن دواعی الغیبة کثیرة

روی عن مولانا الصادق ع التنبیه علیها إجمالا بقوله ع: أصل الغیبة تتنوع بعشرة أنواع شفاء غیظ و مساعدة قوم و تصدیق خبر بلا کشف- و تهمة و سوء ظن و حسد و سخریة و تعجب و تبرم و تزین- إلی آخر الخبر.

ثم إن ذکر الشخص قد یتضح کونها غیبة و قد یخفی علی النفس لحب أو بغض

فیری أنه لم یغتب و قد وقع فی أعظمها و من ذلک أن الإنسان قد یغتم بسبب ما یبتلی به أخوه فی الدین لأجل أمر یرجع إلی نقص فی فعله أو رأیه فیذکره المغتم فی مقام التأسف علیه بما یکره ظهوره للغیر مع أنه کان یمکنه بیان حاله للغیر علی وجه لا یذکر اسمه لیکون قد أحرز ثواب الاغتمام علی ما أصاب المؤمن لکن الشیطان یخدعه و یوقعه فی ذکر الاسم.

بقی الکلام فی أنه هل یعتبر فی الغیبة حضور مخاطب عند المغتاب

أو یکفی ذکره عند نفسه ظاهر الأکثر الدخول کما صرح به بعض المعاصرین.

نعم ربما یستثنی من حکمها عند من استثنی ما لو علم اثنان صفة شخص فیذکر أحدهما بحضرة الآخر و أما علی ما قویناه من الرجوع فی تعریف الغیبة إلی ما دلت علیه المستفیضة المتقدمة من کونها هتک سر مستور فلا یدخل ذلک فی الغیبة.

[حکم غیبة شخص مجهول]

و منه یظهر أیضا أنه لا یدخل فیها ما لو کان الغائب

المکاسب، ج 1، ص 43

مجهولا عند المخاطب مرددا بین أشخاص غیر محصورة کما إذا قال جاءنی الیوم رجل بخیل دنی ذمیم فإن ظاهر تعریف الأکثر دخوله و إن خرج عن الحکم بناء علی اعتبار التأثیر عند السامع و ظاهر المستفیضة المتقدمة عدم الدخول. نعم لو قصد المذمة و التعییر حرم من هذه الجهة فیجب علی السامع نهی المتکلم عنه إلا إذا احتمل أن یکون الشخص متجاهرا بالفسق فیحمل فعل المتکلم علی المصلحة کما سیجی ء فی مسألة الاستماع و الظاهر أن الذم و التعییر لمجهول العین لا یجب الردع عنه مع کون الذم و التعبیر فی موقعهما بأن کان مستحقا لهما- و إن لم یستحق مواجهته بالذم أو ذکره عند غیره بالذم

هذا کله لو کان الغائب المذکور مشتبها علی الإطلاق أما لو کان مرددا بین أشخاص

فإن کان بحیث لا یکره کلهم ذکر واحد مبهم منهم کان کالمشتبه علی الإطلاق کما لو قال جاءنی عجمی أو عربی کذا و کذا إذا لم یکن الذم راجعا إلی العنوان کأن یکون فی المثالین تعریض إلی ذم تمام العجم أو العرب و إن کان بحیث یکره کلهم ذکر واحد مبهم منهم کأن یقول أحد ابنی زید أو أحد أخویه کذا و کذا ففی کونه اغتیابا لکل منهما لذکرهما بما یکرهانه من التعریض لاحتمال کونه هو المعیوب و عدمه لعدم تهتک ستر العیوب منهما کما لو قال أحد أهل البلد الفلانی کذا و کذا و إن کان فرق بینهما من جهة کون ما نحن فیه محرما من حیث الإساءة إلی المؤمن بتعریضه للاحتمال دون المثال أو کونه اغتیابا للمعیوب الواقعی منهما و إساءة بالنسبة إلی غیره لأنه هتک بالنسبة إلیه لأنه إظهار فی الجملة لعیبه بتقلیل مشارکیه فی احتمال المعیب فیکون الاطلاع علیه قریبا. و أما الآخر فقد أساء بالنسبة إلیه حیث عرضه لاحتمال العیب وجوه

[ما حکاه فی جامع المقاصد عن بعض الفضلاء]

قال فی جامع المقاصد و یوجد فی کلام بعض الفضلاء أن من شرط الغیبة أن یکون متعلقها محصورا و إلا فلا تعد غیبة فلو قال عن أهل بلدة غیر محصورین ما لو قاله عن شخص واحد کان غیبته لم یحتسب غیبته انتهی.

[نقد ما أفاده الفاضل المذکور]

أقول إن أراد أن ذم جمع غیر محصور لا یعد غیبة و إن قصد انتقاص کل منهم کما لو قال أهل هذه القریة أو هذه البلدة کلهم کذا و کذا فلا إشکال فی کونها غیبة محرمة و لا وجه لإخراجه عن موضوعها أو حکمها و إن أراد ذم المتردد بین غیر المحصور لا یعد غیبة فلا بأس کما ذکرنا و لذا ذکر بعض تبعا لبعض الأساطین فی مستثنیات الغیبة ما لو علق الذم بطائفة أو أهل بلدة أو أهل قریة مع قیام القرینة علی عدم إرادة الجمع کذم العرب أو العجم أو أهل الکوفة أو البصرة أو بعض القری انتهی. و لو أراد الأغلب ففی کونه اغتیابا لکل منهم و عدمه ما تقدم فی المحصور

و بالجملة فالمدار فی التحریم غیر المدار فی صدق الغیبة و بینهما عموم من وجه.

الثانی فی کفارة الغیبة الماحیة لها
اشارة

و مقتضی کونها من حقوق الناس توقف رفعها علی إسقاط صاحبها حقه.

أما کونها من حقوق الناس

فلأنه ظلم علی المغتاب و للأخبار فی أن من حق المؤمن علی المؤمن أن لا یغتابه و أن حرمة عرض المسلم کحرمة دمه و ماله و أما توقف رفعها علی إبراء ذی الحق فللمستفیضة المعتضدة بالأصل-

[الأخبار الدالة علی توقف رفعها علی إبراء ذی الحق]

منها ما تقدم من أن الغیبة لا تغفر حتی یغفر صاحبها و أنها نافلة للحسنات و السیئات. و منها ما حکاه غیر واحد عن الشیخ الکراجکی بسنده المتصل إلی علی بن الحسین عن أبیه عن آبائه عن أمیر المؤمنین ع قال قال رسول الله ص: للمؤمن علی أخیه ثلاثون حقا لا براءة منها إلا بأدائها أو العفو إلی أن قال سمعت رسول الله ص یقول إن أحدکم لیدع من حقوق أخیه شیئا فیطالبه به یوم القیامة فیقضی له و علیه و النبوی المحکی فی السرائر و کشف الریبة: من کانت لأخیه عنده مظلمة فی عرض أو مال فلیستحلها من قبل أن یأتی یوم لیس هناک درهم و لا دینار فیؤخذ من حسناته فإن لم تکن له حسنات أخذ من سیئات صاحبه فتتزاید علی سیئاته و فی نبوی آخر: من اغتاب مسلما أو مسلمة لم یقبل الله صلاته و لا صیامه أربعین یوما و لیلة إلا أن یغفر له صاحبه. و فی دعاء التاسع و الثلاثین من أدعیة الصحیفة السجادیة و دعاء یوم الاثنین من ملحقاتها ما یدل علی هذا المعنی أیضا.

[عدم الفرق بین التمکن من الاستبراء و تعذره]

و لا فرق فی مقتضی الأصل و الأخبار بین التمکن من الوصول إلی صاحبه و تعذره لأن تعذر البراءة لا یوجب سقوط الحق کما فی غیر هذا المقام

[النبوی المعارض للإطلاقات المتقدمة]

لکن روی السکونی عن أبی عبد الله ع عن النبی ص: إن کفارة الاغتیاب أن تستغفر لمن اغتبته کلما ذکرته و لو صح سنده أمکن تخصیص الإطلاقات المتقدمة به فیکون الاستغفار طریقا أیضا إلی البراءة مع احتمال العدم أیضا لأن کون الاستغفار کفارة لا یدل علی البراءة فلعله کفارة للذنب من حیث کونه حقا لله تعالی- نظیر کفارة قتل الخطاء التی لا توجب براءة القاتل إلا أن یدعی ظهور السیاق فی البراءة.

[ما أفاده فی کشف الریبة فی الجمع بین النبویین المتعارضین]

قال فی کشف الریبة بعد ذکر النبویین الأخیرین المتعارضین و یمکن الجمع بینهما بحمل الاستغفار- علی من لم تبلغه غیبته المغتاب فینبغی له الاقتصار علی الدعاء و الاستغفار لأن فی محالته إثارة للفتنة و جلبا للضغائن و فی حکم من لم تبلغه من لم یقدر علی الوصول إلیه لموت أو غیبة و حمل المحالة علی من یمکن التوصل إلیه مع بلوغه الغیبة

[ما أفاده المؤلف]

أقول إن صح النبوی الأخیر سندا فلا مانع عن العمل به بجعله طریقا إلی البراءة مطلقا فی مقابل الاستبراء و إلا تعین طرحه و الرجوع إلی الأصل لإطلاق الأخبار المتقدمة و تعذر الاستبراء أو وجود المفسدة فیه لا یوجب وجود مبرئ آخر. نعم أرسل بعض من قارب عصرنا عن الإمام الصادق ع: أنک إن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحل منه و إن لم یبلغه فاستغفر الله له و فی روایة السکونی المرویة فی الکافی فی باب الظلم عن أبی عبد الله ع قال قال رسول الله ص: من ظلم أحدا ففاته فلیستغفر الله له فإنه کفارة له

و الإنصاف أن الأخبار الواردة فی هذا الباب کلها غیر نقیة السند

و أصالة البراءة تقتضی عدم وجوب الاستحلال و الاستغفار و أصالة بقاء الحق الثابت للمغتاب بالفتح- علی المغتاب بالکسر تقتضی عدم الخروج منه إلا بالاستحلال خاصة لکن المثبت لکون الغیبة حقا بمعنی وجوب البراءة منه لیس إلا الأخبار غیر نقیة السند مع أن السند لو کان نقیا کانت الدلالة ضعیفة- لذکر حقوق أخری فی الروایات لا قائل بوجوب البراءة منها. و معنی

المکاسب، ج 1، ص 44

القضاء یوم القیامة لذیها علی من علیها المعاملة معه معاملة من لم یراع حقوق المؤمن لا العقاب علیها کما لا یخفی علی من لاحظ الحقوق الثلاثین المذکورة فی روایة الکراجکی.

[مختار المؤلف فی المسألة]

فالقول بعدم کونه حقا للناس بمعنی وجوب البراءة نظیر الحقوق المالیة لا یخلو عن قوة و إن کان الاحتیاط فی خلافه بل لا یخلو عن قرب من جهة کثرة الأخبار الدالة علی وجوب الاستبراء منها بل اعتبار سند بعضها و الأحوط الاستحلال إن تیسر و إلا الاستغفار غفر الله لمن اغتبناه و لمن اغتابنا بحق محمد و آله الطاهرین صلوات الله علیهم أجمعین.

الثالث فیما استثنی من الغیبة و حکم بجوازها بالمعنی الأعم
. [استثناء ما فیه مصلحة عظمی]

فاعلم أن المستفاد من الأخبار المتقدمة و غیرها- أن حرمة الغیبة لأجل انتقاص المؤمن و تأذیه منه فإذا فرض هناک مصلحة راجعة إلی المغتاب بالکسر أو بالفتح أو ثالث دل العقل أو الشرع علی کونها أعظم من مصلحة احترام المؤمن بترک ذلک القول فیه وجب کون الحکم علی طبق أقوی المصلحتین کما هو الحال فی کل معصیة من حقوق الله و حقوق الناس و قد نبه علیه غیر واحد. قال فی جامع المقاصد بعد ما تقدم عنه فی تعریف الغیبة إن ضابط الغیبة المحرمة کل فعل یقصد به هتک عرض المؤمن أو التفکه به أو إضحاک الناس منه و أما ما کان لغرض صحیح فلا یحرم کنصح المستشیر و التظلم و سماعه و الجرح و التعدیل و رد من ادعی نسبا لیس له و القدح فی مقالة باطلة خصوصا فی الدین انتهی و فی کشف الریبة اعلم أن المرخص فی ذکر مساوئ الغیر غرض صحیح لا یمکن التوصل إلیه إلا بها انتهی. و علی هذا فموارد الاستثناء لا تنحصر فی عدد

نعم الظاهر استثناء موضعین لجواز الغیبة من دون مصلحة
أحدهما ما إذا کان المغتاب متجاهرا بالفسق
اشارة

فإن من لم یبال بظهور فسقه بین الناس لا یکره ذکره بالفسق نعم لو کان فی مقام ذمه کرهه من حیث المذمة لکن المذمة علی الفسق المتجاهر به لا تحرم کما لا یحرم لعنه. و قد تقدم عن الصحاح أخذ المستور فی المغتاب

[الأخبار المستفیضة الدالة علی الجواز]

و قد ورد فی الأخبار المستفیضة جواز غیبة المتجاهر منها قوله ع فی روایة هارون بن الجهم:

إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غیبة و قوله ع: من ألقی جلباب الحیاء فلا غیبة له و روایة أبی البختری: ثلاثة لیس لهم حرمة صاحب هوی مبتدع و الإمام الجائر و الفاسق المعلن بفسقه و مفهوم قوله ع: من عامل الناس فلم یظلمهم و حدثهم فلم یکذبهم و وعدهم فلم یخلفهم فهو ممن کملت مروته و ظهرت عدالته و وجبت إخوته و حرمت غیبته و فی صحیحة ابن أبی یعفور الواردة: فی بیان العدالة بعد تعریف العدالة أن الدلیل علی ذلک أن یکون ساترا لجمیع عیوبه حتی یحرم علی المسلمین تفتیش ما وراء ذلک من عثراته دل علی ترتب حرمة التفتیش علی کون الرجل ساترا فتنتفی عند انتفائه. و مفهوم قوله ع فی روایة علقمة المحکیة عن المحاسن: من لم تره بعینک یرتکب ذنبا و لم یشهد علیه بذلک شاهدان فهو من أهل العدالة و الستر و شهادته مقبولة و إن کان فی نفسه مذنبا و من اغتابه بما فیه فهو خارج عن ولایة الله تعالی داخل فی ولایة الشیطان إلی آخر الخبر دل علی ترتب حرمة الاغتیاب و قبول الشهادة علی کونه من أهل الستر و کونه من أهل العدالة علی طریق اللف و النشر أو علی اشتراط الکل- بکون الرجل غیر مرئی منه المعصیة و لا مشهود علیه بها و مقتضی المفهوم جواز الاغتیاب مع عدم الشرط خرج منه غیر المتجاهر.

و کون قوله من اغتابه إلی آخره جملة مستأنفة غیر معطوفة علی الجزاء خلاف الظاهر.

[عدم اعتبار قصد الغرض الصحیح فی غیبة المتجاهر]

ثم إن مقتضی إطلاق الروایات جواز غیبة المتجاهر فیما تجاهر به و لو مع عدم قصد غرض صحیح و لم أجد من قال باعتبار قصد الغرض الصحیح و هو ارتداعه عن المنکر. نعم تقدم عن الشهید الثانی- احتمال اعتبار قصد النهی عن المنکر فی جواز سب المتجاهر مع اعترافه بأن ظاهر النص و الفتوی عدمه

و هل یجوز اغتیاب المتجاهر فی غیر ما تجاهر به

صرح الشهید الثانی و غیره بعدم الجواز و حکی عن الشهید أیضا. و ظاهر الروایات النافیة لاحترام المتجاهر و غیر الساتر هو الجواز و استظهره فی الحدائق من کلام جملة من الإعلام و صرح به بعض الأساطین.

و ینبغی إلحاق ما یتستر به بما یتجاهر فیه إذا کان دونه فی القبح فمن تجاهر باللواط العیاذ بالله جاز اغتیابه بالتعرض للنساء الأجنبیات و من تجاهر بقطع الطرق جاز اغتیابه بالسرقة و من تجاهر بکونه جلاد السلطان یقتل الناس و ینکلهم جاز اغتیابه بشرب الخمر و من تجاهر بالقبائح المعروفة جاز اغتیابه بکل قبیح و لعل هذا هو المراد بمن ألقی جلباب الحیاء لا من تجاهر بمعصیة خاصة و عد مستورا بالنسبة إلی غیرها کبعض عمال الظلمة

ثم المراد بالمتجاهر

من تجاهر بالقبیح بعنوان أنه قبیح فلو تجاهر به مع إظهار محمل له لا یعرف فساده إلا القلیل کما إذا کان من عمال الظلمة ادعی فی ذلک عذرا مخالفا للواقع أو غیر مسموع منه لم یعد متجاهرا. نعم لو کان اعتذاره واضح الفساد لم یخرج عن التجاهر

و لو کان متجاهرا عند أهل بلده أو محلته مستورا عند غیرهم

هل یجوز ذکره عند غیرهم ففیه إشکال من إمکان دعوی ظهور روایات المرخصة فیمن لا یستنکف عن الإطلاق علی عمله مطلقا فرب متجاهر فی بلده متستر فی بلاد الغربة أو فی طریق الحج و الزیارة لئلا یقع عن عیون الناس. و بالجملة فحیث کان الأصل فی المؤمن الاحترام علی الإطلاق وجب الاقتصار علی ما تیقن خروجه فالأحوط الاقتصار علی ذکر المتجاهر بما لا یکرهه لو سمعه و لا یستنکف من ظهوره للغیر. نعم لو تأذی من ذمه بذلک دون ظهوره لم یقدح فی الجواز و لذا جاز سبه بما لا یکون کذبا

و هذا هو الفارق بین السب و الغیبة

حیث إن مناط الأول المذمة و التنقیص فیجوز و مناط الثانی إظهار عیوبه فلا یجوز إلا بمقدار الرخصة.

الثانی تظلم المظلوم و إظهار ما فعل به الظالم
اشارة

و إن کان متسترا به کما إذا ضربه فی اللیل الماضی و شتمه أو أخذ ماله جاز ذکره بذلک عند من لا یعلم ذلک منه

[أدلة الاستثناء]

لظاهر قوله تعالی وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِکَ ما عَلَیْهِمْ مِنْ سَبِیلٍ إِنَّمَا السَّبِیلُ عَلَی الَّذِینَ یَظْلِمُونَ النَّاسَ وَ یَبْغُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ و قوله تعالی لا یُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ فعن تفسیر القمی أنه لا یحب الله أن یجهر الرجل بالظلم و السوء و یظلم إلا من ظلم فقد أطلق له

المکاسب، ج 1، ص 45

أن یعارضه بالظلم و عن تفسیر العیاشی عنه ع: من أضاف قوما فأساء ضیافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح علیهم فیما قالوا فیه و هذه الروایة و إن وجب توجیهها إما بحمل الإساءة علی ما یکون ظلما و هتکا لاحترامهم أو بغیر ذلک إلا أنها دالة علی عموم من ظلم فی الآیة الشریفة و أن کل من ظلم فلا جناح علیه فیما قال فی الظالم و نحوها فی وجوب التوجیه روایة أخری فی هذا المعنی محکیة عن المجمع: إن الضیف ینزل بالرجل فلا یحسن ضیافته فلا جناح علیه فی أن یذکره بسوء ما فعله

و یؤید الحکم فیما نحن فیه أن فی منع المظلوم من هذا الذی هو نوع من التشفی حرجا عظیما

و لأن فی تشریع الجواز مظنة ردع للظالم و هی مصلحة خالیة عن مفسدة فیثبت الجواز لأن الأحکام تابعة للمصالح. و یؤیده ما تقدم من عدم الاحترام للإمام الجائر بناء علی أن عدم احترامه من جهة جوره لا من جهة تجاهره و إلا لم یذکره فی مقابل الفاسق المعلن بالفسق و فی النبوی: لصاحب الحق مقال.

[هل یقید جواز الغیبة بکونها عند من یرجو إزالة الظلم عنه]

و الظاهر من جمیع ما ذکر عدم تقیید جواز الغیبة بکونها عند من یرجو إزالة الظلم عنه بسببه و قواه بعض الأساطین خلافا لکاشف الریبة و جمع ممن تأخر عنه فقیدوه اقتصارا فی مخالفة الأصل علی المتیقن من الأدلة لعدم عموم فی الآیة و عدم نهوض ما تقدم فی تفسیرها للحجیة مع أن المروی عن الإمام الباقر ع فی تفسیرها المحکی عن مجمع البیان أنه: لا یحب الله الشتم فی الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له أن ینتصر ممن ظلمه بما یجوز الانتصار به فی الدین. قال فی الکتاب المذکور و نظیره وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا و ما بعد الآیة لا یصلح للخروج بها عن الأصل الثابت بالأدلة العقلیة و النقلیة و مقتضاه الاقتصار علی مورد رجاء تدارک الظلم فلو لم یکن قابلا للتدارک لم تکن فائدة فی هتک الظالم

[ظاهر بعض الأخبار جواز الاشتکاء لترک الأولی]

و کذا لو لم یکن ما فعل به ظلما- بل کان من ترک الأولی و إن کان یظهر من بعض الأخبار جواز الاشتکاء لذلک فعن الکافی و التهذیب بسندهما عن حماد بن عثمان قال: دخل رجل علی أبی عبد الله ع فشکا إلیه رجلا من أصحابه فلم یلبث إن جاء المشکو علیه فقال أبو عبد الله ع ما لفلان یشکوک فقال له یشکونی أنی استقضیت منه حقی قال فجلس أبو عبد الله ع مغضبا ثم قال فقال کأنک إذا استقضیت حقک لم تسئ أ رأیت ما حکی الله عز و جل فی کتابه وَ یَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ أ تری أنهم خافوا الله عز و جل أن یجوز علیهم لا و الله ما خافوا إلا الاستقضاء فسماه الله عز و جل سوء الحساب فمن استقضی فقد أساء و مرسلة ثعلبة بن میمون المرویة عن الکافی قال: کان عنده قوم یحدثهم إذ ذکر رجل منهم رجلا فوقع فیه و شکاه فقال له أبو عبد الله ع و أنی لک بأخیک الکامل و أی الرجال المهذب فإن الظاهر من الجواب أن الشکوی إنما کانت من ترک الأولی الذی لا یلیق بالأخ الکامل المهذب. و مع ذلک کله فالأحوط عد هذه الصورة من الصور العشر الآتیة التی رخص فیها فی الغیبة لغرض صحیح أقوی من مصلحة احترام المغتاب کما أن الأحوط جعل الصورة السابقة خارجة عن موضوع الغیبة بذکر المتجاهر بما لا یکره نسبته إلیه من الفسق المتجاهر به و إن جعلها من تعرض لصور الاستثناء منها

فیبقی من موارد الرخصة لمزاحمة الغرض الأهم صور تعرضوا لها
منها نصح المستشیر

فإن النصیحة واجبة للمستشیر فإن خیانته قد تکون أقوی مفسدة من الوقوع فی المغتاب. و کذلک النصح من غیر استشاره فإن من أراد تزوج امرأة و أنت تعلم بقبائحها التی توجب وقوع الرجل من أجلها فی الغیبة و الفساد فلا ریب أن التنبیه علی بعضها و إن أوجب الوقیعة فیها أولی من ترک نصح المؤمن مع ظهور عدة من الأخبار فی وجوبه.

و منها الاستفتاء

بأن یقول للمفتی ظلمنی فلان فی حقی فکیف طریقی فی الخلاص هذا إذا کان الاستفتاء موقوفا علی ذکر الظالم بالخصوص و إلا فلا یجوز

[حکایة هند زوجة أبی سفیان]

و یمکن الاستدلال علیه بحکایة هند زوجة أبی سفیان و اشتکائها إلی رسول الله ص و قولها إنه رجل شحیح لا یعطینی ما یکفینی و ولدی فلم یرد ص علیها غیبة أبی سفیان. و لو نوقش فی هذا الاستدلال بخروج غیبة مثل أبی سفیان عن محل الکلام أمکن الاستدلال بصحیحة عبد الله بن سنان عن أبی عبد الله ع قال: جاء رجل إلی النبی ص فقال إن أمی لا تدفع ید لامس فقال احبسها قال قد فعلت فقال ص فامنع من یدخل علیها قال قد فعلت قال ص فقیدها فإنک لا تبرها بشی ء أفضل من أن تمنعها عن محارم الله عز و جل إلی آخر الخبر و احتمال کونها متجاهرة مدفوع بالأصل.

و منها قصد ردع المغتاب عن المنکر الذی یفعله

فإنه أولی من ستر المنکر علیه فهو فی الحقیقة إحسان فی حقه مضافا إلی عموم أدلة النهی عن المنکر.

و منها قصد حسم مادة فساد المغتاب عن الناس

کالمبتدع الذی یخاف من إضلاله الناس و یدل علیه مضافا إلی أن مصلحة دفع فتنته عن الناس أولی من ستر المغتاب ما عن الکافی بسنده الصحیح عن أبی عبد الله ع قال قال رسول الله ص: إذا رأیتم أهل الریب و البدع من بعدی فأظهروا البراءة منهم و أکثروا من سبهم و القول فیهم و الوقیعة و باهتوهم کیلا یطمعوا فی الفساد فی الإسلام و یحذرهم الناس و لا یتعلموا من بدعهم یکتب الله لکم بذلک الحسنات و یرفع لکم به الدرجات.

و منها جرح الشهود

فإن الإجماع دل علی جوازه و لأن مصلحة عدم الحکم بشهادة الفساق أولی من الستر علی الفاسق و مثله بل أولی بالجواز جرح الرواة فإن مفسدة العمل بروایة الفاسق أعظم من مفسدة شهادته و یلحق بذلک الشهادة بالزنی و غیره لإقامة الحدود.

و منها دفع الضرر عن المغتاب و علیه یحمل ما ورد فی ذم زرارة

من عدة أحادیث و قد بین ذلک الإمام ع بقوله فی بعض ما أمر به عبد الله بن زرارة بتبلیغ أبیه: اقرأ منی علی والدک السلام فقل له إنما أعیبک دفاعا منی عنک فإن الناس یسارعون إلی کل من قربناه و حمدناه لإدخال الأذی علیه فیمن نحبه و نقربه و یذمونه لمحبتنا له و قربه و دنوة منا و یرون إدخال الأذی علیه و قتله و یحمدون کل من عیبناه نحن و إنما أعیبک لأنک رجل اشتهرت منا بمیلک إلینا و أنت فی ذلک مذموم غیر محمود الأمر بمودتک لنا و میلک إلینا فأحببت أن أعیبک لیحمدوا أمرک فی الدین بعیبک و نقصک و یکون ذلک منا دافع شرهم عنک یقول الله عز و جل أَمَّا السَّفِینَةُ فَکانَتْ لِمَساکِینَ یَعْمَلُونَ فِی الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِیبَها وَ کانَ وَراءَهُمْ مَلِکٌ یَأْخُذُ کُلَّ سَفِینَةٍ غَصْباً هذا التنزیل من عند الله ألا و الله ما عابها إلا لکی

المکاسب، ج 1، ص 46

تسلم من الملک و لا تغصب علی یدیه و لقد کانت صالحة لیس للعیب فیها مساغ و الحمد لله فافهم المثل رحمک الله فإنک أحب الناس إلی و أحب أصحاب أبی إلی حیا و میتا و إنک أفضل سفن ذلک البحر القمقام الزاخر و إن وراءک لملکا ظلوما غصوبا یرقب عبور کل سفینة صالحة ترد من بحر الهدی لیأخذها غصبا و یغصب أهلها فرحمة الله علیک حیا و رحمة الله علیک میتا إلی آخر الخبر.

و یلحق بذلک الغیبة للتقیة علی نفس المتکلم

أو ماله أو عرضه أو علی ثالث فإن الضرورات تبیح المحظورات.

و منها ذکر الشخص بعیبه الذی صار بمنزلة الصفة الممیزة له

التی لا یعرف إلا بها کالأعمش و الأعرج و الأشتر و الأحول و نحوها و فی الحدیث جاءت زینب العطارة الحولاء إلی نساء رسول الله ص. و لا بأس بذلک فیما إذا صارت الصفة فی اشتهار یوصف الشخص بها إلی حیث لا یکره ذلک صاحبها و علیه یحمل ما صدر عن الإمام ع و غیره من العلماء الأعلام لکن کون هذا مستثنی مبنی علی کون مجرد العیب الظاهر من دون قصد الانتقاص غیبة و قد منعنا ذلک سابقا إذ لا وجه لکراهة المغتاب لعدم کونها إظهارا لعیب غیر ظاهر و المفروض عدم قصد الذم أیضا اللهم إلا أن یقال إن الصفات المشعرة بالذم کالألقاب المشعرة به یکره الإنسان الاتصاف بها و لو من دون قصد الذم بها فإن إشعارها بالذم کاف فی الکراهة.

و منها [ذکر الشخص بما لا یؤثر عند السامع شیئا لکونه عالما به]

ما حکاه فی کشف الریبة عن بعض من أنه إذا علم اثنان من رجل معصیة شاهداها فأجری أحدهما ذکره فی غیبته ذلک العاصی جاز لأنه لا یؤثر عند السامع شیئا و إن کان الأولی تنزیه النفس و اللسان عن ذلک لغیر غرض من الأغراض الصحیحة خصوصا مع احتمال نسیان المخاطب لذلک أو خوف اشتهارها عنهما انتهی. أقول إذا فرض عدم کون ذکرهما فی مقام التعییر و المذمة و لیس هنا هتک ستر أیضا فلا وجه للتحریم و لا لکونها غیبة إلا علی ظاهر بعض التعاریف المتقدمة.

و منها رد من ادعی نسبا لیس له

فإن مصلحة حفظ الأنساب أولی من مراعاة حرمة المغتاب

و منها القدح فی مقالة باطلة

و إن دل علی نقصان قائلها إذا توقف حفظ الحق و إضاعة الباطل علیه و أما ما وقع من بعض العلماء بالنسبة إلی من تقدم علیه منهم من الجهر بالسوء من القول فلم یعرف له وجه مع شیوعه بینهم من قدیم الأیام ثم إنهم ذکروا موارد للاستثناء لا حاجة إلی ذکرها بعد ما قدمنا أن الضابط فی الرخصة وجود مصلحة غالبة علی مفسدة هتک احترام المؤمن و هذا یختلف باختلاف تلک المصالح و مراتب مفسدة هتک المؤمن فإنها متدرجة فی القوة و الضعف فرب مؤمن لا یساوی عرضه شی ء فالواجب التحری فی الترجیح بین المصلحة و المفسدة.

الرابع یحرم استماع الغیبة بلا خلاف
اشارة

فقد ورد: أن السامع للغیبة أحد المغتابین. و الأخبار فی حرمته کثیرة إلا أن ما یدل علی کونه من الکبائر کالروایة المذکورة و نحوها ضعیفة السند ثم المحرم سماع الغیبة المحرمة دون ما علم حلیتها

و لو کان متجاهرا عند المغتاب مستورا عند المستمع

و قلنا بجواز الغیبة حینئذ للمتکلم- فالمحکی جواز الاستماع من احتمال کونه متجاهرا إلا مع العلم بعدمه.

قال فی کشف الریبة إذا سمع أحد مغتابا لآخر و هو لا یعلم المغتاب مستحقا للغیبة

و لا عدمه قیل لا یجب نهی القائل لإمکان الاستحقاق فیحمل فعل القائل علی الصحة ما لم یعلم فساده لأن ردعه یستلزم انتهاک حرمته و هو أحد المحرمین ثم قال و الأولی التنزیه عن ذلک حتی یتحقق المخرج منه لعموم الأدلة و ترک الاستفصال فیها و هو دلیل إرادة العموم حذرا من الإغراء بالجهل و لأن ذلک لو تم لتمشی فیمن یعلم عدم استحقاق المقول فیه بالنسبة إلی السامع مع احتمال اطلاع القائل علی ما یوجب تسویغ مقالته و هو هدم قاعدة النهی عن الغیبة انتهی أقول و المحکی بقوله قیل لا دلالة فیه علی جواز الاستماع و إنما یدل علی عدم وجوب النهی عنه و یمکن القول بحرمة استماع هذه الغیبة مع فرض جوازها للقائل لأن السامع أحد المغتابین فکما أن المغتاب تحرم علیه الغیبة إلا إذا علم التجاهر المسوغ کذلک السامع یحرم علیه الاستماع إلا إذا علم التجاهر و إما نهی القائل فغیر لازم مع دعوی القائل العذر المسوغ بل مع احتماله فی حقه و إن اعتقد الناهی عدم التجاهر. نعم لو علم عدم اعتقاد القائل بالتجاهر وجب ردعه

[مختار المؤلف]

هذا و لکن الأقوی جواز الاستماع إذا جاز للقائل لأنه قول غیر منکر فلا یحرم الإصغاء إلیه للأصل. و الروایة علی تقدیر صحتها تدل علی أن السامع لغیبة کقائل تلک الغیبة فإن کان القائل عاصیا کان المستمع کذلک فتکون دلیلا علی الجواز فیما نحن فیه. نعم لو استظهر منها أن السامع للغیبة کأنه متکلم بها فإن جاز السامع التکلم بغیبة جاز سماعها و إن حرم علیه حرم سماعها أیضا لکانت الروایة علی تقدیر صحتها دلیلا للتحریم فیما نحن فیه لکنه خلاف الظاهر من الروایة علی تقدیر قراءة المغتابین بالتثنیة و إن کان هو الظاهر علی تقدیر قراءته بالجمع لکن هذا التقدیر خلاف الظاهر و قد تقدم فی مسألة التشبیب أنه إذا کان شک السامع فی حصول شرط حرمته من القائل لم یحرم استماعه فراجع

ثم إنه یظهر من الأخبار المستفیضة وجوب رد الغیبة

. فعن المجالس بإسناده عن أبی ذر رضوان الله علیه عن النبی ص: من اغتیب عنده أخوه المؤمن و هو یستطیع نصره فنصره نصره الله تعالی فی الدنیا و الآخرة و إن خذله و هو یستطیع نصره خذله الله فی الدنیا و الآخرة و نحوها عن الصدوق بإسناده عن الصادق عن آبائه ع فی وصیة النبی ص لعلی ع. و عن عقاب الأعمال بسنده عن النبی ص: من رد عن أخیه غیبة سمعها فی مجلس رد الله عنه ألف باب من الشر فی الدنیا و الآخرة فإن لم یرد عنه و أعجبه کان علیه کوزر من اغتابه و عن الصدوق بإسناده عن الصادق ع فی حدیث الملاهی عن النبی ص: من تطول علی أخیه فی غیبة سمعها فیه فی مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر فی الدنیا و الآخرة فإن هو لم یردها و هو قادر علی ردها کان علیه کوزر من اغتابه سبعین مرة إلی آخر الخبر. و لعل وجه زیادة عقابه أنه إذا لم یرده تجری المغتاب علی الغیبة فیصر علی هذه الغیبة و غیرها

[المراد بالرد الانتصار للغائب لا صرف النهی عن الغیبة]

و الظاهر أن الرد غیر النهی عن الغیبة و المراد به الانتصار للغائب بما یناسب تلک الغیبة فإن کان عیبا دنیویا انتصر له بأن العیب لیس إلا ما عاب الله به من المعاصی التی من أکبرها ذکرک أخاک بما لم یعبأ الله به و إن کان عیبا دینیا وجهه بمحامل تخرجه عن المعصیة فإن لم یقبل

المکاسب، ج 1، ص 47

التوجیه انتصر له بأن المؤمن قد یبتلی بالمعصیة فینبغی أن تستغفر له و تهتم له لا أن تعیره و أن تعییرک إیاه لعله أعظم عند الله من معصیته و نحو ذلک. ثم إنه یظهر من الأخبار المستفیضة وجوب رد الغیبة

. فعن المجالس بإسناده عن أبی ذر رضوان الله علیه عن النبی ص: من اغتیب عنده أخوه المؤمن و هو یستطیع نصره فنصره نصره الله تعالی فی الدنیا و الآخرة و إن خذله و هو یستطیع نصره خذله الله فی الدنیا و الآخرة و نحوها عن الصدوق بإسناده عن الصادق عن آبائه ع فی وصیة النبی ص لعلی ع. و عن عقاب الأعمال بسنده عن النبی ص: من رد عن أخیه غیبة سمعها فی مجلس رد الله عنه ألف باب من الشر فی الدنیا و الآخرة فإن لم یرد عنه و أعجبه کان علیه کوزر من اغتابه و عن الصدوق بإسناده عن الصادق ع فی حدیث الملاهی عن النبی ص: من تطول علی أخیه فی غیبة سمعها فیه فی مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر فی الدنیا و الآخرة فإن هو لم یردها و هو قادر علی ردها کان علیه کوزر من اغتابه سبعین مرة إلی آخر الخبر. و لعل وجه زیادة عقابه أنه إذا لم یرده تجری المغتاب علی الغیبة فیصر علی هذه الغیبة و غیرها

[الأخبار الواردة فی عقوبة ذی اللسانین و ذمه]

ثم إنه قد یتضاعف عقاب المغتاب إذا کان ممن یمدح المغتاب فی حضوره و هذا و إن کان فی نفسه مباحا إلا أنه إذا انضم مع ذمه فی غیبته سمی صاحبه ذا لسانین یوم القیامة و تتأکد حرمتها و لذا ورد فی المستفیضة أنه یجی ء ذو لسانین یوم القیامة و له لسانان من النار فإن لسان المدح فی الحضور و إن لم یکن لسانا من نار إلا أنه إذا انضم إلی لسان الذم فی الغیاب صار کذلک. و عن المجالس بسنده عن حفص بن غیاث عن الصادق عن أبیه عن آبائه عن علی ع قال رسول الله ص:

من مدح أخاه المؤمن فی وجهه و اغتابه من ورائه فقد انقطع ما بینهما من العصمة و عن الباقر ع: بئس العبد عبد یکون ذا وجهین و ذا لسانین یطرأ أخاه شاهدا و یأکله غائبا إن أعطی حسده و إن ابتلی خذله

[البهتان أغلظ تحریما من الغیبة]

و اعلم أنه قد یطلق الاغتیاب علی البهتان و هو أن یقال فی شخص ما لیس فیه و هو أغلظ تحریما من الغیبة و وجهه ظاهر لأنه جامع بین مفسدتی الکذب و الغیبة و یمکن القول بتعدد العقاب- من جهة کل من العنوانین و المرکب. و فی روایة علقمة عن الصادق ع حدثنی أبی عن آبائه ع عن رسول الله ص أنه قال: من اغتاب مؤمنا بما فیه لم یجمع الله بینهما فی الجنة أبدا و من اغتاب مؤمنا بما لیس فیه فقد انقطعت العصمة بینهما و کان المغتاب فی النار خالدا فیها و بئس المصیر.

خاتمة فی بعض ما ورد من حقوق المسلم علی أخیه
اشارة

ففی صحیحة مرازم عن أبی عبد الله ع: ما عبد الله بشی ء أفضل من أداء حق المؤمن و روی فی الوسائل و کشف الریبة عن کنز الفوائد للشیخ الکراجکی عن الحسین بن محمد بن علی الصیرفی عن محمد بن علی الجعابی عن القاسم بن محمد بن جعفر العلوی عن أبیه عن آبائه عن علی ع قال: قال رسول الله ص للمسلم علی أخیه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بأدائها أو العفو یغفر زلته و یرحم عبرته و یستر عورته و یقیل عثرته و یقبل معذرته و یرد غیبته و یدیم نصیحته و یحفظ خلته و یرعی ذمته و یعود مرضه و یشهد میته و یجیب دعوته و یقبل هدیته و یکافئ صلته و یشکر نعمته و یحسن نصرته و یحفظ حلیلته و یقضی حاجته و یستنجح مسألته و یسمت عطسته و یرشد ضالته و یرد سلامه و یطیب کلامه و یبر إنعامه- و یصدق أقسامه و یوالی ولیه و لا یعادیه و ینصره ظالما و مظلوما فأما نصرته ظالما فیرده عن ظلمه و أما نصرته مظلوما فیعینه علی أخذ حقه و لا یسلمه و لا یخذله و یحب له من الخیر ما یحب لنفسه و یکره له من الشر ما یکره لنفسه ثم قال ع سمعت رسول الله ص یقول إن أحدکم لیدع من حقوق أخیه شیئا فیطالبه به یوم القیامة فیقضی له و علیه. و الأخبار فی حقوق المؤمن کثیرة و الظاهر إرادة الحقوق المستحبة التی ینبغی أداؤها. و معنی القضاء لذیها علی من هی علیه المعاملة معه معاملة من أهملها بالحرمان عما أعد لمن أدی حقوق الإخوة

ثم إن ظاهرها و إن کان عاما إلا أنه یمکن تخصیصها بالأخ العارف بهذه الحقوق المؤدی لها بحسب الیسر

أما المؤمن المضیع لها فالظاهر عدم تأکد مراعاة هذه الحقوق بالنسبة إلیه و لا یوجب إهمالها مطالبته یوم القیامة لتحقق المقاصة فإن التهاتر یقع فی الحقوق کما یقع فی الأموال.

و قد ورد فی غیر واحد من الأخبار ما یظهر منه الرخصة فی ترک هذه الحقوق

لبعض الإخوان بل لجمیعهم إلا القلیل منهم. فعن الصدوق رحمه الله فی الخصال و کتاب الإخوان و الکلینی بسندهما عن أبی جعفر ع قال: قام إلی أمیر المؤمنین ص رجل بالبصرة فقال أخبرنا عن الإخوان فقال ع الإخوان صنفان إخوان الثقة و إخوان المکاشرة فأما إخوان الثقة فهم کالکف و الجناح و الأهل و المال فإذا کنت من أخیک علی ثقة فابذل له مالک و یدک و صاف من صافاه و عاد من عاداه و اکتم سره و عیبه و أظهر منه الحسن و اعلم أیها السائل أنهم أعز من الکبریت الأحمر و أما إخوان المکاشرة فإنک تصیب منهم لذتک فلا تقطعن ذلک منهم و لا تطلبن ما وراء ذلک من ضمیرهم و ابذل لهم ما بذلوا لک من طلاقة الوجه و حلاوة اللسان

[حدود الصداقة]

و فی روایة عبید الله الحلبی المرویة فی الکافی عن أبی عبد الله ع قال: لا تکون الصداقة إلا بحدودها فمن کانت فیه هذه الحدود أو شی ء منها فانسبه إلی الصداقة و من لم یکن فیه شی ء منها فلا تنسبه إلی شی ء من الصداقة فأولها أن تکون سریرته و علانیته لک واحدة و الثانیة أن یری زینک زینه و شینک شینه و الثالثة أن لا تغیره علیک ولایة و لا مال و الرابعة أن لا یمنعک شیئا تناله مقدرته و الخامسة و هی تجمع هذه الخصال أن لا یسلمک عند النکبات و لا یخفی أنه إذا لم تکن الصداقة لم تکن الأخوة فلا بأس بترک الحقوق المذکورة بالنسبة إلیه. و فی نهج البلاغة: لا یکون الصدیق صدیقا حتی یحفظ أخاه فی ثلاث فی نکبته و فی غیبته و فی وفاته و فی کتاب الإخوان بسنده عن الوصافی عن أبی جعفر ع قال: قال لی أ رأیت من قبلکم إذا کان الرجل لیس علیه رداء و عند بعض إخوانه رداء یطرحه علیه قلت لا قال فإذا کان لیس عنده إزار یوصل إلیه بعض إخوانه بفضل إزاره حتی یجد له إزارا قلت لا قال فضرب بیده علی فخذه و قال ما هؤلاء بإخوة إلی آخر الخبر دل علی أن من لا یواسی المؤمن لیس بأخ له فلا یکون له حقوق الأخوة المذکورة فی روایات الحقوق. و نحوه روایة ابن أبی عمیر عن خلاد رفعه قال: أبطأ علی رسول الله ص رجل فقال ما أبطأ بک فقال العری یا رسول الله فقال ص أ ما کان لک جار له ثوبان یعیرک أحدهما فقال بلی یا رسول الله فقال ص ما هذا لک بأخ و فی روایة یونس بن ظبیان قال قال أبو عبد الله ع: اختبروا إخوانکم بخصلتین فإن کانتا فیهم و إلا فأعزب ثم اعزب ثم اعزب المحافظة علی الصلاة فی مواقیتها و البر بالإخوان فی الیسر و العسر

القمار

الخامسة عشرة القمار و هو حرام إجماعا
اشارة

و یدل علیه الکتاب و السنة المتواترة

[معنی القمار لغة و شرعا]

و هو بکسر القاف کما عن بعض أهل اللغة الرهن علی اللعب بشی ء بالآلات المعروفة و حکی عن جماعة أنه قد یطلق علی اللعب بهذه الأشیاء مطلقا و لو من دون رهن و به صرح فی جامع المقاصد و عن بعض أن أصل المقامرة المغالبة.

فکیف کان فهنا مسائل أربع لأن اللعب قد یکون بآلات القمار مع الرهن و قد یکون بدونه و المغالبة بغیر آلات القمار قد تکون مع العوض و قد تکون بدونه.

فالأولی اللعب بآلات القمار مع الرهن

و لا إشکال فی حرمتها و حرمة العوض و الإجماع علیها محقق و الأخبار بها متواترة.

الثانیة اللعب بآلات القمار من دون رهن
اشارة

المکاسب، ج 1، ص 48

و فی صدق القمار علیه نظر لما عرفت و مجرد الاستعمال لا یوجب إجراء أحکام المطلقات و لو مع البناء علی أصالة الحقیقة فی الاستعمال لقوة انصرافها إلی الغالب من وجود الرهن فی اللعب بها. و منها تظهر الخدشة فی الاستدلال علی المطلب بإطلاق النهی عن اللعب بتلک الآلات بناء علی انصرافه إلی المتعارف من ثبوت الرهن. نعم قد یبعد دعوی الانصراف فی روایة أبی الربیع الشامی: عن الشطرنج و النرد قال لا تقربوهما قلت فالغناء قال لا خیر فیه لا تقربه.

[الأخبار الدالة علی الحرمة]

و الأولی الاستدلال علی ذلک بما تقدم فی روایة تحف العقول من أن ما یجی ء منه الفساد محضا لا یجوز التقلب فیه من جمیع وجوه الحرکات. و فی تفسیر القمی عن أبی الجارود عن أبی جعفر ع: فی قوله تعالی إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَیْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ قال أما الخمر فکل مسکر من الشراب إلی أن قال و أما المیسر فالنرد و الشطرنج و کل قمار میسر إلی أن قال و کل هذا بیعه و شراؤه و الانتفاع بشی ء من هذا حرام محرم. و لیس المراد بالقمار هنا المعنی المصدری حتی یرد ما تقدم من انصرافه إلی اللعب مع الرهن بل المراد الآلات بقرینة قوله بیعه و شراؤه و قوله و أما المیسر فهو النرد إلی آخر الحدیث. و یؤید الحکم ما عن مجالس المفید الثانی ولد شیخنا الطوسی رحمهما الله بسنده عن أمیر المؤمنین ع: فی تفسیر المیسر فی أن کل ما ألهی عن ذکر الله فهو المیسر و روایة الفضیل قال: سألت أبا جعفر ع عن هذه الأشیاء التی یلعب بها الناس من النرد و الشطرنج حتی انتهیت إلی السدر قال إذا میز الله الحق من الباطل مع أیهما یکون قال مع الباطل قال و مالک و الباطل و فی موثقة زرارة عن أبی عبد الله ع: أنه سئل عن الشطرنج و عن لعبة الشبیب التی یقال لها لعبة الأمیر و عن لعبة الثلاث فقال رأیت إذا میز الله بین الحق و الباطل مع أیهما یکون قلت مع الباطل قال فلا خیر فیه و فی روایة عبد الواحد بن مختار: عن اللعب بالشطرنج قال إن المؤمن لمشغول عن اللعب فإن مقتضی إناطة الحکم بالباطل و اللعب عدم اعتبار الرهن فی حرمة اللعب بهذه الأشیاء و لا یجری دعوی الانصراف هنا.

الثالثة المراهنة علی اللعب بغیر الآلات المعدة للقمار
اشارة

کالمراهنة علی حمل الحجر الثقیل و علی المصارعة و علی الطیور و علی الطفرة و نحو ذلک مما عدوها فی باب السبق و الرمایة من أفراد غیر ما نص علی جوازه و الظاهر الإلحاق بالقمار فی الحرمة و الفساد بل صریح بعض أنه قمار.

و صرح العلامة الطباطبائی رحمه الله فی مصابیحه بعدم الخلاف فی الحرمة و الفساد

و هو ظاهر کل من نفی الخلاف فی تحریم المسابقة فیما عدا المنصوص مع العوض و جعل محل الخلاف فیه بدون العوض فإن ظاهر ذلک أن محل الخلاف هنا هو محل الوفاق هناک و من المعلوم أنه لیس هنا إلا الحرمة التکلیفیة دون خصوص الفساد.

[الأخبار الدالة علی الحرمة]

و یدل علیه أیضا قول الإمام الصادق ع إنه قال رسول الله ص: إن الملائکة لتحضر الرهان فی الخف و الحافر و الریش و ما سوی ذلک قمار حرام و فی روایة أبی العلاء بن سیابة عن الإمام الصادق ع عن النبی ص: إن الملائکة لتنفر عند الرهان و تلعن صاحبه ما خلا الحافر و الخف و الریش و النصل و المحکی عن تفسیر العیاشی عن یاسر الخادم عن الإمام الرضا ع قال: سألته عن المیسر قال الثفل من کل شی ء قال و الثفل ما یخرج بین المتراهنین من الدراهم و غیرها و فی صحیحة معمر بن خلاد: کل ما قومر علیه فهو میسر و فی روایة جابر عن أبی جعفر ع: قیل یا رسول الله ما المیسر قال کل ما تقومر به حتی الکعاب و الجوز و الظاهر أن المقامرة بمعنی المغالبة علی الرهن

[استظهار بعض اختصاص الحرمة بما کان بالآلات المعدة للقمار و المناقشة فیه]

و مع هذه الروایات الظاهرة بل الصریحة فی الحرمة المعتضدة بدعوی عدم الخلاف فی الحکم ممن تقدم فقد استظهر بعض مشایخنا المعاصرین اختصاص الحرمة بما کان بالآلات المعدة للقمار. و أما مطلق الرهان و المغالبة بغیرها فلیس فیه إلا فساد المعاملة و عدم تملک الراهن فیحرم التصرف فیه لأنه أکل مال بالباطل و لا معصیة من جهة العمل کما فی القمار بل لو أخذ الرهن بعنوان الوفاء بالعهد الذی هو نذر له- لا کفارة له مع طیب النفس من الباذل لا بعنوان أن المقامرة المذکورة أوجبته و ألزمته أمکن القول بجوازه. و قد عرفت من الأخبار إطلاق القمار علیه- و کونه موجبا للعن الملائکة و تنفرهم و أنه من المیسر المقرون بالخمر. و أما ما ذکره أخیرا من جواز أخذ الرهن بعنوان الوفاء بالعهد فلم أفهم معناه لأن العهد الذی تضمنه العقد الفاسد لا معنی لاستحباب الوفاء به إذ لا یستحب ترتیب آثار الملک علی ما لم یحصل فیه سبب تملک إلا أن یراد صورة الوفاء بأن یملکه تملیکا جدیدا بعد الغلبة فی اللعب لکن حل الأکل علی هذا الوجه جار فی القمار المحرم أیضا غایة الأمر الفرق بینهما بأن الوفاء لا یستحب فی المحرم لکن الکلام فی تصرف المبذول له بعد التملیک الجدید لا فی فعل الباذل و أنه یستحب له أو لا

[عدم الخلاف فی الحکم بالحرمة و الفساد]

و کیف کان فلا أظن أن الحکم بحرمة الفعل مضافا إلی الفساد محل إشکال بل و لا محل خلاف کما یظهر من کتاب السبق و الرمایة و کتاب الشهادات و قد تقدم دعواه صریحا من بعض الأعلام.

[قضاء أمیر المؤمنین (ع) فی رجل آکل و أصحاب له شاة]

نعم عن الکافی و التهذیب بسندهما عن محمد بن قیس عن أبی جعفر ع قال: قضی أمیر المؤمنین ع فی رجل أکل و أصحاب له شاة- فقال إن أکلتموها فهی لکم و إن لم تأکلوها فعلیکم کذا و کذا فقضی فیه و أن ذلک باطل لا شی ء فی المؤاکلة فی الطعام ما قل منه أو کثر و منع غرامة فیه.

[ظهور الروایة فی الجواز]

و ظاهرها من حیث عدم ردع الإمام ع عن فعل مثل هذا أنه لیس بحرام إلا أنه لا یترتب علیه الأثر لکن هذا وارد علی تقدیر القول بالبطلان و عدم التحریم أیضا لأن التصرف فی هذا المال مع فساد المعاملة حرام أیضا فتأمل.

ثم إن حکم المعوض من حیث الفساد

حکم سائر المأخوذ بالمعاملات الفاسدة یجب رده علی مالکه مع بقائه و مع التلف فالبدل مثلا أو قیمة.

و ما ورد من قی ء الإمام ع- البیض الذی قامر به الغلام

فلعله للحذر من أن یصیر الحرام جزء من بدنه لا للرد علی المالک لکن یشکل بأن ما کان تأثیره کذلک کیف أکل المعصوم ع له جهلا بناء علی عدم إقدامه علی المحرمات الواقعیة غیر المتبدلة بالعلم لا جهلا و لا غفلة لأن ما دل علی عدم جواز الغفلة علیه فی ترک الواجب و فعل الحرام دل علی عدم جواز الجهل علیه فی ذلک اللهم إلا أن یقال إن مجرد التصرف من المحرمات العلمیة- و التأثیر الواقعی غیر المتبدل بالجهل إنما هو فی بقائه و صیرورته بدلا عما یتحلل من بدنه ع و الفرض اطلاعه علیه فی أوائل وقت تصرف المعدة و لم یستمر جهله. هذا کله لتطبیق فعلهم علی القواعد و إلا فلهم فی حرکاتهم من أفعالهم و أقوالهم شئون لا یعلمها

المکاسب، ج 1، ص 49

غیرهم.

الرابعة المغالبة بغیر عوض- فی غیر ما نص علی جواز المسابقة فیه
اشارة

و الأکثر علی ما فی الریاض علی التحریم بل حکی فیها عن جماعة دعوی الإجماع علیه و هو الظاهر من بعض العبارات المحکیة عن التذکرة.

[الظاهر من بعض عبارات التذکرة الإجماع علی التحریم]

فعن موضع منها أنه لا یجوز المسابقة فی المصارعة بعوض و بغیر عوض عند علمائنا أجمع لعموم النهی إلا فی الثلاثة الخف و الحافر و النصل و ظاهر استدلاله أن مستند الإجماع هو النهی و هو جار فی غیر المصارعة أیضا. و عن موضع آخر لا یجوز المسابقة علی رمی الحجارة بالید و المقلاع و المنجنیق سواء أ کان بعوض أم بغیر عوض عند علمائنا و فیه أیضا لا یجوز المسابقة علی المراکب و السفن و الطیارات عند علمائنا و قال أیضا لا یجوز المسابقة علی مناطحة الغنم و مهارشة الدیک بعوض و بغیر عوض قال و کذلک لا یجوز المسابقة بما لا ینتفع به فی الحرب و عد فیما مثل به اللعب بالخاتم و الصولجان و رمی البنادق و الجلاهق و الوقوف علی رجل واحدة و معرفة ما فی الید من الزوج و الفرد و سائر الألعاب و کذلک اللبث فی الماء قال و جوزه بعض الشافعیة و لیس بجید انتهی.

و ظاهر المسالک المیل إلی الجواز

و استجوده فی الکفایة و تبعه بعض من تأخر عنه للأصل و عدم ثبوت الإجماع و عدم النص عدا ما تقدم من التذکرة من عموم النهی و هو غیر دال لأن السبق فی الروایة یحتمل التحریک بل فی المسالک أنه المشهور فی الروایة و علیه فلا تدل إلا علی تحریم المراهنة بل هی غیر ظاهرة فی التحریم أیضا لاحتمال إرادة فسادها بل هو الأظهر لأن نفی العوض ظاهر فی نفی استحقاقه و إرادة نفی جواز العقد علیه فی غایة البعد. و علی تقدیر السکون فکما یحتمل نفی الجواز التکلیفی فیحتمل نفی الصحة لوروده مورد الغالب من اشتمال المسابقة علی العوض

و قد یستدل للتحریم أیضا بأدلة القمار

بناء علی أنه مطلق المغالبة و لو بدون العوض کما یدل علیه ما تقدم من إطلاق الروایة- بکون اللعب بالنرد و الشطرنج بدون العوض قمارا. و دعوی أنه یشترط فی صدق القمار أحد الأمرین إما کون المغالبة بالآلات المعدة للقمار و إن لم یکن عوض و إما المغالبة مع العوض و إن لم یکن بالآلات المعدة للقمار علی ما یشهد به إطلاقه فی روایة الرهان فی الخف و الحافر فی غایة البعد بل الأظهر أنه مطلق المغالبة. و یشهد له أن إطلاق آلة القمار موقوف علی عدم دخول الآلة فی مفهوم القمار کما فی سائر الآلات المضافة إلی الأعمال حیث إن الآلة غیر مأخوذة فی المفهوم و قد عرفت أن العوض أیضا غیر مأخوذ فیه فتأمل.

و یمکن أن یستدل علی التحریم أیضا بما تقدم من أخبار حرمة الشطرنج و النرد

معللة بکونها من الباطل و اللعب و أن کل ما ألهی عن ذکر الله عز و جل فهو المیسر. و قوله ع: فی بیان حکم اللعب بالأربعة عشر لا تستحب شیئا من اللعب غیر الرهان و الرمی و المراد رهان الفرس و لا شک فی صدق اللهو و اللعب فیما نحن فیه ضرورة أن العوض لا دخل له فی ذلک.

و یؤیده ما دل علی أن کل لهو المؤمن باطل

خلا ثلاثة و عد منها إجراء الخیل و ملاعبة الرجل امرأته و لعله لذلک کله استدل فی الریاض تبعا للمهذب فی مسألتنا بما دل علی حرمة اللعب لکن قد یشکل الاستدلال فیما إذا تعلق بهذه الأفعال غرض صحیح یخرجه عن صدق اللهو عرفا فیمکن إناطة الحکم باللهو و یحکم فی غیر مصادیقه بالإباحة إلا أن یکون قولا بالفصل و هو غیر معلوم و سیجی ء بعض الکلام فی ذلک عند التعرض لحکم اللهو و موضوعه إن شاء الله

القیادة

السادسة عشرة القیادة- و هو السعی بین الشخصین لجمعهما علی الوطء المحرم

السادسة عشرة القیادة- و هو السعی بین الشخصین لجمعهما علی الوطء المحرم

و هی من الکبائر و قد تقدم تفسیر الواصلة و المستوصلة بذلک فی مسألة تدلیس الماشطة. و فی صحیحة ابن سنام: أنه یضرب ثلاثة أرباع حد الزانی خمسة و سبعون سوطا و ینفی من المصر الذی هو فیه

القیافة

السابعة عشرة القیافة و هو حرام فی الجملة
اشارة

السابعة عشرة القیافة و هو حرام فی الجملة

نسبه فی الحدائق إلی الأصحاب و فی الکفایة لا أعرف له خلافا و عن المنتهی الإجماع.

[القائف لغة و اصطلاحا]

و القائف کما عن الصحاح و القاموس و المصباح هو الذی یعرف الآثار- و عن النهایة و مجمع البحرین زیادة أنه یعرف شبه الرجل بأخیه و أبیه و فی جامع المقاصد و المسالک کما عن إیضاح النافع و المیسیة أنها إلحاق الناس بعضهم ببعض و قید فی الدروس و جامع المقاصد کما فی التنقیح حرمتها بما إذا ترتب علیها محرم و الظاهر أنه مراد الکل و إلا فمجرد حصول الاعتقاد العلمی أو الظنی بنسب شخص لا دلیل علی تحریمه

[الأخبار الناهیة عن مراجعة القائف]

و لذا نهی فی بعض الأخبار عن إتیان القائف و الآخذ بقوله. ففی المحکی عن الخصال ما أحب أن تأتیهم و عن مجمع البحرین أن فی الحدیث لا تأخذ بقول القائف. و نسب بعض أهل السنة أن رسول الله ص قضی بقول القافة و قد أنکر ذلک علیهم فی أخبارنا کما یشهد به ما فی الکافی عن زکریا بن یحیی بن نعمان الصیرفی قال: سمعت علی بن جعفر یحدث حسن بن الحسین بن علی بن الحسین فقال و الله لقد نصر الله أبا الحسن الرضا ع فقال الحسن إی و الله جعلت فداک لقد بغی علیه إخوته فقال علی بن جعفر إی و الله و نحن عمومته بغینا علیه فقال له الحسن جعلت فداک کیف صنعتم فإنی لم أحضرکم قال قال له إخوته و نحن أیضا- ما کان فینا إمام قط حائل اللون فقال لهم الرضا ع هو ابنی قالوا فإن رسول الله ص قد قضی بالقافة فبیننا و بینک القافة قال ابعثوا أنتم إلیهم فأما أنا فلا و لا تعلموهم لما دعوتموهم إلیه و لتکونوا فی بیوتکم فلما جاءوا أقعدونا فی البستان و اصطف عمومته و إخوته و أخواته و أخذوا الرضا ع و ألبسوه جبة من صوف و قلنسوة منها و وضعوا علی عنقه مسحاة و قالوا له ادخل البستان کأنک تعمل فیه ثم جاءوا بأبی جعفر ع فقالوا ألحقوا هذا الغلام بأبیه فقالوا لیس له هاهنا أب و لکن هذا عم أبیه و هذا عمه و هذه عمته و إن یکن له هاهنا أب فهو صاحب البستان فإن قدمیه و قدمیه واحدة فلما رجع أبو الحسن ع قالوا هذا أبوه قال علی بن جعفر فقمت فمصصت ریق أبی جعفر ع ثم قلت له أشهد أنک إمامی إلی آخر الخبر نقلناه بطوله تیمنا

الکذب

الثامنة عشرة الکذب و هو حرام بضرورة العقول و الأدیان
اشارة

الثامنة عشرة الکذب و هو حرام بضرورة العقول و الأدیان

و یدل علیه الأدلة الأربعة إلا أن الذی ینبغی الکلام فیه مقامان أحدهما فی أنه من الکبائر ثانیهما فی مسوغاته

أما الأول [هل المستفاد من الأخبار أن الکذب من الکبائر]
اشارة

فالظاهر من غیر واحد من الأخبار کالمروی فی العیون بسنده عن الفضل بن شاذان لا یقصر عن الصحیح و المروی عن الأعمش فی حدیث شرائع الدین عده من الکبائر. و فی الموثقة بعثمان بن عیسی: إن الله تعالی جعل

المکاسب، ج 1، ص 50

للشر أقفالا و جعل مفاتیح تلک الأقفال الشراب و الکذب شر من الشراب و أرسل عن رسول الله ص: أ لا أخبرکم بأکبر الکبائر الإشراک بالله و عقوق الوالدین و قول الزور أی الکذب و عنه ص: إن المؤمن إذا کذب بغیر عذر لعنه سبعون ألف ملک خرج من قلبه نتن حتی یبلغ العرش و کتب علیه بتلک الکذبة سبعین زنیة أهونها کمن یزنی مع أمه و یؤیده ما عن العسکری ع: جعلت الخبائث کلها فی بیت واحد و جعل مفتاحها الکذب إلی آخر الحدیث فإن مفتاح الخبائث کلها کبیرة لا محالة. و یمکن الاستدلال علی کونه من الکبائر بقوله تعالی إِنَّما یَفْتَرِی الْکَذِبَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِآیاتِ اللَّهِ فجعل الکاذب غیر مؤمن بآیات الله کافرا بها و لذلک کله أطلق جماعة کالفاضلین و الشهید الثانی فی ظاهر کلماتهم کونه من الکبائر من غیر فرق بین أن یترتب علی الخبر الکاذب مفسدة أو لا یترتب علیه شی ء أصلا. و یؤیده ما روی: عن النبی ص فی وصیته لأبی ذر ویل للذی یحدث فیکذب لیضحک القوم ویل له ویل له ویل له فإن الأکاذیب المضحکة لا یترتب علیها غالبا إیقاع فی المفسدة.

[هل الکذب کله من الکبائر]

نعم فی الأخبار ما یظهر من عدم کونه علی الإطلاق کبیرة- مثل روایة أبی خدیجة عن أبی عبد الله ع: إن الکذب علی الله و علی رسوله من الکبائر فإنها ظاهرة باختصاص الکبیرة بهذا الکذب الخاص لکن یمکن حملها علی کون هذا الکذب الخاص من الکبائر الشدیدة العظیمة و لعل هذا أولی من تقیید المطلقات المتقدمة. و فی مرسلة سیف بن عمیرة عن أبی جعفر ع قال: کان علی بن الحسین ع یقول لولده اتقوا الکذب الصغیر منه و الکبیر فی کل جد و هزل فإن الرجل إذا کذب فی الصغیر اجترأ علی الکبیر- إلی آخر الخبر و یستفاد منه أن عظم الکذب باعتبار ما یترتب علیه من المفاسد.

[هل الکذب من اللمم]

و فی صحیحة ابن الحجاج: قلت لأبی عبد الله ع الکذاب هو الذی یکذب فی الشی ء قال لا ما من أحد إلا یکون ذاک منه و لکن المطبوع علی الکذب فإن قوله ما من أحد إلا یکون ذاک منه یدل علی أن الکذب- من اللمم التی تصدر من کل أحد لا من الکبائر. و عن الحارث الأعور عن علی ع قال: لا یصلح من الکذب جد و لا هزل و أن لا یعد أحدکم صبیه ثم لا یفی له إن الکذب یهدی إلی الفجور و الفجور یهدی إلی النار و ما زال أحدکم یکذب حتی یقال کذب و فجر إلی آخر الخبر و فیه أیضا إشعار بأن مجرد الکذب لیس فجورا.

[حکم الإنشاء المنبئ عن الکذب]

و قوله و لا أن یعد أحدکم صبیه ثم لا یفی له لا بد أن یراد منه النهی عن الوعد مع إضمار عدم الوفاء و هو المراد ظاهرا بقوله تعالی کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ بل الظاهر عدم کونه کذبا حقیقیا و أن إطلاق الکذب علیه فی الروایة- لکونه فی حکمه من حیث الحرمة أو لأن الوعد مستلزم للإخبار بوقوع الفعل کما أن سائر الإنشاءات کذلک و لذا ذکر بعض الأساطین أن الکذب و إن کان من صفات الخبر إلا أن حکمه یجری فی الإنشاء المنبئ عنه کمدح المذموم و ذم الممدوح و تمنی المکاره و ترجی غیر المتوقع و إیجاب غیر الموجب و ندب غیر النادب و وعد غیر العازم

[خلف الوعد لا یدخل فی الکذب]

و کیف کان فالظاهر عدم دخول خلف الوعد فی الکذب لعدم کونه من مقولة الکلام. نعم هو کذب للوعد بمعنی جعله مخالفا للواقع کما أن إنجاز الوعد صدق له بمعنی جعله مطابقا للواقع فیقال صادق الوعد و وعد غیر مکذوب و الکذب بهذا المعنی لیس محرما علی المشهور و إن کان غیر واحد من الأخبار ظاهرا فی حرمته و فی بعضها الاستشهاد بالآیة المتقدمة

[الکذب فی الهزل]

ثم إن ظاهر الخبرین الأخیرین خصوصا المرسلة حرمة الکذب حتی فی الهزل و یمکن أن یراد بها الکذب فی مقام الهزل. و أما نفس الهزل و هو الکلام الفاقد للقصد إلی تحقق مدلوله فلا یبعد أنه غیر محرم مع نصب القرینة علی إرادة الهزل کما صرح به بعض و لعله لانصراف الکذب إلی الخبر المقصود و للسیرة و یمکن حمل الخبرین علی مطلق المرجوحیة- و یحتمل غیر بعید حرمته لعموم ما تقدم خصوصا الخبرین الأخیرین- و النبوی فی وصیة أبی ذر لأن الأکاذیب المضحکة أکثرها من قبیل الهزل. و عن الخصال بسنده عن رسول الله ص: أنا زعیم بیت فی أعلی الجنة و بیت فی وسط الجنة و بیت فی ریاض الجنة لمن ترک المراء و إن کان محقا و لمن ترک الکذب و إن کان هازلا و لمن حسن خلقه و قال أمیر المؤمنین ص: لا یجد الرجل طعم الإیمان حتی یترک الکذب هزله و جده

ثم إنه لا ینبغی الإشکال فی أن المبالغة فی الادعاء و إن بلغت ما بلغت لیست من الکذب

و ربما یدخل فیه إذا کانت فی غیر محلها کما لو مدح إنسانا قبیح المنظر و شبه وجهه بالقمر إلا إذا بنی علی کونه کذلک فی نظر المادح فإن الأنظار تختلف فی التحسین و التقبیح کالذائقات فی المطعومات.

و أما التوریة
اشارة

و هو أن یرید بلفظ معنی مطابقا للواقع و قصد من إلقائه أن یفهم المخاطب منه خلاف ذلک مما هو ظاهر فیه عند مطلق المخاطب أو المخاطب الخاص کما لو قلت فی مقام إنکار ما قلته فی حق أحد علم الله ما قلته و أردت بکلمة ما الموصولة و فهم المخاطب النافیة و کما لو استأذن رجل بالباب فقال الخادم له ما هو هاهنا و أشار إلی موضع فارغ فی البیت و کما لو قلت الیوم ما أکلت الخبز تعنی بذلک حالة النوم أو حالة الصلاة إلی غیر ذلک فلا ینبغی الإشکال فی عدم کونها من الکذب و لذا صرح الأصحاب فیما سیأتی من وجوب التوریة عند الضرورة بأنه یؤدی بما یخرجه عن الکذب بل اعترض جامع المقاصد علی قول العلامة فی القواعد فی مسألة الودیعة إذا طالبها ظالم بأنه یجوز الحلف کاذبا و تجب التوریة علی العارف بها بأن العبارة لا تخلو عن مناقشة حیث تقتضی ثبوت الکذب مع التوریة و معلوم أن لا کذب معها انتهی. و وجه ذلک أن الخبر باعتبار معناه و هو المستعمل فیه کلامه لیس مخالفا للواقع و إنما فهم المخاطب من کلامه أمرا مخالفا للواقع لم یقصده المتکلم من اللفظ. نعم لو ترتبت علیها مفسدة حرمت من تلک الجهة اللهم إلا أن یدعی أن مفسدة الکذب و هو الإغراء موجودة فیها و هی ممنوعة لأن الکذب محرم لا لمجرد الإغراء.

[الملاک فی اتصاف الخبر بالکذب عند بعض الأفاضل]

و ذکر بعض الأفاضل أن المعتبر فی اتصاف الخبر بالصدق و الکذب هو ما یفهم من ظاهر الکلام لا ما هو المراد منه فلو قال رأیت حمارا و أراد منه البلید من دون نصب قرینة فهو متصف بالکذب و إن لم یکن المراد مخالفا للواقع انتهی موضع الحاجة. أقول فإن أراد اتصاف الخبر فی

المکاسب، ج 1، ص 51

الواقع فقد تقدم أنه دائر مدار موافقة المخبر و مخالفته للواقع لأنه معنی الخبر و المقصود منه دون ظاهره الذی لم یقصد. و إن أراد اتصافه عند الواصف فهو حق مع فرض جهله بإرادة خلاف الظاهر. لکن توصیفه حینئذ باعتقاد أن هذا هو مراد المخبر و مقصوده فیرجع الأمر إلی إناطة الاتصاف بمراد المتکلم و إن کان الطریق إلیه اعتقاد المخاطب.

و مما یدل علی سلب الکذب عن التوریة

ما روی فی الاحتجاج: أنه سئل الإمام الصادق ع عن قول الله عز و جل فی قصة إبراهیم علی نبینا و آله و علیه السلام بَلْ فَعَلَهُ کَبِیرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ کانُوا یَنْطِقُونَ قال ما فعله کبیرهم و ما کذب إبراهیم قیل و کیف ذلک فقال إنما قال إبراهیم فسئلوهم إن کانوا ینطقون أی إن نطقوا فکبیرهم فعل- و إن لم ینطقوا فلم یفعل کبیرهم شیئا فما نطقوا و ما کذب إبراهیم: و سئل [أبو عبد الله ع] عن قول الله تعالی [فی یوسف] أَیَّتُهَا الْعِیرُ إِنَّکُمْ لَسارِقُونَ قال إنهم سرقوا یوسف من أبیه أ لا تری أنهم قالوا نفقد صواع الملک و لم یقولوا سرقتم صواع الملک: و سئل عن قول الله عز و جل حکایة عن إبراهیم ع إِنِّی سَقِیمٌ قال ما کان إبراهیم سقیما و ما کذب إنما عنی سقیما فی دینه أی مرتادا و فی مستطرفات السرائر من کتاب ابن کثیر قال: قلت لأبی عبد الله ع الرجل یستأذن علیه فیقول للجاریة قولی لیس هو هاهنا فقال ع لا بأس لیس بکذب فإن سلب الکذب مبنی علی أن المشار إلیه بقوله هاهنا موضع خال من الدار إذ لا وجه له سوی ذلک. و روی فی باب الحیل من کتاب الطلاق للمبسوط: أن واحدا من الصحابة صحب واحدا آخر فاعترضهما فی الطریق أعداء المصحوب فأنکر الصاحب أنه هو فأحلفوه فحلف لهم أنه أخوه فلما أتی النبی ص قال له صدقت المسلم أخو المسلم إلی غیر ذلک مما یظهر منه ذلک

أما الکلام فی المقام الثانی و هی مسوغات الکذب
اشارة

فاعلم أنه یسوغ الکذب لوجهین

أحدهما الضرورة إلیه
اشارة

فیسوق معها بالأدلة الأربعة قال الله تعالی إِلَّا مَنْ أُکْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِیمانِ و قال تعالی لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکافِرِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِینَ وَ مَنْ یَفْعَلْ ذلِکَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ فِی شَیْ ءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً. و قوله ع: ما من شی ء إلا و قد أحله الله لمن اضطر إلیه و قد اشتهر أن الضرورات تبیح المحظورات. و الأخبار فی ذلک أکثر من أن تحصی و قد استفاضت أو تواترت بجواز الحلف کاذبا لدفع الضرر البدنی أو المالی عن نفسه أو أخیه. و الإجماع أظهر من أن یدعی أو یحکی و العقل مستقل بوجوب ارتکاب أقل القبیحین مع بقائه علی قبحه أو انتفاء قبحه لغلبة الآخر علیه علی القولین و هما کون القبح العقلی مطلقا أو فی خصوص الکذب لأجل الذات فیختلف الوجوه و الاعتبارات و لا إشکال فی ذلک

و إنما الإشکال و الخلاف فی أنه هل یجب حینئذ التوریة لمن یقدر علیها أم لا
اشارة

ظاهر المشهور هو الأول کما یظهر من المقنعة و المبسوط و الغنیة و السرائر و الشرائع و القواعد و اللمعة و شرحها و التحریر و جامع المقاصد و الریاض و محکی مجمع البرهان فی مسألة جواز الحلف لدفع الظالم عن الودیعة.

[ما یدل علی الوجوب من کلمات الفقهاء]

قال فی المقنعة من کانت عنده أمانة فطالبه ظالم بتسلیمها إلیه و خیانة صاحبها فیها فلیجحدها لیحفظها علی المؤتمن له علیها و إن استحلفه علی ذلک فلیحلف و یوری فی نفسه بما یخرجه عن الکذب فلیجهد و إن استحلفه ظالم علی ذلک فلیحلف و یوری فی نفسه بما یخرجه عن الکذب إلی أن قال فإن لم یحسن التوریة و کانت نیته حفظ الأمانة أجزأته النیة و کان مأجورا انتهی. و قال فی هذه المسألة أعنی مطالبة الظالم الودیعة فإن قنع الظالم منه بیمینه فله أن یحلف و یوری فی ذلک انتهی. و فی الغنیة فی هذه المسألة و یجوز له أن یحلف أنه لیس عنده ودیعة و یوری فی یمینه بما یسلم به من الکذب بدلیل إجماع الشیعة انتهی و قال فی المختصر النافع حلف موریا و فی القواعد و تجب التوریة علی العارف بها انتهی و فی السرائر فی باب الحیل من کتاب الطلاق لو أنکر الاستدانة خوفا من الإقرار بالإبراء أو القضاء جاز الحلف مع صدقه بشرط التوریة بما یخرجه عن الکذب انتهی و فی اللمعة یحلف علیه فیوری و قریب منه فی شرحها و فی جامع المقاصد فی باب المکاسب تجب التوریة بما یخرجه عن الکذب انتهی.

[وجه ما ذکره الفقهاء فی وجوب التوریة]

و وجه ما ذکروه أن الکذب حرام و لم یحصل الاضطرار إلیه مع القدرة علی التوریة فیدخل تحت العمومات مع أن قبح الکذب عقلی فلا یسوغ إلا مع تحقق عنوان حسن فی ضمنه یغلب حسنه علی قبحه و یتوقف تحققه علی تحققه و لا یکون التوقف إلا مع العجز عن التوریة

[مقتضی الإطلاقات عدم الوجوب]

و هذا الحکم جید إلا أن مقتضی إطلاقات أدلة الترخیص فی الحلف کاذبا لدفع الضرر البدنی أو المالی عن نفسه أو أخیه عدم اعتبار ذلک. ففی روایة السکونی عن الإمام الصادق عن أبیه عن آبائه عن علی ع قال قال رسول الله ص: احلف بالله کاذبا و نج أخاک من القتل و صحیحة إسماعیل بن سعد الأشعری عن أبی الحسن الرضا ع قال: سألته عن رجل یخاف علی ماله من السلطان فیحلف له لینجو به منه قال لا بأس و سألته هل یحلف الرجل علی مال أخیه کما یحلف علی مال نفسه قال نعم و عن الفقیه قال قال الصادق ع: الیمین علی وجهین إلی أن قال فأما الیمین التی یؤجر علیها الرجل إذا حلف کاذبا و لم تلزمه الکفارة فهو أن یحلف الرجل فی خلاص امرأ مسلم أو خلاص ماله من متعد یتعدی علیه من لص أو غیره و فی موثقة زرارة بابن بکیر: أنا نمر علی هؤلاء القوم فیستحلفوننا علی أموالنا و قد أدینا زکاتها فقال یا زرارة إذا خفت فاحلف لهم بما شاءوا و روایة سماعة عن أبی عبد الله ع: إذا حلف الرجل تقیة لم یضره إذا هو أکره أو اضطر إلیه و قال لیس شی ء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إلیه إلی غیر ذلک من الأخبار الواردة فی هذا الباب و فیما یأتی من جواز الکذب فی الإصلاح التی یصعب علی الفقیه التزام تقییدها بصورة عدم القدرة علی التوریة. و أما حکم العقل بقبح الکذب فی غیر مقام توقف تحقق المصلحة الراجحة علیه فهو و إن کان مسلما إلا أنه یمکن القول بالعفو عنه شرعا- للأخبار المذکورة کما عفی عن الکذب فی الإصلاح و عن السب و التبری مع الإکراه مع أنه قبیح عقلا أیضا مع أن إیجاب التوریة علی القادر لا یخلو عن الالتزام بالعسر کما لا یخفی

[المختار اشتراط جواز الکذب بعدم إمکان التوریة]

فلو قیل بتوسعة الشارع علی العباد بعدم ترتب الآثار علی الکذب فیما نحن فیه و إن قدر علی التوریة کان حسنا إلا أن الاحتیاط فی خلافه بل هو المطابق للقواعد لو لا استبعاد التقیید فی هذه المطلقات لأن النسبة بین هذه المطلقات و بین ما دل کالروایة الأخیرة و غیرها علی اختصاص الجواز بصورة الاضطرار المستلزم للمنع مع عدمه

المکاسب، ج 1، ص 52

مطلقا عموم من وجه فیرجع إلی عمومات حرمة الکذب فتأمل. هذا مع إمکان منع الاستبعاد المذکور لأن مورد الأخبار عدم التفات إلی التوریة فی مقام الضرورة إلی الکذب إذ مع الالتفات فالغالب اختیارها إذ لا داعی إلی العدول عنها إلی الکذب

[هل یتحقق الإکراه فی صورة القدرة علی التوریة]

ثم إن أکثر الأصحاب مع تقییدهم جواز الکذب بعدم القدرة علی التوریة أطلقوا القول بلغویة ما أکره علیه من العقود و الإیقاعات و أقوال المحرمة کالسب و التبری من دون تقیید بصورة عدم التمکن من التوریة بل صرح بعض هؤلاء کالشهید فی الروضة و المسالک فی باب الطلاق بعدم اعتبار العجز عنها بل فی کلام بعض ما یشعر بالاتفاق علیه مع أنه یمکن أن یقال إن المکره علی البیع إنما أکره علی التلفظ بالصیغة. و أما إرادة المعنی فمما لا یقبل الإکراه فإذا أراده مع القدرة علی عدم إرادته فقد اختاره فالإکراه علی البیع الواقعی یختص بغیر القادر علی التوریة لعدم المعرفة بها أو عدم الالتفات إلیها کما أن الاضطرار إلی الکذب یختص بغیر القادر علیها

[الفرق بین الإکراه و الکذب]

و یمکن أن یفرق بین المقامین بأن الإکراه إنما یتعلق بالبیع الحقیقی أو الطلاق الحقیقی غایة الأمر قدرة المکره علی التفصی عنه بإیقاع الصورة من دون إرادة المعنی لکنه غیر المکره علیه. و حیث إن الأخبار خالیة عن اعتبار العجز عن التفصی بهذا الوجه لم یعتبر ذلک فی حکم الإکراه و هذا بخلاف الکذب فإنه لم یسوغ إلا عند الاضطرار إلیه و لا اضطرار مع القدرة. نعم لو کان الإکراه من أفراد الاضطرار بأن کان المعتبر فی تحقق موضوعه عرفا أو لغة العجز عن التفصی کما ادعاه بعض أو قلنا باختصاص رفع حکمه بصورة الاضطرار بأن کان عدم ترتب الأثر علی المکره علیه من حیث إنه مضطر إلیه لدفع الضرر المتوعد علیه به عن النفس و المال کان ینبغی فیه اعتبار العجز من التوریة لعدم اضطرار مع القدرة علیها. و الحاصل أن المکره إذا قصد المعنی مع التمکن من التوریة صدق علی ما أوقع أنه مکره علیه فیدخل فی عموم رفع ما أکرهوا علیه. و أما المضطر فإذا کذب مع القدرة علی التوریة لم یصدق أنه مضطر إلیه فلا یدخل فی عموم رفع ما اضطروا إلیه هذا کله علی مذاق المشهور من انحصار جواز الکذب بصورة الاضطرار إلیه حتی من جهة العجز عن التوریة. و أما علی ما استظهرناه من الأخبار کما اعترف به جماعة من جوازه مع الاضطرار إلیه من غیر جهة العجز عن التوریة فلا فرق بینه و بین الإکراه کما أن الظاهر أن أدلة نفی الإکراه راجعة إلی الاضطرار لکن من غیر جهة التوریة. فالشارع رخص فی ترک التوریة فی کل کلام مضطر إلیه للإکراه علیه أو دفع الضرر به هذا و لکن الأحوط التوریة فی البابین

ثم إن الضرر المسوغ للکذب هو المسوغ لسائر المحرمات

. نعم یستحب تحمل الضرر المالی الذی لا یجحف و علیه یحمل قول أمیر المؤمنین ع فی نهج البلاغة: علامة الإیمان أن تؤثر الصدق حیث یضرک علی الکذب حیث ینفعک-

[الأنسب حمل روایات التقیة علی خلاف الظاهر لا الکذب لمصلحة]

ثم إن الأقوال الصادرة عن أئمتنا فی مقام التقیة فی بیان الأحکام مثل قولهم: لا بأس بالصلاة فی ثوب أصابه خمر و نحو ذلک و إن أمکن حمله علی الکذب لمصلحة بناء علی ما استظهرنا جوازه من الأخبار إلا أن الألیق بشأنهم ع هو الحمل علی إرادة خلاف ظواهرها من دون نصب قرینة بأن یرید من جواز الصلاة فی الثوب المذکور جوازها عند تعذر الغسل و الاضطرار إلی اللبس و قد صرحوا بإرادة المحامل البعیدة فی بعض الموارد مثل أنه: ذکر ع أن النافلة فریضة ففزع المخاطب ثم قال إنما أردت صلاة الوتر علی النبی ص

و من هنا یعلم أنه إذا دار الأمر فی بعض المواضع بین الحمل علی التقیة و الحمل علی الاستحباب

کما فی الأمر بالوضوء عقیب بعض ما قال العامة بکونه حدثا تعین الثانی لأن التقیة تتأدی بإرادة المجاز و إخفاء القرینة.

الثانی من مسوغات الکذب إرادة الإصلاح

و قد استفاضت الأخبار بجواز الکذب عند إرادة الإصلاح.

ففی صحیحة معاویة بن عمار: المصلح لیس بکذاب و نحوها روایة معاویة بن حکم عن أبیه عن جده عن أبی عبد الله ع. و فی روایة عیسی بن حسان فی الوسائل عن الصادق ع: کل کذب مسئول عنه صاحبه یوما إلا کذبا فی ثلاثة رجل کائد فی حربه فهو موضوع عنه أو رجل أصلح بین اثنین یلقی هذا بغیر ما یلقی به هذا یرید بذلک الإصلاح أو رجل وعد أهله و هو لا یرید أن یتم لهم و بمضمون هذه الروایة فی استثناء هذه الثلاثة روایات. و فی مرسلة الواسطی عن أبی عبد الله ع قال: الکلام ثلاثة صدق و کذب و إصلاح بین الناس قال قیل له جعلت فداک ما الإصلاح بین الناس قال تسمع من الرجل کلاما یبلغه فتخبث نفسه فیقول سمعت من فلان قال فیک من الخیر کذا و کذا خلاف ما سمعت منه و عن الصدوق فی کتاب الإخوان بسنده عن أبی الحسن الرضا ع قال: إن الرجل لیصدق علی أخیه فیصیبه عنت من صدقه فیکون کذابا عند الله و إن الرجل لیکذب علی أخیه یرید به نفعه فیکون عند الله صادقا ثم إن ظاهر الأخبار المذکورة عدم وجوب التوریة و لم أر من اعتبر العجز عنها فی جواز الکذب فی هذا المقام. و تقیید الأخبار المذکورة بصورة العجز عنها فی غایة البعد و إن کان مراعاته مقتضی الاحتیاط. ثم إنه قد ورد فی أخبار کثیرة جواز الوعد الکاذب مع الزوجة بل مطلق الأهل و الله العالم

الکهانة

التاسعة عشرة الکهانة
اشارة

من کهن یکهن ککتب یکتب کتابة کما فی الصحاح إذا تکهن قال و یقال کهن بالضم کهانة بالفتح إذا صار کاهنا. و عن القاموس أیضا الکهانة بالکسر لکن عن المصباح کهن یکهن کقتل یقتل کهانة بالفتح

[من هو الکاهن]

و کیف کان فعن النهایة أن الکاهن من یتعاطی الخبر عن الکائنات فی مستقبل الزمان. فقد کان فی العرب کهنة فمنهم من کان یزعم أن له تابعا من الجن یلقی إلیه الأخبار و منهم من کان یزعم أنه یعرف الأمور بمقدمات و أسباب یستدل بها علی مواقعها من کلام من سأله أو فعله أو حاله و هذا یخصونه باسم العراف. و المحکی عن الأکثر فی تعریف الکاهن ما فی القواعد من أنه من کان له رأی من الجن یأتیه الأخبار. و عن التنقیح أنه المشهور و نسبه فی السرائر إلی القیل و رأی علی فعیل من رأی یقال فلان رأی القوم أی صاحب رأیهم قیل و قد تکسر راؤه اتباعا و عن القاموس و السرائر رأی کغنی جنی یری فیخبر و عن النهایة یقال للتابع من الجن رأی بوزن کمی.

المکاسب، ج 1، ص 53

[تفسیر الکهانة فی روایة الاحتجاج]

أقول روی الطبرسی فی الاحتجاج: فی جملة الأسئلة التی سأل الزندیق عنها أبا عبد الله ع قال الزندیق فمن أین أصل الکهانة و من أین یخبر الناس بما یحدث قال ع إن الکهانة کانت فی الجاهلیة فی کل حین فترة من الرسل کان الکاهن بمنزلة الحاکم یحتکمون إلیه فیما یشتبه علیهم من الأمور بینهم فیخبرهم عن أشیاء تحدث و ذلک من وجوه شتی فراسة العین و ذکاء القلب و وسوسة النفس و فطنة الروح مع قذف فی قلبه لأن ما یحدث فی الأرض من الحوادث الظاهرة فذلک یعلم الشیطان و یؤدیه إلی الکاهن و یخبره بما یحدث فی المنازل و الأطراف و أما أخبار السماء فإن الشیاطین کانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاک و هی لا تحجب و لا ترجم بالنجوم و إنما منعت من استراق السمع لئلا یقع فی الأرض سبب یشاکل الوحی من خبر السماء و یلبس علی أهل الأرض بما جاءهم من الله تعالی لإثبات الحجة و نفی الشبهة و کان الشیطان یسترق الکلمة الواحدة من خبر السماء بما یحدث الله فی خلقه فیختطفها ثم یهبط بها إلی الأرض فیقذفها إلی الکاهن فإذا قد زاد کلمات من عنده فیخلط الحق بالباطل فلما أصاب الکاهن من خبر یخبر به فهو ما أداه إلیه شیطانه مما سمعه و ما أخطأ فیه فهو من باطل ما زاد فیه فمنذ منعت الشیاطین عن استراق السمع انقطعت الکهانة. و الیوم إنما تؤدی الشیاطین إلی کهانها أخبار الناس بما یتحدثون به و ما یحدثونه و الشیاطین تؤدی إلی الشیاطین ما یحدث فی البعد من الحوادث من سارق سرق و من قاتل قتل و من غائب غاب و هم بمنزلة الناس أیضا صدوق و کذوب إلی آخر الخبر. و قوله ع مع قذف فی قلبه یمکن أن یکون قیدا للأخیر و هو فطنة الروح فتکون الکهانة بغیر قذف الشیاطین کما هو ظاهر ما تقدم من النهایة و یحتمل أن یکون قیدا لجمیع الوجوه المذکورة فیکون المراد ترکب أخبار الکاهن مما یقذفه الشیطان و ما یحدث فی نفسه لتلک الوجوه و غیرها کما یدل علیه قوله ع بعد ذلک زاد کلمات من عنده فیخلط الحق بالباطل و کیف کان ففی قوله ع انقطعت الکهانة دلالة ما عن المغرب من أن الکهانة فی العرب کانت قبل المبعث و قبل منع الشیطان عن استراق السمع لکن قوله ع إنما تؤدی الشیاطین إلی کهانها أخبار الناس و قوله ع قبل ذلک مع قذف فی قلبه إلی آخر الکلمات دلالة علی صدق الکاهن علی من لا یخبر إلا بإخبار الأرض فیکون المراد من الکهانة المنقطعة الکهانة الکاملة التی یکون الکاهن بها حاکما فی جمیع ما یتحاکمون إلیه من المشتبهات کما ذکر فی أول الروایة

و کیف کان فلا خلاف فی حرمة الکهانة

. و فی المروی عن الخصال: من تکهن أو تکهن له فقد برأ من دین محمد ص و قد تقدم روایة أن الکاهن کالساحر و أن تعلم النجوم یدعو إلی الکهانة. و روی فی مستطرفات السرائر عن کتاب المشیخة للحسن بن محبوب عن الهیثم قال: قلت لأبی عبد الله ع إن عندنا بالجزیرة رجلا ربما أخبر من یأتیه یسأله عن الشی ء یسرق أو شبه ذلک فنسأله فقال قال رسول الله ص من مشی إلی ساحر أو کاهن أو کذاب یصدقه فیما یقول فقد کفر بما أنزل الله من کتاب.

[حرمة الإخبار عن الغائبات جزما و لو بغیر الکهانة]

و ظاهر هذه الصحیحة أن الإخبار عن الغائبات علی سبیل الجزم محرم مطلقا سواء أ کان بالکهانة أم بغیرها لأنه ع جعل المخبر بالشی ء الغائب بین الساحر و الکاهن و الکذاب و جعل الکل حراما و یؤیدها النهی فی النبوی المروی فی الفقیه فی حدیث المناهی أنه نهی عن إتیان العراف.

و قال ص: من أتاه و صدقه فقد برأ بما أنزل الله عز و جل علی محمد ص. و قد عرفت من النهایة أن المخبر عن الغائبات فی المستقبل کاهن و یخص باسم العراف و یؤید ذلک ما تقدم فی روایة الاحتجاج من قوله ع لئلا یقع فی الأرض سبب یشاکل الوحی إلی آخر الحدیث فإن ظاهر قوله هذا أن ذلک مبغوض للشارع من أی سبب کان فتبین من ذلک أن الإخبار عن الغائبات بمجرد السؤال عنها من غیر نظر فی بعض ما صح اعتباره کبعض الجفر و الرمل محرم و لعله لذا عد صاحب المفاتیح من المحرمات المنصوصة الإخبار عن الغائبات علی سبیل الجزم لغیر نبی أو وصی نبی سواء أ کان بالتنجیم أم الکهانة أم القیافة أو غیر ذلک

اللهو

العشرون اللهو حرام
العشرون اللهو حرام
اشارة

علی ما یظهر من المبسوط و السرائر و المعتبر و القواعد و الذکری و الجعفری و غیرها حیث عللوا لزوم الإتمام فی سفر الصید بکونه محرما من حیث اللهو.

[کلمات الفقهاء فی حرمة اللهو]

قال فی المبسوط السفر علی أربعة أقسام و ذکر الواجب و الندب و المباح ثم قال الرابع سفر المعصیة و عد من أمثلتها من طلب الصید للهو و البطر و نحوه بعینه عبارة السرائر. و قال فی المعتبر قال علماؤنا اللاهی بسفره کالمتنزه بصیده بطرا لا یترخص لنا أن اللهو حرام فالسفر له معصیة انتهی و قال فی القواعد الخامس من شروط القصر إباحة السفر فلا یرخص العاصی بسفره کتابع الجائر و المتصید لهوا انتهی و قال فی المختلف فی کتاب المتاجر حرم الحلی الرمی من قوس الجلاهق قال و هذا الإطلاق لیس بجید بل ینبغی تقییده باللهو و البطر و قد صرح الحلی فی مسألة اللعب بالحمام بغیر رهان بحرمته و قال إن اللعب بجمیع الأشیاء قبیح و رده بعض بمنع حرمة مطلق اللعب. و انتصر فی الریاض للحی بأن ما دل علی قبح اللعب و ورود الذم به من الآیات و الروایات أظهر من أن یخفی فإذا ثبت القبح ثبت النهی ثم قال و لو لا شذوذه بحیث کاد أن یکون مخالفا للإجماع لکان المصیر إلی قوله لیس بذلک البعید انتهی. و لا یبعد أن یکون القول بجواز خصوص هذا اللعب و شذوذ القول بحرمته مع دعوی کثرة الروایات بل الآیات علی حرمة مطلق اللهو لأجل النص علی الجواز فیه فی قوله ع: لا بأس بشهادة من یلعب بالحمام و استدل فی الریاض أیضا تبعا للمهذب علی حرمة المسابقة بغیر المنصوص علی جوازه بغیر عوض بما دل علی تحریم اللهو و اللعب قال لکونها منه بلا تأمل انتهی.

و الأخبار الظاهرة فی حرمة اللهو کثیرة جدا

منها ما تقدم من قوله ع فی روایة تحف العقول: و ما یکون منه و فیه الفساد محضا و لا یکون منه و لا فیه شی ء من وجوه الصلاح فحرام تعلیمه و تعلمه و العمل به و أخذ الأجرة علیه و منها ما تقدم من روایة الأعمش حیث عد فی الکبائر الاشتغال بالملاهی التی تصد عن ذکر الله کالغناء و ضرب الأوتار فإن الملاهی جمع ملهی مصدرا أو ملهی وصفا لا الملهاة آلة لأنه لا یناسب التمثیل و نحوها فی عد الاشتغال بالملاهی من الکبائر روایة العیون الواردة فی الکبائر و هی حسنة کالصحیحة بل صحیحة. و منها ما تقدم فی روایات القمار فی قوله ع: کل ما ألهی عن ذکر الله فهو المیسر و منها: قوله ع فی جواب من خرج فی السفر یطلب الصید بالبزاة و الصقور إنما خرج فی لهو لا یقصر و منها ما تقدم فی روایة الغناء فی حدیث الرضا ع: فی جواب من سأله عن السماع فقال

المکاسب، ج 1، ص 54

إن لأهل الحجاز فیه رأی قال و هو فی حیز اللهو: و قوله ع فی رد من زعم أن النبی ص رخص فی أن یقال جئناکم جئناکم إلخ [حیونا نحیکم إلی آخر الحدیث] کذبوا إن الله یقول لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إلی آخر الآیتین و منها ما دل علی أن اللهو من الباطل بضمیمة ما یظهر منه حرمة الباطل کما تقدم فی روایات الغناء. ففی بعض الروایات: کل لهو المؤمن من الباطل ما خلا ثلاثة المسابقة و ملاعبة الرجل أهله إلی آخر الحدیث و فی روایة علی بن جعفر عن أخیه ع قال: سألته عن اللعب بالأربعة عشر و شبهها قال لا تستحب شیئا من اللعب غیر الرهان و الرمی إلی غیر ذلک مما یتوقف علیه المتتبع و یؤیدها أن حرمة اللعب بآلات اللهو الظاهر أنه من حیث اللهو لا من حیث خصوص الآلة. ففی روایة سماعة قال قال أبو عبد الله ع: لما مات آدم شمت به إبلیس و قابیل فاجتمعا فی الأرض فجعل إبلیس و قابیل المعازف و الملاهی شماتة بآدم علی نبینا و آله و علیه السلام فکل ما کان فی الأرض من هذا الضرب الذی یتلذذ به الناس فإنما هو من ذلک فإن فیه إشارة إلی أن المناط هو مطلق التلهی و التلذذ و یؤیدها ما تقدم من أن المشهور حرمة المسابقة علی ما عدا المنصوص بغیر عوض فإن الظاهر أنه لا وجه له عدا کونه لهوا- و إن لم یصرحوا بذلک عدا القلیل منهم کما تقدم. نعم صرح فی التذکرة بحرمة المسابقة علی جمیع الألعاب کما تقدم فی نقل کلامه فی مسألة القمار

هذا و لکن الإشکال فی معنی اللهو

فإنه إن أرید به مطلق اللعب کما یظهر من الصحاح و القاموس فالظاهر أن القول بحرمته شاذ مخالف للمشهور و السیرة فإن اللعب هی الحرکة لا لغرض عقلائی و لا خلاف ظاهرا فی عدم حرمته علی الإطلاق. نعم لو خص اللهو بما یکون من بطر و فسر بشدة الفرح کان الأقوی تحریمه و یدخل فی ذلک الرقص و التصفیق و الضرب بالطست بدل الدف و کل ما یفید فائدة آلات اللهو و لو جعل مطلق الحرکات التی لا یتعلق بها غرض عقلائی مع انبعاثها عن القوی الشهویة ففی حرمته تردد.

و اعلم أن هنا عنوانین آخرین اللعب و اللغو.

أما اللعب

فقد عرفت أن ظاهر بعض ترادفهما و لکن مقتضی تعاطفهما فی غیر موضع من الکتاب العزیز تغایرهما و لعلهما من قبیل الفقیر و المسکین إذا اجتمعا افترقا و إذا افترقا اجتمعا و لعل اللعب یشمل مثل حرکات الأطفال غیر المنبعثة عن القوی الشهویة.

و اللهو ما تلتذ به النفس و ینبعث عن القوی الشهویة. و قد ذکر غیر واحد أن قوله تعالی أَنَّمَا الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَةٌ إلی آخر الآیة بیان ملاذ الدنیا علی ترتیب تدرجه فی العمر و قد جعلوا لکل واحد منها ثمان سنین و کیف کان فلم أجد من أفتی بحرمة اللعب عدا الحلی علی ما عرفت من کلامه- و لعله یرید اللهو و إلا فالأقوی الکراهة.

و أما اللغو

فإن جعل مرادف اللهو کما یظهر من بعض الأخبار کان فی حکمه. ففی روایة محمد بن أبی عباد المتقدمة عن أبی الحسن الرضا ع: إن السماع فی حیز اللهو و الباطل أ ما سمعت قول الله تعالی وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا کِراماً و نحوها روایة أبی أیوب حیث أراد باللغو الغناء مستشهدا بالآیة و إن أرید به مطلق الحرکات اللاغیة فالأقوی فیها الکراهة. و فی روایة أبی خالد الکابلی عن سید الساجدین: تفسیر الذنوب التی تهتک العصم بشرب الخمر و اللعب بالقمار و تعاطی ما یضحک الناس من اللغو و المزاح و ذکر عیوب الناس: و فی وصیة النبی ص لأبی ذر رضی الله عنه أن الرجل لیتکلم بالکلمة فیضحک الناس فیهوی ما بین السماء و الأرض

مدح من لا یستحق المدح

الحادیة و العشرون مدح من لا یستحق المدح أو یستحق الذم
اشارة

ذکره العلامة فی المکاسب المحرمة و الوجه فیه واضح من جهة قبحه عقلا.

[ما یدل علی الحرمة]

و یدل علیه من الشرع قوله تعالی وَ لا تَرْکَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّکُمُ النَّارُ و عن النبی ص فیما رواه الصدوق: من عظم صاحب دنیا و أحبه طمعا فی دنیاه سخط الله علیه و کان فی درجته مع قارون فی التابوت الأسفل من النار و فی النبوی الآخر الوارد فی حدیث المناهی: من مدح سلطانا جائرا أو تخفف أو تضعضع له طمعا فیه کان قرینة فی النار.

[وجوب مدح من لا یستحق المدح لدفع شره]

و مقتضی هذه الأدلة حرمة المدح طمعا فی الممدوح و أما لدفع شره فهو واجب و قد ورد فی عدة أخبار: أن شرار الناس الذین یکرمون اتقاء شرهم

معونة الظالمین

الثانیة و العشرون معونة الظالمین فی ظلمهم حرام بالأدلة الأربعة
الثانیة و العشرون معونة الظالمین فی ظلمهم حرام بالأدلة الأربعة
اشارة

و هو من الکبائر. فعن کتاب الشیخ ورام بن أبی فراس قال قال ع: من مشی إلی ظالم لیعینه و هو یعلم أنه ظالم فقد خرج عن الإسلام قال و قال ع: إذا کان یوم القیامة ینادی مناد أین الظلمة أین أعوان الظلمة أین أشباه الظلمة حتی من بری ء لهم قلما أو لاق لهم دواة فیجتمعون فی تابوت من حدید ثم یرمی بهم فی جهنم و فی النبوی ص: من علق سوطا بین یدی سلطان جائر جعلها الله حیة طولها سبعون ألف ذراع فیسلط الله علیه فی نار جهنم خالدا فیها مخلدا.

و أما معونتهم فی غیر المحرمات

فظاهر کثیر من الأخبار حرمتها أیضا کبعض ما تقدم. و قول الصادق ع فی روایة یونس بن یعقوب: لا تعنهم علی بناء مسجد و قوله ع ما أحب أنی عقدت لهم عقدة أو وکیت لهم وکاء و أن لی ما بین لابتیها لا و لا مدة بقلم إن أعوان الظلمة یوم القیامة فی سرادق من نار حتی یفرغ الله من الحساب لکن المشهور الحرمة حیث قیدوا المعونة المحرمة بکونها فی الظلم و الأقوی التحریم مع عد الشخص من الأعوان فإن مجرد إعانتهم علی بناء المسجد لیست محرمة إلا أنه إذا عد الشخص معمارا للظالم أو بناء له فی خصوص المساجد بحیث صار هذا العمل منصبا له فی باب السلطان کان محرما و یدل علی ذلک جمیع ما ورد فی ذم أعوان الظلمة. و قول أبی عبد الله ع فی روایة الکاهلی: من سود اسمه فی دیوان ولد سابع حشره الله یوم القیامة خنزیرا و قوله ع: ما اقترب عبد من سلطان جائر إلا تباعد من الله و عن النبی ص: إیاکم و أبواب السلطان و حواشیها فإن أقربکم من أبواب السلطان و حواشیها أبعدکم عن الله عز و جل

و أما العمل له فی المباحات لأجره أو تبرعا من غیر أن یعد معینا له فی ذلک
اشارة

فضلا من أن یعد من أعوانه فالأولی عدم الحرمة للأصل و عدم الدلیل

[ظهور بعض الأخبار فی التحریم]
اشارة

عدا ظاهر الأخبار مثل روایة ابن أبی یعفور قال: کنت عند أبی عبد الله ع إذ دخل علیه رجل من أصحابنا فقال له جعلت فداک ربما أصاب الرجل منا الضیق و الشدة فیدعی إلی البناء یبنیه أو النهر یکریه أو المسناة یصلحها فما تقول فی ذلک فقال أبو عبد الله ع ما أحب أنی عقدت لهم عقدة أو وکیت لهم وکاء و أن لی ما بین لابتیها إلی آخر ما تقدم. و روایة محمد بن عذافر عن أبیه قال: قال لی أبو عبد الله ع یا عذافر بلغنی أنک تعامل أبا أیوب و أبا الربیع فما حالک إذا نودی بک فی أعوان الظلمة قال فوجم أبی فقال له

المکاسب، ج 1، ص 55

أبو عبد الله ع لما رأی ما أصابه أی عذافر إنما خوفتک بما خوفنی الله عز و جل به قال محمد فقدم أبی فما زال مغموما مکروبا حتی مات و روایة صفوان بن مهران الجمال: دخلت علی أبی الحسن الأول ع فقال لی یا صفوان کل شی ء منک حسن جمیل ما خلا شیئا واحدا فقلت جعلت فداک أی شی ء قال ع إکراؤک جمالک من هذا الرجل یعنی هارون قلت و الله ما أکریته أشرا و لا بطرا و لا للصید و لا لهو و لکنی أکریته لهذا الطریق یعنی طریق مکة و لا أتولاه بنفسی و لکن أبعث معه غلمانی فقال لی یا صفوان أ یقع کراؤک علیهم قلت نعم جعلت فداک قال أ تحب بقاءهم حتی یخرج کراؤک قلت نعم قال من أحب بقاءهم فهو منهم و من کان منهم کان وروده إلی النار قال صفوان فذهبت و بعت جمالی عن آخرها فبلغ ذلک إلی هارون فدعانی فقال لی یا صفوان بلغنی أنک بعت جمالک قلت نعم قال و لم قلت أنا شیخ کبیر و إن الغلمان لا یقومون بالأعمال فقال هیهات هیهات إنی لأعلم من أشار علیک بهذا إنما أشار علیک بهذا موسی بن جعفر قلت ما لی و لموسی بن جعفر قال دع هذا عنک فو الله لو لا حسن صحبتک لقتلتک. و ما ورد فی تفسیر الرکون إلی الظالم من أن الرجل یأتی السلطان فیحب بقاءه إلی أن یدخل یده فی کیسه فیعطیه و غیر ذلک مما ظاهره وجوب التجنب عنهم. و من هنا لما قیل لبعض إنی رجل أخیط للسلطان ثیابه فهل ترانی بذلک داخلا فی أعوان الظلمة قال له المعین من یبیعک الإبر و الخیوط و أما أنت فمن الظلمة أنفسهم. و فی روایة سلیمان الجعفری المرویة عن تفسیر العیاشی: أن الدخول فی أعمالهم و العون لهم و السعی فی حوائجهم عدیل الکفر و النظر إلیهم علی العمد من الکبائر التی یستحق بها النار

[مناقشة ظهور الأخبار فی التحریم]

لکن الإنصاف أن شیئا مما ذکر لا ینهض دلیلا لتحریم العمل لهم علی غیر جهة المعونة. أما الروایة الأولی فلأن التعبیر فیها فی الجواب بقوله لا أحب ظاهر فی الکراهة. و أما قوله ع إن أعوان الظلمة إلی آخر الحدیث فهو من باب التنبیه علی أن القرب إلی الظلمة و المخالطة معهم مرجوح و إلا فلیس من یعمل لهم الأعمال المذکورة فی السؤال خصوصا مرة أو مرتین خصوصا مع الاضطرار معدودا من أعوانهم و کذلک یقال فی روایة عذافر مع احتمال أن تکون معاملة عذافر مع أبی أیوب و أبی الربیع علی وجه یکون معدودا من أعوانهم و عمالهم. و أما روایة صفوان فالظاهر منها أن نفس المعاملة معهم لیست محرمة بل من حیث محبة بقائهم و إن لم تکن معهم معاملة و لا یخفی علی الفطن العارف بأسالیب الکلام أن قوله ع و من أحب بقاءهم کان منهم لا یراد به من أحبهم مثل محبة صفوان بقاءهم حتی یخرج کراؤه بل هذا من باب المبالغة فی الاجتناب عن مخالطتهم حتی لا یفضی ذلک إلی صیرورتهم من أعوانهم و أن یشرب القلب حبهم لأن القلوب مجبولة علی حب من أحسن إلیها.

و قد تبین مما ذکرنا أن المحرم من العمل للظلمة قسمان

أحدهما الإعانة لهم علی الظلم. الثانی ما یعد معه من أعوانهم و المنسوبین إلیهم بأن یقال هذا خیاط السلطان و هذا معماره. و أما ما عدا ذلک فلا دلیل معتبر علی تحریمه

النجش

الثالثة و العشرون النجش بالنون المفتوحة و الجیم الساکنة أو المفتوحة- حرام
الثالثة و العشرون النجش بالنون المفتوحة و الجیم الساکنة أو المفتوحة- حرام
اشارة

لما فی النبوی المنجبر بالإجماع المنقول عن جامع المقاصد من لعن الناجش و المنجوش له و قوله ص: و لا تناجشوا. و یدل علی قبحه العقل لأنه غش و تلبیس و إضرار

[معنی النجش]

و هو کما عن جماعة أن یزید الرجل فی ثمن السلعة و هو لا یرید شراءها لیسمعه غیره فیزید لزیادته بشرط المواطاة مع البائع أو لا بشرطها کما حکی عن بعض و حکی تفسیره أیضا بأن یمدح السلعة فی البیع لینفقها و یروجها لمواطأة بینه و بین البائع أو لا معها. و حرمته بالتفسیر الثانی خصوصا لا مع المواطاة یحتاج إلی دلیل و حکیت الکراهة عن بعض

النمیمة

الرابعة و العشرون النمیمة محرمة بالأدلة الأربعة
الرابعة و العشرون النمیمة محرمة بالأدلة الأربعة
[معنی النمیمة]

و هی نقل قول الغیر إلی المقول فیه کأن یقول تکلم فلان فیک بکذا و کذا قیل هی من نم الحدیث من باب قتل و ضرب أی سعی به لإیقاع فتنة أو وحشة

و هی من الکبائر

قال الله تعالی وَ یَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ وَ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ أُولئِکَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ و النمام قاطع لما أمر الله بصلته و مفسد. قیل و هو المراد بقوله تعالی وَ الْفِتْنَةُ أَکْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ. و قد تقدم فی باب السحر قوله فیما رواه فی الاحتجاج من وجوه السحر: و أن من أکبر السحر النمیمة بین المتحابین و عن عقاب الأعمال عن النبی ص: من مشی فی نمیمة بین اثنین سلط الله علیه فی قبره نارا تحرقه و إذا خرج من قبره سلط الله علیه تنینا أسود ینهش لحمه حتی یدخل النار. و قد استفاضت الأخبار بعدم دخول النمام الجنة و یدل علی حرمتها مع کراهة المقول عنه لإظهار القول عند المقول فیه جمیع ما دل علی حرمة الغیبة و تتفاوت عقوبتها بتفاوت ما یترتب علیها من المفاسد.

و قیل إن حد النمیمة بالمعنی الأعم کشف ما یکره کشفه

سواء کرهه المنقول عنه أم المنقول إلیه أم کرهه ثالث و سواء أ کان الکشف بالقول أم بغیره من الکتابة و الرمز و الإیماء و سواء أ کان المنقول من الأعمال أم من الأقوال و سواء أ کان ذلک عیبا و نقصانا علی المنقول عنه أم لا بل حقیقة النمیمة إفشاء السر و هتک الستر عما یکره کشفه انتهی موضع الحاجة.

[متی تباح النمیمة و متی تجب]

ثم إنه قد یباح ذلک لبعض المصالح التی هی آکد من مفسدة إفشاء السر کما تقدم فی الغیبة بل قیل إنها قد تجب لإیقاع الفتنة بین المشرکین لکن الکلام فی النمیمة علی المؤمنین

النوح بالباطل

الخامسة و العشرون النوح بالباطل
اشارة

ذکره فی المکاسب المحرمة الشیخان و سلار و الحلی و المحقق و من تأخر عنه

[وجه حرمة النوح بالباطل]

و الظاهر حرمته من حیث الباطل یعنی الکذب و إلا فهو فی نفسه لیس بمحرم و علی هذا التفصیل دل غیر واحد من الأخبار. و ظاهر المبسوط و ابن حمزة التحریم مطلقا کبعض الأخبار و کلاهما محمول علی المقید جمعا

الولایة

السادسة و العشرون الولایة من قبل الجائر
اشارة

و هی صیرورته والیا علی قوم منصوبا من قبله محرمة

[وجه حرمة الولایة من قبل الجائر]

لأن الوالی من أعظم الأعوان و لما تقدم فی روایة تحف العقول من قوله ع: و أما وجه الحرام من الولایة فولایة الوالی الجائر و ولایة ولاته و العمل لهم و الکسب لهم بجهة الولایة معهم حرام محرم معذب فاعل ذلک علی قلیل من فعله أو کثیر لأن کل شی ء من جهة المعونة له معصیة کبیرة من الکبائر و ذلک أن فی ولایة الوالی الجائر دروس الحق کله و إحیاء الباطل کله و إظهار الظلم و الجور و الفساد و إبطال الکتب و قتل الأنبیاء و هدم المساجد و تبدیل سنة الله و شرائعه فلذلک حرم العمل معهم و معونتهم و الکسب معهم إلا بجهة الضرورة نظیر الضرورة إلی الدم و المیتة إلی آخر الخبر و فی روایة زیاد بن أبی سلمة: أهون ما یصنع الله

المکاسب، ج 1، ص 56

عز و جل بمن تولی لهم عملا أن یضرب علیه سرادق من نار إلی أن یفرغ الله من حساب الخلائق.

ثم إن ظاهر الروایات کون الولایة محرمة بنفسها مع قطع النظر عن ترتب معصیة علیه

من ظلم الغیر مع أن الولایة عن الجائر لا تنفک عن المعصیة و ربما کان فی بعض الأخبار إشارة إلی کونه من جهة الحرام الخارجی- . ففی صحیحة داود بن زربی قال أخبرنی مولی لعلی بن الحسین ع قال: کنت بالکوفة فقدم أبو عبد الله ع الحیرة فأتیته فقلت له جعلت فداک لو کلمت داود بن علی- أو بعض هؤلاء فأدخل فی بعض هذه الولایات فقال ما کنت لأفعل فانصرفت إلی منزلی فتفکرت فقلت ما أحسبه منعنی إلا مخافة أن أظلم أو أجور و الله لآتینه و أعطینه الطلاق و العتاق و الأیمان المغلظة أن لا أجورن علی أحد و لا أظلمن و لأعدلن قال فأتیته فقلت جعلت فداک إنی فکرت فی إبائک علی و ظننت أنک إنما منعتنی و کرهت ذلک مخافة أن أظلم أو أجور و إن کل امرأة لی طالق و کل مملوک لی حر إن ظلمت أحدا أو جرت علی أحد و إن لم أعدل قال کیف قلت قلت فأعدت علیه الإیمان فرفع رأسه إلی السماء فقال تناول السماء أیسر علیک من ذلک بناء علی أن المشار إلیه هو العدل و ترک الظلم و یحتمل أن یکون هو الترخص فی الدخول.

ثم إنه یسوغ الولایة المذکورة أمران
أحدهما القیام بمصالح العباد
اشارة

بلا خلاف علی الظاهر المصرح به فی المحکی عن بعض حیث قال أن تقلد الأمر من قبل الجائر جائز إذا تمکن معه من إیصال الحق لمستحقه بالإجماع و السنة الصحیحة. و قوله تعالی اجْعَلْنِی عَلی خَزائِنِ الْأَرْضِ

و یدل علیه

قبل الإجماع أن الولایة إن کانت محرمة لذاتها جاز ارتکابها لأجل المصالح و دفع المفاسد التی هو أهم من مفسدة انسلاک الشخص فی أعوان الظلمة بحسب الظاهر و إن کانت لاستلزامها الظلم علی الغیر فالمفروض عدم تحققه هنا و یدل علیه النبوی الذی رواه الصدوق فی حدیث المناهی قال: من تولی عرافة قوم أتی به یوم القیامة و یداه مغلولتان إلی عنقه فإن قام فیهم بأمر الله تعالی أطلقه الله و إن کان ظالما یهوی به فی نار جهنم و بئس المصیر و عن عقاب الأعمال: و من تولی عرافة قوم و لم یحسن فیهم حبس علی شفیر جهنم بکل یوم ألف سنة و حشر و یداه مغلولتان إلی عنقه فإن قام فیهم بأمر الله أطلقه الله و إن کان ظالما هوی به فی نار جهنم سبعین خریفا و لا یخفی أن العریف سیما فی ذلک الزمان لا یکون إلا من قبل الجائر. و صحیحة زید الشحام المحکیة عن الأمالی عن أبی عبد الله ع: من تولی أمرا من أمور الناس فعدل فیهم و فتح بابه و رفع ستره و نظر فی أمور الناس کان حقا علی الله أن یؤمن روعته یوم القیامة و یدخل الجنة و روایة زیاد بن أبی سلمة عن أبی الحسن موسی ع: یا زیاد لأن أسقط من شاهق فأتقطع قطعة قطعة أحب إلی من أن أتولی لأحد منهم عملا أو أطأ بساط رجل منهم إلا لما ذا قلت ما أدری جعلت فداک قال إلا لتفریج کربة عن مؤمن أو فک أسره أو قضاء دینه و روایة علی بن یقطین: إن لله تبارک و تعالی مع السلطان من یدفع بهم عن أولیائه قال الصدوق و فی آخر أولئک عتقاء الله من النار قال و قال الصادق ع:

کفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان و عن المقنع: سئل أبو عبد الله ع عن رجل یحب آل محمد و هو فی دیوان هؤلاء یقتل تحت رایتهم قال یحشره الله علی نیته إلی غیر ذلک. و ظاهرها إباحة الولایة من حیث هی مع المواساة و الإحسان بالإخوان فیکون نظیر الکذب فی الإصلاح و ربما یظهر من بعضها الاستحباب و ربما یظهر من بعضها أن الدخول أولا غیر جائز إلا أن الإحسان إلی الإخوان کفارة له کمرسلة الصدوق المتقدمة. و فی ذیل روایة زیاد بن أبی سلمة المتقدمة: فإن ولیت شیئا من أعمالهم فأحسن إلی إخوانک فواحدة بواحدة

و الأولی أن یقال إن الولایة غیر المحرمة.
منها ما یکون مرجوحة

و هو من تولی لهم لنظام معاشه قاصدا الإحسان فی خلال ذلک إلی المؤمنین و دفع الضرر عنهم. ففی روایة أبی بصیر: ما من جبار إلا و معه مؤمن یدفع الله به عن المؤمنین و هو أقلهم حظا فی الآخرة لصحبة الجبار

و منها ما یکون مستحبة

و هی ولایة من لم یقصد بدخوله إلا الإحسان إلی المؤمنین فعن رجال النجاشی فی ترجمة محمد بن إسماعیل بن بزیع عن أبی الحسن الرضا ع قال: إن لله بأبواب الظالمین من نور الله به البرهان و مکن له فی البلاد لیدفع بهم عن أولیائه و یصلح الله بهم أمور المسلمین إلیهم ملجأ المؤمنین من الضر و إلیهم یفزع ذو الحاجة من شیعتنا و بهم یؤمن الله روعة المؤمنین فی دار الظلمة أولئک المؤمنون حقا أولئک أمناء الله فی أرضه أولئک نور الله فی رعیته یوم القیامة و یزهر نورهم لأهل السماوات کما یزهر نور الکواکب الدریة لأهل الأرض أولئک من نورهم یضی ء یوم القیامة خلقوا و الله للجنة و خلقت الجنة لهم فهنیئا لهم ما علی أحدکم أن لو شاء لنال هذا کله قال قلت بما ذا جعلت فداک قال یکون معهم فیسرنا بإدخال السرور علی المؤمنین من شیعتنا فکن منهم یا محمد

و منها ما یکون واجبة و هو ما توقف الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر الواجبان علیه
اشارة

فإن ما لا یتم الواجب إلا به واجب مع القدرة و ربما یظهر من

کلمات جماعة عدم الوجوب فی هذه الصورة أیضا
قال فی النهایة

تولی الأمر من قبل السلطان العادل جائز مرغوب فیه و ربما بلغ حد الوجوب لما فی ذلک من التمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و وضع الأشیاء مواقعها و أما السلطان الجور فمتی علم الإنسان أو غلب علی ظنه أنه متی تولی الأمر من قبله أمکن التوصل إلی إقامة الحدود و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و قسمة الأخماس و الصدقات فی أربابها و صلة الإخوان و لا یکون جمیع ذلک مخلا بواجب و لا فاعلا لقبیح فإنه استحب له أن یتعرض لتولی الأمر من قبله انتهی

و قال فی السرائر

و أما السلطان الجائر فلا یجوز لأحد أن یتولی شیئا من الأمور مختارا من قبله إلا أن یعلم أو یغلب علی ظنه إلی آخر عبارة النهایة بعینها

و فی الشرائع

و لو أمن من ذلک أی اعتمار ما یحرم و قدر علی الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر استحبت

قال فی المسالک
اشارة

بعد أن اعترف أن مقتضی ذلک وجوبها و لعل وجه عدم الوجوب کونه بصورة النائب عن الظالم و عموم النهی عن الدخول معهم و تسوید الاسم فی دیوانهم فإذا لم تبلغ حد المنع فلا أقل من عدم الوجوب.

و لا یخفی ما فی ظاهره من الضعف

کما اعترف به غیر واحد لأن الأمر بالمعروف واجب فإذا لم یبلغ ما ذکره من کونه بصورة النائب عن الظالم حد المنع فلا مانع من الوجوب المقدمی للواجب

و یمکن توجیهه بأن نفس الولایة قبیحة محرمة

المکاسب، ج 1، ص 57

لأنها توجب إعلاء کلمة الباطل و تقویة شوکة الظالم فإذا عارضها قبیح آخر و هو ترک الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و لیس أحدهما أقل قبحا من الآخر فللمکلف فعلها تحصیلا لمصلحة لأمر بالمعروف و ترکها دفعا لمفسدة تسوید اسمهم فی دیوانهم الموجب لإعلاء کلمتهم و تقویة شوکتهم. نعم یمکن الحکم باستحباب اختیار أحدهما لمصلحة لم تبلغ حد الإلزام حتی یجعل أحدهما أقل قبحا لیصیر واجبا. و الحاصل أن جواز الفعل و الترک هنا لیس من باب عدم جریان دلیل قبح الولایة و تخصیص دلیله بغیر هذه الصورة بل من باب مزاحمة قبحها بقبح ترک الأمر بالمعروف فللمکلف ملاحظة کل منهما و العمل بمقتضاه نظیر تزاحم الحقین فی غیر هذا المقام هذا ما أشار إلیه الشهید بقوله لعموم النهی إلی آخره.

و فی الکفایة

أن الوجوب فیما نحن فیه حسن لو ثبت کون وجوب الأمر بالمعروف مطلقا غیر مشروط بالقدرة فیجب علیه تحصیلها من باب المقدمة و لیس بثابت و هو ضعیف لأن عدم ثبوت اشتراط الوجوب بالقدرة الحالیة العرفیة کاف مع إطلاق أدلة الأمر بالمعروف السالم عن التقیید بما عدا القدرة العقلیة المفروضة فی المقام. نعم ربما یتوهم انصراف الإطلاقات الواردة إلی القدرة العرفیة غیر المحققة فی المقام لکنه تشکیک ابتدائی لا یضر بالإطلاقات

و أضعف منه ما ذکره بعض [صاحب الجواهر]
اشارة

بعد الاعتراض علی ما فی المسالک بقوله و لا یخفی ما فیه قال و یمکن تقویة عدم الوجوب- بتعارض ما دل علی وجوب الأمر بالمعروف و ما دل علی حرمة الولایة عن الجائر بناء علی حرمتها فی ذاتها و النسبة عموم من وجه فیجمع بینهما بالتخییر المقتضی للجواز رفعا لقید المنع من الترک من أدلة الوجوب و قید المنع من الفعل من أدلة الحرمة. و أما الاستحباب فیستفاد من خبر محمد بن إسماعیل و غیره الذی هو أیضا شاهد للجمع خصوصا بعد الاعتضاد بفتوی المشهور و بذلک یرتفع إشکال عدم معقولیة الجواز بالمعنی الأخص فی مقدمة الواجب ضرورة ارتفاع الوجوب للمعارضة إذ عدم المعقولیة مسلم فیما لم یعارض الوجوب انتهی.

[مناقشة ما أفاده صاحب الجواهر]

و فیه أن الحکم فی التعارض بالعموم من وجه هو التوقف و الرجوع إلی الأصول لا التخییر کما قرر فی محله و مقتضاها إباحة الولایة للأصل و وجوب الأمر بالمعروف لاستقلال العقل به کما ثبت فی بابه ثم علی تقدیر الحکم بالتخییر الذی یصار إلیه عند تعارض الوجوب و التحریم هو التخییر الظاهری و هو الأخذ بأحدهما بالتزام الفعل أو الترک لا التخییر الواقعی ثم المتعارضان بالعموم من وجه لا یمکن إلغاء ظاهر کل منهما مطلقا بل بالنسبة إلی مادة الاجتماع لوجب إبقاؤهما علی ظاهرهما فی مادتی الافتراق فیلزمک استعمال کل من الأمر و النهی فی أدلة الأمر بالمعروف و النهی عن الولایة فی الإلزام و الإباحة ثم دلیل الاستحباب أخص لا محالة من أدلة التحریم- فتخصص به فلا ینظر بعد ذلک فی أدلة التحریم بل لا بد بعد ذلک من ملاحظة النسبة بینه و بین أدلة وجوب الأمر بالمعروف. و من المعلوم المقرر فی غیر مقام أن دلیل استحباب الشی ء الذی قد یکون مقدمة للواجب لا یعارض أدلة وجوب ذلک الواجب فلا وجه لجعله شاهدا علی الخروج عن مقتضاها لأن دلیل الاستحباب مسوق لبیان حکم الشی ء فی نفسه مع قطع النظر عن الملزمات العرضیة کصیرورته مقدمة لواجب أو مأمورا به لمن یجب إطاعته أو منذورا و شبهه

فالأحسن فی توجیه کلام من عبر بالجواز

مع التمکن من الأمر بالمعروف إرادة الجواز بالمعنی الأعم. و أما من عبر بالاستحباب فظاهره إرادة الاستحباب العینی الذی لا ینافی الوجوب الکفائی نظیر قولهم یستحب تولی القضاء لمن یثق من نفسه مع أنه واجب کفائی لأجل الأمر بالمعروف الواجب کفایة أو یقال إن مورد کلامهم ما إذا لم یکن هناک معروف متروک یجب فعلا الأمر به أو منکر مفعول یجب النهی عنه کذلک بل یعلم بحسب العادة تحقق مورد الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر بعد ذلک و من المعلوم أنه لا یجب تحصیل مقدمتهما قبل تحقق موردهما خصوصا مع عدم العلم بزمان تحققه و کیف کان فلا إشکال فی وجوب تحصیل الولایة إذا کان هناک معروف متروک أو منکر مرتکب یجب فعلا الأمر بالأول و النهی عن الثانی

الثانی مما یسوغ الولایة الإکراه علیه بالتوعید علی ترکها من الجائر
اشارة

بما یوجب ضررا بدنیا أو مالیا علیه أو علی من یتعلق به بحیث یعد الإضرار به إضرارا به و یکون تحمل الضرر علیه شاقا علی النفس کالأب و الولد و من جری مجراهما و هذا مما لا إشکال فی تسویغه ارتکاب الولایة المحرمة فی نفسها لعموم قوله تعالی إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً فی الاستثناء عن عموم لا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکافِرِینَ أَوْلِیاءَ و النبوی ص: رفع عن أمتی ما أکرهوا علیه و قولهم ع: التقیة فی کل ضرورة و ما من شی ء إلا و قد أحله الله لمن اضطر إلیه. إلی غیر ذلک مما لا یحصی کثرة من العمومات و ما یختص بالمقام.

و ینبغی التنبیه علی أمور
الأول [إباحة ما یلزم الولایة بالإکراه من المحرمات عدا إراقة الدم]
اشارة

أنه کما یباح بالإکراه نفس الولایة المحرمة کذلک یباح به ما یلزمها من المحرمات الأخر و ما یتفق فی خلالها مما یصدر الأمر به من السلطان الجائر ما عدا إراقة الدم إذا لم یمکن التفصی عنه و لا إشکال فی ذلک و إنما الإشکال فی أن ما یرجع إلی الإضرار بالغیر من نهب الأموال و هتک الأعراض و غیر ذلک من العظائم هل تباح کل ذلک بالإکراه و لو کان الضرر المتوعد به علی ترک المکره علیه أقل بمراتب من الضرر المکره علیه کما إذا خاف علی عرضه من کلمة خشنة لا تلیق به فهل یباح بذلک أعراض الناس و أموالهم و لو بلغت ما بلغت کثرة و عظمة أم لا بد من ملاحظة الضررین و الترجیح بینهما وجهان من إطلاق أدلة الإکراه و أن الضرورات تبیح المحظورات و من أن المستفاد من أدلة الإکراه تشریعه لدفع الضرر فلا یجوز دفع الضرر بالإضرار بالغیر و لو کان ضرر الغیر أدون فضلا عن أن یکون أعظم. و إن شئت قلت إن حدیث رفع الإکراه و رفع الاضطرار مسوق للامتنان علی جنس الأمة و لا حسن فی الامتنان علی بعضهم بترخیصه فی الإضرار بالبعض الآخر فإذا توقف دفع الضرر عن نفسه علی الإضرار بالغیر لم یجز و وجب تحمل الضرر هذا و لکن الأقوی هو الأول لعموم دلیل نفی الإکراه لجمیع المحرمات حتی الإضرار بالغیر ما لم یبلغ الدم و عموم نفی الحرج فإن إلزام الغیر تحمل الضرر و ترک ما أکره علیه حرج. و قوله ص: إنما جعلت التقیة لتحقن بها الدماء فإذا بلغ الدم فلیس تقیة حیث إنه دل علی أن حد التقیة بلوغ الدم فتشرع لما عداه.

[حکم دفع الضرر بالإضرار بالغیر]

و أما

المکاسب، ج 1، ص 58

ما ذکر من استفادة کون نفی الإکراه لدفع الضرر فهو مسلم بمعنی دفع توجه الضرر و حدوث مقتضیة لا بمعنی دفع الضرر المتوجه بعد حصول مقتضیة. بیان ذلک أنه إذا توجه الضرر إلی شخص بمعنی حصول مقتضیة فرفعه عنه بالإضرار بغیره غیر لازم بل غیر جائز فی الجملة فإذا توجه ضرر علی المکلف بإجباره علی مال و فرض أن نهب مال الغیر دافع له فلا یجوز للمجبور نهب مال غیره لرفع الجبر عن نفسه و کذلک إذا أکره علی نهب مال غیره فلا یجب تحمل الضرر بترک النهب لدفع الضرر المتوجه إلی الغیر و توهم أنه کما یسوغ النهب فی الثانی لکونه مکرها علیه فترتفع حرمته کذلک یسوغ فی الأول لکونه مضطرا إلیه أ لا تری أنه لو توقف دفع الضرر علی محرم آخر غیر الإضرار بالغیر کالإفطار فی شهر رمضان أو ترک الصلاة أو غیرهما ساغ له ذلک المحرم. و بعبارة أخری الإضرار بالغیر من المحرمات فکما ترتفع حرمته بالإکراه کذلک ترتفع بالاضطرار لأن نسبة الرفع إلی ما أکرهوا علیه و ما اضطروا إلیه علی حد سواء مدفوع بالفرق بین المثالین فی الصغری بعد اشتراکهما فی الکبری المتقدمة و هی أن الضرر المتوجه إلی شخص لا یجب دفعه بالإضرار بغیره بأن الضرر فی الأول متوجه إلی نفس الشخص فرفعه عن نفسه بالإضرار بالغیر غیر جائز و عموم رفع ما اضطروا إلیه لا یشمل الإضرار بالغیر المضطر إلیه لأنه مسوق للامتنان علی الأمة فترخیص بعضهم فی الإضرار بالآخر لدفع الضرر عن نفسه و صرفه إلی غیره مناف للامتنان بل یشبه الترجیح بلا مرجح فعموم ما اضطروا إلیه فی حدیث الرفع مختص بغیر الإضرار بالغیر من المحرمات. و أما الثانی فالضرر فیه أولا و بالذات متوجه إلی الغیر بحسب التزام المکره بالکسر و إرادته الحتمیة و المکره بالفتح و إن کان مباشرا إلا أنه ضعیف لا ینسب إلیه توجیه الضرر إلی الغیر حتی یقال إنه أضر بالغیر لئلا تتضرر نفسه. نعم لو تحمل الضرر و لم یضر بالغیر فقد صرف الضرر عن الغیر إلی نفسه عرفا لکن الشارع لم یوجب هذا و الامتنان بهذا علی بعض الأمة لا قبح فیه کما أنه لو أراد ثالث الإضرار بالغیر لم یجب علی الغیر تحمل الضرر و صرفه عنه إلی نفسه هذا کله مع أن أدلة نفی الحرج کافیة فی الفرق بین المقامین فإنه لا حرج فی أن لا یرخص الشارع فی دفع الضرر عن أحد بالإضرار بغیره بخلاف ما لو ألزم الشارع الإضرار علی نفسه لدفع الضرر المتوجه إلی الغیر فإنه حرج قطعا.

الثانی أن الإکراه یتحقق بالتوعد بالضرر
اشارة

علی ترک المکره علیه ضررا متعلقا بنفسه أو ماله أو عرضه أو بأهله ممن یکون ضرره راجعا إلی تضرره و تألمه و أما إذا لم یترتب علی ترک المکره علیه إلا الضرر علی بعض المؤمنین ممن یعد أجنبیا من المکره بالفتح فالظاهر أنه لا یعد ذلک إکراها عرفا إذ لا خوف له یحمله علی فعل ما أمر به و بما ذکرنا من اختصاص الإکراه بصورة خوف لحوق الضرر بالمکره نفسه أو بمن یجری مجراه کالأب و الولد صرح فی الشرائع و السرائر و التحریر و الروضة البهیة و غیرها. نعم لو خاف علی بعض المؤمنین جاز له قبول الولایة المحرمة بل غیرها من المحرمات الإلهیة التی أعظمها التبری من أئمة الدین لقیام الدلیل علی وجوب مراعاة المؤمنین و عدم تعریضهم للضرر مثل ما فی الاحتجاج عن أمیر المؤمنین ع قال: و لأن تبرأ منا ساعة بلسانک و أنت موال لنا بجنانک لتبقی علی نفسک روحک التی بها قوامها و مالها الذی به قیامها و جاهها الذی به تمسکها و تصون من عرف بذلک من أولیائنا و إخواننا فإن ذلک أفضل من أن تتعرض للهلاک و تتقطع به عن عمل فی الدین و صلاح إخوانک المؤمنین و إیاک ثم إیاک أن تترک التقیة التی أمرتک بها فإنک شائط بدمک و دماء إخوانک معرض بنعمتک و نعمتهم للزوال مذل لهم فی أیدی أعداء دین الله و قد أمرک الله بإعزازهم فإنک إن خالفت وصیتی کان ضررک علی إخوانک و نفسک أشد من ضرر الناصب لنا الکافر بنا إلی آخر الحدیث. لکن لا یخفی أنه لا یباح بهذا النحو من التقیة الإضرار بالغیر لعدم شمول أدلة الإکراه لهذا لما عرفت من عدم تحققه مع عدم لحوق ضرر بالمکره بالفتح و لا بمن یتعلق به و عدم جریان أدلة نفی الحرج إذ لا حرج علی المأمور لأن المفروض تساوی من أمر بالإضرار به و من یتضرر بترک هذا الأمر من حیث النسبة إلی المأمور مثلا لو أمر الشخص بنهب مال المؤمن و لا یترتب علی مخالفة المأمور به إلا نهب مال مؤمن آخر فلا حرج حینئذ فی تحریم نهب مال الأول بل تسویغه لدفع النهب عن الثانی قبیح بملاحظة ما علم من الروایة المتقدمة من الغرض فی التقیة خصوصا مع کون المال المنهوب للأول أعظم بمراتب فإنه یشبه بمن فر من المطر إلی المیزاب بل اللازم فی هذا المقام عدم جواز الإضرار بمؤمن و لو لدفع الضرر الأعظم من غیره. نعم إلا لدفع ضرر النفس فی وجه مع ضمان ذلک الضرر

[المناقشة فی إطلاق تسویغ ما عدا إراقة الدم بالإکراه]

و بما ذکرنا ظهر أن إطلاق جماعة لتسویغ ما عدا الدم من المحرمات بترتب ضرر مخالفة المکره علیه علی نفس المکره أو علی أهله أو علی الأجانب من المؤمنین لا یخلو عن بحث إلا أن یریدوا الخوف علی خصوص نفس بعض المؤمنین فلا إشکال فی تسویغه لما عدا الدم من المحرمات إذ لا یعادل نفس المؤمن شی ء فتأمل. قال فی القواعد و تحرم الولایة من الجائر إلا مع التمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر أو مع الإکراه بالخوف علی النفس أو المال أو الأهل أو علی بعض المؤمنین فیجوز ائتمار ما یأمره إلا القتل انتهی. و لو أراد بالخوف علی بعض المؤمنین الخوف علی أنفسهم دون أموالهم و أعراضهم لم یخالف ما ذکرناه و قد شرح العبارة بذلک بعض الأساطین فقال إلا مع الإکراه بالخوف علی النفس من تلف أو ضرر فی البدن أو المال المضر بالحال من تلف أو حجب أو العرض من جهة النفس أو الأهل أو الخوف فیما عدا الوسط علی بعض المؤمنین فیجوز حینئذ ائتمار ما یأمره انتهی. و مراده بما عدا الوسط الخوف علی نفس بعض المؤمنین و أهله

[الفرق بین الإکراه و دفع الضرر المخوف]

و کیف کان فهنا عنوانان الإکراه و دفع الضرر للخوف عن نفسه و عن غیره من المؤمنین من دون إکراه. و الأول یباح به کل محرم و الثانی إن کان متعلقا بالنفس جاز له کل محرم حتی الإضرار المالی بالغیر لکن الأقوی استقرار الضمان علیه إذا تحقق سببه لعدم الإکراه المانع عن الضمان أو استقراره. و أما الإضرار بالعرض بالزنی و نحوه ففیه تأمل و لا یبعد ترجیح النفس علیه و إن کان متعلقا بالمال فلا یسوغ معه الإضرار بالغیر أصلا حتی فی الیسیر من المال فإذا توقف دفع السبع عن فرسه بتعریض حمار غیره للافتراس لم یجز و إن کان متعلقا بالعرض- ففی جواز الإضرار

المکاسب، ج 1، ص 59

بالمال مع الضمان أو العرض الأخف من العرض المدفوع عنه تأمل. و أما الإضرار بالنفس أو العرض الأعظم فلا یجوز بلا إشکال هذا و قد وقع فی کلام بعض تفسیر الإکراه بما یعم لحوق الضرر. قال فی المسالک ضابط الإکراه المسوغ للولایة الخوف علی نفس أو المال أو العرض علیه أو علی بعض المؤمنین انتهی. و یمکن أن یرید بالإکراه مطلق المسوغ للولایة لکن صار هذا التعبیر منه منشأ لتخیل غیر واحد أن الإکراه المجوز لجمیع المحرمات هو بهذا المعنی.

الثالث [فی اعتبار عدم القدرة علی التفصی]

أنه قد ذکر بعض مشایخنا المعاصرین أنه یظهر من الأصحاب أن فی اعتبار عدم القدرة علی التفصی من المکره علیه و عدمه أقوالا ثالثها التفصیل بین الإکراه علی نفس الولایة المحرمة فلا تعتبر و بین غیرها من المحرمات فیعتبر فیه العجز عن التفصی و الذی یظهر من ملاحظة کلماتهم فی باب الإکراه عدم الخلاف فی اعتبار العجز عن التفصی إذا لم یکن حرجا و لم یتوقف علی ضرر کما إذا أکره علی أخذ المال من مؤمن فیظهر أنه أخذ المال و جعله فی بیت المال مع عدم أخذه واقعا أو أخذه جهرا ثم رده إلیه سرا کما کان یفعله ابن یقطین و کما إذا أمره بحبس مؤمن فیدخله فی دار واسعة من دون قید و یحسن ضیافته و یظهر أنه حبسه و شدد علیه و کذا لا خلاف فی أنه لا یعتبر العجز عن التفصی إذا کان فیه ضرر کثیر و کأن منشأ زعم الخلاف ما ذکره فی المسالک فی شرح عبارة الشرائع مستظهرا منه خلاف ما اعتمد علیه. قال فی الشرائع بعد الحکم بجواز الدخول فی الولایة دفعا للضرر الیسیر مع الکراهة و الکثیر بدونها إذا أکرهه الجائر علی الولایة جاز له الدخول و العمل بما یأمره مع عدم القدرة علی التفصی منه إلا فی دماء المحرمة فإنه لا تقیة فیها انتهی قال فی المسالک ما ملخصه أن المصنف ذکر فی هذه المسألة شرطین الإکراه و العجز عن التفصی و هما متغایران و الثانی أخص و الظاهر أن مشروطهما مختلف فالأول شرط فی أصل قبول الولایة و الثانی شرط للعمل بما یأمره ثم فرع علیه أن الولایة إن أخذت مجردة عن الأمر بالمحرم فلا یشترط فی جوازه بالإکراه. و أما العمل بما یأمره من المحرمات فمشروط بالإکراه خاصة و لا یشترط فیه الإلجاء بحیث لا یقدر علی خلافه و قد صرح به الأصحاب فی کتبهم فاشتراط العجز عن التفصی غیر واضح إلا أن یرید به أصل الإکراه إلی أن قال إن الإکراه مسوغ لامتثال ما یؤمر به و إن قدر علی المخالفة مع خوف الضرر انتهی موضع الحاجة من کلامه. أقول لا یخفی علی المتأمل أن المحقق رحمه الله لم یعتبر شرطا زائدا علی الإکراه إلا أن الجائر إذا أمر الوالی بأعمال محرمة فی ولایته کما هو الغالب و أمکن فی بعضها المخالفة واقعا و دعوی الامتثال ظاهرا کما مثلنا لک سابقا قید امتثال ما یؤمر به بصورة العجز عن التفصی. و کیف کان فعبارة الشرائع واقعة علی طبق المتعارف من تولیة الولاة و أمرهم فی ولایتهم بأوامر کثیرة یمکنهم التفصی عن بعضها و لیس المراد بالتفصی المخالفة مع تحمل الضرر کما لا یخفی. و مما ذکرنا یظهر فساد ما ذکره من نسبة عدم الخلاف المتقدم إلی الأصحاب و من أنه علی القول باعتبار العجز عن التفصی لو توقف المخالفة علی بذل مال کثیر لزم ثم قال و هو أحوط بل أقرب.

الرابع أن قبول الولایة مع الضرر المالی

الذی لا یضر بالحال رخصة لا عزیمة فیجوز تحمل الضرر المذکور لأن الناس مسلطون علی أموالهم بل ربما یستحب تحمل ذلک الضرر للفرار عن تقویة شوکتهم.

الخامس لا یباح بالإکراه قتل المؤمن
اشارة

و لو توعد علی ترکه بالقتل إجماعا علی الظاهر المصرح به فی بعض الکتب و إن کان مقتضی عموم نفی الإکراه و الحرج الجواز إلا أنه قد صح عن الصادقین ص أنه: إنما شرعت التقیة لیحقن بها الدم فإذا بلغت الدم فلا تقیة. و مقتضی العموم أنه لا فرق بین أفراد المؤمنین من حیث الصغر و الکبر و الذکورة و الأنوثة و العلم و الجهل و الحر و العبد و غیر ذلک

و لو کان المؤمن مستحقا للقتل لحد

ففی العموم وجهان من إطلاق قولهم لا تقیة فی الدماء و من أن المستفاد من قوله لیحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فلا تقیة أن المراد الدم المحقون دون المأمور بإهراقه و ظاهر المشهور الأول.

و أما المستحق للقتل قصاصا

فهو محقون الدم بالنسبة إلی غیر ولی الدم

و مما ذکرنا یظهر سکوت الروایتین عن حکم دماء أهل الخلاف

لأن التقیة إنما شرعت لحقن دماء الشیعة فحدها بلوغ دمهم لآدم غیرهم و بعبارة أخری محصل الروایة لزوم نقض الغرض من تشریع التقیة فی إهراق الدماء لأنها شرعت لحقنها فلا یشرع لأجلها إهراقها و من المعلوم أنه إذا أکره المؤمن علی قتل مخالف فلا یلزم من شرعیة التقیة فی قتله إهراق ما شرع التقیة لحقنه هذا کله فی غیر الناصب و أما الناصب لأنه غیر محقون الدم و إنما منع منه حدوث الفتنة فلا إشکال فی مشروعیة قتله للتقیة و مما ذکرنا یظهر حکم دم الذمی و شرعیة التقیة فی إهراقه. و بالجملة فکل دم غیر محترم بالذات عند الشارع خارج عن مورد الروایتین فحکم إهراقه حکم سائر المحرمات التی شرعت التقیة فیها.

بقی الکلام فی أن الدم یشمل الجرح و قطع الأعضاء أو یختص بالقتل

وجهان من إطلاق الدم و هو المحکی عن الشیخ و من عمومات التقیة و نفی الحرج و الإکراه و ظهور الدم المتصف بالحقن فی الدم المبقی للروح و هو المحکی عن الروضة البهیة و المصابیح و الریاض و لا یخلو عن قوة

خاتمة فیما ینبغی للوالی العمل به فی نفسه و فی رعیته
[رسالة النجاشی إلی الإمام الصادق علیه السلام]

روی شیخنا الشهید الثانی رحمه الله فی رسالته المسماة بکشف الریبة عن أحکام الغیبة بإسناده عن شیخ الطائفة عن المفید عن جعفر بن محمد بن قولویه عن أبیه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عیسی عن أبیه محمد بن عیسی الأشعری عن عبد الله بن سلیمان النوفلی قال: کنت عند أبی عبد الله ع فإذا بمولی لعبد الله النجاشی- و قد ورد علیه فسلم و أوصل إلیه کتابا ففضه و قرأه فإذا أول سطر فیه بسم الله الرحمن الرحیم أطال الله بقاء سیدی و جعلنی من کل سوء فداه و لا أرانی فیه مکروها فإنه ولی ذلک و القادر علیه اعلم سیدی و مولای إنی بلیت بولایة الأهواز فإن رأی سیدی و مولای أن یحد لی حدا و یمثل لی مثالا استدل به علی ما یقربنی إلی الله عز و جل و إلی رسوله و یلخص لی فی کتابه ما یری لی العمل به و فیما أبذله و أین أضع زکاتی و فیمن أصرفها و بمن آنس و إلی من أستریح و بمن أثق و آمن و ألجأ إلیه فی سری فعسی أن یخلصنی الله تعالی بهدایتک و ولایتک

المکاسب، ج 1، ص 60

فإنک حجة الله علی خلقه و أمینه فی بلاده لا زالت نعمته علیک

[جواب الإمام الصادق علیه السلام عن رسالة النجاشی]
اشارة

قال عبد الله بن سلیمان فأجابه أبو عبد الله ع بسم الله الرحمن الرحیم أحاطک الله بصنعه و لطف بک بمنه و کلأک برعایته فإنه ولی ذلک أما بعد فقد جاءنی رسولک بکتابک فقرأته و فهمت جمیع ما ذکرته و سألت عنه و ذکرت أنک بلیت بولایة الأهواز فسرنی ذلک و ساءنی و سأخبرک بما ساءنی من ذلک و ما سرنی إن شاء الله تعالی

[علة سرور الإمام علیه السلام بولایة النجاشی]

فأما سروری بولایتک فقلت عسی أن یغیث الله بک ملهوفا خائفا من أولیاء آل محمد ص و یعز بک ذلیلهم و یکسو بک عاریهم و یقوی بک ضعیفهم و یطفئ بک نار المخالفین عنهم

[علة استیاء الإمام علیه السلام بولایة النجاشی]

و أما الذی ساءنی من ذلک فإن أدنی ما أخاف علیک أن تعثر بولی لنا فلا تشم رائحة حظیرة القدس فإنی ملخص لک جمیع ما سألت عنه إن أنت عملت به و لم تجاوزه رجوت أن تسلم إن شاء الله تعالی أخبرنی یا عبد الله أبی عن آبائه عن علی ع عن رسول الله ص أنه قال من استشاره أخوه المؤمن فلم یمحضه النصیحة سلب الله لبه عنه

[ما رسمه الإمام علیه السلام للنجاشی للنجاة من تبعات الولایة]

و أعلم أنی سأشیر علیک برأی إن أنت عملت به تخلصت مما أنت تخافه و اعلم أن خلاصک و نجاتک فی حقن الدماء و کف الأذی عن أولیاء الله و الرفق بالرعیة و التأنی و حسن المعاشرة مع لین فی غیر ضعف و شدة فی غیر عنف و مداراة صاحبک و من یرد علیک من رسله و أرفق برعیتک بأن توقفهم علی ما وافق الحق و العدل إن شاء الله تعالی و إیاک و السعاة و أهل النمائم فلا یلزقن بک منهم أحد و لا یراک الله یوما و لیلة و أنت تقبل منهم صرفا و لا عدلا فیسخط الله علیک و یهتک سترک و احذر مکر خوزی الأهواز فإن أبی أخبرنی عن آبائه عن أمیر المؤمنین ع قال إن الإیمان لا یثبت فی قلب یهودی و لا خوزی أبدا و أما من تأنس به و تستریح إلیه و تلجی ء أمورک إلیه فذلک الرجل الممتحن المستبصر الأمین الموافق لک علی دینک و میز أعوانک و جرب الفریقین فإن رأیت هناک رشدا فشأنک و إیاه

[ما ینبغی للوالی الحذر منه]

و إیاک أن تعطی درهما أو تخلع ثوبا أو تحمل علی دابة فی غیر ذات الله لشاعر أو مضحک أو ممزح إلا أعطیت مثله فی ذات الله و لتکن جوائزک و عطایاک و خلعک للقواد و الرسل و الأجناد و أصحاب الرسائل و أصحاب الشرط و الأخماس و ما أردت أن تصرفه فی وجوه البر و النجاح و الفطرة و الصدقة و الحج و الشرب و الکسوة التی تصلی فیها و تصل بها و الهدیة التی تهدیها إلی الله عز و جل و إلی رسول الله ص من أطیب کسبک یا عبد الله اجهد أن لا تکنز ذهبا و لا فضة فتکون من أهل هذه الآیة وَ الَّذِینَ یَکْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ و لا تستصغرن من حلو و لا من فضل طعام تصرفه فی بطون خالیة تسکن بها غضب الرب تبارک و تعالی و أعلم أنی سمعت أبی یحدث عن آبائه عن أمیر المؤمنین ع أنه سمع عن النبی ص یقول لأصحابه یوما ما آمن بالله و الیوم الآخر من بات شبعانا و جاره جائع فقلنا هلکنا یا رسول الله فقال من فضل طعامکم و من فضل تمرکم و رزقکم و خلقکم و خرقکم تطفئون بها غضب الرب

و سأنبئک بهوان الدنیا و هوان شرفها علی من مضی من السلف

و التابعین فقد حدثنی أبی محمد بن علی بن الحسین ع قال لما تجهز الحسین ع إلی الکوفة أتاه ابن عباس فناشده الله و الرحم أن یکون هو المقتول بالطف فقال أنا أعلم بمصرعی منک و ما وکدی من الدنیا إلا فراقها أ لا أخبرک یا بن عباس بحدیث أمیر المؤمنین ع و الدنیا فقال له بلی لعمری إنی أحب أن تحدثنی بأمرها

[تجسم الدنیا لعلی علیه السلام و رفضه لها]

فقال أبی قال علی بن الحسین سمعت أبا عبد الله یقول حدثنی أمیر المؤمنین ع قال إنی [کنت] بفدک فی بعض حیطانها و قد صارت لفاطمة ع فإذا أنا بامرأة قد قحمت علی و فی یدی مسحاة و أنا أعمل بها فلما نظرت إلیها طار قلبی مما یداخلنی من جمالها فشبهتها ببثینة الجمحی بنت عامر و کانت من أجمل نساء قریش فقالت یا بن أبی طالب هل لک أن تتزوج بی فأغنیک عن هذه المسحاة و أدلک علی خزائن الأرض فیکون لک الملک ما بقیت و لعقبک من بعدک فقال لها علی ع من أنت حتی أخطبک من أهلک فقالت أنا الدنیا قال لها فارجعی و اطلبی زوجا غیری فأقبلت علی مسحاتی و أنشأت أقول

لقد خاب من غرته دنیا دنیة و ما هی إن غرت قرونا بطائل

أتتنا علی زی العزیز بثینة و زینتها فی مثل تلک الشمائل

فقلت لها غری سوای فإننی عزوف عن الدنیا و لست بجاهل

و ما أنا و الدنیا فإن محمدا أحل صریعا بین تلک الجنادل

و هیها أتتنی بالکنوز و درها و أموال قارون و ملک القبائل

أ لیس جمیعا للفناء مصیرها و یطلب من خزانها بالطوائل

فغری سوای إننی غیر راغب بما فیک من ملک و عز و نائل

فقد قنعت نفسی بما قد رزقته فشأنک یا دنیا و أهل الغوائل

فإنی أخاف الله یوم لقائه و أخشی عذابا دائما غیر زائل فخرج من الدنیا و لیس فی عنقه تبعة لأحد حتی لقی الله تعالی محمودا غیر ملوم و لا مذموم ثم اقتدت به الأئمة من بعده بما قد بلغکم لم یتلطخوا بشی ء من بوائقها

[ما یکفر عن الوالی]

و قد وجهت إلیک بمکارم الدنیا و الآخرة: و عن الصادق المصدق رسول الله ص فإن أنت عملت بما نصحت لک فی کتابی هذا ثم کانت علیک من الذنوب و الخطایا کمثل أوزان الجبال و أمواج البحار رجوت الله أن یتجاوز عنک جل و عز بقدرته

[جملة من حقوق المؤمن علی المؤمن]

یا عبد الله إیاک أن تخیف مؤمنا فإن أبی محمد بن علی ع حدثنی عن أبیه عن جده عن علی بن أبی طالب ع أنه کان یقول من نظر إلی مؤمن نظره لیخیفه بها أخافه الله یوم لا ظل إلا ظله و حشره فی صورة الذر لحمه و جسده و جمیع أعضائه حتی یورده مورده و حدثنی أبی عن آبائه عن علی ع عن النبی ص قال من أغاث لهفانا من المؤمنین أغاثه الله یوم لا ظل إلا ظله و آمنه الفزع الأکبر و آمنه من سوء المنقلب و من قضی لأخیه المؤمن حاجة قضی الله له حوائج کثیرة إحداها الجنة و من کسا أخاه المؤمن جبة عن عری کساه الله من سندس الجنة و إستبرقها و حریرها و لم یزل یخوض فی رضوان الله ما دام علی المکسو منها سلک و من أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طیبات الجنة و من سقاه من ظمإ سقاه الله من الرحیق المختوم و من أخدم أخاه أخدمه الله من الولدان المخلدین و أسکنه مع أولیائه الطاهرین و من حمل أخاه المؤمن علی راحلة حمله الله علی ناقة من نوق الجنة و باهی به الملائکة المقربین یوم القیامة و من زوج أخاه المؤمن امرأة یأنس بها و تشد عضده و یستریح إلیها زوجه الله من الحور العین و آنسه بمن أحبه من الصدیقین من أهل بیت نبیه ع و إخوانه

المکاسب، ج 1، ص 61

و آنسهم به و من أعان أخاه المؤمن علی سلطان جائر أعانه الله علی إجازة الصراط عند زلة الأقدام و من زار أخاه المؤمن فی منزله لا لحاجة منه إلیه کتب من زوار الله و کان حقیقا علی الله أن یکرم زائره یا عبد الله و حدثنی أبی عن آبائه عن علی ع أنه سمع رسول الله ص یقول لأصحابه یوما معاشر الناس إنه لیس بمؤمن من آمن بلسانه و لم یؤمن بقلبه فلا تتبعوا عثرات المؤمنین فإنه من تتبع عثرة مؤمن أتبع الله عثراته یوم القیامة و فضحه فی جوف بیته و حدثنی أبی عن آبائه عن علی ع أنه قال أخذ الله میثاق المؤمن أن لا یصدق فی مقالته و لا ینتصف من عدوه علی أن لا یشفی غیظه إلا بفضیحة نفسه لأن کل مؤمن ملجم و ذلک لغایة قصیرة و راحة طویلة و أخذ الله میثاق المؤمن علی أشیاء أیسرها علیه مؤمن مثله یقول بمقالته یعیبه و یحسده و الشیطان یغویه و یمقته و السلطان یقفو أثره و یتبع عثراته و کافر بالذی هو مؤمن به یری سفک دمه دینا و إباحة حریمه غنما فما بقاء المؤمن بعد هذا یا عبد الله و حدثنی أبی عن آبائه ع عن علی عن النبی ص قال نزل جبرئیل ع فقال یا محمد إن الله یقرئک السلام و یقول اشتققت للمؤمن اسما من أسمائی سمیته مؤمنا فالمؤمن منی و أنا منه من استهان بمؤمن فقد استقبلنی بالمحاربة یا عبد الله و حدثنی أبی عن آبائه عن علی عن النبی صلی الله علیهم أجمعین أنه قال یوما یا علی لا تناظر رجلا حتی تنظر فی سریرته فإن کانت سریرته حسنة فإن الله عز و جل لم یکن لیخذل ولیه و إن کانت سریرته ردیة فقد تکفیه مساویة فلو جهدت أن تعمل به أکثر مما عمل به عن معاصی الله عز و جل ما قدرت علیه یا عبد الله و حدثنی أبی عن آبائه عن علی ع عن النبی ص قال إنه قال أدنی الکفر أن یسمع الرجل عن أخیه الکلمة فیحفظها علیه یرید أن یفضحه بها أولئک لا خلاق لهم یا عبد الله و حدثنی أبی عن آبائه عن علی ع أنه قال من قال فی مؤمن ما رأت عیناه و سمعت أذناه ما یشینه و یهدم مروته فهو من الذین قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ یا عبد الله و حدثنی أبی عن آبائه عن علی ع أنه قال من روی عن أخیه المؤمن روایة یرید بها هدم مروته و ثلبه أوبقه الله بخطیئته یوم القیامة حتی یأتی بمخرج مما قال و من أدخل علی أخیه المؤمن سرورا فقد أدخل علی أهل بیت نبیه ص سرورا و من أدخل علی بیت نبیه سرورا فقد أدخل علی رسول الله ص سرورا و من أدخل علی رسول الله ص سرورا فقد سر الله و من سر الله فحقیق علی الله أن یدخله جنته ثم إنی أوصیک بتقوی الله و إیثار طاعته و الاعتصام بحبله فإنه من اعتصم بحبل الله فقد هدی إلی صراط مستقیم فاتق الله و لا تؤثر أحدا علی رضاه و هواه فإنه وصیة الله عز و جل إلی خلقه لا یقبل منهم غیرها و لا یعظم سواها و اعلم أن الخلق لم یوکلوا بشی ء أعظم من تقوی الله فإنه وصیتنا أهل البیت فإن استطعت أن لا تنال من الدنیا شیئا تسأل عنه غدا فافعل

[ما قاله النجاشی عند وصول کتاب الإمام إلیه]

قال عبد الله بن سلیمان فلما وصل کتاب الصادق ع إلی النجاشی نظر فیه فقال صدق و الله الذی لا إله إلا هو مولای فما عمل أحد بما فی هذا الکتاب إلا نجا قال فلم یزل عبد الله یعمل به أیام حیاته

هجاء المؤمن

السابعة و العشرون هجاء المؤمن حرام بالأدلة الأربعة
اشارة

لأنه همز و لمز و أکل اللحم و تعییر و إذاعة سر و کل ذلک کبیرة موبقة

[تفسیر الهجاء]

و یدل علیه فحوی ما تقدم فی الغیبة بل البهتان أیضا بناء علی تفسیر الهجاء بخلاف المدح کما عن الصحاح فیعم ما فیه من المعایب و ما لیس فیه کما عن القاموس و النهایة و المصباح لکن مع تخصیصه فیها بالشعر. و أما تخصیصه بذکر ما فیه بالشعر کما هو ظاهر جامع المقاصد فلا یخلو عن تأمل و لا فرق فی المؤمن بین الفاسق و غیره. و أما الخبر: محصوا ذنوبکم بذکر الفاسقین فالمراد به الخارجون عن الإیمان أو المتجاهرون بالفسق

[هجاء المخالف و الفاسق المبدع]

و احترز بالمؤمن عن المخالف فإنه یجوز هجوه لعدم احترامه و کذا یجوز هجاء الفاسق المبدع لئلا یؤخذ ببدعة لکن بشرط الاقتصار علی المعایب الموجودة فیه فلا یجوز بهته بما لیس فیه لعموم حرمة الکذب و ما تقدم من الخبر فی الغیبة- من قوله ع فی حق المبتدعة: باهتوهم کیلا یطمعوا فی إضلالکم محمول علی اتهامهم و سوء الظن بهم بما یحرم اتهام المؤمن به بأن یقال لعله زان أو سارق و کذا إذا زاد ذکر ما لیس فیه من باب المبالغة- و یحتمل إبقاؤه علی ظاهره بتجویز الکذب علیهم لأجل المصلحة فإن مصلحة تنفیر الخلق عنهم أقوی من مفسدة الکذب.

و فی روایة أبی حمزة عن أبی جعفر ع قال: قلت له إن بعض أصحابنا یفترون و یقذفون من خالفهم فقال الکف عنهم أجمل ثم قال لی و الله یا أبا حمزة إن الناس کلهم أولاد بغایا ما خلا شیعتنا ثم قال نحن أصحاب الخمس و قد حرمناه علی جمیع الناس ما خلا شیعتنا و فی صدرها دلالة علی جواز الافتراء و هو القذف علی کراهة ثم أشار ع إلی أولویة قصد الصدق بإرادة الزنی من حیث استحلال حقوق الأئمة

الهجر

الثامنة و العشرون الهجر بالضم و هو الفحش من القول و ما استقبح

التصریح به منه

ففی صحیحة أبی عبیدة: البذاء من الجفاء و الجفاء فی النار و فی النبوی: إن الله حرم الجنة علی کل فحاش بذی قلیل الحیاء لا یبالی بما قال و لا ما قیل فیه و فی روایة سماعة: إیاک أن تکون فحاشا و فی النبوی: إن من شر عباد الله من یکره مجالسته لفحشه و فی روایة: من علامات شرک الشیطان الذی لا شک فیه أن یکون فحاشا لا یبالی بما قال و لا ما قیل فیه إلی غیر ذلک من الأخبار. هذا آخر ما تیسر تحریره من المکاسب المحرمة

الأجرة علی الواجبات

[النوع] الخامس مما یحرم التکسب به ما یجب علی الإنسان فعله
[أخذ الأجرة علی الواجب]
اشارة

عینا أو کفایة تعبدا أو توصلا علی المشهور کما فی المسالک بل عن مجمع البرهان کان دلیله الإجماع و الظاهر أن نسبته إلی الشهرة فی المسالک فی مقابل قول السید المخالف فی وجوب تجهیز المیت علی غیر الولی لا فی حرمة أخذ الأجرة علی تقدیر الوجوب علیه. و فی جامع المقاصد الإجماع علی عدم جواز أخذ الأجرة علی تعلیم صیغة النکاح أو إلقائها علی المتعاقدین انتهی. و کأن لمثل هذا و نحوه ذکر فی الریاض أن علی هذا الحکم الإجماع فی کلام جماعة و هو الحجة انتهی.

[تحدید موضوع المسألة]

و اعلم أن موضوع هذه المسألة ما إذا کان للواجب علی العامل منفعة تعود إلی من یبذل بإزائه المال کما لو کان کفائیا و أراد سقوطه منه فاستأجر غیره أو کان عینیا علی العامل و رجع نفعه منه إلی باذل المال کالقضاء للمدعی إذا وجب عینا. و بعبارة أخری مورد الکلام ما لو فرض مستحبا لجاز الاستیجار علیه لا أن الکلام فی کون مجرد

المکاسب، ج 1، ص 62

الوجوب علی الشخص مانعا عن أخذ الأجرة علیه فمثل فعل الشخص صلاة الظهر عن نفسه لا یجوز أخذ الأجرة علیه لا لوجوبها بل لعدم وصول عوض المال إلی باذله فإن النافلة أیضا کذلک

و من هنا یعلم فساد الاستدلال علی هذا المطلب بمنافاة ذلک للإخلاص فی العمل

لانتقاضه طردا و عکسا بالمندوب و الواجب التوصلی. و قد یرد ذلک بأن تضاعف الوجوب بسبب الإجارة یؤکد الإخلاص و فیه مضافا إلی اقتضاء ذلک الفرق بین الإجارة و الجعالة حیث إن الجعالة لا توجب العمل علی العامل أنه إن أرید أن تضاعف الوجوب یؤکد اشتراط الإخلاص فلا ریب أن الوجوب الحاصل بالإجارة توصلی لا یشترط فی حصول ما وجب به قصد القربة مع أن غرض المستدل منافاة قصد أخذ المال لتحقق الإخلاص فی العمل لا لاعتباره فی وجوبه. و إن أرید أنه یؤکد تحقق الإخلاص من العامل فهو مخالف للواقع قطعا لأن ما لا یترتب علیه أجر دنیوی أخلص مما یترتب علیه ذلک بحکم الوجدان هذا مع أن الوجوب الناشئ من الإجارة إنما یتعلق بالوفاء بعقد الإجارة. و مقتضی الإخلاص المعتبر فی ترتب الثواب علی موافقة هذا الأمر و لو لم یعتبر فی سقوطه هو إتیان الفعل من حیث استحقاق المستأجر له بإزاء ماله فهذا المعنی ینافی وجوب إتیان العبادة لأجل استحقاقه تعالی إیاه و لذا لو لم یکن هذا العقد واجب الوفاء کما فی الجعالة لم یمکن قصد الإخلاص مع قصد استحقاق العوض فلا إخلاص هنا حتی یؤکده وجوب الوفاء بعد إیجاب بالإجارة فالمانع حقیقة هو عدم القدرة علی إیجاد الفعل الصحیح بإزاء العوض سواء أ کانت المعاوضة لازمة أم جائزة

و أما تأتی القربة فی العبادات المستأجرة

- فلأن الإجارة إنما تقع علی الفعل المأتی به تقربا إلی الله نیابة عن فلان. توضیحه أن الشخص یجعل نفسه نائبا عن فلان فی العمل متقربا إلی الله فالمنوب عنه یتقرب إلیه تعالی بعمل نائبه و تقربه و هذا الجعل فی نفسه مستحب لأنه إحسان إلی المنوب عنه و إیصال نفع إلیه و قد یستأجر الشخص علیه فیصیر واجبا بالإجارة وجوبا توصلیا لا یعتبر فیه التقرب فالأجیر إنما یجعل نفسه لأجل استحقاق الأجرة نائبا عن الغیر فی إتیان العمل الفلانی تقربا إلی الله فالأجرة فی مقابل النیابة فی العمل المتقرب به إلی الله التی مرجع نفعها إلی المنوب عنه و هذا بخلاف ما نحن فیه لأن الأجرة هنا فی مقابل العمل تقربا إلی الله لأن العمل بهذا الوجه لا یرجع نفعه إلی العامل لأن المفروض أنه یمتثل ما وجب علی نفسه بل فی مقابل نفس العمل فهو یستحق نفس العمل و المفروض أن الإخلاص هو إتیان العمل لخصوص أمر الله تعالی و التقرب یقع للعامل دون الباذل و وقوعه للعامل یتوقف علی أن لا یقصد بالعبادة سوی امتثال أمر الله تعالی. فإن قلت یمکن للأجیر أن یأتی بالفعل مخلصا لله تعالی بحیث لا یکون للإجارة دخل فی إتیانه فیستحق الأجرة فالإجارة غیر مانعة من قصد الإخلاص. قلت الکلام فی أن مورد الإجارة لا بد أن یکون عملا قابلا لأن یوفی به بعقد الإجارة و یؤتی به لأجل استحقاق المستأجر إیاه و من باب تسلیم مال الغیر إلیه و ما کان من قبیل العبادة غیر قابل لذلک. فإن قلت یمکن أن تکون غایة الفعل التقرب و المقصود من إتیان هذا الفعل المتقرب به استحقاق الأجرة کما یؤتی بالفعل تقربا إلی الله و یقصد منه حصول المطالب الدنیویة کأداء الدین و سعة الرزق و غیرهما من الحاجات الدنیویة. قلت فرق بین الغرض الدنیوی المطلوب من الخالق الذی یتقرب إلیه بالعمل و بین الغرض الحاصل من غیره و هو استحقاق الأجرة فإن طلب الحاجة من الله تعالی سبحانه و لو کانت دنیویة محبوب عند الله فلا یقدح فی العبادة بل ربما یؤکدها. و کیف کان فذلک الاستدلال حسن فی بعض موارد المسألة و هو الواجب التعبدی فی الجملة إلا أن مقتضاه جواز أخذ الأجرة فی التوصلیات و عدم جوازه فی المندوبات التعبدیة فلیس مطردا و لا منعکسا.

[استدلال بعض الأساطین علی الحرمة و توضیحه]
اشارة

نعم قد استدل علی المطلب بعض الأساطین فی شرحه علی القواعد بوجوه أقواها أن التنافی بین صفة الوجوب و التملک ذاتی لأن الملوک المستحق لا یملک و لا یستحق ثانیا. توضیحه أن الذی یقابل المال لا بد أن یکون کنفس المال مما یملکه المؤجر حتی یملکه المستأجر فی مقابل تملیکه المال إیاه فإذا فرض العمل واجبا لله لیس للمکلف ترکه فیصیر نظیر العمل المملوک للغیر. أ لا تری أنه إذا آجر نفسه لدفن المیت لشخص لم یجز له أن یؤجر نفسه ثانیا من شخص آخر لذلک العمل و لیس إلا لأن الفعل صار مستحقا للأول و مملوکا له فلا معنی لتملیکه ثانیا للآخر مع فرض بقائه علی ملک الأول و هذا المعنی موجود فیما أوجبه الله تعالی خصوصا فیما یرجع إلی حقوق الغیر حیث إن حاصل الإیجاب هنا جعل الغیر مستحقا لذلک العمل من هذا العامل کأحکام تجهیز المیت التی جعل الشارع المیت مستحقا لها علی الحی فلا یستحقها غیره ثانیا هذا.

[المناقشة فی الاستدلال]

و لکن الإنصاف أن هذا الوجه أیضا لا یخلو عن الخدشة لإمکان منع المنافاة بین الوجوب الذی هو طلب الشارع الفعل و بین استحقاق المستأجر له و لیس استحقاق الشارع للفعل و تملکه المنتزع من طلبه من قبیل استحقاق الآدمی و تملکه الذی ینافی تملک الغیر و استحقاقه

[الاستدلال علی الحرمة فی الواجب الکفائی و مناقشته]

ثم إن هذا الدلیل باعتراف المستدل یختص بالواجب العینی. و أما الکفائی فاستدل علی عدم جواز أخذ الأجرة علیه بأن الفعل متعین له فلا یدخل فی ملک آخر و بعدم نفع المستأجر فیما یملکه أو یستحقه غیره لأنه بمنزلة قولک استأجرتک لتملک منفعتک المملوکة لک أو لغیرک و فیه منع وقوع الفعل له بعد إجارة نفسه للعمل للغیر فإن آثار الفعل حینئذ ترجع إلی الغیر فإذا وجب إنقاذ غریق کفایة أو إزالة النجاسة عن المسجد فاستأجر واحدا غیره فثواب الإنقاذ و الإزالة یقع للمستأجر دون الأجیر المباشر لهما. نعم یسقط الفعل عنه لقیام المستأجر به و لو بالاستنابة و من هذا القبیل الاستیجار للجهاد مع وجوبه کفایة علی الأجیر و المستأجر.

[عدم وجدان الدلیل علی الحرمة غیر الإجماع]

و بالجملة فلم أجد دلیلا علی هذا المطلب وافیا بجمیع أفراده عدا الإجماع الذی لم یصرح به إلا المحقق الثانی لکنه موهون بوجود القول بخلافه من أعیان الأصحاب من القدماء و المتأخرین علی ما یشهد به الحکایة و الوجدان.

[وهن الإجماع بنقل الخلاف عن الفقهاء]

إما الحکایة فقد نقل المحقق و العلامة رحمهما الله و غیرهما القول بجواز أخذ الأجرة علی القضاء عن بعض. فقد قال فی الشرائع أما

المکاسب، ج 1، ص 63

لو أخذ الجعل من المتحاکمین ففیه خلاف و کذلک العلامة فی المختلف. و قد حکی العلامة الطباطبائی فی مصابیحه عن فخر الدین و جماعة التفصیل بین العبادات و غیرها.

و یکفی فی ذلک ملاحظة الأقوال التی ذکرها فی المسالک فی باب المتاجر و أما ما وجدناه فهو أن ظاهر المقنعة بل النهایة و محکی المرتضی جواز الأجر علی القضاء مطلقا و إن أول بعض کلامهم بإرادة الارتزاق. و قد اختار جماعة جواز أخذ الأجرة علیه إذا لم یکن متعینا أو تعین و کان القاضی محتاجا. و قد صرح فخر الدین فی الإیضاح بالتفصیل بین الکفائیة التوصلیة و غیرها فجوز أخذ الأجرة فی الأول قال فی شرح عبارة والده فی القواعد فی الاستیجار علی تعلیم الفقه ما لفظه الحق عندی أن کل واجب علی شخص معین لا یجوز للمکلف أخذ الأجرة علیه و الذی وجب کفایة فإن کان مما لو أوقعه بغیر نیة لم یصح و لم یزل الوجوب فلا یجوز أخذ الأجرة علیه لأنه عبادة محضة قال الله تعالی وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ حصر غرض الأمر فی انحصار غایة الفعل فی الإخلاص و ما یفعل بالعوض لا یکون کذلک و غیر ذلک یجوز أخذ الأجرة علیه إلا ما نص الشارع علی تحریمه کالدفن انتهی. نعم رده فی محکی جامع المقاصد لمخالفة هذا التفصیل لنص الأصحاب. أقول لا یخفی أن الفخر أعرف بنص الأصحاب من المحقق الثانی فهذا والده قد صرح فی المختلف بجواز أخذ الأجرة علی القضاء إذا لم یتعین و قبله المحقق فی الشرائع غیر أنه قید صورة عدم التعیین بالحاجة و لأجل ذلک اختار العلامة الطباطبائی فی مصابیحه ما اختاره فخر الدین من التفصیل و مع هذا فمن أین الوثوق علی إجماع لم یصرح به إلا المحقق الثانی مع ما طعن به الشهید الثانی علی إجماعاته بالخصوص فی رسالته فی صلاة الجمعة

[مقتضی القاعدة فی المقام]

و الذی ینساق إلیه النظر- أن مقتضی القاعدة فی کل عمل له منفعة محللة مقصودة جواز أخذ الأجرة و الجعل علیه و إن کان داخلا فی العنوان الذی أوجبه الله علی المکلف ثم إن صلح ذلک الفعل المقابل بالأجرة لامتثال الإیجاب المذکور أو إسقاطه به أو عنده سقط الوجوب مع استحقاق الأجرة و إن لم یصلح استحق الأجرة و بقی الواجب فی ذمته لو بقی وقته و إلا عوقب علی ترکه. و أما مانعیة مجرد الوجوب من صحة المعاوضة علی الفعل فلم تثبت علی الإطلاق

[اللازم التفصیل بین العینی التعیینی فلا یجوز و بین غیره فیجوز]

بل اللازم التفصیل فإن کان العمل واجبا عینیا تعیینیا لم یجز أخذ الأجرة لأن أخذ الأجرة علیه مع کونه واجبا مقهورا من قبل الشارع علی فعله أکل للمال بالباطل لأن عمله هذا لا یکون محترما لأن استیفاءه منه لا یتوقف علی طیب نفسه لأنه یقهر علیها مع عدم طیب النفس و الامتناع. و مما یشهد بما ذکرناه أنه لو فرض أن المولی أمر بعض عبیده بفعل لغرض و کان مما یرجع نفعه أو بعض نفعه إلی غیره فأخذ العبد العوض من ذلک الغیر علی ذلک العمل عد أکلا للمال مجانا و بلا عوض ثم إنه لا ینافی ما ذکرناه حکم الشارع بجواز أخذ الأجرة علی العمل بعد إیقاعه کما أجاز للوصی أخذ أجرة المثل أو مقدار الکفایة لأن هذا حکم شرعی لا من باب المعاوضة

ثم لا فرق فیما ذکرناه بین التعبدی من الواجب و التوصلی

مضافا فی التعبدی إلی ما تقدم من منافاة أخذ الأجرة علی العمل للإخلاص کما نبهنا علیه سابقا و تقدم عن الفخر و قرره علیه بعض من تأخر عنه.

[حرمة أخذ الأجرة علی المندوب التعبدی]

و منه یظهر عدم جواز أخذ الأجرة علی المندوب إذا کان عبادة یعتبر فیها التقرب.

[جواز أخذ الأجرة علی الواجب التوصلی التخییری]

و أما الواجب التخییری فإن کان توصلیا فلا أجد مانعا عن جواز أخذ الأجرة علی أحد فردیه بالخصوص بعد فرض کونه مشتملا علی نفع محلل للمستأجر و المفروض أنه محترم لا یقهر المکلف علیه فجاز أخذ الأجرة بإزائه فإذا تعین دفن المیت علی شخص و تردد الأمر بین حفر أحد موضعین فاختار الولی أحدهما بالخصوص لصلابته أو لغرض آخر فاستأجر ذلک لحفر ذلک الموضع بالخصوص لم یمنع من ذلک کون مطلق الحفر واجبا علیه مقدمة للدفن

[التفصیل فی الواجب التعبدی التخییری]

و إن کان تعبدیا فإن قلنا بکفایة الإخلاص بالقدر المشترک و إن کان إیجاد خصوص بعض الأفراد لداع غیر الإخلاص فهو کالتوصلی و إن قلنا إن اتحاد وجود القدر المشترک مع الخصوصیة مانع عن التفکیک بینهما فی القصد کان حکمه کالتعینی.

[التفصیل فی الکفائی بین التوصلی و التعبدی]

و أما الکفائی فإن کان توصلیا أمکن أخذ الأجرة علی إتیانه لأجل باذل الأجرة فهو العامل فی الحقیقة و إن کان تعبدیا لم یجز الامتثال به و أخذ الأجرة علیه. نعم یجوز النیابة إن کان مما یقبل النیابة لکنه یخرج عن محل الکلام لأن محل الکلام أخذ الأجرة علی ما هو واجب علی الأجیر لا علی النیابة فیما هو واجب علی المستأجر فافهم- .

[حرمة أخذ الأجرة فی الکفائی لو کان حقا لمخلوق علی المکلفین]

ثم إنه قد یفهم من أدلة وجوب الشی ء کفایة کونه حقا لمخلوق یستحقه علی المکلفین فکل من أقدم علیه فقد أدی حق ذلک المخلوق فلا یجوز له أخذ الأجرة منه و لا من غیره ممن وجب علیه أیضا کفایة و لعل من هذا القبیل تجهیز المیت و إنقاذ الغریق بل و معالجة الطبیب لدفع الهلاک.

[الإشکال علی أخذ الأجرة علی الصناعات التی یتوقف علیها النظام]
اشارة

ثم إن هنا إشکالا مشهورا و هو أن الصناعات التی یتوقف النظام علیها تجب کفایة لوجوب إقامة النظام بل قد یتعین بعضها علی بعض المکلفین عند انحصار المکلف القادر فیه مع أن جواز أخذ الأجرة علیها مما لا کلام لهم فیه و کذا یلزم أن یحرم علی الطبیب أخذ الأجرة علی الطبابة لوجوبها علیه کفایة أو عینا کالفقاهة

و قد تفصی عنه بوجوه
أحدها

الالتزام بخروج ذلک بالإجماع و السیرة القطعیین.

الثانی الالتزام بجواز أخذ الأجرة علی الواجبات إذا لم تکن تعبدیة

و قد حکاه فی المصابیح عن جماعة و هو ظاهر کل من جوز أخذ الأجرة علی القضاء بقول مطلق یشمل صورة تعینه علیه کما تقدم حکایته فی الشرائع و المختلف عن بعض و فیه ما تقدم سابقا- من أن الأقوی عدم جواز أخذ الأجرة علیه.

الثالث ما عن المحقق الثانی من اختصاص جواز الأخذ بصورة قیام من به الکفایة

فلا یکون حینئذ واجبا و فیه أن ظاهر العمل و الفتوی جواز الأخذ و لو مع بقاء الوجوب الکفائی بل و مع وجوبه عینا للانحصار.

الرابع ما فی مفتاح الکرامة من أن المنع مختص بالواجبات الکفائیة المقصودة لذاتها

کأحکام الموتی و تعلیم الفقه دون ما یجب لغیره کالصنائع و فیه أن هذا التخصیص إن کان لاختصاص معاقد إجماعاتهم و عنوانات کلامهم فهو خلاف الموجود منها و إن کان الدلیل یقتضی الفرق فلا بد من بیانه.

الخامس أن المنع عن أخذ الأجرة علی الصناعات الواجبة لإقامة النظام یوجب اختلال النظام

لوقوع أکثر الناس فی المعصیة بترکها أو ترک الشاق منها و الالتزام بالأسهل فإنهم لا یرغبون بالصناعات

المکاسب، ج 1، ص 64

الشاقة أو الدقیقة إلا طمعا فی الأجرة و زیادتها علی ما یبذل لغیرها من الصناعات و تسویغ أخذ الأجرة علیها لطف فی التکلیف بإقامة النظام. و فیه أن المشاهد بالوجدان أن اختیار الناس للصنائع الشاقة و تحملها ناش عن الدواعی الأخر غیر زیادة الأجرة مثل عدم قابلیته لغیر ما یختار أو عدم میلة إلیه أو عدم کونه شاقا علیه لکونه ممن نشأ فی تحمل المشقة أ لا تری أن أغلب الصنائع الشاقة من الکفائیات کالفلاحة و الحرث و الحصاد و شبه ذلک لا تزید أجرتها علی الأعمال السهلة.

السادس أن الوجوب فی هذه الأمور مشروط بالعوض

. قال بعض الأساطین بعد ذکر ما یدل علی المنع عن أخذ الأجرة علی الواجب أما ما کان واجبا مشروطا فلیس بواجب قبل حصول الشرط فتعلق الإجارة به قبله لا مانع منه و لو کانت هو الشرط فی وجوبه فکل ما وجب کفایة من حرف و صناعات لم تجب إلا بشرط العوض بإجارة أو جعالة أو نحوهما فلا فرق بین وجوبها العینی للانحصار و وجوبها الکفائی لتأخیر الوجوب عنها و عدمه قبلها کما أن بذل الطعام و الشراب للمضطر إن بقی علی الکفایة أو تعین یستحق فیه أخذ العوض علی الأصح لأن وجوبه مشروط بخلاف ما وجب مطلقا بالأصالة کالنفقات أو بالعارض کالمنذور و نحوه انتهی کلامه رحمه الله و فیه أن وجوب الصناعات لیس مشروطا ببذل العوض لأنه لإقامة النظام التی هی من الواجبات المطلقة فإن الطبابة و الفصد و الحجامة و غیرها مما یتوقف علیه بقاء الحیاة فی بعض الأوقات واجبة بذل له العوض أم لم یبذل

السابع أن وجوب الصناعات المذکورة لم یثبت من حیث ذاتها

و إنما ثبت من حیث الأمر بإقامة النظام غیر متوقفة علی العمل تبرعا بل یحصل به و بالعمل بالأجرة فالذی یجب علی الطبیب لأجل إحیاء النفس و إقامة النظام بذل نفسه للعمل لا بشرط التبرع به بل له أن یتبرع به و له أن یطلب الأجرة و حینئذ فإن بذل المریض الأجرة وجب علیه العلاج و إن لم یبذل الأجرة و المفروض أداء ترک العلاج إلی الهلاک أجبره الحاکم حسبة علی بذل الأجرة للطبیب و إن کان المریض مغمی علیه دفع عنه ولیه و إلا جاز للطبیب العمل بقصد الأجرة فیستحق الأجرة فی ماله و إن لم یکن له مال ففی ذمته فیؤدی فی حیاته أو بعد مماته من الزکاة أو غیرها. و بالجملة فما کان من الواجبات الکفائیة ثبت من دلیله وجوب نفس ذلک العنوان فلا یجوز أخذ الأجرة علیه بناء علی المشهور و أما ما أمر به من باب إقامة النظام فأقامه النظام تحصل ببذل النفس للعمل فی الجملة و أما العمل تبرعا فلا و حینئذ فیجوز طلب الأجرة من المعمول له إذا کان أهلا للطلب منه و قصدها إذا لم یکن ممن یطلب منه کالغائب الذی یعمل فیما له عمل لدفع الهلاک عنه و کالمریض المغمی علیه و فیه أنه إذا فرض وجوب إحیاء النفس و وجب العلاج مقدمة له فأخذ الأجرة علیه غیر جائز- .

[مختار المؤلف]

فالتحقیق علی ما ذکرنا سابقا أن الواجب إذا کان عینیا تعینیا لم یجز أخذ الأجرة علیه و لو کان من الصناعات فلا یجوز للطبیب أخذ الأجرة علی بیان الدواء أو بعد تشخیص الدواء و أما أخذ الوصی الأجرة علی تولی أموال الطفل الموصی علیه الشامل بإطلاقه لصورة تعین العمل علیه فهو من جهة الإجماع و النصوص المستفیضة علی أن له أن یأخذ شیئا و إنما وقع الخلاف فی تعیینه فذهب جماعة إلی أن له أجرة المثل حملا للأخبار علی ذلک و لأنه إذا فرض احترام عمله بالنص و الإجماع فلا بد من کون العوض أجرة المثل. و بالجملة فملاحظة النصوص و الفتاوی فی تلک المسألة ترشد إلی خروجها عما نحن فیه و أما باذل المال للمضطر- فهو إنما یرجع بعوض المبذول لا بأجرة البذل- فلا یرد نقضا فی المسألة و أما رجوع الأم المرضعة بعض إرضاع اللبأ مع وجوبه علیها بناء علی توقف حیاة الولد علیه فهو إما من قبیل بذل المال للمضطر و إما من قبیل رجوع الوصی بأجرة المثل من جهة عموم الآیة فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَکُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فافهم و إن کان کفائیا جاز الاستیجار علیه فیسقط الواجب بفعل المستأجر علیه عنه و عن غیره و إن لم یحصل الامتثال. و من هذا الباب أخذ الطبیب الأجرة علی حضوره عند المریض إذا تعین علیه علاجه فإن العلاج و إن کان معینا علیه إلا أن الجمع بینه و بین المریض مقدمة للعلاج واجب کفائی بینه و بین أولیاء المریض فحضوره أداء للواجب الکفائی کإحضار الأولیاء إلا أنه لا بأس بأخذ الأجرة علیه. نعم یستثنی من الواجب الکفائی ما علم من دلیله صیرورة ذلک العمل حقا للغیر یستحقه من المکلف کما قد یدعی أن الظاهر من أدلة وجوب تجهیز المیت أن للمیت حقا علی الأحیاء فی التجهیز فکل من فعل شیئا منه فی الخارج فقد أدی حق المیت فلا یجوز أخذ الأجرة علیه و کذا تعلیم الجاهل أحکام عباداته الواجبة علیه و ما یحتاج إلیه کصیغة النکاح و نحوها لکن تعیین هذا یحتاج إلی لطف قریحة هذا تمام الکلام فی أخذ الأجرة علی الواجب.

و أما الحرام

فقد عرفت عدم جواز أخذ الأجرة علیه

و أما المکروه و المباح

فلا إشکال فی جواز أخذ الأجرة علیهما

و أما المستحب
اشارة

و المراد منه ما کان له نفع قابل لأن یرجع إلی المستأجر لتصح الإجارة من هذه الجهة فهو بوصف کونه مستحبا علی المکلف لا یجوز أخذ الأجرة علیه لأن الموجود من هذا الفعل فی الخارج لا یتصف بالاستحباب إلا مع الإخلاص الذی ینافیه إتیان الفعل لاستحقاق المستأجر إیاه کما تقدم فی الواجب. و حینئذ فإن کان حصول النفع المذکور منه متوقفا علی نیة القربة لم یجز أخذ الأجرة علیه کما إذا استأجر من یعید صلاته ندبا لیقتدی به لأن المفروض بعد الإجارة عدم تحقق الإخلاص و المفروض مع عدم تحقق الإخلاص عدم حصول نفع منه عائد إلی المستأجر و ما یخرج بالإجارة عن قابلیة انتفاع المستأجر به لم یجز الاستیجار علیه و من هذا القبیل الاستیجار علی العبادة لله تعالی أصالة- لا نیابة و إهداء ثوابها إلی المستأجر فإن ثبوت الثواب للعامل موقوف علی قصد الإخلاص المنفی مع الإجارة و إن کان حصول النفع غیر متوقف علی الإخلاص جاز الاستیجار علیه کبناء المساجد و إعانة المحاویج فإن من بنی لغیره مسجدا عاد إلی الغیر نفع بناء المسجد و هو ثوابه و إن لم یقصد البناء من عمله إلا أخذ الأجرة. و کذا من استأجر غیره لإعانة المحاویج و المشی فی حوائجهم فإن الماشی لا یقصد إلا الأجرة إلا أن نفع المشی عائد إلی المستأجر

و من هذا القبیل استیجار الشخص للنیابة عنه فی العبادات التی تقبل النیابة

المکاسب، ج 1، ص 65

کالحج و الزیارة و نحوهما فإن نیابة الشخص عن غیره فیما ذکر و إن کانت مستحبة إلا أن ترتب الثواب للمنوب عنه و حصول هذا النفع له لا یتوقف علی قصد النائب الإخلاص فی نیابته بل متی جعل نفسه بمنزلة الغیر و عمل العمل بقصد التقرب الذی هو تقرب المنوب عنه بعد فرض النیابة انتفع المنوب عنه سواء فعل النائب هذه النیابة بقصد الإخلاص فی امتثال أو أمر النیابة عن المؤمن أم لم یلتفت إلیها أصلا و لم یعلم بوجودها فضلا عن أن یقصد امتثالها أ لا تری أن أکثر العوام الذین یعملون الخیرات لأمواتهم لا یعلمون ثبوت الثواب لأنفسهم فی هذه النیابة بل یتخیلون النیابة مجرد إحسان إلی المیت لا یعود نفع منه إلی نفسه و التقرب الذی یقصده النائب بعد جعل نفسه نائبا هو تقرب المنوب عنه لا تقرب النائب فیجوز أن ینوب لأجل مجرد استحقاق الأجرة عن فلان بأن ینزل نفسه منزلته فی إتیان الفعل قربة إلی الله ثم إذا عرض هذه النیابة الوجوب بسبب الإجارة فالأجیر غیر متقرب فی نیابته لأن الفرض عدم علمه أحیانا بکون النیابة راجحة شرعا یحصل بها التقرب لکنه متقرب بعد جعل نفسه نائبا عن غیره فهو متقرب بوصف کونه بدلا و نائبا عن الغیر فالتقرب یحصل للغیر.

[الإشکال بکون الإخلاص منافیا للإجارة و الجواب عنه]

فإن قلت الموجود فی الخارج من الأجیر لیس إلا الصلاة عن المیت مثلا و هذا متعلق الإجارة و النیابة فإن لم یمکن الإخلاص فی متعلق الإجارة لم یترتب علی تلک الصلاة نفع للمیت و إن أمکن لم یناف الإخلاص لأخذ الأجرة کما ادعیت و لیست النیابة عن المیت فی الصلاة المتقرب بها إلی الله تعالی شیئا و نفس الصلاة شیئا آخر حتی یکون الأول متعلقا للإجارة و الثانی موردا للإخلاص. قلت القربة المانع اعتبارها من تعلق الإجارة هی المعتبرة فی نفس متعلق الإجارة و إن اتحد خارجا مع ما یعتبر فیه القربة مما لا یکون متعلقا للإجارة فالصلاة الموجودة فی الخارج علی جهة النیابة فعل للنائب من حیث إنها نیابة عن الغیر و بهذا الاعتبار ینقسم فی حقه إلی المباح و الراجح و المرجوح و فعل للمنوب عنه بعد نیابة النائب یعنی تنزیل نفسه منزلة المنوب عنه فی هذه الأفعال و بهذا الاعتبار تترتب علیه الآثار الدنیویة و الأخرویة لفعل المنوب عنه الذی لم یشترط فیه المباشرة و الإجارة تتعلق به بالاعتبار الأول و التقرب بالاعتبار الثانی فالموجود فی ضمن الصلاة الخارجیة فعلان نیابة صادرة عن الأجیر النائب فیقال ناب عن فلان و فعل کأنه صادر عن المنوب عنه فیمکن أن یقال علی سبیل المجاز صلی فلان و لا یمکن أن یقال ناب فلان فکما جاز اختلاف هذین الفعلین فی الآثار فلا ینافی اعتبار القربة فی الثانی جواز الاستیجار علی الأول الذی لا یعتبر فیه القربة.

[جواز الاستئجار للمیت]

و قد ظهر مما قررناه وجه ما اشتهر بین المتأخرین فتوی و عملا من جواز الاستیجار علی العبادات للمیت و أن الاستشکال فی ذلک بمنافاة ذلک لاعتبار القربة فیها ممکن الدفع- خصوصا بملاحظة و ما ورد من الاستیجار للحج و دعوی خروجه بالنص فاسدة لأن مرجعها إلی عدم اعتبار القربة فی الحج و أضعف منها دعوی أن الاستیجار علی المقدمات کما لا یخفی مع أن ظاهر ما ورد فی استیجار مولانا الصادق ع للحج عن ولده إسماعیل کون الإجارة علی نفس الأفعال.

[عدم جواز إتیان ما وجب بالإجارة عن نفسه]

ثم اعلم أنه کما لا یستحق الغیر بالإجارة- ما وجب علی المکلف علی وجه العبادة کذلک لا یؤتی علی وجه العبادة لنفسه ما استحقه الغیر منه بالإجارة فلو استؤجر لإطافة صبی أو مغمی علیه فلا یجوز الاحتساب فی طواف نفسه کما صرح به فی المختلف بل کذلک لو استؤجر لحمل غیره فی الطواف- کما صرح به جماعة تبعا للإسکافی لأن المستأجر یستحق الحرکة المخصوصة علیه لکن ظاهر جماعة جواز الاحتساب فی هذه الصورة لأن استحقاق الحمل غیر استحقاق الإطافة به کما لو استؤجر لحمل متاع. و فی المسألة أقوال قال فی الشرائع و لو حمله حامل فی الطواف أمکن أن یحتسب کل منهما طوافه عن نفسه انتهی و قال فی المسالک هذا إذا کان الحامل متبرعا أو حاملا بجعالة أو کان مستأجرا للحمل فی طوافه أما لو استؤجر للحمل مطلقا لم یحتسب للحامل لأن الحرکة المخصوصة قد صارت مستحقة علیه لغیره فلا یجوز صرفها إلی نفسه- و فی المسألة أقوال هذا أجودها انتهی و أشار بالأقوال إلی القول بجواز الاحتساب مطلقا کما هو ظاهر الشرائع و ظاهر القواعد علی إشکال. و القول الآخر ما فی الدروس من أنه یحتسب لکل من الحامل و المحمول ما لم یستأجره للحمل لا فی طوافه انتهی. و الثالث ما ذکره فی المسالک من التفصیل. و الرابع ما ذکره بعض محشی الشرائع من استثناء صورة الاستیجار علی الحمل. و الخامس الفرق بین الاستیجار للطواف به و بین الاستیجار لحمله فی الطواف و هو ما اختاره فی المختلف. و بنی فخر الدین فی الإیضاح جواز الاحتساب فی صورة الاستیجار للحمل التی استشکل والده رحمه الله فیها علی أن ضم نیة التبرد إلی الوضوء قادح أم لا. و المسألة مورد نظر و إن کان ما تقدم من المسالک لا یخلو عن وجه.

[أخذ الأجرة علی الأذان]
اشارة

ثم إنه قد ظهر مما ذکرناه- من عدم جواز الاستیجار علی المستحب إذا کان من العبادات أنه لا یجوز أخذ الأجرة علی أذان المکلف لصلاة نفسه إذا کان مما یرجع نفع منه إلی الغیر لأجله یصح الاستیجار کالإعلام بدخول الوقت و الاجتزاء به فی الصلاة و کذا أذان المکلف للإعلام عند الأکثر کما عن الذکری و علی الأشهر کما فی الروضة و هو المشهور کما فی المختلف و مذهب الأصحاب إلا من شذ کما عنه و عن جامع المقاصد و بالإجماع کما عن محکی الخلاف بناء علی أنه عبادة یعتبر فیها وقوعها لله فلا یجوز أن یستحقه الغیر.

[ما یدل علی عدم جواز الأجرة علی الأذان]

و فی روایة زید بن علی عن أبیه عن آبائه عن علی ع: أنه أتاه رجل فقال له و الله إنی أحبک لله فقال له لکنی أبغضک لله قال و لم قال لأنک تبغی فی الأذان أجرا و تأخذ علی تعلیم القرآن أجرا و فی روایة حمران الواردة فی فساد الدنیا و اضمحلال الدین و فیها قوله ع: و رأیت الأذان بالأجرة و الصلاة بالأجر و یمکن أن یقال إن مقتضی کونه عبادة عدم حصول الثواب إذا لم یتقرب به لا فساد الإجارة مع فرض کون العمل مما ینتفع به و إن لم یتقرب به نعم لو قلنا بأن الإعلام بدخول الوقت المستحب کفایة لا یتأتی بالأذان الذی لا یتقرب به صح ما ذکر لکن لیس کذلک و أما الروایة فضعیفة- و من هنا استوجه الحکم بالکراهة فی الذکری و المسالک و مجمع البرهان و البحار بعد أن حکی عن علم الهدی رحمه الله و لو اتضحت دلالة الروایات أمکن جبر سند الأولی

المکاسب، ج 1، ص 66

بالشهرة مع أن روایة حمران حسنة علی الظاهر بابن هاشم

[الأجرة علی الإمامة]

و من هنا یظهر وجه ما ذکروه فی هذا المقام من حرمة أخذ الأجرة علی الإمامة مضافا إلی موافقتها للقاعدة المتقدمة من أن ما کان انتفاع الغیر به موقوفا علی تحققه علی وجه الإخلاص لا یجوز الاستیجار علیه لأن شرط العمل المستأجر علیه قابلیة إیقاعه لأجل استحقاق المستأجر له حتی یکون وفاء بالعقد و ما کان من قبیل العبادة غیر قابل لذلک

[الأجرة علی تحمل الشهادة]

ثم إن من الواجبات التی یحرم أخذ الأجرة علیها عند المشهور تحمل الشهادة بناء علی وجوبه کما هو أحد الأقوال فی المسألة لقوله تعالی وَ لا یَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا المفسر فی الصحیح بالدعاء للتحمل و کذلک أداء الشهادة لوجوبه عینا أو کفایة و هو مع الوجوب العینی واضح و أما مع الوجوب الکفائی فلأن المستفاد من أدلة الشهادة کون التحمل و الأداء حقا للمشهود له علی الشاهد فالموجود فی الخارج من الشاهد حق للمشهود له لا یقابل بعوض للزوم مقابلة حق الشخص بشی ء من ماله فیرجع إلی أکل المال بالباطل.

و منه یظهر أنه کما لا یجوز أخذ الأجرة من المشهود له کذلک لا یجوز من بعض من وجبت علیه کفایة إذا استأجره لفائدة إسقاطها عن نفسه ثم إنه لا فرق فی حرمة الأجرة بین توقف التحمل أو الأداء علی قطع مسافة طویلة و عدمه. نعم لو احتاج إلی بذل مال فالظاهر عدم وجوبه و لو أمکن إحضار الواقعة عند من یراد تحمله للشهادة فله أن یمتنع من الحضور و یطلب الإحضار.

[الارتزاق من بیت المال لمن یحرم علیه أخذ الأجرة]
اشارة

بقی الکلام فی شی ء و هو أن کثیرا من الأصحاب صرحوا فی کثیر من الواجبات و المستحبات التی یحرم أخذ الأجرة علیها بجواز ارتزاق مؤدیها من بیت المال المعد لمصالح المسلمین و لیس المراد أخذ الأجرة أو الجعل من بیت المال لأن ما دل علی تحریم العوض لا فرق فیه بین کونه من بیت المال أو من غیره بل حیث استفدنا من دلیل الوجوب کونه حقا للغیر یجب أداؤه إلیه عینا أو کفایة فیکون أکل المال بإزائه أکلا له بالباطل کان إعطاؤه العوض من بیت المال أولی بالحرمة لأنه تضییع له و إعطاء مال المسلمین بإزاء ما یستحقه المسلمون علی العامل بل المراد أنه إذا قام المکلف بما یجب علیه کفایة أو عینا مما یرجع إلی مصالح المؤمنین و حقوقهم کالقضاء و الإفتاء و الأذان و الإقامة و نحوها و رأی ولی المسلمین المصلحة فی تعیین شی ء من بیت المال له فی الیوم أو الشهر أو السنة من جهة قیامه بذلک الأمر لکونه فقیرا یمنعه القیام بالواجب المذکور عن تحصیل ضروریاته فیعین له ما یرفع حاجته و إن کان أزید من أجرة المثل أو أقل منها. و لا فرق بین أن یکون تعیین الرزق له بعد القیام أو قبله حتی أنه لو قیل له اقض فی البلد و أنا أکفیک مئونتک من بیت المال جاز و لم یکن جعالة

و کیف کان فمقتضی القاعدة عدم جواز الارتزاق إلا مع الحاجة

علی وجه یمنعه القیام بتلک المصلحة عن اکتساب المئونة فالارتزاق مع الاستغناء و لو بکسب لا یمنعه القیام بتلک المصلحة غیر جائز و یظهر من إطلاق جماعة فی باب القضاء خلاف ذلک بل صرح غیر واحد بالجواز مع وجدان الکفایة

خاتمة تشتمل علی مسائل
الأولی [بیع المصحف]
اشارة

صرح جماعة کما عن النهایة و السرائر و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد بحرمة بیع المصحف و المراد به کما صرح فی الدروس خطه و ظاهر المحکی عن نهایة الأحکام اشتهارها بین الصحابة حیث تمسک علی الحرمة بمنع الصحابة و علیه تدل ظواهر الأخبار المستفیضة.

[روایات المنع عن بیع المصحف]

ففی موثقة سماعة: لا تبیعوا المصاحف فإن بیعها حرام قلت فما تقول فی شرائها قال اشتر منه الدفتین و الحدید و الغلاف و إیاک أن تشتری منه الورق و فیه القرآن مکتوب فیکون علیک حراما و علی من باعه حراما و مضمرة عثمان بن عیسی قال: سألته عن بیع المصاحف و شرائها فقال لا تشتر کلام الله و لکن اشتر الجلد و الحدید و الدفتر و قل أشتری منک هذا بکذا و کذا: و رواها فی الکافی عن عثمان بن عیسی عن سماعة عن أبی عبد الله ع: و روایة جراح المدائنی: فی بیع المصاحف قال لا تبع الکتاب و لا تشتره و بع الورق و الأدیم و الحدید 258 و روایة عبد الرحمن بن سیابة قال سمعت أبا عبد الله ع یقول: إن المصاحف لن یشتری فإذا اشتریت فقل إنما أشتری منک الورق و ما فیه من الأدیم و حلیته و ما فیه من عمل یدک بکذا و کذا. و ظاهر قوله ع إن المصاحف لن تشتری أنها لا تدخل فی ملک أحد علی وجه العوضیة عما بذله من الثمن و أنها أجل من ذلک و یشیر إلیه تعبیر الإمام فی بعض الأخبار بکتاب الله و کلام الله الدال علی التعظیم و کیف کان فالحکم فی المسألة واضح بعد الأخبار و عمل من عرفت حتی مثل الحلی الذی لا یعمل بأخبار الآحاد.

[توهم استفادة الجواز من بعض الروایات]

و ربما یتوهم هنا ما یصرف هذه الأخبار عن ظواهرها مثل روایة أبی بصیر قال: سألت أبا عبد الله ع عن بیع المصاحف و شرائها فقال إنما کان یوضع عند القامة و المنبر قال کان بین الحائط و المنبر قید ممر شاة أو رجل و هو منحرف فکان الرجل یأتی فیکتب البقرة و یجی ء آخر فیکتب السورة کذلک کانوا ثم إنهم اشتروا بعد ذلک- قلت فما تری فی ذلک قال أشتریه أحب إلی من أن أبیعه: و مثلها روایة روح بن عبد الرحیم و زاد فیها: قلت فما تری إن أعطی علی کتابته أجرا قال لا بأس و لکن هکذا کانوا یصنعون فإنها تدل علی جواز الشراء من جهة حکایته عن المسلمین بقوله ثم إنهم اشتروا بعد ذلک و قوله أشتریه أحب إلی من أن أبیعه و نفی البأس عن الاستیجار لکتابته کما فی أخبار أخری غیرها فیجوز تملک الکتابة بالأجرة فیجوز وقوع جزء من الثمن بإزائها عند بیع المجموع المرکب منها و من القرطاس و غیرها

[عدم دلالة الروایات علی جواز المعاوضة علی الخط]

لکن الإنصاف أن لا دلالة فیها علی جواز اشتراء خط المصحف و إنما تدل علی أن تحصیل المصحف فی الصدر الأول کان بمباشرة کتابته ثم قصرت الهمم فلم یباشروها بأنفسهم و حصلوا المصاحف بأموالهم شراء و استئجارا و لا دلالة فیها علی کیفیة الشراء و أن الشراء و المعاوضة لا بد أن لا تقع إلا علی ما عدا الخط من القرطاس و غیره. و فی بعض الروایات دلالة علی أن الأولی- مع عدم مباشرة الکتابة بنفسه أن یستکتب بلا شرط ثم یعطیه ما یرضیه مثل روایة عبد الرحمن بن أبی عبد الله عن أبی عبد الله ع قال: إن أم عبد الله بن الحارث أرادت أن تکتب مصحفا فاشترت ورقا من عندها و دعت رجلا فکتب لها علی غیر شرط فأعطته حین

المکاسب، ج 1، ص 67

فرغ خمسین دینارا و أنه لم تبع المصاحف إلا حدیثا

[روایة عنبسة الوراق و توجیها]

و مما یدل علی الجواز روایة عنبسة الوراق قال: قلت لأبی عبد الله ع أنا رجل أبیع المصاحف فإن نهیتنی لم أبعها قال أ لست تشتری ورقا و تکتب فیه قلت بلی و أعالجها قال لا بأس بها و هی و إن کانت ظاهرة فی الجواز إلا أن ظهورها من حیث السکوت عن کیفیة البیع فی مقام الحاجة إلی البیان فلا تعارض ما تقدم من الأخبار المتضمنة للبیان و کیف کان فالأظهر فی الاخبار- ما تقدم من الأساطین المتقدمة إلیهم الإشارة.

بقی الکلام فی المراد من حرمة البیع و الشراء

بعد فرض أن الکاتب للمصحف فی الأوراق المملوکة مالک للأوراق و ما فیها من النقوش فإن النقوش إن لم تعد من الأعیان المملوکة بل من صفات النقوش التی تتفاوت قیمته بوجودها و عدمها فلا حاجة إلی النهی عن بیع الخط فلا یقع بإزائه جزء من الثمن حتی یقع فی حیز البیع- و إن عدت من الأعیان المملوکة فإن فرض بقاؤها علی ملک البائع بعد بیع الورق و الجلد فیلزم شرکته مع المشتری و هو خلاف الاتفاق و إن انتقلت إلی المشتری فإن کان بجزء من العوض فهو البیع المنهی عنه لأن بیع المصحف المرکب من الخط و غیره لیس إلا جعل جزء من الثمن بإزاء الخط و إن انتقلت إلیه قهرا تبعا لغیرها لا لجزء من العوض نظیر بعض ما یدخل فی المبیع فهو خلاف مقصود المتبایعین مع أن هذا کالتزام کون المبیع هو الورق المقید بوجود هذه النقوش فیه لا الورق و النقوش فإن النقوش غیر مملوکة بحکم الشارع مجرد تکلیف صوری إذ لا أظن أن تعطل أحکام الملک فلا تجری علی الخط المذکور إذا بنینا علی أنه ملک عرفا قد نهی عن المعاوضة علیه بل الظاهر أنه إذا لم یقصد بالشراء إلا الجلد و الورق کان الخط باقیا علی ملک البائع فیکون شریکا بالنسبة فالظاهر أنه لا مناص عن التزام التکلیف الصوری أو یقال إن الخط لا یدخل فی الملک شرعا و إن دخل فیه عرفا فتأمل. و لأجل ما ذکرناه التجأ بعض إلی الحکم بالکراهة و أولویة الاقتصار فی المعاملة علی ذکر الجلد و الورق بترک إدخال الخط فیه احتراما و قد تعارف إلی الآن تسمیة ثمن القرآن هدیة

[بیع المصحف من الکافر]

ثم إن المشهور بین العلامة رحمه الله و من تأخر عنه عدم جواز بیع المصحف من الکافر علی الوجه الذی یجوز بیعه من المسلم و لعله لفحوی ما دل علی عدم تملک الکافر للمسلم و أن الإسلام یعلو و لا یعلی علیه فإن الشیخ رحمه الله قد استدل به علی عدم تملک الکافر للمسلم و من المعلوم أن ملک الکافر للمسلم إن کان علوا علی الإسلام فملکه للمصحف أشد علوا علیه و لذا لم یوجد هنا قول بتملکه- و إجباره علی البیع کما قیل به فی العبد المسلم و حینئذ فلو کفر المسلم انتقل مصحفه إلی وارثه و لو کان الوارث هو الإمام هذا

[تملک الکفار للمصاحف]

و لکن ذکر فی المبسوط فی باب الغنائم أن ما یوجد فی دار الحرب من المصاحف و الکتب التی لیست بکتب الزندقة و الکفر داخل فی الغنیمة و یجوز بیعها و ظاهر ذلک تملک الکفار للمصاحف و إلا لم یکن وجه لدخولها فی الغنیمة بل کانت من مجهول المالک المسلم- و إرادة غیر القرآن من الصاحف بعیدة

و الظاهر أن أبعاض المصحف فی حکم الکل

إذا کانت مستقلة. و أما المتفرقة فی تضاعیف غیر التفاسیر من الکتب للاستشهاد بلفظه أو معناه فلا یبعد عدم اللحوق لعدم تحقق الإهانة و العلو و فی إلحاق الأدعیة المشتملة علی أسماء الله تعالی کالجوشن الکبیر مطلقا أو مع کونه الکافر ملحدا بها دون المقر بالله المحترم لأسمائه- لعدم الإهانة و العلو وجوه.

و فی إلحاق الأحادیث النبویة بالقرآن

وجهان حکی الجزم به عن الکرکی و فخر الدین قدس سرهما و التردد بینهما عن التذکرة. و علی اللحوق فیلحق اسم النبی ص بطریق أولی لأنه أعظم من کلامه و حینئذ فیشکل أن یملک الکفار الدراهم و الدنانیر المضروبة فی زماننا المکتوب علیها اسم النبی ص إلا أن یقال إن المکتوب علیها غیر مملوک عرفا و لا یجعل بإزاء الاسم الشریف المبارک من حیث إنه اسمه جزء من الثمن فهو کاسمه المبارک المکتوب علی سیف أو علی باب دار أو جدار إلا أن یقال إن مناط الحرمة التسلیط لا المعاوضة بل و لا التملیک و یشکل أیضا من جهة مناولتها الکافر مع العلم العادی بمسه إیاه خصوصا مع الرطوبة

الثانیة جوائز السلطان و عماله
اشارة

بل مطلق المال المأخوذ منهم مجانا أو عوضا لا یخلو عن أحوال لأنه إما أن لا یعلم أن فی جملة أموال هذا الظالم مالا محرما یصلح لکون المأخوذ هو من ذلک المال و إما أن یعلم و علی الثانی فإما أن لا یعلم ذلک المحرم أو شیئا منه داخل فی المأخوذ و إما أن یعلم ذلک و علی الثانی فإما أن یعلم تفصیلا و إما أن یعلم إجمالا فالصور أربع

[الصورة الأولی أن لا یعلم بأن للجائر مال حرام یحتمل کون الجائزة منها]

أما الأولی فلا إشکال فیها فی جواز الأخذ و حلیة التصرف للأصل و الإجماع و الأخبار الآتیة لکن ربما یوهم بعض الأخبار أنه یشترط فی حل مال الجائر ثبوت مال حلال له مثل ما عن الاحتجاج عن الحمیری: أنه کتب إلی صاحب الزمان عجل الله فرجه یسأله عن الرجل یکون من وکلاء الوقف مستحلا لما فی یده لا یتورع عن أخذ ماله ربما نزلت فی قریته و هو فیها أو أدخل منزله و قد حضر طعامه فیدعونی إلیه فإن لم آکل عادانی علیه فهل یجوز لی أن آکل من طعامه و أتصدق بصدقة و کم مقدار الصدقة و إن أهدی هذا الوکیل هدیة إلی رجل آخر فیدعونی إلی أن أنال منها و أنا أعلم أن الوکیل لا یتورع عن أخذ ما فی یده فهل علی فیه شی ء إن أنا نلت منها الجواب إن کان لهذا الرجل مال أو معاش غیر ما فی یده فکل طعامه و اقبل بره و إلا فلا بناء علی أن الشرط فی الحلیة هو وجود مال آخر فإذا لم یعلم به لم یثبت الحل لکن هذه الصورة قلیلة التحقق.

و أما الثانیة [أن یعلم بوجود مال محرم للجائر لکن لا یعلم بکون الجائزة منها]
[الحالة الأولی أن تکون الشبهة غیر محصورة]
اشارة

فإن کانت الشبهة فیها غیر محصورة فحکمها کالصورة الأولی و کذا إذا کانت محصورة بین ما لا یبتلی المکلف به و بین ما من شأنه الابتلاء به کما إذا علم أن الواحد المردد بین هذه الجائزة و بین أم ولده المعدودة من خواص نسائه مغصوب و ذلک لما تقرر فی الشبهة المحصورة من اشتراط تنجز تعلق التکلیف فیها بالحرام الواقعی بکون کل من المشتبهین بحیث یکون التکلیف بالاجتناب عنه منجزا لو فرض کونه هو المحرم الواقعی لا مشروطا بوقت الابتلاء المفروض انتفاؤه فی أحدهما فی المثال فإن التکلیف غیر منجز بالحرام الواقعی علی أی تقدیر لاحتمال کون المحرم فی المثال هی أم الولد و توضیح المطلب فی محله

ثم إنه صرح جماعة بکراهة الأخذ
اشارة

و عن المنتهی الاستدلال له باحتمال الحرمة و بمثل قوله ع: دع ما یریبک و قولهم ع: من ترک الشبهات نجا من المحرمات إلی آخر الحدیث. و ربما یزاد علی ذلک بأن أخذ المال منهم یوجب محبتهم فإن القلوب مجبولة علی حب من أحسن

المکاسب، ج 1، ص 68

إلیها و یترتب علیها من المفاسد ما لا یخفی. و فی الصحیح: إن أحدکم لا یصیب من دنیاهم شیئا إلا أصابوا من دینه مثله و ما عن الإمام الکاظم ع من قوله: لو لا أنی أری من أزوجه من عزاب آل أبی طالب لئلا ینقطع نسله ما قبلتها أبدا

ثم إنهم ذکروا ارتفاع الکراهة بأمور-
منها أخبار المجیز بحلیته

بأن یقول هذه الجائزة من تجارتی أو زراعتی أو نحو ذلک مما یحل للآخذ التصرف فیه. و ظاهر المحکی عن الریاض تبعا لظاهر الحدائق أنه مما لا خلاف فیه و اعترف ولده فی المناهل بأنه لم نجد له مستندا مع أنه لم یحک التصریح به إلا عن الأردبیلی ثم عن العلامة الطباطبائی و یمکن أن یکون المستند ما دل علی قبول قول ذی الید فیعمل بقوله کما لو قامت البینة علی تملکه و شبهه الحرمة و إن لم ترتفع بذلک إلا أن الموجب للکراهة لیس مجرد الاحتمال و إلا لعمت الکراهة أخذ المال من کل أحد بل الموجب له کون الظالم مظنة الظلم و الغصب و غیر متورع عن المحارم نظیر کراهة سؤر من لا یتوقی النجاسة و هذا المعنی یرتفع بإخباره إلا إذا کان خبره کیده مظنة للکذب لکونه ظالما غاصبا فیکون خبره حینئذ کیده و تصرفه غیر مفید إلا للإباحة الظاهریة غیر المنافیة للکراهة فیختص الحکم برفع الکراهة بما إذا کان مأمونا فی خبره و قد صرح الأردبیلی بهذا القید فی إخبار وکیله و بذلک یندفع ما یقال من أنه لا فرق بین ید الظالم و تصرفه و بین خبره فی کون کل منهما مفیدا للملکیة الظاهریة غیر مناف للحرمة الواقعیة المقتضیة للاحتیاط فلا وجه لوجود الکراهة الناشئة عن حسن الاحتیاط مع الید و ارتفاعها مع الأخبار فتأمل.

و منها إخراج الخمس منه

حکی عن المنتهی و المحقق الأردبیلی و ظاهر الریاض هنا أیضا عدم الخلاف و لعله لما ذکر فی المنتهی فی وجه استحباب إخراج الخمس من هذا المال أن الخمس مطهر للمال المختلط یقینا بالحرام فمحتمل الحرمة أولی بالتطهیر به فإن مقتضی الطهارة بالخمس صیرورة المال حلالا واقعیا فلا یبقی حکم الشبهة- کما لا یبقی فی المال المختلط یقینا بعد إخراج الخمس. نعم یمکن الخدشة فی أصل الاستدلال بأن الخمس إنما یطهر المختلط بالحرام حیث إن بعضه حرام و بعضه حلال فکان الشارع جعل الخمس بدل ما فیه من الحرام فمعنی تطهیره تخلیصه بإخراج الخمس مما فیه من الحرام فکان مقدار الحلال طاهرا فی نفسه إلا أنه قد تلوث بسبب الاختلاط مع الحرام فصار محکوما بحکم الحرام و هو وجوب الاجتناب فإخراج الخمس مطهر له عن هذه القذارة العرضیة و أما المال المحتمل لکونه بنفسه حراما و قذرا ذاتیا فلا معنی لتطهیره بإخراج خمسة بل المناسب لحکم الأصل- حیث جعل الاختلاط قذارة عرضیة کون الحرام قذر العین و لازمه أن المال المحتمل الحرمة غیر قابل للطهارة فلا بد من الاجتناب عنه. نعم یمکن أن یستأنس أو یستدل علی استحباب الخمس بعد فتوی النهایة التی هی کالروایة ففیها کفایة فی الحکم بالاستحباب و کذلک فتوی السرائر مع عدم العمل فیها إلا بالقطعیات: بالموثقة المسئول فیها عن عمل السلطان یخرج فیه الرجل قال ع لا إلا أن لا یقدر علی شی ء یأکل و یشرب و لا یقدر علی حیلة فإن فعل فصار فی یده شی ء فلیبعث بخمسه إلی أهل البیت فإن موردها و إن کان ما یقع فی یده بإزاء العمل إلا أن الظاهر عدم الفرق بینه و بین ما یقع فی الید علی وجه الجائزة و یمکن أن یستدل له أیضا بما دل علی وجوب الخمس فی الجائزة مطلقا- و هی عدة أخبار مذکورة فی محلها و حیث إن المشهور غیر قائلین بوجوب الخمس فی الجائزة حملوا تلک الأخبار علی الاستحباب ثم إن المستفاد مما تقدم من اعتذار الإمام الکاظم ع من قبول الجائزة بتزویج عزاب الطالبیین لئلا ینقطع نسلهم و من غیره أن الکراهة ترتفع بکل مصلحة هی أهم فی نظر الشارع من الاجتناب عن الشبهة و یمکن أن یکون اعتذاره ع إشارة إلی أن لو لا صرفها فیما یصرف فیه المظالم المردودة لما قبلها فیجب أو ینبغی أن یأخذها ثم یصرفها فی مصارفها. و هذه الفروع کلها بعد الفراغ عن إباحة أخذ الجائزة و المتفق علیه من صورها صورة عدم العلم بالحرام فی ماله أصلا أو العلم بوجود الحرام من کون الشبهة غیر محصورة أو محصورة ملحقة بغیر المحصورة علی ما عرفت

[الحالة الثانیة] و إن کانت الشبهة محصورة
اشارة

بحیث تقتضی قاعدة الاحتیاط لزوم الاجتناب عن الجمیع لقابلیة تنجز التکلیف بالحرام المعلوم إجمالا فظاهر جماعة المصرح به فی المسالک و غیره الحل و عدم لحوق حکم الشبهة المحصورة هنا.

[ظاهر جماعة حلیة الجائزة فی هذه الحالة]

قال فی الشرائع جوائز السلطان الجائر [الظالم] إن علمت حراما بعینها فهو حرام و نحوه عن نهایة الأحکام و الدروس و غیرهما. قال فی المسالک التقیید بالعین إشارة إلی جواز أخذها إن علم [إجمالا] أن فی أمواله مظالم کما هو مقتضی حال الظالم و لا یکون حکمها حکم المال المختلط بالحرام فی وجوب اجتناب الجمیع للنص علی ذلک انتهی.

[مناقشة القول بالحلیة]

أقول لیس فی أخبار الباب ما یکون حاکما علی قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة بل هی مطلقة أقصاها کونها من قبیل قولهم ع کل شی ء لک حلال أو کل شی ء فیه حلال و حرام فهو لک حلال. و قد تقرر حکومة قاعدة الاحتیاط علی ذلک فلا بد حینئذ من حمل الأخبار علی مورد لا تقتضی القاعدة لزوم الاجتناب عنه کالشبهة غیر المحصورة أو المحصورة التی لم یکن کل محتملاتها موردا لابتلاء المکلف- أو علی أن ما یتصرف فیه الجائر بالإعطاء یجوز أخذه حملا لتصرفه علی الصحیح أو لأن تردد الحرام بین ما ملکه الجائر و بین غیره من قبیل التردد بین ما ابتلی به المکلف و ما لم یبتل به و هو ما لم یعرضه الجائر لتملیکه فلا یحرم قبول ما ملکه لدوران الحرام بینه و بین ما لم یعرضه لتملیکه فالتکلیف بالاجتناب عن الحرام الواقعی غیر منجز علیه کما أشرنا إلیه سابقا فلو فرضنا موردا خارجا عن هذه الوجوه المذکورة کما إذا أراد أخذ شی ء من ماله مقاصة أو أذن له الجائر فی أخذ شی ء من أمواله علی سبیل التخییر أو علم أن المجیز قد أجازه من المال المختلط فی اعتقاده بالحرام بناء علی أن الید لا تؤثر فی حل ما کلف ظاهرا بالاجتناب عنه کما لو علمنا أن شخصا أعارنا أحد الثوبین المشتبهین فی نظره فإنه لا یحکم بطهارته. فالحکم فی هذه الصور بجواز أخذ بعض ذلک مع العلم بوجود الحرام فیه و طرح قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة فی غایة الإشکال بل الضعف.

فلنذکر النصوص الواردة فی هذا المقام و نتکلم فی مقدار شمول کل واحد منها
اشارة

بعد ذکره حتی یعلم عدم

المکاسب، ج 1، ص 69

نهوضها للحکومة علی القاعدة.

[قوله علیه السلام کل شی ء فیه حلال و حرام و المناقشة فیه]

فمن الأخبار التی استدل بها فی هذا المقام قول الإمام الصادق ع: کل شی ء فیه حلال و حرام فهو لک حلال أبدا حتی تعرف الحرام منه بعینه فتدعه و قوله ع:

کل شی ء هو لک حلال حتی تعرف أنه حرام بعینه و لا یخفی أن المستند فی المسألة- لو کان مثل هذا لکان الواجب إما التزام أن القاعدة فی الشبهة المحصورة عدم وجوب الاحتیاط مطلقا کما علیه شرذمة من متأخری المتأخرین أو أن مورد الشبهة المحصورة من جوائز الظلمة خارج عن عنوان الأصحاب و علی أی تقدیر فهو علی طرف النقیض مما تقدم عن المسالک.

[صحیحة أبی ولاد و المناقشة فیها]

و منها صحیحة أبی ولاد قال: قلت لأبی عبد الله ع ما تری فی رجل یلی أعمال السلطان لیس له مکسب إلا من أعمالهم و أنا أمر به و أنزل علیه فیضیفنی و یحسن إلی و ربما أمر لی بالدراهم و الکسوة و قد ضاق صدری من ذلک فقال لی کل و خذ منها فلک المهنأ و علیه الوزر إلی آخر الخبر. و الاستدلال بها علی المدعی لا یخلو عن نظر لأن الاستشهاد إن کان من حیث حکمه ع بحل مال العامل المجیز للسائل- فلا یخفی أن الظاهر من هذه الروایة و من غیرها من الروایات حرمة ما یأخذه عمال السلطان بإزاء عملهم له و أن العمل للسلطان من المکاسب المحرمة فالحکم بالحل لیس إلا من حیث احتمال کون ما یعطی من غیر أعیان ما یأخذه من السلطان بل مما اقترضته أو اشتراه فی الذمة و أما من حیث إن ما یقع من العامل بید السائل لکونه من مال السلطان حلال لمن وجده فیتم الاستشهاد لکن فیه مع أن الاحتمال الأول مسقط للاستدلال علی حل المشتبه المحصور الذی تقتضی القاعدة لزوم الاحتیاط فیه لأن الاعتماد حینئذ علی الید کما لو فرض مثله فی غیر الظلمة أن الحکم بالحل علی هذا الاحتمال غیر وجیه إلا علی تقدیر کون المال المذکور من الخراج و المقاسمة المباحین للشیعة إذ لو کان من صلب مال السلطان أو غیره لم یتجه حله لغیر المالک بغیر رضاه لأن المفروض حرمته علی العامل لعدم احترام عمله و کیف کان فالروایة إما من أدلة حل مال السلطان المحمول بحکم الغلبة إلی الخراج و المقاسمة و إما من أدلة حل المأخوذ من المسلم لاحتمال کون المعطی مالکا له و لا اختصاص له بالسلطان أو عماله أو مطلق الظالم أو غیره و أین هذا من المطلب الذی هو حل ما فی ید الجائر مع العلم إجمالا بحرمة بعضه المقتضی مع حصر الشبهة للاجتناب عن جمیعه

[روایات أخر]

و مما ذکرنا یظهر الکلام فی مصححة أبی المعزی: أمر بالعامل فیجیزنی بالدراهم آخذها قال نعم قلت و أحج بها قال نعم و روایة محمد بن هشام: أمر بالعامل فیصلنی بالصلة أقبلها قال نعم قلت و أحج بها قال نعم و حج بها و روایة محمد بن مسلم و زرارة عن أبی جعفر ع: جوائز السلطان لیس بها بأس

[حمل النصوص علی الشبهة غیر المحصورة]

إلی غیر ذلک من الإطلاقات التی لا تشمل من صورة العلم الإجمالی بوجود الحرام إلا الشبهة غیر المحصورة.

[محامل أخر للنصوص علی فرض شمولها للشبهة المحصورة]

و علی تقدیر شمولها لصورة العلم الإجمالی مع انحصار الشبهة فلا تجدی- لأن الحل فیها مستند إلی تصرف الجائر بالإباحة و التملیک و هو محمول علی الصحیح مع أنه لو أغمض النظر عن هذا أو رده بشمول الأخبار لما إذا أجاز الجائر من المشتبهات فی نظره بالشبهة المحصورة و لا یجری هنا أصالة الصحة فی تصرفه فیمکن استناد الحل فیها إلی ما ذکر سابقا من أن تردد الحرام بین ما أباحه الجائر أو ملکه و بین ما بقی تحت یده من الأموال التی لا دخل فیها للشخص المجاز تردد بین ما ابتلی به المکلف من المشتبهین و بین ما لم یبتل به و لا یجب الاجتناب حینئذ عن شی ء منهما من غیر فرق بین هذه المسألة و غیرها من موارد الاشتباه مع کون أحد المشتبهین مختصا بابتلاء المکلف به ثم لو فرض نص مطلق فی حل هذه الشبهة مع قطع النظر عن التصرف و عدم الابتلاء بکلا المشتبهین لم ینهض للحکومة علی قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة کما لا ینهض ما تقدم من قولهم ع کل شی ء حلال إلی آخر الحدیث. و مما ذکرنا یظهر أن إطلاق الجماعة لحل ما یعطیه الجائر مع عدم العلم بحرمته عینا إن کان شاملا لصورة العلم الإجمالی بوجود حرام فی الجائزة مردد بین هذا و بین غیره مع انحصار الشبهة إنما هو مستند إلی حمل تصرفه علی الصحة- أو علی عدم الاعتناء بالعلم الإجمالی لعدم ابتلاء المکلف بالجمیع لا لکون هذه المسألة خارجة بالنص عن حکم الشبهة المحصورة. نعم قد یخدش فی حل تصرف الظالم علی الصحیح- من حیث إنه مقدم علی التصرف فیما فی یده من المال المشتمل علی الحرام- علی وجه عدم المبالاة بالتصرف فی الحرام فهو کمن أقدم علی ما فی یده من المال المشتبه المختلط عنده بالحرام و لم یقل أحد بحمل تصرفه حینئذ علی الصحیح لکن الظاهر أن هذه الخدشة غیر مسموعة عند الأصحاب فإنهم لا یعتبرون فی الحمل علی الصحیح احتمال تورع المتصرف عن التصرف الحرام لکونه حراما بل یکتفون باحتمال صدور الصحیح منه و لو لدواع أخری- . و أما عدم الحمل فیما إذا أقدم المتصرف علی الشبهة المحصورة الواقعة تحت یده فلفساد تصرفه فی ظاهر الشرع فلا یحمل علی الصحیح الواقعی فتأمل فإن المقام لا یخلو عن إشکال.

[عدم ثبوت ما یدل علی إلغاء قاعدة الاحتیاط]

و علی أی تقدیر فلم یثبت من النص و لا الفتوی مع شرائط إعمال قاعدة الاحتیاط فی الشبهة المحصورة عدم وجوب الاجتناب فی المقام و إلغاء تلک القاعدة. و أوضح ما فی هذا الباب من عبارات الأصحاب ما فی السرائر حیث قال إن کان یعلم أن فیه شیئا مغصوبا إلا أنه غیر متمیز العین بل هو مخلوط فی غیره من أمواله أو غلاته التی یأخذها علی جهة الخراج فلا بأس أیضا بشرائه منها و قبول صلته منها لأنها صارت بمنزلة المستهلک لأنه غیر قادر علی ردها بعینها انتهی. و قریب منها ظاهر عبارة النهایة بدون ذکر التعلیل و لا ریب أن الحلی لم یستند فی تجویز أخذ المال المردد إلی النص بل إلی ما زعمه من القاعدة و لا یخفی عدم تمامیتها إلا أن یرید بها الشبهة غیر المحصورة بقرینة الاستهلاک فتأمل.

و أما الصورة الثالثة أن یعلم تفصیلا حرمة ما یأخذه و لا إشکال فی حرمته حینئذ علی الأخذ

إلا أن الکلام فی حکمه إذا وقع فی یده

فنقول علمه بحرمته إما أن یکون قبل وقوعه فی یده و إما أن یکون بعده

[إذا علم بحرمة الجائزة قبل وقوعها فی الید]

فإن کان قبله لم یجز له أن یأخذه بغیر نیة الرد إلی صاحبه سواء أخذه اختیارا أم تقیة لأن أخذه بغیر هذه النیة تصرف لم یعلم رضا صاحبه به و التقیة تتأدی بقصد الرد فإن أخذه بغیر هذه النیة کان غاصبا ترتبت علیه أحکامه و إن أخذه بنیة الرد کان محسنا و کان فی یده أمانة شرعیة

و إن کان العلم بها بعد وقوعه فی یده

کان کذلک و یحتمل قویا الضمان هنا لأنه أخذه بنیة التملک لا بنیة الحفظ و الرد و مقتضی عموم علی الید الضمان. و ظاهر المسالک عدم

المکاسب، ج 1، ص 70

الضمان رأسا مع القبض جاهلا- قال لأنه ید أمانة فتستصحب و حکی موافقته عن العلامة الطباطبائی رحمه الله فی مصابیحه لکن المعروف من المسالک و غیره فی مسألة ترتب الأیدی علی مال الغیر ضمان کل منهم و لو مع الجهل غایة الأمر رجوع الجاهل علی العالم- إذا لم یقدم علی أخذه مضمونا- و لا إشکال عندهم ظاهرا فی أنه لو استمر جهل القابض المتهب إن تلف فی یده کان للمالک الرجوع علیه و لا دافع لهذا المعنی مع حصول العلم بکونه مال الغیر فیستصحب ضمان لا عدمه. و ذکر فی المسالک فیمن استودعه الغاصب مالا مغصوبا أنه یرده إلیه مع الإمکان و لو أخذه منه قهرا ففی الضمان نظر و الذی تقتضیه قواعد الغصب أن للمالک الرجوع علی أیهما شاء و إن کان قرار الضمان علی الغاصب انتهی. و الظاهر أن مورد کلامه ما إذا أخذ الودعی المال من الغاصب جهلا بغصبه ثم تبین له و هو الذی حکم فیه هنا بعدم الضمان لو استرده الظالم المجیز أو تلف بغیر تفریط

و علی أی حال فیجب علی المجاز رد الجائزة- بعد العلم بغصبیتها إلی مالکها أو ولیه

و الظاهر أنه لا خلاف فی کونه فوریا. نعم تسقط بإعلام صاحبه به و ظاهر أدلة وجوب أداء الأمانة وجوب الإقباض و عدم کفایة التخلیة إلا أن یدعی أنها فی مقام حرمة الحبس و وجوب التمکین لا تکلیف الأمین بالإقباض و من هنا ذکر غیر واحد کما عن التذکرة و المسالک و جامع المقاصد أن المراد برد الأمانة رفع الید عنها و التخلیة بینه و بینها و علی هذا فیشکل حملها إلیه لأنه تصرف لم یؤذن فیه إلا إذا کان الحمل مساویا لمکانة الموجود فیه أو أحفظ فإن الظاهر جواز نقل الأمانة الشرعیة من مکان إلی ما لا یکون أدون من الأول فی الحفظ

[هل یجب الفحص عن المغصوب منه]

و لو جهل صاحبه وجب الفحص مع الإمکان لتوقف الأداء الواجب بمعنی التمکین و عدم الحبس علی الفحص- مضافا إلی الأمر به فی الدین المجهول المالک ثم لو ادعاه مدع ففی سماع قول من یدعیه مطلقا لأنه لا معارض له- أو مع الوصف تنزیلا له منزلة اللقطة أو یعتبر الثبوت شرعا للأصل وجوه و یحتمل غیر بعید عدم وجوب الفحص لإطلاق غیر واحد من الأخبار ثم إن المناط صدق اشتغال الرجل بالفحص نظیر ما ذکروه فی تعریف اللقطة

و لو احتاج الفحص إلی بذل مال

کأجرة دلال صائح علیه فالظاهر عدم وجوبه علی الواجد بل یتولاه الحاکم ولایة عن صاحبه- و یخرج عن العین أجرة الدلال ثم یتصدق بالباقی إن لم یوجد صاحبه و یحتمل وجوبه علیه لتوقف الواجب علیه. و ذکر جماعة فی اللقطة أن أجرة التعریف علی الواجد لکن حکی عن التذکرة أنه إن قصد الحفظ دائما یرجع أمره إلی الحاکم لیبذل أجرته من بیت المال أو یستقرض علی المالک أو یبیع بعضها إن رءاه أصلح و استوجه ذلک جامع المقاصد.

ثم إن الفحص لا یتقید بالسنة

علی ما ذکره الأکثر هنا بل حده الیأس و هو مقتضی الأصل- القول بوجوب الفحص سنة فی المال المغصوب إلا أن المشهور کما فی جامع المقاصد أنه إذا أودع الغاصب مال الغصب لم یجز الرد إلیه بل یجب رده إلی مالکه فإن جهل عرف سنة ثم یتصدق به عنه

[تأیید ذلک بروایة حفص الواردة فی اللص]

و به روایة حفص بن غیاث لکن موردها فی من أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا و اللص مسلم فهل یرد علیه فقال لا یرده فإن أمکنه أن یرده علی صاحبه فعل و إلا کان فی یده بمنزلة اللقطة یصیبها فیعرفها حولا فإن أصاب صاحبها ردها علیه و إلا تصدق بها فإن جاء صاحبها بعد ذلک خیر بین الغرم و الأجر فإن اختار الأجر فالأجر له و إن اختار الغرم غرم له و کان الأجر له و قد تعدی الأصحاب من اللص إلی مطلق الغاصب بل الظالم و لم یتعدوا من الودیعة المجهول مالکها إلی مطلق ما یعطیه الغاصب و لو بعنوان غیر الودیعة کما فیما نحن فیه. نعم ذکر فی السرائر فیما نحن فیه أنه روی أنه بمنزلة اللقطة ففهم التعدی من الروایة. و ذکر فی السرائر أن إجراء حکم اللقطة فیما نحن فیه لیس ببعید کما أنه عکس فی النهایة و التحریر فألحقا الودیعة بمطلق مجهول المالک. و الإنصاف أن الروایة یعمل بها فی الودیعة و فیما أخذ من الغاصب بعنوان الحسبة للمالک لا مطلق ما أخذ منه حتی لمصلحة الآخذ فإن الأقوی فیه تحدید التعریف بالیأس للأصل بعد اختصاص المخرج عنه بما عدا ما نحن فیه مضافا إلی ما ورد من الأمر بالتصدق بمجهول المالک مع عدم معرفة المالک کما فی الروایة الواردة فی بعض عمال بنی أمیة من الأمر بالصدقة بما لا یعرف صاحبه مما یقع فی یده من أموال الناس بغیر حق.

ثم الحکم بالصدقة هو المشهور فیما نحن فیه أعنی جوائز الظالم

- و نسبه فی السرائر إلی روایة أصحابنا فهی مرسلة مجبورة بالشهرة المحققة مؤیدة بأن التصدق أقرب طرق الإیصال. و ما ذکره الحلی من إبقائها أمانة فی یده و الوصیة بها معرض المال للتلف مع أنه لا یبعد دعوی شهادة حال المالک للقطع برضاه بانتفاعه بماله فی الآخرة علی تقدیر عدم انتفاعه به فی الدنیا هذا

[الحکم بالصدقة]

و العمدة ما أرسله فی السرائر مؤیدا بأخبار اللقطة و ما فی منزلتها و ببعض الأخبار الواردة فی حکم ما فی ید بعض عمال بنی أمیة الشامل بإطلاقه لما نحن فیه من جوائز بنی أمیة: حیث قال له ع أخرج من جمیع ما اکتسبت فی دیوانهم فمن عرفت منهم رددت علیه ماله و من لم تعرف تصدقت به. و یؤیده أیضا الأمر بالتصدق بما یجتمع عند الصیاغین من أجزاء النقدین و ما ورد من الأمر بالتصدق بغلة الوقف المجهول أربابه و ما ورد من الأمر بالتصدق بما یبقی فی ذمة الشخص لأجیر استأجره و مثله مصححة یونس: فقلت جعلت فداک کنا مرافقین لقوم بمکة فارتحلنا عنهم و حملنا بعض متاعهم بغیر علم و قد ذهب القوم و لا نعرفهم و لا نعرف أوطانهم و قد بقی المتاع عندنا فما نصنع به قال ع تحملونه حتی تحملوه إلی الکوفة قال یونس قلت له لست أعرفهم و لا ندری کیف نسأل عنهم قال بعه و أعط ثمنه أصحابک قلت جعلت فداک أهل الولایة قال نعم.

نعم یظهر من بعض الروایات أن مجهول المالک مال الإمام ع

کروایة داود بن أبی یزید عن أبی عبد الله قال: قال له رجل إنی قد أصبت مالا و إنی قد خفت فیه علی نفسی فلو أصبت صاحبه دفعته إلیه و تخلصت منه فقال له أبو عبد الله ع لو أصبته کنت تدفعه إلیه فقال إی و الله فقال ع فأنا و الله ما له صاحب غیری قال فاستحلفه أن یدفعه إلی من یأمره قال فحلف قال فاذهب فاقسمه بین إخوانک و لک الأمن مما خفت فیه قال فقسمته بین إخوانی هذا.

[المناقشة فیما ذکر توجیها للحکم بالتصدق]

و أما ما ذکرناه فی وجه التصدق من أنه إحسان و أنه أقرب طرق الإیصال و أن الإذن فیه حاصل بشهادة الحال فلا یصلح شی ء منها للتأیید فضلا عن الاستدلال لمنع جواز کل إحسان فی مال الغائب و منع کونه

المکاسب، ج 1، ص 71

أقرب طرق الإیصال بل الأقرب دفعه إلی الحاکم الذی هو ولی الغائب- . و أما شهادة الحال فغیر مطردة إذ بعض الناس لا یرضی بالتصدق لعدم یأسه عن وصوله إلیه خصوصا إذا کان المالک مخالفا أو ذمیا یرضی بالتلف و لا یرضی بالتصدق علی الشیعة

فمقتضی القاعدة لو لا ما تقدم من النص هو لزوم الدفع إلی الحاکم

- ثم الحاکم یتبع شهادة حال المالک فإن شهدت برضاه بالصدقة أو بالإمساک عمل علیها و إلا تخیر بینهما لأن کلا منهما تصرف لم یؤذن فیه من المالک و لا بد من أحدهما و لا ضمان فیهما و یحتمل قویا تعین الإمساک لأن الشک فی جواز التصدق یوجب بطلانه لأصالة الفساد. و أما بملاحظة ورود النص بالتصدق فالظاهر عدم جواز الإمساک أمانة لأنه تصرف لم یؤذن فیه من المالک و لا الشارع- و یبقی الدفع إلی الحاکم و التصدق- .

[القول بالتخییر بین الصدقة و الدفع إلی الحاکم و المناقشة فیه]

و قد یقال إن مقتضی الجمع بینه و بین دلیل ولایة الحاکم- هو التخییر بین الصدقة و الدفع إلی الحاکم فلکل منهما الولایة و یشکل بظهور النص فی تعیین الصدقة. نعم یجوز الدفع إلیه من حیث ولایته علی مستحقی الصدقة و کونه أعرف بمواقعها

[توجیه أخبار التصدق]

و یمکن أن یقال إن أخبار التصدق واردة فی مقام إذن الإمام بالصدقة- أو محمولة علی بیان المصرف فإنک إذا تأملت فی کثیر من التصرفات الموقوفة علی إذن الحاکم وجدتها واردة فی النصوص علی طریق الحکم العام کإقامة البینة و الإحلاف و المقاصة

[مقتضی قاعدة الاحتیاط]

و کیف کان فالأحوط خصوصا بملاحظة ما دل علی أن مجهول المالک مال الإمام ع مراجعة الحاکم فی الدفع إلیه أو استیذانه و یتأکد ذلک فی الدین المجهول المالک إذا الکلی لا یتشخص للغریم إلا بقبض الحاکم الذی هو ولیه و إن کان ظاهر الأخبار الواردة فیه ثبوت الولایة للمدین

ثم إن حکم تعذر الإیصال إلی المالک المعلوم تفصیلا حکم جهالة المالک

و تردده بین غیر محصورین فی التصدق استقلالا أو بإذن الحاکم کما صرح به جماعة منهم المحقق فی الشرائع و غیره

ثم إن مستحق هذه الصدقة هو الفقیر

لأنه المتبادر من إطلاق الأمر بالتصدق

و فی جواز إعطائها للهاشمی قولان

من أنها صدقة مندوبة علی المالک و إن وجبت علی من هی بیده إلا أنه نائب کالوکیل و الوصی و من أنها مال تعین صرفه بحکم الشارع لا بأمر المالک حتی تکون مندوبة مع أن کونها من المالک غیر معلوم فلعلها ممن تجب علیه

ثم إن فی الضمان لو ظهر المالک و لم یرض بالتصدق و عدمه

مطلقا أو بشرط عدم ترتب ید الضمان کما إذا أخذه من الغاصب حسبة لا بقصد التملیک وجوه من أصالة براءة ذمة المتصدق- و أصالة لزوم الصدقة بمعنی عدم انقلابها عن الوجه الذی وقعت علیه- و من عموم ضمان من أتلف. و لا ینافیه إذن الشارع لاحتمال أنه أذن فی التصدق علی هذا الوجه- کإذنه فی التصدق باللقطة المضمونة بلا خلاف و بما استودع من الغاصب و لیس هنا أمر مطلق بالتصدق ساکت عن ذکر الضمان حتی یستظهر منه عدم الضمان مع السکوت عنه و لکن یضعف هذا الوجه- بأن ظاهر دلیل الإتلاف کونها علة تامة للضمان و ما نحن فیه لیس کذلک- و إیجابه للضمان مراعی بعدم إجازة المالک یحتاج إلی دلیل آخر إلا أن یقال إنه ضامن بمجرد التصدق و یرتفع بإجازته فتأمل.

[عدم الضمان فیما لو کان الإتلاف إحسانا إلی المالک]

هذا مع أن الظاهر من دلیل الإتلاف اختصاصه بالإتلاف علی المالک لا الإتلاف له و الإحسان إلیه و المفروض أن الصدقة إنما قلنا بها لکونها إحسانا و أقرب طرق الإیصال بعد الیأس من وصول إلیه. و أما احتمال کون التصدق مراعی کالفضولی- فمفروض الانتفاء إذ لم یقل أحد برجوع المالک علی الفقیر مع بقاء العین و انتقال الثواب من شخص إلی غیره حکم شرعی و کیف کان فلا مقتضی للضمان- و إن کان مجرد الإذن فی الصدقة غیر مقتض لعدمه فلا بد من الرجوع إلی الأصل لکن الرجوع إلی أصالة البراءة إنما یصح فیما لم تسبق ید الضمان و هو ما إذا أخذ المال من الغاصب حسبة و أما إذا تملکه منه ثم علم بکونه مغصوبا فالأجود استصحاب الضمان فی هذه الصورة لأن المتیقن هو ارتفاع الضمان بالتصرف الذی یرضی به المالک بعد الاطلاع لا مطلقا.

[الأوجه الضمان مطلقا]

فتبین أن التفصیل بین ید الضمان و غیرها أوفق بالقاعدة لکن الأوجه الضمان مطلقا إما تحکیما للاستصحاب حیث یعارض البراءة و لو بضمیمة عدم القول بالفصل و إما للمرسلة المتقدمة عن السرائر و إما لاستفادة ذلک من خبر الودیعة إن لم نتعد عن مورده إلی ما نحن فیه من جعله بحکم اللقطة لکن یستفاد منه أن الصدقة بهذا الوجه حکم الیأس عن المالک

[متی یثبت الضمان]

ثم الضمان هل یثبت بمجرد التصدق و إجازته رافعة أو یثبت بالرد من حینه أو من حین التصدق وجوه من دلیل الإتلاف و الاستصحاب و من أصالة عدم الضمان قبل الرد- و من ظاهر الروایة المتقدمة فی أنه بمنزلة اللقطة.

[هل إجازة التصدق حق موروث یرثه الوارث]

و لو مات المالک ففی قیام وارثه مقامه فی إجازة التصدق و رده وجه قوی لأن ذلک من قبیل الحقوق المتعلقة بتلک الأموال فیورث کغیره من الحقوق و یحتمل العدم لفرض لزوم التصدق بالنسبة إلی العین فلا حق لأحد فیه و المتیقن من الرجوع إلی القیمة هو المالک.

[رد المالک بعد موت المتصدق]

و لو مات المتصدق فرد المالک فالظاهر خروج الغرامة من ترکته لأنه من الحقوق المالیة اللازمة علیه بسبب فعله

[هل یضمن لو دفعه إلی الحاکم و تصدق بعد الیأس]

هذا کله علی تقدیر مباشرة المتصدق له و لو دفعه إلی الحاکم فتصدق به بعد الیأس فالظاهر عدم الضمان لبراءة ذمة الشخص بالدفع إلی ولی الغائب و تصرف الولی کتصرف المولی علیه و یحتمل الضمان- لأن الغرامة هنا لیست لأجل ضمان المال و عدم نفوذ التصرف الصادر من المتصدق حتی یفرق بین تصرف الولی و غیره لثبوت الولایة للمتصدق فی هذا التصرف لأن المفروض ثبوت الولایة له کالحاکم و لذا لا تسترد العین من الفقیر إذا رد المالک فالتصرف لازم و الغرامة حکم شرعی تعلقت بالمتصدق کائنا من کان فإذا کان المکلف بالتصدق هو من وقع فی یده لکونه هو المأیوس و الحاکم وکیلا کان الغرم علی الموکل- و إن کان المکلف هو الحاکم لوقوع المال فی یده قبل الیأس عن مالکه فهو المکلف بالفحص ثم التصدق کان الضمان علیه.

و أما الصورة الرابعة- و هو ما علم إجمالا اشتمال الجائزة علی الحرام

[صور المسألة]

فإما أن یکون الاشتباه موجبا لحصول الإشاعة و الاشتراک و إما أن لا یکون. و علی الأول فالقدر و المالک إما معلومان أو مجهولان أو مختلفان و علی الأول فلا إشکال. و علی الثانی فالمعروف إخراج الخمس علی تفصیل مذکور فی باب الخمس و لو علم القدر فقد تقدم فی القسم الثالث و لو علم المالک وجب التخلص معه بالمصالحة و علی الثانی تتعین القرعة أو البیع و الاشتراک فی الثمن و تفصیل ذلک کله فی کتاب الخمس

[انقسام الأخذ من الظالم بحسب الأحکام الخمسة و انقسام المأخوذ إلی المحرم و الواجب و المکروه]

و اعلم أن أخذ

المکاسب، ج 1، ص 72

ما فی ید الظالم ینقسم باعتبار نفس الأخذ إلی الأحکام الخمسة و باعتبار نفس المال إلی المحرم و المکروه و الواجب فالمحرم ما علم کونه من مال الغیر مع عدم رضاه بالأخذ و المکروه المال المشتبه و الواجب ما یجب استنقاذه من یده من حقوق الناس حتی أنه یجب علی الحاکم الشرعی استنقاذ ما فی ذمته من حقوق السادة و الفقراء و لو بعنوان المقاصة بل یجوز ذلک لآحاد الناس خصوصا نفس المستحقین مع تعذر استیذان الحاکم

[ما یتلفه الظالم غصبا یحتسب من دیونه]

و کیف کان فالظاهر أنه لا إشکال فی کون ما فی ذمته من قیم المتلفات غصبا من جملة دیونه نظیر ما استقر فی ذمته بقرض أو ثمن مبیع أو صداق أو غیرها. و مقتضی القاعدة کونها کذلک بعد موته فیقدم جمیع ذلک علی الإرث و الوصیة إلا أنه ذکر بعض الأساطین أن ما فی یده من المظالم تالفا- لا یلحقه حکم الدیون فی التقدیم علی الوصایا و المواریث لعدم انصراف الدین إلیه و إن کان منه و بقاء عموم الوصیة و المیراث علی حاله و للسیرة المأخوذة یدا بید من مبدإ الإسلام إلی یومنا هذا فعلی هذا لو أوصی بها بعد التلف أخرجت من الثلث و فیه منع عدم الانصراف فإنا لا نجد بعد مراجعة العرف فرقا بین ما أتلفه هذا الظالم عدوانا و بین ما أتلفه نسیانا و لا بین ما أتلفه هذا الظالم عدوانا و بین ما أتلفه شخص آخر من غیر الظلمة مع أنه لا إشکال فی جریان أحکام الدین علیه فی حال حیاته من جواز المقاصة من ماله کما هو المنصوص و لعدم تعلق الخمس و الاستطاعة و غیر ذلک فلو تم عدم الانصراف لزم إهمال الأحکام المنوطة بالدین وجودا و عدما من غیر فرق بین حیاته و موته. و ما ادعاه من السیرة فهو ناش من قلة مبالاة الناس کما هو دینهم فی أکثر السیر التی استمروا علیها و لذا لا یفرقون فی ذلک بین الظلمة و غیرهم ممن علموا باشتغال ذمتهم بحقوق الناس من جهة حق السادة و الفقراء أو من جهة العلم بفساد أکثر معاملاتهم و لا فی إنفاذ وصایا الظلمة و توریث ورثتهم بین اشتغال ذممهم بعوض المتلفات و أرش الجنایات و بین اشتغالهم بدیونهم المستقرة علیهم من معاملاتهم و صدقاتهم الواجبة علیهم و لا بین ما علم المظلوم فیه تفصیلا و بین ما لم یعلم فإنک إذا تتبعت أحوال الظلمة وجدت ما استقر فی ذممهم من جهة المعاوضات و المداینات مطلقا أو من جهة خصوص أشخاص معلومین تفصیلا أو مشتبهین فی محصور کافیا فی استغراق ترکتهم المانع من التصرف فیها بالوصیة أو الإرث. و بالجملة فالتمسک بالسیرة المذکورة أوهن من دعوی عدم الانصراف السابقة فالخروج بها عن القواعد المنصوصة المجمع علیها غیر متوجه.

الثالثة ما یأخذه السلطان المستحل لأخذ الخراج و المقاسمة من الأراضی باسمهما- و من الأنعام باسم الزکاة
اشارة

یجوز أن یقبض منه مجانا أو بالمعاوضة و إن کان مقتضی القاعدة حرمته لأنه غیر مستحق لأخذه فتراضیه مع من علیه الحقوق المذکورة فی تعیین شی ء من ماله لأجلها فاسد- کما إذا تراضی الظالم مع مستأجر دار الغیر فی دفع شی ء إلیه عوض الأجرة هذا مع التراضی و أما إذا قهره علی أخذ شی ء بهذه العنوانات ففساده أوضح

[دعوی الإجماع علی جواز شراء ما یأخذه الجائر]

و کیف کان فما یأخذه الجائر باق علی ملک المأخوذ منه و مع ذلک یجوز قبضه من الجائر بلا خلاف یعتد به بین الأصحاب و عن بعض حکایة الإجماع علیه. قال فی محکی لأن الدلیل علی جواز شراء الثلاثة من التنقیح الجائر و إن لم یکن مستحقا له النصوص الواردة عنهم ع و الإجماع و إن لم یعلم مستنده و یمکن أن یکون مستنده- أن ذلک حق للأئمة ع و قد أذنوا لشیعتهم فی شراء ذلک فیکون تصرف الجائر کتصرف الفضولی إذا انضم إلیه إذن المالک انتهی. أقول و الأولی أن یقال إذا انضم إلیه إذن متولی الملک کما لا یخفی.

و فی جامع المقاصد أن علیه إجماع فقهاء الإمامیة و الأخبار المتواترة عن الأئمة الهداة ع و فی المسالک أطبق علیه علماؤنا و لا نعلم فیه مخالفا و عن المفاتیح أنه لا خلاف فیه و فی الریاض أنه استفاض نقل الإجماع علیه- . و قد تأیدت دعوی هؤلاء بالشهرة المحققة بین و من تأخر عنه

[الاستدلال علی الجواز بلزوم الحرج و اختلال النظام من عدمه]

و یدل علیه قبل الإجماع مضافا إلی لزوم الحرج العظیم فی الاجتناب عن هذه الأموال بل اختلال النظام و إلی الروایات المتقدمة لأخذ الجوائز من السلطان خصوصا الجوائز العظام التی لا یحتمل عادة أن تکون من غیر الخراج و کان الإمام ع یأبی عن أخذها أحیانا معللا بأن فیها حقوق الأمة

[الاستدلال بالروایات علی جواز الشراء من الجائر]
اشارة

روایات عن أبی جعفر ع

منها صحیحة الحذاء
اشارة

قال: سألته عن الرجل منا یشتری من عمال السلطان من إبل الصدقة و غنمها و هو یعلم أنهم یأخذون منهم أکثر من الحق الذی یجب علیهم فقال ما الإبل و الغنم الأمثل الحنطة و الشعیر و غیر ذلک لا بأس به حتی تعرف الحرام بعینه فیجتنب قلت فما تری فی متصدق یجیئنا فیأخذ منا صدقات أغنامنا فنقول بعناها فیبیعنا إیاها فما تری فی شرائها منه فقال إن کان قد أخذها و عزلها فلا بأس قیل له فما تری فی الحنطة و الشعیر یجیئنا القاسم فیقسم لنا حظنا و یأخذ حظه فیعزله بکیل فما تری فی شراء ذلک الطعام منه فقال إن کان قد قبضه بکیل و أنتم حضور فلا بأس بشرائه منهم بغیر کیل. دلت هذه الروایة علی أن شراء الصدقات من الأنعام و الغلات من عمال السلطان کان مفروغ الجواز عند السائل و إنما سأل أولا عن الجواز مع العلم الإجمالی بحصول الحرام فی أیدی العمال و ثانیا من جهة توهم الحرمة أو الکراهة فی شراء ما یخرج فی الصدقة کما ذکر فی باب الزکاة و ثالثا من جهة کفایة الکیل الأول و بالجملة ففی هذه الروایة سؤالا و جوابا إشعار بأن الجواز کان من الواضحات غیر المحتاجة إلی السؤال و إلا لکان أصل الجواز أولی بالسؤال حیث إن ما یأخذونه باسم الزکاة معلوم الحرمة تفصیلا فلا فرق بین أخذ الحق الذی یجب علیهم و بین أخذ أکثر منه. و یکفی قوله ع حتی تعرف الحرام بعینه فی الدلالة علی مفروغیة حل ما یأخذونه من الحق و أن الحرام هو الزائد و المراد بالحلال هو الحلال بالنسبة إلی من ینتقل إلیه و إن کان حراما بالنسبة إلی الجائر الآخذ له بمعنی معاقبته علی أخذه و ضمانه و حرمة التصرف فی ثمنه

[دفع ما قیل من أن الروایة مختصة بالشراء]

ففی وصفه ع للمأخوذ بالحلیة- دلالة علی عدم اختصاص الرخصة بالشراء بل یعم جمیع أنواع الانتقال إلی الشخص. فاندفع ما قیل إن الروایة مختصة بالشراء فلیقتصر فی مخالفة القواعد علیه

[مناقشة الفاضل القطیفی و المحقق الأردبیلی و الجواب عنها]

ثم الظاهر من الفقرة الثالثة السؤال و الجواب عن حکم المقاسمة فاعتراض الفاضل القطیفی الذی صنف فی الرد علی رسالة المحقق الکرکی المسماة بقاطعة اللجاج فی حل الخراج رسالة زیف فیها جمیع ما فی الرسالة من أدلة الجواز بعدم دلالة الفقرة الثانیة علی حکم المقاسمة و احتمال کون القاسم هو زارع الأرض- أو وکیله ضعیف جدا و تبعه علی هذا الاعتراض المحقق الأردبیلی و زاد علیه ما سکت هو عنه من عدم دلالة الفقرة الأولی علی حل شراء الزکاة بدعوی أن قوله ع

المکاسب، ج 1، ص 73

لا بأس حتی تعرف الحرام بعینه لا یدل إلا علی جواز شراء ما کان حلالا بل مشتبها و عدم جواز شراء ما کان معروفا أنه حرام بعینه و لا یدل علی جواز شراء الزکاة بعینها صریحا. نعم ظاهرها ذلک لکن لا ینبغی الحمل علیه لمنافاته العقل و یمکن أن یکون سبب الإجمال فیه التقیة. و یؤید عدم الحمل علی الظاهر أنه غیر مراد بالاتفاق إذ لیس بحلال ما أخذه الجائر فتأمل انتهی. و أنت خبیر بأنه لیس فی العقل ما یقتضی قبح الحکم المذکور و أی فارق بین هذا و بین ما أحلوه لشیعتهم مما فیه حقوقهم و لا فی النقل إلا عمومات قابلة للتخصیص بمثل هذه الصحیحة و غیرها المشهورة بین الأصحاب روایة و عملا مع نقل الاتفاق عن جماعة و أما الحمل علی التقیة فلا یجوز بمجرد معارضة العمومات کما لا یخفی.

و منها روایة إسحاق بن عمار

قال: سألته عن الرجل یشتری من العامل و هو یظلم قال یشتری منه ما لم یعلم أنه ظلم فیه أحدا. وجه الدلالة أن الظاهر أن الشراء من العامل شراء ما هو عامل فیه و هو الذی یأخذه من الحقوق من قبل السلطان. نعم لو بنی علی المناقشة احتمل أن یرید السائل شراء أملاک العامل منه مع علمه بکونه ظالما غاصبا فیکون سؤالا عن معاملة الظلمة لکنه خلاف الإنصاف و إن ارتکبه صاحب الرسالة.

و منها روایة أبی بکر الحضرمی

قال: دخلت علی أبی عبد الله ع و عنده ابنه إسماعیل فقال ما یمنع ابن أبی سماک أن یخرج شباب الشیعة فیکفونه ما یکفیه الناس و یعطیهم ما یعطی الناس قال ثم قال لی لم ترکت عطاءک قلت مخافة علی دینی قال ما منع ابن أبی سماک أن یبعث إلیک بعطائک أ ما علم أن لک فی بیت المال نصیبا. فإن ظاهره حل ما یعطی من بیت المال عطاء أو أجرة للعمل فیما یتعلق به بل قال المحقق الکرکی إن هذا الخبر نص فی الباب لأنه ع بین أن لا خوف علی السائل فی دینه لأنه لم یأخذ إلا نصیبه من بیت المال و قد ثبت فی الأصول تعدی الحکم بتعدی العلة المنصوصة انتهی و إن تعجب منه الأردبیلی رحمه الله فقال أنا ما فهمت منه دلالة ما و ذلک لأن غایته ما ذکر و قد یکون الشی ء من بیت المال [و] یجوز أخذه و إعطاؤه للمستحقین بأن یکون منذورا أو وصیة لهم بأن یعطیهم ابن أبی سماک و غیر ذلک انتهی. و قد تبع فی ذلک صاحب الرسالة حیث قال إن الدلیل لا إشعار فیه بالخراج. أقول الإنصاف أن الروایة ظاهرة فی حل ما فی بیت المال مما یأخذه الجائر.

و منها الأخبار الواردة فی أحکام تقبل الخراج من السلطان
اشارة

علی وجه یستفاد من بعضها کون أصل التقبل مسلم الجواز عندهم.

و منها صحیحة الحلبی

عن أبی عبد الله ع فی جملة الحدیث قال: لا بأس بأن یتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان و عن مزارعة أهل الخراج بالنصف و الربع و الثلث قال نعم لا بأس به و قد قبل رسول الله ص خیبر أعطاها الیهود حیث فتحت علیه بالخبر و الخبر هو النصف

و منها الصحیح عن إسماعیل بن الفضل الهاشمی

عن أبی عبد الله ع قال: سألته فی الرجل یتقبل خراج الرجال و جزیة رءوسهم و خراج النخل و الشجر و الآجام و المصائد و السمک و الطیر و هو لا یدری لعل هذا لا یکون أبدا أو یکون أ یشتریه أو فی أی زمان یشتریه یتقبل منه فقال إذا علمت أن من ذلک شیئا واحدا قد أدرک فاشتره و تقبل به.

و نحوها الموثق المروی فی الکافی و التهذیب عن إسماعیل بن الفضل الهاشمی

بأدنی تفاوت.

و روایة الفیض بن المختار

قال: قلت لأبی عبد الله ع جعلت فداک ما تقول فی الأرض أتقبلها من السلطان ثم أؤاجرها من أکرتی علی أن ما أخرج الله تعالی منها من شی ء کان لی من ذلک النصف أو الثلث بعد حق السلطان قال لا بأس کذلک أعامل أکرتی

إلی غیر ذلک من الأخبار الواردة فی باب قبالة الأرض و استیجار أرض الخراج من السلطان ثم إجارتها للزارع بأزید من ذلک

و قد یستدل بروایات أخری لا تخلو عن قصور فی الدلالة
منها الصحیح عن جمیل بن صالح

قال: أرادوا بیع تمر عین أبی زیاد فأردت أن أشتریه فقلت لا حتی أستأذن أبا عبد الله ع فسألت معاذا أن یستأمره فسأله فقال قل له فلیشتره فإنه إن لم یشتره اشتراه غیره و دلالته مبنیة علی کون عین أبی زیاد من الأملاک الخراجیة و لعلها من الأملاک المغصوبة من الإمام أو غیره الموقوف اشتراء حاصلها علی إذن الإمام ع و یظهر من بعض الأخبار أن عین أبی زیاد کانت ملکا لأبی عبد الله ع.

و منها صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج

قال: قال لی أبو الحسن موسی ع ما لک لا تدخل مع علی فی شراء الطعام إنی أظنک ضیقا قال قلت نعم فإن شئت وسعت علی قال اشتره. و بالجملة ففی الأخبار المتقدمة غنی عن ذلک

و ینبغی التنبیه علی أمور
الأول أن ظاهر عبارات الأکثر بل الکل أن الحکم مختص بما یأخذه السلطان

فقبل أخذه الخراج لا یجوز المعاملة علیه بشراء ما فی ذمة مستعمل الأرض أو الحوالة علیه و نحو ذلک و به صرح السید العمید فیما حکی من شرحه علی النافع حیث قال إنما یحل ذلک بعد قبض السلطان أو نائبه و لذا قال المصنف یأخذه انتهی. لکن صریح جماعة عدم الفرق بل صرح المحقق الثانی بالإجماع- علی عدم الفرق بین القبض و عدمه و فی الریاض صرح بعدم الخلاف و هذا هو الظاهر من الأخبار المتقدمة الواردة فی قبالة الأرض و جزیة الرءوس حیث دلت علی أنه یحل ما فی ذمة مستعمل الأرض من الخراج لمن تقبل الأرض من السلطان. و الظاهر من الأصحاب فی باب المساقاة- حیث یذکرون أن خراج السلطان علی مالک الأشجار إلا أن یشترط خلافه إجراء ما یأخذه العادل فی إبراء ذمة مستعمل الأرض- الذی استقر علیه أجرتها بأداء غیره بل ذکروا فی المزارعة أیضا أن خراج الأرض کما فی کلام الأکثر أو الأرض الخراجیة کما فی الغنیة و السرائر علی مالکها و إن کان یشکل توجیهه من جهة عدم مالک للأراضی الخراجیة و کیف کان فالأقوی أن المعاملة علی الخراج جائزة و لو قبل قبضها. و أما تعبیر الأکثر بما یأخذه فالمراد به إما الأعم مما یبنی علی أخذه و لو لم یأخذه فعلا و إما المأخوذ فعلا لکن الوجه فی تخصیص العلماء العنوان به جعله کالمستثنی من جوائز السلطان التی حکموا بوجوب ردها علی مالکها إذا علمت حراما بعینها فافهم- . و یؤید الثانی سیاق کلام بعضهم حیث یذکرون هذه المسألة عقیب مسألة الجوائز خصوصا عبارة القواعد حیث صرح بتعمیم الحکم بقوله و إن عرفت أربابه فافهم. و یؤید الأول أن المحکی عن الشهید عن حواشیه علی القواعد أنه علق علی قول العلامة أن الذی یأخذه الجائر إلی آخر قوله و إن لم یقبضها الجائر انتهی.

الثانی [هل للجائر سلطنة علی أخذ الخراج فلا یجوز منعه منه]
اشارة

هل یختص الخراج من حیث الخروج عن قاعدة کونه مالا مغصوبا محرما بمن ینتقل إلیه فلا استحقاق للجائر فی أخذه أصلا فلم یمض الشارع من هذه المعاملة إلا حل ذلک

المکاسب، ج 1، ص 74

للمنتقل إلیه أو یکون الشارع قد أمضی سلطنة الجائر علیه فیکون منعه عنه أو عن بدله المعوض عنه فی العقد معه حراما

صریح الشهیدین و المحکی عن جماعة ذلک

. قال المحقق الکرکی فی رسالته ما زلنا نسمع من کثیر ممن عاصرناهم و لا سیما شیخنا الأعظم الشیخ علی بن هلال رحمه الله أنه لا یجوز لمن علیه الخراج سرقته و لا جحوده و لا منعه و لا شی ء منه- لأن ذلک حق واجب علیه انتهی و فی المسالک فی باب الأرضین- و ذکر الأصحاب أنه لا یجوز لأحد جحدها و لا منعها و لا التصرف فیها بغیر إذنه- بل ادعی بعضهم الاتفاق علیه انتهی و فی آخر کلامه أیضا أن ظاهر الأصحاب أن الخراج و المقاسمة لازم للجائر حیث یطلبه أو یتوقف علی إذنه انتهی و علی هذا عول بعض الأساطین فی شرحه علی القواعد حیث قال و تقوی حرمة سرقة الحصة و خیانتها و الامتناع من تسلیم ثمنها بعد شرائها إلی الجائر و إن حرمت علیه و دخل تسلیمها فی الإعانة علی الإثم فی البدایة أو الغایة لنص الأصحاب علی ذلک و دعوی الإجماع علیه انتهی أقول إن أرید منع الحصة مطلقا فتصرف فی الأرض من دون أجرة فله وجه لأنها ملک المسلمین فلا بد لها من أجرة تصرف فی مصالحهم و إن أرید منعها من خصوص الجائر فلا دلیل علی حرمته لأن اشتغال ذمة مستعمل الأرض بالأجرة لا یوجب دفعها إلی الجائر بل یمکن القول بأنه لا یجوز مع التمکن لأنه غیر مستحق فیسلم إلی العادل أو نائبه الخاص أو العام و مع التعذر یتولی صرفه فی المصالح حسبة

مع أن فی بعض الأخبار ظهورا فی جواز الامتناع
مثل صحیحة زرارة:

اشتری ضریس بن عبد الملک و أخوه أرزا من هبیرة بثلاثمائة ألف درهم قال قلت له ویلک أو ویحک انظر إلی خمس هذا المال فابعث به إلیه و احتبس الباقی قال فأبی علی و أدی المال و قدم هؤلاء فذهب أمر بنی أمیة قال فقلت ذلک لأبی عبد الله ع فقال مبادرا للجواب هو له هو له فقلت له إنه أداها فعض علی إصبعه فإن أوضح محامل هذا الخبر أن یکون الأرز من المقاسمة و أما حمله علی کونه من الناصب أعنی هبیرة أو بعض بنی أمیة فیکون دلیلا علی حل مال الناصب بعد إخراج خمسة کما استظهرها فی الحدائق فقد ضعف فی محله بمنع هذا الحکم و مخالفته لاتفاق أصحابنا کما حقق فی باب الخمس و إن ورد بها غیر واحد من الأخبار و أما الأمر بإخراج الخمس فی هذه الروایة فلعله من جهة اختلاط مال المقاسمة بغیره من وجوه الحرام فیجب تخمیسه أو من جهة احتمال اختلاطه بالحرام فیستحب تخمیسه کما تقدم فی جوائز الظلمة.

و ما روی: من أن علی بن یقطین قال له الإمام [أبو الحسن موسی] ع إن کنت و لا بد فاعلا فاتق أموال الشیعة

و [قال فأخبرنی علی] أنه کان یجبیها من الشیعة علانیة و یردها علیهم فی السر

قال المحقق الکرکی فی قاطعة اللجاج

إنه یمکن أن یکون المراد به ما یجعل علیهم من وجوه الظلم المحرمة و یمکن أن یراد به وجوه الخراج و المقاسمات و الزکوات لأنها و إن کانت حقا علیهم لکنها لیست حقا للجائر فلا یجوز جمعه لأجله إلا عند الضرورة و ما زلنا نسمع من کثیر ممن عاصرناهم و لا سیما شیخنا الأعظم إلی آخر ما تقدم نقله عنه عن مشایخه

[مناقشة کلام المحقق الکرکی]

أقول ما ذکره من الحمل علی وجوه الظلم المحرمة مخالف لظاهر العام فی قول الإمام ع فاتق أموال الشیعة فالاحتمال الثانی أولی لکن بالنسبة إلی ما عدا الزکوات لأنها کسائر وجوه الظلم المحرمة خصوصا بناء علی عدم الاجتزاء بها عن الزکاة الواجبة لقوله ع: إنما هؤلاء قوم غصبوکم أموالکم و إنما الزکاة لأهلها و قوله ع: لا تعطوهم شیئا ما استطعتم فإن المال لا ینبغی أن یزکی مرتین. و فیما ذکره المحقق من الوجه الثانی- دلالة علی أن مذهبه لیس وجوب دفع الخراج و المقاسمة إلی خصوص الجائر و جواز منعه عنه و إن نقل بعد عن مشایخه فی کلامه المتقدم ما یظهر منه خلاف ذلک- لکن یمکن بل لا یبعد أن یکون مراد مشایخه المنع عن سرقة الخراج أو جحوده رأسا حتی عن نائب العادل لا منعه عن خصوص الجائر مع دفعه إلی نائب العادل أو صرفه حسبة فی وجوه بیت المال کما یشهد لذلک تعلیل المنع بکونه حقا واجبا علیه فإن وجوبه علیه إنما یقتضی حرمة منعه رأسا لا عن خصوص الجائر لأنه لیس حقا واجبا له. و لعل ما ذکرناه هو مراد المحقق حیث نقل هذا المذهب عن مشایخه رحمهم الله بعد ما ذکره من التوجیه المتقدم بلا فصل من دون إشعار بمخالفته لذلک الوجه و مما یؤید ذلک أن المحقق المذکور بعد ما ذکر أن هذا یعنی حل ما یأخذه الجائر من الخراج و المقاسمة مما وردت به النصوص و أجمع علیه الأصحاب بل المسلمون قاطبة قال فإن قلت فهل یجوز أن یتولی من له النیابة حال الغیبة ذلک أعنی الفقیه الجامع للشرائط قلنا لا نعرف للأصحاب فی ذلک تصریحا لکن من جوز للفقهاء حال الغیبة تولی استیفاء الحدود و غیر ذلک من توابع منصب الإمامة ینبغی له تجویز ذلک بطریق أولی- و لا سیما المستحقون لذلک موجودون فی کل عصر- و من تأمل فی أقوال کبراء علمائنا الماضین مثل علم الهدی و علم المحققین نصیر الملة و الدین و بحر العلوم جمال الملة و الدین العلامة و غیرهم نظر متأمل منصف لم یشک فی أنهم کانوا یسلکون هذا المسلک و ما کانوا یودعون فی کتبهم إلا ما یعتقدون صحته انتهی. و حمل ما ذکره من تولی الفقیه علی صورة عدم تسلط الجائر خلاف الظاهر و أما قوله و من تأمل إلی آخره فهو استشهاد علی أصل المطلب- و هو حل ما یؤخذ من السلطان من الخراج علی وجه الاتهاب و من الأراضی علی وجه الانقطاع و لا دخل له بقوله فإن قلت قلنا أصلا فإن علماءنا المذکورین و غیرهم لم یعرف منهم الاستقلال علی أراضی الخراج بغیر إذن السلطان.

[ما قاله الشهید فی حرمة منع الخراج و توجیهه]

و ممن یتراءی منه القول بحرمة منع الخراج عن خصوص الجائر شیخنا الشهید فی الدروس حیث قال یجوز شراء ما یأخذه الجائر باسم الخراج و المقاسمة و الزکاة و إن لم یکن مستحقا له ثم قال و لا یجب رد المقاسمة و شبهها علی المالک و لا یعتبر رضاه و لا یمنع تظلمه من الشراء و کذا لو علم أن العامل یظلم إلا أن یعلم الظلم بعینه نعم یکره معاملة الظلمة و لا یحرم لقول الإمام الصادق ع: کل شی ء فیه حلال و حرام فهو حلال حتی تعرف الحرام بعینه و لا فرق بین قبض الجائر إیاها أو وکیله و بین عدم القبض فلو أحاله بها و قبل الثلاثة- أو وکله فی قبضها أو باعها و هی فی ید المالک أو فی ذمته جاز التناول و یحرم علی المالک المنع- و کما یجوز الشراء تجوز سائر المعاوضات و الوقف و الهبة و الصدقة و لا یحل تناولها بغیر ذلک انتهی لکن الظاهر من قوله و یحرم علی المالک المنع أنه عطف علی قوله جاز التناول فیکون من أحکام الإحالة بها و التوکیل و البیع فالمراد منع المالک المحال و

المکاسب، ج 1، ص 75

المشتری عنها و هذا لا إشکال فیه لأن اللازم من فرض صحة الإحالة و الشراء تملک المحال و المشتری فلا یجوز منعهما عن ملکهما. و أما قوله رحمه الله و لا یحل تناولها بغیر ذلک فلعل المراد به ما تقدم فی کلام مشایخ الکرکی من إرادة تناولها بغیر إذن أحد حتی الفقیه النائب عن السلطان العادل و قد عرفت أن هذا مسلم فتوی و نصا- و أن الخراج لا یسقط من مستعملی أراضی المسلمین ثم إن ما ذکره من جواز الوقف لا یناسب ذکره فی جملة التصرفات فیما یأخذه الجائر و إن أراد وقف الأرض المأخوذة منه إذا نقلها السلطان إلیه لبعض مصالح المسلمین فلا یخلو عن إشکال

[توجیه کلام الشهید الثانی فی حرمة منع الخراج]

و أما ما تقدم من المسالک من نقل الاتفاق علی عدم جواز المنع عن الجائر و الجحود فالظاهر منه أیضا ما ذکرناه من جحود الخراج و منعه رأسا لا عن خصوص الجائر مع تسلیمه إلی الفقیه النائب عن العادل فإنه رحمه الله بعد ما نقلنا عنه من حکایة الاتفاق قال بلا فصل و هل یتوقف التصرف فی هذا القسم- علی إذن الحاکم الشرعی إذا کان متمکنا من صرفها علی وجهها بناء علی کونه نائبا عن المستحق- و مفوضا إلیه ما هو أعظم من ذلک الظاهر ذلک و حینئذ یجب علیه صرف حاصلها فی مصالح المسلمین و مع عدم التمکن أمرها إلی الجائر. و أما جواز التصرف فیها کیف اتفق لکل واحد من المسلمین فبعید جدا بل لم أقف علی قائل به لأن المسلمین بین قائل بأولویة الجائر و توقف التصرف علی إذنه و بین مفوض الأمر إلی الإمام ع و مع غیبته یرجع الأمر إلی نائبه فالتصرف بدونهما لا دلیل علیه انتهی. و لیس مراده رحمه الله من التوقف التوقف علی إذن الحاکم بعد الأخذ من الجائر و لا خصوص صورة عدم استیلاء الجائر علی الأرض کما لا یخفی

و کیف کان فقد تحقق مما ذکرناه أن غایة ما دلت علیه النصوص و الفتاوی کفایة إذن الجائر فی حل الخراج

و کون تصرفه بالإعطاء و المعاوضة و الإسقاط و غیر ذلک نافذا و أما انحصاره بذلک فلم یدل علیه دلیل و لا أمارة بل لو نوقش فی کفایة تصرفه فی الحلیة و عدم توقفها علی إذن الحاکم الشرعی مع التمکن بناء علی أن الأخبار الظاهرة فی الکفایة منصرفة إلی الغالب من عدم تیسر استیذان الإمام ع أو نائبه أمکن ذلک إلا أن المناقشة فی غیر محلها لأن المستفاد من الأخبار الإذن العام من الأئمة الأطهار ع بحیث لا یحتاج بعد ذلک إلی إذن خاص فی الموارد الخاصة منهم ع و لا من نوابهم

[عدم نفوذ إذن الجائر فیما لا تسلط له علیه]

هذا کله مع استیلاء الجائر علی تلک الأرض و التمکن من استیذانه و أما مع عدم استیلائه علی أرض خراجیة لقصور یده عنها لعدم انقیاد أهلها له ابتداء أو طغیانهم علیه بعد السلطنة علیهم فالأقوی خصوصا مع عدم الاستیلاء ابتداء عدم جواز استیذانه و عدم مضی إذنه فیها کما صرح به بعض الأساطین حیث قال بعد بیان أن الحکم مع حضور الإمام مراجعته أو مراجعة الجائر مع التمکن و أما مع فقد سلطان الجور أو ضعفه عن التسلط أو عدم التمکن من مراجعته فالواجب الرجوع إلی الحاکم الشرعی إذ ولایة الجائر إنما ثبتت علی من دخل فی قسم رعیته حتی یکون فی سلطانه و یکون مشمولا لحفظه من الأعداء و حمایته فمن بعد عن سلطانهم أو کان علی الحد فیما بینهم أو یقوی علیهم فخرج عن مأموریتهم فلا یجری علیه حکمهم اقتصارا علی المقطوع به من الأخبار و کلام الأصحاب فی قطع الحکم بالأصول و القواعد و تخصیص ما دل علی المنع عن الرکون إلیهم و الانقیاد لهم.

الثالث [هل یحل ما یعتقده الجائر خراجیا و إن کان عندنا من الأنفال أم یثبت حق الاختصاص]

أن ظاهر الأخبار و إطلاق الأصحاب حل الخراج و المقاسمة المأخوذین من الأراضی التی یعتقد الجائر کونها خراجیة و إن کانت عندنا من الأنفال و هو الذی یقتضیه نفی الحرج. نعم مقتضی بعض أدلتهم و بعض کلماتهم هو الاختصاص فإن العلامة قد استدل فی کتبه علی حل الخراج و المقاسمة بأن هذا مال لا یملکه الزارع و لا صاحب الأرض بل هو حق الله عز و جل أخذه غیر مستحقة فبرأت ذمته و جاز شراؤه و هذا الدلیل و إن کان فیه ما لا یخفی من الخلل إلا أنه کاشف عن اختصاص محل الکلام بما کان من الأراضی التی لها حق علی الزارع و لیست الأنفال کذلک لکونها مباحة للشیعة. نعم لو قلنا بأن غیرهم یجب علیه أجرة الأرض کما لا یبعد أمکن تحلیل ما یأخذه منهم الجائر بالدلیل المذکور لو تم و مما یظهر منه الاختصاص ما تقدم من الشهید و مشایخ المحقق الثانی من حرمة جحود الخراج و المقاسمة معللین ذلک بأن ذلک حق علیه فإن الأنفال لا حق و لا أجرة فی التصرف فیها و کذا ما تقدم من التنقیح حیث ذکر بعد دعوی الإجماع علی الحکم أن تصرف الجائر فی الخراج و المقاسمة من قبیل تصرف الفضولی إذا أجاز المالک. و الإنصاف أن کلمات الأصحاب بعد التأمل فی أطرافها ظاهرة فی الاختصاص بأراضی المسلمین خلافا لما استظهره المحقق الکرکی قدس سره من کلمات الأصحاب و إطلاق الأخبار مع أن الأخبار أکثرها لا عموم فیها و لا إطلاق- . نعم بعض الأخبار الواردة فی المعاملة علی الأراضی الخراجیة التی جمعها صاحب الکفایة شاملة لمطلق الأرض المضروب علیها الخراج من السلطان. نعم لو فرض أنه ضرب الخراج علی ملک غیر الإمام أو علی ملک الإمام لا بالإمامة أو علی الأراضی التی أسلم أهلها علیها طوعا لم یدخل فی منصرف الأخبار قطعا و لو أخذ الخراج من الأرض المجهولة المالک معتقدا لاستحقاقه إیاها ففیه وجهان.

الرابع ظاهر الأخبار و منصرف کلمات الأصحاب الاختصاص بالسلطان المدعی للرئاسة العامة و عماله
اشارة

الرابع ظاهر الأخبار و منصرف کلمات الأصحاب الاختصاص بالسلطان المدعی للرئاسة العامة و عماله

فلا یشمل من تسلط علی قریة أو بلدة خروجا علی سلطان الوقت فیأخذ منهم حقوق المسلمین. نعم ظاهر الدلیل المتقدم من العلامة شموله له لکنک عرفت أنه قاصر عن إفادة المدعی کما أن ظاهره عدم الفرق بین السلطان المخالف المعتقد لاستحقاق أخذ الخراج و المؤمن و الکافر و إن اعترفا بعدم الاستحقاق إلا أن ظاهر الأخبار الاختصاص بالمخالف

و المسألة مشکلة

من اختصاص موارد الأخبار بالمخالف المعتقد لاستحقاق أخذه و لا عموم فیها لغیر المورد فیقتصر فی مخالفة القاعدة علیه و من لزوم الحرج- و دعوی الإطلاق فی بعض الأخبار المتقدمة مثل قوله ع فی صحیحة الحلبی: لا بأس بأن یتقبل الرجل الأرض و أهلها من السلطان و قوله ع فی صحیحة محمد بن مسلم: کل أرض دفعها إلیک سلطان فعلیک فیما أخرج الله منها الذی قاطعک علیه و غیر ذلک

[دفع بعض وجوه الإشکال]

و یمکن أن یرد لزوم الحرج بلزومه علی کل تقدیر لأن المفروض أن السلطان المؤمن خصوصا فی هذه الأزمنة

المکاسب، ج 1، ص 76

یأخذ الخراج عن کل أرض و لو لم تکن خراجیة و أنهم یأخذون کثیرا من وجوه الظلم المحرمة منضما إلی الخراج و لیس الخراج ممتازا عندهم عن سائر ما یأخذونه ظلما من العشور و سائر ما یظلمون به الناس کما لا یخفی علی من لاحظ سیرة عمالهم فلا بد إما من الحکم بحل ذلک کله لدفع الحرج و إما من الحکم بکون ما فی ید السلطان و عماله من الأموال المجهولة المالک و أما الإطلاقات فهی مضافا إلی إمکان دعوی انصرافها إلی الغالب کما فی المسالک مسوقة لبیان حکم آخر کجواز إدخال أهل الأرض الخراجیة فی تقبل الأرض فی صحیحة الحلبی لدفع توهم حرمة ذلک کما یظهر من أخبار أخری- و کجواز أخذ أکثر مما تقبل به الأرض من السلطان فی روایة الفیض بن المختار و کغیر ذلک من أحکام قبالة الأرض و استیجارها فیما عداها من الروایات. و الحاصل أن الاستدلال بهذه الأخبار علی عدم البأس بأخذ أموالهم- مع اعترافهم بعدم الاستحقاق مشکل

[ما یدل علی عدم شمول کلمات الأصحاب للجائر المؤمن]

و مما یدل علی عدم شمول کلمات الأصحاب أن عنوان المسألة فی کلامهم ما یأخذه الجائر لشبهة المقاسمة أو الزکاة کما فی المنتهی أو باسم الخراج و المقاسمة کما فی غیره. و ما یأخذه الجائر المؤمن لیس لشبهة الخراج و المقاسمة لأن المراد بشبهتهما- شبهه استحقاقهما الحاصلة فی مذهب العامة نظیر شبهه تملک سائر ما یأخذون مما لا یستحقون لأن مذهب الشیعة أن الولایة فی الأراضی الخراجیة إنما هی للإمام أو نائبه الخاص أو العام فما یأخذه الجائر المعتقد لذلک- إنما هو شی ء یظلم به فی اعتقاده معترفا بعدم براءة ذمة زارع الأرض من أجرتها شرعا نظیر ما یأخذه من الأملاک الخاصة التی لا خراج علیها أصلا و لو فرض حصول شبهه الاستحقاق لبعض سلاطین الشیعة من بعض الوجوه لم یدخل ذلک فی عناوین الأصحاب قطعا لأن مرادهم من الشبهة الشبهة من حیث المذهب التی أمضاها الشارع للشیعة لا الشبهة فی نظر شخص خاص لأن الشبهة الخاصة إن کانت عن سبب صحیح کاجتهاد أو تقلید فلا إشکال فی حلیته له و استحقاقه للآخذ بالنسبة إلیه و إلا کانت باطلة غیر نافذة فی حق أحد.

[ما یؤید عدم شمول الکلمات للجائر الموافق]

و الحاصل أن آخذ الخراج و المقاسمة لشبهة الاستحقاق فی کلام الأصحاب لیس إلا الجائر المخالف و مما یؤیده أیضا عطف الزکاة علیها مع أن الجائر الموافق لا یری لنفسه ولایة جبایة الصدقات و کیف کان فالذی أتخیل أنه کلما ازداد المنصف المتأمل فی کلماتهم یزداد له هذا المعنی وضوحا فما أطنب به بعض فی دعوی عموم النص و کلمات الأصحاب مما لا ینبغی أن یغتر به

[تفسیر الفاضل القطیفی للجائر]

و لأجل ما ذکرنا و غیره فسر صاحب إیضاح النافع- الجائر [الواقع] فی عبارة النافع بالمخالف فالقول بالاختصاص کما استظهره فی المسالک و جزم به فی إیضاح النافع و جعله الأصح فی الریاض لا یخلو عن قوة.

[لزوم مراجعة الحاکم الشرعی]

فینبغی فی الأراضی التی بید الجائر الموافق فی المعاملة علی عینها أو علی ما یؤخذ علیها مراجعة الحاکم الشرعی

و لو فرض ظهور سلطان مخالف لا یری نفسه مستحقا لجبایة تلک الوجوه

و إنما أخذ ما یأخذ نظیر ما یأخذه علی غیر الأراضی الخراجیة من الأملاک الخاصة فهو أیضا غیر داخل فی منصرف الأخبار و لا فی کلمات الأصحاب فحکمه حکم السلطان الموافق

و أما السلطان الکافر

فلم أجد فیه نصا. و ینبغی لمن تمسک بإطلاق النص و الفتوی التزام دخوله فیهما لکن الإنصاف انصرافهما إلی غیره مضافا إلی ما تقدم فی السلطان الموافق من اعتبار کون الأخذ بشبهة الاستحقاق و قد تمسک فی ذلک بعض بنفی السبیل للکافر علی المؤمن فتأمل.

الخامس الظاهر أنه لا یعتبر فی حل الخراج المأخوذ أن یکون المأخوذ منه ممن یعتقد استحقاق الأخذ للآخذ

فلا فرق حینئذ بین المؤمن و المخالف و الکافر لإطلاق بعض الأخبار المتقدمة- و اختصاص بعضها الآخر بالمؤمن کما فی روایتی الحذاء و إسحاق بن عمار و بعض روایات قبالة الأراضی الخراجیة و لم یستبعد بعض اختصاص الحکم بالمأخوذ من معتقد استحقاق الأخذ مع اعترافه بأن ظاهر الأصحاب التعمیم و کأنه أدخل هذه المسألة یعنی مسألة حل الخراج و المقاسمة فی القاعدة المعروفة من إلزام الناس بما ألزموا به أنفسهم و وجوب المضی معهم فی أحکامهم علی ما یشهد به تشبیه بعضهم ما نحن فیه باستیفاء الدین من الذمی من ثمن ما باعه من الخمر و الخنزیر و الأقوی أن المسألة أعم من ذلک و أن الممضی فیما نحن فیه تصرف الجائر فی تلک الأراضی مطلقا.

السادس لیس للخراج قدر معین
اشارة

بل المناط فیه ما تراضی فیه السلطان و مستعمل الأرض لأن الخراج هی أجرة الأرض فیناط برضا الموجر و المستأجر. نعم لو استعمل أحد الأرض قبل تعیین الأجرة تعین علیه أجرة المثل و هی مضبوطة عند أهل الخبرة و أما قبل العمل فهو تابع لما یقع التراضی علیه و نسب ما ذکرناه إلی ظاهر الأصحاب و یدل علیه قول أبی الحسن ع فی مرسلة حماد بن عیسی: و الأرضون التی أخذت عنوة بخیل أو رکاب فهی موقوفة متروکة فی یدی من یعمرها و یحییها و یقوم علیها علی ما صالحهم الوالی- علی قدر طاقتهم من الحق الخراج النصف أو الثلث أو الثلثین علی قدر ما یکون لهم صلاحا و لا یضرهم إلی آخر الحدیث.

حکم ما إذا کان الخراج المجعول مضرا بحال المزارعین]

و یستفاد منه أنه إذا جعل علیهم من الخراج أو المقاسمة ما یضر بهم لم یجز ذلک کالذی یؤخذ من بعض مزارعی بعض بلادنا بحیث لا یختار الزارع الزراعة من کثرة الخراج فیجبرونه علی الزراعة و حینئذ ففی حرمة کل ما یؤخذ أو المقدار الزائد علی ما تضر الزیادة علیه وجهان. و حکی عن بعض أنه یشترط أن لا یزید علی ما کان یأخذه المتولی له الإمام العادل إلا برضاه و التحقیق أن مستعمل الأرض بالزرع و الغرس إن کان مختارا فی استعمالها فمقاطعه الخراج و المقاسمة باختیاره و اختیار الجائر فإذا تراضیا علی شی ء فهو الحق قلیلا کان أو کثیرا و إن کان لا بد من استعمال الأرض لأنها کانت مزرعة له مدة سنین و یتضرر بالارتحال عن تلک القریة إلی غیرها فالمناط ما ذکر فی المرسلة من عدم کون المضروب علیهم مضرا بأن لا یبقی لهم بعد أداء الخراج ما یکون بإزاء ما أنفقوا علی الزرع من المال و بذلوا له من أبدانهم الأعمال.

السابع ظاهر إطلاق الأصحاب- أنه لا یشترط فیمن یصل إلیه الخراج [الاستحقاق]
اشارة

أو الزکاة من السلطان علی وجه الهدیة أو یقطعه الأرض الخراجیة إقطاعا أن یکون مستحقا له- و نسبه الکرکی فی رسالته إلی إطلاق الأخبار و الأصحاب و لعله أراد إطلاق ما دل علی حل جوائز السلطان و عماله مع کونها غالبا من بیت المال- و إلا فما استدلوا به لأصل المسألة إنما هی الأخبار الواردة فی جواز ابتیاع الخراج و المقاسمة و الزکاة و الواردة فی حل تقبل الأرض الخراجیة من السلطان و لا ریب فی عدم اشتراط

المکاسب، ج 1، ص 77

کون المشتری و المتقبل مستحقا لشی ء من بیت المال و لم یرد خبر فی حل ما یهبه السلطان من الخراج حتی یتمسک بإطلاقه عدا أخبار جوائز السلطان مع أن تلک الأخبار واردة أیضا فی أشخاص خاصة فیحتمل کونهم ذوی حصص من بیت المال فالحکم بنفوذ تصرف الجائر علی الإطلاق فی الخراج من حیث البذل و التفریق کنفوذ تصرفه علی الإطلاق فیه بالقبض و الأخذ و المعاملة علیه مشکل.

[عدم دلالة روایة الحضرمی و کلام العلامة علی الاشتراط] و أما قوله ع فی روایة الحضرمی السابقة:

ما یمنع ابن أبی سماک أن یبعث إلیک بعطائک أ ما علم أن لک نصیبا من بیت المال فإنما یدل علی أن کل من له نصیب فی بیت المال یجوز له الأخذ لا أن کل من لا نصیب له لا یجوز أخذه. و کذا تعلیل العلامة رحمه الله فیما تقدم من دلیله بأن الخراج حق لله أخذه غیر مستحقة فإن هذا لا ینافی إمضاء الشارع لبذل الجائر إیاه کیف شاء کما أن للإمام ع أن یتصرف فی بیت المال کیف شاء. فالاستشهاد بالتعلیل المذکور فی الروایة المذکورة و بالمذکور فی کلام العلامة رحمه الله علی اعتبار استحقاق الآخذ لشی ء من بیت المال کما فی الرسالة الخراجیة محل نظر

[الإشکال فی تحلیل الزکاة الذی یأخذه الجائر لکل أحد]

ثم أشکل من ذلک تحلیل الزکاة المأخوذة منه لکل أحد کما هو ظاهر إطلاقهم القول بحل اتهاب ما یؤخذ باسم الزکاة.

[کلام الشهید الثانی فی اتهاب ما یؤخذ باسم الزکاة]

و فی المسالک أنه یشترط أن یکون صرفه لها علی وجهه المعتبر بحیث لا یعد عندهم عاصیا إذ یمتنع الأخذ منه عندهم أیضا ثم قال و یحتمل الجواز مطلقا نظرا إلی إطلاق النص و الفتوی قال و یجی ء مثله فی الخراج و المقاسمة فإن مصرفهما بیت المال و له أرباب مخصوصون عندهم أیضا انتهی.

الثامن [ما یعتبر فی کون الأرض خراجیة]
اشارة

أن کون الأرض بحیث یتعلق بما یؤخذ منها ما تقدم من أحکام الخراج و المقاسمة یتوقف علی أمور ثلاثة

الأول کونها مفتوحة عنوة
اشارة

أو صلحا علی أن تکون الأرض للمسلمین إذ ما عداهما من الأرضین لا خراج علیها. نعم لو قلنا بأن حکم ما یأخذه الجائر من الأنفال حکم ما یأخذه من أرض الخراج دخل ما یثبت کونه من الأنفال فی حکمها.

[کیف یثبت کون الأرض مفتوحة عنوة]

فنقول یثبت الفتح عنوة بالشیاع الموجب للعلم و بشهادة عدلین و بالشیاع المفید للظن المتاخم للعلم بنا علی کفایته فی کل ما یعسر إقامة البینة علیه کالنسب و الوقف و الملک المطلق و أما ثبوتها بغیر ذلک من الأمارات الظنیة حتی بقول من یوثق به من المؤرخین فمحل إشکال لأن الأصل عدم الفتح عنوة و عدم تملک المسلمین. نعم الأصل عدم تملک غیرهم أیضا- فإن فرض دخولها بذلک فی الأنفال- و ألحقناها بأرض الخراج فی الحکم فهو و إلا فمقتضی القاعدة حرمة تناول ما یؤخذ من زراعها قهرا و أما الزراع فیجب علیهم مراجعة حاکم الشرع فیعمل فیها معهم علی طبق ما تقتضیه القواعد عنده من کونه مال الإمام ع أو مجهول المالک أو غیر ذلک.

و المعروف بین الإمامیة بلا خلاف ظاهر أن أرض العراق فتحت عنوة

و حکی ذلک عن التواریخ المعتبرة. و حکی عن بعض العامة أنها فتحت صلحا و ما دل علی کونها ملکا للمسلمین یحتمل الأمرین. ففی صحیحة الحلبی: أنه سئل أبو عبد الله ع عن أرض السواد ما منزلته فقال هو لجمیع المسلمین لمن الیوم مسلم و لمن یدخل فی الإسلام بعد الیوم و لمن لم یخلق بعد و روایة أبی الربیع الشامی: لا تشتر من أرض السواد شیئا إلا من کانت له ذمة فإنما هی فی ء للمسلمین و قریب منها صحیحة ابن الحجاج.

[حکم غیر أرض العراق]
اشارة

و أما غیر هذه الأرض مما ذکر و اشتهر فتحها عنوة فإن أخبر به عدلان یحتمل حصول العلم لهما من السماع- أو الظن المتاخم من الشیاع أخذ به علی تأمل فی الأخیر- کما فی العدل الواحد- و إلا فقد عرفت الإشکال فی الاعتماد علی مطلق الظن

و أما العمل بقول المؤرخین

بناء علی أن قولهم فی المقام نظیر قول اللغوی فی اللغة و قول الطبیب و شبههما فدون إثباته خرط القتاد

و أشکل منه إثبات ذلک باستمرار السیرة علی أخذ الخراج من أرض

لأن ذلک إما من جهة ما قیل من کشف السیرة عن ثبوت ذلک من الصدر الأول من غیر نکیر إذ لو کان شیئا حادثا لنقل فی کتب التواریخ لاعتناء أربابها بالمبتدعات و الحوادث و إما من جهة وجوب حمل تصرف المسلمین و هو أخذهم الخراج علی الصحیح. و یرد علی الأول مع أن عدم التعرض یحتمل کونه لأجل عدم اطلاعهم الذی لا یدل علی العدم أن هذه الأمارات لیست بأولی من تنصیص أهل التواریخ الذی عرفت حاله. و علی الثانی أنه إن أرید بفعل المسلم تصرف السلطان بأخذ الخراج فلا ریب أن أخذه حرام و إن علم کون الأرض خراجیة فکونها کذلک لا یصحح فعله. و دعوی أن أخذه الخراج من أرض الخراج أقل فسادا من أخذه من غیرها توهم لأن مناط الحرمة فی المقامین واحد و هو أخذ مال الغیر من غیر استحقاق و اشتغال ذمة المأخوذ منه بأجرة الأرض الخراجیة و عدمه فی غیرها لا یهون الفساد.

نعم بینهما فرق من حیث الحکم المتعلق بفعل غیر السلطان و هو من یقع فی یده شی ء من الخراج بمعاوضة أو تبرع فیحل فی الأرض الخراجیة دون غیرها مع أنه لا دلیل علی وجوب حمل الفاسد علی الأقل فسادا إذا لم یتعدد عنوان الفساد کما لو دار الأمر بین الزنی مکرها للمرأة و بین الزنی برضائها حیث إن الظلم محرم آخر غیر الزنی بخلاف ما نحن فیه مع أن أصالة الصحة لا تثبت الموضوع و هو کون الأرض خراجیة إلا أن یقال إن المقصود ترتب آثار الأخذ الذی هو أقل فسادا و هو حل تناوله من الأخذ و إن لم یثبت کون الأرض خراجیة بحیث تترتب علیها آثار أخری مثل وجوب دفع أجرة الأرض إلی حاکم الشرع لیصرفه فی المصالح إذا فرض عدم السلطان الجائر و مثل حرمة التصرف فیه من دون دفع أجرة أصلا لا إلی الجائر و لا إلی حاکم الشرع و إن أرید بفعل المسلم تصرف المسلمین فیما یتناولونه من الجائر من خراج هذه الأرض ففیه أنه لا عبرة بفعلهم إذا علمنا بأنهم لا یعلمون حال هذه الأراضی کما هو الغالب فی محل الکلام إذ نعلم بفساد تصرفهم من جهة عدم إحراز الموضوع و لو احتمل تقلیدهم لمن یری تلک الأرض خراجیة لم ینفع و لو فرض احتمال علمهم بکونها خراجیة- کان اللازم من ذلک جواز التناول من أیدیهم لا من ید السلطان کما لا یخفی.

الثانی أن یکون الفتح بإذن الإمام
اشارة

و إلا کان المفتوح مال الإمام بناء علی المشهور بل عن المجمع أنه کاد یکون إجماعا و نسبه فی المبسوط إلی روایة أصحابنا و هی مرسلة العباس الوراق: و فیها أنه إذا غزا قوم بغیر إذن الإمام فغنموا کانت الغنیمة کلها للإمام ع قال فی المبسوط و علی هذه الروایة یکون جمیع ما فتحت بعد النبی ص إلا ما فتحت فی زمان الوصی ع من مال الإمام انتهی. أقول فیبتنی حل المأخوذ منها خراجا علی ما تقدم من حل الخراج المأخوذ من الأنفال

و الظاهر أن أرض العراق مفتوحة بالإذن

المکاسب، ج 1، ص 78

کما یکشف عن ذلک ما دل علی أنها للمسلمین

و أما غیرها مما فتحت فی زمان خلافة الثانی
اشارة

و هی أغلب ما فتحت

فظاهر بعض الأخبار کون ذلک أیضا بإذن مولانا أمیر المؤمنین ع و أمره
اشارة

. ففی الخصال فی أبواب السبعة فی باب أن الله تعالی یمتحن أوصیاء الأنبیاء فی حیاة الأنبیاء فی سبعة مواطن و بعد وفاتهم فی سبعة مواطن عن أبیه و شیخه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسین بن سعید عن جعفر بن محمد النوفلی عن یعقوب بن الرائد عن أبی عبد الله جعفر بن أحمد بن أبی طالب عن یعقوب بن عبد الله الکوفی عن موسی بن عبید عن عمرو بن أبی المقدام عن جابر الجعفی عن أبی جعفر ع: أنه أتی یهودی أمیر المؤمنین ع فی منصرفة عن وقعة النهروان فسأله عن تلک المواطن و فیه قوله ع و أما الرابعة یعنی من المواطن الممتحن بها بعد النبی ص فإن القائم بعد صاحبه یعنی عمر بعد أبی بکر کان یشاورنی فی موارد الأمور و مصادرها فیصدرها عن أمری و یناظرنی فی غوامضها فیمضیها عن رأی لا یعلمه أحد و لا یعلمه أصحابی و لا یناظرنی غیره إلی آخر الخبر. و الظاهر أن عموم الأمور إضافی بالنسبة إلی ما یقدح فی رئاسته مما یتعلق بالسیاسة و لا یخفی أن الخروج إلی الکفار و دعاءهم إلی الإسلام من أعظم تلک الأمور بل لا أعظم منه.

[المناقشة فی سند الروایة و دفعها]

و فی سند الروایة جماعة تخرجها عن حد الاعتبار إلا أن اعتماد القمیین علیها و روایتهم لها مع ما عرف من حالهم لمن تتبعها من أنهم لا یثبتون فی کتبهم روایة فی راویها ضعف إلا بعد احتفافها بما یوجب الاعتماد علیها جابر لضعفها فی الجملة

[ما یؤید مضمون الروایة]

مضافا إلی ما اشتهر من حضور أبی محمد الحسن ع فی بعض الغزوات و دخول بعض خواص أمیر المؤمنین ع من الصحابة کعمار فی أمرهم. و فی صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر ع قال: سألته عن سیرة الإمام ع فی الأرض التی فتحت بعد رسول الله ص فقال إن أمیر المؤمنین ع قد سار فی أهل العراق بسیرة فهی إمام لسائر الأرضین إلی آخر الخبر. و ظاهرها أن سائر الأرضین المفتوحة بعد النبی ص حکمها حکم أرض العراق مضافا إلی أنه یمکن الاکتفاء عن إذن الإمام- المنصوص فی مرسلة الوراق بالعلم بشاهد الحال برضا أمیر المؤمنین ع و سائر الأئمة بالفتوحات الإسلامیة الموجبة لتأیید هذا الدین. و قد ورد أن الله تعالی یؤید هذا الدین بأقوام لا خلاق لهم منه مع أنه یمکن أن یقال بحمل الصادر من الغزاة من فتح البلاد علی الوجه الصحیح- و هو کونه بأمر الإمام ع مع أنه یمکن أن یقال إن عموم ما دل من الأخبار الکثیرة علی تقیید الأرض المعدودة من الأنفال بکونها ما لم یوجف علیه بخیل و لا رکاب معارض بالعموم من وجه- و علی أن ما أخذت بالسیف من الأرضین یصرفها فی مصالح المسلمین لمرسلة الوراق فیرجع إلی عموم قوله تعالی وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبی وَ الْیَتامی وَ الْمَساکِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ فیکون الباقی للمسلمین إذ لیس لمن قاتل شی ء من الأرضین نصا و إجماعا

الثالث أن یثبت کون الأرض المفتوحة عنوة بإذن الإمام ع محیاة حال الفتح
اشارة

لتدخل فی الغنائم و یخرج منها الخمس أولا علی المشهور و بقی الباقی للمسلمین فإن کانت حینئذ مواتا کانت للإمام ع کما هو المشهور بل المتفق علیه علی الظاهر المصرح به عن الکفایة و محکی التذکرة و یقتضیه إطلاق الإجماعات المحکیة علی أن الموات من الأنفال لإطلاق الأخبار الدالة علی أن الموات بقول مطلق له ع و لا یعارضها إطلاق الإجماعات و الأخبار الدالة علی أن المفتوحة عنوة للمسلمین لأن موارد الإجماعات هی الأرض المغنومة من الکفار کسائر الغنائم التی یملکونها منهم و یجب فیها الخمس و لیست الموات من أموالهم و إنما هی مال الإمام و لو فرض جریان أیدیهم علیها کان بحکم المغصوب لا یعد فی الغنیمة و ظواهر الأخبار خصوص المحیاة- مع أن الظاهر عدم الخلاف.

نعم لو ماتت المحیاة حال الفتح

فالظاهر بقاؤها علی ملک المسلمین بل عن ظاهر الریاض استفادة عدم الخلاف فی ذلک من السرائر لاختصاص أدلة الموات بما إذا لم یجر علیه ملک مسلم دون ما عرف صاحبه

ثم إنه تثبت الحیاة حال الفتح

بما کان یثبت به الفتح عنوة و مع الشک فیها فالأصل العدم و إن وجدناها الآن محیاة لأصالة عدمها حال الفتح فیشکل الأمر فی کثیر من محیاة أراضی البلاد المفتوحة عنوة. نعم ما وجد منها فی ید مدع للملکیة حکم بها له أما إذا کانت بید السلطان أو من أخذها منه فلا یحکم لأجلها بکونها خراجیة لأن ید السلطان عادیة علی الأراضی الخراجیة أیضا

و ما لا ید لمدعی الملکیة علیها کان مرددا بین المسلمین

و مالک خاص مردد بین الإمام لکونها ترکة من لا وارث له و بین غیره فیجب مراجعة حاکم الشرع فی أمرها و وظیفة الحاکم فی الأجرة المأخوذ منها إما القرعة و إما صرفها فی مصرف مشترک بین الکل کفقیر یستحق الإنفاق من بیت المال لقیامه ببعض مصالح المسلمین

[هل کانت أرض السواد کلها عامرة حال الفتح]

ثم اعلم أن ظاهر الأخبار تملک المسلمین لجمیع أرض العراق المسمی بأرض السواد من غیر تقیید بالعامر فینزل علی أن کلها کانت عامرة حال الفتح.

[حد سواد العراق]
اشارة

و یؤیده أنهم ضبطوا أرض الخراج کما فی المنتهی و غیره بعد المساحة بستة أو اثنین و ثلاثین ألف ألف جریب و حینئذ فالظاهر أن البلاد الإسلامیة المبنیة فی العراق و هی مع ما یتبعها من القری من المحیاة حال الفتح التی تملکها المسلمون.

[ما ذکره العلامة فی تحدید سواد العراق]

و ذکر العلامة فی کتبه تبعا لبعض ما عن ظاهر المبسوط و الخلاف أن حد سواد العراق ما بین منقطع الجبال بحلوان إلی أطراف القادسیة المتصل بعذیب من أرض العرب عرضا و من تخوم الموصل إلی ساحل البحر ببلاد عبادان طولا و زاد العلامة رحمه الله قوله من شرقی دجلة فأما الغربی الذی تلیه البصرة فإنما هو إسلامی مثل شط عثمان بن أبی العاص و ما والاها کانت سباخا مماتا فأحیاها عثمان و یظهر من هذا التقیید- أن ما عدا ذلک کانت محیاة کما یؤیده ما تقدم من تقدیر الأرض المذکور بعد المساحة بما ذکر من الجریب

[النظر فیما قیل من أن البلاد المحدثة فی العراق لم تفتح عنوة]

فما قیل من أن البلاد المحدثة بالعراق مثل بغداد و الکوفة و الحلة و المشاهد المشرفة إسلامیة بناها المسلمون و لم تفتح عنوة و لم یثبت أن أرضها تملکها المسلمون بالاستغنام و التی فتحت عنوة و أخذت من الکفار قهرا قد انهدمت لا یخلو عن نظر لأن المفتوح عنوة لا یختص بالأبنیة حتی یقال إنها انهدمت فإذا کانت البلاد المذکورة و ما یتعلق بها من قرأها غیر مفتوحة عنوة فأین أرض العراق المفتوحة عنوة المقدرة بستة و ثلاثین ألف ألف جریب و أیضا من البعید عادة أن یکون بلد المدائن علی طرف العراق بحیث یکون الخارج منها مما یلیه [و هی] البلاد المذکورة مواتا غیر معمورة وقت الفتح و الله العالم و لله الحمد أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا [و به نستعین]

المکاسب، ج 2، ص 79

الجزء الثانی

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی محمد و آله الطاهرین و لعنة الله علی أعدائهم إلی یوم الدین

کتاب البیع

[تعریف البیع

اشارة

و هو فی الأصل کما عن المصباح المنیر مبادلة مال بمال

و الظاهر اختصاص المعوض بالعین

فلا یعم إبدال المنافع بغیرها و علیه استقر اصطلاح الفقهاء فی البیع. نعم ربما یستعمل فی کلمات بعضهم فی نقل غیرها بل یظهر ذلک من کثیر من الأخبار کالخبر الدال علی جواز بیع خدمة المدبر و بیع سکنی الدار التی لا یعلم صاحبها و کأخبار بیع الأرض الخراجیة و شرائها و الظاهر أنها مسامحة فی التعبیر کما أن لفظة الإجارة تستعمل عرفا فی نقل بعض الأعیان کالثمرة علی الشجرة.

و أما العوض فلا إشکال فی جواز کونه منفعة

کما فی غیر موضع من القواعد و التذکرة و جامع المقاصد و لا یبعد عدم الخلاف فیه. نعم نسب إلی بعض الأعیان الخلاف فیه و لعله لما اشتهر فی کلامهم من أن البیع لنقل الأعیان و الظاهر إرادتهم بیان المبیع نظیر قولهم إن الإجارة لنقل المنافع.

[جعل عمل الحر عوضا]

و أما عمل الحر فإن قلنا إنه قبل المعاوضة علیه من الأموال فلا إشکال و إلا ففیه إشکال من حیث احتمال اعتبار کون العوضین فی البیع مالا قبل المعاوضة یدل علیه ما تقدم عن المصباح.

[أقسام الحق و ما یقع منها عوضا]

و أما الحقوق فإن لم تقبل المعاوضة بالمال- کحق الحضانة و الولایة فلا إشکال و کذا لو لم تقبل النقل کحق الشفعة و حق الخیار لأن البیع تملیک الغیر و لا ینتقض ببیع الدین علی من هو علیه لأنه لا مانع من کونه تملیکا فیسقط و لذا جعل الشهید فی قواعده الإبراء مرددا بین الإسقاط و التملیک. و الحاصل أنه یعقل أن یکون مالکا فی ذمته فیؤثر تملیکه السقوطو لا یعقل أن یتسلط علی نفسه و السر أن مثل هذا الحق سلطنة فعلیة لا یعقل قیام طرفیها بشخص واحد بخلاف الملک فإنها نسبة بین المالک و المملوک و لا یحتاج إلی من یملک علیه یستحیل اتحاد المالک و المملوک علیه فافهم. و أما الحقوق القابلة للانتقال کحق التحجیر و نحوه فهی و إن قبلت النقل و قوبلت بالمال فی الصلح إلا أن فی جواز وقوعها عوضا للبیع إشکالا من أخذ المال فی عوضی المبایعة لغة و عرفا مع ظهور کلمات الفقهاء عند التعرض لشروط العوضین و لما یصح أن یکون أجرة فی الإجارة فی حصر الثمن فی المال.

[تعاریف الفقهاء و المناقشة فیها]

ثم الظاهر أن لفظ البیع لیس له حقیقة شرعیة و لا متشرعیة بل هو باق علی معناه العرفی کما سنوضحه إن شاء الله إلا أن الفقهاء قد اختلفوا فی تعریفه ففی المبسوط و التذکرة و غیرهما انتقال عین من شخص إلی غیره بعوض مقدر علی وجه التراضی و حیث إن فی هذا التعریف مسامحة واضحة عدل آخرون إلی تعریفه بالإیجاب و القبول الدالین علی الانتقال و حیث إن البیع من مقولة المعنی دون اللفظ مجردا أو بشرط قصد المعنی و إلا لم یعقل إنشاؤه باللفظ عدل جامع المقاصد إلی تعریفه بنقل العین بالصیغة المخصوصة.

و یرد علیه مع أن النقل لیس مترادفا للبیع و لذا صرح فی التذکرة بأن إیجاب البیع لا یقع بلفظ نقلت و جعله من الکنایات و أن المعاطاة عنده بیع مع خلوها عن الصیغة أن النقل بالصیغة أیضا لا یعقل إنشاؤه بالصیغة و لا یندفع هذا بأن المراد أن البیع نفس النقل الذی هو مدلول الصیغة فجعله مدلول الصیغة إشارة إلی تعیین ذلک الفرد من النقل لا أنه مأخوذ فی مفهومه حتی یکون مدلول بعت نقلت بالصیغة لأنه إن أرید بالصیغة خصوص بعت لزم الدور لأن المقصود معرفة مادة بعت و إن أرید بها ما یشمل ملکت وجب الاقتصار علی مجرد التملیک و النقل

[أولی التعاریف للبیع
اشارة

فالأولی تعریفه بأنه إنشاء تملیک عین بمال و لا یلزم علیه شی ء مما تقدم.

نعم یبقی علیه أمور
منها أنه موقوف علی جواز الإیجاب بلفظ ملکت

و إلا لم یکن مرادفا له و یرده أنه الحق کما سیجی ء.

و منها أنه لا یشمل بیع الدین علی من هو علیه

لأن الإنسان لا یملک مالا علی نفسه و فیه مع ما عرفت و ستعرف من تعقل تملک ما علی نفسه- و رجوعه إلی سقوطه عنه نظیر تملک ما هو مساو لما فی ذمته و سقوطه بالتهاتر أنه لو لم یعقل التملیک لم یعقل البیع إذ لیس للبیع لغة و عرفا معنی غیر المبادلة و النقل و التملیک و ما یساویها من الألفاظ و لذا قال فخر الدین إن معنی بعت فی لغة العرب ملکت غیری فإذا لم یعقل ملکیة ما فی ذمة نفسه لم یعقل شی ء مما یساویها فلا یعقل البیع.

و منها أنه یشمل التملیک بالمعاطاة

مع حکم المشهور بل دعوی الإجماع علی أنها لیست بیعا و فیه ما سیجی ء من کون المعاطاة بیعا و أن مراد النافین نفی صحته.

و منها صدقه علی الشراء

فإن المشتری بقبوله للبیع یملک ماله بعوض المبیع و فیه أن التملیک فیه ضمنی و إنما حقیقته التملک بعوض و لذا لا یجوز الشراء بلفظ ملکت تقدم علی الإیجاب أو تأخر و به یظهر اندفاع الإیراد بانتقاضه بمستأجر العین بعین حیث إن الاستیجار یتضمن تملیک العین بمال أعنی المنفعة.

و منها انتقاض طرده بالصلح علی العین بمال
اشارة

و بالهبة المعوضة و فیه أن حقیقة الصلح و لو تعلق بالعین لیست هو التملیک علی وجه المقابلة و المعاوضة بل معناه الأصلی هو التسالم- و لذا لا یتعدی بنفسه إلی المال. نعم هو متضمن للتملیک إذا تعلق بعین لا أنه نفسه

[حقیقة الصلح

و الذی یدلک علی هذا أن الصلح قد یتعلق بالمال عینا أو منفعة فیفید التملیک و قد یتعلق بالانتفاع فیفید فائدة العاریة و هو مجرد التسلیط و قد یتعلق بالحقوق فیفید الإسقاط أو الانتقال و قد یتعلق بتقریر أمر بین المتصالحین کما فی قول أحد الشریکین

المکاسب، ج 2، ص 80

لصاحبه صالحتک علی أن یکون الربح لک و الخسران علیک فیفید مجرد التقریر فلو کانت حقیقة الصلح هی عین کل من هذه المعانی الخمسة لزم کونه مشترکا لفظیا و هو واضح البطلان فلم یبق إلا أن یکون مفهومه معنی آخر و هو التسالم فیفید فی کل موضع فائدة من الفوائد المذکورة بحسب ما یقتضیه متعلقة.

فالصلح علی العین بعوض تسالم علیه و هو یتضمن التملیک لا أن مفهوم الصلح فی خصوص هذا المقام و حقیقته هو إنشاء التملیک و من هنا لم یکن طلبه من الخصم إقرارا له بخلاف طلب التملیک.

و أما الهبة المعوضة

و المراد بها هنا ما اشترط فیه العوض فلیست إنشاء تملیک بعوض علی جهة المقابلة و إلا لم یعقل تملک أحدهما لأحد العوضین من دون تملک الآخر للآخر مع أن ظاهرهم عدم تملک العوض بمجرد تملک الموهوب الهبة بل غایة الأمر أن المتهب لو لم یؤد العوض کان للواهب الرجوع فی هبته فالظاهر أن التعویض المشترط فی الهبة کالتعویض الغیر المشترط فیها فی کونه تملیکا مستقلا یقصد به وقوعه عوضا لا أن حقیقة المعاوضة و المقابلة مقصودة فی کل من العوضین کما یتضح ذلک بملاحظة التعویض الغیر المشترط فی ضمن الهبة الأولی. فقد تحقق مما ذکرنا أن حقیقة تملیک العین بالعوض لیست إلا البیع فلو قال ملکتک کذا بکذا کان بیعا و لا یصح صلحا و لا هبة معوضة و إن قصدهما إذ التملیک علی جهة المقابلة الحقیقیة لیس صلحا و لا هبة فلا یقعان به. نعم لو قلنا بوقوعهما بغیر الألفاظ الصریحة توجه تحققهما مع قصدهما فما قیل من أن البیع هو الأصل فی تملیک الأعیان بالعوض فیقدم علی الصلح و الهبة المعوضة محل تأمل بل منع لما عرفت من أن تملیک الأعیان بالعوض هو البیع لا غیر. نعم لو أتی بلفظ التملیک بالعوض و احتمل إرادة غیر حقیقته کان مقتضی الأصل اللفظی- حمله علی المعنی الحقیقی فیحکم بالبیع لکن الظاهر أن الأصل بهذا المعنی لیس مراد القائل المتقدم و سیجی ء توضیحه فی مسألة المعاطاة فی غیر البیع إن شاء الله

بقی القرض داخلا فی ظاهر الحد

و یمکن إخراجه بأن مفهومه لیس نفس المعاوضة بل هو تملیک علی وجه ضمان المثل أو القیمة لا معاوضة للعین بهما و لذا لا یجری فیه ربا المعاوضة و لا الغرر المنفی فیها و لا ذکر العوض و لا العلم به فتأمل.

[استعمال البیع فی معان أخر]
اشارة

ثم إن ما ذکرناه تعریف للبیع المأخوذ فی صیغة بعت و غیره من المشتقات و یظهر من بعض من قارب عصرنا استعماله فی معان أخری غیر ما ذکر

أحدها التملیک المذکور

لکن بشرط تعقبه بتملک المشتری و إلیه نظر بعض مشایخنا حیث أخذ قید التعقب بالقبول مأخوذا فی تعریف البیع المصطلح و لعله لتبادر التملیک المقرون بالقبول من اللفظ بل و صحة السلب عن المجرد و لهذا لا یقال باع فلان ماله إلا بعد أن یکون قد اشتراه غیره و یستفاد من قول القائل بعت مالی أنه اشتراه غیره لا أنه أوجب البیع فقط.

الثانی الأثر الحاصل من الإیجاب و القبول

و هو الانتقال کما یظهر من المبسوط و غیره.

الثالث نفس العقد المرکب من الإیجاب و القبول

و إلیه ینظر من عرف البیع بالعقد قال بل الظاهر اتفاقهم علی إرادة هذا المعنی فی عناوین أبواب المعاملات حتی الإجارة و شبهها التی لیست فی الأصل اسما لأحد طرفی العقد.

[المناقشة فی هذه الاستعمالات

أقول أما البیع بمعنی الإیجاب المتعقب للقبول فالظاهر أنه لیس مقابلا للأول و إنما هو فرد انصرف إلیه اللفظ فی مقام قیام القرینة علی إرادة الإیجاب المثمر إذ لا ثمرة فی الإیجاب المجرد فقول المخبر بعت إنما أراد الإیجاب المقید فالقید مستفاد من الخارج لا أن البیع مستعمل فی الإیجاب المتعقب للقبول و کذلک لفظ النقل و الإبدال و التملیک و شبهها مع أنه لم یقل أحد بأن تعقب القبول له دخل فی معناها. نعم تحقق القبول شرط للانتقال فی الخارج فی نظر الشارع لا فی نظر الناقل إذ التأثیر لا ینفک عن الأثر فالبیع و ما یساویه معنی من قبیل الإیجاب و الوجوب- لا الکسر و الانکسار کما تخیله بعض فتأمل و منه یظهر ضعف أخذ القید المذکور فی معنی البیع المصطلح فضلا عن أن یجعل أحد معانیه. و أما البیع بمعنی الأثر و هو الانتقال فلم یوجد فی اللغة و لا فی العرف و إنما وقع فی تعریف جماعة تبعا للمبسوط و قد یوجه بأن المراد من البیع المحدود المصدر من المبنی للمفعول أعنی المبیعیة و هو تکلف حسن و أما البیع بمعنی العقد فقد صرح الشهید الثانی رحمه الله بأن إطلاقه علیه مجاز لعلاقة السببیة و الظاهر أن المسبب هو الأثر الحاصل فی نظر الشارع لأنه المسبب عن العقد لا النقل الحاصل من فعل الموجب لما عرفت من أنه حاصل بنفس إنشاء الموجب من دون توقفه علی شی ء کحصول وجوب الضرب فی نظر الأمر بمجرد الأمر و إن لم یصر واجبا فی الخارج فی نظر غیره. و إلی هذا نظر جمیع ما ورد فی النصوص و الفتاوی من قولهم لزم البیع أو وجب أو لا بیع بینهما أو إقالة فی البیع و نحو ذلک. و الحاصل أن البیع الذی یجعلونه من العقود یراد به النقل بمعنی اسم المصدر مع اعتبار تحققه فی نظر الشارع المتوقف علی تحقق الإیجاب و القبول فإضافة العقد إلی البیع بهذا المعنی لیست بیانیة و لذا یقال انعقد البیع و لا ینعقد البیع.

[البیع و نحوه من العقود اسم للصحیح أو الأعم
[اختیار الشهیدین کونه للصحیح
اشارة

ثم إن الشهید الثانی نص فی کتاب الیمین من المسالک علی أن عقد البیع و غیره من العقود حقیقة فی الصحیح مجاز فی الفاسد لوجود خواص الحقیقة و المجاز کالتبادر و صحة السلب قال و من ثم حمل الإقرار به علیه حتی لو ادعی إرادة الفاسد لم یسمع إجماعا و لو کان مشترکا بین الصحیح و الفاسد لقبل تفسیره بأحدهما کغیره من الألفاظ المشترکة و انقسامه إلی الصحیح و الفاسد أعم من الحقیقة انتهی و قال الشهید الأول فی قواعده الماهیات الجعلیة کالصلاة و الصوم و سائر العقود لا تطلق علی الفاسد إلا الحج لوجوب المضی فیه و ظاهره إرادة الإطلاق الحقیقی

[المناقشة فیما أفاده الشهیدان

و یشکل ما ذکراه بأن وضعها للصحیح یوجب عدم جواز التمسک بإطلاق نحو وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ و إطلاقات أدلة سائر العقود فی مقام الشک فی اعتبار شی ء فیها مع أن سیرة علماء الإسلام التمسک بها فی هذه المقامات.

[توجیه ما أفاده الشهیدان

نعم یمکن أن یقال إن البیع و شبهه فی العرف إذا استعمل فی الحاصل من المصدر الذی یراد من قول القائل بعت عقد الإنشاء لا یستعمل حقیقة- إلا فیما کان صحیحا مؤثرا و لو فی نظر القائل ثم إذا کان مؤثرا فی نظر الشارع کان بیعا عنده و إلا کان صورة بیع نظیر الهازل عند العرف. فالبیع الذی یراد منه ما حصل عقیب قول القائل بعت عند العرف و الشرع حقیقة فی الصحیح المفید

المکاسب، ج 2، ص 81

للأثر و مجاز فی غیره إلا أن الإفادة و ثبوت الفائدة مختلف فی نظر العرف و الشرع.

و أما وجه تمسک العلماء بإطلاق أدلة البیع و نحوها

فلأن الخطابات لما وردت علی طبق العرف حمل لفظ البیع و شبهه فی الخطابات الشرعیة علی ما هو الصحیح المؤثر عند العرف أو علی المصدر الذی یراد من لفظ بعت فیستدل بإطلاق الحکم بحله أو بوجوب الوفاء علی کونه مؤثرا فی نظر الشارع أیضا فتأمل فإن للکلام محلا آخر

الکلام فی المعاطاة

[حقیقة المعاطاة]

اعلم أن المعاطاة علی ما فسره جماعة أن یعطی کل من اثنین عوضا عما یأخذه من الآخر

[صور المعاطاة]

و هو یتصور علی وجهین أحدهما أن یبیح کل منهما للآخر التصرف فیما یعطیه من دون نظر إلی تملیکه. الثانی أن یتعاطیا علی وجه التملیک. و ربما یذکر وجهان آخران أحدهما أن یقع النقل من غیر قصد البیع و لا تصریح بالإباحة المزبورة بل یعطی شیئا لیتناول شیئا فدفعه الآخر إلیه. الثانی أن یقصد الملک المطلق دون خصوص البیع. و یرد الأول بامتناع خلو الدافع عن قصد عنوان من عناوین البیع أو الإباحة أو العاریة أو الودیعة أو القرض أو غیر ذلک من العناوین الخاصة و الثانی بما تقدم فی تعریف البیع من أن التملیک بالعوض علی وجه المبادلة هو مفهوم البیع لا غیر. نعم یظهر من غیر واحد منهم فی بعض العقود کبیع لبن الشاة مدة و غیر ذلک کون التملیک المطلق أعم من البیع

ثم إن المعروف بین علمائنا فی حکمها أنها مفیدة لإباحة التصرف
اشارة

و یحصل الملک بتلف إحدی العینین و عن المفید و بعض العامة القول بکونها لازمة کالبیع و عن العلامة رحمه الله فی النهایة احتمال کونها بیعا فاسدا فی عدم إفادتها إباحة التصرف

[محل النزاع فی المعاطاة]

و لا بد أولا من ملاحظة أن النزاع فی المعاطاة هل المقصود بها الإباحة أو المقصود بها التملیک الظاهر من الخاصة و العامة هو المعنی الثانی.

[تنزیل المحقق الثانی الإباحة علی الملک الجائز]

و حیث إن الحکم بالإباحة بدون الملک قبل التلف و حصوله بعده لا یجامع ظاهرا قصد التملیک من المتعاطیین نزل المحقق الکرکی الإباحة فی کلامهم علی الملک الجائز المتزلزل و أنه یلزم بذهاب إحدی العینین و حقق ذلک فی شرحه علی القواعد و فی تعلیقه علی الإرشاد بما لا مزید علیه

[توجیه صاحب الجواهر بأن محل النزاع هی المعاطاة بقصد الإباحة]

لکن بعض المعاصرین لما استبعد هذا الوجه التجأ إلی جعل محل النزاع هی المعاطاة المقصود بها مجرد الإباحة و رجح بقاء الإباحة فی کلامهم علی ظاهرها المقابل للملک و نزل مورد حکم قدماء الأصحاب بالإباحة علی هذا الوجه و طعن علی من جعل محل النزاع فی المعاطاة بقصد التملیک قائلا إن القول بالإباحة الخالیة عن الملک مع قصد الملک مما لا ینسب إلی أصاغر الطلبة فضلا عن أعاظم الأصحاب و کبرائهم.

[المناقشة فی توجیه المحقق الثانی

و الإنصاف أن ما ارتکبه المحقق الثانی فی توجیه الإباحة بالملک المتزلزل بعید فی الغایة عن مساق کلمات الأصحاب مثل الشیخ فی المبسوط و الخلاف و الحلی فی السرائر و ابن زهرة فی الغنیة و الحلبی فی الکافی و العلامة فی التذکرة و غیرها

[المناقشة فی توجیه صاحب الجواهر]

بل کلمات بعضهم صریحة فی عدم الملک کما ستعرف إلا أن جعل محل النزاع ما إذا قصد الإباحة دون التملیک أبعد منه بل لا یکاد یوجد فی کلام أحد منهم ما یقبل الحمل علی هذا المعنی

[دلالة کلام الفقهاء علی بعد التوجیهین

و لننقل أولا کلمات جماعة ممن ظفرنا علی کلماتهم لیظهر منه بعد تنزیل الإباحة علی الملک المتزلزل کما صنعه المحقق الکرکی و أبعدیة جعل محل الکلام فی کلمات قدمائنا الأعلام ما لو قصد المتعاطیان مجرد إباحة التصرفات دون التملیک فنقول و بالله التوفیق قال فی الخلاف إذا دفع قطعة إلی البقلی أو الشارب فقال أعطنی بها بقلة أو ماء فأعطاه فإنه لا یکون بیعا و کذلک سائر المحقرات و إنما یکون إباحة له فیتصرف کل منهما فیما أخذه تصرفا مباحا من دون أن یکون ملکه و فائدة ذلک أن البقلی إذا أراد أن یسترجع البقل أو أراد صاحب القطعة أن یسترجع قطعته کان لهما ذلک لأن الملک لم یحصل لهما و به قال الشافعی. و قال أبو حنیفة یکون بیعا صحیحا و إن لم یحصل الإیجاب و القبول و قال ذلک فی المحقرات دون غیرها. دلیلنا أن العقد حکم شرعی و لا دلالة فی الشرع علی وجوده هنا فیجب أن لا یثبت و أما الإباحة بذلک فهو مجمع علیه لا یختلف العلماء فیها انتهی. و لا یخفی صراحة هذا الکلام فی عدم حصول الملک و فی أن محل الخلاف بینه و بین أبی حنیفة ما لو قصد البیع لا الإباحة المجردة کما یظهر أیضا من بعض کتب الحنفیة حیث إنه بعد تفسیر البیع بمبادلة مال بمال قال و ینعقد بالإیجاب و القبول و بالتعاطی أیضا فتمسکه بأن العقد حکم شرعی یدل علی عدم انتفاء قصد البیع و إلا لکان الأولی بل المتعین التعلیل به إذ مع انتفاء حقیقة البیع لغة و عرفا لا معنی للتمسک بتوقفه علی الأسباب الشرعیة کما لا یخفی. و قال فی السرائر بعد ذکر اعتبار الإیجاب و القبول و اعتبار تقدم الأول علی الثانی ما لفظه فإذا دفع قطعة إلی البقلی أو إلی الشارب فقال أعطنی فإنه لا یکون بیعا و لا عقدا لأن الإیجاب و القبول ما حصلا و کذلک سائر المحقرات و سائر الأشیاء محقرا کان أو غیر محقر من الثیاب و الحیوان أو غیر ذلک و إنما یکون إباحة له فیتصرف کل منهما فیما أخذه تصرفا مباحا من غیر أن یکون ملکه أو دخل فی ملکه و لکل منهما أن یرجع فیما بذله لأن الملک لم یحصل لهما و لیس ذلک من العقود الفاسدة لأنه لو کان عقدا فاسدا لم یصح التصرف فیما صار إلی کل واحد منهما و إنما ذلک علی جهة الإباحة انتهی. فإن تعلیله عدم الملک بعدم حصول الإیجاب و القبول یدل علی أن لیس المفروض ما لو لم یقصد التملیک مع أن ذکره فی حیز شروط العقد یدل علی ما ذکرناه و لا ینافی ذلک قوله و لیس هذا من العقود الفاسدة إلی آخر قوله کما لا یخفی. و قال فی الغنیة بعد ذکر الإیجاب و القبول فی عداد شروط صحة انعقاد البیع کالتراضی و معلومیة العوضین و بعد بیان الاحتراز لکل من الشروط عن المعاملة الفاقدة له ما هذا لفظه و اعتبرنا حصول الإیجاب و القبول تحرزا عن القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتری و الإیجاب من البائع بأن یقول بعنیه بألف فیقول بعتک بألف فإنه لا ینعقد بذلک بل لا بد أن یقول المشتری بعد ذلک اشتریت أو قبلت حتی ینعقد و احترازا أیضا عن القول بانعقاده بالمعاطاة نحو أن یدفع إلی البقلی قطعة و یقول أعطنی بقلا فیعطیه فإن ذلک لیس ببیع و إنما هو إباحة للتصرف. یدل علی ما قلناه الإجماع المشار إلیه و أیضا فما اعتبرناه مجمع علی صحة العقد به و لیس علی صحة مما عداه دلیل

المکاسب، ج 2، ص 82

و لما ذکرناه نهی ص عن بیع المنابذة و الملامسة و عن بیع الحصاة علی التأویل الآخر و معنی ذلک أن یجعل اللمس بشی ء أو النبذ له و إلقاء الحصاة بیعا موجبا انتهی. فإن دلالة هذا الکلام علی أن المفروض من قصد المتعاطیین التملیک من وجوه متعددة منها ظهور أدلته الثلاثة فی ذلک. و منها احترازه عن المعاطاة و المعاملة بالاستدعاء بنحو واحد. و قال الحلبی فی الکافی بعد ذکر أنه یشترط فی صحة البیع أمور ثمانیة ما لفظه و اشترط الإیجاب و القبول لخروجه من دونهما عن قبول حکم البیع إلی أن قال فإن اختل شرط من هذه لم ینعقد البیع و لم یستحق التسلیم و إن جاز التصرف مع إخلال بعضها للتراضی دون عقد البیع و یصح معه الرجوع انتهی و هو فی الظهور قریب من عبارة الغنیة. و قال المحقق رحمه الله فی الشرائع- و لا یکفی التقابض من غیر لفظ و إن حصل من الأمارات ما دل علی إرادة البیع انتهی. و ذکر کلمة الوصل لیس لتعمیم المعاطاة لما لم یقصد به البیع بل للتنبیه علی أنه لا عبرة بقصد البیع من الفعل. و قال فی التذکرة فی حکم الصیغة الأشهر عندنا أنه لا بد منها فلا یکفی التعاطی فی الجلیل و الحقیر مثل أعطنی بهذا الدینار ثوبا فیعطیه ما یرضیه أو یقول خذ هذا الثوب بدینار فیأخذه و به قال الشافعی مطلقا لأصالة بقاء الملک و قصور الأفعال عن الدلالة علی المقاصد و عن بعض الحنفیة و ابن شریح فی الجلیل و قال أحمد ینعقد مطلقا و نحوه قال مالک فإنه قال بع بما یعتقده الناس بیعا انتهی و دلالته علی قصد المتعاطیین للملک لا تخفی من وجوه أدونها جعل مالک موافقا لأحمد فی الانعقاد من جهة أنه قال بع بما یعتقده الناس بیعا و قال الشهید فی قواعده بعد قوله قد یقوم السبب الفعلی مقام السبب القولی و ذکر أمثلة لذلک ما لفظه و أما المعاطاة فی المبایعات فهی تفید الإباحة لا الملک و إن کان فی الحقیر عندنا و دلالتها علی قصد المتعاطیین للملک مما لا یخفی هذا کله مع أن الواقع فی أیدی الناس- هی المعاطاة بقصد التملیک و یبعد فرض الفقهاء من العامة و الخاصة الکلام فی غیر ما هو الشائع بین الناس مع أنهم صرحوا بإرادة المعاملة المتعارفة بین الناس ثم إنک قد عرفت ظهور أکثر العبارات المتقدمة فی عدم حصول الملک بل صراحة بعضها کالخلاف و السرائر و التذکرة و القواعد و مع ذلک کله فقد قال المحقق الثانی فی جامع المقاصد أنهم أرادوا بالإباحة الملک المتزلزل فقال المعروف بین الأصحاب أن المعاطاة بیع و إن لم تکن کالعقد فی اللزوم خلافا لظاهر عبارة المفید و لا یقول أحد من الأصحاب إنها بیع فاسد سوی المصنف فی النهایة و قد رجع عنه فی کتبه المتأخرة عنها و قوله تعالی وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ یتناولها لأنها بیع بالاتفاق حتی من القائلین بفسادها لأنهم یقولون هو بیع فاسد و قوله تعالی إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ عام إلا ما أخرجه الدلیل. و ما یوجد فی عبارة جمع من متأخری الأصحاب من أنها تفید الإباحة و تلزم بذهاب إحدی العینین یریدون به عدم اللزوم فی أول الأمر و بالذهاب یتحقق اللزوم لامتناع إرادة الإباحة المجردة عن أصل الملک إذ المقصود للمتعاطیین إنما هو الملک فإذا لم یحصل کان بیعا فاسدا و لم یجز التصرف فی العین و کافة الأصحاب علی خلافه و أیضا فإن الإباحة المحضة لا تقتضی الملک أصلا و رأسا فکیف یتحقق ملک شخص بذهاب مال آخر فی یده. و إنما الأفعال لما لم تکن دلالتها علی المراد بالصراحة کالأقوال لأنها تدل بالقرائن منعوا من لزوم العقد بها فیجوز التراد ما دام ممکنا و مع تلف إحدی العینین یمتنع التراد فیتحقق اللزوم لأن إحداهما فی مقابل الآخر و یکفی تلف بعض إحدی العینین لامتناع التراد فی الباقی إذ هو موجب لتبعض الصفقة و الضرر انتهی و نحوه المحکی عنه فی تعلیقته علی الإرشاد و زاد فیه أن مقصود المتعاطیین إباحة مترتبة علی ملک الرقبة کسائر البیوع فإن حصل مقصودهما ثبت ما قلناه و إلا لوجب أن لا تحصل إباحة بالکلیة بل یتعین الحکم بالفساد إذ المقصود غیر واقع فلو وقع غیره لوقع بغیر قصد و هو باطل و علیه یتفرع النماء و جواز وطء الجاریة- و من منع فقد أغرب انتهی. و الذی یقوی فی النفس إبقاء ظواهر کلماتهم علی حالها و أنهم یحکمون بالإباحة المجردة عن الملک فی المعاطاة مع فرض قصد المتعاطیین التملیک و أن الإباحة لم

تحصل بإنشائها ابتداء بل إنما حصلت کما اعترف به فی المسالک من استلزام إعطاء کل منهما سلعته مسلطا علیه الإذن فی التصرف فیه بوجوه التصرفات فلا یرد علیهم عدا ما ذکره المحقق المتقدم فی عبارته المتقدمة و حاصله أن المقصود هو الملک فإذا لم یحصل فلا منشأ لإباحة التصرف إذ الإباحة إن کانت من المالک فالمفروض أنه لم یصدر منه إلا التملیک و إن کانت من الشارع فلیس علیها دلیل و لم یشعر کلامهم بالاستناد إلی نص فی ذلک مع أن إلغاء الشارع للأثر المقصود و ترتب غیره بعید جدا مع أن التأمل فی کلامهم یعطی إرادة الإباحة المالکیة لا الشرعیة. و یؤید إرادة الملک أن ظاهر إطلاقهم إباحة التصرف شمولها للتصرفات التی لا تصح إلا من المالک کالوطئ و العتق و البیع لنفسه و التزامهم حصول الملک مقارنا لهذه التصرفات کما إذا وقعت هذه التصرفات من ذی الخیار أو من الواهب الذی یجوز له الرجوع بعید. و سیجی ء ما ذکره بعض الأساطین و من أن هذا القول مستلزم لتأسیس قواعد جدیدة لکن الإنصاف أن القول بالتزامهم لهذه الأمور أهون من توجیه کلماتهم فإن هذه الأمور لا استبعاد فی التزامها إذا اقتضی الأصل عدم الملکیة و لم یساعد علیها دلیل معتبر و اقتضی الدلیل صحة التصرفات المذکورة مع أن المحکی عن حواشی الشهید علی القواعد المنع عما یتوقف علی الملک کإخراجه فی خمس أو زکاة و کوطئ الجاریة. [و صرح الشیخ فی المبسوط بأن الجاریة لا تملک بالهدیة العاریة عن الإیجاب و القبول و لا یحل وطؤها.] و مما یشهد علی نفی البعد عما ذکرنا من إرادتهم الإباحة المجردة مع قصد المتعاطیین التملیک أنه قد صرح الشیخ فی المبسوط و الحلی فی السرائر و کظاهر العلامة فی القواعد بعدم حصول الملک بإهداء الهدیة بدون الإیجاب و القبول و لو من الرسول نعم یفید ذلک إباحة التصرف لکن الشیخ استثنی وطء الجاریة ثم إن المعروف بین المتأخرین- أن من قال بالإباحة المجردة فی المعاطاة قال إنها لیست بیعا حقیقة کما هو ظاهر بعض العبائر المتقدمة و معقد إجماع الغنیة و ما أبعد ما بینه و بین توجیه المحقق الثانی من إرادة نفی اللزوم و کلاهما خلاف الظاهر. و یدفع الثانی تصریح بعضهم بأن شرط لزوم البیع منحصر فی مسقطات الخیار فکل بیع عنده لازم من غیر جهة الخیارات و تصریح غیر واحد أن الإیجاب و القبول من شرائط

المکاسب، ج 2، ص 83

صحة انعقاد البیع بالصیغة و أما الأول فإن قلنا إن البیع عند المتشرعة حقیقة فی الصحیح و لو بناء علی ما قدمناه فی آخر تعریف البیع من أن البیع فی العرف اسم للمؤثر منه فی النقل فإن کان فی نظر الشارع أو المتشرعة من حیث إنهم متشرعة و متدینون بالشرع صحیحا مؤثرا فی الانتقال کان بیعا حقیقیا و إلا کان صوریا نظیر بیع الهازل فی نظر العرف فیصح علی ذلک نفی البیعیة عنه علی وجه الحقیقة فی کلام کل من اعتبر فی صحته الصیغة أو فسره بالعقد لأنهم فی مقام تعریف البیع بصدد بیان ما هو المؤثر فی النقل فی نظر الشارع. إذا عرفت ما ذکرناه فالأقوال فی المعاطاة علی ما تساعده ظواهر کلماتهم ستة اللزوم مطلقا کما هو ظاهر شیخنا المفید و یکفی فی وجود القائل به قول العلامة رحمه الله فی التذکرة الأشهر عندنا أنه لا بد من الصیغة و اللزوم بشرط کون الدال علی التراضی أو المعاملة لفظا حکی ذلک عن بعض معاصری الشهید الثانی و بعض متأخری المحدثین لکن فی عد هذا من الأقوال فی المعاطاة تأمل و الملک الغیر اللازم ذهب إلیه المحقق الثانی و نسبه إلی کل من قال بالإباحة و سوغ جمیع التصرفات و فی النسبة ما عرفت و عدم الملک مع إباحة جمیع التصرفات حتی المتوقفة علی الملک کما هو ظاهر عبائر کثیرة بل ذکر فی المسالک أن کل من قال بالإباحة یسوغ جمیع التصرفات و إباحة ما لا یتوقف علی الملک و هو الظاهر من الکلام المتقدم عن حواشی الشهید علی القواعد و هو المناسب لما حکیناه عن الشیخ فی إهداء الجاریة من دون إیجاب و قبول و القول بعدم إباحة التصرف مطلقا نسب إلی ظاهر [المبسوط] و النهایة لکن ثبت رجوعه عنه فی غیرها. و المشهور بین علمائنا عدم ثبوت الملک بالمعاطاة [و إن قصد المتعاطیان بها التملیک بل لم نجد قائلا به إلی زمان المحقق الثانی الذی قال به و لم یقتصر علی ذلک حتی نسبه إلی الأصحاب. نعم ربما یوهمه ظاهر عبارة السرائر حیث قال فیه الأقوی أن المعاطاة غیر لازمة بل لکل منهما فسخ المعاوضة ما دامت العین باقیة فإن تلفت لزمت انتهی و لذا نسب ذلک إلیه فی المسالک لکن قوله بعد ذلک و لا یحرم علی کل منهما الانتفاع بما قبضه بخلاف البیع الفاسد ظاهر فی أن مراده مجرد الانتفاع إذ لا معنی لهذه العبارة بعد الحکم بالملک. و أما قوله و الأقوی إلی آخره فهو إشارة إلی خلاف المفید رحمه الله و العامة القائلین باللزوم و إطلاق المعاوضة علیها باعتبار ما قصده المتعاطیان و إطلاق الفسخ علی الرد بهذا الاعتبار أیضا و کذا اللزوم. و یؤید ما ذکرنا بل یدل علیه أن الظاهر من عبارة التحریر فی باب الهبة توقفها علی الإیجاب و القبول ثم قال و هل یستغنی عن الإیجاب و القبول فی هدیة الأطعمة الأقرب عدمه نعم یباح التصرف بشاهد الحال انتهی. و صرح بذلک أیضا فی الهدیة فإذا لم یقل فی الهدیة بصحة المعاطاة فکیف یقول بها فی البیع. و ذهب جماعة تبعا للمحقق الثانی إلی حصول الملک و لا یخلو عن قوة للسیرة المستمرة علی المعاملة المأخوذة بالمعاطاة معاملة الملک فی التصرف فیه بالعتق و البیع و الوطی و الإیصاء و توریثه و غیر ذلک من آثار الملک و یدل علیه أیضا عموم قوله تعالی وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ حیث إنه یدل علی حلیة جمیع التصرفات المترتبة علی البیع بل قد یقال إن الآیة دالة عرفا بالمطابقة علی صحة البیع لا مجرد الحکم التکلیفی لکنها محل تأمل. و أما منع صدق البیع علیه عرفا فمکابرة و أما دعوی الإجماع فی کلام بعضهم علی عدم کون المعاطاة بیعا کابن زهرة فی الغنیة فمرادهم بالبیع المعاملة اللازمة التی هو أحد العقود و لذا صرح فی الغنیة بکون الإیجاب و القبول من شرائط صحة البیع و دعوی أن البیع الفاسد عندهم لیس بیعا قد عرفت الحال فیها. و مما ذکرنا یظهر وجه التمسک بقوله تعالی إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ- . و أما قوله ص: إن الناس مسلطون علی أموالهم فلا دلالة فیه علی المدعی- لأن عمومه باعتبار أنواع السلطنة فهو إنما یجدی فیما إذا شک فی أن هذا النوع من السلطنة ثابتة للمالک و ماضیة شرعا فی حقه أم لا أما إذا قطعنا بأن سلطنة خاصة کتملیک ماله للغیر نافذة فی حقه و ماضیة شرعا لکن شک فی أن هذا التملیک الخاص هل یحصل بمجرد التعاطی مع القصد أم لا بد من القول الدال علیه فلا یجوز الاستدلال علی سببیة المعاطاة فی

الشریعة للتملیک بعموم تسلط الناس علی أموالهم و منه یظهر أیضا عدم جواز التمسک به لما سیجی ء من شروط الصیغة و کیف کان ففی الآیتین مع السیرة کفایة اللهم إلا أن یقال إنهما لا تدلان علی الملک و إنما تدلان علی إباحة جمیع التصرفات حتی المتوقفة علی الملک کالبیع و الوطی و العتق و الإیصاء و إباحة هذه التصرفات إنما تستلزم الملک بالملازمة الشرعیة الحاصلة فی سائر المقامات من الإجماع و عدم القول بالانفکاک دون المقام الذی لا یعلم ذلک منهم- حیث أطلق القائلون بعدم الملک إباحة التصرفات. و صرح فی المسالک أن من أجاز المعاطاة سوغ جمیع التصرفات غایة الأمر أنه لا بد من التزامهم بأن التصرف المتوقف علی الملک یکشف عن سبق الملک علیه آنا ما فإن الجمع بین إباحة هذه التصرفات و بین توقفها علی الملک یحصل بالتزام هذا المقدار و لا یتوقف علی الالتزام بالملک من أول الأمر فیقال إن مرجع هذه الإباحة أیضا إلی التملیک. و أما ثبوت السیرة و استمرارها علی التوریث فهی کسائر سیرهم الناشئة عن المسامحة و قلة المبالاة فی الدین مما لا یحصی فی عباداتهم و معاملاتهم و سیاساتهم کما لا یخفی و دعوی أنه لم یعلم من القائل بالإباحة- جواز مثل هذه التصرفات المتوقفة علی الملک کما یظهر من المحکی عن حواشی الشهید علی القواعد من منع إخراج المأخوذ بالمعاطاة فی الخمس و الزکاة و ثمن الهدی و عدم جواز وطء الجاریة المأخوذ بها. و قد صرح الشیخ رحمه الله بالأخیر فی معاطاة الهدایا فیتوجه التمسک حینئذ بعموم الآیة علی جوازها فیثبت الملک مدفوعة بأنه و إن لم یثبت ذلک إلا أنه لم یثبت أن کل من قال بإباحة جمیع هذه التصرفات قال بالملک من أول الأمر فیجوز للفقیه حینئذ التزام إباحة جمیع التصرفات مع التزام حصول الملک عند التصرف المتوقف علی الملک لا من أول الأمر. فالأولی حینئذ التمسک فی المطلب بأن المتبادر عرفا من حل البیع صحته شرعا هذا مع إمکان إثبات صحة المعاطاة فی الهبة و الإجارة ببعض إطلاقاتهما و تتمیمه فی البیع بالإجماع المرکب هذا مع أن ما ذکر من أن للفقیه- التزام حدوث الملک عند التصرف المتوقف علیه لا یلیق بالمتفقه فضلا عن الفقیه و لذا ذکر بعض الأساطین فی شرحه علی القواعد

المکاسب، ج 2، ص 84

فی مقام الاستبعاد أن القول بالإباحة المجردة مع فرض قصد المتعاطیین التملیک و البیع مستلزم لتأسیس قواعد جدیدة منها أن العقود و ما قام مقامها لا تتبع القصود. و منها أن یکون إرادة التصرف من المملکات- فتملک العین أو المنفعة بإرادة التصرف بهما أو معه دفعة و إن لم یخطر ببال مالک الأول الإذن فی شی ء من هذه التصرفات لأنه قاصد للنقل من حین الدفع و أنه لا سلطان له بعد ذلک بخلاف من قال أعتق عبدک عنی أو تصدق بمالک عنی. و منها أن الأخماس و الزکوات و الاستطاعة و الدیون و النفقات و حق المقاسمة و الشفعة و المواریث و الربا و الوصایا یتعلق بما فی الید مع العلم ببقاء مقابله و عدم التصرف فیه أو عدم العلم به فینفی بالأصل- فیکون متعلقة بغیر الأملاک و أن صفة الغنی و الفقر تترتب علیه کذلک فیصیر ما لیس من الأملاک بحکم الأملاک. و منها کون التصرف من جانب مملکا للجانب الآخر مضافا إلی غرابة استناد الملک إلی التصرف. و منها جعل التلف السماوی من جانب مملکا للجانب الآخر و التلف من الجانبین مع التفریط معینا للمسمی من الطرفین و لا رجوع إلی قیمة المثل حتی یکون له الرجوع بالتفاوت و مع حصوله فی ید الغاصب أو تلفه فیها فالقول بأنه المطالب لأنه یملک بالغصب أو التلف فی ید الغاصب غریب و القول بعدم الملک بعید جدا مع أن فی التلف القهری إن ملک التالف قبل التلف فعجیب و معه بعید لعدم قابلیته حینئذ و بعده ملک معدوم و مع عدم الدخول فی الملک یکون ملک الآخر بغیر عوض و نفی الملک مخالف للسیرة و بناء المتعاطیین. و منها أن التصرف إن جعلناه من النواقل القهریة- فلا یتوقف علی النیة فهو بعید و إن أوقفناه علیها کان الواطئ للجاریة من غیرها واطئا بالشبهة و الجانی علیها و المتلف لها جانیا علی مال الغیر و متلفا له. و منها أن النماء الحادث قبل التصرف- إن جعلنا حدوثه مملکا له دون العین فبعید و معها فکذلک و کلاهما مناف لظاهر الأکثر و شمول الإذن له خفی. و منها قصر التملیک علی التصرف مع الاستناد فیه إلی أن إذن المالک فیه إذن فی التملیک فیرجع إلی کون المتصرف فی تملیک نفسه موجبا قابلا و ذلک جار فی القبض بل هو أولی منه لاقترانه بقصد التملیک دونه انتهی. و المقصود من ذلک کله استبعاد هذا القول لا أن الوجوه المذکورة تنهض فی مقابل الأصول و العمومات إذ لیس فیها تأسیس قواعد جدیدة لتخالف القواعد المتداولة بین الفقهاء أما حکایة تبعیة العقود و ما قام مقامها للقصود ففیها أولا أن المعاطاة لیست عند القائل بالإباحة المجردة من العقود و لا من القائم مقامها شرعا فإن تبعیة العقود للقصود- و عدم انفکاکها عنها إنما هو لأجل دلیل صحة ذلک العقد بمعنی ترتب الأثر المقصود علیه فلا یعقل حینئذ الحکم بالصحة مع عدم ترتب الأثر المقصود علیه أما المعاملات الفعلیة التی لم یدل علی صحتها دلیل فلا یحکم بترتب الأثر المقصود علیها کما نبه علیه الشهید فی کلامه المتقدم من أن السبب الفعلی لا یقوم مقام السبب القولی فی المبایعات نعم إذا دل الدلیل علی ترتب أثر علیه حکم به و إن لم یکن مقصودا. و ثانیا أن تخلف العقد عن مقصود المتبایعین کثیر فإنهم أطبقوا علی أن عقد المعاوضة إذا کان فاسدا یؤثر فی ضمان کل من العوضین القیمة لإفادة العقد الفاسد الضمان عندهم فیما یقتضیه صحیحة مع أنهما لم یقصدا إلا ضمان کل منهما بالآخر و توهم أن دلیلهم علی ذلک قاعدة الید مدفوع بأنه لم یذکر هذا الوجه إلا بعضهم معطوفا علی الوجه الأول و هو إقدامهما علی الضمان فلاحظ المسالک و کذا الشرط الفاسد لم یقصد المعاملة إلا مقرونة به غیر مفسد عند أکثر القدماء و بیع ما یملک و ما لا یملک صحیح عند الکل و بیع الغاصب لنفسه یقع للمالک- مع إجازته علی قول کثیر و ترک ذکر الأجل فی العقد المقصود به الانقطاع یجعله دائما علی قول نسبه فی المسالک و کشف اللثام إلی المشهور. نعم الفرق بین العقود و ما نحن فیه أن التخلف عن المقصود یحتاج إلی الدلیل المخرج عن أدلة صحة العقود و فیما نحن فیه عدم الترتب مطابق للأصل. و أما ما ذکره من لزوم کون إرادة التصرف مملکا فلا بأس بالتزامه إذا کان مقتضی الجمع بین الأصل و دلیل جواز تصرف المطلق و أدلة توقف بعض التصرفات علی الملک فیکون کتصرف ذی الخیار- و الواهب فیما انتقل عنهما بالوطء و البیع و العتق و شبههما

. و أما ما ذکره من تعلق الأخماس و الزکوات- إلی آخر ما ذکره فهو استبعاد محض و دفعه بمخالفته للسیرة رجوع إلیها مع أن تعلق الاستطاعة الموجبة للحج و تحقق الغنی المانع عن استحقاق الزکاة لا یتوقفان علی الملک. و أما کون التصرف مملکا للجانب الآخر فقد ظهر جوابه. و أما کون التلف مملکا للجانبین فإن ثبت بإجماع أو سیرة کما هو الظاهر کان کل من المالین مضمونا بعوضه فیکون تلفه فی ید کل منهما من ماله مضمونا بعوضه نظیر تلف المبیع قبل قبضه فی ید البائع لأن هذا هو مقتضی الجمع بین هذا الإجماع و بین عموم علی الید ما أخذت و بین أصالة عدم الملک إلا فی الزمان المتیقن وقوعه فیه توضیحه أن الإجماع لما دل علی عدم ضمانه بمثله أو قیمته حکم بکون التلف من مال ذی الید رعایة لعموم علی الید ما أخذت فذلک الإجماع مع العموم المذکور بمنزلة الروایة فی أن تلف المبیع قبل قبضه من مال بائعه فإذا قدر التلف من مال ذی الید فلا بد من أن یقدر فی آخر أزمنة إمکان تقدیره رعایة لأصالة عدم حدوث الملکیة قبله کما تقدر ملکیة المبیع للبائع و فسخ البیع من حین التلف استصحابا لأثر العقد. و أما ما ذکر من صورة غصب المأخوذ بالمعاطاة فالظاهر علی القول بالإباحة أن لکل منهما المطالبة ما دام باقیا- و إذا تلف فظاهر إطلاقهم التملک بالتلف تلفه من مال المغصوب منه نعم لو قام إجماع کان تلفه من مال المالک لو لم یتلف عوضه قبله. و أما ما ذکره من حکم النماء فظاهر المحکی عن بعض أن القائل بالإباحة لا یقول بانتقال النماء إلی الآخذ بل حکمه حکم أصله و یحتمل أن یحدث النماء فی ملکه بمجرد الإباحة ثم إنک بملاحظة ما ذکرنا تقدر علی التخلص من سائر ما ذکره مع أنه رحمه الله لم یذکرها للاعتماد و الإنصاف أنها استبعادات فی محلها. و بالجملة فالخروج عن أصالة عدم الملک- المعتضدة بالشهرة المحققة إلی زمان المحقق الثانی و بالاتفاق المدعی فی الغنیة و القواعد هنا و فی المسالک فی مسألة توقف الهبة علی الإیجاب و القبول

المکاسب، ج 2، ص 85

مشکل و رفع الید عن عموم أدلة البیع و الهبة و نحوهما المعتضد بالسیرة القطعیة المستمرة و بدعوی الاتفاق المتقدم عن المحقق الثانی بناء علی تأویله لکلمات القائلین بالإباحة أشکل. فالقول الثانی لا یخلو عن قوة و علیه فهل هی لازمة ابتداء مطلقا- کما حکی عن ظاهر المفید أو بشرط کون الدال علی التراضی لفظا کما حکی عن بعض معاصری الشهید الثانی و قواه جماعة من متأخری المحدثین أو هی غیر لازمة مطلقا فیجوز لکل منهما الرجوع فی ماله کما علیه أکثر القائلین بالملک بل کلهم عدا من عرفت وجوه أوفقها بالقواعد هو الأول بناء علی أصالة اللزوم فی الملک- و للشک فی زواله بمجرد رجوع مالکه الأصلی. و دعوی أن الثابت هو الملک المشترک بین المتزلزل و المستقر و المفروض انتفاء الفرد الأول بعد الرجوع و الفرد الثانی کان مشکوک الحدوث من أول الأمر فلا ینفع الاستصحاب بل ربما یزاد استصحاب بقاء علقة المالک الأول مدفوعة مضافا إلی إمکان دعوی کفایة تحقق القدر المشترک فی الاستصحاب- فتأمل بأن انقسام الملک إلی المتزلزل و المستقر لیس باعتبار اختلاف فی حقیقته و إنما هو باعتبار حکم الشارع علیه فی بعض المقامات بالزوال برجوع المالک الأصلی و منشأ هذا الاختلاف اختلاف حقیقة السبب المملک لا اختلاف حقیقة الملک. فجواز الرجوع و عدمه من الأحکام الشرعیة للسبب لا من الخصوصیات المأخوذة فی المسبب و یدل علیه مع أنه یکفی فی الاستصحاب الشک فی أن اللزوم من خصوصیات الملک- أو من لوازم السبب المملک و مع أن المحسوس بالوجدان أن إنشاء الملک فی الهبة اللازمة و غیرها علی نهج واحد أن اللزوم و الجواز لو کانا من خصوصیات الملک- فإما أن یکون تخصیص القدر المشترک بإحدی الخصوصیتین بجعل المالک أو بحکم الشارع فإن کان الأول کان اللازم التفصیل بین أقسام التملیک المختلفة بحسب قصد الرجوع و قصد عدمه أو عدم قصده و هو بدیهی البطلان إذ لا تأثیر لقصد المالک فی الرجوع و عدمه و إن کان الثانی لزم إمضاء الشارع العقد علی غیر ما قصده المنشئ و هو باطل فی العقود لما تقدم من أن العقود المصححة عند الشارع تتبع القصود و إن أمکن القول بالتخلف هنا فی مسألة المعاطاة بناء علی ما ذکرنا سابقا انتصارا للقائل بعدم الملک من منع وجوب إمضاء المعاملات الفعلیة علی طبق قصود المتعاطیین لکن الکلام فی قاعدة اللزوم فی الملک تشمل العقود أیضا و بالجملة فلا إشکال فی أصالة اللزوم فی کل عقد شک فی لزومه شرعا- و کذا لو شک فی أن الواقع فی الخارج هو العقد اللازم- أو الجائز کالصلح من دون عوض و الهبة. نعم لو تداعیا احتمل التحالف فی الجملة و یدل علی اللزوم مضافا إلی ما ذکر عموم قوله ص: الناس مسلطون علی أموالهم فإن مقتضی السلطنة أن لا یخرج عن ملکیته بغیر اختیاره- فجواز تملکه عنه بالرجوع فیه من دون رضاه مناف للسلطنة المطلقة. فاندفع ما ربما یتوهم أن من غایة مدلول الروایة سلطنة الشخص علی ملکه و لا نسلم ملکیته له بعد رجوع المالک الأصلی و بما ذکرنا تمسک المحقق رحمه الله فی الشرائع علی لزوم القرض بعد القبض بأن فائدة الملک السلطنة و نحوه العلامة فی موضع آخر و منه یظهر جواز التمسک بقوله ع: لا یحل مال أمرا إلا عن طیب نفسه حیث دل علی انحصار سبب حل مال الغیر أو جزء سببه فی رضا المالک فلا یحل بغیر رضاه. و توهم تعلق الحل بمال الغیر و کونه مال الغیر بعد الرجوع أول الکلام مدفوع بما تقدم من أن تعلق الحل بالمال یفید العموم بحیث یشمل التملک أیضا فلا یحل التصرف فیه و لا تملکه إلا بطیب نفس المالک و یمکن الاستدلال أیضا بقوله تعالی لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ- إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ و لا ریب أن الرجوع لیس تجارة و لا عن تراض فلا یجوز أکل المال. و التوهم المتقدم فی السابق غیر جار هنا لأن حصر مجوز أکل المال فی التجارة إنما یراد به أکله علی أن یکون ملکا للأکل لا لغیره و یمکن التمسک أیضا بالجملة المستثنی منها حیث إن أکل المال و نقله عن مالکه بغیر رضا المالک أکل و تصرف بالباطل عرفا. نعم بعد إذن المالک الحقیقی و هو الشارع و حکمه التسلط علی فسخ المعاملة من دون رضا المالک یخرج عن البطلان- و لذا کان أکل المارة من الثمرة الممرور بها أکلا بالباطل لو لا إذن المالک الحقیقی و کذا الأخذ بالشفعة و الفسخ بالخیار و غیر ذلک من النواقل القهریة هذا کله مضافا إلی ما دل علی لزوم

خصوص البیع مثل قوله ع: البیعان بالخیار ما لم یفترقا. و قد یستدل أیضا بعموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بناء علی أن العقد هو مطلق العهد کما فی صحیحة عبد الله بن سنان أو العهد المشدد کما عن بعض أهل اللغة و کیف کان فلا یختص باللفظ فیشمل المعاطاة و کذلک قوله ص: المؤمنون عند شروطهم فإن الشرط لغة مطلق الالتزام فیشمل ما کان بغیر اللفظ. و الحاصل أن الحکم باللزوم فی مطلق الملک و فی خصوص البیع مما لا ینکر إلا أن الظاهر فیما نحن فیه قیام الإجماع علی عدم لزوم المعاطاة بل ادعاه صریحا بعض الأساطین فی شرحه علی القواعد و تعضده الشهرة المحققة بل لم یوجد به قائل إلی زمان بعض متأخری المتأخرین فإن العبارة المحکیة عن المفید رحمه الله فی المقنعة لا تدل علی هذا القول کما عن الخلاف الاعتراف به فإن المحکی عنه أنه قال ینعقد البیع علی تراض بین الاثنین فیما یملکان التبایع له إذا عرفاه جمیعا و تراضیا بالبیع و تقابضا أیضا و افترقا بالأبدان انتهی.

و یقوی إرادة بیان شروط صحة العقد الواقع بین اثنین و تأثیره فی اللزوم و کأنه لذلک حکی کاشف الرموز عن المفید و الشیخ رحمهما الله أنه لا بد فی البیع عندهما من لفظ مخصوص. و قد تقدم دعوی الإجماع من الغنیة علی عدم کونها بیعا و هو نص فی عدم اللزوم و لا یقدح کونه ظاهرا فی عدم الملکیة الذی لا نقول به. و عن جامع المقاصد یعتبر اللفظ فی العقود اللازمة بالإجماع نعم قول العلامة رحمه الله فی التذکرة إن الأشهر عندنا أنه لا بد من الصیغة یدل علی وجود الخلاف المعتد به فی المسألة و لو کان المخالف شاذا لعبر بالمشهور و کذلک نسبته فی المختلف إلی الأکثر. و فی التحریر الأقوی أن المعاطاة غیر لازمة ثم لو فرضنا الاتفاق من العلماء علی

المکاسب، ج 2، ص 86

عدم لزومها مع ذهاب کثیرهم أو أکثرهم إلی أنها لیست مملکة و إنما تفید الإباحة لم یکن هذا الاتفاق کاشفا إذ القول باللزوم فرع الملکیة و لم یقل بها إلا بعض من تأخر عن المحقق الثانی تبعا له و هذا مما یوهن حصول القطع بل الظن من الاتفاق المذکور لأن قول الأکثر بعدم اللزوم سالبة بانتفاء الموضوع.

نعم یمکن أن یقال بعد ثبوت الاتفاق المذکور إن أصحابنا بین قائل بالملک الجائز و بین قائل بعدم الملک رأسا فالقول بالملک اللازم قول ثالث فتأمل و کیف کان فتحصیل الإجماع علی وجه استکشاف قول الإمام ع من قول غیره من العلماء کما هو طریق المتأخرین مشکل لما ذکرنا و إن کان هذا لا یقدح فی الإجماع علی طریق القدماء کما تبین فی الأصول. و بالجملة فما ذکره فی المسالک من قوله بعد ذکر قول من اعتبر مطلق اللفظ فی اللزوم- ما أحسنه و ما أمتن دلیله إن لم ینعقد إجماع علی خلافه فی غایة الحسن و المتانة و الإجماع و إن لم یکن محققا علی وجه یوجب القطع إلا أن المظنون قویا تحققه علی عدم اللزوم مع عدم لفظ دال علی إنشاء التملیک سواء لم یوجد لفظ أصلا أم وجد و لکن لم ینشأ التملیک به بل کان من جملة القرائن علی قصد التملیک بالتقابض و قد یظهر ذلک من غیر واحد من الأخبار بل یظهر منها أن إیجاب البیع باللفظ دون مجرد التعاطی کان متعارفا بین أهل السوق و التجار بل یمکن دعوی السیرة علی عدم الاکتفاء فی البیوع الخطیرة- التی یراد بها عدم الرجوع بمجرد التراضی. نعم ربما یکتفون بالمصافقة فیقول البائع بارک الله لک أو ما أدی هذا المعنی بالفارسیة نعم یکتفون بالتعاطی فی المحقرات و لا یلتزمون بعدم جواز الرجوع فیها بل ینکرون علی الممتنع عن الرجوع مع بقاء العینین نعم الاکتفاء فی اللزوم بمطلق الإنشاء القولی غیر بعید للسیرة و لغیر واحد من الأخبار کما سیجی ء إن شاء الله تعالی فی شروط الصیغة

بقی الکلام فی الخبر الذی یتمسک به فی باب المعاطاة

بقی الکلام فی الخبر الذی یتمسک به فی باب المعاطاة

تارة علی عدم إفادة المعاطاة إباحة التصرف و أخری علی عدم إفادتها اللزوم جمعا بینه و بین ما دل علی صحة مطلق البیع کما صنعه فی الریاض و هو قوله ع:

إنما یحلل الکلام و یحرم الکلام و توضیح المراد منه یتوقف علی بیان تمام الخبر و هو ما رواه ثقة الإسلام الکلینی فی باب بیع ما لیس عنده و الشیخ فی باب النقد و النسیئة عن ابن أبی عمیر عن یحیی بن الحجاج عن خالد بن الحجاج أو ابن نجیح قال: قلت لأبی عبد الله ع الرجل یجیئنی و یقول اشتر هذا الثوب و أربحک کذا و کذا فقال أ لیس إن شاء أخذ و إن شاء ترک قلت بلی قال لا بأس إنما یحلل الکلام و یحرم الکلام إلی آخر الخبر. و قد ورد بمضمون هذا الخبر روایات أخری مجردة عن قوله ع إنما یحلل إلی آخر کلامه کلها تدل علی أنه لا بأس بهذه المواعدة و المقاولة ما لم یوجب بیع المتاع قبل أن یشتریه من صاحبه و نقول إن هذه الفقرة مع قطع النظر عن صدر الروایة تحتمل وجوها الأول أن یراد من الکلام فی المقامین اللفظ الدال علی التحریم و التحلیل بمعنی أن تحریم شی ء و تحلیله لا یکون إلا بالنطق بهما فلا یتحقق بالقصد المجرد عن الکلام و لا بالقصد المدلول علیه بالأفعال دون الأقوال. الثانی أن یراد بالکلام اللفظ مع مضمونه کما فی قولک هذا الکلام صحیح أو فاسد لا مجرد اللفظ أعنی الصوت و یکون المراد أن المطلب الواحد یختلف حکمه الشرعی حلا و حرمة باختلاف المضامین المؤداة بالکلام مثلا المقصود الواحد و هو التسلیط علی البضع مدة معینة یتأتی بقولها ملکتک بضعی أو سلطتک علیه أو آجرتک نفسی أو أحللتها لک و بقولها متعت نفسی بکذا فما عدا الأخیر موجب لتحریمه و الأخیر محلل و علی هذا المعنی ورد قوله ع: إنما یحرم الکلام فی عدة من روایات المزارعة منها ما فی التهذیب عن ابن محبوب عن خالد بن جریر عن أبی الربیع الشامی عن أبی عبد الله ع: عن الرجل یزرع أرض رجل آخر فیشترط ثلاثة للبذر و ثلاثة للبقر قال لا ینبغی أن یسمی بذرا و لا بقرا و لکن یقول لصاحب الأرض ازرع فی أرضک و لک منها کذا و کذا نصف أو ثلث أو ما کان من شرط و لا یسمی بذرا و لا بقرا فإنما یحرم الکلام. الثالث أن یراد بالکلام فی الفقرتین الکلام الواحد و یکون تحریمه و تحلیله باعتبار وجوده و عدمه فیکون وجوده محللا و عدمه محرما أو بالعکس أو باعتبار محله و غیر محله فیحل فی محله و یحرم فی غیره و یحتمل هذا الوجه الروایات الواردة فی المزارعة. الرابع أن یراد من الکلام المحلل خصوص المقاولة و المواعدة- و من الکلام المحرم إیجاب البیع و إیقاعه ثم إن الظاهر عدم إرادة المعنی الأول لأنه مع لزوم تخصیص الأکثر حیث إن ظاهره حصر أسباب التحلیل و التحریم فی الشریعة فی اللفظ یوجب عدم ارتباط له فی الحکم المذکور فی الخبر. جوابا عن السؤال مع کونه کالتعلیل له لأن ظاهر الحکم کما یستفاد من عدة روایات أخر تخصیص الجواز بما إذا لم یوجب البیع علی الرجل قبل شراء المتاع من مالکه و لا دخل لاشتراط النطق فی التحلیل و التحریم فی هذا الحکم أصلا فکیف یعلل به و کذا المعنی الثانی إذ لیس هنا مطلب واحد حتی یکون تأدیته بمضمون محللا و بآخر محرما فتعین الثالث و هو أن الکلام الدال علی الالتزام بالبیع لا یحرم هذه المعاملة إلا وجوده قبل شراء العین التی یریدها الرجل لأنه بیع ما لیس عنده و لا یحلل إلا عدمه إذ مع عدم الکلام الموجب لالتزام البیع لم یحصل إلا التواعد بالمبایعة و هو غیر مؤثر. فحاصل الروایة أن سبب التحلیل و التحریم فی هذه المعاملة منحصر فی الکلام عدما و وجودا و المعنی الرابع و هو أن المقاولة و المراضاة مع المشتری الثانی قبل اشتراء العین محلل للمعاملة و إیجاب البیع معه محرم لها و علی کلا المعنیین یسقط الخبر عن الدلالة علی اعتبار الکلام فی التحلیل کما هو المقصود فی مسألة المعاطاة. نعم یمکن استظهار اعتبار الکلام فی إیجاب البیع بوجه آخر بعد ما عرفت من أن المراد بالکلام هو إیجاب البیع بأن یقال إن حصر المحلل و المحرم فی الکلام لا یتأتی إلا مع انحصار إیجاب البیع فی الکلام إذ لو وقع بغیر الکلام لم ینحصر المحلل و المحرم فی الکلام إلا أن یقال إن وجه انحصار إیجاب البیع فی الکلام فی مورد الروایة هو عدم إمکان المعاطاة فی خصوص المورد إذ المفروض أن المبیع عند مالکه الأول فتأمل. و کیف کان فلا تخلو الروایة عن إشعار أو ظهور کما یشعر به قوله ع فی

روایة أخری- واردة فی هذا الحکم أیضا و هی روایة یحیی بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله ع

المکاسب، ج 2، ص 87

عن رجل قال لی اشتر هذا الثوب أو هذه الدابة و بعنیها أربحک فیها کذا و کذا قال لا بأس بذلک اشترها و لا تواجبه البیع قبل أن تستوجبها أو تشتریها فإن الظاهر أن المراد من مواجبة البیع لیس مجرد إعطاء العین للمشتری و یشعر به أیضا روایة العلاء الواردة فی نسبة الربح إلی أصل المال قال: قلت لأبی عبد الله ع الرجل یرید أن یبیع بیعا فیقول أبیعک به ده دوازده أو ده یازده فقال لا بأس إنما هذه المراوضة فإذا جمع البیع جعله جملة واحدة فإن ظاهره علی ما فهمه بعض الشراح أنه لا یکره ذلک فی المقاولة التی قبل العقد و إنما یکره حین العقد و فی صحیحة ابن سنان: لا بأس بأن تبیع الرجل المتاع لیس عندک تساومه ثم تشتری له نحو الذی طلب ثم توجبه علی نفسک ثم تبیعه منه بعده

و ینبغی التنبیه علی أمور
الأول الظاهر أن المعاطاة قبل اللزوم علی القول بإفادتها الملک بیع

- بل الظاهر من کلام المحقق الثانی فی جامع المقاصد أنه مما لا کلام فیه حتی عند القائلین بکونها فاسدة کالعلامة فی النهایة و دل علی ذلک تمسکهم له بقوله تعالی وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ و أما علی القول بإفادتها الإباحة فالظاهر أنها بیع عرفی لم تؤثر شرعا إلا الإباحة فنفی البیع عنها فی کلامهم و معاقد إجماعاتهم هو نفی البیع المفید شرعا للزوم زیادة علی الملک هذا علی ما اخترناه سابقا من أن مقصود المتعاطیین فی المعاطاة التملیک و البیع و أما علی ما احتمله بعضهم بل استظهره من أن محل الکلام هو ما إذا قصدا مجرد الإباحة فلا إشکال فی عدم کونها بیعا عرفا و لا شرعا و علی هذا فلا بد عند الشک فی اعتبار شرط فیها من الرجوع إلی الأدلة الدالة علی صحة هذه الإباحة العوضیة من خصوص أو عموم و حیث إن المناسب لهذا القول التمسک فی مشروعیته بعموم: إن الناس مسلطون علی أموالهم کان مقتضی القاعدة هو نفی شرطیة غیر ما ثبتت شرطیته کما أنه لو تمسک لها بالسیرة کان مقتضی القاعدة العکس. و الحاصل أن المرجع علی هذا عند الشک فی شروطها هی أدلة هذه المعاملة سواء اعتبرت فی البیع أم لا و أما علی المختار من أن الکلام فیما إذا قصد به البیع فهل یشترط فیه شروط البیع مطلقا أم لا کذلک أم تبنی علی القول بإفادتها الملک و القول بعدم إفادتها إلا الإباحة وجوه یشهد للأول کونها بیعا عرفا فیشترط فیها جمیع ما دل علی اشتراطه فی البیع و یؤیده أن محل النزاع بین العامة و الخاصة فی المعاطاة هو أن الصیغة معتبرة فی البیع کسائر الشروط أم لا کما یفصح عنه عنوان المسألة فی کتب کثیر من العامة و الخاصة فما انتفی فیه غیر الصیغة من شروط البیع خارج عن هذا العنوان و إن فرض مشارکا له فی الحکم و لذا ادعی فی الحدائق أن المشهور بین القائلین بعدم لزوم المعاطاة صحة المعاطاة المذکورة إذا استکمل فیها شروط البیع غیر الصیغة المخصوصة و أنها تفید إباحة تصرف کل منهما فیما صار إلیه من العوض و مقابل المشهور فی کلامه قول العلامة رحمه الله فی النهایة بفساد المعاطاة کما صرح به بعد ذلک فلا یکون کلامه موهما لثبوت الخلاف فی اشتراط صحة المعاطاة باستجماع شروط البیع. و یشهد للثانی أن البیع فی النص و الفتوی ظاهر فیما حکم به باللزوم و ثبت له الخیار فی قولهم:

البیعان بالخیار ما لم یفترقا و نحوه أما علی القول بالإباحة فواضح لأن المعاطاة لیست علی هذا القول بیعا فی نظر الشارع و المتشرعة إذ لا نقل فیه عند الشارع فإذا ثبت إطلاق الشارع علیه فی مقام فنحمله علی الجری علی ما هو بیع باعتقاد العرف لاشتماله علی النقل فی نظرهم. و قد تقدم سابقا فی تصحیح دعوی الإجماع علی عدم کون المعاطاة بیعا بیان ذلک و أما علی القول بالملک فلأن المطلق ینصرف إلی الفرد المحکوم باللزوم فی قولهم البیعان بالخیار و قولهم إن الأصل فی البیع اللزوم و الخیار إنما ثبت لدلیل و إن البیع بقول مطلق من العقود اللازمة و قولهم البیع هو العقد الدال علی کذا و نحو ذلک. و بالجملة فلا یبقی للمتأمل شک فی أن إطلاق البیع فی النص و الفتوی یراد به ما لا یجوز فسخه إلا بفسخ عقده بخیار أو بتقایل و وجه الثالث ما تقدم للثانی علی القول بالإباحة من سلب البیع عنه و للأول علی القول بالملک من صدق البیع علیه حینئذ و إن لم یکن لازما و یمکن الفرق بین الشرط الذی ثبت اعتباره فی البیع من النص فیحمل علی العرفی و إن لم یفد عند الشارع إلا الإباحة و بین ما ثبت بالإجماع علی اعتباره فی البیع بناء علی انصراف البیع فی کلمات المجمعین إلی العقد اللازم. و الاحتمال الأول لا یخلو عن قوة لکونها بیعا ظاهرا علی القول بالملک کما عرفت من جامع المقاصد و أما علی القول بالإباحة فلأنها لم تثبت إلا فی المعاملة الفاقدة للصیغة فقط فلا یشمل الفاقدة للشرط الآخر أیضا ثم إنه حکی عن الشهید رحمه الله فی حواشیه علی القواعد أنه بعد ما منع من إخراج المأخوذ بالمعاطاة فی الخمس و الزکاة و ثمن الهدی إلا بعد تلف العین یعنی العین الأخری ذکر أنه یجوز أن یکون الثمن و المثمن فی المعاطاة مجهولین لأنها لیست عقدا و کذا جهالة الأجل و أنه لو اشتریت أمة بالمعاطاة لم یجز له نکاحها قبل تلف الثمن انتهی و حکی عنه فی باب الصرف أیضا أنه لا یعتبر التقابض فی المجلس فی معاطاة النقدین. أقول حکمه قدس سره بعدم جواز إخراج المأخوذ بالمعاطاة فی الصدقات الواجبة و عدم جواز نکاح المأخوذ بها صریح فی عدم إفادتها للملک إلا أن حکمه رحمه الله بعدم اعتبار الشروط المذکورة للبیع و الصرف معللا بأن المعاطاة لیست عقدا یحتمل أن یکون باعتبار عدم الملک حیث إن المفید للملک منحصر فی العقد و أن یکون باعتبار عدم اللزوم حیث إن الشروط المذکورة شرائط للبیع العقدی اللازم و الأقوی اعتبارها و إن قلنا بالإباحة- لأنها بیع عرفی و إن لم یفد شرعا إلا الإباحة. و مورد الأدلة الدالة علی اعتبار تلک الشروط هو البیع العرفی لا خصوص العقدی بل تقییدها بالبیع العقدی تقیید بغیر الغالب و لما عرفت من أن الأصل فی المعاطاة بعد القول بعدم الملک الفساد و عدم تأثیره شیئا خرج ما هو محل الخلاف بین العلماء من حیث اللزوم و العدم و هو المعاملة الجامعة للشروط عدا الصیغة و بقی الباقی و بما ذکرنا یظهر وجه تحریم الربا فیه أیضا و إن خصصنا الحکم بالبیع بل الظاهر التحریم حتی عند من لا یراها مفیدة للملک لأنها معاوضة عرفیة و إن لم تفد الملک بل معاوضة شرعیة- کما اعترف بها الشهید رحمه الله فی موضع من الحواشی حیث قال إن المعاطاة معاوضة مستقلة جائزة أو لازمة انتهی و لو قلنا إن المقصود للمتعاطیین الإباحة لا الملک فلا یبعد أیضا جریان

المکاسب، ج 2، ص 88

الربا لکونها معاوضة عرفا فتأمل و أما حکم جریان الخیار فیها قبل اللزوم فیمکن نفیه علی المشهور لأنها جائزة عندهم فلا معنی للخیار و إن قلنا بإفادة الملک فیمکن القول بثبوت الخیار فیه مطلقا بناء علی صیرورتها بیعا بعد اللزوم کما سیأتی عند تعرض الملزمات فالخیار موجود من زمن المعاطاة إلا أن أثره یظهر بعد اللزوم و علی هذا فیصح إسقاطه و المصالحة علیه قبل اللزوم و یحتمل أن یفصل بین الخیارات المختصة بالبیع فلا تجری لاختصاص أدلتها بما وضع علی اللزوم من غیر جهة الخیار و بین غیرها کخیار الغبن و العیب بالنسبة إلی الرد دون الأرش فتجری لعموم أدلتها و أما حکم الخیار بعدم اللزوم فسیأتی بعد ذکر الملزمات.

الأمر الثانی أن المتیقن من مورد المعاطاة هو حصول التعاطی فعلا من الطرفین

فالملک أو الإباحة فی کل منهما بالإعطاء فلو حصل الإعطاء من جانب واحد و لم یحصل ما یوجب إباحة الآخر أو ملکیته فلا یتحقق المعاوضة و لا الإباحة رأسا لأن کلا منهما ملک أو مباح فی مقابل ملکیة الآخر أو الإباحة إلا أن الظاهر من جماعة من متأخری المتأخرین تبعا للشهید فی الدروس جعله من المعاطاة و لا ریب أنه لا یصدق معنی المعاطاة- لکن هذا لا یقدح فی جریان حکمها علیه بناء علی عموم الحکم لکل بیع فعلی فیکون إقباض أحد العوضین من مالکه تملیکا له بعوض أو مبیحا له به و أخذ الآخر له تملکا له بالعوض أو إباحة له بإزائه فلو کان المعطی هو الثمن کان دفعه علی القول بالملک و البیع اشتراء و أخذه بیعا للمثمن به فیحصل الإیجاب و القبول الفعلیان بفعل واحد [فی زمان واحد ثم صحة هذا علی القول بکون المعاطاة بیعا مملکا واضحة إذ یدل علیها ما دل علی صحة المعاطاة من الطرفین. و أما علی القول بالإباحة فیشکل بأنه بعد عدم حصول الملک بها لا دلیل علی تأثیرها فی الإباحة اللهم إلا أن یدعی قیام السیرة علیها کقیامها علی المعاطاة الحقیقی و ربما یدعی انعقاد المعاطاة بمجرد إیصال الثمن و أخذ المثمن- من غیر صدق إعطاء أصلا فضلا عن التعاطی کما تعارف أخذ الماء مع غیبة السقاء و وضع الفلس فی المکان المعد له إذا علم من حال السقاء الرضا بذلک و کذا غیر الماء من المحقرات کالخضراوات و نحوها و من هذا القبیل الدخول فی الحمام و وضع الأجرة فی کوز صاحب الحمام مع غیبته فالمعیار فی المعاطاة وصول العوضین أو أحدهما مع الرضا فی التصرف و یظهر ذلک من المحقق الأردبیلی رحمه الله أیضا فی مسألة المعاطاة و سیأتی توضیح ذلک فی مقامه إن شاء الله. ثم إنه لو قلنا إن اللفظ غیر المعتبر فی العقد کالفعل فی انعقاد المعاطاة أمکن خلو المعاطاة من الإعطاء و الإیصال رأسا فیتقاولان علی مبادلة شی ء بشی ء من غیر إیصال و لا یبعد صحته مع صدق البیع علیه بناء علی الملک و أما علی القول بالإباحة فالإشکال المتقدم هنا آکد.

الأمر الثالث تمییز البائع عن المشتری فی المعاطاة الفعلیة

مع کون أحد العوضین مما تعارف جعله ثمنا کالدراهم و الدنانیر و الفلوس المسکوکة واضح فإن صاحب الثمن هو المشتری ما لم یصرح بالخلاف و أما مع کون العوضین من غیرها فالثمن ما قصدا قیامه مقام المثمن فی العوضیة فإذا أعطی الحنطة فی مقام اللحم قاصدا أن هذا المقدار من الحنطة یساوی درهما هو ثمن اللحم فیصدق عرفا أنه اشتری اللحم بالحنطة و إذا انعکس انعکس الصدق فیکون المدفوع بنیة البدلیة عن الدراهم و الدنانیر هو الثمن و صاحبه هو المشتری و لو لم یلاحظ إلا کون أحدهما بدلا عن الآخر من دون نیة قیام أحدهما مقام المثمن فی العوضیة أو لوحظت القیمة فی کلیهما بأن لوحظ کون المقدار من اللحم بدرهم و ذلک المقدار من الحنطة بدرهم فتعاطیا من غیر سبق مقاولة تدل علی کون أحدهما بالخصوص بائعا ففی کونه بیعا و شراء بالنسبة إلی کل منهما بناء علی أن البیع لغة کما عرفت مبادلة مال بمال و الشراء ترک شی ء و أخذ غیره کما عن بعض أهل اللغة فیصدق علی صاحب اللحم أنه باعه بحنطة و أنه اشتری الحنطة فیحنث لو حلف علی عدم بیع اللحم و عدم شراء الحنطة. نعم لا یترتب علیهما أحکام البائع و لا المشتری لانصرافهما فی أدلة تلک إلی من اختص بصفة البیع أو الشراء فلا تعم من کان فی معاملة واحدة مصداقا لهما باعتبارین أو کونه بیعا بالنسبة إلی من یعطی أولا لصدق الموجب علیه و شراء بالنسبة إلی الآخذ لکونه قابلا عرفا أو کونه معاطاة مصالحة لأنها بمعنی التسالم علی شی ء و لذا حملوا الروایة الواردة فی قول أحد الشریکین لصاحبه لک ما عندک و لی ما عندی علی الصلح أو کونه معاوضة مستقلة لا یدخل تحت العناوین المتعارفة وجوه لا یخلو ثانیها عن قوة لصدق تعریف البائع لغة و عرفا علی الدافع أولا دون الآخر و صدق المشتری علی الآخذ أولا دون الآخر فتدبر.

الرابع أن أصل المعاطاة و هو إعطاء کل منهما الآخر ماله

یتصور بحسب قصد المتعاطیین علی وجوه أحدها أن یقصد کل منهما تملیک ماله بمال الآخر- و الآخر فی أخذه قابلا و متملکا بإزاء ما یدفعه فلا یکون فی دفعه العوض إنشاء تملیک بل دفع لما التزمه علی نفسه بإزاء ما تملکه فیکون الإیجاب و القبول بدفع العین الأولی و قبضها فدفع العین الثانیة خارج عن حقیقة المعاطاة فلو مات الآخذ قبل دفع ماله مات بعد تمام المعاطاة و بهذا الوجه صححنا سابقا عدم توقف المعاطاة علی قبض کلا العوضین فیکون إطلاق المعاطاة علیه من حیث حصول المعاملة فیه بالعطاء دون القول لا من حیث کونها متقومة بالعطاء من الطرفین و مثله فی هذا الإطلاق لفظ المصالحة و المساقاة و المزارعة و المؤاجرة و غیرها و بهذا الإطلاق یستعمل المعاطاة فی الرهن و القرض و الهبة و ربما یستعمل فی المعاملة الحاصلة بالفعل و لو لم یکن إعطاء و فی صحته تأمل ثانیها أن یقصد کل منهما تملیک الآخر ماله بإزاء تملیک ماله إیاه فیکون تملیک بإزاء تملیک فالمقابلة بین التملکین لا الملکین و المعاملة متقومة بالعطاء من الطرفین فلو مات الثانی قبل الدفع لم یتحقق المعاطاة و هذا بعید عن معنی البیع و قریب إلی الهبة المعوضة لکون کل من المالین خالیا عن العوض لکن إجراء حکم الهبة المعوضة علیه مشکل إذ لو لم یملکه الثانی هنا لم یتحقق التملیک من الأول لأنه إنما ملکه بإزاء تملیکه فما لم یتحقق تملیک من الثانی لم یتحقق تملکه إلا أن یکون تملیک الآخر له ملحوظا عند تملیک الأول علی نحو الداعی لا العوض فلا یقدح تخلفه فالأولی أن یقال إنها مصالحة و تسالم علی أمر معین أو

المکاسب، ج 2، ص 89

معاوضة مستقلة. ثالثها أن یقصد الأول إباحة ماله بعوض- فیقبل الآخر بأخذه إیاه فیکون الصادر من الأول الإباحة بالعوض و من الثانی بقبوله لها التملیک کما لو صرح بقوله أبحت لک کذا بدرهم. رابعها أن یقصد کل منهما الإباحة بإزاء إباحة أخری فیکون إباحة بإزاء إباحة أو إباحة بداعی إباحة علی ما تقدم نظیره فی الوجه الثانی من إمکان تصوره علی نحو الداعی و علی نحو العوضیة و کیف کان فالإشکال فی حکم القسمین الأخیرین علی فرض قصد المتعاطیین لهما و منشأ الإشکال أولا الإشکال فی صحة إباحة جمیع التصرفات حتی المتوقفة علی ملکیة المتصرف بأن یقول أبحت لک کل تصرف من دون أن یملکه العین و ثانیا الإشکال فی صحة الإباحة بالعوض الراجعة إلی عقد مرکب من إباحة و تملیک. فنقول أما إباحة جمیع التصرفات حتی المتوقفة علی الملک فالظاهر أنه لا یجوز- إذ التصرف الموقوف علی الملک لا یسوغ لغیر المالک بمجرد إذن المالک فإن إذن المالک لیس مشرعا و إنما یمضی فیما یجوز شرعا فإذا کان بیع الإنسان مال غیره لنفسه بأن یملک الثمن مع خروج المبیع عن ملک غیره غیر معقول کما صرح به العلامة فی القواعد فکیف یجوز للمالک أن یأذن فیه. نعم یصح ذلک بأحد الوجهین کلاهما فی المقام مفقود أحدهما أن یقصد المبیح بقوله أبحت لک أن تبیع مالی أن ینشئ توکیلا له لنفسک [إنشاء توکیل له فی بیع ماله له ثم نقل الثمن إلی نفسه بالهبة أو فی نقله أولا إلی نفسه ثم بیعه أو تملیکا له بنفس هذه الإباحة فیکون إنشاء تملیک له و یکون بیع المخاطب بمنزلة قبوله کما صرح فی التذکرة بأن قول الرجل لمالک العبد أعتق عبدک عنی بکذا استدعاء لتملیکه و إعتاق المولی عنه جواب لذلک الاستدعاء فیحصل النقل و الانتقال بهذا الاستدعاء و الجواب و یقدر وقوعه قبل العتق آنا ما فیکون هذا بیعا ضمنیا لا یحتاج إلی الشروط المقررة لعقد البیع و لا شک أن المقصود فیما نحن فیه لیس الإذن فی نقل المال إلی نفسه أولا و لا فی نقل الثمن إلیه ثانیا و لا قصد التملیک بالإباحة المذکورة و لا قصد المخاطب التملک عند البیع حتی یتحقق تملیک ضمنی مقصود للمتکلم و المخاطب کما کان مقصودا و لو إجمالا فی مسألة أعتق عبدک عنی و لذا عد العامة و الخاصة من الأصولیین دلالة هذا الکلام علی التملیک من دلالة الاقتضاء التی عرفوها بأنها دلالة مقصودة للمتکلم تتوقف صحة الکلام عقلا أو شرعا علیه فمثلوا للعقلی بقوله تعالی وَ سْئَلِ الْقَرْیَةَ و للشرعی بهذا المثال و من المعلوم بحکم الفرض أن المقصود فیما نحن فیه لیس إلا مجرد الإباحة. الثانی أن یدل دلیل شرعی- علی حصول الملکیة للمباح له بمجرد الإباحة- فیکون کاشفا عن ثبوت الملک له عند إرادة البیع آنا ما فیقع البیع فی ملکه أو یدل دلیل شرعی علی انتقال الثمن عن المبیح بلا فصل بعد البیع فیکون ذلک شبه دخول العمودین فی ملک الشخص آنا ما لا یقبل غیر العتق فإنه حینئذ یقال بالملک المقدر آنا ما للجمع بین الأدلة و هذا الوجه مفقود فیما نحن فیه إذ المفروض أنه لم یدل دلیل بالخصوص علی صحة هذه الإباحة العامة و إثبات صحته بعموم مثل الناس مسلطون علی أموالهم یتوقف علی عدم مخالفة مؤداه لقواعد أخری مثل توقف انتقال الثمن إلی الشخص علی کون المثمن مالا له و توقف صحة العتق علی الملک و صحة الوطی علی التحلیل بصیغة خاصة لا بمجرد الإذن فی مطلق التصرف. و لأجل ما ذکرنا صرح المشهور بل قیل لم یوجد خلاف فی أنه لو دفع إلی غیره مالا و قال اشتر به لنفسک طعاما من غیر قصد الإذن فی اقتراض المال قبل الشراء أو اقتراض الطعام أو استیفاء الدین منه بعد الشراء لم یصح کما صرح به فی مواضع من القواعد و علله فی بعضها بأنه لا یعقل شراء شی ء لنفسه بمال الغیر و هو کذلک فإن مقتضی مفهوم المعاوضة و المبادلة دخول العوض فی ملک من خرج المعوض عن ملکه و إلا لم یکن عوضا و بدلا و لما ذکرنا حکم الشیخ و غیره بأن الهبة الخالیة عن الصیغة تفید إباحة التصرف لکن لا یجوز وطء الجاریة مع أن الإباحة المتحققة من الواهب یعم جمیع التصرفات. و عرفت أیضا أن الشهید فی الحواشی لم یجوز إخراج المأخوذ بالمعاطاة فی الخمس و الزکاة و ثمن الهدی و لا وطء الجاریة مع أن مقصود المتعاطیین الإباحة المطلقة و دعوی أن الملک التقدیری هنا أیضا لا یتوقف علی دلالة دلیل خاص بل تکفی الدلالة بمجرد الجمع بین عموم

الناس مسلطون علی أموالهم الدال علی جواز هذه الإباحة المطلقة و بین أدلة توقف مثل العتق و البیع علی الملک نظیر الجمع بین الأدلة فی الملک التقدیری مدفوعة بأن عموم الناس مسلطون علی أموالهم إنما یدل علی تسلط الناس علی أموالهم لا علی أحکامهم فمقتضاه إمضاء الشارع لإباحة المالک کل تصرف جائز شرعا فالإباحة و إن کانت مطلقة إلا أنه لا یباح بتلک الإباحة المطلقة إلا ما هو جائز بذاته فی الشریعة. و من المعلوم أن بیع الإنسان مال غیره لنفسه غیر جائز بمقتضی العقل و النقل الدالین علی لزوم دخول العوض فی ملک مالک المعوض فلا یشمله العموم فی الناس مسلطون علی أموالهم حتی یثبت التنافی بینه و بین الأدلة الدالة علی توقف البیع علی الملک فیجمع بینهما بالتزام الملک التقدیری آنا ما و بالجملة دلیل عدم جواز بیع ملک الغیر أو عتقه لنفسه حاکم علی عموم- الناس مسلطون علی أموالهم الدال علی إمضاء الإباحة المطلقة من المالک علی إطلاقها نظیر حکومة الدلیل علی عدم جواز عتق مال الغیر علی وجوب الوفاء بالنذر و العهد إذا نذر عتق عبد غیره له أو لنفسه فلا یتوهم الجمع بینهما بالملک القهری للناذر. نعم لو کان هناک تعارض و تزاحم من الطرفین بحیث أمکن تخصیص کل منهما لأجل الآخر أمکن الجمع بینهما بالقول بحصول الملک القهری آنا ما فتأمل. و أما حصول الملک فی الآن المتعقب بالبیع أو العتق فیما إذا باع الواهب عبده الموهوب أو أعتقه فلیس ملکا تقدیریا نظیر الملک التقدیری فی الدیة بالنسبة إلی المیت- أو شراء العبد المعتق علیه- بل هو ملک حقیقی حاصل قبل البیع من جهة کشف البیع عن الرجوع قبله فی الآن المتصل بناء علی الاکتفاء بمثل هذا فی الرجوع و لیس کذلک فیما نحن فیه. و بالجملة فما نحن فیه لا ینطبق علی التملیک الضمنی المذکور أولا فی أعتق عبدک عنی لتوقفه علی القصد و لا علی الملک المذکور ثانیا فی شراء من ینعتق علیه

المکاسب، ج 2، ص 90

لتوقفه علی التنافی بین دلیل التسلط و دلیل توقف العتق علی الملک و عدم حکومة الثانی علی الأول و لا علی التملیک الضمنی المذکور ثالثا فی بیع الواهب و ذی الخیار لعدم تحقق سبب الملک هنا سابقا بحیث یکشف البیع عنه فلم یبق إلا الحکم ببطلان الإذن فی بیع ماله لغیره- سواء صرح بذلک کما لو قال بع مالی لنفسک أو اشتر بمالی لنفسک أم أدخله فی عموم قوله أبحت لک کل تصرف فإذا باع المباح له علی هذا الوجه وقع البیع للمالک إما لازما بناء علی أن قصد البائع البیع لنفسه غیر مؤثر أو موقوفا علی الإجازة بناء علی أن المالک لم ینو تملک الثمن هذا و لکن الذی یظهر من جماعة- منهم قطب الدین و الشهید رحمهما الله فی باب بیع الغاصب أن تسلیط المشتری البائع الغاصب علی الثمن و الإذن فی إتلافه یوجب جواز شراء الغاصب به شیئا و أنه یملک الثمن بدفعه إلیه فلیس للمالک إجازة هذا الشراء و یظهر أیضا من محکی المختلف حیث استظهر من کلامه فیما لو اشتری جاریة بعین مغصوبة أن له وطء الجاریة مع علم البائع بغصبیة الثمن فراجع.

و مقتضی ذلک أن یکون تسلیط الشخص لغیره علی ماله و إن لم یکن علی وجه الملکیة یوجب جواز التصرفات المتوقفة علی الملک فتأمل و سیأتی توضیحه فی مسألة البیع الفضولی إن شاء الله. و أما الکلام فی صحة الإباحة بالعوض- سواء صححنا إباحة التصرفات المتوقفة علی الملک أم خصصنا الإباحة بغیرها فمحصله أن هذا النحو من الإباحة المعوضة لیست معاوضة مالیة لیدخل کل من العوضین فی ملک مالک العوض الآخر بل کلاهما ملک للمبیح إلا أن المباح له یستحق التصرف فیشکل الأمر فیه من جهة خروجه عن المعاوضات المعهودة شرعا و عرفا مع التأمل فی صدق التجارة علیها فضلا عن البیع إلا أن یکون نوعا من الصلح لمناسبة له لغة لأنه فی معنی التسالم علی أمر بناء علی أنه لا یشترط فیه لفظ الصلح کما یستفاد من بعض الأخبار الدال علی صحته بقول المتصالحین لک ما عندک و لی ما عندی و نحوه ما ورد فی مصالحة الزوجین و لو کانت معاملة مستقلة کفی فیها عموم الناس مسلطون علی أموالهم و المؤمنون عند شروطهم و علی تقدیر الصحة ففی لزومها مطلقا- لعموم المؤمنون عند شروطهم أو من طرف المباح له حیث إنه یخرج ماله عن ملکه دون المبیح حیث إن ماله باق علی ملکه فهو مسلط علیه أو جوازها مطلقا وجوه أقواها أولها ثم أوسطها. و أما حکم الإباحة بالإباحة فالإشکال فیه أیضا یظهر مما ذکرنا فی سابقه و الأقوی فیها أیضا الصحة و اللزوم للعموم أو الجواز من الطرفین لأصالة التسلط.

الخامس فی حکم جریان المعاطاة فی غیر البیع من العقود و عدمه

اعلم أنه ذکر المحقق الثانی رحمه الله فی جامع المقاصد- علی ما حکی عنه أن فی کلام بعضهم ما یقتضی اعتبار المعاطاة فی الإجارة و کذا فی الهبة و ذلک لأنه إذا أمره بعمل علی عوض معین فعمله استحق الأجرة و لو کانت هذه إجارة فاسدة لم یجز له العمل و لم یستحق أجرة مع علمه بالفساد و ظاهرهم الجواز بذلک و کذا لو وهب بغیر عقد فإن ظاهرهم جواز الإتلاف و لو کانت هبة فاسدة لم یجز بل یمنع من مطلق التصرف و هی ملاحظة وجیهة انتهی.

و فیه أن معنی جریان المعاطاة فی الإجارة علی مذهب المحقق الثانی- الحکم بملک المأمور الأجر المعین علی الأمر و ملک الأمر العمل المعین علی المأمور به و لم نجد من صرح به فی المعاطاة. و أما قوله لو کانت إجارة فاسدة لم یجز له العمل فموضع نظر لأن فساد المعاملة لا یوجب منعه عن العمل و لا سیما إذا لم یکن العمل تصرفا فی عین من أموال المستأجر. و قوله لم یستحق أجرة مع علمه بالفساد ممنوع لأن الظاهر ثبوت أجرة المثل لأنه لم یقصد التبرع و إنما قصد عوضا لم یسلم إلیه. و أما مسألة الهبة فالحکم فیها بجواز إتلاف الموهوب لا یدل علی جریان المعاطاة فیها إلا إذا قلنا فی المعاطاة بالإباحة فإن جماعة کالشیخ و الحلی و العلامة صرحوا بأن إعطاء الهدیة من دون الصیغة یفید الإباحة دون الملک لکن المحقق الثانی رحمه الله ممن لا یری کون المعاطاة عند القائلین بهما مفیدة للإباحة المجردة و توقف الملک فی الهبة علی الإیجاب و القبول کاد أن یکون متفقا علیه کما یظهر من المسالک و مما ذکرنا یظهر المنع فی قوله بل مطلق التصرف هذا و لکن الأظهر بناء علی جریان المعاطاة فی البیع جریانها فی غیره من الإجارة و الهبة لکون الفعل مفیدا لتملیک فیهما. و ظاهر المحکی عن التذکرة عدم القول بالفصل بین البیع و غیره حیث قال فی باب الرهن إن الخلاف فی الاکتفاء فیه بالمعاطاة و الاستیجاب و الإیجاب علیه المذکور فی البیع آت هنا لکن استشکله فی محکی جامع المقاصد بأن البیع ثبت فیه حکم المعاطاة بالإجماع بخلاف ما هنا و لعل وجه الإشکال عدم تأدی المعاطاة بالإجماع فی الرهن علی النحو الذی أجروها فی البیع- لأنها هناک إما مفیدة للإباحة أو الملکیة الجائزة علی الخلاف و الأول غیر متصور هنا و أما الجواز فکذلک لأنه ینافی الوثوق الذی به قوام مفهوم الرهن خصوصا بملاحظة أنه لا یتصور هنا ما یوجب رجوعها إلی اللزوم لیحصل به الوثیقة فی بعض الأحیان و إن جعلناها مفیدة للزوم کان مخالفا لما أطبقوا علیه من توقف العقود اللازمة علی اللفظ و کان هذا هو الذی دعا المحقق الثانی إلی الجزم بجریان المعاطاة فی مثل الإجارة و الهبة و القرض و الاستشکال فی الرهن. نعم من لا یبالی مخالفة ما هو المشهور بل المتفق علیه بینهم من توقف العقود اللازمة علی اللفظ أو حمل تلک العقود علی اللازمة من الطرفین فلا یشمل الرهن و لذا جوز بعضهم الإیجاب بلفظ الأمر کخذه و الجملة الخبریة أمکن أن یکون بإفادة المعاطاة فی الرهن اللزوم لإطلاق بعض أدلة الرهن و لم یقم هنا إجماع- علی عدم اللزوم کما قام فی المعاوضات. و لأجل ما ذکرنا فی الرهن یمنع من جریان المعاطاة فی الوقف بأن یکتفی فیه بالإقباض لأن القول فیه باللزوم مناف لما اشتهر بینهم من توقف اللزوم علی اللفظ و الجواز غیر معروف فی الوقف من الشارع فتأمل. نعم یظهر الاکتفاء بغیر اللفظ فی باب وقف المساجد من الذکری تبعا للشیخ رحمه الله ثم إن الملزم فیما تجری فیه من العقود الأخر هو الملزم فی باب البیع کما سننبه به بعد هذا

الأمر السادس فی ملزمات المعاطاة علی کل من القول بالملک و القول بالإباحة

. اعلم أن الأصل علی القول بالملک اللزوم لما عرفت من الوجوه الثمانیة المتقدمة و أما علی القول بالإباحة فالأصل عدم اللزوم- لقاعدة تسلط الناس علی أموالهم و أصالة سلطنة المالک

المکاسب، ج 2، ص 91

الثابتة قبل المعاطاة و هی حاکمة علی أصالة بقاء الإباحة الثابتة قبل رجوع المالک لو سلم جریانها إذا عرفت هذا فاعلم أن تلف العوضین ملزم إجماعا علی الظاهر المصرح به فی بعض العبائر أما علی القول بالإباحة فواضح لأن تلفهما من مال المالک و لم یحصل ما یوجب ضمان کل منهما مال صاحبه- و توهم جریان قاعدة الضمان بالید هنا مندفع بما سیجی ء. و أما علی القول بالملک فلما عرفت من أصالة اللزوم و المتیقن من مخالفتها جواز تراد العینین و حیث ارتفع مورد التراد امتنع و لم یثبت قبل التلف جواز المعاملة علی نحو جواز البیع الخیاری- حتی یستصحب بعد التلف لأن هذا الجواز من عوارض العقد لا العوضین- فلا مانع من بقائه- بل لا دلیل علی ارتفاعه بعد تلفهما بخلاف ما نحن فیه فإن الجواز فیه هنا بمعنی جواز الرجوع فی العین نظیر جواز الرجوع فی العین الموهوبة فلا یبقی بعد التلف متعلق الجواز بل الجواز هنا یتعلق بموضوع التراد لا مطلق الرجوع الثابت فی الهبة هذا مع أن الشک فی أن متعلق الجواز هل هو أصل المعاملة أو الرجوع فی العین أو تراد العینین یمنع من استصحابه فإن المتیقن تعلقه بالتراد إذ لا دلیل فی مقابلة أصالة اللزوم علی ثبوت أزید من جواز تراد العینین الذی لا یتحقق إلا مع بقائهما و منه یعلم حکم ما لو تلفت إحدی العینین- أو بعضها علی القول بالملک. و أما علی القول بالإباحة فقد استوجه بعض مشایخنا وفاقا لبعض معاصریه تبعا للمسالک أصالة عدم اللزوم لأصالة بقاء سلطنة مالک العین الموجودة و ملکه لها- و فیه أنها معارضة- بأصالة براءة ذمته عن مثل التالف عنده أو قیمته- و التمسک بعموم علی الید هنا فی غیر محله- بعد القطع بأن هذه الید قبل تلف العین لم یکن ید ضمان و لا بعده إذا بنی مالک العین الموجودة علی إمضاء المعاطاة و لم یرد الرجوع إنما الکلام فی الضمان إذا أراد الرجوع و لیس هذا من مقتضی الید قطعا هذا و لکن یمکن أن یقال إن أصالة بقاء السلطنة حاکمة علی أصالة عدم الضمان بالمثل أو القیمة مع أن ضمان التالف ببدله معلوم- إلا أن الکلام فی أن البدل هو البدل الحقیقی أعنی المثل أو القیمة أو البدل الجعلی أعنی العین الموجودة فلا أصل هذا مضافا إلی ما قد یقال من أن عموم الناس مسلطون علی أموالهم یدل علی السلطنة علی المال الموجود بأخذه و علی المال التالف بأخذ بدله الحقیقی و هو المثل أو القیمة فتدبر. و لو کان أحد العوضین دینا فی ذمة أحد المتعاطیین- فعلی القول بالملک یملکه من فی ذمته فیسقط عنه و الظاهر أنه فی حکم التلف لأن الساقط لا یعود و یحتمل العود و هو ضعیف- و الظاهر أن الحکم کذلک علی القول بالإباحة فافهم. و لو نقلت العینان أو إحداهما بعقد لازم فهو کالتلف علی القول بالملک لامتناع التراد- و کذا علی القول بالإباحة إذا قلنا بإباحة التصرفات الناقلة. و لو عادت العین بفسخ ففی جواز التراد علی القول بالملک لإمکانه فیستصحب و عدمه لأن المتیقن من التراد هو المحقق قبل خروج العین عن ملک مالکه وجهان أجودهما ذلک إذ لم یثبت فی مقابلة أصالة اللزوم جواز التراد بقول مطلق بل المتیقن منه غیر ذلک- فالموضوع غیر محرز فی الاستصحاب.

و کذا علی القول بالإباحة لأن التصرف الناقل یکشف عن سبق الملک للمتصرف فیرجع بالفسخ إلی ملک الثانی فلا دلیل علی زواله بل الحکم هنا أولی منه علی القول بالملک لعدم تحقق جواز التراد فی السابق هنا حتی یستصحب بل المحقق أصالة بقاء سلطنة المالک الأول المقطوع بانتفائها. نعم لو قلنا إن الکاشف عن الملک هو العقد الناقل فإذا فرضنا ارتفاعه بالفسخ عاد الملک إلی المالک الأول و إن کان مباحا لغیره ما لم یسترد عوضه کان مقتضی قاعدة السلطنة جواز التراد لو فرض کون العوض الآخر باقیا علی ملک مالکه الأول أو عائدا إلیه بفسخ و کذا لو قلنا إن البیع لا یتوقف علی سبق الملک بل یکفی فیه إباحة التصرف و الإتلاف و یملک الثمن بالبیع کما تقدم استظهاره عن جماعة فی الأمر الرابع لکن الوجهین ضعیفان بل الأقوی رجوعه بالفسخ إلی البائع. و لو کان الناقل عقدا جائزا لم یکن لمالک العین الباقیة إلزام الناقل بالرجوع فیها و لا رجوعه بنفسه إلی عینه فالتراد غیر متحقق و تحصیله غیر واجب و کذا علی القول بالإباحة لکون المعاوضة کاشفة عن سبق الملک. نعم لو کان غیر معاوضة کالهبة- و قلنا إن التصرف فی مثله لا یکشف عن سبق الملک إذ لا عوض فیه حتی لا یعقل کون العوض ما لا لأحد و انتقال المعوض إلی الآخر بل الهبة ناقلة للملک عن ملک المالک المتهب فیتحقق حکم جواز الرجوع بالنسبة إلی المالک لا الواهب اتجه الحکم بجواز التراد مع بقاء العین الأخری أو عودها إلی مالکها بهذا النحو من العود إذ لو عادت بوجه آخر کان حکمه حکم التلف. و لو باع العین ثالث فضولا فأجاز المالک الأول علی القول بالملک لم یبعد کون إجازته رجوعا کبیعه و سائر تصرفاته الناقلة. و لو أجاز المالک الثانی نفذت بغیر إشکال و ینعکس الحکم إشکالا و وضوحا علی القول بالإباحة و لکل منهما رد العین قبل إجازة الآخر- . و لو رجع الأول فأجاز الثانی فإن جعلنا الإجازة کاشفة لغا الرجوع و یحتمل عدمه لأنه رجوع قبل تصرف الآخر فینفذ و تلغو الإجازة و إن جعلناها ناقلة لغت الإجازة قطعا. و لو امتزجت العینان أو إحداهما سقط الرجوع علی القول بالملک لامتناع التراد و یحتمل الشرکة و هو ضعیف. أما علی القول بالإباحة فالأصل بقاء التسلط علی ماله الممتزج بمال الغیر فیصیر المالک شریکا مع المال الممتزج به نعم لو کان المزج ملحقا له بالإتلاف- جری علیه حکم التلف. و لو تصرف فی العین تصرفا مغیرا للصورة- کطحن الحنطة و فصل الثوب فلا لزوم علی القول بالإباحة و علی القول بالملک ففی اللزوم وجهان مبنیان علی جریان استصحاب جواز التراد و منشأ الإشکال أن الموضوع فی الاستصحاب عرفی أو حقیقی ثم إنک قد عرفت مما ذکرنا أنه لیس جواز الرجوع فی مسألة المعاطاة- نظیر الفسخ فی العقود اللازمة حتی یورث بالموت و یسقط بالإسقاط ابتداء أو فی ضمن معاملة بل هو علی القول بالملک نظیر الرجوع فی الهبة- و علی القول بالإباحة نظیر الرجوع فی إباحة الطعام بحیث یناط الحکم فیه بالرضا

المکاسب، ج 2، ص 92

الباطنی بحیث لو علم کراهة المالک باطنا لم یجز له التصرف فلو مات أحد المالکین لم یجز لوارثه الرجوع علی القول بالملک للأصل لأن من له و إلیه الرجوع هو المالک الأصلی و لا یجری الاستصحاب. و لو جن أحدهما فالظاهر قیام ولیه مقامه فی الرجوع علی القولین.

السابع أن الشهید الثانی فی المسالک ذکر وجهین فی صیرورة المعاطاة بیعا بعد التلف أو معاوضة مستقلة

قال یحتمل الأول لأن المعاوضات محصورة و لیست إحداها و کونها معاوضة برأسها یحتاج إلی دلیل و یحتمل الثانی لإطباقهم علی أنها لیست بیعا حال وقوعها فکیف تصیر بیعا بعد التلف و تظهر الفائدة فی ترتب الأحکام المختصة بالبیع علیها کخیار الحیوان لو کان التالف الثمن أو بعضه- و علی تقدیر ثبوته فهل الثلاثة من حین المعاطاة أو من حین اللزوم کل محتمل و یشکل الأول بقولهم إنها لیست بیعا و الثانی بأن التصرف لیس معاوضة بنفسها اللهم إلا أن تجعل المعاطاة جزء السبب و التلف تمامه و الأقوی عدم ثبوت خیار الحیوان هنا بناء علی أنها لیست لازمة و إنما یتم علی قول المفید و من تبعه و أما خیار العیب و الغبن فیثبتان علی التقدیرین کما أن خیار المجلس منتف انتهی. و الظاهر أن هذا تفریع علی القول بالإباحة فی المعاطاة و أما علی القول بکونها مفیدة للملک المتزلزل فینبغی الکلام فی کونها معاوضة مستقلة أو بیعا متزلزلا قبل اللزوم حتی یتبعه حکمها بعد اللزوم إذ الظاهر أنه عند القائلین بالملک المتزلزل بیع بلا إشکال فی ذلک عندهم علی ما تقدم من المحقق الثانی فإذا لزم صار بیعا لازما فتلحقه أحکام البیع عدا ما استفید من دلیله ثبوته للبیع العقدی الذی مبناه علی اللزوم لو لا الخیار. و قد تقدم أن الجواز هنا لا یراد به ثبوت الخیار و کیف کان فالأقوی أنها علی القول بالإباحة بیع عرفی لم یصححه الشارع و لم یمضه إلا بعد تلف إحدی العینین أو ما فی حکمه و بعد التلف تترتب علیه أحکام البیع- عدا ما اختص دلیله بالبیع الواقع صحیحا من أول الأمر. و المحکی من حواشی الشهید- أن المعاطاة معاوضة مستقلة جائزة أو لازمة- و الظاهر أنه أراد التفریع علی مذهبه من الإباحة و کونها معاوضة قبل اللزوم من جهة کون کل من العینین مباحا عوضا عن الأخری لکن لزوم هذه المعاوضة لا یقتضی حدوث الملک کما لا یخفی فلا بد أن یقول بالإباحة اللازمة فافهم.

الثامن لا إشکال فی تحقق المعاطاة المصطلحة التی هی معرکة الآراء بین الخاصة و العامة بما إذا تحقق إنشاء التملیک أو الإباحة بالفعل

و هو قبض العینین أما إذا حصل بالقول غیر الجامع لشرائط اللزوم فإن قلنا بعدم اشتراط اللزوم بشی ء زائد علی الإنشاء اللفظی کما قویناه سابقا بناء علی التخلص بذلک عن اتفاقهم علی توقف العقود اللازمة علی اللفظ فلا إشکال فی صیرورة المعاملة بذلک عقدا لازما و إن قلنا بمقالة المشهور من اعتبار أمور زائدة علی اللفظ فهل یرجع ذلک الإنشاء القولی إلی حکم المعاطاة مطلقا أو بشرط تحقق قبض العین معه أو لا یتحقق به مطلقا. نعم إذا حصل إنشاء آخر بالقبض المتحقق بعده تحقق المعاطاة فالإنشاء القولی السابق کالعدم لا عبرة به و لا بوقوع القبض به خالیا عن قصد الإنشاء بل بانیا علی کونه حقا لازما لکونه من آثار الإنشاء القولی السابق نظیر القبض فی العقد الجامع للشرائط ظاهر کلام غیر واحد من مشایخنا المعاصرین الأول تبعا لما یستفاد من ظاهر کلام المحقق و الشهید الثانیین. قال المحقق فی صیغ عقوده [علی ما حکی عنه بعد ذکره الشروط المعتبرة فی الصیغة] إنه لو أوقع البیع بغیر ما قلناه و علم التراضی منهما کان معاطاة انتهی و فی الروضة فی مقام عدم کفایة الإشارة مع القدرة علی النطق أنها تفید المعاطاة مع الإفهام الصریح انتهی و ظاهر الکلامین صورة وقوع الإنشاء بغیر القبض بل یکون القبض من آثاره و ظاهره کصریح جماعة منهم المحقق و العلامة أنه لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم یملک و کان مضمونا علیه هو الوجه الأخیر لأن مرادهم بالعقد الفاسد إما خصوص ما کان فساده من جهة مجرد اختلال شروط الصیغة کما ربما یشهد به ذکر هذا الکلام بعد شروط الصیغة و قبل شروط العوضین و المتعاقدین و إما ما یشتمل هذا و غیره کما هو الظاهر و کیف کان فالصورة الأولی داخلة قطعا و لا یخفی أن الحکم فیها بالضمان مناف لجریان الحکم بالمعاطاة و ربما یجمع بین هذا الکلام و ما تقدم من المحقق و الشهید الثانیین فیقال إن موضوع المسألة فی عدم جواز التصرف بالعقد الفاسد ما إذا علم عدم الرضا إلا بزعم صحة المعاطاة فإذا انتفت الصحة انتفی الإذن لترتبه علی زعم الصحة فکان التصرف تصرفا بغیر إذن و أکلا للمال بالباطل لانحصار وجه الحل فی کون المعاملة بیعا أو تجارة عن تراض أو هبة أو نحوها من وجوه الرضا بأکل المال بغیر عوض. و الأولان قد انتفیا بمقتضی الفرض و کذا البواقی للقطع من جهة زعمهما صحة المعاملة بعدم الرضا بالتصرف مع عدم بذل شی ء فی المقابل فالرضا المتقدم کالعدم فإن تراضیا بالعوضین بعد العلم بالفساد و استمر رضاهما فلا کلام فی صحة المعاملة و رجعت إلی المعاطاة کما إذا علم الرضا من أول الأمر بإباحتهما التصرف بأی وجه اتفق سواء صحت المعاملة أم فسدت فإن ذلک لیس من البیع الفاسد فی شی ء. أقول المفروض أن الصیغة الفاقدة لبعض الشرائط لا تتضمن إلا إنشاء واحدا هو التملیک و من المعلوم أن هذا المقدار لا یوجب بقاء الإذن الحاصل فی ضمن التملیک بعد فرض انتفاء التملیک و الموجود بعده إن کان إنشاء آخر فی ضمن التقابض خرج عن محل الکلام لأن المعاطاة حینئذ إنما تحصل به لا بالعقد الفاقد للشرائط مع أنک عرفت أن ظاهر کلام الشهید و المحقق الثانیین حصول المعاوضة و المراضاة بنفس الإشارة المفهمة بقصد البیع و بنفس الصیغة الخالیة عن الشرائط لا بالتقابض الحاصل بعدهما و منه یعلم فساد ما ذکره من حصول المعاطاة بتراض جدید بعد العقد غیر مبنی علی صحة العقد ثم إن ما ذکره من التراضی الجدید بعد العلم بالفساد مع اختصاصه بما إذا علما بالفساد دون غیره من الصور مع أن کلام الجمیع مطلق. یرد علیه أن هذا التراضی إن کان تراضیا آخر حادثا بعد العقد فإن کان لا علی وجه المعاطاة بل کل منهما رضی بتصرف الآخر فی ماله من دون ملاحظة رضا صاحبه بتصرفه فی ماله فهذا لیس

المکاسب، ج 2، ص 93

من المعاطاة بل هی إباحة مجانیة من الطرفین تبقی ما دام العلم بالرضا و لا یکفی فیه عدم العلم بالرجوع لأنه کالإذن الحاصل من شاهد الحال و لا یترتب علیه أثر المعاطاة من اللزوم بتلف إحدی العینین أو جواز التصرف إلی حین العلم بالرجوع أو مع ثبوت أحدهما و إن کان علی وجه المعاطاة فهذا لیس إلا التراضی السابق علی ملکیة کل منهما لمال الآخر و لیس تراضیا جدیدا بناء علی أن المقصود بالمعاطاة التملیک کما عرفته من کلام المشهور خصوصا المحقق الثانی فلا یجوز له أن یرید بقوله المتقدم عن صیغ العقود أن الصیغة الفاقدة للشرائط مع التراضی یدخل فی المعاطاة التراضی الجدید الحاصل بعد العقد لا علی وجه المعاوضة. و تفصیل الکلام أن المتعاملین بالعقد الفاقد لبعض الشرائط إما أن یقع تقابضهما بغیر رضا من کل منهما فی تصرف الآخر بل حصل قهرا علیهما أو علی أحدهما و إجبارا علی العمل بمقتضی العقد فلا إشکال فی حرمة التصرف فی المقبوض علی هذا الوجه و کذا إن وقع علی وجه الرضا الناشئ عن بناء کل منهما علی ملکیة الآخر اعتقادا أو تشریعا کما فی کل قبض وقع علی هذا الوجه لأن حیثیة کون القابض مالکا مستحقا لما یقبضه جهة تقییدیة مأخوذة فی الرضا ینتفی بانتفائها فی الواقع کما فی نظائره. و هذان الوجهان مما لا إشکال فیه فی حرمة التصرف فی العوضین کما أنه لا إشکال فی الجواز إذا أعرضا عن أثر العقد و تقابضا بقصد إنشاء التملیک لیکون معاطاة صحیحة عقیب عقد فاسد و إما إن وقع الرضا بالتصرف بعد العقد من دون ابتنائه علی استحقاقه بالعقد السابق و لا قصد لإنشاء تملیک بل وقع مقارنا لاعتقاد الملکیة الحاصلة بحیث لولاها لکان الرضا أیضا موجودا و کان المقصود الأصلی من المعاملة التصرف و أوقعا العقد الفاسد وسیلة له و یکشف عنه أنه لو سئل کل منهما عن رضاه بتصرف صاحبه علی تقدیر عدم التملیک أو بعد تنبیهه علی عدم حصول الملک کان راضیا فإدخال هذا فی المعاطاة یتوقف علی أمرین الأول کفایة هذا الرضا المرکوز فی النفس بل الرضا الشأنی لأن الموجود بالفعل هو رضاه من حیث کونه مالکا فی نظره و قد صرح بعض من قارب عصرنا بکفایة ذلک و لا یبعد رجوع الکلام المتقدم ذکره إلی هذا و لعله لصدق طیب النفس علی هذا الأمر المرکوز فی النفس. الثانی أنه لا یشترط فی المعاطاة إنشاء الإباحة أو التملیک بالقبض بل و لا بمطلق الفعل بل یکفی وصول کل من العوضین إلی المالک الآخر و الرضا بالتصرف قبله أو بعده علی الوجه المذکور و فیه إشکال من أن ظاهر محل النزاع بین العامة و الخاصة هو العقد الفعلی کما ینبئ عنه قول العلامة رحمه الله فی رد کفایة المعاطاة فی البیع إن الأفعال قاصرة عن إفادة المقاصد و کذا استدلال المحقق الثانی علی عدم لزومها بأن الأفعال لیست کالأقوال فی صراحة الدلالة و کذا ما تقدم من الشهید رحمه الله فی قواعده من أن الفعل فی المعاطاة لا یقوم مقام القول و إنما یفید الإباحة إلی غیر ذلک من کلماتهم الظاهرة فی أن محل الکلام هو الإنشاء الحاصل بالتقابض و کذا کلمات العامة فقد ذکر بعضهم أن البیع ینعقد بالإیجاب و القبول و بالتعاطی. و من أن الظاهر أن عنوان التعاطی فی کلماتهم لمجرد الدلالة علی الرضا و أن عمدة الدلیل علی ذلک هی السیرة و لذا تعدوا إلی ما إذا لم یحصل إلا قبض أحد العوضین و السیرة موجودة فی المقام فإن بناء الناس علی أخذ الماء و البقل و غیر ذلک من الجزئیات من دکاکین أربابها مع عدم حضورهم و وضعهم الفلوس فی الموضع المعد له و علی دخول الحمام مع عدم حضور صاحبه و وضع الفلوس فی کوز الحمامی. فالمعیار فی المعاطاة وصول المالین أو أحدهما مع التراضی بالتصرف و هذا لیس ببعید علی القول بالإباحة

مقدمة فی خصوص ألفاظ عقد البیع

اشارة

قد عرفت أن اعتبار اللفظ فی البیع بل فی جمیع العقود مما نقل علیه عقد الإجماع و تحقق فیه الشهرة العظیمة مع الإشارة إلیه فی بعض النصوص لکن هذا یختص بصورة القدرة أما مع العجز عنه کالأخرس فمع عدم القدرة علی التوکیل لا إشکال و لا خلاف فی عدم اعتبار اللفظ و قیام الإشارة مقامه و کذا مع القدرة علی التوکیل لا لأصالة عدم وجوبه کما قیل لأن الوجوب بمعنی الاشتراط کما فیما نحن فیه هو الأصل بل لفحوی ما ورد من عدم اعتبار اللفظ فی طلاق الأخرس فإن حمله علی صورة عجزه عن التوکیل حمل للمطلق علی الفرد النادر مع أن الظاهر عدم الخلاف فی عدم الوجوب. ثم لو قلنا إن الأصل فی المعاطاة اللزوم بعد القول بإفادتها الملکیة فالقدر المخرج صورة قدرة المتبایعین علی مباشرة اللفظ و الظاهر أیضا کفایة الکتابة مع العجز عن الإشارة لفحوی ما ورد من النص علی جوازها فی الطلاق مع أن الظاهر عدم الخلاف فیه و أما مع القدرة علی الإشارة فقد رجح بعض الإشارة و لعله لأنها أصرح فی الإنشاء من الکتابة. و فی بعض روایات الطلاق ما یدل علی العکس و إلیه ذهب الحلی رحمه الله هناک. ثم الکلام فی الخصوصیات المعتبرة فی اللفظ تارة یقع فی مواد الألفاظ من حیث إفادة المعنی بالصراحة و الظهور و الحقیقة و المجاز و الکنایة و من حیث اللغة المستعملة فی معنی المعاملة و أخری فی هیئة کل من الإیجاب و القبول من حیث اعتبار کونه بالجملة الفعلیة و کونه بالماضی و ثالثة فی هیئة ترکیب الإیجاب و القبول من حیث الترتیب و الموالاة أما الکلام من حیث المادة فالمشهور عدم وقوع العقد بالکنایات. قال فی التذکرة الرابع من شروط الصیغة التصریح فلا یقع بالکنایة بیع البتة مثل قوله أدخلته فی ملکک أو جعلته لک أو خذه منی أو سلطتک علیه بکذا عملا بأصالة بقاء الملک و لأن المخاطب لا یدری بم خوطب انتهی. و زاد فی غایة المراد علی الأمثلة مثل قوله أعطیتکه بکذا أو تسلط علیه بکذا و ربما یبدل هذا باشتراط الحقیقة فی الصیغة فلا ینعقد بالمجازات حتی صرح بعضهم بعدم الفرق بین المجاز القریب و البعید. و المراد بالصریح کما یظهر من جماعة من الخاصة

المکاسب، ج 2، ص 94

و العامة فی باب الطلاق و غیره ما کان موضوعا بعنوان ذلک العقد لغة أو شرعا و من الکنایة ما أفاد لازم ذلک العقد بحسب الوضع فیفید إرادة نفسه بالقرائن و هی علی قسمین عندهم جلیة و خفیة. و الذی یظهر من النصوص المتفرقة فی أبواب العقود اللازمة و الفتاوی المتعرضة لصیغها فی البیع بقول مطلق و فی بعض أنواعه و فی غیر البیع من العقود اللازمة هو الاکتفاء بکل لفظ له ظهور عرفی معتد به فی المعنی المقصود فلا فرق بین قوله بعت و ملکت و بین قوله نقلت إلی ملکک أو جعلته ملکا لک بکذا و هذا هو الذی قواه جماعة من متأخری المتأخرین. و حکی عن جماعة ممن تقدمهم کالمحقق حیث حکی عن تلمیذه کاشف الرموز أنه حکی عن شیخه المحقق أن عقد البیع لا یلزم فیه لفظ مخصوص و أنه اختاره أیضا و حکی عن الشهید رحمه الله فی حواشیه أنه جوز البیع بکل لفظ دل علیه مثل أسلمت إلیک و عاوضتک. و حکاه فی المسالک عن بعض مشایخه المعاصرین بل هو ظاهر العلامة رحمه الله فی التحریر حیث قال إن الإیجاب هو اللفظ الدال علی النقل مثل بعتک أو ملکتک أو ما یقوم مقامهما و نحوه المحکی عن التبصرة و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام فإذا کان الإیجاب هو اللفظ الدال علی النقل فکیف لا ینعقد بمثل نقلته إلی ملکک أو جعلته ملکا لک بکذا بل قد یدعی أنه ظاهر کل من أطلق اعتبار الإیجاب و القبول فیه من دون ذکر لفظ خاص کالشیخ و أتباعه فتأمل. و قد حکی عن الأکثر تجویز البیع حالا بلفظ المسلم. و صرح جماعة أیضا فی بیع التولیة بانعقاده بقوله ولیتک العقد أو ولیتک السلعة و التشریک فی المبیع بلفظ شرکتک. و عن المسالک فی مسألة تقبل أحد الشریکین فی النخل حصة صاحبه بشی ء معلوم من الثمرة أن ظاهر الأصحاب جواز ذلک بلفظ التقبیل مع أنه لا یخرج عن البیع أو الصلح أو معاملة ثالثة لازمة عند جماعة هذا ما حضرنی من کلماتهم فی البیع و أما فی غیره فظاهر جماعة فی القرض عدم اختصاصه بلفظ خاص فجوزوه بقوله تصرف فیه أو انتفع به و علیک رد عوضه أو خذه بمثله و أسلفتک و غیر ذلک مما عدوا مثله فی البیع من الکنایات مع أن القرض من العقود اللازمة علی حسب لزوم البیع و الإجارة. و حکی عن جماعة فی الرهن أن إیجابه یؤدی بکل لفظ یدل علیه مثل قوله هذه وثیقة عندک. و عن الدروس تجویزه بقوله خذه أو أمسکه بمالک. و حکی عن غیر واحد تجویز إیجاب الضمان الذی هو من العقود اللازمة بلفظ تعهدت المال و تقلدته و شبه ذلک. و لقد ذکر المحقق و جماعة ممن تأخر عنه جواز الإجارة بلفظ العاریة معللین بتحقق القصد و تردد جماعة فی انعقاد الإجارة بلفظ بیع المنفعة و قد ذکر جماعة جواز المزارعة بکل لفظ یدل علی تسلیم الأرض للمزارعة. و عن مجمع البرهان کما فی غیره أنه لا خلاف فی جوازها بکل لفظ یدل علی المطلوب مع کونه ماضیا و عن المشهور جوازها بلفظ ازرع.

و قد جوز جماعة الوقف بلفظ حرمت و تصدقت مع القرینة الدالة علی إرادة الوقف مثل أن لا یباع و لا یورث مع عدم الخلاف کما عن غیر واحد علی أنهما من الکنایات و جوز جماعة وقوع النکاح الدائم بلفظ التمتع مع أنه لیس صریحا فیه. و مع هذه الکلمات کیف یجوز أن یسند إلی العلماء أو أکثرهم وجوب إیقاع العقد باللفظ الموضوع له و أنه لا یجوز بالألفاظ المجازیة خصوصا مع تعمیمها للقریبة و البعیدة کما تقدم عن بعض المحققین و لعله لما عرفت من تنافی ما اشتهر بینهم من عدم جواز التعبیر بالألفاظ المجازیة فی العقود اللازمة مع ما عرفت منهم من الاکتفاء فی أکثرها بالألفاظ غیر الموضوعة لذلک العقد جمع المحقق الثانی علی ما حکی عنه فی باب السلم و النکاح بین کلماتهم بحمل المجازات الممنوعة علی المجازات البعیدة و هو جمع حسن و لعل الأولی أن یراد باعتبار الحقائق فی العقود اعتبار الدلالة اللفظیة الوضعیة سواء أ کان اللفظ الدال علی إنشاء العقد موضوعا له بنفسه أو مستعملا فیه مجازا بقرینة لفظ موضوع آخر لیرجع الإفادة بالأخرة إلی الوضع إذ لا یعقل الفرق فی الوضوح الذی هو مناط الصراحة بین إفادة لفظ للمطلب بحکم الوضع أو إفادته له بضمیمة لفظ آخر یدل بالوضع علی إرادة المطلب من ذلک اللفظ و هذا بخلاف اللفظ الذی یکون دلالته علی المطلب لمقارنة حال أو سبق مقال خارج عن العقد فإن الاعتماد علیه فی متفاهم المتعاقدین و إن کان من المجازات القریبة جدا رجوع عما بنی علیه من عدم العبرة بغیر الأقوال فی إنشاء المقاصد و لذا لم یجوزوا العقد بالمعاطاة و لو مع سبق مقال أو اقتران حال یدل علی إرادة البیع جزما. و مما ذکرنا یظهر الإشکال فی الاقتصار علی المشترک اللفظی اتکالا علی القرینة الحالیة المعینة و کذا المشترک المعنوی و یمکن أن ینطبق علی ما ذکرنا الاستدلال المتقدم فی عبارة التذکرة بقوله قدس سره لأن المخاطب لا یدری بم خوطب إذ لیس المراد أن المخاطب لا یفهم منها المطلب و لو بالقرائن الخارجیة بل المراد أن الخطاب بالکنایة لما لم یدل علی المعنی المنشأ ما لم یقصد الملزوم لأن اللازم الأعم کما هو الغالب بل المطرد فی الکنایات لا یدل علی الملزوم ما لم یقصد المتکلم خصوص الفرد المجامع مع الملزوم الخاص فالخطاب فی نفسه محتمل لا یدری المخاطب بم خوطب و إنما یفهم المراد بالقرائن الخارجیة الکاشفة عن قصد المتکلم. و المفروض علی ما تقرر فی مسألة المعاطاة أن النیة بنفسها أو مع انکشافها بغیر الأقوال لا تؤثر فی النقل و الانتقال فلم یحصل هنا عقد لفظی یقع التفاهم به لکن هذا الوجه لا یجری فی جمیع ما ذکروه من أمثلة الکنایة. ثم إنه ربما یدعی أن العقود المؤثرة فی النقل و الانتقال أسباب شرعیة توقیفیة کما حکی عن الإیضاح من أن کل عقد لازم وضع الشارع له صیغة مخصوصة بالاستقراء فلا بد من الاقتصار علی المتیقن و هو کلام لا محصل له عند من لاحظ فتاوی العلماء فضلا عن الروایات المتکثرة الآتی بعضها. و أما ما ذکره الفخر قدس سره فلعل المراد فیه من الخصوصیة المأخوذة فی الصیغة شرعا هی اشتمالها علی العنوان المعبر به عن تلک المعاملة فی کلام الشارع فإذا کانت العلاقة الحادثة بین الرجل و المرأة معبرا عنها فی کلام الشارع بالنکاح أو الزوجیة أو المتعة فلا بد من اشتمال عقدها علی هذه العناوین

المکاسب، ج 2، ص 95

فلا یجوز بلفظ الهبة أو البیع أو الإجارة أو نحو ذلک و هکذا الکلام فی العقود المنشئة للمقاصد الأخر کالبیع و الإجارة و نحوهما. فخصوصیة اللفظ من حیث اعتبار اشتمالها علی هذه العناوین الدائرة فی لسان الشارع أو ما یرادفها لغة أو عرفا لأنها بهذه العناوین موارد للأحکام الشرعیة التی لا تحصی. فعلی هذا فالضابط وجوب إیقاع العقد بإنشاء العناوین الدائرة فی لسان الشارع إذ لو وقع بإنشاء غیرها فإن کان لا مع قصد تلک العناوین کما لو لم تقصد المرأة إلا هبة نفسها أو إجارة نفسها مدة الاستمتاع لم تترتب علیه الآثار المحمولة فی الشریعة علی الزوجیة الدائمة أو المنقطعة و إن کان بقصد هذه العناوین دخل فی الکنایة التی عرفت أن تجویزها رجوع إلی عدم اعتبار إفادة المقاصد بالأقوال. فما ذکره الفخر رحمه الله مؤید لما ذکرناه و استفدناه من کلام والده قدس سره و إلیه یشیر أیضا ما عن جامع المقاصد من أن العقود متلقاة من الشارع فلا ینعقد عقد بلفظ آخر لیس من جنسه. و ما عن المسالک من أنه یجب الاقتصار فی العقود اللازمة علی الألفاظ المنقولة شرعا المعهودة لغة و مراده بالمنقولة شرعا هی المأثورة فی کلام الشارع. و عن کنز العرفان فی باب النکاح أنه حکم شرعی حادث فلا بد له من دلیل یدل علی حصوله و هو العقد اللفظی المتلقی من النص ثم ذکر لإیجاب النکاح ألفاظا ثلاثة و عللها بورودها فی القرآن. و لا یخفی أن تعلیله هذا کالصریح فیما ذکرناه من تفسیر توقیفیة العقود و أنها متلقاة من الشارع و وجوب الاقتصار علی المتیقن و من هذا الضابط تقدر علی تمیز الصریح المنقول شرعا المعهود لغة من الألفاظ المتقدمة فی أبواب العقود المذکورة من غیره و أن الإجارة بلفظ العاریة غیر جائزة و بلفظ بیع المنفعة أو السکنی مثلا لا یبعد جوازه و هکذا. إذا عرفت هذا فلنذکر ألفاظ الإیجاب و القبول

[الإشارة إلی بعض ألفاظ عقد البیع
منها لفظ بعت فی الإیجاب

و لا خلاف فیه فتوی و نصا و هو و إن کان من الأضداد بالنسبة إلی البیع و الشراء لکن کثرة استعماله فی البیع وصلت إلی حد تغنیه عن القرینة.

و منها لفظ شریت

[فلا إشکال فی وقوع البیع به لوضعه له کما یظهر من المحکی عن بعض أهل اللغة بل قیل لم یستعمل فی القرآن الکریم إلا فی البیع. و عن القاموس شراه یشریه ملکه بالبیع و باعه کاشتراه فهما ضدان و عنه أیضا کل من ترک شیئا و تمسک بغیره فقد اشتراه و ربما یستشکل فیه بقلة استعماله عرفا فی البیع و کونه محتاجا إلی القرینة المعینة و عدم نقل الإیجاب به فی الأخبار و کلام القدماء و لا یخلو عن وجه

و منها لفظ ملکت بالتشدید

و الأکثر علی وقوع البیع به بل ظاهر نکت الإرشاد الاتفاق علیه حیث قال إنه لا یقع البیع بغیر اللفظ المتفق علیه کبعت و ملکت و یدل علیه ما سبق فی تعریف البیع من أن التملیک بالعوض المنحل إلی مبادلة العین بالمال هو المرادف للبیع عرفا و لغة کما صرح به فخر الدین حیث قال إن معنی بعت فی لغة العرب ملکت غیری. و ما قیل من أن التملیک یستعمل فی الهبة بحیث لا یتبادر منه عند الإطلاق غیرها فیه أن الهبة إنما یفهم من تجرید اللفظ عن العوض لا من مادة التملیک فهی مشترکة معنی بین ما یتضمن المقابلة و بین المجرد عنها فإن اتصل بالکلام ذکر العوض أفاد المجموع المرکب بمقتضی الوضع الترکیبی البیع و إن تجرد عن ذکر العوض اقتضی تجرید الملکیة المجانیة. و قد عرفت سابقا أن تعریف البیع بذلک تعریف بمفهومه الحقیقی فلو أراد منه الهبة المعوضة أو قصد المصالحة بنیت صحة العقد علی صحة عقد بلفظ غیره مع النیة. و یشهد لما ذکرنا قول فخر الدین فی شرح الإرشاد إن معنی بعت فی لغة العرب ملکت غیری و أما الإیجاب باشتریت ففی مفتاح الکرامة أنه قد یقال بصحته کما هو الموجود فی بعض نسخ التذکرة و المنقول عنها فی نسختین من تعلیق الإرشاد. أقول و قد یستظهر ذلک من عبارة کل من عطف علی بعت و ملکت شبههما أو ما یقوم مقامهما إذ إرادة خصوص لفظ شریت من هذا بعید جدا و حمله علی إرادة ما یقوم مقامهما فی اللغات الأخر للعاجز عن العربیة أبعد فیتعین إرادة ما یراد فهما لغة أو عرفا فیشمل شریت و اشتریت لکن الإشکال المتقدم فی شریت أولی بالجریان هنا لأن شریت استعمل فی القرآن الکریم فی البیع بل لم یستعمل فیه إلا فیه بخلاف اشتریت. و دفع الإشکال فی تعیین المراد منه بقرینة تقدیمه الدال علی کونه إیجابا إما بناء علی لزوم تقدیم الإیجاب علی القبول و إما لغلبة ذلک غیر صحیح لأن الاعتماد علی القرینة غیر اللفظیة فی تعیین المراد من ألفاظ العقود قد عرفت ما فیه إلا أن یدعی أن ما ذکر سابقا من اعتبار الصراحة مختص بصراحة اللفظ من حیث دلالته علی خصوص العقد و تمیزه عما عداه من العقود. و أما تمیز إیجاب عقد معین عن قبوله الراجع إلی تمییز البائع عن المشتری فلا یعتبر فیه الصراحة بل یکفی استفادة المراد و لو بقرینة المقام أو غلبته أو نحوهما و فیه إشکال. و أما القبول فلا ینبغی الإشکال فی وقوعه بلفظ قبلت و رضیت و اشتریت و ابتعت و تملکت و ملکت مخففا. و أما بعت فلم ینقل إلا من الجامع مع أن المحکی عن جماعة من أهل اللغة اشتراکه بین البیع و الشراء و لعل الإشکال فیه کإشکال اشتریت فی الإیجاب. و اعلم أن المحکی عن نهایة الأحکام و المسالک أن الأصل فی القبول قبلت و غیره بدل لأن القبول علی الحقیقة مما لا یمکن به الابتداء و الابتداء بنحو اشتریت و ابتعت ممکن و سیأتی توضیح ذلک فی اشتراط تقدیم الإیجاب. ثم إن فی انعقاد القبول بلفظ الإمضاء و الإجازة و الإنفاذ و شبهها وجهین.

فرع لو أوقعا العقد بالألفاظ المشترکة بین الإیجاب و القبول

ثم اختلفا فی تعیین الموجب و القابل إما بناء علی جواز تقدیم القبول و إما من جهة اختلافهما فی المتقدم فلا یبعد الحکم بالتحالف ثم عدم ترتب الآثار المختصة بکل من البیع و الاشتراء علی واحد منهما.

مسألة المحکی عن جماعة منهم السید عمید الدین و الفاضل المقداد و المحقق و الشهید الثانیان اعتبار العربیة

فی العقد للتأسی کما فی جامع المقاصد لأن عدم صحته بالعربی غیر الماضی یستلزم عدم صحته بغیر العربی بطریق أولی و فی الوجهین ما لا یخفی و أضعف منهما منع صدق العقد علی غیر العربی مع التمکن من العربی فالأقوی صحته بغیر العربی.

و هل یعتبر عدم اللحن من حیث المادة و الهیئة بناء علی اشتراط العربی الأقوی ذلک بناء علی أن دلیل اعتبار العربیة هو لزوم الاقتصار علی المتیقن من أسباب

المکاسب، ج 2، ص 96

النقل و کذا اللحن فی الأعراب. و حکی عن فخر الدین الفرق بین ما لو قال بعتک بفتح الباء و بین ما لو قال جوزتک بدل زوجتک فصحح الأول دون الثانی إلا مع العجز عن التعلم و التوکیل و لعله معنی صحیح فی الأول إلا البیع بخلاف التجویز فإن له معنی آخر فاستعماله فی التزویج غیر جائز و منه یظهر أن اللغات المحرفة لا بأس بها إذا لم یتغیر بها المعنی. ثم هل المعتبر عربیة جمیع أجزاء الإیجاب و القبول کالثمن و المثمن أم تکفی عربیة الصیغة الدالة علی إنشاء الإیجاب و القبول حتی لو قال بعتک أین کتاب را به ده درهم کفی و الأقوی هو الأول لأن غیر العربی کالمعدوم فکأنه لم یذکر فی الکلام. نعم لو لم یعتبر ذکر متعلقات الإیجاب کما لا یجب فی القبول و اکتفی بانفهامها و لو من غیر اللفظ صح الوجه الثانی لکن الشهید رحمه الله فی غایة المراد فی مسألة تقدیم القبول نص علی وجوب ذکر العوضین فی الإیجاب. ثم إنه هل یعتبر کون المتکلم عالما تفصیلا بمعنی اللفظ بأن یکون فارقا بین معنی بعت و أبیع و أنا بائع أو یکفی مجرد علمه بأن هذا اللفظ یستعمل فی لغة العرب لإنشاء البیع الظاهر هو الأول لأن عربیة الکلام لیست باقتضاء نفس الکلام بل بقصد المتکلم منه المعنی الذی وضع له عند العرب فلا یقال إنه تکلم و أدی المطلب علی طبق لسان العرب إذا میز بین معنی بعت و أبیع و أوجدت البیع و غیرها بل علی هذا لا یکفی معرفة أن بعت مرادف لقوله فروختم حتی یعرف أن المیم فی الفارسی عوض عن تاء المتکلم فیمیز بین بعتک و بعت بالضم و بعت بفتح التاء فلا ینبغی ترک الاحتیاط و إن کان فی تعینه نظر و لذا نص بعض علی عدمه

مسألة المشهور کما عن غیر واحد اشتراط الماضویة

بل فی التذکرة الإجماع علی عدم وقوعه بلفظ أبیعک أو اشتر منی و لعله لصراحته فی الإنشاء إذ المستقبل أشبه بالوعد و الأمر استدعاء لا إیجاب مع أن قصد الإنشاء بالمستقبل خلاف المتعارف. و عن القاضی فی الکامل و المهذب عدم اعتبارها و لعله لإطلاق البیع و التجارة و عموم العقود و ما دل فی بیع الآبق و اللبن فی الضرع من الإیجاب بلفظ المضارع و فحوی ما دل علیه فی النکاح و لا یخلو هذا من قوة لو فرض صراحة المضارع فی الإنشاء علی وجه لا یحتاج إلی قرینة المقام فتأمل.

مسألة الأشهر کما قیل لزوم تقدیم الإیجاب علی القبول

و به صرح فی الخلاف و الوسیلة و السرائر و التذکرة کما عن الإیضاح و جامع المقاصد و لعله الأصل بعد حمل آیة وجوب الوفاء علی العقود المتعارفة کإطلاق البیع و التجارة فی الکتاب و السنة. و زاد بعضهم أن القبول فرع الإیجاب فلا یتقدم علیه و أنه تابع له فلا یصح تقدمه علیه. و حکی عن غایة المراد عن الخلاف الإجماع علیه و لیس فی الخلاف فی هذه المسألة إلا أن البیع مع تقدیم الإیجاب متفق علیه فیؤخذ به فراجع خلافا للشیخ فی المبسوط فی باب النکاح و إن وافق الخلاف فی البیع إلا أنه عدل عنه فی باب النکاح بل ظاهر کلامه عدم الخلاف فی صحته بین الإمامیة حیث إنه بعد ما ذکر أن تقدیم القبول بلفظ الأمر فی النکاح بأن یقول الرجل زوجنی فلانة جائز بلا خلاف قال أما البیع فإنه إذا قال بعینها فقال بعتکها صح عندنا و عند قوم من المخالفین و قال قوم منهم لا یصح حتی یسبق الإیجاب انتهی. و کیف کان فنسبة القول الأول إلی المبسوط مستندة إلی کلامه فی باب البیع و أما فی باب النکاح فکلامه صریح فی جواز التقدیم کالمحقق رحمه الله فی الشرائع و العلامة فی التحریر و الشهیدین فی بعض کتبهما و جماعة ممن تأخر عنهما للعمومات السلیمة عما یصلح لتخصیصها و فحوی جوازه فی النکاح الثابت بالأخبار مثل: خبر أبان بن تغلب الوارد فی کیفیة الصیغة المشتمل علی صحة تقدیم القبول بقوله للمرأة أتزوجک متعة علی کتاب الله و سنة رسول الله ص إلی أن قال فإذا قالت نعم فهی امرأتک و أنت أولی الناس بها. و روایة سهل الساعدی المشهورة فی کتب الفریقین کما قیل المشتملة علی تقدیم القبول من الزوج بلفظ زوجنیها. و التحقیق أن القبول إما أن یکون بلفظ قبلت و رضیت و إما أن یکون بطریق الأمر و الاستیجاب نحو بعنی فیقول المخاطب بعتک و إما أن یکون بلفظ اشتریت و ملکت مخففا و ابتعت فإن کان بلفظ قبلت فالظاهر عدم جواز تقدیمه وفاقا لما عرفت فی صدر المسألة بل المحکی عن المیسیة و المسالک و مجمع الفائدة أنه لا خلاف فی عدم جواز تقدیم لفظ قبلت و هو المحکی عن نهایة الأحکام و کشف اللثام فی باب النکاح و قد اعترف به غیر واحد من متأخری المتأخرین أیضا بل المحکی هناک عن ظاهر التذکرة الإجماع علیه. و یدل علیه مضافا إلی ما ذکر و إلی کونه خلاف المتعارف من العقد أن القبول الذی هو أحد رکنی عقد المعاوضة فرع الإیجاب فلا یعقل تقدمه علیه و لیس المراد من هذا القبول الذی هو رکن للعقد مجرد الرضا بالإیجاب سواء تحقق قبل ذلک أم لا حیث إن الرضا لشی ء لا یستلزم فی تحققه فی الماضی فقد یرضی الإنسان بالأمر المستقبل بل المراد منه الرضا بالإیجاب علی وجه یتضمن إنشاء نقل ماله فی الحال إلی الموجب علی وجه العوضیة لأن المشتری ناقل کالبائع و هذا لا یتحقق إلا مع تأخر الرضا عن الإیجاب إذ مع تقدمه لا یتحقق النقل فی الحال فإن من رضی بمعاوضة ینشأها الموجب فی المستقبل لم ینقل فی الحال ماله إلی الموجب بخلاف من رضی بالمعاوضة التی أنشأها الموجب سابقا فإنه یرفع بهذا الرضا یده من ماله و ینقله إلی غیره علی وجه العوضیة. و من هنا یتضح فساد ما حکی عن بعض المحققین فی رد الدلیل المذکور و هو کون القبول فرع الإیجاب و تابعا له و هو أن تبعیة القبول للإیجاب لیس تبعیة اللفظ للفظ و لا القصد للقصد حتی یمتنع تقدیمه و إنما هو علی سبیل الفرض و التنزیل بأن یجعل القابل نفسه متناولا لما یلقی إلیه من الموجب و الموجب مناولا کما یقول السائل فی مقام الإنشاء أنا راض بما تعطینی و قابل لما تمنحنی فهو متناول قدم إنشاءه أو أخر فعلی هذا یصح تقدیم القبول و لو بلفظ قبلت و رضیت إن لم یقم إجماع علی خلافه انتهی. و وجه الفساد ما عرفت سابقا من أن الرضا بما یصدر من الموجب فی المستقبل من نقل ماله بإزاء مال صاحبه لیس فیه إنشاء نقل من القابل فی الحال بل هو رضا منه بالانتقال فی الاستقبال و لیس المراد أن أصل الرضا بشی ء تابع لتحققه فی الخارج أو لأصل الرضا به حتی یحتاج إلی توضیحه بما ذکره من المثال بل المراد الرضا الذی یعد قبولا و رکنا فی العقد. و مما ذکرنا

المکاسب، ج 2، ص 97

یظهر الوجه فی المنع عن تقدم القبول بلفظ الأمر کما لو قال یعنی هذا بدرهم فقال بعتک لأن غایة الأمر دلالة طلب المعاوضة علی الرضا بها لکن لم یتحقق بمجرد الرضا بالمعاوضة المستقلة نقل فی الحال للدرهم إلی البائع کما لا یخفی. و أما ما یظهر من المبسوط من الاتفاق هنا علی الصحة به فموهون بما ستعرف من مصیر الأکثر علی خلافه و أما فحوی جوازه فی النکاح ففیها بعد الإغماض عن حکم الأصل بناء علی منع دلالة روایة سهل- علی کون لفظ الأمر هو القبول لاحتمال تحقق القبول بعد إیجاب النبی ص و یؤیده أنه لولاه یلزم الفصل الطویل بین الإیجاب و القبول منع الفحوی و قصور دلالة روایة أبان من حیث اشتمالها علی کفایة قول المرأة نعم فی الإیجاب ثم اعلم أن فی صحة تقدیم القبول بلفظ الأمر اختلافا کثیرا بین کلمات الأصحاب فقال فی المبسوط إن قال بعنیها بألف فقال بعتک صح و الأقوی عندی أنه لا یصح حتی یقول المشتری بعد ذلک اشتریت و اختار ذلک فی الخلاف و صرح به فی الغنیة فقال و اعتبرنا حصول الإیجاب من البائع و القبول من المشتری حذرا عن القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتری و هو أن یقول بعنیه بألف فیقول بعتک فإنه لا ینعقد حتی یقول المشتری بعد ذلک اشتریت أو قبلت و صرح به أیضا فی السرائر و الوسیلة. و عن جامع المقاصد أن ظاهرهم أن هذا الحکم اتفاقی و حکی الإجماع عن ظاهر الغنیة أیضا أو صریحها. و عن المسالک المشهور بل قیل إن هذا الحکم ظاهر کل من اشتراط الإیجاب و القبول و مع ذلک کله فقد صرح الشیخ فی المبسوط فی باب النکاح بجواز التقدیم بلفظ الأمر بالبیع و نسبته إلینا مشعر بقرینة السیاق إلی عدم الخلاف فیه بیننا فقال إذا تعاقدا فإن تقدم الإیجاب علی القبول فقال زوجتک فقال قبلت التزویج صح و کذا إذا تقدم الإیجاب علی القبول فی البیع صح بلا خلاف و إما أن تأخر الإیجاب و سبق القبول فإن کان فی النکاح فقال الزوج زوجنیها فقال زوجتکها صح و إن لم یعد الزوج القبول بلا خلاف لخبر الساعدی: قال الرجل زوجنیها یا رسول الله فقال زوجتکها بما معک من القرآن فقدم القبول و تأخر الإیجاب و إن کان هذا فی البیع فقال بعنیها فقال بعتکها صح عندنا و عند قوم من المخالفین و قال قوم منهم لا یصح حتی یسبق الإیجاب انتهی. و حکی جواز التقدیم بهذا اللفظ عن القاضی فی الکامل بل یمکن نسبة هذا الحکم إلی کل من جوز تقدیم القبول علی الإیجاب بقول مطلق و تمسک له فی النکاح بروایة سهل الساعدی المعبر فیها عن القبول بطلب التزویج إلا أن المحقق مع تصریحه فی البیع بعدم کفایة الاستیجاب و الإیجاب صرح بجواز تقدیم القبول علی الإیجاب. و ذکر العلامة قدس سره الاستیجاب و الإیجاب و جعله خارجا عن قید اعتبار الإیجاب و القبول کالمعاطاة و جزم بعدم کفایته مع أنه تردد فی اعتبار تقدیم القبول و کیف کان فقد عرفت أن الأقوی المنع فی البیع لما عرفت بل لو قلنا بکفایة التقدیم بلفظ قبلت یمکن المنع هنا بناء علی اعتبار الماضویة فیما دل علی القبول ثم إن هذا کله بناء علی المذهب المشهور بین الأصحاب من عدم کفایة مطلق اللفظ فی اللزوم و عدم القول بکفایة مطلق الصیغة فی الملک. و أما علی ما قویناه سابقا فی مسألة المعاطاة من أن البیع العرفی موجب للملک و أن الأصل فی الملک اللزوم فاللازم الحکم باللزوم فی کل مورد لم یقم إجماع علی عدم اللزوم و هو ما إذا خلت المعاملة عن الإنشاء باللفظ رأسا أو کان اللفظ المنشأ به المعاملة مما قام الإجماع علی عدم إفادتها اللزوم و أما فی غیر ذلک فالأصل اللزوم. و قد عرفت أن القبول علی وجه طلب البیع قد صرح فی المبسوط بصحته بل یظهر منه عدم الخلاف فیه بیننا و حکی فی الکامل أیضا فتأمل و إن کان التقدیم بلفظ اشتریت أو ابتعت أو تملکت أو ملکت هذا بکذا فالأقوی جوازه لأنه إنشاء ملکیته للمبیع بإزاء ماله عوضا ففی الحقیقة إنشاء المعاوضة کالبائع إلا أن البائع ینشئ ملکیة ماله لصاحبه بإزاء مال صاحبه و المشتری ینشئ ملکیة مال صاحبه لنفسه بإزاء ماله ففی الحقیقة کل منهما یخرج ماله إلی صاحبه و یدخل مال صاحبه فی ملکه إلا أن الإدخال فی الإیجاب مفهوم من ذکر العوض و فی القبول مفهوم من نفس الفعل و الإخراج بالعکس و حینئذ فلیس فی حقیقة الاشتراء من حیث هو معنی القبول لکنه لما کان الغالب وقوعه

عقیب الإیجاب و إنشاء انتقال مال البائع إلی نفسه إذا وقع عقیب نقله إلیه یوجب تحقق المطاوعة و مفهوم القبول أطلق علیه القبول و هذا المعنی مفقود فی الإیجاب المتأخر- لأن المشتری إنما ینقل ماله إلی البائع بالالتزام الحاصل من جعل ماله عوضا و البائع إنما ینشئ انتقال الثمن إلیه کذلک لا بمدلول الصیغة. و قد صرح فی النهایة و المسالک علی ما حکی بأن اشتریت لیس قبولا حقیقة و إنما هو بدل و أن الأصل فی القبول قبلت لأن القبول فی الحقیقة ما لا یمکن الابتداء به و لفظ اشتریت یجوز الابتداء به و مرادهما أنه بنفسه لا یکون قبولا فلا ینافی ما ذکرنا من تحقق مفهوم القبول فیه إذا وقع عقیب تملیک البائع کما أن رضیت بالبیع لیس فیه إنشاء لنقل ماله إلی البائع إلا إذا وقع متأخرا و لذا منعنا عن تقدیمه فکل من رضیت و اشتریت بالنسبة إلی إفادة نقل المال و مطاوعة البیع عند التقدم و التأخر متعاکسان. فإن قلت إن الإجماع علی اعتبار القبول فی العقد یوجب تأخیر قوله اشتریت حتی یقع قبولا لأن إنشاء مالکیته لمال الغیر إذا وقع عقیب تملیک الغیر له یتحقق فیه معنی الانتقال و قبول الأثر فیکون اشتریت متأخرا التزاما بالأثر عقیب إنشاء التأثیر من البائع بخلاف ما لو تقدم فإن مجرد إنشاء المالکیة لمال لا یوجب تحقق مفهوم القبول کما لو نوی تملک المباحات أو اللقطة فإنه لا قبول فیه رأسا. قلت المسلم من الاجتماع هو اعتبار القبول من المشتری بالمعنی الشامل للرضا بالإیجاب و أما وجوب تحقق مفهوم القبول المتضمن للمطاوعة و قبول الأثر فلا- فقد تبین من جمیع ذلک أن إنشاء القبول لا بد أن یکون جامعا لتضمن إنشاء النقل و للرضا بإنشاء البائع تقدم أو تأخر و لا یعتبر إنشاء انفعال نقل البائع. فقد تحصل مما ذکرناه صحة تقدیم القبول إذا کان بلفظ اشتریت وفاقا لمن عرفت بل هو ظاهر إطلاق

المکاسب، ج 2، ص 98

الشیخ فی الخلاف حیث إنه لم یتعرض إلا للمنع عن الانعقاد بالاستیجاب و الإیجاب و قد عرفت عدم الملازمة بین المنع عنه و المنع عن تقدیم مثل اشتریت و کذا السید فی الغنیة حیث أطلق اعتبار الإیجاب و القبول و احترز بذلک عن انعقاده بالمعاطاة و بالاستیجاب و الإیجاب و کذا ظاهر إطلاق الحلبی فی الکافی حیث لم یذکر تقدیم الإیجاب من شروط الانعقاد. و الحاصل أن المصرح بذلک فیما وجدت من القدماء الحلی و ابن حمزة فمن التعجب بعد ذلک حکایة الإجماع عن الخلاف علی تقدیم الإیجاب مع أنه لم یزد علی الاستدلال بعدم کفایة الاستیجاب و الإیجاب بأن ما عداه مجمع علی صحته و لیس علی صحته دلیل و لعمری أن مثل هذا مما یوهن الاعتماد علی الإجماع المنقول و قد نبهنا علی أمثال ذلک فی مواردها نعم یشکل الأمر بأن المعهود المتعارف من الصیغة تقدیم الإیجاب و لا فرق بین المتعارف هنا و بینه فی المسألة الآتیة و هو الوصل بین الإیجاب و القبول فالحکم لا یخلو عن شوب الإشکال. ثم إن ما ذکرنا جار فی کل قبول یؤدی بإنشاء مستقل کالإجارة التی یؤدی قبولها بلفظ تملک منک منفعة کذا أو ملکت و النکاح الذی یؤدی قبولها بلفظ نکحت و تزوجت و أما بالإنشاء فی قبوله إلا قبلت أو ما یتضمنه کارتهنت فقد یقال بجواز تقدیم القبول فیه إذ لا التزام فی قبوله لشی ء کما کان فی قبول البیع التزام بنقل ماله إلی البائع بل لا ینشئ به معنی غیر الرضا بفعل الموجب و قد تقدم أن الرضا یجوز تعلقه بأمر مترقب کما یجوز تعلقه بأمر محقق فیجوز أن یقول رضیت برهنک هذا عندی فیقول رهنت. و التحقیق عدم الجواز لأن اعتبار القبول فیه من جهة تحقق عنوان المرتهن و لا یخفی أنه لا یصدق الارتهان علی قبول الشخص إلا بعد تحقق الرهن لأن الإیجاب إنشاء للفعل و القبول إنشاء للانفعال و کذا القول فی الهبة و القرض فإنه لا یحصل من إنشاء القول فیهما التزام بشی ء- و إنما یحصل به الرضا بفعل الموجب و نحوهما قبول المصالحة المتضمنة للإسقاط أو التملیک بغیر عوض. و أما المصالحة المشتملة علی المعاوضة فلما کان ابتداء الالتزام بها جائزا من الطرفین و کانت نسبتها إلیهما علی وجه سواء و لیس الالتزام الحاصل من أحدهما أمرا مغایرا للالتزام الحاصل من الآخر کان البادی منهما موجبا لصدق الموجب علیه لغة و عرفا. ثم لما انعقد الإجماع علی توقف العقد علی القبول لزم أن یکون الالتزام الحاصل من الآخر بلفظ القبول إذ لو قال أیضا صالحتک کان إیجابا آخر- فیلزم ترکیب العقد من إیجابین و تحقق من جمیع ذلک أن تقدیم القبول فی الصلح أیضا غیر جائز إذ لا قبول فیه بغیر لفظ قبلت و رضیت. و قد عرفت أن قبلت و رضیت مع التقدیم لا یدل علی إنشاء لنقل العوض فی الحال.

فتلخص مما ذکرنا أن القبول فی العقود علی أقسام لأنه إما أن یکون التزاما بشی ء من القابل کنقل مال عنه أو زوجیة و إما أن لا یکون فیه سوی الرضا بالإیجاب. و الأول علی قسمین لأن الالتزام الحاصل من القابل إما أن یکون نظیر الالتزام الحاصل من الموجب کالمصالحة أو متغایرا کالاشتراء. و الثانی أیضا علی قسمین لأنه إما أن یعتبر فیه عنوان المطاوعة کالارتهان و الاتهاب و الاقتراض و إما أن لا یثبت فیه اعتبار أزید من الرضا بالإیجاب کالوکالة و العاریة و شبههما فتقدیم القبول علی الإیجاب لا یکون إلا فی القسم الثانی من کل من القسمین. ثم إن مغایرة الالتزام فی قبول البیع لالتزام إیجابه اعتبار عرفی فکل من التزم بنقل ماله علی وجه العوضیة لمال آخر یسمی مشتریا و کل من نقل ماله علی أن یکون عوضه مالا من آخر یسمی بائعا. و بعبارة أخری کل من ملک ماله غیره بعوض فهو البائع و کل من ملک مال غیره بعوض ماله فهو المشتری و إلا فکل منهما فی الحقیقة یملک ماله غیره بإزاء مال غیره و یملک مال غیره بإزاء ماله.

و من جملة شروط العقد الموالاة بین إیجابه و قبوله

ذکره الشیخ فی المبسوط فی باب الخلع ثم العلامة و الشهیدان و المحقق الثانی و الشیخ المقداد. قال الشهید فی قواعده الموالاة معتبرة فی العقد و نحوه و هی مأخوذة من اعتبار الاتصال بین المستثنی و المستثنی منه. و قال بعض العامة لا یضر قول الزوج بعد الإیجاب الحمد لله و الصلاة علی رسول الله قبلت نکاحها و منه الفوریة فی استتابة المرتد فیعتبر فی الحال و قیل إلی ثلاثة أیام و منه السکوت فی أثناء الأذان فإن کان کثیرا أبطله و منه السکوت الطویل فی أثناء القراءة أو قراءة غیرها و کذا التشهد و منه تحریم المأمومین فی الجمعة قبل الرکوع فإن تعمدوا أو نسوا حتی رکع فلا جمعة و اعتبر بعض العامة تحریمهم معه قبل الفاتحة و منه الموالاة فی التعریف بحیث لا ینسی أنه تکرار و الموالاة فی سنة التعریف فلو رجع فی أثناء المدة استؤنفت لیتوالی انتهی. أقول حاصله أن الأمر المتدرج شیئا فشیئا إذا کان له صورة اتصالیة فی العرف فلا بد فی ترتب الحکم المعلق علیه فی الشرع من اعتبار صورته الاتصالیة فالعقد المرکب من الإیجاب و القبول القائم بنفس المتعاقدین بمنزلة کلام واحد مرتبط بعضه ببعض فیقدح تخلل الفصل المخل بهیئته الاتصالیة و لذا لا یصدق المعاقدة إذا کان الفصل مفرطا فی الطول کسنة أو أزید و انضباط ذلک إنما یکون بالعرف فهو فی کل أمر بحسبه فیجوز الفصل بین کل من الإیجاب و القبول بما لا یجوز بین کلمات کل واحد منهما و یجوز بین الکلمات الفصل بما لا یجوز بین الحروف کما فی الأذان و القراءة. و ما ذکره حسن لو کان حکم الملک و اللزوم فی المعاملة منوطا بصدق العقد عرفا کما هو مقتضی التمسک بآیة الوفاء بالعقود و بإطلاق کلمات الأصحاب فی اعتبار العقد فی اللزوم بل الملک أما لو کان منوطا بصدق البیع أو التجارة عن تراض فلا یضره عدم صدق العقد و أما جعل المأخذ فی ذلک اعتبار الاتصال بین الاستثناء و المستثنی منه فلأنه منشأ الانتقال إلی هذه القاعدة فإن أکثر الکلیات إنما یلتفت إلیها من التأمل فی مورد خاص. و قد صرح فی القواعد مکررا بکون الأصل فی هذه القاعدة کذا و یحتمل بعیدا أن یکون الوجه فیه أن الاستثناء أشد ربطا بالمستثنی منه من سائر اللواحق لخروج المستثنی منه معه عن

المکاسب، ج 2، ص 99

حد الکذب إلی الصدق فصدقه یتوقف علیه فلذا کان طول الفصل هناک أقبح فصار أصلا فی اعتبار الموالاة بین أجزاء الکلام ثم تعدی منه إلی سائر الأمور المرتبطة بالکلام لفظا أو معنی أو من حیث صدق عنوان خاص علیه لکونه عقدا أو قراءة أو أذانا و نحو ذلک ثم فی تطبیق بعضها علی ما ذکره خفاء کمسألة توبة المرتد فإن غایة ما یمکن أن یقال فی توجیهها إن المطلوب فی الإسلام الاستمرار فإذا انقطع فلا بد من إعادته فی أقرب الأوقات. و أما مسألة الجمعة فلأن هیئة الاجتماع فی جمیع أحوال الصلاة من القیام و الرکوع و السجود مطلوبة فیقدح الإخلال بها و للتأمل فی هذه الفروع و فی صحة تفریعها علی الأصل المذکور مجال ثم إن المعیار فی الموالاة موکول إلی العرف کما فی الصلاة و القراءة و الأذان و نحوها و یظهر من روایة سهل الساعدی المتقدمة فی مسألة تقدیم القبول جواز الفصل بین الإیجاب و القبول بکلام طویل أجنبی بناء علی ما فهمه الجماعة من أن القبول فیها قول ذلک الصحابی زوجنیها و الإیجاب قوله ص بعد فصل طویل زوجتکها بما معک من القرآن و لعل هذا موهن آخر للروایة فافهم.

و من جملة الشرائط التی ذکرها جماعة التنجیز فی العقد

بأن لا یکون معلقا علی شی ء بأداة الشرط بأن یقصد المتعاقدان انعقاد المعاملة فی صورة وجود ذلک الشی ء لا فی غیرها و ممن صرح بذلک الشیخ و الحلی و العلامة و جمیع من تأخر عنه کالشهیدین و المحقق الثانی و غیرهم قدس الله أرواحهم. و عن فخر الدین فی شرح الإرشاد فی باب الوکالة أن تعلیق الوکالة علی الشرط لا یصح عند الإمامیة و کذا غیره من العقود لازمة کانت أو جائزة. و عن تمهید القواعد دعوی الإجماع علیه و ظاهر المسالک فی مسألة اشتراط التنجیز فی الوقف الاتفاق علیه و الظاهر عدم الخلاف فیه کما اعترف به غیر واحد و إن لم یتعرض الأکثر فی هذا المقام و یدل علیه فحوی فتاویهم و معاقد الإجماعات فی اشتراط التنجیز فی الوکالة مع کونه من العقود الجائزة التی یکفی فیها کل ما دل علی الإذن حتی أن العلامة ادعی الإجماع علی ما حکی عنه علی عدم صحة أن یقول الموکل أنت وکیلی فی یوم الجمعة أن تبیع عبدی و علی صحة قوله أنت وکیلی و لا تبع عبدی إلا فی یوم الجمعة مع کون المقصود واحدا و فرق بینهما جماعة بعد الاعتراف بأن هذا فی معنی التعلیق بأن العقود لما کانت متلقاة من الشارع أنیطت بهذه الضوابط و بطلت فیما خرج عنها و إن أفادت فائدتها فإذا کان الأمر کذلک عندهم فی الوکالة فکیف الحال فی البیع و بالجملة فلا شبهه فی اتفاقهم علی الحکم. و أما الکلام فی وجه الاشتراط فالذی صرح به العلامة فی التذکرة أنه مناف للجزم حال الإنشاء بل جعل الشرط هو الجزم ثم فرع علیه عدم جواز التعلیق. قال الخامس من الشروط الجزم فلو علق العقد علی شرط لم یصح و إن کان الشرط المشیة- للجهل بثبوتها حال العقد و بقائها مدته- و هو أحد قولی الشافعی و أظهرهما عندهم الصحة لأن هذه صفة یقتضیها إطلاق العقد لأنه لو لم یشأ لم یشتر انتهی و تبعه علی ذلک الشهید رحمه الله فی قواعده قال لأن الانتقال بحکم الرضا و لا رضا إلا مع الجزم و الجزم ینافی التعلیق انتهی. و مقتضی ذلک أن المعتبر هو عدم التعلیق علی أمر مجهول الحصول کما صرح به المحقق فی باب الطلاق. و ذکر المحقق و الشهید الثانیان فی الجامع و المسالک فی مسألة إن کان لی فقد بعته أن التعلیق إنما ینافی الإنشاء فی العقود و الإیقاعات حیث یکون المعلق علیه مجهول الحصول لکن الشهید فی قواعده ذکر فی الکلام المتقدم أن الجزم ینافی التعلیق لأنه بعرضة عدم الحصول و لو قدر العلم بحصوله کالتعلیق علی الوصف کان الاعتبار بجنس الشرط دون أنواعه فاعتبر المعنی العام دون خصوصیات الأفراد ثم قال فإن قلت فعلی هذا یبطل قوله فی صورة إنکار التوکیل- إن کان لی فقد بعته منک بکذا قلت هذا تعلیق علی واقع لا متوقع الحصول فهو علة للوقوع أو مصاحب له لا معلق علیه الوقوع و کذا نقول لو قال فی صورة إنکار وکالة التزویج و إنکار التزویج حیث تدعیه المرأة إن کانت زوجتی فهی طالق انتهی کلامه رحمه الله و علل العلامة فی القواعد صحة إن کان لی فقد بعته بأنه أمر واقع یعلمان وجوده فلا یضر جعله شرطا و کذا کل شرط علم وجوده فإنه لا یوجب شکا فی البیع و لا فی وقوعه انتهی. و تفصیل الکلام أن المعلق علیه- إما أن یکون معلوم التحقق و إما إما یکون محتمل التحقق و علی الوجهین فإما أن یکون تحققه المعلوم أو المحتمل فی الحال أو المستقبل و علی التقادیر فإما أن یکون الشرط مما یکون مصححا للعقد ککون الشی ء مما یصح تملکه شرعا أو مما یصح إخراجه عن الملک کغیر أم الولد و غیر الموقوف و نحوه و کون المشتری ممن یصح تملکه شرعا کأن لا یکون عبدا و ممن یجوز العقد معه بأن یکون بالغا و إما أن لا یکون کذلک. ثم التعلیق إما مصرح به و إما لازم من الکلام کقوله ملکتک هذا بهذا یوم الجمعة و قوله فی القرض و الهبة خذ هذا بعوضه أو خذه بلا عوض یوم الجمعة فإن التملیک معلق علی تحقق الجمعة فی الحال أو فی الاستقبال و لهذا احتمل العلامة فی النهایة و ولده فی الإیضاح بطلان بیع الوارث لمال مورثه بظن موته معللا بأن العقد و إن کان منجزا فی الصورة إلا أنه معلق و التقدیر إن مات مورثی فقد بعتک فما کان منها معلوم الحصول حین العقد فالظاهر أنه غیر قادح وفاقا لمن عرفت کلامه کالمحقق و العلامة و الشهیدین و المحقق الثانی و الصیمری. و

حکی أیضا عن المبسوط و الإیضاح فی مسألة ما لو قال إن کان لی فقد بعته بل لم یوجد فی ذلک خلاف صریح و لذا ادعی فی الریاض فی باب الوقف عدم الخلاف فیه صریحا و ما کان منها معلوم الحصول فی المستقبل و هو المعبر عنه بالصفة فالظاهر أنه داخل فی معقد اتفاقهم علی عدم الجواز و إن کان تعلیلهم للمنع باشتراط الجزم لا یجری فیه کما اعترف به الشهید فیما تقدم عنه و نحوه الشهید الثانی فیما حکی عنه بل یظهر من عبارة المبسوط فی باب الوقف کونه مما لا خلاف فیه بیننا بل بین العامة فإنه قال إذا قال الواقف إذا جاء رأس الشهر فقد وقفته لم یصح الوقف بلا خلاف لأنه مثل البیع و الهبة و عندنا مثل العتق أیضا انتهی فإن ذیله یدل علی أن مماثلة الوقف للبیع و الهبة غیر

المکاسب، ج 2، ص 100

مختص بالإمامیة. نعم مماثلته للعتق مختصة بهم و ما کان منها مشکوک الحصول و لیست صحة العقد معلقة علیه فی الواقع کقدوم الحاج فهو المتیقن من معقد اتفاقهم و ما کانت صحة العقد معلقة علیه کالأمثلة المتقدمة فظاهر إطلاق کلامهم یشمله إلا أن الشیخ فی المبسوط حکی فی مسألة إن کان لی فقد بعته قولا من بعض الناس بالصحة و أن الشرط لا یضره مستدلا بأنه لم یشترط إلا ما یقتضیه إطلاق العقد لأنه إنما یصح البیع لهذه الجاریة من الموکل إذا کان أذن له فی الشراء فإذا اقتضاه الإطلاق لم یضر إظهاره و شرطه کما لو شرط فی البیع تسلیم الثمن أو تسلیم المثمن أو ما أشبه ذلک انتهی و هذا الکلام و إن حکاه عن بعض الناس إلا أن الظاهر ارتضاؤه له و حاصله أنه کما لا یضر اشتراط بعض لوازم العقد المترتبة علیه کذلک لا یضر تعلیق العقد بما هو معلق علیه فی الواقع فتعلیقه ببعض مقدماته کالالتزام ببعض غایاته فکما لا یضر الالتزام بما یقتضی العقد إلزامه کذلک التعلیق بما کان الإطلاق معلقا علیه و مقیدا به. و هذا الوجه و إن لم ینهض لدفع محذور التعلیق فی إنشاء العقد لأن المعلق علی ذلک الشرط فی الواقع هو ترتب الأثر الشرعی علی العقد دون إنشاء مدلول الکلام الذی هو وظیفة المتکلم فالمعلق فی کلام المتکلم غیر معلق فی الواقع علی شی ء و المعلق علی شی ء لیس معلقا فی کلام المتکلم علی شی ء بل و لا منجزا بل هو شی ء خارج عن مدلول الکلام إلا أن ظهور ارتضاء الشیخ له کاف فی عدم الظن بتحقق الإجماع علیه مع أن ظاهر هذا التوجیه لعدم قدح التعلیق یدل علی أن محل الکلام فیما لم یعلم وجود المعلق علیه و عدمه فلا وجه لتوهم اختصاصه بصورة العلم. و یؤید ذلک أن الشهید فی قواعده جعل الأصح صحة تعلیق البیع علی ما هو شرط فیه کقول البائع بعتک إن قبلت و یظهر منه ذلک أیضا فی أواخر القواعد. ثم إنک قد عرفت أن العمدة فی المسألة هو الإجماع و ربما یتوهم أن الوجه فی اعتبار التنجیز- هو عدم قابلیة الإنشاء للتعلیق و بطلانه واضح لأن المراد بالإنشاء إن کان هو مدلول الکلام فالتعلیق غیر متصور فیه إلا أن الکلام لیس فیه و إن کان الکلام فی أنه- کما یصح إنشاء الملکیة المتحققة علی کل تقدیر فهل یصح إنشاء الملکیة المتحققة علی تقدیر دون آخر کقوله هذا لک إن جاء زید غدا و خذ المال قرضا أو قراضا إذا أخذته من فلان و نحو ذلک فلا ریب فی أنه أمر متصور واقع فی العرف و الشرع کثیرا کما فی الأوامر و المعاملات من العقود و الإیقاعات. و یتلو هذا الوجه فی الضعف ما قیل من أن ظاهر ما دل علی سببیة العقد ترتب مسببه علیه حال وقوعه فتعلیق أثره بشرط من المتعاقدین مخالف لذلک. و فیه بعد الغض عن عدم انحصار أدلة الصحة و اللزوم فی مثل قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ- لأن دلیل حلیة البیع و تسلط الناس علی أموالهم کاف فی إثبات ذلک أن العقد سبب لوقوع مدلوله فیجب الوفاء به علی طبق مدلوله فلیس مفاد أَوْفُوا بِالْعُقُودِ إلا مفاد أوفوا بالعهد فی أن العقد کالعهد إذا وقع علی وجه التعلیق فترقب تحقق المعلق علیه فی تحقق المعلق لا یوجب عدم الوفاء بالعهد. و الحاصل أنه إن أرید بالمسبب مدلول العقد- فعدم تخلفه عن إنشاء العقد من البدیهیات التی لا یعقل خلافها- و إن أرید به الأثر الشرعی و هو ثبوت الملکیة فیمنع کون أثر مطلق البیع الملکیة المنجزة بل هو مطلق الملک فإن کان البیع غیر معلق کان أثره الشرعی الملک الغیر المعلق و إن کان معلقا فأثره الملکیة المعلقة مع أن تخلف الملک عن العقد کثیر جدا مع أن ما ذکره لا یجری فی مثل قوله بعتک إن شئت أو إن قبلت فقال قبلت فإنه لا یلزم هنا تخلف أثر العقد عنه مع أن هذا لا یجری فی الشرط المشکوک المتحقق فی الحال فإن العقد حینئذ یکون مراعی لا موقوفا مع أن ما ذکره لا یجری فی غیره من العقود التی قد یتأخر مقتضاها عنها کما لا یخفی و لیس الکلام فی خصوص البیع و لیس علی هذا الشرط فی کل عقد دلیل علی حدة. ثم الأضعف من الوجه المتقدم التمسک فی ذلک بتوقیفیة الأسباب الشرعیة الموجبة لوجوب الاقتصار فیها علی المتیقن و لیس إلا العقد العاری عن التعلیق إذ فیه أن إطلاق الأدلة مثل حلیة البیع و تسلط الناس علی أموالهم و حل التجارة عن تراض و وجوب

الوفاء بالعقود و أدلة سائر العقود کافیة فی التوقف. و بالجملة فإثبات هذا الشرط فی العقود مع عموم أدلتها و وقوع کثیر منها فی العرف علی وجه التعلیق بغیر الإجماع محققا أو منقولا مشکل ثم إن القادح هو تعلیق الإنشاء. و أما إذا أنشأ من غیر تعلیق صح العقد و إن کان المنشئ مترددا فی ترتب الأثر علیه شرعا أو عرفا کمن ینشئ البیع و هو لا یعلم أن المال له أو أن المبیع مما یتمول أو أن المشتری راض حین الإیجاب أم لا أو غیر ذلک مما تتوقف صحة العقد علیه عرفا أو شرعا بل الظاهر أنه لا یقدح اعتقاد عدم ترتب الأثر علیه إذا تحقق القصد إلی التملیک العرفی. و قد صرح بما ذکرنا بعض المحققین حیث قال لا یخل زعم فساد المعاملة ما لم یکن سببا لارتفاع القصد. نعم ربما یشکل الأمر فی فقد الشروط المقومة کعدم الزوجیة أو الشک فیها عند إنشاء الطلاق فإنه لا یتحقق القصد إلیه منجزا من دون العلم بالزوجیة و کذا الرقبة فی العتق و حینئذ فإذا مست الحاجة إلی شی ء من ذلک للاحتیاط و قلنا بعدم جواز تعلیق الإنشاء علی ما هو شرط فیه فلا بد من إبرازه بصورة التنجز و إن کان فی الواقع معلقا أو یوکل غیر الجاهل بالحال بإیقاعه و لا یقدح فیه تعلیق الوکالة واقعا علی کون الموکل مالکا للفعل لأن فساد الوکالة بالتعلیق لا یوجب ارتفاع الإذن إلا أن ظاهر الشهید فی القواعد الجزم بالبطلان فیما لو زوج امرأة یشک فی أنها محرمة علیه فظهر حلها و علل ذلک بعدم الجزم حال العقد قال و کذا الإیقاعات کما لو خالع امرأة أو طلقها و هو شاک فی زوجیتها أو ولی نائب الإمام ع قاضیا لا یعلم أهلیته و إن ظهر أهلا. ثم قال و یخرج من هذا البیع مال مورثه لظنه حیاته فبان میتا لأن الجزم هنا حاصل- لکن خصوصیة البائع غیر معلومة و إن قیل بالبطلان أمکن لعدم القصد إلی نقل ملکه و کذا لو زوج أمة أبیه فظهر میتا انتهی. و الظاهر الفرق بین مثال الطلاق و طرفیه بإمکان الجزم فیهما دون مثال الطلاق فافهم. و قال فی موضع آخر و لو طلق بحضور خنثیین فظهرا رجلین أمکن الصحة و کذا بحضور من یظنه فاسقا فظهر عدلا و یشکلان فی العالم بالحکم لعدم قصدهما إلی طلاق صحیح انتهی.

و من جملة شروط العقد التطابق بین الإیجاب و القبول

المکاسب، ج 2، ص 101

فلو اختلفا فی المضمون بأن أوجب البائع البیع علی وجه خاص- من حیث خصوص المشتری أو المثمن أو الثمن أو توابع العقد من الشروط فقبل المشتری علی وجه آخر لم ینعقد و وجه هذا الاشتراط واضح و هو مأخوذ من اعتبار القبول و هو الرضا بالإیجاب فحینئذ لو قال بعته من موکلک بکذا فقال اشتریته لنفسی لم ینعقد و لو قال بعت هذا من موکلک فقال الموکل غیر المخاطب قبلت صح و کذا لو قال بعتک فأمر المخاطب وکیله بالقبول فقبل و لو قال بعتک العبد بکذا فقال اشتریت نصفه بتمام الثمن أو نصفه لم ینعقد. و کذا لو قال بعتک العبد بمائة درهم فقال اشتریته بعشرة دنانیر و لو قال للاثنین بعتکما العبد بألف فقال أحدهما اشتریت نصفه بنصف الثمن لم یقع و لو قال کل منهما ذلک لا یبعد الجواز- و نحوه لو قال البائع بعتک العبد بمائة فقال المشتری اشتریت کل نصف منه بخمسین و فیه إشکال. و من جملة الشروط فی العقد أن یقع کل من إیجابه و قبوله فی حال یجوز لکل واحد منهما الإنشاء فلو کان المشتری فی حال إیجاب البائع غیر قابل للقبول أو خرج البائع حال القبول عن قابلیة الإیجاب لم ینعقد ثم إن عدم قابلیتهما إن کان لعدم کونهما قابلین للتخاطب کالموت و الجنون و الإغماء بل النوم- فوجه الاعتبار عدم تحقق معنی المعاقدة و المعاهدة حینئذ. و أما صحة القبول من الموصی له بعد موت الموصی فهو شرط تحققه لا رکن فإن حقیقة الوصیة الإیصاء و کذا لو مات قبل القبول قام وارثه مقامه و لو رد جاز له القبول بعد ذلک و إن کان لعدم الاعتبار برضاهما فلخروجه عن مفهوم التعاهد و التعاقد لأن المعتبر فیه عرفا رضا کل منهما لما ینشأه الآخر حین إنشائه کمن یعرض له الحجر بفلس أو سفه أو رق أو قرض أو مرض موت. و الأصل فی جمیع ذلک أن الموجب لو فسخ قبل القبول لغا الإیجاب السابق و کذا لو کان المشتری فی زمان الإیجاب غیر راض أو کان ممن لا یعتبر رضاه کالصغیر فصحة کل من الإیجاب و القبول یکون معناه قائما فی نفس المتکلم من أول العقد إلی أن یتحقق تمام السبب و به یتم معنی المعاقدة فإذا لم یکن هذا المعنی قائما فی نفس أحدهما أو قام و لم یکن قیامه معتبرا لم یتحقق معنی المعاقدة ثم إنهم صرحوا بجواز لحوق الرضا لبیع المکره و مقتضاه عدم اعتباره من أحدهما حین العقد بل یکفی حصوله بعده فضلا عن حصوله بعد الإیجاب و قبل القبول اللهم إلا أن یلتزم بکون الحکم فی المکره علی خلاف القاعدة لأجل الإجماع.

فرع لو اختلف المتعاقدان اجتهادا أو تقلیدا فی شروط الصیغة

فهل یجوز أن یکتفی کل منهما بما یقتضیه مذهبه أم لا وجوه ثالثها اشتراط عدم کون العقد المرکب منهما مما لا قائل بکونه سببا فی النقل کما لو فرضنا أنه لا قائل بجواز تقدیم القبول علی الإیجاب و جواز العقد بالفارسیة أردؤها أخیرها و الأولان مبنیان علی أن الأحکام الظاهریة المجتهد فیها بمنزلة الواقعیة الاضطراریة فالإیجاب بالفارسیة من المجتهد القائل بصحته عند من یراه باطلا بمنزلة إشارة الأخرس و إیجاب العاجز عن العربیة و کصلاة المتیمم بالنسبة إلی واجد الماء أم هی أحکام عذریة لا یعذر فیها إلا من اجتهد أو قلد فیها. و المسألة محررة فی الأصول هذا کله إذا کان بطلان العقد عند کل من المتخالفین مستندا إلی فعل الآخر کالصراحة و العربیة و الماضویة و الترتیب. و أما الموالاة و التنجیز و بقاء المتعاقدین علی صفة صحة الإنشاء إلی آخر العقد فالظاهر أن اختلافها یوجب فساد المجموع لأن الإخلال بالموالاة أو التنجیز أو البقاء علی صفة صحة الإنشاء یفسده عبارة من یراها شروطا فإن الموجب إذا علق مثلا أو لم یبق علی صفة صحة الإنشاء إلی زمان القبول باعتقاد مشروعیة ذلک لم یجز من القائل ببطلان هذا تعقیب هذا الإیجاب بالقبول و کذا القابل إذا لم یقبل إلا بعد فوات الموالاة بزعم صحة ذلک فإنه یجب علی الموجب إعادة إیجابه إذا اعتقد اعتبار الموالاة فتأمل.

مسألة لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم یملکه- و کان مضمونا علیه
اشارة

أما عدم الملک فلأنه مقتضی فرض الفساد

و أما الضمان بمعنی کون تلفه علیه- و هو أحد الأمور المتفرعة علی القبض بالعقد الفاسد
اشارة

فهو المعروف- . و ادعی الشیخ فی باب الرهن و فی موضع من البیع الإجماع علیه صریحا و تبعه فی ذلک فقیه عصره فی شرح القواعد و فی السرائر أن البیع الفاسد یجری عند المحصلین مجری الغصب فی الضمان و فی موضع آخر نسبه إلی أصحابنا و یدل علیه النبوی المشهور: علی الید ما أخذت حتی تؤدی و الخدشة فی دلالته بأن کلمة علی ظاهرة فی الحکم التکلیفی فلا یدل علی الضمان ضعیفة جدا فإن هذا الظهور إنما هو إذا أسند الظرف إلی فعل من أفعال المکلفین لا إلی مال من الأموال کما یقال علیه دین فإن لفظة علی حینئذ لمجرد الاستقرار فی العهدة- عینا کان أو دینا و من هنا کان المتجه صحة الاستدلال به علی ضمان الصغیر بل المجنون إذا لم یکن یدهما ضعیفة لعدم التمییز و الشعور. و یدل علی الحکم المذکور أیضا- قوله ع: فی الأمة المبتاعة إذا وجدت مسروقة بعد أن أولدها المشتری أنه یأخذ الجاریة صاحبها و یأخذ الرجل ولده بالقیمة فإن ضمان الولد بالقیمة مع کونه نماء لم یستوفه المشتری یستلزم ضمان الأصل بطریق أولی- و لیس استیلادها من قبیل إتلاف النماء بل من قبیل إحداث نمائها غیر قابل للملک فهو کالتالف لا کالمتلف فافهم. ثم إن هذه المسألة من جزئیات القاعدة المعروفة- کل عقد یضمن بصحیحه یضمن بفاسده- و ما لا یضمن بصحیحه لا یضمن بفاسده و هذه القاعدة أصلا و عکسا و إن لم أجدها بهذه العبارة فی کلام من تقدم علی العلامة إلا أنها یظهر من کلمات الشیخ رحمه الله فی المبسوط فإنه علل الضمان فی غیر واحد من العقود الفاسدة بأنه دخل علی أن یکون المال مضمونا علیه- . و حاصله أن قبض المال مقدما علی ضمانه بعوض واقعی أو جعلی موجب للضمان و هذا المعنی یشمل المقبوض بالعقود الفاسدة التی تضمن بصحیحها. و ذکر أیضا فی مسألة عدم الضمان فی الرهن الفاسد أن صحیحة لا یوجب الضمان فکیف یضمن بفاسده و هذا یدل علی العکس المذکور و لم أجد من تأمل فیها عدا الشهید فی المسالک فیما لو فسد عقد السبق فهل یستحق السابق أجرة المثل أم لا

[القول فی قاعدة الضمان
اشارة

و کیف کان فالمهم بیان معنی القاعدة أصلا و عکسا ثم بیان المدرک فیها.

[أما أصلها]

فتقول و من الله الاستعانة إن المراد بالعقد أعم من الجائز و اللازم بل مما کانت فیه شائبة الإیقاع

المکاسب، ج 2، ص 102

أو کان أقرب إلیه فیشمل الجعالة و الخلع و المراد بالضمان فی الجملتین- هو کون درک المضمون علیه بمعنی کون خسارته و درکه فی ماله الأصلی فإذا تلف وقع نقصان فیه لوجوب تدارکه منه و أما مجرد کون تلفه فی ملکه بحیث یتلف مملوکا له کما یتوهم فلیس هذا معنی للضمان أصلا فلا یقال إن الإنسان ضامن لأمواله ثم تدارکه من ماله تارة یکون بأداء عوضه الجعلی الذی تراضی هو و المالک علی کونه عوضا و إمضاء الشارع کما فی المضمون بسبب العقد الصحیح و أخری بأداء عوضه الواقعی و هو المثل أو القیمة و إن لم یتراضیا علیه- و ثالثة بأداء أقل الأمرین من العوض الواقعی و الجعلی کما ذکره بعضهم فی بعض المقامات مثل تلف الموهوب بشرط التعویض قبل دفع العوض. فإذا ثبت هذا فالمراد بالضمان بقول مطلق هو لزوم تدارکه بعوضه الواقعی لأن هذا هو التدارک حقیقة و لذا لو اشترط ضمان العاریة لزمت غرامة مثلها أو قیمتها. و لم یرد فی أخبار ضمان المضمونات من المغصوبات و غیرها عدا لفظ الضمان بقول مطلق- و أما تدارکه بغیره فلا بد من ثبوته من طریق آخر مثل تواطئهما علیه بعقد صحیح یمضیه الشارع فاحتمال أن یکون المراد بالضمان فی قولهم یضمن بفاسده هو وجوب أداء العوض المسمی نظیر الضمان فی العقد الصحیح ضعیف فی الغایة لا لأن ضمانه بالمسمی یخرجه عن فرض الفساد إذ یکفی فی تحقق فرض الفساد بقاء کل من العوضین علی ملک مالکه و إن کان عند تلف أحدهما یتعین الآخر للعوضیة نظیر المعاطاة علی القول بالإباحة- بل لأجل ما عرفت من معنی الضمان و أن التدارک بالمسمی فی الصحیح لإمضاء الشارع ما تواطأ علی عوضیته لا لأن معنی الضمان فی الصحیح مغایر لمعناه فی الفاسد حتی یوجب ذلک تفکیکا فی العبارة فافهم- . ثم العموم فی العقود لیس باعتبار خصوص الأنواع- لتکون أفراده مثل البیع و الصلح و الإجارة و نحوها لجواز کون نوع لا یقتضی بنوعه الضمان و إنما المقتضی له بعض أصنافه فالفرد الفاسد من ذلک الصنف یضمن به دون الفرد الفاسد من غیر ذلک الصنف مثلا الصلح بنفسه لا یوجب الضمان لأنه قد لا یفید إلا فائدة الهبة غیر المعوضة أو الإبراء فالموجب للضمان هو المشتمل علی المعاوضة فالفرد الفاسد من هذا القسم موجب للضمان أیضا و لا یلتفت إلی أن نوع الصلح الصحیح من حیث هو لا یوجب ضمانا فلا یضمن بفاسده و کذا الکلام فی الهبة المعوضة و کذا عاریة الذهب و الفضة. نعم ذکروا فی وجه عدم ضمان الصید الذی استعاره المحرم أن صحیح العاریة لا یوجب الضمان فینبغی أن لا یضمن بفسادها و لعل المراد عاریة غیر الذهب و الفضة و غیر المشروط ضمانها. ثم المتبادر من اقتضاء الصحیح للضمان اقتضاؤه له بنفسه فلو اقتضاه الشرط المتحقق فی ضمن العقد الصحیح ففی الضمان بالفاسد من هذا الفرد المشروط فیه الضمان تمسکا بهذه القاعدة إشکال کما لو استأجر إجارة فاسدة و اشترط فیها ضمان العین و قلنا بصحة هذا الشرط فهل تضمن بهذا الفاسد لأن صحیحة یضمن به و لو لأجل الشرط أم لا و کذا الکلام فی الفرد الفاسد من العاریة المضمونة. و یظهر من الریاض اختیار الضمان بفاسدها مطلقا تبعا لظاهر المسالک. و یمکن جعل الهبة المعوضة من هذا القبیل بناء علی أنها هبة مشروطة لا معاوضة و ربما یحتمل فی العبارة أن یکون معناه أن کل شخص من العقود یضمن به لو کان صحیحا یضمن به مع الفساد. و رتب علیه عدم الضمان فیما لو استأجر بشرط أن لا أجرة کما اختاره الشهیدان- أو باع بلا ثمن کما هو أحد وجهی العلامة فی القواعد. و یضعف بأن الموضوع هو العقد الذی وجد له بالفعل صحیح و فاسد لا ما یفرض تارة صحیحا و أخری فاسدا فالمتعین بمقتضی هذه القاعدة الضمان فی مسألة البیع لأن البیع الصحیح یضمن به- . نعم ما ذکره بعضهم من التعلیل لهذه القاعدة بأنه أقدم علی العین مضمونة علیه- لا یجری فی هذا الفرع لکن الکلام فی معنی القاعدة لا فی مدرکها ثم إن لفظة الباء فی بصحیحه و بفاسده- إما بمعنی فی بأن یراد کلما تحقق الضمان فی صحیحة تحقق فی فاسده- . و إما لمطلق السببیة الشامل للناقصة لا العلة التامة فإن العقد الصحیح قد لا یوجب الضمان إلا بعد القبض کما فی السلم و الصرف بل مطلق البیع حیث إن المبیع قبل القبض مضمون علی البائع بمعنی أن درکه علیه و یتدارکه برد الثمن فتأمل و کذا الإجارة و النکاح و الخلع فإن المال فی ذلک کله مضمون علی من انتقل

عنه إلی أن یتسلمه من انتقل إلیه. و أما العقد الفاسد فلا تکون علة تامة أبدا بل یفتقر فی ثبوت الضمان إلی القبض فقبله لا ضمان فجعل الفاسد سببا إما لأنه المنشأ للقبض علی وجه الضمان الذی هو سبب للضمان و إما لأنه سبب الحکم بالضمان بشرط القبض و لذا علل الضمان الشیخ و غیره بدخوله علی أن تکون العین مضمونة علیه. و لا ریب أن دخوله علی الضمان إنما هو بإنشاء العقد الفاسد فهو سبب لضمان ما یقبضه و الغرض من ذلک کله دفع ما یتوهم أن سبب الضمان فی الفاسد هو القبض لا العقد الفاسد فکیف یقاس الفاسد علی الصحیح فی سببیة الضمان و یقال کلما یضمن بصحیحه یضمن بفاسده. و قد ظهر من ذلک أیضا فساد توهم أن ظاهر القاعدة عدم توقف الضمان فی الفاسد إلی القبض فلا بد من تخصیص القاعدة بإجماع و نحوه ثم إن المدرک لهذه الکلیة- علی ما ذکره فی المسالک فی مسألة الرهن المشروط بکون المرهون مبیعا بعد انقضاء الأجل هو إقدام الآخذ علی الضمان ثم أضاف إلی ذلک قوله ص: علی الید ما أخذت حتی تؤدی. و الظاهر أنه تبع فی استدلاله بالإقدام الشیخ فی المبسوط حیث علل الضمان فی موارد کثیرة من البیع و الإجارة الفاسدین بدخوله علی أن یکون المال مضمونا علیه بالمسمی فإذا لم یسلم له المسمی رجع إلی المثل أو القیمة و هذا الوجه لا یخلو عن تأمل لأنهما إنما أقدما و تراضیا و تواطئا بالعقد الفاسد علی ضمان خاص لا الضمان بالمثل أو القیمة و المفروض عدم إمضاء الشارع لذلک الضمان الخاص و مطلق الضمان لا یبقی بعد انتفاء الخصوصیة حتی یتقوم بخصوصیة أخری فالضمان بالمثل أو القیمة إن ثبت فحکم شرعی تابع لدلیله و لیس مما أقدم علیه المتعاقدان. و هذا کله مع أن مورد هذا التعلیل أعم من وجه من المطلب إذ قد یکون الإقدام موجودا و لا ضمان کما قبل القبض و قد لا یکون إقدام فی العقد الفاسد مع تحقق الضمان کما إذا شرط فی عقد البیع ضمان المبیع علی البائع- إذا تلف فی ید المشتری- و کما إذا

المکاسب، ج 2، ص 103

قال بعتک بلا ثمن أو آجرتک بلا أجرة. نعم قوی الشهیدان فی الأخیر عدم الضمان و استشکل العلامة فی مثال البیع فی باب السلم. و بالجملة فدلیل الإقدام مع أنه مطلب یحتاج إلی دلیل لم نحصله منقوض طردا و عکسا و أما خبر الید فدلالته و إن کانت ظاهرة و سنده منجبرا إلا أن مورده مختص بالأعیان فلا یشمل المنافع و الأعمال المضمونة فی الإجارة الفاسدة- اللهم إلا أن یستدل علی الضمان فیها بما دل علی احترام مال المسلم و أنه لا یحل إلا عن طیب نفسه و أن حرمة ماله کحرمة دمه و أنه لا یصلح ذهاب حق أحد مضافا إلی أدلة نفی الضرر فکل عمل وقع من عامل لأحد بحیث یقع بأمره و تحصیلا لغرضه فلا بد من أداء عوضه لقاعدتی الاحترام و نفی الضرار. ثم إنه لا یبعد أن یکون مراد الشیخ و من تبعه من الاستدلال علی الضمان بالإقدام و الدخول علیه بیان أن العین و المنفعة- التین تسلمهما الشخص لم یتسلمهما مجانا و تبرعا حتی لا یقضی احترامهما بتدارکهما بالعوض کما فی العمل المتبرع به و العین المدفوعة مجانا أو أمانة فلیس دلیل الإقدام دلیلا مستقلا بل هو بیان لعدم المانع عن مقتضی الید فی الأموال و احترام الأعمال. نعم فی المسالک ذکر کلا من الأقدام و الید دلیلا مستقلا فیبقی علیه ما ذکر سابقا من النقض و الاعتراض. و یبقی الکلام حینئذ فی بعض الأعمال المضمونة التی لا یرجع نفعها إلی الضامن و لم یقع بأمره کالسبق فی المسابقة الفاسدة حیث حکم الشیخ و المحقق و غیرهما بعدم استحقاق السابق أجرة المثل خلافا لآخرین- و وجهه أن عمل العامل لم یعد نفعه إلی الآخر- و لم یقع بأمره أیضا. فاحترام الأموال التی منها الأعمال لا یقضی بضمان الشخص له و وجوب عوضه علیه لأنه لیس کالمستوفی له و لذا کانت شرعیته علی خلاف القاعدة حیث إنه بذل مال فی مقابل عمل لا ینفع الباذل و تمام الکلام فی بابه- ثم إنه لا فرق فیما ذکرنا من الضمان فی الفاسد- بین جهل الدافع بالفساد و بین علمه مع جهل القابض. و توهم أن الدافع فی هذه الصورة هو الذی سلطه علیه و المفروض أن القابض جاهل- . مدفوع بإطلاق النص و الفتوی و لیس الجاهل مغرورا لأنه أقدم علی الضمان قاصدا و تسلیط الدافع العالم لا یجعله أمانة مالکیة لأنه دفعه علی أنه ملک المدفوع إلیه لا أنه أمانة عنده أو عاریة و لذا لا یجوز له التصرف فیه و الانتفاع به و ستأتی تتمة ذلک فی مسألة بیع الغاصب مع علم المشتری. هذا کله فی أصل الکلیة المذکورة

و أما عکسها

و هو أن ما لا یضمن بصحیحه لا یضمن بفاسده فمعناه أن کل عقد لا یفید صحیحة ضمان مورده ففاسده لا یفید ضمانا کما فی عقد الرهن و الوکالة و المضاربة و العاریة غیر المضمونة بل المضمونة بناء علی أن المراد بإفادة الصحیح للضمان إفادته بنفسه- لا بأمر خارج عنه کالشرط الواقع فی متنه و غیر ذلک من العقود اللازمة و الجائزة- ثم إن مقتضی ذلک عدم ضمان العین المستأجرة فاسدا لأن صحیح الإجارة غیر مفید لضمانها کما صرح به فی القواعد و السرائر. و حکی عن التذکرة و إطلاق الباقی إلا أن صریح الریاض الحکم بالضمان و حکی فیها عن بعض نسبته إلی المفهوم من کلمات الأصحاب و الظاهر أن المحکی عنه- هو المحقق الأردبیلی فی مجمع الفائدة. و ما أبعد ما بینه و بین ما عن جامع المقاصد حیث قال فی باب الغصب إن الذی یلوح من کلامهم هو عدم ضمان العین المستأجرة فاسدا باستیفاء المنفعة و الذی ینساق إلیه النظر هو الضمان لأن التصرف فیها حرام لأنه غصب فیضمنه ثم قال إلا أن کون الإجارة الفاسدة لا یضمن بها کما لا یضمن بصحیحها مناف لذلک- فیقال إنه دخل علی عدم الضمان بهذا الاستیلاء و إن لم یکن مستحقا و الأصل براءة الذمة من الضمان فلا تکون العین بذلک مضمونة و لو لا ذلک لکان المرتهن ضامنا مع فساد الرهن لأن استیلاءه بغیر حق و هو باطل انتهی. و لعل الحکم بالضمان فی المسألة- إما لخروجها عن قاعدة ما لا یضمن لأن المراد بالمضمون مورد العقد و مورد العقد فی الإجارة المنفعة فالعین یرجع فی حکمها إلی القواعد- و حیث کانت فی صحیح الإجارة أمانة مأذونا فیها شرعا و من طرف المالک لم یکن فیه ضمان و أما فی فاسدها فدفع الموجر للعین إنما هو للبناء علی استحقاق المستأجر لها لحق الانتفاع فیها و المفروض عدم الاستحقاق- فیده علیها ید عدوان موجبة للضمان و إما لأن قاعدة ما لا یضمن معارضة هنا بقاعدة الید- و الأقوی عدم الضمان. فالقاعدة المذکورة غیر مخصصة بالعین المستأجرة و لا متخصصة

ثم إنه یشکل اطراد القاعدة فی موارد

منها الصید الذی استعاره المحرم من المحل

بناء علی فساد العاریة فإنهم حکموا بضمان المحرم له بالقیمة مع أن صحیح العاریة لا یضمن به و لذا ناقش الشهید الثانی فی الضمان علی تقدیری الصحة و الفساد إلا أن یقال إن وجه ضمانه بعد البناء علی أنه یجب علی المحرم إرساله و أداء قیمته أن المستقر علیه قهرا بعد العاریة هی القیمة لا العین فوجوب دفع القیمة ثابت قبل التلف- بسبب وجوب الإتلاف الذی هو سبب لضمان ملک الغیر فی کل عقد لا بسبب التلف.

و یشکل اطراد القاعدة أیضا فی البیع فاسدا

بالنسبة إلی المنافع التی لم یستوفها فإن هذه المنافع غیر مضمونة فی العقد الصحیح مع أنها مضمونة فی العقد الفاسد إلا أن یقال إن ضمان العین یستتبع ضمان المنافع فی العقد الصحیح و الفاسد- . و فیه نظر لأن نفس المنفعة غیر مضمونة بشی ء فی العقد الصحیح- لأن الثمن إنما هو بإزاء العین دون المنافع و یمکن نقض القاعدة أیضا بحمل المبیع فاسدا علی ما صرح به فی المبسوط و الشرائع و التذکرة- و التحریر من کونه مضمونا علی المشتری خلافا للشهیدین و المحقق الثانی و بعض آخر تبعا للعلامة فی القواعد مع أن الحمل غیر مضمون فی البیع الصحیح بناء علی أنه للبائع. و عن الدروس توجیه کلام العلامة بما إذا اشترط الدخول فی البیع و حینئذ لا نقض علی القاعدة و یمکن النقض أیضا بالشرکة الفاسدة بناء علی أنه لا یجوز التصرف بها فأخذ المال المشترک حینئذ عدوانا موجب للضمان ثم إن مبنی هذه القضیة السالبة- علی ما تقدم من کلام الشیخ فی المبسوط هی الأولویة و حاصلها أن الرهن لا یضمن بصحیحه فکیف بفاسده. و توضیحه أن الصحیح من العقد إذا لم یقتض الضمان مع إمضاء الشارع له فالفاسد الذی هو بمنزلة العدم لا یؤثر فی الضمان لأن أثر الضمان إما من الإقدام علی الضمان و المفروض عدمه و إلا لضمن بصحیحه و إما من حکم الشارع بالضمان

المکاسب، ج 2، ص 104

بواسطة هذه المعاملة الفاسدة و المفروض أنها لا تؤثر شیئا. و وجه الأولویة أن الصحیح إذا کان مفیدا للضمان- أمکن أن یقال إن الضمان من مقتضیات الصحیح- فلا یجری فی الفاسد لکونه لغوا غیر مؤثر علی ما سبق تقریبه من أنه أقدم علی ضمان خاص- و الشارع لم یمضه فیرتفع أصل الضمان لکن یخدشها أنه یجوز أن تکون صحة الرهن و الإجارة المستلزمة لتسلط المرتهن و المستأجر علی العین شرعا مؤثرة فی رفع الضمان- بخلاف الفاسد الذی لا یوجب تسلطا لهما علی العین فلا أولویة. فإن قلت إن الفاسد و إن لم یکن له دخل فی الضمان إلا أن مقتضی عموم علی الید هو الضمان- خرج منه المقبوض بصحاح العقود التی یکون مواردها غیر مضمونة علی القابض و بقی الباقی.

قلت ما خرج به المقبوض بصحاح تلک العقود یخرج به المقبوض بفاسدها و هی عموم ما دل علی أن من لم یضمنه المالک سواء ملکه إیاه بغیر عوض- أو سلطه علی الانتفاع به أو استأمنه منه علیه لحفظه أو دفعه إلیه لاستیفاء حقه- أو العمل فیه بلا أجرة أو معها أو غیر ذلک فهو غیر ضامن. أما فی غیر التملیک بلا عوض أعنی الهبة فالدلیل المخصص لقاعدة الضمان- عموم ما دل علی أن من استأمنه المالک علی ملکه غیر ضامن بل لیس لک أن تتهمه- . و أما فی الهبة الفاسدة فیمکن الاستدلال علی خروجها من عموم الید بفحوی ما دل علی خروج مورد الاستیمان فإن استیمان المالک لغیره علی ملکه إذا اقتضی عدم ضمانه له- اقتضی التسلیط المطلق علیه مجانا عدم ضمانه بطریق أولی. و التقیید بالمجانیة لخروج التسلیط المطلق بالعوض کما فی المعاوضات فإنه عین التضمین فحاصل أدلة عدم ضمان المستأمن أن دفع المالک إلیه ملکه علی وجه لا یضمنه بعوض واقعی أعنی المثل أو القیمة و لا جعلی فلیس علیه ضمان.

الثانی من الأمور المتفرعة علی عدم تملک المقبوض بالبیع الفاسد- وجوب رده فورا إلی المالک

و الظاهر أنه مما لا خلاف فیه- علی تقدیر عدم جواز التصرف فیه کما یلوح من مجمع الفائدة بل صرح فی التذکرة کما عن جامع المقاصد أن مئونة الرد علی المشتری لوجوب ما لا یتم إلا به و إطلاقه یشمل ما لو کان فی رده مئونة کثیرة إلا أن یقید بغیرها بأدلة نفی الضرر. و یدل علیه أن الإمساک آنا ما تصرف فی مال الغیر بغیر إذنه فلا یجوز لقوله عجل الله تعالی فرجه: لا یجوز لأحد أن یتصرف فی مال غیره إلا بإذنه و لو نوقش فی کون الإمساک تصرفا کفی عموم قوله ص: لا یحل مال امرأ مسلم لأخیه إلا عن طیب نفسه حیث یدل علی تحریم جمیع الأفعال المتعلقة به التی منها کونه فی یده. و أما توهم أن هذا بإذنه حیث إنه دفعه باختیاره فمندفع بأنه إنما ملکه إیاه عوضا- فإذا انتفت صفة العوضیة باعتبار عدم سلامة العوض له شرعا و المفروض أن کونه علی وجه الملکیة المجانیة مما لم ینشئها المالک و کونه مالا للمالک و أمانة فی یده أیضا مما لم یؤذن فیه و لو أذن له فهو استیداع جدید کما أنه لو ملکه مجانا کانت هبة جدیدة هذا و لکن الذی یظهر من المبسوط عدم الإثم فی إمساکه معللا بأنه قبضه بإذنه مالکه و کذا السرائر ناسبا له إلی الأصحاب و هو ضعیف و النسبة غیر ثابتة و لا یبعد إرادة صورة الجهل لأنه لا یعاقب.

الثالث أنه لو کان للعین المبتاعة منفعة- استوفاها المشتری قبل الرد

کان علیه عوضها علی المشهور بل ظاهر ما تقدم من السرائر کونه بمنزلة المغصوب الاتفاق علی الحکم. و یدل علیه عموم قوله لا یحل مال امرأ مسلم لأخیه إلا عن طیب نفسه بناء علی صدق المال علی المنفعة و لذا یجعل ثمنا فی البیع و صداقا فی النکاح خلافا للوسیلة فنفی الضمان محتجا بأن الخراج بالضمان کما فی النبوی المرسل. و تفسیره أن من ضمن شیئا و تقبله لنفسه فخراجه له فالباء للسببیة أو المقابلة- فالمشتری لما أقدم علی ضمان المبیع و تقبله علی نفسه بتقبیل البائع و تضمینه إیاه علی أن یکون الخراج له مجانا کان اللازم من ذلک أن خراجه له علی تقدیر الفساد- کما أن الضمان علیه علی هذا التقدیر أیضا. و الحاصل أن ضمان العین لا یجتمع مع ضمان الخراج و مرجعه إلی أن الغنیمة و الفائدة بإزاء الغرامة و هذا المعنی مستنبط من أخبار کثیرة متفرقة مثل قوله فی مقام الاستشهاد علی کونه منفعة المبیع فی زمان الخیار للمشتری أ لا تری أنها لو احترقت کانت من مال المشتری و نحوه فی الرهن و غیره. و فیه أن هذا الضمان لیس هو ما أقدم علیه المتبایعان حتی یکون الخراج بإزائه و إنما هو أمر قهری حکم به الشارع کما حکم بضمان المقبوض بالسوم و المغصوب. فالمراد بالضمان الذی بإزائه الخراج التزام الشی ء علی نفسه و تقبله له مع إمضاء الشارع له و ربما ینتقض ما ذکرناه- فی معنی الروایة بالعاریة المضمونة حیث إنه أقدم علی ضمانها مع أن خراجها لیس له لعدم تملکه للمنفعة و إنما تملک الانتفاع الذی عینه المالک فتأمل. و الحاصل أن دلالة الروایة لا تقصر عن سندها فی الوهن فلا یترک لأجلها قاعدة ضمان مال المسلم و احترامه و عدم حله إلا عن طیب النفس و ربما یرد هذا القول بما ورد فی شراء الجاریة المسروقة- من ضمان قیمة الولد و عوض اللبن بل عوض کلما انتفع. و فیه أن الکلام فی البیع الفاسد الحاصل بین مالکی العوضین من جهة أن مالک العین جعل خراجها له بإزاء ضمانها بالثمن لا ما کان فساده من جهة التصرف فی مال الغیر و أضعف من ذلک رده بصحیحة أبی ولاد المتضمنة لضمان منفعة المغصوب المستوفاة ردا علی أبی حنیفة القائل بأنه إذا تحقق ضمان العین و لو بالغصب سقط کراها کما یظهر من تلک الصحیحة. نعم لو کان القول المذکور موافقا لقول أبی حنیفة فی إطلاق القول بأن الخراج بالضمان انتهضت الصحیحة و ما قبلها ردا علیه هذا کله فی المنفعة المستوفاة و أما المنفعة الفائتة بغیر استیفاء فالمشهور فیها أیضا الضمان و قد عرفت عبارة السرائر المتقدمة- و لعله لکون المنافع أموالا فی ید من بیده العین فهی مقبوضة فی یده و لذا یجری علی المنفعة حکم المقبوض إذا قبض العین فتدخل المنفعة فی ضمان المستأجر و یتحقق قبض الثمن فی السلم بقبض الجاریة المجعول خدمتها ثمنا و کذا الدار المجعول سکناها ثمنا مضافا إلی أنه مقتضی احترام مال المسلم إذ کونه فی ید غیر مالکه مدة طویلة من غیر أجرة مناف للاحترام لکن یشکل الحکم- بعد تسلیم کون المنافع أموالا حقیقة بأن مجرد ذلک لا یکفی فی تحقق الضمان إلا أن یندرج فی عموم علی الید ما أخذت و لا إشکال فی عدم شمول صلة الموصول للمنافع و حصولها فی الید بقبض العین لا یوجب صدق الأخذ و دعوی أنه کنایة عن مطلق الاستیلاء الحاصل فی المنافع بقبض الأعیان مشکلة. و أما احترام

المکاسب، ج 2، ص 105

مال المسلم فإنما یقتضی عدم حل التصرف فیه و إتلافه بلا عوض- و إنما یتحقق ذلک فی الاستیفاء فالحکم بعدم الضمان مطلقا کما عن الإیضاح أو مع علم البائع بالفساد کما عن بعض آخر موافق للأصل السلیم مضافا إلی أنه قد یدعی شمول قاعدة ما لا یضمن بصحیحه لا یضمن بفاسده له و من المعلوم أن صحیح البیع لا یوجب ضمانا للمشتری للمنفعة لأنها له مجانا و لا یتقسط الثمن علیها و ضمانها مع الاستیفاء لأجل الإتلاف فلا ینافی القاعدة المذکورة لأنها بالنسبة إلی التلف لا الإتلاف مضافا إلی الأخبار الواردة فی ضمان المنافع المستوفاة من الجاریة المسروقة المبیعة الساکتة عن ضمان غیرها فی مقام البیان.: و کذا صحیحة محمد بن قیس الواردة فیمن باع ولیدة أبیه بغیر إذنه فقال ع: الحکم أن یأخذ الولیدة و ابنها و سکت عن المنافع الفائتة فإن عدم الضمان فی هذه الموارد مع کون العین لغیر البائع- یوجب عدم الضمان هنا بطریق أولی. و الإنصاف أن للتوقف فی المسألة کما فی المسالک تبعا للدروس و التنقیح مجالا و ربما یظهر من القواعد فی باب الغصب عند التعرض لأحکام البیع الفاسد اختصاص الإشکال و التوقف بصورة علم البائع علی ما استظهر السید العمید و المحقق الثانی من عبارة الکتاب. و عن الفخر حمل الإشکال فی العبارة علی مطلق صورة عدم الاستیفاء فتحصل من ذلک کله أن الأقوال فی ضمان المنافع غیر المستوفاة خمسة الأول الضمان و کأنه للأکثر. الثانی عدم الضمان کما عن الإیضاح. الثالث الضمان إلا مع علم البائع کما عن بعض من کتب علی الشرائع. الرابع التوقف فی هذه الصورة کما استظهره جامع المقاصد و السید العمید من عبارة القواعد.

الخامس التوقف مطلقا کما عن الدروس و التنقیح و المسالک و محتمل القواعد کما یظهر من فخر الدین. و قد عرفت أن التوقف أقرب إلی الإنصاف إلا أن المحکی عن التذکرة ما لفظه أن منافع الأموال من العبد و الثیاب و العقار و غیرها مضمونة بالتفویت و الفوات تحت الید العادیة فلو غصب عبدا أو جاریة أو ثوبا أو عقارا أو حیوانا مملوکا ضمن منافعه سواء أتلفها بأن استعملها أو فاتت تحت یده بأن بقیت مدة فی یده لا یستعملها عند علمائنا أجمع. و لا یبعد أن یراد بالید العادیة مقابل الید الحقة فتشمل ید المشتری فیما نحن فیه خصوصا مع غلبته و لا سیما مع جهل البائع به و أظهر منه ما فی السرائر فی آخر باب الإجارة من الاتفاق أیضا علی ضمان منافع المغصوب الفائتة مع قوله فی باب البیع إن البیع الفاسد عند أصحابنا بمنزلة الشی ء المغصوب إلا فی ارتفاع الإثم عن إمساکه انتهی. و علی هذا فالقول بالضمان لا یخلو عن قوة و إن کان المتراءی من ظاهر صحیحة أبی ولاد- اختصاص الضمان فی المغصوب بالمنافع المستوفاة من البغل المتجاوز به إلی غیر محل الرخصة إلا أنا لم نجد بذلک عاملا فی المغصوب الذی هو موردها.

الرابع- إذا تلف المبیع فإن کان مثلیا وجب مثله بلا خلاف

إلا ما یحکی عن ظاهر الإسکافی. و قد اختلفت کلمات أصحابنا فی تعریف المثلی فالشیخ و ابن زهرة و ابن إدریس و المحقق و تلمیذه و العلامة و غیرهم قدس الله أرواحهم بل المشهور علی ما حکی- أنه ما تساوت أجزاؤه من حیث القیمة و المراد بأجزائه ما یصدق علیه اسم الحقیقة و المراد بتساویها من حیث القیمة تساویها بالنسبة بمعنی کون قیمة کل بعض بالنسبة إلی قیمة البعض الآخر کنسبة نفس البعضین من حیث المقدار و لذا قیل فی توضیحه- إن المقدار منه إذا کان یساوی قیمة فنصفه یساوی نصف تلک القیمة. و من هنا رجح الشهید الثانی کون المصوغ من النقدین قیمیا قال إذ لو انفصل نقصت قیمته قلت و هذا یوجب أن لا یکون الدرهم الواحد مثلیا إذ لو انکسر نصفین نقصت قیمة نصفه عن نصف قیمة المجموع إلا أن یقال إن الدرهم مثلی بالنسبة إلی نوعه و هو الصحیح و لذا لا یعد الجریش مثلا للحنطة و لا الدقاقة مثلا للأرز. و من هنا یظهر أن کل نوع من أنواع الجنس الواحد بل کل صنف من أصناف نوع واحد مثلی بالنسبة إلی أفراد ذلک النوع أو الصنف- فلا یرد ما قیل من أنه إن أرید التساوی بالکلیة فالظاهر عدم صدقه علی شی ء من المعرف إذ ما من مثلی إلا و أجزاؤه مختلفة فی القیمة کالحنطة فإن قفیزا من حنطة یساوی عشرة و من أخری یساوی عشرین و إن أرید التساوی فی الجملة فهو فی القیمی موجود کالثوب و الأرض انتهی. و قد لوح هذا المورد فی آخر کلامه إلی دفع إیراده بما ذکرنا من أن کون الحنطة مثلیة معناه أن کل صنف منها متماثل للأجزاء و متساویا فی القیمة لا بمعنی أن جمیع أبعاض هذا النوع متساویة فی القیمة فإذا کان المضمون بعضا من صنف فالواجب دفع مساویة من هذا الصنف لا القیمة و لا بعض من صنف آخر. لکن الإنصاف أن هذا خلاف ظاهر کلماتهم فإنهم یطلقون المثلی علی جنس الحنطة و الشعیر و نحوهما مع عدم صدق التعریف علیه و إطلاق المثلی علی الجنس باعتبار مثلیة أنواعه أو أصنافه و إن لم یکن بعیدا إلا أن انطباق التعریف علی الجنس بهذا الاعتبار بعید جدا إلا أن یهملوا خصوصیات الأصناف الموجبة لزیادة القیمة و نقصانها کما التزمه بعضهم. غایة الأمر وجوب رعایة الخصوصیات عند أداء المثل عوضا عن التالف- أو القرض و هذا أبعد- هذا مضافا إلی أنه یشکل اطراد التعریف بناء علی هذا بأنه إن أرید تساوی الأجزاء من صنف واحد من حیث القیمة تساویا حقیقیا فإنه قل ما یتفق ذلک فی الصنف الواحد من النوع لأن أشخاص ذلک الصنف لا تکاد تتساوی فی القیمة لتفاوتها بالخصوصیات الموجبة لزیادة الرغبة و نقصانها کما لا یخفی و إن أرید تقارب أجزاء ذلک الصنف من حیث القیمة و إن لم تتساو حقیقة تحقق ذلک فی أکثر القیمیات فإن لنوع الجاریة أصنافا متقاربة فی الصفات الموجبة لتساوی القیمة و بهذا الاعتبار یصح السلم فیها و لذا اختار العلامة فی باب القرض من التذکرة علی ما حکی عنه أن ما یصح فیه السلم من القیمیات مضمون فی القرض بمثله. و قد عد الشیخ فی المبسوط الرطب و الفواکه من القیمیات مع أن کل نوع منهما مشتمل علی أصناف متقاربة فی القیمة بل متساویة عرفا ثم لو فرض أن الصنف المتساوی من حیث القیمة فی الأنواع القیمیة عزیز الوجود بخلاف الأنواع المثلیة لم یوجب ذلک إصلاح طرد التعریف. نعم یوجب ذلک الفرق بین النوعین فی حکمه الحکم بضمان المثلی

المکاسب، ج 2، ص 106

بالمثلی و القیمی بالقیمة ثم إنه قد عرف المثلی بتعاریف أخر أعم من التعریف المتقدم أو أخص. فعن التحریر أنه ما تماثلت أجزاؤه و تقاربت صفاته و عن الدروس و الروضة البهیة أنه المتساوی الأجزاء و المنفعة المتقارب الصفات و عن المسالک و الکفایة أنه أقرب التعریفات إلی السلامة و عن غایة المراد ما تساوت أجزاؤه فی الحقیقة النوعیة و عن بعض العامة أنه ما قدر بالکیل أو الوزن. و عن آخر منهم زیادة جواز بیعه سلما- . و عن ثالث منهم زیادة جواز بیع بعضه ببعض- . إلی غیر ذلک مما حکاه فی التذکرة عن العامة. ثم لا یخفی أنه لیس للفظ المثلی حقیقة شرعیة و لا متشرعة و لیس المراد معناه اللغوی إذ المراد بالمثل لغة المماثل فإن أرید من جمیع الجهات فغیر منعکس و إن أرید من بعضها فغیر مطرد و لیس فی النصوص حکم یتعلق بهذا العنوان حتی یبحث عنه. نعم وقع هذا العنوان فی معقد إجماعهم علی أن المثلی یضمن بالمثل و غیره بالقیمة و من المعلوم أنه لا یجوز الاتکال فی تعیین معقد الإجماع علی قول بعض المجمعین مع مخالفة الباقین- و حینئذ فینبغی أن یقال کلما کان مثلیا باتفاق المجمعین فلا إشکال فی ضمانه بالمثل للإجماع. و یبقی ما کان مختلفا فیه بینهم کالذهب و الفضة غیر المسکوکین فإن صریح الشیخ فی المبسوط کونهما من القیمیات- و ظاهر غیره کونهما مثلیین و کذا الحدید و النحاس و الرصاص فإن ظواهر عبائر المبسوط و الغنیة و السرائر کونها قیمیة. و عبارة التحریر صریحة فی کون أصولها مثلیة و إن کان المصوغ منها قیمیا. و قد صرح الشیخ فی المبسوط بکون الرطب و العنب قیمیین و التمر و الزبیب مثلیین و قال فی محکی المختلف إن فی الفرق إشکالا بل صرح بعض من قارب عصرنا بکون الرطب و العنب مثلیین. و قد حکی عن موضع من جامع المقاصد أن الثوب مثلی و المشهور خلافه و أیضا فقد مثلوا للمثلی بالحنطة و الشعیر و لم یعلم أن المراد نوعهما أو کل صنف- و ما المعیار فی الصنف و کذا التمر و الحاصل أن موارد عدم تحقق الإجماع علی المثلیة فیها کثیرة- فلا بد من ملاحظة أن الأصل الذی یرجع إلیه عند الشک هو الضمان بالمثل أو بالقیمة أو تخییر المالک أو الضامن بین المثل و القیمة و لا یبعد أن یقال إن الأصل هو تخییر الضامن لأصالة براءة ذمته عما زاد علی ما یختاره فإن فرض إجماع علی خلافه فالأصل تخییر المالک لأصالة عدم براءة ذمته بدفع ما لا یرضی به المالک مضافا إلی عموم علی الید ما أخذت حتی تؤدی فإن مقتضاه عدم ارتفاع الضمان بغیر أداء العین خرج ما إذا رضی المالک بشی ء آخر و الأقوی تخییر المالک من أول الأمر لأصالة الاشتغال و التمسک بأصالة البراءة لا یخلو من منع. نعم یمکن أن یقال بعد عدم الدلیل لترجیح أحد الأقوال و الإجماع علی عدم تخییر المالک التخییر فی الأداء من جهة دوران الأمر بین المحذورین أعنی تعین المثل بحیث لا یکون للمالک مطالبة القیمة و لا للضامن الامتناع و بین تعیین القیمة کذلک فلا متیقن فی البین و لا یمکن البراءة الیقینیة عند التشاح- فهو من باب تخییر المجتهد فی الفتوی فتأمل هذا و لکن یمکن أن یقال- إن القاعدة المستفاد من إطلاقات الضمان- فی المغصوبات و الأمانات المفرط فیها و غیر ذلک هو الضمان بالمثل لأنه أقرب إلی التالف من حیث المالیة و الصفات ثم بعده قیمة التالف من النقدین و شبههما- لأنهما أقرب من حیث المالیة- لأن ما عداهما یلاحظ مساواته للتالف بعد إرجاعه إلیهما و لأجل الاتکال علی هذا الظهور لا تکاد تظفر علی مورد واحد من هذه الموارد علی کثرتها قد نص المشهور فیه علی ذکر المضمون به بل کلها إلا ما شذ و ندر قد أطلق فیها الضمان فلو لا الاعتماد علی ما هو المتعارف لم یحسن من الشارع إهماله فی موارد البیان. و قد استدل فی المبسوط و الخلاف علی ضمان المثلی بالمثل و القیمی بالقیمة بقوله تعالی فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ بتقریب أن مماثل ما اعتدی هو المثل فی المثلی و القیمة فی غیره و اختصاص الحکم بالمتلف عدوانا لا یقدح بعد عدم القول بالفصل و ربما یناقش فی الآیة بأن مدلولها اعتبار المماثلة فی مقدار الاعتداء لا المعتدی به و فیه نظر. نعم الإنصاف عدم وفاء الآیة کالدلیل السابق علیها- بالقول المشهور لأن مقتضاهما وجوب المماثلة العرفیة فی الحقیقة و المالیة- و هذا یقتضی اعتبار المثل حتی فی القیمیات سواء وجد المثل

فیها أم لا أما مع وجود المثل فیها کما لو أتلف ذراعا من کرباس طوله عشرون ذراعا متساویة من جمیع الجهات فإن مقتضی العرف و الآیة إلزام الضامن بتحصیل ذراع آخر من ذلک و لو بأضعاف قیمته و دفعه إلی مالک الذراع المتلف مع أن القائل بقیمیة الثوب لا یقول به- و کذا لو أتلف علیه عبدا و له فی ذمة المالک بسبب القرض أو السلم عبد موصوف بصفات التالف فإنهم لا یحکمون بالتهاتر القهری کما یشهد به ملاحظ کلماتهم فی بیع عبد من عبدین. نعم ذهب جماعة منهم الشهیدان فی الدروس و المسالک إلی جواز رد العین المقترضة إذا کانت قیمیة لکن لعله من جهة صدق أداء القرض بأداء العین لا من جهة ضمان القیمی بالمثل و لذا اتفقوا علی عدم وجوب قبول غیرها و إن کان مماثلا لها من جمیع الجهات. و أما مع عدم وجود المثل للقیمی التالف فمقتضی الدلیلین عدم سقوط المثل من الذمة بالتعذر کما لو تعذر المثل فی المثلی فیضمن بقیمته یوم الدفع کالمثلی و لا یقولون به و أیضا فلو فرض نقصان المثل عن التالف من حیث القیمة نقصانا فاحشا فمقتضی ذلک عدم جواز إلزام المالک بالمثل لاقتضائهما اعتبار المماثلة فی الحقیقة و المالیة- مع أن المشهور کما یظهر من بعض إلزامه به و إن قوی خلافه بعض بل ربما احتمل جواز دفع المثل و لو سقط المثل عن القیمة بالکلیة و إن کان الحق خلافه- فنبین أن النسبة بین مذهب المشهور و مقتضی العرف و الآیة عموم من وجه فقد یضمن بالمثل بمقتضی الدلیلین- و لا یضمن به عند المشهور کما فی المثالین المتقدمین. و قد ینعکس الحکم کما فی المثال الثالث و قد یجتمعان فی المضمون به کما فی أکثر الأمثلة ثم إن الإجماع علی ضمان القیمی بالقیمة علی تقدیر تحققه لا یجدی بالنسبة إلی ما لم یجمعوا علی کونه قیمیا ففی موارد الشک یجب الرجوع إلی المثل بمقتضی الدلیل السابق و عموم الآیة بناء علی ما هو الحق المحقق من أن العام المخصص بالمجمل مفهوما المردد بین الأقل و الأکثر

المکاسب، ج 2، ص 107

لا یخرج عن الحجیة بالنسبة إلی موارد الشک. فحاصل الکلام أن ما أجمع علی کونه مثلیا یضمن بالمثل مع مراعاة الصفات التی یختلف فیها الرغبات و إن فرض نقصان قیمته فی زمان الدفع أو مکانه عن قیمة التالف بناء علی تحقق الإجماع علی إهمال هذا التفاوت مضافا إلی الخبر الوارد فی أن الثابت فی ذمة من اقترض دراهم و أسقطها السلطان و روج غیرها هی الدراهم الأولی و ما أجمع علی کونه قیمیا یضمن بالقیمة بناء علی ما سیجی ء من الاتفاق علی ذلک و إن وجد مثله- أو کان مثله فی ذمة الضامن و ما شک فی کونه قیمیا أو مثلیا یلحق بالمثلی مع عدم اختلاف قیمتی المدفوع و التالف و مع الاختلاف الحق بالقیمی فتأمل.

الخامس ذکر فی القواعد أنه لو لم یوجد المثل إلا بأکثر من ثمن المثل

ففی وجوب الشراء تردد انتهی. أقول کثرة الثمن إن کانت لزیادة القیمة السوقیة للمثل- بأن صارت قیمته أضعاف قیمة التالف یوم تلفه فالظاهر أنه لا إشکال فی وجوب الشراء و لا خلاف کما صرح به فی الخلاف حیث قال إذا غصب ماله مثل الحبوب و الأدهان فعلیه مثل ما تلف فی یده یشتریه بأی ثمن کان بلا خلاف و فی المبسوط یشتریه بأی ثمن کان إجماعا انتهی. و وجهه عموم النص و الفتوی بوجوب المثل فی المثلی و یؤیده فحوی حکمهم بأن تنزل قیمة المثل حین الدفع عن یوم التلف لا یوجب الانتقال إلی القیمة بل ربما احتمل بعضهم ذلک مع سقوط المثل فی زمان الدفع عن المالیة کالماء علی الشاطئ و الثلج فی الشتاء و إما إن کانت لأجل تعذر المثل و عدم وجدانه إلا عند من یعطیه بأزید مما یرغب فیه الناس مع وصف الإعواز بحیث یعد بذل ما یرید مالکه بإزائه ضررا عرفا. فالظاهر أن هذا هو المراد بعبارة القواعد لأن الثمن فی الصورة الأولی لیس بأزید من ثمن المثل بل هو ثمن المثل و إنما زاد علی ثمن التالف یوم التلف فحینئذ یمکن التردد فی الصورة الثانیة کما قیل من أن الموجود بأکثر من ثمن المثل کالمعدوم کالرقبة فی الکفارة و الهدی و أنه یمکن معاندة البائع و طلب أضعاف القیمة و هو ضرر و لکن الأقوی مع ذلک وجوب الشراء وفاقا للتحریر کما عن الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد بل إطلاق السرائر و نفی الخلاف المتقدم عن الخلاف لعین ما ذکر فی الصورة الأولی ثم إنه لا فرق فی جواز مطالبة المالک بالمثل بین کونه فی مکان التلف أو غیره و لا بین کون قیمته فی مکان المطالبة أزید من قیمته فی مکان التلف أم لا وفاقا لظاهر المحکی عن التحریر و التذکرة و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد. و فی السرائر أنه الذی یقتضیه عدل الإسلام و الأدلة و أصول المذهب و هو کذلک لعموم الناس مسلطون علی أموالهم هذا مع وجود المثل فی بلد المطالبة و أما مع تعذره فسیأتی حکمه فی المسألة السادسة.

السادس لو تعذر المثل فی المثلی
اشارة

السادس لو تعذر المثل فی المثلی

فمقتضی القاعدة وجوب دفع القیمة مع مطالبة المالک لأن منع المالک ظلم- و إلزام الضامن بالمثل منفی بالتعذر فوجبت القیمة جمعا بین الحقین مضافا إلی قوله تعالی فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ فإن الضامن إذا ألزم بالقیمة مع تعذر المثل لم یعتد علیه أزید مما اعتدی و أما مع عدم مطالبة المالک فلا دلیل علی إلزامه بقبول القیمة لأن المتیقن أن دفع القیمة علاج لمطالبة المالک و جمع بین حق المالک بتسلیطه علی المطالبة و حق الضامن لعدم تکلیفه بالتعذر و المعسور أما مع عدم المطالبة فلا دلیل علی سقوط حقه عن المثل. و ما ذکرنا یظهر من المحکی عن التذکرة و الإیضاح حیث ذکرا فی رد بعض الاحتمالات الآتیة فی حکم تعذر المثل ما لفظه أن المثل لا یسقط بالإعواز أ لا تری أن المغصوب منه لو صبر إلی زمان وجدان المثل ملک المطالبة و إنما المصیر إلی القیمة وقت تغریمها انتهی. لکن أطلق کثیر منهم الحکم بالقیمة عند تعذر المثل و لعلهم یریدون صورة المطالبة و إلا فلا دلیل علی الإطلاق و یؤید ما ذکرنا- أن المحکی عن الأکثر فی باب القرض أن المعتبر فی المثلی المتعذر قیمته یوم المطالبة. نعم عبر بعضهم بیوم الدفع فلیتأمل و کیف کان فلنرجع إلی حکم المسألة فنقول إن المشهور أن العبرة فی قیمة المثل المتعذر بقیمته هو یوم الدفع لأن المثلی ثابت فی الذمة إلی ذلک الزمان و لا دلیل علی سقوطه بتعذره کما لا یسقط الدین بتعذر أدائه. و قد صرح بما ذکرنا المحقق الثانی و قد عرفت من التذکرة و الإیضاح ما یدل علیه- و یحتمل اعتبار وقت تعذر المثل و هو للحلی فی البیع الفاسد و التحریر فی باب القرض و المحکی عن المسالک لأنه وقت الانتقال إلی القیمة و یضعفه أنه إن أرید بالانتقال- انقلاب ما فی الذمة إلی القیمة فی ذلک الوقت فلا دلیل علیه و إن أرید عدم وجوب إسقاط ما فی الذمة إلا بالقیمة فوجوب الإسقاط بها و إن حدث یوم التعذر مع المطالبة إلا أنه لو أخر الإسقاط بقی المثل فی الذمة إلی تحقق الإسقاط و إسقاطه فی کل زمان بأداء قیمته فی ذلک الزمان و لیس فی الزمان الثانی مکلفا بما صدق علیه الإسقاط فی الزمان الأول هذا و لکن لو استندنا فی لزوم القیمة فی المسألة إلی ما تقدم سابقا من الآیة و من أن المتبادر من إطلاقات الضمان هو وجوب الرجوع إلی أقرب الأموال إلی التالف بعد تعذر المثل توجه القول بصیرورة التالف قیمیا بمجرد تعذر المثل إذ لا فرق فی تعذر المثل بین تحققه ابتداء کما فی القیمیات- و بین طروه بعد التمکن کما فی ما نحن فیه. و دعوی اختصاص الآیة و إطلاقات الضمان بالحکم بالقیمة بتعذر المثل ابتداء لا یخلو عن تحکم- ثم إن فی المسألة احتمالات أخر- ذکر أکثرها فی القواعد و قوی بعضها فی الإیضاح و بعضها بعض الشافعیة و حاصل جمیع الاحتمالات فی المسألة مع مبانیها أنه إما أن نقول باستقرار المثل فی الذمة إلی أوان الفراغ منه بدفع القیمة و هو الذی اخترناه- تبعا للأکثر من اعتبار القیمة عند الإقباض و ذکره فی القواعد خامس الاحتمالات و إما أن نقول بصیرورته قیمیا عند الإعواز فإذا صار کذلک فإما أن نقول إن المثل المستقر فی الذمة قیمی فتکون القیمیة صفة للمثل بمعنی أنه لو تلف وجبت قیمته و إما أن نقول إن المغصوب انقلب قیمیا بعد أن کان مثلیا. فإن قلنا بالأول فإن جعلنا الاعتبار فی القیمی بیوم التلف کما هو أحد الأقوال کان المتعین قیمة المثل یوم الإعواز کما صرح به فی السرائر فی البیع الفاسد و التحریر فی باب القرض لأنه یوم تلف القیمی و إن جعلنا الاعتبار فیه بزمان الضمان کما

المکاسب، ج 2، ص 108

هو القول الآخر فی القیمی کان المتجه اعتبار زمان تلف العین لأنه أول أزمنة وجوب المثل فی الذمة المستلزم لضمانه بقیمته عند تلفه و هذا مبنی علی القول بالاعتبار فی القیمی بوقت الغصب کما عن الأکثر و إن جعلنا الاعتبار فیه بأعلی القیم من زمان الضمان إلی زمان التلف کما حکی عن جماعة من القدماء فی الغصب کان المتجه الاعتبار بأعلی القیم من یوم تلف العین إلی زمان الإعواز و ذکر هذا الوجه فی القواعد ثانی الاحتمالات. و إن قلنا إن التالف انقلب قیمیا احتمل الاعتبار بیوم الغصب کما فی القیمی المغصوب و الاعتبار بالأعلی منه إلی یوم التلف و ذکر هذا أول الاحتمالات فی القواعد. و إن قلنا إن المشترک بین العین و المثل صار قیمیا جاء احتمال الاعتبار بالأعلی من یوم الضمان إلی یوم تعذر المثل لاستمرار الضمان فیما قبله من الزمان إما للعین و إما للمثل فهو مناسب لضمان الأعلی من حین الغصب إلی التلف و هذا ذکره فی القواعد ثالث الاحتمالات و احتمل الاعتبار بالأعلی من یوم الغصب إلی دفع المثل- و وجهه فی محکی التذکرة و الإیضاح بأن المثل لا یسقط بالإعواز قالا أ لا تری أنه لو صبر المالک إلی وجدان المثل استحقه- فالمصیر إلی القیمة عند تغریمها و القیمة الواجبة علی الغاصب أعلی القیم. و حاصله أن وجوب دفع قیمة المثلی یعتبر من زمن وجوبها أو وجوب مبدلها أعنی العین فیجب أعلی القیم منهما فافهم. إذا عرفت هذا فاعلم أن المناسب لإطلاق کلامهم- لضمان المثل فی المثلی هو أنه مع تعذر المثل لا یسقط المثل عن الذمة غایة الأمر یجب إسقاطه مع مطالبة المالک فالعبرة بما هو إسقاط حین الفعل فلا عبرة بالقیمة إلا یوم الإسقاط و تفریغ الذمة و أما بناء علی ما ذکرنا من أن المتبادر من أدلة الضمان التغریم بالأقرب إلی التالف فالأقرب کان المثل مقدما مع تیسره و مع تعذره ابتداء کما فی القیمی أو بعد التمکن کما فیما نحن فیه کان المتعین هو القیمة فالقیمة قیمة للمغصوب من حین صار قیمیا و هو حال الإعواز فحال الإعواز معتبر من حیث إنه أول أزمنة صیرورة التالف قیمیا لا من حیث ملاحظة القیمة قیمة للمثل دون العین فعلی القول باعتبار یوم التلف فی القیمی توجه ما اختاره الحلی رحمه الله. و لو قلنا بضمان القیمی بأعلی القیم من حین الغصب إلی حین التلف- کما علیه جماعة من القدماء توجه ضمانه فیما نحن فیه بأعلی القیم من حین الغصب إلی زمان الإعواز إذ کما أن ارتفاع القیمة مع بقاء العین مضمون بشرط تعذر أدائها المتدارک لارتفاع القیم کذلک یشترط تعذر المثل فی المثلی إذ مع رد المثل یرتفع ضمان القیمة السوقیة- و حیث کانت العین فیما نحن فیه مثلیة کان أداء مثلها عند تلفها کرد عینها فی إلغاء ارتفاع القیم فاستقرار ارتفاع القیم إنما یحصل بتلف العین و المثل. فإن قلنا إن تعذر المثل یسقط المثل کما أن تلف العین یسقط العین توجه القول بضمان القیمة من زمان الغصب إلی زمان الإعواز و هو أصح الاحتمالات فی المسألة عند الشافعیة علی ما قیل. و إن قلنا إن تعذر المثل لا یسقط المثل و لیس کتلف العین کان ارتفاع القیمة فیما بعد تعذر المثل أیضا مضمونا فیتوجه ضمان القیمة من حین الغصب إلی حین دفع القیمة و هو المحکی عن الإیضاح و هو أوجه الاحتمالات علی القول بضمان ارتفاع القیمة مراعی بعدم رد العین أو المثل. ثم اعلم أن العلامة ذکر فی عنوان هذه الاحتمالات أنه لو تلف المثلی و المثل موجود ثم أعوز ظاهره اختصاص هذه الاحتمالات بما إذا طرأ تعذر المثل بعد وجود المثل فی بعض أزمنة التلف لا ما تعذر فیه المثل ابتداء. و عن جامع المقاصد أنه یتعین حینئذ قیمة یوم التلف و لعله لعدم تنجز التکلیف بالمثل علیه فی وقت من الأوقات و یمکن أن یخدش فیه بأن التمکن من المثل لیس بشرط لحدوثه فی الذمة ابتداء کما لا یشترط فی استقراره استدامة علی ما اعترف به مع طرو التعذر بعد التلف و لذا لم یذکر أحد هذا التفصیل فی باب القرض. و بالجملة فاشتغال الذمة بالمثل إن قید بالتمکن لزم الحکم بارتفاعه بطروء التعذر و إلا لزم الحکم بحدوثه مع التعذر من أول الأمر إلا أن یقال إن أدلة وجوب المثل ظاهرة فی صورة التمکن و إن لم یکن مشروطا به عقلا فلا تعم صورة العجز. نعم إذا طرأ العجز فلا دلیل علی سقوط المثل و انقلابه قیمیا- و قد یقال علی المحقق المذکور إن اللازم مما ذکره أنه لو ظفر المالک بالمثل قبل أخذ القیمة

لم یکن له المطالبة و لا أظن أحدا یلتزمه و فیه تأمل. ثم إن المحکی عن التذکرة أن المراد بإعواز المثل أن لا یوجد فی البلد و ما حوله و زاد فی المسالک قوله مما ینقل عادة منه إلیه کما ذکروا فی الانقطاع المسلم فیه- . و عن جامع المقاصد الرجوع فیه إلی العرف و یمکن أن یقال- إن مقتضی عموم وجوب أداء مال الناس و تسلیطهم علی أموالهم أعیانا کانت أم فی الذمة وجوب تحصیل المثل کما کان یجب رد العین أینما کانت و لو کانت فی تحصیلها مئونة کثیرة و لذا کان یجب تحصیل المثل بأی ثمن کان و لیس هنا تحدید التکلیف بما عن التذکرة نعم لو انعقد الإجماع علی ثبوت القیمة عند الإعواز تعین ما عن جامع المقاصد- کما أن المجمعین إذا کانوا بین معبر بالإعواز و معبر بالتعذر کان المتیقن الرجوع إلی الأخص و هو المتعذر لأنه المجمع علیه. نعم ورد فی بعض أخبار السلم أنه إذا لم یقدر المسلم إلیه- علی إیفاء المسلم فیه تخیر المشتری. و من المعلوم أن المراد بعدم القدرة لیس التعذر العقلی المتوقف علی استحالة النقل من بلد آخر بل الظاهر منه عرفا ما عن التذکرة و هذا یستأنس به للحکم فیما نحن فیه ثم إن فی معرفة قیمة المثل مع فرض عدمه إشکالا من حیث إن العبرة بفرض وجوده و لو فی غایة العزة کالفاکهة فی أول زمانها أو آخره- أو وجود المتوسط الظاهر هو الأول لکن مع فرض وجوده بحیث یرغب فی بیعه و شرائه فلا عبرة بفرض وجوده عند من یستغنی عن بیعه بحیث لا یبیعه إلا إذا بذل له عوض لا یبذله الراغبون فی هذا الجنس بمقتضی رغبتهم. نعم لو ألجأ إلی شرائه لغرض آخر بذل ذلک کما لو فرض الجمد فی الصیف عند ملک العراق بحیث لا یعطیه إلا أن یبذله بإزاء عتاق الخیل و شبهها فإن الراغب فی الجمد فی العراق من حیث إنه راغب لا یبذل هذا العوض بإزائه و إنما یبذله من یحتاج إلیه لغرض آخر کالإهداء إلی سلطان قادم إلی العراق مثلا أو معالجة مشرف علی الهلاک و نحو ذلک من الأغراض و لذا لو وجد

المکاسب، ج 2، ص 109

هذا الفرد من المثل لم یقدح فی صدق التعذر کما ذکرنا فی المسألة الخامسة. فکل موجود لا یقدح وجوده فی صدق التعذر فلا عبرة بفرض وجوده فی التقویم عند عدمه ثم إنک قد عرفت أن للمالک مطالبة الضامن بالمثل عند تمکنه و لو کان فی غیر بلد الضمان و کانت قیمة المثل هناک أزید و أما مع تعذره و کون قیمة المثل فی بلد التلف مخالفا لها فی بلد المطالبة فهل له المطالبة بأعلی القیمتین أم یتعین قیمة بلد المطالبة أم بلد التلف وجوه. و فصل الشیخ فی المبسوط فی باب الغصب بأنه إن لم یکن فی نقله مئونة فإن کالنقدین فله المطالبة بالمثل سواء أ کانت القیمتان مختلفتین أم لا و إن کان فی نقله مئونة فإن کانت القیمتان متساویتین کان له المطالبة أیضا لأنه لا ضرر علیه فی ذلک و إلا فالحکم أن یأخذ قیمة بلد التلف أو یصبر حتی یوفیه بذلک البلد ثم قال إن الکلام فی القرض کالکلام فی الغصب و حکی نحو هذا عن القاضی أیضا فتدبر. و یمکن أن یقال إن الحکم باعتبار بلد القرض أو السلم علی القول به مع الإطلاق لانصراف العقد إلیه و لیس فی باب الضمان ما یوجب هذا الانصراف- . بقی الکلام فی أنه هل یعد من تعذر المثل خروجه عن القیمة کالماء علی الشاطئ إذا تلفه فی مفازة و الجمد فی الشتاء إذا أتلفه فی الصیف أم لا الأقوی بل المتعین هو الأول بل حکی عن بعض نسبته إلی الأصحاب و غیرهم. و المصرح به فی محکی التذکرة و الإیضاح و الدروس قیمة المثل فی تلک المفازة و یحتمل آخر مکان أو زمان سقط المثل فیه عن المالیة.

فرع- لو دفع القیمة فی المثلی المتعذر مثله ثم تمکن من المثل

فالظاهر عدم عود المثل فی ذمته وفاقا للعلامة رحمه الله- و من تأخر عنه ممن تعرض للمسألة لأن المثل کان دینا فی الذمة سقط بأداء عوضه مع التراضی فلا یعود کما لو تراضیا بعوضه مع وجوده هذا علی المختار من عدم سقوط المثل عن الذمة بالإعواز و أما علی القول بسقوطه و انقلابه قیمیا. فإن قلنا بأن المغصوب انقلب قیمیا عند تعذر مثله- فأولی بالسقوط لأن المدفوع نفس ما فی الذمة. و إن قلنا إن المثل بتعذره النازل منزلة التلف صار قیمیا احتمل وجوب المثل عند وجوده لأن القیمة حینئذ بدل الحیلولة عن المثل و سیأتی أن حکمه عود المبدل عند انتفاء الحیلولة.

السابع- لو کان التالف المبیع فاسدا قیمیا
اشارة

فقد حکی الاتفاق علی کونه مضمونا بالقیمة و تدل علیه الأخبار المتفرقة فی کثیر من القیمیات فلا حاجة إلی التمسک بصحیحة أبی ولاد الآتیة فی ضمان البغل و لا بقوله ع: من أعتق شقصا من عبد قوم علیه بل الأخبار کثیرة بل قد عرفت أن مقتضی إطلاق أدلة الضمان فی القیمیات هو ذلک بحسب المتعارف إلا أن المتیقن من هذا المتعارف ما کان المثل فیه متعذرا بل یمکن دعوی انصراف الإطلاقات الواردة فی خصوص بعض القیمیات کالبغل و العبد و نحوهما لصورة تعذر المثل کما هو الغالب- فالمرجع فی وجوب القیمة فی القیمی و إن فرض تیسر المثل له کما فی من أتلف عبدا من شخص باعه عبدا موصوفا بصفات ذلک العبد بعینه و کما لو أتلف علیه ذراعا من مائه ذراع کرباس منسوج علی طریقة واحدة لا تفاوت فی أجزائه أصلا هو الإجماع کما یستظهر. و علی تقدیره ففی شموله لصورة تیسر المثل من جمیع الجهات تأمل خصوصا مع الاستدلال علیه کما فی الخلاف و غیره بقوله تعالی فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ بناء علی أن القیمة مماثلة للتالف فی المالیة فإن ظاهر ذلک جعلها- من باب الأقرب إلی التالف بعد تعذر المثل و کیف کان فقد حکی الخلاف فی ذلک عن الإسکافی. و عن الشیخ و المحقق فی الخلاف و الشرائع فی باب القرض فإن أرادوا ذلک مطلقا حتی مع تعذر المثل فتکون القیمة عندهم بدلا عن المثل حتی یترتب علیه وجوب قیمة یوم دفعها کما ذکروا ذلک احتمالا فی مسألة تعین القیمة متفرعا علی هذا القول فترده إطلاقات الروایات الکثیرة فی موارد کثیرة منها صحیحة أبی ولاد الآتیة. و منها روایة العبد. و منها ما دل علی أنه إذا تلف الرهن بتفریط المرتهن سقط من ذمته بحساب ذلک فلو لا ضمان التالف بالقیمة لم یکن وجه لسقوط الدین بمجرد ضمان التالف. و منها غیر ذلک من الأخبار الکثیرة. و إن أرادوا أنه مع تیسر المثل یجب المثل لم یکن بعیدا نظرا إلی ظاهر آیة الاعتداء و نفی الضرر لأن خصوصیات الحقائق قد تقصد اللهم إلا أن یحقق إجماع علی خلافه و لو من جهة أن ظاهر کلمات هؤلاء إطلاق القول بضمان المثل فیکون الفصل بین التیسر و عدمه قولا ثالثا فی المسألة ثم إنهم اختلفوا فی تعین القیمة فی المقبوض بالبیع الفاسد. فالمحکی فی غایة المراد عن الشیخین و أتباعهما تعین قیمة یوم التلف و عن الدروس و الروضة نسبته إلی الأکثر. و الوجه فیه علی ما نبه علیه جماعة منهم العلامة فی التحریر أن الانتقال إلی البدل إنما هو یوم التلف إذ الواجب قبله هو رد العین و ربما یورد علیه- أن یوم التلف یوم الانتقال إلی القیمة أما کون المنتقل إلیها قیمة یوم التلف فلا و یدفع بأن معنی ضمان العین عند قبضه کونه فی عهدته و معنی ذلک وجوب تدارکه ببدله عند التلف حتی یکون عند التلف کأنه لم یتلف- و تدارکه ببدله علی هذا النحو بالتزام مال معادل له قائم مقامه. و مما ذکرنا ظهر أن الأصل فی ضمان التالف ضمانه بقیمته یوم التلف فإن خرج المغصوب من ذلک مثلا فبدلیل خارج. نعم لو تم ما تقدم عن الحلی فی هذا المقام من دعوی الاتفاق علی کون المبیع فاسدا بمنزلة المغصوب إلا فی ارتفاع الإثم ألحقناه بالمغصوب إن ثبت فیه حکم مخالف لهذا الأصل بل یمکن أن یقال إذا ثبت فی المغصوب الاعتبار بقیمة یوم الغصب کما هو ظاهر صحیحة أبی ولاد الآتیة کشف ذلک عن عدم اقتضاء إطلاقات الضمان لاعتبار قیمة یوم التلف إذ یلزم حینئذ أن یکون المغصوب عند کون قیمته یوم التلف أضعاف ما کانت یوم الغصب غیر واجب التدارک عند التلف لما ذکرنا من أن معنی التدارک الالتزام بقیمته یوم وجوب التدارک. نعم لو فرضت دلالة الصحیحة علی وجوب أعلی القیم أمکن جعل التزام الغاصب بالزائد علی مقتضی التدارک مؤاخذة له بأشق الأحوال.

فالمهم حینئذ صرف الکلام إلی معنی الصحیحة بعد ذکرها

لیلحق به البیع الفاسد إما لما ادعاه الحلی- و إما لکشف الصحیحة عن معنی التدارک و الغرامة فی المضمونات. و کون العبرة فی جمیعها بیوم الضمان کما هو أحد الأقوال فیما نحن فیه من البیع الفاسد

المکاسب، ج 2، ص 110

و حیث إن الصحیحة مشتملة علی أحکام کثیرة و فوائد خطیرة فلا بأس بذکرها جمیعا- و إن کان الغرض متعلقا ببعضها. فروی الشیخ فی الصحیح عن ابن محبوب عن أبی ولاد قال: اکتریت بغلا إلی قصر بنی هبیرة- ذاهبا و جائیا بکذا و کذا و خرجت فی طلب غریم لی فلما صرت إلی قرب قنطرة الکوفة خبرت أن صاحبی توجه نحو النیل فتوجهت نحو النیل فلما أتیت النیل خبرت أنه توجه إلی بغداد فاتبعته فظفرت به و فرغت فیما بینی و بینه و رجعت إلی الکوفة و کان ذهابی و مجی ء خمسة عشر یوما فأخبرت صاحب البغل بعذری و أردت أن أتحلل منه فیما صنعت و أرضیه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبی أن یقبل فتراضینا بأبی حنیفة و أخبرته بالقصة و أخبره الرجل فقال لی ما صنعت بالبغل فقلت قد رجعته سلیما قال نعم بعد خمسة عشر یوما قال فما ترید من الرجل قال أرید کری بغلی فقد حبسه علی خمسة عشر یوما فقال إنی ما أری لک حقا لأنه اکتراه إلی قصر بنی هبیرة فخالف فرکبه إلی النیل و إلی بغداد فضمن قیمة البغل و سقط الکری فلما رد البغل سلیما و قبضته لم یلزمه الکری قال فخرجنا من عنده و جعل صاحب البغل یسترجع فرحمت مما أفتی به أبو حنیفة و أعطیته شیئا و تحللت منه و حججت تلک السنة فأخبرت أبا عبد الله ع بما أفتی به أبو حنیفة فقال فی مثل هذا القضاء و شبهه تحبس السماء ماءها و تمنع الأرض برکاتها [قال فقلت لأبی عبد الله ع فما تری أنت جعلت فداک قال ع أری له علیک مثل کری البغل ذاهبا من الکوفة إلی النیل [و مثل کری البغل ذاهبا من النیل إلی بغداد و مثل کری البغل من بغداد إلی الکوفة و توفیه إیاه قال قلت جعلت فداک قد علفته بدراهم فلی علیه علفه قال لا لأنک غاصب فقلت أ رأیت لو عطب البغل أو نفق أ لیس کان یلزمنی- قال نعم قیمة بغل یوم خالفته قلت فإن أصاب البغل کسر أو دبر أو عقر فقال علیک قیمة ما بین الصحة و العیب یوم ترده علیه قلت فمن یعرف ذلک قال أنت و هو إما یحلف هو علی القیمة فیلزمک فإن رد الیمین علیک فحلفت علی القیمة لزمک ذلک أو یأتی صاحب البغل بشهود یشهدون أن قیمة البغل حین اکتری کذا و کذا فیلزمک قلت إنی أعطیته دراهم و رضی بها و حللنی قال إنما رضی فأحلک حین قضی علیه أبو حنیفة بالجور و الظلم و لکن ارجع إلیه و أخبره بما أفتیتک به فإن جعلک فی حل بعد معرفته فلا شی ء علیک بعد ذلک إلخ و محل الاستشهاد فیها فقرتان الأولی قوله نعم قیمة بغل یوم خالفته إلی ما بعد فإن الظاهر أن الیوم قید للقیمة إما بإضافة القیمة المضافة إلی البغل إلیه- ثانیا یعنی قیمة یوم المخالفة للبغل فیکون إسقاط حرف التعریف من البغل للإضافة لا لأن ذا القیمة بغل غیر معین حتی توهم الروایة مذهب من جعل القیمی مضمونا بالمثل و القیمة إنما هی قیمة المثل و إما بجعل الیوم قیدا للاختصاص- الحاصل من إضافة القیمة إلی البغل و أما ما احتمله جماعة من تعلق الظرف بقوله ع نعم القائم مقام قوله ع یلزمک یعنی یلزمک یوم المخالفة قیمة بغل فبعید جدا بل غیر ممکن لأن السائل إنما سأل عما یلزمه بعد التلف بسبب المخالفة بعد العلم بکون زمان المخالفة زمان حدوث الضمان کما یدل علیه أ رأیت لو عطب البغل أو نفق أ لیس کان یلزمنی فقوله نعم یعنی یلزمک بعد التلف بسبب المخالفة قیمة بغل یوم خالفته. و قد أطنب بعض فی جعل الفقرة ظاهرة فی تعلق الظرف بلزوم القیمة علیه و لم یأت بشی ء یساعده الترکیب اللغوی و لا التفاهم العرفی. الثانیة قوله أو یأتی صاحب البغل بشهود یشهدون أن قیمة البغل یوم اکتری کذا و کذا فإن إثبات قیمة یوم الاکتراء من حیث هو یوم الاکتراء لا جدوی فیه لعدم الاعتبار به فلا بد أن یکون الغرض منه إثبات قیمة یوم المخالفة بناء علی أنه یوم الاکتراء لأن الظاهر من صدر الروایة- أنه خالف المالک بمجرد خروجه من الکوفة و من المعلوم أن اکتراء البغل لمثل تلک المسافة القلیلة إنما یکون یوم الخروج أو فی عصر الیوم السابق و معلوم أیضا عدم اختلاف القیمة فی هذه المدة القلیلة. و أما قوله ع فی جواب السؤال عن إصابة العیب علیک قیمة ما بین الصحة و العیب یوم ترده فالظرف متعلق بعلیک لا قید للقیمة إذ لا عبرة

فی أرش العیب بیوم الرد إجماعا- لأن النقص الحادث تابع فی تعیین یوم قیمته لأصل العین فالمعنی علیک أداء الأرش یوم رد البغلة و یحتمل أن یکون قیدا للعیب. و المراد العیب الموجود فی یوم الرد لاحتمال ازدیاد العیب إلی یوم الرد فهو مضمون دون العیب القلیل الحادث أولا لکن یحتمل أن یکون العیب قد تناقص إلی یوم الرد و العبرة حینئذ بالعیب الموجود حال حدوثه لأن المعیب لو رد إلی الصحة أو نقص- لم یسقط ضمان ما حدث منه و ارتفع علی مقتضی الفتوی- فهذا الاحتمال من هذه الجهة ضعیف أیضا فتعین تعلقه بقوله ع علیک- . و المراد بقیمة ما بین الصحة و العیب قیمة التفاوت بین الصحة و العیب و لا تعرض فی الروایة لیوم هذه القیمة فیحتمل الغصب و یحتمل یوم حدوث العیب- الذی هو یوم تلف وصف الصحة الذی هو بمنزلة جزء العین فی باب الضمانات و المعاوضات و حیث عرفت ظهور الفقرة السابقة علیه و اللاحقة له فی اعتبار یوم الغصب تعین حمل هذا أیضا علی ذلک. نعم یمکن أن یوهن ما استظهرناه من الصحیحة بأنه لا یبعد أن یکون مبنی الحکم فی الروایة علی ما هو الغالب فی مثل مورد الروایة من عدم اختلاف قیمة البغل فی مدة خمسة عشر یوما و یکون السر فی التعبیر بیوم المخالفة دفع ما ربما یتوهمه أمثال صاحب البغل من العوام أن العبرة بقیمة ما اشتری به البغل و إن نقص بعد ذلک لأنه خسر المبلغ الذی اشتری به البغلة.

و یؤیده التعبیر عن یوم المخالفة فی ذیل الروایة بیوم الاکتراء فإن فیه إشعارا بعدم عنایة المتکلم بیوم المخالفة من حیث إنه یوم المخالفة إلا أن یقال إن الوجه فی التعبیر بیوم الاکتراء مع کون المناط یوم المخالفة هو التنبیه علی سهولة إقامة الشهود علی قیمته فی زمان الاکتراء لکون البغل فیه غالبا بمشهد من الناس- و جماعة من المکارین بخلاف زمان المخالفة من حیث إنه زمان المخالفة فتغییر التعبیر لیس لعدم العبرة بزمان المخالفة بل للتنبیه علی سهولة معرفة القیمة بالبینة کالیمین- فی مقابل قول السائل و من یعرف ذلک فتأمل. و یؤیده أیضا قوله ع فیما بعد فی جواب قول السائل و من یعرف ذلک قال أنت و هو إما أن یحلف هو علی القیمة فیلزمک فإن رد الیمین علیک فحلفت له لزمه أو یأتی صاحب البغل بشهود یشهدون أن قیمة البغل یوم اکتری کذا و کذا فیلزمک

المکاسب، ج 2، ص 111

فإن العبرة لو کانت بخصوص یوم المخالفة لم یکن وجه لکون القول قول المالک- مع کونه مخالفا للأصل ثم لا وجه لقبول بینته لأن من کان القول قوله فالبینة بینة صاحبه. و حمل الحلف هنا علی الحلف المتعارف الذی یرضی به المحلوف له و یصدقه فیه من دون محاکمة و التعبیر برده الیمین علی الغاصب من جهة أن المالک أعرف بقیمة بغله فکان الحلف حقا له ابتداء خلاف الظاهر و هذا بخلاف ما لو اعتبرنا یوم التلف- فإنه یمکن أن یحمل توجه الیمین علی المالک علی ما إذا اختلفا فی تنزل القیمة یوم التلف مع اتفاقهما أو الاطلاع من الخارج علی قیمته سابقا و لا شک حینئذ أن القول قول المالک و یکون سماع البینة فی صورة اختلافهما فی قیمة البغل سابقا- مع اتفاقهما علی بقائه علیها إلی یوم التلف و فتکون الروایة قد تکلفت لحکم صورتین من صور تنازعهما. و یبقی بعض الصور مثل دعوی المالک زیادة قیمة یوم التلف عن یوم المخالفة و لعل حکمها أعنی حلف الغاصب- یعلم من حکم عکسها المذکور فی الروایة و أما علی تقدیر کون العبرة فی القیمة بیوم المخالفة فلا بد من حمل الروایة علی ما إذا اتفقا علی قیمة الیوم السابق علی یوم المخالفة أو اللاحق له فادعی الغاصب نقصانه عن تلک یوم المخالفة و لا یخفی بعده و أبعد منه حمل النص علی التعبد و جعل الحکم مخصوصا فی الدابة المغصوبة أو مطلقا مخالفا للقاعدة المتفق علیها نصا و فتوی من کون البینة علی المدَّعی و الیمین علی من أنکر کما حکی عن الشیخ فی بابی الإجارة و الغصب- و أضعف من ذلک الاستشهاد بالروایة علی اعتبار أعلی القیم من حین الغصب إلی التلف کما حکی عن الشهید الثانی إذ لم یعلم لذلک وجه صحیح و لم أظفر بمن وجه دلالتها علی هذا المطلب. نعم استدلوا علی هذا القول بأن العین مضمونة فی جمیع تلک الأزمنة التی منها زمان ارتفاع قیمته و فیه أن ضمانها فی تلک الحال إن أرید به وجوب قیمة ذلک الزمان لو تلف فیه مسلم إذ تدارکه لا یکون إلا بذلک لکن المفروض أنها لم تتلف فیه و إن أرید به استقرار قیمة ذلک الزمان علیه فعلا و إن تنزلت بعد ذلک فهو مخالف لما تسالموا علیه من عدم ضمان ارتفاع القیمة مع رد العین و إن أرید استقرارها علیه بمجرد الارتفاع مراعی بالتلف فهو و إن لم یخالف الاتفاق إلا أنه مخالف لأصالة البراءة من غیر دلیل شاغل عدا ما حکاه فی الریاض عن خاله العلامة قدس الله تعالی روحهما من قاعدة نفی الضرر الحاصل علی المالک و فیه نظر کما اعترف به بعض من تأخر. نعم یمکن توجیه الاستدلال المتقدم من کون العین مضمونة فی جمیع الأزمنة بأن العین إذا ارتفعت قیمتها فی زمان و صارت مالیتها مقومة بتلک القیمة فکما أنه إذا تلفت حینئذ یجب تدارکها بتلک القیمة فکذا إذا حیل بینها و بین المالک حتی تلفت إذ لا فرق مع عدم التمکن منها بین إن تتلف أو تبقی نعم لو ردت فتتدارک تلک المالیة بنفس العین و ارتفاع القیمة السوقیة أمر اعتباری لا یضمن بنفسه لعدم کونه مالا و إنما هو مقوم لمالیة المال و به تمایز الأموال کثرة و قلة. و الحاصل أن للعین فی کل زمان من أزمنة تفاوت قیمته مرتبة من المالیة أزیلت ید المالک منها و انقطعت سلطنته عنها فإن ردت العین فلا مال سواها یضمن- و إن تلفت استقرت علیا تلک المراتب لدخول الأدنی تحت الأعلی- نظیر ما لو فرض للعین منافع متفاوتة متضادة حیث إنه یضمن الأعلی منها- و لأجل ذلک استدل العلامة فی التحریر- للقول باعتبار یوم الغصب بقوله لأنه زمان إزالة ید المالک. و نقول فی توضیحه إن کل زمان من أزمنة الغصب قد أزیلت فیه ید المالک من العین علی حسب مالیته- ففی زمان أزیلت من مقدار درهم و فی آخر عن درهمین و فی ثالث عن ثلاثة فإذا استمرت الإزالة إلی زمان التلف وجبت غرامة أکثرها فتأمل. و استدل فی السرائر و غیرها علی هذا القول- بأصالة الاشتغال ذمته بحق المالک و لا تحصل البراءة إلا بالأعلی و قد یجاب بأن الأصل فی المقام البراءة حیث إن الشک فی التکلیف بالزائد. نعم لا بأس بالتمسک باستصحاب الضمان المستفاد من حدیث الید ثم إنه حکی عن المفید و القاضی و الحلبی الاعتبار بیوم البیع فیما کان فساده من جهة التفویض إلی حکم المشتری و لم یعلم له وجه و لعلهم یریدون به یوم القبض لغلبة اتحاد زمان البیع و القبض فافهم ثم إنه

لا عبرة بزیادة القیمة بعد التلف علی جمیع الأقوال إلا أنه تردد فیه فی الشرائع و لعله کما قیل- من جهة احتمال کون القیمی مضمونا بمثله و دفع القیمة إنما هو لإسقاط المثل- . و قد تقدم أنه مخالف لإطلاق النصوص و الفتاوی ثم إن ما ذکرنا من الخلاف إنما هو فی ارتفاع القیمة بحسب الأزمنة و أما إذا کان بسبب الأمکنة کما إذا کان فی محل الضمان بعشرة و فی مکان التلف بعشرین و فی مکان المطالبة بثلاثین فالظاهر اعتبار محل التلف لأن مالیة الشی ء تختلف بحسب الأماکن و تدارکه بحسب مالیته ثم إن جمیع ما ذکرنا من الخلاف- إنما هو فی ارتفاع القیمة السوقیة الناشئة من تفاوت رغبة الناس و أما إذا کان حاصلا من زیادة فی العین فالظاهر کما قیل عدم الخلاف فی ضمان أعلی القیم و فی الحقیقة لیست قیم التالف مختلفة و إنما زیادتها فی بعض أوقات الضمان لأجل الزیادة العینیة الحاصلة فیه- النازلة منزلة الجزء الفائت. نعم یجری الخلاف المتقدم فی قیمة هذه الزیادة الفائتة فإن العبرة بیوم فواتها أو یوم ضمانها أو أعلی القیم ثم إن فی حکم تلف العین فی جمیع ما ذکر من ضمان المثل أو القیمة حکم تعذر الوصول إلیها و إن لم تهلک کما لو سرقت أو غرقت أو ضاعت أو أبقت لما دل علی الضمان بهذه الأمور فی باب الأمانات المضمونة. و هل یقید ذلک بما إذا حصل الیأس من الوصول إلیه- أو بعدم رجاء وجدانه أو یشمل ما لو علم وجدانه فی مدة طویلة یتضرر المالک من انتظارها أو و لو کانت قصیرة وجوه- . ظاهر أدلة ما ذکر من الأمور الاختصاص بأحد الأولین- لکن ظاهر إطلاق الفتاوی الأخیر کما یظهر من إطلاقهم أن اللوح المغصوب فی السفینة إذا خیف من نزعه غرق مال لغیر الغاصب انتقل إلی قیمته إلی أن تبلغ الساحل. و یؤیده أن فیه جمعا بین

المکاسب، ج 2، ص 112

الحقین بعد فرض رجوع القیمة إلی ملک الضامن عند التمکن من العین فإن تسلط الناس علی مالهم الذی فرض کونه فی عهدته یقتضی جواز مطالبة الخروج عن عهدته عند تعذر نفسه نظیر ما تقدم فی تسلطه علی مطالبة القیمة للمثل المتعذر فی المثلی. نعم لو کان زمان التعذر قصیرا جدا بحیث لا یحصل صدق عنوان الغرامة و التدارک علی أداء القیمة أشکل الحکم- ثم الظاهر عدم اعتبار التعذر المسقط للتکلیف- بل لو کان ممکنا بحیث یجب علیه السعی فی مقدماته لم تسقط القیمة زمان السعی لکن ظاهر کلمات بعضهم التعبیر بالتعذر- و هو الأوفق بأصالة عدم تسلط المالک علی أزید من إلزامه برد العین فتأمل و لعل المراد به التعذر فی الحال و إن کان لتوقفه علی مقدمات زمانیة یتأخر لأجلها ذو المقدمة ثم إن ثبوت القیمة مع تعذر العین لیس کثبوتها مع تلفها فی کون دفعها حقا للضامن فلا یجوز للمالک الامتناع بل له أن یمتنع من أخذها و یصبر إلی زوال العذر کما صرح به الشیخ فی المبسوط. و یدل علیه قاعدة تسلط الناس علی أموالهم و کما أن تعذر رد العین فی حکم التلف فکذا خروجه عن التقویم ثم إن المال المبذول یملکه المالک بلا خلاف کما فی المبسوط و الخلاف و الغنیة و السرائر و ظاهرهم إرادة نفی الخلاف بین المسلمین. و لعل الوجه فیه أن التدارک لا یتحقق إلا بذلک- و لو لا ظهور الإجماع و أدلة الغرامة فی الملکیة لاحتملنا أن یکون مباحا له إباحة مطلقة و إن لم یدخل فی ملکه نظیر الإباحة المطلقة فی المعاطاة علی القول بها فیها و یکون دخوله فی ملکه مشروطا بتلف العین- . و حکی الجزم بهذا الاحتمال عن المحقق القمی رحمه الله فی أجوبة مسائله و علی أی حال فلا تنتقل العین إلی الضامن فهی غرامة لا تلازم فیها بین خروج المبذول عن ملکه و دخول العین فی ملکه و لیست معاوضة لیلزم الجمع بین العوض و المعوض فالمبذول هنا کالمبذول مع تلف العین فی عدم البدل له. و قد استشکل فی ذلک المحقق و الشهید الثانیان قال الأول فی محکی جامعه إن هنا إشکالا فإنه کیف تجب القیمة و یملکها الآخذ و تبقی العین علی ملکه و جعلها فی مقابلة الحیلولة لا یکاد یتضح معناه انتهی و قال الثانی إن هذا لا یخلو عن إشکال من حیث اجتماع العوض و المعوض علی ملک المالک من دون دلیل واضح- و لو قیل بحصول الملک لکل منهما متزلزلا و توقف تملک المغصوب منه للبدل علی الیأس من العین و إن جاز له التصرف کان وجها فی المسألة انتهی و استحسنه فی محکی الکفایة

[الکلام فی بدل الحیلولة]

أقول الذی ینبغی أن یقال هنا إن معنی ضمان العین ذهابها من مال الضامن و لازم ذلک إقامة مقابلها من ماله مقامها- لیصدق ذهابها من کیسه ثم إن الذهاب إن کان علی وجه التلف الحقیقی أو العرفی المخرج للعین عن قابلیة الملکیة عرفا وجب قیام مقابلها من ماله مقامها فی الملکیة و إن کان الذهاب بمعنی انقطاع سلطنته عنها و فوات الانتفاع به فی الوجوه التی بها قوام الملکیة- وجب قیام مقابلها مقامها فی السلطنة لا فی الملکیة لیکون مقابل و تدارکا للسلطنة الفائتة- فالتدارک لا یقتضی ملکیة المتدارک فی هذه الصورة- . نعم لما کانت السلطنة المطلقة المتدارکة للسلطنة الفائتة متوقفة علی الملک لتوقف بعض التصرفات علیه وجب تملکه للمبذول تحقیقا لمعنی التدارک و الخروج عن العهدة و علی أی تقدیر فلا ینبغی الإشکال فی بقاء العین المضمونة علی ملک مالکها- إنما الکلام فی البدل المبذول و لا کلام أیضا فی وجوب الحکم بالإباحة- و بالسلطنة المطلقة علیها و بعد ذلک فیرجع محصل الکلام حینئذ إلی أن إباحة جمیع التصرفات حتی المتوقفة علی الملک هل تستلزم الملک من حین الإباحة أو یکفی فیه حصوله من حین التصرف و قد تقدم فی المعاطاة بیان ذلک ثم إنه قد تحصل مما ذکرنا أن تحقیق ملکیة البدل- أو السلطنة المطلقة علیه مع بقاء العین علی ملک مالکها إنما هو مع فوات معظم الانتفاعات به بحیث یعد بذل البدل غرامة و تدارکا- أما لو لم یفت إلا بعض ما لیس به قوام الملکیة فالتدارک لا یقتضی ملکه و لا السلطنة المطلقة علی البدل. و لو فرض حکم الشارع بوجوب غرامة قیمته حینئذ- لم یبعد انکشاف ذلک عن انتقال العین إلی الغارم و لذا استظهر غیر واحد أن الغارم لقیمة الحیوان الذی وطئه یملکه لأنه و إن وجب بالوطء نفیه عن البلد و بیعه فی بلد آخر لکن هذا لا یعد فواتا لما به قوام المالیة هذا کله مع انقطاع السلطنة مع بقائها علی مقدار مالیتها السابقة أما لو خرجت عن التقویم مع بقائها علی صفة الملکیة- . فمقتضی قاعدة الضمان وجوب کمال القیمة مع بقاء العین علی ملک المالک به لأن القیمة عوض الأوصاف أو الأجزاء التی خرجت العین لفواتها عن التقویم لا عوض عن العین نفسها کما فی الرطوبة الباقیة بعد الوضوء بالماء المغصوب فإن بقاءها علی ملک مالکها لا ینافی معنی الغرامة لفوات معظم الانتفاعات به فیقوی عدم جواز المسح بها إلا بإذن المالک و لو ببذل القیمة. قال فی القواعد فیما لو خاط ثوبه بخیوط مغصوبة و لو طلب المالک نزعها و إن أفضی إلی التلف وجب ثم یضمن الغاصب النقص و لو لم تبق لها قیمة غرم جمیع القیمة انتهی و عطف علی ذلک فی محکی جامع المقاصد قوله و لا یوجب ذلک خروجها عن ملک المالک کما سبق من أن جنایة الغاصب توجب أکثر الأمرین و لو استوعبت القیمة أخذها و لم تدفع العین انتهی و عن المسالک فی هذه المسألة أنه إن لم یبق له قیمة ضمن جمیع القیمة و لا یخرج بذلک عن ملک مالکه کما سبق فیجمع بین العین و القیمة لکن عن مجمع البرهان فی هذه المسألة اختیار عدم وجوب النزع بل قال یمکن أن لا یجوز و تتعین القیمة لکونه بمنزلة التلف- و حینئذ یمکن جواز الصلاة فی هذا الثوب المخیط إذ لا غصب فیه یجب رده کما قیل بجواز المسح- بالرطوبة الباقیة من الماء المغصوب الذی حصل العلم به بعد إکمال الغسل و قبل المسح انتهی. و استجوده بعض المعاصرین- ترجیحا لاقتضاء ملک المالک للقیمة خروج المضمون عن ملکه لصیرورته معوضا شرعا و فیه أنه لا منشأ لهذا الاقتضاء و أدلة الضمان قد عرفت أن

المکاسب، ج 2، ص 113

محصلها یرجع إلی وجوب تدارک ما ذهب من المالک سواء أ کان الذاهب نفس العین کما فی التلف الحقیقی أو کان الذاهب السلطنة علیها التی بها قوام مالیتها کغرق المال أو کان الذاهب الأجزاء أو الأوصاف التی یخرج بذهابها العین عن التقویم مع بقاء ملکیتها و لا یخفی أن العین علی التقدیر الأول- خارجة عن الملکیة عرفا. و علی الثانی السلطنة المطلقة علی البدل بدل عن السلطنة المنقطعة عن العین و هذا معنی بدل الحیلولة. و علی الثالث فالمبذول عوض عما خرج المال بذهابه عن التقویم لا عن نفس العین فالمضمون فی الحقیقة هی تلک الأوصاف التی تقابل بجمیع القیمة لا نفس العین الباقیة کیف و لم تتلف هی و لیس لها علی تقدیر التلف أیضا عهدة مالیة- بل الأمر بردها مجرد تکلیف لا یقابل بالمال- بل لو استلزم ردها ضررا مالیا علی الغاصب أمکن سقوطه فتأمل. و لعل ما عن المسالک من أن ظاهرهم عدم وجوب إخراج الخیط المغصوب عن الثوب بعد خروجه عن القیمة بالإخراج فتتعین القیمة فقط محمول علی صورة تضرر المالک بفساد الثوب المخیط أو البناء الداخلة فیه الخشبة کما لا یأبی عنه عنوان المسألة فلاحظ و حینئذ فلا ینافی ما تقدم سابقا من بقاء الخیط علی ملک مالکه و إن وجب بذل قیمته ثم إن هنا قسما رابعا و هو ما لو خرج المضمون عن الملکیة مع بقاء حق الأولویة فیه کما لو صار الخل المغصوب خمرا. فاستشکل فی القواعد وجوب ردها مع القیمة و لعله من استصحاب وجوب ردها و من أن الموضوع فی المستصحب ملک المالک إذ لم یجب إلا رده و لم یکن المالک إلا أولی به إلا أن یقال إن الموضوع فی الاستصحاب عرفی و لذا کان الوجوب مذهب جماعة منهم الشهیدان و المحقق الثانی و یؤیده أنه لو عادت خلا ردت إلی المالک بلا خلاف ظاهر ثم إن مقتضی صدق الغرامة علی المدفوع خروج الغارم عن عهدة العین و ضمانها فلا یضمن ارتفاع قیمة العین بعد الدفع سواء أ کان للسوق أم للزیادة المتصلة بل المنفصلة کالثمرة و لا یضمن منافعها فلا یطالب الغارم بالمنفعة بعد ذلک. و عن التذکرة و بعض آخر ضمان المنافع و قواه فی المبسوط بعد أن جعل الأقوی خلافه. و فی موضع من جامع المقاصد أنه موضع توقف- و فی موضع آخر رجح الوجوب- . ثم إن ظاهر عطف التعذر علی التلف فی کلام بعضهم عند التعرض لضمان المغصوب بالمثل أو القیمة یقتضی عدم ضمان ارتفاع القیمة السوقیة الحاصل بعد التعذر و قبل الدفع کالحاصل بعد التلف لکن مقتضی القاعدة ضمانه له لأنه مع التلف تتعین القیمة- و لذا لیس له الامتناع من أخذها بخلاف تعذر العین فإن القیمة غیر متعینة فلو صبر المالک حتی یتمکن من العین کان له ذلک و تبقی العین فی عهدة الضامن فی هذه المدة فلو تلفت کان له قیمتها من حین التلف أو أعلی القیم إلیه أو یوم الغصب علی الخلاف. و الحاصل أن قبل دفع القیمة تکون العین الموجودة فی عهدة الضامن فلا عبرة بیوم التعذر و الحکم بکون یوم التعذر بمنزلة یوم التلف مع الحکم بضمان الأجرة و النماء إلی دفع البدل و إن تراخی عن التعذر مما لا یجتمعان ظاهرا فمقتضی القاعدة ضمان الارتفاع إلی یوم دفع البدل نظیر دفع القیمة عن المثل المتعذر فی المثلی. ثم إنه لا إشکال فی أنه إذا ارتفع تعذر رد العین و صار ممکنا وجب ردها علی مالکها کما صرح به فی جامع المقاصد فورا و إن کان فی إحضارها مئونة کما کان قبل التعذر لعموم: علی الید ما أخذت حتی تؤدی و دفع البدل لأجل الحیلولة إنما أفاد خروج الغاصب عن الضمان بمعنی أنه لو تلفت لم تکن علیه قیمتها بعد ذلک- و استلزم ذلک علی ما اخترناه من عدم ضمان المنافع و النماء المنفصل و المتصل بعد دفع الغرامة. و سقوط وجوب الرد حین التعذر للعذر العقلی فلا یجوز استصحابه- بل مقتضی الاستصحاب و العموم هو الضمان المدلول علیه المغیی فی قوله ص:

علی الید ما أخذت المغیی بقوله: حتی تؤدی و هل الغرامة المدفوعة یعود ملکها إلی الغارم بمجرد طرو التمکن فیضمن العین من یوم التمکن ضمانا جدیدا بمثله أو قیمته یوم حدوث الضمان أو یوم التلف أو أعلی القیم أو أنها باقیة علی ملک مالک العین و تکون العین مضمونة بها لا بشی ء آخر فی ذمة الغاصب فلو تلفت استقر ملک المالک علی الغرامة فلم یحدث فی العین إلا حکم تکلیفی بوجوب رده. و أما الضمان و عهدة جدیدة فلا وجهان أظهرهما الثانی لاستصحاب کون العین مضمونة بالغرامة و عدم طرو ما یزیل ملکیته عن الغرامة أو یحدث ضمانا جدیدا و مجرد عود التمکن لا یوجب عود سلطنة المالک حتی یلزم من بقاء ملکیته علی الغرامة الجمع بین العوض و المعوض غایة ما فی الباب قدرة الغاصب علی إعادة السلطنة الفائتة المبدلة عنها بالغرامة و وجوبها علیه و حینئذ فإن دفع العین فلا إشکال فی زوال ملکیة المالک للغرامة. و توهم أن المدفوع کان بدلا عن القدر الفائت من السلطنة فی زمن التعذر فلا یعود لعدم عود مبدله ضعیف فی الغایة بل کان بدلا عن أصل السلطنة یعود بعودها فیجب دفعه أو دفع بدله مع تلفه- أو خروجه عن ملکه بناقل لازم بل جائز و لا یجب رد نمائه المنفصل و لو لم یدفعها لم یکن له مطالبة الغرامة أولا إذ ما لم تتحقق السلطنة لم یعد الملک إلی الغارم فإن الغرامة عوض عن السلطنة لا عوض عن قدرة الغاصب علی تحصیلها للمالک فتأمل. نعم للمالک مطالبة عین ماله- لعموم: الناس مسلطون علی أموالهم و لیس ما عنده من المال عوضا عن مطلق السلطنة- حتی سلطنة المطالبة بل سلطنة الانتفاع بها علی الوجه المقصود من الأملاک و لذا لا تباح لغیره بمجرد بذل الغرامة. و مما ذکرنا یظهر أیضا أنه لیس للغاصب حبس العین إلی أن یدفع المالک القیمة کما اختاره فی التذکرة و الإیضاح و جامع المقاصد. و عن السرائر الجزم بأن له ذلک- و لعله لأن القیمة عوض إما عن العین و إما عن السلطنة علیها و علی أی تقدیر فیتحقق التراد و حینئذ فلکل من صاحبی العوضین حبس ما بیده حتی یتسلم ما بید الآخر- . و فیه أن العین بنفسها لیست عوضا و لا معوضا و لذا تحقق للمالک الجمع بینها و بین الغرامة فالمالک مسلط علیها- و المعوض للغرامة هی السلطنة الفائتة التی هی فی معرض العود بالتراد اللهم إلا أن یقال له حبس العین من حیث تضمنه لحبس مبدل الغرامة و هی السلطنة الفائتة و الأقوی الأول- ثم لو قلنا

المکاسب، ج 2، ص 114

بجواز الحبس- لو حبسها فتلفت العین محبوسة فالظاهر أنه لا یجری علیه حکم المغصوب لأنه حبسها بحق نعم یضمنها لأنه قبضها لمصلحة نفسه و الظاهر أنه بقیمة یوم التلف علی ما هو الأصل فی کل مضمون و من قال بضمان المقبوض بأعلی القیم یقول به هنا من زمان الحبس إلی زمان التلف. و ذکر العلامة فی القواعد أنه لو حبس فتلف محبوسا فالأقرب ضمان قیمته الآن و استرجاع القیمة الأولی و الظاهر أن مراده بقیمة الآن مقابل القیمة السابقة بناء علی زوال حکم الغصب عن العین لکونها محبوسة بغیر عدوان لا خصوص حین التلف و کلمات کثیر منهم لا تخلو عن اضطراب ثم إن أکثر ما ذکرناه مذکور فی کلماتهم فی باب الغصب و لکن الظاهر أن أکثرها بل جمیعها فی حکم المغصوب من حیث کونه مضمونا إذ لیس فی الغصب خصوصیة زائدة. نعم ربما یفرق من جهة نص فی المغصوب مخالف لقاعدة الضمان کما احتمل فی الحکم بوجوب قیمة یوم الضمان من جهة صحیحة أبی ولاد أو أعلی القیم علی ما تقدم من الشهید الثانی دعوی دلالة الصحیحة علیه و أما ما اشتهر من أن الغاصب مأخوذ بأشق الأحوال فلم نعرف له مأخذا واضحا. و لنختم بذلک أحکام المبیع بالبیع الفاسد و إن بقی منه أحکام أخر أکثر مما ذکرنا- و لعل بعضها یجی ء فی بیع الفضولی إن شاء الله تعالی

الکلام فی شروط المتعاقدین

[من جملة شرائط المتعاقدین البلوغ
مسألة المشهور کما عن الدروس و الکفایة بطلان عقد الصبی
اشارة

بل عن الغنیة الإجماع علیه و إن أجاز الولی. و فی کنز العرفان نسبه عدم صحة عقد الصبی إلی أصحابنا و ظاهرها إرادة التعمیم لصورة إذن الولی. و عن التذکرة أن الصغیر محجور علیه بالنص و الإجماع سواء أ کان ممیزا أم لا فی جمیع التصرفات إلا ما استثنی کعباداته و إسلامه و إحرامه و تدبیره و وصیته و إیصال الهدیة و إذنه فی الدخول علی خلاف فی ذلک انتهی. و استثناء إیصال الهدیة و إذنه فی دخول الدار یکشف بفحواه عن شمول المستثنی منه لمطلق أفعاله لأن الإیصال و الإذن لیسا من التصرفات القولیة و الفعلیة و إنما هو فی الأول آلة فی إیصال الملک کما لو حملها علی حیوان و إرسالها و الثانی کاشف عن موضوع تعلق علیه إباحة الدخول و هو رضا المالک.

[الاستدلال علی البطلان بحدیث رفع القلم

و احتج علی الحکم فی الغنیة بقوله ص: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبی حتی یحتلم و عن المجنون حتی یفیق و عن النائم حتی یستیقظ و قد سبقه فی ذلک الشیخ فی المبسوط فی مسألة الإقرار و قال إن مقتضی رفع القلم أن لا یکون لکلامه حکم و نحوه الحلی فی السرائر فی مسألة عدم جواز وصیة البالغ عشرا و تبعهم فی الاستدلال به جماعة کالعلامة و غیره.

[الاستدلال بروایات عدم جواز أمر الصبی
اشارة

و استدلوا أیضا بخبر حمزة بن حمران عن مولانا الباقر ع: إن الجاریة إذا زوجت و دخل بها و لها تسع سنین ذهب عنها الیتم و دفع إلیها مالها و جاز أمرها فی الشراء و الغلام لا یجوز أمره فی البیع و الشراء و لا یخرج عن الیتم حتی یبلغ خمس عشرة سنة إلی آخر الحدیث.

و فی روایة ابن سنان: متی یجوز أمر الیتیم قال حتی یبلغ أشده قال ما أشده قال احتلامه و فی معناها روایات أخر

[المناقشة فی دلالة هذه الروایات

لکن الإنصاف أن جواز الأمر فی هذه الروایات ظاهر فی استقلاله فی التصرف لأن الجواز مرادف للمضی فلا ینافی عدمه ثبوت الوقوف علی الإجازة کما یقال بیع الفضولی غیر ماض بل موقوف. و یشهد له الاستثناء فی بعض تلک الأخبار بقوله إلا أن یکون سفیها فلا دلالة لها حینئذ علی سلب عبارته و أنه إذا ساوم ولیه متاعه و عین له قیمته و أمر الصبی لمجرد إیقاع العقد مع الطرف الآخر کان باطلا و کذا لو أوقع إیجاب النکاح أو قبوله لغیره بإذن ولیه.

[المناقشة فی دلالة حدیث رفع القلم

و أما حدیث رفع القلم ففیه أولا أن الظاهر منه قلم المؤاخذة لا قلم جعل الأحکام و لذا بنینا کالمشهور علی شرعیة عبادات الصبی. و ثانیا أن المشهور علی الألسنة أن الأحکام الوضعیة لیست مختصة بالبالغین فلا مانع من أن یکون عقده سببا لوجوب الوفاء به بعد البلوغ أو علی الولی إذا وقع بإذنه أو إجازته کما تکون جنابته سببا لوجوب غسله بعد البلوغ و حرمة تمکینه من مس المصحف. و ثالثا لو سلمنا اختصاص الأحکام حتی الوضعیة بالبالغین لکن لا مانع من کون فعل غیر البالغ- موضوعا للأحکام المجعولة فی حق البالغین فیکون الفاعل کسائر غیر البالغین خارجا عن ذلک الحکم إلی وقت البلوغ. و بالجملة فالتمسک بالروایة ینافی ما اشتهر بینهم من شرعیة عبادة الصبی و ما اشتهر بینهم من عدم اختصاص الأحکام الوضعیة بالبالغین

[تردید بعضهم فی الصحة و تصریح آخرین بها]

فالعمدة فی سلب عبارة الصبی هو الإجماع المحکی المعتضد بالشهرة العظیمة و إلا فالمسألة محل إشکال و لذا تردد المحقق فی الشرائع فی إجازة الممیز بإذن الولی بعد ما جزم بالصحة فی العاریة و استشکل فیها فی القواعد و التحریر. و قال فی القواعد و فی صحة بیع الممیز بإذن الولی نظر بل عن الفخر فی شرحه أن الأقوی الصحة مستدلا بأن العقد إذا وقع بإذن الولی کان کما لو صدر عنه و لکن لم أجده فیه و قواه المحقق الأردبیلی علی ما حکی عنه و یظهر من التذکرة عدم ثبوت الإجماع عنده حیث قال و هل یصح بیع الممیز و شراؤه الوجه عندی أنه لا یصح. و اختار فی السرائر صحة بیع الصبی فی مقام اختبار رشده. و ذکر المحقق الثانی أنه لا یبعد بناء المسألة علی أن أفعال الصبی و أقواله شرعیة أم لا ثم حکم بأنها غیر شرعیة و أن الأصح بطلان العقد. و عن المختلف أنه حکی فی باب المزارعة عن القاضی کلاما یدل علی صحة بیع الصبی و بالجملة فالمسألة لا تخلو عن إشکال و إن أطنب بعض المعاصرین فی توضیحه حتی ألحقه بالبدیهیات فی ظاهر کلامه

[الحجة فی المسألة هی الشهرة و الإجماع المحکی
اشارة

فالإنصاف أن الحجة فی المسألة هی الشهرة المحققة و الإجماع المحکی عن التذکرة بناء علی أن استثناء الإحرام الذی لا یجوز إلا بإذن الولی شاهد علی أن مراده بالحجر ما یشمل سلب العبارة لا نفی الاستقلال فی التصرف و کذا إجماع الغنیة- بناء علی أن استدلاله بعد الإجماع بحدیث رفع القلم دلیل علی شمول معقده للبیع بإذن الولی و لیس المراد نفی صحة البیع المتعقب بالإجازة حتی یقال إن الإجازة عند السید غیر مجدیة فی تصحیح مطلق العقد الصادر من غیر المستقل و لو کان غیر مسلوب العبارة کالبائع الفضولی و یؤید الإجماعین ما تقدم عن کنز العرفان.

[المناقشة فی تحقق الإجماع

نعم لقائل أن یقول إن ما عرفت من المحقق و العلامة و ولده و القاضی و غیرهم خصوصا المحقق الثانی الذی

المکاسب، ج 2، ص 115

بنی المسألة علی شرعیة أفعال الصبی یدل علی عدم تحقق الإجماع و کیف کان فالعمل علی المشهور

[ما یستأنس به للبطلان الأخبار المستفیضة]

و یمکن أن یستأنس له أیضا بما ورد فی الأخبار المستفیضة من أن عمد الصبی و خطأه واحد کما فی صحیحة ابن مسلم و غیرها و الأصحاب و إن ذکروها فی باب الجنایات إلا أنه لا إشعار فی نفس الصحیحة بل و غیرها بالاختصاص بالجنایات و لذا تمسک بها الشیخ فی المبسوط و الحلی فی السرائر علی أن إخلال الصبی المحرم بمحظورات الإحرام التی یختص حرمتها بحال التعمد لا یوجب کفارة علی الصبی و لا علی الولی لأن عمده خطأ. و حینئذ فکل حکم شرعی تعلق بالأفعال التی یعتبر فی ترتب الحکم الشرعی علیها القصد بحیث لا عبرة بها إذا وقعت بغیر القصد فما یصدر منها عن الصبی قصدا بمنزلة الصادر عن غیره بلا قصد فعقد الصبی و إیقاعه مع القصد کعقد الهازل و الغالط و الخاطی و إیقاعاتهم بل یمکن بملاحظة بعض ما ورد من هذه الأخبار فی قتل المجنون و الصبی استظهار المطلب من حدیث رفع القلم و هو ما عن قرب الإسناد بسند أبی البختری عن جعفر عن أبیه عن علی ع أنه کان یقول: المجنون المعتوه الذی لا یفیق و الصبی الذی لم یبلغ عمدها خطأ تحمله العاقلة و قد رفع عنهما القلم إلی آخر الحدیث فإن ذکر رفع القلم فی الذیل لیس له وجه ارتباط إلا أن یکون علة لأصل الحکم و هو ثبوت الدیة علی العاقلة أو أن یکون معلولا لقوله عمدهما خطأ یعنی أنه لما کان قصدهما بمنزلة العدم فی نظر الشارع و فی الواقع رفع القلم عنهما و لا یخفی أن ارتباطها بالکلام علی وجه العلیة أو المعلولیة للحکم المذکور فی الروایة أعنی عدم مؤاخذة الصبی و المجنون بمقتضی جنایة العمد و هو القصاص و لا بمقتضی شبه العمد و هی الدیة فی مالهما لا یستقیم إلا بأن یراد من رفع القلم ارتفاع المؤاخذة عنهما شرعا من حیث العقوبة الأخرویة و الدنیویة المتعلقة بالنفس کالقصاص أو المال کغرامة الدیة و عدم ترتب ذلک علی أفعالهما المقصودة المتعمد إلیها مما لو وقع من غیرهما مع القصد و التعمد لترتبت علیه غرامة أخرویة أو دنیویة. و علی هذا فإذا التزم علی نفسه مالا بإقرار أو معاوضة و لو بإذن الولی فلا أثر لهما فی إلزامه بالمال و مؤاخذته به و لو بعد البلوغ فإذا لم یلزمه شی ء بالتزاماته و لو کانت بإذن الولی فلیس ذلک إلا لسلب قصده و عدم العبرة بإنشائه إذ لو کان ذلک لأجل عدم استقلاله و حجره عن الالتزامات علی نفسه لم یکن عدم المؤاخذة شاملا لصورة إذن الولی و قد فرضنا الحکم مطلقا فیدل بالالتزام علی کون قصده فی إنشاءاته و إخباراته مسلوب الأثر ثم إن مقتضی عموم هذه الفقرة بناء علی کونها علة للحکم عدم مؤاخذتهما بالإتلاف الحاصل منهما کما هو ظاهر المحکی عن بعض إلا أن یلتزم بخروج ذلک عن عموم رفع القلم و لا یخلو من بعد لکن هذا غیر وارد علی الاستدلال لأنه لیس مبنیا علی کون رفع القلم علة للحکم لما عرفت من احتمال کونه معلولا لسلب اعتبار قصد الصبی و المجنون فیختص رفع قلم المؤاخذة بالأفعال التی یعتبر فی المؤاخذة علیها قصد الفاعل فیخرج مثل الإتلاف فافهم و اغتنم. ثم إن القلم المرفوع هو قلم المؤاخذة الموضوع علی البالغین فلا ینافی ثبوت بعض العقوبات للصبی کالتعزیر.

[رأی المؤلف فی المسألة و دلیله

و الحاصل أن مقتضی ما تقدم من الإجماع المحکی فی البیع و غیره من العقود و الأخبار المتقدمة بعد انضمام بعضها إلی بعض عدم الاعتبار بما یصدر من الصبی من الأفعال المعتبر فیها القصد إلی مقتضاها کإنشاء العقود أصالة و وکالة و القبض و الإقباض و کل التزام علی نفسه من ضمان أو إقرار أو نذر أو إیجار.

[کلام العلامة فی عدم صحة تصرفات الصبی

قال فی التذکرة و کما لا یصح تصرفاته اللفظیة کذا لا یصح قبضه و لا یفید حصول الملک فی الهبة و إن اتهب له الولی و لا لغیره و إن إذن الموهوب له بالقبض و لو قال مستحق الدین للمدیون سلم حقی إلی الصبی فسلم مقدار حقه إلیه لم یبرأ عن الدین و بقی المقبوض علی ملکه و لا ضمان علی الصبی لأن المالک ضیعه حیث دفعه إلیه و بقی الدین لأنه فی الذمة و لا یتعین إلا بقبض صحیح کما لو قال ارم حقی فی البحر فرمی مقدار حقه بخلاف ما لو قال للمستودع سلم مالی إلی الصبی أو ألقه فی البحر لأنه امتثل أمره فی حقه المعین و لو کانت الودیعة للصبی فسلمها إلیه ضمن و إن کان بإذن الولی إذ لیس له تضییعها بإذن الولی. و قال أیضا لو عرض الصبی دینارا علی الناقد لینقده أو متاعا إلی مقوم لیقومه فأخذه لم یجز له رده إلی الصبی بل علی ولیه إن کان فلو أمره الولی بالدفع إلیه فدفعه إلیه برأ من ضمانه إن کان المال للولی و إن کان للصبی فلا کما لو أمره بإلقاء مال الصبی فی البحر فإنه یلزمه ضمانه و إذا تبایع الصبیان و تقابضا و أتلف کل واحد منهما ما قبضه فإن جری بإذن الولیین فالضمان علیهما و إلا فلا ضمان علیهما بل علی الصبیین و یأتی فی باب الحجر تمام الکلام و لو فتح الصبی الباب و أذن فی الدخول علی أهل الدار أو أدخل الهدیة إلی إنسان عن إذن المهدی فالأقرب الاعتماد لتسامح السلف فیه انتهی کلامه رفع مقامه

[لا فرق فی معاملة الصبی بین الأشیاء الیسیرة و الخطیرة]
اشارة

ثم إنه ظهر مما ذکرنا أنه لا فرق فی معاملة الصبی بین أن تکون فی الأشیاء الیسیرة أو الخطیرة لما عرفت من عموم النص و الفتوی حتی أن العلامة فی التذکرة لما ذکر حکایة أن أبا الدرداء اشتری عصفورا من صبی فأرسله ردها بعدم الثبوت و عدم الحجیة و توجیهه بما یخرجها عن محل الکلام

[تفصیل المحدث الکاشانی بین الأشیاء الیسیرة و الخطیرة و المناقشة فیه

و به یظهر ضعف ما عن المحدث الکاشانی من أن الأظهر جواز بیعه و شرائه فیما جرت العادة به من الأشیاء الیسیرة دفعا للحرج انتهی. فإن الحرج ممنوع سواء أراد أن الحرج یلزم من منعهم عن المعاملة فی المحقرات و التزام مباشرة البالغین لشرائها أم أراد أنه یلزم من التجنب عن معاملتهم بعد بناء الناس علی نصب الصبیان للبیع و الشراء فی الأشیاء الحقیرة ثم إن أراد استقلاله فی البیع و الشراء لنفسه بماله من دون إذن الولی لیکون حاصله أنه غیر محجور علیه فی الأشیاء الیسیرة فالظاهر کونه مخالفا للإجماع. و أما ما ورد فی روایة السکونی عن أبی عبد الله ع قال: و نهی النبی ص عن کسب الغلام الصغیر الذی لا یحسن صناعة بیده معللا بأنه إن لم یجد سرق فمحمول علی عوض کسبه من التقاط أو أجرة عن إجارة أوقعها الولی أو الصبی بغیر إذن الولی أو عن عمل أمر به من دون إجارة فأعطاه المستأجر أو الأمر أجرة المثل فإن هذه کلها مما یملکه الصبی لکن

المکاسب، ج 2، ص 116

یستحب للولی و غیره اجتنابها إذا لم یعلم صدق دعوی الصبی فیها لاحتمال کونها من الوجوه المحرمة نظیر رجحان الاجتناب عن أموال غیره ممن لا یبالی بالمحرمات و کیف کان فالقول المذکور فی غایة الضعف. نعم ربما صحح سید مشایخنا فی الریاض هذه المعاملات إذا کان الصبی بمنزلة الآلة لمن له أهلیة التصرف من جهة استقرار السیرة و استمرارها علی ذلک و فیه إشکال من جهة قوة احتمال کون السیرة ناشئة عن عدم المبالاة فی الدین کما فی کثیر من سیرهم الفاسدة و یؤید ذلک ما یری من استمرار سیرتهم علی عدم الفرق بین الممیزین و غیرهم و لا بینهم و بین المجانین و لا بین معاملاتهم لأنفسهم بالاستقلال بحیث لا یعلم الولی أصلا و بین معاملاتهم لأولیائهم علی سبیل الألیة مع أن هذا مما لا ینبغی الشک فی فسادها خصوصا الأخیر مع أن الإحالة علی ما جرت العادة به کالإحالة علی المجهول فإن الذی جرت علیه السیرة هو الوکول إلی کل صبی ماهر فطن فیه بحیث لا یغلب فی المساومة علیه فیکلون إلی من بلغ ست سنین شراء باقة بقل أو بیع بیضة دجاج بفلس و إلی من بلغ ثمانی سنین اشتراء اللحم و الخبز و نحوهما و إلی من بلغ أربع عشرة سنة شراء الثیاب بل الحیوان بل یکلون إلیه أمور التجارة فی الأسواق و البلدان و لا یفرقون بینه و بین من أکمل خمس عشر سنة و لا یکلون إلیه شراء مثل القری و البساتین و بیعها إلا بعد أن یحصل له التجارب و لا أظن أن القائل بالصحة یلتزم العمل بالسیرة علی هذا التفصیل و کیف کان فالظاهر أن هذا القول أیضا مخالف لما یظهر منهم. و قد عرفت حکم العلامة فی التذکرة بعدم جواز رد المال إلی الصبی إذا دفعه إلی الناقد لینقده أو المتاع الذی دفعه إلی المقوم لیقومه مع کونه غالبا فی هذه المقامات بمنزلة الآلة للولی و کذا حکمه بالمنع من رد مال الطفل إلیه بإذن الولی مع أنه بمنزلة الآلة فی ذلک غالبا.

[دعوی کاشف الغطاء إفادة معاملة الصبی الإباحة لو کان مأذونا و المناقشة فیه

و قال کاشف الغطاء رحمه الله بعد المنع عن صحة عقد الصبی أصالة و وکالة ما لفظه نعم ثبت الإباحة فی معاملة الممیزین إذا جلسوا مقام أولیائهم أو تظاهروا علی رءوس الأشهاد حتی یظن أن ذلک من إذن الأولیاء خصوصا فی المحقرات ثم قال و لو قیل بتملک لأخذ منهم لدلالة مأذونیته فی جمیع التصرفات فیکون موجبا قابلا لم یکن بعیدا انتهی. أما التصرف و المعاملة بإذن الأولیاء سواء أ کان علی وجه البیع أم المعاطاة فهو الذی قد عرفت أنه خلاف المشهور و المعروف حتی لو قلنا بعدم اشتراط شروط البیع فی المعاطاة لأنها تصرف لا محالة و إن لم تکن بیعا و لا معاوضة و إن أراد بذلک أن إذن الولی و رضاه المنکشف بمعاملة الصبی هو المفید للإباحة لا نفس المعاملة کما ذکره بعضهم فی إذن الولی فی أعاره الصبی. فتوضیحه ما ذکره بعض المحققین من تلامذته و هو أنه لما کان بناء المعاطاة علی حصول المراضاة کیف اتفقت و کانت مفیدة لإباحة التصرف خاصة کما هو المشهور و جرت عادة الناس بالتسامح فی الأشیاء الیسیرة و الرضا باعتماد غیرهم فی التصرف فیها علی الأمارات المفیدة للظن بالرضا فی المعاوضات و کان الغالب فی الأشیاء التی یعتمد فیها علی قول الصبی تعیین القیمة و الاختلاف الذی یتسامح به فی العادة فلأجل ذلک صح القول بالاعتماد علی ما یصدر من الصبی من صورة البیع و الشراء مع الشروط المذکورة کما یعتمد علیه فی الإذن فی دخول الدار و فی إیصال الهدیة إذا ظهرت أمارات الصدق بل ما ذکرنا أولی بالجواز من الهدیة من وجوه و قد استند فیه فی التذکرة إلی تسامح السلف. و بالجملة فالاعتماد فی الحقیقة علی الإذن المستفاد من حال المالک فی الأخذ و الإعطاء مع البناء علی ما هو الغالب من کونه صحیح التصرف لا علی قول الصبی و معاملته من حیث إنه کذلک و کثیرا ما یعتمد الناس علی الإذن المستفاد من غیر وجود ذی ید أصلا مع شهادة الحال بذلک کما فی دخول الحمام و وضع الأجرة عوض الماء التالف فی الصندوق و کما فی أخذ الخضراوات الموضوعة للبیع و شرب ماء السقاءین و وضع القیمة المتعارفة فی الموضع المعد لهما و غیر ذلک من الأمور التی جرت العادة بها کما یعتمد علی مثل ذلک فی غیر المعاوضات من أنواع التصرفات فالتحقیق أن هذا لیس مستثنی من کلام الأصحاب و لا منافیا له و لا یعتمد علی ذلک أیضا فی مقام الدعوی و لا فیما إذا طالب المالک بحقه و أظهر عدم الرضا انتهی. و حاصله أن مناط الإباحة و مدارها فی المعاطاة لیس علی وجود تعاط قائم بشخصین أو بشخص منزل منزلة شخصین بل علی تحقق الرضا من کل منهما بتصرف صاحبه فی ماله حتی لو فرضنا أنه حصل مال کل منهما عند صاحبه باتفاق کإطارة الریح و نحوها فتراضیا علی التصرف بإخبار صبی أو بغیره من الأمارات کالکتابة و نحوها کان هذا معاطاة أیضا و لذا یکون وصول الهدیة إلی المهدی إلیه علی ید الطفل الکاشف إیصاله عن رضا المهدی بالتصرف بل التملک کافیا فی إباحة الهدیة بل فی تملکها. و فیه أن ذلک حسن إلا أنه موقوف أولا علی ثبوت حکم المعاطاة من دون إنشاء إباحة أو تملیک و أنه یکتفی فیها بمجرد الرضا. و دعوی حصول الإنشاء بدفع الولی المال إلی الصبی مدفوعة بأنه إنشاء إباحة لشخص غیر معلوم و مثله غیر معلوم الدخول فی حکم المعاطاة مع العلم بخروجه عن موضوعها و به یفرق بین ما نحن فیه. و مسألة إیصال الهدیة بید الطفل فإنه یمکن فیه دعوی کون دفعها إلیه للإیصال إباحة أو تملیکا کما ذکر أن إذن الولی للصبی فی الإعارة إذن فی انتفاع المستعیر و أما دخول الحمام و شرب الماء و وضع الأجرة و القیمة فلو حکم بصحتهما بناء علی ما ذکرنا من حصول المعاطاة بمجرد المراضاة الخالیة عن الإنشاء انحصرت صحة وساطة الصبی بما یکتفی فیه مجرد وصول العوضین دون ما لا یکتفی فیه. و الحاصل أن دفع الصبی و قبضه بحکم العدم فکل ما یکتفی فیه بوصول کل من العوضین إلی صاحب الآخر بأی وجه اتفق فلا تضر فیه مباشرة الصبی لمقدمات الوصول ثم إن ما ذکر مختص بما إذا علم إذن شخص بالغ عاقل للصبی ولیا کان أو غیره. و أما ما ذکره کاشف الغطاء أخیرا من صیرورة الشخص موجبا و قابلا ففیه أولا أن تولی وظیفة الغائب و هو من أذن للصغیر إن کان بإذن منه فالمفروض انتفاؤه و إن کان بمجرد العلم برضاه فالاکتفاء به فی الخروج عن

موضوع الفضولی مشکل بل ممنوع. و ثانیا أن المحسوس بالوجدان عدم قصد من یعامل مع الأطفال النیابة عمن أذن للصبی

المکاسب، ج 2، ص 117

ثم إنه لا وجه لاختصاص ما ذکروه من الألیة بالصبی و لا بالأشیاء الحقیرة بل هو جار فی المجنون و السکران بل البهائم و فی الأمور الخطیرة إذ المعاملة إذا کانت فی الحقیقة بین الکبار و کان الصغیر آلة فلا فرق فی الألیة بینه و بین غیره. نعم من تمسک فی ذلک بالسیرة من غیر أن یتجشم لإدخال ذلک تحت القاعدة فله تخصیص ذلک بالصبی لأنه المتیقن من موردها کما أن ذلک مختص بالمحقرات.

مسألة و من جملة شرائط المتعاقدین قصدهما لمدلول العقد الذی یتلفظان به
اشارة

مسألة و من جملة شرائط المتعاقدین قصدهما لمدلول العقد الذی یتلفظان به

- و اشتراط القصد بهذا المعنی فی صحة العقد بل فی تحقق مفهومه مما لا خلاف فیه و لا إشکال فلا یقع من دون قصد إلی اللفظ کما فی الغالط أو إلی المعنی کما فی الهازل لا بمعنی عدم استعمال اللفظ فیه بل بمعنی عدم تعلق إرادته به و إن أوجد مدلوله بالإنشاء کما فی الأمر الصوری فهو شبیه الکذب فی الأخبار أو قصد معنی یغایر مدلول العقد بأن قصد الأخبار أو الاستفهام أو إنشاء معنی غیر البیع مجازا أو غلطا فلا یقع البیع لعدم القصد إلیه و لا المقصود إذا اشترطت فیه عبارة خاصة ثم إنه ربما یقال بعدم تحقق القصد فی عقد الفضولی و المکره کما صرح به فی المسالک حیث قال إنهما قاصدان إلی اللفظ دون مدلوله. و فیه أنه لا دلیل علی. اشتراط أزید من القصد المتحقق فی صدق مفهوم العقد مضافا إلی ما سیجی ء فی أدلة الفضولی و أما معنی ما فی المسالک فسیأتی فی اشتراط الاختیار.

[کلام صاحب المقابس فی اعتبار تعیین المالکین
اشارة

و اعلم أنه ذکر بعض المحققین ممن عاصرناه کلاما فی هذا المقام فی أنه هل یعتبر تعیین المالکین الذین یتحقق النقل أو الانتقال بالنسبة إلیهما أم لا. و ذکر أن فی المسألة أوجها و أقوالا و أن المسألة فی غایة الإشکال و أنه قد اضطربت فیها کلمات الأصحاب قدس الله أرواحهم فی تضاعیف أبواب الفقه ثم قال و تحقیق المسألة أنه إن توقف تعین المالک علی التعیین حال العقد لتعدد وجه وقوعه الممکن شرعا اعتبر تعیینه فی النیة أو مع التلفظ به أیضا کبیع الوکیل و الولی العاقد عن اثنین فی بیع واحد أو الوکیل عنهما و الولی علیهما فی البیوع المتعددة فیجب أن یعین من یقع له البیع أو الشراء من نفسه أو غیره و أن یمیز البائع من المشتری إذا أمکن الوصفان فی کل منهما فإذا عین جهة خاصة تعینت و إن أطلق فإن کانت هناک جهة ینصرف إلیها الإطلاق کان کالتعیین کما لو دار الأمر بین نفسه و غیره إذا لم یقصد الإبهام أو التعیین بعد العقد و إلا وقع لاغیا و هذا جار فی سائر العقود من النکاح و غیره. و الدلیل علی اشتراط التعیین و لزوم متابعته فی هذا القسم أنه لو لا ذلک لزم بقاء الملک بلا مالک معین فی نفس الأمر و أن لا یحصل الجزم بشی ء من العقود التی لم یتعین فیه العوضان و لا بشی ء من الأحکام و الآثار المترتبة علی ذلک و فساد ذلک ظاهر و لا دلیل علی تأثیر التعیین المتعقب و لا علی صحة العقد المبهم لانصراف الأدلة إلی ما هو الشائع المعروف من الشریعة و العادة فوجب الحکم بعدمه و علی هذا فلو اشتری الفضولی لغیره فی الذمة فإن عین ذلک الغیر تعین و وقف علی إجازته سواء تلفظ بذلک أم نواه و إن أبهم مع قصد الغیر بطل و لا یتوقف إلی أن یوجد له مجیز إلی أن قال و إن لم یتوقف تعین المالک علی التعیین حال العقد بأن یکون العوضان معینین و لا یقع العقد فیهما علی وجه یصح إلا لمالکهما. ففی وجوب التعیین أو الإطلاق المنصرف إلیه أو عدمه مطلقا أو التفصیل بین التصریح بالخلاف فیبطل و عدمه فیصح أوجه أقواها الأخیر و أوسطها الوسط و أشبهها للأصول الأول و فی حکم التعیین ما إذا عین المال بکونه فی ذمة زید مثلا و علی الأوسط لو باع مال نفسه عن الغیر- وقع عنه و لغا قصد کونه عن الغیر و لو باع مال زید عن عمرو فإن کان وکیلا عن زید صح عنه و إلا وقف علی إجازته و لو اشتری لنفسه بمال فی ذمة زید فإن لم یکن وکیلا عن زید وقع له و تعلق المال بذمته لا عن زید لیقف علی إجازته و إن کان وکیلا فالمقتضی لکل من العقدین منفردا موجود و الجمع بینهما یقتضی إلغاء أحدهما و لما لم یتعین احتمل البطلان للتدافع و صحته عن نفسه لعدم تعلق الوکالة بمثل هذا الشراء و ترجیح جانب الأصالة. و عن الموکل لتعین العوض فی ذمة الموکل فقصد کون الشراء لنفسه لغوا کما فی المعین و لو اشتری عن زید بشی ء فی ذمته فضولا و لم یجز فأجاز عمرو و لم یصح عن أحدهما. و قس علی ما ذکر حال ما یرد من هذا الباب و لا فرق علی الأوسط فی الأحکام المذکورة بین النیة المخالفة و التسمیة و یفرق بینهما علی الأخیر و یبطل الجمیع علی الأول انتهی کلامه.

[المناقشة فیما أفاده صاحب المقابس

أقول مقتضی المعاوضة و المبادلة- دخول کل من العوضین فی ملک مالک الآخر و إلا لم یکن کل منهما عوضا و بدلا و علی هذا فالقصد إلی العوض و تعیینه یغنی عن تعیین المالک إلا أن ملکیة العوض و ترتب آثار الملک علیه قد یتوقف علی تعیین المالک فإن من الأعواض ما یکون متشخصا بنفسه فی الخارج کالأعیان. و منها ما لا یتشخص إلا بإضافته إلی مالک کما فی الذمم لأن ملکیة الکلی لا تکون إلا مضافة إلی ذمة و إجراء أحکام الملک علی ما فی ذمة الواحد المردد بین شخصین فصاعدا غیر معهود. فتعین الشخص فی الکلی إنما یحتاج إلیه لتوقف اعتبار ملکیة ما فی الذمم علی تعیین صاحب الذمة. فصح علی ما ذکرنا أن تعیین المالک مطلقا غیر معتبر سواء فی العوض المعین أم فی الکلی و أن اعتبار التعیین فیما ذکره من الأمثلة فی الشق الأول من تفصیله إنما هو لتصحیح ملکیة العوض بتعیین من یضاف الملک إلیه لا لتوقف المعاملة علی تعیین ذلک الشخص بعد فرض کونه مالکا فإن من اشتری لغیره فی الذمة إذا لم یعین الغیر لم یکن الثمن ملکا لأن ما فی الذمة ما لم یضف إلی شخص معین لم تترتب علیه أحکام المال من جعله ثمنا أو مثمنا و کذا الوکیل أو الولی العاقد عن اثنین فإنه إذا جعل العوضین فی الذمة بأن قال بعت عبدا بألف ثم قال قبلت فلا یصیر العبد قابلا للبیع و لا الألف قابلا للاشتراء به حتی یسند کلا منهما إلی معین أو إلی نفسه من حیث إنه نائب عن ذلک المعین فیقول بعت عبدا من مال فلان بألف من مال فلان فیمتاز البائع عن المشتری. و أما ما ذکره من الوجوه الثلاثة فیما إذا کان العوضان معینین فالمقصود إذا کان هی المعاوضة الحقیقیة التی قد عرفت أن من لوازمها العقلیة دخول العوض فی ملک مالک المعوض تحقیقا لمفهوم العوضیة و البدلیة فلا حاجة إلی تعیین من ینقل عنهما أو إلیهما العوضان و إذا لم تقصد المعاوضة الحقیقیة فالبیع غیر منعقد فإن

المکاسب، ج 2، ص 118

جعل [من العوض من عین مال غیر المخاطب الذی ملکه المعوض فقال ملکتک فرسی هذا بحمار عمرو فقال المخاطب قبلت لم یقع البیع لخصوص المخاطب لعدم مفهوم المعاوضة معه و فی وقوعه اشتراء فضولیا لعمرو کلام یأتی- . و أما ما ذکره من مثال من باع مال نفسه عن غیره فلا إشکال فی عدم وقوعه عن غیره و الظاهر وقوعه عن البائع و لغویة قصده عن الغیر لأنه أمر غیر معقول لا یتحقق القصد إلیه حقیقة و هو معنی لغویته و لذا لو باع مال غیره عن نفسه وقع للغیر مع إجازته کما سیجی ء و لا یقع عن نفسه أبدا. نعم لو ملکه فأجاز قیل بوقوعه له لکن لا من حیث إیقاعه أولا لنفسه فإن القائل به لا یفرق حینئذ بین بیعه عن نفسه أو عن مالکه فقصد وقوعه عن نفسه لغو دائما و وجوده کعدمه إلا أن یقال إن وقوع بیع مال نفسه لغیره إنما لا یعقل إذا فرض قصده للمعاوضة الحقیقیة لم لا یجعل هذا قرینة علی عدم إرادته من البیع المبادلة الحقیقیة- أو علی تنزیل الغیر منزلة نفسه فی مالکیة المبیع- کما سیأتی أن المعاوضة الحقیقیة فی بیع الغاصب لنفسه لا یتصور إلا علی هذا الوجه و حینئذ یحکم ببطلان المعاملة لعدم قصد المعاوضة الحقیقیة مع المالک الحقیقی. و من هنا ذکر العلامة و غیره فی عکس المثال المذکور أنه لو قال المالک للمرتهن بعه لنفسک بطل و کذا لو دفع مالا إلی من یطلب الطعام و قال اشتر به لنفسک طعاما هذا و لکن الأقوی صحة المعاملة المذکورة- و لغویة القصد المذکور لأنه راجع إلی إرادة إرجاع فائدة البیع إلی الغیر لا جعله أحد رکنی المعاوضة و أما حکمهم ببطلان البیع فی مثال الرهن و اشتراء الطعام فمرادهم عدم وقوعه للمخاطب لا أن المخاطب إذا قال بعته لنفسی أو اشتریته لنفسی لم یقع لمالکه إذا أجازه و بالجملة فحکمهم بصحة بیع الفضولی و شرائه لنفسه و وقوعه للمالک یدل علی عدم تأثیر قصد وقوع البیع لغیر المالک

[هل یعتبر تعیین الموجب للمشتری و القابل للبائع

ثم إن ما ذکرناه کله حکم وجوب تعیین کل من البائع و المشتری من یبیع له و من یشتری له. و أما تعیین الموجب لخصوص المشتری المخاطب و تعیین القابل لخصوص البائع فیحتمل اعتباره إلا فیما علم من الخارج عدم إرادة خصوص المخاطب لکل من المتخاطبین کما فی غالب البیوع و الإجارات فحینئذ یراد من ضمیر المخاطب فی قوله ملکتک کذا أو منفعة کذا بکذا هو المخاطب بالاعتبار الأعم من کونه مالکا حقیقیا أو جعلیا کالمشتری الغاصب أو من هو بمنزلة المالک بإذن أو ولایة. و یحتمل عدم اعتباره إلا إذا علم من الخارج إرادة خصوص الطرفین کما فی النکاح و الوقف الخاص و الهبة و الوکالة و الوصیة و الأقوی هو الأول عملا بظاهر الکلام الدال علی قصد الخصوصیة و تبعیة العقود للقصود و علی فرض القول الثانی فلو صرح بإرادة خصوص المخاطب اتبع قصده فلا یجوز للقابل أن یقبل عن غیره. قال فی التذکرة لو باع الفضولی أو اشتری مع جهل الآخر فإشکال ینشأ من أن الآخر إنما قصد تملیک العاقد و هذا الإشکال و إن کان ضعیفا مخالفا للإجماع و السیرة إلا أنه مبنی علی ما ذکرناه من مراعاة ظاهر الکلام. و قد یقال فی الفرق بین البیع و شبهه و بین النکاح إن الزوجین فی النکاح کالعوضین فی سائر العقود و تختلف الأغراض باختلافهما فلا بد من التعیین و توارد الإیجاب و القبول علی أمر واحد و لأن معنی قوله بعتک کذا بکذا رضاه بکونه مشتریا للمال المبیع و المشتری یطلق علی المالک و وکیله و معنی قولها زوجتک نفسی رضاها بکونه زوجا و الزوج لا یطلق علی الوکیل انتهی. و یرد علی الوجه الأول من وجهی الفرق أن کون الزوجین کالعوضین إنما یصلح وجها لوجوب التعیین فی النکاح لا لعدم وجوبه فی البیع مع أن الظاهر أن ما ذکرناه من الوقف و إخوته کالنکاح فی عدم جواز قصد القابل القبول فیها علی وجه النیابة أو الفضولی فلا بد من وجه مطرد فی الکل. و علی الوجه الثانی أن معنی بعتک فی لغة العرب کما نص علیه فخر المحققین و غیره هو ملکتک بعوض و معناه جعل المخاطب مالکا و من المعلوم أن المالک لا یصدق علی الولی و الوکیل و الفضولی. فالأولی فی الفرق ما ذکرناه من أن الغالب فی البیع و الإجارة هو قصد المخاطب لا من حیث هو بل بالاعتبار الأعم من کونه أصالة أو عن الغیر و لا ینافی ذلک عدم سماع قول المشتری فی دعوی کونه غیر أصیل فتأمل بخلاف النکاح و ما أشبهه فإن الغالب قصد المتکلم للمخاطب من حیث إنه رکن للعقد بل ربما یستشکل فی صحة أن یراد من القرینة المخاطب من حیث قیامه مقام الأصل کما لو قال زوجتک مریدا له باعتبار کونه وکیلا عن الزوج و کذا قوله وقفت علیک و أوصیت لک و وکلتک و لعل الوجه عدم تعارف صدق هذه العنوانات علی الوکیل فیها فلا یقال للوکیل الزوج و لا الموقوف علیه و لا الموصی له و لا الموکل بخلاف البائع و المستأجر فتأمل حتی لا یتوهم رجوعه إلی ما ذکرناه سابقا و اعترضنا علیه.

مسألة و من شرائط المتعاقدین الاختیار
[المراد من الاختیار]

و المراد به القصد إلی وقوع مضمون العقد عن طیب النفس فی مقابل الکراهة و عدم طیب النفس لا الاختیار فی مقابل الجبر.

[ما یدل علی اشتراط الاختیار]

و یدل علیه قبل الإجماع قوله تعالی إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ و قوله ص:

لا یحل مال امرأ مسلم إلا عن طیب نفسه و قوله ص فی الخبر المتفق علیه بین المسلمین: رفع أو وضع عن أمتی تسعة أشیاء أو ستة و منها ما أکرهوا علیه. و ظاهره و إن کان رفع المؤاخذة إلا أن استشهاد الإمام ع به فی رفع بعض الأحکام الوضعیة یشهد لعموم المؤاخذة فیه لمطلق الإلزام علیه بشی ء. ففی صحیحة البزنطی عن أبی الحسن ع: فی الرجل یستکره علی الیمین فیحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما یملک أ یلزمه ذلک فقال ع لا قال رسول الله ص وضع عن أمتی ما أکرهوا علیه و ما لم یطیقوا و ما أخطئوا. و الحلف بالطلاق و العتاق و إن لم یکن صحیحا عندنا من دون الإکراه أیضا إلا أن مجرد استشهاد الإمام ع فی عدم وقوع آثار ما حلف به بوضع ما أکرهوا علیه یدل علی أن المراد بالنبوی لیس خصوص المؤاخذة و العقاب الأخروی هذا کله مضافا إلی الأخبار الواردة فی طلاق المکره بضمیمة عدم الفرق ثم إنه یظهر من جماعة منهم الشهیدان أن المکره قاصد إلی اللفظ غیر قاصد إلی مدلوله بل یظهر

المکاسب، ج 2، ص 119

ذلک من بعض کلمات العلامة و لیس مرادهم أنه لا قصد له إلا إلی مجرد التکلم کیف و الهازل الذی هو دونه فی القصد قاصد للمعنی قصدا صوریا. و الخالی عن القصد إلی غیر التکلم هو من یتکلم تقلیدا أو تلقینا کالطفل الجاهل بالمعانی.

[المراد من قولهم: المکره قاصد إلی اللفظ غیر قاصد إلی مدلوله

فالمراد بعدم قصد المکره عدم القصد إلی وقوع مضمون العقد فی الخارج و أن الداعی له إلی الإنشاء لیس قصد وقوع مضمونه فی الخارج لا أن کلامه الإنشائی مجرد عن المدلول کیف و هو معلول الکلام الإنشائی إذا کان مستعملا غیر مهمل و هذا الذی ذکرنا لا یکاد یخفی علی من له أدنی تأمل فی معنی الإکراه لغة و عرفا و أدنی تتبع فیما ذکره الأصحاب فی فروع الإکراه التی لا تستقیم مع ما توهمه من خلو المکره عن قصد مفهوم اللفظ و جعله مقابلا للقصد. و حکمهم بعدم وجوب التوریة- فی التفصی عن الإکراه و صحة بیعه بعد الرضا و استدلالهم له بالأخبار الواردة فی طلاق المکره و أنه لا طلاق إلا مع إرادة الطلاق حیث إن المنفی صحة الطلاق لا تحقق مفهومه لغة و عرفا و فیما ورد فیمن طلق مداراة بأهله إلی غیر ذلک. و فی أن مخالفة بعض العامة فی وقوع الطلاق إکراها لا ینبغی أن یحمل علی الکلام المجرد عن قصد المفهوم الذی لا یسمی خبرا و لا إنشاء و غیر ذلک مما یوجب القطع بأن المراد بالقصد المفقود فی المکره هو القصد إلی وقوع أثر العقد و مضمونه فی الواقع و عدم طیب النفس به لا عدم إرادة المعنی من الکلام و یکفی فی ذلک ما ذکره الشهید الثانی من أن المکره و الفضولی قاصدان إلی اللفظ دون مدلوله. نعم ذکر فی التحریر و المسالک فی فروع المسألة ما یوهم ذلک. قال فی التحریر لو أکره علی الطلاق فطلق ناویا فالأقرب وقوع الطلاق إذ لا إکراه علی القصد انتهی. و بعض المعاصرین بنی هذا الفرع علی تفسیر القصد بما ذکرناه من متوهم کلامهم فرد علیهم بفساد المبنی و عدم وقوع الطلاق فی الفرض المزبور و لکن المتأمل یقطع بعدم إرادتهم لذلک و سیأتی ما یمکن توجیه الفرع المزبور به

[حقیقة الإکراه لغة و عرفا]

ثم إن حقیقة الإکراه لغة و عرفا حمل الغیر علی ما یکرهه و یعتبر فی وقوع الفعل من ذلک الحمل اقترانه بتوعد منه مظنون الترتب علی ترک ذلک الفعل مضر بحال الفاعل أو متعلقة نفسا أو عرضا أو مالا فظهر من ذلک أن مجرد الفعل لدفع الضرر المترتب علی ترکه لا یدخله فی المکره علیه کیف و الأفعال الصادرة من العقلاء کلها أو جلها ناشئة عن دفع الضرر و لیس دفع مطلق الضرر الحاصل من إبعاد شخص یوجب صدق المکره علیه فإن من أکره علی دفع مال و توقف علی بیع بعض أمواله فالبیع الواقع منه لبعض أمواله و إن کان لدفع الضرر المتوعد به علی عدم دفع ذلک المال و لذا یرتفع التحریم عنه لو فرضت حرمته علیه لحلف أو شبهه لیس مکرها.

[المعیار فی صدق الإکراه

فالمعیار فی وقوع الفعل مکرها علیه سقوط الفاعل من أجل الإکراه المقترن بإیعاد الضرر عن الاستقلال فی التصرف بحیث لا تطیب نفسه بما یصدر منه و لا یتعمد إلیه عن رضا و إن کان یختاره لاستقلال العقل بوجوب اختیاره دفعا للضرر أو ترجیحا لأقل الضرری ن إلا أن هذا المقدار لا یوجب طیب نفسه به فإن النفس مجبولة علی کراهة ما یحمله غیره علیه مع الإیعاد علیه بما یشق تحمله. و الحاصل أن الفاعل و إن یفعل لدفع الضرر لکنه مستقل فی فعله و مخلی و طبعه فیه بحیث تطیب نفسه بفعله و إن کان من باب علاج الضرر و قد یفعل لدفع ضرر إیعاد الغیر علی ترکه و هذا مما لا تطیب النفس به و ذلک معلوم بالوجدان

[هل یعتبر عدم إمکان التفصی عن الضرر بما لا ضرر فیه

ثم إنه هل یعتبر فی موضوع الإکراه أو حکمه عدم إمکان التفصی عن الضرر المتوعد به بما لا یوجب به ضررا آخر کما حکی عن جماعة أم لا الذی یظهر من النصوص و الفتاوی عدم اعتبار العجز عن التوریة لأن حمل عموم رفع الإکراه و خصوص النصوص الواردة فی طلاق المکره و عتقه و معاقد الإجماعات و الشهرات المدعاة فی حکم المکره علی صورة العجز عن التوریة لجهل أو دهشة بعید جدا بل غیر صحیح فی بعضها من جهة المورد کما لا یخفی علی من راجعها مع أن القدرة علی التوریة لا تخرج الکلام عن حیز الإکراه عرفا.

[هل یعتبر العجز عن التخلص بغیر التوریة]

هذا و ربما یستظهر من بعض الأخبار عدم اعتبار العجز عن التفصی بوجه آخر غیر التوریة أیضا فی صدق الإکراه مثل روایة ابن سنان عن أبی عبد الله ع قال: لا یمین فی غضب و لا فی قطیعة رحم و لا فی جبر و لا فی إکراه قلت أصلحک الله و ما الفرق بین الجبر و الإکراه قال الجبر من السلطان و یکون الإکراه من الزوجة و الأم و الأب و لیس ذلک بشی ء.

و یؤیده أنه لو خرج عن الإکراه عرفا بالقدرة علی التفصی بغیر التوریة خرج عنه بالقدرة علیها لأن المناط حینئذ انحصار التخلص عن الضرر المتوعد به فی فعل المکره علیه فلا فرق بین أن یتخلص عنه بکلام آخر أو فعل آخر أو بهذا الکلام مع قصد معنی آخر. و دعوی أن جریان حکم الإکراه مع القدرة علی التوریة تعبدی لا من جهة صدق حقیقة الإکراه کما تری لکن الإنصاف أن وقوع الفعل عن الإکراه لا یتحقق إلا مع العجز عن التفصی بغیر التوریة لأنه یعتبر فیه أن یکون الداعی علیه هو خوف ترتب الضرر المتوعد به علی الترک و مع القدرة علی التفصی لا یکون الضرر مترتبا علی ترک المکره علیه بل علی ترکه و ترک التفصی معا فدفع الضرر یحصل بأحد الأمرین من فعل المکره علیه و التفصی فهو مختار فی کل منهما و لا یصدر کل منهما إلا باختیاره فلا إکراه و لیس التفصی من الضرر أحد فردی المکره علیه حتی لا یوجب تخییر الفاعل فیهما سلب الإکراه عنهما کما لو أکرهه علی أحد الأمرین حیث یقع کل منهما حینئذ مکرها علیه لأن الفعل المتفصی به مسقط عن المکره علیه لا بدل له و لذا لا تجری علیه أحکام المکره علیه إجماعا فلا یفسد إذا کان عقدا و ما ذکرناه و إن کان جاریا فی التوریة إلا أن الشارع رخص فی ترک التوریة بعد عدم إمکان التفصی بوجه آخر لما ذکرنا من ظهور النصوص و الفتاوی و بعد حملها علی صورة العجز عن التوریة مع أن العجز عنها لو کان معتبرا لأشیر إلیها فی تلک الأخبار الکثیرة المجوزة للحلف کاذبا عند الخوف و الإکراه خصوصا: فی قصة عمار و أبویه حیث أکرهوا علی الکفر فأبی أبواه فقتلا و أظهر لهم عمار ما أرادوا فجاء باکیا إلی رسول الله ص فنزلت الآیة مَنْ کَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِیمانِهِ إِلَّا مَنْ أُکْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ

المکاسب، ج 2، ص 120

بِالْإِیمانِ فقال له رسول الله ص إن عادوا علیک فعد و لم ینبهه علی التوریة فإن التنبیه فی المقام و إن لم یکن واجبا إلا أنه لا شک فی رجحانه خصوصا من النبی ص باعتبار شفقته علی عمار و علمه بکراهة تکلم عمار بألفاظ الکفر من دون توریة کما لا یخفی

[الفرق بین إمکان التفصی بالتوریة و إمکانه بغیرها]

هذا و لکن الأولی أن یفرق بین إمکان التفصی بالتوریة و إمکانه بغیرها بتحقق الموضوع فی الأول دون الثانی لأن الأصحاب وفاقا للشیخ فی المبسوط ذکروا من شروط تحقق الإکراه أن یعلم أو یظن المکره بالفتح أنه لو امتنع مما أکره علیه لوقع فیما توعد علیه و معلوم أن المراد لیس امتناعه عنه فی الواقع و لو مع اعتقاد المکره بالکسر عدم الامتناع بل المعیار فی وقوع الضرر اعتقاد المکره لامتناع المکره و هذا المعنی یصدق مع إمکان التوریة و لا یصدق مع التمکن من التفصی بغیرها لأن المفروض تمکنه من الامتناع مع اطلاع المکره علیه و عدم وقوع الضرر علیه. و الحاصل أن التلازم بین امتناعه و وقوع الضرر الذی هو المعتبر فی صدق الإکراه موجود مع التمکن بالتوریة لا مع التمکن بغیرها فافهم

[عدم اعتبار العجز فی الإکراه الرافع لأثر المعاملات

ثم إن ما ذکرنا من اعتبار العجز عن التفصی إنما هو فی الإکراه المسوغ للمحرمات و مناطه توقف دفع ضرر المکره علی ارتکاب المکره علیه.

و أما الإکراه الرافع لأثر المعاملات فالظاهر أن المناط فیه عدم طیب النفس بالمعاملة و قد یتحقق مع إمکان التفصی مثلا من کان قاعدا فی مکان خاص خال عن الغیر متفرغا لعبادة أو مطالعة فجاءه من أکرهه علی بیع شی ء مما عنده و هو فی هذه الحال غیر قادر علی دفع ضرره و هو کاره للخروج عن ذلک المکان لکن لو خرج کان له فی الخارج خدم یکفونه شر المکره فالظاهر صدق الإکراه حینئذ بمعنی عدم طیب النفس لو باع ذلک الشی ء بخلاف من کان خدمه حاضرین عنده و توقف دفع ضرر إکراه الشخص علی أمر خدمه بدفعه و طرده فإن هذا لا یتحقق فی حقه الإکراه و یکذب لو ادعاه بخلاف الأول إذا اعتذر بکراهة الخروج عن ذلک المنزل و لو فرض فی ذلک المثال إکراهه علی محرم لم یعذر فیه بمجرد کراهة الخروج عن ذلک المنزل و قد تقدم الفرق بین الجبر و الإکراه فی روایة ابن سنان.

[المراد من الإکراه الرافع لأثر المعاملات

فالإکراه المعتبر فی تسویغ المحظورات هو الإکراه بمعنی الجبر المذکور و الرافع لأثر المعاملات هو الإکراه الذی ذکر فی تلک الروایة أنه قد یکون من الأب و الولد و المرأة فالمعیار فیه عدم طیب النفس فیها لا الضرورة و الإلجاء و إن کانت هی المتبادر من لفظة الإکراه و لذا یحمل الإکراه فی حدیث الرفع علیه فیکون الفرق بینه و بین الاضطرار المعطوف علیه فی ذلک الحدیث اختصاص الاضطرار بالحاصل لا من فعل الغیر کالجوع و العطش و المرض لکن الداعی علی اعتبار ما ذکرنا فی المعاملات هو أن العبرة فیها بالقصد الحاصل عن طیب النفس حیث استدلوا علی ذلک بقوله تعالی تِجارَةً عَنْ تَراضٍ. و لا یحل مال امرأ مسلم إلا عن طیب نفسه و عموم اعتبار الإرادة فی صحة الطلاق و خصوص ما ورد فی فساد طلاق من طلق مداراة مع عیاله.

[الفرق بین الإکراه فی الأحکام التکلیفیة و الأحکام الوضعیة]

فقد تلخص مما ذکرنا أن الإکراه الرافع لأثر الحکم التکلیفی أخص من الرافع لأثر الحکم الوضعی. و لو لوحظ ما هو المناط فی رفع کل منهما من دون ملاحظة عنوان الإکراه کانت النسبة بینهما العموم من وجه لأن المناط فی رفع الحکم التکلیفی هو دفع الضرر و فی رفع الحکم الوضعی هو عدم الإرادة و طیب النفس

[لو أکره الشخص علی أحد الأمرین

و من هنا لم یتأمل أحد فی أنه إذا أکره الشخص علی أحد الأمرین المحرمین لا بعینه فکل منهما وقع فی الخارج لا یتصف بالتحریم لأن المعیار فی دفع الحرمة دفع الضرر المتوقف علی فعل أحدهما أما لو کانا عقدین أو إیقاعین کما لو أکره علی طلاق إحدی زوجتیه. فقد استشکل غیر واحد فی أن ما یختاره من الخصوصیتین بطیب نفسه و یرجحه علی الآخر بدواعیه النفسانیة الخارجة عن الإکراه مکره علیه باعتبار جنسه أم لا. بل أفتی فی القواعد بوقوع الطلاق و عدم الإکراه و إن حمله بعضهم علی ما إذا قنع المکره بطلاق إحداهما مبهمة لکن المسألة عندهم غیر صافیة عن الإشکال من جهة مدخلیة طیب النفس فی اختیار الخصوصیة و إن کان الأقوی وفاقا لکل من تعرض للمسألة تحقق الإکراه لغة و عرفا مع أنه لو لم یکن هذا مکرها علیه لم یتحقق الإکراه أصلا إذ الموجود فی الخارج دائما إحدی خصوصیات المکره علیه إذ لا یکاد یتفق الإکراه بجزئی حقیقی من جمیع الجهات. نعم هذا الفرد مختار فیه من حیث الخصوصیة و إن کان مکرها علیه من حیث القدر المشترک بمعنی أن وجوده الخارجی ناش عن إکراه و اختیار و لذا لا یستحق المدح أو الذم باعتبار أصل الفعل و یستحقه باعتبار الخصوصیة. و تظهر الثمرة فیما لو ترتب أثر علی خصوصیة المعاملة الموجودة فإنه لا یرتفع بالإکراه علی القدر المشترک مثلا لو أکرهه علی شرب الماء أو شرب الخمر لم یرتفع تحریم الخمر لأنه مختار فیه و إن کان مکرها فی أصل الشرب و کذا لو أکرهه علی بیع صحیح أو فاسد فإنه لا یرتفع أثر الصحیح لأنه مختار فیه و إن کان مکرها فی جنس البیع لکنه لا یترتب علی الجنس أثر یرتفع بالإکراه و من هنا یعلم أنه لو أکره علی بیع مال أو إیفاء مال مستحق لم یکن إکراها لأن القدر المشترک بین الحق و غیره إذا أکره علیه لم یقع باطلا و إلا لوقع الإیفاء أیضا باطلا فإن اختار البیع صحیح لأن الخصوصیة غیر مکره علیها و المکره علیه و هو القدر المشترک غیر مرتفع الأثر و لو أکرهه علی بیع مال أو أداء مال غیر مستحق کان إکراها لأنه لا یفعل البیع إلا فرارا من بدله أو وعیده المضرین کما لو أکرهه علی بیع داره أو شرب الخمر فإن ارتکاب البیع للفرار عن الضرر الأخروی ببدله أو التضرر الدنیوی بوعیده

[لو أکره أحد الشخصین علی فعل واحد]

ثم إن إکراه أحد الشخصین علی فعل واحد بمعنی إلزامه علیهما کفایة و إیعادهما علی ترکه کإکراه شخص واحد علی أحد الفعلین فی کون کل منهما مکرها.

[صور تعلق الإکراه

و اعلم أن الإکراه قد یتعلق بالمالک و العاقد کما تقدم و قد یتعلق بالمالک دون العاقد کما لو أکره علی التوکیل فی بیع ماله فإن العاقد قاصد مختار و المالک مجبور و هو داخل فی عقد الفضولی بعد ملاحظة عدم تحقق الوکالة مع الإکراه و قد ینعکس کما لو قال بع مالی أو طلق زوجتی و إلا قتلتک و الأقوی هنا الصحة لأن العقد هنا من حیث إنه عقد لا یعتبر فیه سوی القصد الموجود فی المکره إذا کان عاقدا و الرضا المعتبر من المالک موجود بالفرض فهذا أولی من المالک المکره علی العقد إذا رضی لاحقا. و احتمل فی المسالک عدم الصحة نظرا إلی

المکاسب، ج 2، ص 121

أن الإکراه یسقط حکم اللفظ کما لو أمر المجنون بالطلاق فطلقها ثم قال و الفرق بینهما أن عبارة المجنون مسلوبة بخلاف المکره فإن عبارته مسلوبة لعارض تخلف القصد- فإن کان الأمر قاصدا لم یقدح إکراه المأمور انتهی و هو حسن و قال أیضا لو أکره الوکیل علی الطلاق دون الموکل ففی صحته وجهان أیضا من تحقق الاختیار فی الموکل المالک و من سلب عبارة المباشر انتهی. و ربما یستدل علی فساد العقد فی هذین الفرعین بما دل علی رفع حکم الإکراه و فیه ما سیجی ء من أنه إنما یرفع حکما ثابتا علی المکره لو لا الإکراه و لا أثر للعقد هنا بالنسبة إلی المتکلم به لو لا الإکراه. و مما یؤید ما ذکرنا حکم المشهور بصحة بیع المکره بعد لحوق الرضا و من المعلوم أنه إنما یتعلق بحاصل العقد الذی هو أمر مستمر و هو النقل و الانتقال و أما التلفظ بالکلام الذی صدر مکرها علیه فلا معنی للحوق الرضا به لأن ما مضی و انقطع لا یتغیر عما وقع علیه و لا ینقلب. نعم ربما یستشکل هنا فی الحکم المذکور بأن القصد إلی المعنی و لو علی وجه الإکراه شرط فی الاعتناء بعبارة العقد و لا یعرف إلا من قبل العاقد فإذا کان مختارا أمکن إحرازه بأصالة القصد فی أفعال العقلاء الاختیاریة دون المکره علیها اللهم إلا أن یقال إن الکلام بعد إحراز القصد و عدم تکلم العاقد لاغیا أو موریا و لو کان مکرها مع أنه یمکن إجراء أصالة القصد هنا أیضا فتأمل.

فروع
[الإکراه علی بیع عبد من عبدین

و لو أکرهه علی بیع واحد غیر معین من عبدین فباعهما أو باع نصف أحدهما ففی التذکرة إشکال. أقول أما بیع العبدین فإن کان تدریجا فالظاهر وقوع الأول مکرها دون الثانی- مع احتمال الرجوع إلیه فی التعیین سواء ادعی العکس أم لا و لو باعهما دفعة احتملت صحة الجمیع لأنه خلاف المکره علیه و الظاهر أنه لم یقع شی ء منهما عن إکراه و بطلان الجمیع لوقوع أحدهما مکرها علیه و لا ترجیح و الأول أقوی.

[الإکراه علی معین فضم غیره إلیه

و لو أکره علی بیع معین فضم إلیه غیره و باعهما دفعة فالأقوی الصحة فی غیر ما أکره علیه و أما مسألة النصف فإن باع النصف بعد الإکراه علی الکل بقصد أن یبیع النصف الآخر امتثالا للمکره بناء علی شمول الإکراه لبیع المجموع دفعتین فلا إشکال فی وقوعه مکرها علیه و إن کان لرجاء أن یقنع المکره بالنصف کان أیضا إکراها لکن فی سماع دعوی البائع ذلک مع عدم الأمارات نظر.

[الإکراه علی الطلاق
اشارة

بقی الکلام فیما وعدنا ذکره من الفرع المذکور فی التحریر قال فی التحریر لو أکره علی الطلاق فطلق ناویا فالأقرب وقوع الطلاق انتهی- . و نحوه فی المسالک بزیادة احتمال عدم الوقوع لأن الإکراه أسقط أثر اللفظ و مجرد النیة لا حکم لها. و حکی عن سبطه فی نهایة المرام أنه نقله قولا و استدل علیه بعموم ما دل من النص و الإجماع علی بطلان عقد المکره و الإکراه متحقق هنا إذ المفروض أنه لولاه لما فعله ثم قال و المسألة محل إشکال انتهی و عن بعض الأجلة أنه لو علم أنه لا یلزمه إلا اللفظ و له تجریده عن القصد فلا شبهه فی عدم الإکراه و إنما یحتمل الإکراه مع عدم العلم بذلک سواء ظن لزوم القصد و إن لم یرده المکره أم لا انتهی. ثم إن بعض المعاصرین ذکر الفرع عن المسالک و بناه علی أن المکره لا قصد له أصلا فرده بثبوت القصد للمکره و جزم بوقوع الطلاق المذکور مکرها علیه و فیه ما عرفت سابقا من أنه لم یقل أحد بخلو المکره عن قصد معنی اللفظ و لیس هذا مرادا من قولهم إن المکره غیر قاصد إلی مدلول اللفظ و لذا شرک الشهید الثانی بین المکره و الفضولی فی ذلک کما عرفت سابقا فبناء هذا الحکم فی هذا الفرع علی ما ذکر ضعیف جدا و کذا ما تقدم عن بعض الأجلة من أنه إن علم بکفایة مجرد اللفظ المجرد عن النیة فنوی اختیارا صح لأن مرجع ذلک إلی وجوب التوریة علی العارف بها المتفطن لها إذ لا فرق بین التخلص بالتوریة و بین تجرید اللفظ عن قصد المعنی بحیث یتکلم به لاغیا و قد عرفت أن ظاهر الأدلة و الأخبار الواردة فی طلاق المکره و عتقه عدم اعتبار العجز عن التوریة.

[أقسام الإکراه علی الطلاق و أحکامها]

و توضیح الأقسام المتصورة فی الفرع المذکور أن الإکراه الملحق بوقوع الطلاق قصدا إلیه راضیا به إما أن لا یکون له دخل فی الفعل أصلا بأن یوقع الطلاق قصدا إلیه عن طیب النفس بحیث لا یکون الداعی إلیه هو الإکراه لبنائه علی تحمل الضرر المتوعد به و لا یخفی بداهة وقوع الطلاق هنا و عدم جواز حمل الفرع المذکور علیه فلا معنی لجعله فی التحریر أقرب و ذکر احتمال عدم الوقوع فی المسالک و جعله قولا فی نهایة المرام و استشکاله فیه لعموم النص و الإجماع. و کذا لا ینبغی التأمل فی وقوع الطلاق لو لم یکن الإکراه مستقلا فی داعی الوقوع بل هو بضمیمة شی ء اختیاری للفاعل و إن کان الداعی هو الإکراه فإما أن یکون الفعل لا من جهة التخلص عن الضرر المتوعد به بل من جهة دفع الضرر اللاحق للمکره بالکسر کمن قال له ولده طلق زوجتک و إلا قتلتک أو قتلت نفسی فطلق الوالد خوفا من قتل الولد نفسه أو قتل الغیر له إذا تعرض لقتل والده أو کان الداعی علی الفعل شفقة دینیة علی المکره بالکسر أو علی المطلقة أو علی غیرهما ممن یرید نکاح الزوجة لئلا یقع الناس فی محرم و الحکم فی الصورتین لا یخلو عن إشکال. و إن کان الفعل لداعی التخلص من الضرر فقد یکون قصد الفعل لأجل اعتقاد المکره أن الحذر لا یتحقق إلا بإیقاع الطلاق حقیقة لغفلته عن أن التخلص غیر متوقف علی القصد إلی وقوع أثر الطلاق و حصول البینونة فیوطن نفسه علی رفع الید عن الزوجة و الإعراض عنها فیوقع الطلاق قاصدا و هذا کثیرا ما یتفق للعوام. و قد یکون هذا التوطین و الإعراض من جهة جهله بالحکم الشرعی أو کونه رأی مذهب بعض العامة فزعم أن الطلاق یقع مع الإکراه فإذا أکره علی الطلاق فقد طلق قاصدا لوقوعه لأن القصد إلی اللفظ المکره علیه بعد اعتقاد کونه سببا مستقلا فی وقوع البینونة یستلزم القصد إلی وقوعها فیرضی نفسه بذلک و یوطنها علیه و هذا أیضا کثیرا ما یتفق للعوام و الحکم فی هاتین الصورتین لا یخلو عن إشکال إلا أن تحقق الإکراه أقرب

[عقد المکره لو تعقبه الرضا]
[الاستدلال علی الصحة]

ثم إن المشهور بین المتأخرین أنه لو رضی المکره بما فعله صح العقد بل عن الریاض تبعا للحدائق أن علیه اتفاقهم لأنه عقد حقیقی فیؤثر أثره مع اجتماع باقی شرائط البیع و هو طیب النفس. و دعوی اعتبار مقارنة طیب النفس للعقد خالیة عن الشاهد مدفوعة بالإطلاقات

المکاسب، ج 2، ص 122

و أضعف منها دعوی اعتبارها فی مفهوم العقد- اللازم منه عدم کون عقد الفضولی عقدا حقیقة و أضعف من الکل دعوی اعتبار طیب نفس العاقد فی تأثیر عقده اللازم منه عدم صحة بیع المکره بحق و کون إکراهه علی العقد تعبدیا لا لتأثیر فیه و یؤیده فحوی صحة عقد الفضولی حیث إن المالک طیب النفس بوقوع أثر العقد و غیر منشئ للنقل بکلامه. و إمضاء إنشاء الغیر لیس إلا طیب النفس بمضمونه و لیس إنشاء مستأنفا مع أنه لو کان فهو موجود هنا فلم یصدر من المالک هنالک إلا طیب النفس بانتقاله متأخرا عن إنشاء العقد و هذا موجود فیما نحن فیه مع زائد و هو إنشاؤه للنقل المدلول علیه بلفظ العقد لما عرفت من أن عقده إنشاء حقیقی. و توهم أن عقد الفضولی واجد لما هو مفقود هنا و هو طیب نفس العاقد بما ینشؤه مدفوع بالقطع بأن طیب النفس لا أثر له لا فی صدق العقدیة إذ یکفی فیه مجرد قصد الإنشاء المدلول علیه باللفظ المستعمل فیه و لا فی النقل و الانتقال لعدم مدخلیة غیر المالک فیه. نعم لو صح ما ذکر سابقا من توهم أن المکره لا قصد له إلی مدلول اللفظ أصلا و أنه قاصد نفس اللفظ الذی هو بمعنی الصوت کما صرح به بعض صح أنه لا یجدی تعقب الرضا إذ لا عقد حینئذ لکن عرفت سابقا أنه خلاف المقطوع من النصوص و الفتاوی فراجع

[ما استدل به علی البطلان و المناقشة فیه

فظهر مما ذکرنا ضعف وجه التأمل فی المسألة کما عن الکفایة و مجمع الفائدة تبعا للمحقق الثانی فی جامع المقاصد و إن انتصر لهم بعض من تأخر عنهم بقوله تعالی إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ الدال علی اعتبار کون العقد عن التراضی مضافا إلی النبوی المشهور الدال علی رفع حکم الإکراه مؤیدا بالنقض بالهازل مع أنهم لم یقولوا بصحته بعد لحوق الرضا و الکل کما تری لأن دلالة الآیة علی اعتبار وقوع العقد عن التراضی إما بمفهوم الحصر و إما بمفهوم الوصف و لا حصر کما لا یخفی لأن الاستثناء منقطع و غیر مفرغ. و مفهوم الوصف علی القول به مقید بعدم ورود الوصف مورد الغالب کما فی رَبائِبُکُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِکُمْ و دعوی وقوعه هنا مقام الاحتراز ممنوعة و سیجی ء زیادة توضیح لعدم دلالة الآیة علی اعتبار سبق التراضی فی البیع الفضولی. و أما حدیث الرفع ففیه أولا أن المرفوع فیه هی المؤاخذة و الأحکام المتضمنة لمؤاخذة المکره و إلزامه بشی ء و الحکم بوقوف عقده علی رضاه راجع إلی أن له أن یرضی بذلک و هذا حق له لا علیه. نعم قد یلزم الطرف الآخر بعدم الفسخ حتی یرضی المکره أو یفسخ و هذا إلزام لغیره و الحدیث لا یرفع المؤاخذة و الإلزام عن غیر المکره کما تقدم و أما إلزامه بعد طول المدة باختیار البیع أو فسخه فهو من توابع الحق الثابت له بالإکراه لا من أحکام الفعل المتحقق علی وجه الإکراه ثم إن ما ذکرنا واضح علی القول بکون الرضا ناقلا و کذلک علی القول بالکشف بعد التأمل. و ثانیا أنه یدل علی أن الحکم الثابت للفعل المکره علیه لو لا الإکراه یرتفع عنه إذا وقع مکرها علیه کما هو معنی رفع الخطأ و النسیان أیضا و هذا المعنی موجود فیما نحن فیه لأن أثر العقد الصادر من المالک مع قطع النظر عن اعتبار عدم الإکراه سبب مستقل لنقل المال و من المعلوم انتفاء هذا الأثر بسبب الإکراه و هذا الأثر الناقص المترتب علیه مع الإکراه العلة التامة للملکیة لم یکن ثابتا للفعل مع قطع النظر عن الإکراه لیرتفع به إذ المفروض أن الجزئیة ثابتة له بوصف الإکراه فکیف یعقل ارتفاعه بالإکراه و بعبارة أخری أن اللزوم الثابت للعقد مع قطع النظر عن اعتبار عدم الإکراه هو اللزوم المنفی بهذا الحدیث و المدعی ثبوته للعقد بوصف الإکراه هو وقوفه علی رضا المالک و هذا غیر مرتفع بالإکراه لکن یرد علی هذا أن مقتضی حکومة الحدیث علی الإطلاقات هو تقیدها بالمسبوقیة بطیب النفس فلا یجوز الاستناد إلیها لصحة بیع المکره و وقوفه علی الرضا اللاحق فلا یبقی دلیل علی صحة بیع المکره فیرجع إلی أصالة الفساد. و بعبارة أخری أن أدلة صحة البیع تدل علی سببیة مستقلة فإذا قیدت بغیر المکره لم یبق لها دلالة علی حکم المکره بل لو کان هنا ما یدل علی صحة البیع بالمعنی الأعم من السببیة المستقلة کان دلیل الإکراه حاکما علیه مقیدا له فلا ینفع اللهم إلا أن یقال إن الإطلاقات المقیدة للسببیة المستقلة مقیدة بحکم الأدلة الأربعة المقتضیة لحرمة أکل المال بالباطل و مع عدم طیب النفس بالبیع المرضی به سبقه الرضا أو لحقه و مع ذلک فلا حکومة للحدیث علیها إذ البیع المرضی به سابقا لا یعقل عروض الإکراه له. و أما المرضی به بالرضا اللاحق فإنما یعرضه الإکراه من حیث ذات الموصوف و هو أصل البیع قبل الرضا و لا نقول بتأثیره بل مقتضی الأدلة الأربعة مدخلیة الرضا فی تأثیره و وجوب الوفاء به. فالإطلاقات بعد التقیید تثبت التأثیر التام لمجموع العقد المکره علیه و الرضا به لاحقا و لازمه بحکم العقل کون العقد المکره علیه بعض المؤثر التام و هذا لا یرتفع بالإکراه لأن الإکراه مأخوذ فیه بالفرض [إلا أن یقال إن أدلة الإکراه کما ترفع السببیة المستقلة [التی أفادتها الإطلاقات قبل التقیید کذلک ترفع مطلق الأثر عن العقد المکره علیه لأن التأثیر الناقص أیضا استفید من الإطلاقات بعد تقییدها بالرضا الأعم من اللاحق و هذا لا یفرق فیه أیضا بین جعل الرضا ناقلا أو کاشفا إذ علی الأول یکون تمام المؤثر نفسه و علی الثانی یکون الأمر المنتزع منه العارض للعقد و هو تعقبه للرضا و کیف کان فذات العقد المکره علیه مع قطع النظر عن الرضا أو تعقبه له لا یترتب علیه إلا کونه جزء المؤثر التام و هذا أمر عقلی قهری یحصل له بعد حکم الشارع بکون المؤثر التام هو المجموع منه و من الرضا أو وصف تعقبه له فتأمل.

بقی الکلام فی أن الرضا المتأخر ناقل أو کاشف

مقتضی الأصل و عدم حدوث حل مال الغیر إلا عن طیب نفسه هو الأول إلا أن الأقوی بحسب الأدلة النقلیة هو الثانی کما سیجی ء فی مسألة الفضولی و ربما یدعی أن مقتضی الأصل هنا و فی الفضولی هو الکشف لأن مقتضی الرضا بالعقد السابق هو الرضا بما أفاده من نقل الملک حین صدوره فإمضاء الشارع للرضا بهذا المعنی و هو النقل من حین العقد و ترتب الآثار علیه لا یکون إلا بالحکم بحصول الملک فی زمان النقل. و فیه أن مفاد العقد السابق لیس النقل من حینه بل نفس النقل إلا أن إنشاءه لما کان فی زمان التکلم فإن کان ذلک الإنشاء مؤثرا فی نظر الشارع فی زمان التکلم حدث الأثر فیه و إن کان مؤثرا بعد حصول أمر حدث الأثر بعده. فحصول النقل فی نظر الشارع یتبع زمان حکمه الناشئ من

المکاسب، ج 2، ص 123

اجتماع ما یعتبر فی الحکم و لذلک کان الحکم بتحقق الملک بعد القبول أو بعد القبض فی الصرف و السلم و الهبة أو بعد انقضاء زمان الخیار علی مذهب الشیخ غیر مناف لمقتضی الإیجاب و لم یکن تبعیضا فی مقتضاه بالنسبة إلی الأزمنة. فإن قلت حکم الشارع بثبوت الملک و إن کان بعد الرضا إلا أن حکمه بذلک لما کان من جهة إمضائه للرضا بما وقع فکأنه حکم بعد الرضا بثبوت الملک قبله. قلت المراد هو الملک شرعا و لا معنی لتخلف زمانه عن زمان الحکم الشرعی بالملک و سیأتی توضیح ذلک فی البیع الفضولی إن شاء الله. و إن شئت توضیح ما ذکرنا فلاحظ مقتضی فسخ العقد- فإنه و إن کان حلا للعقد السابق و جعله کأن لم یکن إلا أنه لا ترتفع به الملکیة السابقة علی الفسخ لأن العبرة بزمان حدوثه لا بزمان متعلقة ثم علی القول بالکشف هل للطرف غیر المکره أن یفسخ قبل رضا المکره أم لا یأتی بیانه فی الفضولی إن شاء الله.

مسألة و من شروط المتعاقدین إذن السید لو کان العاقد عبدا
اشارة

فلا یجوز للمملوک أن یوقع عقدا إلا بإذن سیده سواء أ کان لنفسه فی ذمته أو بما فی یده أم لغیره

[الدلیل علی هذا الشرط]

لعموم أدلة عدم استقلاله فی أموره. قال الله تعالی ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوکاً لا یَقْدِرُ عَلی شَیْ ءٍ. و عن الفقیه بسنده إلی زرارة عن أبی جعفر و أبی عبد الله ع قالا: المملوک لا یجوز نکاحه و لا طلاقه إلا بإذن سیده قلت فإن کان السید زوجه بید من الطلاق قال بید السید ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوکاً لا یَقْدِرُ عَلی شَیْ ءٍ فشی ء الطلاق. و الظاهر من القدرة خصوصا بقرینة الروایة هو الاستقلال إذ المحتاج إلی غیره فی فعل غیر قادر علیه فیعلم عدم استقلاله فیما یصدق علیه أنه شی ء فکل ما صدر عنه من دون مدخلیة المولی فهو شرعا بمنزلة العدم لا یترتب علیه الأثر المقصود منه لا أنه لا یترتب علیه حکم شرعی أصلا کیف و أفعال العبید موضوعات لأحکام کثیرة کالأحرار

[هل ینفذ إنشاء العبد إذا لحقته إجازة السید]
اشارة

و کیف کان فإنشاءات العبد لا یترتب علیه آثارها من دون إذن المولی- أما مع الإذن السابق فلا إشکال و أما مع الإجازة اللاحقة فیحتمل عدم الوقوع لأن المنع فیه لیس من جهة العوضین- الذین یتعلق بهما حق المجیز فله أن یرضی بما وقع علی ماله من التصرف فی السابق و أن لا یرضی بل المنع من جهة راجعة إلی نفس الإنشاء الصادر و ما صدر علی وجه لا یتغیر منه بعده و بتقریر آخر أن الإجازة إنما تتعلق بمضمون العقد و حاصله أعنی انتقال المال بعوض و هذا فیما نحن فیه لیس منوطا برضا المولی قطعا إذ المفروض أنه أجنبی عن العوضین و إنما له حق فی کون إنشاء هذا المضمون قائما بعبده فإذا وقع علی وجه یستقل به العبد فلحوق الإجازة لا یخرجه عن الاستقلال الواقع علیه قطعا

[مختار المؤلف و دلیله

إلا أن الأقوی هو لحوق إجازة المولی لعموم أدلة الوفاء بالعقود و المخصص إنما دل علی عدم ترتب الأثر علی عقد العبد من دون مدخلیة المولی أصلا سابقا و لاحقا لا مدخلیة إذنه السابق و لو شک أیضا وجب الأخذ بالعموم فی مورد الشک. و تؤید إرادة الأعم من الإجازة الصحیحة السابقة فإن جواز النکاح یکفیه لحوق الإجازة. فالمراد بالإذن هو الأعم إلا أنه خرج الطلاق بالدلیل و لا یلزم تأخیر البیان لأن الکلام المذکور مسوق لبیان نفی استقلال العبد فی الطلاق بحیث لا یحتاج إلی رضا المولی أصلا بل و مع کراهة المولی کما یرشد إلیه التعبیر عن السؤال بقوله بید من الطلاق.

[ما یؤید المختار]

و یؤید المختار بل یدل علیه ما ورد فی صحة نکاح العبد الواقع بغیر إذن المولی إذا أجازه معللا بأنه لم یعص الله تعالی و إنما عصی سیده فإذا أجاز جاز بتقریب أن الروایة تشمل ما لو کان العبد هو العاقد علی نفسه و حمله علی ما إذا عقد الغیر له مناف لترک الاستفصال مع أن تعلیل الصحة بأنه لم یعص الله تعالی إلی آخره فی قوة أن یقال إنه إذا عصی الله بعقد کعقد علی ما حرم الله تعالی علی ما مثل به الإمام ع فی روایات أخری واردة فی هذه المسألة کان العقد باطلا لعدم تصور رضا الله تعالی بما سبق من معصیته أما إذا لم یعص الله و عصی سیده أمکن رضا سیده فیما بعد بما لم یرض به سابقا فإذا رضی به و أجاز صح. فیکون الحاصل أن معیار الصحة فی معاملة العبد بعد کون المعاملة فی نفسها مما لم ینه عنه الشارع هو رضا سیده بوقوعه سابقا أو لاحقا و أنه إذا عصی سیده بمعاملة ثم رضی السید بها صح و أن ما قاله المخالف من أن معصیة السید لا یزول حکمها برضاه بعده و أنه لا ینفع الرضا اللاحق کما نقله السائل عن طائفة من العامة غیر صحیح فافهم و اغتنم و من ذلک یعرف أن استشهاد بعض بهذه الروایات علی صحة عقد العبد و إن لم یسبقه إذن و لم یلحقه إجازة بل و مع سبق النهی أیضا لأن غایة الأمر هو عصیان العبد و إثمه فی إیقاع العقد و التصرف فی لسانه الذی هو ملک للمولی لکن النهی مطلقا لا یوجب الفساد خصوصا النهی الناشئ عن معصیة السید کما یومئ إلیه هذه الأخبار الدالة علی أن معصیة السید لا تقدح بصحة العقد فی غیر محله بل الروایات ناطقة کما عرفت بأن الصحة من جهة ارتفاع کراهة المولی و تبدله بالرضا بما فعله العبد و لیست کراهة الله عز و جل بحیث یستحیل رضاه بعد ذلک بوقوعه السابق فکأنه قال لم یعص الله حتی یستحیل تعقبه للإجازة و الرضا و إنما عصی سیده فإذا أجاز جاز فقد علق الجواز صریحا علی الإجازة. و دعوی أن تعلیق الصحة علی الإجازة من جهة مضمون العقد و هو التزویج المحتاج إلی إجازة السید إجماعا لا نفس إنشاء العقد حتی لو فرضناه للغیر یکون محتاجا إلی إجازة مولی العاقد مدفوعة بأن المنساق من الروایة إعطاء قاعدة کلیة بأن رضا المولی بفعل العبد بعد وقوعه یکفی فی کل ما یتوقف علی مراجعة السید و کان فعله من دون مراجعته أو مع النهی عنه معصیة له و المفروض أن نفس العقد من هذا القبیل. ثم إن ما ذکره من عصیان العبد بتصرفه فی لسانه و أنه لا یقتضی الفساد یشعر بزعم أن المستند فی بطلان عقد العبد لغیره هو حرمة تلفظه بألفاظ العقد من دون رضا المولی و فیه أولا منع حرمة هذه التصرفات الجزئیة للسیرة المستمرة علی مکالمة العبید

المکاسب، ج 2، ص 124

و نحو ذلک من المشاغل الجزئیة. و ثانیا بداهة أن الحرمة فی مثل هذه لا توجب الفساد فلا یظن استناد العلماء فی الفساد إلی الحرمة. و ثالثا أن الاستشهاد بالروایة لعدم کون معصیة السید بالتکلم بألفاظ العقد و التصرف فی لسانه قادحا فی صحة العقد غیر صحیح لأن مقتضاه أن التکلم إن کان معصیة لله تعالی یکون مفسدا مع أنه لا یقول به أحد فإن حرمة العقد من حیث إنه تحریک اللسان کما فی الصلاة و القراءة المضیقة و نحوهما لا یوجب فساد العقد إجماعا. فالتحقیق أن المستند فی الفساد هو الآیة المتقدمة و الروایات الواردة فی عدم جواز أمر العبد و مضیه مستقلا و أنه لیس له من الأمر شی ء.

فرع لو أمر العبد آمر أن یشتری نفسه من مولاه- فباعه مولاه صح و لزم

بناء علی کفایة رضا المولی الحاصل من تعریضه للبیع من إذنه الصریح بل یمکن جعل نفس الإیجاب موجبا للإذن الضمنی و لا یقدح عدم قابلیة المشتری للقبول فی زمان الإیجاب لأن هذا الشرط لیس علی حد غیره من الشروط المعتبرة فی کل من المتعاقدین من أول الإیجاب إلی آخر القبول بل هو نظیر إذن مالک الثمن فی الاشتراء حیث یکفی تحققه بعد الإیجاب و قبل القبول الذی بنی المشتری علی إنشائه فضولا. و عن القاضی البطلان فی المسألة مستدلا علیه باتحاد عبارته مع عبارة السید فیتحد الموجب و القابل و فیه مع اقتضائه المنع لو أذن له السید سابقا منع الاتحاد أولا و منع قدحه ثانیا هذا إذا أمره الأمر بالاشتراء من مولاه فإن أمره بالاشتراء من وکیل المولی فعن جماعة منهم المحقق و الشهید الثانیان أنه لا یصح لعدم الإذن من المولی. و ربما قیل بالجواز حینئذ أیضا بناء علی ما سبق منه من أن المنع لأجل النهی و هو لا یستلزم الفساد و فیه ما عرفت أن وجه المنع هو أدلة عدم استقلال العبد فی شی ء لا منعه عن التصرف فی لسانه فراجع ما تقدم و الله أعلم.

مسألة و من شروط المتعاقدین أن یکونا مالکین أو مأذونین من المالک أو الشارع
اشارة

فعقد الفضولی لا یصح أی لا یترتب علیه ما یترتب علی عقد غیره من اللزوم و هذا مراد من جعل الملک و ما فی حکمه شرطا ثم فرع علیه بأن بیع الفضولی موقوف علی الإجازة کما فی القواعد فاعتراض جامع المقاصد علیه بأن التفریع فی غیر محله لعله فی غیر محله و کیف کان فالمهم التعرض لمسألة عقد الفضولی التی هی من أهم المسائل

[اختلاف الفقهاء فی صحة عقد الفضولی و اتفاقهم علی بطلان إیقاعه

فنقول اختلف الأصحاب و غیرهم فی بیع الفضولی بل مطلق عقده بعد اتفاقهم علی بطلان إیقاعه کما فی غایة المراد علی أقوال.

[المراد بالفضولی

و المراد بالفضولی کما ذکره الشهید هو کامل غیر المالک للتصرف و لو کان غاصبا. و فی کلام بعض العامة أنه العاقد بلا إذن من یحتاج إلی إذنه و قد یوصف به نفس العقد و لعله تسامح و کیف کان فیشمل العقد الصادر من البکر الرشیدة بدون إذن الولی و من المالک إذا لم یملک التصرف لتعلق حق الغیر بالمال کما یومئ إلیه استدلالهم لفساد الفضولی بما دل علی المنع من نکاح البکر الرشیدة بغیر إذن ولیها و حینئذ فیشمل بیع الراهن و السفیه و نحوهما و بیع العبد بدون إذن السید

[هل العقد المقرون برضا المالک من دون إذن منه فضولی

و کیف کان فالظاهر شموله لما إذا تحقق رضا المالک للتصرف باطنا و طیب نفسه بالعقد من دون حصول إذن منه صریحا أو فحوی لأن العاقد لا یصیر مالکا للتصرف و مسلطا علیه بمجرد علمه برضا المالک. و یؤیده اشتراطهم فی لزوم العقد کون العاقد مالکا أو مأذونا أو ولیا و فرعوا علیه بیع الفضولی. و یؤیده أیضا استدلالهم علی صحة الفضولی بحدیث عروة البارقی مع أن الظاهر علمه برضا النبی ص بما یفعله و إن کان الذی یقوی فی النفس لو لا خروجه عن ظاهر الأصحاب- عدم توقفه علی الإجازة اللاحقة بل یکفی فیه رضا المالک المقرون بالعقد سواء علم به العاقد أو انکشف بعد العقد حصوله حینه أو لم ینکشف أصلا فیجب علی المالک فیما بینه و بین الله تعالی إمضاء ما رضی به و یرتب الآثار علیه لعموم وجوب الوفاء بالعقود. و قوله تعالی إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ و لا یحل مال امرئ مسلم إلا عن طیب نفسه. و ما دل علی علم المولی بنکاح العبد و سکوته إقرار منه و روایة عروة البارقی الآتیة حیث أقبض المبیع و قبض الدینار لعلمه برضا النبی ص و لو کان فضولیا موقوفا علی الإجازة لم یجز التصرف فی المعوض و العوض بالقبض و الإقباض و تقریر النبی ص له علی ما فعل دلیل علی جوازه هذا مع أن کلمات الأصحاب فی بعض المقامات یظهر منها خروج هذا الفرض عن الفضولی و عدم وقوفه علی الإجازة مثل قولهم فی الاستدلال علی الصحة إن الشرائط کلها حاصلة إلا رضا المالک. و قولهم إن الإجازة لا یکفی فیها السکوت لأنه أعم من الرضا و نحو ذلک ثم لو سلم کونه فضولیا لکن لیس کل فضولی یتوقف لزومه علی الإجازة لأنه لا دلیل علی توقفه مطلقا علی الإجازة اللاحقة کما هو أحد الاحتمالات فیمن باع ملک غیره ثم ملکه مع أنه یمکن الاکتفاء فی الإجازة بالرضا الحاصل بعد البیع المذکور آنا ما إذ وقوعه برضاه لا ینفک عن ذلک مع الالتفات ثم إنه لو أشکل فی عقود غیر المالک فلا ینبغی الإشکال فی عقد العبد نکاحا أو بیعا مع العلم برضا السید و لو لم یأذن له لعدم تحقق المعصیة التی هی مناط المنع فی الأخبار و عدم منافاته لعدم استقلال العبد فی التصرف

ثم اعلم أن الفضولی قد یبیع للمالک و قد یبیع لنفسه و علی الأول فقد لا یسبقه منع من المالک و قد یسبقه المنع.

فهنا مسائل ثلاث
الأولی أن یبیع للمالک مع عدم سبق منع من المالک
اشارة

- و هذا هو المتیقن من عقد الفضولی

و المشهور الصحة
اشارة

بل فی التذکرة نسبها إلی علمائنا تارة صریحا و أخری ظاهرا بقوله عندنا إلا أنه ذکر عقیب ذلک أن لنا فیه قولا بالبطلان. و فی غایة المراد حکی الصحة عن العمانی و المفید و المرتضی و الشیخ فی النهایة و سلار و الحلبی و القاضی و ابن حمزة و حکی عن الإسکافی و استقر علیها رأی من تأخر عدا فخر الدین و بعض متأخری المتأخرین کالأردبیلی و السید الداماد و بعض متأخری المتأخرین

[مقتضی العمومات الصحة]

لعموم أدلة البیع و العقود لأن خلوه عن إذن المالک لا یوجب سلب اسم العقد و البیع عنه و اشتراط ترتب الأثر بالرضا و توقفه علیه أیضا لا مجال لإنکاره فلم یبق الکلام إلا فی اشتراط سبق الإذن و حیث لا دلیل علیه فمقتضی الإطلاقات عدمه و مرجع ذلک کله إلی عموم حل البیع و وجوب الوفاء بالعقد خرج منه العاری عن الإذن و

المکاسب، ج 2، ص 125

الإجازة معا و لم یعلم خروج ما فقد الإذن و لحقه الإجازة و إلی ما ذکرنا یرجع استدلالهم بأنه عقد صدر من أهله وقع فی محله. فما ذکره فی غایة المراد من أنه من باب المصادرات لم أتحقق وجهه لأن کون العاقد أهلا للعقد من حیث إنه بالغ عاقل لا کلام فیه و کذا کون المبیع قابلا للبیع فلیس محل الکلام إلا خلو العقد عن مقارنة إذن المالک و هو مدفوع بالأصل و لعل مراد الشهید أن الکلام فی أهلیة العاقد و یکتفی فی إثباتها بالعموم المتقدم.

[الاستدلال للصحة بقضیة عروة البارقی و المناقشة فیه

و قد اشتهر الاستدلال علیه: بقضیة عروة البارقی حیث دفع إلیه النبی ص دینارا و قال له اشتر لنا به شاة للأضحیة فاشتری به شاتین ثم باع إحداهما فی الطریق بدینار فأتی النبی ص بالشاة و الدینار فقال له رسول الله ص بارک الله لک فی صفقة یمینک فإن بیعه وقع فضولا و إن وجهنا شراءه علی وجه یخرج عن الفضولی- هذا و لکن لا یخفی أن الاستدلال بها یتوقف علی دخول المعاملة- المقرونة برضا المالک فی بیع الفضولی. توضیح ذلک أن الظاهر علم عروة برضا النبی ص بما یفعل و قد أقبض المبیع و قبض الثمن و لا ریب أن الإقباض و القبض فی بیع الفضولی حرام لکونه تصرفا فی مال الغیر فلا بد إما من التزام أن عروة فعل الحرام فی القبض و الإقباض و هو مناف لتقریر النبی ص و إما من القول بأن البیع الذی یعلم تعقبه للإجازة یجوز التصرف فیه قبل الإجازة بناء علی کون الإجازة کاشفة و سیجی ء ضعفه فیدور الأمر بین ثالث و هو جعل هذا الفرد من البیع و هو المقرون برضا المالک خارجا عن الفضولی کما قلناه. و رابع و هو علم عروة برضا النبی ص بإقباض ماله للمشتری حتی یستأذن و علم المشتری بکون البیع فضولیا حتی یکون دفعه للثمن بید البائع علی وجه الأمانة و إلا فالفضولی لیس مالکا و لا وکیلا فلا یستحق قبض المال فلو کان المشتری عالما فله أن یستأمنه علی الثمن حتی ینکشف الحال بخلاف ما لو کان جاهلا و لکن الظاهر هو أول الوجهین کما لا یخفی خصوصا بملاحظة أن الظاهر وقوع تلک المعاملة علی جهة المعاطاة- . و قد تقدم أن المناط فیها مجرد المراضاة و وصول کل من العوضین إلی صاحب الآخر و حصوله عنده بإقباض المالک أو غیره و لو کان صبیا أو حیوانا فإذا حصل التقابض بین الفضولیین أو فضولی و غیره مقرونا برضا المالکین ثم وصل کل من العوضین إلی صاحب الآخر و علم برضا صاحبه کفی فی صحة التصرف و لیس هذا من معاملة الفضولی لأن الفضولی صار آلة فی الإیصال و العبرة برضا المالک المقرون به

[الاستدلال للصحة بصحیحة محمد بن قیس
اشارة

و استدل له أیضا تبعا للشهید فی الدروس بصحیحة محمد ابن قیس عن أبی جعفر الباقر ع قال: قضی أمیر المؤمنین ع فی ولیدة باعها ابن سیدها و أبوه غائب فاستولدها الذی اشتراها فولدت منه فجاء سیدها فخاصم سیدها الآخر فقال ولیدتی باعها ابنی بغیر إذنی فقال ع الحکم أن یأخذ ولیدته و ابنها فناشده الذی اشتراها فقال له خذ ابنه الذی باعک الولیدة حتی ینفذ البیع لک فلما رءاه أبوه قال له أرسل ابنی قال لا و الله لا أرسل ابنک حتی ترسل ابنی فلما رأی ذلک سید الولیدة أجاز بیع ابنه الحدیث قال فی الدروس و فیها دلالة علی صحة الفضولی و أن الإجازة کاشفة

[المناقشة فی الاستدلال بصحیحة محمد بن قیس

و لا یرد علیها شی ء مما یوهن الاستدلال بها فضلا عن أن یسقطها و جمیع ما ذکر فیها من الموهنات موهونة- إلا ظهور الروایة فی تأثیر الإجازة المسبوقة بالرد من جهة ظهور المخاصمة فی ذلک. و إطلاق حکم الإمام ع بتعیین أخذ الجاریة و ابنها من المالک بناء علی أنه لو لم یرد البیع وجب تقیید الأخذ بصورة اختیار الرد و مناشدة المشتری للإمام ع و إلحاحه إلیه فی علاج فکاک ولده. و قوله حتی ترسل ابنی الظاهر فی أنه حبس الولد و لو علی قیمته یوم الولادة و حمل إمساکه الولیدة علی حبسها لأجل ثمنها کحبس ولدها علی القیمة ینافیه قوله ع فلما رأی ذلک سید الولیدة أجاز بیع الولیدة. و الحاصل أن ظهور الروایة فی رد البیع أولا مما لا ینکره المنصف إلا أن الإنصاف أن ظهور الروایة فی أن أصل الإجازة مجدیة فی الفضولی مع قطع النظر عن الإجازة الشخصیة فی مورد الروایة غیر قابل للإنکار فلا بد من تأویل ذلک الظاهر لقیام القرینة و هی الإجماع علی اشتراط الإجازة بعدم سبق الرد. و الحاصل أن مناط الاستدلال لو کان نفس القضیة الشخصیة من جهة اشتمالها علی تصحیح بیع الفضولی بالإجازة بناء علی قاعدة اشتراک جمیع القضایا المتحدة نوعا فی الحکم الشرعی کان ظهورها فی کون الإجازة الشخصیة فی تلک القضیة مسبوقة بالرد مانعا عن الاستدلال بها موجبا للاقتصار علی موردها لوجه علمه الإمام ع مثل کون مالک الولیدة کاذبا فی دعوی عدم الإذن للولد فاحتال ع حیلة یصل بها الحق إلی صاحبه

[توجیه الاستدلال بصحیحة محمد بن قیس

و أما لو کان مناط الاستدلال ظهور سیاق کلام الأمیر ع فی قوله خذ ابنه حتی ینفذ لک البیع. و قول الباقر ع فی مقام الحکایة فلما رأی ذلک سید الولیدة أجاز بیع ابنه فی أن للمالک أن یجیز العقد الواقع علی ملکه و ینفذه لم یقدح فی ذلک ظهور الإجازة الشخصیة فی وقوعها بعد الرد فیئول ما یظهر منه الرد بإرادة عدم الجزم بالإجازة و الرد أو کون حبس الولیدة علی الثمن أو نحو ذلک و کأنه قد اشتبه مناط الاستدلال علی من لم یستدل بها فی مسألة الفضولی أو یکون الوجه فی الإغماض عنها ضعف الدلالة المذکورة فإنها لا تزید علی الإشعار- و لذا لم یذکرها فی الدروس فی مسألة الفضولی بل ذکرها فی موضع آخر لکن الفقیه فی غنی عنه بعد العمومات المتقدمة.

[الاستدلال لصحة بیع الفضولی بفحوی صحة نکاحه
اشارة

و ربما یستدل أیضا بفحوی صحة عقد النکاح من الفضولی فی الحر و العبد- الثابتة بالنص و الإجماعات المحکیة فإن تملیک بضع الغیر إذا لزم بالإجازة کان تملیک ماله أولی بذلک مضافا إلی ما علم من شدة الاهتمام فی عقد النکاح لأنه یکون منه الولد کما فی بعض الأخبار. و قد أشار إلی هذه الفحوی فی غایة المراد و استدل بها فی الریاض بل قال إنه لولاها أشکل الحکم من جهة الإجماعات المحکیة علی المنع و هو حسن

[المناقشة فی الاستدلال المذکور]

إلا أنها ربما توهن بالنص الوارد فی الرد علی العامة- الفارقین بین تزویج الوکیل المعزول مع جهله بالعزل و بین بیعه بالصحة فی الثانی لأن المال له عوض و البطلان فی الأول لأن البضع لیس له عوض: حیث قال الإمام ع فی مقام ردهم و اشتباههم فی وجه الفرق سبحان الله ما أجور هذا الحکم و أفسده فإن

المکاسب، ج 2، ص 126

النکاح أولی و أجدر أن یحتاط فیه لأنه الفرج و منه یکون الولد الخبر و حاصله أن مقتضی الاحتیاط کون النکاح الواقع أولی بالصحة من حیث الاحتیاط المتأکد فی النکاح دون غیره فدل علی أن صحة البیع تستلزم صحة النکاح بطریق أولی خلافا للعامة حیث عکسوا و حکموا بصحة البیع دون النکاح فمقتضی حکم الإمام ع أن صحة المعاملة المالیة الواقعة فی کل مقام تستلزم صحة النکاح الواقع بطریق أولی و حینئذ فلا یجوز التعدی من صحة النکاح فی مسألة الفضولی إلی صحة البیع لأن الحکم فی الفرع لا یستلزم الحکم فی الأصل فی باب الأولویة و إلا لم یتحقق الأولویة کما لا یخفی. فالاستدلال بصحة النکاح علی صحة البیع مطابق لحکم العامة من کون النکاح أولی بالبطلان من جهة أن البضع غیر قابل للتدارک بالعوض بقی الکلام فی وجه جعل الإمام ع الاحتیاط فی النکاح هو إبقاؤه دون إبطاله مستدلا بأنه یکون منه الولد أن الأمر فی الفروج کالأموال دائر بین محذورین و لا احتیاط فی البین و یمکن أن یکون الوجه فی ذلک أن إبطال النکاح فی مقام الإشکال و الاشتباه یستلزم التفریق بین الزوجین علی تقدیر الصحة واقعا فتتزوج المرأة و یحصل الزنی بذات البعل- بخلاف إبقائه فإنه علی تقدیر بطلان النکاح لا یلزم منه إلا وطء المرأة الخالیة عن المانع و هذا أهون من وطء ذات البعل. فالمراد بالأحوط هو الأشد احتیاطا و کیف کان فمقتضی هذه الصحیحة أنه إذا حکم بصحة النکاح الواقع من الفضولی لم یوجب ذلک التعدی إلی الحکم بصحة بیع الفضولی. نعم لو ورد الحکم بصحة البیع أمکن الحکم بصحة النکاح لأن النکاح أولی بعدم الإبطال کما هو نص الروایة ثم إن الروایة و إن لم یکن لها دخل بمسألة الفضولی إلا أن المستفاد منها قاعدة کلیة هی أن إمضاء العقود المالیة یستلزم إمضاء النکاح من دون العکس الذی هو مبنی الاستدلال فی مسألة الفضولی-

[ما یؤید صحة بیع الفضولی
[ما ورد فی المضاربة]

هذا ثم إنه ربما یؤید صحة الفضولی بل یستدل علیها بروایات کثیرة وردت فی مقامات خاصة- مثل موثقة جمیل عن أبی عبد الله ع: فی رجل دفع إلی رجل مالا لیشتری به ضربا من المتاع مضاربة فاشتری غیر الذی أمره قال هو ضامن و الربح بینهما علی ما شرطه. و نحوها غیرها الواردة فی هذا الباب فإنها إن أبقیت علی ظاهرها من عدم توقف ملک الربح علی الإجازة کما نسب إلی ظاهر الأصحاب و عد هذا خارجا عن بیع الفضولی بالنص کما فی المسالک و غیره کان فیها استیناس لحکم المسألة من حیث عدم اعتبار إذن المالک سابقا فی نقل مال المالک إلی غیره و إن حملناها علی صورة رضا المالک بالمعاملة بعد ظهور الربح کما هو الغالب. و بمقتضی الجمع بین هذه الأخبار و بین ما دل علی اعتبار رضا المالک فی نقل ماله و النهی عن أکل المال بالباطل- اندرجت المعاملة فی الفضولی و صحتها فی خصوص المورد و إن احتمل کونها للنص الخاص إلا أنها لا تخلو عن تأیید للمطلب.

[ما ورد فی اتجار غیر الولی فی مال الیتیم

و من هذا القبیل الأخبار الواردة فی اتجار غیر الولی فی مال الیتیم و أن الربح للیتیم فإنها إن حملت علی صورة إجازة الولی کما هو صریح جماعة تبعا للشهید کان من أفراد المسألة و إن عمل بإطلاقها کما عن جماعة ممن تقدمهم خرجت عن مسألة الفضولی لکن یستأنس بها للمسألة بالتقریب المتقدم و ربما احتمل دخولها فی المسألة من حیث إن الحکم بالمضی إجازة إلهیة لاحقه للمعاملة فتأمل.

[روایة ابن أشیم

و ربما یؤید المطلب أیضا بروایة ابن أشیم الواردة: فی العبد المأذون الذی دفع إلیه مال لیشتری به نسمة و یعتقها و یحجه عن أبیه فاشتری أباه و أعتقه ثم تنازع مولی المأذون و مولی الأب و ورثة الدافع و ادعی کل منهم أنه اشتراه بماله فقال أبو جعفر ع یرد المملوک رقا لمولاه و أی الفریقین أقاموا البینة بعد ذلک علی أنه اشتراه بماله کان رقا له الخبر بناء علی أنه لو لا کفایة الاشتراء بعین المال- فی تملک المبیع بعد مطالبتهم المتضمنة لإجازة البیع لم یکن مجرد دعوی الشراء بالمال و لا إقامة البینة علیها کافیة فی تملک المبیع.

[صحیحة الحلبی

و مما تؤید المطلب أیضا صحیحة الحلبی: عن الرجل یشتری ثوبا و لم یشترط علی صاحبه شیئا- فکرهه ثم رده علی صاحبه فأبی أن یقبله إلا بوضیعة قال لا یصلح له أن یأخذه بوضیعة فإن جهل فأخذه فباعه بأکثر من ثمنه یرد علی صاحبه الأول ما زاد فإن الحکم برد ما زاد لا ینطبق بظاهره إلا علی صحة بیع الفضولی لنفسه.

[موثقة عبد الله

و یمکن التأیید له أیضا بموثقة عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال: سألت أبا عبد الله ع عن السمسار یشتری بالأجر فیدفع إلیه الورق فیشترط علیه أنک تأتی بما تشتری فما شئت أخذته و ما شئت ترکته فیذهب فیشتری ثم یأتی بالمتاع فیقول خذ ما رضیت و دع ما کرهت قال لا بأس الخبر بناء علی أن الاشتراء من السمسار یحتمل أن یکون لنفسه لیکون الورق علیه قرضا فیبیع علی صاحب الورق ما رضیه من الأمتعة و یوفیه دینه. و لا ینافی هذا الاحتمال فرض السمسار فی الروایة ممن یشتری بالأجر لأن وصفه بذلک باعتبار أصل حرفته و شغله لا بملاحظة هذه القضیة الشخصیة. و یحتمل أن یکون لصاحب الورق بإذنه مع جعل خیار له علی بائع الأمتعة فیلتزم بالبیع فیما رضی و یفسخه فیما کره و یحتمل أن یکون فضولیا عن صاحب الورق فیتخیر ما یرید و یرد ما یکره و لیس فی مورد الروایة ظهور فی إذن صاحب الورق للسمسار علی وجه ینافی کونه فضولیا کما لا یخفی فإذا احتمل مورد السؤال لهذه الوجوه و حکم الإمام ع بعدم البأس من دون استفصال عن المحتملات أفاد ثبوت الحکم علی جمیع الاحتمالات.

[أخبار نکاح العبد بدون إذن مولاه

و ربما یؤید المطلب بالأخبار الدالة علی عدم فساد نکاح العبد بدون إذن مولاه معللا بأنه لم یعص الله و إنما عصی سیده. و حاصله أن المانع من صحة العقد إذا کان لا یرجی زواله فهو الموجب لوقوع العقد باطلا و هو عصیان الله تعالی. و أما المانع الذی یرجی زواله کعصیان السید فبزواله یصح العقد و رضا المالک من هذا القبیل فإنه لا یرضی أولا و یرضی ثانیا بخلاف سخط الله عز و جل بفعل فإنه یستحیل رضاه

[مختار المؤلف الصحة]

هذا غایة ما یمکن أن یحتج و یستشهد به للقول بالصحة و بعضها و إن کان مما یمکن الخدشة فیه إلا أن فی بعضها الآخر غنی و کفایة

و احتج للبطلان بالأدلة الأربعة.
أما الکتاب

فقوله تعالی لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ دل بمفهوم الحصر أو سیاق التحدید علی أن غیر التجارة عن تراض أو التجارة لا عن تراض غیر

المکاسب، ج 2، ص 127

مبیح لأکل مال الغیر و إن لحقها الرضا و من المعلوم أن الفضولی غیر داخل فی المستثنی و فیه أن دلالته علی الحصر ممنوعة لانقطاع الاستثناء کما هو ظاهر اللفظ و صریح المحکی عن جماعة من المفسرین ضرورة عدم کون التجارة عن تراض فردا من الباطل خارجا عن حکمه. و أما سیاق التحدید الموجب لثبوت مفهوم القید فهو مع تسلیمه مخصوص بما إذا لم یکن للقید فائدة أخری ککونه واردا مورد الغالب کما فیما نحن فیه. و فی قوله تعالی وَ رَبائِبُکُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِکُمْ مع احتمال أن یکون عن تراض خبرا بعد خبر لتکون علی قراءة نصب التجارة لا قیدا لها و إن کانت غلبة وصف النکرة تؤید التقیید فیکون المعنی إلا أن یکون سبب الأکل تجارة و یکون عن تراض و من المعلوم أن السبب الموجب لحل الأکل فی الفضولی إنما نشأ عن التراضی مع أن الخطاب لملاک الأموال و التجارة فی الفضولی إنما تصیر تجارة المالک بعد الإجازة فتجارته عن تراض. و قد حکی عن المجمع أن مذهب الإمامیة و الشافعیة و غیرهم أن معنی التراضی بالتجارة إمضاء البیع بالتصرف أو التخایر بعد العقد و لعله یناسب ما ذکرنا من کون الظرف خبرا بعد خبر

و أما السنة
اشارة

فهی أخبار منها النبوی المستفیض: و هو قوله ص لحکیم بن حزام لا تبع ما لیس عندک- فإن عدم حضوره عنده کنایة عن عدم تسلطه علی تسلیمه لعدم تملکه فیکون مساوقا للنبوی الآخر: لا بیع إلا فیما یملک بعد قوله ص لا طلاق إلا فیما یملک و لا عتق إلا فیما یملک و لما ورد فی توقیع العسکری ع إلی الصفار: لا یجوز بیع ما لیس یملک و ما عن الحمیری أن مولانا عجل الله فرجه کتب فی جواب بعض مسائله: أن الضیعة لا یجوز ابتیاعها إلا عن مالکها أو بأمره أو رضا منه و ما فی الصحیح عن محمد بن مسلم الوارد: فی أرض بفم النیل اشتراها رجل و أهل الأرض یقولون هی أرضنا و أهل الأستان یقولون هی أرضنا فقال لا تشترها إلا برضا أهلها و ما فی الصحیح عن محمد بن القاسم بن الفضیل: فی رجل اشتری من امرأة من آل فلان بعض قطائعهم و کتب علیها کتابا قد قبضت المال و لم تقبضه فیعطیها المال أم یمنعها قال قل له لیمنعها أشد المنع فإنها باعت ما لم تملکه

[المناقشة فی الاستدلال بالروایات

و الجواب عن النبوی أولا أن الظاهر من الموصول هی العین الشخصیة للإجماع و النص علی جواز بیع الکلی و من البیع البیع لنفسه لا عن مالک العین و حینئذ فإما أن یراد بالبیع مجرد الإنشاء فیکون دلیلا علی عدم جواز بیع الفضولی لنفسه فلا یقع له و لا للمالک بعد إجازته و إما أن یراد ما عن التذکرة من أن یبیع عن نفسه ثم یمضی لیشتریه من مالکه قال لأنه ص ذکره جوابا لحکیم بن حزام حیث سأله عن أن یبیع الشی ء فیمضی و یشتریه و یسلمه فإن هذا البیع غیر جائز و لا نعلم فیه خلافا للنهی المذکور و للغرر لأن صاحبها قد لا یبیعها انتهی. و هذا المعنی یرجع إلی المراد من روایتی خالد و یحیی الآتیتین فی بیع الفضولی لنفسه و یکون بطلان البیع بمعنی عدم وقوع البیع للبائع بمجرد انتقاله إلیه بالشراء فلا ینافی أهلیته لتعقب الإجازة من المالک. و بعبارة أخری نهی المخاطب عن البیع دلیل علی عدم وقوعه مؤثرا فی حقه فلا یدل علی الغایة بالنسبة إلی المالک حتی لا تنفعه إجازة المالک فی وقوعه له و هذا المعنی أظهر من الأول و نحن نقول به کما سیجی ء. و ثانیا سلمنا دلالة النبوی علی المنع لکنها بالعموم فیجب تخصیصه بما تقدم من الأدلة الدالة علی تصحیح بیع ما لیس عند العاقد لمالکه إذا أجاز. و بما ذکرناه من الجوابین یظهر الجواب عن دلالة قوله لا بیع إلا فی ملک فإن الظاهر منه کون المنفی هو البیع لنفسه و أن النفی راجع إلی نفی الصحة فی حقه لا فی حق المالک مع أن العموم لو سلم وجب تخصیصه بما دل علی وقوع البیع للمالک إذا أجاز. و أما الروایتان فدلالتهما علی ما حملنا علیه السابقین أوضح و لیس فیهما ما یدل و لو بالعموم علی عدم وقوع البیع الواقع من غیر المالک له إذا أجاز. و أما الحصر فی صحیحة ابن مسلم و التوقیع فإنما هو فی مقابلة عدم رضا أهل الأرض و الضیعة رأسا علی ما یقتضیه السؤال فیهما. و توضیحه أن النهی فی مثل المقام و إن کان یقتضی الفساد إلا أنه بمعنی عدم ترتب الأثر المقصود من المعاملة علیه. و من المعلوم أن عقد الفضولی لا یترتب علیه بنفسه الملک المقصود منه و لذا یطلق علیه الباطل فی عباراتهم کثیرا و لذا عد فی الشرائع و القواعد من شروط المتعاقدین أعنی شروط الصحة کون العاقد مالکا أو قائما مقامه و إن أبیت إلا عن ظهور الروایتین فی لغویة عقد الفضولی رأسا وجب تخصیصهما بما تقدم من أدلة الصحة. و أما روایة القاسم بن فضیل فلا دلالة فیها إلا علی عدم جواز إعطاء الثمن للفضولی لأنه باع ما لا یملک و هذا حق لا ینافی صحة الفضولی. و أما توقیع الصفار فالظاهر منه نفی جواز البیع فیما لا یملک بمعنی وقوعه للبائع علی جهة الوجوب و اللزوم و یؤیده تصریحه ع بعد تلک الفقرة بوجوب البیع فیما یملک فلا دلالة علی عدم وقوعه لمالکه إذا أجاز. و بالجملة فالإنصاف أنه لا دلالة فی تلک الأخبار بأسرها علی عدم وقوع بیع غیر المالک للمالک إذا أجاز و لا تعرض فیها إلا لنفی وقوعه للعاقد.

الثالث الإجماع علی البطلان

ادعاه الشیخ فی الخلاف معترفا بأن الصحة مذهب قوم من أصحابنا معتذرا عن ذلک بعدم الاعتداد بخلافهم و ادعاه ابن زهرة أیضا فی الغنیة و ادعی الحلی فی باب المضاربة عدم الخلاف فی بطلان شراء الغاصب إذا اشتری بعین المغصوب و الجواب عدم الظن بالإجماع بل الظن بعدمه بعد ذهاب معظم القدماء کالقدیمین و المفید و المرتضی و الشیخ بنفسه فی النهایة التی هی آخر مصنفاته علی ما قیل و أتباعهم إلی الصحة و أتباع المتأخرین علیه عدا فخر الدین و بعض متأخری المتأخرین.

الرابع ما دل من العقل و النقل علی عدم جواز التصرف فی مال الغیر إلا بإذنه
اشارة

فإن الرضا اللاحق لا ینفع فی رفع القبح الثابت حال التصرف ففی التوقیع المروی فی الاحتجاج: لا یجوز لأحد أن یتصرف فی مال غیره إلا بإذنه و لا ریب أن بیع مال الغیر تصرف فیه عرفا.

[المناقشة فی دلیل العقل

و الجواب أن العقد علی مال الغیر متوقعا لإجازته غیر قاصد لترتب الآثار علیها لیس تصرفا فیه. نعم لو فرض کون العقد علة تامة و لو عرفا لحصول الآثار کما فی بیع المالک أو الغاصب المستقل کان حکم العقد جوازا و

المکاسب، ج 2، ص 128

منعا حکم معلولة المترتب علیه ثم لو فرض کونه تصرفا فمما استقل العقل بجوازه- مثل الاستضاءة و الاصطلاء بنور الغیر و ناره مع أنه قد یفرض الکلام فیما إذا علم الإذن فی هذا من المقال أو الحال بناء علی أن ذلک لا یخرجه عن الفضولی مع أن تحریمه لا یدل علی الفساد مع أنه لو دل لدل علی بطلان البیع بمعنی عدم ترتب الأثر علیه و عدم استقلاله فی ذلک و لا ینکره القائل بالصحة خصوصا إذا کانت الإجازة ناقلة. و مما ذکرنا ظهر الجواب عما لو وقع العقد من الفضولی قاصدا لترتیب الأثر من دون مراجعة المشتری بناء علی أن العقد المقرون بهذا القصد قبیح محرم لا نفس القصد المقرون بهذا العقد.

و قد یستدل للمنع بوجوه أخر ضعیفة

أقواها أن القدرة علی التسلیم معتبرة فی صحة البیع و الفضولی غیر قادر و أن الفضولی غیر قاصد حقیقة إلی مدلول اللفظ کالمکره کما صرح فی المسالک. و یضعف الأول مضافا إلی أن الفضولی قد یکون قادرا علی إرضاء المالک بأن هذا الشرط غیر معتبر فی العاقد قطعا بل یکفی تحققه فی المالک فحینئذ یشترط فی صحة العقد مع الإجازة قدرة المجیز علی تسلیمه و قدرة المشتری علی تسلیمه علی ما سیجی ء. و یضعف الثانی بأن المعتبر فی العقد هو هذا القدر من القصد الموجود فی الفضولی و المکره لا أزید منه بدلیل الإجماع علی صحة نکاح الفضولی و بیع المکره بحق فإن دعوی عدم اعتبار القصد فی ذلک للإجماع کما تری.

المسألة الثانیة أن یسبقه منع من المالک
و المشهور أیضا صحته

و حکی عن فخر الدین أن بعض المجوزین للفضولی اعتبر عدم سبق نهی المالک و یلوح إلیه ما عن التذکرة فی باب النکاح من حمل النبوی: أیما عبد تزوج بغیر إذن مولاه فهو عاهر بعد تضعیف السند علی أنه إن نکح بعد منع مولاه و کراهته فإنه یقع باطلا و الظاهر أنه لا یفرق بین النکاح و غیره. و یظهر من المحقق الثانی حیث حمل فساد بیع الغاصب نظرا إلی القرینة الدالة علی عدم الرضا و هی الغصب و کیف کان فهذا القول لا وجه له ظاهرا عدا تخیل أن المستند فی عقد الفضولی هی روایة عروة المختصة بغیر المقام و أن العقد إذا وقع منهیا عنه فالمنع الموجود بعد العقد و لو آنا ما کاف فی الرد فلا ینفع الإجازة اللاحقة بناء علی أنه لا یعتبر فی الرد سوی عدم الرضا الباطنی بالعقد علی ما یقتضیه حکم بعضهم بأنه إذا حلف الموکل علی نفی الإذن فی اشتراء الوکیل انفسخ العقد لأن الحلف علیه أمارة عدم الرضا

[مختار المؤلف و دلیله

هذا و لکن الأقوی عدم الفرق لعدم انحصار المستند حینئذ فی روایة عروة و کفایة العمومات مضافا إلی ترک الاستفصال فی صحیحة محمد بن قیس و جریان فحوی أدلة نکاح العبد بدون إذن مولاه مع ظهور المنع فیها و لو بشاهد الحال بین الموالی و العبید مع أن روایة إجازته صریحة فی عدم قدح معصیة السید حینئذ مع جریان المؤیدات المتقدمة له من بیع مال الیتیم و المغصوب و مخالفة العامل لما اشترط علیه رب المال الصریح فی منعه عما عداه. و أما ما ذکره من المنع الباقی بعد العقد و لو آنا ما فلم یدل دلیل علی کونه فسخا لا ینفع بعده الإجازة. و ما ذکره فی حلف الموکل غیر مسلم و لو سلم فمن جهة ظهور الإقدام علی الحلف علی ما أنکره فی رد البیع و عدم تسلیمه له. و مما ذکرنا یظهر وجه صحة عقد المکره بعد الرضا و أن کراهة المالک حال العقد و بعد العقد لا تقدح فی حصته إذا لحقه الإجازة.

المسألة الثالثة أن یبیع الفضولی لنفسه
اشارة

و هذا غالبا یکون فی بیع الغاصب و قد یتفق من غیره بزعم ملکیة المبیع کما فی مورد صحیحة الحلبی المتقدمة فی الإقالة بوضیعة

[الأقوی الصحة و الدلیل علیه

و الأقوی فیه الصحة وفاقا للمشهور للعمومات المتقدمة بالتقریب المتقدم و فحوی الصحة فی النکاح و أکثر ما تقدم من المؤیدات مع ظهور صحیحة ابن قیس المتقدمة

[الإشکال علی صحة هذا البیع من وجوه
اشارة

و لا وجه للفرق بینه و بین ما تقدم من الفضولی للمالک إلا وجوه تظهر من کلمات جماعة بعضها مختص ببیع الغاصب و بعضها مشترک بین جمیع صور المسألة

منها إطلاق ما تقدم من النبویین:

لا تبع ما لیس عندک و: لا بیع إلا فی ملک بناء علی اختصاص مورد الجمیع ببیع الفضولی لنفسه. و الجواب عنه یعرف مما تقدم من أن مضمونهما عدم وقوع بیع غیر المالک لبائعه غیر المالک بلا تعرض فیهما لوقوعه و عدمه بالنسبة إلی المالک إذا أجاز.

و منها بناء المسألة علی ما سبق من اعتبار عدم سبق منع المالک

و هذا غالبا مفقود فی المغصوب و قد تقدم عن المحقق الکرکی أن الغصب قرینة عدم الرضا و فیه أولا أن الکلام فی الأعم من بیع الغاصب. و ثانیا أن الغصب أمارة عدم الرضا بالبیع للغاصب لا مطلقا فقد یرضی المالک ببیع الغاصب لتوقع الإجازة و تملک الثمن فلیس فی الغصب دلالة علی عدم الرضا بأصل البیع بل الغاصب و غیره من هذه الجهة سواء. و ثالثا قد عرفت أن سبق منع المالک غیر مؤثر.

و منها أن الفضولی إذا قصد إلی بیع مال الغیر لنفسه فلم یقصد حقیقة المعاوضة

إذ لا یعقل دخول أحد العوضین فی ملک من لم یخرج عن ملکه الآخر فالمعاوضة الحقیقیة غیر متصورة فحقیقته ترجع إلی إعطاء المبیع و أخذ الثمن لنفسه و هذا لیس بیعا و الجواب عن ذلک مع اختصاصه ببیع الغاصب- أن قصد المعاوضة الحقیقیة مبنی علی جعل الغاصب نفسه مالکا حقیقیا و إن کان هذا الجعل لا حقیقة له لکن المعاوضة المبنیة علی هذا الأمر غیر الحقیقی حقیقیة نظیر المجاز الادعائی فی الأصول. نعم لو باع لنفسه من دون بناء علی ملکیة المثمن و لا اعتقاد له کانت المعاملة باطلة غیر واقعة له و لا للمالک لعدم تحقق معنی المعاوضة و لذا ذکروا أنه لو اشتری بماله لغیره شیئا بطل و لم یقع له و لا لغیره و المراد ما لو قصد تملک الغیر للمبیع بإزاء مال نفسه و قد تخیل بعض المحققین أن البطلان هنا یستلزم البطلان للمقام و هو ما لو باع مال غیره لنفسه لأنه عکسه و قد عرفت أن عکسه هو ما إذا قصد تملک الثمن من دون بناء و لا اعتقاد لتملک المثمن لأن مفروض الکلام فی وقوع المعاملة للمالک إذا أجاز.

و منها أن الفضولی إذا قصد البیع لنفسه فإن تعلقت إجازة المالک بهذا الذی قصده البائع کان منافیا لصحة العقد

لأن معناها هو صیرورة الثمن لمالک المثمن بإجازته و إن تعلقت بغیر المقصود کانت بعقد مستأنف لا إمضاء النقل الفضولی فیکون النقل من المنشئ غیر مجاز و المجاز غیر منشأ و قد أجاب عن هذا المحقق القمی رحمه الله فی بعض أجوبة مسائله بأن الإجازة فی هذه الصورة مصححة للبیع لا بمعنی لحوق الإجازة لنفس العقد کما فی الفضولی المعهود بل بمعنی تبدیل رضا الغاصب و بیعه لنفسه برضا المالک

المکاسب، ج 2، ص 129

و وقوع البیع عنه و قال نظیر ذلک فیما لو باع شیئا ثم ملکه. و قد صرح فی موضع آخر بأن حاصل الإجازة یرجع إلی أن العقد الذی قصد إلی کونه واقعا علی المال المعین لنفس البائع الغاصب و المشتری العالم قد بدلته بکونه علی هذا الملک بعینه لنفسی فیکون عقدا جدیدا کما هو أحد الأقوال فی الإجازة و فیه أن الإجازة علی هذا تصیر کما اعترف معاوضة جدیدة من طرف المجیز و المشتری لأن المفروض عدم رضا المشتری ثانیا بالمذکور و لأن قصد البائع البیع لنفسه إذا فرض تأثیره فی مغایرة العقد الواقع للعقد المجاز فالمشتری إنما رضی بذلک الإیجاب المغایر لمؤدی الإجازة فإذا التزم یکون مرجع الإجازة إلی تبدیل عقد بعقد و بعدم الحاجة إلی قبول المشتری ثانیا فقد قامت الإجازة من المالک مقام إیجابه و قبول المشتری و هذا خلاف الإجماع و العقل. و أما القول بکون الإجازة عقدا مستأنفا فلم یعهد من أحد من العلماء و غیرهم- و إنما حکی کاشف الرموز عن شیخه أن الإجازة من مالک المبیع بیع مستقل بغیر لفظ البیع فهو [بیع قائم مقام إیجاب البائع و ینضم إلیه القبول المتقدم من المشتری و هذا لا یجری فیما نحن فیه لأنه إذا قصد البائع البیع لنفسه فقد قصد المشتری تملیک الثمن للبائع و تملک المبیع منه فإذا بنی علی کون وقوع البیع للمالک مغایرا لما وقع فلا بد له من قبول آخر فالاکتفاء عنه بمجرد إجازة البائع الراجعة إلی تبدیل البیع للغاصب بالبیع لنفسه التزام بکفایة رضا البائع و إنشائه عن رضا المشتری و إنشائه و هذا ما ذکرناه من أنه خلاف الإجماع و العقل فالأولی فی الجواب منع مغایرة ما وقع لما أجیز. و توضیحه أن البائع الفضولی إنما قصد تملیک المثمن للمشتری بإزاء الثمن و أما کون الثمن مالا له أو لغیره فإیجاب البیع ساکت عنه فیرجع فیه إلی ما یقتضیه مفهوم المعاوضة من دخول العوض فی ملک مالک المعوض تحقیقا لمعنی المعاوضة و المبادلة و حیث إن البائع یملک المثمن بانیا علی تملکه له و تسلطه علیه عدوانا أو اعتقادا لزم من ذلک بناؤه علی تملک الثمن و التسلط علیه و هذا معنی قصد بیعه لنفسه و حیث إن المثمن ملک لمالکه واقعا فإذا أجاز المعاوضة انتقل عوضه إلیه فعلم من ذلک أن قصد البائع البیع لنفسه غیر مأخوذ فی مفهوم الإیجاب حتی یتردد الأمر فی هذا المقام بین المحذورین المذکورین بل مفهوم الإیجاب هو تملیک المثمن بعوض من دون تعرض فیه لمن یرجع إلیه المعوض إلا باقتضاء المعاوضة لذلک و لکن یشکل فیما إذا فرضنا الفضولی مشتریا لنفسه بمال الغیر فقال للبائع الأصیل تملکت منک أو ملکت هذا الثوب بهذه الدراهم فإن مفهوم هذا الإنشاء هو تملک الفضولی للثوب فلا مورد لإجازة مالک الدراهم علی وجه ینتقل الثوب إلیه فلا بد من التزام کون الإجازة نقلا مستأنفا غیر ما أنشأه الفضولی الغاصب. و بالجملة فنسبة المتکلم الفضولی تملک المثمن إلی نفسه بقوله ملکت أو تملکت کإیقاع المتکلم الأصلی التملیک علی المخاطب الفضولی بقوله ملکتک هذا بهذه الدراهم مع علمه بکون الدراهم لغیره أو جهله بذلک و بهذا استشکل العلامة رحمه الله علیه فی التذکرة حیث قال لو باع الفضولی مع جهل الآخر فإشکال من أن الآخر إنما قصد تملیک العاقد و لا ینتقض بما لو جهل الآخر وکالة العاقد أو ولایته لأنه حینئذ إنما یقصد به المخاطب بعنوانه الأعم من کونه أصلیا أو نائبا و لذا یجوز مخاطبته و إسناد الملک إلیه مع علمه بکونه نائبا و لیس إلا بملاحظة المخاطب باعتبار کونه نائبا فإذا صح اعتباره نائبا صح اعتباره علی الوجه الأعم من کونه نائبا أو أصلیا أما الفضولی فهو أجنبی عن المالک لا یمکن فیه ذلک الاعتبار و قد تفطن بعض المعاصرین لهذا الإشکال فی بعض کلماته فالتزم تارة ببطلان شراء الغاصب لنفسه مع أنه لا یخفی مخالفته للفتاوی و أکثر النصوص المتقدمة فی المسألة کما اعترف به أخیرا و أخری بأن الإجازة إنما تتعلق بنفس مبادلة العوضین و إن کانت خصوصیة ملک المشتری الغاصب للمثمن مأخوذة فیها و فیه أن حقیقة العقد فی العبارة التی ذکرنا فی الإشکال أعنی قول المشتری الغاصب تملکت أو ملکت هذا منک بهذه الدراهم لیس إلا إنشاء تملکه للمبیع فإجازة هذا الإنشاء لا یحصل بها تملک المالک الأصلی له بل یتوقف علی نقل مستأنف. فالأنسب فی التفصی أن یقال إن نسبة الملک إلی الفضولی العاقد لنفسه فی قوله تملکت منک أو قول غیره له ملکتک لیس من حیث هو بل من حیث جعل نفسه مالکا للثمن اعتقادا أو عدوانا و

لذا لو عقد لنفسه من دون البناء علی مالکیته للثمن التزمنا بلغویته ضرورة عدم تحقق مفهوم المبادلة بتملک شخص المال بإزاء مال غیره فالمبادلة الحقیقیة من العاقد لنفسه لا یکون إلا إذا کان مالکا حقیقیا أو ادعائیا فلو لم یکن أحدهما و عقد لنفسه لم تتحقق المعاوضة و المبادلة حقیقة فإذا قال الفضولی الغاصب المشتری لنفسه تملکت منک کذا و کذا فالمنسوب إلیه التملک إنما هو المتکلم لا من حیث هو بل من حیث عد نفسه مالکا اعتقادا أو عدوانا و حیث إن الثابت للشی ء من حیثیة تقییدیة ثابت لنفس تلک الحیثیة فالمسند إلیه التملک حقیقة هو المالک للثمن إلا أن الفضولی لما بنی علی أنه المالک المسلط علی الثمن أسند ملک المثمن الذی هو بدل الثمن إلی نفسه فالإجازة الحاصلة من المالک متعلقة بإنشاء الفضولی و هو التملک المسند إلی مالک الثمن و هو حقیقة نفس المجیز فیلزم من ذلک انتقال المثمن إلیه هذا مع أنه ربما یلتزم صحة أن یکون الإجازة للعقد الفضولی- موجبة لصیرورة العوض ملکا للفضولی- ذکره شیخ مشایخنا فی شرحه علی القواعد و تبعه غیر واحد من أجلاء تلامذته و ذکر بعضهم فی ذلک وجهین أحدهما أن قضیة بیع مال الغیر عن نفسه أو الشراء بمال الغیر لنفسه جعل ذلک المال له ضمنا حتی أنه علی فرض صحة ذلک البیع أو الشراء تملکه قبل آن انتقاله إلی غیره لیکون انتقاله إلیه عن ملکه نظیر ما إذا قال أعتق عبدک عنی أو قال بع مالی عنک أو اشتر لک بمالی کذا فهو تملیک ضمنی حاصل ببیعه أو الشراء. و نقول فی المقام أیضا إذا أجاز المالک صح البیع أو الشراء و صحته تتضمن انتقاله إلیه حین البیع أو الشراء فکما أن الإجازة المذکورة تصحح البیع أو الشراء کذلک تقضی بحصول الانتقال الذی یتضمنه البیع الصحیح فتلک الإجازة اللاحقة قائمة مقام الإذن السابق

المکاسب، ج 2، ص 130

قاضیة بتملکه المبیع لیقع البیع فی ملکه و لا مانع منه. الثانی أنه لا دلیل علی اشتراط کون أحد العوضین ملکا للعاقد فی انتقال بدله إلیه بل یکفی أن یکون مأذونا فی بیعه لنفسه أو الشراء به فلو قال بع هذا لنفسک أو اشتر لک بهذا ملک الثمن فی الصورة الأولی بانتقال المبیع عن مالکه إلی المشتری و کذا ملک المثمن فی الصورة الثانیة و یتفرع علیه أنه لو اتفق بعد ذلک فسخ المعاوضة رجع الملک إلی مالکه دون العاقد. أقول و فی کلا الوجهین نظر أما الأول فلأن صحة الإذن فی بیع المال لنفسه أو الشراء لنفسه ممنوعة کما تقدم فی بعض فروع المعاطاة مع أن قیاس الإجازة علی الإذن قیاس مع الفارق لأن الإذن فی البیع یحتمل فیه أن یوجب من باب الاقتضاء تقدیر الملک آنا ما قبل البیع بخلاف الإجازة فإنها لا تتعلق إلا بما وقع سابقا و المفروض أنه لم یقع إلا مبادلة مال الغیر بمال آخر. نعم لما بنی هو علی ملکیة ذلک المال عدوانا أو اعتقادا قصد بالمعاوضة رجوع البدل إلیه فالإجازة من المالک إن رجعت إلی نفس المبادلة أفادت دخول البدل فی ملک المجیز و إن رجعت إلی المبادلة منضمة إلی بناء العاقد علی تملک المال فهی و إن أفادت دخول البدل فی ملک العاقد إلا أن مرجع هذا إلی إجازة ما بنی علیه العاقد من التملک و إمضائه له إذ بعد إمضائه یقع البیع فی ملک العاقد فیملک البدل إلا أن من المعلوم عدم الدلیل علی تأثیر الإجازة فی تأثیر ذلک البناء فی تحقق متعلقة شرعا بل الدلیل علی عدمه لأن هذا مما لا یؤثر فیه الإذن لأن الإذن فی التملیک لا یؤثر التملک فکیف إجازته. و أما الثانی فلما عرفت من منافاته لحقیقة البیع التی هی المبادلة و لذا صرح العلامة رحمه الله فی غیر موضع من کتبه تارة بأنه لا یتصور و أخری بأنه لا یعقل أن یشتری الإنسان لنفسه بمال غیره شیئا بل ادعی بعضهم فی مسألة قبض المبیع عدم الخلاف فی بطلان قول مالک الثمن اشتر لنفسک به طعاما و قد صرح به الشیخ و المحقق و غیرهما. نعم سیأتی فی مسألة جواز تتبع العقود للمالک مع علم المشتری بالغصب أن ظاهر جماعة کقطب الدین و الشهید و غیرهما أن الغاصب مسلط علی الثمن و أن لم یملکه فإذا اشتری به شیئا ملکه و ظاهر هذا إمکان أن لا یملک الثمن و یملک المثمن المشتری إلا أن یحمل ذلک منهم علی التزام تملک البائع الغاصب للمثمن مطلقا- کما نسبه الفخر رحمه الله إلی الأصحاب أو آنا ما قبل أن یشتری به شیئا تصحیحا للشراء و کیف کان فالأولی فی التفصی عن الإشکال المذکور فی البیع لنفسه ما ذکرنا

ثم إن مما ذکرنا من أن نسبة ملک العوض حقیقة إنما هو إلی مالک المعوض لکنه بحسب بناء الطرفین علی مالکیة الغاصب للعوض منسوب إلیه یظهر اندفاع إشکال آخر فی صحة البیع لنفسه مختص بصورة علم المشتری الأصیل و هو أن المشتری الأصیل إذا کان عالما بکون البائع لنفسه غاصبا فقد حکم الأصحاب علی ما حکی عنهم بأن المالک لو رد فلیس للمشتری الرجوع علی البائع بالثمن و هذا کاشف عن عدم تحقق المعاوضة الحقیقیة و إلا لکان ردها موجبا لرجوع کل عوض إلی مالکه و حینئذ فإذا أجاز المالک لم یملک الثمن لسبق اختصاص الغاصب به فیکون البیع بلا ثمن و لعل هذا هو الوجه فی إشکال العلامة فی التذکرة حیث قال بعد إشکال فی صحة بیع الفضولی مع جهل المشتری أن الحکم فی الغاصب مع علم المشتری أشکل انتهی أقول هذا الإشکال بناء علی تسلیم ما نقل عن الأصحاب من أنه لیس للمشتری استرداد الثمن مع رد المالک و بقائه و بعد تسلیم أن الوجه فی حکمهم ذلک هو مطلق التسلیط علی تقدیری الرد و الإجازة لأن التسلیط المراعی بعدم إجازة البیع إنما یتوجه علی القول بالنقل حیث إن تسلیط المشتری للبائع علی الثمن قبل انتقاله إلی مالک المبیع بالإجازة فلا یبقی مورد للإجازة. و أما علی القول بالکشف فلا یتوجه إشکال أصلا لأن الرد کاشف عن کون تسلیط المشتری تسلیطا له علی مال نفسه و الإجازة کاشفة عن کونه تسلیطا له علی ما یملکه غیره بالعقد السابق علی التسلیط الحاصل بالإقباض و لذا لو لم یقبضه الثمن حتی أجاز المالک أورد لم یکن للغاصب انتزاعه من ید المشتری أو المالک و سیأتی فی مسألة جواز تتبع العقود للمالک تتمة لذلک فانتظر ثم اعلم أن الکلام فی صحة بیع الفضولی لنفسه غاصبا کان أو غیره إنما هو فی وقوعه للمالک إذا أجاز و هو الذی لم یفرق المشهور بینه و بین الفضولی البائع للمالک لا لنفسه. و أما الکلام فی صحة بیع الفضولی و وقوعه لنفسه إذا صار مالکا للمبیع و أجاز سواء باع لنفسه أو للمالک فلا دخل له بما نحن فیه لأن الکلام هنا فی وقوع البیع للمالک و هناک فی وقوعه للعاقد إذا ملک و من هنا یعلم أن ما ذکره فی الریاض من أن بیع الفضولی لنفسه باطل و نسب إلی التذکرة نفی الخلاف فیه فی غیر محله إلا أن یرید ما ذکرناه و هو خلاف ظاهر کلامه.

بقی هنا أمران
الأول أنه لا فرق علی القول بصحة بیع الفضولی بین کون مال الغیر عینا أو دینا أو فی ذمة الغیر

و منه جعل العوض ثمنا أو مثمنا فی ذمة الغیر ثم إن تشخیص ما فی الذمة الذی یعقد علیه الفضولی- إما بإضافة الذمة إلی الغیر بأن یقول بعت کرا من طعام فی ذمة فلان بکذا أو بعت هذا بکذا فی ذمة فلان و حکمه أنه لو أجاز فلان یقع العقد له و إن رد بطل رأسا و إما بقصده العقد له فإنه إذا قصده فی العقد تعین کونه صاحب الذمة لما عرفت من استحالة دخول أحد العوضین فی ملک غیر من خرج عنه الآخر إلا علی احتمال ضعیف تقدم عن بعض فکما أن تعیین العوض فی الخارج یعنی عن قصد من وقع له العقد کذلک قصد من وقع له العقد یغنی عن تعیین الثمن الکلی بإضافته إلی ذمة شخص خاص و حینئذ فإن أجاز من قصد مالکیته وقع العقد و إن رد فمقتضی القاعدة بطلان العقد واقعا- لأن مقتضی رد العقد بقاء کل عوض علی ملک صاحبه إذ المال مردد فی باب الفضولی بین مالکه الأصلی و بین من وقع له العقد- فلا معنی لخروجه عن ملک مالکه و تردده بین الفضولی و من وقع له العقد إذ لو صح وقوعه للفضولی لم یحتج إلی إجازة و وقع له إلا أن الطرف الآخر لو لم یصدقه علی هذا القصد و حلف علی نفی العلم حکم له علی الفضولی لوقوع العقد له ظاهرا کما عن المحقق و فخر الإسلام و المحقق الکرکی و السیوری و الشهید

المکاسب، ج 2، ص 131

الثانی. و قد یظهر من إطلاق بعض الکلمات کالقواعد و المبسوط وقوع العقد له واقعا و قد نسب ذلک إلی جماعة فی بعض فروع المضاربة حیث عرفت أن قصد البیع للغیر- أو إضافته إلیه فی اللفظ یوجب صرف الکلی إلی ذمة ذلک الغیر کما أن إضافة الکلی إلیه توجب صرف البیع أو الشراء إلیه و إن لم یقصده أو لم یضفه إلیه ظهر من ذلک التنافی بین إضافة البیع إلی غیره و إضافة الکلی إلی نفسه أو قصده من غیر إضافة و کذا بین إضافة البیع إلی نفسه و إضافة الکلی إلی غیره فلو جمع بین المتنافیین بأن قال اشتریت هذا لفلان بدرهم فی ذمتی أو اشتریت هذا لنفسی بدرهم فی ذمة فلان ففی الأول یحتمل البطلان لأنه فی حکم شراء شی ء للغیر بعین ماله و یحتمل إلغاء أحد القیدین و تصحیح المعاملة لنفسه أو لغیره و فی الثانی یحتمل کونه من قبیل شرائه لنفسه بعین مال الغیر فیقع للغیر بعد إجازته لکن بعد تصحیح المعاوضة بالبناء علی التملک فی ذمة الغیر اعتقادا و یحتمل الصحة بإلغاء قید ذمة الغیر لأن تقیید الشراء أولا بکونه لنفسه یوجب إلغاء ما ینافیه من إضافة الذمة إلی الغیر و المسألة تحتاج إلی تأمل. ثم إنه قال فی التذکرة لو اشتری فضولیا فإن کان بعین مال الغیر فالخلاف فی البطلان أو الوقف علی الإجازة إلا أن أبا حنیفة قال یقع للمشتری بکل حال و إن کان فی الذمة لغیره و أطلق اللفظ. قال علماؤنا یقف علی الإجازة فإن أجازه صح و لزمه أداء الثمن و إن رد نفذ عن المباشر. و به قال الشافعی فی القدیم و أحمد و إنما یصح الشراء لأنه تصرف فی ذمته لا فی مال غیره و إنما توقف علی الإجازة لأنه عقد الشراء له فإن أجازه لزمه و إن رده لزم لمن اشتراه و لا فرق بین أن ینقد من مال الغیر أو لا. و قال أبو حنیفة یقع عن المباشر و هو جدید للشافعی انتهی و ظاهره الاتفاق علی وقوع الشراء مع الرد للمشتری واقعا کما یشعر به تعلیله بقوله لأنه تصرف فی ذمته لا فی مال الغیر لکن أشرنا سابقا إجمالا إلی أن تطبیق هذا علی القواعد مشکل لأنه إن جعل المال فی ذمته بالأصالة فیکون ما فی ذمته کعین ماله فیکون کما لو باع عین ماله لغیره. و الأوفق بالقواعد فی مثل هذا إما البطلان لو عمل بالنیة بناء علی أنه لا یعقل فی المعاوضة دخول عوض مال الغیر فی ملک غیره قهرا و إما صحته و وقوعه لنفسه لو ألغیت النیة بناء علی انصراف المعاملة إلی مالک العین قهرا و إن نوی خلافه و إن جعل المال فی ذمته لا من حیث الأصالة بل من حیث جعل نفسه نائبا عن الغیر فضولا فمع الإشکال فی صحة هذا لو لم یرجع إلی الشراء فی ذمة الغیر أن اللازم من هذا أن الغیر إذا رد هذه المعاملة و هذه النیابة تقع فاسدة من أصلها لا أنها تقع للمباشر. نعم إذا عجز المباشر من إثبات ذلک علی البائع لزمه ذلک فی ظاهر الشریعة کما ذکرنا سابقا و نص علیه جماعة من باب التوکیل و کیف کان فوقوع المعاملة فی الواقع مرددة بین المباشر و المنوی دون التزامه خرط القتاد و یمکن تنزیل العبارة علی الوقوع للمباشر ظاهرا لکنه بعید.

الثانی الظاهر أنه لا فرق فیما ذکرنا من أقسام بیع الفضولی بین البیع العقدی و المعاطاة

بناء علی إفادتها للملک إذ لا فارق بینها و بین العقد فإن التقابض بین الفضولیین أو فضولی و أصیل إذا وقع بنیة التملیک و التملک فأجازه المالک فلا مانع من وقوع المجاز من حینه أو من حین الإجازة فعموم مثل قوله تعالی وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ شامل و یؤیده روایة عروة البارقی حیث إن الظاهر وقوع المعاملة بالمعاطاة و توهم الإشکال فیه من حیث إن الإقباض الذی یحصل به التملیک محرم لکونه تصرفا فی مال الغیر فلا یترتب علیه أثر فی غیر محله إذ قد لا یحتاج إلی إقباض مال الغیر کما لو اشتری الفضولی لغیره فی الذمة مع أنه قد یقع الإقباض مقرونا برضا المالک- بناء علی ظاهر کلامهم من أن العلم بالرضا لا یخرج المعاملة عن معاملة الفضولی مع أن النهی لا یدل علی الفساد- مع أنه لو دل لدل علی عدم ترتب الأثر المقصود و هو استقلال الإقباض فی السببیة فلا ینافی کونه جزء سبب و ربما یستدل علی ذلک بأن المعاطاة منوطة بالتراضی و قصد الإباحة أو التملیک و هما من وظائف المالک و لا یتصور صدورهما من غیره و لذا ذکر الشهید الثانی أن المکره و الفضولی قاصدان للفظ دون المدلول و ذکر أن قصد المدلول لا یتحقق من غیر المالک و مشروطة أیضا بالقبض و الإقباض من الطرفین أو من أحدهما مقارنا للأمرین و لا أثر لهما إلا إذا صدرا من المالک أو بإذنه. و فیه أن اعتبار الإقباض و القبض فی المعاطاة عند من اعتبره فیها إنما هو لحصول إنشاء التملیک أو الإباحة فهو عندهم من الأسباب الفعلیة کما صرح الشهید فی قواعده و المعاطاة عندهم عقد فعلی و لذا ذکر بعض الحنفیة القائلین بلزومها أن البیع ینعقد بالإیجاب و القبول و بالتعاطی و حینئذ فلا مانع من أن یقصد الفضولی بإقباضه المعنی القائم بنفسه المقصود من قوله ملکتک و اعتبار مقارنة الرضا من المالک للإنشاء الفعلی دون القولی مع اتحاد أدلة اعتبار الرضا و طیب النفس فی حل مال الغیر لا یخلو عن تحکم. و ما ذکره الشهید الثانی لا یجدی فیما نحن فیه لأنا لا نعتبر فی فعل الفضولی أزید من القصد الموجود فی قوله لعدم الدلیل و لو ثبت لثبت منه اعتبار المقارنة فی العقد القولی أیضا إلا أن یقال إن مقتضی الدلیل ذلک- خرج عنه بالدلیل معاملة الفضولی إذا وقعت بالقول لکنک قد عرفت أن عقد الفضولی لیس علی خلاف القاعدة. نعم لو قلنا إن المعاملة لا یعتبر فیها قبض و لو اتفق معها بل السبب المستقل هو تراضی المالکین بملکیة کل منهما لمال صاحبه مطلقا أو مع وصولهما أو وصول أحدهما لم یعقل وقوعها من الفضولی. نعم الواقع منه إیصال المال و المفروض أنه لا مدخل له فی المعاملة فإذا رضی المالک بمالکیة من وصل إلیه المال تحققت المعاطاة من حین الرضا و لم یکن إجازة لمعاطاة سابقه لکن الإنصاف أن هذا المعنی غیر مقصود للعلماء فی عنوان المعاطاة إنما قصدهم إلی العقد الفعلی هذا کله علی القول بالملک. و أما علی القول بالإباحة فیمکن القول ببطلان الفضولی لأن إفادة المعاملة المقصود بها الملک الإباحة خلاف القاعدة فیقتصر فیها علی صورة تعاطی المالکین مع أن حصول الإباحة قبل الإجازة غیر ممکن و الآثار الأخر مثل بیع المال علی القول بجواز مثل هذا التصرف إذا وقعت فی غیر زمان الإباحة الفعلیة لم تؤثر أثرا فإذا أجاز حدث

المکاسب، ج 2، ص 132

الإباحة من حین الإجازة اللهم إلا أن یقال بکفایة وقوعها مع الإباحة الواقعیة إذا کشف عنها الإجازة فافهم

القول فی الإجازة و الرد
أما الکلام فی الإجازة
اشارة

فیقع تارة فی حکمها و شروطها و أخری فی المجیز و ثالثة فی المجاز

أما حکمها
[هل الإجازة کاشفة أم ناقلة]

[هل الإجازة کاشفة أم ناقلة]

فقد اختلف القائلون بصحة الفضولی بعد اتفاقهم علی توقفها علی الإجازة فی کونها کاشفة بمعنی أنه یحکم بعد الإجازة بحصول آثار العقد من حین وقوعه حتی کأن الإجازة وقعت مقارنة للعقد أو ناقلة بمعنی ترتب آثار العقد من حینها حتی کأن العقد وقع حال الإجازة علی قولین

[الأکثر علی الکشف و استدلالهم علیه
اشارة

[الأکثر علی الکشف و استدلالهم علیه

فالأکثر علی الأول و استدل علیه کما عن جامع المقاصد و الروضة بأن العقد سبب تام فی الملک لعموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و تمامه فی الفضولی إنما یعلم بالإجازة فإذا أجاز تبین کونه تاما یوجب ترتب الملک علیه و إلا لزم أن لا یکون الوفاء بالعقد خاصة بل به مع شی ء آخر و بأن الإجازة متعلقة بالعقد فهی رضا بمضمونه و لیس إلا نقل العوضین من حینه

[ما استدل به فخر الدین للأکثر]

[ما استدل به فخر الدین للأکثر]

و عن فخر الدین فی الإیضاح الاحتجاج لهم بأنها لو لم تکن کاشفة لزم تأثیر المعدوم فی الموجود- لأن العقد حالها عدم انتهی.

[المناقشات التی یذکر علی القول بالکشف

[المناقشات التی یذکر علی القول بالکشف

و یرد علی الوجه الأول أنه إن أرید بکون العقد سببا تاما کونه علة تامة للنقل إذا صدر عن رضا المالک فهو مسلم إلا أن بالإجازة لا یعلم تمام ذلک السبب و لا یتبین کونه تاما إذ الإجازة لا تکشف عن مقارنة الرضا غایة الأمر أن لازم صحة عقد الفضولی کونها قائمة مقام الرضا المقارن فیکون لها دخل فی تمامیة السبب کالرضا المقارن فلا معنی لحصول الأثر قبله و منه یظهر فساد تقریر الدلیل بأن العقد الواقع جامع لجمیع الشروط و کلها حاصلة إلا رضا المالک فإذا حصل بالإجازة عمل السبب عمله فإنه إذا اعترف أن رضا المالک من جملة الشروط فکیف یکون کاشفا عن وجود المشروط قبله. و دعوی أن الشروط الشرعیة لیست کالعقلیة بل هی بحسب ما یقتضیه جعل الشارع فقد یجعل الشارع ما یشبه تقدیم السبب علی السبب کغسل الجمعة یوم الخمیس و إعطاء الفطرة قبل وقتها فضلا عن تقدم المشروط علی الشرط کغسل الفجر بعد الفجر للمستحاضة الصائمة و کغسل العشائین لصوم الیوم الماضی علی القول به مدفوعة بأنه لا فرق فیما فرض شرطا أو سببا بین الشرعی و غیره و تکثیر الأمثلة لا یوجب وقوع المحال العقلی فهی کدعوی أن التناقض الشرعی بین الشیئین لا یمنع عن اجتماعهما لأن النقیض الشرعی غیر العقلی. فجمیع ما ورد مما یوهم ذلک أنه لا بد من التزام أن المتأخر لیس سببا أو شرطا بل السبب و الشرط هو الأمر المنتزع من ذلک لکن ذلک لا یمکن فیما نحن فیه بأن یقال إن الشرط تعقب الإجازة و لحوقها بالعقد و هذا أمر مقارن للعقد علی تقدیر الإجازة لمخالفته الأدلة اللهم إلا أن یکون مراده بالشرط ما یتوقف تأثیر السبب المتقدم فی زمانه علی لحوقه و هذا مع أنه لا یستحق إطلاق الشرط علیه غیر صادق علی الرضا لأن المستفاد من العقل و النقل اعتبار رضا المالک فی انتقال ماله لأنه لا یحل لغیره بدون طیب النفس و أنه لا ینفع لحوقه فی حل تصرف الغیر و انقطاع سلطنة المالک. و مما ذکرنا یظهر ضعف ما احتمله فی المقام بعض الأعلام بل التزم به غیر واحد من المعاصرین من أن معنی شرطیة الإجازة مع کونها کاشفة شرطیة الوصف المنتزع منها و هو کونها لاحقه للعقد فی المستقبل فالعلة التامة العقد الملحق به الإجازة و هذه صفة مقارنة للعقد و إن کانت نفس الإجازة متأخرة عنه. و قد التزم بعضهم بما یتفرع علی هذا من أنه إذا علم المشتری أن المالک للمبیع سیجیز العقد حل له التصرف فیه بمجرد العقد و فیه ما لا یخفی من المخالفة للأدلة و یرد علی الوجه الثانی أولا أن الإجازة و إن کانت رضا بمضمون العقد إلا أن مضمون العقد لیس هو النقل من حینه حتی یتعلق الإجازة و الرضا بذلک النقل المقید بکونه فی ذلک الحال بل هو نفس النقل مجردا عن ملاحظة وقوعه فی زمان و إنما الزمان من ضروریات إنشائه- فإن قول العاقد بعت لیس نقلت من هذا الحین و إن کان النقل المنشأ به واقعا فی ذلک الحین فالزمان ظرف للنقل لا قید له فکما أن إنشاء مجرد النقل الذی هو مضمون العقد فی زمان یوجب وقوعه من المنشئ فی ذلک الزمان فکذلک إجازة ذلک النقل فی زمان یوجب وقوعه من المجیز فی زمان الإجازة و کما أن الشارع إذا أمضی نفس العقد وقع النقل من زمانه فکذلک إذا أمضی إجازة المالک وقع النقل من زمان الإجازة. و لأجل ما ذکرنا لم یکن مقتضی القبول وقوع الملک من زمان الإیجاب مع أنه لیس إلا رضا بمضمون الإیجاب فلو کان مضمون الإیجاب النقل من حینه و کان القبول رضا بذلک کان معنی إمضاء الشارع للعقد الحکم بترتب الأثر من حین الإیجاب لأن الموجب ینقل من حینه و القابل یتقبل ذلک و یرضی به. و دعوی أن العقد سبب للملک فلا یتقدم علیه مدفوعة بأن سببیته للملک لیست إلا بمعنی إمضاء الشارع لمقتضاه فإذا فرض مقتضاه مرکبا من نقل فی زمان و رضا بذلک النقل کان مقتضی العقد الملک بعد الإیجاب و لأجل ما ذکرنا أیضا لا یکون فسخ العقد إلا انحلاله من زمانه لا من زمان العقد فإن الفسخ نظیر الإجازة و الرد لا یتعلق إلا بمضمون العقد و هو النقل من حینه فلو کان زمان وقوع النقل مأخوذا فی العقد علی وجه القیدیة لکان رده و حله موجبا للحکم بعدم الآثار من حین العقد و السر فی جمیع ذلک ما ذکرنا من عدم کون زمان النقل إلا ظرفا فجمیع ما یتعلق بالعقد من الإمضاء و الرد و الفسخ إنما یتعلق بنفس

المضمون دون المقید بذلک الزمان. و الحاصل أنه لا إشکال فی حصول الإجازة بقول المالک رضیت بکون مالی لزید بإزاء ماله أو رضیت بانتقال مالی إلی زید و غیر ذلک من الألفاظ التی لا تعرض فیها لإنشاء الفضولی فضلا عن زمانه کیف و قد جعلوا تمکین الزوجة بالدخول علیها إجازة منها، و نحو ذلک. و من المعلوم أن الرضا یتعلق بنفس نتیجة العقد من غیر ملاحظة زمان نقل الفضولی و بتقریر آخر أن الإجازة من المالک قائمة مقام رضاه و إذنه المقرون بإنشاء الفضولی أو مقام نفس إنشائه فلا یصیر المالک بمنزلة العاقد إلا بعد الإجازة فهی إما

المکاسب، ج 2، ص 133

شرط أو جزء سبب للملک. و بعبارة أخری المؤثر هو العقد المرضی به و المقید من حیث إنه مقید لا یوجد إلا بعد القید و لا یکفی فی التأثیر وجود ذات المقید المجردة عن القید. و ثانیا فلانا لو سلمنا عدم کون الإجازة شرطا اصطلاحیا لیؤخذ فیه تقدمه علی المشروط و لا جزء سبب و إنما هی من المالک محدثة للتأثیر فی العقد السابق و جاعلة له سببا تاما حتی کأنه وقع مؤثرا فیتفرع علیه أن مجرد رضا المالک بنتیجة العقد أعنی محض الملکیة من غیر التفات إلی وقوع عقد سابق لیس بإجازة لأن معنی إجازة العقد جعله جائزا نافذا ماضیا لکن نقول لم یدل دلیل علی إمضاء الشارع لإجازة المالک علی هذا الوجه لأن وجوب الوفاء بالعقد تکلیف یتوجه إلی العاقدین کوجوب الوفاء بالعهد و النذر و من المعلوم أن المالک لا یصیر عاقدا أو بمنزلته إلا بعد الإجازة فلا یجب الوفاء إلا بعدها و من المعلوم أن الملک الشرعی یتبع الحکم الشرعی فما لم یجب الوفاء فلا ملک و مما ذکرنا یعلم عدم صحة الاستدلال للکشف بدلیل وجوب الوفاء بالعقود بدعوی أن الوفاء بالعقد و العمل بمقتضاه هو الالتزام بالنقل من حین العقد و قس علی ذلک ما لو کان دلیل الملک عموم وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ فإن الملک ملزوم لحلیة التصرف فقبل الإجازة لا یحل التصرف خصوصا إذا علم عدم رضا المالک باطنا أو تردده فی الفسخ و الإمضاء. و ثالثا سلمنا دلالة الدلیل علی إمضاء الشارع- لإجازة المالک علی طبق مفهومها اللغوی و العرفی أعنی جعل العقد السابق جائزا ماضیا بتقریب أن یقال إن معنی الوفاء بالعقد العمل بمقتضاه و مؤداه العرفی فإذا صار العقد بالإجازة کأنه وقع مؤثرا ماضیا کان مقتضی العقد المجاز عرفا ترتب الآثار من حینه فیجب شرعا العمل به علی هذا الوجه لکن نقول بعد الإغماض عن أن مجرد کون الإجازة بمعنی جعل العقد السابق جائزا نافذا لا یوجب کون مقتضی العقد و مؤداه العرفی ترتب الآثار من حین العقد کما أن کون مفهوم القبول رضا بمفهوم الإیجاب و إمضاء له لا یوجب ذلک حتی یکون مقتضی الوفاء بالعقد ترتیب الآثار من حین الإیجاب فتأمل إذا المعنی علی حقیقته غیر معقول لأن العقد الموجود علی صفة عدم التأثیر یستحیل لحوق صفة التأثیر له لاستحالة خروج الشی ء عما وقع علیه فإذا دل الدلیل الشرعی علی إمضاء الإجازة علی هذا الوجه غیر المعقول فلا بد من صرفه بدلالة الاقتضاء إلی إرادة معاملة العقد بعد الإجازة معاملة العقد الواقع مؤثرا من حیث ترتب الآثار الممکنة فإذا أجاز المالک حکمنا بانتقال نماء المبیع بعد العقد إلی المشتری و إن کان أصل الملک قبل الإجازة للمالک و وقع النماء فی ملکه. و الحاصل أنه یعامل بعد الإجازة معاملة العقد الواقع مؤثرا من حینه بالنسبة إلی ما أمکن من الآثار و هذا نقل حقیقی فی حکم الکشف من بعض الجهات و ستأتی الثمرة بینه و بین الکشف الحقیقی و لم أعرف من قال بهذا الوجه من الکشف إلا الأستاذ شریف العلماء فیما عثرت علیه من بعض تحقیقاته و إلا فظاهر کلام القائلین بالکشف أن الانتقال فی زمان العقد و لذا عنون العلامة رحمه الله فی القواعد مسألة الکشف و النقل بقوله و فی زمان الانتقال إشکال فجعل النزاع فی هذه المسألة نزاعا فی زمان الانتقال-

[معانی الکشف
اشارة

[معانی الکشف

و قد تحصل مما ذکرنا أن کاشفیة الإجازة علی وجوه ثلاثة قال بکل منها قائل

أحدها و هو المشهور الکشف الحقیقی

أحدها و هو المشهور الکشف الحقیقی

و التزام کون الإجازة فیها شرطا متأخرا و لذا اعترض علیهم جمال المحققین فی حاشیته علی الروضة بأن الشرط لا یتأخر.

الثانی الکشف الحقیقی

الثانی الکشف الحقیقی

و التزام کون الشرط تعقب العقد بالإجازة لا نفس الإجازة فرارا عن لزوم تأخر الشرط عن المشروط و التزم بعضهم بجواز التصرف قبل الإجازة لو علم تحققها فیما بعد.

الثالث الکشف الحکمی

الثالث الکشف الحکمی

و هو إجراء أحکام الکشف بقدر الإمکان مع عدم تحقق الملک فی الواقع إلا بعد الإجازة.

[مقتضی القواعد و العمومات هو النقل ثم الکشف الحکمی

[مقتضی القواعد و العمومات هو النقل ثم الکشف الحکمی

و قد تبین من تضاعیف کلماتنا أن الأنسب بالقواعد و العمومات هو النقل ثم بعده الکشف الحکمی. و أما الکشف الحقیقی مع کون نفس الإجازة من الشروط فإتمامه بالقواعد فی غایة الإشکال و لذا استشکل فیه العلامة فی القواعد و لم یرجحه المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد بل عن الإیضاح اختیار خلافه تبعا للمحکی عن کاشف الرموز و قواه فی مجمع البرهان و تبعهم کاشف اللثام فی النکاح

[ظاهر صحیحة محمد بن قیس هو الکشف بالمعنی الأعم

[ظاهر صحیحة محمد بن قیس هو الکشف بالمعنی الأعم

هذا بحسب القواعد و العمومات. و أما الأخبار فالظاهر من صحیحة محمد بن قیس الکشف- کما صرح به فی الدروس و کذا الأخبار التی بعدها لکن لا ظهور فیها للکشف بالمعنی المشهور فتحتمل الکشف الحکمی.

[ظاهر صحیحة أبی عبیدة هو الکشف الحقیقی

[ظاهر صحیحة أبی عبیدة هو الکشف الحقیقی

نعم صحیحة أبی عبیدة الواردة فی تزویج الصغیرین فضولا الآمرة بعزل المیراث من الزوج المدرک الذی أجاز فمات للزوجة غیر المدرکة حتی تدرک و تخلف ظاهره فی قول الکشف إذ لو کان مال و المیت قبل إجازة الزوجة باقیة علی ملک سائر الورثة کان العزل مخالفا لقاعدة تسلط الناس علی أموالهم. فإطلاق الحکم بالعزل منضما إلی عموم: الناس مسلطون علی أموالهم یفید أن العزل لاحتمال کون الزوجة غیر المدرکة وارثه فی الواقع فکأنه احتیاط فی الأموال قد غلبه الشارع علی أصالة عدم الإجازة کعزل نصیب الحمل و جعله أکثر مما یحتمل.

بقی الکلام فی بیان الثمرة بین الکشف باحتمالاته و النقل
اشارة

بقی الکلام فی بیان الثمرة بین الکشف باحتمالاته و النقل

فنقول

أما الثمرة علی الکشف الحقیقی

أما الثمرة علی الکشف الحقیقی

بین کون نفس الإجازة شرطا و کون الشرط تعقب العقد بها و لحوقها له فقد یظهر فی جواز تصرف کل منهما فیما انتقل إلیه بإنشاء الفضولی إذا علم إجازة المالک فیما بعد.

و أما الثمرة بین الکشف الحقیقی و الحکمی

و أما الثمرة بین الکشف الحقیقی و الحکمی

مع کون نفس الإجازة شرطا فإنه یظهر فی مثل ما إذا وطئ المشتری الجاریة قبل إجازة مالکها فأجاز فإن الوطء علی الکشف الحقیقی حرام ظاهرا لأصالة عدم الإجازة و حلال واقعا لکشف الإجازة عن وقوعه فی ملکه و لو أولدها صارت أم ولد علی الکشف الحقیقی و الحکمی لأن مقتضی جعل الواقع ماضیا ترتب حکم وقوع الوطء فی الملک و یحتمل عدم تحقق الاستیلاد علی الحکمی لعدم تحقق حدوث الولد فی الملک و إن حکم بملکیته للمشتری بعد ذلک و لو نقل المالک أم الولد عن ملکه قبل الإجازة فأجاز بطل النقل علی الکشف الحقیقی لانکشاف وقوعه فی ملک الغیر مع احتمال کون النقل بمنزلة الرد و بقی صحیحا علی الکشف الحکمی و علی المجیز

المکاسب، ج 2، ص 134

قیمتها لأنه مقتضی الجمع بین جعل العقد ماضیا من حین وقوعه و بین مقتضی صحة النقل الواقع قبل حکم الشارع بهذا الجعل کما فی الفسخ بالخیار مع انتقال المتعلقة بنقل لازم. و ضابط الکشف الحکمی الحکم بعد الإجازة بترتب آثار ملکیة المشتری من حین العقد- فإن ترتب شی ء من آثار ملکیة المالک قبل إجازته کإتلاف النماء و نقله و لم یناف الإجازة جمع بینه و بین مقتضی الإجازة بالرجوع إلی البدل و إن نافی الإجازة کإتلاف العین عقلا أو شرعا کالعتق فات محلها مع احتمال الرجوع إلی البدل و سیجی ء

ثم إنهم ذکروا للثمرة بین الکشف و النقل مواضع
منها النماء

منها النماء

فإنه علی الکشف بقول مطلق لمن انتقل إلیه العین و علی النقل لمن انتقلت عنه و للشهید الثانی فی الروضة عبارة توجیه المراد منها کما فعله بعض أولی من توجیه حکم ظاهرها کما تکلفه آخر.

و منها أن فسخ الأصیل لإنشائه قبل إجازة الآخر مبطل له علی القول بالنقل دون الکشف

و منها أن فسخ الأصیل لإنشائه قبل إجازة الآخر مبطل له علی القول بالنقل دون الکشف

بمعنی أنه لو جعلناها ناقلة کان فسخ الأصیل لفسخ الموجب قبل قبول القابل فی کونه ملغیا لإنشائه السابق بخلاف ما لو جعلت کاشفة فإن العقد تام من طرف الأصیل غایة الأمر تسلط الآخر علی فسخه و هذا مبنی علی ما تسالموا علیه من جواز إبطال أحد المتعاقدین لإنشائه قبل إنشاء صاحبه بل قبل تحقق شرط صحة العقد کالقبض فی الهبة و الوقف و الصدقة فلا یرد ما اعترضه بعض من منع جواز الإبطال علی القول بالنقل معللا بأن ترتب الأثر علی جزء السبب بعد انضمام الجزء الآخر من أحکام الوضع لا مدخل لاختیار المشتری فیه و فیه أن الکلام فی أن عدم تخلل الفسخ بین جزئی السبب شرط فانضمام الجزء الآخر من دون تحقق الشرط غیر مجد فی وجود المسبب فالأولی فی سند المنع دفع احتمال اشتراط عدم تخلل الفسخ بإطلاقات صحة العقود و لزومها و لا یخلو من إشکال.

و منها جواز تصرف الأصیل فیما انتقل عنه

و منها جواز تصرف الأصیل فیما انتقل عنه

بناء علی النقل- و إن قلنا بأن فسخه غیر مبطل لإنشائه فلو باع جاریة من فضولی جاز له وطؤها و إن استولدها صارت أم ولد لأنها ملکه و کذا لو زوجت نفسها من فضولی جاز لها التزویج من الغیر فلو حصلت الإجازة فی المثالین لغت لعدم بقاء المحل قابلا. و الحاصل أن الفسخ القولی و إن قلنا إنه غیر مبطل لإنشاء الأصیل إلا أن له فعل ما ینافی انتقال المال عنه علی وجه یفوت محل الإجازة فینفسخ العقد بنفسه بذلک و ربما احتمل عدم جواز التصرف علی هذا القول أیضا و لعله لجریان عموم وجوب الوفاء بالعقد فی حق الأصیل و إن لم یجب فی الطرف الآخر و هو الذی یظهر من المحقق الثانی فی مسألة شراء الغاصب بعین المال المغصوب حیث قال لا یجوز للبائع و لا للغاصب التصرف فی العین لإمکان الإجازة و لا سیما علی القول بالکشف انتهی. و فیه أن الإجازة علی القول بالنقل له مدخل فی العقد شرطا أو شطرا فما لم یتحقق الشرط أو الجزء لم یجب الوفاء علی أحد من المتعاقدین لأن المأمور به بالوفاء هو العقد المقید الذی لا یوجد إلا بعد القید و هذا کله علی النقل و أما علی القول بالکشف فلا یجوز التصرف فیه علی ما یستفاد من کلمات جماعة کالعلامة و السید العمیدی و المحقق الثانی و ظاهر غیرهم و ربما اعترض علیه بعدم المانع له من التصرف لأن مجرد احتمال انتقال المال عنه فی الواقع لا یقدح فی السلطنة الثابتة له و لذا صرح بعض المعاصرین بجواز التصرف مطلقا. نعم إذا حصلت الإجازة کشفت عن بطلان کل تصرف مناف لانتقال المال إلی المجیز فیأخذ المال مع بقائه و بدله مع تلفه قال نعم لو علم بإجازة المالک لم یجز له التصرف انتهی. أقول مقتضی عموم وجوب الوفاء وجوبه علی الأصیل و لزوم العقد و حرمة نقضه من جانبه و وجوب الوفاء علیه لیس مراعی بإجازة المالک بل مقتضی العموم وجوبه حتی مع العلم بعدم إجازة المالک و من هنا یظهر أنه لا فائدة فی أصالة عدم الإجازة لکن ما ذکره البعض المعاصر صحیح علی مذهبه فی الکشف من کون العقد مشروطا بتعقبه بالإجازة لعدم إحراز الشرط مع الشک فلا یجب الوفاء به علی أحد من المتعاقدین. و أما علی المشهور فی معنی الکشف من کون نفس الإجازة المتأخرة شرطا لکون العقد السابق بنفسه مؤثرا تاما فالذی یجب الوفاء به هو نفس العقد من غیر تقیید و قد تحقق فیجب علی الأصیل الالتزام به و عدم نقضه إلی أن ینقض فإن رد المالک فسخ العقد من طرف الأصیل کما أن إجازته إمضاء له من طرف الفضولی. و الحاصل أنه إذا تحقق العقد فمقتضی العموم علی القول بالکشف المبنی علی کون ما یجب الوفاء به هو العقد من دون ضمیمة شی ء شرطا أو شطرا حرمة نقضه علی الأصیل مطلقا فکل تصرف یعد نقضا لعقد المبادلة بمعنی عدم اجتماعه مع صحة العقد فهو غیر جائز و من هنا تبین فساد توهم أن العمل بمقتضی العقد کما یوجب حرمة تصرف الأصیل فیما انتقل عنه کذلک یوجب جواز تصرفه فیما انتقل إلیه لأن مقتضی العقد مبادلة المالین فحرمة التصرف فی ماله مع حرمة التصرف فی عوضه تنافی مقتضی العقد أعنی المبادلة. توضیح الفساد أن الثابت من وجوب وفاء العاقد بما التزم علی نفسه من المبادلة حرمة نقضه و التخطی عنه و هذا لا یدل إلا علی حرمة التصرف فی ماله حیث التزم بخروجه عن ملکه و لو بالبدل و أما دخول البدل فی ملکه فلیس مما التزمه علی نفسه بل مما جعله لنفسه و مقتضی الوفاء بالعقد حرمة رفع الید عما التزم علی نفسه و أما قید کونه بإزاء مال فهو خارج عن الالتزام علی نفسه و إن کان داخلا فی مفهوم المبادلة فلو لم یتصرف فی مال صاحبه لم یکن ذلک نقضا للمبادلة فالمرجع فی هذا التصرف فعلا و ترکا إلی ما یقتضیه الأصل و هی أصالة عدم الانتقال. و دعوی أن الالتزام المذکور إنما هو علی تقدیر الإجازة و دخول البدل فی ملکه فالالتزام معلق علی تقدیر لم یعلم تحققه فهو کالنذر المعلق علی شرط حیث حکم جماعة بجواز التصرف فی المال المنذور قبل تحقق الشرط إذا لم یعلم بتحققه فکما أن التصرف حینئذ لا یعد حنثا فکذا التصرف فیما نحن فیه قبل العلم بتحقق الإجازة لا یعد نقضا لما التزمه إذ لم یلتزمه فی الحقیقة إلا معلقا مدفوعة بعد تسلیم جواز التصرف فی مسألة النذر المشهورة بالإشکال بأن الفرق بینهما أن الالتزام هنا غیر

المکاسب، ج 2، ص 135

معلق علی الإجازة و إنما التزم بالمبادلة متوقعا للإجازة فیجب علیه الوفاء به و یحرم علیه نقضه إلی أن یحصل ما یتوقعه من الإجازة أو ینتقض إلزامه برد المالک و لأجل ما ذکرنا من اختصاص حرمة النقض بما یعد من التصرفات منافیا لما التزمه الأصیل علی نفسه دون غیرها. قال فی القواعد فی باب النکاح و لو تولی الفضولی أحد طرفی العقد ثبت فی حق المباشر تحریم المصاهرة فإن کان زوجا حرمت علیه الخامسة و الأخت و الأم و البنت إلا إذا فسخت علی إشکال فی الأم و فی الطلاق نظر لترتبه علی عقد لازم فلا یقع المصاهرة و إن کان زوجة لم یحل لها نکاح غیره إلا إذا فسخ و الطلاق هنا معتبر انتهی. و عن کشف اللثام نفی الإشکال و قد صرح أیضا جماعة بلزوم النکاح المذکور من طرف الأصیل و فرعوا علیه تحریم المصاهرة و أما مثل النظر إلی المزوجة فضولا و إلی أمها مثلا و غیره مما لا یعد ترکه نقضا لما التزم العاقد علی نفسه فهو باق تحت الأصول لأن ذلک من لوازم علاقة الزوجیة غیر الثابتة بل المنفیة بالأصل فحرمة نقض العاقد لما عقد علی نفسه لا تتوقف علی ثبوت نتیجة العقد أعنی علاقة الملک أو الزوجیة بل ثبوت النتیجة تابع لثبوت حرمة النقض من الطرفین

[ثمرات ذکرها کاشف الغطاء و ما یرد علیها]

[ثمرات ذکرها کاشف الغطاء و ما یرد علیها]

ثم إن بعض متأخری المتأخرین ذکر ثمرات أخر لا بأس بذکرها للتنبه بها و بما یمکن أن یقال علیها منها ما لو انسلخت قابلیة التملک عن أحد المتبایعین بموته قبل إجازة الآخر أو بعروض کفر بارتداد فطری أو غیره مع کون المبیع عبدا مسلما أو مصحفا فیصح حینئذ علی الکشف دون النقل و کذا لو انسلخت قابلیة المنقول- بتلف أو عروض نجاسة له مع میعانه إلی غیر ذلک و فی مقابله ما لو تجددت القابلیة قبل الإجازة بعد انعدامها حال العقد کما لو تجددت الثمرة و بدا صلاحها بعد العقد قبل الإجازة و فیما قارن العقد فقد الشرط ثم حصل و بالعکس و ربما یعترض علی الأول بإمکان دعوی ظهور الأدلة- فی اعتبار استمرار القابلیة إلی حین الإجازة علی الکشف فیکشف الإجازة عن حدوث الملک من حین العقد مستمرا إلی حین الإجازة. و فیه أنه لا وجه لاعتبار استمرار القابلیة و لا استمرار التملک المکشوف عنه بالإجازة إلی حینها کما لو وقعت بیوع متعددة علی مال فإنهم صرحوا بأن إجازة الأول توجب صحة الجمیع مع عدم بقاء مالکیة الأول مستمرا و کما یشعر به بعض أخبار المسألة المتقدمة حیث إن ظاهر بعضها و صریح الآخر عدم اعتبار حیاة المتعاقدین حال الإجازة مضافا إلی فحوی خبر تزویج الصغیرین الذی یصلح لما ذکر فی الثمرة الثانیة أعنی خروج المنقول عن قابلیة تعلق إنشاء عقد أو إجازة به لتلف و شبهه فإن موت أحد الزوجین کتلف أحد العوضین فی فوات أحد رکنی العقد مضافا إلی إطلاق روایة عروة حیث لم یستفصل النبی ص عن موت الشاة أو ذبحه و إتلافه نعم ما ذکره أخیرا من تجدد القابلیة بعد العقد حال الإجازة لا یصلح ثمرة للمسألة لبطلان العقد ظاهرا علی القولین و کذا فیما لو قارن العقد فقد الشرط.

و بالجملة فباب المناقشة و إن کان واسعا إلا أن الأرجح فی النظر ما ذکرناه و ربما یقال بظهور الثمرة فی تعلق الخیارات و حق الشفعة و احتساب مبدأ الخیارات و معرفة مجلس الصرف و السلم و الأیمان و النذور المتعلقة بمال البائع أو المشتری و تظهر الثمرة أیضا فی العقود المترتبة علی الثمن أو المثمن و سیأتی إن شاء الله.

و ینبغی التنبیه علی أمور
الأول أن الخلاف فی کون الإجازة کاشفة أو ناقلة لیس فی مفهومها اللغوی

الأول أن الخلاف فی کون الإجازة کاشفة أو ناقلة لیس فی مفهومها اللغوی

و معنی الإجازة وضعا أو انصرافا بل فی حکمها الشرعی بحسب ملاحظة اعتبار رضا المالک و أدلة وجوب الوفاء بالعقود و غیرهما من الأدلة الخارجیة فلو قصد المجیز الإمضاء من حین الإجازة علی القول بالکشف أو الإمضاء من حین العقد علی القول بالنقل ففی صحتها وجهان.

الثانی أنه یشترط فی الإجازة أن تکون باللفظ الدال علیها علی وجه الصراحة العرفیة

الثانی أنه یشترط فی الإجازة أن تکون باللفظ الدال علیها علی وجه الصراحة العرفیة

کقوله أمضیت و أجزت و أنفذت و رضیت و شبه ذلک. و ظاهر روایة البارقی وقوعها بالکنایة و لیس ببعید إذا اتکل علیها عرفا و الظاهر أن الفعل الکاشف عرفا عن الرضا بالعقد کاف کالتصرف فی الثمن و منه إجازة البیع الواقع علیه کما سیجی ء و کتمکین الزوجة من الدخول بها إذا زوجت فضولا کما صرح به العلامة رحمه الله و ربما یحکی عن بعض اعتبار اللفظ بل نسب إلی صریح جماعة و ظاهر آخرین و فی النسبة نظر و استدل علیه بعضهم بأنها کالبیع فی استقرار الملک و هو یشبه المصادرة و یمکن أن یوجه بأن الاستقراء فی النواقل الاختیاریة اللازمة کالبیع و شبهه یقتضی اعتبار اللفظ و من المعلوم أن النقل الحقیقی العرفی من المالک یحصل بتأثیر الإجازة. و فیه نظر بل لو لا شبهه الإجماع الحاصلة من عبارة جماعة من المعاصرین تعین القول بکفایة نفس الرضا إذا علم حصوله من أی طریق کما یستظهر من کثیر من الفتاوی و النصوص فقد علل جماعة عدم کفایة السکوت فی الإجازة بکونه أعم من الرضا فلا یدل علیه فالعدول عن التعلیل بعدم اللفظ إلی عدم الدلالة کالصریح فیما ذکرنا. و حکی عن آخرین أنه إذا أنکر الموکل الإذن فیما أوقعه الوکیل من المعاملة فحلف انفسخت لأن الحلف یدل علی کراهتها. و ذکر بعض أنه یکفی فی إجازة البکر للعقد الواقع علیها فضولا سکوتها. و من المعلوم أن لیس المراد من ذلک أنه لا یحتاج إلی إجازتها بل المراد کفایة السکوت الظاهر فی الرضا و إن لم یفد القطع دفعا للحرج علیها و علینا ثم إن الظاهر أن کل من قال بکفایة الفعل الکاشف عن الرضا کأکل الثمن و تمکین الزوجة اکتفی به من جهة الرضا المدلول علیه به لا من جهة سببیة الفعل تعبدا. و قد صرح غیر واحد بأنه لو رضی المکره بما فعله صح و لم یعبروا بالإجازة. و قد ورد فیمن زوجت نفسها فی حال السکر أنها إذا أقامت معه بعد ما أفاقت فذلک رضا منها و عرفت أیضا استدلالهم علی کون الإجازة کاشفة بأن العقد مستجمع للشرائط عدا رضا المالک فإذا حصل عمل السبب التام عمله. و بالجملة فدعوی الإجماع فی المسألة دونها خرط القتاد و حینئذ فالعمومات المتمسک بها لصحة الفضولی السالمة عن ورود مخصص علیها عدا ما دل علی اعتبار رضا المالک فی حل

المکاسب، ج 2، ص 136

ماله و انتقاله إلی الغیر و رفع سلطنته عنه أقوی حجة فی المقام مضافا إلی ما ورد فی عدة أخبار من أن سکوت المولی بعد علمه بتزویج عبده إقرار منه له علیه و ما دل علی أن قول المولی لعبده المتزوج بغیر إذنه طلق یدل علی الرضا بالنکاح فیصیر إجازة و علی أن المانع من لزوم نکاح العبد بدون إذن مولاه معصیة المولی التی ترتفع بالرضا. و ما دل علی أن التصرف من ذی الخیار رضا منه و غیر ذلک. بقی فی المقام أنه إذا قلنا بعدم اعتبار إنشاء الإجازة باللفظ و کفایة مطلق الرضا أو الفعل الدال علیه فینبغی أن یقال بکفایة وقوع مثل ذلک مقارنا للعقد أو سابقا فإذا فرضنا أنه علم رضا المالک بقول أو فعل یدل علی رضاه ببیع ماله کفی فی اللزوم لأن ما یؤثر بلحوقه یؤثر بمقارنته بطریق أولی و الظاهر أن الأصحاب لا یلتزمون بذلک فمقتضی ذلک أن لا یصح الإجازة إلا بما لو وقع قبل العقد کان إذنا مخرجا للبیع عن الفضولی. و یؤید ذلک أنه لو کان مجرد الرضا ملزما کان مجرد الکراهة فسخا فیلزم عدم وقوع بیع الفضولی مع نهی المالک لأن الکراهة الحاصلة حینه و بعده و لو آنا ما تکفی فی الفسخ بل یلزم عدم وقوع بیع المکره أصلا إلا أن یلتزم بعدم کون مجرد الکراهة فسخا و إن کان مجرد الرضا إجازة.

الثالث من شروط الإجازة أن لا یسبقها الرد

الثالث من شروط الإجازة أن لا یسبقها الرد

إذ مع الرد ینفسخ العقد فلا یبقی ما تلحقه الإجازة و الدلیل علیه بعد ظهور الإجماع بل التصریح به فی کلام بعض مشایخنا أن الإجازة إنما تجعل المجیز أحد طرفی العقد و إلا لم یکن مکلفا بالوفاء بالعقد لما عرفت من أن وجوب الوفاء إنما هو فی حق العاقدین أو من قام مقامهما. و قد تقرر أن من شروط الصیغة أن لا یحصل بین طرفی العقد ما یسقطهما عن صدق العقد الذی هو فی معنی المعاهدة هذا مع أن مقتضی سلطنة الناس علی أموالهم تأثیر الرد فی قطع علاقة الطرف الآخر عن ملکه فلا یبقی ما تلحقه الإجازة فتأمل. نعم الصحیحة الواردة فی بیع الولیدة- ظاهرة فی صحة الإجازة بعد الرد اللهم إلا أن یقال إن الرد الفعلی کأخذ المبیع مثلا غیر کاف بل لا بد من إنشاء الفسخ. و دعوی أن الفسخ هنا لیس بأولی من الفسخ فی العقود اللازمة و قد صرحوا بحصوله فیها بالفعل یدفعها أن الفعل الذی یحصل به الفسخ هو فعل لوازم ملک المبیع کالوطئ و العتق و نحوهما لا مثل أخذ المبیع. و بالجملة فالظاهر هنا و فی جمیع الالتزامات عدم الاعتبار بالإجازة الواقعة عقیب الفسخ فإن سلم ظهور الروایة فی خلافه فلتطرح أو تأول.

الرابع الإجازة أثر من آثار سلطنة المالک علی ماله

الرابع الإجازة أثر من آثار سلطنة المالک علی ماله

فموضوعها المالک فقولنا له أن یجیز مثل قولنا له أن یبیع و الکل راجع إلی أن له أن یتصرف فلو مات المالک لم یورث الإجازة و إنما یورث المال الذی عقد علیه الفضولی فله الإجازة بناء علی ما سیجی ء من جواز مغایرة المجیز و المالک حال العقد فیمن باع مال أبیه فبان میتا و الفرق بین إرث الإجازة و إرث المال یظهر بالتأمل.

الخامس إجازة البیع لیست إجازة لقبض الثمن و لا لإقباض المبیع

الخامس إجازة البیع لیست إجازة لقبض الثمن و لا لإقباض المبیع

و لو أجازهما صریحا أو فهم إجازتهما من إجازة البیع مضت الإجازة لأن مرجع إجازة القبض إلی إسقاط ضمان الثمن عن عهدة المشتری. و مرجع إجازة الإقباض إلی حصول المبیع فی ید المشتری برضا البائع فیترتب علیه جمیع الآثار المترتبة علی قبض المبیع لکن ما ذکرنا إنما یصح فی قبض الثمن المعین و أما قبض الکلی و تشخیصه فوقوعه من الفضولی علی وجه تصححه الإجازة یحتاج إلی دلیل معمم لحکم عقد الفضولی لمثل القبض و الإقباض و إتمام الدلیل علی ذلک لا یخلو عن صعوبة و عن المختلف أنه حکی عن الشیخ أنه لو أجاز المالک بیع الغاصب لم یطالب المشتری بالثمن ثم ضعفه بعدم استلزام إجازة العقد لإجازة القبض و علی أی حال فلو کانت إجازة العقد دون القبض لغوا کما فی الصرف و السلم بعد قبض الفضولی و التفرق کانت إجازة العقد إجازة لقبض صونا للإجازة عن اللغویة و لو قال أجزت العقد دون القبض ففی بطلان العقد أو بطلان رد القبض وجهان.

السادس الإجازة لیست علی الفور

السادس الإجازة لیست علی الفور

للعمومات و لصحیحة محمد بن قیس و أکثر المؤیدات المذکورة بعدها و لو لم یجز المالک و لم یرد حتی لزم تضرر الأصیل بعدم تصرفه فیما انتقل عنه و إلیه علی القول بالکشف- فالأقوی تدارکه بالخیار أو إجبار المالک علی أحد الأمرین- .

السابع هل یعتبر فی صحة الإجازة مطابقتها للعقد الواقع عموما أو خصوصا أم لا

السابع هل یعتبر فی صحة الإجازة مطابقتها للعقد الواقع عموما أو خصوصا أم لا

وجهان الأقوی التفصیل فلو أوقع العقد علی صفقة فأجاز المالک بیع بعضها فالأقوی الجواز کما لو کانت الصفقة بین مالکین فأجاز أحدهما و ضرر التبعض علی المشتری یجبر بالخیار و لو أوقع العقد علی شرط فأجاز المالک مجردا عن الشرط فالأقوی عدم الجواز بناء علی عدم قابلیة العقد للتبعیض من حیث الشرط و إن کان قابلا للتبعیض من حیث الجزء و لذا لا یؤثر بطلان الجزء بخلاف بطلان الشرط و لو انعکس الأمر بأن عقد الفضولی مجردا عن الشرط و أجاز المالک مشروطا ففی صحة الإجازة مع الشرط إذا رضی به الأصیل فیکون نظیر الشرط الواقع فی ضمن القبول إذا رضی به الموجب أو بدون الشرط لعدم وجوب الوفاء بالشرط إلا إذا وقع فی حیز العقد فلا یجدی وقوعه فی حیز القبول إلا إذا تقدم علی الإیجاب لیرد الإیجاب علیه أیضا أو بطلانها لأنه إذا لغا الشرط لغا المشروط لکون المجموع التزاما واحدا أقواها الأخیر.

و أما القول فی المجیز
اشارة

و أما القول فی المجیز

فاستقصاؤه یتم ببیان أمور

الأول یشترط فی المجیز أن یکون حین الإجازة جائز التصرف بالبلوغ و العقل و الرشد

و لو أجاز المریض بنی نفوذها علی منجزات المریض- و لا فرق فیما ذکر بین القول بالکشف و النقل.

الثانی هل یشترط فی صحة عقد الفضولی وجود مجیز حین العقد

فلا یجوز بیع مال الیتیم لغیر مصلحة و لا تنفعه إجازته إذا بلغ أو إجازة ولیه إذا حدثت المصلحة بعد البیع أم لا یشترط قولان أولهما للعلامة فی ظاهر القواعد و استدل له بأن صحة العقد و الحال هذه ممتنعة فإذا امتنع فی زمان امتنع دائما و بلزوم الضرر علی المشتری لامتناع تصرفه فی العین- لإمکان عدم

المکاسب، ج 2، ص 137

الإجازة و لعدم تحقق المقتضی و فی الثمن لإمکان تحقق الإجازة فیکون قد خرج عن ملکه. و یضعف الأول مضافا إلی ما قیل من انتقاضه بما إذا کان المجیز بعیدا امتنع الوصول إلیه عادة بمنع ما ذکره من أن امتناع صحة العقد فی زمان یقتضی امتناعه دائما سواء قلنا بالنقل أم بالکشف و أما الضرر فیتدارک بما تتدارک به صورة النقض المذکورة هذا کله مضافا إلی الأخبار الواردة فی تزویج الصغار فضولا الشاملة لصورة ولی النکاح و إهماله الإجازة إلی بلوغهم و صورة عدم وجود الولی بناء علی عدم ولایة الحاکم علی الصغیر فی النکاح و انحصار الولی فی الأب و الجد و الوصی علی خلاف فیه و کیف کان فالأقوی عدم الاشتراط وفاقا للمحکی عن ابن المتوج البحرانی و الشهید و المحقق الثانی و غیرهم بل لم یرجحه غیر العلامة ره ثم اعلم أن العلامة فی القواعد مثل لعدم وجوب المجیز ببیع مال الیتیم.

و حکی عن بعض العامة و هو البیضاوی علی ما قیل الإیراد علیه لا یتم علی مذهب الإمامیة القائلین بوجود الإمام ع فی کل عصر. و عن المصنف قدس سره أنه أجاب بأن الإمام غیر متمکن من الوصول إلیه و انتصر للمورد بأن نائب الإمام و هو المجتهد الجامع للشرائط موجود بل لو فرض عدم المجتهد فالعدول موجودون بل للفساق الولایة علی الطفل فی مصالحه مع عدم العدول لکن الانتصار فی غیر محله إذ کما یمکن فرض عدم التمکن من الإمام یمکن عدم اطلاع نائبه من المجتهد و العدول أیضا فإن أرید وجود ذات المجیز فالأولی منع تسلیم دفع الاعتراض بعدم التمکن من الإمام ع و إن أرید وجوده مع تمکنه من الإجازة فیمکن فرض عدمه فی المجتهد و العدول إذا لم یطلعوا علی العقد فالأولی ما فعله فخر الدین و المحقق الثانی من تقیید بیع مال الیتیم بما إذا کان علی خلاف المصلحة فیرجع الکلام أیضا إلی اشتراط إمکان فعلیه الإجازة من المجیز لا وجود ذات من شأنه الإجازة فإنه فرض غیر واقع فی الأموال.

الثالث لا یشترط فی المجیز کونه جائز التصرف حال العقد
اشارة

سواء کان عدم التصرف لأجل عدم المقتضی أم للمانع و عدم المقتضی قد یکون لأجل عدم کونه مالکا و لا مأذونا حال العقد و قد یکون لأجل کونه محجورا علیه لسفه أو جنون أو غیرهما و المانع کما لو باع الراهن بدون إذن المرتهن ثم فک الرهن. فالکلام یقع فی مسائل

الأولی أن یکون المالک حال العقد هو المالک حال الإجازة

لکن المجیز لم یکن حال العقد جائز التصرف لحجر- و الأقوی صحة الإجازة بل عدم الحاجة إلیها إذا کان عدم جواز التصرف لتعلق حق الغیر کما لو باع الراهن ففک الرهن قبل مراجعة المرتهن فإنه لا حاجة إلی الإجازة کما صرح به فی التذکرة

الثانیة أن یتجدد الملک بعد العقد فیجیز المالک الجدید
اشارة

سواء أ کان هو البائع أم غیره لکن عنوان المسألة فی کلمات القوم هو الأول و هو ما لو باع شیئا ثم ملکه و هذه تتصور علی صور لأن غیر المالک إما أن یبیع لنفسه أو للمالک و الملک إما أن ینتقل إلیه باختیاره کالشراء أو بغیر اختیاره کالإرث ثم البائع الذی یشتری الملک إما أن یجیز العقد الأول و إما أن لا یجیزه فیقع الکلام فی وقوعه للمشتری الأول بمجرد شراء البائع له

و المهم هنا التعرض لبیان ما لو باع لنفسه ثم اشتراه من المالک و أجاز
اشاره

و ما لو باع و اشتری و لم یجز إذا یعلم حکم غیرهما منهما. أما المسألة الأولی فقد اختلفوا فیها- فظاهر المحقق فی باب الزکاة من المعتبر فیما إذا باع المالک النصاب قبل إخراج الزکاة أو رهنه أنه صح البیع و الرهن فیما عدا الزکاة فإن اغترم حصة الفقراء قال الشیخ صح البیع و الرهن و فیه إشکال لأن العین مملوکة و إذا أدی العوض ملکها ملکا مستأنفا فافتقر بیعها إلی إجازة مستأنفة کما لو باع مال غیره ثم اشتراه انتهی. بل یظهر مما حکاه عن الشیخ عدم الحاجة إلی الإجازة إلا أن یقول الشیخ بتعلق الزکاة بالعین کتعلق الدین بالرهن فإن الراهن إذا باع ففک الرهن قبل مراجعة المرتهن لزم و لم یحتج إلی إجازة مستأنفة و بهذا القول صرح الشهید رحمه الله فی الدروس و هو ظاهر المحکی عن الصیمری و المحکی عن المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد هو البطلان و مال إلیه بعض المعاصرین تبعا لبعض معاصریه

[الأقوی الصحة]

و الأقوی هو الأول للأصل و العمومات السلیمة عما یرد علیه

[ما أورده المحقق التستری علی الصحة]
اشارة

ما عدا أمور لفقها بعض من قارب عصرنا مما یرجع أکثرها إلی ما ذکر فی الإیضاح و جامع المقاصد

[الإیراد الأول و جوابه

الأول أنه قد باع مال الغیر لنفسه و قد مر الإشکال فیه و ربما لا یجری فیه بعض ما ذکر هناک و فیه أنه قد سبق أن الأقوی صحته و ربما یسلم هنا عن بعض الإشکالات الجاریة هناک مثل مخالفة الإجازة لما قصده المتعاقدان.

[الإیراد الثانی و جوابه

أنا حیث جوزنا بیع غیر المملوک مع انتفاء الملک و رضا المالک و القدرة علی التسلیم فقد اکتفینا بحصول ذلک للمالک المجیز لأنه البائع حقیقة و الفرض هنا عدم إجازته و عدم وقوع البیع عنه و فیه أن الثابت هو اعتبار رضا من هو المالک حال الرضا سواء ملک حال العقد أم لا لأن الداعی علی اعتبار الرضا سلطنة الناس علی أموالهم و عدم حلها لغیر ملاکها بغیر طیب أنفسهم و قبح التصرف فیها بغیر رضاهم و هذا المعنی لا یقتضی أزید مما ذکرنا و أما القدرة علی التسلیم فلا نضایق من اعتبارها فی المالک حین العقد و لا یکتفی بحصولها فیمن هو مالک حین الإجازة و هذا کلام آخر لا یقدح التزامه فی صحة البیع المذکور لأن الکلام بعد استجماعه للشروط المفروغ عنها.

[الإیراد الثالث و جوابه

الثالث أن الإجازة حیث صحت کاشفة علی الأصح مطلقا لعموم الدلیل الدال علیه و یلزم حینئذ خروج المال عن ملک البائع قبل دخوله فیه و فیه منع کون الإجازة کاشفة مطلقا عن خروج الملک عن ملک المجیز من حین العقد حتی فیما لو کان المجیز غیر مالک حین العقد فإن مقدار کشف الإجازة تابع لصحة البیع فإذا ثبت بمقتضی العمومات أن العقد الذی أوقعه البائع لنفسه عقد صدر من أهل العقد فی المحل القابل للعقد علیه و لا مانع من وقوعه إلا عدم رضا مالکه فکما أن مالکه الأول إذا رضی یقع البیع له فکذلک مالکه الثانی إذا رضی یقع البیع له و لا دلیل علی اعتبار کون الرضا المتأخر ممن هو مالک حال العقد و حینئذ فإذا ثبتت صحته بالدلیل فلا محیص عن القول بأن الإجازة کاشفة

المکاسب، ج 2، ص 138

عن خروج المال عن ملک المجیز فی أول أزمنة قابلیته إذ لا یمکن الکشف فیه علی وجه آخر فلا یلزم من التزام هذا المعنی علی الکشف محال عقلی و لا شرعی حتی یرفع الید من أجله عن العمومات المقتضیة للصحة فإن کان لا بد من الکلام فینبغی فی المقتضی للصحة أو فی القول بأن الواجب فی الکشف عقلا أو شرعا أن یکون عن خروج المال ملک المجیز وقت العقد. و قد عرفت أن لا کلام فی مقتضی الصحة و لذا لم یصدر من المستدل علی البطلان و أنه لا مانع عقلا و لا شرعا من کون الإجازة کاشفة من زمان قابلیة تأثیرها و لا یتوهم أن هذا نظیر ما لو خصص المالک الإجازة بزمان متأخر عن العقد إذ التخصیص إنما یقدح مع القابلیة کما أن تعمیم الإجازة لما قبل ملک المجیز بناء علی ما سبق فی دلیل الکشف من أن معنی الإجازة إمضاء العقد من حین الوقوع أو إمضاء العقد الذی مقتضاه النقل من حین الوقوع غیر قادح مع عدم قابلیة تأثیرها إلا من زمان ملک المجیز للمبیع.

[الإیراد الرابع
اشارة

الرابع أن العقد الأول إنما صح و ترتب علیه أثره بإجازة الفضولی و هی متوقفة علی صحة العقد الثانی المتوقفة علی بقاء الملک علی ملک مالکه الأصلی فتکون صحة الأول مستلزمة لکون المال المعین ملکا للمالک و ملکا للمشتری معا فی زمان واحد و هو محال لتضادهما فوجود الثانی یقتضی عدم الأول و هو موجب لعدم الثانی أیضا فیلزم وجوده و عدمه فی آن واحد و هو محال. فإن قلت مثل هذا لازم فی کل عقد فضولی- لأن صحته موقوفة علی الإجازة المتأخرة المتوقفة علی بقاء مالک المالک و مستلزمة لملک المشتری کذلک فیلزم کونه بعد العقد ملک المالک و المشتری معا فی آن واحد فیلزم إما بطلان عقد الفضولی مطلقا أو بطلان القول بالکشف فلا اختصاص لهذا الإیراد بما نحن فیه. قلنا یکفی فی الإجازة ملک المالک ظاهرا و هو الحاصل من استصحاب ملکه السابق لأنها فی الحقیقة رفع الید و إسقاط للحق و لا یکفی الملک الصوری فی العقد الثانی.

[الجواب عن الإیراد الرابع

أقول قد عرفت أن القائل بالصحة ملتزم بکون الأثر المترتب علی العقد الأول بعد إجازة العاقد له هو تملک المشتری له من حین ملک العاقد لا من حین العقد و حینئذ فتوقف إجازة العقد الأول علی صحة العقد الثانی مسلم و توقف صحة العقد الثانی علی بقاء الملک علی ملک مالکه الأصلی إلی زمان العقد مسلم أیضا فقوله صحة الأول تستلزم کون المال ملکا للمالک و المشتری فی زمان واحد ممنوع بل صحته تستلزم خروج العین عن ملکیة المالک الأصلی. نعم إنما یلزم ما ذکره من المحال إذا ادعی وجوب کون الإجازة کاشفة عن الملک حین العقد و لکن هذا أمر تقدم دعواه فی الوجه الثالث و قد تقدم منعه فلا وجه لإعادته بتقریر آخر کما لا یخفی. نعم یبقی فی المقام الإشکال الوارد فی مطلق الفضولی علی القول بالکشف و هو کون الملک حال الإجازة للمجیز و المشتری معا و هذا إشکال آخر تعرض لاندفاعه أخیرا غیر الإشکال الذی استنتجه من المقدمات المذکورة و هو لزوم کون الملک للمالک الأصلی و للمشتری.

نعم یلزم من ضم هذا الإشکال العام- إلی ما یلزم فی المسألة علی القول بالکشف من حین العقد اجتماع ملاک ثلاثة علی ملک واحد قبل العقد الثانی لوجوب التزام مالکیة المالک الأصلی حتی یصح العقد الثانی و مالکیة المشتری له لأن الإجازة تکشف عن ذلک و مالکیة العاقد له لأن ملک المشتری لا بد أن یکون عن ملکه و إلا لم تنفع إجازته فی ملکه من حین العقد لأن إجازة غیر المالک لا یخرج ملک الغیر إلی غیره. ثم إن ما أجاب به عن الإشکال الوارد فی مطلق الفضولی لا یسمن و لا یغنی لأن الإجازة إذا وقعت فإن کشفت عن مالک المشتری قبلها کشفت عما یبطلها لأن الإجازة لا تکون إلا من المالک الواقعی و المالک الظاهری إنما یجدی إجازته إذا لم ینکشف کون غیره مالکا حین الإجازة و لذا لو تبین فی مقام آخر کون المجیز غیر المالک لم تنفع إجازته لأن المالکیة من الشرائط الواقعیة دون العلمیة. ثم إن ما ذکره فی الفرق بین الإجازة و العقد الثانی من کفایة الملک الصوری فی الأول دون الثانی تحکم صرف خصوصا مع تعلیله بأن الإجازة رفع للید و إسقاط للحق فلیت شعری أن إسقاط الحق کیف یجدی و ینفع مع عدم الحق واقعا مع أن الإجازة رفع للید من الملک أیضا بالبدیهة. و التحقیق أن الإشکال إنما نشأ من الإشکال الذی ذکرناه سابقا فی کاشفیة الإجازة علی الوجه المشهور من کونها شرطا متأخرا یوجب حدوثه تأثیر السبب المتقدم من زمانه.

[الإیراد الخامس و جوابه

الخامس أن الإجازة المتأخرة لما کشفت عن صحة العقد الأول- و عن کون المال ملک المشتری الأول فقد وقع العقد الثانی علی ماله فلا بد من إجازته کما لو بیع المبیع من شخص آخر فأجاز المالک البیع الأول فلا بد من إجازة المشتری البیع الثانی حتی یصح و یلزم فعلی هذا یلزم توقف إجازة کل من الشخصین علی إجازة الآخر و توقف صحة کل من العقدین و الإجازة- علی إجازة المشتری غیر الفضولی و هو من الأعاجیب بل من المستحیل لاستلزام ذلک عدم تملک المالک الأصیل شیئا من الثمن و المثمن و تملک المشتری الأول المبیع بلا عوض إن اتحد الثمنان و دون تمامه إن زاد الأول و مع زیادة إن نقص لانکشاف وقوعه فی ملکه فالثمن له و قد کان المبیع له أیضا بما بذله من الثمن و هو ظاهر. و الجواب عن ذلک ما تقدم فی سابقه من ابتنائه علی وجوب کون الإجازة کاشفة عن الملک من حین العقد و هو ممنوع. و الحاصل أن منشأ الوجوه [الثلاثة] الأخیرة شی ء واحد و المحال علی تقدیره مسلم بتقریرات مختلفة قد نبه علیه فی الإیضاح و جامع المقاصد

[الإیراد السادس و جوابه

السادس أن من المعلوم أنه یکفی فی إجازة المالک و فسخه- فعل ما هو من لوازمهما فلما باع المالک ماله من الفضولی بالعقد الثانی فقد نقل المال عن نفسه و تملک الثمن و هو لا یجامع صحة العقد الأول فإنها تقتضی تملک المالک للثمن الأول و حیث وقع الثانی یکون فسخا له و إن لم یعلم بوقوعه فلا تجدی الإجازة المتأخرة. و بالجملة حکم عقد الفضولی قبل الإجازة کسائر العقود الجائزة بل أولی منها فکما أن التصرف المنافی مبطل لها کذلک عقد الفضولی. و الجواب أن فسخ عقد الفضولی هو إنشاء رده و أما الفعل المنافی لمضیه کتزویج المعقودة فضولا نفسها من آخر و بیع المالک ماله المبیع فضولا

المکاسب، ج 2، ص 139

من آخر فلیس فسخا له خصوصا مع عدم التفاته إلی وقوع عقد الفضولی غایة ما فی الباب أن الفعل المنافی لمضی العقد مفوت لمحل الإجازة فإذا فرض وقوعه صحیحا فات محل الإجازة و یخرج العقد عن قابلیة الإجازة إما مطلقا کما فی مثال التزویج أو بالنسبة إلی من فات محل الإجازة بالنسبة إلیه کما فی مثال البیع فإن محل الإجازة إنما فات بالنسبة إلی الأول فللمالک الثانی أن یجیز. نعم لو فسخ المالک الأول نفس العقد بإنشاء الفسخ بطل العقد من حینه إجماعا و لعموم تسلط الناس علی أموالهم بقطع علاقة الغیر عنها. فالحاصل أنه إن أرید من کون البیع الثانی فسخا إنه إبطال لأثر العقد فی الجملة فهو مسلم و لا یمنع ذلک من بقاء العقد متزلزلا بالنسبة إلی المالک الثانی فیکون له إجازة و إن أرید أنه إبطال للعقد رأسا فهو ممنوع إذ لا دلیل علی کونه کذلک و تسمیة مثل ذلک الفعل ردا فی بعض الأحیان من حیث إنه مسقط للعقد عن التأثیر بالنسبة إلی فاعله بحیث تکون الإجازة منه بعده لغوا. نعم لو فرضنا قصد المالک من ذلک الفعل فسخ العقد بحیث یعد فسخا فعلیا لم یبعد کونه کالإنشاء بالقول لکن الالتزام بذلک لا یقدح فی المطلب إذ المقصود أن مجرد بیع المالک لا یوجب بطلان العقد و لذا لو فرضنا انکشاف فساد هذا البیع بقی العقد علی حالة من قابلیة لحوق الإجازة. و أما الالتزام فی مثل الهبة و البیع فی زمان الخیار بانفساخ العقد من ذی الخیار بمجرد الفعل المنافی فلأن صحة التصرف المنافی تتوقف علی فسخ العقد و إلا وقع فی ملک الغیر بخلاف ما نحن فیه فإن تصرف المالک فی ماله المبیع فضولا صحیح فی نفسه لوقوعه فی ملکه فلا یتوقف علی فسخه غایة الأمر أنه إذا تصرف فات محل الإجازة و من ذلک یظهر ما فی قوله رحمه الله أخیرا و بالجملة حکم عقد الفضولی حکم سائر العقود الجائزة بل أولی فإن قیاس العقد المتزلزل من حیث الحدوث علی المتزلزل من حیث البقاء قیاس مع الفارق فضلا عن دعوی الأولویة و سیجی ء مزید بیان لذلک فی بیان ما یتحقق به الرد.

[الإیراد السابع
اشارة

السابع الأخبار المستفیضة الحاکیة لنهی النبی ص عن بیع ما لیس عندک- فإن النهی فیها إما لفساد البیع المذکور مطلقا بالنسبة إلی المخاطب و إلی المالک فیکون دلیلا علی فساد العقد الفضولی و إما لبیان فساده بالنسبة إلی المخاطب خاصة کما استظهرناه سابقا فیکون دالا علی عدم وقوع بیع مال الغیر لبائعه مطلقا و لو ملکه فأجاز بل الظاهر إرادة حکم خصوص صورة تملکه بعد البیع و إلا فعدم وقوعه له قبل تملکه مما لا یحتاج إلی البیان. و خصوص روایة یحیی بن الحجاج المصححة إلیه قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل یقول لی اشتر لی هذا الثوب و هذه الدابة و بعنیها أربحک فیها کذا و کذا قال لا بأس بذلک اشترها و لا تواجبه البیع قبل أن تستوجبها أو تشتریها. و روایة خالد بن الحجاج قال: قلت لأبی عبد الله ع الرجل یجیئنی و یقول اشتر هذا الثوب و أربحک کذا و کذا قال أ لیس إن شاء أخذ و إن شاء ترک قلت بلی قال لا بأس به إنما یحلل الکلام و یحرم الکلام بناء علی أن المراد بالکلام عقد البیع فیحلل نفیا و یحرم إثباتا کما فهمه فی الوافی أو یحلل إذا وقع بعد الاشتراء- و یحرم إذا وقع قبله أو أن الکلام الواقع قبل الاشتراء یحرم إذا کان بعنوان العقد الملزم و یحلل إذا کان علی وجه المساومة و المراضاة. و صحیحة ابن مسلم قال: سألته عن رجل أتاه رجل فقال له ابتع لی متاعا لعلی أشتریه منک بنقد أو نسیئة فابتاعه الرجل من أجله قال لیس به بأس إنما یشتریه منه بعد ما یملکه.: و صحیحة منصور بن حازم عن أبی عبد الله ع فی رجل أمر رجلا یشتری له متاعا فیشتریه منه قال لا بأس بذلک إنما البیع بعد ما یشتریه. و صحیحة معاویة بن عمار قال: سألت أبا عبد الله ع یجیئنی الرجل فیطلب منی بیع الحریر و لیس عندی منه شی ء فیقاولنی علیه و أقاوله فی الربح و الأجل حتی یجتمع علی شی ء ثم أذهب لأشتری الحریر فأدعوه إلیه المتاع فقال أ رأیت إن وجد هو مبیعا أحب إلیه مما عندک أ یستطیع أن ینصرف إلیه عنه [و یدعک أو وجدت أنت ذلک أ تستطیع أن تنصرف عنه و تدعه قلت نعم قال لا بأس. و غیرها من الروایات و لا یخفی ظهور هذه الأخبار من حیث المورد فی بعضها و من حیث التعلیل فی بعضها الآخر فی عدم صحة البیع قبل الاشتراء و أنه یشترط فی البیع الثانی تملک البائع له و استقلاله فیه و لا یکون قد سبق منه و من المشتری إلزام و التزام سابق بذلک المال.

[الجواب عن الإیراد السابع

و الجواب عن العمومات أنها إنما تدل علی عدم ترتب الأثر المقصود من البیع و هو النقل و الانتقال المنجز علی بیع ما لیس عنده فلا یجوز ترتب الأثر علی هذا البیع لا من طرف البائع بأن یتصرف فی الثمن و لا من طرف المشتری بأن یطالب البائع بتسلیم المبیع و منه یظهر الجواب عن الأخبار- فإنها لا تدل خصوصا بملاحظة قوله ع: و لا تواجبه البیع قبل أن تستوجبها إلا علی أن الممنوع منه هو الإلزام و الالتزام من المتبایعین بآثار البیع المذکور قبل الاشتراء فکذا بعده من دون حاجة إلی إجازة و هی المسألة الآتیة أعنی لزوم البیع بنفس الاشتراء من البائع من دون حاجة إلی الإجازة و سیأتی أن الأقوی فیها البطلان. و ما قیل من أن تسلیم البائع المبیع بعد اشترائه إلی المشتری الأول مفروض فی مورد الروایات و هو إجازة فعلیة مدفوع بأن التسلیم إنما وقع باعتقاد لزوم البیع السابق و کونه من مقتضیات لزوم العقد و أنه مما لا اختیار للبائع فیه بل یجبر علیه إذا امتنع فهذا لا یعد إجازة و لا یترتب علیه أحکام الإجازة فی باب الفضولی لأن المعتبر فی الإجازة قولا و فعلا ما یکون عن سلطنة و استقلال لأن ما یدل علی اعتبار طیب النفس فی صیرورة مال الغیر حلالا لغیره یدل علی عدم کفایة ذلک. نعم یمکن أن یقال إن مقتضی تعلیل نفی البأس- فی روایة خالد المتقدمة بأن المشتری إن شاء أخذ و إن شاء ترک ثبوت البأس فی البیع السابق بمجرد لزومه علی الأصیل و هذا محقق فیما نحن فیه بناء علی ما تقدم من أنه لیس للأصیل فی عقد الفضولی فسخ المعاملة قبل إجازة المالک أو رده لکن الظاهر بقرینة النهی عن مواجبة البیع فی الخبر المتقدم إرادة اللزوم من الطرفین.

المکاسب، ج 2، ص 140

و الحاصل أن دلالة الروایات عموما و خصوصا- علی النهی عن البیع قبل الملک مما لا مساغ لإنکاره و دلالة النهی علی الفساد أیضا مما لم یقع فیه المناقشة فی هذه المسألة إلا أنا نقول إن المراد بفساد البیع هو عدم ترتب ما یقصد منه عرفا من الآثار فی مقابل الصحة التی هی إمضاء الشارع لما یقصد عرفا من إنشاء البیع مثلا لو فرض حکم الشارع بصحة بیع الشی ء قبل تملکه علی الوجه الذی یقصده أهل المعاملة کان یترتب علیه بعد البیع النقل و الانتقال و جواز تصرف البائع فی الثمن و جواز مطالبة المشتری البائع بتحصیل المبیع من مالکه و تسلیمه و عدم جواز امتناع البائع بعد تحصیله عن تسلیمه ففساد البیع بمعنی عدم ترتب جمیع ذلک علیه و هو لا ینافی قابلیة العقد للحوق الإجازة من مالکه حین العقد أو ممن یملکه بعد العقد و لا یجب علی القول بدلالة النهی علی الفساد وقوع المنهی عنه لغوا غیر مؤثر أصلا کما یستفاد من وجه دلالة النهی علی الفساد فإن حاصله دعوی دلالة النهی علی إرشاد المخاطب و بیان أن مقصوده من الفعل المنهی عنه و هو الملک و السلطنة من الطرفین لا یترتب علیه فهو غیر مؤثر فی مقصود المتبایعین لا أنه لغو من جمیع الجهات فافهم اللهم إلا أن یقال إن عدم ترتب جمیع مقاصد المتعاقدین علی عقد بمجرد إنشائه مع وقوع مدلول ذلک العقد فی نظر الشارع مقیدا بانضمام بعض الأمور اللاحقة کالقبض فی الهبة و نحوها و الإجازة فی الفضولی لا یقتضی النهی عنها بقول مطلق إذ معنی صحة المعاملة شرعا أن یترتب علیها شرعا المدلول المقصود من إنشائه و لو مع شرط لاحق و عدم بناء المتعاملین علی مراعاة ذلک الشرط لا یوجب النهی عنه إلا مقیدا بتجرده عن لحوق ذلک الشرط فقصدهم ترتب الملک المنجز علی البیع قبل التملک بحیث یسلمون الثمن و یطالبون المبیع لا یوجب الحکم علیه بالفساد. فالإنصاف أن ظاهر النهی فی تلک الروایات هو عدم وقوع البیع قبل التملک للبائع و عدم ترتب أثر الإنشاء المقصود منه علیه مطلقا حتی مع الإجازة و أما صحته بالنسبة إلی المالک إذا أجاز فلأن النهی راجع إلی وقوع البیع المذکور للبائع فلا تعرض فیه لحال المالک إذا أجاز فیرجع فیه إلی مسألة الفضولی. نعم قد یخدش فیها أن ظاهر کثیر من الأخبار المتقدمة- ورودها فی بیع الکلی و أنه لا یجوز بیع الکلی فی الذمة ثم اشتراء بعض أفراده و تسلیمه إلی المشتری الأول و المذهب جواز ذلک و إن نسب الخلاف فیه إلی بعض العبائر فیقوی فی النفس أنها و ما ورد فی سیاقها فی بیع الشخصی أیضا کروایتی یحیی و خالد المتقدمین أرید بها الکراهة أو وردت فی مقام التقیة لأن المنع عن بیع الکلی حالا مع عدم وجوده عند البائع حال البیع مذهب جماعة من العامة کما صرح به فی بعض الأخبار مستندین فی ذلک إلی النهی النبوی عن بیع ما لیس عندک لکن الاعتماد علی هذا التوهین و رفع الید عن الروایتین المتقدمتین الواردتین فی بیع الشخصی و عموم مفهوم التعلیل فی الأخبار الواردة فی بیع الکلی خلاف الإنصاف إذ غایة الأمر حمل الحکم فی مورد تلک الأخبار و هو بیع الکلی قبل التملک علی التقیة و هو لا یوجب طرح مفهوم التعلیل رأسا فتدبر فالأقوی العمل بالروایات و الفتوی بالمنع عن البیع المذکور. و مما یؤید المنع مضافا إلی ما سیأتی عن التذکرة و المختلف من دعوی الاتفاق روایة الحسن بن زیاد الطائی الواردة فی نکاح العبد بغیر إذن مولاه قال: قلت لأبی عبد الله ع إنی کنت رجلا مملوکا فتزوجت بغیر إذن مولای ثم أعتقنی الله بعد فأجدد النکاح قال فقال علموا أنک تزوجت قلت نعم قد علموا فسکتوا و لم یقولوا لی شیئا قال ذلک إقرار منهم أنت علی نکاحک الخبر فإنها ظاهرة بل صریحة فی أن علة البقاء بعد العتق علی ما فعله بغیر إذن مولاه هو إقراره المستفاد من سکوته فلو کانت صیرورته حرا مالکا لنفسه مسوغة للبقاء مع إجازته أو بدونها لم یحتج إلی الاستفصال عن أن المولی سکت أم لا للزوم العقد حینئذ علی کل تقدیر.

[مورد الروایات ما لو باع لنفسه غیر مترقب للإجازة]

ثم إن الواجب علی کل تقدیر هو الاقتصار علی مورد الروایات و هو ما لو باع البائع لنفسه و اشتری المشتری غیر مترقب لإجازة المالک و لا لإجازة البائع إذا صار مالکا و هذا هو الذی ذکره العلامة رحمه الله فی التذکرة نافیا للخلاف فی فساده قال و لا یجوز أن یبیع عینا لا یملکها و یمضی لیشتریها و یسلمها و به قال الشافعی و أحمد و لا نعلم فیه خلافا لقوله ص: لا تبع ما لیس عندک و لاشتمالها علی الغرر فإن صاحبها قد لا یبیعها و هو غیر مالک لها و لا قادر علی تسلیمها أما لو اشتری موصوفا فی الذمة سواء کان حالا أم مؤجلا فإنه جائز إجماعا انتهی. و حکی عن المختلف الإجماع علی المنع أیضا و استدلاله بالغرر و عدم القدرة علی التسلیم ظاهر بل صریح فی وقوع الاشتراء غیر مترقب لإجازة مجیز بل وقع علی وجه یلزم علی البائع بعد البیع تحصیل المبیع و تسلیمه فحینئذ لو تبایعا علی أن یکون العقد موقوفا علی الإجازة فاتفقت الإجازة من المالک أو من البائع بعد تملکه لم یدخل فی مورد الأخبار و لا فی معقد الاتفاق و لو تبایعا علی أن یکون اللزوم موقوفا علی تملک البائع دون إجازته فظاهر عبارة الدروس أنه من البیع المنهی عنه فی الأخبار المذکورة حیث قال و کذا لو باع ملک غیره ثم انتقل إلیه فأجازه و کذا لو أراد لزوم البیع بالانتقال فهو بیع ما لیس عنده و قد نهی عنه انتهی. لکن الإنصاف ظهورها فی الصورة الأولی و هی ما لو تبایعا قاصدین لتنجز النقل و الانتقال و عدم الوقوف علی شی ء.

و ما ذکره فی التذکرة کالصریح فی ذلک حیث علل المنع بالضرر و عدم القدرة علی التسلیم و أصرح منه کلامه المحکی عن المختلف فی فصل النقد و النسیئة و لو باع عن المالک فاتفق انتقاله إلی البائع- فأجازه فالظاهر أیضا الصحة لخروجه عن مورد الأخبار. نعم قد یشکل فیه من حیث إن الإجازة لا متعلق لها لأن العقد السابق کان إنشاء للبیع عن المالک الأصلی و لا معنی لإجازة هذا بعد خروجه عن ملکه و یمکن دفعه بما اندفع به سابقا الإشکال فی عکس المسألة و هی ما لو باعه الفضولی لنفسه فأجازه المالک لنفسه فتأمل. و لو باع لثالث معتقدا لتملکه أو بانیا علیه عدوانا فإن أجاز المالک فلا کلام فی الصحة

المکاسب، ج 2، ص 141

بناء علی المشهور من عدم اعتبار وقوع البیع عن المالک و إن ملکه الثالث و أجازه أو ملکه البائع فأجازه فالظاهر أنه داخل فی المسألة السابقة

[لو باع لنفسه ثم تملکه و لم یجز]

ثم إنه قد ظهر مما ذکرناه فی المسألة المذکورة حال المسألة الأخری و هی ما لو لم یجز البائع بعد تملکه فإن الظاهر بطلان البیع الأول لدخوله تحت الأخبار المذکورة یقینا- مضافا إلی قاعدة تسلط الناس علی أموالهم و عدم صیرورتها حلالا من دون طیب النفس فإن المفروض أن البائع بعد ما صار مالکا لم تطب نفسه بکون ماله للمشتری الأول و التزامه قبل تملکه بکون هذا المال المعین للمشتری لیس التزاما إلا بکون مال غیره له اللهم إلا أن یقال إن مقتضی عموم وجوب الوفاء بالعقود و الشروط علی کل عاقد و شارط هو اللزوم علی البائع بمجرد انتقال المال إلیه و إن کان قبل ذلک أجنبیا لا حکم لوفائه و نقضه و لعله لأجل ما ذکرنا رجح فخر الدین فی الإیضاح بناء علی صحة الفضولی صحة العقد المذکور بمجرد الانتقال من دون توقف علی الإجازة قیل و یلوح هذا من الشهید الثانی فی هبة المسالک و قد سبق استظهاره من عبارة الشیخ المحکیة فی المعتبر لکن یضعفه أن البائع غیر مأمور بالوفاء قبل الملک فیستصحب و المقام مقام استصحاب حکم الخاص لا مقام الرجوع إلی حکم العام فتأمل- مضافا إلی معارضة العموم المذکور- بعموم سلطنة الناس علی أموالهم و عدم حلها لغیرهم إلا عن طیب النفس.

و فحوی الحکم المذکور فی روایة الحسن بن زیاد المتقدمة فی نکاح العبد بدون إذن مولاه و إن عتقه لا یجدی فی لزوم النکاح لو لا سکوت المولی الذی هو بمنزلة الإجازة ثم لو سلم عدم التوقف علی الإجازة فإنما هو فیما إذا باع الفضولی لنفسه أما لو باع فضولا للمالک أو لثالث ثم ملک هو فجریان عموم الوفاء بالعقود و الشروط بالنسبة إلی البائع أشکل و لو باع وکالة عن المالک فبان انعزاله بموت الموکل فلا إشکال فی عدم وقوع البیع له بدون الإجازة و لا معها.

نعم یقع للوارث مع إجازته

المسألة الثالثة ما لو باع معتقدا لکونه غیر جائز التصرف فبان کونه جائز التصرف
اشارة

و عدم جواز التصرف المنکشف خلافه إما لعدم الولایة فانکشف کونه ولیا و إما لعدم الملک فانکشف کونه مالکا و علی کل منهما فإما أن یبیع عن المالک و إما أن یبیع لنفسه فالصور أربعة

الأولی أن یبیع عن المالک فانکشف کونه ولیا علی البیع

فلا ینبغی الإشکال فی اللزوم حتی علی القول ببطلان الفضولی- لکن الظاهر من المحکی عن القاضی أنه إذا أذن السید لعبده فی التجارة فباع و اشتری و هو لا یعلم بإذن سیده و لا علم به أحد لم یکن مأذونا فی التجارة و لا یجوز شی ء مما فعله فإن علم بعد ذلک و اشتری و باع جاز ما فعله بعد الإذن و لم یجز ما فعله قبل ذلک فإن أمر السید قوما أن یبایعوا العبد و العبد لا یعلم بإذنه له کان بیعه و شراؤه منهم جائزا و جری ذلک مجری الإذن الظاهر فإن اشتری العبد بعد ذلک من غیرهم و باع جاز انتهی و عن المختلف الإیراد علیه بأنه لو أذن الولی و لا یعلم العبد ثم باع العبد صح لأنه صادف الإذن و لا یؤثر فیه إعلام المولی بعض المتعاملین انتهی و هو حسن.

الثانیة أن یبیع لنفسه فانکشف کونه ولیا

فالظاهر أیضا صحة العقد لما عرفت من أن قصد بیع مال الغیر لنفسه لا ینفع و لا یقدح و فی توقفه علی إجازته للمولی علیه وجه لأن قصد کونه لنفسه یوجب عدم وقوع البیع علی الوجه المأذون فتأمل.

الثالثة أن یبیع عن المالک ثم ینکشف کونه مالکا

و قد مثل له الأکثر بما لو باع مال أبیه بظن حیاته فبان میتا و المشهور الصحة بل ربما استفید من کلام العلامة فی القواعد و الإرشاد فی باب الهبة الإجماع و لم نعثر علی مخالف صریح إلا أن الشهید رحمه الله ذکر فی قواعده أنه لو قیل بالبطلان أمکن و قد سبقه فی احتمال ذلک العلامة و ولده فی النهایة و الإیضاح لأنه إنما قصد نقل المال عن الأب لا عنه و لأنه و إن کان منجزا فی الصورة إلا أنه معلق و التقدیر إن مات مورثی فقد بعتک و لأنه کالعابث عند مباشرة العقد لاعتقاده أن المبیع لغیره انتهی. أقول أما قصد نقل الملک عن الأب فلا یقدح فی وقوعه لأنه إنما قصد نقل الملک عن الأب من حیث إنه مالک باعتقاده ففی الحقیقة إنما قصد النقل عن المالک لکن أخطأ فی اعتقاده أن المالک أبوه و قد تقدم توضیح ذلک فی عکس المسألة أی ما لو باع ملک غیره باعتقاده أنه ملکه. نعم من أبطل عقد الفضولی لأجل اعتبار مقارنة طیب نفس المالک للعقد قوی البطلان عنده هنا لعدم طیب نفس المالک بخروج ماله عن ملکه و لذا نقول نحن کما سیجی ء باشتراط الإجازة من المالک بعد العقد لعدم حصول طیب النفس حال العقد. و أما ما ذکره من أنه فی معنی التعلیق ففیه مع مخالفته لمقتضی الدلیل الأول کما لا یخفی منع کونه فی معنی التعلیق لأنه إذا فرض أنه یبیع مال أبیه لنفسه کما هو ظاهر هذا الدلیل فهو إنما یبیعه مع وصف کونه لأبیه فی علمه فبیعه کبیع الغاصب مبنی علی دعوی السلطنة و الاستقلال علی المال لا علی تعلیق للنقل بکونه منتقلا إلیه بالإرث عن مورثه لأن ذلک لا یجامع و ظن الحیاة اللهم إلا أن یراد أن القصد الحقیقی إلی النقل معلق علی تملک الناقل و بدونه فالقصد صوری علی ما تقدم من المسالک من أن الفضولی و المکره قاصدان إلی اللفظ دون مدلوله لکن فیه حینئذ أن هذا القصد الصوری کاف و لذا قلنا بصحة عقد الفضولی و من ذلک یظهر ضعف ما ذکره أخیرا من کونه کالعابث عند مباشرة العقد معللا بعلمه بکون المبیع لغیره. و کیف کان فلا ینبغی الإشکال فی صحة العقد إلا أن ظاهر المحکی من غیر واحد لزوم العقد و عدم الحاجة إلی إجازة مستأنفة لأن المالک هو المباشر للعقد فلا وجه لإجازة فعل نفسه و لأن قصده إلی نقل مال نفسه إن حصل هنا بمجرد القصد إلی نقل المال المعین الذی هو فی الواقع ملک نفسه و إن لم یشعر به فهو أولی من الإذن فی ذلک فضلا عن إجازته و إلا توجه عدم وقوع العقد له لکن الأقوی وفاقا للمحقق و الشهید الثانیین وقوفه علی الإجازة لا لما ذکره فی جامع المقاصد من أنه لم یقصد إلی البیع الناقل للملک الآن بل مع إجازة المالک لاندفاعه بما ذکره بقوله إلا أن یقال

المکاسب، ج 2، ص 142

إن قصده إلی أصل البیع کاف. و توضیحه أن انتقال المبیع شرعا بمجرد العقد أو بعد إجازة المالک لیس من مدلول لفظ العقد حتی یعتبر قصده أو یقدح قصد خلافه و إنما هو من الأحکام الشرعیة العارضة للعقود بحسب اختلافها فی التوقف علی الأمور المتأخرة و عدمه مع أن عدم القصد المذکور لا یقدح بناء علی الکشف بل قصد النقل بعد الإجازة ربما یحتمل قدحه فالدلیل علی اشتراط تعقب الإجازة فی اللزوم هو عموم تسلط الناس علی أموالهم و عدم حلها لغیرهم إلا بطیب أنفسهم و حرمة أکل المال إلا بالتجارة عن تراض. و بالجملة فأکثر أدلة اشتراط الإجازة فی الفضولی جاریة هنا. و أما ما ذکرناه من أن قصد نقل ملک نفسه إن حصل أغنی عن الإجازة و إلا فسد العقد ففیه أنه یکفی فی تحقق صورة العقد القابلة للحوق اللزوم القصد إلی نقل المال المعین و قصد کونه مال نفسه أو مال غیره مع خطائه فی قصده أو صوابه فی الواقع لا یقدح و لا ینفع و لذا بنینا علی صحة العقد بقصد نقل مال نفسه مع کونه مالا لغیره. و أما أدلة اعتبار التراضی و طیب النفس فهی دالة علی اعتبار رضا المالک بنقل خصوص ماله بعنوان أنه ماله لا بنقل مال معین یتفق کونه ملکا له فی الواقع فإن حکم طیب النفس و الرضا لا یترتب علی ذلک فلو أذن فی التصرف فی مال یعتقد أنه لغیره و المأذون یعلم أنه له لم یجز له التصرف بذلک الإذن و لو فرضنا أنه أعتق عبدا عن غیره فبان أنه لم ینعتق و کذا لو طلق امرأة وکالة عن غیره فبانت زوجته لأن القصد المقارن إلی طلاق زوجته و عتق مملوکه معتبر فیهما فلا تنفع الإجازة و لو غره الغاصب فقال هذا عبدی أعتقه عنک فأعتقه عن نفسه فبان کونه له فالأقوی أیضا عدم النفوذ وفاقا للمحکی عن التحریر و حواشی الشهید و جامع المقاصد مع حکمه بصحة البیع هنا و وقوفه علی الإجازة لأن العتق لا یقبل الوقوف فإذا لم یحصل القصد إلی فک ماله مقارنا للصیغة وقعت باطلة بخلاف البیع فلا تناقض بین حکمه ببطلان العتق و صحة البیع مع الإجازة کما یتوهم. نعم ینبغی إیراد التناقض علی من حکم هناک بعدم النفوذ و حکم فی البیع باللزوم و عدم الحاجة إلی الإجازة فإن القصد إلی إنشاء یتعلق بمعین هو مال المنشئ فی الواقع من غیر علمه به إن کان یکفی فی طیب النفس و الرضا المعتبر فی جمیع إنشاءات الناس المتعلقة بأموالهم وجب الحکم بوقوع العتق و إن اعتبر فی طیب النفس المتعلق بإخراج الأموال عن الملک العلم بکونه مالا له و لم یکف مجرد مصادفة الواقع وجب الحکم بعدم لزوم البیع فالحق أن القصد إلی الإنشاء المتعلق بمال معین مصحح للعقد بمعنی قابلیته للتأثیر و لا یحتاج إلی العلم بکونه مالا له لکن لا یکفی ذلک فی تحقق الخروج عن ماله بمجرد الإنشاء ثم إن کان ذلک الإنشاء مما یقبل اللزوم بلحوق الرضا کفت الإجازة کما فی العقود و إلا وقع الإنشاء باطلا کما فی الإیقاعات ثم إنه ظهر مما ذکرنا فی وجه الوقوف علی الإجازة- أن هذا الحق للمالک من باب الإجازة لا من باب خیار الفسخ فعقده متزلزل من حیث الحدوث لا البقاء کما قواه بعض من قارب عصرنا و تبعه بعض من عاصرناه معللا بقاعدة نفی الضرر إذ فیه أن الخیار فرع الانتقال و قد تقدم توقفه علی طیب النفس. و ما ذکراه من الضرر المترتب علی لزوم البیع لیس لأمر راجع إلی العوض و المعوض و إنما هو لانتقال الملک عن مالکه من دون علمه و رضاه إذ لا فرق فی الجهل بانتقال ماله بین أن یجهل أصل الانتقال کما یتفق فی الفضولی أو یعلمه و یجهل تعلقه بماله و من المعلوم أن هذا الضرر هو المثبت لتوقف عقد الفضولی علی الإجازة إذ لا یلزم من لزومه بدونها سوی هذا الضرر. ثم إن الحکم بالصحة فی هذه الصورة غیر متوقفة علی القول بصحة عقد الفضولی- بل یجی ء علی القول بالبطلان إلا أن یستند فی البطلان بما تقدم- من قبح التصرف فی مال الغیر فیتجه عنده حینئذ البطلان [ثم یغرم المثمن إن کان جاهلا].

الرابعة أن یبیع لنفسه باعتقاده أنه لغیره فانکشف أنه له

و الأقوی هنا أیضا الصحة و لو علی القول ببطلان الفضولی و الوقوف علی الإجازة بمثل ما مر فی الثالثة و فی عدم الوقوف هنا وجه لا یجری فی الثالث و لذا قوی اللزوم هنا بعض من قال بالخیار فی الثالثة.

و أما القول فی المجاز
اشارة

فاستقصاؤه یکون ببیان أمور

الأول یشترط فیه کونه جامعا لجمیع الشروط المعتبرة فی تأثیره عدا رضا المالک

فلا یکفی اتصاف المتعاقدین بصحة الإنشاء و لا إحراز سائر الشروط بالنسبة إلی الأصیل فقط علی الکشف للزومه علیه حینئذ بل مطلقا لتوقف تأثیره الثابت و لو علی القول بالنقل علیها و ذلک لأن العقد إما تمام السبب أو جزؤه و علی أی حال فیعتبر اجتماع الشروط عنده و لهذا لا یجوز الإیجاب فی حال جهل القابل بالعوضین بل لو قلنا بجواز ذلک لم یلزم منه الجواز هنا لأن الإجازة علی القول بالنقل أشبه بالشرط و لو سلم کونها جزء فهو جزء للمؤثر لا للعقد فیکون جمیع ما دل من النص و الإجماع علی اعتبار الشروط فی البیع ظاهره فی اعتبارها فی إنشاء النقل و الانتقال بالعقد. نعم لو دل دلیل علی اعتبار شرط فی ترتب الأثر الشرعی علی العقد من غیر ظهور فی اعتباره فی أصل الإنشاء أمکن القول بکفایة وجوده حین الإجازة و لعل من هذا القبیل القدرة علی التسلیم و إسلام مشتری المصحف و العبد المسلم ثم هل یشترط بقاء الشرائط المعتبرة حین العقد إلی زمان الإجازة أم لا لا ینبغی الإشکال فی عدم اشتراط بقاء المتعاقدین علی شروطهما حتی علی القول بالنقل. نعم علی القول بکونها بیعا مستأنفا یقوی الاشتراط و أما شروط العوضین فالظاهر اعتبارها بناء علی النقل و أما بناء علی الکشف فوجهان و اعتبارها علیه أیضا غیر بعید.

الثانی هل یشترط فی المجاز کونه معلوما للمجیز بالتفصیل

من تعیین العوضین و تعیین نوع العقد من کونه بیعا أو صلحا فضلا عن جنسه من کونه نکاحا لجاریته أو بیعا لها أم یکفی العلم الإجمالی بوقوع عقد قابل للإجازة وجهان من کون الإجازة کالإذن السابق فیجوز تعلقه بغیر المعین إلا إذا بلغ حدا لا یجوز معه التوکیل و من أن الإجازة بحسب الحقیقة أحد رکنی العقد لأن المعاهدة الحقیقیة إنما تحصل بین المالکین بعد الإجازة فتشبه القبول مع عدم تعیین الإیجاب عند القابل و من هنا یظهر قوة احتمال

المکاسب، ج 2، ص 143

اعتبار العلم بوقوع العقد و لا یکفی مجرد احتماله فیجیزه علی تقدیر وقوعه إذا انکشف وقوعه لأن الإجازة و إن لم تکن من العقود حتی تشملها معاقد إجماعهم علی عدم جواز التعلیق فیها إلا أنها فی معناها و لذا یخاطب المجیز بعدها بالوفاء بالعقد السابق- مع أن الوفاء بالعقد السابق لا یکون إلا فی حق العاقد فتأمل.

الثالث [حکم العقود المترتبة]
اشارة

المجاز إما العقد الواقع علی نفس مال الغیر و إما العقد الواقع علی عوضه و علی کل منهما إما أن یکون المجاز أول عقد وقع علی المال أو علی عوضه أو آخره أو عقدا بین سابق و لاحق واقعین علی مورده أو بدله أو بالاختلاف و مجمع الکل فیما إذا باع عبدا لمالک بفرس ثم باعه المشتری بکتاب ثم باعه الثالث بدینار و باع البائع الفرس بدرهم و باع الثالث الدینار بجاریة و باع بائع الفرس الدرهم برغیف ثم بیع الدرهم بحمار و بیع الرغیف بعسل أما إجازة العقد الواقع علی مال المالک أعنی العبد بالکتاب فهی ملزمة له و لما بعده مما وقع علی مورده أعنی العبد بالدینار بناء علی الکشف و أما بناء علی النقل فیبنی علی ما تقدم من اعتبار ملک المجیز حین العقد و عدمه و هی فسخ بالنسبة إلی ما قبله مما ورد علی مورده أعنی بیع العبد بفرس بالنسبة إلی المجیز. أما بالنسبة إلی من ملک بالإجازة و هو المشتری بالکتاب فقابلیته للإجازة مبنیة علی مسألة اشتراط ملک المجیز حین العقد هذا حال العقود السابقة و اللاحقة علی مورده أعنی مال المجیز. و أما العقود الواقعة علی عوض مال المجیز- فالسابقة علی هذا العقد و هو بیع الفرس بالدرهم فیتوقف لزومها علی إجازة المالک الأصلی للعوض و هو الفرس و اللاحقة له أعنی بیع الدینار بجاریة تلزم بلزوم هذا العقد. و أما إجازة العقد الواقع علی العوض- أعنی بیع الدرهم برغیف فهی ملزمة للعقود السابقة علیه سواء وقعت علی نفس مال المالک أعنی بیع العبد بالفرس أم علی عوضه و هو بیع الفرس بالدرهم و للعقود اللاحقة له إذا وقعت علی العوض و هو بیع الدرهم بالحمار. أما الواقعة علی هذا البدل المجاز أعنی بیع الرغیف بالعسل فحکمها حکم العقود الواقعة علی المعوض ابتداء. و ملخص ما ذکرنا أنه لو ترتبت عقود متعددة مترتبة علی مال المجیز فإن وقعت من أشخاص متعددة کانت إجازة منها فسخا لما قبله و إجازة لما بعده علی الکشف و إن وقعت من شخص واحد انعکس الأمر و لعل هذا هو المراد من المحکی عن الإیضاح و الدروس فی حکم ترتب العقود من أنه إذا أجاز عقدا علی المبیع صح و ما بعده و فی الثمن ینعکس فإن العقود المترتبة علی المبیع لا یکون إلا من أشخاص متعددة. و أما العقود المترتبة علی الثمن فلیس مرادهما أن یعقد علی الثمن الشخصی مرارا لأن حکم ذلک حکم العقود المترتبة علی المبیع علی ما سمعت سابقا من قولنا أما الواقعة علی هذا البدل المجاز إلی آخره بل مرادهما ترامی الأثمان فی العقود المترتبة کما صرح بذلک المحقق و الشهید الثانیان و قد علم من ذلک أن مرادنا بما ذکرنا فی المقسم من أن العقد المجاز علی عوض مال الغیر لیس العوض الشخصی الأول له بل العوض و لو بواسطة.

[الإشکال فی شمول الحکم بجواز تتبع العقود لصورة علم المشتری بالغصب

ثم إن هنا إشکالا فی شمول الحکم لجواز تتبع العقود لصورة علم المشتری بالغصب أشار إلیه العلامة رحمه الله فی القواعد و أوضحه قطب الدین و الشهید فی الحواشی المنسوبة إلیه فقال الأول فیما حکی عنه إن وجه الإشکال أن المشتری مع العلم یکون مسلطا للبائع الغاصب علی الثمن و لذا لو تلف لم یکن له الرجوع و لو بقی ففیه الوجهان فلا تنفذ فیه إجازة الغیر بعد تلفه بفعل المسلط بدفعه ثمنا عن مبیع اشتراه و من أن الثمن عوض عن العین المملوکة و لم یمنع من نفوذ الملک فیه إلا عدم صدوره عن المالک فإذا أجاز جری مجری الصادر عنه انتهی. و قال فی محکی الحواشی إن المشتری مع علمه بالغصب- یکون مسلطا للبائع الغاصب علی الثمن فلا یدخل فی ملک رب العین فحینئذ إذا اشتری به البائع متاعا فقد اشتراه لنفسه و أتلفه عند الدفع إلی البائع فتتحقق ملکیته للمبیع فلا یتصور نفوذ الإجازة فیها لصیرورته ملکا للبائع و إن أمکن إجازة المبیع مع احتمال عدم نفوذها أیضا لأن ما دفعه إلی الغاصب کالمأذون له فی إتلافه فلا یکون ثمنا فلا تؤثر الإجازة فی جعله ثمنا فصار الإشکال فی صحة البیع و فی التتبع ثم قال إنه یلزم من القول ببطلان التتبع بطلان إجازة البیع فی المبیع لاستحالة کون المبیع بلا ثمن فإذا قیل إن الإشکال فی صحة العقد کان صحیحا أیضا انتهی. و اقتصر فی جامع المقاصد علی ما ذکره الشهید أخیرا فی وجه سرایة هذا الإشکال إلی صحة عقد الفضولی مع علم المشتری بالغصب و المحکی عن الإیضاح ابتناء وجه بطلان جواز تتبع العقود للمالک مع علم المشتری علی کون الإجازة ناقلة فیکون منشأ الإشکال فی الجواز و العدم الإشکال فی الکشف و النقل. قال فی محکی الإیضاح إذا کان المشتری جاهلا فللمالک تتبع العقود و رعایة مصلحته و الربح فی سلسلتی الثمن و المثمن و أما إذا کان عالما بالغصب فعلی قول الأصحاب من أن المشتری إذا رجع علیه بالسلعة لا یرجع علی الغاصب بالثمن مع وجود عینه فیکون قد ملک الغاصب مجانا لأنه بالتسلیم إلی الغاصب- لیس للمشتری استعادته من الغاصب بنص الأصحاب و المالک قبل الإجازة لم یملک الثمن لأن الحق أن الإجازة شرط أو سبب فلو لم یکن للغاصب فیکون الملک بغیر مالک و هو محال فیکون قد سبق ملک الغاصب للثمن علی سبب ملک المالک له أی الإجازة فإذا نقل الغاصب الثمن عن ملکه لم یکن للمالک إبطاله و یکون ما یشتری الغاصب بالثمن و ربحه له و لیس للمالک أخذه لأنه ملک الغاصب و علی القول بأن إجازة المالک کاشفة فإذا أجاز العقد کان له و یحتمل أن یقال لمالک العین حق تعلق بالثمن فإن له إجازة البیع و أخذ الثمن و حقه مقدم علی حق الغاصب لأن الغاصب یؤخذ بأخس أحواله و أشقها علیه و المالک مأخوذ الأحوال ثم قال و الأصح عندی مع وجود عین الثمن للمشتری العالم أخذه و مع التلف لیس له الرجوع به انتهی کلامه رحمه الله.

[عدم ورود الإشکال علی تقدیر الکشف

و ظاهر کلامه أنه لا وقع للإشکال علی تقدیر الکشف و هذا هو المتجه إذ حینئذ یندفع ما استشکله القطب و الشهید بأن تسلیط

المکاسب، ج 2، ص 144

المشتری للبائع علی الثمن علی تقدیر الکشف تسلیط علی ملک الغیر بالعقد السابق علی التسلیط الحاصل بالإقباض فإذا انکشف ذلک بالإجازة عمل بمقتضاه و إذا تحقق الرد انکشف کون ذلک تسلیطا من المشتری علی ماله فلیس له أن یسترده بناء علی ما نقل من الأصحاب. نعم علی القول بالنقل یقع الإشکال فی جواز إجازة العقد الواقع علی الثمن لأن إجازة المالک المبیع له موقوفة علی تملکه للثمن لأنه قبلها أجنبی عنه و المفروض أن تملکه الثمن موقوف علی الإجازة علی القول بالنقل و کذا الإشکال فی إجازة العقد الواقع علی المبیع بعد قبض البائع الثمن أو بعد إتلافه إیاه علی الخلاف فی اختصاص عدم رجوع المشتری علی الثمن بصورة التلف و عدمه لأن تسلیط المشتری للبائع علی الثمن قبل انتقاله إلی مالک المبیع بالإجازة فلا یبقی مورد للإجازة. و ما ذکره فی الإیضاح من احتمال تقدیم حق المجیز لأنه أسبق و أنه أولی من الغاصب المأخوذ بأشق الأحوال فلم یعلم له وجه بناء علی النقل لأن العقد جزء سبب لتملک المجیز و التسلیط المتأخر عنه علة تامة لتملک الغاصب فکیف یکون حق المجیز أسبق. نعم یمکن أن یقال إن حکم الأصحاب بعدم استرداد الثمن لعله لأجل التسلیط المراعی بعدم إجازة مالک المبیع لا لأن نفس التسلیط علة تامة لاستحقاق الغاصب علی تقدیری الرد و الإجازة و حیث إن حکمهم هذا مخالف للقواعد الدالة علی عدم حصول الانتقال بمجرد التسلیط المتفرع علی عقد فاسد وجب الاقتصار فیه علی المتیقن و هو التسلیط علی تقدیر عدم الإجازة فافهم.

مسألة فی أحکام الرد
[ما یتحقق به الرد]

لا یتحقق الرد قولا إلا بقوله فسخت و رددت و شبه ذلک مما هو صریح فی الرد لأصالة بقاء اللزوم من طرف الأصیل و قابلیته من طرف المجیز و کذا یحصل بکل فعل مخرج له عن ملکه بالنقل أو بالإتلاف و شبههما کالعتق و البیع و الهبة و التزویج و نحو ذلک و الوجه فی ذلک أن تصرفه بعد فرض صحته مفوت لمحل الإجازة لفرض خروجه عن ملکه.

[هل یتحقق الرد بالتصرف غیر المخرج عن الملک

و أما التصرف غیر المخرج عن الملک- کاستیلاد الجاریة و إجارة الدابة و تزویج الأمة فهو و إن لم یخرج الملک عن قابلیة وقوع الإجازة علیه إلا أنه مخرج له عن قابلیة وقوع الإجازة من زمان العقد لأن صحة الإجازة علی هذا النحو توجب وقوعها باطلة و إذا فرض وقوعها صحیحة منعت عن وقوع الإجازة. و الحاصل أن وقوع هذه الأمور صحیحة مناقضة لوقوع الإجازة لأصل العقد فإذا وقع أحد المتنافیین صحیحا فلا بد من امتناع وقوع الآخر أو إبطال صاحبه أو إیقاعه علی غیر وجهه و حیث لا سبیل إلی الأخیرین تعین الأول. و بالجملة کل ما یکون باطلا علی تقدیر لحوق الإجازة المؤثرة من حین العقد فوقوعه صحیحا مانع من لحوق الإجازة لامتناع اجتماع المتنافیین. نعم لو انتفع المالک بها قبل الإجازة بالسکنی و اللبس کان علیه أجرة المثل إذا أجاز فتأمل و منه یعلم أنه لا فرق بین وقوع هذه مع الاطلاع علی وقوع العقد و وقوعها بدونه لأن التنافی بینهما واقعی و دعوی أنه لا دلیل علی اشتراط قابلیة التأثیر من حین العقد فی الإجازة و لذا صحح جماعة کما تقدم إجازة المالک الجدید فیمن باع شیئا ثم ملکه مدفوعة بإجماع أهل الکشف علی کون إجازة المالک حین العقد مؤثرة من حینه. نعم لو قلنا بأن الإجازة کاشفة بالکشف الحقیقی الراجع إلی کون المؤثر التام هو العقد الملحق بالإجازة کانت التصرفات مبنیة علی الظاهر و بالإجازة ینکشف عدم مصادفتها للملک فتبطل هی و تصح الإجازة.

بقی الکلام فی التصرفات غیر المنافیة لملک المشتری
اشارة

من حین العقد- کتعریض المبیع و البیع الفاسد و هذا أیضا علی قسمین لأنه إما أن یقع حال التفات المالک إلی وقوع العقد من الفضولی علی ماله و إما أن تقع فی حال عدم الالتفات

[ما یقع فی حال التفات المالک إلی وقوع العقد من الفضولی

أما الأول فهو رد فعلی للعقد و الدلیل علی إلحاقه بالرد القولی مضافا إلی صدق الرد علیه فیعمه ما دل علی أن للمالک الرد مثل ما وقع فی نکاح العبد و الأمة بغیر إذن مولاه. و ما ورد فیمن زوجته أمه و هو غائب من قوله ع: إن شاء قبل و إن شاء ترک إلا أن یقال إن الإطلاق مسوق لبیان أن له الترک فلا تعرض فیه لکیفیته إن المانع من صحة الإجازة بعد الرد القولی موجود فی الرد الفعلی و هو خروج المجیز بعد الرد عن کونه بمنزلة أحد طرفی العقد مضافا إلی فحوی الإجماع المدعی علی حصول فسخ ذی الخیار بالفعل کالوطئ و البیع و العتق- فإن الوجه فی حصول الفسخ هو دلالتها علی قصد فسخ البیع و إلا فتوقفها علی الملک لا یوجب حصول الفسخ بها بل یوجب بطلانها لعدم حصول الملک المتوقف علی الفسخ قبلها حتی تصادف الملک و کیف کان فإذا صلح الفسخ الفعلی لرفع أثر العقد الثابت المؤثر فعلا صلح لرفع أثر العقد المتزلزل من حیث الحدوث القابل للتأثیر بطریق أولی.

[ما یقع فی حال عدم التفات المالک

و أما الثانی و هو ما یقع فی حال عدم الالتفات فالظاهر عدم تحقق الفسخ به لعدم دلالته علی إنشاء الرد و المفروض عدم منافاته أیضا للإجازة اللاحقة و لا یکفی مجرد رفع الید عن الفعل بإنشاء ضده مع عدم صدق عنوان الرد الموقوف علی القصد و الالتفات إلی وقوع المردود نظیر إنکار الطلاق الذی جعلوه رجوعا و لو مع عدم الالتفات إلی وقوع الطلاق علی ما یقتضیه إطلاق کلامهم. نعم لو ثبتت کفایة ذلک فی العقود الجائزة کفی هنا بطریق أولی کما عرفت لکن لم یثبت ذلک هناک فالمسألة محل إشکال بل الإشکال فی کفایة سابقه أیضا فإن بعض المعاصرین یظهر منهم دعوی الاتفاق علی اعتبار اللفظ فی الفسخ کالإجازة و لذا استشکل فی القواعد فی بطلان الوکالة بإیقاع العقد الفاسد علی متعلقها جاهلا بفساده و قرره فی الإیضاح و جامع المقاصد علی الإشکال.

[حاصل الکلام فیما یتحقق به الرد]

و الحاصل أن المتیقن من الرد هو الفسخ القولی و فی حکمه تفویت محل الإجازة بحیث لا یصح وقوعها علی وجه یؤثر من حین العقد. و أما الرد الفعلی و هو الفعل المنشأ به لمفهوم الرد فقد عرفت نفی البعد عن حصول الفسخ به و أما مجرد إیقاع ما ینافی مفهومه قصد بقاء العقد من غیر تحقق مفهوم الرد لعدم الالتفات إلی وقوع العقد فالاکتفاء به مخالف للأصل و فی حکم ما ذکرنا الوکالة و الوصایة- و لکن الاکتفاء فیهما بالرد الفعلی أوضح. و أما الفسخ فی العقود الجائزة بالذات أو بالخیار فهو منحصر باللفظ أو الرد الفعلی. و أما فعل ما لا یجامع صحة العقد کالوطئ و العتق فالظاهر أن الفسخ بهما من باب تحقق

المکاسب، ج 2، ص 145

القصد قبلهما لا لمنافاتهما لبقاء العقد لأن مقتضی المنافاة بطلانها لا انفساخ العقد عکس ما نحن فیه و تمام الکلام فی محله ثم إن الرد إنما یثمر فی عدم صحة الإجازة بعده. و أما انتزاع المال من المشتری لو أقبضه الفضولی فلا یتوقف علی الرد بل یکفی فیه عدم الإجازة و الظاهر أن الانتزاع بنفسه رد مع القرائن الدالة علی إرادته منه لا مطلق الأخذ لأنه أعم و لذا ذکروا أن الرجوع فی الهبة لا یتحقق به.

مسألة لو لم یجز المالک
اشارة

فإن کان المبیع فی یده فهو- و إلا فله انتزاعه ممن وجده فی یده مع بقائه و یرجع بمنافعه المستوفاة و غیرها علی الخلاف المتقدم فی البیع الفاسد و مع التلف یرجع إلی من تلف عنده بقیمته یوم التلف أو بأعلی القیم من زمان وقع فی یده و لو کان قبل ذلک فی ضمان آخر و فرضت زیادة القیمة عنده ثم نقصت عند الأخیر اختص السابق بالرجوع بالزیادة علیه کما صرح به جماعة فی الأیدی المتعاقبة هذا کله حکم المالک مع المشتری

و أما حکم المشتری مع الفضولی
اشارة

فیقع الکلام فیه تارة فی الثمن و أخری فیما یغرمه للمالک زائدا علی الثمن فهنا مسألتان

الأولی أنه یرجع علیه بالثمن إن کان جاهلا بکونه فضولیا
اشارة

سواء کان باقیا أم تالفا و لا یقدح فی ذلک اعترافه بکون البائع مالکا- لأن اعترافه مبنی علی ظاهر یده. نعم لو اعترف به علی وجه یعلم عدم إسناده إلی الید کأن یکون اعترافه بذلک بعد قیام البینة لم یرجع بشی ء و لو لم یعلم استناد الاعتراف إلی الید أو إلی غیرها ففی الأخذ بظاهر الحال من استناده إلی الید أو بظاهر لفظ الإقرار من دلالته علی الواقع وجهان

[لو کان عالما بکونه فضولیا و کان الثمن باقیا]

و إن کان عالما بالفضولیة فإن کان الثمن باقیا استرده وفاقا للعلامة و ولده و الشهیدین و المحقق الثانی رحمهم الله إذ لم یحصل منه ما یوجب انتقاله عنه شرعا و مجرد تسلیطه علیه لو کان موجبا لانتقاله لزم الانتقال فی البیع الفاسد لتسلیط کل من المتبایعین صاحبه علی ماله و لأن الحکم بصحة البیع لو أجاز المالک کما هو المشهور یستلزم تملک المالک للثمن فإن تملک البائع للثمن قبله یلزم فوات محل الإجازة لأن الثمن إنما ملکه الغیر فیمتنع تحقق الإجازة فتأمل. و هل یجوز للبائع التصرف فیه وجهان بل قولان أقواهما العدم لأنه أکل مال بالباطل هذا کله إذا کان باقیا

[حکم ما لو کان الثمن تالفا]

و أما لو کان تالفا فالمعروف عدم رجوع المشتری بل المحکی عن العلامة و ولده و المحقق و الشهید الثانیین و غیرهم رحمهم الله الاتفاق علیه و وجهه کما صرح به بعضهم کالحلی و العلامة و غیرهما و یظهر من آخرین أیضا أنه سلطه علی ماله بلا عوض. و توضیح ذلک أن الضمان إما لعموم علی الید ما أخذت و إما لقاعدة الإقدام علی الضمان الذی استدل به الشیخ و غیره علی الضمان فی فاسد ما یضمن بصحیحه و الأول مخصص بفحوی ما دل علی عدم ضمان من استأمنه المالک و دفعه إلیه لحفظه کما فی الودیعة أو الانتفاع به کما فی العاریة أو لاستیفاء المنفعة منه کما فی العین المستأجرة فإن الدفع علی هذا الوجه إذا لم یوجب الضمان فالتسلیط علی التصرف فیه و إتلافه له مما لا یوجب ذلک بطریق أولی و دعوی أنه إنما سلطه فی مقابل العوض لا مجانا حتی یشبه الهبة الفاسدة التی تقدم عدم الضمان فیها مندفعة بأنه إنما سلطه فی مقابل ملک غیره فلم یضمنه فی الحقیقة شیئا من کیسه فهو یشبه الهبة الفاسدة و البیع بلا ثمن و الإجارة بلا أجرة التی قد حکم الشهید و غیر واحد بعدم الضمان فیها و من ذلک یعلم عدم جریان الوجه الثانی للضمان و هو الإقدام علی الضمان هنا لأن البائع لم یقدم علی ضمان الثمن إلا بما علم المشتری أنه لیس ملکا له. فإن قلت تسلطه علی الثمن بإزاء مال الغیر- لبنائه و لو عدوانا علی کونه ملکا له و لو لا هذا البناء لم یتحقق مفهوم المعاوضة کما تقدم فی تصحیح بیع الغاصب لنفسه فهو إنما سلطه علی وجه یضمنه بماله إلا أن کلا منهما لما قطع النظر عن حکم الشارع بعدم ملکیة البائع للمثمن و تعاقدا معرضین عن ذلک کما هو الشأن فی المعاوضات الواردة علی أموال الناس بین السراق و الظلمة بل بنی المشتری علی کون المثمن ملکا للبائع فالتسلیط لیس مجانا و تضمینه البائع بمقابل الثمن من ماله حقیقی إلا أن کون المثمن مالا له ادعائی فهو کما لو ظهر المثمن المعین ملکا للغیر فإن المشتری یرجع إلی البائع بالثمن مع التلف اتفاقا مع أنه إنما ضمنه الثمن بإزاء هذا الشی ء الذی هو مال الغیر فکما أن التضمین هنا حقیقی و کون المثمن مالا له اعتقادی لا یقدح حینئذ تخلفه فی التضمین فکذلک بناء المشتری فیما نحن فیه علی ملک المثمن عدوانا لا یقدح فی التضمین الحقیقی بماله. قلت الضمان کون الشی ء فی عهدة الضامن و خسارته علیه و إذا کان المضمون به ملکا لغیر الضامن واقعا فلا یتحقق الضمان الحقیقی مع علمهما بذلک. و ما ذکر من بناء المتعاقدین فی هذا العقد علی کون المثمن ملکا للبائع الغاصب مع کونه مال الغیر فهو إنما یصحح وقوع عقد التملیک و التملک منهما ادعاء مع عدم کون البائع أهلا لذلک فی الواقع و إلا فأصل المعاوضة حقیقة بین المالکین و الضمان و التضمین الحقیقی بالنسبة إلیهما و لذا ینتقل الثمن إلی مالک المبیع و یدخل فی ضمانه بمجرد الإجازة. و الحاصل أنه لا تضمین حقیقة فی تسلیط المشتری البائع علی الثمن و أما رجوع المشتری مع اعتقاد المتابعین لمالکیة البائع للمثمن عند انکشاف الخطإ مع أنه إنما ضمنه بمال الغیر فلعدم طیب نفسه علی تصرف البائع فیه دون ضمان و إن کان ما ضمنه به غیر ملک له و لا یتحقق به التضمین لأنه إنما طابت نفسه بتصرف البائع لاعتقاد کون المثمن ملکا له و صیرورته مباحا له بتسلیطه علیه و هذا مفقود فیما نحن فیه لأن طیب النفس بالتصرف- و الإتلاف من دون ضمان له بماله حاصل. و مما ذکرنا یظهر أیضا فساد نقض ما ذکرنا بالبیع مع علم المشتری بالفساد حیث إنه ضمن البائع بما یعلم أنه لا یضمن الثمن به و کذا البائع مع علمه بالفساد ضمن المشتری بما یعلم أن المشتری لا یضمن به فکأنه لم یضمنه بشی ء وجه الفساد أن التضمین الحقیقی حاصل هنا لأن المضمون به مال الضامن غایة الأمر أن فساد العقد مانع عن مضی هذا الضمان و التضمین فی نظر الشارع لأن المفروض فساده فإذا لم یمض الشارع الضمان الخاص صار أصل إقدام الشخص علی الضمان الحقیقی أو قاعدة إثبات الید علی مال من دون

المکاسب، ج 2، ص 146

تسلیط مجانی أو استیمان عن مالکه موجبا لضمانه علی الخلاف فی مدرک الضمان فی فاسد ما یضمن بصحیحه و شی ء منهما غیر موجود فیما نحن فیه کما أوضحناه بما لا مزید علیه.

و حاصله أن دفع المال إلی الغاصب لیس إلا کدفعه إلی ثالث یعلم عدم کونه مالکا للمبیع و تسلیطه علی إتلافه فی أن رد المالک لا یوجب الرجوع إلی هذا الثالث.

نعم لو کان فساد العقد لعدم قبول العوض للملک کالخمر و الخنزیر و الحر قوی اطراد ما ذکرنا فیه من عدم ضمان عوضها المملوک مع علم المالک بالحال- کما صرح به شیخ مشایخنا فی شرحه علی القواعد هذا و لکن إطلاق قولهم أن کل عقد یضمن بصحیحه یضمن بفاسده یقتضی الضمان فیما نحن فیه و شبهه نظرا إلی أن البیع الصحیح یقتضی الضمان ففاسده کذلک إلا أن یفسر بما أبطلناه سابقا من أن کل عقد یضمن علی فرض صحته یضمن علی فرض فساده و لا ریب أن العقد فیما نحن فیه و فی مثل المبیع بلا ثمن و الإجارة بلا أجرة إذا فرض صحیحا لا یکون فیها ضمان فکذلک مع الحکم بالفساد لکنک عرفت ضعف هذا المعنی فیما ذکرناه سابقا فی توضیح هذه القضیة فإن معناه أن کل عقد تحقق الضمان فی الفرد الصحیح منه یثبت الضمان فی الفرد الفاسد منه فیختص موردها بما إذا کان للعقد فردان فعلیان لا الفرد الواحد المفروض تارة صحیحا و أخری فاسدا. نعم یمکن تطبیق المعنی المختار فیما نحن فیه و شبهه بأن لا یکون المراد من العقد فی موضوع القضیة خصوص النوع المتعارف من أنواع العقود کالبیع و الصلح بل یراد مطلق المعاملة المالیة التی لا یوجد لها فردان صحیح و فاسد فیقال إن ما نحن فیه و البیع بلا ثمن و الإجارة بلا أجرة تملیک بلا عوض من مال الآخر و الفرد الصحیح من هذه المعاملة و هی الهبة غیر المعوضة لا ضمان فیها ففاسدها کذلک فتأمل و بالجملة فمستند المشهور فی مسألتنا لا یخلو من غموض و لذا لم یصرح أحد بعدم الضمان فی بعتک بلا ثمن مع اتفاقهم علیه و صرح بعضهم بضمان المرتشی مع تلف الرشوة التی هی من قبیل الثمن فیما نحن فیه. نعم ذکر الشهید رحمه الله و غیره عدم الضمان فی الإجارة بلا أجرة و یؤید ما ذکرنا ما دل من الأخبار علی کون ثمن الکلب أو الخمر سحتا و إن أمکن الذب عنه بأن المراد التشبیه فی التحریم فلا ینافی عدم الضمان مع التلف کأصل السحت ثم إن مقتضی ما ذکرناه فی وجه عدم الرجوع بالثمن ثبوت الرجوع إذا باع البائع الفضولی غیر بائع لنفسه بل باع عن المالک و دفع المشتری الثمن إلیه لکونه واسطة فی إیصاله إلی المالک فتلف فی یده- إذ لم یسلطه علیه و لا إذن له فی التصرف فیه فضلا عن إتلافه و لعل کلماتهم و معاقد اتفاقهم تختص بالغاصب البائع لنفسه و إن کان ظاهر بعضهم ثبوت الحکم فی مطلق الفضولی مع علم المشتری بالفضولیة و کذا یقوی الرجوع لو أخذ البائع الثمن من دون إذن المشتری بل أخذه بناء علی العقد الواقع بینهما فإنه لم یحصل هنا من المشتری تسلیط إلا بالعقد و التسلیط العقدی مع فساده غیر مؤثر فی دفع الضمان و یکشف عن ذلک تصریح غیر واحد منهم بإباحة تصرف البائع فیه مع اتفاقهم ظاهرا علی عدم تأثیر العقد الفاسد فی الإباحة و کذا یقوی الضمان لو اشترط علی البائع الرجوع بالثمن لو أخذ العین صاحبها و لو کان الثمن کلیا فدفع إلیه المشتری بعض أفراده فالظاهر عدم الرجوع لأنه کالثمن المعین فی تسلیطه علیه مجانا.

المسألة الثانیة أن المشتری إذا اغترم للمالک غیر الثمن
اشارة

فإما أن یکون فی مقابل العین کزیادة القیمة علی الثمن إذا رجع المالک بها علی المشتری کأن کانت القیمة المأخوذة منه عشرین و الثمن عشرة و إما أن یکون فی مقابل ما استوفاه المشتری کسکنی الدار و وطء الجاریة و اللبن و الصوف و الثمرة و إما أن یکون غرامة لم یحصل له فی مقابلها نفع کالنفقة و ما صرفه فی العمارة و ما تلف منه أو ضاع من الغرس و الحفر أو إعطائه قیمة للولد المنعقد حرا و نحو ذلک أو نقص من الصفات و الأجزاء

[لو کان عالما بالفضولیة]

ثم المشتری إن کان عالما فلا رجوع له فی شی ء من هذه الموارد لعدم الدلیل علیه

[لو کان جاهلا بالفضولیة]
اشارة

و إن کان جاهلا فأما الثالث فالمعروف من مذهب الأصحاب کما فی الریاض. و عن الکفایة رجوع المشتری الجاهل بها علی البائع بل فی کلام بعض تبعا للمحکی عن فخر الإسلام فی شرح الإرشاد دعوی الإجماع علی الرجوع ما لم یحصل فی مقابله نفع و فی السرائر أنه یرجع قولا واحدا و فی کلام المحقق و الشهید الثانیین فی کتاب الضمان نفی الإشکال عن ضمان البائع لدرک ما یحدثه المشتری إذا قلعه المالک. و بالجملة فالظاهر عدم الخلاف فی المسألة للغرور فإن البائع مغرر للمشتری و موقع إیاه فی خطرات الضمان و متلف علیه ما یغرمه فهو کشاهد الزور الذی یرجع إلیه إذا رجع من شهادته و القاعدة نفی الضرر مضافا إلی ظاهر روایة جمیل أو فحواها: عن الرجل یشتری الجاریة من السوق فیولدها ثم یجی ء مستحق الجاریة قال یأخذ الجاریة المستحق و یدفع إلیه المبتاع قیمة الولد و یرجع علی من باعه بثمن الجاریة و قیمة الولد التی أخذت فإن حریة ولد المشتری إما أن یعد نفعا عائدا إلیه أو لا و علی التقدیرین یثبت المطلوب مع أن فی توصیف قیمة الولد بأنها أخذت منه نوع إشعار لعلیة الحکم فیطرد فی سائر ما أخذ منه

[توجیه بعض الروایات الساکتة عن رجوع المشتری إلی البائع

و أما السکوت عن رجوع المشتری إلی البائع- فی بعض الأخبار فهو لعدم کونه مسوقا لذلک کروایة زرارة: فی رجل اشتری من سوق المسلمین جاریة فخرج بها إلی أرضه فولدت منه أولادا ثم أتاها من یزعم أنها له و أقام علی ذلک البینة قال یقبض ولده و یدفع إلیه الجاریة و یعوضه من قیمة ما أصاب من لبنها و خدمتها و روایة زریق قال: کنت عند أبی عبد الله ع یوما إذ دخل علیه رجلان فقال أحدهما إنه کان علی مال لرجل من بنی عمار و له بذلک حق و شهود فأخذ المال و لم أسترجع عنه الذکر بالحق و لا کتبت علیه کتابا و لا أخذت منه براءة بذلک و ذلک لأنی وثقت به و قلت له مزق الذکر بالحق الذی عندک فمات و تهاون بذلک و لم یمزقه و عقیب هذا طالبنی بالمال وراثه و حاکمونی و أخرجوا بذلک الذکر بالحق و أقاموا العدول فشهدوا عند الحاکم فأخذت بالمال و کان المال کثیرا فتواریت عن الحاکم فباع علی قاضی الکوفة معیشة لی و قبض القوم المال و هذا رجل

المکاسب، ج 2، ص 147

من إخواننا ابتلی بشراء معیشتی من القاضی ثم إن ورثة المیت أقروا أن أباهم قد قبض المال و قد سألوه أن یرد علی معیشتی و یعطونه الثمن فی أنجم معلومة فقال إنی أحب أن تسأل أبا عبد الله ع عن هذا فقال الرجل یعنی المشتری کیف أصنع جعلت فداک قال تصنع أن ترجع بمالک علی الورثة و ترد المعیشة إلی صاحبها و تخرج یدک عنها قال فإذا فعلت ذلک له أن یطالبنی بغیر هذا قال نعم له أن یأخذ منک ما أخذت من الغلة من ثمن الثمار و کل ما کان مرسوما فی المعیشة یوم اشتریتها یجب أن ترد ذلک إلا ما کان من زرع زرعته أنت فإن للزارع إما قیمة الزرع و إما أن یصبر علیک إلی وقت حصاد الزرع فإن لم یفعل ذلک کان ذلک له و رد علیک القیمة و کان الزرع له قلت جعلت فداک فإن کان هذا قد أحدث فیها بناء أو غرسا قال له قیمة ذلک أو یکون ذلک المحدث بعینه یقلعه و یأخذه قلت أ رأیت إن کان فیها غرس أو بناء فقلع الغرس و هدم البناء فقال یرد ذلک إلی ما کان أو یغرم القیمة لصاحب الأرض فإذا رد جمیع ما أخذ من غلاتها علی صاحبها و رد البناء و الغرس و کل محدث إلی ما کان أو رد القیمة کذلک یجب علی صاحب الأرض کلما خرج عنه فی إصلاح المعیشة من قیمة غرس أو بناء أو نفقة فی مصلحة المعیشة و دفع النوائب کل ذلک مردود إلیه. و فیه مع أنا نمنع ورودها- إلا فی مقام حکم المشتری مع المالک أن السکوت فی مقام البیان لا یعارض الدلیل مع أن روایة زرارة ظاهرها عدم التمکن من الرجوع إلی البائع مع أن البائع فی قضیة زریق هو القاضی فإن کان قضاؤه صحیحا لم یتوجه إلیه غرم لأن الحاکم من قبل الشارع لیس غارما من جهة حکمه علی طبق البینة المأمور بالعمل بها و إن کان قضاؤه باطلا کما هو الظاهر فالظاهر علم المشتری ببطلان قضاء المخالف- و تصرفه فی أمور المسلمین فهو عالم بفساد البیع فلا رجوع له.

[ما یغترمه فی مقابل المنافع غیر المستوفاة]

و أما الثانی و هو ما غرمه فی مقابل النفع الواصل إلیه من المنافع و النماء ففی الرجوع بها خلاف أقواهما الرجوع وفاقا للمحکی عن المبسوط و المحقق و العلامة فی التجارة و الشهیدین و المحقق الثانی و غیرهم. و عن التنقیح بأن علیه الفتوی لقاعدة الغرور المتفق علیها ظاهرا فی من قدم مال الغیر إلی غیره الجاهل فأکله و تؤیده قاعدة نفی الضرر- فإن تغریم من أقدم علی إتلاف شی ء من دون عوض مغرورا من آخر بأن له ذلک مجانا من دون الحکم برجوعه إلی من غره فی ذلک ضرر عظیم و مجرد رجوع عوضه إلیه لا یدفع الضرر و کیف کان فصدق الضرر و إضرار الغار به مما لا یخفی خصوصا فی بعض الموارد فما فی الریاض من أنه لا دلیل علی قاعدة الغرور إذا لم ینطبق مع قاعدة نفی الضرر المفقود فی المقام لوصول العوض إلی المشتری لا یخلو عن شی ء مضافا إلی ما قیل علیه من منع مدخلیة الضرر فی قاعدة الغرور بل هی مبنیة علی قوة السبب علی المباشر لکنه لا یخلو من نظر لأنه إنما یدعی اختصاص دلیل الغرور من النصوص الخاصة و الإجماع بصورة الضرر و أما قوة المسبب علی المباشر فلیست بنفسها دلیلا علی رجوع المغرور إلا إذا کان السبب بحیث استند التلف عرفا إلیه کما فی المکره و کما فی الریح العاصف الموجب للإحراق و الشمس الموجبة لإذابة الدهن و إراقتها و المتجه فی مثل ذلک عدم الرجوع إلی المباشر أصلا کما نسب إلی ظاهر الأصحاب فی المکره لکون المباشر بمنزلة الآلة و أما فی غیر ذلک فالضمان أو قرار الضمان فیه یحتاج إلی دلیل مفقود فلا بد من الرجوع بالأخرة إلی قاعدة الضرر أو الإجماع المدعی فی الإیضاح علی تقدیم السبب إذا کان أقوی أو بالأخبار الواردة فی الموارد المتفرقة أو کون الغار سببا فی تغریم المغرور فکان کشاهد الزور فی ضمان ما یؤخذ لشهادته و لا ریب فی ثبوت هذه الوجوه فیما نحن فیه أما الأخیر فواضح و أما الأول فقد عرفته و أما الإجماع و الأخبار فهما و إن لم یردا فی خصوص المسألة إلا أن تحققهما فی نظائر المسألة کاف فإن رجوع آکل طعام الغیر إلی من غره بدعوی تملکه و إباحته له مورد الإجماع ظاهرا و رجوع المحکوم علیه إلی شاهدی الزور مورد الأخبار و لا یوجد فرق بینهما و بین ما نحن فیه أصلا. و قد ظهر مما ذکرنا فساد منع الغرور فیما نحن فیه کما فی کلام بعض حیث عدل فی رد مستند المشهور عما فی الریاض من منع الکبری إلی منع الصغری فإن الإنصاف أن مفهوم الغرر و الموجب للرجوع فی باب الإتلاف و إن کان غیر منقح إلا أن المتیقن منه ما کان إتلاف المغرور لمال الغیر و إثبات یده علیه لا بعنوان أنه مال الغیر بل قصده إلی إتلافه مال نفسه أو مال من أباح له الإتلاف فیکون غیر قاصد لإتلاف مال الغیر فیشبه المکره فی عدم القصد هذا کله مضافا إلی ما قد یقال من دلالة روایة جمیل المتقدمة بناء علی أن حریة الولد منفعة راجعة إلی المشتری و هو الذی ذکره المحقق احتمالا فی الشرائع فی باب الغصب بناء علی تفسیر المسالک و فیه تأمل.

[ما یغترمه فی مقابل العین

ثم إن ما ذکرنا فی حکم هذا القسم یظهر حکم ما یغرمه فی مقابل العین- من زیادة القیمة علی الثمن الحاصلة وقت العقد کما لو باع ما ساوی عشرین بعشرة فتلف فأخذ منه المالک عشرین فإنه لا یرجع بعشرة الثمن و إلا لزم تلفه من کیس البائع من دون أن یغره فی ذلک لأنه لو فرض صدق البائع فی دعوی الملکیة لم یزل غرامة المشتری للثمن بإزاء المبیع التالف فهذه الغرامة للثمن لم تنشأ عن کذب البائع و أما العشرة الزائدة فإنما جاءت غرامتها من کذب البائع فی دعواه فحصل الغرور فوجب الرجوع. و مما ذکرنا یظهر اندفاع ما ذکر فی وجه عدم الرجوع من أن المشتری إنما أقدم علی ضمان العین و کون تلفها منه کما هو شأن فاسد کل عقد یضمن بصحیحه و مع الإقدام لا غرور و لذا لم یقل به فی العشرة المقابلة للثمن. توضیح الاندفاع- أن الإقدام إنما کان علی ضمانه بالثمن إلا أن الشارع جعل القبض علی هذا النحو من الإقدام مع فساد العقد و عدم إمضاء الشارع له سببا لضمان المبیع بقیمته الواقعیة فالمانع من تحقق الغرور و هو الإقدام لم یکن إلا فی مقابل الثمن و الضمان المسبب عن هذا الإقدام لما کان لأجل فساد العقد المسبب عن تغریر البائع کان المترتب علیه من ضمان العشرة الزائدة مستقرا علی الغار

المکاسب، ج 2، ص 148

فغرامة العشرة الزائدة و إن کانت مسببة عن الإقدام إلا أنها لیست مقدما علیها هذا کله مع أن التحقیق علی ما تقدم سابقا- أن سبب الضمان فی العقد الفاسد هو القبض الواقع لا علی وجه الائتمان و أن لیس الإقدام علی الضمان علة له مع عدم إمضاء الشارع لذلک الضمان و إن استدل به الشیخ و أکثر من تأخر عنه و قد ذکرنا فی محله توجیه ذلک بما یرجع إلی الاستدلال بالید فراجع و کیف کان فجریان قاعدة الغرر فیما نحن فیه أولی منه فیما حصل فی مقابلته نفع هذا إذا کانت الزیادة موجودة وقت العقد و لو تجددت بعده فالحکم بالرجوع فیه أولی

[ما یغترمه بإزاء الأجزاء التالفة]

هذا کله فیما یغرمه المشتری بإزاء نفس العین التالفة. و أما ما یغرمه المشتری بإزاء أجزائه التالفة فالظاهر أن حکمه حکم المجموع فی أنه یرجع فی الزائد علی ما یقابل ذلک الجزء لا فیما یقابله علی ما اخترناه و یجی ء علی القول الآخر عدم الرجوع فی تمام ما یغرمه.

[ما یغترمه بإزاء الأوصاف التالفة]

و أما ما یغرمه بإزاء أوصافه فإن کانت مما لا یسقط علیه الثمن کما عدا وصف الصحة من الأوصاف التی یتفاوت بها القیمة کما لو کان عبدا کاتبا فنسی الکتابة عند المشتری فرجع المالک علیه بالتفاوت فالظاهر رجوع المشتری علی البائع لأنه لم یقدم علی ضمان ذلک.

[حکم ما یغترمه المشتری فیما إذا کان البیع فاسدا من غیر جهة الفضولیة]

ثم إن ما ذکرنا کله من رجوع المشتری علی البائع بما یغرمه إنما هو إذا کان البیع المذکور صحیحا- من غیر جهة کون البائع غیر مالک- أما لو کان فاسدا من جهة أخری فلا رجوع علی البائع لأن الغرامة لم تجی ء من تغریر البائع فی دعوی الملکیة و إنما جاءت من جهة فساد البیع فلو فرضنا البائع صادقا فی دعواه لم تزل الغرامة غایة الأمر کون المغروم له هو البائع علی تقدیر الصدق و المالک علی تقدیر کذبه فحکمه حکم نفس الثمن فی التزام المشتری به علی تقدیری صدق البائع و کذبه ثم إنه قد ظهر مما ذکرنا أن کل ما یرجع المشتری به علی البائع إذا رجع إلیه فلا یرجع البائع به علی المشتری إذا رجع علیه- لأن المفروض قرار الضمان علی البائع. و أما ما لا یرجع المشتری به علی البائع کمساوی الثمن من القیمة فیرجع البائع به علی المشتری إذا غرمه للمالک و الوجه فی ذلک حصول التلف فی یده.

[حکم المالک بالنسبة إلی الأیادی المتعاقبة]

فإن قلت إن کلا من البائع و المشتری- یتساویان فی حصول العین فی یدهما العادیة التی هی سبب للضمان و حصول التلف فی ید المشتری لا وجه له و لا دلیل علی کونه سببا لرجوع البائع علیه. نعم لو أتلف بفعله رجع لکونه سببا لتنجز الضمان علی السابق. قلت توضیح ذلک یحتاج إلی الکشف عن کیفیة اشتغال ذمة کل من الیدین ببدل التالف- و صیرورته فی عهدة کل منهما مع أن الشی ء الواحد لا یعقل استقراره إلا فی ذمة واحدة و أن الموصول فی قوله علی الید ما أخذت شی ء واحد کیف یکون علی کل واحدة من الأیادی المتعددة فنقول معنی کون العین المأخوذة علی الید کون عهدتها و درکها بعد التلف علیه فإذا فرضت أید متعددة تکون العین الواحدة فی عهدة کل من الأیادی لکن ثبوت الشی ء الواحد فی العهدات المتعددة معناه لزوم خروج کل منها عن العهدة عند تلفها و حیث إن الواجب هو تدارک التالف الذی یحصل ببدل واحد لا أزید کان معناه تسلط المالک علی مطالبة کل منهم الخروج عن العهدة عند تلفه فهو یملک ما فی ذمة کل منهم علی البدل بمعنی أنه إذا استوفی من أحدهم سقط من الباقی لخروج الباقی عن کونه تدارکا لأن المتدارک لا یتدارک. و الوجه فی سقوط حقه بدفع بعضهم عن الباقی أن مطالبته ما دام لم یحصل إلیه المبدل و لا بد له فأیهما حصل فی یده لم یبق له استحقاق بدله فلو بقی شی ء له فی ذمة واحدة لم یکن بعنوان البدلیة و المفروض عدم ثبوته بعنوان آخر. و یتحقق مما ذکرنا أن المالک إنما یملک البدل علی سبیل البدلیة إذ یستحیل اتصاف شی ء منها بالبدلیة بعد صیرورة أحدها بدلا عن التالف و أصلا إلی المالک و یمکن أن یکون نظیر ذلک ضمان المال علی طریقة الجمهور حیث إنه ضم ذمة إلی ذمة أخری و ضمان عهدة العوضین لکل من البائع و المشتری عندنا کما فی الإیضاح و ضمان الأعیان المضمونة علی ما استقر به فی التذکرة و قواه فی الإیضاح و ضمان الاثنین لواحد کما اختاره ابن حمزة. و قد حکی فخر الدین و الشهید عن العلامة فی درسه أنه نفی المنع من ضمان الاثنین علی وجه الاستقلال قال و نظیره فی العبادات الواجب الکفائی و فی الأموال الغاصب من الغاصب هذا حال المالک بالنسبة إلی ذوی الأیدی.

[حکم الأیادی المتعاقبة بعضها بالنسبة إلی بعض

و أما حال بعضهم بالنسبة إلی بعض فلا ریب فی أن اللاحق إذا رجع علیه لا یرجع إلی السابق- ما لم یکن السابق موجبا لإیقاعه فی خطر الضمان کما لا ریب فی أن السابق إذا رجع علیه و کان غارا للاحقه لم یرجع إلیه إذ لا معنی لرجوعه علیه بما لو دفعه اللاحق ضمنه له فالمقصود بالکلام ما إذا لم یکن غارا له فنقول إن الوجه فی رجوعه هو أن السابق اشتغلت ذمته له بالبدل قبل اللاحق فإذا حصل المال فی ید اللاحق فقد ضمن شیئا له بدل فهذا الضمان یرجع إلی ضمان واحد من البدل و المبدل علی سبیل البدل إذ لا یعقل ضمان المبدل معینا من دون البدل و إلا خرج بدله عن کونه بدلا فما یدفعه الثانی فإنما هو تدارک لما استقر تدارکه فی ذمة الأول بخلاف ما یدفعه الأول فإنه تدارک نفس العین معینا إذ لم یحدث له تدارک آخر بعد فإن أداه إلی المالک سقط تدارک الأول له و لا یجوز دفعه إلی الأول قبل دفع الأول إلی المالک لأنه من باب الغرامة و التدارک فلا اشتغال للذمة قبل حصول التدارک و لیس من قبیل العوض لما فی ذمة الأول فحال الأول مع الثانی کحال الضامن مع المضمون عنه فی أنه یستحق الدفع إلیه إلا بعد الأداء. و الحاصل أن من تلف المال فی یده ضامن لأحد الشخصین علی البدل من المالک و من سبقه فی الید فتشتغل ذمته إما بتدارک العین و إما بتدارک ما تدارکها و هذا اشتغال شخص واحد بشیئین لشخصین علی البدل کما کان فی الأیدی المتعاقبة اشتغال ذمة إشخاص علی البدل لشی ء واحد لشخص واحد و ربما یقال فی وجه رجوع غیر من تلف المال فی یده إلی من تلف فی یده لو رجع علیه إن ذمة من تلف بیده مشغولة للمالک بالبدل و إن جاز له إلزام غیره باعتبار الغصب

المکاسب، ج 2، ص 149

بأداء ما اشتغلت ذمته به فیملک حینئذ من أدی بأدائه ما للمالک فی ذمته بالمعاوضة الشرعیة القهریة قال و بذلک اتضح الفرق بین من تلف المال فی یده و بین غیره الذی خطابه بالأداء شرعی لا ذمی إذ لا دلیل علی شغل ذمم متعددة بمال واحد فحینئذ یرجع علیه و لا یرجع هو انتهی و أنت خبیر بأنه لا وجه للفرق بین خطاب من تلف بیده و خطاب غیره بأن خطابه ذمی و خطاب غیره شرعی مع کون دلالة علی الید ما أخذت بالنسبة إلیهما علی السواء. و المفروض أنه لا خطاب بالنسبة إلیهما غیره مع أنه لا یکاد یفهم الفرق بین ما ذکره من الخطاب بالأداء و الخطاب الذمی مع أنه لا یکاد یعرف خلاف من أحد فی کون کل من ذوی الأیدی مشغول الذمة بالمال فعلا ما لم یسقط بأداء أحدهم أو إبراء المالک نظیر الاشتغال بغیره من الدیون فی إجباره علی الدفع أو الدفع عنه من ماله و تقدیمه علی الوصایا و الضرر فیه مع الغرماء و مصالحة المالک عنه مع آخر إلی غیر ذلک من أحکام ما فی الذمة مع أن تملک غیر من تلف المال بیده لما فی ذمة من تلف المال بیده بمجرد دفع البدل لا یعلم له سبب اختیاری و لا قهری بل المتجه علی ما ذکرنا سقوط حق المالک عمن تلف فی یده بمجرد أداء غیره لعدم تحقق موضوع التدارک بعد تحقق التدارک مع أن اللازم مما ذکره أن لا یرجع الغارم فیمن لحقه فی الأیدی العادیة إلا بمن تلف فی یده مع أن الظاهر خلافه فإنه یجوز له أن یرجع إلی کل واحد ممن بعده. نعم لو کان غیر من تلف بیده فهو یرجع إلی أحد لواحقه إلی أن یستقر علی من تلفت فی یده

[لو کانت العین باقیة فی الأیادی المتعاقبة]

هذا کله إذا تلف المبیع فی ید المشتری و قد عرفت الحکم أیضا فی صورة بقاء العین و أنه یرجع المالک بها علی من فی یده أو من جرت یده علیها فإن لم یمکن انتزاعها ممن هی فی یده غرم للمالک بدل الحیلولة- و للمالک استردادها فیرد بدل الحیلولة و لا ترتفع سلطنة المالک علی مطالبة الأول بمجرد تمکنه من الاسترداد من الثانی لأن عهدتها علی الأول فیجب علیه تحصیلها و إن بذل ما بذل. نعم لیس للمالک أخذ مئونة الاسترداد لیباشر بنفسه و لو لم یقدر علی استردادها إلا المالک و طلب من الأول عوضا عن الاسترداد فهل یجب علیه بذل العوض أو ینزل منزلة التعذر فیغرم بدل الحیلولة أو یفرق بین الأجرة المتعارفة للاسترداد و بین الزائدة علیها مما یعد إجحافا علی الغاصب الأول وجوه هذا کله مع عدم تغیر العین و أما إذا تغیرت فتجی ء فیه صور کثیرة لا یناسب المقام التعرض لها و إن کان کثیر مما ذکرنا أیضا مما لا یناسب ذکره إلا فی باب الغصب إلا أن الاهتمام بها دعانی إلی ذکرها فی هذا المقام بأدنی مناسبة اغتناما للفرصة وفقنا الله لما یرضیه عنا من العلم و العمل إنه غفار الزلل.

مسألة لو باع الفضولی مال غیره مع مال نفسه

فعلی القول ببطلان الفضولی فالظاهر أن حکمه حکم ما یقبل الملک مع ما لا یقبله- و الحکم فیه الصحة لظهور الإجماع بل دعواه عن غیر واحد مضافا إلی صحیحة الصفار المتقدمة فی أدلة بطلان الفضولی من قوله ع: لا یجوز بیع ما لیس یملک و قد وجب الشراء من البائع علی ما یملک و لما ذکرنا قال بها من قال ببطلان الفضولی کالشیخ و ابن زهرة و الحلی و غیرهم. نعم لو لا النص و الإجماع أمکن الخدشة فیه بما سیجی ء فی بیع ما یملک و ما لا یملک و أما علی القول بصحة الفضولی فلا ینبغی الریب فی الصحة مع الإجازة بل و کذا مع الرد فإنه کما لو تبین بعض المبیع غیر مملوک غایة الأمر ثبوت الخیار حینئذ للمشتری- مع جهله بالحال عند علمائنا کما عن التذکرة و سیجی ء فی أقسام الخیار بل عن الشیخ فی الخلاف تقویة ثبوت الخیار للبائع لکن عن الغنیة الجزم بعدمه و یؤیده صحیحة الصفار و ربما حمل کلام الشیخ علی ما إذا ادعی البائع الجهل أو الإذن و کلام الغنیة علی العالم ثم إن صحة البیع فیما یملکه مع الرد مقیدة فی بعض الکلمات بما إذا لم یتولد من عدم الإجازة مانع شرعی کلزوم ربا و بیع آبق من دون ضمیمة و سیجی ء الکلام فی محله ثم إن البیع المذکور صحیح- بالنسبة إلی المملوک بحصته من الثمن و موقوف فی غیره بحصته و طریق معرفة حصة کل منهما من الثمن فی غیر المثلی أن یقوم کل منهما منفردا فیؤخذ لکل واحد جزء من الثمن نسبته إلیه کنسبة قیمته إلی مجموع القیمتین مثاله کما عن السرائر ما إذا کان ثمنها ثلاثة دنانیر و قیل إن قیمة المملوک قیراط و قیمة غیره قیراطان فیرجع المشتری بثلثی الثمن و ما ذکرنا من الطریق هو المصرح به فی الإرشاد حیث قال و یسقط المسمی علی القیمتین و لعله أیضا مرجع ما فی الشرائع و القواعد و اللمعة من أنهما یقومان جمیعا ثم یقوم أحدهما و لهذا فسر بهذه العبارة المحقق الثانی عبارة الإرشاد حیث قال طریق تقسیط المسمی علی القیمتین إلی آخره. لکن الإنصاف أن هذه العبارة الموجودة فی هذه الکتب لا تنطبق بظاهرها علی عبارة الإرشاد التی اخترناها فی طریق التقسیط و استظهرناه من السرائر إذ لو کان المراد من تقویمها معا تقویم کل منهما لا تقویم المجموع لم یحتج إلی قولهم ثم یقوم أحدهما ثم تنسب قیمته إذ لیس هنا إلا أمران تقویم کل منهما و نسبة قیمته إلی مجموع القیمتین فالظاهر إرادة قیمتهما مجتمعین ثم تقویم أحدهما بنفسه ثم ملاحظة نسبة قیمة أحدهما إلی قیمة المجموع و من هنا أنکر علیهم جماعة تبعا لجامع المقاصد إطلاق القول بذلک إذ لا یستقیم ذلک فیما إذا کان لاجتماع الملکین دخل فی زیادة القیمة کما فی مصراعی باب و زوج خف إذا فرض تقویم المجموع بعشرة و تقویم أحدهما بدرهمین و کان الثمن خمسة فإنه إذا رجع المشتری بجزء من الثمن نسبته إلیه کنسبة الاثنین إلی العشرة استحق من البائع واحدا من الخمسة فیبقی للبائع أربعة فی مقابل المصراع الواحد مع أنه لم یستحق من الثمن إلا مقدارا من الثمن مساویا لما یقابل المصراع الآخر أعنی درهمین و نصفا. و الحاصل أن البیع إنما یبطل فی ملک الغیر بحصة من الثمن یستحقها الغیر مع الإجازة و یصح فی نصیب المالک بحصة کأن یأخذها مع إجازة مالک الجزء الآخر هذا و لکن الظاهر أن کلام الجماعة إما محمول علی الغالب من عدم زیادة القیمة و لا نقصانها بالاجتماع أو مرادهم من تقویمهما تقویم کل منهما منفردا و یراد من تقویم أحدهما ثانیا ملاحظة قیمته مع مجموع القیمتین و إلا ففساد الضابط المذکور فی کلامهم

المکاسب، ج 2، ص 150

لا یحتاج إلی النقض بصورة مدخلیة الاجتماع فی الزیادة التی لا یمکن القول فیها و إن کان ضعیفا بأخذ النسبة للمشتری بین قیمة أحدهما المنفرد و بین قیمة المجموع بل تنتقض بصورة مدخلیة الاجتماع فی نقصان القیمة بحیث تکون قیمة أحدهما منفردا مثل قیمة المجموع أو أزید فإن هذه فرض ممکن کما صرح به فی رهن جامع المقاصد و غیره فإن الالتزام هنا بالنسبة المذکورة یوجب الجمع بین الثمن و المثمن کما لو باع جاریة مع أمها قیمتهما مجتمعتین عشرة و قیمة کل واحدة منهما منفردة عشرة بثمانیة فإن نسبة قیمة إحداهما المنفردة إلی مجموع القیمتین- نسبة الشی ء إلی مماثله فیرجع بکل الثمانیة و کأن من أورد علیهم ذلک غفل عن هذا أو کان عنده غیر ممکن. فالتحقیق فی جمیع الموارد ما ذکرنا من ملاحظة قیمة کل منهما منفردا و نسبة قیمة أحدهما إلی مجموع القیمتین فإن قلت إن المشتری إنما بذل الثمن فی مقابل کل منهما مقیدا باجتماعه مع الآخر و هذا الوصف لم یبق له مع رد مالک أحدهما فالبائع إنما یستحق من الثمن ما یوزع علی ماله منفردا فله من الثمن جزء نسبته إلیه کنسبة الدرهمین إلی العشرة و هو درهم واحد فالزیادة ظلم علی المشتری و إن کان ما أوهمته عبارة الشرائع و شبهها من أخذ البائع أربعة و المشتری واحدا أشد ظلما کما نبه علیه فی بعض حواشی الروضة فاللازم أن یقسط الثمن علی قیمة کل من الملکین منفردا أو علی هیئته الاجتماعیة و یعطی البائع من الثمن بنسبة قیمة ملکه منفردا و یبقی للمشتری بنسبة قیمة ملک الآخر منفردا و قیمة هیئته الاجتماعیة. قلت فوات وصف الانضمام- کسائر الأوصاف الموجبة لزیادة القیمة لیس مضمونا فی باب المعاوضات و إن کان مضمونا فی باب العدوان غایة الأمر ثبوت الخیار مع اشتراط تلک الصفة و لا فرق فیما ذکرنا بین کون ملک البائع و ملک غیره متعددین فی الوجود کعبد و جاریة أو متحدین کعبد ثلثه للبائع و ثلثاه لغیره فإنه لا یوزع الثمن علی قیمة المجموع أثلاثا لأن الثلث لا یباع بنصف ما یباع به الثلثان لکونه أقل رغبة منه بل یلاحظ قیمة الثلث و قیمة الثلثین و یؤخذ النسبة منهما لیؤخذ من الثمن بتلک النسبة هذا کله فی القیمی أما المبیع المثلی- فإن کانت الحصة مشاعة قسط الثمن علی نفس المبیع فیقابل کل من حصتی البائع و الأجنبی بما یخصه و إن کانت حصة کل منهما معینة کان الحکم کما فی القیمی من ملاحظة قیمتی الحصتین و تقسیط الثمن علی المجموع فافهم.

مسألة لو باع من له نصف الدار نصف تلک الدار

فإن علم أنه أراد نصفه أو نصف الغیر عمل به و إلا فإن علم أنه لم یقصد بقوله بعتک نصف الدار إلا مفهوم هذا اللفظ ففیه احتمالان حمله علی نصفه المملوک له و حمله علی النصف المشاع بینه و بین الأجنبی و منشأ الاحتمالین إما تعارض ظاهره النصف أعنی الحصة المشاعة فی مجموع النصفین مع ظهور انصرافه فی مثل المقام من مقامات التصرف إلی نصفه المختص و إن لم یکن له هذا الظهور فی غیر المقام و لذا یحمل الإقرار علی الإشاعة کما سیجی ء أو مع ظهور إنشاء البیع فی البیع لنفسه لأن بیع مال الغیر لا بد فیه إما من نیة الغیر أو اعتقاد کون المال لنفسه و إما من بنائه علی تملکه للمال عدوانا کما فی بیع الغاصب و الکل خلاف المفروض هنا. و مما ذکرنا یظهر الفرق بین ما نحن فیه و بین قول البائع بعت غانما مع کون الاسم مشترکا بین عبده و عبد غیره حیث ادعی فخر الدین الإجماع علی انصرافه إلی عبده فقاس علیه ما نحن فیه إذ لیس للفظ المبیع هنا ظهور فی عبد الغیر فیبقی ظهور البیع فی وقوعه لنفس البائع و انصراف لفظ المبیع فی مقام التصرف إلی مال المتصرف سلیمین عن المعارض فیفسر بهما إجمال لفظ المبیع ثم إنه لو کان البائع وکیلا فی بیع النصف أو ولیا عن مالکه فهل هو کالأجنبی وجهان مبنیان علی أن المعارض لظهور النصف فی المشاع هو انصراف لفظ المبیع إلی مال البائع فی مقام التصرف أو ظهور التملیک فی الأصالة الأقوی هو الأول لأن ظهور التملیک فی الأصالة من باب الإطلاق و ظهور النصف فی المشاع و إن کان کذلک أیضا إلا أن ظهور المقید وارد علی ظهور المطلق. و ما ذکره الشهید الثانی من عدم قصد الفضولی إلی مدلول اللفظ و إن کان مرجعه إلی ظهور وارد علی ظهور المقید إلا أنه مختص بالفضولی لأن القصد الحقیقی موجود فی الوکیل و الولی فالأقوی فیهما الاشتراک فی البیع تحکیما لظاهر النصف إلا أن یمنع ظهور النصف إلا فی النصف المشاع فی المجموع و أما ملاحظة حقی المالکین و إرادة الإشاعة فی الکل من حیث إنه مجموعهما فغیر معلومة- بل معلومة العدم بالفرض. و من المعلوم أن النصف المشاع بالمعنی المذکور یصدق علی نصفه المختص فقد ملک کلیا یملک مصداقه فهو کما لو باع کلیا سلفا مع کونه مأذونا فی بیع ذلک عن غیره أیضا لکنه لم یقصد إلا مدلول اللفظ من غیر ملاحظة وقوعه عنه أو عن غیره فإن الظاهر وقوعه لنفسه لأنه عقد علی ما یملکه فصرفه إلی الغیر من دون صارف لا وجه له و لعله لما ذکرنا ذکر جماعة کالفاضلین و الشهیدین و غیرهم أنه لو أصدق المرأة عینا فوهبت نصفها المشاع قبل الطلاق استحق الزوج بالطلاق النصف الباقی لا نصف الباقی و قیمة نصف الموهوب و إن ذکروا ذلک احتمالا و لیس إلا من جهة صدق النصف علی الباقی فیدخل فی قوله تعالی فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ و إن کان یمکن توجیه هذا الحکم منهم بأنه لما کان الربع الباقی للمرأة من الموجود مثلا للربع التالف من الزوج و مساویا له من جمیع الجهات بل لا تغایر بینهما إلا بالاعتبار فلا وجه لاعتبار القیمة نظیر ما لو دفع المقترض نفس العین المقترضة مع کونها قیمیة لکن الظاهر أنهم لم یریدوا هذا الوجه و إنما عللوا استحقاقه للنصف الباقی ببقاء مقدار حقه فلا یخلو عن منافاة لهذا المقام و نظیره فی ظهور المنافاة لما هنا ما ذکروه فی باب الصلح- من أنه إذا أقر من بیده المال لأحد المدعیین للمال بسبب موجب للشرکة کالإرث فصالحه المقر له علی ذلک النصف کان النصف مشاعا فی نصیبها فإن أجاز شریکه نفذ فی المجموع و إلا نفذ فی الربع فإن مقتضی ما ذکروه هنا اختصاص المصالحة بنصف المقر له لأنه إن أوقع الصلح علی نصفه الذی أقر له به فهو کما لو صالح نصفه قبل الإقرار مع غیر المقر أو معه و إن أوقعه علی مطلق النصف المشاع انصرف أیضا إلی حصته فلا وجه لاشتراکه بینه و بین

المکاسب، ج 2، ص 151

شریکه و لذا اختار سید مشایخنا قدس الله أسرارهم اختصاصه بالمقر له و فصل فی المسالک بین ما لو وقع الصلح علی نصفه أو مطلق النصف و بین ما إذا وقع علی النصف الذی أقر به ذو الید فاختار مذهب المشهور فی الثالث لأن الإقرار منزل علی الإشاعة و حکمه بالاختصاص فی الأولین لاختصاص النصف وضعا فی الأول و انصرافا فی الثانی إلی النصف المختص و اعترضه فی مجمع الفائدة بأن هذا لیس تفصیلا بل مورد کلام المشهور هو الثالث لفرضهم المصالحة علی ذلک النصف المقر به و تمام الکلام فی محله و علی کل حال فلا إشکال فی أن لفظ النصف المقر به إذا وقع فی کلام المالک للنصف المشاع مجردا عن حال أو مقال یقتضی صرفه إلی نصفه یحمل علی المشاع فی نصیبه و نصیب شریکه و لهذا أفتوا ظاهرا علی أنه لو أقر أحد الرجلین الشریکین الثابت ید کل منهما علی نصف العین بأن ثلث العین لفلان حمل علی الثلث المشاع فی النصیبین- فلو کذبه الشریک الآخر دفع المقر إلی المقر له نصف ما فی یده لأن المنکر بزعم المقر ظالم للسدس بتصرفه فی النصف لأنه باعتقاده إنما یستحق الثلث فالسدس الفاضل فی ید المنکر نسبته إلی المقر و المقر له علی حد سواء فإنه قدر تالف من العین المشترکة فیوزع علی الاستحقاق. و دعوی أن مقتضی الإشاعة تنزیل المقر به علی ما فی ید کل منهما فیکون فی ید المقر سدس و فی ید المنکر سدس کما لو صرح بذلک و قال إن له فی ید کل منهما سدسا و إقراره بالنسبة إلی ما فی ید الغیر غیر مسموع فلا یجب إلا أن یدفع إلیه ثلث ما فی یده و هو السدس المقر به و قد تلف السدس الآخر بزعم المقر علی المقر له بتکذیب المنکر مدفوعة بأن ما فی ید الغیر لیس عین ماله فیکون کما لو أقر شخص بنصف کل من داره و دار غیره بل هو مقدار حصته المشاعة کحصة المقر و حصة المقر له بزعم المقر إلا أنه لما یجبر المکذب علی دفع شی ء مما فی یده فقد تلف سدس مشاع یوزع علی المقر و المقر له فلا معنی لحسابه علی المقر له وحده إلا علی احتمال ضعیف و هو تعلق الغصب بالمشاع و صحة تقسیم الغاصب مع الشریک فیتمحض ما یأخذه الغاصب للمغصوب منه و ما یأخذه الشریک لنفسه لکنه احتمال مضعف فی محله و إن قال به أو مال إلیه بعض علی ما حکی للحرج أو السیرة. نعم یمکن أن یقال فی هذا المقام بأن التلف فی المقام حاصل بإذن الشارع للمنکر الغاصب لحق المقر له باعتقاد المقر و الشارع إنما أذن له فی أخذ ما یأخذه علی أنه من مال المقر له فالشارع إنما حسب السدس فی ید المنکر علی المقر له فلا یحسب منه علی المقر شی ء و لیس هذا کأخذ الغاصب جزء معینا من المال عدوانا بدون إذن الشارع حتی یحسب علی کلا الشریکین. و الحاصل أن أخذ الجزء لما کان بإذن الشارع و إنما أذن له علی أن یکون من مال المقر له و لعله لذا ذکر الأکثر بل نسبه فی الإیضاح إلی الأصحاب فی مسألة الإقرار بالنسب أن أحد الأخوین إذا أقر بثالث دفع إلیه الزائد عما یستحقه باعتقاده و هو الثالث و لا یدفع إلیه نصف ما فی یده نظرا إلی أنه أقر بتساویهما فی مال المورث و کل ما حصل کان لهما و کل ما نوی کذلک هذا و لکن لا یخفی ضعف هذا الاحتمال من جهة أن الشارع ألزم بمقتضی الإقرار معاملة المقر مع المقر له بما یقتضیه الواقع الذی أقر به. و من المعلوم أن مقتضی الواقع لو فرض العلم بصدق المقر هو کون ما فی یده علی حسب إقراره بالمناصفة و أما المنکر فإن کان عالما فیکون ما فی یده مالا مشترکا لا یحل له منه إلا ما قابل حصته عما فی یدهما و الزائد حق لهما علیه. و أما مسألة الإقرار بالنسب فالمشهور و إن صاروا إلی ما ذکر و حکاه الکلینی عن الفضل بن شاذان علی وجه الاعتماد بل ظاهره جعل فتواه کروایته إلا أنه صرح جماعة ممن تأخر عنهم بمخالفته للقاعدة حتی قوی فی المسالک الحمل علی الإشاعة و تبعه سبطه و السید [صاحب الریاض فی شرحی النافع. و الظاهر أن مستند المشهور بعض الروایات الضعیفة المنجبر بعمل أصحاب الحدیث کالفضل و الکلینی بل و غیرهما. فروی الصدوق مرسلا و الشیخ مسندا عن وهب بن وهب أبی البختری عن جعفر ابن محمد عن أبیه ع قال: قضی

علی ع فی رجل مات و ترک ورثة فأقر أحد الورثة بدین علی أبیه أنه یلزم ذلک فی حصته بقدر ما ورث و لا یکون ذلک فی ماله کله و إن أقر اثنان من الورثة و کانا عدلین أجیز ذلک علی الورثة و إن لم یکونا عدلین ألزما فی حصتهما بقدر ما ورثا و کذلک إن أقر بعض الورثة بأخ أو أخت إنما یلزمه فی حصته و بالإسناد قال قال علی ع:

من أقر لأخیه فهو شریک فی المال و لا یثبت نسبه فإن أقر اثنان فکذلک إلا أن یکونا عدلین فیثبت نسبه و یضرب فی المیراث معهم. و عن قرب الإسناد روایة الخبرین عن السندی بن محمد و تمام الکلام فی محله من کتاب الإقرار و المیراث إن شاء الله.

مسألة لو باع ما یقبل التملک و ما لا یقبله

کالخمر و الخنزیر صفقة بثمن واحد صح فی المملوک عندنا کما فی جامع المقاصد و إجماعا کما عن الغنیة و یدل علیه إطلاق مکاتبة الصفار المتقدمة و دعوی انصرافه إلی صورة کون بعض القریة المذکورة فیها مال الغیر ممنوعة بل لا مانع من جریان قاعدة الصحة بل اللزوم فی العقود عدا ما یقال من أن التراضی و التعاقد إنما وقع علی المجموع الذی لم یمضه الشارع قطعا فالحکم بالإمضاء فی البعض مع کونه مقصودا إلا فی ضمن المرکب یحتاج إلی دلیل آخر غیر ما دل علی حکم العقود و الشروط و التجارة عن تراض و لذا حکموا بفساد العقد بفساد شرطه و قد نبه علیه فی جامع المقاصد فی باب فساد الشرط و ذکر أن فی الفرق بین فساد الشرط و الجزء عسرا و تمام الکلام فی باب الشروط- و یکفی هنا الفرق بالنص و الإجماع. نعم ربما یقید الحکم بصورة جهل المشتری لما ذکر فی المسالک وفاقا للمحکی فی التذکرة عن الشافعی من جهة إفضائه إلی الجهل بثمن المبیع قال فی التذکرة بعد ذلک و لیس عندی بعیدا من الصواب الحکم بالبطلان فیما إذا علم المشتری حریة الآخر أو کونه مما لا ینقل إلیه انتهی. و یمکن دفعه بأن اللازم هو العلم بثمن المجموع الذی قصد إلی نقله عرفا و إن علم الناقل بعدم إمضاء الشارع له فإن هذا العلم غیر مناف لقصد النقل حقیقة فبیع الغرر المتعلق لنهی الشارع و حکمه علیه بالفساد هو ما کان غررا فی نفسه مع قطع النظر عما یحکم علیه من الشارع مع أنه لو تم ما ذکر لاقتضی صرف مجموع الثمن إلی المملوک لا البطلان لأن المشتری القادم علی ضمان المجموع بالثمن مع علمه سلامة البعض له قادم علی ضمان المملوک وحده بالثمن کما صرح به الشهید فی محکی الحواشی المنسوبة إلیه

المکاسب، ج 2، ص 152

حیث قال إن هذا الحکم مقید بجهل المشتری بعین المبیع و حکمه و إلا لکان البذل بإزاء المملوک ضرورة أن القصد إلی الممتنع کلا قصد انتهی لکن ما ذکره رحمه الله مخالف لظاهر المشهور حیث حکموا بالتقسیط- و إن کان مناسبا لما ذکروه فی بیع مال الغیر من العالم من عدم رجوعه بالثمن إلی البائع لأنه سلطه علیه مجانا فإن مقتضی ذلک عدم رجوع المشتری بقسط غیر المملوک إما لوقوع المجموع فی مقابل المملوک کما عرفت من الحواشی و إما لبقاء ذلک القسط له مجانا کما قد یلوح من جامع المقاصد و المسالک إلا أنک قد عرفت أن الحکم هناک لا یکاد ینطبق علی القواعد ثم إن طریق تقسیط الثمن علی المملوک و غیره- یعرف مما تقدم فی بیع ماله مع مال الغیر من أن العبرة بتقویم کل منهما منفردا و نسبة قیمة المملوک إلی مجموع القیمتین لکن الکلام هنا فی طریق معرفة قیمة غیر المملوک. و قد ذکروا أن الحر یفرض عبدا بصفاته و یقوم و الخمر و الخنزیر یقومان بقیمتهما عند من یراهما مالا و یعرف تلک القیمة بشهادة عدلین مطلعین علی ذلک لکونهما مسبوقین بالکفر أو مجاورین للکفار و یشکل تقویم الخمر و الخنزیر بقیمتهما إذا باع الخنزیر بعنوان أنه شاة و الخمر بعنوان أنها خل فبان الخلاف- بل جزم بعض هنا بوجوب تقویمهما قیمة الخل و الشاة کالحر.

[القول فی أولیاء التصرف
مسألة یجوز للأب و الجد أن یتصرفا فی مال الطفل- بالبیع و الشراء
اشارة

و یدل علیه قبل الإجماع الأخبار المستفیضة المصرحة فی موارد کثیرة و فحوی سلطنتهما علی بضع البنت فی باب النکاح

[عدم اعتبار العدالة فی ولایة الأب و الجد]

و المشهور عدم اعتبار العدالة للأصل و الإطلاقات و فحوی الإجماع المحکی عن التذکرة علی ولایة الفاسق فی التزویج خلافا للمحکی عن الوسیلة و الإیضاح فاعتبراها فیهما مستدلا فی الأخیر بأنها ولایة علی من لا یدفع عن نفسه و لا یصرف عن ماله و یستحیل من حکمة الصانع أن یجعل الفاسق أمینا تقبل إقراراته و إخباراته عن غیره مع نص القرآن علی خلافه انتهی. و لعله أراد بنص القرآن آیة الرکون إلی الظالم التی أشار إلیها فی جامع المقاصد و فی دلالة الآیة نظر و أضعف منها ما ذکره فی الإیضاح من الاستحالة إذ المحذور یندفع کما فی جامع المقاصد بأن الحاکم متی ظهر عنده بقرائن الأحوال اختلال حال الطفل عزله و منعه من التصرف فی ماله و إثبات الید علیه و إن لم یظهر خلافه فولایته ثابتة و إن لم یعلم استعلم حاله بالاجتهاد و تتبع سلوکه و شواهد أحواله انتهی

و هل یشترط فی تصرفه المصلحة- أو یکفی عدم المفسدة أم لا

یعتبر شی ء وجوه- یشهد للأخیر إطلاق ما دل علی أن مال الوالد للوالد کما فی روایة سعد بن یسار و أنه و ماله لأبیه کما فی النبوی المشهور و صحیحة ابن مسلم: إن الوالد یأخذ من مال ولده ما شاء و ما فی العلل عن محمد بن سنان عن الرضا ع: من أن علة تحلیل مال الولد لوالده أن الولد موهوب للوالد فی قوله تعالی یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ إِناثاً وَ یَهَبُ لِمَنْ یَشاءُ الذُّکُورَ و یؤیده أخبار جواز تقویم جاریة الابن علی نفسه لکن الظاهر منها تقییدها بصورة حاجة الأب- کما یشهد له قوله ع فی روایة الحسین بن أبی العلاء قال: قلت لأبی عبد الله ع ما یحل للرجل من مال ولده قال قوته بغیر سرف إذا اضطر إلیه قال فقلت له فقول رسول الله ص للرجل الذی أتاه فقدم أباه فقال له أنت و مالک لأبیک فقال إنما جاء بأبیه إلی النبی ص فقال یا رسول الله هذا أبی و قد ظلمنی میراثی عن أمی فأخبره الأب أنه قد أنفقه علیه و علی نفسه فقال النبی ص أنت و مالک لأبیک و لم یکن عند الرجل شی ء أو کان رسول الله ص یحبس الأب للابن و نحوها صحیحة أبی حمزة الثمالی: عن أبی جعفر ع قال قال رسول الله ص لرجل أنت و مالک لأبیک ثم قال أبو جعفر ع ما أحب أن یأخذ من مال ابنه إلا ما احتاج إلیه مما لا بد منه أن الله لا یحب الفساد. فإن الاستشهاد بالآیة یدل علی إرادة الحرمة من عدم الحب دون الکراهة و أنه لا یجوز له التصرف بما فیه مفسدة للطفل هذا کله مضافا إلی عموم قوله تعالی وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فإن إطلاقه یشمل الجد و یتم فی الأب بعدم الفصل و مضافا إلی ظهور الإجماع علی عدم اعتبار المفسدة بل فی مفتاح الکرامة استظهر الإجماع تبعا لشیخه فی شرح القواعد علی إناطة جواز تصرف الولی بالمصلحة و لیس ببعید فقد صرح به فی محکی المبسوط حیث قال و من یلی أمر الصغیر و المجنون خمسة الأب و الجد للأب و وصی الأب و الجد و الحاکم و من یأمره ثم قال و کل هؤلاء الخمسة لا یصح تصرفهم إلا علی وجه الاحتیاط و الحظ للصغیر لأنهم إنما نصبوا لذلک فإذا تصرف فیه علی وجه لا حظ فیه کان باطلا لأنه خلاف ما نصب له انتهی و قال الحلی فی السرائر لا یجوز للولی التصرف فی مال الطفل إلا بما یکون فیه صلاح المال و یعود نفعه إلی الطفل دون المتصرف فیه و هذا هو الذی یقتضیه أصول المذهب انتهی. و قد صرح بذلک أیضا المحقق و العلامة و الشهیدان و المحقق الثانی و غیرهم بل فی شرح الروضة للفاضل الهندی أن المتقدمین عمموا الحکم باعتبار المصلحة من غیر استثناء و استظهر فی مفتاح الکرامة من عبارة التذکرة فی باب الحجر نفی الخلاف فی ذلک بین المسلمین. و قد حکی عن الشهید فی حواشی القواعد أن قطب الدین قدس سره نقل عن العلامة رحمه الله أنه لو باع الولی بدون ثمن المثل لم لا ینزل منزلة الإتلاف بالاقتراض لأنا قائلون بجواز اقتراض ماله و هو یستلزم جواز إتلافه قال و توقف زاعما أنه لا یقدر علی مخالفة الأصحاب هذا و لکن الأقوی کفایة عدم المفسدة- وفاقا لغیر واحد من الأساطین الذین عاصرناهم لمنع دلالة الروایات علی أکثر من النهی عن الفساد فلا تنهض لدفع دلالة المطلقات المتقدمة الظاهرة فی سلطنة الوالد علی الولد و ماله. و أما الآیة الشریفة فلو سلم دلالتها فهی مخصصة بما دل علی ولایة الجد و سلطته الظاهرة فی أن له أن یتصرف فی مال الطفل بما لیس فیه مفسدة له فإن ما دل علی ولایة الجد فی النکاح معللا بأن البنت و أباها للجد. و قوله ص: أنت و مالک لأبیک خصوصا مع استشهاد الإمام ع به فی مضی نکاح الجد بدون إذن الأب ردا علی من أنکر ذلک و حکم ببطلان ذلک من العامة فی مجلس بعض الأمراء و غیر ذلک یدل علی ذلک مع أنه لو سلمنا عدم التخصیص وجب الاقتصار علیه فی حکم الجد دون الأب و دعوی عدم القول بالفصل ممنوعة فقد حکی عن بعض متأخری المتأخرین

المکاسب، ج 2، ص 153

القول بالفصل بینهما فی الاقتراض مع عدم الیسر

[مشارکة الجد و إن علا للأب فی الحکم

ثم لا خلاف ظاهرا کما ادعی فی أن الجد و إن علا یشارک الأب فی الحکم و یدل علیه ما دل علی أن الشخص و ماله الذی منه مال ابنه لأبیه و ما دل علی أن الولد و والده لجده

و لو فقد الأب و بقی الجد فهل أبوه أو جده یقوم مقامه فی المشارکة أو یخص هو بالولایة

قولان من ظاهر أن الولد و والده لجده و هو المحکی عن ظاهر جماعة و من أن مقتضی قوله تعالی وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ کون القریب أولی بقریبه من البعید فینفی ولایة البعید و خرج منه الجد مع الأب و بقی الباقی و لیس المراد من لفظ الأولی التفضیل مع الاشتراک فی المبدأ بل هو نظیر قولک هو أحق بالأجر من فلان و نحوه و هذا محکی عن جامع المقاصد و المسالک و الکفایة و للمسألة مواضع أخر تأتی إن شاء الله.

مسألة من جملة أولیاء التصرف فی مال من لا یستقل بالتصرف فی ماله الحاکم
اشارة

و المراد منه الفقیه الجامع لشرائط الفتوی و قد رأینا هنا ذکر مناصب الفقیه امتثالا لأمر أکثر حضار مجلس المذاکرة فنقول مستعینا بالله

للفقیه الجامع للشرائط مناصب ثلاثة
أحدها الإفتاء فیما یحتاج إلیها العامی فی علمه

و مورده المسائل الفرعیة و الموضوعات الاستنباطیة من حیث ترتب حکم فرعی علیها و لا إشکال و لا خلاف فی ثبوت هذا المنصب للفقیه إلا ممن لا یری جواز التقلید للعامی و تفصیل الکلام فی هذا المقام موکول إلی مباحث الاجتهاد و التقلید.

الثانی الحکومة

فله الحکم بما یراه حقا فی المرافعات و غیرها فی الجملة و هذا المنصب أیضا ثابت له بلا خلاف فتوی و نصا و تفصیل الکلام فیه من حیث شرائط الحاکم و المحکوم به و المحکوم علیه موکول إلی کتاب القضاء.

الثالث ولایة التصرف فی الأموال و الأنفس
اشارة

و هو المقصود بالتفصیل هنا فنقول

الولایة تتصور علی وجهین
الأول استقلال الولی بالتصرف

مع قطع النظر عن کون تصرف غیره منوطا بإذنه أو غیر منوط به و مرجع هذا إلی کون نظره سببا فی جواز تصرفه.

الثانی عدم استقلال غیره بالتصرف

و کون تصرف الغیر منوطا بإذنه و إن لم یکن هو مستقلا بالتصرف و مرجع هذا إلی کون نظره شرطا فی جواز تصرف غیره و بین موارد الوجهین عموم من وجه ثم إذنه المعتبر فی تصرف الغیر إما أن یکون علی وجه الاستنابة کوکیل الحاکم و إما أن یکون علی وجه التفویض و التولیة کمتولی الأوقاف من قبل الحاکم و إما أن یکون علی وجه الرضا کإذن الحاکم لغیره لفظا فی الصلاة علی میت لا ولی له

[ثبوت الولایة بالمعنی الأول للنبی و الأئمة ع
اشارة

إذا عرفت هذا فنقول مقتضی الأصل عدم ثبوت الولایة لأحد- بشی ء من الأمور المذکورة خرجنا عن هذا الأصل فی خصوص النبی و الأئمة صلوات الله علیهم أجمعین بالأدلة الأربعة

[الاستدلال بالکتاب

قال الله تعالی النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ ما کانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَی اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ یَکُونَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ- فَلْیَحْذَرِ الَّذِینَ یُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِیبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ و أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِی الْأَمْرِ و إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ الآیة إلی غیر ذلک.

[الاستدلال بالروایات

و قال النبی ص کما فی روایة أیوب بن عطیة: أنا أولی بکل مؤمن من نفسه و قال فی یوم غدیر خم: أ لست أولی بکم من أنفسکم قالوا بلی قال من کنت مولاه فهذا علی مولاه.

و الأخبار فی افتراض طاعتهم و کون معصیتهم کمعصیة الله کثیرة یکفی فی ذلک منها مقبولة عمر بن حنظلة و مشهورة أبی خدیجة و التوقیع الآتی حیث علل فیه حکومة الفقیه و تسلطه علی الناس بأنی قد جعلته کذلک و أنه حجتی علیکم.

[الاستدلال بالإجماع و العقل

و أما الإجماع فغیر خفی و أما العقل القطعی فالمستقل منه حکمه بوجوب شکر المنعم بعد معرفة أنهم أولیاء النعم و غیر المستقل حکمه بأن الأبوة إذا اقتضت وجوب طاعة الأب علی الابن فی الجملة کانت الإمامة مقتضیة لوجوب طاعة الإمام علی الرعیة بطریق أولی لأن الحق هنا أعظم بمراتب فتأمل. و المقصود من جمیع ذلک دفع ما یتوهم من أن وجوب طاعة الإمام مختص بالأوامر الشرعیة و أنه لا دلیل علی وجوب إطاعته فی أوامره العرفیة أو سلطنته علی الأموال و الأنفس. و بالجملة فالمستفاد من الأدلة الأربعة بعد التتبع و التأمل أن للإمام سلطنة مطلقة علی الرعیة من قبل الله تعالی و أن تصرفهم نافذ علی الرعیة ماض مطلقا هذا کله فی ولایتهم بالمعنی الأول.

و أما بالمعنی الثانی أعنی اشتراط تصرف الغیر بإذنهم

فهو و إن کان مخالفا للأصل إلا أنه قد وردت أخبار خاصة بوجوب الرجوع إلیهم و عدم جواز الاستقلال لغیرهم بالنسبة إلی المصالح المطلوبة للشارع غیر المأخوذة علی شخص معین من الرعیة کالحدود و التعزیرات و التصرف فی أموال القاصرین و إلزام الناس بالخروج عن الحقوق و نحو ذلک یکفی فی ذلک ما دل علی أنهم أولو الأمر و الولایة فإن الظاهر من هذا العنوان عرفا من یجب الرجوع إلیه فی الأمور العامة التی لم تحمل فی الشرع علی شخص خاص و کذا ما دل علی وجوب الرجوع فی الوقائع الحادثة إلی رواة الحدیث معللا بأنهم حجتی علیکم و أنا حجة الله فإنه دل علی أن الإمام هو المرجع الأصلی. و ما عن العلل بسنده عن الفضل بن الشاذان: عن مولانا أبی الحسن الرضا ع فی علل حاجة الناس إلی الإمام حیث قال بعد ذکر جملة من العلل و منها أنا لا نجد فرقة من الفرق و لا ملة من الملل عاشوا و بقوا إلا بقیم و رئیس لما لا بد لهم منه من أمر الدین و الدنیا فلم یجز فی حکمة الحکیم أن یترک الخلق بلا رئیس و هو یعلم أنه لا بد لهم منه و لا قوام لهم إلا به هذا مضافا إلی ما ورد فی خصوص الحدود و التعزیرات و الحکومات و أنها لإمام المسلمین و فی الصلاة علی الجنائز من أن سلطان الله أحق بها من کل أحد و غیر ذلک مما یعثر علیه المتتبع و کیف کان فلا إشکال فی عدم جواز التصرف فی کثیر من الأمور العامة بدون إذنهم و رضاهم لکن لا عموم یقتضی أصالة توقف کل تصرف علی الإذن. نعم الأمور التی یرجع فیها کل قوم إلی رئیسهم لا یبعد الاطراد فیها بمقتضی کونهم أولی الأمر و ولاته و المرجع الأصلی فی الحوادث الواقعة و المرجع فی غیر ذلک من موارد الشک إلی إطلاقات أدلة تلک التصرفات إن وجدت علی الجواز أو المنع و إلا فإلی الأصول العملیة لکن حیث کان الکلام فی اعتبار إذن الإمام أو نائبه الخاص مع التمکن منه لم یجز إجراء الأصول لأنها لا تنفع مع التمکن من الرجوع إلی الحجة و إنما تنفع ذلک مع عدم التمکن من الرجوع إلیها لبعض العوارض

و بالجملة فلا یهمنا التعرض لذلک

إنما المهم التعرض لحکم ولایة الفقیه
اشارة

المکاسب، ج 2، ص 154

بأحد الوجهین المتقدمین فنقول

أما الولایة علی الوجه الأول أعنی استقلاله فی التصرف

فلم یثبت بعموم عدا ما ربما یتخیل من أخبار واردة فی شأن العلماء مثل: إن العلماء ورثة الأنبیاء و ذلک أن الأنبیاء لم یورثوا دینارا و لا درهما و لکن أورثوا أحادیث من أحادیثهم فمن أخذ بشی ء منها أخذ بحظ وافر و أن: العلماء أمناء الرسل. و قوله ع: مجاری الأمور بید العلماء بالله الأمناء علی حلاله و حرامه و قوله ص: علماء أمتی کأنبیاء بنی إسرائیل و فی المرسلة المرویة فی الفقه الرضوی: أن منزلة الفقیه فی هذا الوقت کمنزلة الأنبیاء فی بنی إسرائیل و قوله ع فی نهج البلاغة: أولی الناس بالأنبیاء أعلمهم بما جاءوا به إِنَّ أَوْلَی النَّاسِ بِإِبْراهِیمَ لَلَّذِینَ اتَّبَعُوهُ إلی آخر الآیة و قوله ص ثلاثا: اللهم ارحم خلفائی قیل و من خلفاؤک یا رسول الله قال الذین یأتون بعدی و یروون حدیثی و سنتی و قوله ع فی مقبولة [عمر] بن حنظلة: قد جعلته علیکم حاکما و فی مشهورة أبی خدیجة: جعلته علیکم قاضیا و قوله عجل الله فرجه: هم حجتی علیکم و أنا حجة الله. إلی غیر ذلک مما یظفر به المتتبع لکن الإنصاف بعد ملاحظة سیاقها أو صدرها أو ذیلها یقتضی الجزم بأنها فی مقام بیان وظیفتهم من حیث الأحکام الشرعیة لا کونهم کالنبی و الأئمة ص فی کونهم أولی بالناس فی أموالهم فلو طلب الفقیه الزکاة و الخمس من المکلف فلا دلیل علی وجوب الدفع إلیه شرعا. نعم لو ثبت شرعا اشتراط صحة أدائهما- بدفعهما إلی الفقیه مطلقا أو بعد المطالبة لو أفتی بذلک الفقیه وجب اتباعه إن کان ممن یتعین تقلیده ابتداء أو بعد الاختیار فیخرج عن محل الکلام هذا مع أنه لو فرض العموم فیما ذکر من الأخبار وجب حملها علی إرادة العام من الجهة المعهودة المتعارفة من وظیفته من حیث کونه رسولا مبلغا و إلا لزم تخصیص أکثر أفراد العام لعدم سلطنة الفقیه علی أموال الناس و أنفسهم إلا فی موارد قلیلة بالنسبة إلی موارد عدم سلطنته. و بالجملة فأقامه الدلیل علی وجوب إطاعة الفقیه کالإمام إلا ما خرج بالدلیل دونه خرط القتاد.

بقی الکلام فی ولایته علی الوجه الثانی أعنی توقف تصرف الغیر علی إذنه

فیما کان متوقفا علی إذن الإمام ع و حیث إن موارد التوقف علی إذن الإمام غیر مضبوطة فلا بد من ذکر ما یکون کالضابط لها فنقول کل معروف علم من الشارع إرادة وجوده فی الخارج إن علم کونه وظیفة شخص خاص کنظر الأب فی مال ولده الصغیر أو صنف خاص کالإفتاء و القضاء أو کل من یقدر علی القیام به کالأمر بالمعروف فلا إشکال فی شی ء من ذلک و إن لم یعلم ذلک و احتمل کونه مشروطا فی جوازه أو وجوبه بنظر الفقیه وجب الرجوع فیه إلیه ثم إن علم الفقیه من الأدلة جواز تولیته لعدم إناطته بنظر خصوص الإمام أو نائبه الخاص تولاه مباشرة أو استنابة إن کان مما یری الاستنابة فیه و إلا عطله فإن کونه معروفا لا ینافی إناطته بنظر الإمام ع و الحرمان عنه عند فقده کسائر البرکات التی حرمنا منها بفقده عجل الله تعالی فرجه. و مرجع هذا إلی الشک فی کون المطلوب مطلق وجوده أو وجوده من موجد خاص. أما وجوب الرجوع إلی الفقیه فی الأمور المذکورة فیدل علیه مضافا إلی ما یستفاد من جعله حاکما کما فی مقبولة ابن حنظلة الظاهرة فی کونه کسائر الحکام المنصوبة فی زمان النبی ص و الصحابة فی إلزام الناس بإرجاع الأمور المذکورة إلیه و الانتهاء فیها إلی نظره بل المتبادر عرفا من نصب السلطان حاکما وجوب الرجوع فی الأمور العامة المطلوبة للسلطان إلیه و إلی ما تقدم من قوله ع: مجاری الأمور بید العلماء بالله الأمناء علی حلاله و حرامه التوقیع المروی فی إکمال الدین و کتاب الغیبة و احتجاج الطبرسی الوارد فی جواب مسائل إسحاق بن یعقوب التی ذکر: إنی سألت العمری رضی الله عنه أن یوصل لی إلی الصاحب عجل الله فرجه کتابا فیه تلک المسائل التی قد أشکلت علی فورد الجواب بخطه علیه آلاف التحیة و السلام فی أجوبتها و فیها و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلی رواة حدیثنا فإنهم حجتی علیکم و أنا حجة الله فإن المراد بالحوادث ظاهرا مطلق الأمور التی لا بد من الرجوع فیها عرفا أو عقلا أو شرعا إلی الرئیس مثل النظر فی أموال القاصرین لغیبة أو موت أو صغر أو سفه و أما تخصیصها بخصوص المسائل الشرعیة فبعید من وجوه منها أن الظاهر وکول نفس الحادثة إلیه لیباشر أمرها مباشرة أو استنابة لا الرجوع فی حکمها إلیه. و منها التعلیل بکونهم حجتی علیکم و أنا حجة الله فإنه إنما یناسب الأمور التی یکون المرجع فیها هو الرأی و النظر فکان هذا منصب ولاة الإمام من قبل نفسه لا أنه واجب من قبل الله سبحانه علی الفقیه بعد غیبة الإمام و إلا کان المناسب أن یقول إنهم حجج الله علیکم کما وصفهم فی مقام آخر بأنهم أمناء الله علی الحلال و الحرام. و منها أن وجوب الرجوع فی المسائل الشرعیة إلی العلماء الذی هو من بدیهیات الإسلام من السلف إلی الخلف مما لم یکن یخفی علی مثل إسحاق ابن یعقوب حتی یکتبه فی عداد مسائل أشکلت علیه بخلاف وجوب الرجوع فی المصالح العامة إلی رأی أحد و نظره فإنه یحتمل أن یکون الإمام ع قد وکله فی غیبته إلی شخص أو أشخاص من ثقاته فی ذلک الزمان. و الحاصل أن الظاهر أن لفظ الحوادث لیس مختصا بما اشتبه حکمه و لا بالمنازعات ثم إن النسبة بین مثل هذا التوقیع و بین العمومات الظاهرة فی إذن الشارع فی کل معروف لکل أحد مثل قوله ع: کل معروف صدقة و قوله ع: عون الضعیف من أفضل الصدقة و أمثال ذلک و إن کانت عموما من وجه إلا أن الظاهر حکومة هذا التوقیع علیها و کونها بمنزلة المفسر الدال علی وجوب الرجوع إلی الإمام ع أو نائبه فی الأمور العامة التی یفهم عرفا دخولها تحت الحوادث الواقعة و تحت عنوان الأمر فی قوله أُولِی الْأَمْرِ و علی تسلیم التنزل عن ذلک فالمرجع بعد تعارض العمومین إلی أصالة عدم مشروعیة ذلک المعروف مع عدم وقوعه عن رأی ولی الأمر هذا لکن المسألة لا تخلو عن إشکال و إن کان الحکم به مشهورا و علی أی تقدیر. فقد ظهر مما ذکرنا أن ما دلت علیه هذه الأدلة هو ثبوت الولایة للفقیه فی الأمور التی تکون مشروعیة إیجادها فی الخارج مفروغا عنها بحیث لو فرض عدم الفقیه کان علی الناس القیام بها کفایة و أما ما یشک فی مشروعیته کالحدود

المکاسب، ج 2، ص 155

لغیر الإمام و تزویج الصغیرة لغیر الأب و الجد و ولایة المعاملة علی مال الغائب بالعقد علیه و فسخ العقد الخیاری عنه و غیر ذلک فلا یثبت من تلک الأدلة مشروعیتها للفقیه- بل لا بد للفقیه من استنباط مشروعیتها من دلیل آخر. نعم الولایة علی هذه و غیرها ثابتة للإمام ع بالأدلة المتقدمة المختصة به مثل آیة أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. و قد تقدم أن إثبات عموم نیابته للفقیه عنه ع فی هذا النحو من الولایة علی الناس لیقتصر فی الخروج عنه علی ما خرج بالدلیل دونه خرط القتاد.

و بالجملة فهاهنا مقامان أحدهما وجوب إیکال المعروف المأذون فیه إلیه لتقع خصوصیاته عن نظره و رأیه کتجهیز المیت الذی لا ولی له فإنه یجب أن تقع خصوصیاته من تعیین الغاسل و المغسل و تعیین شی ء من ترکته للکفن و تعیین المدفن عن رأی الفقیه الثانی مشروعیة تصرف خاص فی نفس أو مال أو عرض و الثابت بالتوقیع و شبهه هو الأول دون الثانی و إن کان الإفتاء فی المقام الثانی بالمشروعیة و عدمها أیضا من وظیفته إلا أن المقصود عدم دلالة الأدلة السابقة علی المشروعیة. نعم لو ثبتت أدلة النیابة عموما تم ما ذکر ثم إنه قد اشتهر فی الألسن و تداول فی بعض الکتب روایة أن السلطان ولی من لا ولی له و هذا أیضا بعد الانجبار سندا أو مضمونا تحتاج إلی أدلة عموم النیابة. و قد عرفت ما یصلح أن یکون دلیلا علیه و أنه لا یخلو عن وهن فی دلالته مع قطع النظر عن السند کما اعترف به جمال المحققین فی باب الخمس بعد الاعتراف بأن المعروف بین الأصحاب کون الفقهاء نواب الإمام و یظهر ذلک من المحقق الثانی أیضا فی رسالته الموسومة بقاطع اللجاج فی مسألة جواز أخذ الفقیه أجرة أراضی الأنفال من المخالفین کما یکون ذلک للإمام ع إذا ظهر للشک فی عموم النیابة و هو فی محله. ثم إن قوله ع من لا ولی له فی المرسلة المذکورة لیس مطلق من لا ولی له بل المراد عدم الملکة یعنی أنه ولی من من شأنه أن یکون له ولی بحسب شخصه أو صنفه أو نوعه أو جنسه فیشمل الصغیر الذی مات أبوه و المجنون بعد البلوغ و الغائب و الممتنع و المریض و المغمی علیه و المیت الذی لا ولی له و قاطبة المسلمین إذا کان لهم ملک کالمفتوح عنوة و الموقوف علیهم فی الأوقاف العامة و نحو ذلک لکن یستفاد منه ما لم یکن یستفاد من التوقیع المذکور و هو الإذن فی فعل کل مصلحة لهم فتثبت به مشروعیة ما لم تثبت مشروعیته بالتوقیع المتقدم فیجوز له القیام بجمیع مصالح الطوائف المذکورین. نعم لیس له فعل شی ء لا تعود مصلحته إلیهم و إن کان ظاهر الولی یوهم ذلک إذ بعد ما ذکرنا من أن المراد بمن لا ولی له من من شأنه أن یکون له ولی یراد به کونه ممن ینبغی أن یکون له من یقوم بمصالحه لا بمعنی أنه ینبغی أن یکون علیه ولی له علیه ولایة الأخبار بحیث یکون تصرفه ماضیا علیه. و الحاصل أن الولی المنفی هو الولی للشخص لا علیه فیکون المراد بالولی المثبت ذلک أیضا فمحصله أن الله جعل الولی الذی یحتاج إلیه الشخص و ینبغی أن یکون له هو السلطان فافهم.

مسألة فی ولایة عدول المؤمنین
[حدود ولایة المؤمنین

اعلم أن ما کان من قبیل ما ذکرنا فیه ولایة الفقیه و هو ما کان تصرفا مطلوب الوجود للشارع إذا کان الفقیه متعذر الوصول فالظاهر جواز تولیته لا حاد المؤمنین لأن المفروض کونه مطلوبا للشارع غیر مضاف إلی شخص و اعتبار نظارة الفقیه فیه ساقط له بفرض التعدد و کونه شرطا مطلقا له لا شرطا اختیاریا مخالف لفرض العلم بکونه مطلوب الوجود مع تعذر الشرط لکونه من المعروف الذی أمر بإقامته فی الشریعة. نعم لو احتمل کون مطلوبیته مختصة بالفقیه أو الإمام صح الرجوع إلی أصالة عدم المشروعیة کبعض مراتب النهی عن المنکر حیث إن إطلاقاته لا تعم ما إذا بلغ حد الجرح. قال الشهید رحمه الله فی قواعده یجوز للآحاد مع تعذر الحکام تولیة آحاد التصرفات الحکمیة علی الأصح کدفع ضرورة الیتیم لعموم وَ تَعاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوی و قوله ص: و الله تعالی فی عون العبد ما کان العبد فی عون أخیه و قوله ص: کل معروف صدقة و هل یجوز أخذ الزکوات و الأخماس من الممتنع و تفریقها فی أربابها و کذا بقیة وظائف الحکام غیر ما یتعلق بالدعاوی فیه وجهان وجه الجواز ما ذکرنا و لأنه لو منع من ذلک لفاتت مصالح تلک الأموال و هی مطلوبة لله تعالی. و قال بعض المتأخرین عن العلامة لا شک أن القیام بهذه المصالح أهم من ترک تلک الأموال بأیدی الظلمة یأکلونها بغیر حقها و یصرفونها إلی غیر مستحقها فإن توقع إمام یصرف ذلک فی وجهه حفظ المتمکن تلک الأموال إلی حین تمکنه من صرفها إلیه و إن یئس من ذلک کما فی هذا الزمان تعین صرفه علی الفور فی مصارفه لما فی إبقائه من التغریر و حرمان مستحقیه من تعجیل أخذه مع مسیس حاجتهم إلیه و لو ظفر بأموال مغصوبة حفظها لأربابها حتی یصل إلیهم و مع الیأس یتصدق بها عنهم و یضمن و عند العامة تصرف فی المصارف العامة انتهی. و الظاهر أن قوله فإن توقع إلی آخره من کلام الشهید رحمه الله و لقد أجاد فیما أفاد إلا أنه لم یبین وجه عدم الجواز و لعل وجهه أن مجرد کون هذه الأمور من المعروف لا ینافی اشتراطها بوجود الإمام أو نائبه کما فی قطع الدعاوی و إقامة الحدود کما فی التجارة بمال الصغیر الذی له أب و جد فإن کونها من المعروف لا ینافی وکوله إلی شخص خاص. نعم لو فرض المعروف علی وجه یستقل العقل بحسنه مطلقا کحفظ الیتیم من الهلاک الذی یعلم رجحانه علی مفسدة التصرف فی مال الغیر بغیر إذنه صح المباشرة بمقدار یندفع به الضرورة أو فرض علی وجه یفهم من دلیله جواز تصدیه لکل أحد إلا أنه خرج ما لو تمکن من الحاکم حیث دلت الأدلة علی وجوب إرجاع الأمور إلیه و هذا کتجهیز المیت و إلا فمجرد کون التصرف معروفا لا ینهض فی تقیید ما دل علی عدم ولایة أحد علی مال أحد أو نفسه و لهذا لا یلزم عقد الفضولی علی المعقود له بمجرد کونه معروفا و مصلحة و لا یفهم من أدلة المعروف ولایة للفضولی علی المعقود علیه لأن المعروف هو التصرف فی المال أو النفس علی الوجه المأذون فیه من المالک أو العقل أو الشارع من غیر جهة نفس أدلة المعروف. و بالجملة تصرف غیر الحاکم یحتاج إلی نص عقلی أو عموم شرعی أو خصوص فی مورد جزئی فافهم.

بقی الکلام فی اشتراط العدالة فی المؤمن الذی یتولی المصلحة عند فقد الحاکم

کما هو ظاهر أکثر الفتاوی حیث یعبرون بعدول المؤمنین و هو مقتضی الأصل و یمکن أن یستدل علیه ببعض الأخبار أیضا

المکاسب، ج 2، ص 156

ففی صحیحة محمد بن إسماعیل رجل مات من أصحابنا و لم یوص فرفع أمره إلی قاضی الکوفة فصیر عبد الحمید القیم بماله و کان الرجل خلف ورثة صغارا و متاعا و جواری فباع عبد الحمید المتاع فلما أراد بیع الجواری ضعف قلبه عن بیعهن إذ لم یکن المیت صبر إلیه وصیته و کان قیامه فیها بأمر القاضی لأنهن فروج قال فذکرت ذلک لأبی جعفر ع فقلت له یموت الرجل من أصحابنا و لا یوصی إلی أحد و یخلف جواری فیقیم القاضی رجلا منا لیبیعهن أو قال یقوم بذلک رجل منا فیضعف قلبه لأنهن فروج فما تری فی ذلک قال إذا کان القیم مثلک أو مثل عبد الحمید فلا بأس الخبر بناء علی أن المراد من المماثلة أما المماثلة فی التشیع أو فی الوثاقة و ملاحظة مصلحة الیتیم و إن لم یکن شیعیا أو فی الفقاهة بأن یکون من نواب الإمام عموما فی القضاء بین المسلمین أو فی العدالة و احتمال الثالث مناف لإطلاق المفهوم الدال علی ثبوت البأس مع عدم الفقیه و لو مع تعذره و هذا بخلاف الاحتمالات الأخر فإن البأس ثابت للفاسق أو الخائن المخالف و إن تعذر غیرهم فتعین أحدهما الدائر بینها فیجب الأخذ فی مخالفة الأصل بالأخص منها و هو العدل

[ظاهر بعض الروایات کفایة الأمانة]

لکن الظاهر من بعض الروایات کفایة الأمانة و ملاحظة مصلحة الیتیم فیکون مفسرا لاحتمال الثانی فی وجه المماثلة المذکورة فی الصحیحة. ففی صحیحة علی بن رئاب: رجل بینی و بینه قرابة مات و ترک أولادا صغارا و ترک ممالیک غلمانا و جواری و لم یوص فما تری فیمن یشتری منهم الجاریة و یتخذها أم ولد و ما تری فی بیعهم قال فقال إن کان لهم ولی یقوم بأمرهم باع علیهم و نظر لهم و کان مأجورا فیهم قلت فما تری فیمن یشتری منهم الجاریة و یتخذها أم ولد فقال لا بأس بذلک إذا باع علیهم القیم بأمرهم الناظر فیما یصلحهم فلیس لهم أن یرجعوا فیما صنع القیم لهم بأمرهم الناظر فیما یصلحهم الخبر و موثقة زرعه عن سماعة: فی رجل مات و له بنون و بنات صغار و کبار من غیر وصیة و له خدم و ممالیک و عقر کیف یصنع الورثة بقسمة ذلک قال إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلک کله فلا بأس بناء علی أن المراد من یوثق به و یطمأن بفعله عرفا و إن لم یکن فیه ملکه العدالة لکن فی صحیحة إسماعیل بن سعد ما یدل علی اشتراط تحقق عنوان العدالة قال: سألت الرضا ع و عن الرجل یموت بغیر وصیة و له ولد صغار و کبار أ یحل شراء شی ء من خدمه و متاعه من غیر أن یتولی القاضی بیع ذلک فإن تولاه قاض قد تراضوا به و لم یستخلفه الخلیفة أ یطیب الشراء منه أم لا فقال ع إذا کان الأکابر من ولده معه فی البیع فلا بأس إذا رضی الورثة بالبیع و قام عدل فی ذلک.

[رأی المؤلف فی المسألة]

هذا و الذی ینبغی أن یقال أنک قد عرفت أن ولایة غیر الحاکم لا تثبت إلا فی مقام یکون عموم عقلی أو نقلی یدل علی رجحان التصدی لذلک المعروف أو یکون هناک دلیل خاص یدل علیه فما ورد فیه نص خاص علی الولایة اتبع ذلک النص عموما أو خصوصا فقد یشمل الفاسق و قد لا یشمل. و أما ما ورد فیه العموم فالکلام فیه قد یقع فی جواز مباشرة الفاسق أو تکلیفه بالنسبة إلی نفسه و أنه هل یکون مأذونا من الشرع فی المباشرة أم لا و قد یکون بالنسبة إلی ما یتعلق من فعله بفعل غیره إذا لم یعلم وقوعه علی وجه المصلحة کالشراء منه مثلا. أما الأول فالظاهر جوازه و أن العدالة لیست معتبرة فی منصب المباشرة لعموم أدلة فعل ذلک المعروف و لو مثل قوله ع: عونک الضعیف من أفضل الصدقة و عموم قوله تعالی وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ و نحو ذلک. و صحیحة محمد بن إسماعیل السابقة قد عرفت أنها محمولة علی صحیحة علی بن رئاب المتقدمة بل موثقة زرعه و غیر ذلک مما سیأتی و لو ترتب حکم الغیر علی الفعل الصحیح منه کما إذا صلی فاسق علی میت لا ولی له فالظاهر سقوطها عن غیره إذا علم صدور الفعل منه و شک فی صحته و لو شک فی حدوث الفعل منه و أخبر به ففی قبوله إشکال. و أما الثانی فالظاهر اشتراط العدالة فیه فلا یجوز الشراء منه و إن ادعی کون البیع مصلحة بل یجب أخذ المال من یده و یدل علیه بعد صحیحة إسماعیل بن سعد المتقدمة بل و موثقة زرعه بناء علی إرادة العدالة من الوثاقة أن عموم أدلة القیام بذلک المعروف لا یرفع الید عنه بمجرد تصرف الفاسق فإن وجوب إصلاح مال الیتیم و مراعاة غبطته لا یرتفع عن الغیر بمجرد تصرف الفاسق و لا یجدی هنا حمل فعل المسلم علی الصحیح کما فی مثال الصلاة المتقدم لأن الواجب هناک هی صلاة صحیحة و قد علم صدور أصل الصلاة من الفاسق و إذا شک فی صحتها أحرزت بأصالة الصحة. و أما الحکم فیما نحن فیه فلم یحمل علی التصرف الصحیح و إنما حمل علی موضوع هو إصلاح المال و مراعاة الحال و الشک فی أصل تحقق ذلک فهو کما لو أخبر فاسق بأصل الصلاة مع الشک فیها. و إن شئت قلت إن شراء مال الیتیم لا بد أن یکون ذا مصلحة له و لا یجوز ذلک بأصالة صحة البیع من البائع کما لو شک المشتری فی بلوغ البائع فتأمل. نعم لو وجد فی ید الفاسق ثمن من مال الصغیر لم یلزم الفسخ مع المشتری و أخذ الثمن من الفاسق لأن مال الیتیم الذی یجب إصلاحه و حفظه من التلف لا یعلم أنه الثمن أو المثمن و أصالة صحة المعاملة من الطرفین یحکم بالأول فتدبر

[هل یجوز مزاحمة من تصدی من المؤمنین

ثم إنه حیث ثبت جواز تصرف المؤمنین فالظاهر أنه علی وجه التکلیف الوجوبی أو الندبی لا علی وجه النیابة من حاکم الشرع فضلا عن کونه علی وجه النصب من الإمام فمجرد وضع العدل یده علی مال الیتیم لا یوجب منع الآخر و مزاحمته بالبیع و نحوه و لو نقله بعقد جائز فوجد الآخر المصلحة فی استرداده جاز الفسخ إذا کان الخیار ثابتا بأصل الشرع أو بجعلهما مع جعله للیتیم أو مطلق ولیه من غیر تخصیص بالعاقد و أما لو أراد بیعه من شخص و عرضه لذلک جاز لغیره بیعه من آخر مع المصلحة و إن کان فی ید الأول. و بالجملة فالظاهر أن حکم عدول المؤمنین لا یزید عن حکم الأب و الجد- من حیث جواز التصرف لکل منهما ما لم یتصرف الآخر

[مزاحمة فقیه لفقیه آخر]

و أما حکام الشرع فهل هم کذلک فلو عین فقیه من یصلی علی المیت الذی لا ولی له أو من یلی أمواله أو وضع الید علی مال یتیم فهل یجوز للآخر مزاحمته أم لا

[رأی المؤلف فی المسألة]

الذی ینبغی أن یقال إنه إن استندنا فی ولایة الفقیه إلی مثل التوقیع المتقدم جاز المزاحمة قبل وقوع التصرف اللازم لأن المخاطب بوجوب إرجاع الأمور إلی الحکام هم العوام فالنهی عن المزاحمة یختص بهم و أما الحکام فکل منهم حجة من الإمام ع فلا یجب علی واحد منهم إرجاع الأمر

المکاسب، ج 2، ص 157

الحادث إلی الآخر فیجوز له مباشرته و إن کان الآخر دخل فیه و وضع یده علیه فحال کل منهم حال کل من الأب و الجد فی أن النافذ هو تصرف السابق و لا عبرة بدخول الآخر فی مقدمات ذلک و بنائه علی ما یغایر تصرف الآخر کما یجوز لأحد الحاکمین تصدی المرافعة قبل حکم الآخر و إن حضر المترافعان عنده و أحضر الشهود و بنی علی الحکم و أما لو استندنا فی ذلک علی عمومات النیابة و أن فعل الفقیه کفعل الإمام و نظره کنظر الذی لا یجوز التعدی عنه لا من حیث ثبوت الولایة له علی الأنفس و الأموال حتی یقال إنه قد تقدم عدم ثبوت عموم یدل علی النیابة فی ذلک بل من حیث وجوب إرجاع الأمور الحادثة إلیه المستفاد من تعلیل الرجوع فیها إلی الفقیه بکونه حجة منه ع علی الناس فالظاهر عدم جواز مزاحمة الفقیه الذی دخل فی أمر و وضع یده علیه و بنی فیه بحسب نظره علی تصرف و إن لم یفعل نفس ذلک التصرف و لأن دخوله فیه کدخول الإمام ع فدخول الثانی فیه و بناؤه علی تصرف آخر مزاحم له فهو کمزاحمة الإمام ع فأدلة النیابة عن الإمام ع لا تشمل مما کان فیه مزاحمة الإمام ع. فقد ظهر مما ذکرنا الفرق بین الحکام و بین الأب و الجد لأجل الفرق بین کون کل واحد منهم حجة و بین کون کل واحد منهم نائبا و ربما یتوهم کونهم کالوکلاء المتعددین فی أن بناء واحد منهم علی أمر مأذون فیه لا یمنع الآخر عن تصرف مغایر لما بنی علیه الأول و یندفع بأن الوکلاء إذا فرضوا وکلاء فی نفس التصرف لا فی مقدماته فما لم یتحقق التصرف من أحدهم کان الآخر مأذونا فی تصرف مغایر و إن بنی علیه الأول و دخل فیه أما إذا فرضوا وکلاء عن الشخص الواحد بحیث یکون إلزامهم کإلزامه و دخولهم فی الأمر کدخوله و فرضنا أیضا عدم دلالة دلیل وکالتهم علی الإذن فی مخالفة نفس الموکل و التعدی عما بنی هو علیه مباشرة أو استنابة کان حکمه حکم ما نحن فیه من غیر زیادة و لا نقیصة. و الوهم إنما نشأ من ملاحظة التوکیلات المتعارفة للوکلاء المتعددین المتعلقة بنفس ذی المقدمة فتأمل هذا کله مضافا إلی لزوم اختلال نظام المصالح المنوطة إلی الحکام مثل هذه الأزمان التی شاع فیها القیام بوظائف الحکام ممن یدعی الحکومة و کیف کان فقد تبین مما ذکرنا عدم جواز مزاحمة فقیه لمثله فی کل إلزام قولی أو فعلی یجب الرجوع فیه إلی الحاکم فإذا قبض مال الیتیم من شخص أو عین شخصا لقبضه أو جعله ناظرا علیه فلیس لغیره من الحکام مخالفة نظره لأن نظره کنظر الإمام. 96 و أما جواز تصدی مجتهد لمرافعة تصداها مجتهد آخر قبل الحکم فیها إذا لم یعرض عنها بل بنی علی الحکم فیها فلأن وجوب الحکم فرع سؤال من له الحکم

[هل یشترط فی ولایة غیر الأب و الجد ملاحظة الغبطة للیتیم

ثم إنه هل یشترط فی ولایة غیر الأب و الجد ملاحظة الغبطة للیتیم أم لا. ذکر الشهید فی قواعده أن فیه وجهین و لکن ظاهر کثیر من کلماتهم أنه لا یصح إلا مع المصلحة بل فی مفتاح الکرامة أنه إجماعی و أن الظاهر من التذکرة فی باب الحجر کونه اتفاقیا بین المسلمین و عن شیخه فی شرح القواعد أنه ظاهر الأصحاب و قد عرفت تصریح الشیخ و الحلی بذلک حتی فی الأب و الجد. و یدل علیه بعد ما عرفت من أصالة عدم الولایة لأحد علی أحد عموم قوله تعالی وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْیَتِیمِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ و حیث إن توضیح معنی الآیة علی ما ینبغی لم أجده فی کلام أحد من المتعرضین لبیان آیات الأحکام فلا بأس بتوضیح ذلک فی هذا المقام فنقول إن القرب فی الآیة یحتمل معانی أربعة الأول مطلق التقلیب و التحریک حتی من مکان إلی آخر فلا یشمل مثل إبقائه علی حال أو عند أحد. الثانی وضع الید علیه بعد أن کان بعیدا عنه و مجتنبا فالمعنی تجنبوا عنه و لا تقربوه إلا إذا کان القرب أحسن فلا یشمل حکم ما بعد الوضع. الثالث ما یعد تصرفا عرفا کالاقتراض و البیع و الإجارة و ما أشبه ذلک فلا یدل علی تحریم إبقائه بحاله تحت یده إذا کان التصرف فیه أحسن منه إلا بتنقیح المناط. الرابع مطلق الأمر الاختیاری المتعلق بمال الیتیم أعم من الفعل و الترک و المعنی لا تختاروا فی مال الیتیم فعلا أو ترکا إلا ما کان أحسن من غیره فیدل علی حرمة الإبقاء فی الفرض المذکور لأن إبقاءه قرب له بما لیس أحسن. و أما لفظ الأحسن فی الآیة فیحتمل أن یراد به ظاهره من التفضیل و یحتمل أن یراد به الحسن و علی الأول فیحتمل التصرف الأحسن من ترکه کما یظهر من بعض و یحتمل أن یراد به ظاهره و هو الأحسن مطلقا من ترکه و من غیره من التصرفات و علی الثانی فیحتمل أن یراد ما فیه مصلحة و یحتمل أن یراد به ما لا مفسدة فیه علی ما قیل من أن أحد معانی الحسن ما لا حرج فی فعله ثم إن الظاهر من احتمالات القرب هو الثالث و من احتمالات الأحسن هو الاحتمال الثانی أعنی التفضیل المطلق و حینئذ فإذا فرضنا أن المصلحة اقتضت بیع مال الیتیم فبعناه بعشرة دراهم ثم فرضنا أنه لا یتفاوت للیتیم إبقاء الدراهم أو جعلها دینارا فأراد الولی جعلها دینارا فلا یجوز لأن هذا التصرف لیس أصلح من ترکه و إن کان یجوز لنا من أول الأمر بیع المال بالدینار لفرض عدم التفاوت بین الدراهم و الدینار بعد تعلق المصلحة بجعل المال نقدا أما لو جعلنا الحسن بمعنی ما لا مفسدة فیه فیجوز و کذا لو جعلنا القرب من المعنی الرابع لأنا إذا فرضنا أن القرب یعم إبقاء مال الیتیم علی حاله کما هو الاحتمال الرابع فیجوز التصرف المذکور إذ بعد کون الأحسن هو جعل مال الیتیم نقدا فکما أنه مخیر فی الابتداء بین جعله دراهم أو دینارا لأن القدر المشترک أحسن من غیره و أحد الفردین فیه لا مزیة لأحدهما علی الآخر فیخیر فکذلک بعد جعله دراهم إذا کان کل من إبقاء الدراهم علی حالها و جعلها دینارا قربا و القدر المشترک أحسن من غیره فأحد الفردین لا مزیة فیه علی الآخر فهو مخیر بینهما. و الحاصل أنه کلما یفرض التخییر بین تصرفین فی الابتداء لکون القدر المشترک بینهما حسنا و عدم مزیة لأحد الفردین تحقق التخییر لأجل ذلک استدامة فیجوز العدول عن أحدهما بعد فعله إلی الآخر إذا کان العدول مساویا للبقاء بالنسبة إلی مال الیتیم و إن کان فیه نفع یعود إلی المتصرف لکن الإنصاف أن المعنی الرابع للقرب مرجوح فی نظر العرف بالنسبة إلی المعنی الثالث و إن کان الذی یقتضیه التدبر فی غرض الشارع و مقصوده من مثل هذا الکلام أن لا یختاروا فی أمر مال الیتیم إلا ما کان أحسن من غیره

[ظاهر بعض الروایات کفایة عدم المفسدة]

. نعم ربما یظهر من بعض الروایات أن مناط حرمة التصرف هو الضرر لا أن مناط الجواز هو النفع. ففی حسنة الکاهلی قال: لأبی عبد الله ع إنا ندخل علی أخ لنا فی بیت أیتام و معهم خادم لهم فنقعد علی بساطهم و نشرب من مائهم

المکاسب، ج 2، ص 158

و یخدمنا خادمهم و ربما طعمنا فیه الطعام من عند صاحبنا و فیه من طعامهم فما تری فی ذلک قال إن کان فی دخولکم علیهم منفعة لهم فلا بأس و إن کان فیه ضرر فلا [الحدیث بناء علی أن المراد من منفعة الدخول ما یوازی عوض ما یتصرفون من مال الیتیم عند دخولهم فیکون المراد بالضرر فی الذیل أن لا یصل إلی الأیتام ما یوازی ذلک فلا تنافی بین الصدر و الذیل علی ما زعمه بعض المعاصرین من أن الصدر دال علی إناطة الجواز بالنفع و الذیل دال علی إناطة الحرمة بالضرر فیتعارضان فی مورد یکون التصرف غیر نافع و لا مضر و هذا منه مبنی علی أن المراد بمنفعة الدخول النفع الملحوظ بعد وصول ما بإزاء مال الیتیم إلیه بمعنی أن تکون المنفعة فی معاوضة ما یتصرف من مال الیتیم بما یتوصل إلیهم من ماله کأن یشرب ماء فیعطی فلسا بإزائه و هکذا و أنت خبیر بأنه لا ظهور للروایة حتی یحصل التنافی. و فی روایة ابن المغیرة: قلت لأبی عبد الله ع إن لی ابنة أخ یتیمة فربما أهدی لها الشی ء فأکل منه ثم أطعمها بعد ذلک الشی ء من مالی فأقول یا رب هذا بهذا فقال لا بأس فإن ترک الاستفصال عن مساواة العوض و زیادته یدل علی عدم اعتبار الزیادة إلا أن یحمل علی الغالب من کون التصرف فی الطعام المهدی إلیها و إعطاء العوض بعد ذلک أصلح إذ الظاهر من الطعام المهدی إلیها هو المطبوخ و شبهه

و هل یجب مراعاة الأصلح أم لا

وجهان.

قال الشهید رحمه الله فی القواعد هل یجب علی الولی مراعاة المصلحة فی مال المولی علیه أو یکفی نفی المفسدة یحتمل الأول لأنه منصوب لها و لأصالة بقاء الملک علی حاله و لأن النقل و الانتقال لا بد لهما من غایة و العدمیات لا تکاد تقع غایة و علی هذا هل یتحری الأصلح أم یکتفی بمطلق المصلحة فیه وجهان. نعم لمثل ما قلناه لا لأن ذلک لا یتناهی- و علی کل تقدیر لو ظهر فی الحال الأصلح و المصلحة لم یجز العدول عن الأصلح و یترتب علی ذلک أخذ الولی بالشفعة للمولی علیه حیث لا مصلحة و لا مفسدة و تزویج المجنون حیث لا مفسدة و غیر ذلک انتهی. و الظاهر أن فعل الأصلح فی مقابل ترک التصرف رأسا غیر لازم لعدم الدلیل علیه فلو کان مال الیتیم موضوعا عنده و کان الاتجار به أصلح منه لا یجب إلا إذا قلنا بالمعنی الرابع من معانی القرب فی الآیة بأن یراد لا تختاروا فی مال الیتیم أمرا من الأفعال أو التروک إلا أن یکون أحسن من غیره و قد عرفت الإشکال فی استفادة هذا المعنی بل الظاهر التصرفات الوجودیة فهی المنهی عن جمیعها لا ما کان أحسن من غیره و من الترک فلا یشمل ما إذا کان فعل أحسن من الترک. نعم ثبت بدلیل خارج حرمة الترک إذا کان فیه مفسدة و أما إذا کان فی الترک مفسدة و دار الأمر بین أفعال بعضها أصلح من بعض فظاهر الآیة عدم جواز العدول عنه- بل ربما یعد العدول فی بعض المقامات إفسادا کما إذا اشتری فی موضع بعشرة و فی موضع آخر قریب منه بعشرین فإنه یعد بیعه فی الأول إفسادا للمال و لو ارتکبه عاقل عد سفیها لیست فیه ملکه إصلاح المال و هذا هو الذی أراده الشهید بقوله و لو ظهر فی الحال. نعم قد لا یعد العدول من السفاهة کما لو کان بیعه مصلحة أو کان بیعه فی بلد آخر مع إعطاء الأجرة منه أن ینقله إلیه و العلم بعدم الخسارة فإنه قد لا یعد ذلک سفاهة لکن ظاهر الآیة وجوبه.

مسألة یشترط فی من ینتقل إلیه العبد المسلم ثمنا أو مثمنا أن یکون مسلما
اشارة

فلا یصح نقله إلی الکافر عند أکثر علمائنا کما فی التذکرة بل عن الغنیة علیه الإجماع خلافا للمحکی فی التذکرة عن بعض علمائنا و سیأتی عبارة الإسکافی فی المصحف.

[الاستدلال علی عدم الصحة]

و استدل للمشهور تارة بأن الکافر یمنع من استدامته لأنه لو ملکه قهرا بإرث أو أسلم فی ملکه بیع علیه فیمنع من ابتدائه کالنکاح و أخری بأن الاسترقاق سبیل علی المؤمن فینتفی بقوله تعالی وَ لَنْ یَجْعَلَ اللَّهُ لِلْکافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلًا. و بالنبوی المرسل فی کتب أصحابنا المنجبر بعملهم و استدلالهم به فی موارد متعددة حتی فی عدم جواز علو بناء الکافر علی بناء المسلم بل عدم جواز مساواته و هو قوله ص: الإسلام یعلو و لا یعلی علیه. و من المعلوم أن ما نحن فیه أولی بالاستدلال علیه به لکن الإنصاف أنه لو أغمض النظر عن دعوی الإجماع المعتضدة بالشهرة و اشتهار التمسک بالآیة حتی أسند فی کنز العرفان إلی الفقهاء و فی غیره إلی أصحابنا لم یکن ما ذکروه من الأدلة خالیا عن الإشکال فی الدلالة. أما حکایة قیاس الابتداء علی الاستدامة فغایة توجیهه أن المستفاد من منع الشارع عن استدامته عدم رضاه بأصل وجوده حدوثا و بقاء من غیر مدخلیة لخصوص البقاء کما لو أمر المولی بإخراج أحد من الدار أو بإزالة النجاسة عن المسجد فإنه یفهم من ذلک عدم جواز الإدخال لکن یرد علیه أن هذا إنما یقتضی عدم کون الرضا بالحدوث علی نهج عدم الرضا بالبقاء. و من المعلوم أن عدم رضاه بالبقاء مجرد تکلیف بعدم إبقائه و بإخراجه عن ملکه و لیس معناه عدم إمضاء الشارع بقاءه حتی یکون العبد المسلم خارجا بنفسه شرعا عن ملک الکافر فیکون عدم رضاه بالإدخال علی هذا الوجه فلا یدل علی عدم إمضائه لدخوله فی ملکه لیثبت بذلک الفساد. و الحاصل أن دلالة النهی عن الإدخال فی الملک تابعة لدلالة النهی عن الإبقاء فی الدلالة علی إمضاء الشارع لآثار المنهی عنه و عدمه و المفروض انتفاء الدلالة فی المتبوع. و مما ذکرنا یندفع التمسک للمطلب بالنص الوارد فی عبد کافر أسلم فقال أمیر المؤمنین ع: اذهبوا فبیعوه من المسلمین و ادفعوا ثمنه إلی صاحبه و لا تقروه عنده بناء علی أن تخصیص البیع بالمسلمین فی مقام البیان و الاحتراز یدل علی المنع من بیعه من الکافر فیفسد. توضیح الاندفاع أن التخصیص بالمسلمین إنما هو من جهة أن الداعی علی الأمر بالبیع هی إزالة ملک الکافر و النهی عن إبقائه عنده و هی لا تحصل بنقله إلی کافر آخر فلیس تخصیص المأمور به لاختصاص مورد الصحة به بل لأن الغرض من الأمر لا یحصل إلا به فافهم. و أما الآیة فباب الخدشة فیها واسع تارة من جهة دلالتها فی نفسها و لو بقرینة سیاقها الآبی عن التخصیص فلا بد من حملها علی معنی لا یتحقق فیه تخصیص أو بقرینة ما قبلها الدالة علی إرادة نفی الجعل فی الآخرة. و أخری من حیث تفسیرها فی بعض الأخبار بنفی الحجة للکفار علی المؤمنین و هو ما روی فی العیون عن أبی الحسن ع ردا علی من زعم أن المراد بها

المکاسب، ج 2، ص 159

نفی تقدیر الله سبحانه بمقتضی الأسباب العادیة تسلط الکفار علی المؤمنین حتی أنکروا لهذا المعنی الفاسد الذی لا یتوهمه ذو مسکة أن الحسین بن علی ع لم یقتل بل شبه لهم و رفع کعیسی علی نبینا و آله و علیهم السلام و تعمیم الحجة علی معنی یشمل الملکیة و تعمیم الجعل علی وجه یشمل الاحتجاج و الاستیلاء لا یخلو عن تکلف. و ثالثة من حیث تعارض عموم الآیة مع عموم ما دل علی صحة البیع و وجوب الوفاء بالعقود و حل أکل المال بالتجارة و تسلط الناس علی أموالهم و حکومة الآیة علیها غیر معلومة و إباء سیاق الآیة عن التخصیص مع وجوب الالتزام به فی طرف الاستدامة و فی کثیر من الفروع فی الابتداء یقرب تفسیر السبیل بما لا یشمل الملکیة بأن یراد من السبیل السلطنة فیحکم بتحقق الملک و عدم تحقق السلطنة بل یکون محجورا علیه مجبورا علی بیعه و هذا و إن اقتضی التقیید فی إطلاق ما دل علی استقلال الناس فی أموالهم و عدم حجرهم بها لکنه مع ملاحظة وقوع مثله کثیرا فی موارد الحجر علی المالک أهون من ارتکاب التخصیص فی الآیة المسوقة لبیان أن الجعل شی ء لم یکن و لن یکون و إن نفی الجعل ناش عن احترام المؤمن الذی لا یقید بحال دون حال هذا مضافا إلی أن استصحاب الصحة فی بعض المقامات- یقتضی الصحة کما إذا کان الکفر مسبوقا بالإسلام بناء علی شمول الحکم لمن کفر عن الإسلام أو کان العبد مسبوقا بالکفر فیثبت فی غیره بعدم الفصل و لا یعارضه أصالة الفساد فی غیر هذه الموارد لأن استصحاب الصحة مقدم علیها فتأمل

[تملیک منافع المسلم من الکافر]

ثم إن الظاهر أنه لا فرق بین البیع و أنواع التملیکات کالهبة و الوصیة. و أما تملیک المنافع ففی الجواز مطلقا کما یظهر من التذکرة و مقرب النهایة بل ظاهر المحکی عن الخلاف أو مع وقوع الإجارة علی الذمة کما عن الحواشی و جامع المقاصد و المسالک أو مع کون المسلم الأجیر حرا کما عن ظاهر الدروس أو المنع مطلقا کما هو ظاهر القواعد و محکی الإیضاح أقوال أظهرها الثانی فإنه کالدین لیس ذلک سبیلا فیجوز. و لا فرق بین الحر و العبد کما هو ظاهر إطلاق کثیر کالتذکرة و حواشی الشهید و جامع المقاصد بل ظاهر المحکی عن الخلاف نفی الخلاف فیه حیث قال فیه إذا استأجر کافر مسلما بعمل فی الذمة صح بلا خلاف و إذا استأجره مدة من الزمان شهرا أو سنة لیعمل عملا صح أیضا عندنا انتهی. و ادعی فی الإیضاح أنه لم ینقل من الأمة فرق بین الدین و بین الثابت فی الذمة بالاستیجار خلافا للقواعد و ظاهر الإیضاح فالمنع مطلقا لکونه سبیلا و ظاهر الدروس التفصیل بین العبد و الحر فیجوز فی الثانی دون الأول حیث ذکر بعد أن منع إجارة العبد المسلم للکافر مطلقا قال و جوزها الفاضل و الظاهر أنه أراد إجازة الحر المسلم انتهی. و فیه نظر لأن ظاهر الفاضل فی التذکرة جواز إجارة العبد المسلم مطلقا و لو کانت علی العین. نعم یمکن توجیه الفرق بأن ید المستأجر علی الملک- الذی ملک منفعته بخلاف الحر فإنه لا تثبت للمستأجر ید علیه و لا علی منفعته خصوصا لو قلنا بأن إجارة الحر تملیک الانتفاع لا المنفعة فتأمل

و أما الارتهان عند الکافر

ففی جوازه مطلقا کما عن ظاهر نهایة الأحکام أو المنع کما فی القواعد و الإیضاح أو التفصیل بین ما لم یکن تحت ید الکافر کما إذا وضعناه عند مسلم کما عن ظاهر المبسوط و القواعد و الإیضاح فی کتاب الرهن و الدروس و جامع المقاصد و المسالک أو التردد کما فی التذکرة وجوه أقواها الثالث لأن استحقاق الکافر لکون المسلم فی یده سبیل بخلاف استحقاقه لأخذ حقه من ثمنه

و أما إعارته من کافر

فلا یبعد المنع وفاقا لعاریة القواعد و جامع المقاصد و المسالک بل عن حواشی الشهید رحمه الله أن الإعارة و الإیداع أقوی منعا من الارتهان و هو حسن فی العاریة لأنها تسلیط علی الانتفاع فیکون سبیلا و علوا و محل نظر فی الودیعة لأن التسلیط علی الحفظ و جعل نظره إلیه مشترک بین الرهن و الودیعة مع زیادة فی الرهن التی قیل من أجلها بالمنع و هی التسلط علی منع المالک عن التصرف فیه إلا بإذنه و تسلطه علی إلزام المالک ببیعه. و قد صرح فی التذکرة بالجواز فی کلیهما. و مما ذکرنا یظهر عدم صحة وقف الکافر عبده المسلم علی أهل ملته

[المقصود من الکافر]

ثم إن الظاهر من الکافر کل من حکم بنجاسته و لو انتحل الإسلام کالنواصب و الغلاة و المرتد غایة الأمر عدم وجود هذه الأفراد فی زمان نزول الآیة و لذا استدل الحنفیة بالآیة علی ما حکی عنهم بحصول البینونة بارتداد الزوج و هل یلحق بذلک أطفال الکفار فیه إشکال و یعم المسلم المخالف لأنه مسلم فیعلو و لا یعلی علیه و المؤمن فی زمان نزول آیة نفی السبیل لم یرد به إلا المقر بالشهادتین و نفیه عن الأعراب الذین قالوا آمنا بقوله تعالی وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِکُمْ إنما کان لعدم اعتقادهم بما أقروا به فالمراد بالإسلام هنا أن یسلم نفسه لله و رسوله فی الظاهر لا الباطن بل قوله تعالی وَ لَمَّا یَدْخُلِ الْإِیمانُ فِی قُلُوبِکُمْ دل علی أن ما جری علی ألسنتهم من الإقرار بالشهادتین کان إیمانا فی خارج القلب. و الحاصل أن الإسلام و الإیمان فی زمان الآیة کانا بمعنی واحد و أما ما دل علی کفر المخالف بواسطة إنکار الولایة فهو لا یقاوم بظاهره لما دل علی جریان جمیع أحکام الإسلام علیهم من التناکح و التوارث و حقن الدماء و عصمة الأموال و أن الإسلام ما علیه جمهور الناس. ففی روایة حمران بن أعین قال: سمعت أبا جعفر ع یقول الإیمان ما استقر فی القلب و أفضی به إلی الله عز و جل و صدقه العمل بالطاعة لله و التسلیم لأمره و الإسلام ما ظهر من قول أو فعل و هو الذی علیه جماعة الناس من الفرق کلها و به حقنت الدماء و علیه جرت المواریث و جاز النکاح و اجتمعوا علی الصلاة و الزکاة و الصوم و الحج فخرجوا بذلک من الکفر و أضیفوا إلی الإیمان إلی أن قال فهل للمؤمن فضل علی المسلم فی شی ء من الفضائل و الأحکام و الحدود و غیر ذلک قال لا بل هما یجریان فی ذلک مجری واحد و لکن للمؤمن فضل علی المسلم فی إعمالهما و ما یتقربان به إلی الله عز و جل.

[بیع العبد المؤمن من المخالف

و من جمیع ما ذکرنا ظهر أنه لا بأس ببیع المسلم من المخالف و لو کان جاریة إلا إذا قلنا بحرمة تزویج المؤمنة من المخالف لأخبار دلت علی ذلک فإن فحواها یدل علی المنع من بیع الجاریة المؤمنة لکن الأقوی عدم التحریم

ثم إنه قد استثنی من عدم جواز تملک الکافر للعبد المسلم مواضع
منها ما إذا کان الشراء مستعقبا للانعتاق

بأن یکون ممن ینعتق علی الکافر قهرا واقعا کالأقارب أو ظاهرا کمن أقر بحریة مسلم ثم اشتراه أو بأن یقول الکافر للمسلم أعتق عبدک عنی بکذا فأعتقه. ذکر ذلک العلامة فی التذکرة و تبعه جامع المقاصد و المسالک و الوجه فی الأول واضح وفاقا للمحکی عن الفقیه و النهایة و السرائر مدعیا علیه الإجماع و المتأخرین کافة فإن مجرد الملکیة غیر المستقرة لا یعد سبیلا بل لم تعتبر الملکیة إلا مقدمة للانعتاق خلافا للمحکی عن المبسوط

المکاسب، ج 2، ص 160

و القاضی فمعناه لأن الکافر لا یملک حتی ینعتق لأن التملک بمجرده سبیل و السیادة علو إلا أن الإنصاف أن السلطنة غیر متحققة فی الخارج و مجرد الإقدام علی شرائه لینعتق منه من الکافر علی المسلم لکنها غیر منفیة. و أما الثانی فیشکل بالعلم بفساد البیع علی تقدیری الصدق و الکذب لثبوت الخلل أما فی المبیع لکونه حرا أو فی المشتری لکونه کافرا فلا تتصور صورة صحیحة لشراء من أقر بانعتاقه إلا أن تمنع اعتبار مثل هذا العلم الإجمالی فتأمل. و أما الثالث فالمحکی عن المبسوط و الخلاف التصریح بالمنع لما ذکر فی الأول.

و منها ما لو اشترط البائع عتقه

فإن الجواز هنا محکی عن الدروس و الروضة و فیه نظر فإن ملکیته قبل الإعتاق سبیل و علو بل التحقیق أنه لا فرق بین هذا و بین إجباره علی بیعه فی عدم انتفاء السبیل بمجرد ذلک. و الحاصل أن السبیل فیه ثلاثة احتمالات کما عن حواشی الشهید مجرد الملک و یترتب علیه عدم استثناء ما عدا صورة الإقرار بالحریة و بالملک المستقر و لو بالقابلیة کشروط العتق و یترتب علیه عدم استثناء ما عدا صورة اشتراط العتق و المستقر فعلا و یترتب علیه استثناء الجمیع و خیر الأمور أوسطها

[حکم تملک الکافر للمسلم قهرا]

ثم إن ما ذکرنا کله حکم ابتداء تملک الکافر المسلم اختیارا. أما التملک القهری فیجوز ابتداء کما لو ورثه الکافر من کافر- أجبر علی البیع فمات قبله- فإنه لا ینعتق علیه و لا علی الکافر المیت لأصالة بقاء رقیته بعد تعارض دلیل نفی السبیل و عموم أدلة الإرث لکن لا یثبت بها أصل تملک الکافر فیحتمل أن ینتقل إلی الإمام ع بل هو مقتضی الجمع بین الأدلة ضرورة أنه إذا نفی إرث الکافر بآیة نفی السبیل کان المیت بالنسبة إلی هذا المال ممن لا وارث له فیرثه الإمام ع و بهذا التقریر یندفع ما یقال إن إرث الإمام مناف لعموم أدلة ترتیب طبقات الإرث. توضیح الاندفاع أنه إذا کان مقتضی نفی السبیل عدم إرث الکافر فیتحقق نفی الوارث الذی هو مورد إرث الإمام ع فإن الممنوع من الإرث لغیر الوارث. فالعمدة فی المسألة ظهور الاتفاق المدعی صریحا فی جامع المقاصد ثم هل یلحق بالإرث کل ملک قهری أو لا یلحق أو یفرق بین ما کان سببه اختیاریا أو غیره وجوه خیرها أوسطها ثم أخیرها

[عدم استقرار المسلم علی ملک الکافر و وجوب بیعه علیه

ثم إنه لا إشکال و لا خلاف فی أنه لا یقر المسلم علی ملک الکافر بل یجب بیعه علیه: لقوله ع فی عبد کافر أسلم اذهبوا فبیعوه من المسلمین و ادفعوا إلیه ثمنه و لا تقروه عنده. و منه یعلم أنه لو لم یبعه باعه الحاکم و یحتمل أن یکون ولایة البیع للحاکم مطلقا- لکون المالک غیر قابل للسلطنة علی هذا المال غایة الأمر أنه دل النص و الفتوی علی تملکه له و لذا ذکر فیها أنه یباع علیه بل صرح فخر الدین رحمه الله فی الإیضاح بزوال ملک السید عنه و یبقی له حق استیفاء الثمن منه و هو مخالف لظاهر النص و الفتوی کما عرفت و کیف کان فإذا تولاه المالک بنفسه- فالظاهر أنه لا خیار له و لا علیه- وفاقا للمحکی فی الحواشی فی خیار المجلس و الشرط لأنه إحداث ملک فینتفی لعموم نفی السبیل لتقدیمه علی أدلة الخیار کما یقدم علی أدلة البیع و یمکن أن یبتنی علی أن الزائل العائد کالذی لم یزل أو کالذی لم یعد. فإن قلنا بالأول ثبت الخیار و لأن فسخ العقد یجعل الملکیة السابقة کأن لم تزل و قد أمضاها الشارع و أمر بإزالتها بخلاف ما لو کانت الملکیة الحاصلة غیر السابقة فإن الشارع لم یمضها لکن هذا المبنی لیس بشی ء لوجوب الاقتصار فی تخصیص نفی السبیل علی المتیقن نعم یحکم بالأرش لو کان العبد أو ثمنه معیبا و یشکل فی الخیارات الناشئة عن الضرر من جهة قوة أدلة نفی الضرر فلا یبعد الحکم بثبوت الخیار للمسلم المتضرر من لزوم البیع بخلاف ما لو تضرر الکافر فإن هذا الضرر إنما حصل من کفره الموجب لعدم قابلیة تملک المسلم إلا فیما خرج بالنص. و یظهر مما ذکرنا حکم الرجوع فی العقد الجائز کالهبة و خالف فی ذلک کله جامع المقاصد فحکم بثبوت الخیار و الرد بالعیب تبعا للدروس قال لأن العقد لا یخرج عن مقتضاه بکون المبیع عبدا مسلما لکافر لانتفاء المقتضی لأن نفی السبیل لو اقتضی ذلک لاقتضی خروجه عن ملکه فعلی هذا لو کان المبیع معاطاة فهی علی حکمها و لو أخرجه عن ملکه بالهبة جرت فیه أحکامها. نعم لا یبعد أن یقال للحاکم إلزامه بإسقاط نحو خیار المجلس أو مطالبته بسبب ناقل یمنع الرجوع و لم یلزم منه تخسیر للمال انتهی. و فیما ذکره نظر لأن نفی السبیل لا یخرج منه إلا الملک الابتدائی و خروجه لا یستلزم خروج عود الملک إلیه بالفسخ. و استلزام البیع للخیارات لیس عقلیا بل تابع لدلیله الذی هو أضعف من دلیل صحة العقد الذی خص بنفی السبیل فهذا أولی بالتخصیص به مع أنه علی تقدیر المقاومة یرجع إلی أصالة الملک و عدم زواله بالفسخ و الرجوع فتأمل. و أما ما ذکره أخیرا بقوله لا یبعد ففیه أن إلزامه بما ذکر لیس بأولی من الحکم بعدم جواز الرجوع فیکون خروج المسلم من ملک الکافر إلی ملک المسلم بمنزلة التصرف المانع من الفسخ و الرجوع. و مما ذکرنا یظهر أن ما ذکره فی القواعد من قوله رحمه الله و لو باعه لمسلم بثوب ثم وجد فی الثمن عیبا جاز رد الثمن و هل یسترد العبد أو القیمة فیه نظر ینشأ من کون الاسترداد تملکا للمسلم اختیارا و من کون الرد بالعیب موضوعا علی القهر کالإرث انتهی محل تأمل إلا أن یقال إن مقتضی الجمع بین أدلة الخیار و نفی السبیل ثبوت الخیار و الحکم بالقیمة فیکون نفی السبیل مانعا شرعیا من استرداد المثمن کنقل المبیع فی زمن الخیار و کالتلف الذی هو مانع عقلی و هو حسن إن لم یحصل السبیل بمجرد استحقاق الکافر للمسلم المنکشف باستحقاق بدله و لذا حکموا بسقوط الخیار فی من ینعتق علی المشتری فتأمل.

مسألة المشهور عدم جواز نقل المصحف إلی الکافر

ذکره الشیخ و المحقق فی الجهاد و العلامة فی کتبه و جمهور من تأخر عنه. و عن الإسکافی أنه قال و لا اختار أن یرهن الکافر مصحفا أو ما یجب علی المسلم تعظیمه و لا صغیرا من الأطفال انتهی. و استدلوا علیه بوجوب احترام المصحف و فحوی المنع من بیع العبد المسلم من الکافر و ما ذکره حسن و إن کان وجهه لا یخلو عن تأمل أو منع. و فی إلحاق الأحادیث النبویة بالمصحف کما صرح به فی المبسوط أو الکراهة کما هو صریح الشرائع و نسبه الصیمری إلی المشهور قولان تردد بینهما العلامة فی التذکرة و لا یبعد أن تکون الأحادیث المنسوبة إلی النبی ص من طرق الآحاد حکمها حکم ما علم صدوره منه ص و إن کان ظاهر ما ألحقوه بالمصحف هو أقوال النبی المعلوم

المکاسب، ج 2، ص 161

صدورها عنه ص و کیف کان فحکم أحادیث الأئمة ص حکم أحادیث النبی ص

القول فی شرائط العوضین

یشترط فی کل منهما کونه متمولا
اشارة

لأن البیع لغة مبادلة مال بمال

و قد احترزوا بهذا الشرط عما لا ینتفع به منفعة مقصودة للعقلاء محللة فی الشرع

لأن الأول لیس بمال عرفا کالخنافس و الدیدان فإنه یصح عرفا سلب المصرف لها و نفی الفائدة عنها و الثانی لیس بمال شرعا کالخمر و الخنزیر ثم قسموا عدم الانتفاع إلی ما یستند إلی خسة الشی ء کالحشرات و إلی ما یستند إلی قلته کحبة حنطة و ذکروا أنه لیس مالا و إن کان یصدق علیه الملک و لذا یحرم غصبه إجماعا. و عن التذکرة أنه لو تلف لم یضمن أصلا و اعترضه غیر واحد ممن تأخر عنه بوجوب رد المثل. و الأولی أن یقال إن ما تحقق أنه لیس بمال عرفا فلا إشکال و لا خلاف فی عدم جواز وقوعه أحد العوضین إذ لا بیع إلا فی ملک و ما لم یتحقق فیه ذلک فإن کان أکل المال فی مقابله أکلا بالباطل عرفا فالظاهر فساد المعاملة و ما لم یتحقق فیه ذلک فإن ثبت دلیل من نص أو إجماع علی عدم جواز بیعه فهو و إلا فلا یخفی وجوب الرجوع إلی عمومات صحة البیع و التجارة. و خصوص قوله ع فی المروی عن تحف العقول: و کل شی ء یکون لهم فیه الصلاح من جهة من الجهات فکل ذلک حلال بیعه إلی آخر الروایة و قد تقدمت فی أول الکتاب

ثم إنهم احترزوا باعتبار الملکیة فی العوضین عن بیع ما یشترک فیه الناس

کالماء و الکلاء و السماک و الوحوش قبل اصطیادها بکون هذه کلها غیر مملوکة بالفعل

و احترزوا أیضا به عن الأرض المفتوحة عنوة

و وجه الاحتراز عنها أنها غیر مملوکة لملاکها علی نحو سائر الأملاک بحیث یکون لکل منهم جزء معین من عین الأرض و إن قل و لذا لا تورث بل و لا من قبیل الوقف الخاص علی معینین لعدم تملکهم للمنفعة مشاعا و لا کالوقف علی غیر معینین کالعلماء و المؤمنین و لا من قبیل تملک الفقراء الزکاة و السادة الخمس بمعنی کونهم مصارف له لعدم تملکهم منافعه بالقبض لأن مصرفه منحصر فی مصالح المسلمین فلا یجوز تقسیمه علیهم من دون ملاحظة مصالحهم فهذه الملکیة نحو مستقل من الملکیة قد دل علیها الدلیل و معناها صرف حاصل الملک فی مصالح الملاک ثم إن کون هذه الأرض للمسلمین مما ادعی علیه الإجماع و دل علیه النص کمرسلة حماد الطویلة و غیرها.

[أقسام الأرضین و أحکامها]
اشارة

و حیث جری فی الکلام ذکر بعض أقسام الأرضین فلا بأس بالإشارة إجمالا إلی جمیع أقسام الأرضین و أحکامها فنقول و من الله الاستعانة الأرض إما موات و إما عامرة- و کل منهما إما أن یکون کذلک أصلیة أو عرض لها ذلک فالأقسام أربعة لا خامس لها

الأول ما یکون مواتا بالأصالة بأن لم تکن مسبوقة بالعمارة

و لا إشکال و لا خلاف منافی کونها للإمام ع و الإجماع علیه محکی عن الخلاف و الغنیة و جامع المقاصد و المسالک و ظاهر جماعة أخری و النصوص بذلک مستفیضة بل قیل إنها متواترة و هی من الأنفال. نعم أبیح التصرف فیها بالإحیاء بلا عوض و علیه یحمل ما فی النبویین: موتان الأرض لله و لرسوله ص ثم هی لکم منی أیها المسلمون و نحوه الآخر: عادی الأرض لله و لرسوله ثم هی لکم منی. و ربما یکون فی بعض الأخبار وجوب أداء خراجه إلی الإمام ع کما فی صحیحة الکابلی قال: وجدنا فی کتاب علی ع إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ أنا و أهل بیتی الذین أورثنا الله الأرض و نحن المتقون و الأرض کلها لنا فمن أحیا أرضا من المسلمین فلیعمرها و لیؤد خراجها إلی الإمام من أهل بیتی و له ما أکل منها الخبر و مصححة عمر بن زید: أنه سأل رجل أبا عبد الله ع عن رجل أخذ أرضا مواتا ترکها أهلها فعمرها و أجری أنهارها و بنی فیها بیوتا و غرس فیها نخلا و شجرا فقال أبو عبد الله ع کان أمیر المؤمنین ع یقول من أحیا أرضا من المؤمنین فهی له و علیه طسقها یؤدیه إلی الإمام ع فی حال الهدنة فإذا ظهر القائم عجل الله تعالی فرجه فلیوطن نفسه علی أن تؤخذ منه و یمکن حملها علی بیان الاستحقاق و وجوب إیصال الطسق إذا طلب الإمام ع لکن الأئمة ع بعد أمیر المؤمنین ص حللوا لشیعتهم و أسقطوا ذلک عنهم کما یدل علیه قوله ع: ما کان لنا فهو لشیعتنا و قوله ع فی روایة مسمع بن عبد الملک: کل ما کان فی أیدی شیعتنا من الأرض فهم فیه محللون و محلل لهم ذلک إلی أن یقوم قائمنا فیجبیهم طسق ما کان فی أیدیهم و یترک الأرض فی أیدیهم و أما ما کان أیدی سواهم فإن کسبهم من الأرض حرام علیهم حتی یقوم قائمنا فیأخذ الأرض من أیدیهم و یخرجهم منها صغره الخبر. نعم ذکر فی التذکرة أنه لو تصرف فی الموات أحد بغیر إذن الإمام کان علیه طسقها و یحتمل حمل هذه الأخبار المذکورة علی حال الحضور و إلا فالظاهر عدم الخلاف فی عدم وجوب مال للإمام فی الأراضی فی حال الغیبة بل الأخبار متفقة علی أنها لمن أحیاها و ستأتی حکایة إجماع المسلمین علی صیرورتها ملکا بالإحیاء.

الثانی ما کانت عامرة بالأصالة

أی لا من معمر و الظاهر أنه أیضا للإمام ع و کونها من الأنفال و هو ظاهر إطلاق قولهم و کل أرض لم یجر علیها ملک مسلم فهو للإمام ع و عن التذکرة الإجماع علیه و فی غیرها نفی الخلاف عنه لموثقة أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمار المحکیة عن تفسیر علی ابن إبراهیم عن الصادق ع حیث عد من الأنفال کل أرض لا رب لها و نحوها المحکی عن تفسیر العیاشی عن أبی بصیر عن أبی جعفر ع. و لا یخصص عموم ذلک بخصوص بعض الأخبار حیث جعل فیها من الأنفال کل أرض میتة لا رب لها بناء علی ثبوت المفهوم للوصف المسوق للاحتراز لأن الظاهر ورود الوصف مورد الغالب لأن الغالب فی الأرض التی لا مالک لها کونها مواتا و هل تملک هذه بالحیازة وجهان من کونها مال الإمام و من عدم منافاته للتملک بالحیازة کما تملک الموات بالإحیاء مع کونها مال الإمام فدخل فی عموم النبوی: من سبق إلی ما لم یسبقه إلیه مسلم فهو أحق به.

الثالث ما عرضت له الحیاة بعد الموت

و هو ملک للمحیی فیصیر ملکا له بالشروط المذکورة فی باب الإحیاء بإجماع الأمة کما عن المهذب و بإجماع المسلمین کما عن التنقیح و علیه عامة فقهاء الأمصار کما عن التذکرة لکن یبالی من المبسوط کلام یشعر بأنه یملک التصرف لا نفس الرقبة فلا بد من الملاحظة.

الرابع ما عرض له الموت بعد العمارة

فإن کانت العمارة أصلیة فهی مال الإمام ع و إن کانت العمارة من معمر ففی بقائها علی ملک معمرها أو خروجها

المکاسب، ج 2، ص 162

عنه و صیرورتها ملکا لمن عمرها ثانیا خلاف معروف فی کتاب إحیاء الموات منشأه اختلاف الأخبار.

ثم القسم الثالث إما أن تکون العمارة فیه من المسلمین أو من الکفار فإن کانت من المسلمین فملکهم لا یزول إلا بناقل أو بطروء الخراب علی أحد القولین و إن کانت من الکفار فکذلک إن کانت فی دار الإسلام و قلنا بعدم اعتبار الإسلام و إن اعتبرنا الإسلام کانت باقیة علی ملک الإمام ع و إن کانت فی دار الکفر فملکها یزول بما یزول به ملک المسلم و بالاغتنام کسائر أموالهم. ثم ما ملکه الکفار من الأرض إما أن یسلم علیه طوعا- فیبقی علی ملکه کسائر أملاکه و إما أن لا یسلم علیه طوعا فإن بقیت یده علیه کافرا فهی أیضا کسائر أملاکه تحت یده و إن ارتفعت یده عنها فإما أن یکون بانجلاء المالک عنها تخلیتها للمسلمین أو بموت أهلها و عدم الوارث فیصیر ملکا للإمام ع و یکون من الأنفال التی لم یوجف علیها بخیل و لا رکاب و إن رفعت یده عنها قهرا و عنوة فهی کسائر ما لا ینقل من الغنیمة کالنخل و الأشجار و البنیان للمسلمین کافة إجماعا علی ما حکاه غیر واحد کالخلاف و التذکرة و غیرهما و النصوص به مستفیضة: ففی روایة أبی برده المسئول فیها عن بیع أرض الخراج قال ع و من یبیع ذلک و هی أرض المسلمین قال قلت یبیعها الذی هی فی یده قال و یصنع بخراج المسلمین ما ذا ثم قال لا بأس اشتری حقه منها- و یحول حق المسلمین علیه و لعله یکون أقوی علیها و أملی بخراجهم منه. و فی مرسلة حماد الطویلة: لیس لمن قاتل شی ء من الأرضین و لا ما غلبوا علیه إلا ما احتوی علیه العسکر إلی أن قال و الأرض التی أخذت بخیل و رکاب فهی موقوفة متروکة فی یدی من یعمرها و یحییها و یقوم علیها علی ما صالحهم الوالی علی قدر طاقتهم من الخراج النصف أو الثلث أو الثلثین علی قدر ما یکون لهم صالحا و لا یضربهم فإذا أخرج منها ما أخرجه بدأ فأخرج منه العشر من الجمیع مما سقت السماء أو سقی سیحا و نصف العشر مما سقی بالدوالی و النواضح إلی أن قال فیؤخذ ما بقی بعد العشر فیقسم بین الوالی و بین شرکائه الذین هم عمال الأرض و أکرتها فیدفع إلیهم أنصباؤهم و هم علی قدر ما صالحهم علیه و یؤخذ الباقی فیکون ذلک أرزاق أعوانهم علی دین الله و فی مصلحة ما ینوبه من تقویة الإسلام و تقویة الدین فی وجوه الجهاد و غیر ذلک مما فیه مصلحة العامة لیس لنفسه من ذلک قلیل و لا کثیر الخبر. و فی صحیحة الحلبی قال: سئل أبو عبد الله ع عن السواد ما منزلته قال هو لجمیع المسلمین لمن هو الیوم و لمن یدخل فی الإسلام بعد الیوم و لمن لم یخلق بعد فقلنا نشتریه من الدهاقین قال لا یصلح إلا أن تشتریها منهم علی أن تصیرها للمسلمین فإن شاء ولی الأمر أن یأخذها أخذها قلت فإن أخذها منه قال یرد علیه رأس ماله و له ما أکل من غلتها بما عمل و روایة ابن شریح قال:

سألت أبا عبد الله ع عن شراء الأرض من أرض الخراج فکرهه و قال إنما أرض الخراج للمسلمین فقالوا له فإنه یشتریها الرجل و علیه خراجها فقال لا بأس إلا أن یستحیی من عیب ذلک و روایة إسماعیل بن الفضل الهاشمی ففیها: و سألته عن رجل اشتری أرضا من أراضی الخراج فبنی بها أو لم یبن غیر أن أناسا من أهل الذمة نزلوها أ له أن یأخذ منهم أجور البیوت إذا أدوا جزیة رءوسهم قال یشارطهم فما أخذ بعد الشرط فهو حلال و فی خبر أبی الربیع قال: لا تشتر من أرض السواد شیئا إلا من کانت له ذمة فإنما هی فی ء للمسلمین إلی غیر ذلک و ظاهره کما تری عدم جواز بیعها حتی تبعا للآثار المملوکة فیها علی أن تکون جزء من المبیع فیدخل فی ملک المشتری. نعم یکون للمشتری علی وجه کان للبائع أعنی مجرد الأولویة و عدم جواز مزاحمته إذا کان التصرف و إحداث تلک الآثار بإذن الإمام أو بإجازته و لو لعموم الشیعة کما إذا کان التصرف بتقبیل السلطان الجائر أو بإذن الحاکم الشرعی بناء علی عموم ولایته لأمور المسلمین و نیابته عن الإمام ع و لکن ظاهر عبارة المبسوط إطلاق المنع عن التصرف فیها قال لا یجوز التصرف فیها ببیع و لا شراء و لا هبة و لا معاوضة و لا یصح أن تبنی فیها دور أو منازل و مساجد و سقایات و لا غیر ذلک من أنواع التصرف الذی یتبع الملک و متی فعل شیئا من ذلک کان التصرف باطلا و هو علی حکم الأصل و یمکن حمل کلامه علی صورة عدم الإذن من الإمام ع حال حضوره و یحتمل إرادة التصرف بالبناء علی وجه الحیازة و التملک و قال فی الدروس لا یجوز التصرف فی المفتوحة عنوة إلا بإذن الإمام سواء کان بالبیع أم بالوقف أم بغیرهما. نعم فی حال الغیبة ینفذ ذلک و أطلق فی المبسوط أن التصرف فیها لا ینفذ و قال ابن إدریس إنما نبیع و نوقف تحجیرنا و بناءنا و تصرفنا لا نفس الأرض انتهی. و قد ینسب إلی الدروس التفصیل بین زمانی الغیبة و الحضور فیجوز التصرف فی الأول و لو بالبیع و الوقف لا فی الثانی إلا بإذن الإمام و کذا إلی جامع المقاصد و فی النسبة نظر بل الظاهر موافقتهما لفتوی جماعة من جواز التصرف فیه فی زمان الغیبة بإحداث الآثار و جواز نقل الأرض تبعا للآثار فیفعل ذلک بالأرض تبعا للآثار و المعنی أنها مملوکة ما دامت الآثار موجودة. قال فی المسالک فی شرح قول المحقق و لا یجوز بیعها و لا هبتها و لا وقفها إلی آخرها إن المراد أنه لا یصح ذلک فی رقبة الأرض مستقلة أما لو فعل ذلک بها تبعا لآثار التصرف من بناء و غرس و زرع و نحوها فجائز علی الأقوی قال فإذا باعها بائع مع شی ء من هذه الآثار دخلت فی المبیع علی سبیل التبع و کذا الوقف و غیره و یستمر کذلک ما دام شی ء من الآثار باقیا فإذا ذهبت أجمع انقطع حق المشتری و الموقوف علیه و غیرهما عنها هکذا ذکره جمع من المتأخرین و علیه العمل انتهی. نعم ربما یظهر من عبارة الشیخ فی التهذیب جواز البیع و الشراء فی نفس الرقبة حیث قال إن قال قائل إن ما ذکرتموه إنما دل علی إباحة التصرف فی هذه الأرضین و لا یدل صحة تملکها بالشراء و البیع و مع عدم صحته لا یصح ما یتفرع علیهما. قلنا إنا قد قسمنا الأرضین ثلاثة أقسام أرض أسلم علیها أهلها فهی ملک لهم یتصرفون فیها و أرض تؤخذ عنوة أو یصالح أهلها علیها فقد أبحنا شراءها و بیعها لأن لنا فی ذلک قسما لأنها أراضی المسلمین و هذا القسم أیضا یصح الشراء و البیع فیه علی هذا الوجه. و أما الأنفال و ما یجری مجراها فلا یصح تملکها بالشراء و إنما أبیح لنا التصرف فیها حسب ثم استدل علی أراضی الخراج بروایة أبی برده السابقة الدالة علی جواز بیع آثار التصرف دون رقبة

المکاسب، ج 2، ص 163

الأرض و دلیله قرینة علی توجیه کلامه و کیف کان فما ذکروه من حصول الملک تبعا للآثار مما لا دلیل علیه إن أرادوا الانتقال. نعم المتیقن هو ثبوت حق الاختصاص للمتصرف ما دام شی ء من الآثار موجودا فالذی ینبغی أن یصرف الکلام إلیه هو بیان الوجه الذی یجوز التصرف معه حتی یثبت حق الاختصاص فنقول أما فی زمان الحضور و التمکن من الاستئذان فلا ینبغی الإشکال فی توقف التصرف علی إذن الإمام لأنه ولی المسلمین فله نقلها عینا و منفعة. و من الظاهر أن کلام الشیخ المطلق فی المنع عن التصرف محمول علی صورة عدم إذن الإمام ع مع حضوره. و أما فی زمان الغیبة ففی عدم جواز التصرف إلا فیما أعطاه السلطان الذی حل قبول الخراج و المقاسمة منه أو جوازه مطلقا نظرا إلی عموم ما دل علی تحلیل مطلق الأرض للشیعة لا خصوص الموات التی هی مال الإمام ع و ربما یؤیده جواز قبول الخراج الذی هو کأجرة الأرض فیجوز التصرف فی عینها مجانا أو عدم جوازه إلا بإذن الحاکم الذی هو نائب الإمام أو التفصیل بین من یستحق أجرة هذه الأرض فیجوز له التصرف فیها لما یظهر من قوله ع للمخاطب فی بعض أخبار حل الخراج و أن لک نصیبا فی بیت المال و بین غیره الذی یجب علیه حق الأرض و لذا أفتی غیر واحد علی ما حکی بأنه لا یجوز حبس الخراج و سرقته عن السلطان الجائر و الامتناع عنه. و استثنی بعضهم ما إذا دفعه إلی نائب الإمام ع أو بین ما عرض له الموت من الأرض المحیاة حال الفتح و بین الباقیة علی عمارتها من حین الفتح فیجوز إحیاء الأول لعموم أدلة الإحیاء و خصوص روایة سلیمان بن خالد و نحوها وجوه أوفقها بالقواعد الاحتمال الثالث ثم الرابع ثم الخامس. و مما ذکرنا یعلم حال ما ینفصل من المفتوح عنوة کأوراق الأشجار و أثمارها و أخشاب الأبنیة و السقوف الواقعة و الطین المأخوذ من سطح الأرض و الجص و الحجارة و نحو ذلک فإن مقتضی القاعدة کون ما یحدث بعد الفتح- من الأمور المنقولة ملکا للمسلمین و لذا صرح جماعة کالعلامة و الشهید و المحقق الثانی و غیرهم علی ما حکی عنهم بتقیید جواز رهن أبنیة الأرض المفتوحة عنوة بما إذا لم تکن الآلات من تراب الأرض. نعم الموجودة فیها حال الفتح للمقاتلین لأنها مما ینقل و حینئذ مقتضی القاعدة عدم صحة أخذها إلا من السلطان الجائر أو من حاکم الشرع مع إمکان أن یقال لا مدخل لسلطان الجور لأن القدر المأذون فی تناوله منه منفعة الأرض لا أجزاؤها إلا أن یکون الأخذ علی وجه الانتفاع لا التملک فیجوز و یحتمل کون ذلک بحکم المباحات لعموم من سبق إلی ما لم یسبق إلیه مسلم فهو أحق به و یؤیده بل یدل علیه استمرار السیرة خلفا عن سلف علی بیع الأمور المعمولة من تربة أرض العراق من الآجر و الکوز و الأوانی و ما یعمل من التربة الحسینیة و یقوی هذا الاحتمال بعد انفصال هذه الأجزاء من الأرض

[مسألة من شروط العوضین کونه طلقا]
اشارة

و اعلم أنه ذکر الفاضلان و جمع ممن تأخر عنهما فی شروط العوضین بعد الملکیة کونه طلقا- . و فرعوا علیه عدم جواز بیع الوقف إلا فیما استثنی و لا الرهن إلا بإذن المرتهن أو إجازته و لا أم الولد إلا فی المواضع المستثناة. و المراد بالطلق تمام السلطنة علی الملک بحیث یکون للمالک أن یفعل بملکه ما شاء و یکون مطلق العنان فی ذلک لکن هذا المعنی فی الحقیقة راجع إلی کون الملک مما یستقل المالک بنقله و بکون نقله ماضیا فیه لعدم تعلق حق به مانع عن نقله بدون إذن ذی الحق لمرجعه إلی أن من شرط البیع أن یکون متعلقة مما یصح للمالک بیعه مستقلا و هذا لا محصل له فالظاهر أن هذا العنوان لیس فی نفسه شرطا لیتفرع علیه عدم جواز بیع الوقف و المرهون و أم الولد بل الشرط فی الحقیقة انتفاء کل من تلک الحقوق الخاصة و غیرهما مما ثبت منعه عن تصرف المالک کالنذر و الخیار و نحوهما و هذا العنوان منتزع من انتفاء تلک الحقوق. فمعنی الطلق أن یکون المالک مطلق العنان فی نقله غیر محبوس علیه لأحد الحقوق التی ثبت منها للمالک عن التصرف فی ملکه فالتعبیر بهذا المفهوم المنتزع تمهید لذکر الحقوق المانعة عن التصرف لا تأسیس لشرط لیکون ما بعده فروعا بل الأمر فی الفرعیة و الأصالة بالعکس ثم إن أکثر من تعرض لهذا الشرط- لم یذکر من الحقوق إلا الثلاثة المذکورة ثم عنونوا حق الجانی و اختلفوا فی حکم بیعه و الظاهر أن الحقوق المانعة أکثر من هذه الثلاثة أو الأربعة و قد أنهاها بعض من عاصرناه إلی أزید من عشرین فذکر بعد الأربعة المذکورة فی عبارة الأکثر النذر المتعلق بالعین قبل البیع و الخیار المتعلق به و الارتداد و الحلف علی عدم بیعها و تعیین الهدی للذبح و اشتراط عتق العبد فی عقد لازم و الکتابة المشروطة أو المطلقة بالنسبة إلی ما لم یتحرر منه حیث إن المولی ممنوع عن التصرف بإخراجه عن ملکه قبل الأداء و التدبیر المعلق علی موت غیر المولی بناء علی جواز ذلک فإذا مات المولی و لم یمت من علق علیه العتق کان مملوکا للورثة ممنوعا من التصرف فیه و تعلق حق الموصی له بالموصی به بعد موت الموصی و قبل قبوله بناء علی منع الوارث من التصرف فیه قبله و تعلق حق الشفعة بالمال فإنه مانع من لزوم التصرفات الواقعة من المالک فللشفیع بعد الأخذ بالشفعة إبطالها و تغذیة الولد المملوک بنطفة سیده فیما إذا اشتری أمة حبلی فوطئها فأتت بالولد بناء علی عدم جواز بیعها و کونه مملوکا ولد من حر شریک فی أمة حال الوطء فإنه مملوک له لکن لیس له التصرف فیه إلا بتقویمه و أخذ قیمته و تعارض السبب المملک و المزیل للملک کما لو قهر حربی أباه و الغنیمة قبل القسمة بناء علی حصول الملک بمجرد الاستیلاء دون القسمة لاستحالة بقاء الملک بلا مالک و غیر ذلک مما سیقف علیه المتتبع لکنا نقتصر علی ما اقتصر علیه الأصحاب من ذکر الوقف ثم أم الولد ثم الرهن ثم الجنایة إن شاء الله.

مسألة لا یجوز بیع الوقف إجماعا محققا فی الجملة و محکیا
اشارة

و لعموم قوله ع: الوقوف تکون علی حسب ما یوقفها أهلها إن شاء الله. و روایة أبی علی بن راشد قال: سألت أبا الحسن ع قلت جعلت فداک اشتریت أرضا إلی جنب ضیعتی بألفی درهم فلما وفیت المال خبرت أن الأرض وقف فقال لا یجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فی مالک و ادفعها إلی من أوقفت علیه قلت لا أعرف لها ربا قال تصدق بغلتها. و ما ورد من حکایة وقف أمیر المؤمنین ع و غیره من الأئمة ص مثل ما عن ربعی بن عبد الله

المکاسب، ج 2، ص 164

عن أبی عبد الله ع فی صورة وقف أمیر المؤمنین ع: بسم الله الرحمن الرحیم هذا ما تصدق به علی بن أبی طالب و هو حی سوی تصدق بداره التی فی بنی زریق صدقة لا تباع و لا توهب حتی یرثها الله الذی یرث السماوات و الأرض و أسکن هذه صدقة خالاته ما عشن و عاش عقبهن فإذا انقرضوا فهی لذی الحاجة من المسلمین. فإن الظاهر من الوصف کونه صفة لنوع الصدقة لا لشخصها و یبعد کونه شرطا خارجا عن النوع مأخوذا فی الشخص مع أن سیاق الاشتراط یقتضی تأخره عن رکن العقد أعنی الموقوف علیهم خصوصا مع کونه شرطا علیهم مع أنه لو جاز البیع فی بعض الأحیان کان اشتراط عدمه علی الإطلاق فاسدا بل مفسدا لمخالفته للمشروع من جواز بیعه فی بعض الموارد کدفع الفساد بین الموقوف علیهم أو رفعه أو طرو الحاجة أو صیرورته مما لا ینتفع به أصلا إلا أن یقال إن هذا الإطلاق نظیر الإطلاق المتقدم- فی روایة ابن راشد فی انصرافه إلی البیع لا لعذر مع أن هذا التقیید مما لا بد منه علی تقدیر کون الصفة فصلا للنوع أو شرطا خارجیا مع احتمال علم الإمام بعدم طرو هذه الأمور المبیحة و حینئذ یصح أن یستغنی بذلک عن التقیید علی تقدیر کون الصفة شرطا بخلاف ما لو جعل وصفا داخلا فی النوع فإن العلم بعدم طرو مسوغات البیع فی الشخص لا یغنی عن تقیید إطلاق الوصف فی النوع کما لا یخفی. فظهر أن التمسک بإطلاق المنع عن البیع علی کون الوصف داخلا فی أصل الوقف کما صدر عن بعض من عاصرناه لا یخلو عن نظر و إن کان الإنصاف ما ذکرناه من ظهور سیاق الأوصاف فی کونها أوصافا للنوع.

و مما ذکرنا ظهر أن المانع عن بیع الوقف أمور ثلاثة

حق الواقف حیث جعلها بمقتضی صیغة الوقف صدقة جاریة ینتفع بها و حق البطون المتأخرة عن بطن البائع و التعبد الشرعی المکشوف عنه بالروایات فإن الوقف متعلق لحق الله حیث یعتبر فیه التقرب و یکون لله تعالی عمله و علیه عوضه و قد یرتفع بعض هذه الموانع فیبقی الباقی و قد یرتفع کلها و سیجی ء التفصیل

[هل الوقف یبطل بنفس البیع أو بجوازه

ثم إن جواز البیع لا ینافی بقاء الوقف إلی أن یباع فالوقف یبطل بنفس البیع لا بجوازه- فمعنی جواز بیع العین الموقوفة جواز إبطال وقفها إلی بدل أو لا إلیه فإن مدلول صیغة الوقف و إن أخذ فیه الدوام و المنع عن المعاوضة علیه إلا أنه قد یعرض ما یجوز مخالفة هذا الإنشاء کما أن مقتضی العقد الجائز کالهبة تملیک المتهب المقتضی لتسلطه المنافی لجواز انتزاعه من یده و مع ذلک یجوز مخالفته و قطع سلطنته عنه فتأمل إلا أنه ذکر بعض فی هذا المقام أن الذی یقوی فی النظر بعد إمعانه أن الوقف ما دام وقفا لا یجوز بیعه بل لعل جواز بیعه مع کونه وقفا من التضاد. نعم إذا بطل الوقف اتجه حینئذ جواز بیعه. ثم ذکر بعض مبطلات الوقف المسوغة لبیعه و قد سبقه إلی ذلک بعض الأساطین فی شرحه علی القواعد حیث استدل علی المنع عن بیع الوقف بعد النص و الإجماع بل الضرورة بأن البیع و أضرابه ینافی حقیقة الوقف لأخذ الدوام فیه و أن نفی المعاوضات مأخوذ فیه ابتداء و فیه أنه إن أرید من بطلانه انتفاء بعض آثاره و هو جواز البیع المسبب عن سقوط حق الموقوف علیهم عن شخص العین أو عنها و عن بدلها حیث قلنا بکون الثمن للبطن الذی یبیع فهذا لا محصل له فضلا عن أن یحتاج إلی نظر فضلا عن إمعانه و إن أرید به انتفاء أصل الوقف کما هو ظاهر کلامه حیث جعل المنع من المبیع من مقومات مفهوم الوقف ففیه مع کونه خلاف الإجماع إذ لم یقل أحد ممن أجاز بیع الوقف فی بعض الموارد ببطلان الوقف و خروج الموقوف عن ملک الموقوف علیه إلی ملک الواقف إن المنع عن البیع لیس مأخوذا فی مفهومه بل هو فی غیر المساجد و شبهها قسم من التملیک و لذا یطلق علیه الصدقة و یجوز إیجابه بلفظ تصدقت إلا أن المالک له بطون متلاحقة فإذا جاز بیعه مع الإبدال- کان البائع ولیا عن جمیع الملاک فی إبدال مالهم بمال آخر و إذا جاز لا معه کما إذا بیع لضرورة البطن الموجود علی القول بجوازه فقد جعل الشارع لهم حق إبطال الوقف ببیعه لأنفسهم فإذا لم یبیعوه لم یبطل و لذا لو فرض اندفاع الضرورة بعد الحکم بجواز البیع أو لم یتفق البیع کان الوقف علی حاله و لذا صرح فی جامع المقاصد بعدم جواز رهن الوقف و إن بلغ حدا یجوز بیعه معللا باحتمال طرو الیسار للموقوف علیهم عند إرادة بیعه فی دین المرتهن.

إذا عرفت أن مقتضی العمومات فی الوقف عدم جواز البیع فاعلم

أن لأصحابنا فی الخروج عن عموم المنع فی الجملة أقوالا
أحدها عدم الخروج عنه أصلا

و هو الظاهر من کلام الحلی حیث قال فی السرائر بعد نقل کلام المفید قدس سره و الذی یقتضیه مذهبنا أنه بعد وقفه و قبضه لا یجوز الرجوع فیه و لا تغیره عن وجوهه و سبله و لا بیعه سواء کان بیعه أعود علیهم أم لا و سواء خرب الوقف و لا یوجد من یراعیه بعمارة من سلطان و غیره أو یحصل بحیث لا یجدی نفعا أم لا قال الشهید رحمه الله بعد نقل أقوال المجوزین و ابن إدریس سد الباب و هو نادر مع قوته و قد ادعی فی السرائر عدم الخلاف فی المؤبد قال إن الخلاف الذی حکیناه بین أصحابنا إنما هو إذا کان الوقف علی قوم مخصوصین و لیس فیه شرط یقتضی رجوعه إلی غیرهم و أما إذا کان الوقف علی قوم و من بعدهم علی غیرهم و کان الواقف قد اشترط رجوعه إلی غیره إلی أن یرث الله الأرض لم یجز بیعه علی وجه بغیر خلاف بین أصحابنا انتهی. و فیه نظر یظهر مما سیأتی من ظهور أقوال کثیر من المجوزین فی المؤبد و حکی المنع مطلقا عن الإسکافی و فخر الإسلام أیضا إلا فی الآلات الموقوفة و أجزائها التی انحصر طریق الانتفاع بها فی البیع. قال الإسکافی فی ما حکی عنه فی المختلف إن الموقوف رقیقا أو غیره لو بلغ حاله إلی زوال ما سبله من منفعته فلا بأس ببیعه و إبدال مکانه بثمنه إن أمکن أو صرفه فیما کان یصرف إلیه منفعته أو رد ثمنه علی منافع ما بقی من أصل ما حبس معه إذا کان فی ذلک صلاح انتهی. و قال فخر الدین فی الإیضاح فی شرح قول والده قدس سرهما و لو خلق حصیر المسجد و خرج عن الانتفاع

المکاسب، ج 2، ص 165

به أو انکسر الجذع بحیث لا ینتفع به فی غیر الإحراق فالأقرب جواز بیعه قال بعد احتمال المنع بعموم النص فی المنع و الأصح عندی جواز بیعه و صرف ثمنه فی المماثل إن أمکن و إلا ففی غیره انتهی. و نسبة المنع إلیهما علی الإطلاق لا بد أن یبنی علی خروج مثل هذا عن محل الخلاف و سیظهر هذا من عبارة الحلبی فی الکافی أیضا فلاحظ.

الثانی الخروج عن عموم المنع فی المنقطع فی الجملة خاصة دون المؤبد

و هو المحکی عن القاضی حیث قال فی محکی المهذب إذا کان الشی ء وقفا علی قوم و من بعدهم علی غیرهم و کان الواقف قد اشترط رجوعه إلی غیر ذلک إلی أن یرث الله تعالی الأرض و من علیها لم یجز بیعه علی وجه من الوجوه فإن کان وقفا علی قوم مخصوصین و لیس فیه شرط یقتضی رجوعه إلی غیرهم حسب ما قدمناه و حصل الخوف من هلاکه أو فساده أو کانت بأربابه حاجة ضروریة یکون بیعه أصلح لهم من بقائه علیهم أو یخاف من وقوع خلف بینهم یؤدی إلی فساده فإنه حینئذ یجوز بیعه و صرف ثمنه فی مصالحهم علی حسب استحقاقهم فإن لم یحصل شی ء من ذلک لم یجز بیعه علی وجه من الوجوه و لا یجوز هبة الوقف و لا الصدقة به أیضا. و حکی عن المختلف و جماعة نسبه التفصیل إلی الحلبی لکن العبارة المحکیة عن کافیة لا تساعده بل ربما استظهر منه المنع علی الإطلاق فراجع. و حکی التفصیل المذکور عن الصدوق. و المحکی عن الفقیه أنه قال بعد روایة علی بن مهزیار الآتیة إن هذا وقف کان علیهم دون من بعدهم و لو کان علیهم و علی أولادهم ما تناسلوا و من بعد علی فقراء المسلمین إلی أن یرث الله تعالی الأرض و من علیها لم یجز بیعه أبدا ثم إن جواز بیع ما عدا الطبقة الأخیرة فی المنقطع لا یظهر من کلام الصدوق و القاضی کما لا یخفی ثم إن هؤلاء إن کانوا ممن یقولون برجوع الوقف المنقطع إلی ورثة الموقوف علیه فللقول بجواز بیعه وجه أما إذا کان فیهم من یقول برجوعه بعد انقراض الموقوف علیه إلی الواقف أو ورثته فلا وجه للحکم بجواز بیعه و صرف الموقوف علیهم ثمنه فی مصالحهم و قد حکی القول بهذین عن القاضی إلا أن یوجه بأنه لا یقول ببقائه علی ملک الواقف حتی یکون حبسا بل هو وقف حقیقی و تملیک للموقوف علیهم مدة وجودهم و حینئذ فبیعهم له مع تعلق حق الواقف نظیر بیع البطن الأول مع تعلق حق سائر البطون فی الوقف المؤبد لکن هذا الوجه لا یدفع الإشکال عن الحلبی المحکی عنه القول المتقدم حیث إنه یقول [إن المحکی عنه بقاء الوقف مطلقا علی ملک الواقف [و جواز بیع الوقف حینئذ مع عدم مزاحمة حق الموقوف علیه مما لا إشکال فیه .

الثالث الخروج عن عموم المنع و الحکم بالجواز فی المؤبد فی الجملة
اشارة

و أما المنقطع فلم ینصوا علیه و إن ظهر عن بعضهم التعمیم و من بعضهم التخصیص بناء علی قوله برجوع المنقطع إلی ورثة الواقف کالشیخ و سلار قدس سرهما و من حکم برجوعه بعد انقراض الموقوف علیه إلی وجوه البر کالسید أبی المکارم بن زهرة فلازمه جعله کالمؤبد و کیف کان

فالمناسب أولا نقل عبائر هؤلاء
[کلام الشیخ المفید]

فنقول قال المفید فی المقنعة الوقوف فی الأصل صدقات لا یجوز الرجوع فیها إلا أن یحدث الموقوف علیهم ما یمنع الشرع من معونتهم و التقرب إلی الله بصلتهم أو یکون تغییر الشرط فی الموقوف أعود علیهم و أنفع لهم من ترکه علی حاله و إذا أخرج الواقف الوقف عن یده إلی من وقف علیه لم یجز له الرجوع فی شی ء منه و لا تغییر شرائطه و لا نقله عن وجوهه و سبله. و فی اشتراط الواقف فی الوقف أنه متی احتاج إلیه فی حیاته لفقر کان له بیعه و صرف ثمنه فی مصالحه جاز له فعل ذلک و لیس لأرباب الوقف بعد وفاة الواقف أن یتصرفوا فیه ببیع و لا هبة و لا أن یغیروا شیئا من شروطه إلا أن یخرب الوقف و لا یوجد من یراعیه بعمارة من سلطان أو غیره أو یحصل بحیث لا یجدی نفعا فلهم حینئذ بیعه و الانتفاع بثمنه و کذلک إن حصلت لهم ضرورة إلی ثمنه کان لهم حله و لا یجوز ذلک مع عدم ما ذکرناه من الأسباب و الضرورات انتهی کلامه. و قد استفاد من هذا الکلام فی غایة المراد جواز بیع الوقف فی خمسة مواضع و ضم صورة جواز الرجوع و جواز تغییر الشرط إلی المواضع الثلاثة المذکورة بعد وصول الموقوف إلی الموقوف علیهم و وفاة الواقف فلاحظ و تأمل. ثم إن العلامة ذکر فی التحریر أن قول المفید بأنه لا یجوز الرجوع فی الوقف إلا أن یحدث إلی قوله أنفع لهم من ترکه علی حاله متأول و لعله من شدة مخالفته للقواعد لم یرتض بظاهره للمفید.

[کلام السید المرتضی

و قال فی الانتصار علی ما حکی عنه و مما انفردت الإمامیة به القول بأن الوقف متی حصل له الخراب بحیث لا یجدی نفعا جاز لمن هو وقف علیه بیعه و الانتفاع بثمنه و أن أرباب الوقف متی دعتهم ضرورة شدیدة إلی ثمنه جاز لهم بیعه و لا یجوز لهم ذلک مع فقد الضرورة ثم احتج باتفاق الإمامیة ثم ذکر خلاف ابن الجنید و رده بکونه مسبوقا ملحقا بالإجماع و أنه إنما عول فی ذلک علی ظنون له و حسان و أخبار شاذة لا یلتفت إلی مثلها انتهی ثم قال و أما إذا صار الوقف بحیث لا یجدی نفعا أو دعت أربابه الضرورة إلی ثمنه لشدة فقرهم فالأحوط ما ذکرناه من جواز بیعه لأنه إنما جعل لمنافعهم فإذا بطلت منافعهم منه فقد انتقض الغرض عنه و لو لم تبق منفعته فیه إلا من الوجه الذی ذکرناه انتهی.

[کلام الشیخ الطوسی فی المبسوط]

و قال فی المبسوط و إنما یملک الموقوف علیه بیعه علی وجه عندنا و هو أنه إذا خیف علی الوقف الخراب أو کان بأربابه حاجة شدیدة و لا یقدرون علی القیام فحینئذ یجوز لهم بیعه و مع عدم ذلک لا یجوز بیعه انتهی ثم احتج علی ذلک بالأخبار.

[کلام سلار قدس سره

و قال سلار فیما حکی عنه و لا یخلو الحال فی الوقف و الموقوف علیهم من أن یبقی و یبقوا علی الحال التی وقف فیها أو تغیر الحال فإن لم یتغیر الحال فلا یجوز بیع الموقوف علیهم الوقف و لا هبته و لا تغیر شی ء من أحواله و إن تغیر الحال فی الوقف حتی لا ینتفع به علی أی وجه کان أو لحقت الموقوف علیهم حاجة شدیدة جاز بیعه و صرف ثمنه فیما هو أنفع لهم انتهی.

[کلام ابن زهرة قدس سره

و قال فی الغنیة علی ما حکی عنه و یجوز عندنا بیع الوقف للموقوف علیه إذا صار بحیث لا یجدی نفعا و خیف خرابه أو کانت بأربابه حاجة شدیدة دعتهم الضرورة إلی بیعه بدلیل إجماع الطائفة و لأن غرض الواقف انتفاع الموقوف علیه فإذا لم تبق له منفعة إلا علی الوجه الذی ذکرنا

المکاسب، ج 2، ص 166

جاز انتهی.

[کلام ابن حمزة قدس سره

و قال فی الوسیلة و لا یجوز بیعه یعنی الوقف إلا بأحد شرطین الخوف من خرابه أو حاجة بالموقوف علیه شدیدة لا یمکنه معها القیام به انتهی.

[کلام الراوندی قدس سره

و قال الراوندی فی فقه القرآن علی ما حکی عنه و إنما یملک بیعه علی وجه عندنا و هو إذا خیف علی الوقف الخراب أو کانت بأربابه حاجة شدیدة

[کلمات ابن سعید فی الجامع و النزهة]

و قال فی الجامع علی ما حکی عنه فإن خیف خرابه أو کان بهم حاجة شدیدة أو خیف وقوع فتنة لهم تستباح بها الأنفس جاز بیعه انتهی و عن النزهة لا یجوز بیع الوقف إلا أن یخاف هلاکه أو تؤدی المنازعة فیه بین أربابه إلی ضرر عظیم أو یکون فیهم حاجة عظیمة شدیدة و یکون بیع الوقف أصلح لهم انتهی

[کلام المحقق قدس سره

و قال فی الشرائع و لا یصح بیع الوقف ما لم یؤد بقاؤه إلی خرابه لخلف بین أربابه و یکون البیع أعود و قال فی کتاب الوقف و لو وقع بین الموقوف علیهم خلف بحیث یخشی خرابه جاز بیعه و لو لم یقع خلف و لا خشی خرابه بل کان البیع أنفع لهم قیل یجوز بیعه و الوجه المنع انتهی. و مثل عبارة الشرائع فی کتاب البیع و الوقف عبارة القواعد فی الکتابین.

[کلام العلامة فی التحریر و الإرشاد و التذکرة]

و قال فی التحریر لا یجوز بیع الوقف بحال و لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف و لم یجز بیعها و لو وقع خلف بین أرباب الوقف بحیث یخشی خرابه جاز بیعه علی ما رواه أصحابنا ثم ذکر کلام ابن إدریس و فتواه علی المنع مطلقا و تنزیله قول بعض الأصحاب بالجواز علی المنقطع و نفیه الخلاف علی المنع فی المؤبد ثم قال و لو قیل بجواز البیع إذا ذهبت منافعه بالکلیة کدار انهدمت و عادت مواتا و لم یتمکن من عمارتها و یشتری بثمنه ما یکون وقفا کان وجها انتهی و قال فی بیع التحریر و لا یجوز بیع الوقف ما دام عامرا و لو أدی بقاؤه إلی خرابه جاز و کذا یباع لو خشی وقوع فتنة بین أربابه مع بقائه علی الوقف انتهی و عن بیع الإرشاد لا یصح بیع الوقف إلا أن یخرب أو یؤدی إلی الخلف بین أربابه علی رأی و عنه فی باب الوقف لا یصح بیع الوقف إلا أن یقع بین الموقوف علیهم خلف یخشی به الخراب و قال فی التذکرة فی کتاب الوقف علی ما حکی عنه و الوجه أن یقال یجوز بیع الوقف مع خرابه و عدم التمکن من عمارته أو خوف فتنة بین أربابه یحصل باعتبارها فساد انتهی.

[کلمات الشهید قدس سره فی غایة المراد و الدروس و اللمعة]

و قال فی کتاب البیع لا یصح بیع الوقف لنقص الملک فیه إذ القصد منه التأبید نعم لو کان بیعه أعود علیهم لوقوع خلف بین أربابه و خشی تلفه أو ظهور فتنة بسببه جوز أکثر علمائنا بیعه انتهی و قال فی غایة المراد یجوز بیعه فی موضعین خوف الفساد بالاختلاف و إذا کان البیع أعود مع الحاجة و قال فی الدروس لا یجوز بیع الوقف إلا إذا خیف من خرابه أو خلف أربابه المؤدی إلی فساده و قال فی اللمعة لو أدی بقاؤه إلی خرابه لخلف أربابه فالمشهور الجواز انتهی

[کلام الصیمری قدس سره

و قال فی تلخیص الخلاف علی ما حکی عنه إن لأصحابنا فی بیع الوقف أقوالا متعددة أشهرها جوازه إذا وقع بین أربابه خلف و فتنة و خشی خرابه و لا یمکن سد الفتنة بدون بیعه و هو قول الشیخین و اختاره نجم الدین و العلامة انتهی

[کلام الفاضل المقداد قدس سره

و قال فی التنقیح علی ما حکی عنه إذا آل الوقف إلی الخراب لأجل الاختلاف بحیث لا ینتفع به أصلا جاز بیعه. و عن تعلیق الإرشاد یجوز بیعه إذا کان فساد تستباح فیه الأنفس.

[کلام الفاضل القطیفی قدس سره

و عن إیضاح النافع أنه جوز بیعه إذا اختلف أربابه اختلافا یخاف معه القتال و نهب الأموال و لم یندفع إلا بالبیع قال فلو أمکن زواله و لو بحاکم الجور لم یجز و لا اعتبار بخشیة الخراب و عدمه انتهی و مثله الکلام المحکی عن تعلیقه علی الشرائع.

[کلام المحقق الثانی قدس سره

و قال فی جامع المقاصد بعد نسبة ما فی عبارة القواعد إلی موافقة الأکثر إن المعتمد جواز بیعه فی ثلاثة مواضع أحدها إذا خرب و اضمحل بحیث لا ینتفع به کحصر المسجد إذا اندرست و جذعه إذا انکسر. ثانیها إذا حصل خلف بین أربابه یخاف منه تلف الأموال و مستنده صحیحة علی بن مهزیار و یشتری بثمنه فی الموضعین ما یکون وقفا علی وجه یندفع به الخلف تحصیلا لمطلوب الواقف بحسب الإمکان و یتولی ذلک الناظر الخاص إن کان و إلا فالحاکم. ثالثها إذا لحقت بالموقوف علیه حاجة شدیدة و لم یکن ما یکفیهم من غلة و غیرها لروایة جعفر بن حنان عن الصادق ع انتهی کلامه رفع مقامه

[کلام الشهید الثانی قدس سره

و قال فی الروضة و الأقوی فی المسألة ما دلت علیه صحیحة علی بن مهزیار عن أبی جعفر الجواد ع من جواز بیعه إذا وقع بین أربابه خلف شدید و علله ع بأنه ربما جاء فیه تلف الأموال و النفوس و ظاهره أن خوف أدائه إلیهما أو إلی أحدهما لیس بشرط بل هو مظنة لذلک قال و لا یجوز بیعه فی غیر ما ذکرنا و إن احتاج إلیه أرباب الوقف و لم تکفهم غلته أو کان أعود أو غیر ذلک مما قیل لعدم دلیل صالح علیه انتهی. و نحوه ما عن الکفایة

هذه جملة من کلماتهم المرئیة أو المحکیة و الظاهر أن المراد بتأدیة بقاء الوقف إلی خرابه حصول الظن بذلک الموجب لصدق الخوف لا التأدیة علی وجه القطع فیکون عنوان التأدیة فی بعض تلک العبارات متحدا مع عنوان خوفها و خشیتها فی بعضها الآخر و لذلک عبر فقیه واحد تارة بهذا و أخری بذاک کما اتفق للفاضلین و الشهید و نسب بعضهم عنوان الخوف إلی الأکثر کالعلامة فی التذکرة و إلی الأشهر کما عن إیضاح النافع و آخر عنوان التأدیة إلی الأکثر کجامع المقاصد أو إلی المشهور کاللمعة فظهر من ذلک أن جواز البیع بظن تأدیة بقائه إلی خرابه مما تحققت فیه الشهرة بین المجوزین لکن المتیقن من فتوی المشهور ما کان من أجل اختلاف أربابه اللهم إلا أن یستظهر من کلماتهم کالنص کون الاختلاف من باب المقدمة و أن الغایة المجوزة هی مظنة الخراب

إذا عرفت ما ذکرنا

فیقع الکلام تارة فی الوقف المؤبد و أخری فی المنقطع
أما الأول [أی الوقف المؤبد]
اشارة

فالذی ینبغی أن یقال فیه

إن الوقف علی قسمین
أحدهما ما یکون ملکا للموقوف علیهم

فیملکون منفعته فلهم استئجاره و أخذ أجرته ممن انتفع به بغیر حق.

و الثانی ما لا یکون ملکا لأحد بل یکون فک ملک نظیر التحریر

کما فی المساجد و المدارس و الربط بناء علی القول بعدم دخولها فی ملک المسلمین کما هو مذهب جماعة فإن الموقوف علیهم إنما یملکون الانتفاع دون المنفعة فلو سکنه أحد بغیر حق فالظاهر أنه لیس علیه أجرة المثل

[محل الکلام فی القسم الأول

و الظاهر أن محل الکلام فی بیع

المکاسب، ج 2، ص 167

الوقف إنما هو القسم الأول و أما الثانی فالظاهر عدم الخلاف فی عدم جواز بیعه لعدم الملک. و بالجملة فکلامهم هنا فیما کان ملکا غیر طلق لا فیما لم یکن ملکا و حینئذ فلو خرب المسجد و خربت القریة و انقطعت المارة عن الطریق الذی فیه المسجد لم یجز بیعه و صرف ثمنه فی إحداث مسجد آخر أو تعمیره و الظاهر عدم الخلاف فی ذلک کما اعترف به غیر واحد.

[کلام کاشف الغطاء فی الأوقاف العامة مع الیأس عن الانتفاع بها فی الجهة المقصودة]
اشارة

نعم ذکر بعض الأساطین بعد ما ذکر أنه لا یصح بیع الأرض الوقف العام مطلقا لا لعدم التمامیة بل لعدم أصیل الملکیة لرجوعها إلی الله و دخولها فی مشاعره أمکن الانتفاع بها فی الوجه الذی وضعت له أولا و مع الیأس من الانتفاع بالجهة المقصودة تؤجر للزراعة و نحوها مع المحافظة علی الآداب اللازمة لها إن کانت مسجدا مثلا و إحکام السجلات لئلا تغلب الید فتفضی بالملک دون الوقف المؤبد و تصرف فائدتها فیما یماثلها من الأوقاف مقدما للأقرب و الأحوج و الأفضل احتیاطا و مع التعارض فالمدار علی الراجح [فالبواقی علی الترجیح و إن تعذر صرفت إلی غیر المماثل کذلک فإن تعذر صرفت فی مصالح المسلمین [هذا حیث لا تکون الأرض من المفتوحة عنوة و أما ما کانت منها فقد سبق أنها بعد زوال الآثار ترجع إلی ملک المسلمین و أما غیر الأرض من الآلات و الفرش و الحیوانات و ثیاب الضرائح و نحوها فإن بقیت علی حالها و أمکن الانتفاع بها فی خصوص المحل الذی أعدت له کانت علی حالها و إلا جعلت فی المماثل و إلا ففی غیره و إلا ففی المصالح علی ما نحو ما مر و إن تعذر الانتفاع بها باقیة علی حالها بالوجه المقصود منها أو ما قام مقامه أشبهت فی أمر الوقف الملک بعد إعراض المالک فیقوم فیها احتمال الرجوع إلی حکم الإباحة و العود ملکا للمسلمین تصرف فی مصالحهم و العود إلی المالک الأول و مع الیأس عن معرفته یدخل فی مجهول المالک و یحتمل بقاؤها علی الوقف و تباع احترازا عن التلف و الضرر و لزوم الحرج و یصرف مرتبا علی النحو السابق و لعل هذا هو الأقوی کما صرح به بعضهم انتهی

[المناقشة فیما أفاده کاشف الغطاء]

و فیه أن إجارة الأرض و بیع الآلات- حسن لو ثبت دلیل علی کونها ملکا للمسلمین و لو علی نحو الأرض المفتوحة عنوة لکنه غیر ثابت و المتیقن خروجها عن ملک مالکها أما دخولها فی ملک المسلمین فمنفی بالأصل. نعم یمکن الحکم بإباحة الانتفاع للمسلمین لأصالة الإباحة و لا یتعلق علیهم أجرة

[ما ورد فی بیع ثوب الکعبة و هبته

ثم إنه ربما ینافی ما ذکرنا من عدم جواز بیع القسم الثانی من الوقف ما ورد فی بیع ثوب الکعبة و هبته مثل روایة مروان بن عبد الملک قال: سألت أبا الحسن ع عن رجل اشتری من کسوة الکعبة شیئا فاقتضی ببعضه حاجته و بقی بعضه فی یده هل یصلح له أن یبیع ما أراد قال یبیع ما أراد و یهب ما لم یرد و ینتفع به و یطلب برکنه قلت أ یکفن به المیت قال لا.

[الفرق بین ثوب الکعبة و حصیر المسجد و بین نفس المسجد]

قیل و فی روایة أخری: یجوز استعماله و بیع بقیته و کذلک ما ذکروه فی بیع حصر المسجد إذا خلقت و جذوعه إذا خرجت عن الانتفاع اللهم إلا أن یقال إن ثوب الکعبة و حصر المسجد لیسا من قبیل المسجد بل هما مبذولان للبیت و المسجد فیکون کسائر أموالهما و معلوم أن وقفیة أموال المساجد و الکعبة من قبیل القسم الأول و لیست من قبیل نفس المسجد فهی ملک للمسلمین فللناظر العام التصرف فیه بالبیع. نعم فرق بین ما یکون ملکا طلقا کالحصیر المشتری من مال المسجد فهذا یجوز للناظر بیعه مع المصلحة و لو لم یخرج عن حیز الانتفاع بل کان جدیدا غیر مستعمل و بین ما یکون من الأموال وقفا علی المسجد کالحصیر الذی یشتریه الرجل و یضعه فی المسجد و الثوب الذی یلبس به البیت فمثل هذا یکون ملکا للمسلمین لا یجوز لهم تغییره عن وضعه إلا فی مواضع یسوغ فیها بیع الوقف

[الفرق بین ثوب الکعبة و حصیر المسجد]

ثم الفرق بین ثوب الکعبة و حصیر المسجد أن الحصیر یتصور فیه کونه وقفا علی المسلمین و لکن یضعه فی المسجد لأنه أحد وجوه انتفاعهم کالماء المسبل الموضوع فی المسجد فإذا خرب المسجد أو استغنی عنه جاز الانتفاع به و لو فی مسجد آخر بل یمکن الانتفاع به فی غیره و لو مع حاجته لکن یبقی الکلام فی مورد الشک مثل ما إذا فرش حصیرا فی المسجد أو وضع حب ماء فیه و إن کان الظاهر فی الأول الاختصاص و أوضح من ذلک الترب الموضوعة فیه و فی الثانی العموم فیجوز التوضؤ منه و إن لم یرد الصلاة فی المسجد. و الحاصل أن الحصیر و شبهها الموضوعة فی المساجد و شبهها تتصور فیها أقسام کثیرة یکون الملک فیها للمسلمین و لیست من قبیل نفس المسجد و أضرابه فتعرض الأصحاب لبیعها لا ینافی ما ذکرناه.

[الجذع المنکسر من جذوع المسجد]

نعم ما ذکرناه لا یجری فی الجذع المنکسر من جذوع المسجد التی هی من أجزاء البنیان مع أن المحکی عن العلامة و ولده و الشهیدین و المحقق الثانی جواز بیعه و إن اختلفوا فی تقیید الحکم و إطلاقه کما سیجی ء إلا أن نلتزم بالفرق بین أرض المسجد فإن وقفها و جعلها مسجدا فک ملک بخلاف ما عداها من أجزاء البنیان کالأخشاب و الأحجار فإنها تصیر ملکا للمسلمین فتأمل.

[حکم أرض المسجد مع خروجها عن الانتفاع بها رأسا]

و کیف کان فالحکم فی أرض المسجد مع خروجها عن الانتفاع بها رأسا هو إبقاؤها مع التصرف فی منافعها کما تقدم عن بعض الأساطین أو بدونه- و أما إجزاؤه کجذوع سقفه و آجره من حائطه المنهدم فمع المصلحة فی صرف عینها یجب صرف عینها فیه لأن مقتضی وجوب إبقاء الوقوف و إجرائها علی حسب ما یوقفها أهلها وجوب إبقائها جزء للمسجد لکن لا یجب صرف المال من المکلف لمئونتها بل یصرف من مال المسجد أو بیت المال و إن لم تکن مصلحة فی رده جزء للمسجد فبناء علی ما تقدم من أن الوقف فی المسجد و أضرابه فک ملک لم یجز بیعه لفرض عدم الملک. و حینئذ فإن قلنا بوجوب مراعاة الأقرب إلی مقصود الواقف فالأقرب تعین صرفه فی مصالح ذلک کإحراقه لآجر المسجد و نحو ذلک کما عن الروضة و إلا صرف فی مسجد آخر کما فی الدروس و إلا صرف فی سائر مصالح المسلمین قیل بل لکل أحد حیازته و تملکه و فیه نظر. و قد ألحقت بالمساجد المشاهد و المقابر و الخانات و المدارس و القناطر الموقوفة علی الطریقة المعروفة و الکتب الموقوفة علی المشتغلین و العبد المحبوس فی خدمة الکعبة و نحوها و الأشجار الموقوفة لانتفاع المارة و البواری الموضوعة لصلاة المصلین و غیر ذلک مما قصد بوقفه الانتفاع العام لجمیع الناس أو المسلمین و نحوهم من غیر المحصورین لا لتحصیل المنافع بالإجارة و نحوها و صرفها فی مصارفها کما فی الحمامات و الدکاکین و نحوها لأن جمیع ذلک صارت بالوقف کالمباحات بالأصل اللازم إبقاؤها علی الإباحة کالطرق العامة و الأسواق و هذا کله حسن علی تقدیر کون

المکاسب، ج 2، ص 168

الوقف فیها فک ملک لا تملیکا

[إتلاف الموقوفات العامة]

و لو أتلف شیئا من هذه الموقوفات أو أجزائها متلف. ففی الضمان وجهان- من عموم علی الید فیجب صرف قیمته فی بدله و من أن ما یطلب بقیمته یطلب بمنافعه و المفروض عدم المطالبة بأجرة منافع هذه لو استوفاها ظالم کما لو جعلت المدرسة بیت المسکن أو محرزا. و أن الظاهر من التأدیة فی حدیث الید الإیصال إلی المالک فیختص بأملاک الناس و الأول أحوط و قواه بعض.

إذا عرفت جمیع ما ذکرناه فاعلم

أن الکلام فی جواز بیع الوقف یقع فی صور
الأولی أن یخرب الوقف بحیث لا یمکن الانتفاع به مع بقاء عینه

کالحیوان المذبوح و الجذع البالی و الحصیر الخلق و الأقوی جواز بیعه وفاقا لمن عرفت ممن تقدم نقل کلماتهم لعدم جریان أدلة المنع- أما الإجماع فواضح. و أما قوله ع: لا یجوز شراء الوقف فلانصرافه إلی غیر هذه الحالة. و أما قوله ع: الوقوف تکون علی حسب ما یوقفها أهلها فلا یدل علی المنع هنا لأنه مسوق لبیان وجوب مراعاة الکیفیة المرسومة فی إنشاء الوقف و لیس منها عدم بیعه بل عدم جواز البیع من أحکام الوقف و إن ذکر فی متن العقد للاتفاق علی أنه لا فرق بین ذکره فیه و ترکه و قد تقدم ذلک و یضعف قول من قال ببطلان العقد إذا حکم بجواز بیعه و لو سلم أن المأخوذ فی الوقف إبقاء العین فإنما هو مأخوذ فیه من حیث کون المقصود انتفاع البطون به مع بقاء العین و المفروض تعذره هنا. و الحاصل أن جواز بیعه هنا غیر مناف لما قصده الواقف فی وقفه فهو ملک للبطون یجوز لهم البیع إذا اجتمع إذن البطن الموجود مع أولیاء سائر البطون و هو الحاکم أو المتولی. و الحاصل أن الأمر دائر بین تعطیله حتی یتلف بنفسه و بین انتفاع البطن الموجود به بالإتلاف و بین تبدیله بما یبقی و ینتفع به الکل. و الأول تضییع مناف لحق الله و حق الواقف و حق الموقوف علیه و به یندفع استصحاب المنع مضافا إلی کون المنع السابق فی ضمن وجوب العمل بمقتضی الوقف و هو انتفاع جمیع البطون بعینه و قد ارتفع قطعا فلا یبقی ما کان فی ضمنه. و أما الثانی فمع منافاته لحق سائر البطون یستلزم جواز بیع البطن الأول إذ لا فرق بین إتلافه و نقله و الثالث هو المطلوب. نعم یمکن أن یقال إذا کان الوقف مما لا یبقی بحسب استعداده العادی إلی آخر البطون فلا وجه لمراعاتهم بتبدیله بما یبقی لهم فینتهی ملکه إلی من أدرک آخر أزمنة بقائه فتأمل. و کیف کان فمع فرض ثبوت الحق للبطون اللاحقة فلا وجه لترخیص البطن الموجود فی إتلافه. و مما ذکرنا یظهر أن الثمن علی تقدیر البیع لا یخص به البطن الموجود وفاقا لمن تقدم ممن یظهر منه ذلک کالإسکافی و العلامة و ولده و الشهیدین و المحقق الثانی. و حکی عن التنقیح و المقتصر و مجمع الفائدة لاقتضاء البدلیة ذلک فإن المبیع إذا کان ملکا للموجودین بالفعل و للمعدومین بالقوة کان الثمن کذلک فإن الملکیة اعتبار عرفی أو شرعی یلاحظها المعتبر عند تحقق أسبابها فکما أن الموجود مالک له فعلا ما دام موجودا بتملیک الواقف فکذلک المعدوم مالک له شأنا بمقتضی تملیک الواقف و عدم تعقل الملک للمعدوم إنما هو فی الملک الفعلی لا الشأنی. و دعوی أن الملک الشأنی لیس شیئا محققا موجودا یکذبها إنشاء الواقف له کإنشائه للملک الموجود فلو جاز أن تخرج العین الموقوفة إلی ملک الغیر بعوض لا یدخل فی ملک المعدوم علی نهج دخول المعوض جاز أن تخرج بعوض لا یدخل فی ملک الموجود و إلیه أشار الشهید قدس سره فی الفرع الآتی حیث قال إنه یعنی الثمن صار مملوکا علی حد الملک الأول إذ یستحیل أن یملک لا علی حدة خلافا لظاهر بعض العبائر المتقدمة- . و اختاره المحقق فی الشرائع فی دیة العبد الموقوف المقتول و لعل وجهه أن الوقف ملک للبطن الموجود غایة الأمر تعلق حق البطون اللاحقة به فإذا فرض جواز بیعه انتقل الثمن إلی من هو مالک له فعلا و لا یلزم من تعلق الحق بعین المبیع تعلقه بالثمن و لا دلیل علیه و مجرد البدلیة لا یوجب ترتب جمیع اللوازم إذ لا عموم لفظی یقتضی البدلیة و التنزیل بل هو بدل فی الملکیة و ما یتبعها من حیث هو ملک.

و فیه أن النقل إلی المشتری إن کان هو الاختصاص الموقت الثابت للبطن الموجود لزم منه رجوع المبیع بعد انعدام البطن السابق إلی البطن اللاحق فلا یملکه المشتری ملکا مستمرا و إن کان هو مطلق الاختصاص المستقر الذی لا یزول إلا بالناقل فهو لا یکون إلا بثبوت جمیع الاختصاصات الحاصلة للبطون له فالثمن لهم علی نحو المثمن. و مما ذکرنا تعرف أن اشتراک البطون فی الثمن أولی من اشتراکهم فی دیة العبد المقتول حیث إنها بدل شرعی یکون الحکم به متأخرا عن تلف الوقت فجاز عقلا منع سرایة حق البطون اللاحقة إلیه بخلاف الثمن فإنه یملکه من یملکه بنفس خروج الوقف عن ملکهم علی وجه المعاوضة الحقیقة فلا یعقل اختصاص العوض بمن لم یختص بالمعوض و من هنا اتضح أیضا أن هذا أولی بالحکم من بدل الرهن الذی حکموا بکونه رهنا لأن حق الرهنیة متعلق بالعین من حیث إنها ملک لمالکها الأول فجاز أن یرتفع لا إلی بدل بارتفاع ملکیة المالک الأول بخلاف الاختصاص الثابت للبطن المعدوم فإنه لیس قائما بالعین من حیث إنها ملک للبطن الموجود بل اختصاص موقت نظیر اختصاص البطن الموجود منشأ بإنشائه مقارن له بحسب الجعل متأخرا عنه فی الوجود. و قد تبین مما ذکرنا أن الثمن حکمه حکم الوقف فی کونه ملکا لجمیع البطون علی ترتیبهم فإن کان مما یمکن أن یبقی و ینتفع به البطون علی نحو المبدل و کانت مصلحة البطون فی بقائه أبقی و إلا أبدل مکانه ما هو أصلح و من هنا ظهر عدم الحاجة إلی صیغة الوقف فی البدل بل نفس البدلیة تقتضی کونه کالمبدل و لذا علله الشهید رحمه الله فی غایة المراد بقوله لأنه صار مملوکا علی حد الملک الأول إذ یستحیل أن یملک لا علی حدة ثم إن هذه العین حیث صارت ملکا للبطون فلهم أو لولیهم أن ینظر فیها و یتصرف فیها بحسب مصلحة جمیع البطون و لو بالإبدال بعین أخری أصلح لهم بل قد یجب إذا کان ترکه یعد تضییعا للحقوق و لیس مثل الأصل ممنوعا عن بیعه إلا لعذر لأن ذلک کان حکما من أحکام الوقف الابتدائی و بدل الوقف إنما هو بدل له فی کونه ملکا للبطون فلا یترتب علیه جمیع أحکام الوقف الابتدائی. و مما ذکرنا أیضا یظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف کما هو ظاهر التذکرة و الإرشاد و جامع المقاصد و التنقیح و المقتصر و مجمع الفائدة بل قد لا یجوز إذا کان غیره أصلح لأن الثمن إذا صار ملکا للموقوف علیهم الموجودین و المعدومین

المکاسب، ج 2، ص 169

فاللازم ملاحظة مصلحتهم خلافا للعلامة و ولده و الشهید و جماعة فأوجبوا المماثلة مع الإمکان لکون المثل أقرب إلی مقصود الواقف. و فیه مع عدم انضباط غرض الواقف إذ قد یتعلق غرضه بکون الموقوف عینا خاصة و قد یتعلق بکون منفعة الوقف مقدارا معینا من دون تعلق غرض بالعین و قد یکون الغرض خصوص الانتفاع بثمرته کما لو وقف بستانا لینتفعوا بثمرته فبیع فدار الأمر بین أن یشتری بثمنه بستانا فی موضع لا یصل إلیهم إلا قیمة الثمرة و بین أن یشتری ملکا آخر یصل إلیهم أجرة منفعته فإن الأول و إن کان مماثلا إلا أنه لیس أقرب إلی غرض الواقف أنه لا دلیل علی وجوب ملاحظة الأقرب إلی مقصوده إنما اللازم ملاحظة مدلول کلامه فی إنشاء الوقف لتجری الوقوف علی حسب ما یوقفها أهلها فالحاصل أن الوقف ما دام موجودا بشخصه لا یلاحظ فیه إلا مدلول کلام الواقف و إذا بیع و انتقل الثمن إلی الموقوف علیهم لم یلاحظ فیه إلا مصلحتهم هذا. قال العلامة فی محکی التذکرة کل مورد جوزنا بیع الوقف فإنه یباع و یصرف الثمن إلی جهة الوقف فإن أمکن شراء مثل تلک العین مما ینتفع به کان أولی و إلا جاز شراء کل ما یصح وقفه و إلا صرف الثمن إلی الموقوف علیه یعمل فیه ما شاء لأن فیه جمعا بین التوصل إلی غرض الواقف من نفع الموقوف علیه علی الدوام و بین النص الدال علی عدم جواز مخالفة الواقف حیث شرط التأبید فإذا لم یمکن التأبید بحسب الشخص و أمکن بحسب النوع وجب لأنه موافق لغرض الواقف و داخل تحت الأول الذی وقع علیه العقد و مراعاة الخصوصیة الکلیة تفضی إلی فوات الغرض بأجمعه و لأن قصر الثمن علی البائعین یقتضی خروج باقی البطون عن الاستحقاق بغیر وجه مع أنهم یستحقون من الوقف کما یستحق البطن الأول و تعذر وجودهم حال الوقف و قال بعض علمائنا و الشافعیة إن ثمن الوقف کقیمة الموقوف إذا تلف فیصرف الثمن علی الموقوف علیهم علی رأی انتهی. و لا یخفی علیک مواقع الرد و القبول فی کلامه رحمه الله ثم إن المتولی للبیع هو البطن الموجود بضمیمة الحاکم القیم من قبل سائر البطون و یحتمل أن یکون هذا إلی الناظر إن کان لأنه المنصوب لمعظم الأمور الراجعة إلی الوقف إلا أن یقال بعدم انصراف وظیفته المجعولة من قبل الواقف إلی التصرف فی نفس العین و الظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف و یحتمل بقاؤها لتعلق حقه بالعین الموقوفة فیتعلق ببدلها ثم إنه لو لم یمکن شراء بدله و لم یکن الثمن مما ینتفع به مع بقاء عینه کالنقدین فلا یجوز دفعه إلی البطن الموجود لما عرفت من کونه کالمبیع مشترکا بین جمیع البطون و حینئذ فیوضع عند أمین حتی یتمکن من شراء ما ینتفع به و لو مع الخیار إلی مدة و لو طلب ذلک البطن الموجود فلا یبعد وجوب إجابته و لا یعطل الثمن حتی یوجد ما یشتری به من غیر خیار. نعم لو رضی الموجود بالاتجار به و کانت المصلحة فی التجارة جازت مع المصلحة إلی أن یوجد البدل و الربح تابع للأصل و لا یملکه الموجودون لأنه جزء من المبیع و لیس کالنماء الحقیقی. ثم لا فرق فی جمیع ما ذکرنا من جواز البیع مع خراب الوقف بین عروض الخراب لکله أو بعضه فیباع البعض المخروب و یجعل بدله ما یکون وقفا و لو کان صرف ثمنه فی باقیه بحیث یوجب زیادة منفعة جاز مع رضا الکل لما عرفت من کون الثمن ملکا للبطون فلهم التصرف فیه علی ظن المصلحة و منه یعلم جواز صرفه فی وقف آخر علیهم علی نحو هذا الوقف فیجوز صرف ثمن ملک مخروب فی تعمیر وقف آخر علیهم و لو خرب بعض الوقف و خرج عن الانتفاع و بقی بعضه محتاجا إلی عمارة لا یمکن بدونها انتفاع البطون اللاحقة فهل یصرف ثمن المخروب إلی عمارة الباقی و إن لم یرض البطن الموجود وجهان آتیان فیما إذا احتاج إصلاح الوقف بحیث لا یخرج عن قابلیة انتفاع البطون اللاحقة إلی صرف منفعته الحاضرة التی یستحقها البطن الموجود إذا لم یشترط الواقف إخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته فی الموقوف علیهم و هنا فروع أخر یستخرجها الماهر بعد التأمل.

الصورة الثانیة أن یخرب بحیث یسقط عن الانتفاع المعتد به

بحیث یصدق عرفا أنه لا منفعة فیه کدار تهدمت فصارت عرصة تؤجر للانتفاع بها بأجرة لا تبلغ شیئا معتدا به فإن کان ثمنه علی تقدیر البیع لا یعطی به إلا ما کانت منفعته کمنفعة العرصة فلا ینبغی الإشکال فی عدم الجواز و إن کان یعطی بثمنه ما تکون منفعته أکثر من منفعة العرصة بل ساوت منفعة الدار ففی جواز البیع وجهان من عدم دلیل علی الجواز مع قیام المقتضی للمنع و هو ظاهر المشهور حیث قیدوا الخراب المسوغ للبیع بکونه بحیث لا یجدی نفعا. و قد تقدم التصریح من العلامة فی التحریر بأنه لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة من الوقف و لم یجز بیعها اللهم إلا أن یحمل النفع المنفی فی کلام المشهور علی النفع المعتد به بحسب حال العین فإن الحمام الذی یستأجر کل سنة مائة دینار إذا صار عرصة تؤجر کل سنة خمسة دراهم أو عشرة لغرض جزئی کجمع الزبائل فیها و نحوه یصدق علیه أنه لا یجدی نفعا و کذا القریة الموقوفة فإن خرابها بغور أنهارها و هلاک أهلها و لا یکون بسلب منافع أراضیها رأسا و یشهد لهذا ما تقدم عن التحریر من جعل عرصة الدار المنهدمة مواتا لا ینتفع بها بالکلیة مع أنها کثیرا ما تستأجر للأغراض الجزئیة فالظاهر دخول الصورة المذکورة فی إطلاق کلام من سوغ البیع عند خرابه بحیث لا یجدی نفعا و یشمله الإجماع المدعی فی الانتصار و الغنیة لکن الخروج بذلک عن عموم أدلة وجوب العمل بمقتضی وقف الواقف الذی هو حبس العین و عموم قوله ع لا یجوز شراء الوقف مشکل. و یؤید المنع حکم أکثر من تأخر عن الشیخ بالمنع عن بیع النخلة المنقلعة بناء علی جواز الانتفاع بها فی وجوه أخر کالتسقیف و جعلها جسرا و نحو ذلک بل ظاهر المختلف حیث جعل النزاع بین الشیخ و الحلی رحمهما الله لفظیا حیث نزل تجویز الشیخ علی صورة عدم إمکان الانتفاع به فی منفعة أخری الإنفاق علی المنع إذا حصل فیه انتفاع و لو قلیلا کما یظهر من التمثیل بجعله جسرا. نعم لو کان قلیلا فی الغایة بحیث یلحق بالمعدوم أمکن الحکم بالجواز لانصراف

المکاسب، ج 2، ص 170

قوله ع لا یجوز شراء الوقف إلی غیر هذه الحالة و کذا حبس العین و تسبیل المنفعة إنما یجب الوفاء به ما دامت المنفعة المعتد بها موجودة و إلا فمجرد حبس العین و إمساکه و لو من دون منفعة لو وجب الوفاء به لمنع عن البیع فی الصورة الأولی ثم إن الحکم المذکور جار فیما إذا صارت منفعة الموقوف قلیلة لعارض آخر غیر الخراب لجریان ما ذکرناه فیه ثم إنک قد عرفت فیما سبق أنه ذکر بعض أن جواز بیع الوقف لا یکون إلا مع بطلان الوقف و عرفت وجه النظر فیه ثم وجه بطلان الوقف فی الصورة الأولی بفوات شرط الوقف المراعی فی الابتداء و الاستدامة و هو کون العین مما ینتفع بها مع بقاء عینها. و فیه ما عرفت سابقا من أن بطلان الوقف بعد انعقاده صحیحا لا وجه له فی الوقف المؤبد مع أنه لا دلیل علیه مضافا إلی أنه لا دلیل علی اشتراط الشرط المذکور فی الاستدامة فإن الشرط فی العقود الناقلة یکفی وجوده حین النقل فإنه قد یخرج المبیع عن المالیة و لا یخرج بذلک عن ملک المشتری مع أن جواز بیعه لا یوجب الحکم بالبطلان بل یوجب خروج الوقف عن اللزوم إلی الجواز کما تقدم ثم ذکر أنه قد یقال بالبطلان أیضا بانعدام عنوان الوقف فیما إذا وقف بستانا مثلا ملاحظا فی عنوان وقفه البستانیة فخربت حتی خرجت عن قابلیة ذلک فإنه و إن لم تبطل منفعتها أصلا لإمکان الانتفاع بها دارا مثلا لکن لیس من عنوان الوقف و احتمال بقاء العرصة علی الوقف باعتبار أنها جزء من الوقف و هی باقیة و خراب غیرها و إن اقتضی بطلانه فیه لا یقتضی بطلانه فیها یدفعه أن العرصة کانت جزء من الوقف من حیث کونه بستانا لا مطلقا فهی حینئذ جزء عنوان الوقف الذی قد فرض خرابه و لو فرض إرادة وقفها لیکون بستانا أو غیره لم یکن إشکال فی بقائها لعدم ذهاب عنوان الوقف و ربما یؤید ذلک فی الجملة ما ذکروه فی باب الوصیة من أنه لو أوصی بدار فانهدمت قبل موت الموصی بطلت الوصیة لانتفاء موضوعها. نعم لو لم تکن الداریة و البستانیة و نحو ذلک مثلا عنوانا للوقف و إن قارنت وقفه بل کان المراد به الانتفاع به فی کل وقت علی حسب ما یقبله لم یبطل الوقف بتغیر أحواله ثم ذکر أن فی عود الوقف إلی ملک الواقف أو وارثه بعد البطلان أو الموقوف علیه وجهین. أقول یرد علی ذلک ما قد یقال بعد الإجماع علی أن انعدام العنوان لا یوجب بطلان الوقف بل و لا جواز البیع و إن اختلفوا فیه عند الخراب أو خوفه لکنه غیر تغیر العنوان کما لا یخفی أنه لا وجه للبطلان بانعدام العنوان لأنه إن أرید العنوان ما جعل مفعولا فی قوله وقفت هذا البستان فلا شک أنه لیس إلا کقوله بعت هذا البستان أو وهبته فإن التملیک المعلق بعنوان لا یقتضی دوران الملک مدار العنوان فالبستان إذا صار ملکا فقد ملک منه کل جزء خارجی و إن لم یکن فی ضمن عنوان البستان و لیس التملیک من قبیل الأحکام الجعلیة المتعلقة بالعنوانات و إن أرید بالعنوان شی ء آخر فهو خارج عن مصطلح أهل العرف و العلم و لا بد من بیان المراد منه هل یراد ما اشترط لفظا أو قصدا فی الموضوع زیادة علی عنوانه. و أما تأیید ما ذکر بالوصیة فالمناسب أن یقاس ما نحن فیه بالوصیة بالبستان بعد تمامها و خروج البستان عن ملک الموصی بموته و قبول الموصی له فهل یرضی أحد بالتزام بطلان الوصیة بصیرورة البستان عرصة. نعم الوصیة قبل تمامها یقع الکلام فی بقائها و بطلانها من جهات أخر ثم ما ذکره من الوجهین مما لا یعرف له وجه بعد إطباق کل من قال بخروج الوقف المؤبد عن ملک الواقف علی عدم عوده إلیه أبدا.

الصورة الثالثة أن یخرب بحیث تقل منفعته لکن لا إلی حد یلحق بالمعدوم

و الأقوی هنا المنع و هو الظاهر من الأکثر فی مسألة النخلة المنقلعة حیث جوز الشیخ فی محکی الخلاف بیعها محتجا بأنه لا یمکن الانتفاع بها إلا علی هذا الوجه لأن الوجه الذی شرطه الواقف قد بطل و لا یرجی عوده و منعه الحلی قائلا و لا یجوز بیعها بل ینتفع بها بغیر البیع مستندا إلی وجوب بقاء الوقف علی حاله مع إمکان الانتفاع و زوال بعض المنافع لا یستلزم زوال جمیعها لإمکان التسقیف بها و نحوه. و حکی موافقته عن الفاضلین و الشهیدین و المحقق الثانی و أکثر المتأخرین. و حکی فی الإیضاح عن والده قدس سرهما أن النزاع بین الشیخ و الحلی لفظی و استحسنه لأن فی تعلیل الشیخ اعترافا بسلب جمیع منافعها و الحلی فرض وجود منفعة لها و منع لذلک بیعها و قیل یمکن بناء نزاعهما علی رعایة المنفعة المعد لها الوقف کما هو الظاهر من تعلیل الشیخ و لا یخلو عن تأمل. و کیف کان فالأقوی هنا المنع و أولی منه بالمنع ما لو قلت منفعة الوقف من دون خراب فلا یجوز بذلک البیع إلا إذا قلنا بجواز بیعه إذا کان أعود و سیجی ء تفصیله.

الصورة الرابعة أن یکون بیع الوقف أنفع و أعود للموقوف

و الظاهر أن المراد منه أن یکون ثمن الوقف أزید نفعا من المنفعة الحاصلة تدریجا مدة وجود الموقوف علیه و قد نسب جواز البیع هنا إلی المفید و قد تقدمت عبارته فراجع. و زیادة النفع قد تلاحظ بالنسبة إلی البطن الموجود و قد تلاحظ بالنسبة إلی جمیع البطون إذا قیل بوجوب شراء بدل الوقف بثمنه و الأقوی المنع مطلقا وفاقا للأکثر بل الکل بناء علی ما تقدم من عدم دلالة قول المفید علی ذلک و علی تقدیره فقد تقدم عن التحریر أن کلام المفید متأول و کیف کان فلا إشکال فی المنع لوجود مقتضی المنع و هو وجوب العمل علی طبق إنشاء الواقف. و قوله ع: لا یجوز شراء الوقف و غیر ذلک و عدم ما یصلح للمنع عدا روایة ابن محبوب عن علی بن رئاب عن جعفر بن حنان قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل وقف غلة له علی قرابته من أبیه و قرابته من أمه و أوصی لرجل و لعقبه من تلک الغلة لیس بینه و بینه قرابة بثلاثمائة درهم فی کل سنة و یقسم الباقی علی قرابته من أبیه و قرابته من أمه فقال جائز للذی أوصی له بذلک قلت أ رأیت إن لم یخرج من غلة تلک الأرض التی أوقفها إلا خمسمائة درهم فقال أ لیس فی وصیته أن یعطی الذی أوصی له من تلک الغلة ثلاثمائة درهم و یقسم الباقی علی قرابته من أبیه

المکاسب، ج 2، ص 171

و أمه قلت نعم قال لیس لقرابته أن یأخذوا من الغلة شیئا حتی یوفوا الموصی له ثلاثمائة درهم ثم لهم ما یبقی بعد ذلک قلت أ رأیت إن مات الذی أوصی له قال إن مات کانت الثلاثمائة درهم لورثته یتوارثونها بینهم فأما إذا انقطع ورثته فلم یبق منهم أحد کانت الثلاثمائة درهم لقرابة المیت یرد إلی ما یخرج من الوقف ثم یقسم بینهم یتوارثون ذلک ما بقوا و بقیت الغلة قلت فللورثة من قرابة المیت أن یبیعوا الأرض إن احتاجوا إلیها و لم یکفهم ما یخرج من الغلة قال نعم إذا رضوا کلهم و کان البیع خیرا لهم باعوا. و الخبر المروی عن الاحتجاج: إن الحمیری کتب إلی صاحب الزمان جعلنی الله فداه أنه روی عن الصادق ع خبر مأثور إذا کان الوقف علی قوم بأعیانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف علی بیعه و کان ذلک أصلح لهم أن یبیعوه فهل یجوز أن یشتری من بعضهم إن لم یجتمعوا کلهم علی البیع أم لا یجوز إلا أن یجتمعوا کلهم علی ذلک و عن الوقف الذی لا یجوز بیعه فأجاب ع إذا کان الوقف علی إمام المسلمین فلا یجوز بیعه و إذا کان علی قوم من المسلمین فلیبع کل قوم ما یقدرون علی بیعه مجتمعین و مفترقین إن شاء الله دلت علی جواز البیع إما فی خصوص ما ذکره الراوی و هو کون البیع أصلح و إما مطلقا بناء علی عموم الجواب لکنه مقید بالأصلح لمفهوم روایة جعفر کما أنه یمکن حمل اعتبار رضا الکل فی روایة جعفر علی صورة بیع تمام الوقف لا اعتباره بما فی بیع کل واحد بقرینة روایة الاحتجاج. و یؤید المطلب صدر روایة ابن مهزیار الآتیة لبیع حصة ضیعة الإمام ع من الوقف. و الجواب عن روایة جعفر فإنها إنما تدل علی الجواز مع حاجة الموقوف علیهم لا لمجرد کون البیع أنفع فالجواز مشروط بالأمرین کما تقدم عن ظاهر النزهة و سیجی ء الکلام فی هذا القول بل یمکن أن یقال إن المراد بکون البیع خیرا لهم مطلق النفع الذی یلاحظه الفاعل لیکون منشأ لإرادته فلیس مراد الإمام ع بیان اعتبار ذلک تعبدا بل المراد بیان الواقع الذی فرضه السائل یعنی إذا کان الأمر علی ما ذکرت من المصلحة فی بیعه جاز کما یقال إذا أردت البیع و رأیته أصلح من ترکه فبع و هذا مما لا یقول به أحد و یحتمل أیضا أن یراد من الخیر هو خصوص رفع الحاجة التی فرضها السائل. و عن المختلف و جماعة الجواب عنها بعدم ظهورها فی المؤبد لاقتصارها علی ذکر الأعقاب و فیه نظر لأن الاقتصار فی مقام الحکایة لا یدل علی الاختصاص إذ یصح أن یقال فی الوقف المؤبد إنه وقف علی الأولاد مثلا و حینئذ فعلی الإمام ع أن یستفصل إذا کان بین المؤبد و غیره فرق فی الحکم فافهم و کیف کان ففی الاستدلال بالروایة مع ما فیها من الإشکال علی جواز البیع بمجرد الأنفعیة إشکال مع عدم الظفر بالقائل به عدا ما یوهمه ظاهر عبارة المفید المتقدمة. و مما ذکرنا یظهر الجواب عن روایة الحمیری ثم لو قلنا فی هذه الصورة بالجواز کان الثمن للبطن الأول البائع یتصرف فیه علی ما شاء و منه یظهر وجه آخر لمخالفة الروایتین للقواعد فإن مقتضی کون العین مشترکة بین البطون کون بدلها کذلک کما تقدم من استحالة کون بدله ملکا لخصوص البائع فیکون تجویز البیع فی هذه الصورة و التصرف فی الثمن رخصة من الشارع للبائع فی إسقاط حق اللاحقین آنا ما قبل البیع نظیر الرجوع فی الهبة المتحقق ببیع الواهب لئلا یقع البیع علی المال المشترک فیستحیل کون بدله مختصا.

الصورة الخامسة أن یلحق الموقوف علیهم ضرورة شدیدة

و قد تقدم عن جماعة تجویز البیع فی هذه الصورة بل عن الانتصار و الغنیة الإجماع علیه و تدل علیه روایة جعفر المتقدمة و یرده أن ظاهر الروایة أنه یکفی فی البیع عدم کفایة غلة الأرض لمئونة سنة الموقوف علیهم کما لا یخفی و هذا أقل مراتب الفقر الشرعی. و المأخوذ من عبائر من تقدم من المجوزین اعتبار الضرورة و الحاجة الشدیدة و بینها و بین مطلق الفقیر عموم من وجه إذ قد یکون فقیرا و لا یتفق له حاجة شدیدة بل مطلق الحاجة لوجدانه من مال الفقراء ما یوجب التوسعة علیه و قد یتفق الحاجة و الضرورة الشدیدة فی بعض الأوقات لمن یقدر علی مئونة سنته فالروایة بظاهرها غیر معمول بها مع أنه قد یقال إن ظاهر الجواب جواز البیع بمجرد رضا الکل و کون البیع أنفع و لو لم یکن حاجة و کیف کان فلا یبقی للجواز عند الضرورة الشدیدة إلا الإجماعان المعتضدان بفتوی جماعة و فی الخروج بهما عن قاعدة عدم جواز البیع و عن قاعدة وجوب کون الثمن علی تقدیر البیع غیر مختص بالبطن الموجود مع وهنهما بمصیر جمهور المتأخرین و جماعة من القدماء إلی الخلاف بل معارضتهما بالإجماع المدعی فی السرائر إشکال.

الصورة السادسة أن یشترط الواقف بیعه عند الحاجة أو إذا کان فیه مصلحة

للبطن الموجود أو جمیع البطون أو عند مصلحة خاصة علی حسب ما یشترط فقد اختلفت کلمات العلامة و من تأخر عنه فی ذلک فقال فی الإرشاد لو شرط بیع الوقف عند حصول ضرر کالخراج و المؤن من قبل الظالم و شراء غیره بثمنه فالوجه الجواز انتهی و فی القواعد و لو شرط بیعه عند الضرورة کزیادة خراج و شبهه و شراء غیره بثمنه أو عند خرابه و عطلته أو خروجه عن حد الانتفاع أو قلة نفعه ففی صحة الشرط إشکال و مع البطلان ففی إبطال الوقف نظر انتهی و ذکر فی الإیضاح فی وجه الجواز روایة جعفر بن حنان المتقدمة قال فإذا جاز بغیر شرط فمع الشرط أولی و فی وجه المنع أن الوقف للتأبید و البیع ینافیه قال و الأصح أنه لا یجوز بیع الوقف بحال انتهی قال الشهید فی الدروس و لو شرط الواقف بیعه عند حاجتهم أو وقوع الفتنة بینهم فأولی بالجواز انتهی و یظهر منه أن للشرط تأثیرا و أنه یحتمل المنع من دون الشرط و التجویز معه. و عن المحقق الکرکی أنه قال التحقیق أن کل موضع قلنا بجواز بیع الوقف یجوز اشتراط البیع فی الوقف إذا بلغ تلک الحالة لأنه شرط مؤکد و لیس بمناف للتأبید المعتبر فی الوقف لأنه مقید واقعا بعدم حصول أحد أسباب البیع و إلا فلا للمنافاة فلا یصح حینئذ حبسها لأن اشتراط شراء شی ء

المکاسب، ج 2، ص 172

بثمنه یکون وقفا مناف لذلک لاقتضائه الخروج عن الملک فلا یکون وقفا و لا حبسا انتهی. أقول و یمکن أن یقال بعد التمسک فی الجواز بعموم الوقوف علی حسب ما یوقفها أهلها و المؤمنون عند شروطهم بعدم ثبوت کون جواز البیع منافیا لمقتضی الوقف فلعله مناف لإطلاقه و لذا یجتمع الوقف مع جواز البیع عند طرو مسوغاته فإن التحقیق کما عرفت سابقا أن جواز البیع لا یبطل الوقف بل هو وقف یجوز بیعه فإذا بیع خرج عن کونه وقفا ثم إنه لو سلم المنافاة فإنما هو بیعه للبطن الموجود و أکل ثمنه و أما تبدیله بوقف آخر فلا تنافی بینه و بین مفهوم الوقف فمعنی کونه حبسا کونه محبوسا من أن یتصرف فیه بعض طبقات الملاک علی نحو الملک المطلق و أما حبس شخص الوقف فهو لازم لإطلاقه و تجرده عن مسوغات الإبدال شرعیة کانت کخوف الخراب أو بجعل الواقف کالاشتراط فی متن العقد فتأمل. ثم إنه روی صحیحا فی الکافی: ما ذکره أمیر المؤمنین ع فی کیفیة وقف ماله فی عین ینبع و فیه فإن أراد الحسن أن یبیع نصیبا من المال فیقضی به الدین فلیفعل إن شاء لا حرج علیه فیه و إن شاء جعله شروی الملک و إن ولد علی و أموالهم إلی الحسن بن علی و إن کان دار الحسن بن علی غیر دار الصدقة فبدا له أن یبیعها فلیبعها إن شاء و لا حرج علیه فیه فإن باع فإنه یقسم ثمنها ثلاثة أثلاث فیجعل ثلثا فی سبیل الله و یجعل ثلثا فی بنی هاشم و بنی المطلب و یجعل ثلثا فی آل أبی طالب و أنه یضعه فیهم حیث یراه الله ثم قال و إن حدث بحسن بن علی حدث و حسین حی فإن الآخر منهما ینظر فی بنی علی إلی أن قال فإنه یجعله فی رجل یرضاه من بنی هاشم و إنه یشترط علی الذی یجعله إلیه أن یترک المال علی أصوله و ینفق الثمرة حیث أمره به من سبیل الله و وجوهه و ذوی الرحم من بنی هاشم و بنی عبد المطلب و القریب و البعید لا یباع شی ء منه و لا یوهب و لا یورث الروایة و ظاهرها جواز اشتراط البیع فی الوقف لنفس البطن الموجود فضلا عن البیع لجمیع البطون و صرف ثمنه فیما ینتفعون به و السند صحیح و التأویل مشکل و العمل أشکل.

الصورة السابعة أن یؤدی بقاؤه إلی خرابه علما أو ظنا

و هو المعبر عنه بخوف الخراب فی کثیر من العبائر المتقدمة و الأداء إلی الخراب قد یکون للخلف بین أربابه و قد یکون لا له و الخراب المعلوم أو المخوف قد یکون علی حد سقوطه من الانتفاع نفعا معتدا به و قد یکون علی وجه نقص المنفعة و أما إذا فرض جواز الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر کانتفاعه السابق أو أزید فلا یجوز بیعه إلا علی ما استظهره بعض من تقدم کلامه سابقا من أن تغیر عنوان الوقف یسوغ بیعه و قد عرفت ضعفه. و قد عرفت من عبائر جماعة تجویز البیع فی صورة التأدیة إلی الخراب و لو لغیر الاختلاف و من أخری تقییدهم به.

الصورة الثامنة أن یقع بین الموقوف علیهم اختلاف لا یؤمن معه تلف المال أو النفس

و إن لم یعلم أو یظن بذلک فإن الظاهر من بعض العبارات السابقة جوازه لذلک خصوصا من عبر بالاختلاف الموجب لخوف الخراب.

الصورة التاسعة أن یؤدی الاختلاف بینهم إلی ضرر عظیم

من غیر تقیید بتلف المال فضلا عن خصوص الوقف.

الصورة العاشرة

أن یلزم فساد تستباح منه الأنفس

و الأقوی الجواز مع تأدیة البقاء إلی الخراب- علی وجه لا ینتفع به نفعا یعتد به عرفا

سواء کان لأجل الاختلاف أم غیره و المنع فی غیره من جمیع الصور أما الجواز فی الأول فلما مر من الدلیل علی جواز بیع ما سقط عن الانتفاع فإن الغرض من عدم البیع عدم انقطاع شخصه فإذا فرض العلم أو الظن بانقطاع شخصه فدار الأمر بین انقطاع شخصه و نوعه و بین انقطاع شخصه لا نوعه کان الثانی أولی فلیس فیه منافاة لغرض الواقف أصلا. و أما الأدلة الشرعیة فغیر ناهضة لاختصاص الإجماع و انصراف النصوص إلی غیر هذه الصورة. و أما الموقوف علیهم فالمفروض إذن الموجود منهم و قیام الناظر العام أو الخاص مقام غیر الموجود. نعم قد یشکل الأمر فیما لو فرض تضرر البطن الموجود من بیعه للزوم تعطیل الانتفاع إلی زمان وجدان البدل أو کون البدل قلیل المنفعة بالنسبة إلی الباقی. و مما ذکر یظهر أنه یجب تأخیر البیع إلی آخر أزمنة إمکان البقاء مع عدم فوات الاستبدال فیه- و مع فوته ففی تقدیم البیع إشکال و لو دار الأمر بین بیعه و الإبدال به و بین صرف منفعته الحاصلة مدة من الزمان لتعمیره ففی ترجیح حق البطن الذی تفوته المنفعة أو حق الواقف و سائر البطون المتأخرة المتعلق بشخص الوقف وجهان لا یخلو أولهما عن قوة إذا لم یشترط الواقف إصلاح الوقف من منفعة مقدما علی الموقوف علیه. و قد یستدل علی الجواز فیما ذکرنا بما عن التنقیح من أن بقاء الوقف علی حاله و الحال هذه إضاعة و إتلاف للمال و هو منهی عنه شرعا فیکون البیع جائزا و لعله أراد الجواز بالمعنی الأعم فلا یرد علیه أنه یدل علی وجوب البیع. و فیه أن المحرم هو إضاعة المال المسلط علیه لا ترک المال الذی لا سلطان علیه إلی أن یخرب بنفسه و إلا لزم وجوب تعمیر الأوقاف المشرفة علی الخراب بغیر البیع مهما أمکن مقدما علی البیع أو إذا لم یمکن البیع. و الحاصل أن ضعف هذا الدلیل بظاهره واضح و یتضح فساده علی القول بکون الثمن للبطن الموجود لا غیر و یتلوه فی الضعف ما عن المختلف و التذکرة و المهذب و غایة المرام من أن الغرض من الوقف استیفاء منافعه و قد تعذرت فیجوز إخراجه عن حده تحصیلا للغرض منه و الجمود علی العین مع تعطیلها تضییع للغرض کما أنه لو تعطل الهدی ذبح فی الحال و إن اختص بموضع فلما تعذر مراعاة المحل ترک مراعاته لتخلص المعتذر. و فیه أن الغرض من الوقف استیفاء المنافع من شخص الموقوف لأنه الذی دلت علیه صیغة الوقف و المفروض تعذره فیسقط و قیام الانتفاع بالنوع مقام الانتفاع بالشخص لکونه أقرب إلی مقصود الواقف فرع الدلیل علی وجوب اعتبار ما هو الأقرب إلی غرض الواقف بعد تعذر أصل الغرض فالأولی منع جریان أدلة المنع مع خوف الخراب المسقط للمنفعة رأسا و جعل ذلک مؤیدا.

[الدلیل علی المنع فی غیر ما ذکرنا]
اشارة

و أما المنع فی غیر هذا القسم من الصورة السابعة و فیما عداها من الصور اللاحقة لها فلعموم قوله ع لا یجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فی ملکک فإن ترک الاستفصال فیه بین علم المشتری بعدم وقوع بیع الوقف علی

المکاسب، ج 2، ص 173

بعض الوجوه المجوزة و بین عدمه الموجب لحمل فعل البائع علی الصحة یدل علی أن الوقف ما دامت له غلة لا یجوز بیعه و کذا قوله ع: الوقوف تکون علی حسب ما یوقفها أهلها إن شاء الله. و ما دل علی أنه یترک حتی یرثها وارث السماوات و الأرض

[التمسک بالاستصحاب علی المنع

هذا کله مضافا إلی الاستصحاب فی جمیع هذه الصور و عدم الدلیل الوارد علیه

[الاستدلال بمکاتبة ابن مهزیار علی الجواز فی غیر ما ذکرنا]

عدا المکاتبة المشهورة التی انحصر تمسک کل من جوزه فی هذه الصور فیها و هی مکاتبة ابن مهزیار قال: کتبت إلی أبی جعفر الثانی ع أن فلانا ابتاع ضیعة فأوقفها و جعل لک فی الوقف الخمس و یسأل عن رأیک فی بیع حصتک من الأرض أو تقویمها علی نفسه بما اشتراها به أو یدعها موقوفة. فکتب إلی أعلم فلانا أنی آمره أن یبیع حصتی من الضیعة و إیصال ثمن ذلک إلی و أن ذلک رأیی إن شاء الله تعالی أو یقومها علی نفسه إن کان ذلک أوفق له قال و کتبت إلیه أن الرجل ذکر أن بین من وقف علیهم هذه الضیعة اختلافا شدیدا و أنه لیس یأمن أن یتفاقم ذلک بینهم بعده فإن کان تری أن یبیع هذا الوقف و یدفع إلی کل إنسان منهم ما [کان وقف له من ذلک أمرته. فکتب بخطه إلی أعلمه أن رأیی له إن کان قد علم الاختلاف ما بین أصحاب الوقف أن بیع الوقف أمثل فلیبع فإنه ربما جاء فی الاختلاف تلف الأموال و النفوس

[الاستدلال بالمکاتبة علی الجواز فیما لو کان الخراب علی وجه نقص المنفعة]

حیث إنه یمکن الاستدلال للجواز بها فی القسم الثانی من الصورة السابعة بناء علی أن قوله فإنه إلی آخره تعلیل لجواز البیع فی صورة الاختلاف و أن المراد بالمال هو الوقف فإن ضم النفوس إنما هو لبیان الضرر الآخر المترتب علی الاختلاف لا أن المناط فی الحکم هو اجتماع الأمرین کما لا یخفی فیکون حاصل التعلیل أنه کلما کان الوقف فی معرض الخراب جاز بیعه و فیه أن المقصود جواز بیعه إذا أدی بقاؤه إلی الخراب علما أو ظنا لا مجرد کونه ربما یؤدی إلیه المجامع للاحتمال المساوی أو المرجوح علی ما هو الظاهر من لفظه ربما کما لا یخفی علی المتتبع لموارد استعمالاتها و لا أظن أن أحدا یلتزم بجواز البیع بمجرد احتمال أداء بقائه إلی الخراب لأن کلمات من عبر بهذا العنوان کما عرفت بین قولهم أدی بقاؤه إلی خرابه و بین قولهم یخشی أو یخاف خرابه.

و الخوف عند المشهور کما یعلم من سائر موارد إطلاقاتهم مثل قولهم یجب الإفطار و التیمم مع خوف الضرر و یحرم السفر مع خوف الهلاک و لا یتحقق إلا بعد قیام أمارة الخوف هذا مع أن مناط الجواز علی ذکر تلف الوقف رأسا و هو القسم الأول من الصورة السابعة التی جوزنا فیها البیع فلا یشمل الخراب الذی لا یصدق معه التلف مع أنه لا وجه بناء علی عموم التعلیل للاقتصار علی خوف خراب خصوص الوقف بل کلما خیف تلف مال جاز بیع الوقف.

و أما تقریب الاستدلال بالمکاتبة علی جواز البیع فی الصورة الثامنة

و هی صورة وقوع الاختلاف الذی ربما أوجب تلف الأموال و النفوس فهو أن الحکم بالجواز معلق علی الاختلاف إلا أن قوله ع فإنه ربما إلی آخره مقید بالاختلاف الخاص و هو الذی لا یؤمن معه من التلف لأن العلة تقید المعلول کما فی قولک لا تأکل الرمان لأنه حامض. و فیه أن اللازم علی هذا تعمیم الجواز فی کل مورد لا یؤمن معه من تلف الأموال و النفوس و إن لم یکن من جهة اختلاف الموقوف علیهم فیجوز بیع الوقف لإصلاح کل فتنة و إن لم یکن لها دخل فی الوقف اللهم إلا أن یدعی سوق العلة مساق التقریب لا التعلیل الحقیقی حتی یتعدی إلی جمیع موارده لکن تقیید الاختلاف حینئذ بکونه مما لا یؤمن ممنوع و هو الذی فهمه الشهید الثانی رحمه الله فی الروضة کما تقدم کلامه لکن الحکم علی هذا الوجه مخالف للمشهور فلا یبقی حینئذ وثوق بالروایة بحیث یرفع الید بها عن العمومات و القواعد مع ما فیها من ضعف الدلالة کما سیجی ء إلیه الإشارة.

[الاستدلال بالمکاتبة علی الصورة التاسعة و رده.]

و مما ذکرنا یظهر تقریب الاستدلال علی الصورة التاسعة و رده.

و أما تقریب الاستدلال علی الصورة العاشرة

فهو أن ضم تلف النفس إلی تلف الأموال مع أن خوف تلف الأنفس یتبعه خوف تلف المال غالبا یدل علی اعتبار بلوغ الفتنة فی الشدة إلی حیث یخاف منه تلف النفس و لا یکفی بلوغه إلی ما دون ذلک بحیث یخاف منه تلف المال فقط. و فیه أن اللازم علی هذا عدم اختصاص موجب الفساد بوقوع الفتنة بین الموقوف علیهم بل یجوز حینئذ بیع الوقف لرفع کل فتنة مع أن ظاهر الروایة کفایة کون الاختلاف بحیث ربما جاء فیه تلف الأموال و النفوس و المقصود کما یظهر من عبارة الجامع المتقدمة هو اعتبار الفتنة التی تستباح بها الأنفس.

[استناد الفتاوی بجواز بیع الوقف إلی ما فهم من المکاتبة المذکورة]

و الحاصل أن جمیع الفتاوی المتقدمة فی جواز بیع الوقف الراجعة إلی اعتبار أداء بقاء الوقف علما أو ظنا أو احتمالا إلی مطلق الفساد أو فساد خاص أو اعتبار الاختلاف مطلقا أو اختلاف خاص مستندة إلی ما فهم أربابها من المکاتبة المذکورة

و الأظهر فی مدلولها هو إناطة الجواز

بالاختلاف الذی ربما جاء فیه تلف الأموال و النفوس لا مطلق الاختلاف لأن الذیل مقید و لا خصوص المؤدی علما أو ظنا لأن موارد استعمال لفظة ربما أعم من ذلک و لا مطلق ما یؤدی إلی المحذور المذکور لعدم ظهور الذیل فی التعلیل بحیث یتعدی عن مورد النص و إن کان فیه إشارة إلی التعلیل.

[الإیراد علی المکاتبة بإعراض المشهور عنها]

و علی ما ذکرنا فالمکاتبة غیر معنی بها عند المشهور لأن الظاهر اعتبارهم العلم أو الظن بأداء بقائه إلی الخراب الغیر اللازم للفتنة الموجبة لاستباحة الأموال و الأنفس فتکون النسبة بین فتوی المشهور و مضمون الروایة عموما من وجه لکن الإنصاف أن هذا لا یمنع من جبر ضعف دلالة الروایة و قصور مقاومتها للعمومات المانعة بالشهرة لأن اختلاف فتاوی المشهور إنما هو من حیث الاختلاف فی فهم المناط الذی أنیط به الجواز من قوله ع إن کان قد علم الاختلاف المنضم إلی قوله فإنه ربما جاء فی الاختلاف.

[الإیراد علی المکاتبة بعدم ظهورها فی الوقف المؤبد أو ظهورها فی عدم إقباض الموقوف علیهم

و أما دلالة المکاتبة علی کون مورد السؤال هو الوقف المؤبد التام فهی علی تقدیر قصورها منجبرة بالشهرة فیندفع بها ما یدعی من قصور دلالتها من جهات مثل عدم ظهورها فی المؤبد لعدم ذکر البطن اللاحق و ظهورها فی عدم إقباض الموقوف علیهم و عدم تمام الوقف کما عن الإیضاح و أوضحه الفاضل المحدث المجلسی و جزم به المحدث البحرانی و مال إلیه فی الریاض. قال الأول فی بعض حواشیه علی بعض کتب الأخبار إنه یخطر بالبال أنه یمکن حمل الخبر علی ما إذا لم یقبضهم الضیعة الموقوف

المکاسب، ج 2، ص 174

علیهم و لم یدفعها إلیهم و حاصل السؤال أن الواقف یعلم أنه إذا دفعها إلیهم یحصل بینهم الاختلاف و یشتد لحصول الاختلاف بینهم قبل الدفع إلیهم فی تلک الضیعة أو فی أمر آخر فهل یدعها موقوفة و یدفعها إلیهم أو یرجع عن الوقف لعدم لزومه بعد و یدفع إلیهم ثمنها أیهما أفضل انتهی موضع الحاجة.

و الإنصاف أنه توجیه حسن لکن لیس فی السؤال ما یوجب ظهوره فی ذلک فلا یجوز رفع الید عن مقتضی ترک الاستفصال فی الجواب کما أن عدم ذکر البطن اللاحق لا یوجب ظهور السؤال فی الوقف المنقطع إذ کثیرا ما یقتصر فی مقام حکایة وقف مؤبد علی ذکر بعض البطون فترک الاستفصال عن ذلک یوجب ثبوت الحکم للمؤبد. و الحاصل أن المحتاج إلی الانجبار بالشهرة ثبوت حکم الروایة للوقف التام المؤبد لا تعیین ما أنیط به الجواز من کونه مجرد الفتنة أو ما یؤدی الفتنة إلیه أو غیر ذلک مما تقدم من الاحتمالات فی الفقرتین المذکورتین. نعم یحتاج إلی الاعتضاد بالشهرة من جهة أخری و هی أن مقتضی القاعدة کما عرفت لزوم کون بدل الوقف کنفسه مشترکا بین جمیع البطون و ظاهر الروایة تقریره للسائل فی تقسیم ثمن الوقف علی الموجودین فلا بد إما من رفع الید عن مقتضی المعاوضة إلا بتکلف سقوط حتی سائر البطون عن الوقف آنا ما قبل البیع لتقع المعاوضة فی مالهم و إما من حمل السؤال علی الوقف المنقطع أعنی الحبس الذی لا إشکال فی بقائه علی ملک الواقف أو علی الوقف غیر التام لعدم القبض أو لعدم تحقق صیغة الوقف و إن تحقق التوطین علیه و تسمیته وقفا بهذا الاعتبار. و یؤیده تصدی الواقف بنفسه للبیع إلا أن یحمل علی کونه ناظرا أو یقال إنه أجنبی استأذن الإمام ع فی بیعه علیهم حسبة بل یمکن أن یکون قد فهم الإمام ع من جعل السائل قسمة الثمن بین الموجودین مفروغا عنها مع أن المرکوز فی الأذهان اشتراک جمیع البطون فی الوقف و بدله أن مورد السؤال هو الوقف الباقی علی ملک الواقف لانقطاعه أو لعدم تمامه. و یؤیده أن ظاهر صدره المتضمن لجعل الخمس من الوقف للإمام هو هذا النحو أیضا إلا أن یصلح هذا الخلل و أمثاله بفهم الأصحاب الوقف المؤبد التام و یقال إنه لا بأس بجعل الخبر المعتضد بالشهرة مخصصا لقاعدة المنع عن بیع الوقف و موجبا لتکلف الالتزام بسقوط حق اللاحقین عن الوقف عند إرادة البیع أو بمنع تقریر الإمام ع للسائل فی قسمة الثمن إلی الموجودین.

[القدر المتیقن من المکاتبة]

و یبقی الکلام فی تعیین المحتملات فی مناط جواز البیع و قد عرفت الأظهر منها لکن فی النفس شی ء من الجزم بظهوره فلو اقتصر علی المتیقن من المحتملات و هو الاختلاف المؤدی علما أو ظنا إلی تلف خصوص مال الوقف و نفوس الموقوف علیهم کان أولی و الفرق بین هذا و القسم الأول من الصورة السابعة الذی جوزنا فیه البیع أن المناط فی ذلک القسم العلم أو الظن بتلف الوقف رأسا. و المناط هنا خراب الوقف الذی یتحقق به تلف المال و إن لم یتلف الوقف فإن الزائد من المقدار الباقی مال قد تلف

[المراد من التلف فی المکاتبة]

و لیس المراد من التلف فی الروایة تلف الوقف رأسا حتی یتحد مع ذلک القسم المتقدم إذ لا یتناسب هذا ما هو الغالب فی تلف الضیعة التی هی مورد الروایة فإن تلفها غالبا لسقوطها عن المنفعة المطلوبة منها بحسب شأنها

[هل الثمن للبطن الموجود أو یشتری به ما یکون وقفا]

ثم إن الظاهر من بعض العبائر المتقدمة بل المحکی عن الأکثر أن الثمن فی هذا البیع للبطن الموجود إلا أن ظاهر کلام جماعة بل صریح بعضهم کجامع المقاصد هو أنه یشتری بثمنه ما یکون وقفا علی وجه یندفع به الخلف تحصیلا لمطلوب الواقف بحسب الإمکان و هذا منه قدس سره مبنی علی منع ظهور الروایة فی تقریر السائل فی قسمة الثمن علی الموجودین أو علی منع العمل بهذا التقریر فی مخالفة مقتضی قاعدة المعاوضة من اشتراک جمیع البطون فی البدل کالمبدل لکن الوجه الثانی ینافی قوله باختصاص الموجودین بثمن ما یباع للحاجة الشدیدة تمسکا بروایة جعفر فتعین الأول و هو منع التقریر لکنه خلاف مقتضی التأمل فی الروایة.

و أما الوقف المنقطع
اشارة

و هو ما إذا وقف علی من ینقرض- بناء علی صحته کما هو المعروف- فإما أن نقول ببقائه علی ملک الواقف و إما أن نقول بانتقاله إلی الموقوف علیهم و علی الثانی فإما أن یملکوه ملکا مستقرا بحیث ینتقل منهم إلی ورثتهم عند انقراضهم و إما أن یقال بعوده إلی ملک الواقف و إما أن یقال بصیرورته فی سبیل الله

[هل یجوز بیع الوقف المنقطع أم لا]

فعلی الأول لا یجوز للموقوف علیهم البیع لعدم الملک و فی جوازه للواقف مع جهالة مدة استحقاق الموقوف علیهم إشکال- من حیث لزوم الغرر بجهالة وقت استحقاق التسلیم التام علی وجه ینتفع به و لذا منع الأصحاب کما فی الإیضاح علی ما حکی عنهم بیع مسکن المطلقة المعتدة بالأقراء لجهالة مدة العدة مع عدم کثرة التفاوت. نعم المحکی عن جماعة کالمحقق و الشهیدین فی المسالک و الدروس و غیرهم صحة البیع فی السکنی الموقتة بعمر أحدهما بل ربما یظهر من محکی التنقیح الإجماع علیه و لعله إما لمنع الغرر و إما للنص و هو ما رواه المشایخ الثلاثة فی الصحیح أو الحسن عن الحسین بن نعیم قال: سألت أبا الحسن ع عن رجل جعل داره سکنی لرجل زمان حیاته أو جعلها له و لعقبه من بعده قال هی له و لعقبه من بعده کما شرط قلت فإن احتاج إلی بیعها أ یبیعها قال نعم قلت فینقض بیعه الدار السکنی قال لا ینقض البیع السکنی کذلک سمعت أبی یقول قال أبو جعفر لا ینقض البیع الإجارة و لا السکنی و لکن یبیعه علی أن الذی یشتریه لا یملک ما اشتری حتی ینقضی السکنی علی ما شرط إلی آخر الخبر. و مع ذلک فقد توقف فی المسألة العلامة و ولده و المحقق الثانی و لو باعه من الموقوف علیه المختص بمنفعة الوقف فالظاهر جوازه لعدم الغرر و یحتمل العدم لأن معرفة المجموع المرکب من ملک البائع و حق المشتری لا توجب معرفة البیع و کذا لو باعه ممن انتقل إلیه حق الموقوف علیه. نعم لو انتقل إلی الواقف ثم باع صح جزما و أما مجرد رضا الموقوف علیهم فلا یجوز البیع من الأجنبی لأن المنفعة مال لهم فلا تنتقل إلی المشتری بلا عوض اللهم إلا أن یکون علی وجه الإسقاط لو صححناه منهم أو تکون المعاملة مرکبة من نقل العین من طرف الواقف و نقل المنفعة من قبل الموقوف علیهم فیکون العوض موزعا علیهما و لا بد أن یکون

المکاسب، ج 2، ص 175

ذلک علی وجه الصلح لأن غیره لا یتضمن نقل العین و المنفعة کلیهما خصوصا مع جهالة المنفعة و مما ذکرنا یظهر وجه التأمل فیما حکی عن التنقیح من أنه لو اتفق الواقف و الموقوف علیه علی البیع فی المنقطع جاز سواء أراد بیع الواقف أم بیع الموقوف علیه کما یدل کلامه علیه المحکی عنه فی مسألة السکنی- حیث أجاز استقلال مالک العین بالبیع و لو من دون رضا مالک الانتفاع أو المنفعة. نعم لو کان للموقوف علیه حق الانتفاع من دون تملک للمنفعة کما فی السکنی علی قول صح ما ذکره لإمکان سقوط الحق بالإسقاط بخلاف المال فتأمل. و تمام الکلام فی هذه المسائل فی باب السکنی و الحبس إن شاء الله.

[حکم البیع بناء علی صیرورته ملکا مستقرا للموقوف علیهم

و علی الثانی فلا یجوز البیع للواقف لعدم الملک و لا للموقوف علیه لاعتبار الواقف بقاؤه فی یدهم إلی انقراضهم.

[حکم البیع بناء علی عوده إلی ملک الواقف

و علی الثالث فلا یجوز البیع للموقوف علیه و إن أجاز الواقف لمنافاته لاعتبار الواقف فی الوقف بقاء العین کما لا یجوز أیضا للواقف لغیر المالک فعلا و إن أجاز الموقوف علیه إلا إذا جوزنا بیع ملک الغیر مع عدم اعتبار مجیز له فی الحال علی أن الموقوف علیه الذی هو المالک فعلا لیس له الإجازة لعدم تسلطه علی النقل فإذا انقرض الموقوف علیه و ملکه الواقف لزم البیع ثم إنه قد أورد علی القاضی قدس سره حیث جوز الموقوف علیه بیع الوقف المنقطع مع قوله ببقاء الوقف المنقطع علی ملک الواقف و یمکن رفع التنافی بکونه قائلا بالوجه الثالث من الوجوه المتقدمة و هو ملک الموقوف علیهم ثم عوده إلی الواقف إلا أن الکلام فی ثبوت هذا القول بین من اختلف فی مالک الموقوف فی الوقف المنقطع و یتضح ذلک بمراجعة المسألة فی کتاب الوقف.

[حکم البیع بناء علی صیرورته فی سبیل الله

و علی الرابع فالظاهر أن حکمه حکم الوقف المؤبد کما صرح به المحقق الثانی علی ما حکی عنه لأنه حقیقة وقف مؤبد کما لو صرح بکونه فی سبیل الله بعد انقراض الموقوف علیه الخاص ثم إن ما ذکرنا فی حکم الوقف المنقطع فإنما هو بالنسبة إلی البطن الذی لا بطن بعده یتلقی الملک من الواقف و أما حکم بیع بعض البطون مع وجود من بعدهم فإن قلنا بعدم تملکهم للمنقطع فهو کما تقدم و أما علی تقدیر القول بملکهم فحکم بیع غیر الأخیر من البطون حکم بیع بعض البطون فی الوقف المؤبد فیشترک معه فی المنع فی الصور التی منعنا و فی الجواز فی الصورة التی جوزنا لاشتراک دلیل المنع و یتشارکان أیضا فی حکم الثمن بعد المبیع.

و أما الوقف المنقطع
مسألة و من أسباب خروج الملک عن کونه طلقا صیرورة المملوکة أم ولد لسیدها
اشارة

فإن ذلک یوجب منع المالک عن بیعها بلا خلاف بین المسلمین علی الظاهر المحکی عن مجمع الفائدة. و فی بعض الأخبار دلالة علی کونه من المنکرات فی صدر الإسلام مثل ما: روی عن قول أمیر المؤمنین لمن سأله عن بیع أمة أرضعت ولده قال له خذ بیدها و قل من یشتری أم ولدی.

و فی حکم البیع کل تصرف ناقل للملک غیر المستعقب بالعتق أو مستلزم للنقل کالرهن

کما یظهر من تضاعیف کلماتهم فی جملة من الموارد منها جعل أم ولد ملکا غیر طلق کالوقف و الرهن و قد عرفت أن المراد من الطلق تمامیة الملک و الاستقلال فی التصرف فلو جاز الصلح عنها و هبتها لم تخرج عن کونها طلقا بمجرد عدم جواز إیقاع عقد البیع علیها کما أن المجهول الذی یصح الصلح عنه و هبته و الإبراء عنه و لا یجوز بیعه لا یخرج عن کونه طلقا. و منها کلماتهم فی رهن أم الولد فلاحظها. و منها کلماتهم فی استیلاد المشتری فی زمان خیار البائع فإن المصرح به فی کلام الشهیدین فی خیار الغبن أن البائع لو فسخ یرجع إلی القیمة لامتناع انتقال أم الولد و کذا فی کلام العلامة و ولده و جامع المقاصد ذلک أیضا فی زمان مطلق الخیار. و منها کلماتهم فی مستثنیات بیع أم الولد ردا و قبولا فإنها کالصریحة فی أن الممنوع مطلق نقلها لا خصوص البیع. و بالجملة فلا یبقی للمتأمل شک فی ثبوت حکم البیع لغیره من النواقل و مع ذلک کله فقد جزم بعض سادة مشایخنا بجواز غیر البیع من النواقل للأصول و خلو کلام المعظم عن حکم غیر البیع و قد عرفت ظهوره من تضاعیف کلمات المعظم فی الموارد المختلفة و مع ذلک فهو الظاهر من المبسوط و السرائر حیث قالا إذا مات ولدها جاز بیعها و هبتها و التصرف فیها بسائر أنواع التصرف. و قد ادعی فی الإیضاح الإجماع صریحا علی المنع عن کل ناقل و أرسله بعضهم کصاحب الریاض و جماعة إرسال المسلمات بل عبارة بعضهم ظاهرة فی دعوی الاتفاق حیث قال إن الاستیلاد مانع من صحة التصرفات الناقلة من ملک المولی إلی ملک غیره أو المعرضة لها للدخول فی ملک غیره کالرهن علی خلاف فی ذلک ثم إن عموم المنع لکل ناقل و عدم اختصاصه بالبیع قول جمیع المسلمین و الوجه فیه ظهور أدلة المنع المعنونة بالبیع فی إرادة مطلق النقل فإن مثل قول أمیر المؤمنین ع فی الروایة السابقة: خذ بیدها و قل من یشتری أم ولدی یدل علی کون مطلق نقل أم الولد إلی الغیر کان من المنکرات و هو مقتضی التأمل فیما سیجی ء من أخبار بیع أم الولد فی ثمن رقبتها و عدم جوازه فیما سوی ذلک هذا مضافا إلی ما اشتهر و إن لم نجد نصا علیه من أن الوجه فی المنع هو بقاؤها رجاء لانعتاقها من نصیب ولدها بعد موت سیدها. و الحاصل أنه لا إشکال فی عموم المنع لجمیع النواقل ثم إن المنع مختص بعدم هلاک الولد فلو هلک جاز اتفاقا فتوی و نصا و لو مات الولد و خلف ولدا ففی إجراء حکم الولد علیه لأصالة بقاء المنع و لصدق الاسم فیندرج فی إطلاق الأدلة و تغلیبا للحریة أو العدم لکونه حقیقة فی ولد الصلب و ظهور إرادته من جملة الأخبار و إطلاق ما دل من النصوص و الإجماع علی الجواز بعد موت ولدها أو التفصیل بین کونه وارثا لعدم ولد الصلب للمولی و عدمه لمساواة الأول مع ولد الصلب فی الجهة المقتضیة للمنع وجوه حکی أولها عن الإیضاح و ثالثها عن المهذب البارع و نهایة المرام و عن القواعد و الدروس و غیرهما التردد.

بقی الکلام فی معنی أم الولد

فإن ظاهر اللفظ اعتبار انفصال الحمل إذ لا یصدق الولد إلا بالولادة لکن المراد هنا مجازا ولدها و لو حملا للمشارفة و یحتمل أن یراد الولادة من الوالد دون الوالدة و کیف کان فلا إشکال بل لا خلاف فی تحقق الموضوع بمجرد الحمل. و یدل علیه الصحیح عن محمد بن مارد: عن أبی عبد الله ع

المکاسب، ج 2، ص 176

فی رجل یتزوج الجاریة فتلد منه أولادا ثم یشتریها فتمکث عنده ما شاء الله لم تلد منه شیئا بعد ما ملکها ثم یبدو له فی بیعها قال هی أمته إن شاء باع ما لم یحدث عنده حمل بعد ذلک و إن شاء أعتق و فی روایة السکونی عن جعفر بن محمد قال: قال علی بن الحسین صلوات الله علیهم أجمعین فی مکاتبة یطأها مولاها فتحمل فقال یرد علیها مهر مثلها و تسعی فی قیمتها فإن عجزت فهی من أمهات الأولاد لکن فی دلالتها علی ثبوت الحکم بمجرد الحمل نظر لأن زمان الحکم بعد تحقق السعی و العجز عقیب الحمل و الغالب ولوج الروح حینئذ ثم الحمل یصدق بالمضغة اتفاقا علی ما صرح فی الریاض و استظهره بعض آخر و حکاه عن جماعة هنا و فی باب انقضاء عدة الحامل و فی صحیحة ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن ع عن الحبلی یطلقها زوجها ثم تضع سقطا تم أو لم یتم أو وضعته مضغة أ تنقضی بذلک عدتها فقال ع کل شی ء وضعته یستبین أنه حمل تم أو لم یتم فقد انقضت به عدتها و إن کانت مضغة ثم الظاهر صدق الحمل علی العلقة و قوله ع و إن کانت مضغة تقریر لکلام السائل لا بیان لأقل مراتب الحمل کما عن الإسکافی و حینئذ یتجه الحکم بتحقق الموضوع بالعلقة کما عن بعض بل عن الإیضاح و المهذب البارع الإجماع علیه. و فی المبسوط فیما إذا ألقت جسدا لیس فیه تخطیط لا ظاهر و لا خفی لکن قالت القوابل إنه مبدأ خلق آدمی و إنه لو بقی لخلق و تصور قال قوم إنها لا تصیر أم ولد بذلک و قال بعضهم تصیر أم ولد و هو مذهبنا انتهی و لا یخلو عن قوة لصدق الحمل. و أما النطفة فهی بمجردها لا عبرة بها ما لم تستقر فی الرحم لعدم صدق کونها حاملا و علی هذا الفرد ینزل إجماع الفاضل المقداد- علی عدم العبرة بها فی العدة و أما مع استقرارها فی الرحم فالمحکی عن نهایة الشیخ تحقق الاستیلاد بها و هو الذی قواه فی المبسوط فی باب العدة بعد أن نقل عن المخالفین عدم انقضاء العدة به مستدلا بعموم الآیة و الأخبار و مرجعه إلی صدق الحمل. و دعوی أن إطلاق الحامل حینئذ مجاز بالمشارفة یکذبها التأمل فی الاستعمالات و ربما یحکی عن التحریر موافقة الشیخ مع أنه لم یزد فیه علی حکایة الحکم عن الشیخ. نعم فی بعض نسخ التحریر لفظ یوهم ذلک نعم قوی فی السرائر موافقته فیما تقدم عن الشیخ فی مسألة الجسد الذی لیس فیه التخطیط و نسب القول المذکور إلی الجامع أیضا. و اعلم أن ثمرة تحقق الموضوع فیما إذا ألقت المملوکة ما فی بطنها إنما تظهر فی بیعها الواقع قبل الإلقاء فیحکم ببطلانه إذا کان الملقی حملا و أما بیعها بعد الإلقاء فیصح بلا إشکال و حینئذ فلو وطئها المولی ثم جاءت بولد تام أو غیر تام فیحکم ببطلان البیع الواقع بین أول زمان العلوق و زمان الإلقاء. و عن المسالک الإجماع علی ذلک فذکر صور الإلقاء المضغة و العلقة و النطفة فی باب العدة إنما هو لبیان انقضاء العدة بالإلقاء. و فی باب الاستیلاد لبیان کشفها عن أن المملوکة بعد الوطء صارت أم ولد لا أن البیع الواقع قبل تحقق العلقة صحیح إلی أن تصیر النطفة علقة و لذا عبر الأصحاب عن سبب الاستیلاد بالعلوق الذی هو اللقاح. نعم لو فرض عدم علوقها بعد الوطء إلی زمان صح البیع قبل العلوق ثم إن المصرح به فی کلام بعض حاکیا له عن غیره أنه لا یعتبر فی العلوق أن یکون بالوطء فیتحقق بالمساحقة لأن المناط هو الحمل و کون ما یولد منها ولدا للمولی شرعا فلا عبرة بعد ذلک بانصراف الإطلاقات إلی الغالب من کون الحمل بالوطء. نعم یشترط فی العلوق بالوطء أن یکون الوطء علی وجه یلحق الولد بالواطی و إن کان محرما کما إذا کانت فی حیض أو ممنوعة الوطء شرعا لعارض آخر أما الأمة المزوجة فوطؤها زناء لا یوجب لحوق الولد ثم إن المشهور اعتبار الحمل فی زمان الملک فلو ملکها بعد الحمل لم تصر أم ولد خلافا للمحکی عن الشیخ و ابن حمزة فاکتفیا بکونها أم ولد قبل الملک و لعله لإطلاق العنوان و وجود العلة و هی کونها فی معرض الانعتاق من نصیب ولدها و یرد الأول منع إطلاق یقتضی ذلک فإن المتبادر من أم الولد صنف من أصناف الجواری باعتبار الحالات العارضة لها بوصف المملوکیة کالمدبر و المکاتب. و العلة المذکورة غیر مطردة و لا منعکسة کما لا یخفی مضافا

إلی صریح روایة محمد بن مارد المتقدمة ثم إن المنع عن بیع أم الولد قاعدة کلیة مستفادة من الأخبار کروایتی السکونی و محمد بن مارد المتقدمتین و صحیحة عمر بن یزید الآتیة و غیرها. و من الإجماع علی أنها لا تباع إلا لأمر یغلب ملاحظته علی ملاحظة الحق الحاصل منها باستیلاد أعنی تشبثها بالحریة و لذا کل من جوز البیع فی مقام لم یجوز إلا بعد إقامة الدلیل الخاص فلا بد من التمسک بهذه القاعدة المنصوصة المجمع علیها حتی یثبت بالدلیل ثبوت ما هو أولی بالملاحظة فی نظر الشارع من الحق المذکور فلا یصغی إذا إلی منع الدلیل علی المنع کلیة و التمسک بأصالة صحة البیع من حیث قاعدة تسلط الناس علی أموالهم حتی یثبت المخرج ثم إن المعروف بین العلماء ثبوت الاستثناء عن الکلیة المذکورة فی الجملة لکن المحکی فی السرائر عن السید قدس سره عموم المنع و عدم الاستثناء و هو غیر ثابت. و علی تقدیر الثبوت فهو ضعیف یرده مضافا إلی ما ستعرف من الأخبار قوله ع فی صحیحة زرارة: و قد سأله عن أم ولد تباع و تورث وحدها حد الأمة بناء علی حملها علی أنها قد تعرض لها ما یجوز ذلک.

و أما المواضع القابلة للاستثناء
اشارة

و إن وقع التکلم فی استثنائها لأجل وجود ما یصلح أن یکون أولی بالملاحظة من الحق و هی صور یجمعها تعلق حق للغیر بها أو تعلق حقها بتعجیل العتق أو تعلق حق سابق علی الاستیلاد أو عدم تحقق الحکمة المانعة عن النقل.

[موارد القسم الأول
فمن موارد القسم الأول ما إذا کان علی مولاها دین و لم یکن له ما یؤدی هذا الدین

و الکلام فی هذا المورد قد یقع فیما إذا کان الدین ثمن رقبتها و یقع فیما إذا کان غیر ثمنها و علی الأول یقع الکلام تارة بعد موت المولی و أخری فی حال حیاته أما بعد الموت فالمشهور الجواز بل عن الروضة أنه موضع وفاق و عن جماعة أنه لا خلاف فیه و لا ینافی ذلک مخالفة السید فی أصل المسألة لأنهم یریدون نفی الخلاف بین القائلین بالاستثناء فی بیع أم الولد أو القائلین باستثناء بیعها فی ثمن رقبتها فی مقابل صورة حیاة

المکاسب، ج 2، ص 177

المولی المختلف فیها. و کیف کان فلا إشکال فی الجواز فی هذه الصورة- لا لما قیل من قاعدة تسلط الناس علی أموالهم لما عرفت من انقلاب القاعدة إلی المنع فی خصوص هذا المال بل لما رواه المشایخ الثلاثة فی الصحیح عن عمر بن یزید قال: قلت لأبی إبراهیم ع أسألک عن مسألة فقال سل قلت لم باع أمیر المؤمنین ص أمهات الأولاد قال فی فکاک رقابهن قلت فکیف ذلک قال أیما رجل اشتری جاریة فأولدها ثم لم یؤد ثمنها و لم یدع من المال ما یؤدی عنه أخذ ولدها منها و بیعت و أدی ثمنها قلت فتباع فیما سوی ذلک عن دین قال لا و فی روایة أخری لعمر بن یزید عن أبی الحسن ع قال: سألته عن بیع أم الولد تباع فی الدین قال نعم فی ثمن رقبتها. و مقتضی إطلاقها بل إطلاق الصحیحة کما قیل ثبوت الجواز مع حیاة المولی کما هو مذهب الأکثر بل لم یعرف الخلاف فیه صریحا نعم تردد فیه الفاضلان. و عن نهایة المرام و الکفایة أن المنع نادر لکنه لا یخلو عن قوة و ربما یتوهم القوة من حیث توهم تقییدها بالصحیحة السابقة بناء علی اختصاص الجواز فیها بصورة موت المولی کما یشهد به قوله فیها و لم یدع من المال إلی آخر الروایة فیدل علی نفی الجواز عما سوی هذا الفرد إما لورودها فی جواب السؤال عن موارد بیع أمهات الأولاد فیدل علی الحصر و إما لأن نفی الجواز فی ذیلها فیما سوی هذه الصورة یشمل بیعها فی الدین مع حیاة المولی. و اندفاع التوهم بکلا وجهیه واضح. نعم یمکن أن یقال فی وجه القوة بعد الغض عن دعوی ظهور قوله تباع الظاهر فی الدین فی کون البائع غیر المولی فیما بعد الموت أن النسبة بینها و بین روایة ابن مارد المتقدمة عموم من وجه فیرجع إلی أصالة المنع الثابتة بما تقدم من القاعدة المنصوصة المجمع علیها. نعم ربما یمنع عموم القاعدة علی هذا الوجه بحیث یحتاج إلی المخصص فیقال یمنع الإجماع فی محل الخلاف و لا سیما مع کون المخالف جل المجمعین بل کلهم إلا نادرا و حینئذ فالمرجع إلی قاعدة سلطنة الناس علی أموالهم لکن التحقیق خلافه و إن صدر هو عن بعض المحققین لأن المستفاد من النصوص و الفتاوی أن استیلاد الأمة یحدث لها حقا مانعا عن نقلها إلا إذا کان هناک حق أولی منه بالمراعاة و ربما توهم معارضة هذه القاعدة بوجوب أداء الدین فتبقی قاعدة السلطنة و أصالة بقاء جواز بیعها فی ثمن رقبتها قبل الاستیلاد و لا یعارضها أصالة بقاء المنع حال الاستیلاد قبل العجز عن ثمنها لأن بیعها قبل العجز لیس بیعا فی الدین کما لا یخفی. و یندفع أصل المعارضة بأن أدلة وجوب أداء الدین مقیدة بالقدرة العقلیة و الشرعیة و قاعدة المنع تنفی القدرة الشرعیة کما فی المرهون و الموقوف فالأولی فی الانتصار لمذهب المشهور أن یقال برجحان إطلاق روایة عمر بن یزید علی إطلاق روایة ابن مارد الظاهر فی عدم کون بیعها فی ثمن رقبتها کما یشهد به قوله فتمکث عنده ما شاء الله لم تلد منه شیئا بعد ما ملکها ثم یبدو له فی بیعها مع أن ظاهر البدء فی البیع ینافی الاضطرار إلیه لأجل ثمنها. و بالجملة فبعد منع ظهور سیاق الروایة فیما بعد الموت لا إشکال فی رجحان دلالتها- علی دلالة روایة ابن مارد علی المنع کما یظهر بالتأمل مضافا إلی اعتضادها بالشهرة المحققة و المسألة محل إشکال ثم علی المشهور من الجواز- فهل یعتبر فیه عدم ما یفی به الدین و لو من المستثنیات کما هو ظاهر إطلاق کثیر أو مما عداها کما عن جماعة الأقوی هو الثانی بل لا یبعد أن یکون ذلک مراد من أطلق لأن الحکم بالجواز فی هذه الصورة فی النص و الفتوی مسوق لبیان ارتفاع المانع عن بیعها من جهة الاستیلاد فتکون ملکا طلقا کسائر الأملاک التی یؤخذ المالک ببیعها من دون بیع المستثنیات. فحاصل السؤال فی روایة عمر بن یزید أنه هل تباع أم الولد فی الدین علی حد سائر الأموال التی تباع فیه. و حاصل الجواب تقریر ذلک فی خصوص ثمن الرقبة فیکون ثمن الرقبة بالنسبة إلی أم الولد کسائر الدیون بالنسبة إلی سائر الأموال.

و مما ذکرنا یظهر أنه لو کان نفس أم الولد مما یحتاج إلیها المولی للخدمة فلا تباع فی ثمن رقبتها لأن غایة الأمر کونها بالنسبة إلی الثمن کجاریة أخری یحتاج إلیها. و مما ذکرنا یظهر الوجه فی استثناء الکفن و مئونة التجهیز فإذا کان للمیت کفن و أم ولد بیعت أم الولد فی الدین دون الکفن إذ یصدق أن المیت لم یدع ما یؤدی عنه الدین عداها لأن الکفن لا یؤدی عن الدین ثم إنه لا فرق بین کون ثمنها بنفسه دینا للبائع- أو استدان الثمن و اشتری به أما لو اشتری فی الذمة ثم استدان ما أوفی به البائع فلیس بیعها فی ثمن رقبتها بل ربما تأمل فیما قبله فتأمل. و لا فرق بین بقاء جمیع الثمن فی الذمة أو بعضها و لا بین نقصان قیمتها عن الثمن أو زیادتها علیها. نعم لو أمکن الوفاء ببیع بعضها اقتصر علیه کما عن غایة المراد التصریح به و لو کان الثمن مؤجلا لم یجز للمولی بیعها قبل حلول الأجل و إن کان مأیوسا عن الأداء عند الأجل. و فی اشتراط مطالبة البائع أو الاکتفاء باستحقاقه و لو امتنع عن التسلم أو الفرق بین رضاه بالتأخیر و إسقاطه لحق الحلول و إن لم یسقط بذلک و بین عدم المطالبة فیجوز فی الأول دون الثانی وجوه أحوطها الأول و مقتضی الإطلاق الثانی و لو تبرع متبرع بالأداء فإن سلم إلی البائع برئت ذمة المشتری و لا یجوز بیعها و إن سلم إلی المولی أو الورثة ففی وجوب القبول نظر و کذا لو رضی البائع باستسعائها فی الأداء و لو دار الأمر بین بیعها ممن تنعتق علیه أو بشرط العتق و بیعها من غیره ففی وجوب تقدیم الأول وجهان و لو أدی الولد ثمن نصیبه انعتقت علیه و حکم الباقی یعلم من مسائل السرایة و لو أدی ثمن جمیعها فإن أقبضه البائع فکالمتبرع و إن کان بطریق الشراء ففی وجوب قبول ذلک علی الورثة نظر من الإطلاق و من الجمع بین حقی الاستیلاد و الدین و لو امتنع المولی من أداء الثمن من غیر عذر فلجواز بیع البائع لها مقاصة مطلقا أو مع إذن الحاکم وجه و ربما یستوجه خلافه لأن المنع لحق أم الولد فلا یسقط بامتناع المولی و لظاهر الفتاوی و تغلیب جانب الحریة و فی الجمیع نظر. و المراد بثمنها ما جعل عوضا لها فی عقد مساومتها و إن کان صلحا و فی إلحاق الشرط المذکور فی متن العقد بالثمن- کما إذا اشترط الإنفاق علی البائع مدة معینة إشکال و علی العدم لو فسخ البائع فإن قلنا بعدم منع الاستیلاد من الاسترداد بالفسخ استردت و إن قلنا

المکاسب، ج 2، ص 178

بمنعه عنه فتنتقل إلی القیمة و لو قلنا بجواز بیعها حینئذ فی أداء القیمة أمکن القول بجواز استردادها لأن المانع عنه هو عدم انتقالها فإذا لم یکن بد من نقلها لأجل القیمة لم یمنع عن ردها إلی البائع کما لو بیعت علی البائع فی ثمن رقبتها هذا مجمل القول فی بیعها فی ثمنها. و أما بیعها فی دین آخر- فإن کان مولاها حیا لم یجز إجماعا علی الظاهر المصرح به فی کلام بعض و إن کان بعد موته فالمعروف من مذهب الأصحاب المنع أیضا لأصالة بقاء المنع فی حال الحیاة و لإطلاق روایتی عمر بن یزید المتقدمین منطوقا و مفهوما و بهما یخصص ما دل بعمومه علی الجواز مما یتخیل صلاحیته لتخصیص قاعدة المنع عن بیع أم الولد کمفهوم مقطوعة یونس: فی أم ولد لیس لها ولد مات ولدها و مات عنها صاحبها و لم یعتقها هل یجوز لأحد تزویجها قال لا هی أمة لا یحل لأحد تزویجها إلا بعتق من الورثة و إن کان لها ولد و لیس علی المیت دین فهی للولد و إذا ملکها الولد عتقت بملک ولدها لها و إن کانت بین شرکاء فقد عتقت من نصیبه و تستسعی فی بقیة ثمنها خلافا للمحکی عن المبسوط فجوز البیع حینئذ مع استغراق الدین. و الجواز ظاهر اللمعتین و کنز العرفان و الصیمری و لعل وجه تفصیل الشیخ أن الورثة لا یرثون مع الاستغراق فلا سبیل إلی انعتاق أم الولد الذی هو الغرض من المنع عن بیعها و عن نکاح المسالک- أن الأقوی انتقال الترکة إلی الوارث مطلقا و إن منع من التصرف بها علی تقدیر استغراق الدین فینعتق نصیب الولد منها کما لو لم یکن دین و لزمه أداء قیمة النصیب من ماله و ربما ینتصر للمبسوط علی المسالک أولا بأن المستفاد مما دل علی أنها تعتق من نصیب ولدها أن ذلک من جهة استحقاقه لذلک النصیب من غیر أن یقوم علیه أصلا و إنما الکلام فی باقی الحصص إذا لم یف نصیبه من جمیع الترکة لقیمة أمة هل تقوم علیه أو تسعی هی فی أداء قیمتها. و ثانیا بأن النصیب إذا نسب إلی الوارث- فلا یراد منه إلا ما یفضل من الترکة بعد أداء الدین و سائر ما یخرج من الأصل المقصود منه النصیب المستقر الثابت لا النصیب الذی یحکم بتملک الوارث له تفصیا من لزوم بقاء الملک بلا مالک. و ثالثا أن ما ادعاه من الانعتاق علی الولد بمثل هذا الملک مما لم ینص علیه الأصحاب و لا دل علیه دلیل معتبر و ما توهمه الأخبار و کلام الأصحاب من إطلاق الملک فالظاهر أن المراد به غیر هذا القسم و لذا لا یحکم بانعتاق العبد الموقوف علی من ینعتق علیه بناء علی صحة الوقف و انتقال الموقوف إلی الموقوف علیه. و رابعا أنه یلزم علی کلامه- أنه متی کان نصیب الولد من أصل الترکة بأجمعها ما یساوی قیمة أمة یقوم علیه سواء کان هناک دین مستغرق أم لا و سواء کان نصیبه الثابت فی الباقی بعد الدیون و نحوها یساوی قیمتها أم لا و کذلک لو ساوی نصیبه من الأصل نصفها أو ثلثها أو غیر ذلک فإنه یقوم نصیبه علیه کائنا ما کان و یسقط من القیمة نصیبه الباقی الثابت إن کان له نصیب و یطلب بالباقی هذا مما لا یقوله أحد من الأصحاب و ینبغی القطع ببطلانه.

و یمکن دفع الأول بأن المستفاد من ظاهر الأدلة انعتاقها من نصیب ولدها حتی مع الدین المستغرق فالدین غیر مانع من انعتاقها علی الولد لکن ذلک لا ینافی اشتغال ذمة الولد قهرا بقیمة نصیبه أو وجوب بیعها فی القیمة جمعا بین ما دل علی الانعتاق علی الولد الذی یکشف عنه إطلاق النهی عن بیعها و بین ما دل علی أن الوارث لا یستقر له ما قابل نصیبه من الدین علی وجه یسقط حق الدیان غایة الأمر سقوط حقهم عن عین هذا المال الخاص و عدم کونه کسائر الأموال التی یکون للوارث الامتناع عن أداء مقابلها و دفع عینها إلی الدیان و یکون لهم أخذ العین إذا امتنع الوارث من أداء ما قابل العین. و الحاصل أن مقتضی النهی عن بیع أم الولد فی دین غیر ثمنها بعد موت المولی عدم تسلط الدیان علی أخذها و لو مع امتناع الولد عن فکها بالقیمة و عدم تسلط الولد علی دفعها وفاء عن دین أبیه و لازم ذلک انعتاقها علی الولد فیتردد الأمر حینئذ بین سقوط حق الدیان عن ما قابلها من الدین فتکون أم الولد نظیر مئونة التجهیز التی لا یتعلق حق الدیان بها و بین أن یتعلق حق الدیان بقیمتها علی من یتلف فی ملکه و تنعتق علیه و هو الولد و بین أن یتعلق حق الدیان بقیمتها علی رقبتها فتسعی فیها و بین أن یتعلق حق الدیان بمنافعها فلهم أن یؤجروها مدة طویلة نفی أجرتها بدینهم کما قیل بتعلق حق الغرماء بمنافع أم ولد المفلس. و لا إشکال فی عدم جواز رفع الید عما دل علی بقاء حق الدیان متعلقا بالترکة فیدور الأمر بین الوجهین الأخیرین فتعتق علی کل حال و یبقی الترجیح بین الوجهین محتاجا إلی التأمل. و مما ذکرنا یظهر اندفاع الوجه الثانی- فإن مقتضی المنع عن بیعها مطلقا أو فی دین غیر ثمنها استقرار ملک الوارث علیها و منه یظهر الجواب عن الوجه الثالث- إذ بعد ما ثبت عدم تعلق حق الدیان بعینها علی أن یکون لهم أخذها عند امتناع الوارث من الأداء فلا مانع عن انعتاقها و لا جامع بینها و بین الوقف الذی هو ملک للبطن اللاحق کما هو ملک للبطن السابق. و أما ما ذکره رابعا فهو إنما ینافی الجزم بکون قیمتها بعد الانعتاق متعلقا بالولد أما إذا قلنا باستسعائها فلا یلزم شی ء. فالضابط حینئذ أنها تنعتق علی الولد ما لم یتعقبه ضمان من نصیبه فإن کان مجموع نصیبه أو بعض نصیبه یملکه مع ضمان أداء ما قابله من الدین کان ذلک فی رقبتها. و مما ذکرنا یظهر أیضا أنه لو کان غیر ولدها أیضا مستحقا لشی ء منها بالإرث لم یملک نصیبه مجانا بل إما أن یدفع إلی الدیان ما قابل نصیبه فتسعی أم الولد کما لو لم یکن دین فینعتق نصیب غیر ولدها علیه مع ضمانها أو ضمان ولدها قیمة حصتها التی فکها من الدیان و إما أن یخلی بینها و بین الدیان فتنعتق أیضا علیهم مع ضمانها أو ضمان ولدها ما قابل الدین لهم و أما حرمان الدیان عنها عینا و قیمة و إرث الورثة لها و أخذ غیر ولدها قیمة حصته منها أو من ولدها و صرفها فی غیر الدین فهو باطل لمخالفته لأدلة ثبوت حق الدیان من غیر أن یقتضی النهی عن التصرف فی أم الولد لذلک. و مما ذکرنا یظهر ما فی قول بعض من أورد علی ما فی المسالک بما ذکرناه أن الجمع بین فتاوی الأصحاب و أدلتهم مشکل جدا حیث

المکاسب، ج 2، ص 179

إنهم قیدوا الدین بکونه ثمنا و حکموا بأنها تعتق علی ولدها من نصیبه و أن ما فضل عن نصیبه تنعتق بالسرایة و تسعی فی أداء قیمتها و لو قصدوا أن أم الولد أو سهم الولد مستثنی من الدین کالکفن عملا بالنصوص المزبورة فله وجه إلا أنهم لا یعدون ذلک من المستثنیات و لا ذکر فی النصوص صریحا انتهی. و أنت خبیر بأن النصوص المزبورة لا تقتضی سقوط حق الدیان کما لا یخفی.

و منها تعلق کفن مولاها بها

علی ما حکاه فی الروضة بشرط عدم کفایة بعضها له بناء علی ما تقدم نظیره فی الدین من أن المنع لغایة الإرث و هو مفقود مع الحاجة إلی الکفن و قد عرفت أن هذه حکمة غیر مطردة و لا منعکسة. و أما بناء علی ما تقدم من جواز بیعها فی غیر ثمنها من الدین مع أن الکفن یتقدم علی الدین فبیعها له أولی بل اللازم ذلک أیضا بناء علی حصر الجواز فی بیعها فی ثمنها علی ما تقدم من أن وجود مقابل الکفن الممکن صرفه فی ثمنها لا یمنع عن بیعها فیعلم من ذلک تقدیم الکفن علی حق الاستیلاد و إلا لصرف مقابله فی ثمنها و لم تبع و من ذلک یظهر النظر فیما قیل من أن هذا القول مأخوذ من القول بجواز بیعها فی مطلق الدین المستوعب و توضیحه أنه إذا کان للمیت المدیون أم ولد و مقدار ما یجهز به فقد اجتمع هنا حق المیت و حق بائع أم الولد و حق أم الولد فإذا ثبت عدم سقوط حق بائع أم الولد دار الأمر بین إهمال حق المیت بترک الکفن و إهمال حق أم الولد ببیعها فإذا حکم بجواز بیع أم الولد حینئذ بناء علی ما تقدم فی المسألة السابقة کان معناه تقدیم حق المیت علی حق أم الولد و لازم ذلک تقدیمه علیها مع عدم الدین و انحصار الحق فی المیت و أم الولد اللهم إلا أن یقال لما ثبت بالدلیل السابق تقدیم دین ثمن أم الولد علی حقها و ثبت بعموم النص تقدیم الکفن علی الدین اقتضی الجمع بینهما تخصیص جواز صرفها فی ثمنها- بما إذا لم یحتج المیت إلی الکفن بنفسه أو لبذل باذل أو بما إذا کان للمیت مقابل الکفن لأن مقابل الکفن غیر قابل للصرف فی الدین فلو لم یکن غیرها لزم من صرفها فی الثمن تقدیم الدین علی الکفن أما إذا لم یکن هناک دین و تردد الأمر بین حقها و حق مولاها المیت فلا دلیل علی تقدیم حق مولاها لیخصص به قاعدة المنع عن بیع أم الولد عدا ما یدعی من قاعدة تعلق حق الکفن بمال المیت لکن الظاهر اختصاص تلک القاعدة بما إذا لم یتعلق به حق سابق مانع من التصرف فیه و الاستیلاد من ذلک الحق و لو فرض تعارض الحقین فالمرجع إلی أصالة فساد بیعها قبل الحاجة إلی الکفن فتأمل. نعم یمکن أن یقال نظیر ما قیل فی الدین- من أن الولد یرث نصیبه و ینعتق علیه و تتعلق بذمته مئونة التجهیز أو تستسعی أمه و لو بإیجار نفسها فی مدة و أخذ الأجرة قبل العمل و صرفها فی التجهیز و المسألة محل إشکال.

و منها ما إذا جنت علی غیر مولاها فی حیاته

أما بعد موته فلا إشکال فی حکمها لأنها بعد موت المولی تخرج عن التشبث بالحریة إما إلی الحریة الخالصة أو الرقیة الخالصة و حکم جنایتها عمدا أنه إن کان فی مورد ثبت القصاص فللمجنی علیه القصاص نفسا کان أو طرفا و له استرقاقها کلا أو بعضا علی حسب جنایتها فیصیر المقدار المسترق منها ملکا طلقا و ربما تخیل بعض أنه یمکن أن یقال إن رقیتها للمجنی علیه لا تزید علی رقیتها للمالک الأول لأنها تنتقل إلیه علی حسب ما کانت عند الأول ثم ادعی أنه یمکن أن یدعی ظهور أدلة المنع خصوصا صحیحة عمر بن یزید المتقدمة فی عدم بیع أم الولد مطلقا. و الظاهر أن مراده بإمکان القول المذکور مقابل امتناعه عقلا و إلا فهو احتمال مخالف للإجماع و النص الدال علی الاسترقاق الظاهر فی صیرورة الجانی رقا خالصا و ما وجه به هذا الاحتمال من أنها تنتقل إلی المجنی علیه علی حسب ما کانت عند الأول ففیه أنه لیس فی النص إلا الاسترقاق و هو جعلها رقا له کسائر الرقیق لا انتقالها عن المولی الأول إلیه حتی یقال إنه إنما کان علی النحو الذی کان للمولی الأول. و الحاصل أن المستفاد بالضرورة من النص و الفتوی أن الاستیلاد یحدث للأمة حقا علی مستولدها یمنع من مباشرة بیعها و من البیع لغرض عائد إلیه مثل قضاء دیونه و کفنه علی خلاف فی ذلک و إن کانت الجنایة خطأ فالمشهور أنها کغیرها من الممالیک یتخیر المولی بین دفعها أو دفع ما قابل الجنایة منها إلی المجنی علیه و بین أن یفدیها بأقل الأمرین علی المشهور أو بالأرش علی ما عن الشیخ و غیره. و عن الخلاف و السرائر و استیلاد المبسوط أنه لا خلاف فی أن جنایتها تتعلق برقبتها لکن عن دیات المبسوط أن جنایتها علی سیدها بلا خلاف إلا من أبی ثور فإنه جعلها فی ذمتها تتبع بها بعد العتق و هو المخالف لما فی الاستیلاد من المبسوط و ربما یوجه بإرادة نفی الخلاف بین العامة و ربما نسب إلیه الغفلة کما عن المختلف و الأظهر أن المراد بکونها علی سیدها عود خسارة جنایتها علی السید فی مقابل عدم خسارة المولی لا من عین الجانی و لا من مال آخر و کونها فی ذمة نفسها تتبع بها بعد العتق و لیس المراد وجوب فدائها. و علی هذا أیضا یحمل ما فی روایة مسمع عن أبی عبد الله ع قال: أم الولد جنایتها فی حقوق الناس علی سیدها و ما کان من حقوق الله فی الحدود فإن ذلک فی بدنها فمعنی کونها علی سیدها أن الأمة بنفسها لا تتحمل من الجنایة شیئا. و مثلها ما أرسل عن علی ع فی قوله: المعتق علی دبر فهو من الثلث و ما جنی هو و المکاتب و أم الولد فالمولی ضامن لجنایتهم. و المراد من جمیع ذلک خروج دیة الجنایة من مال المولی المردد بین ملکه الجانی أو ملک آخر و کیف کان فإطلاقات حکم جنایة مطلق المملوک سلیمة عن المخصص و لا یعارضها أیضا إطلاق المنع عن بیع أم الولد لأن ترک فدائها و التخلیة بینها و بین المجنی علیه لیس نقلا لها خلافا للمحکی عن موضع من المبسوط و المهذب و المختلف من تعیین الفداء علی السید. و لعله للروایتین المؤیدتین بأن استیلاد المولی هو الذی أبطل أحد طرفی التخییر فتعین علیه الآخر بناء علی أنه لا فرق بین إبطال طرفی التخییر بعد الجنایة کما لو قتل أو باع عبده الجانی و بین إبطاله قبلها کالاستیلاد الموجب لعدم تأثیر أسباب الانتقال فیها و قد عرفت معنی الروایتین و المؤید مصادرة لا یبطل به إطلاق النصوص

و منها ما إذا جنت علی مولاها- بما یوجب صحة استرقاقها لو کان المجنی علیه غیر المولی

فهل تعود ملکا طلقا بجنایتها

المکاسب، ج 2، ص 180

علی مولاها فیجوز له التصرف الناقل فیها کما هی المحکی فی الروضة عن بعض و عدها السیوری من صور الجواز أو لا کما هو المشهور إذ لم یتحقق بجنایتها علی مولاها إلا جواز الاقتصاص منها و أما الاسترقاق فهو تحصیل للحاصل. و ما یقال فی توجیهه من أن الأسباب الشرعیة تؤثر بقدر الإمکان فإذا لم تؤثر الجنایة الاسترقاق أمکن أن یتحقق للمولی أثر جدید و هو استقلال جدید فی التصرف فیها مضافا إلی أن استرقاقها لترک القصاص کفکاک رقابهن الذی أنیط به الجواز فی صحیحة ابن یزید المتقدمة و مضافا إلی أن المنع عن التصرف لأجل التخفیف لا یناسب الجانی عمدا فیندفع بما لا یخفی و أما الجنایة علی مولاها خطأ فلا إشکال فی أنها لا یجوز التصرف فیها کما لا یخفی. و روی الشیخ فی الموثق عن غیاث عن جعفر عن أبیه عن علی ع قال: إذا قتلت أم الولد سیدها خطأ فهی حرة لیس علیها سعایة و عن الشیخ و الصدوق بإسنادهما عن وهب بن وهب عن جعفر عن أبیه ص: إن أم الولد إذا قتلت سیدها خطأ فهی حرة لا تبعة علیها و إن قتلته عمدا قتلت به. و عن الشیخ عن حماد عن جعفر عن أبیه: إذا قتلت أم الولد سیدها خطأ سعت فی قیمتها و یمکن حملها علی سعیها فی بقیة قیمتها إذا قصر نصیب ولدها. و عن الشیخ فی التهذیب و الاستبصار الجمع بینهما بغیر ذلک فراجع.

و منها ما إذا جنی حر علیها بما فیه دیتها

فإنها لو لم تکن مستولدة کان للمولی التخییر بین دفعها إلی الجانی و أخذ قیمتها و بین إمساکها و لا شی ء له لئلا یلزم الجمع بین العوض و المعوض ففی المستولدة یحتمل ذلک و یحتمل أن لا یجوز للمولی أخذ القیمة لیلزم منه استحقاق الجانی للرقبة و أما احتمال منع الجانی عن أخذها و عدم تملکه لها بعد أخذ الدیة منه فلا وجه له لأن الاستیلاد یمنع عن المعاوضة أو ما فی حکمها لا عن أخذ العوض بعد إعطاء المعوض بحکم الشرع و المسألة من أصلها موضع إشکال لعدم لزوم الجمع بین العوض و المعوض لأن الدیة عوض شرعی عما فات بالجنایة لا عن رقبة العبد و تمام الکلام فی محله.

و منها ما إذا لحقت بدار الحرب ثم استرقت

حکاه فی الروضة و کذا لو أسرها المشرکون ثم استعادها المسلمون فکأنه فیما إذا أسرها غیر مولاها و لم یثبت کونها أمة المولی إلا بعد القسمة و قلنا إن القسمة لا تنقص و یغرم الإمام قیمتها لمالکها لکن المحکی عن الأکثر و المنصوص أنها ترد علی مالکها و یغرم قیمتها للمقاتلة.

و منها ما إذا خرج مولاها عن الذمة

و ملکت أمواله التی هی منها.

و منها ما إذا کان مولاها ذمیا و قتل مسلما

فإنه یدفع هو و أمواله إلی أولیاء المقتول هذا ما ظفرت به من موارد القسم الأول و هو ما إذا عرض لأم الولد حق للغیر أقوی من الاستیلاد.

و أما القسم الثانی و هو ما إذا عرض لها حق لنفسها أولی بالمراعاة من حق الاستیلاد
فمن موارده ما إذا أسلمت و هی أمة ذمی

فإنها تباع علیه بناء علی أن حق إسلامها المقتضی لعدم سلطنة الکافر علیها أولی من حق الاستیلاد المعرض للعتق و لو فرض تکافؤ دلیلهما کان المرجع عمومات صحة البیع دون قاعدة سلطنة الناس مسلطون علی أموالهم المقتضیة لعدم جواز بیعها علیه لأن المفروض أن قاعدة السلطنة قد ارتفعت بحکومة أدلة نفی سلطنة الکافر علی المسلم فالمالک لیس مسلطا قطعا و لا حق له فی عین الملک جزما إنما الکلام فی تعارض حقی أم الولد من حیث کونها مسلمة فلا یجوز کونها مقهورة بید الکافر و من حیث کونها فی معرض العتق فلا یجوز إخراجها عن هذه العرصة و الظاهر أن الأول أولی للاعتبار و حکومة قاعدة نفی السبیل علی جل القواعد و لقوله ص: الإسلام یعلو و لا یعلی علیه. و مما ذکرنا ظهر أنه لا وجه للتمسک باستصحاب المنع قبل إسلامها لأن الشک إنما هو فی طرو ما مقدم علی حق الاستیلاد و الأصل عدمه مع إمکان معارضة الأصل بمثله لو فرض فی بعض الصور تقدم الإسلام علی المنع عن البیع و مع إمکان دعوی ظهور قاعدة المنع فی عدم سلطنة المالک و تقدیم حق الاستیلاد علی حق الملک فلا ینافی تقدیم حق آخر لها علی هذا الحق.

و منها ما إذا عجز مولاها عن نفقتها و لو فی کسبها

فتباع علی من ینفق علیها علی ما حکی عن اللمعة و کنز العرفان و أبی العباس و الصیمری و المحقق الثانی. و قال فی القواعد لو عجز عن الإنفاق علی أم الولد أمرت بالتکسب فإن عجزت أنفق علیها من بیت المال و لا یجب عتقها و لو کانت الکفایة بالتزویج وجبت و لو تعذر الجمیع ففی البیع إشکال انتهی. و ظاهره عدم جواز البیع مهما أمکن الإنفاق من مال المولی أو کسبه أو مالها أو عوض بضعها أو وجود من یؤخذ بنفقتها أو بیت المال و هو حسن و مع عدم ذلک کله فلا یبعد المنع عن البیع أیضا و فرضها کالحر فی وجوب سد رمقها کفایة علی جمیع من اطلع علیها و لو فرض عدم ذلک أیضا أو کون ذلک ضررا عظیما علیها فلا یبعد الجواز لحکومة أدلة نفی الضرر و لأن رفع هذا عنها أولی من تحملها ذلک رجاء أن تنعتق من نصیب ولدها مع جریان ما ذکرناه أخیرا فی الصورة السابقة من احتمال ظهور أدلة المنع فی ترجیح حق الاستیلاد علی حق مالکها لا علی حقها الآخر فتدبر.

و منها بیعها علی من تنعتق علیه

علی ما حکی من الجماعة المتقدم إلیهم الإشارة لأن فیه تعجیل حقها و هو حسن لو علم أن العلة حصول العتق فلعل الحکمة انعتاق خاص اللهم إلا أن یستند إلی ما ذکرناه أخیرا فی ظهور أدلة المنع أو یقال إن هذا عتق فی الحقیقة. و یلحق بذلک بیعها بشرط العتق- فلو لم یف المشتری احتمل وجوب استردادها کما عن الشهید الثانی و یحتمل إجبار الحاکم أو العدول المشتری علی الإعتاق إذ إعتاقها علیه قهرا و کذلک بیعها ممن أقر بحریتها و یشکل بأنه إن علم المولی صدق المقر لم یجز له البیع و أخذ الثمن فی مقابل الحر و إن علم بکذبه لم یجز أیضا لعدم جواز بیع أم الولد و مجرد صیرورتها حرة علی المشتری فی ظاهر الشرع مع کونها ملکا له فی الواقع و بقائها فی الواقع علی صفة الرقیة للمشتری لا یجوز البیع بل الحریة الواقعیة و إن تأخرت- أولی من الظاهریة و إن تعجلت.

و منها ما إذا مات قریبها و خلف ترکة و لم یکن له وارث سواها

فتشتری من مولاها للعتق و ترث قریبها و هو مختار الجماعة

المکاسب، ج 2، ص 181

السابقة و ابن سعید فی النزهة و حکی عن العمانی و عن المهذب إجماع الأصحاب علیه و بذلک یمکن ترجیح أخبار الإرث علی قاعدة المنع مضافا إلی ظهورها فی رفع سلطنة المالک و المفروض هنا عدم کون البیع باختیاره بل تباع علیه لو امتنع

و أما القسم الثالث- و هو ما یکون الجواز لحق سابق علی الاستیلاد
فمن مواردها ما إذا کان علوقها بعد الرهن

فإن المحکی عن الشیخ و الحلی و ابن زهرة و المختلف و التذکرة و اللمعة و المسالک و المحقق الثانی و السیوری و أبی العباس و الصیمری جواز بیعها حینئذ و لعله لعدم الدلیل علی بطلان حکم الرهن السابق بالاستیلاد اللاحق بعد تعارض أدلة حکم الرهن و أدلة المنع عن بیع أم الولد فی دین غیر ثمنها خلافا للمحکی عن الشرائع و التحریر فالمنع مطلقا. و عن الشهید فی بعض تحقیقاته الفرق بین وقوع الوطء بإذن المرتهن و وقوعه بدونه و عن الإرشاد و القواعد التردد و تمام الکلام فی باب الرهن.

و منها ما إذا کان علوقها بعد إفلاس المولی و الحجر علیه

و کانت فاضلة عن المستثنیات فی أداء الدین فتباع حینئذ کما فی القواعد و اللمعة و جامع المقاصد.

و عن المهذب و کنز العرفان و غایة المرام لما ذکر من سبق تعلق حق الدیان بها و لا دلیل علی بطلانه بالاستیلاد و هو حسن مع وجود الدلیل علی تعلق حق الغرماء بالأعیان أما لو لم یثبت إلا الحجر علی المفلس فی التصرف و وجوب بیع الحاکم أمواله فی الدین فلا یؤثر فی دعوی اختصاصها بما هو قابل للبیع فی نفسه فتأمل و تمام الکلام فی باب الحجر إن شاء الله.

و منها ما إذا کان علوقها بعد جنایتها

و هذا فی الجنایة التی لا تجوز البیع لو کانت لاحقة بل تلزم المولی بالفداء و أما لو قلنا بأن الجنایة اللاحقة أیضا ترفع المنع لم یکن فائدة فی فرض تقدیمها.

و منها ما إذا کان علوقها فی زمان خیار بائعها

فإن المحکی عن الحلی جواز استردادها مع کونها ملکا للمشتری و لعله لاقتضاء الخیار ذلک فلا یبطله الاستیلاد خلافا للعلامة و ولده و المحقق و الشهید الثانیین و غیرهم فحکموا بأنه إذا فسخ رجع بقیمة أم الولد و لعله لصیرورتها منزلة التالف و الفسخ بنفسه لا یقتضی إلا جعل العقد من زمان الفسخ کأن لم یکن و أما وجوب رد العین فهو من أحکامه لو لم یمنع عقلا أو شرعا و المانع الشرعی کالعقلی. نعم لو قیل إن الممنوع إنما هو نقل المالک أو النقل من قبله لدیونه أما الانتقال عنه بسبب یقتضیه الدلیل خارج عن اختیاره فلم یثبت فلا مانع شرعا من استرداد عینها. و الحاصل أن منع الاستیلاد عن استرداد بائعها لها یحتاج إلی دلیل مفقود اللهم إلا أن یدعی أن الاستیلاد حق لأم الولد مانع عن انتقالها عن ملک المولی لحقه أو لحق غیره إلا أن یکون للغیر حق أقوی أو سابق یقتضی انتقالها و المفروض أن حق الخیار لا یقتضی انتقالها بقول مطلق بل یقتضی انتقالها مع الإمکان شرعا و المفروض أن تعلق حق أم الولد مانع شرعا کالعتق و البیع علی القول بصحتهما فی زمان الخیار فتأمل.

و منها ما إذا کان علوقها بعد اشتراط أداء مال الضمان منها

بناء علی ما استظهر الاتفاق علیه من جواز اشتراط الأداء من مال معین فیتعلق به حق المضمون له و حیث فرض سابقا علی الاستیلاد فلا یزاحم به علی قول محکی فی الروضة.

و منها ما إذا کان علوقها بعد نذر جعلها صدقة

إذا کان النذر مشروطا بشرط لم یحصل قبل الوطء ثم حصل بعده بناء علی ما ذکروه من خروج المنذور کونها صدقة عن ملک الناذر بمجرد النذر فی المطلق بعد حصول الشرط فی المعلق کما حکاه صاحب المدارک عنهم فی باب الزکاة و یحتمل کون استیلادها کإتلافها فیحصل الحنث و تستقر القیمة جمعا بین حقی أم الولد و المنذور له و لو نذر التصدق بها فإن کان مطلقا قلنا بخروجها عن الملک بمجرد ذلک کما حکی عن بعض فلا حکم للعلوق و إن قلنا بعدم خروجها عن ملکه احتمل تقدیم حق المنذور له فی العین و تقدیم حق الاستیلاد و الجمع بینهما بالقیمة و لو کان معلقا فوطئها قبل حصول الشرط صارت أم ولد فإذا حصل الشرط وجب التصدق بها لتقدم سببه و یحتمل انحلال النذر لصیرورة التصدق مرجوحا بالاستیلاد مع الرجوع إلی القیمة أو بدونه و تمام الکلام یحتاج إلی بسط تمام لا یسعه الوقت.

و منها ما إذا کان علوقها من مکاتب مشروط ثم فسخت کتابته فللمولی أن یبیعها

علی ما حکاه فی الروضة عن بعض الأصحاب بناء علی أن مستولدته أم ولد بالفعل غیر معلق علی عتقه فلا یجوز له بیع ولدها.

و [أما] القسم الرابع- فهو ما کان إبقاؤها فی ملک المولی غیر معرض لها للعتق

لعدم توریث الولد من أبیه لأحد موانع الإرث أو لعدم ثبوت النسب من طرف الأم أو الأب واقعا لفجور أو ظاهرا باعتراف ثم إنا لم نذکر فی کل مورد من موارد الاستثناء إلا قلیلا من کثیر ما یحتمله من الکلام فیطلب تفصیل کل واحد من مقامه

مسألة و من أسباب خروج الملک عن کونه طلقا کونه مرهونا
اشارة

فإن الظاهر بل المقطوع به الاتفاق علی عدم استقلال المالک فی بیع ملکه المرهون.

و حکی عن الخلاف إجماع الفرقة و أخبارهم علی ذلک و قد حکی الإجماع عن غیره أیضا. و عن المختلف فی باب تزویج الأمة المرهونة أنه أرسل عن النبی ص: إن الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف فی الرهن.

و إنما الکلام فی أن بیع الراهن هل یقع باطلا من أصله أو یقع موقوفا علی الإجازة

أو سقوط حقه بإسقاطه أو بالفک. فظاهر عبائر جماعة من القدماء و غیرهم الأول إلا أن صریح الشیخ فی النهایة و ابن حمزة فی الوسیلة و جمهور المتأخرین عدا شاذ منهم هو کونه موقوفا و هو الأقوی للعمومات السلیمة عن المخصص لأن معقد الإجماع و الأخبار الظاهرة فی المنع عن التصرف هو الاستقلال کما یشهد به عطف المرتهن علی الراهن مع ما ثبت فی محله من وقوع تصرف المرتهن موقوفا لا باطلا. و علی تسلیم الظهور فی بطلان التصرف رأسا فهی موهونة بمصیر جمهور المتأخرین علی خلافه هذا کله مضافا إلی ما یستفاد من صحة نکاح العبد بالإجازة معللا بأنه لم یعص الله و إنما عصی سیده إذ المستفاد منه أن کل عقد کان النهی عنه لحق الآدمی یرتفع المنع و یحصل التأثیر بارتفاع المنع و حصول الرضا. و لیست تلک کمعصیة الله أصالة فی إیقاع العقد التی لا یمکن أن یلحقها رضا الله تعالی

المکاسب، ج 2، ص 182

هذا کله مضافا إلی فحوی أدلة صحة الفضولی لکن الظاهر من التذکرة أن کل من أبطل عقد الفضولی أبطل العقد هنا و فیه نظر لأن من استند فی البطلان فی الفضولی إلی مثل قوله ص: لا بیع إلا فی ملک لا یلزمه البطلان هنا بل الأظهر ما سیجی ء عن إیضاح النافع من أن الظاهر وقوف هذا العقد و إن قلنا ببطلان الفضولی. و قد ظهر من ذلک ضعف ما قواه بعض من عاصرناه- من القول بالبطلان متمسکا بظاهر الإجماعات و الأخبار المحکیة علی المنع و النهی قال و هو موجب للبطلان و إن کان لحق الغیر إذ العبرة بتعلق النهی بالعقد لا لأمر خارج منه و هو کاف فی اقتضاء الفساد کما اقتضاء فی بیع الوقف و أم الولد و غیرهما مع استوائهما فی کون سبب النهی حق الغیر. ثم أورد علی نفسه بقوله فإن قلت فعلی هذا یلزم بطلان العقد الفضولی و عقد المرتهن مع أن کثیرا من الأصحاب ساووا بین الراهن و المرتهن فی المنع کما دلت علیه الروایة فیلزم بطلان عقد الجمیع أو صحته فالفرق تحکم. قلنا إن التصرف المنهی عنه إن کان انتفاعا بمال الغیر فهو محرم و لا یحل له الإجازة المتعقبة و إن کان عقدا أو إیقاعا فإن وقع بطریق الاستقلال لا علی وجه النیابة عن المالک فالظاهر أنه کذلک کما سبق فی الفضولی و إلا فلا یعد تصرفا یتعلق به النهی فالعقد الصادر عن الفضولی قد یکون محرما و قد لا یکون کذلک و کذا الصادر عن المرتهن إن وقع بطریق الاستقلال المستند إلی البناء علی ظلم الراهن و غصب حقه أو إلی زعم التسلط علیه بمجرد الارتهان کان منهیا عنه و إن کان بقصد النیابة عن الراهن فی مجرد إجراء الصیغة فلا یزید عن عقد الفضولی فلا یتعلق به نهی أصلا. و أما المالک فلما حجر علی ماله برهنه و کان عقده لا یقع إلا مستندا إلی ملکه لانحصار المالکیة فیه و لا معنی لقصده النیابة فهو منهی عنه لکونه تصرفا مطلقا و منافیا للحجر الثابت علیه فتخصص العمومات بما ذکر و مجرد الملک لا یقضی بالصحة إذ الظاهر بمقتضی التأمل الصادق أن المراد بالملک المسوغ للبیع هو ملک الأصل مع التصرف فیه و لذلک لم یصح البیع فی مواضع وجد فیها سبب الملک و کان ناقصا للمنع عن التصرف. ثم قال و بالجملة فالذی یظهر من تتبع الأدلة أن العقود ما لم تنته إلی المالک فیمکن وقوعها موقوفة علی إجازته و أما إذا انتهت إلی إذن المالک أو إجازته أو صدرت عنه و کان تصرفه علی وجه الأصالة فلا تقع علی وجهین بل تکون فاسدة أو صحیحة لازمة إذا کان وضع ذلک العقد علی اللزوم و أما التعلیل المستفاد من الروایة المرویة فی النکاح و هو قوله ع: إنه لم یعص الله و إنما عصی سیده فهو جار فیمن لم یکن مالکا کالعبد لا یملک أمر نفسه و أما المالک المحجور علیه فهو عاص لله بالأصالة بتصرفه و لا یقال إنه عصی المرتهن لعدم کونه مالکا و إنما منع الله من تفویت حقه بالتصرف و ما ذکرناه جار فی کل مالک متول لأمر نفسه إذا حجر علی ماله لعارض کالمفلس و غیره فیحکم بفساد الجمیع و ربما تتجه الصحة فیما إذا کان الغرض من الحجر رعایة مصلحة کالشفعة فالقول بالبطلان هنا کما اختاره أساطین الفقهاء هو الأقوی انتهی کلامه رفع مقامه. و یرد علیه بعد منع الفرق فی الحکم بین بیع ملک الغیر علی وجه الاستقلال و بیعه علی وجه النیابة و منع اقتضاء مطلق النهی لا لأمر خارج الفساد. أولا أن نظیر ذلک یتصور فی بیع الراهن فإنه قد یبیع رجاء لإجازة المرتهن و لا ینوی الاستقلال و قد یبیع جاهلا بالرهن أو بحکمه أو ناسیا و لا حرمة فی شی ء من ذلک. و ثانیا أن المتیقن من الإجماع و الأخبار علی منع الراهن کونه علی نحو منع المرتهن علی ما تقتضیه عبارة معقد الإجماع و الأخبار أعنی قولهم الراهن و المرتهن ممنوعان و معلوم أن المنع فی المرتهن إنما هو علی وجه لا ینافی وقوعه موقوفا و حاصله یرجع إلی منع العقد علی الرهن و الوفاء بمقتضاه علی سبیل الاستقلال و عدم مراجعة صاحبه فی ذلک و إثبات المنع أزید من ذلک یحتاج إلی دلیل و مع عدمه یرجع إلی العمومات. و أما ما ذکره من منع جریان التعلیل فی روایات العبد فیما نحن فیه مستندا إلی الفرق فیما بینهما فلم أتحقق الفرق بینهما بل الظاهر کون النهی فی کل منهما لحق الغیر فإن منع الله جل ذکره من

تفویت حق الغیر ثابت فی کل ما کان النهی عنه لحق الغیر من غیر فرق بین بیع الفضولی و نکاح العبد و بیع الراهن. و أما ما ذکره من المساواة بین بیع الراهن و بیع الوقف و أم الولد ففیه أن الحکم فیهما تعبد و لذا لا یؤثر الإذن السابق فی صحة البیع فقیاس الرهن علیهما فی غیر محله. و بالجملة فالمستفاد من طریقة الأصحاب بل الأخبار أن المنع من المعاملة إذا کان لحق الغیر الذی یکفی إذنه السابق لا یقتضی الإبطال رأسا بل إنما یقتضی الفساد بمعنی عدم ترتب الأثر علیه مستقلا من دون مراجعة ذی الحق و یندرج فی ذلک الفضولی و عقد الراهن و المفلس و المریض و عقد الزوج لبنت أخت زوجته أو أخیها و للأمة علی الحرة و غیر ذلک فإن النهی فی جمیع ذلک إنما یقتضی الفساد بمعنی عدم ترتب الأثر المقصود من العقد عرفا و هو صیرورته سببا مستقلة لآثاره من دون مدخلیة رضا غیر المتعاقدین و قد یتخیل وجه آخر لبطلان البیع هنا بناء علی ما سیجی ء من أن ظاهرهم کون الإجازة هنا کاشفة حیث إنه یلزم منه کون مال غیر الراهن و هو المشتری رهنا للبائع و بعبارة أخری الرهن و البیع متنافیان فلا یحکم بتحققهما فی زمان واحد أعنی ما قبل الإجازة و هذا نظیر ما تقدم فی مسألة من باع شیئا ثم ملکه من أنه علی تقدیر صحة البیع یلزم کون الملک لشخصین فی الواقع و یدفعه أن القائل یلتزم بکشف الإجازة عن عدم الرهن فی الواقع و إلا لجری ذلک فی العقد الفضولی أیضا لأن فرض کون المجیز مالکا للمبیع نافذ الإجازة یوجب تملک مالکین لملک واحد قبل الإجازة و أما ما یلزم فی مسألة من باع شیئا ثم ملکه فلا یلزم فی مسألة إجازة المرتهن. نعم یلزم فی مسألة فک الرهن و سیجی ء التنبیه علیه إن شاء الله تعالی.

[هل إجازة المرتهن کاشفة أو ناقلة]

ثم إن الکلام فی کون الإجازة من المرتهن کاشفة أو ناقلة هو الکلام فی مسألة الفضولی و محصله أن مقتضی القاعدة النقل إلا أن الظاهر من بعض الأخبار هو الکشف و القول بالکشف هناک یستلزمه هنا بالفحوی لأن إجازة

المکاسب، ج 2، ص 183

المالک أشبه بجزء المقتضی و هی هنا من قبیل رفع المانع و من أجل ذلک جوزوا عتق الراهن هنا مع تعقب إجازة المرتهن مع أن الإیقاعات عندهم لا تقع مراعاة و الاعتذار عن ذلک ببناء العتق علی التغلیب کما فعله المحقق الثانی فی کتاب الرهن فی مسألة عفو الراهن عن جنایة الجانی علی العبد المرهون مناف لتمسکهم فی العتق بعمومات العتق مع أن العلامة قدس سره فی تلک المسألة قد جوز العفو مراعی بفک الرهن هذا إذا رضی المرتهن بالبیع و أجازه أما إذا أسقط حق الرهن ففی کون الإسقاط کاشفا أو ناقلا کلام یأتی فی افتکاک الرهن أو إبراء الدین

[هل تنفع الإجازة بعد الرد أم لا]

ثم إنه لا إشکال فی أنه لا ینفع الرد بعد الإجازة و هو واضح و هل ینفع الإجازة بعد الرد وجهان من أن الرد فی معنی عدم رفع الید عن حقه فله إسقاطه بعد ذلک و لیس ذلک کرد بیع الفضولی لأن المجیز هناک فی معنی أحد المتعاقدین و قد تقرر أن رد أحد المتعاقدین مبطل لإنشاء العاقد الآخر بخلافه هنا فإن المرتهن أجنبی له حق فی العین و من أن الإیجاب المؤثر إنما یتحقق برضا المالک و المرتهن فرضاء کل منهما جزء مقوم للإیجاب المؤثر فکما أن رد المالک فی الفضولی مبطل للعقد بالتقریب المتقدم کذلک رد المرتهن و هذا هو الأظهر من قواعدهم

[فک الرهن بعد البیع بمنزلة الإجازة]

ثم إن الظاهر أن فک الرهن بعد البیع بمنزلة الإجازة لسقوط حق المرتهن بذلک کما صرح به فی التذکرة.

و حکی عن فخر الإسلام و الشهید فی الحواشی و هو الظاهر من المحقق و الشهید الثانیین و یحتمل عدم لزوم العقد بالفک کما احتمله فی القواعد بل بمطلق السقوط الحاصل بالإسقاط أو الإبراء أو بغیرهما نظرا إلی أن الراهن تصرف فیما فیه حق المرتهن و سقوطه بعد ذلک لا یؤثر فی تصحیحه

و الفرق بین الإجازة و الفک

أن مقتضی ثبوت الحق له هو صحة إمضائه للبیع الواقع فی زمان حقه و إن لزم من الإجازة سقوط حقه فیسقط حقه بلزوم البیع. و بالجملة فالإجازة تصرف من المرتهن فی الرهن حال وجود حقه أعنی حال العقد بما یوجب سقوط حقه نظیر إجازة المالک بخلاف الإسقاط أو السقوط بالإبراء أو الأداء فإنه لیس فیه دلالة علی مضی العقد حال وقوعه فهو أشبه شی ء ببیع الفضولی أو الغاصب لنفسهما ثم تملکهما و قد تقدم الإشکال فیه عن جماعة مضافا إلی استصحاب عدم اللزوم الحاکم علی عموم أوفوا بالعقود بناء علی أن هذا العقد غیر لازم قبل السقوط فیستصحب حکم الخاص و لیس ذلک محل التمسک بالعام إذ لیس فی اللفظ عموم زمانی حتی یقال إن المتیقن خروجه هو العقد قبل السقوط فیبقی ما بعد السقوط داخلا فی العام. و یؤید ما ذکرناه بل یدل علیه ما یظهر من بعض الروایات من عدم صحة نکاح العبد بدون إذن سیده بمجرد عتقه ما لم یتحقق الإجازة و لو بالرضا المستکشف من سکوت السید مع علمه بالنکاح هذا و لکن الإنصاف ضعف الاحتمال المذکور من جهة أن عدم تأثیر بیع المالک فی زمان الرهن لیس إلا لمزاحمة حق المرتهن المتقدم علی حق المالک بتسلیط المالک فعدم الأثر لیس لقصور فی المقتضی و إنما هو من جهة المانع فإذا زال أثر المقتضی. و مرجع ما ذکرنا إلی أن أدلة سببیة البیع المستفادة من نحو أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و من: الناس مسلطون علی أموالهم و نحو ذلک عامة و خروج زمان الرهن یعلم أنه من جهة مزاحمة حق المرتهن الذی هو أسبق فإذا زال المزاحم وجب تأثیر السبب و لا مجال لاستصحاب عدم تأثیر البیع للعلم بمناط المستصحب و ارتفاعه فالمقام من باب وجوب العمل بالعام لا من مقام استصحاب حکم الخاص فافهم. و أما قیاس ما نحن فیه علی نکاح العبد بدون إذن سیده فهو قیاس مع الفارق لأن المانع عن سببیة نکاح العبد بدون إذن سیده قصور تصرفاته عن الاستقلال فی التأثیر لا مزاحمة حق السید لمقتضی النکاح إذ لا منافاة بین کونه عبدا و کونه زوجا. و لأجل ما ذکرنا لو تصرف العبد لغیر السید ببیع أو غیره ثم عتق العبد لم ینفع فی تصحیح ذلک التصرف-

[هل سقوط حق الرهانة کاشف أو ناقل

هذا و لکن مقتضی ما ذکرنا کون سقوط حق الرهانة بالفک أو الإسقاط أو الإبراء أو غیر ذلک ناقلا و مؤثرا من حینه لا کاشفا عن تأثیر العقد من حین وقوعه خصوصا بناء علی الاستدلال علی الکشف بما ذکره جماعة ممن قارب عصرنا من أن مقتضی مفهوم الإجازة إمضاء العقد من حینه فإن هذا غیر متحقق فی فک الرهن فهو نظیر بیع الفضولی ثم تملکه للمبیع حیث إنه لا یسع القائل بصحته إلا التزام تأثیر العقد من حین انتقاله عن ملک المالک الأول لا من حین العقد و إلا لزم فی المقام کون ملک الغیر رهنا لغیر مالکه کما یلزم فی تلک المسألة کون المبیع لمالکین فی زمان واحد لو قلنا بکشف الإجازة للتأثیر من حین العقد هذا

[ظاهر کل من قال بلزوم العقد هو الکشف

و لکن ظاهر کل من قال بلزوم العقد هو القول بالکشف. و قد تقدم عن القواعد فی مسألة عفو الراهن عن الجانی علی المرهون أن الفک یکشف عن صحته و یدل علی الکشف أیضا ما استدلوا به علی الکشف فی الفضولی من أن العقد سبب تام إلی آخر ما ذکره فی الروضة و جامع المقاصد ثم إن لازم الکشف کما عرفت فی مسألة الفضولی لزوم العقد قبل إجازة المرتهن من طرف الراهن کالمشتری الأصیل فلا یجوز له فسخه بل و لا إبطاله بالإذن للمرتهن فی البیع.

[لو باع الراهن فهل یجب علیه فک الرهن من مال آخر أم لا یجب

نعم یمکن أن یقال بوجوب فکه من مال آخر إذ لا یتم الوفاء بالعقد الثانی إلا بذلک فالوفاء بمقتضی الرهن غیر مناف للوفاء بالبیع و یمکن أن یقال إنه إنما یلزم الوفاء بالبیع بمعنی عدم جواز نقضه و أما دفع حقوق الغیر و سلطنته فلا یجب و لذا لا یجب علی من باع مال الغیر لنفسه أن یشتریه من مالکه و یدفعه إلیه بناء علی لزوم العقد بذلک و کیف کان فلو امتنع فهل یباع علیه لحق المرتهن لاقتضاء الرهن ذلک و إن لزم من ذلک إبطال بیع الراهن لتقدم حق المرتهن أو یجبر الحاکم الراهن علی فکه من مال آخر جمعا بین حقی المشتری و المرتهن اللازمین علی الراهن البائع وجهان و مع انحصار المال فی المبیع فلا إشکال فی تقدیم حق المرتهن

مسألة إذا جنی العبد عمدا بما یوجب قتله أو استرقاق کله أو بعضه

فالأقوی صحة بیعه وفاقا للمحکی عن العلامة و الشهید و المحقق الثانی و غیرهم بل فی شرح الصیمری أنه المشهور لأنه لم یخرج باستحقاقه للقتل أو الاسترقاق

المکاسب، ج 2، ص 184

عن ملک مولاه علی ما هو المعروف عمن عدا الشیخ فی الخلاف کما سیجی ء و تعلق حق المجنی علیه به لا یوجب خروج الملک عن قابلیة الانتفاع به و مجرد إمکان مطالبة أولیاء المجنی علیه له فی کل وقت بالاسترقاق أو القتل لا یسقط اعتبار مالیته. و علی تقدیر تسلیمه فلا ینقص ذلک عن بیع مال الغیر فیکون موقوفا علی افتکاکه عن القتل و الاسترقاق فإن افتک لزم و إلا بطل البیع من أصله و یحتمل أن یکون البیع غیر متزلزل فیکون تلفه من المشتری فی غیر زمن الخیار لوقوعه فی ملکه غایة الأمر أن کون المبیع عرضة لذلک یوجب الخیار مع الجهل کالمبیع الأرمد إذا عمی و المریض إذا مات بمرضه و یرده أن المبیع إذا کان متعلقا لحق الغیر فلا یقبل أن یقع لازما لأدائه إلی سقوط حق الغیر فلا بد إما أن یبطل و إما أن یقع مراعی. و قد عرفت أن مقتضی عدم استقلال البائع فی ماله و مدخلیة الغیر فیه وقوع بیعه مراعی لا باطلا و بذلک یظهر الفرق بین ما نحن فیه و بین بیع المریض الذی یخاف علیه من الموت و الأرمد الذی یخاف علیه من العمی الموجب للانعتاق فإن الخوف فی المثالین لا یوجب نقصانا فی سلطنة المالک مانعا عن نفوذ تملیکه منجزا بخلاف تعلق حق الغیر اللهم إلا أن یقال إن تعلق حق المجنی علیه لا یمنع من نفوذ تملیکه منجزا لأن للبائع سلطنة مطلقة علیه و کذا للمشتری و لذا یجوز التصرف لهما فیه من دون مراجعة ذی الحق غایة الأمر أن له التسلط علی إزالة ملکهما و رفعه بالإتلاف أو التملیک و هذا لا یقتضی وقوع العقد مراعی و عدم استقرار الملک. و بما ذکرنا ظهر الفرق بین حق المرتهن المانع من تصرف الغیر و حق المجنی علیه غیر المانع فعلا غایة الأمر أنه مانع شأنا و کیف کان فقد حکی عن الشیخ فی الخلاف البطلان فإنه قال فیما حکی عنه إذا کان للرجل عبد جان فباعه مولاه بغیر إذن المجنی علیه فإن کانت جنایته توجب القصاص فلا یصح البیع و إن کانت جنایته توجب الأرش صح إذا التزم مولاه بالأرش ثم استدل بأنه إذا وجب علیه القود فلا یصح بیعه لأنه قد باع منه ما لا یملکه فإنه حق للمجنی علیه و أما إذا وجب علیه الأرش صح لأن رقبته سلیمة و الجنایة أرشها فقد التزمه السید فلا وجه یفسد البیع انتهی و قد حکی عن المختلف أنه حکی عنه فی کتاب الظهار التصریح بعدم بقاء ملک المولی علی الجانی عمدا حیث قال إذا کان عبد قد جنی جنایة فإنه لا یجزی عتقه عن الکفارة و إن کانت خطأ جاز ذلک و استدل بإجماع الفرقة فإنه لا خلاف بینهم أنه إذا کانت جنایته عمدا ینتقل ملکه إلی المجنی علیه و إن کانت خطأ فدیة ما جناه علی مولاه انتهی و ربما یستظهر ذلک من عبارة الإسکافی فی المحکی عنه فی الرهن و هی أن من شرط الرهن أن یکون رهن الراهن مثبتا لملکه إیاه غیر خارج بارتداد أو استحقاق الرقبة بجنایته عن ملکه انتهی و ربما یستظهر البطلان من عبارة الشرائع أیضا فی کتاب القصاص حیث قال إذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه صح و لم یسقط القود و لو قیل لا یصح لئلا یبطل حق الولی من الاسترقاق کان حسنا و کذا بیعه و هبته انتهی. لکن یحتمل قویا أن یکون مراده بالصحة وقوعه لازما غیر متزلزل کوقوع العتق لأنه الذی یبطل به حق الاسترقاق دون وقوعه مراعی بافتکاکه عن القتل و الاسترقاق و کیف کان فالظاهر من عبارة الخلاف الاستناد فی عدم الصحة إلی عدم الملک و هو ممنوع لأصالة بقاء ملکه و ظهور لفظ الاسترقاق فی بعض الأخبار فی بقاء الملک. نعم فی بعض الأخبار ما یدل علی الخلاف و یمکن أن یکون مراد الشیخ بالملک السلطنة علیه فإنه ینتقل إلی المجنی علیه و یکون عدم جواز بیعه من المولی مبنیا علی المنع عن بیع الفضولی المستلزم للمنع عن بیع کل ما یتعلق به حق للغیر تنافیه السلطنة المطلقة من المشتری علیه کما فی الرهن.

مسألة إذا جنی العبد خطأ صح بیعه علی المشهور

بل فی شرح الصیمری أنه لا خلاف فی جواز بیع الجانی إذا کانت الجنایة خطأ أو شبه عمد و یضمن المولی أقل الأمرین من قیمته و دیة الجنایة و لو امتنع کان للمجنی علیه أولویة انتزاعه فیبطل البیع و کذا لو کان المولی معسرا فللمشتری الفسخ مع الجهالة لتزلزل ملکه ما لم یفد به المولی انتهی. و ظاهره أنه أراد نفی الخلاف عن الجواز قبل التزام السید إلا أن المحکی عن السرائر و الخلاف أنه لا یجوز إلا إذا أفداه المولی أو التزم بالفداء إلا أنه إذا باع ضمن. و الأوفق بالقواعد أن یقال بجواز البیع لکونه ملکا للمولی و تعلق حق الغیر لا یمنع عن ذلک لأن کون المبیع مال الغیر لا یوجب بطلان البیع رأسا فضلا عن تعلق حق الغیر و لعل ما عن الخلاف و السرائر مبنی علی أصلهما من بطلان الفضولی و ما أشبهه من کل بیع یلزم من لزومه بطلان حق الغیر کما یومئ إلیه استدلال الحلی عن بطلان البیع قبل التزامه و ضمانه بأنه قد تعلق برقبة العبد الجانی فلا یجوز إبطاله و مرجع هذا المذهب إلی أنه لا واسطة بین لزوم البیع و بطلانه فإذا صح البیع أبطل حق الغیر. و قد تقدم غیر مرة أنه لا مانع من وقوع البیع مراعی بإجازة ذی الحق أو سقوط حقه فإذا باع المولی فیما نحن فیه قبل أداء الدیة أو أقل الأمرین علی الخلاف وقع مراعی فإن فداه المولی أو رضی المجنی علیه بضمانه فذاک و إلا انتزعه المجنی علیه من المشتری و علی هذا فلا یکون البیع موجبا لضمان البائع حق المجنی علیه. قال فی کتاب الرهن من القواعد و لا یجبر السید علی فداء الجانی و إن رهنه أو باعه بل یتسلط المجنی علیه فإن استوعبت الجنایة القیمة بطل الرهن و إلا ففی المقابل انتهی لکن ظاهر العلامة فی غیر هذا المقام و غیره هو أن البیع بنفسه التزام بالفداء و لعل وجهه أنه یجب علی المولی حیث تعلق بالعبد و هو مال من أمواله و فی یده حق یتخیر المولی فی نقله عنه إلی ذمته بأن یوفی حق المجنی علیه إما من العین أو من ذمته فیجب علیه إما تخلیص العبد من المشتری بفسخ أو غیره و إما أن یفدیه من ماله فإذا امتنع المشتری من رده و المفروض عدم سلطنة البائع علی أخذه قهرا للزوم الوفاء بالعقد وجب علیه دفع الفداء. و یرد علیه أن فداء العبد غیر لازم قبل البیع و بیعه لیس إتلافا له حتی یتعین علیه الفداء و وجوب الوفاء بالبیع لا یقتضی إلا رفع یده لا رفع ید الغیر بل هذا أولی بعدم وجوب الفک من الرهن الذی تقدم فی آخر المسألة الخدشة فی وجوب الفک علی الراهن بعد بیعه لتعلق الدین هناک بالذمة و تعلق الحق هنا بالعین فتأمل. ثم إن المصرح به فی التذکرة و المحکی عن غیرها أن للمشتری فک العبد و حکم رجوعه إلی البائع حکم قضاء الدین عنه.

المکاسب، ج 2، ص 185

مسألة الثالث من شروط العوضین القدرة علی التسلیم
اشارة

فإن الظاهر الإجماع علی اشتراطها فی الجملة کما فی جامع المقاصد و فی التذکرة أنه إجماع و فی المبسوط الإجماع علی عدم جواز بیع السمک فی الماء و لا الطیر فی الهواء و عن الغنیة أنه إنما اعتبرنا فی المعقود علیه أن یکون مقدورا علیه تحفظا مما لا یمکن فیه ذلک کالسمک فی الماء و الطیر فی الهواء فإن ما هذه حاله لا یجوز بیعه بلا خلاف و استدل فی التذکرة علی ذلک بأنه نهی النبی ص عن بیع الغرر و هذا غرر و النهی هنا یوجب الفساد إجماعا علی الظاهر المصرح به فی موضع من الإیضاح و اشتهار الخبر بین الخاصة و العامة یجبر إرساله أما کون ما نحن فیه غررا فهو الظاهر من کلمات کثیر من الفقهاء و أهل اللغة حیث مثلوا للغرر ببیع السمک فی الماء و الطیر فی الهواء مع أن معنی الغرر علی ما ذکره أکثر أهل اللغة صادق علیه. و المروی عن أمیر المؤمنین ع أنه عمل ما لا یؤمن معه الضرر.

[معنی الغرر لغة]

و فی الصحاح الغرة الغفلة و الغار الغافل و أغره أی أتاه علی غرة منه و اغتر بالشی ء أی خدع به و الغرر الخطر. و نهی رسول الله ص عن بیع الغرر و هو مثل بیع السمک فی الماء و الطیر فی الهواء إلی أن قال و التغریر حمل النفس علی الغرر انتهی و عن القاموس ما ملخصه غره غرا و غرورا و غره بالکسر فهو مغرور و غریر کأمیر خدعه و أطمعه بالباطل إلی أن قال غرر نفسه تغریرا و تغره کتحله أی عرضها للهلکة و الاسم الغرر محرکه إلی أن قال و الغار الغافل و اغتر غفل و الاسم الغرة بالکسر انتهی و عن النهایة بعد تفسیر الغرة بالکسر بالغفلة أنه نهی عن بیع الغرر و هو ما کان له ظاهر یغر المشتری و باطن مجهول و قال الأزهری بیع الغرر ما کان علی غیر عهدة و لا ثقة و تدخل فیه البیوع التی لا یحیط بکنهها المتبایعان من کل مجهول و قد تکرر فی الحدیث و منه حدیث مطرف:

إن لی نفسا واحدة و إنی لأکره أن أغرر بها أی أحملها علی غیر ثقة و به سمی الشیطان غرورا لأنه یحمل الإنسان علی محابه و وراء ذلک ما یسوؤه انتهی. و قد حکی أیضا عن الأساس و المصباح و المغرب و الجمل و المجمع تفسیر الغرر بالخطر ممثلا له فی الثلاثة الأخیرة ببیع السمک فی الماء و الطیر فی الهواء. و فی التذکرة أن أهل اللغة فسروا بیع الغرر بهذین و مراده من التفسیر التوضیح بالمثال و لیس فی المحکی عن النهایة منافاة لهذا التفسیر کما یظهر بالتأمل. و بالجملة فالکل متفقون علی أخذ الجهالة فی معنی الغرر سواء تعلق الجهل بأصل وجوده أم بحصوله فی ید من انتقل إلیه أم بصفاته کما و کیفا و ربما یقال إن المنساق من الغرر المنهی عنه الخطر من حیث الجهل بصفات المبیع و مقداره لا مطلق الخطر الشامل لتسلیمه و عدمه ضرورة حصوله فی بیع کل غائب خصوصا إذا کان فی بحر و نحوه بل هو أوضح شی ء فی بیع الثمار و الزرع و نحوهما. و الحاصل أن من الواضح عدم لزوم المخاطرة فی بیع مجهول المال بالنسبة إلی التسلم و عدمه خصوصا بعد جبره بالخیار لو تعذر. و فیه أن الخطر من حیث حصول المبیع فی ید المشتری أعظم من الجهل بصفاته مع العلم بحصوله فلا وجه لتقیید کلام أهل اللغة خصوصا بعد تمثیلهم بالمثالین المذکورین و احتمال إرادتهم ذکر المثالین لجهالة صفات المبیع لا الجهل بحصوله فی یده یدفعه ملاحظة اشتهار التمثیل بهما فی کلمات الفقهاء للعجز عن التسلیم لا لجهالة بالصفات

[استدلال الفریقین بالنبوی المذکور علی شرطیة القدرة]

هذا مضافا إلی استدلال الفریقین من العامة و الخاصة بالنبوی المذکور علی اعتبار القدرة علی التسلیم کما یظهر من الانتصار حیث قال فیما حکی عنه. و مما انفردت به الإمامیة القول بجواز شراء العبد الآبق مع الضمیمة و لا یشتری وحده إلا إذا کان بحیث یقدر علیه المشتری و خالف باقی الفقهاء فی ذلک و ذهبوا إلی أنه لا یجوز بیع الآبق علی کل حال إلی أن قال و یعول مخالفونا فی منع بیعه علی أنه بیع غرر و أن نبینا ص نهی عن بیع الغرر إلی أن قال و هذا لیس بصحیح لأن هذا المبیع یخرجه من أن یکون غررا لانضمام غیره إلیه انتهی. و هو صریح فی استدلال جمیع العامة بالنبوی علی اشتراط القدرة علی التسلیم فالظاهر اتفاق أصحابنا أیضا علی الاستدلال به کما یظهر للمتتبع و سیجی ء فی عبارة الشهید التصریح به و کیف کان فالدعوی المذکورة مما لا یساعدها اللغة و لا العرف و لا کلمات أهل الشرع

[کلام الشهید فی تفسیر الغرر]
اشارة

و ما أبعد ما بینه و بین ما عن قواعد الشهید رحمه الله حیث قال الغرر لغة ما کان له ظاهر محبوب و باطن مکروه قاله بعضهم و منه قوله تعالی مَتاعُ الْغُرُورِ و شرعا هو جهل الحصول [بالید و التصرف. و أما المجهول المعلوم الحصول أو مجهول الصفة فلیس غررا و بینهما عموم و خصوص من وجه لوجود الغرر بدون الجهل فی العبد الآبق إذا کان معلوم الصفة من قبل أم بالوصف الآن و وجود الجهل بدون الغرر فی المکیل و الموزون و المعدود إذا لم یعتبر و قد یتوغل فی الجهالة کحجر لا یدری أ ذهب أم فضة أم نحاس أم صخر و یوجدان فی العبد الآبق المجهول الصفة و یتعلق الغرر و الجهل تارة بالوجود کالعبد الآبق المجهول الوجود و أخری بالحصول کالعبد الآبق المعلوم الوجود و الطیر فی الهواء و بالجنس کحب لا یدری ما هو و سلعة من سلع مختلفة و بالنوع کعبد من عبید و بالقدر ککیل لا یعرف قدره و البیع إلی مبلغ السهم و بالعین کثوب من ثوبین مختلفین و بالبقاء کبیع الثمرة قبل بدو الصلاح عند بعض الأصحاب و لو شرط فی العقد أن یبدو الصلاح لا محالة کان غررا عند الکل کما لو شرط فی العقد صیرورة الزرع سنبلا.

و الغرر قد یکون بماله مدخل ظاهرا فی العوضین و هو ممتنع إجماعا و قد یکون مما یتسامح به عادة لقلته کأس الجدار و قطن الجبة و هو معفو عنه إجماعا و نحوه اشتراط الحمل و قد یکون مرددا بینهما و هو محل الخلاف کالجزاف فی مال الإجارة و المضاربة و الثمرة قبل بدو الصلاح و الآبق قبل الضمیمة انتهی. و فی بعض کلامه تأمل ککلامه الآخر فی شرح الإرشاد حیث ذکره فی مسألة تعین الأثمان بالتعیین الشخصی عندنا فقال قالوا یعنی المخالفین من العامة تعیینها غرر فیکون منهیا عنه.

أما الصغری فلجواز عدمها أو ظهورها مستحقة فینفسخ البیع. و أما الکبری فظاهره إلی أن قال قلنا إنا نمنع الصغری لأن الغرر احتمال مجتنب عنه فی العرف بحیث لو ترکه وبخ علیه و ما ذکروه لا یخطر ببال فضلا عن اللوم علیه انتهی.

[المناقشة فیما أفاده الشهید فی شرح الإرشاد]

فإن مقتضاه أنه لو اشتری الآبق أو الضال المرجو الحصول بثمن قلیل لم یکن غررا لأن العقلاء یقدمون علی الضرر القلیل رجاء للنفع الکثیر و کذا لو اشتری المجهول المردد بین ذهب و نحاس بقیمة النحاس بناء علی المعروف من

المکاسب، ج 2، ص 186

تحقق الغرر بالجهل بالصفة و کذا شراء مجهول المقدار بثمن المتیقن منه فإن ذلک کله مرغوب فیه عند العقلاء بل یوبخون من عدل عنه اعتذارا بکونه خطرا فالأولی أن هذا النهی من الشارع لسد باب المخاطرة المفضیة إلی التنازع فی المعاملات و لیس منوطا بالنهی من العقلاء لیخص مورده بالسفهاء أو المتسفهة ثم إنه قد حکی عن الصدوق رضوان الله علیه فی معانی الأخبار تعلیل فساد بعض المعاملات المتعارفة فی الجاهلیة کبیع المنابذة و الملامسة و بیع الحصاة بکونها غررا مع أنه لا جهالة فی بعضها کبیع المنابذة بناء علی ما فسر به من أنه قول أحدهما لصاحبه انبذ إلی الثوب أو أنبذه إلیک فقد وجب البیع. و بیع الحصاة بأن یقول إذا نبذت الحصاة فقد وجب البیع و لعله کان علی وجه خاص یکون فیه خطر و الله العالم.

[التمسک بالنبوی المذکور أخص من المدعی

و کیف کان فلا إشکال فی صحة التمسک لاعتبار القدرة علی التسلیم بالنبوی المذکور إلا أنه أخص من المدعی لأن ما یمتنع تسلیمه عادة کالغریق فی بحر یمتنع خروجه منه عادة و نحوه لیس فی بیعه خطر لأن الخطر إنما یطلق فی مقام تحتمل السلامة فیه و لو ضعیفا لکن هذا الفرد یکفی فی الاستدلال علی بطلانه بلزوم السفاهة و کون أکل الثمن فی مقابله أکلا للمال بالباطل بل لا یعد مالا عرفا و إن کان ملکا فیصح عتقه و یکون لمالکه لو فرض التمکن منه إلا أنه لا ینافی سلب صفة التمول منه عرفا و لذا یجب علی غاصبه رد تمام قیمته إلی المالک فیملکه مع بقاء العین علی ملکه علی ما هو ظاهر المشهور

ثم إنه ربما یستدل علی هذا الشرط بوجوه أخر.
منها ما اشتهر عن النبی ص من قوله: لا تبع ما لیس عندک

بناء علی أن کونه عنده لا یراد به الحضور لجواز بیع الغائب و السلف إجماعا فهو کنایة لا عن مجرد الملک لأن المناسب حینئذ ذکر لفظة اللام و لا عن مجرد السلطنة علیه و القدرة علی تسلیمه لمنافاته لتمسک العلماء من الخاصة و العامة علی عدم جواز بیع العین الشخصیة المملوکة للغیر ثم شرائها من مالکها خصوصا إذا کان وکیلا عنه فی بیعها و لو من نفسه فإن السلطنة و القدرة علی التسلیم حاصلة هذا مع أنه مورد الروایة عند الفقهاء فتعین أن یکون کنایة عن السلطنة التامة الفعلیة التی تتوقف علی الملک مع کونه تحت الید حتی کأنه عنده و إن کان نائبا و علی أی حال فلا بد من إخراج بیع الفضولی عنه بأدلته أو بحمله علی النهی المقتضی للفساد بمعنی عدم وقوعه لبائعه لو أراد ذلک و کیف کان فتوجیه الاستدلال بالخبر علی ما نحن فیه ممکن. و أما الإیراد علیه بدعوی أن المراد به الإشارة إلی ما هو المتعارف فی تلک الأزمنة من بیع الشی ء غیر المملوک ثم تحصیله بشرائه و نحوه و دفعه إلی المشتری فمدفوع لعدم الشاهد علی اختصاصه بهذا المورد و لیس فی الأخبار المتضمنة لنقل هذا الخبر ما یشهد باختصاصه بهذا المورد. نعم یمکن أن یقال إن غایة ما یدل علیه هذا النبوی بل النبوی الأول أیضا فساد البیع بمعنی عدم کونه علة تامة لترتب الأثر المقصود فلا ینافی وقوعه مراعی بانتفاء صفة الغرر و تحقق کونه عنده و لو أبیت إلا عن ظهور النبویین فی الفساد بمعنی لغویة العقد رأسا المنافیة لوقوعه مراعی دار الأمر بین ارتکاب خلاف هذا الظاهر و بین إخراج بیع الرهن و بیع ما یملکه بعد البیع و بیع العبد الجانی عمدا و بیع المحجور لرق أو سفه أو فلس فإن البائع فی هذه الموارد عاجز شرعا من التسلیم و لا رجحان لهذه التخصیصات فحینئذ لا مانع من التزام وقوع بیع کل ما یعجز عن تسلیمه مع رجاء التمکن منه مراعی بالتمکن منه فی زمان لا یفوت الانتفاع المعتد به. و قد صرح الشهید فی اللمعة بجواز بیع الضالة و المجحود من غیر بینة مراعی بإمکان التسلیم و احتمله فی التذکرة لکن الإنصاف أن الظاهر من حال الفقهاء اتفاقهم علی فساد بیع الغرر بمعنی عدم تأثیره رأسا کما عرفت من الإیضاح.

و منها أن لازم العقد وجوب تسلیم کل من المتبایعین العوضین إلی صاحبه

فیجب أن یکون مقدورا لاستحالة التکلیف بالممتنع و یضعف بأنه إن أرید أن لازم العقد وجوب التسلیم وجوبا مطلقا منعنا الملازمة و إن أرید مطلق وجوبه فلا ینافی کونه مشروطا بالتمکن کما لو تجدد العجز بعد العقد. و قد یعترض بأصالة عدم تقید الوجوب ثم یدفع بمعارضته بأصالة عدم تقید البیع بهذا الشرط و فی الاعتراض و المعارضة نظر واضح فافهم.

و منها أن الغرض من البیع انتفاع کل منهما بما یصیر إلیه

و لا یتم إلا بالتسلیم و یضعفه منع توقف مطلق الانتفاع علی التسلیم بل منع عدم کون الغرض منه إلا الانتفاع بعد التسلیم لا الانتفاع المطلق.

و منها أن بذل الثمن علی غیر المقدور سفه

فیکون ممنوعا و أکله أکلا بالباطل. و فیه أن بذل المال القلیل فی مقابل المال الکثیر المحتمل الحصول لیس سفها بل ترکه اعتذارا بعدم العلم بحصوله العوض سفه فافهم.

[هل القدرة شرط أو العجز مانع
اشارة

ثم إن ظاهر معاقد الإجماعات کما عرفت کون القدرة شرطا کما هو کذلک فی التکالیف و قد أکدت الشرطیة فی عبارة الغنیة المتقدمة حیث حکم بعدم جواز بیع ما لا یمکن فیه التسلیم فینتفی المشروط عند انتفاء الشرط و مع ذلک کله

[استظهار صاحب الجواهر أن العجز مانع و المناقشة فیه

فقد استظهر بعض من تلک العبارة أن العجز مانع لا أن القدرة شرط قال و تظهر الفائدة فی موضع الشک ثم ذکر اختلاف الأصحاب فی مسألة الضال و الضالة و جعله دلیلا علی أن القدرة المتفق علیها ما إذا تحقق العجز. و فیه مع ما عرفت من أن صریح معاقد الإجماع خصوصا عبارة الغنیة المتأکدة بالتصریح بالانتفاء عند الانتفاء هی شرطیة القدرة أن العجز أمر عدمی لأنه عدم القدرة عمن من شأنه صنفا أو نوعا أو جنسا أن یقدر فکیف یکون مانعا مع أن المانع هو الأمر الوجودی الذی یلزم من وجوده العدم ثم لو سلم صحة إطلاق المانع علیه لا ثمرة فیه لا فی صورة الشک الموضوعی أو الحکمی و لا فی غیرهما فإنا إذا شککنا فی تحقق القدرة و العجز مع سبق القدرة فالأصل بقاؤها أو لا معه فالأصل عدمها أعنی العجز سواء جعلت القدرة شرطا أم العجز مانعا. و إذا شککنا فی أن الخارج عن عمومات الصحة هو العجز المستمر أو العجز فی الجملة أو شککنا فی أن المراد بالعجز ما یعم التعسر کما حکی أم خصوص التعذر فاللازم التمسک بعمومات الصحة من غیر فرق بین تسمیة القدرة شرطا أو العجز مانعا. و الحاصل أن التردد بین شرطیة الشی ء و مانعیة مقابله إنما یصح و یثمر فی الضدین مثل الفسق و العدالة لا فیما نحن فیه و شبهه کالعلم و

المکاسب، ج 2، ص 187

الجهل و أما اختلاف الأصحاب فی مسألة الضال و الضالة فلیس لشک المالک فی القدرة و العجز و مبنیا علی کون القدرة شرطا أو العجز مانعا کما یظهر من أدلتهم علی الصحة و الفساد بل لما سیجی ء عند التعرض لحکمها

[العبرة بالقدرة فی زمان الاستحقاق

ثم إن العبرة فی الشرط المذکور إنما هو فی زمان استحقاق التسلیم فلا ینفع وجودها حال العقد إذا علم بعدمها حال استحقاق التسلیم کما لا یقدح عدمها قبل الاستحقاق و لو حین العقد و یتفرع علی ذلک عدم اعتبارها أصلا إذا کانت العین فی ید المشتری و فیما لا یعتبر التسلیم فیه رأسا کما إذا اشتری من ینعتق علیه فإنه ینعتق بمجرد الشراء و لا سبیل لأحد علیه و فیما إذا لم یستحق التسلیم بمجرد العقد إما لاشتراط تأخیره مدة و إما لتزلزل العقد کما إذا اشتری فضولا فإنه لا یستحق التسلیم إلا بعد إجازة المالک فلا تعتبر القدرة علی التسلیم قبلها لکن یشکل علی الکشف من حیث إنه لازم من طرف الأصیل فیتحقق الغرر بالنسبة إلیه إذا انتقل إلیه ما لم یقدر علی تحصیله نعم هو حسن فی الفضولی من الطرفین و مثله بیع الرهن قبل إجازة المرتهن أو فکه بل و کذا لو لم یقدر علی تسلیم ثمن السلم لأن تأثیر العقد قبل التسلیم فی المجلس موقوف علی تحققه فلا یلزم غرر و لو تعذر التسلیم بعد العقد رجع إلی تعذر الشرط. و من المعلوم أن تعذر الشرط المتأخر حال العقد غیر قادح بل لا یقدح العلم بتعذره فیما بعده فی تأثیر العقد إذا اتفق حصوله فإن الشروط المتأخرة لا یجب إحرازها حال العقد و لا العلم بتحققها فیما بعد. و الحاصل أن تعذر التسلیم مانع فی بیع یکون التسلیم من أحکامه لا من شروط تأثیره و السر فیه أن التسلیم فیه جزء الناقل فلا یلزم غرر من تعلقه بغیر المقدور. و بعبارة أخری الاعتبار بالقدرة علی التسلیم بعد تمام النقل و لهذا لا یقدح کونه عاجزا قبل القبول إذا علم بتجدد القدرة بعده و المفروض أن المبیع بعد تحقق الجزء الأخیر من الناقل و هو القبض حاصل فی ید المشتری فالقبض مثل الإجازة بناء علی النقل و أولی منها بناء علی الکشف. و کذلک الکلام فی عقد الرهن فإن اشتراط القدرة علی التسلیم فیه بناء علی اشتراط القبض إنما هو من حیث اشتراط القبض فلا یجب إحرازه حین الرهن و لا العلم بتحققه بعده فلو رهن ما یتعذر تسلیمه ثم اتفق حصوله فی ید المرتهن أثر العقد أثره و سیجی ء الکلام فی باب الرهن اللهم إلا أن یقال إن المنفی فی النبوی- هو کل معاملة یکون بحسب العرف غررا فالبیع المشروط فیه القبض کالصرف و السلم إذا وقع علی عوض مجهول قبل القبض أو غیر مقدور غرر عرفا لأن اشتراط القبض فی نقل العوضین شرعی لا عرفی فیصدق الغرر و الخطر عرفا و إن لم یتحقق شرعا إذ قبل التسلیم لا انتقال و بعده لا خطر لکن النهی و الفساد یتبعان بیع الغرر عرفا و من هنا یمکن الحکم بفساد بیع غیر المالک إذا باع لنفسه لا عن المالک ما لا یقدر علی تسلیمه اللهم إلا أن یمنع الغرر العرفی بعد الاطلاع علی کون أثر المعاملة شرعا علی وجه لا یلزم منه خطر فإن العرف إذا اطلعوا علی انعتاق القریب بمجرد شرائه لم یحکموا بالخطر أصلا و هکذا فالمناط صدق الغرر عرفا بعد ملاحظة الآثار الشرعیة للمعاملة فتأمل. ثم إن الخلاف فی أصل المسألة لم یظهر إلا من الفاضل القطیفی المعاصر للمحقق الثانی حیث حکی عنه أنه قال فی إیضاح النافع إن القدرة علی التسلیم من مصالح المشتری فقط لا أنها شرط فی أصل صحة البیع فلو قدر علی التسلم صح البیع و إن لم یکن البائع قادرا علیه بل لو رضی بالابتیاع مع علمه بعدم تمکن البائع من التسلیم جاز و ینتقل إلیه و لا یرجع علی البائع لعدم القدرة إذا کان البیع علی ذلک مع العلم فیصح بیع المغصوب و نحوه. نعم إذا لم یکن المبیع من شأنه أن یقبض عرفا لم تصح المعاوضة علیه بالبیع لأنه فی معنی أکل المال بالباطل و ربما احتمل إمکان المصالحة علیه و من هنا یعلم أن قوله یعنی المحقق فی النافع لو باع الآبق منفردا لم یصح إنما هو مع عدم رضا المشتری أو مع عدم علمه أو کونه بحیث لا یتمکن منه عرفا و لو أراد غیر ذلک فهو غیر مسلم انتهی. و فیه ما عرفت من الإجماع و لزوم الغرر غیر المندفع بعلم المشتری لأن الشارع نهی عن الإقدام علیه إلا أن یجعل الغرر هنا بمعنی الخدیعة فیبطل فی موضع تحققه و هو عند جهل المشتری و فیه ما فیه.

[القدرة علی التسلیم شرط بالتبع و المقصد الأصلی هو التسلم

ثم إن الظاهر کما اعترف به بعض الأساطین أن القدرة علی التسلیم لیست مقصودة بالاشتراط إلا بالتبع و إنما المقصد الأصلی هو التسلم و من هنا لو کان المشتری قادرا دون البائع کفی فی الصحة کما عن الإسکافی و العلامة و کاشف الرموز و الشهیدین و المحقق الثانی و عن ظاهر الانتصار أن صحة بیع الآبق علی من یقدر علی تسلمه مما انفردت به الإمامیة و هو المتجه لأن ظاهر معاقد الإجماع بضمیمة التتبع فی کلماتهم و استدلالاتهم بالغرر و غیره مختص بغیر ذلک و منه یعلم أیضا أنه لو لم یقدر أحدهما علی التحصیل لکن یوثق بحصوله فی ید أحدهما عند استحقاق المشتری للتسلم کما لو اعتاد الطائر العود صح وفاقا للفاضلین و الشهیدین و المحقق الثانی و غیرهم. نعم عن نهایة الأحکام احتمال العدم بسبب انتفاء القدرة فی الحال علی التسلیم و أن عود الطائر غیر موثوق به إذ لیس له عقل باعث. و فیه أن العادة باعثة کالعقل مع أن الکلام علی تقدیر الوثوق و لو لم یقدر علی التحصیل و تعذر علیهما إلا بعد مدة مقدرة عادة و کانت مما لا یتسامح فیه کسنة أو أزید. ففی بطلان البیع لظاهر الإجماعات المحکیة و لثبوت الغرر أو صحته لأن ظاهر معاقد الإجماع التعذر رأسا و لذا حکم مدعیه بالصحة هنا. و الغرر منفی مع العلم بوجوب الصبر علیه إلی انقضاء مدة کما إذا اشترط تأخیر التسلیم مدة وجهان بل قولان تردد فیهما فی الشرائع ثم قوی الصحة و تبعه فی محکی السرائر و المسالک و الکفایة و غیرها. نعم للمشتری الخیار مع جهله بفوات منفعة الملک علیه مدة و لو کانت مدة التعذر غیر مضبوطة عادة کالعبد المنفذ إلی الهند لأجل حاجة لا یعلم زمان قضائها ففی الصحة إشکال- من حکمهم بعدم جواز بیع مسکن المطلقة المعتدة بالأقراء لجهالة وقت تسلیم العین. و قد تقدم بعض الکلام فیه فی بیع الواقف الوقف المنقطع

[الشرط هی القدرة المعلومة للمتبایعین

ثم إن الشرط هی القدرة المعلومة للمتبائعین لأن الغرر لا یندفع بمجرد القدرة الواقعیة و لو باع ما یعتقد التمکن فتبین عجزه فی زمان البیع و تجددها بعد ذلک صح و لو لم تتجدد بطل و المعتبر هو الوثوق فلا یکفی مطلق

المکاسب، ج 2، ص 188 الظن و لا یعتبر الیقین

[هل العبرة بقدرة الموکل أو الوکیل

ثم لا إشکال فی اعتبار قدرة العاقد إذا کان مالکا لا ما إذا کان وکیلا فی مجرد العقد فإنه لا عبرة بقدرته کما لا عبرة بعلمه و أما لو کان وکیلا فی البیع و لوازمه بحیث یعد الموکل أجنبیا عن هذه المعاملة فلا إشکال فی کفایة قدرته و هل تکفی قدرة الموکل الظاهر نعم مع علم المشتری بذلک إذا علم بعجز العاقد فإن اعتقد قدرته لم یشترط علمه بذلک. و ربما قید الحکم بالکفایة بما إذا رضی المشتری بتسلیم الموکل و رضی المالک برجوع المشتری علیه و فرع علی ذلک رجحان الحکم بالبطلان فی الفضولی لأن التسلیم المعتبر فی العاقد غیر ممکن قبل الإجازة و قدرة المالک إنما تؤثر لو بنی العقد علیها و حصل التراضی بها حال البیع لأن بیع المأذون لا تکفی فیه قدرة الآذن مطلقا بل مع الشرط المذکور و هو غیر متحقق فی الفضولی و البناء علی القدرة الواقعیة باطل إذ الشرط هی القدرة المعلومة دون الواقعیة إلی أن قال و الحاصل أن القدرة قبل الإجازة لم توجد و بعدها إن وجدت لم تنفع ثم قال لا یقال إنه قد یحصل الوثوق للفضولی بإرضاء المالک و إنه لا یخرج عن رأیه فیتحقق له بذلک القدرة علی التسلیم حال العقد لأن هذا الفرض یخرج الفضولی عن کونه فضولیا- لمصاحبة الإذن للبیع غایة الأمر حصوله بالفحوی و شاهد الحال و هما من أنواع الإذن و مع الإذن لا یکون فضولیا و لا تتوقف صحة بیعه علی الإجازة و لو سلمنا بقاءه علی الصفة فمعلوم أن القائلین بصحة الفضولی لا یقصرون الحکم علی هذا الفرض و فیما ذکره من مبنی مسألة الفضولی ثم فی تفریع الفضولی ثم فی الاعتراض الذی ذکره ثم فی الجواب عنه أولا و ثانیا تأمل بل نظر فتدبر.

مسألة لا یجوز بیع الآبق منفردا

علی المشهور بین علمائنا کما فی التذکرة بل إجماعا کما فی الخلاف و الغنیة و الریاض و بلا خلاف کما عن کشف الرموز لأنه مع الیأس عن الظفر بمنزلة التالف و مع احتماله بیع غرر منفی إجماعا نصا و فتوی خلافا لما حکاه فی التذکرة عن بعض علمائنا و لعله الإسکافی حیث إن المحکی عنه أنه لا یجوز أن یشتری الآبق وحده إلا إذا کان بحیث یقدر علیه المشتری أو یضمنه البائع انتهی و قد تقدم عن الفاضل القطیفی فی إیضاح النافع منع اشتراط القدرة علی التسلیم و قد عرفت ضعفه لکن یمکن أن یقال بالصحة فی خصوص الآبق لحصول الانتفاع به بالعتق خصوصا مع تقیید الإسکافی بصورة ضمان البائع فإنه یندفع به الغرر عرفا لکن سیأتی ما فیه فالعمدة الانتفاع بعتقه و له وجه لو لا النص الآتی و الإجماعات المتقدمة مع أن قابلیة المبیع لبعض الانتفاعات لا یخرجه عن الغرر و کما لا یجوز جعله مثمنا لا یجوز جعله منفردا ثمنا لاشتراکهما فی الأدلة. و قد تردد فی اللمعة فی جعله ثمنا بعد الجزم بمنع جعله مثمنا و إن قرب أخیرا المنع منفردا و لعل وجه الاستناد فی المنع عن جعله مثمنا هو النص و الإجماع الممکن دعوی اختصاصهما بالثمن دون نفی الغرر الممکن منعه بجواز الانتفاع به فی العتق. و یؤیده حکمه بجواز بیع الضال و المحجور مع خفاء الفرق بینهما و بین الآبق فی عدم القدرة علی التسلیم و نظیر ذلک ما فی التذکرة حیث ادعی أولا الإجماع علی اشتراط القدرة علی التسلیم لیخرج البیع عن کونه بیع غرر ثم قال و المشهور بین علمائنا المنع عن بیع الآبق منفردا إلی أن قال و قال بعض علمائنا بالجواز و حکاه عن بعض العامة أیضا. ثم ذکر الضال و لم یحتمل فیه إلا جواز البیع منفردا أو اشتراط الضمیمة فإن التنافی بین هذه الفقرات الثلاث ظاهر و التوجیه یحتاج إلی تأمل. و کیف کان فهل یلحق بالبیع الصلح عما یتعذر تسلیمه فتعتبر فیه القدرة علی التسلیم وجهان بل قولان من عمومات الصلح و ما علم من التوسع فیه لجهالة المصالح عنه إذا تعذرت أو تعسرت معرفته بل مطلقا و اختصاص الغرر المنفی بالبیع و من أن الدائر علی السنة الأصحاب نفی الغرر من غیر اختصاص بالبیع حتی أنهم یستدلون به فی غیر المعاوضات کالوکالة فضلا عن المعاوضات کالإجارة و المزارعة و المساقاة و الجعالة بل قد یرسل فی کلماتهم عن النبی ص أنه نهی عن الغرر و قد رجح بعض الأساطین جریان الاشتراط فیما لم یبن علی المسامحة من الصلح و ظاهر المسالک فی مسألة رهن ما لا یقدر علی تسلیمه علی القول بعدم اشتراط القبض فی الرهن جواز الصلح علیه. و أما الضال و المحجور و المغصوب و نحوها مما لا یقدر علی تسلیمه فالأقوی فیها عدم الجواز وفاقا لجماعة للغرر المنفی المعتضد بالإجماع المدعی علی اشتراط القدرة علی التسلیم إلا أن یوهن بتردد مدعیه کالعلامة فی التذکرة فی صحة بیع الضال منفردا و بمنع الغرر خصوصا فیما یراد عتقه بکون المبیع قبل القبض مضمونا علی البائع و أما فوات منفعته مدة رجاء الظفر به فهو ضرر قد أقدم علیه و جهالتها غیر مضرة مع إمکان العلم بتلک المدة کضالة یعلم أنها لو لم توجد بعد ثلاثة أیام فلن توجد بعد ذلک و کذا فی المغصوب و المنهوب. و الحاصل أنه لا غرر عرفا بعد فرض کون الیأس عنه فی حکم التلف المقتضی لانفساخ البیع من أصله و فرض عدم تسلط البائع علی مطالبته بالثمن لعدم تسلیم المثمن فإنه لا خطر حینئذ فی البیع خصوصا مع العلم بمدة الرجاء التی یفوت الانتفاع بالمبیع فیها هذا و لکن یدفع جمیع ما ذکر أن المنفی فی حدیث الغرر کما تقدم هو ما کان غررا فی نفسه عرفا مع قطع النظر عن الأحکام الشرعیة الثابتة للبیع و لذا قوینا فیما سلف جریان نفی الغرر فی البیع المشروط تأثیره شرعا بالتسلیم. و من المعلوم أن بیع الضال و شبهه لیس محکوما علیه فی العرف بکونه فی ضمان البائع بل یحکمون بعد ملاحظة إقدام المشتری علی شرائه بکون تلفه منه فالانفساخ بالتلف حکم شرعی عارض للبیع الصحیح الذی لیس فی نفسه غررا. و مما ذکر یظهر أنه لا یجدی فی رفع الغرر الحکم بصحة البیع مراعی بالتسلیم فإن تسلم قبل مدة لا یفوت الانتفاع المعتد به و إلا تخیر بین الفسخ و الإمضاء کما استقر به فی اللمعة فإن ثبوت الخیار حکم شرعی عارض للبیع الصحیح الذی فرض فیه العجز عن تسلیم المبیع فلا یندفع به الغرر الثابت عرفا فی البیع

المبطل له لکن قد مرت المناقشة فی ذلک بمنع إطلاق الغرر علی مثل هذا بعد اطلاعهم علی الحکم الشرعی اللاحق للمبیع من ضمانه قبل العلم و من عدم التسلط علی مطالبة الثمن فافهم. و لو فرض أخذ المتبایعین لهذا الخیار فی متن العقد فباعه علی أن یکون له الخیار إذا لم یحصل المبیع فی یده إلی ثلاثة أیام

المکاسب، ج 2، ص 189

أمکن جوازه لعدم الغرر حینئذ عرفا و لذا لا یعد بیع العین غیر المرئیة الموصوفة بالصفات المعینة من بیع الغرر لأن ذکر الوصف بمنزلة اشتراط فیه الموجب للتسلط علی الرد و لعله لهذا اختار فی محکی المختلف تبعا للإسکافی جواز بیع الآبق إذا ضمنه البائع فإن الظاهر منه اشتراط ضمانه. و عن حاشیة الشهید ظهور المیل إلیه و إن کان قد یرد علی هذا عدم اندفاع الغرر باشتراط الضمان فتأمل.

مسألة یجوز بیع الآبق مع الضمیمة فی الجملة

کما عن الانتصار و کشف الرموز و التنقیح بل بلا خلاف کما عن الخلاف حاکیا فیه کما عن الانتصار إطباق العامة علی خلافه. و ظاهر الانتصار خروج البیع بالضمیمة عن کونه غررا حیث حکی احتجاج العامة بالغرر فأنکره علیهم مع الضمیمة و فیه إشکال. و الأولی لنا التمسک قبل الإجماعات المحکیة المعتضدة بمخالفة من جعل الرشد فی مخالفته بصحیحة رفاعة النخاس قال: قلت لأبی الحسن ع أ یصلح لی أن أشتری من القوم الجاریة الآبقة و أعطیهم الثمن و أطلبها أنا قال لا یصلح شراؤها إلا أن تشتری منهم معها شیئا ثوبا أو متاعا فنقول لهم أشتری منکم جاریتکم فلانة و هذا المتاع بکذا و کذا درهما فإن ذلک جائز و موثقة سماعة عن أبی عبد الله ع: فی الرجل قد یشتری العبد و هو آبق عن أهله فقال لا یصلح إلا أن یشتری معه شیئا آخر فیقول أشتری منک هذا الشی ء و عبدک بکذا و کذا فإن لم یقدر علی العبد کان الذی نقده فیما اشتری منه. و ظاهر السؤال فی الأولی و الجواب فی الثانیة الاختصاص بصورة رجاء الوجدان و هو الظاهر أیضا من معاقد الإجماعات المنقولة فالمأیوس عادة من الظفر به الملحق بالتألف لا یجوز جعله جزء من المبیع لأن بذل جزء من الثمن فی مقابله لو لم یکن سفها أو أکلا للمال بالباطن لجاز جعله مثمنا یباع به مستقلا فالمانع عن استقلاله بالبیع مانع عن جعله جزء مبیع للنهی عن الغرر السلیم عن المخصص نعم یصح تملکه علی وجه التبعیة للمبیع باشتراط و نحوه و أیضا الظاهر اعتبار کون الضمیمة مما یصح بیعها و أما صحة بیعها منفردة فلا تظهر من الروایة [فلو أضاف إلی الضمیمة ما لا یتعذر تسلیمه کفی و لا یکفی ضم المنفعة إلا إذا فهمنا من قوله ع فإن لم یقدر إلی آخر الروایة تعلیل الحکم بوجود ما یمکن مقابلته للثمن فیکون ذکر اشتراط الضمیمة معه من باب المثال أو کنایة عن نقل مال أو حق إلیه مع الآبق لئلا یخلو الثمن عن المقابل فتأمل. ثم إنه لا إشکال فی انتقال الآبق إلی المشتری إلا أنه لو بقی علی إباقه و صار فی حکم التالف لم یرجع علی البائع بشی ء و إن اقتضت قاعدة التلف قبل القبض استرداد ما قابله من الثمن فلیس معنی الروایة أنه لو لم یقدر علی الآبق وقعت المعاوضة علی الضمیمة و الثمن لتکون المعاوضة علی المجموع مراعاة لحصول الآبق فی یده کما یوهمه ظاهر المحکی عن کاشف الرموز من أن الآبق ما دام آبقا لیس مبیعا فی الحقیقة و لا جزء مبیع مع أنه ذکر بعد ذلک ما یدل علی إرادة ما ذکرناه بل معناها أنه لا یرجع المشتری بتعذر الآبق الذی هو فی حکم التلف الموجب للرجوع بما یقابله التالف بما یقابله من الثمن و لو تلف قبل الیأس ففی ذهابه علی المشتری إشکال و لو تلفت الضمیمة قبل القبض فإن کان بعد حصول الآبق فی الید فالظاهر الرجوع بما قابلته الضمیمة لا مجموع الثمن لأن الآبق لا یوزع علیه الثمن ما دام آبقا و لا بعد الحصول فی الید و کذا لو کان بعد إتلاف المشتری له مع العجز عن التسلیم کما لو أرسل إلیه طعاما مسموما لأنه بمنزلة القبض و إن کان قبله ففی انفساخ البیع فی الآبق تبعا للضمیمة أو بقائه بما قابله من الثمن وجهان من أن العقد علی الضمیمة إذا صار کأن لم یکن تبعه العقد علی الآبق لأنه کان سببا فی صحته و من أنه کان تابعا له فی الحدوث فیما إذا تحقق تملک المشتری له فاللازم من جعل الضمیمة کأن لم یعقد علیها رأسا هو انحلال المقابلة الحاصلة بینه و بین ما یخصه من الثمن لا الحکم الآخر الذی کان یتبعه فی الابتداء لکن ظاهر النص أنه لا یقابل الآبق بجزء من الثمن أصلا و لا یوضع له شی ء منه أبدا علی تقدیر عدم الظفر به و من هنا ظهر حکم ما لو فرض فسخ العقد من جهة الضمیمة فقط لاشتراط خیار یخص بها. نعم لو عقد علی الضمیمة فضولا و لم یجز مالکها انفسخ العقد بالنسبة إلی المجموع ثم لو وجد المشتری فی الآبق عیبا سابقا إما بعد القدرة علیه أو قبلها کان له الرجوع بأرشه کذا قیل.

مسألة المعروف أنه یشترط العلم بالثمن قدرا

فلو باع بحکم أحدهما بطل إجماعا کما عن المختلف و التذکرة و اتفاقا کما عن الروضة و حاشیة الفقیه للسلطان. و السرائر فی مسألة البیع بحکم المشتری إبطاله بأن کل مبیع لم یذکر فیه الثمن فإنه باطل بلا خلاف بین المسلمین. و الأصل فی ذلک حدیث نفی الغرر المشهور بین المسلمین.

و یؤیده التعلیل فی روایة حماد بن میسرة عن جعفر عن أبیه ع: أنه یکره أن یشتری الثوب بدینار غیر درهم لأنه لا یدری کم الدینار من الدرهم. لکن فی صحیحة رفاعة النخاس ما ظاهره المنافاة قال: سألت أبا عبد الله ع فقلت ساومت رجلا بجاریة له فباعنیها بحکمی فقبضتها منه علی ذلک ثم بعثت إلیه بألف درهم فقلت له هذه الألف درهم حکمی علیک فأبی أن یقبلها منی و قد کنت مسستها قبل أن أبعث إلیه بألف درهم قال فقال أری أن تقوم الجاریة بقیمة عادلة فإن کان ثمنها أکثر مما بعثت إلیه کان علیک أن ترد إلیه ما نقص من القیمة و إن کانت قیمتها أقل مما بعثت إلیه فهو له قال فقلت أ رأیت إن أصبت بها عیبا بعد ما مسستها قال لیس لک أن تردها و لک أن تأخذ قیمة ما بین الصحة و العیب. لکن التأویل فیها متعین لمنافاة ظاهرها لصحة البیع و فساده فلا یتوهم جواز التمسک بها لصحة هذا البیع إذ لو کان صحیحا لم یکن معنی لوجوب قیمة مثلها بعد تحقق البیع بثمن خاص. نعم هی محتاجة إلی أزید من هذا التأویل بناء علی القول بالفساد بأن یراد من قوله باعنیها بحکمی قطع المساومة علی أن أقومها علی نفسی بقیمتها العادلة فی نظری حیث إن رفاعة کان نحاسا یبیع و یشتری الرقیق فقومها رفاعة علی نفسه بألف درهم أما معاطاة و إما مع إنشاء الإیجاب وکالة و القبول أصالة فلما مسها و بعث الدراهم لم یقبلها المالک لظهور غبن له فی المبیع و أن رفاعة مخطئ فی القیمة أو لثبوت خیار الحیوان للبائع علی القول به. و قوله ع إن کانت قیمتها أکثر فعلیک أن ترد ما نقص

المکاسب، ج 2، ص 190

إما أن یراد به لزوم ذلک علیه من باب إرضاء المالک إذا أراد إمساک الجاریة حیث إن المالک لا حاجة له فی الجاریة فیسقط خیاره ببذل التفاوت و إما أن یحمل علی حصول الحبل بعد المس فصارت أم ولد فتعین علیه قیمتها إذا فسخ البائع و قد یحمل علی صورة تلف الجاریة و ینافیه قوله ع فیما بعد فلیس علیک أن تردها إلی آخر الروایة. و کیف کان فالحکم بصحة البیع بحکم المشتری و انصراف الثمن إلی القیمة السوقیة لهذه الروایة کما حکی عن ظاهر الحدائق فضعیف. و أضعف منه ما عن الإسکافی من تجویز قول البائع بعتک بسعر ما بعت و یکون للمشتری الخیار و یرده أن البیع فی نفسه إذا کان غررا فهو باطل فلا یجبره الخیار و أما بیع خیار الرؤیة فذکر الأوصاف فیه بمنزلة اشتراطها المانع عن حصول الغرر کما تقدم عند حکایة قول الإسکافی فی مسألة القدرة علی التسلیم.

مسألة العلم بقدر المثمن کالثمن
اشارة

شرط بإجماع علمائنا کما عن التذکرة. و عن الغنیة العقد علی المجهول باطل بلا خلاف و عن الخلاف ما یباع کیلا فلا یصح بیعه جزافا و إن شوهد إجماعا و فی السرائر ما یباع وزنا فلا یباع کیلا بلا خلاف و الأصل فی ذلک ما تقدم من النبوی المشهور

و فی خصوص الکیل و الوزن خصوص الأخبار المعتبرة
منها صحیحة الحلبی
اشارة

عن أبی عبد الله ع: فی رجل اشتری من رجل طعاما عدلا بکیل معلوم ثم إن صاحبه قال للمشتری ابتع منی هذا العدل الآخر بغیر کیل فإن فیه مثل ما فی الآخر الذی ابتعته قال لا یصلح إلا أن یکیل و قال و ما کان من طعام سمیت فیه کیلا فإنه لا یصلح مجازفة هذا مما یکره من بیع الطعام. و فی روایة الفقیه فلا یصح بیعه مجازفة.

[الإیراد علی الصحیحة و الجواب عنه

و الإیراد علی دلالة الصحیحة بالإجمال أو باشتمالها علی خلاف المشهور من عدم تصدیق البائع غیر وجیه لأن الظاهر من قوله ع سمیت فیه کیلا أنه یذکر فیه الکیل فهی کنایة عن کونه مکیلا فی العادة اللهم إلا أن یقال إن وصف الطعام کذلک الظاهر فی التنویع مع أنه لیس من الطعام ما لا یکال و لا یوزن إلا فی مثل الزرع قائما یبعد إرادة هذا المعنی فتأمل. و أما الحکم بعدم تصدیق البائع فمحمول علی شرائه سواء زاد أم نقص خصوصا إذا لم یطمأن بتصدیقه لا شراؤه علی أنه القدر المعین الذی أخبر به البائع فإن هذا لا یصدق علیه الجزاف. قال فی التذکرة لو أخبره البائع بکیله ثم باعه بذلک الکیل صح عندنا و قال فی التحریر لو أعلمه بالکیل فباعه بثمن سواء زاد أم نقص لم یجز. و أما نسبة الکراهة إلی هذا البیع فلیس فیه ظهور فی المعنی المصطلح یعارض ظهور لا یصلح و لا یصح فی الفساد.

[روایة سماعة]

و فی الصحیح عن ابن محبوب عن زرعه عن سماعة قال: سألته عن شراء الطعام و ما یکال أو یوزن هل یصلح شراؤه بغیر کیل و لا وزن فقال إما أن تأتی رجلا فی طعام قد اکتیل أو وزن تشتری منه مرابحة فلا بأس إن أنت اشتریته منه و لم تکله أو لم تزنه إذا أخذه [کان المشتری الأول [قد أخذه بکیل أو وزن و قلت له عند البیع إنی أربحک فیه کذا و کذا [و قد رضیت بکیلک و وزنک و دلالتها أوضح من الأولی.

[روایة أبان

و روایة أبان عن محمد بن حمران قال: قلت لأبی عبد الله ع اشترینا طعاما فزعم صاحبه أنه کاله فصدقناه و أخذناه بکیله فقال لا بأس فقلت أ یجوز أن أبیعه کما اشتریته بغیر کیل فقال لا أما أنت فلا تبعه حتی تکیله دلت علی عدم جواز البیع بغیر کیل إلا إذا أخبره البائع فصدقه.

[روایة أبی العطارد]

و فحوی روایة أبی العطارد و فیها قلت: فأخرج الکر و الکرین فیقول الرجل أعطیته بکیلک فقال إذا ائتمنک فلا بأس

[و مرسلة ابن بکیر]

و مرسلة ابن بکیر عن رجل: سأل أبا عبد الله ع عن الرجل یشتری الجص فیکیل بعضه و یأخذ البقیة بغیر کیل فقال إما أن یأخذ کله بتصدیقه و إما أن یکیله کله فإن المنع من التبعیض المستفاد منه إرشادی محمول علی أنه إن صدقه فلا حاجة إلی کلفة کیل البعض و إلا فلا یجزی کیل البعض و تحتمل الروایة الحمل علی استیفاء المبیع بعد الاشتراء

و کیف کان ففی مجموع ما ذکر من الأخبار و ما لم یذکر مما فیه إیماء إلی المطلب من حیث ظهوره فی کون الحکم مفروغا عنه عند السائل. و تقریر الإمام کما فی روایة کیل ما لا یستطاع عده و غیرها مع ما ذکر من الشهرة المحققة و الاتفاقات المنقولة کفایة فی المسألة

[هل الحکم منوط بالغرر الشخصی أم لا]

ثم إن ظاهر إطلاق جمیع ما ذکر أن الحکم لیس منوطا بالغرر الشخصی و إن کانت حکمته سد باب المسامحة المقتضیة إلی الوقوع فی الغرر کما أن حکمه الحکم باعتبار بعض الشروط فی بعض المعاملات رفع المنازعة المتوقعة عند إهمال ذلک الشرط فحینئذ یعتبر التقدیر بالکیل أو الوزن و إن لم یکن فی شخص المقام غرر کما لو باع مقدارا من الطعام بما یقابله فی المیزان من جنسه أو غیره المتساوی له فی القیمة فإنه لا یتصور هنا غرر أصلا مع الجهل بمقدار کل من العوضین لأنه مساو للآخر فی المقدار أو یحتمل غیر بعید حمل الإطلاقات و لا سیما الأخبار علی المورد الغالب و هو ما کان رفع الغرر من حیث مقدار العوضین موقوفا علی التقدیر. فلو فرض اندفاع الغرر بغیر التقدیر کفی کما فی الفرض المزبور و کما إذا کان للمتبائعین حدس قوی بالمقدار نادر التخلف عن الواقع و کما إذا کان المبیع قلیلا لم یتعارف وزن المیزان لمثله کما لو دفع فلسا و أراد به دهنا لحاجة فإن المیزان لم یوضع لمثله فیجوز بما تراضیا علیه من التخمین. و لا منافاة بین کون الشی ء من جنس المکیل و الموزون و بین عدم دخول الکیل و الوزن فیه لقلته کالحبتین و الثلاثة من الحنطة أو لکثرة کزبرة الحدید کما نبه علیه فی القواعد و شرحها و حاشیتها. و مما ذکرنا یتضح عدم اعتبار العلم بوزن الفلوس المسکوکة فإنها و إن کانت من الموزون و لذا صرح فی التذکرة بوقوع الربا فیها إلا أنها عند وقوعها ثمنا حکمها کالمعدود فی أن معرفة مقدار مالیتها لا تتوقف علی وزنها فهی کالقلیل و الکثیر من الموزون الذی لا یدخله الوزن و کذا شبه الفلوس من المسکوکات المرکبة من النحاس و الفضة کأکثر نقود بغداد فی هذا الزمان و کذا الدرهم و الدینار الخالصان فإنهما و إن کانا من الموزون و یدخل فیهما الربا إجماعا إلا أن ذلک لا ینافی جواز جعلهما عوضا من دون معرفة بوزنهما لعدم غرر فی ذلک أصلا و یؤید ذلک جریان سیرة الناس علی المعاملة بهما من دون معرفة أغلبهم بوزنها. نعم یعتبرون فیهما عدم نقصانهما عن وزنهما المقرر فی وضعهما من حیث تفاوت قیمتهما بذلک فالنقص فیهما عندهم بمنزلة العیب و من هنا لا یجوز إعطاء الناقص منهما لکونه غشا و خیانة و بهذا یمتاز الدرهم و الدینار عن الفلوس السود و شبهها حیث إن نقصان الوزن لا یؤثر فی قیمتها فلا بأس بإعطاء ما یعلم نقصه. و إلی ما ذکرنا من الفرق

المکاسب، ج 2، ص 191

أشیر فی صحیحة عبد الرحمن قال: قلت لأبی عبد الله ع أشتری الشی ء بالدراهم فأعطی الناقص الحبة و الحبتین قال لا حتی تبینه ثم قال إلا أن یکون نحو هذه الدراهم الأوضاحیة التی تکون عندنا عددا. و بالجملة فإناطة الحکم بوجوب معرفة وزن المبیع و کیله مدار الغرر الشخصی قریب فی الغایة إلا أن الظاهر کونه مخالفا لکلمات الأصحاب فی موارد کثیرة

[وجوب معرفة العدد فی المعدود و الدلیل علیه

ثم إن الحکم فی المعدود و وجوب معرفة العدد فیه حکم المکیل و الموزون بلا خلاف ظاهر و یشیر إلیه بل یدل علیه تقریر الإمام ع فی الروایة الآتیة المتضمنة لتجویز الکیل فی المعدود المتعذر عده. و یظهر من المحکی عن المحقق الأردبیلی المناقشة فی ذلک بل المیل إلی منعه و جواز بیع المعدود مشاهدة و ترده روایة الجواز الآتیة. و المراد بالمعدودات ما یعرف مقدار مالیتها بإعدادها کالجوز و البیض بخلاف مثل الشاة و الفرس و الثوب. و عد العلامة البطیخ و الباذنجان فی المعدودات حیث قال فی شروط السلم من القواعد و لا یکفی فی السلم و صحته العد فی المعدودات بل لا بد من الوزن فی البطیخ و الباذنجان و الرمان و إنما اکتفی بعدها فی البیع للمعاینة انتهی و قد صرح فی التذکرة بعدم الربا فی البطیخ و الرمان إذا کانا رطبین لعدم الوزن و ثبوته مع الجفاف بل یظهر منه کون القثّاء و الخوخ و المشمش أیضا غیر موزونة و کل ذلک محل تأمل لحصول الغرر أحیانا بعدم الوزن فالظاهر أن تقدیر المال عرفا فی المذکورات بالوزن لا بالعدد کما فی الجوز و البیض.

مسألة [فی التقدیر بغیر ما یتعارف التقدیر به
اشارة

لو قلنا بأن المناط فی اعتبار تقدیر المبیع- فی المکیل و الموزون و المعدود بما یتعارف التقدیر به هو عدم حصول الغرر الشخصی فلا إشکال فی جواز تقدیر کل منها بغیر ما یتعارف تقدیره به إذا انتفی الغرر بذلک- بل فی کفایة المشاهدة فیها من غیر تقدیر أصلا لکن تقدم أن ظاهر الأخبار الواردة فی هذا الباب اعتبار التقدیر من غیر ملاحظة الغرر الشخصی لحکمة سد باب الغرر المؤدی إلی التنازع المقصود رفعه من اعتبار بعض الخصوصیات فی أکثر المعاملات زیادة علی التراضی الفعلی حال المعاملة و حینئذ فیقع الکلام و الإشکال فی تقدیر بعض المعاملات بغیر ما تعارف فیه

[هل یجوز بیع المکیل وزنا و بالعکس
اشارة

فنقول اختلفوا فی جواز بیع المکیل وزنا و بالعکس و عدمه علی أقوال ثالثها جواز الکیل وزنا دون العکس لأن الوزن أصل الکیل و أضبط و إنما عدل إلیه فی المکیلات تسهیلا. فالمحکی عن الدروس فی السلم جوازه مطلقا حیث قال و لو أسلم فی المکیل وزنا و بالعکس فالوجه الصحة لروایة وهب عن الإمام الصادق ع و کأنه أشار بها إلی روایة وهب عن جعفر عن أبیه عن علی ص قال: لا بأس بسلف ما یوزن فیما یکال و ما یکال فیما یوزن. و لا یخفی قصور الروایة سندا بوهب و دلالة بأن الظاهر منها جواز إسلاف الموزون فی المکیل و بالعکس لا جواز تقدیر المسلم فیه المکیل بالوزن و بالعکس. و یعضده ذکر الشیخ الروایة فی باب إسلاف الزیت فی السمن

[الکلام فی مقامین
اشارة

فالذی ینبغی أن یقال إن الکلام تارة فی کفایة کل من التقدیرین فی المقدر بالآخر من حیث جعله دلیلا علی التقدیر المعتبر فیه بأن یستکشف من الکیل وزن الموزون و بالعکس و تارة فی کفایته فیه أصلا من غیر ملاحظة تقدیره بالمتعارف.

أما الأول [التقدیر بغیر ما تعارف تقدیره به من حیث جعله طریقا إلی ما تعارف فیه

فقد یکون التفاوت المحتمل مما یتسامح به عادة و قد یکون مما لا یتسامح فیه و أما الأول فالظاهر جوازه خصوصا مع تعسر تقدیره بما یتعارف فیه لأن ذلک غیر خارج فی الحقیقة عن تقدیره مما یتعارف فیه غایة ما فی الباب أن یجعل التقدیر الآخر طریقا إلیه و تؤیده روایة عبد الملک بن عمرو قال: قلت لأبی عبد الله ع أشتری مائة راویة من زیت فاعترض راویة أو اثنتین فأتزنهما ثم آخذ سائره علی قدر ذلک قال لا بأس و استدل بها فی التذکرة علی جواز بیع الموزون عند تعذر وزنه بوزن واحد من المتعدد و نسبة الباقی إلیه و أردفه بقوله و لأنه یحصل المطلوب و هو العلم. و استدلاله الثانی یدل علی عدم اختصاص الحکم بصورة التعذر و التقیید بالتعذر لعله استنبطه من الغالب فی مورد السؤال و هو تعذر وزن مائة راویة من الزیت و لا یخفی أن هذه العلة لو سلمت علی وجه یقدح فی عموم ترک الاستفصال إنما یجب الاقتصار علی موردها لو کان الحکم مخالفا لعمومات وجوب التقدیر و قد عرفت أن هذا فی الحقیقة تقدیر و لیس بجزاف نعم ربما ینافی ذلک التقریر المستفاد من الصحیحة الآتیة فی بیع الجوز کما سیجی ء و أما لو کان التفاوت مما لا یتسامح فیه فالظاهر أیضا الجواز مع البناء علی ذلک المقدر المستکشف من التقدیر إذا کان ذلک التقریر أمارة علی ذلک المقدار لأن ذلک أیضا خارج عن الجزاف فیکون نظیر إخبار البائع بالکیل و یتخیر المشتری لو نقص.

و ما تقدم من صحیحة الحلبی فی أول الباب من المنع عن شراء أحد العدلین بکیل أحدهما قد عرفت توجیهه هناک هذا کله مع جعل التقدیر غیر المتعارف أمارة علی المتعارف.

[الثانی التقدیر بغیر ما تعارف تقدیره به مستقلا]

و أما کفایة أحد التقدیرین عن الآخر أصالة من غیر ملاحظة التقدیر المتعارف فالظاهر جواز بیع الکیل وزنا علی المشهور کما عن الریاض لأن ذلک لیس من بیع المکیل مجازفة المنهی عنه فی الأخبار و معقد الإجماعات لأن الوزن أضبط من الکیل و مقدار مالیة المکیلات معلوم به أصالة من دون إرجاع إلی الکیل.

و المحکی المؤید بالتتبع أن الوزن أصل الکیل و أن العدول إلی الکیل من باب الرخصة و هذا معلوم لمن تتبع موارد تعارف الکیل فی الموزونات و یشهد لأصالة الوزن أن المکاییل المتعارفة فی الأماکن المتفرقة علی اختلافها فی المقدار لیس لها مأخذ إلا الوزن إذ لیس هنا کیل واحد تقاس المکاییل علیه. و أما کفایة الکیل فی الموزون من دون ملاحظة کشفه عن الوزن ففیه إشکال بل لا یبعد عدم الجواز. و قد عرفت عن السرائر أن ما یباع وزنا لا یباع کیلا بلا خلاف فإن هذه مجازفة صرفه إذ لیس الکیل فیما لم یتعارف فیه وعاء منضبط فهو بعینه ما منعوه من التقدیر بقصعة حاضرة أو مل ء الید فإن الکیل من حیث هو لا یوجب فی الموزونات معرفة زائدة علی ما یحصل بالمشاهدة. فالقول بالجواز فیما نحن فیه مرجعه إلی کفایة المشاهدة ثم إنه قد أعلم مما ذکرنا أنه لو وقعت معاملة الموزون بعنوان معلوم عند أحد المتبایعین دون الآخر کالحقة و الرطل و الوزنة باصطلاح أهل العراق الذی لا یعرفه غیرهم خصوصا الأعاجم فهی غیر جائزة لأن مجرد ذکر أحد هذه العنوانات علیه و جعله فی المیزان و وضع صخرة مجهولة المقدار معلومة الاسم فی مقابله لا یوجب للجاهل معرفة زائدة علی ما یحصل بالمشاهدة هذا کله فی المکیل و الموزون.

المکاسب، ج 2، ص 192

و أما المعدود فإن کان الکیل أو الوزن طریقا إلیه فالکلام فیه کما عرفت فی أخویه و ربما ینافیه التقریر المستفاد من صحیحة الحلبی عن أبی عبد الله ع: أنه سئل عن الجوز لا نستطیع أن نعده فیکال بمکیال ثم یعد ما فیه ثم یکال ما بقی علی حساب ذلک العدد قال لا بأس به. فإن ظاهر السؤال اعتقاد السائل عدم جواز ذلک فی غیر حال الضرورة- و لم یردعه الإمام ع بالتنبیه علی أن ذلک غیر مختص بصورة الاضطرار لکن التقریر غیر واضح فلا تنهض الروایة لتخصیص العمومات و لذا قوی فی الروضة الجواز مطلقا. و أما کفایة الکیل فیه أصالة فهو مشکل لأنه لا یخرج عن المجازفة و الکیل لا یزید علی المشاهدة. و أما الموزون فالظاهر کفایته بل ظاهر قولهم فی السلم أنه لا یکفی العد فی المعدودات و إن جاز بیعها معجلا بالعد بل لا بد من الوزن أنه لا خلاف فی أنه أضبط و أنه یغنی عن العد. فقولهم فی شروط العوضین إنه لا بد من العد فی المعدودات محمول علی أقل مراتب التقدیر لکنه ربما ینافی ذلک تعقیب بعضهم ذلک بقولهم و یکفی الوزن عن العد فإنه بوهم کونه الأصل فی الضبط إلا أن یریدوا هنا الأصالة و الفرعیة بحسب الضبط المتعارف لا بحسب الحقیقة فافهم.

بقی الکلام فی تعیین المناط فی کون الشی ء مکیلا أو موزونا

فقد قیل إن الموجود فی کلام الأصحاب اعتبار الکیل و الوزن فیما بیع بهما فی زمن الشارع و حکم الباقی فی البلدان ما هو المتعارف فیهما فما کان مکیلا أو موزونا فی بلد یباع کذا و إلا فلا. و عن ظاهر مجمع البرهان و صریح الحدائق نسبته إلی الأصحاب و ربما منع ذلک بعض المعاصرین قائلا إن دعوی الإجماع علی کون المدار هنا علی زمانه ص علی وجه المذکور غریبة فإنی لم أجد ذلک فی کلام أحد من الأساطین فضلا عن أن یکون إجماعا. نعم قد ذکروا ذلک بالنسبة إلی حکم الربا لا أنه کذلک بالنظر إلی الجهالة و الغرر الذی من المعلوم عدم المدخلیة لزمانه ص فی رفع شی ء من ذلک و إثباته انتهی. أقول ما ذکره دام ظله من عدم تعرض جل الفقهاء لذلک هنا یعنی فی شروط العوضین و إنما ذکروه فی باب الربا حق إلا أن المدار وجودا و عدما فی الربا علی اشتراط الکیل و الوزن فی صحة بیع جنس ذلک الشی ء و أکثر الفقهاء لم یذکروا تحدید هذا الشرط و المعیار فیه هنا یعنی فی شروط العوضین إلا أن الأکثر ذکروا فی باب الربا ما هو المعیار هنا و فی ذلک الباب. و أما اختصاص هذا المعیار بمسألة الربا و عدم جریانه فی شروط العوضین کما ذکره فهو خلاف الواقع. أما أولا فلشهادة تتبع کلمات الأصحاب بخلافه. قال فی المبسوط فی باب الربا إذا کانت عادة الحجاز علی عهده ص فی شی ء الکیل لم یجز إلا کیلا فی سائر البلاد و ما کانت فیه وزنا لم یجز إلا وزنا فی سائر البلاد و المکیال مکیال أهل المدینة و المیزان میزان أهل مکة هذا کله لا خلاف فیه فإن کان مما لا تعرف عادته فی عهده ص حمل علی عادة البلد الذی فیه ذلک الشی ء فإذا ثبت ذلک فما عرف بالکیل لا یباع إلا بالکیل و ما عرف فیه الوزن لا یباع إلا وزنا انتهی. و لا یخفی عموم ما ذکره من التحدید لمطلق البیع لا لخصوص مبایعة المتماثلین و نحوه کلام العلامة فی التذکرة. و أما ثانیا فلأن ما یقطع به بعد التتبع فی کلماتهم هنا و فی باب الربا أن الموضوع فی کلتا المسألتین شی ء واحد أعنی المکیل و الموزون قد حمل علیه حکمان أحدهما عدم صحة بیعه جزافا و الآخر عدم صحة بیع بعضه ببعض متفاضلا و یزیده وضوحا ملاحظة أخبار المسألتین المعنونة بما یکال أو یوزن فإذا ذکروا ضابطة لتحدید الموضوع فهی مرعیة فی کلتا المسألتین. و أما ثالثا فلأنه یظهر من جماعة تصریحا أو ظهورا أن من شرط الربا کون الکیل و الوزن شرطا فی صحة بیعه. قال المحقق فی الشرائع بعد ذکر اشتراط اعتبار الکیل و الوزن فی الربا تفریعا علی ذلک إنه لا رباء فی الماء إذ لا یشترط فی بیعه الکیل أو الوزن و قال فی الدروس و لا یجری الربا فی الماء لعدم اشتراطهما فی صحة بیعه نقدا ثم قال و کذا الحجارة و التراب و الحطب و لا عبرة ببیع الحطب وزنا فی بعض البلدان لأن الوزن غیر شرط فی صحته انتهی. و هذا المضمون سهل الإصابة لمن لاحظ کلماتهم فلاحظ المسالک هنا و شرح القواعد و حاشیتهما للمحقق الثانی و الشهید عند قول العلامة و المراد بالمکیل و الموزون هنا جنسه و إن لم یدخلاه لقلته کالحبة و الحبتین من الحنطة أو لکثرته کالکزبرة و لازم ذلک یعنی اشتراط دخول الربا فی جنس باشتراط الکیل و الوزن فی صحة بیعه أنه إذا ثبت الربا فی زماننا فی جنس لثبوت کونه مکیلا أو موزونا علی عهد رسول الله ص لزم أن لا یجوز بیعه جزافا و إلا لم یصدق ما ذکروه من اشتراط الربا باشتراط التقدیر فی صحة بیعه. و بالجملة فتلازم الحکمین أعنی دخول الربا فی جنس و اشتراط بیعه بالکیل أو الوزن مما لا یخفی علی المتتبع فی کتب الأصحاب و حینئذ فنقول کل ما ثبت کونه مکیلا أو موزونا فی عصره ص فهو ربوی فی زماننا و لا یجوز بیعه جزافا فلو فرض تعارف بیعه جزافا عندنا کان باطلا و إن لم یلزم غرر للإجماع و لما عرفت من أن اعتبار الکیل و الوزن لحکمة سد باب نوع الغرر لا شخصه فهو حکم لحکمة غیر مطردة نظیر النهی عن بیع الثمار قبل الظهور لرفع التنازع و اعتبار الانضباط فی المسلم فیه لأن فی ترکه مظنة التنازع و التغابن و نحو ذلک. و الظاهر کما عرفت من غیر واحد أن المسألة اتفاقیة. و أما ما علم أنه کان یباع جزافا فی زمانه ص

فالظاهر جواز بیعه کذلک عندنا مع عدم الغرر قطعا و الظاهر أنه إجماعی کما یشهد به دعوی بعضهم الإجماع علی أن مثل هذا لیس بربوی و الشهرة محققة علی ذلک. نعم ینافی ذلک بعض ما تقدم من إطلاق النهی عن بیع المکیل و الموزون جزافا الظاهر فیما تعارف کیله فی زمان الإمام ع أو فی عرف السائل أو فی عرف المتبایعین أو أحدهما و إن لم یتعارف فی غیره و کذلک قوله ع:

ما کان من طعام سمیت فیه کیلا فلا یصلح مجازفة الظاهر فی وضع المکیال علیه عند المخاطب و فی عرفه و إن لم یکن کذلک فی عرف الشارع اللهم إلا أن یقال إنه لم یعلم أن ما تعارف کیله أو وزنه فی عرف الأئمة و أصحابهم کان غیر مقدر فی زمان الشارع حتی یتحقق المنافاة و الأصل فی ذلک أن مفهوم المکیل و الموزون فی الأخبار لا یراد بهما کلما فرض صیرورته کذلک حتی یعم ما علم کونه غیر مقدر فی زمن الشارع بل المراد بهما المصداق الفعلی المعنون بهما فی زمان المتکلم و هذه الأفراد لا یعلم عدم کونها مکیلة و لا موزونة فی زمن النبی ص لکن یرد علی ذلک مع کونه مخالفا للظاهر المستفاد من عنوان ما یکال أو یوزن أنه لا دلیل حینئذ علی اعتبار الکیل

المکاسب، ج 2، ص 193 فیما شک فی کونه مقدرا فی ذلک الزمان مع تعارف التقدیر فیه فی الزمان الآخر إذ لا یکفی فی الحکم حینئذ دخوله فی مفهوم المکیل و الموزون بل لا بد من کونه أحد المصادیق الفعلیة فی زمان صدور الأخبار و لا دلیل أیضا علی إلحاق کل بلد لحکم نفسه مع اختلاف البلدان و الحاصل أن الاستدلال بأخبار المسألة المعنونة بما یکال أو یوزن علی ما هو المشهور من کون العبرة فی التقدیر بزمان النبی ص ثم بما اتفقت علیه بالبلاد ثم بما تعارف فی کل بلدة بالنسبة إلی نفسه فی غایة الإشکال فالأولی تنزیل الأخبار علی ما تعارف تقدیره عند المتبایعین و إثبات ما ینافی ذلک من الأحکام المشهورة بالإجماع المنقول المعتضد بالشهرة المحققة و کذا الإشکال لو علم التقدیر فی زمن الشارع و لم یعلم کونه بالکیل أو بالوزن. و مما ذکرنا ظهر ضعف ما فی کلام جماعة من التمسک لکون الاعتبار فی التقدیر بعادة الشرع بوجوب حمل اللفظ علی المتعارف عند الشارع و لکون المرجع فیما لم یعلم عادة الشرع هی العادة المتعارفة فی البلدان بأن الحقیقة العرفیة هی المرجع عند انتفاء الشرعیة و لکون المرجع عادة کل بلد إذا اختلفت البلدان بأن العرف الخاص قائم مقام العام عند انتفائه انتهی و ذکر المحقق الثانی أیضا أن الحقیقة العرفیة یعتبر فیها ما کان یعتبر فی حمل إطلاق لفظ الشارع علیها فلو تغیرت فی عصر بعد استقرارها فیما قبله فالمعتبر هو العرف السابق و لا أثر للتغیر الطاری للاستصحاب و لظاهر قوله ص: حکمی علی الواحد حکمی علی الجماعة و أما فی الأقاریر و نحوهما فالظاهر الحوالة علی عرف ذلک العصر الواقع فیه شی ء عنها حملا له علی ما یفهمه المواقع انتهی. أقول لیس الکلام فی مفهوم المکیل و الموزون بل الکلام فیما هو المعتبر فی تحقق هذا المفهوم فإن المراد بقولهم ع: ما کان مکیلا فلا یباع جزافا و لا یباع بعضه ببعض إلا متساویا إما أن یکون ما هو المکیل فی عرف المتکلم أو یراد به ما هو المکیل فی العرف العام أو ما هو المکیل فی عرف کل مکلف و علی أی تقدیر فلا یفید الکلام لحکم غیر ما هو المراد فلا بد لبیان حکم غیر المراد من دلیل خارجی و إرادة جمیع هذه الثلاثة خصوصا مع ترتیب خاص فی ثبوت الحکم بها و خصوصا مع کون مرتبة کل لاحق مع عدم العلم بسابقه لا مع عدمه غیر صحیحة کما لا یخفی. و لعل المقدس الأردبیلی أراد ما ذکرنا حیث تأمل فیما ذکروه من الترتیب بین عرف الشارع و عرف العام و العرف الخاص معللا باحتمال إرادة الکیل و الوزن المتعارف عرفا عاما أو فی أکثر البلدان أو فی الجملة مطلقا أو بالنسبة إلی کل بلد بلد کما قیل فی المأکول و الملبوس فی السجدة من الأمر الوارد بهما لو سلم و الظاهر هو الأخیر انتهی و قد رده فی الحدائق بأن الواجب فی معانی الألفاظ الواردة فی الأخبار حملها علی عرفهم صلوات الله علیهم فکل ما کان مکیلا أو موزونا فی عرفهم وجب إجراء الحکم علیه فی الأزمنة المتأخرة و ما لم یعلم فهو بناء علی قواعدهم یرجع إلی العرف العام إلی آخر ما ذکره من التفصیل ثم قال و یمکن أن یستدل للعرف العام بما تقدم فی صحیحة الحلبی من قوله ما کان من طعام سمیت فیه کیلا فإن الظاهر أن المرجع فی کونه مکیلا إلی تسمیته عرفا مکیلا و یمکن تقییده بما لم یعلم حاله فی زمانهم ع انتهی. أقول قد عرفت أن الکلام هنا لیس فی معنی اللفظ لأن مفهوم الکیل معلوم لغة و إنما الکلام فی تعیین الاصطلاح الذی یتعارف فیه هذا المفهوم ثم لو فرض کون الکلام فی معنی اللفظ کان اللازم حمله علی العرف العام إذا لم یکن عرف شرعی لا إذا جهل عرفه الشرعی فإنه لم یقل أحد بحمل اللفظ حینئذ علی المعنی العرفی بل لا بد من الاجتهاد فی تعیین ذلک المعنی الشرعی و مع العجز یحکم بإجمال اللفظ کما هو واضح هذا کله مع أن الأخبار إنما وصلت إلینا من الأئمة ص فاللازم اعتبار عرفهم لا عرف الشارع و أما ما استشهد به للرجوع إلی العرف العام من قوله ع ما سمیت فیه کیلا إلی آخره فیحتمل أن یراد به عرف المخاطب فیکون المعیار العرف الخاص بالمتبایعین. نعم مع العلم بالعرف العام لا عبرة بالعرف الخاص لمقطوعة ابن هاشم الآتیة فتأمل. و أبعد شی ء فی المقام ما ذکره فی جامع المقاصد من أن الحقیقة العرفیة یعتبر فیها ما کان یعتبر فی حمل إطلاق لفظ الشارع علیهما

فلو تغیرت فی عصر بعد استقرارها فیما قبله إلی آخره. و بالجملة فإتمام المسائل الثلاث بالأخبار مشکل لکن الظاهر أن کلها متفق علیها.

نعم اختلفوا فیما إذا کانت البلاد مختلفة فی أن لکل بلد حکم نفسه من حیث الربا أو أنه یغلب جانب التحریم کما علیه جماعة من أصحابنا لکن الظاهر اختصاص هذا الحکم بالربا لا فی جواز البیع جزافا فی بلد لا یتعارف فیه التقدیر ثم إنه یشکل الأمر فیما علم کونه مقدرا فی زمان الشارع لکن لم یعلم أن تقدیره بالکیل أو بالوزن ففیه وجوه أقواها و أحوطها اعتبار ما هو أبعد من الغرر و أشکل من ذلک ما لو علم کون الشی ء غیر مکیل فی زمان الشارع أو فی العرف العام مع لزوم الغرر فیه عند قوم خاص و لا یمکن جعل ترخیص الشارع لبیعه جزافا تخصیصا لأدلة نفی الغرر لاحتمال کون ذلک الشی ء من المبتذلات فی زمن الشارع أو فی العرف بحیث یتحرز عن الغرر بمشاهدته و قد بلغ عند قوم فی العزة إلی حیث لا یتسامح فیها فالأقوی وجوب الاعتبار فی الفرض المذکور بما یندفع فیه الغرر من الکیل أو الوزن أو العد. و بالجملة فالأولی جعل المدار فیما لا إجماع فیه علی وجوب التقدیر بما بنی الأمر فی مقام استعلام مالیة الشی ء علی ذلک التقدیر فإذا سئل عن مقدار ما عنده من الجوز فیجاب بذکر العدد بخلاف ما إذا سئل عن مقدار مالیة ما عنده من الرمان و البطیخ فإنه لا یجاب إلا بالوزن و إذا سئل عن مقدار الحنطة و الشعیر فربما یجاب بالکیل و ربما یجاب بالوزن لکن الجواب بالکیل مختص بمن یعرف مقدار الکیل من حیث الوزن إذ الکیل بنفسه غیر منضبط بخلاف الوزن و قد تقدم أن الوزن أصل فی الکیل. و ما ذکرنا هو المراد بالمکیل و الموزون الذین حمل علیهما الحکم بوجوب الاعتبار بالکیل و الوزن عند البیع و بدخول الربا فیهما و أما ما لا یعتبر مقدار مالیته بالتقدیر بأحد الثلاثة کالماء و التین و الخضریات فالظاهر کفایة المشاهدة فیها من غیر تقدیر فإن اختلفت البلاد فی التقدیر و العدم فلا إشکال فی التقدیر فی بلد التقدیر و أما بلد عدم التقدیر فإن کان ذلک لابتذال الشی ء عندهم بحیث یتسامح فی مقدار التفاوت المحتمل مع المشاهدة

المکاسب، ج 2، ص 194

کفت المشاهدة و إن کان لعدم مبالاتهم بالغرر و إقدامهم علیه حرصا مع الاعتیاد بالتفاوت المحتمل بالمشاهدة فلا اعتبار بعادتهم بل یجب مخالفتها فإن النواهی الواردة فی الشرع عن بیوع الغرر و المجازفات کبیع الملاقیح و المضامین و الملامسة و المنابذة و الحصاة علی بعض تفاسیرها و ثمر الشجر قبل الوجود و غیر ذلک لم ترد إلا ردا علی من تعارف عندهم الإقدام علی الغرر و البناء علی المجازفات الموجبة لفتح أبواب المنازعات. و إلی بعض ما ذکرنا أشار ما عن علی بن إبراهیم عن أبیه عن رجاله ذکره فی حدیث طویل قال: و لا ینظر فیما یکال أو یوزن إلا إلی العامة و لا یؤخذ فیه بالخاصة فإن کان قوم یکیلون اللحم و یکیلون الجوز فلا یعتبر بهم لأن أصل اللحم أن یوزن و أصل الجوز أن یعد. و علی ما ذکرنا فالعبرة ببلد فیه وجود المبیع لا ببلد العقد و لا ببلد المتعاقدین و فی شرح القواعد لبعض الأساطین ثم الرجوع إلی العادة مع اتفاقها اتفاقی و لو اختلفت فلکل بلد حکمه کما هو المشهور. و هل یراد به بلد العقد أو المتعاقدین الأقوی الأول و لو تعاقدا فی الصحراء رجعا إلی حکم بلدهما و لو اختلفا رجح الأقرب أو الأعظم أو ذو الاعتبار علی ذی الجزاف أو البائع فی مبیعه و المشتری فی ثمنه أو یبنی علی الإقراع مع الاختلاف و ما اتفقا علیه مع الاتفاق أو التخییر و لعله الأقوی و یجری مثله فی معاملة الغرباء فی الصحراء مع اختلاف البلدان و الأولی التخلص بإیقاع المعاملة علی وجه لا تفسدها الجهالة من صلح أو هبة بعوض أو معاطاة و نحوها و لو حصل الاختلاف فی البلد الواحد علی وجه التساوی فالأقوی التخییر و مع الاختصاص بجمع قلیل إشکال انتهی

@@@

مسألة لو أخبر البائع بمقدار المبیع جاز الاعتماد علیه علی المشهور
اشارة

و عبارة التذکرة مشعرة بالاتفاق علیه و یدل علیه غیر واحد من الأخبار المتقدمة. و ما تقدم فی صحیحة الحلبی الظاهرة فی المنع عن ذلک محمول علی صورة إیقاع المعاملة غیر مبنیة علی المقدار المخبر به و إن کان الأخبار داعیا إلیها فإنها لا تخرج بمجرد ذلک عن الغرر. و قد تقدم عن التحریر ما یوافق ذلک

[هل یعتبر کون الخبر طریقا عرفیا للمقدار]

ثم إن الظاهر اعتبار کون الخبر طریقا عرفیا للمقدار کما تشهد به الروایات المتقدمة فلو لم یفد ظنا فإشکال من بقاء الجهالة الموجبة للغرر و من عدم تقییدهم الأخبار بإفادة الظن و لا المخبر بالعدالة و الأقوی بناء علی اعتبار التقدیر و إن لم یلزم الغرر الفعلی هو الاعتبار. نعم لو دار الحکم مدار الغرر کفی فی صحة المعاملة إیقاعها مبنیة علی المقدار المخبر به و إن کان مجهولا. و یندفع الغرر ببناء المتعاملین علی ذلک المقدار فإن ذلک لیس بأدون من بیع العین الغائبة علی أوصاف مذکورة فی العقد فیقول بعتک هذه الصبرة علی أنها کذا و کذا صاعا و علی کل تقدیر فالحکم فیه الصحة

[ثبوت الخیار للمشتری لو تبین الخلاف بالنقیصة]
اشارة

فلو تبین الخلاف فإما أن یکون بالنقیصة و إما أن یکون بالزیادة فإن کان بالنقیصة تخیر المشتری بین الفسخ و بین الإمضاء بل فی جامع المقاصد احتمال البطلان کما لو باعه ثوبا علی أنه کتان فبان قطنا ثم رده بکون ذلک من غیر الجنس و هذا منه و إنما الفائت الوصف لکن یمکن أن یقال إن مغایرة الموجود الخارجی لما هو عنوان العقد حقیقة مغایرة حقیقیة لا تشبه مغایرة الفاقد للوصف لواجده لاشتراکهما فی أصل الحقیقة بخلاف الجزء و الکل فتأمل فإن المتعین الصحة و الخیار. ثم إنه قد عبر فی القواعد عن ثبوت هذا الخیار للبائع مع الزیادة و للمشتری مع النقیصة بقوله تخیر المغبون فربما تخیل بعض تبعا لبعض أن هذا لیس من خیار فوات الوصف أو الجزء معللا بأن خیار الوصف إنما یثبت مع التصریح باشتراط الوصف فی العقد و یدفعه تصریح العلامة فی هذه المسألة فی التذکرة بأنه لو ظهر النقصان رجع المشتری بالناقص و فی باب الصرف من القواعد بأنه لو تبین المبیع علی خلاف ما أخبر به البائع تخیر المشتری بین الفسخ و الإمضاء بحصة معینة من الثمن. و تصریح جامع المقاصد فی المسألة الأخیرة بابتنائها علی المسألة المعروفة و هی مسألة ما لو باع متساوی الأجزاء علی أنه مقدار معین فبان أقل و من المعلوم أن الخیار فی تلک المسألة إما لفوات الوصف و إما لفوات الجزء علی الخلاف الآتی. و أما التعبیر بالمغبون فیشمل البائع علی تقدیر الزیادة و المشتری علی تقدیر النقیصة نظیر تعبیر الشهید فی اللمعة عن البائع و المشتری فی بیع العین الغائبة برؤیتها السابقة مع تبین الخلاف حیث قال تخیر المغبون منهما. و أما ما ذکره من أن الخیار إنما یثبت فی تخلف الوصف إذا اشترط فی متن العقد ففیه أن ذلک فی الأوصاف الخارجة التی لا یشترط اعتبارها فی صحة البیع ککتابة العبد و خیاطته. و أما الملحوظ فی عنوان المبیع بحیث لو لم یلاحظ لم یصح البیع کمقدار معین من الکیل أو الوزن أو العد فهذا لا یحتاج إلی ذکره فی متن العقد فإن هذا أولی من وصف الصحة الذی یغنی بناء العقد علیه عن ذکره فی العقد فإن معرفة وجود ملاحظة الصحة لیست من مصححات العقد بخلاف معرفة وجود المقدار المعین

[عدم الإشکال فی کون هذا الخیار خیار التخلف

و کیف کان فلا إشکال فی کون هذا الخیار خیار التخلف و إنما الإشکال فی أن المختلف فی الحقیقة هل هو جزء المبیع أو وصف من أوصافه فلذلک اختلف فی أن الإمضاء هل هو بجمیع الثمن أو بحصة منه نسبتها إلیه کنسبة الموجود من الأجزاء إلی المعدوم و تمام الکلام فی موضع تعرض الأصحاب المسألة

[کل ما یکون طریقا عرفیا إلی مقدار المبیع فهو بحکم إخبار البائع

ثم إن فی حکم إخبار البائع بالکیل و الوزن من حیث ثبوت الخیار عند تبین الخلاف کل ما یکون طریقا عرفیا إلی مقدار المبیع و أوقع العقد بناء علیه کما إذا جعلنا الکیل فی المعدود و الموزون طریقا إلی عده أو وزنه.

مسألة قال فی الشرائع یجوز بیع الثوب و الأرض مع المشاهدة

و إن لم یمسحا و لو مسحا کان أحوط لتفاوت الغرض فی ذلک و تعذر إدراکه بالمشاهدة انتهی و فی التذکرة لو باع مختلف الأجزاء مع المشاهدة صح کالثوب و الدار و الغنم إجماعا و صرح فی السرائر بجواز بیع قطیع الغنم و إن لم یعلم عددها. أقول یشکل الحکم بالجواز فی کثیر من هذه الموارد لثبوت الغرر غالبا مع جهل أذرع الثوب و عدد قطیع الغنم و الاعتماد علی عددها علی ما یحصل تخمینا بالمشاهدة عین المجازفة. و بالجملة فإذا فرضنا أن مقدار مالیة الغنم قلة و کثرة یعلم بالعدد فلا فرق بین الجهل بالعدد فیها و بین الجهل بالمقدار فی المکیل و الموزون و المعدود و کذا الحکم فی عدد الأذرع و الطاقات و الکرابیس و الجربان فی کثیر من الأراضی المقدرة عادة بالجریب. نعم ربما یتفق

المکاسب، ج 2، ص 195

تعارف عدد خاص فی أذرع بعض طاقات الکرابیس لکن الاعتماد علی هذا من حیث کونه طریقا إلی عدد الأذرع نظیر إخبار البائع و لیس هذا معنی کفایة المشاهدة و تظهر الثمرة فی ثبوت الخیار إذ علی تقدیر کفایة المشاهدة لا یثبت خیار مع تبین قلة الأذرع بالنسبة إلی ما حصل التخمین به من المشاهدة إلا إذا کان النقص عیبا أو اشترط عددا خاصا من حیث الذراع طولا و عرضا. و بالجملة فالمعیار هنا دفع الغرر الشخصی إذ لم یرد هنا نص بالتقدیر لیحتمل إناطة الحکم به و لو لم یکن غرر کما استظهرناه فی المکیل و الموزون فافهم.

مسألة بیع بعض من جملة متساویة الأجزاء
اشارة

کصاع من صبرة مجتمعة الصیعان أو متفرقتها أو ذراع من کرباس أو عبد من عبدین و شبه ذلک یتصور علی وجوه

الأول أن یرید بذلک البعض کسرا واقعیا من الجملة مقدرا بذلک العنوان

فیرید بالصاع مثلا من صبرة تکون عشرة أصوع عشرها و من عبد من العبدین نصفهما و لا إشکال فی صحة ذلک و لا فی کون المبیع مشاعا فی الجملة و لا فرق بین اختلاف العبدین فی القیمة و عدمه و لا بین العلم بعدد صیعان الصبرة و عدمه لأن الکسر مقدر بالصاع فلا یعتبر العلم بنسبته إلی المجموع هذا و لکن قال فی التذکرة و الأقرب أنه لو قصد الإشاعة فی عبد من عبدین أو شاة من شاتین بطل بخلاف الذراع من الأرض انتهی و لم یعلم وجه الفرق إلا منع ظهور الکسر المشاع من لفظ العبد و الشاة.

الثانی أن یراد به بعض مردد بین ما یمکن صدقه علیه
اشارة

من الأفراد المتصورة فی المجموع نظیر تردد الفرد المنتشر بین الأفراد و هذا یتضح فی صاع من الصیعان المتفرقة و لا إشکال فی بطلان ذلک مع اختلاف المصادیق فی القیمة کالعبدین المختلفین لأنه غرر لأن المشتری لا یعلم بما یحصل فی یده منهما و أما مع اتفاقهما فی القیمة کما فی الصیعان المتفرقة فالمشهور أیضا کما فی کلام بعض المنع بل فی الریاض نسبته إلی الأصحاب. و عن المحقق الأردبیلی قدس سره أیضا نسبة المنع عن بیع ذراع من کرباس مشاهد من غیر تعیین أحد طرفیه إلی الأصحاب و استدل علی المنع بعضهم بالجهالة التی یبطل معها البیع إجماعا و آخر بأن الإبهام فی البیع مبطل له لا من حیث الجهالة. و یؤیده أنه حکم فی التذکرة مع منعه عن بیع أحد العبدین المشاهدین المتساویین بأنه لو تلف أحدهما فباع الباقی و لم یدر أیهما هو صح خلافا لبعض العامة و ثالث بلزوم الغرر و رابع بأن الملک صفة وجودیة محتاجة إلی محل تقوم به کسائر الصفات الموجودة فی الخارج و أحدهما علی سبیل البدل غیر قابل لقیامه به لأنه أمر انتزاعی من أمرین معینین و یضعف الأول بمنع المقدمتین لأن الواحد علی سبیل البدل غیر مجهول إذ لا تعین له فی الواقع حتی یجهل و المنع عن بیع المجهول و لو لم یلزم غرر غیر مسلم نعم وقع فی معقد بعض الإجماعات ما یظهر منه صدق کلتا المقدمتین. ففی السرائر بعد نقل الروایة التی رواها فی الخلاف علی جواز بیع عبد من عبدین قال إن ما اشتملت علیه الروایة مخالف لما علیه الأمة بأسرها مناف لأصول مذهب أصحابنا و فتاواهم و تصانیفهم لأن المبیع إذا کان مجهولا کان البیع باطلا بغیر خلاف انتهی و عن الخلاف فی باب السلم أنه لو قال أشتری منک أحد هذین العبدین أو هؤلاء العبید لم یصح الشراء دلیلنا أنه بیع مجهول فیجب أن لا یصح و لأنه بیع غرر لاختلاف قیمتی العبدین و لأنه لا دلیل علی صحة ذلک فی الشرع. و قد ذکرنا هذه المسألة فی البیوع و قلنا إن أصحابنا رووا جواز ذلک فی العبدین فإن قلنا بذلک تبعنا فیه الروایة و لم یقس غیرهما علیهما انتهی و عبارته المحکیة فی باب البیوع أنه روی أصحابنا أنه إذا اشتری عبدا من عبدین علی أن للمشتری أن یختار أیهما شاء أنه جائز و لم یرووا فی الثوب شیئا ثم قال دلیلنا إجماع الفرقة و قوله ص: المؤمنون عند شروطهم انتهی. و سیأتی أیضا فی کلام فخر الدین أن عدم تشخیص المبیع من الغرر الذی یوجب النهی عنه الفساد إجماعا و ظاهر هذه الکلمات صدق الجعالة و کون مثلها قادحة اتفاقا مع فرض عدم نص بل قد عرفت رد الحلی للنص المجوز بمخالفته لإجماع الأمة. و مما ذکرنا من منع کبری الوجه الأول یظهر حال الوجه الثانی من وجوه المنع أعنی کون الإبهام مبطلا. و أما الوجه الثالث فیرده منع لزوم الغرر مع فرض اتفاق الأفراد فی الصفات الموجبة لاختلاف القیمة و لذا یجوز الإسلاف فی الکلی من هذه الأفراد مع أن الانضباط فی السلم آکد و أیضا فقد جوزوا بیع الصاع الکلی من الصبرة و لا فرق بینهما من حیث الغرر قطعا و لذا رد فی الإیضاح حمل الصاع من الصبرة علی الکلی برجوعه إلی عدم تعیین المبیع الموجب للغرر المفسد إجماعا. و أما الرابع فیمنع احتیاج صفة الملک إلی وجود خارجی فإن الکلی المبیع سلما أو حالا مملوک للمشتری و لا وجود لفرد منه فی الخارج بصفة کونه مملوکا للمشتری فالوجه أن الملکیة أمر اعتباری یعتبرها العرف و الشرع أو أحدهما فی مواردها و لیست صفة وجودیة متأصلة کالحموضة و السواد و لذا صرحوا بصحة الوصیة بأحد الشیئین بل بأحد الشخصین و نحوهما فالإنصاف کما اعترف به جماعة أولهم المحقق الأردبیلی عدم دلیل معتبر علی المنع. قال فی شرح الإرشاد علی ما حکی عنه بعد أن حکی عن الأصحاب المنع عن بیع ذراع من کرباس من غیر تقیید کونه من أی الطرفین و فیه تأمل إذ لم یقم دلیل علی اعتبار هذا المقدار من العلم فإنهما إذا تراضیا علی ذراع من هذا الکرباس من أی طرف أراد المشتری أو من أی جانب کان من الأرض فما المانع بعد العلم بذلک انتهی. فالدلیل هو الإجماع لو ثبت و قد عرفت من غیر واحد نسبته إلی الأصحاب قال بعض الأساطین فی شرحه علی القواعد بعد حکم المصنف بصحة بیع الذراع من الثوب و الأرض الراجع إلی بیع الکسر المشاع و إن قصدا معینا من عین أو کلیا لا علی وجه الإشاعة بطل لحصول

الغرر بالإبهام فی الأول و کونه بیع المعدوم و باختلاف الأغراض فی الثانی غالبا فیلحق به النادر و للإجماع المنقول فیه إلی أن قال و الظاهر بعد إمعان النظر و نهایة التتبع أن الغرر الشرعی لا یستلزم

المکاسب، ج 2، ص 196

الغرر العرفی و بالعکس و ارتفاع الجهالة فی الخصوصیة قد لا یثمر مع حصولها فی أصل الماهیة و لعل الدائرة فی الشرع أضیق و إن کان بین المصطلحین عموم و خصوص من وجهین و فهم الأصحاب مقدم لأنهم أدری بمذاق الشارع و أعلم انتهی. و لقد أجاد حیث التجأ إلی فهم الأصحاب فیما یخالف العمومات.

فرع علی المشهور من المنع لو اتفقا علی أنهما أرادا غیر شائع لم یصح البیع

لاتفاقهما علی بطلانه و لو اختلفا فادعی المشتری الإشاعة فیصح البیع و قال البائع أردت معینا. ففی التذکرة الأقرب قبول قول المشتری عملا بأصالة الصحة و أصالة عدم التعیین انتهی. و هذا حسن لو لم یتسالما علی صیغة ظاهرة فی أحد المعنیین أما معه فالمتبع هو الظاهر و أصالة الصحة لا تصرف الظواهر و أما أصالة عدم التعیین فلم أتحققها. و ذکر بعض من قارب عصرنا أنه لو فرض للکلام ظهور فی عدم الإشاعة کان حمل الفعل علی الصحة قرینة صارفة و فیه نظر.

الثالث من وجوه بیع البعض من الکل أن یکون المبیع طبیعة کلیة منحصرة المصادیق
اشارة

فی الأفراد المتصورة فی تلک الجملة

[الفرق بین الوجه الثانی و الثالث

و الفرق بین هذا الوجه و الوجه الثانی کما حققه فی جامع المقاصد بعد التمثیل للثانی بما إذا فرقت الصیعان و قال بعتک أحدها أن المبیع هناک واحد من الصیعان المتمیزة المشخصة غیر معین فیکون بیعه مشتملا علی الغرر و فی هذا الوجه أمر کلی غیر متشخص و لا متمیز بنفسه و یتقوم کل واحد من صیعان الصبرة و یوجد به و مثله ما لو قسم الأرباع و باع ربعا منها من غیر تعیین و لو باع ربعا قبل القسمة صح و تنزل علی واحد منها مشاعا لأنه حینئذ أمر کلی. فإن قلت المبیع فی الأولی أیضا أمر کلی. قلنا لیس کذلک بل هو واحد من تلک الصیعان المتشخصة مبهم بحسب صورة العبارة فیشبه الأمر الکلی و بحسب الواقع جزئی غیر معین و لا معلوم و المقتضی لهذا المعنی هو تفریق الصیعان و جعل کل واحد منها برأسه فصار إطلاق أحدها منزلا علی شخصی غیر معلوم فصار کبیع أحد الشیاة و أحد العبید و لو قال بعتک صاعا من هذه شائعا فی جملتها لحکمنا بالصحة انتهی. و حاصله أن المبیع مع التردید جزئی حقیقی فیمتاز عن المبیع الکلی الصادق علی الأفراد المتصورة فی تلک الجملة. و فی الإیضاح أن الفرق بینهما هو الفرق بین الکلی المقید بالوحدة و بین الفرد المنتشر

ثم الظاهر صحة بیع الکلی بهذا المعنی کما هو صریح جماعة منهم الشیخ و الشهیدان و المحقق الثانی و غیرهم بل الظاهر عدم الخلاف فیه و إن اختلفوا فی تنزیل الصاع من الصبرة علی الکلی أو الإشاعة لکن یظهر مما عن الإیضاح وجود الخلاف فی صحة بیع الکلی و أن منشأ القول بالتنزیل علی الإشاعة هو بطلان بیع الکلی بهذا المعنی و الکلی الذی یجوز بیعه هو ما یکون فی الذمة.

قال فی الإیضاح فی ترجیح التنزیل علی الإشاعة إنه لو لم یکن مشاعا لکان غیر معین فلا یکون معلوم العین و هو الغرر الذی یدل النهی عنه علی الفساد إجماعا و لأن أحدهما بعینه لو وقع البیع علیه ترجیح من غیر مرجح و لا بعینه هو المبهم و إبهام المبیع مبطل انتهی و تبعه بعض المعاصرین مستندا تارة إلی ما فی الإیضاح من لزوم الإبهام و الغرر و أخری إلی عدم معهودیة ملک الکلی فی غیر الذمة لا علی وجه الإشاعة و ثالثة باتفاقهم علی تنزیل الأرطال المستثناة من بیع الثمرة علی الإشاعة. و یرد الأول ما عرفت من منع الغرر فی بیع الفرد المنتشر فکیف نسلم فی الکلی. و الثانی بأنه معهود فی الوصیة و الإصداق مع أنه لم یفهم مراده من المعهودیة فإن أنواع الملک بل کل جنس لا یعهد تحقق أحدها فی مورد الآخر إلا أن یراد منه عدم وجود مورد یقینی حکم فیه الشارع بملکیة الکلی المشترک بین أفراد موجودة فیکفی فی رده النقض بالوصیة و شبهها هذا کله مضافا إلی صحیحة الأطنان الآتیة فإن موردها إما بیع الفرد المنتشر و إما بیع الکلی فی الخارج. و أما الثالث فسیأتی الکلام فیه إن شاء الله تعالی.

مسألة لو باع صاعا من صبرة فهل ینزل علی الوجه الأول من الوجوه
اشارة

بناء علی المشهور من صحته وجهان بل قولان حکی ثانیهما عن الشیخ و الشهیدین و المحقق الثانی و جماعة و استدل فی جامع المقاصد بأنه السابق إلی الفهم. و بروایة برید بن معاویة عن أبی عبد الله ع: فی رجل اشتری من رجل عشرة آلاف طن قصب فی أنبار بعضه علی بعض من أجمة واحدة و الأنبار فیه ثلاثون ألف طن فقال البائع قد بعتک من هذا القصب عشرة آلاف طن فقال المشتری قد قبلت و اشتریت و رضیت فأعطاه المشتری من ثمنه ألف درهم و وکل المشتری من یقبضه فأصبحوا و قد وقع النار فی القصب فاحترق منه عشرون ألف طن و بقی عشرة آلاف طن فقال ع العشرة آلاف طن التی بقیت هی للمشتری و العشرون التی احترقت من مال البائع. و یمکن دفع الأول بأن مقتضی الوضع فی قوله صاعا من صبرة هو الفرد المنتشر الذی عرفت سابقا أن المشهور بل الإجماع علی بطلانه و مقتضی المعنی العرفی هو المقدار المقدر بصاع و ظاهره حینئذ الإشاعة لأن المقدار المذکور عن مجموع الصبرة مشاع فیه. و أما الروایة فهی أیضا ظاهره فی الفرد المنتشر کما اعترف به فی الریاض لکن الإنصاف أن العرف یعاملون فی البیع المذکور معاملة الکلی فیجعلون الخیار فی التعیین إلی البائع و هذه أمارة فهمهم الکلی. و أما الروایة فلو فرضنا ظهورها فی الفرد المنتشر فلا بأس بحملها علی الکلی لأجل القرینة الخارجیة و تدل علی عدم الإشاعة من حیث الحکم ببقاء المقدار المبیع و کونه مالا للمشتری فالقول الثانی لا یخلو من قوة بل لم نظفر بمن جزم بالأول و إن حکاه فی الإیضاح قولا-

ثم إنه یتفرع علی المختار من کون المبیع کلیا أمور.
أحدها کون التخییر فی تعیینه بید البائع

لأن المفروض أن المشتری لم یملک إلا الطبیعة المعراة عن التشخیص الخاص فلا یستحق علی البائع خصوصیة فإذا طالب بخصوصیة زائدة علی تلک الطبیعة فقد طالب ما لیس حقا له و هذا جار فی کل من ملک کلیا فی الذمة أو فی الخارج فلیس لمالکه اقتراح الخصوصیة علی من علیه الکلی و لذا کان اختیار التعیین بید الوارث إذا وصی المیت لرجل بواحد من متعدد یملکه المیت کعبد من عبیده و نحو ذلک إلا أنه قد جزم المحقق القمی قدس سره فی غیر موضع من أجوبة مسائله بأن الاختیار فی التعیین بید المشتری و لم یعلم له وجه مصحح فیا لیته قاس ذلک علی طلب الطبیعة حیث إن الطالب لما ملک الطبیعة علی المأمور و استحقها منه لم یجز له بحکم العقل مطالبة خصوصیة دون

المکاسب، ج 2، ص 197

أخری و کذلک مسألة التملیک کما لا یخفی و أما علی الإشاعة فلا اختیار لأحدهما لحصول الشرکة فتحتاج القسمة إلی التراضی.

و منها أنه لو تلف بعض الجملة و بقی مصداق الطبیعة انحصر حق المشتری فیه

لأن کل فرد من أفراد الطبیعة و إن کان قابلا لتعلق ملکه به بخصوصه إلا أنه یتوقف علی تعیین مالک المجموع و إقباضه فکل ما تلف قبل إقباضه خرج عن قابلیة ملکیته للمشتری فعلا فینحصر فی الموجود و هذا بخلاف المشاع فإن ملک المشتری فعلا ثابت فی کل جزء من المال من دون حاجة إلی اختیار و إقباض فکل ما یتلف من المال فقد تلف من المشتری جزء بنسبة حصته.

و منها أنه لو فرضنا أن البائع بعد ما باع صاعا من الجملة باع من شخص آخر صاعا کلیا آخر

فالظاهر أنه إذا بقی صاع واحد کان للأول لأن الکلی المبیع ثانیا إنما هو سار فی مال البائع و هو ما عدا الصاع من الصبرة فإذا تلف ما عدا الصاع فقد تلف جمیع ما کان الکلی فیه ساریا فقد تلف المبیع الثانی قبل القبض و هذا بخلاف ما لو قلنا بالإشاعة

[صور إقباض الکلی

ثم اعلم أن المبیع إنما یبقی کلیا ما لم یقبض- و أما إذا قبض فإن قبض منفردا عما عداه کان مختصا بالمشتری و إن قبض فی ضمن الباقی بأن أقبضه البائع مجموع الصبرة فیکون بعضه وفاء و الباقی أمانة حصلت الشرکة بحصول ماله فی یده و عدم توقفه علی تعیین و إقباض حتی یخرج التالف عن قابلیة تملک المشتری له فعلا و ینحصر حقه فی الباقی فحینئذ حساب التالف علی البائع دون المشتری ترجیح بلا مرجح فیحسب علیهما. و الحاصل أن کل جزء معین قبل الإقباض قابل لکونه کلا أو بعضا ملکا فعلیا للمشتری و الملک الفعلی له حینئذ هو الکلی الساری فالتالف المعین غیر قابل لکون جزئه محسوبا علی المشتری لأن تملکه لمعین موقوف علی اختیار البائع و إقباضه فیحسب علی البائع بخلاف التالف بعد الإقباض فإن تملک المشتری لمقدار منه حاصل فعلا لتحقق الإقباض فنسبة کل جزء معین من الجملة إلی کل من البائع و المشتری علی حد سواء. نعم لو لم یکن إقباض البائع للمجموع علی وجه الإیفاء- بل علی وجه التوکیل فی التعیین أو علی وجه الأمانة حتی یعین البائع بعد ذلک کان حکمه حکم ما قبل القبض

[لو باع ثمرة شجرات و استثنی منها أرطالا معلومة]

هذا کله مما لا إشکال فیه و إنما الإشکال فی أنهم ذکروا فیما لو باع ثمرة شجرات و استثنی منها أرطالا معلومة أنه لو خاست الثمرة سقط من المستثنی بحسابه و ظاهر ذلک تنزیل الأرطال المستثناة علی الإشاعة و لذا قال فی الدروس إن فی هذا الحکم دلالة علی تنزیل الصاع من الصبرة علی الإشاعة و حینئذ یقع الإشکال فی الفرق بین المسألتین حیث إن مسألة الاستثناء ظاهرهم الاتفاق علی تنزیلها علی الإشاعة. و المشهور هنا التنزیل علی الکلی بل لم یعرف من جزم بالإشاعة و ربما یفرق بین المسألتین بالنص فیما نحن فیه علی التنزیل علی الکلی و هو ما تقدم من الصحیحة المتقدمة. و فیه أن النص إن استفید منه حکم القاعدة لزم التعدی عن مورده إلی مسألة الاستثناء أو بیان الفارق و خروجها عن القاعدة و إن اقتصر علی مورده لم یتعد إلی غیر مورده حتی فی البیع إلا بعد إبداء الفرق بین موارد التعدی و بین مسألة الاستثناء. و بالجملة فالنص بنفسه لا یصلح فارقا مع البناء علی التعدی عن مورده الشخصی و أضعف من ذلک الفرق بقیام الإجماع علی الإشاعة فی مسألة الاستثناء لأنا نقطع بعدم استناد المجمعین فیها إلی توقیف بالخصوص و أضعف من هذین الفرق بین مسألة الاستثناء و مسألة الزکاة و غیرهما مما یحمل الکلی فیها علی الإشاعة و بین البیع باعتبار القبض فی لزوم البیع و إیجابه علی البائع فمع وجود فرد یتحقق فیه البیع یجب دفعه إلی المشتری إذ هو شبه الکلی فی الذمة. و فیه مع أن إیجاب القبض متحقق فی مسألتی الزکاة و الاستثناء أن إیجاب القبض علی البائع یتوقف علی بقائه إذ مع عدم بقائه کلا أو بعضا ینفسخ البیع فی التالف و الحکم بالبقاء یتوقف علی نفی الإشاعة فنفی الإشاعة بوجوب الإقباض لا یخلو عن مصادرة کما لا یخفی. و أما مدخلیة القبض فی اللزوم فلا دخل له أصلا فی الفرق و مثله فی الضعف لو لم یکن عینه ما فی مفتاح الکرامة من الفرق بأن التلف من الصبرة قبل القبض فیلزم علی البائع تسلیم المبیع منها و إن بقی قدره فلا ینقص المبیع لأجله بخلاف الاستثناء فإن التلف فیه بعد القبض و المستثنی بید المشتری أمانة علی الإشاعة بینهما فیوزع الناقص علیهما و لهذا لم یحکم بضمان المشتری هنا بخلاف البائع هناک انتهی و فیه مع ما عرفت من أن التلف من الصبرة قبل القبض إنما یوجب تسلیم تمام المبیع من الباقی بعد ثبوت عدم الإشاعة فکیف یثبت به أنه إن أرید من کون التلف فی مسألة الاستثناء بعد القبض أنه بعد قبض المشتری. ففیه أنه موجب لخروج البائع عن ضمان ما یتلف من مال المشتری و لا کلام فیه و لا إشکال و إنما الإشکال فی الفرق بین المشتری فی مسألة الصاع و البائع فی مسألة الاستثناء حیث إن کلا منهما یستحق مقدارا من المجموع لم یقبضه مستحقه فکیف یحسب نقص التلف علی أحدهما دون الآخر مع اشتراکهما فی عدم قبض حقهما الکلی و إن أرید من کون التلف بعد القبض أن الکلی الذی یستحقه البائع قد کان فی یده بعد العقد فحصل الاشتراک فإذا دفع الکل إلی المشتری فقد دفع مالا مشترکا فهو نظیر ما إذا دفع البائع مجموع الصبرة إلی المشتری فالاشتراک کان قبل القبض. ففیه أن الإشکال بحاله إذ یبقی سؤال الفرق بین قوله بعتک صاعا من هذه الصبرة و بین قوله بعتک هذه الصبرة أو هذه الثمرة إلا صاعا منها و ما الموجب للاشتراک فی الثانی دون الأول مع کون مقتضی الکلی عدم تعین فرد منه أو جزء منه لمالکه إلا بعد إقباض مالک الکل الذی هو المشتری فی مسألة الاستثناء فإن کون الکل بید البائع المالک للکلی لا یوجب الاشتراک هذا مع أنه لم یعلم من الأصحاب فی مسألة الاستثناء الحکم بعد العقد بالاشتراک و عدم جواز تصرف المشتری إلا بإذن البائع کما یشعر به فتوی جماعة منهم الشهیدان و المحقق الثانی بأنه لو فرط المشتری وجب أداء المستثنی من الباقی و یمکن أن یقال إن بناء المشهور فی مسألة استثناء الأرطال إن کان علی عدم الإشاعة

المکاسب، ج 2، ص 198

قبل التلف و اختصاص الاشتراک بالتألف دون الموجود کما ینبئ عنه فتوی جماعة منهم بأنه لو کان تلف البعض بتفریط المشتری کانت حصة البائع فی الباقی. و یؤیده استمرار السیرة فی صورة استثناء الأرطال المعلومة من الثمرة علی استقلال المشتری فی التصرف و عدم المعاملة مع البائع معاملة الشرکاء فالمسألتان مشترکتان فی التنزیل علی الکلی و لا فرق بینها إلا فی بعض ثمرات التنزیل علی الکل و هو حساب التالف علیهما و لا یحضرنی وجه واضح لهذا الفرق إلا دعوی أن المتبادر من الکلی المستثنی هو الکلی الشائع فیما یسلم للمشتری لا مطلق الموجود وقت البیع و إن کان بناؤهم علی الإشاعة من أول الأمر أمکن أن یکون الوجه فی ذلک أن المستثنی کما یکون ظاهرا فی الکلی کذلک یکون عنوان المستثنی منه الذی انتقل إلی المشتری بالبیع کلیا بمعنی أنه ملحوظ بعنوان کلی یقع علیه البیع. فمعنی بعتک هذه الصبرة إلا صاعا منها بعتک الکلی الخارج الذی هو المجموع المخرج عنه الصاع فهو کلی کنفس الصاع فکل منهما مالک لعنوان کلی فالموجود مشترک بینهما لأن نسبة کل جزء منه إلی کل منهما علی نهج سواء فتخصیص أحدهما به ترجیح من غیر مرجح و کذا التالف نسبته إلیهما علی السواء فیحسب علیهما و هذا بخلاف ما إذا کان المبیع کلیا فإن مال البائع لیس ملحوظا بعنوان کلی فی قولنا بعتک صاعا من هذه الصبرة إذ لم یقع موضوع الحکم فی هذا الکلام حتی یلحظ بعنوان کلی کنفس الصاع. فإن قلت إن مال البائع بعد بیع الصاع لیس جزئیا حقیقیا متشخصا فی الخارج فیکون کلیا کنفس الصاع. قلت نعم و لکن ملکیة البائع له لیس بعنوان کلی حتی یبقی ما بقی ذلک العنوان لیکون الباقی بعد تلف البعض مصداقا لهذا العنوان و عنوان الصاع علی نهج سواء لیلزم من تخصیصه بأحدهما الترجیح من غیر مرجح فیجی ء الاشتراک فإذا لم یبق إلا صاع کان الموجود مصداقا لعنوان ملک المشتری فیحکم بکونه مالکا له و لا یزاحمه بقاء عنوان ملک البائع فتأمل. هذا ما خطر عاجلا بالبال و قد أوکلنا تحقیق هذا المقام الذی لم یبلغ إلیه ذهنی القاصر إلی نظر الناظر البصیر الخبیر الماهر عفا الله عن الزلل فی المعاثر.

[أقسام بیع الصبرة]

قال فی الروضة تبعا للمحکی عن حواشی الشهید إن أقسام بیع الصبرة عشرة لأنها إما أن تکون معلومة المقدار أو مجهولة فإن کانت معلومة صح بیعها أجمع و بیع جزء منها معلوم مشاع و بیع مقدار کقفیز تشتمل علیه و بیعها کل قفیز بکذا لا بیع کل قفیز منها بکذا و المجهولة کلها باطلة إلا الثالث و هو بیع مقدار معلوم تشتمل الصبرة علیه و لو لم یعلم باشتمالها علیه فظاهر القواعد و المحکی عن حواشی الشهید و غیرها عدم الصحة و استحسنه فی الروضة ثم قال نعم لو قیل بالاکتفاء بالظن الغالب باشتمالها علیه کان متجها و المحکی عن ظاهر الدروس و اللمعة الصحة قال فیها فإن نقصت تخیر بین أخذ الموجود منها بحصة من الثمن و بین الفسخ لتبعض الصفقة و ربما یحکی عن المبسوط و الخلاف خلافه و لا یخلو من قوة و إن کان فی تعیینه نظر لا لتدارک الضرر بالخیار لما عرفت غیر مرة من أن الغرر إنما یلاحظ فی البیع مع قطع النظر عن الخیار الذی هو من أحکام العقد فلا یرتفع به الغرر الحاصل عند العقد بل لمنع الغرر. و إن قیل عدم العلم بالوجود من أعظم أفراد الغرر. قلت نعم إذا بنی العقد علی جعل الثمن فی مقابل الموجود و أما إذا بنی علی توزیع الثمن علی مجموع المبیع غیر المعلوم الوجود بتمامه فلا غرر عرفا و ربما تحتمل الصحة مراعی بتبین اشتمالها علیه. و فیه أن الغرر إن ثبت حال البیع لم ینفع تبین الاشتمال هذا و لکن الأوفق بکلماتهم فی موارد الغرر عدم الصحة إلا مع العلم بالاشتمال أو الظن الذی یتعارف الاعتماد علیه و لو کان من جهة استصحاب الاشتمال. و أما الرابع مع الجهالة و هو بیعها کل قفیز بکذا فالمحکی عن جماعة المنع و عن ظاهر إطلاق المحکی من عبارتی المبسوط و الخلاف أنه لو قال بعتک هذه الصبرة کل قفیز بدرهم صح البیع. قال فی الخلاف لأنه لا مانع منه و الأصل جوازه و ظاهر إطلاقه یعم صورة الجهل بالاشتمال. و عن الکفایة نفی البعد عنه إذ المبیع معلوم بالمشاهدة و الثمن مما یمکن أن یعرف بأن تکال الصبرة و یوزع الثمن علی قفزائها قال و له نظائر ذکر جملة منها فی التذکرة و فیه نظر.

مسألة إذا شاهد عینا فی زمان سابق علی العقد علیها
اشارة

فإن اقتضت العادة تغیرها عن صفاتها السابقة إلی غیرها المجهول عند المتبایعین فلا یصح البیع إلا بذکر صفات تصحح بیع الغائب لأن الرؤیة القدیمة غیر نافعة و إن اقتضت العادة بقاءها علیها فلا إشکال فی الصحة و لا خلاف فیها أیضا إلا من بعض الشافعیة و إن احتمل الأمران جاز الاعتماد علی أصالة عدم التغیر و البناء علیها فی العقد فیکون نظیر إخبار البائع بالکیل و الوزن لأن الأصل من الطرق التی یتعارف التعویل علیها و لو فرضناه فی مقام لا یمکن التعویل علیه لحصول أمارة علی خلافه فإن بلغت قوة الظن حدا یلحقه بالقسم الأول و هو ما اقتضت العادة تغیره لم یجز البیع و إلا جاز ذکر تلک الصفات لا بدونه لأنه لا ینقص عن الغائب الموصوف الذی یجوز بیعه بصفات لم یشاهد علیها بل یمکن القول بالصحة فی القسم الأول إذا لم یفرض کون ذکر الصفات مع اقتضاء العادة عدمها لغوا لکن هذا کله خارج عن البیع بالرؤیة القدیمة و کیف کان فإذا باع أو اشتری برؤیة قدیمة فانکشف التغیر تخییر المغبون و هو البائع إن تغیر إلی صفات زادت فی مالیته و المشتری إن نقصت عن تلک الصفات لقاعدة الضرر و لأن الصفات المبنی علیها فی حکم الصفات المشروطة فهی من قبیل تخلف الشرط کما أشار إلیه فی نهایة الأحکام و المسالک بقولهما الرؤیة بمثابة الشرط فی الصفات الکائنة فی المرئی فکل ما فات منها فهو بمثابة التخلف فی الشرط انتهی و توهم أن الشروط إذا لم تذکر فی متن العقد لا عبرة بها فما نحن فیه من قبیل ما لم یذکر من الشروط فی متن العقد مدفوع بأن الغرض من ذکر الشروط فی العقد صیرورتها مأخوذة فیه حتی لا یکون العمل بالعقد بدونها وفاء بالعقد و الصفات المرئیة سابقا حیث إن البیع لا یصح إلا مبنیا علیها

المکاسب، ج 2، ص 199

کانت دخولها فی العقد کان أولی من دخول الشرط المذکور علی وجه الشرطیة و لذا لو لم یبن البیع علیها و لم یلاحظ وجودها فی البیع کان البیع باطلا فالذکر اللفظی إنما یحتاج إلیه فی شروط خارجة لا یجب ملاحظتها فی العقد و احتمل فی نهایة الأحکام البطلان و لعله لأن المضی علی البیع و عدم نقضه عند تبین الخلاف إن کان وفاء بالعقد وجب فلا خیار و إن لم یکن وفاء لم یدل دلیل علی جوازه. و بعبارة أخری العقد إذا وقع علی الشی ء الموصوف انتفی متعلقة بانتفاء صفته و إلا فلا وجه للخیار مع أصالة اللزوم و یضعفه أن الأوصاف الخارجة عن حقیقة المبیع إذا اعتبرت فیه عند البیع إما ببناء العقد علیها و إما بذکرها فی متن العقد لا تعد من مقومات العقد کما أنها لیست من مقومات المبیع ففواتها فوات حق للمشتری ثبت بسببه الخیار دفعا لضرر الالتزام بما لم یقدم علیه و تمام الکلام فی باب الخیار إن شاء الله.

فرعان
الأول لو اختلفا فی التغیر فادعاه المشتری

ففی المبسوط و التذکرة و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد و المسالک تقدیم قول المشتری لأن یده علی الثمن کما فی الدروس و هو راجع إلی ما فی المبسوط و السرائر من أن المشتری هو الذی ینتزع منه الثمن و لا ینتزع منه إلا بإقراره أو ببینة تقوم علیه انتهی. و تبعه العلامة أیضا فی صورة الاختلاف فی أوصاف المبیع الموصوف إذا لم یسبقه برؤیة حیث تمسک بأصالة براءة ذمة المشتری من الثمن فلا یلزمه ما لم یقر به أو یثبت بالبینة و لأن البائع یدعی علمه بالمبیع علی هذا الوصف الموجود و الرضا به و الأصل عدمه کما فی التذکرة و لأن الأصل عدم وصول حقه إلیه کما فی جامع المقاصد و یمکن أن یضعف الأول بأن ید المشتری علی الثمن بعد اعترافه بتحقق الناقل الصحیح ید أمانة غایة الأمر أنه یدعی سلطنته علی الفسخ فلا ینفع تشبثه بالید إلا أن یقال إن وجود الناقل لا یکفی فی سلطنة البائع علی الثمن بناء علی ما ذکره العلامة فی أحکام الخیار من التذکرة و لم ینسب خلافه إلا إلی بعض الشافعیة من عدم وجوب تسلیم الثمن و المثمن فی مدة الخیار و إن تسلم الآخر و حینئذ فالشک فی ثبوت الخیار یوجب الشک فی سلطنة البائع علی أخذ الثمن فلا مدفع لهذا الوجه إلا أصالة عدم سبب الخیار لو تم کما سیجی ء. و الثانی مع معارضته بأصالة عدم علم المشتری بالمبیع علی وصف آخر حتی یکون حق له یوجب الخیار بأن الشک فی علم المشتری بهذا الوصف و علمه بغیره مسبب عن الشک فی وجود غیر هذا الوصف سابقا فإذا انتفی غیره بالأصل الذی یرجع إلیه أصالة عدم تغیر المبیع لم یجر أصالة عدم علمه بهذا الوصف. و الثالث بأن حق المشتری من نفس العین قد وصل إلیه قطعا و لذا یجوز له إمضاء العقد و ثبوت حق له من حیث الوصف المفقود غیر ثابت فعلیه الإثبات و المرجع أصالة لزوم العقد. و لأجل ما ذکرنا قوی بعض تقدیم قول البائع هذا و یمکن بناء المسألة علی أن بناء المتبایعین حین العقد علی الأوصاف الملحوظة حین المشاهدة هل هو کاشتراطها فی العقد فهی کشروط مضمرة فی نفس المتعاقدین کما عرفت عن النهایة و المسالک و لهذا لا یحصل من فقدها الأخیار لمن اشترطت له و لا یلزم بطلان العقد أو أنها مأخوذة فی نفس المعقود علیه بحیث یکون المعقود علیه هو الشی ء المقید و لذا لا یجوز إلغاؤها فی المعقود علیه کما یجوز إلغاء غیرها من الشروط فعلی الأول یرجع النزاع فی التغیر و عدمه إلی النزاع فی اشتراط خلاف هذا الوصف الموجود علی البائع و عدمه و الأصل مع البائع. و بعبارة أخری النزاع فی أن العقد وقع علی الشی ء الملحوظ فیه الوصف المفقود أم لا لکن الإنصاف أن هذا البناء فی حکم الاشتراط من حیث ثبوت الخیار لکنه لیس شیئا مستقلا حتی یدفع عند الشک بالأصل بل المراد به إیقاع العقد علی العین الملحوظ کونها متصفة بهذا الوصف و لیس هنا عقد علی العین و التزام بکونها متصفة بذلک الوصف فهو قید ملحوظ فی المعقود علیه نظیر الأجزاء لا شرط ملزم فی العقد فحینئذ یرجع النزاع إلی وقوع العقد علی ما ینطبق علی الشی ء الموجود حتی یلزم الوفاء به و عدمه و الأصل عدمه. و دعوی معارضته بأصالة عدم وقوع العقد علی العین المقیدة بالوصف المفقود لیثبت اللزوم مدفوعة بأن عدم وقوع العقد علی العین المقیدة لا یثبت لزوم العقد الواقع إلا بعد إثبات وقوع العقد علی العین غیر المقیدة بأصالة عدم وقوع العقد علی المقید و هو غیر جائز کما حقق فی الأصول. و علی الثانی یرجع النزاع إلی رجوع العقد و التراضی علی الشی ء المطلق بحیث یشمل الموصوف بهذا الوصف الموجود و عدمه و الأصل مع المشتری. و دعوی معارضته بأصالة عدم وقوع العقد علی الشی ء الموصوف بالصفة المفقودة مدفوعة بأنه لا یلزم من عدم تعلقه بذاک تعلقه بهذا حتی یلزم علی المشتری الوفاء به فإلزام المشتری بالوفاء بالعقد موقوف علی ثبوت تعلق العقد بهذا و هو غیر ثابت و الأصل عدمه و قد تقرر فی الأصول أن نفی أحد الضدین بالأصل لا یثبت الضد الآخر لیترتب علیه حکمه. و بما ذکرنا یظهر فساد التمسک بأصالة اللزوم حیث إن المبیع ملک المشتری و الثمن ملک البائع اتفاقا و إنما اختلافهما فی تسلط المشتری علی الفسخ فینفی بما تقدم من قاعدة اللزوم. توضیح الفساد أن الشک فی اللزوم و عدمه من حیث الشک فی متعلق العقد فإنا نقول الأصل عدم تعلق العقد بهذا الموجود حتی لا

یثبت اللزوم و هو وارد علی أصالة اللزوم. و الحاصل أن هنا أمرین أحدهما عدم تقیید متعلق العقد بذلک الوصف المفقود و أخذه فیه و هذا الأصل ینفع فی عدم الخیار لکنه غیر جار لعدم الحالة السابقة. و الثانی عدم وقوع العقد علی الموصوف بذاک الوصف المفقود و هذا جار غیر نافع نظیر الشک فی کون الماء المخلوق دفعة کرا من أصله فإن أصالة عدم کریته نافعة غیر جاریة و أصالة عدم وجود الکر جاریة غیر نافعة فی ترتب آثار القلة علی الماء المذکور فافهم و اغتنم. و بما ذکرنا یظهر حال التمسک بالعمومات المقتضیة للزوم العقد الحاکمة علی الأصول العملیة المتقدمة مثل ما دل علی حرمة أکل المال إلا أن تکون تجارة عن تراض و عموم لا یحل مال امرأ مسلم إلا عن طیب نفسه و عموم أن الناس مسلطون علی أموالهم بناء علی أنها تدل علی عدم تسلط المشتری علی استرداد الثمن من البائع لأن المفروض صیرورته

المکاسب، ج 2، ص 200

ملکا إذ لا یخفی علیک أن هذه العمومات مخصصة قد خرج عنها بحکم أدلة الخیار المال الذی لم یدفع عوضه الذی وقع المعاوضة علیه إلی المشتری فإذا شک فی ذلک فالأصل عدم دفع العوض و هذا هو الذی تقدم من أصالة عدم وصول حق المشتری إلیه فإن عدم وصول حقه إلیه یثبت موضوع خیار تخلف الوصف.

فإن قلت لا دلیل علی کون الخارج عن العمومات المذکورة معنونا بالعنوان المذکور بل نقول قد خرج عن تلک العمومات المال الذی وقع المعاوضة بینه و بین ما لم ینطبق علی المدفوع فإذا شک فی ذلک فالأصل عدم وقوع المعاوضة المذکورة. قلت السبب فی الخیار و سلطنة المشتری علی فسخ العقد و عدم وجوب الوفاء به علیه هو عدم کون العین الخارجیة منطبقة علی ما وقع العقد علیه و بعبارة أخری هو عدم وفاء البائع بالعقد بدفع العنوان الذی وقع العقد علیه إلی المشتری لا وقوع العقد علی ما لا یطابق العین الخارجیة کما أن السبب فی لزوم العقد تحقق مقتضاه من انتقال العین بالصفات التی وقع العقد علیها إلی ملک المشتری و الأصل موافق للأول و مخالف للثانی مثلا إذا وقع العقد علی العین علی أنها سمینة فبانت مهزولة فالموجب للخیار هو أنه لم ینتقل إلیه فی الخارج ما عقد علیه و هو السمین لا وقوع العقد علی السمین فإن ذلک لا یقتضی الجواز و إنما المقتضی للجواز عدم انطباق العین الخارجیة علی متعلق العقد و من المعلوم أن عدم الانطباق هو المطابق للأصل عند الشک. فقد تحقق مما ذکرنا صحة ما تقدم من أصالة عدم وصول حق المشتری إلیه و کذلک صحة ما فی التذکرة من أصالة عدم التزام المشتری بتملک هذا الموجود حتی یجب الوفاء بما ألزم. نعم ما فی المبسوط و السرائر و الدروس من أصالة بقاء ید المشتری علی الثمن کأنه لا یناسب أصالة اللزوم بل یناسب أصالة الجواز عند الشک فی لزوم العقد کما یظهر من المختلف فی باب السبق و الرمایة و سیأتی تحقیق الحال فی باب الخیار. و أما دعوی ورود أصالة عدم تغیر المبیع علی الأصول المذکورة- لأن الشک فیها مسبب عن الشک فی تغیر المبیع فهی مدفوعة مضافا إلی منع جریانه فیما إذا علم بالسمن قبل المشاهدة فاختلف فی زمن المشاهدة کما إذا علم بکونها سمینة و أنها صارت مهزولة و لا یعلم أنها فی زمان المشاهدة کانت باقیة علی السمن أو لا فحینئذ مقتضی الأصل تأخر الهزال عن المشاهدة فالأصل تأخر التغیر لا عدمه الموجب للزوم العقد بأن مرجع أصالة عدم تغیر المبیع إلی عدم کونها حین المشاهدة سمینة و من المعلوم أن هذا بنفسه لا یوجب لزوم العقد نظیر أصالة عدم وقوع العقد علی السمین. نعم لو ثبت بذلک الأصل هزالها عند المشاهدة و تعلق العقد بالمهزول ثبت لزوم العقد و لکن الأصول العدمیة فی مجاریها لا تثبت وجود أضدادها هذا کله مع دعوی المشتری النقص الموجب للخیار و لو ادعی البائع الزیادة الموجبة لخیار البائع فمقتضی ما ذکرنا فی طرف المشتری تقدیم قول البائع لأن الأصل عدم وقوع العقد علی هذا الموجود حتی یجب علیه الوفاء به. و ظاهر عبارة اللمعة تقدیم قول المشتری هنا و لم یعلم وجهه.

الثانی لو اتفقا علی التغیر بعد المشاهدة و وقوع العقد علی الوصف المشاهد

و اختلفا فی تقدم التغیر علی البیع لیثبت الخیار و تأخره عنه علی وجه لا یوجب الخیار تعارض کل من أصالة عدم تقدم البیع و التغیر علی صاحبه و حیث إن مرجع الأصلین إلی أصالة عدم وقوع البیع حال السمن مثلا و أصالة بقاء السمن و عدم وجود الهزال حال البیع و الظاهر أنه لا یترتب علی شی ء منهما الحکم بالجواز و اللزوم لأن اللزوم من أحکام وصول ما عقد علیه و انتقاله إلی المشتری و أصالة بقاء السمن لا یثبت وصول السمین إلیه کما أن أصالة عدم وقوع البیع حال السمن لا ینفیه. فالمرجع إلی أصالة عدم وصول حق المشتری إلیه کما فی المسألة السابقة إلا أن الفرق بینهما هو أن الشک فی وصول الحق هناک ناش عن الشک فی نفس الحق و هنا ناش عن الشک فی وصول الحق المعلوم. و بعبارة أخری الشک هنا فی وصول الحق و هناک فی حقه الواصل و مقتضی الأصل فی المقامین عدم اللزوم و من ذلک یعلم الکلام فیما لو کان مدعی الخیار هو البائع بأن اتفقا علی مشاهدته مهزولا و وقوع العقد علی المشاهد و حصل السمن و اختلفا فی تقدمه علی البیع لیثبت الخیار للبائع فافهم و تدبر فإن المقام لا یخلو عن إشکال و اشتباه و لو وجد المبیع تالفا بعد القبض فیما یکفی فی قبضه التخلیة و اختلفا فی تقدم التلف علی البیع و تأخره فالأصل بقاء ملک المشتری علی الثمن لأصالة عدم تأثیر البیع. و قد یتوهم جریان أصالة صحة البیع هنا للشک فی بعض شروطه و هو وجود المبیع. و فیه أن صحة العقد عبارة من کونه بحیث یترتب علیه الأثر شرعا فإذا فرضنا أنه عقد علی شی ء معدوم فی الواقع فلا تأثیر له عقلا فی تملیک العین لأن تملیک المعدوم لا علی قصد تملیکه عند الوجود و لا علی قصد تملیک بدله مثلا أو قیمة غیر معقول و مجرد إنشائه باللفظ لغو عرفا یقبح مع العلم دون الجهل بالحال فإذا شککنا فی وجود العین حال العقد فلا یلزم من الحکم بعدمه فعل فاسد من المسلم لأن التملیک الحقیقی غیر متحقق و الصوری و إن تحقق لکنه لیس بفاسد إذ اللغو فاسد عرفا أی قبیح إذا صدر عمن علم بالحال. و بالجملة المد شرعا الذی تنزه عنه فعل المسلم هو التملیک الحقیقی المقصود الذی لم یمضه الشارع فافهم هذا فإنه قد غفل عنه بعض فی مسألة الاختلاف فی تقدم بیع الراهن علی رجوع المرتهن عن إذنه فی البیع و تأخیره عنه حیث تمسک بأصالة صحة الرجوع عن الإذن لأن الرجوع لو وقع بعد بیع الراهن کان فاسدا لعدم مصادفته محلا یؤثر فیه. نعم لو تحققت قابلیة التأثیر عقلا أو تحقق الإنشاء الحقیقی عرفا و لو فیما إذا باع بلا ثمن أو باع ما هو غیر مملوک کالخمر و الخنزیر و کالتالف شرعا کالغریق و المسروق أو معدوم قصد تملکه عند وجوده کالثمرة المعدومة أو قصد تملیک بدله مثلا أو قیمة کما لو باع ما أتلفه زید علی عمرو أو صالحه إیاه بقصد حصول أثر الملک فی بدله تحقق مورد الصحة و الفساد فإذا حکم بفساد شی ء من ذلک ثم شک فی أن العقد الخارجی منه أم من الصحیح حمل علی الصحیح.

المکاسب، ج 2، ص 201

مسألة لا بد من اختبار الطعم و اللون و الرائحة فیما تختلف قیمته باختلاف ذلک

کما فی کل وصف یکون کذلک إذ لا فرق فی توقف رفع الغرر علی العلم بین هذه الأوصاف و بین تقدیر العوضین بالکیل و الوزن و العد. و یغنی الوصف عن الاختبار فیما یضبط من الأوصاف دون ما لا یضبط کمقدار الطعم و الرائحة و اللون و کیفیاتها فإن ذلک مما لا یمکن ضبطه إلا باختبار شی ء من جنسه ثم الشراء علی ذلک النحو من الوصف مثل أن یکون الأعمی قد رأی قبل العمی لؤلؤة فبیعت منه لؤلؤة أخری علی ذلک الوصف و کذا الکلام فی الطعم و الرائحة لمن کان مسلوب الذائقة و الشامة. نعم لو لم یرد من اختبار الأوصاف إلا استعلام صحة المبیع و فساده جاز شراؤها بوصف الصحة کما فی الدبس و الدهن مثلا فإن المقصود من طعمهما ملاحظة عدم فسادهما بخلاف بعض أنواع الفواکه و الروائح التی تختلف قیمتها باختلاف طعمها و رائحتها و لا یقصد من اختبار أوصافها ملاحظة صحتها و فسادها. و إطلاق کلمات الأصحاب فی جواز شراء ما یراد طعمه و رائحته بالوصف محمول علی ما إذا أریدت الأوصاف التی لها مدخلیة فی الصحة لا الزائدة علی الصحة التی تختلف بها القیمة بقرینة تعرضهم بعد هذا البیان لجواز شرائها من دون اختبار و لا وصف بناء علی أصالة الصحة و کیف کان فقد قوی فی السرائر عدم الجواز أخیرا بعد اختیار جواز بیع ما ذکرنا بالوصف وفاقا للمشهور المدعی علیه الإجماع فی الغنیة قال یمکن أن یقال إن بیع العین المشاهدة المرئیة لا یجوز أن یکون بالوصف لأنه غیر غائب فیباع مع خیار الرؤیة بالوصف فإذا لا بد من شمه و ذوقه لأنه حاضر مشاهد غیر غائب یحتاج إلی الوصف و هذا قوی انتهی و یضعفه أن المقصود من الاختبار رفع الغرر فإذا فرض رفعه بالوصف کان الفرق بین الحاضر و الغائب تحکما بل الأقوی جواز بیعه من غیر اختبار و لا وصف بناء علی أصالة الصحة وفاقا للفاضلین و من تأخر عنهما لأنه إذا کان المفروض ملاحظة الوصف من جهة دوران الصحة معه فذکره فی الحقیقة یرجع إلی ذکر وصف الصحة و من المعلوم أنه غیر معتبر فی البیع إجماعا بل یکفی بناء المتعاقدین علیه إذا لم یصرح البائع بالبراءة من العیوب. و أما روایة محمد بن العیص عن الرجل: یشتری ما یذاق أ یذوقه قبل أن یشتری قال نعم فلیذقه و لا یذوقن ما لا یشتری. فالسؤال فیها عن جواز الذوق لا عن وجوبه ثم إنه ربما نسب الخلاف فی هذه المسألة إلی المفید و القاضی و سلار و أبی الصلاح و ابن حمزة. قال فی المقنعة کل شی ء من المطعومات و المشمومات یمکن للإنسان اختباره من غیر إفساد له کالأدهان المختبرة بالشم و صنوف الطیب و الحلویات المذوقة فإنه لا یصح بیعها بغیر اختبار فإن ابتیعت بغیر اختبار کان البیع باطلا و المتبایعان فیها بالخیار فإن تراضیا بذلک لم یکن به بأس انتهی و عن القاضی أنه لا یجوز بیعها إلا بعد أن یختبر فإن بیعت من غیر اختبار کان المشتری مخیرا فی رده لها علی البائع و المحکی من سلار و أبی الصلاح و ابن حمزة إطلاق القول بعدم صحة البیع من غیر اختبار فیما لا یفسده الاختبار من غیر تعرض لخیار المتبایعین کالمفید أو للمشتری کالقاضی ثم المحکی عن المفید و سلار أن ما یفسده الاختبار یجوز بیعه بشرط الصحة و عن النهایة و الکافی أن بیعه جائز علی الشرط الصحة أو البراءة من العیوب و عن القاضی لا یجوز بیعه إلا بشرط الصحة و البراءة من العیوب قال فی محکی المختلف بعد ذکر عبارة القاضی إن هذه العبارة توهم اشتراط أحد القیدین أما الصحة أو البراءة من العیوب و لیس بجید بل الأولی انعقاد البیع سواء شرط أحدهما أم خلی عنهما أم شرط العیب و الظاهر أنه إنما صار إلی الإبهام من عبارة الشیخین حیث قالا إنه جاز علی شرط الصحة أو بشرط الصحة و مقصودهما أن البیع بشرط الصحة أو علی شرط الصحة جائز لا أن جوازه مشروط بالصحة أو البراءة انتهی. أقول و لعله لنکتة بیان أن مطلب الشیخین لیس وجوب ذکر الوصف فی العقد کما عبر فی القواعد فیما یفسده الاختبار بقوله جاز شرط الصحة لکن الإنصاف أن الظاهر من عبارتی المقنعة و النهایة و نحوهما هو اعتبار ذکر الصحة فی العقد کما یظهر بالتدبر فی عبارة المقنعة من أولها إلی آخرها. و عبارة النهایة هنا هی عبارة المقنعة بعینها فلاحظ. و ظاهر الکل کما تری اعتبار خصوص الاختبار فیما لا یفسده کما تقدم عن الحلی فلا یکفی ذکر الأوصاف فضلا عن الاستغناء

عنها بأصالة السلامة و یدل علیه أن هؤلاء اشترطوا فی ظاهر عبائرهم المتقدمة اشتراط الوصف أو السلامة من العیوب فیما یفسده الاختبار و إن فهم فی المختلف خلاف ذلک لکن قدمنا ما فیه فینبغی أن یکون کلامهم فی الأمور التی لا تضبط خصوصیة طعمها و ریحها بالوصف و الظاهر أن ذلک فی غیر الأوصاف التی تدور علیها السلامة من العیب إلا أن تخصیصهم الحکم بما لا یفسده الاختبار کشاهد علی أن المراد بالأوصاف التی لا یفسد اختبارها ما هو مناط السلامة کما أن مقابله و هو ما یفسد الشی ء باختباره کالبیض و البطیخ کذلک غالبا. و یؤیده حکم القاضی بخیار المشتری و کیف کان فإن کان مذهبهم تعیین الاختبار فیما لا یضبط بالأوصاف فلا خلاف معهم منا و لا من الأصحاب و إن کان مذهبهم موافقا للحلی بناء علی إرادة الأوصاف التی بها قوام السلامة من العیب فقد عرفت أنه ضعیف فی الغایة و إن کان مذهبهم عدم کفایة البناء علی أصالة السلامة عن الاختبار و الوصف و إن کان ذکر الوصف کافیا عن الاختبار فقد عرفت أن الظاهر من حالهم و حال غیرهم عدم التزام ذکر الأوصاف الراجعة إلی السلامة من العیوب فی بیع الأعیان الشخصیة. و یمکن أن یقال بعد منع جریان أصالة السلامة فی الأعیان لعدم الدلیل علیها لا من بناء العقلاء إلا فیما إذا کان الشک فی طرو المفسد مع أن الکلام فی کفایة أصالة السلامة عن ذکر الأوصاف أعم و لا من الشرع لعدم الدلیل علیه إن السلامة من العیب الخاص متی ما کانت

المکاسب، ج 2، ص 202

مقصودة علی جهة الرکنیة للمال کالحلاوة فی الدبس و الرائحة فی الجلاب و الحموضة فی الخل و غیر ذلک مما یذهب بذهابه معظم المالیة فلا بد فی دفع الغرر من إحراز السلامة من هذا العیب الناشئ من عدم هذه الصفات و حیث فرض عدم اعتبار أصالة السلامة فلا بد من الاختبار أو الوصف أو الاعتقاد بوجودها لأمارة عرفیة مغنیة عن الاختبار و الوصف و متی ما کانت مقصودة لا علی هذا الوجه لم یجب إحرازها. نعم لما کان الإطلاق منصرفا إلی الصحیح جاز الخیار عند تبین العیب فالخیار من جهة الانصراف نظیر انصراف الإطلاق إلی النقد لا النسیئة و انصراف إطلاق الملک فی المبیع إلی غیر مسلوب المنفعة سدة یعتد بها لا من جهة الاعتماد فی إحراز الصحة و البناء علیها علی أصالة السلامة. بعبارة أخری الشک فی بعض العیوب قد لا یستلزم الغرر ککون الجاریة ممن لا تحیض فی سن الحیض و مثل هذا لا یعتبر إحراز السلامة منه و قد یستلزمه ککون الجاریة خنثی و کون الدابة لا تستطیع من المشی أو الرکوب و الحمل علیه و هذا مما یعتبر إحراز السلامة منها و حیث فرض عدم إحرازها بالأصل فلا بد من الاختبار أو الوصف. هذا و یؤید ما ذکرناه من التفصیل أن بعضهم کالمحقق فی النافع و العلامة فی القواعد عنونا المسألة بما کان المراد طعمه أو ریحه- هذا و لکن الإنصاف أن مطلق العیب إذا التفت إلیه المشتری و شک فیه فلا بد فی رفع الغرر من إحراز السلامة عنه إما بالاختبار و إما بالوصف و إما بالإطلاق إذا فرض قیامه مقام الوصف إما لأجل الانصراف و إما لأصالة السلامة من غیر تفرقة بین العیوب أصلا فلا بد إما من کفایة الإطلاق فی الکل للأصل و الانصراف و إما من عدم کفایته فی الکل نظرا إلی أنه لا یتوقع به الغرر إذا حصل منه الوثوق حتی أنه لو شک فی أن هذا العبد صحیح أو أنه أجذم لم یجز البناء علی أصالة السلامة إذا لم یفد الوثوق بل لا بد من الاختبار أو وصف کونه غیر أجذم و هذا و إن کان لا یخلو عن وجه إلا أنه مخالف لما یستفاد من کلماتهم فی غیر موضع من عدم وجوب اختبار غیر ما یراد طعمه أو ریحه من حیث سلامته من العیوب و عدمها.

مسألة یجوز ابتیاع ما یفسده الاختبار من دون الاختبار

إجماعا علی الظاهر و الأقوی عدم اعتبار اشتراط الصحة فی العقد و کفایة الاعتماد علی أصالة السلامة کما فیما لا یفسده الاختبار خلافا لظاهر جماعة تقدم ذکرهم من اعتبار اشتراط الصحة أو البراءة من العیوب أو خصوص أحدهما. و قد عرفت تأویل العلامة فی المختلف لعبارتی المقنعة و النهایة الظاهرتین فی ذلک و إرجاعهما إلی ما أراده من قوله فی القواعد جاز بیعه بشرط الصحة من أنه مع الصحة یمضی البیع و لا معها یتخیر المشتری و عرفت أن هذا التأویل مخالف للظاهر حتی أن قوله فی القواعد ظاهر فی اعتبار شرط الصحة و لذا قال فی جامع المقاصد کما یجوز بیعه بشرط الصحة یجوز بیعه مطلقا و کیف کان فإذا تبین فساد البیع فإن کان قبل التصرف فیه بالکسر و نحوه فإن کان لفاسده قیمة کبیض النعامة و الجوز تخیر بین الرد و الأرش و لو فرض بلوغ الفساد إلی حیث لا یعد الفاسد من أفراد ذلک الجنس عرفا کالجوز الأجوف الذی لا یصلح إلا للإحراق فیحتمل قویا بطلان البیع إن لم یکن لفاسده قیمة تبین بطلان البیع لوقوعه علی ما لیس بمتمول و إن کان تبین الفساد بعد الکسر ففی الأول تبین الأرش خاصة لمکان التصرف فیه. و یظهر من المبسوط قول بأنه لو کان تصرفه علی قدر یستعلم فیه فساد المبیع لم یسقط الرد و المراد بالأرش تفاوت ما بین صحیحة و فاسده غیر المکسورة لأن الکسر نقص حصل فی ید المشتری و منه یعلم ثبوت الأرش أیضا و لو لم یکن لمکسوره قیمة لأن العبرة فی التمول بالفاسد غیر المکسور و لا عبرة بخروجه بالکسر عن التمول و یبطل البیع فی الثانی أعنی ما لم یکن لفاسده قیمة وفاقا للمبسوط و السرائر و ظاهر من تأخر عنهما و ظاهرهم بطلان البیع من رأس کما صرح به الشیخ و الحلی و العلامة فی التذکرة مستدلین بوقوعه علی ما لا قیمة له کالحشرات و هو صریح جماعة ممن تأخر عنهم أو ظاهر آخرین عدا الشهید فی الدروس فإن ظاهره انفساخ البیع من حین تبین الفساد لا من أصله و جعل الثانی احتمالا و نسبه إلی ظاهر الجماعة و لم یعلم وجه ما اختاره و لذا نسب فی الروضة خلافه إلی الوضوح و هو کذلک فإن الفاسد الواقعی إن لم یکن من الأموال الواقعیة کان العقد علیه فاسدا لأن اشتراط تمول العوضین واقعی لا علمی و إن کان من الأموال الواقعیة فإن لم یکن بینه و بین الصحیح تفاوت فی القیمة لم یکن هنا أرش و لا رد بل کان البیع لازما و قد تلف المبیع بعد قبضه و إن کان بینه و بین الصحیح الواقعی تفاوت فاللازم هو استرجاع نسبه تفاوت ما بین الصحیح و الفاسد من الثمن لا جمیع الثمن اللهم إلا أن یقال إنه مال واقعی إلی حین تبین الفساد فإذا سقط عن المالیة لأمر سابق علی العقد و هو فساده واقعا کان فی ضمان البائع فینفسخ البیع حینئذ بل یمکن أن یقال بعدم الانفساخ فیجوز له الإمضاء فیکون مکسورة ملکا له و إن خرج عن المالیة بالکسر و حیث إن خروجه عن المالیة لأمر سابق علی العقد کان مضمونا علی البائع و تدارک هذا العیب أعنی فوات المالیة لا یکون إلا بدفع تمام الثمن لکن سیجی ء ما فیه من مخالفته للقواعد و الفتاوی.

و فیه وضوح کون مالیته عرفا و شرعا من حیث الظاهر و أما إذا انکشف الفساد حکم بعدم المالیة الواقعیة من أول الأمر مع أنه لو کان مالا واقعیا فالعیب حادث فی ملک المشتری فإن العلم مخرج له عن المالیة لا کاشف فلیس هذا عینا مجهولا و لو سلم فهو کالأرمد یعمی بعد الاشتراء و المریض یموت مع أن فوات المالیة یعد تلفا لا عیبا ثم إن فائدة الخلاف تظهر فی ترتب آثار ملکیة المشتری الثمن إلی حین تبین الفساد. و عن الدروس و اللمعة أنها تظهر فی مئونة نقله عن الموضع الذی اشتراه فیه إلی موضع اختباره فعلی الأول علی البائع و علی الثانی علی المشتری لوقوعه فی ملکه و فی جامع المقاصد الذی یقتضیه النظر أنه لیس له رجوع علی البائع بها لانتفاء المقتضی و تبعه الشهید الثانی فقال لأنه نقله بغیر أمره فلا یتجه الرجوع علیه بها و کون المشتری

المکاسب، ج 2، ص 203

هنا کجاهل استحقاق المبیع حیث رجع بما غرم إنما یتجه مع الغرور و هو منفی هنا لاشتراکهما فی الجهل انتهی. و اعترض علیه بأن الغرر لا یختص بصورة علم الغار و هنا قول ثالث نفی عنه البعد بعض الأساطین و هو کونه علی البائع علی التقدیرین و هو بعید علی تقدیر الفسخ من حین تبین الفساد هذا کله فی مئونة النقل من موضع الشراء إلی موضع الکسر. و أما مئونة نقله من موضع الکسر لو وجب تفریغه منه لمطالبة مالکه أو لکونه مسجدا أو مشهدا فإن کان المکسور مع عدم تموله ملکا نظیر حبة الحنطة فالظاهر علی البائع علی التقدیرین لأنه بعد الفسخ ملکه و أما لو لم یکن قابلا للتملک فلا یبعد مؤاخذة المشتری به و فی رجوعه علی البائع ما تقدم فی مئونة نقله إلی موضع الکسر. ثم إن المحکی فی الدروس عن الشیخ و أتباعه أنه لو تبرأ البائع عن البیع فیما لا قیمة لمکسوره صح قال و یشکل بأنه أکل مال بالباطل و تبعه الشهید و المحقق الثانیان. و قد تصدی بعض لتوجیه صحة الاشتراء بالبراءة بما حاصله منع بطلان البیع و إن استحق المشتری مجموع الثمن من باب الأرش المستوعب فإن الأرش غرامة أوجبها الشارع بسبب العیب لا أنه جزء من الثمن استحق بسبب فوات ما قابله من المثمن و لذا یسقط بالإسقاط و لا یتعین علی البائع الإعطاء من نفس الثمن لیسقط بالتبری و لیس هذا کاشتراط عدم المبیع فی عقد البیع إذ المثمن یتحقق علی حسب معاملة العقلاء و لم یعلم اعتبار أزید من ذلک فی صحة البیع فمن فرض رضاه بذلک یکون قادما علی بذل ماله علی هذا النحو.

نعم لو لم یشترط استحق الرجوع بالأرش المستوعب و لعله لذلک لم یعبروا بالبطلان و إن ذکر المحقق و غیره الرجوع بالثمن و فهم منه جماعة بطلان البیع لکنه قد یمنع بعدم خروجه عن المالیة و إن لم یکن له قیمة و هو أعم من بطلان البیع انتهی محصله. و فیه مواقع للنظر فإن المتعرضین للمسألة بین مصرح ببطلان البیع کالشیخ فی المبسوط و الحلی فی السرائر و العلامة فی التذکرة معللین ذلک بأنه لا یجوز بیع ما لا قیمة له و بین من صرح برجوع المشتری بتمام الثمن الظاهر فی البطلان فإن الرجوع بعین الثمن لا یعقل من دون البطلان و یکفی فی ذلک ما تقدم من الدروس من أن ظاهر الجماعة البطلان من أول الأمر و اختار قدس سره الانفساخ من حین تبین الفساد فعلم أن لا قول بالصحة مع الأرش بل ظاهر العلامة رحمه الله فی التذکرة عدم هذا القول بین المسلمین حیث إنه بعد حکمه بفساد البیع معللا بوقوع العقد علی ما لا قیمة له و حکایة ذلک عن بعض الشافعیة قال و قال بعضهم بفساد البیع لا لهذه العلة بل لأن الرد ثبت علی سبیل استدراک الظلامة و کما یرجع بجزء من الثمن عند انتقاص جزء من المبیع کذلک یرجع بکل الثمن عند فوات کل المبیع. و تظهر فائدة الخلاف فی أن القشور الباقیة بمن یختص حتی یجب علیه تطهیر الموضع عنها انتهی. هذا مع أنه لا مجال للتأمل فی البطلان بناء علی ما ذکرنا من القطع بأن الحکم بمالیة المبیع هنا شرعا و عرفا حکم ظاهری و تمول العوضین شرط واقعی لا علمی و لذا لم یتأمل ذو مسکة فی بطلان بیع من بان حرا أو ما بان خمرا و غیر ذلک إذ انکشاف فقد العوض مشترک بینهما ثم إن الجمع بین عدم خروجه عن المالیة و بین عدم القیمة لمکسوره مما لا یفهم فلعله أراد الملکیة مضافا إلی أن الأرش المستوعب للثمن لا یخلو تصوره عن إشکال لأن الأرش کما صرحوا به تفاوت ما بین قیمتی الصحیح و المعیب. نعم ذکر العلامة فی التذکرة و التحریر و القواعد أن المشتری للعبد الجانی عمدا یتخیر مع الجهل بین الفسخ فیسترد الثمن أو طلب الأرش فإن استوعبت الجنایة القیمة کان الأرش جمیع الثمن أیضا و قد تصدی جامع المقاصد لتوجیه عبارة القواعد فی هذا المقام بما لا یخلو عن بعد فراجع و کیف کان فلا أجد وجها لما ذکره و أضعف من ذلک ما ذکره بعض آخر من منع حکم الشیخ و أتباعه بصحة البیع و اشتراط البائع علی المشتری البراءة من العیوب و زعم أن معنی اشتراط البراءة فی کلامهم اشتراط المشتری علی البائع البراءة من العیوب فیکون مرادفا لاشتراط الصحة و أنت خبیر بفساد ذلک بعد ملاحظة عبارة الشیخ و الأتباع فإن کلامهم ظاهر أو صریح فی أن المراد براءة البائع من العیوب لا المشتری. نعم لم أجد فی کلام الشیخین و المحکی عن غیرهما تعرضا لذکر هذا الشرط فی خصوص ما لا قیمة لمکسوره ثم إنه ربما یستشکل فی جواز اشتراط البراءة من العیوب غیر المخرجة عن المالیة أیضا بلزوم الغرر فإن بیع ما لا یعلم صحته و فساده لا یجوز إلا بناء علی أصالة الصحة و اشتراط البراءة کان بمنزلة البیع من غیر اعتذار بوجود العیوب و عدمها. و قد صرح العلامة و جماعة بفساد العقد لو اشترط سقوط خیار الرؤیة فی العین الغائبة و سیجی ء توضیحه فی باب الخیارات إن شاء الله.

مسألة المشهور من غیر خلاف یذکر جواز بیع المسک فی فأره

مسألة المشهور من غیر خلاف یذکر جواز بیع المسک فی فأره

و الفأر بالهمزة قیل جمع فأرة کتمر و تمرة. و عن النهایة أنه قد لا یهمز تخفیفا. و مستند الحکم العمومات غیر المزاحمة بما یصلح للتخصیص عدا توهم النجاسة المندفع فی باب النجاسات بالنص و الإجماع أو توهم جهالته بناء علی ما تقدم من احتمال عدم العبرة بأصالة الصحة فی دفع الغرر. و یندفع بما تقدم من بناء العرف علی الأصل فی نفی الفساد و بناء الأصحاب علی عدم التزام الاختبار فی الأوصاف التی تدور معها الصحة لکنک خبیر بأن هذا کله حسن لدفع الغرر الحاصل من احتمال الفساد و أما الغرر من جهة تفاوت أفراد الصحیح الذی لا یعلم إلا بالاختبار فلا رافع له. نعم قد روی فی التذکرة مرسلا عن الإمام الصادق ع جواز بیعه لکن لم یعلم إرادة ما فی الفأرة و کیف کان فإذا فرض أنه لیست له أوصاف خارجیة یعرف بها الوصف الذی له دخل فی القیمة. فالأحوط ما ذکروه من فتقه بإدخال خیط فیها بإبرة ثم إخراجه و شمه ثم لو شمه و لم یرض به فهل یضمن هذا النقص الذی أدخل علیه من جهة الفتق لو فرض حصوله فیه و لو بکونه جزء أخیرا لسبب النقص بأن فتق قبله بإدخال الخیط و الإبرة مرارا وجه مبنی علی ضمان النقص فی المقبوض بالسوم

المکاسب، ج 2، ص 204

فالأولی أن یباشر البائع ذلک فیشم المشتری الخیط ثم إن الظاهر من العلامة عدم جواز بیع اللؤلؤ فی الصدف و هو کذلک و صرح بعدم جواز بیع البیض فی بطن الدجاج للجهالة و هو حسن إذا لم یعرف لذلک الدجاج فرد معتاد من البیض من حیث الکبر و الصغر

مسألة لا فرق فی عدم جواز بیع المجهول بین ضم معلوم إلیه و عدمه

مسألة لا فرق فی عدم جواز بیع المجهول بین ضم معلوم إلیه و عدمه

لأن ضم المعلوم إلیه لا یخرجه عن الجهالة فیکون المجموع مجهولا إذ لا نعنی بالمجهول ما کان کل جزء جزء منه مجهولا و یتفرع علی ذلک أنه لا یجوز بیع سمک الآجام و لو کان مملوکا لجهالته و إن ضم إلیه القصب أو غیره و لا اللبن فی الضرع و لو ضم إلیه ما یحلب منه أو غیره علی المشهور کما فی الروضة. و خص المنع جماعة بما إذا کان المجهول مقصودا بالاستقلال أو منضما إلی المعلوم و جوزوا بیعه إذا کان تابعا للمعلوم و هو المحکی عن المختلف و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و المقتصر و استحسنه المحقق و الشهید الثانیان و لعل المانعین لا یریدون إلا ذلک نظرا إلی أن جهالة التابع لا یوجب الغرر و لا صدق اسم المجهول علی المبیع عرفا حتی یندرج فی إطلاق ما دل من الإجماع علی عدم جواز بیع المجهول فإن أکثر المعلومات بعض أجزائها مجهول خلافا للشیخ فی النهایة و ابن حمزة فی الوسیلة. و المحکی عن الإسکافی و القاضی بل فی مفتاح الکرامة أن الحاصل من التتبع أن المشهور بین المتقدمین هو الصحة بل عن الخلاف و الغنیة الإجماع فی مسألة السمک و اختاره من المتأخرین المحقق الأردبیلی و صاحب الکفایة و المحدث العاملی و المحدث الکاشانی و حکی عن ظاهر غایة المراد و صریح حواشیه علی القواعد و حجتهم علی ذلک الأخبار المستفیضة الواردة فی مسألتی السمک و اللبن و غیرهما. ففی مرسلة البزنطی التی إرسالها بوجود سهل فیها سهل عن أبی عبد الله ع قال: إذا کانت أجمة لیس فیها قصب أخرج شی ء من سمک فیباع و ما فی الأجمة و روایة معاویة بن عمار عن أبی عبد الله ع: لا بأس بأن یشتری الآجام إذا کانت فیها قصب و المراد شراء ما فیها بقرینة الروایة السابقة و اللاحقة. و روایة أبی بصیر عن أبی عبد الله ع: فی شراء الأجمة لیس فیها قصب إنما هی ماء قال تصید کفا من سمک تقول أشتری منک هذا السمک و ما فی هذه الأجمة بکذا و کذا و موثقة سماعة عن أبی عبد الله ع کما فی الفقیه قال: سألته عن اللبن یشتری و هو فی الضرع قال لا إلا أن یحلب لک فی سکرجة فیقول اشتر منی هذا اللبن الذی فی الأسکرجة و ما فی ضروعها بثمن مسمی فإن لم یکن فی الضرع شی ء کان ما فی السکرجة و علیها تحمل صحیحة عیص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل له نعم ببیع ألبانها بغیر کیل قال نعم حتی تنقطع أو شی ء منها بناء علی أن المراد بیع اللبن الذی فی الضرع بتمامه أو بیع شی ء منه محلوب فی الخارج و ما بقی فی الضرع بعد حلب شی ء منه و فی الصحیح إلی ابن محبوب عن أبی إبراهیم الکرخی قال: قلت لأبی عبد الله ع ما تقول فی رجل اشتری من رجل أصواف مائة نعجة و ما فی بطونها من حمل بکذا و کذا درهما قال لا بأس إن لم یکن فی بطونها حمل کان رأس ماله فی الصوف و موثقة إسماعیل بن الفضل الهاشمی عن أبی عبد الله ع: فی الرجل یتقبل بخراج الرجال و جزیة رءوسهم و خراج النخل و الشجر و الآجام و المصائد و السمک و الطیر و هو لا یدری لعله لا یکون شی ء من هذا أبدا أو یکون أ یشتریه و فی أی زمان یشتریه و یتقبل به قال ع إذا علم من ذلک شیئا واحدا أنه قد أدرک فاشتره و تقبل به. و ظاهر الأخیرین کموثقة سماعة أن الضمیمة المعلومة إنما تنفع من حیث عدم الوثوق بحصول المبیع لا من حیث جهالته فإن ما فی الأسکرجة غیر معلوم بالوزن و الکیل و کذا المعلوم الحصول من الأشیاء المذکورة فی روایة الهاشمی مع أن المشهور کما عن الحدائق المنع عن بیع الأصواف علی ظهور الغنم بل عن الخلاف علیه الإجماع و القائلون بجوازه استدلوا بروایة الکرخی مع منعهم عن مضمونها من حیث ضم ما فی البطون إلی الأصواف فتبین أن الروایة لم یقل أحد بظاهرها و مثلها فی الخروج عن مسألة ضم المعلوم إلی المجهول روایتا أبی بصیر و البزنطی فإن الکف من السمک لا یجوز بیعه لکونه من الموزون و لذا جعلوه من الربویات و لا ینافی ذلک تجویز بیع سمک الآجام إذا کانت مشاهدة لاحتمال أن لا یعتبر الوزن فی بیع الکثیر منه کالذی لا یدخل فی الوزن لکثرته کزبرة الحدید بخلاف القلیل منه. و أما روایة معاویة بن عمار فلا دلالة فیها علی بیع السمک إلا بقرینة

روایتی أبی بصیر و البزنطی اللتین عرفت حالهما فتأمل. ثم علی تقدیر الدلالة إن أرید انتزاع قاعدة منها و هی جواز ضم المجهول إلی المعلوم و إن کان المعلوم غیر مقصود بالبیع إلا حیلة لجواز نقل المجهول فلا دلالة فیها علی ذلک و لم یظهر من العاملین بها التزام هذه القاعدة بل المعلوم من بعضهم بل کلهم خلافه فإنا نعلم من فتاواهم عدم التزامهم لجواز بیع کل مجهول من حیث الوصف أو التقدیر بمجرد ضم شی ء معلوم إلیه کما یشهد به تتبع کلماتهم و إن أرید الاقتصار علی مورد النصوص و هو بیع سمک الآجام و لبن الضرع و ما فی البطون مع الأصواف فالأمر سهل علی تقدیر الإغماض عن مخالفة هذه النصوص للقاعدة المجمع علیها بین الکل من عدم جواز بیع المجهول مطلقا بقی الکلام فی توضیح التفصیل المتقدم و أصله من العلامة. قال فی القواعد فی باب شرط العوضین کل مجهول مقصود بالبیع لا یصح بیعه و إن انضم إلی معلوم و یجوز مع الانضمام إلی معلوم إن کان تابعا انتهی. و ارتضی هذا التفصیل جماعة ممن تأخره عنه إلا أن مرادهم من المقصود و التابع غیر واضح و الذی یظهر من مواضع من القواعد و التذکرة أن مراده بالتابع ما یشترط دخوله فی البیع و بالمقصود ما کان جزء. قال فی القواعد فی باب الشرط فی ضمن البیع لو شرط أن الأمة حامل أو الدابة کذلک صح أما لو باع الدابة و حملها و الجاریة و حملها بطل لأن کل ما لا یصح بیعه منفردا لا یصح جزء من المقصود و یصح تابعا انتهی و فی باب ما یندرج فی المبیع قال السادس العبد و لا یتناول ماله

المکاسب، ج 2، ص 205

الذی ملکه مولاه إلا أن یستثنیه المشتری إن قلنا إن العبد یملک فینتقل إلی المشتری مع العبد و کان جعله للمشتری إبقاء له علی العبد فیجوز أن یکون مجهولا أو غائبا أما إذا أحلنا تملکه و باعه و ما معه صار جزء من المبیع فتعتبر فیه شرائط البیع انتهی. و بمثل ذلک فی الفرق بین جعل المال شرطا و بین جعله جزء صرح فی التذکرة فی فروع مسألة تملک العبد و عدمه معللا بکونه مع الشرط کماء الآبار و أخشاب السقوف. و قال فی التذکرة أیضا فی باب شروط العوضین لو باع الحمل مع أمه جاز إجماعا. و فی موضع آخر من باب الشرط فی العقد لو قال بعتک هذه الدابة و حملها لم یصح عندنا لما تقدم من أن الحمل لا یصح جعله مستقلا بالشراء و لا جزء. و قال أیضا و لو باع الحامل و یشترط للمشتری الحمل صح لأنه تابع کأسس الحیطان و إن لم یصح ضمه فی البیع مع الأم للفرق بین الجزء و النابع و قال فی موضع آخر لو قال بعتک هذه الشاة و ما فی ضرعها من اللبن لم یجز عندنا. و قال فی موضع آخر لو باعه دجاجة ذات بیضة و شرطها صح و إن جعلها جزء من المبیع لم یصح. و هذه کلها صریحة فی عدم جواز ضم المجهول علی وجه الجزئیة من غیر فرق بین تعلق الغرض الداعی بالمعلوم أو المجهول و قد ذکر هذا المحقق الثانی فی جامع المقاصد فی مسألة اشتراط دخول الزرع فی بیع الأرض قال و ما قد یوجد فی بعض الکلام من أن المجهول إن جعل جزء من المبیع لا یصح و إن اشترط صح و نحو ذلک فلیس بشی ء لأن العبارة لا أثر لها و الشرط محسوب من جملة المبیع و لأنه لو باع الحمل و الأم صح البیع و لا یتوقف علی بیعها اشتراطه انتهی و هو الظاهر من الشهیدین فی اللمعة و الروضة حیث اشترطا فی مال العبد المشروط دخوله فی بیعه استجماعه لشروط البیع و قد صرح الشیخ فی مسألة اشتراط مال العبد اعتبار العلم بمقدار المال و عن الشهید لو اشتراه و ماله صح و لم یشترط علمه و لا التفصی من الربا إن قلنا إنه یملک و إن أحلنا ملکه اشترط و قال فی الدروس لو جعل الحمل جزء من البیع فالأقوی الصحة لأنه بمنزلة الاشتراط و لا یضر الجهالة لأنه تابع انتهی. و اختاره جامع المقاصد ثم إن التابع فی کلام هؤلاء یحتمل أن یراد به ما یعد فی العرف تابعا کالحمل مع الأم و اللبن مع الشاة و البیض مع الدجاج و مال العبد معه و الباغ فی الدار و القصر فی البستان و نحو ذلک مما نسب البیع عرفا إلی المتبوع لا إلیهما معا و إن فرض تعلق الغرض الشخصی بکلیهما فی بعض الأحیان بل بالتابع خاصة کما قد یتفق فی حمل بعض أفراد الخیل و هذا هو الظاهر من کلماتهم فی بعض المقامات کما تقدم عن الدروس و جامع المقاصد من صحة بیع الأم و حملها لأن الحمل تابع. قال فی جامع المقاصد فی شرح قوله المتقدم عن القواعد و یجوز مع الانضمام إلی معلوم إذا کان تابعا إن إطلاق العبارة یشمل ما إذا شرط حمل دابة فی بیع دابة أخری إلا أن یقال التبعیة إنما تتحقق مع الأم لأنه حینئذ بمنزلة بعض أجزائها و مثله زخرفة جدران البیت انتهی. و فی التمثیل نظر لخروج زخرفة الجدران عن محل الکلام فی المقام إلا أن یرید مثال الأجزاء لأمثال التابع لکن هذا ینافی ما تقدم من اعتبارهم العلم فی مال العبد وفاقا للشیخ رحمه الله مع أن مال العبد تابع عرفی کما صرح به فی المختلف فی مسألة بیع العبد و اشتراط ماله و یحتمل أن یکون مرادهم من التابع بحسب قصد المتبایعین و هو ما یکون المقصود بالبیع غیره و إن لم یکن تابعا عرفیا کمن اشتری قصب الآجام و کان فیها قلیل من السمک أو اشتری سمک الآجام و کان فیها قلیل من القصب و هذا أیضا قد یکون کذلک بحسب النوع و قد یکون کذلک بحسب الشخص کمن أراد السمک القلیل لأجل حاجة لکن لم یتهیأ له شراؤه إلا فی ضمن قصبة الأجمة و الأول هو الظاهر من مواضع من المختلف منها فی بیع اللبن فی الضرع مع المحلوب منه حیث حمل روایة سماعة المتقدمة علی ما إذا کان المحلوب یقارب الثمن و یصیر أصلا و الذی فی الضرع تابعا. و قال فی مسألة بیع ما فی بطون الأنعام مع الضمیمة و المعتمد

أن نقول إن کان الحمل تابعا صح البیع کما لو باع الأم و حملها أو باع ما یقصد مثله بمثل الثمن و ضم الحمل فهذا لا بأس به و إلا کان باطلا. و أما الاحتمال الثانی أعنی مراعاة الغرض الشخصی للمتبائعین فلم نجد علیه شاهدا إلا ثبوت الغرر علی تقدیر الغرض الشخصی بالمجهول و انتفاءه علی تقدیر تعلقه بالمعلوم و یمکن تنزیل إطلاقات عبارات المختلف علیه کما لا یخفی و ربما احتمل بعض بل استظهر أن مراده بکون المعلوم مقصودا و المجهول تابعا کون المقصود بالبیع ذلک المعلوم بمعنی أن الإقدام منهما و لو بتصحیح البیع علی أن المبیع المقابل بالثمن هذا المعلوم الذی هو و إن سمی ضمیمة لکنه المقصود فی تصحیح البیع قال و لا ینافیه کون المقصود بالنسبة إلی الغرض ما فیه الغرر نظیر ما یستعمله بعض الناس فی التخلص من المخاصمة بعد ذلک فی الذی یراد بیعه لعارض من العوارض بإیقاع العقد علی شی ء معین معلوم لا نزاع فیه و جعل ذلک من التوابع و اللواحق لما عقد علیه البیع فلا یقدح حصوله و عدم حصوله کما أومئ إلیه فی ضمیمة الآبق و ضمیمة الثمر علی الشجر و ضمیمة ما فی الضروع و ما فی الآجام انتهی. و لا یخفی أنه لم توجد عبارة من عبائرهم تقبل هذا الحمل إلا أن یرید بالتابع جعل المجهول شرطا و المعلوم مشروطا فیرید ما تقدم من القواعد و التذکرة و لا أظن إرادة ذلک من کلامه بقرینة استشهاده بأخبار الضمیمة فی الموارد المتفرقة. و الأوفق بالقواعد أن یقال أما الشرط و الجزء فلا فرق بینهما من حیث لزوم الغرر بالجهالة و أما قصد المتبایعین بحسب الشخص فالظاهر أنه غیر مؤثر فی الغرر وجودا و عدما لأن الظاهر من حدیث الغرر من کلماتهم عدم مدخلیة قصد المتبایعین فی الموارد الشخصیة بل و کذلک قصدهما بحسب النوع علی الوجه الذی ذکره فی المختلف من کون قیمة المعلوم تقارب الثمن المدفوع له و للمجهول. و أما التابع العرفی فالمجهول منه و إن خرج عن الغرر عرفا إلا أن المجعول منه جزء داخل ظاهرا فی معقد الإجماع علی اشتراط العلم بالمبیع المتوقف علی العلم بالمجموع. نعم لو کان الشرط تابعا عرفیا خرج عن بیع الغرر و عن

المکاسب، ج 2، ص 206

معقد الإجماع علی اشتراط کون المبیع معلوما فیقتصر علیه هذا کله فی التابع من حیث جعل المتبایعین. و أما التابع للمبیع الذی یندرج فی المبیع و إن لم یضم إلیه حین العقد و لم یخطر ببال المتبایعین فالظاهر عدم الخلاف و الإشکال فی عدم اعتبار العلم به إلا إذا استلزم غررا فی نفس المبیع إذ الکلام فی مسألة الضمیمة من حیث الغرر الحاصل فی المجموع لا الساری من المجهول إلی المعلوم فافهم.

مسألة یجوز أن یندر لظرف ما یوزن مع ظرفه مقدار یحتمل الزیادة و النقیصة

مسألة یجوز أن یندر لظرف ما یوزن مع ظرفه مقدار یحتمل الزیادة و النقیصة

علی المشهور بل لا خلاف فیه فی الجملة بل عن فخر الإسلام التصریح بدعوی الإجماع. قال فیما حکی عنه نص الأصحاب علی أنه یجوز الاندار للظروف بما یحتمل الزیادة و النقیصة فقد استثنی من المبیع أمر مجهول و استثناء المجهول مبطل للبیع إلا فی هذه الصورة فإنه لا یبطل إجماعا انتهی. و الظاهر أن إطلاق الاستثناء باعتبار خروجه عن المبیع و لو من أول الأمر بل الاستثناء الحقیقی من المبیع یرجع إلی هذا أیضا ثم إن الأقوال فی تفصیل المسألة ستة الأول جواز الاندار بشرطین کون المندر متعارف الاندار عند التجار و عدم العلم بزیادة ما یندره و هو للنهایة و الوسیلة و عن غیرهما. الثانی عطف النقیصة علی الزیادة فی اعتبار عدم العلم بها و هو للتحریر. الثالث اعتبار العادة مطلقا و لو علم الزیادة أو النقیصة و مع عدم العادة فیما یحتملهما و هو لظاهر اللمعة و صریح الروضة. الرابع التفصیل بین ما یحتمل الزیادة و النقیصة فیجوز مطلقا و بین ما علم الزیادة فالجواز بشرط التراضی. الخامس عطف العلم بالنقیصة علی الزیادة و هو للمحقق الثانی ناسبا له إلی کل من لم یذکر النقیصة. السادس إناطة الحکم بالغرر ثم إن صور المسألة أن یوزن مظروف مع ظرفه فیعلم أنه عشرة أرطال فإذا أرید بیع المظروف فقط کما هو المفروض و قلنا بکفایة العلم بوزن المجموع و عدم اعتبار العلم بوزن المبیع منفردا علی ما هو مفروض المسألة و معقد الإجماع المتقدم فتارة یباع المظروف المذکور جملة بکذا و حینئذ فلا یحتاج إلی الاندار لأن الثمن و المثمن معلومان بالفرض و أخری یباع علی وجه التسعیر بأن یقول بعتکه کل رطل بدرهم- فتجی ء مسألة الاندار للحاجة إلی تعیین ما یستحقه البائع من الدراهم و یمکن أن تحرر المسألة علی وجه آخر و هو أنه بعد ما علم وزن الظرف و المظروف و قلنا بعدم لزوم العلم بوزن المظروف منفردا أی مقدار للظرف یجعل وزن المظروف فی حکم المعلوم و هل هو منوط بالمعتاد بین التجار و التراضی أو بغیر ذلک. فالکلام فی تعیین مقدار المندر لأجل إحراز شرط صحة بیع المظروف بعد قیام الإجماع علی عدم لزوم العلم بوزنه بالتقدیر أو بإخبار البائع و إلی هذا الوجه ینظر بعض الأساطین حیث أناط مقدار المنذر بما لا یحصل معه غرر. و اعترض علی ما فی القواعد و مثلها من اعتبار التراضی فی جواز إندار ما یعلم زیادته بأن التراضی لا یدفع غررا و لا یصحح عقدا و تبعه فی ذلک بعض أتباعه. و یمکن أن یستظهر هذا الوجه من عبارة الفخر المتقدمة حیث فرع استثناء المجهول من المبیع علی جواز الاندار إذ علی الوجه الأول یکون استثناء المجهول متفرعا علی جواز بیع المظروف بدون الظرف المجهول لا علی جواز إندار مقدار معین إذ الاندار حینئذ لتعیین الثمن فتأمل. و کیف کان فهذا الوجه مخالف لظاهر کلمات الباقین فإن جماعة منهم کما عرفت من الفاضلین و غیرهما خصوا اعتبار التراضی بصورة العلم بالمخالفة- فلو کان الاندار لإحراز وزن المبیع و تصحیح العقد لکان معتبرا مطلقا إذ لا معنی لإیقاع العقد علی وزن مخصوص بثمن مخصوص من دون تراض. و قد صرح المحقق و الشهید الثانیان فی وجه اعتبار التراضی مع العلم بالزیادة أو النقیصة بأن الاندار من دون التراضی تضییع لمال أحدهما و لا یخفی أنه لو کان اعتبار الاندار قبل العقد لتصحیحه لم یتحقق تضییع المال لأن الثمن وقع فی العقد فی مقابل المظروف سواء فرض زائدا أم ناقصا هذا مع أنه إذا فرض کون استقرار العادة علی إندار مقدار معین یحتمل الزیادة و النقیصة فالتراضی علی الزائد علیه أو الناقص عنه یقینا لا یوجب غررا بل یکون کاشتراط زیادة مقدار علی المقدار المعلوم غیر قادح فی صحة البیع مثلا لو کان المجموع عشرة أرطال و کان المعتاد إسقاط رطل للظرف فإذا تراضیا علی أن یندر للظرف رطلا فکأنه شرط للمشتری أن لا یحسب علیه رطلا و لو تراضیا علی إندار نصف رطل فقد اشترط المشتری جعل ثمن تسعة أرطال و نصف ثمنا للتسعة فلا معنی للاعتراض علی من قال فی اعتبار التراضی فی إندار ما علم زیادته أو نقیصته بأن التراضی لا یدفع غررا و لا یصحح عقدا و کیف کان فالظاهر هو الوجه الأول فیکون دخول هذه المسألة فی فروع مسألة تعیین العوضین من حیث تجویز بیع المظروف بدون ظرفه المجهول کما عنون المسألة بذلک فی اللمعة بل نسبه فی الحدائق إلیهم لا من حیث إندار مقدار معین للظرف المجهول وقت العقد و التواطؤ علی إیقاع العقد علی الباقی بعد الاندار.

و ذکر المحقق الأردبیلی رحمه الله فی تفسیر عنوان المسألة أن المراد أنه یجوز بیع الموزون بأن یوزن مع ظرفه ثم یسقط من المجموع مقدار الظرف تخمینا بحیث یحتمل کونه مقدار الظرف لا أزید و لا أنقص بل و إن تفاوت لا یکون إلا بشی ء یسیر متساهل به عادة ثم دفع ثمن الباقی مع الظرف إلی البائع انتهی. فظاهره الوجه الأول الذی ذکرناه حیث جوز البیع بمجرد وزن المظروف مع الظرف و جعل الاندار لأجل تعیین الباقی الذی یجب علیه دفع ثمنه. و فی الحدائق فی مقام الرد علی من ألحق النقیصة بالزیادة فی اعتبار عدم العلم بها قال إن الاندار حق للمشتری لأنه قد اشتری مثلا مائة من من السمن فی هذه الظروف فالواجب قیمة المائة المذکورة و له إسقاط ما یقابل المظروف من هذا الوزن انتهی. و هذا الکلام و إن کان مؤیدا لما استقربناه فی تحریر المسألة إلا أن جعل الاندار حقا للمشتری و التمثیل بما ذکره لا یخلو من نظر فإن المشتری لم یشتر مائة من من السمن فی هذه الظروف لأن التعبیر بهذا مع العلم بعدم کون ما فی هذه الظروف مائة من لغو بل المبیع فی الحقیقة ما فی هذه الظروف التی هی مع المظروف مائة من فإن باعه بثمن معین فلا حاجة إلی الاندار و لا حق للمشتری و إن اشتراه علی

المکاسب، ج 2، ص 207

وجه التسعیر بقوله کل من بکذا فالإندار إنما یحتاج إلیه لتعیین ما یستحقه البائع علی المشتری من الثمن فکیف یکون الواجب قیمة المائة کما ذکره المحدث. و قد علم مما ذکرنا أن الاندار الذی هو عبارة عن تخمین الظرف الخارج عن المبیع بوزن إنما هو لتعیین حق البائع و لیس حقا للمشتری- . و أما الأخبار فمنها موثقة حنان قال: سمعت معمر الزیات قال لأبی عبد الله ع إنا نشتری الزیت فی زقاقه فیحسب لنا النقصان لمکان الزقاق فقال له إن کان یزید و ینقص فلا بأس و إن کان یزید و لا ینقص فلا تقربه قیل و ظاهره عدم اعتبار التراضی. أقول المفروض فی السؤال هو التراضی لأن الحاسب هو البائع أو وکیله و هما مختاران و المحسوب له هو المشتری. و التحقیق أن مورد السؤال صحة الاندار من إبقاء الزقاق للمشتری بلا ثمن أو بثمن مغایر للمظروف أو مع ردها إلی البائع من دون وزن لها فإن السؤال عن صحة جمیع ذلک بعد الفراغ عن تراضی المتبایعین علیه فلا إطلاق فیه یعم صورة عدم التراضی. و یؤیده النهی عن ارتکابه مع العلم بالزیادة فإن النهی عنه لیس ارتکابه بغیر تراض فافهم فحینئذ لا یعارضها ما دل علی صحة ذلک مع التراضی مثل روایة علی ابن أبی حمزة قال: سمعت معمر الزیات یسأل أبا عبد الله ع قال جعلت فداک نطرح ظروف السمن و الزیت کل ظرف کذا و کذا رطلا فربما زاد و ربما نقص قال إذا کان ذلک عن تراض منکم فلا بأس فإن الشرط فیه مسوق- لبیان کفایة التراضی فی ذلک و عدم المانع منه شرعا فیشبه التراضی العلة التامة غیر متوقفة علی شی ء و نحوه اشتراط التراضی فی خبر علی بن جعفر المحکی عن قرب الإسناد عن أخیه موسی ع: عن الرجل یشتری المتاع وزنا فی الناسیة و الجوالق فیقول ادفع للناسیة رطلا أو أکثر من ذلک أ یحل ذلک البیع قال إذا لم یعلم وزن الناسیة و الجوالق فلا بأس إذا تراضیا. ثم إن قوله ع إن کان یزید و ینقص فی الروایة الأولی یحتمل أن یراد به الزیادة و النقیصة فی هذا المقدار المندر فی شخص المعاملة بمعنی زیادة مجموع ما أندر لمجموع الزقاق أو نقصانه عنه أو بمعنی أنه یزید فی بعض الزقاق و ینقص فی بعض آخر أو أن یراد به الزیادة و النقیصة فی نوع المقدار المندر فی نوع هذه المعاملة بحیث قد یتفق فی بعض المعاملات الزیادة و فی بعض أخری النقیصة و هذا هو الذی فهمه فی النهایة حیث اعتبر أن یکون ما یندر للظروف مما یزید تارة و ینقص أخری و نحوه فی الوسیلة. و یشهد للاحتمال الأول رجوع ضمیر یزید و ینقص إلی مجموع النقصان المحسوب لمکان الزقاق و للثانی عطف النقیصة علی الزیادة بالواو الظاهر فی اجتماع نفس المتعاطفین لا احتمالها و للثالث ما ورد فی بعض الروایات من أنه: ربما یشتری الطعام من أهل السفینة ثم یکیله فیزید قال ع و ربما نقص قلت و ربما نقص قال فإذا نقص یردون علیکم قلت لا قال لا بأس. فیکون معنی الروایة أنه إذا کان الذی یحسب لکم زائدا مرة و ناقصا أخری فلا بأس بما یحسب و إن بلغ ما بلغ و إن زاد دائما فلا یجوز إلا بهبة أو إبراء من الثمن أو مع التراضی بناء علی عدم توقف الشق الأول علیه و وقوع المحاسبة من السمسار بمقتضی العادة من غیر اطلاع صاحب الزیت و کیف کان فالذی یقوی فی النظر و هو المشهور بین المتأخرین جواز إندار ما یحتمل الزیادة و النقیصة لأصالة عدم زیادة المبیع علیه و عدم استحقاق البائع أزید مما یعطیه المشتری من الثمن لکن العمل بالأصل لا یوجب ذهاب حق أحدهما عند انکشاف الحال و أما مع العلم بالزیادة أو النقیصة فإن کان هنا عادة تقتضیه کان العقد واقعا علیها مع علم المتبایعین بها و لعله مراد من لم یقیده بالعلم و مع الجهل بها أو عدمها فلا یجوز إلا مع التراضی لسقوط حق من له الحق سواء تواطئا علی ذلک فی متن العقد بأن قال بعتک ما فی هذه الظروف کل رطل بدرهم علی أن یسقط لکل ظرف کذا فهو هبة له أو تراضیا علیه بعده بإسقاط من الذمة أو هبة للعین هذا کله مع قطع النظر عن النصوص و أما مع ملاحظتها فالمعول علیه روایة حنان المتقدمة الظاهرة فی اعتبار الاعتیاد من حیث ظهورها فی کون حساب المقدار الخاص متعارفا و اعتبار عدم العلم بزیادة المحسوب عن الظروف بما لا یتسامح به فی بیع کل مظروف بحسب حاله

و کان الشیخ رحمه الله فی النهایة فهم ذلک من الروایة فعبر بمضمونها کما هو دأبه فی ذلک الکتاب و حیث إن ظاهر الروایة جواز الاندار واقعا بمعنی عدم وقوعه مراعی بانکشاف الزیادة أو النقیصة علمنا بها کذلک فیکون مرجع النهی عن ارتکاب ما علم بزیادته نظیر ما ورد من النهی عن الشراء بالموازین الزائدة عما یتسامح به فإن تلک تحتاج إلی هبة جدیدة و لا یکفی إقباضها من حیث کونها حقا للمشتری هذا کله مع تعارف إندار ذلک المقدار و عدم العلم بالزیادة و أما مع عدم أحد القیدین فمع الشک فی الزیادة و النقیصة و عدم العادة یجوز الاندار لکن مراعی بعدم انکشاف أحد الأمرین و معها یجوز بناء علی انصراف العقد إلیها لکن فیه تأمل لو لم یبلغ حدا یکون کالشرط فی ضمن العقد لأن هذا لیس من أفراد المطلق حتی ینصرف بکون العادة صارفة له ثم الظاهر أن الحکم المذکور- غیر مختص بظروف السمن و الزیت بل یعم کل ظرف کما هو ظاهر معقد الإجماع المتقدم عن فخر الدین رحمه الله و عبارة النهایة و الوسیلة و الفاضلین و الشهیدین و المحقق الثانی رحمهم الله جمیعا و تؤیده الروایة المتقدمة عن قرب الإسناد لکن لا یبعد أن یراد بالظروف خصوص الوعاء المتعارف بیع الشی ء فیه و عدم تفریغه منه کقواریر الجلاب و العطریات لا مطلق الظرف اللغوی أعنی الوعاء و یحتمل العموم و هو ضعیف. نعم یقوی تعدیة الحکم إلی کل مصاحب للمبیع یتعارف بیعه معه کالشمع فی الحلی المصنوعة من الذهب و الفضة و کذا المظروف الذی یقصد ظرفه بالشراء إذا کان وجوده فیه تبعا له کقلیل من الدبس فی الزقاق و أما تعدیة الحکم إلی کل ما ضم إلی المبیع مما لا یراد بیعه معه فمما لا ینبغی احتماله.

مسألة یجوز بیع المظروف مع ظرفه الموزون معه و إن لم یعلم إلا بوزن المجموع

مسألة یجوز بیع المظروف مع ظرفه الموزون معه و إن لم یعلم إلا بوزن المجموع

المکاسب، ج 2، ص 208

علی المشهور بل لم یوجد قائل بخلافه من الخاصة إلا ما أرسله فی الروضة و نسبه فی التذکرة إلی بعض العامة استنادا إلی أن وزن ما یباع وزنا غیر معلوم و الظرف لا یباع وزنا بل لو کان موزونا لم ینفع مع جهالة وزن کل واحد و اختلاف قیمتهما فالغرر الحاصل فی بیع الجزاف حاصل هنا و الذی یقتضیه النظر أما فیما نحن فیه مما جوز شرعا بیعه منفردا عن الظرف مع جهالة وزنه فالقطع بالجواز منضما إذ لم یحصل من الانضمام مانع و لا ارتفع شرط و أما فی غیره من أحد المنضمین الذین لا یکفی فی بیعه منفردا معرفة وزن المجموع فالقطع بالمنع مع لزوم الغرر الشخصی کما لو باع سبیکة من ذهب مردد بین مائة مثقال و ألف مع وصلة من رصاص قد بلغ وزنها ألفی مثقال فإن الإقدام علی هذا البیع إقدام علی ما فیه خطر یستحق لأجله اللوم من العقلاء و أما مع انتفاء الغرر الشخصی و انحصار المانع فی النص الدال علی لزوم الاعتبار بالکیل و الوزن و الإجماع المنعقد علی بطلان البیع إذا کان المبیع المجهول المقدار فی المکیل و الموزون فالقطع بالجواز لأن النص و الإجماع إنما دلا علی لزوم اعتبار العلم بالمبیع لا علی کل جزء منه و لو کان أحد الموزونین یجوز بیعه منفردا مع معرفة وزن المجموع دون الآخر کما لو فرضنا جواز بیع الفضة المحشوة بالشمع و عدم جواز بیع الشمع کذلک فإن فرضنا الشمع تابعا لا تضر جهالته و إلا فلا ثم إن بیع المظروف مع الظرف یتصور علی صور إحداها أن یبیعه مع ظرفه بعشرة مثلا فیسقط الثمن علی قیمتی کل من المظروف و الظرف لو احتیج إلی التقسیط فإذا قیل قیمة الظرف درهم و قیمة المظروف تسعة کان للظرف عشر الثمن. الثانیة أن یبیعه مع ظرفه بکذا علی أن کل رطل من المظروف بکذا فیحتاج إلی إندار مقدار للظرف و تکون قیمة المظروف ما بقی بعد ذلک و هذا فی معنی بیع کل منهما منفردا. الثالثة أن یبیعه مع الظرف کل رطل بکذا علی أن یکون التسعیر للظرف و المظروف و طریقة التقسیط لو احتیج إلیه کما فی المسالک أن یوزن الظرف منفردا و ینسب إلی الجملة و یؤخذ له من الثمن بتلک النسبة و تبعه علی هذا غیر واحد و مقتضاه أنه لو کان الظرف رطلین و المجموع عشرة أخذ له خمس الثمن و الوجه فی ذلک ملاحظة الظرف و المظروف شیئا واحدا حتی أنه یجوز أن یفرض تمام الظرف کسرا مشاعا من المجموع لیساوی ثمنه من المظروف فالمبیع کل رطل من هذا المجموع لا من المرکب من الظرف و المظروف لأنه إذا باع کل رطل من الظرف و المظروف بدرهم مثلا وزع الدرهم علی الرطل و المظروف بحسب قیمة مثلهما فإذا کانت قیمة خمس الرطل المذکور الذی هو وزن الظرف الموجود فیه مساویة لقیمة أربعة الأخماس التی هی مقدار المظروف الموجود فکیف یقسط الثمن علیه أخماسا.

[تنبیهات البیع

مسألة [المعروف استحباب التفقه فی مسائل التجارات

المعروف بین الأصحاب تبعا لظاهر تعبیر الشیخ بلفظ ینبغی استحباب التفقه فی مسائل الحلال و الحرام المتعلقة بالتجارات لیعرف صحیح العقد من فاسده و یسلم من الربا. و عن إیضاح النافع أنه قد یجب و هو ظاهر عبارة الحدائق أیضا و کلام المفید رحمه الله فی المقنعة أیضا لا یأبی الوجوب لأنه بعد ذکر قوله تعالی لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ و قوله تعالی أَنْفِقُوا مِنْ طَیِّباتِ ما کَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَکُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لا تَیَمَّمُوا الْخَبِیثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ قال فندب إلی الإنفاق من طیب الاکتساب و نهی عن طلب الخبیث للمعیشة و الإنفاق فمن لم یعرف فرق ما بین الحلال من المکتسب و الحرام لم یکن مجتنبا للخبیث من الأعمال و لا کان علی ثقة تفقه من طیب الاکتساب و قال تعالی أیضا ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَیْعُ مِثْلُ الرِّبا وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا فینبغی أن یعرف البیع المخالف للربا لیعلم بذلک ما أحل الله و حرم من المتاجر و الاکتساب و جاءت الروایة عن أمیر المؤمنین ع أنه کان یقول: من اتجر بغیر علم فقد ارتطم فی الربا ثم ارتطم ثم قال قال الصادق ع: من أراد التجارة فلینفقه فی دینه لیعلم بذلک ما یحل له مما یحرم علیه و من لم یتفقه فی دینه ثم اتجر تورط فی الشبهات انتهی. أقول ظاهر کلامه رحمه الله الوجوب إلا أن تعبیره بلفظ ینبغی ربما یدعی ظهوره فی الاستحباب. إلا أن الإنصاف أن ظهوره لیس بحیث یعارض ظهور ما فی کلامه فی الوجوب من باب المقدمة فإن معرفة الحلال و الحرام واجبة علی کل أحد بالنظر إلی ما یبتلی به من الأمور و لیست معرفة جمیعها مما یتعلق بالإنسان وجوبها فورا و دفعة بل عند الالتفات إلی احتمال الحرمة فی فعل یرید أن یفعله أو عند إرادة الإقدام علی أفعال یعلم بوجود الحرام بینها فإنه معاقب علی ما یفعله من الحرام لو ترک التعلم و إن لم یلتفت عند فعله إلی احتمال تحریمه فإن التفاته السابق و علمه بعدم خلو ما یرید مزاولتها من الأفعال من الحرام کاف فی حسن العقاب و إلا لم یعاقب أکثر الجهال علی أکثر المحرمات لأنهم یفعلونها و هم غیر ملتفتین إلی احتمال حرمتها عند الارتکاب و لذا أجمعنا علی أن الکفار یعاقبون علی الفروع. و قد ورد ذم الغافل المقصر فی معصیته فی غیر واحد من الأخبار ثم لو قلنا بعدم العقاب علی فعل المحرم الواقعی الذی یفعله من غیر شعور کما هو ظاهر جماعة تبعا للأردبیلی رحمه الله من عدم العقاب علی الحرام المجهول حرمته عن تقصیر لقبح خطاب الغافل فیقبح عقابه لکن وجوب تحصیل العلم و إزالة الجهل واجب علی هذا القول کما اعترفوا به. و الحاصل أن التزام عدم عقاب الجاهل المقصر لا علی فعل الحرام و لا علی ترک التعلم إلا إذا کان حین الفعل ملتفتا إلی احتمال تحریمه لا یوجد له وجه بعد ثبوت أدلة التحریم و وجوب طلب العلم علی کل مسلم و عدم تقبیح عقاب من التفت إلی وجود الحرام من أفراد البیع التی یزاولها تدریجا علی ارتکاب الحرام فی هذا الأثناء و إن لم یلتفت حین إرادة ذلک الحرام ثم إن المقام یزید علی غیره بأن الأصل فی المعاملات الفساد فالمکلف إذا أراد التجارة و بنی علی التصرف فیما یحصل فی یده من أموال الناس علی وجه العوضیة یحرم علیه ظاهرا الإقدام علی کل تصرف منها بمقتضی أصالة عدم انتقالها إلیه إلا مع العلم بإمضاء الشارع لتلک المعاملة و یمکن أن یکون فی قوله ع:

المکاسب، ج 2، ص 209

التاجر فاجر و الفاجر فی النار إلا من أخذ الحق و أعطی الحق إشارة إلی هذا المعنی بناء علی أن الخارج من العموم لیس إلا من علم بإعطاء الحق و أخذ الحق فوجوب معرفة المعاملة الصحیحة فی هذا المقام شرعی لنهی الشارع عن التصرف فی مال لم یعلم انتقاله إلیه بناء علی أصالة عدم انتقاله إلیه و فی غیر هذا المقام عقلی مقدمی لئلا یقع فی الحرام و کیف کان فالحکم باستحباب التفقه للتاجر محل نظر بل الأولی وجوبه علیه عقلا و شرعا و إن کان وجوب معرفة باقی المحرمات من باب العقل فقط و یمکن توجیه کلامهم بإرادة التفقه الکامل لیطلع علی مسائل الربا الدقیقة و المعاملات الفاسدة کذلک و یطلع علی موارد الشبهة و المعاملات غیر الواضحة الصحة فیجتنب عنها فی العمل فإن قدر الواجب هو معرفة المسائل العامة البلوی لا الفروع الفقهیة المذکورة فی المعاملات. و یشهد للغایة الأولی قوله ع فی مقام تعلیل وجوب التفقه: إن الربا أخفی من دبیب النملة علی الصفا. و للغایة الثانیة قول الصادق ع فی الروایة المتقدمة: من لم یتفقه ثم اتجر تورط فی الشبهات لکن ظاهر صدره الوجوب فلاحظ. و قد حکی توجیه کلامهم بما ذکرنا عن غیر واحد و لا یخلو عن وجه فی مقام التوجیه ثم إن التفقه فی مسائل التجارة لما کان مطلوبا للتخلص عن المعاملات الفاسدة التی أهمها الربا الجامعة بین أکل المال بالباطل و ارتکاب الموبقة الکذائیة لم یعتبر فیه کونه عن اجتهاد بل یکفی فیه التقلید الصحیح فلا تعارض بین أدلة التفقه هنا و أدلة تحصیل المعاش. نعم ربما أورد فی هذا المقام و إن کان خارجا عنه التعارض بین أدلة طلب مطلق العلم الشامل لمعرفة مسائل العبادات و أنواع المعاملات المتوقف علی الاجتهاد و بین أدلة طلب الاکتساب و الاشتغال فی تحصیل المال لأجل الإنفاق علی من ینبغی أن ینفق علیه و ترک إلقاء کله علی الناس الموجب لاستحقاق اللعن فإن الأخبار من الطرفین کثیرة یکفی فی طلب الاکتساب ما ورد من أن أمیر المؤمنین ع قال: أوحی الله تعالی إلی داود یا داود إنک نعم العبد لو لا أنک تأکل من بیت المال و لا تعمل بیدک شیئا [قال فبکی [داود] ع أربعین صباحا [فأوحی الله إلی الحدید أن لن لعبدی داود] فألان الله عز و جل له الحدید فکان یعمل [فی کل یوم درعا فیبیعها بألف درهم فعمل ثلاثمائة و ستین درعا فباعها و استغنی عن بیت المال إلی آخر الحدیث و ما أرسله فی الفقیه عن الصادق ع: لیس منا من ترک دنیاه لآخرته أو آخرته لدنیاه: العبادة سبعون جزء أفضلها طلب الحلال. و أما الأخبار فی طلب العلم و فضله فهی أکثر من أن تذکر و أوضح من أن تحتاج إلی الذکر و ذکر فی الحدائق أن الجمع بینهما بأحد الوجهین. أحدهما و هو الأظهر بین علمائنا تخصیص أخبار وجوب طلب الرزق بأخبار وجوب طلب العلم و یقال بوجوب ذلک علی غیر طالب العلم المستقل تحصیله و استفادته و تعلیمه و إفادته قال و بهذا الوجه صرح الشهید الثانی قدس سره فی رسالته المسماة بمنیة المرید فی آداب المفید و المستفید حیث قال فی جملة شرائط العلم و أن یتوکل علی الله و یفوض أمره إلیه و لا یعتمد علی الأسباب فیتوکل علیها فیکون وبالا علیه و لا علی أحد من خلق الله تعالی بل یلقی مقالید أمره إلی الله تعالی یظهر له من نفحات قدسه و لحظات أنسه ما به یحصل به مطلوبه و یصلح به مراده. و قد ورد فی الحدیث عن النبی ص: قد تکفل لطالب العلم برزقه عما ضمنه لغیره بمعنی أن غیره محتاج إلی السعی علی الرزق حتی یحصل له و طالب العلم لا یکلف بذلک بل بالطلب و کفاه مئونة الرزق إن أحسن النیة و أخلص القربة و عندی فی ذلک من الوقائع ما لو جمعته لا یعلمه إلا الله من حسن صنع الله تعالی و جمیل ما اشتغلت بالعلم و هو مبادی العشر الثلاثین و تسعمائة إلی یومنا هذا و هو منتصف شهر رمضان سنة ثلاث و خمسین و تسعمائة و بالجملة لیس الخبر کالعیان. و روی شیخنا المقدم محمد بن یعقوب الکلینی قدس سره بإسناد إلی الحسین ابن علوان قال: کنا فی مجلس نطلب فیه العلم و قد نفدت نفقتی فی بعض الأسفار فقال لی بعض أصحابی من تؤمل لما قد نزل بک فقلت فلانا فقال إذا و الله لا تسعف بحاجتک و لا تبلغ أملک و لا تنجح طلبتک قلت و ما علمک رحمک الله قال إن أبا عبد الله

ع حدثنی أنه قرأ فی بعض الکتب أن الله تبارک و تعالی یقول و عزتی و جلالی و مجدی و ارتفاعی علی عرشی لأقطعن أمل کل مؤمل من الناس غیری بالیأس و لأکسونه ثوب المذلة عند الناس و لأنحینه من قربی و لأبعدنه من فضلی أ یؤمل غیری فی الشدائد و الشدائد بیدی و یرجو غیری و یقرع بالفکر باب غیری و بیدی مفاتیح الأبواب و هی مغلقة و بابی مفتوح لمن دعانی فمن ذا الذی أملنی لنوائبه فقطعته دونها و من ذا الذی رجانی لعظیمة فقطعت رجاءه منی جعلت آمال عبادی عندی محفوظة فلم یرضوا بحفظی و ملأت سماواتی ممن لا یمل من تسبیحی و أمرتهم أن لا یغلقوا الأبواب بینی و بین عبادی فلم یثقوا بقولی أ لم یعلم أن من طرقته نائبة من نوائبی أنه لا یملک کشفها أحد غیری إلا من بعد إذنی فما لی أراه لاهیا عنی أعطیته بجودی ما لم یسألنی ثم انتزعته عنه فلم یسألنی رده و سأل غیری أ فیرانی أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم أسأل فلا أجیب سائلی أ بخیل أنا فیبخلنی عبدی أ و لیس الجود و الکرم لی أ و لیس العفو و الرحمة بیدی أ و لیس أنا محل الآمال فمن یقطعها دونی أ فلا یخشی المؤملون أن یؤملوا غیری فلو أن أهل سماواتی و أهل أرضی أملوا جمیعا ثم أعطیت کل واحد منهم مثل ما أمل الجمیع ما انتقص من ملکی مثل عضو ذرة و کیف ینقص ملک أنا قیمه فیا بؤسا للقانطین من رحمتی و یا بؤسا لمن عصانی و لم یراقبنی انتهی الحدیث الشریف و انتهی کلام شیخنا الشهید الثانی رحمه الله. قال فی الحدائق و یدل علی ذلک بأصرح دلالة ما رواه فی الکافی بإسناده إلی أبی إسحاق السبیعی عمن حدثه قال سمعت أمیر المؤمنین ع یقول: أیها الناس اعلموا إن کمال الدین طلب العلم و العمل به ألا و إن طلب العلم أوجب علیکم من طلب المال إن المال مقسوم مضمون لکم قد قسمه عادل بینکم و ضمنه لکم و سیفی لکم و العلم مخزون عند أهله و قد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه إلی آخر الخبر. قال و یؤکد ما رواه فی الکافی بسنده

المکاسب، ج 2، ص 210

عن أبی جعفر ع قال قال رسول الله ص: یقول الله عز و جل و عزتی و جلالی و عظمتی و کبریائی و نوری و علوی و ارتفاع مکانی [لا یؤثر عبد هواه علی هوای إلا شتت علیه أمره و لبست علیه دنیاه و شغلت قلبه بها و لم أوته منها إلا ما قدرت له و عزتی و جلالی و عظمتی و نوری و علوی و ارتفاع مکانی لا یؤثر عبد هوای علی هواه إلا استحفظته ملائکتی و کفلت السماوات و الأرض رزقه و کنت له من وراء تجارة کل تاجر و أتته الدنیا و هی راغمة إلی آخر الحدیث انتهی کلامه.

و أنت خبیر بأن ما ذکره من کلام الشهید الثانی رحمه الله و ما ذکره من الحدیث القدسی لا ارتباط له بما ذکر من دفع التنافی بین أدلة الطرفین لأن ما ذکر من التوکل علی الله و عدم ربط القلب لغیره لا ینافی الاشتغال بالاکتساب و لذا کان أمیر المؤمنین ص و علی أخیه و زوجته و ولدیه و ذریته جامعا بین أعلی مراتب التوکل و أشد مشاق الاکتساب و هو الاستقاء لحائط الیهودی. و لیس الشهید أیضا فی مقام إن طلب العلم أفضل من التکسب و إن کان أفضل بل فی مقام إن طالب العلم إذا اشتغل بتحصیل العلم فلیکن منقطعا عن الأسباب الظاهرة الموجودة غالبا لطلاب العلوم من الوظائف المستمرة من السلاطین و الحاصلة من الموقوفات للمدارس و أهل العلم و الموجودة الحاصلة غالبا للعلماء و المشتغلین من معاشرة السلطان و أتباعه و المراودة مع التجار و الأغنیاء و العلماء الذین لا ینتفع منهم إلا بما فی أیدیهم من وجوه الزکوات و رد المظالم و الأخماس و شبه ذلک کما کان متعارفا فی ذاک الزمان بل فی کل زمان فربما جعل الاشتغال بالعلم بنفسه سببا للمعیشة من الجهات التی ذکرناها. و بالجملة فلا شهادة فیما ذکره من کلام الشهید الثانی رحمه الله من أوله إلی آخره و ما أضاف إلیه من الروایات فی الجمع المذکور أعنی تخصیص أدلة طلب الحلال بغیر طالب العلم ثم إنه لا إشکال فی أن کلا من طلب العلم و طلب الرزق ینقسم إلی الأحکام الأربعة أو الخمسة و لا ریب أن المستحب من أحدهما لا یزاحم الواجب و لا الواجب الکفائی الواجب العینی و لا إشکال أیضا فی أن الأهم من الواجبین المعینین مقدم علی غیره و کذا الحکم فی الواجبین الکفائیین مع ظن قیام الغیر به و قد یکون کسب الکاسب مقدمة لاشتغال غیره بالعلم فیجب أو یستحب مقدمة 287 بقی الکلام فی المستحب من الأمرین عند فرض عدم إمکان الجمع بینهما و لا ریب فی تفاوت الحکم بالترجیح باختلاف الفوائد المترتبة علی الأمرین فرب من لا یحصل له باشتغاله بالعلم إلا شی ء قلیل لا یترتب علیه کثیر فائدة و یترتب علی اشتغاله بالتجارة فوائد کثیرة منها تکفل أحوال المشتغلین من ماله أو مال أقرانه من التجار المخالطین معه علی وجه الصلة أو الصدقة الواجبة و المستحبة فیحصل بذلک ثواب الصدقة و ثواب الإعانة الواجبة أو المستحبة علی تحصیل العلم و رب من یحصل بالاشتغال مرتبة عالیة من العلم یحیی بها فنون علم الدین فلا یحصل له من کسبه إلا قلیل من الرزق فإنه لا إشکال فی أن اشتغاله بالعلم و الأکل من وجوه الصدقات أرجح. و ما ذکر من حدیث داود علی نبینا و آله و علیه السلام فإنما هو لعدم مزاحمة اشتغاله بالکسب لشی ء من وظائف النبوة و الرئاسة العلمیة. و بالجملة فطلب کل من العلم و الرزق إذا لوحظ المستحب منهما من حیث النفع العائد إلی نفس الطالب کان طلب العلم أرجح و إذا لوحظ من جهة النفع الواصل إلی الغیر کان اللازم ملاحظة مقدار النفع الواصل فتثبت من ذلک کله أن تزاحم هذین المستحبین کتزاحم سائر المستحبات المتنافیة کالاشتغال بالاکتساب أو طلب العلم غیر الواجبین مع المسیر إلی الحج المستحب أو إلی مشاهد الأئمة [صلوات الله و سلامه علیهم أجمعین أو مع السعی فی قضاء حوائج الإخوان الذی لا یجامع طلب العلم أو المال الحلال إلی غیر ذلک مما لا یحصی.

مسألة لا خلاف فی مرجوحیة تلقی الرکبان بالشروط الآتیة و اختلفوا فی حرمته و کراهته.

فعن التقی و القاضی و الحلی و العلامة فی المنتهی الحرمة و هو المحکی عن ظاهر الدروس و حواشی المحقق الثانی و عن الشیخ و ابن زهرة لا یجوز و أول فی المختلف عبارة الشیخ بالکراهة و هی أی الکراهة مذهب الأکثر بل عن إیضاح النافع أن الشیخ ادعی الإجماع علی عدم التحریم و عن نهایة الأحکام تلقی الرکبان مکروه عند أکثر علمائنا و لیس حراما إجماعا. و مستند التحریم ظواهر الأخبار. منها عن منهال القصاب قال قال أبو عبد الله ع: لا تلق فإن رسول الله ص نهی عن التلقی قال و ما حد التلقی قال ما دون غدوة أو روحه قلت و کم الغدوة و الروحة قال أربعة فراسخ قال ابن أبی عمیر و ما فوق ذلک فلیس بتلق و فی خبر عروة عن أبی جعفر ع قال قال رسول الله ص: لا یتلقی أحدکم تجارة خارجا من المصر و لا یبیع حاضر لباد و المسلمون یرزق الله بعضهم من بعض و فی روایة أخری: لا تلق و لا تشتر ما تلقی و لا تأکل منه. و ظاهر النهی عن الأکل کونه لفساد المعاملة فیکون أکلا بالباطل و لم یقل به إلا الإسکافی. و عن ظاهر المنتهی الاتفاق علی خلافه فتکون الروایة مع ضعفها مخالفة لعمل الأصحاب فتقصر عن إفادة الحرمة و الفساد. نعم لا بأس بحملها علی الکراهة لو وجد القول بکراهة الأکل مما یشتری من المتلقی و لا بأس به حسما لمادة التلقی. و مما ذکرنا یعلم أن النهی فی سائر الأخبار أیضا محمول علی الکراهة لموافقته للأصل مع ضعف الخبر و مخالفته للمشهور ثم إن حد التلقی أربعة فراسخ کما فی کلام بعض و الظاهر أن مرادهم خروج الحد عن المحدود لأن الظاهر زوال المرجوحیة إذا کان أربعة فراسخ و قد تبعوا بذلک مرسلة الفقیه. و روی أن حد التلقی روحه فإذا صار إلی أربعة فراسخ فهو جلب فإن الجمع بین صدرها و ذیلها لا یکون إلا بإرادة خروج الحد عن المحدود کما أن ما فی الروایة السابقة أن حده ما دون غدوة أو روحه محمول علی دخول الحد فی المحدود لکن قال فی المنتهی حد علماؤنا التلقی بأربعة فراسخ فکرهوا التلقی إلی ذلک الحد فإن زاد علی ذلک کان تجارة و جلبا و هو ظاهر لأن بمضیه و رجوعه یکون مسافرا یجب علیه القصر فیکون سفرا حقیقیا إلی أن قال و لا یعرف بین علمائنا خلاف فیه انتهی. و التعلیل بحصول السفر الحقیقی یدل علی مسامحة فی التعبیر و لعل الوجه فی التحدید بالأربعة أن الوصول علی الأربعة

المکاسب، ج 2، ص 211

بلا زیادة و لا نقیصة نادر فلا یصلح أن یکون ضابطا لرفع الکراهة إذ لا یقال إنه وصل إلی الأربعة إذا تجاوز عنها و لو یسیرا فالظاهر أنه لا إشکال فی أصل الحکم و إن وقع اختلاف فی التعبیر فی النصوص و الفتاوی ثم إنه لا إشکال فی اعتبار القصد إذ بدونه لا یصدق عنوان التلقی فلو تلقی الرکب فی طریقه ذاهبا أو جائیا لم یکره المعاملة معهم و کذا فی اعتبار قصد المعاملة من المتلقی فلا یکره لغرض آخر و لو اتفقت المعاملة قیل ظاهر التعلیل فی روایة عروة المتقدمة اعتبار جهل الرکب بسعر البلد. و فیه أنه مبنی علی عدم اختصاص القید بالحکم الأخیر فیحتمل أن تکون العلة فی کراهة التلقی مسامحة الرکب فی المیزان بما لا یتسامح به المتلقی أو مظنة حبس المتلقین ما اشتروه أو ادخاره عن أعین الناس و بیعه تدریجا بخلاف ما إذا أتی الرکب و طرحوا أمتعتهم فی الخانات و الأسواق فإن له أثرا بینا فی امتلاء أعین الناس خصوصا الفقراء فی وقت الغلاء إذا أتی بالطعام و کیف کان فاشتراط الکراهة بجهلهم بسعر البلد محل مناقشة ثم إنه لا فرق بین أخذ المتلقی بصیغة البیع أو الصلح أو غیرهما. نعم لا بأس باستیهابهم و لو بإهداء شی ء إلیهم و لو تلقاهم لمعاملات أخر غیر شراء متاعهم فظاهر الروایات عدم المرجوحیة. نعم لو جعلنا المناط ما یقرب من قوله ص: المسلمون یرزق الله بعضهم من بعض قوی سرایة الحکم إلی بیع شی ء منهم و إیجارهم المساکن و الخانات کما أنه إذا جعلنا المناط فی الکراهة کراهة غبن الجاهل کما یدل علیه النبوی العامی: لا تلقوا الجلب فمن تلقی و اشتری منه فإذا أتی السوق فهو بالخیار قوی سرایة الحکم إلی کل معاملة توجب غبنهم کالبیع و الشراء منهم متلقیا و شبه ذلک لکن الأظهر هو الأول و کیف کان فإذا فرض جهلهم بالسعر و ثبت لهم الغبن الفاحش کان لهم الخیار. و قد یحکی عن الحلی ثبوت الخیار و إن لم یکن غبن و لعله لإطلاق النبوی المتقدم المحمول علی صورة تبین الغبن بدخول السوق و الاطلاع علی القیمة و اختلفوا فی کون هذا الخیار علی الفور أو التراخی علی قولین سیجی ء ذکر الأقوی منهما فی مسألة خیار الغبن إن شاء الله.

مسألة یحرم النجش علی المشهور

کما فی الحدائق بل عن المنتهی و جامع المقاصد أنه محرم إجماعا لروایة ابن سنان عن أبی عبد الله ع قال قال رسول الله ص: الواشمة و المتوشمة و الناجش و المنجوش ملعونون علی لسان محمد ص و فی النبوی المحکی عن معانی الأخبار: لا تناجشوا و لا تدابروا قال و معناه أن یزید الرجل فی ثمن السلعة و هو لا یرید شراءها و لکن لیسمعه غیره فیزید لزیادته و الناجش الخائن. و [أما] التدابر [فالمصارمة و] الهجران [مأخوذ من أن یولی الرجل صاحبه دبره و یعرض عنه بوجهه انتهی کلام الصدوق. و الظاهر أن المراد بزیادة الناجش مؤاطاة البائع المنجوش له.

مسألة إذا دفع إنسان إلی غیره مالا لیصرفه فی قبیل یکون المدفوع إلیه منهم

و لم یحصل للمدفوع إلیه ولایة علی ذلک المال من دون الدافع کما الإمام أورد المظالم المدفوع إلی الحاکم فله صور إحداها أن تظهر قرینة علی عدم جواز رضاه بالأخذ منه کما إذا عین له منه مقدارا قبل الدفع أو بعده و لا إشکال فی عدم الجواز لحرمة التصرف فی مال الناس علی غیر الوجه المأذون فیه الثانیة أن تظهر قرینة حالیة أو مقالیة علی جواز أخذه منه مقدارا مساویا لما یدفع إلی غیره أو أنقص أو أزید و لا إشکال فی الجواز حینئذ إلا أنه قد یشکل الأمر فیما لو اختلف مقدار المدفوع إلی الأصناف المختلفة کأن عین للمجتهدین مقدارا و للمشتغلین مقدارا و اعتقد الدافع عنوانا یخالف معتقد المدفوع إلیه. و التحقیق هذا مراعاة معتقد المدفوع إلیه إن کان عنوان الصنف علی وجه الموضوعیة کأن یقول ادفع إلی کل مشتغل کذا و إلی کل مجتهد کذا و خذ أنت ما یخصک و إن کان علی وجه الداعی بأن کان الصنف داعیا إلی تعیین ذلک المقدار کان المتبع اعتقاد الدافع لأن الداعی إنما یتفرع علی الاعتقاد لا الواقع. الثالثة أن لا تقوم قرینة علی أحد الأمرین و یطلق المتکلم و قد اختلف کلماتهم فیها بل کلمات واحد منهم فالمحکی عن وکالة المبسوط و زکاة السرائر [و الشرائع و التحریر و الإرشاد و المسالک و الکفایة] و مکاسب النافع و کشف الرموز و المختلف و التذکرة و جامع المقاصد تحریم الأخذ مطلقا و عن النهایة و مکاسب السرائر و الشرائع و التحریر و الإرشاد و المسالک و الکفایة أنه یجوز له الأخذ منه إن أطلق من دون زیادة علی غیره و نسبه فی الدروس إلی الأکثر و فی الحدائق إلی المشهور و فی المسالک هکذا شرط کل من سوغ له الأخذ و عن نهایة الأحکام و التنقیح و المهذب البارع و المقنعة الاقتصار علی نقل القولین و عن المهذب البارع حکایة التفصیل بالجواز إن کانت الصیغة بلفظ ضعه فیهم أو ما أدی معناه و المنع إن کانت بلفظ ادفعه و عن التنقیح عن بعض الفضلاء أنه إن قال هو للفقراء جاز و إن قال أعطه للفقراء فإن علم فقره لم یجز إذ لو أراده لخصه و إن لم یعلم جاز. احتج القائل بالتحریم مضافا إلی ظهور اللفظ فی مغایرة المأمور بالدفع للمدفوع إلیهم المؤید بما قالوه فمن وکلته امرأة أن یزوجها من شخص فزوجها من نفسه أو وکله فی شراء شی ء فأعطاه من عنده بمصححة ابن الحجاج المسندة فی التحریر إلی مولانا الصادق ع و إن أضمرت فی غیره قال: سألته عن رجل أعطاه رجل مالا لیقسمه فی محاویج أو فی مساکین و هو محتاج أ یأخذ منه لنفسه و لا یعلمه قال لا یأخذ منه شیئا حتی یأذن له صاحبه و احتج المجوزون بأن العنوان المدفوع إلیه شامل له و الفرض الدفع إلی هذا العنوان من غیر ملاحظة لخصوصیة فی الغیر و اللفظ و إن سلم عدم شموله له لغة إلا أن المنساق عرفا صرفه إلی کل من اتصف بهذا العنوان فالعنوان موضوع لجواز الدفع یحمل علیه الجواز. نعم لو کان المدفوع إلیهم أشخاصا خاصة و کان الداعی علی الدفع اتصافهم بذلک الوصف لم یشمل المأمور و الروایة معارضة بروایات أخر مثل ما فی الکافی فی الصحیح عن سعد بن یسار قال: قلت لأبی عبد الله ع الرجل یعطی الزکاة فیقسمها فی أصحابه أ یأخذ منها شیئا قال نعم و عن الحسین بن عثمان فی الصحیح أو الحسن بابن هاشم [عن أبی إبراهیم ع : فی رجل أعطی مالا یفرقه فیمن یحل له أ له أن یأخذ منه شیئا لنفسه و إن لم یسم له قال یأخذ منه لنفسه مثل ما یعطی غیره و صحیحة ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن ع

المکاسب، ج 2، ص 212

عن الرجل یعطی الرجل الدراهم یقسمها و یضعها فی مواضعها و هو ممن تحل له الصدقة قال لا بأس أن یأخذ لنفسه کما یعطی غیره و لا یجوز له أن یأخذ- إذا أمره أن یضعها فی مواضع مسماة إلا بإذنه و الذی ینبغی أن یقال أما من حیث دلالة اللفظ الدال علی الإذن فی الدفع و الصرف فإن المتبع الظهور العرفی و إن کان ظاهرا بحسب الوضع اللغوی فی غیره کما أن الظهور الخارجی الذی یستفاد من القرائن الخارجیة مقدم علی الظهور العرفی الثابت للفظ المجرد من تلک القرائن ثم إن التعبد فی حکم هذه المسألة لا یخلو عن بعد فالأولی حمل الأخبار المجوزة علی ما إذا کان غرض المتکلم صرف المدفوع فی العنوان المرسوم له من غیر تعلق الغرض بخصوص فرد دون آخر و حمل الصحیحة السابقة المانعة علی ما إذا لم یعلم الأمر فقر المأمور فأمره بالدفع إلی مساکین علی وجه تکون المسکنة داعیة إلی الدفع لا موضوعا و لما لم یعلم المسکنة فی المأمور لم یحصل داع علی الرضا بوصول شی ء من المال إلیه ثم علی تقدیر المعارضة فالواجب الرجوع إلی ظاهر اللفظ لأن الشک بعد تکافؤ الأخبار فی الصارف الشرعی عن الظهور العرفی و لو لم یکن للفظ ظهور فالواجب بعد التکافؤ الرجوع إلی المنع إذ لا یجوز التصرف فی مال الغیر إلا بإذن من المالک أو الشارع.

مسألة احتکار الطعام
اشارة

و هو کما فی الصحاح و عن المصباح جمع الطعام و حبسه یتربص به الغلاء لا خلاف فی مرجوحیته. و قد اختلف فی حرمته فعن المبسوط و المقنعة و الحلبی فی کتاب المکاسب و الشرائع و المختلف الکراهة و عن کتب الصدوق و الاستبصار و السرائر و القاضی و التذکرة و التحریر و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد و الروضة التحریم. و عن التنقیح و المیسیة تقویته.

و هو الأقوی بشرط عدم باذل الکفایة لصحیحة سالم الحناط قال: قال لی أبو عبد الله ع ما عملک قلت حناط و ربما قدمت علی نفاق و ربما قدمت علی کساد فحبست قال فما یقول من قبلک فیه قلت یقولون محتکر فقال یبیعه أحد غیرک قلت ما أبیع أنا من ألف جزء جزء قال لا بأس إنما کان ذلک رجل من قریش یقال له حکیم بن حزام و کان إذا دخل الطعام المدینة اشتراه کله فمر علیه النبی ص فقال له یا حکیم بن حزام إیاک أن تحتکر فإن الظاهر منها أن علیه عدم البأس وجود الباذل فلولاه حرم. و صحیحة الحلبی عن أبی عبد الله ع: أنه سئل عن الحکرة فقال إنما الحکرة أن تشتری طعاما و لیس فی المصر غیره فتحتکره فإن کان فی المصر طعام أو متاع یباع غیره فلا بأس أن تلتمس بسلعتک الفضل و زاد فی الصحیحة المحکیة عن الکافی و التهذیب قال: و سألته عن الزیت فقال إن کان عند غیرک فلا بأس بإمساکه و عن أمیر المؤمنین ع فی نهج البلاغة: فی کتابه إلی مالک الأشتر فامنع من الاحتکار فإن رسول الله ص منع منه و لیکن البیع بیعا سمحا بموازین عدل و أسعار لا نجحف بالفریقین من البائع و المبتاع فمن قارف حکرة بعد نهیک إیاه فنکل به و عاقبة فی غیر إسراف و صحیحة الحلبی قال: سألته عن الرجل یحتکر الطعام و یتربص به هل یصلح ذلک قال إن کان الطعام کثیرا یسع الناس فلا بأس به و إن کان الطعام قلیلا لا یسع الناس فإنه یکره أن یحتکر الطعام و یترک الناس لیس لهم طعام فإن الکراهة فی کلامهم ع و إن کانت تستعمل فی المکروه و الحرام إلا أن فی تقییدها بصورة عدم باذل غیره مع ما دل علی کراهة الاحتکار مطلقا قرینة علی إرادة التحریم و حملها علی تأکد الکراهة أیضا مخالف لظاهر یکره کما لا یخفی. و إن شئت قلت إن المراد بالبأس فی الشرطیة الأولی التحریم لأن الکراهة ثابتة فی هذه الصورة أیضا فالشرطیة الثانیة کالمفهوم لها و یؤید التحریم ما عن المجالس بسنده عن أبی مریم الأنصاری عن أبی جعفر ع قال قال رسول الله ص: أیما رجل اشتری طعاما فحبسه أربعین صباحا یرید به غلاء للمسلمین ثم باعه فتصدق بثمنه لم یکن کفارة لما صنع و فی السند بعض بنی فضال و الظاهر أن الروایة مأخوذة من کتبهم التی قال العسکری ع عند سؤاله عنها: خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا ففیه دلیل علی اعتبار ما فی کتبهم فیستغنی بذلک عن ملاحظة من قبلهم فی السند. و قد ذکرنا أن هذا الحدیث أولی بالدلالة علی عدم وجوب الفحص عما قبل هؤلاء من الإجماع الذی ادعاه الکشی علی تصحیح ما یصح عن جماعة. و یؤیده أیضا ما عن الشیخ الجلیل الشیخ ورام أنه أرسل عن النبی ص عن جبرائیل ع قال: اطلعت فی النار فرأیت وادیا فی جهنم یغلی فقلت یا مالک لمن هذا فقال لثلاثة المحتکرین و المدمنین الخمر و القوادین. و مما یؤید التحریم ما دل علی وجوب البیع علیه فإن إلزامه بذلک ظاهر فی کون الحبس محرما إذ الإلزام علی ترک المکروه خلاف الظاهر و خلاف قاعدة سلطنة الناس مسلطون علی أموالهم-

ثم إن کشف الإبهام عن أطراف المسألة إنما یتم ببیان أمور
الأول فی مورد الاحتکار

فإن ظاهر التفسیر المتقدم عن أهل اللغة و بعض الأخبار المتقدمة اختصاصه بالطعام. و فی روایة غیاث بن إبراهیم: لیس الحکرة إلا فی الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و السمن.

و عن الفقیه زیادة الزیت. و قد تقدم فی بعض الأخبار المتقدمة دخول الزیت أیضا. و فی المحکی عن قرب الإسناد بروایة أبی البختری عن علی ع قال: لیس الحکرة إلا فی الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و السمن و عن الخصال فی روایة السکونی عن جعفر بن محمد عن آبائه ع عن النبی ص قال: الحکرة فی ستة أشیاء فی الحنطة و الشعیر و التمر و الزیت و السمن و الزبیب ثم إن ثبوته فی الغلات الأربع بزیادة السمن لا خلاف فیه ظاهرا. و عن کشف الرموز و ظاهر السرائر دعوی الاتفاق علیه و عن مجمع الفائدة نفی الخلاف فیه و أما الزیت فقد تقدم فی غیر واحد من الأخبار. و لذا اختاره الصدوق و العلامة فی التحریر حیث ذکر أن به روایة حسنة و الشهیدان و المحقق الثانی. و عن الإیضاح أن علیه الفتوی و أما الملح فقد ألحقه بها فی المبسوط و الوسیلة و التذکرة و نهایة الأحکام و الدروس و المسالک و لعله لفحوی التعلیل الوارد فی بعض الأخبار من حاجة الناس إلیه.

الثانی [ما هو حد الاحتکار]

روی السکونی عن أبی عبد الله ع: أن الحکرة فی الخصب أربعون یوما و فی الغلاء و الشدة ثلاثة أیام فما زاد علی الأربعین یوما فی الخصب فصاحبه ملعون و ما زاد علی ثلاثة أیام فی العسرة فصاحبه ملعون و یؤیدها ظاهر روایة المجالس المتقدمة.

المکاسب، ج 2، ص 213

و حکی عن الشیخ و محکی القاضی و الوسیلة العمل بها. و فی الدروس أن الأظهر تحریمه مع حاجة الناس و مظنتها الزیادة علی ثلاثة أیام فی الغلاء و أربعین فی الرخص للروایة انتهی. و أما تحدیده بحاجة الناس فهو حسن کما عن المقنعة و غیرها و یظهر من الأخبار المتقدمة. و أما ما ذکره من حمل روایة السکونی عن بیان مظنة الحاجة فهو جید و منه یظهر عدم دلالتها علی التحدید بالعددین تعبدا.

الثالث [عدم حصر الاحتکار فی شراء الطعام بل مطلق جمعه و حبسه

مقتضی ما فی صحیحة الحلبی المتقدمة فی بادئ النظر حصر الاحتکار فی شراء الطعام لکن الأقوی التعمیم بقرینة تفریع قوله ع فإن کان فی المصر طعام و یؤید ذلک ما تقدم من تفسیر الاحتکار فی کلام أهل اللغة بمطلق جمع الطعام و حبسه سواء أ کان بالاشتراء أم بالزرع أو الحصاد أو الإحراز إلا أن یراد جمعه فی ملکه و یؤید التعمیم تعلیل الحکم فی بعض الأخبار بأن یترک الناس لیس لهم طعام و علیه فلا فرق بین أن یکون ذلک من زرعه أو من میراث أو یکون موهوبا له أو کان قد اشتراه لحاجة فانقضت الحاجة و بقی الطعام لا یحتاج إلیه المالک فحسبه متربصا للغلاء.

الرابع أقسام حبس الطعام

کثیرة لأن الشخص إما أن یکون قد حصل الطعام لحبسه أو لغرض آخر أو حصل له من دون تحصیل له و الحبس إما أن یراد منه نفس تقلیل الطعام إضرارا بالناس فی أنفسهم أو یرید به الغلاء و هو إضرارهم من حیث المال أو یرید به عدم الخسارة من رأس ماله و إن حصل ذلک لغلاء عارضی لا یتضرر به أهل البلد کما قد یتفق ورود عسکر أو زوار فی البلاد و توقفهم یومین أو ثلاثة أیام فتحدث للطعام عزة لا تضر بأکثر أهل البلد و قد یرید بالحبس لغرض آخر المستلزم للغلاء غرضا آخر هذا کله مع حصول الغلاء بحبسه و قد یحبس انتظارا لأیام الغلاء من دون حصول الغلاء بحبسه بل لقلة الطعام فی آخر السنة أو لورود عسکر أو زوار ینفد الطعام ثم حبسه لانتظار أیام الغلاء قد یکون للبیع بأزید من قیمة الحال و قد یکون لحب إعانة المضطرین و لو بالبیع علیهم و الإرفاق بهم ثم حاجة الناس قد تکون لأکلهم و قد تکون للبذر أو لعلف الدواب أو للاسترباح بالثمن. و علیک باستخراج هذه الأقسام و تمییز المباح و المکروه و المستحب من الحرام.

الخامس الظاهر عدم الخلاف کما قیل فی إجبار المحتکر علی البیع

حتی علی القول بالکراهة بل عن المهذب البارع الإجماع علیه.

و عن التنقیح کما فی الحدائق عدم الخلاف فیه و هو الدلیل المخرج عن قاعدة عدم جواز الإجبار لغیر الواجب و لذا ذکرنا أن ظاهر أدلة الإجبار تدل علی التحریم لأن إلزام غیر اللازم خلاف القاعدة. نعم لا یسعر علیه إجماعا کما عن السرائر و زاد وجود الأخبار المتواترة و عن المبسوط عدم الخلاف فیه لکن عن المقنعة أنه یسعر علیه بما یراه الحاکم و عن جماعة منهم العلامة و ولده و الشهید أنه یسعر علیه إن أجحف بالثمن لنفی الضرر و عن المیسی و الشهید الثانی أنه یؤمر بالنزول من دون تسعیر جمعا بین النهی عن التسعیر و الجبر بنفی الإضرار.

خاتمة و من أهم آداب التجارة الإجمال فی الطلب و الاقتصاد فیه.

ففی مرسلة ابن فضال عن رجل عن أبی عبد الله ع: لیکن طلبک للمعیشة فوق کسب المضیع و دون طلب الحریص الراضی بدنیاه المطمئن إلیها و لکن أنزل نفسک من ذلک منزلة المنصف المتعفف ترفع نفسک عن منزلة الواهن الضعیف و تکسب ما لا بد للمؤمن منه إن الذین أعطوا المال ثم لم یشکروا لا مال لهم و فی صحیحة الثمالی عن أبی جعفر ع قال قال رسول الله ص فی حجة الوداع: ألا أن الروح الأمین نفث فی روعی أنه لا تموت نفس حتی تستکمل رزقها فاتقوا الله عز و جل و أجملوا فی الطلب و لا یحملنکم استبطاء شی ء من الرزق أن تطلبوه بشی ء من معصیة الله فإن الله تبارک و تعالی قسم الأرزاق بین خلقه حلالا و لم یقسمها حراما فمن اتقی الله عز و جل و صبر آتاه الله برزقه من حله و من هتک حجاب الستر و عجل فأخذه من غیر حله قص به من رزقه الحلال و حوسب علیه یوم القیامة. و عن أبی عبد الله ع قال کان أمیر المؤمنین ع کثیرا ما یقول: اعلموا علما یقینا أن الله عز و جل لم یجعل للعبد و إن اشتد جهده و عظمت حیلته و کثرت مکابدته أن یسبق ما سمی له فی الذکر الحکیم و لم یحل من العبد فی ضعفه و قلة حیلته أن یبلغ ما سمی له فی الذکر الحکیم أیها الناس إنه لن یزداد امرأ نقیرا بحذقه و لم ینتقص امرأ نقیرا لحمقه فالعالم لهذا العامل به أعظم الناس راحة فی منفعته و العالم لهذا التارک له أعظم الناس شغلا فی مضرته و رب منعم علیه مستدرج بالإحسان إلیه و رب مغرور فی الناس مصنوع له فأفق أیها الساعی من سعیک و قصر من عجلتک و انتبه من سنة غفلتک و تفکر فیما جاء عن الله عز و جل علی لسان نبیه ص و عن عبد الله بن سلیمان قال سمعت أبا عبد الله ع یقول: إن الله عز و جل وسع فی أرزاق الحمقی لیعتبر العقلاء و یعلموا أن الدنیا لیس ینال ما فیها بعمل و لا حیلة و فی مرفوعة سهل بن زیاد أنه قال قال أمیر المؤمنین ع: کم من متعب نفسه مقتر علیه و مقتصد فی الطلب قد ساعدته المقادیر و فی روایة علی بن عبد العزیز قال: قال لی أبو عبد الله ع ما فعل عمر بن مسلم قلت جعلت فداک أقبل علی العبادة و ترک التجارة فقال ویحه أ ما علم أن تارک الطلب لا یستجاب له إن قوما من أصحاب رسول الله ص لما نزلت وَ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ یَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لا یَحْتَسِبُ أغلقوا الأبواب و أقبلوا علی العبادة و قالوا قد کفینا فبلغ ذلک النبی ص فأرسل إلیهم فقال ما حملکم علی ما صنعتم قالوا یا رسول الله تکفل لنا بأرزاقنا فأقبلنا علی العبادة فقال إنه من فعل ذلک لم یستجب له علیکم بالطلب و قد تقدم فی روایة أنه: لیس منا من ترک آخرته لدنیاه و لا من ترک دنیاه لآخرته.

و تقدم أیضا حدیث داود علی نبینا و آله و علیه السلام و علی جمیع أنبیائه الصلاة و السلام. بعد الحمد لله الملک العلام علی ما أنعم علینا بالنعم الجسام التی من أعظمها الاشتغال بمطالعة و کتابة کلمات أولیائه الکرام التی هی مصابیح الظلام للخاص و العام

المکاسب، ج 3، ص 214

الجزء الثالث

الخیارات

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی محمد و آله الطاهرین و لعنة الله علی أعدائهم أجمعین. القول فی الخیار و أقسامه و أحکامه

مقدمتان
الأولی [فی معنی الخیار لغة و اصطلاحا]

الخیار لغة اسم مصدر من الاختیار- غلب فی کلمات جماعة من المتأخرین فی ملک فسخ العقد علی ما فسره به فی موضع من الإیضاح- فیدخل ملک الفسخ فی العقود الجائزة و فی عقد الفضولی و ملک الوارث رد العقد علی ما زاد علی الثلث و ملک العمة و الخالة لفسخ العقد علی بنت الأخ و الأخت و ملک الأمة المزوجة من عبد فسخ العقد إذا أعتقت و ملک کل من الزوجین للفسخ بالعیوب- و لعل التعبیر بالملک للتنبیه علی أن الخیار من الحقوق لا من الأحکام فیخرج ما کان من قبیل الإجازة و الرد لعقد الفضولی و التسلط علی فسخ العقود الجائزة فإن ذلک من الأحکام الشرعیة لا من الحقوق و لذا لا تورث و لا تسقط بالإسقاط و قد یعرف بأنه ملک إقرار العقد و إزالته و یمکن الخدشة فیه بأنه إن أرید من إقرار العقد إبقاؤه علی حاله بترک الفسخ فذکره مستدرک لأن القدرة علی الفسخ عین القدرة علی ترکه إذ القدرة لا تتعلق بأحد الطرفین و إن أرید منه إلزام العقد و جعله غیر قابل لأن یفسخ. ففیه أن مرجعه إلی إسقاط حق الخیار فلا یؤخذ فی تعریف نفس الخیار مع أن ظاهر الإلزام فی مقابل الفسخ جعله لازما مطلقا فینتقض بالخیار المشترک فإن لکل منهما إلزامه من طرفه لا مطلقا ثم إن ما ذکرناه من معنی الخیار- هو المتبادر منه عرفا عند الإطلاق فی کلمات المتأخرین و إلا فإطلاقه فی الأخبار و کلمات الأصحاب علی سلطنة الإجازة و الرد لعقد الفضولی و سلطنة الرجوع فی الهبة و غیرهما من أفراد السلطنة شائع.

الثانیة [الأصل فی البیع اللزوم]
اشارة

ذکر غیر واحد تبعا للعلامة فی کتبه- أن الأصل فی البیع اللزوم. قال فی التذکرة الأصل فی البیع اللزوم لأن الشارع وضعه مفیدا لنقل الملک و الأصل الاستصحاب و الغرض تمکن کل من المتعاقدین من التصرف فیما صار إلیه و إنما یتم باللزوم لیأمن من نقض صاحبه علیه انتهی.

أقول المستفاد من کلمات جماعة أن الأصل هنا قابل لإرادة معان
الأول الراجح

احتمله فی جامع المقاصد- مستندا فی تصحیحه إلی الغلبة. و فیه أنه إن أراد غلبة الأفراد فغالبها ینعقد جائزا لأجل خیار المجلس أو الحیوان أو الشرط- و إن أراد غلبة الأزمان فهی لا تنفع فی الأفراد المشکوکة- مع أنه لا یناسب ما فی القواعد من قوله و إنما یخرج من الأصل لأمرین ثبوت خیار أو ظهور عیب.

الثانی القاعدة المستفادة من العمومات

التی یجب الرجوع إلیها عند الشک فی الأفراد أو بعض الأحوال و هذا حسن لکن لا یناسب ما ذکره فی التذکرة فی توجیه الأصل- .

الثالث الاستصحاب

و مرجعه إلی أصالة عدم ارتفاع أثر العقد بمجرد فسخ أحدهما و هذا حسن.

الرابع المعنی اللغوی

بمعنی أن وضع البیع و بناءه عرفا و شرعا علی اللزوم و صیرورة المالک الأول کالأجنبی و إنما جعل الخیار فیه حقا خارجیا لأحدهما أو لهما یسقط بالإسقاط و بغیره و لیس البیع کالهبة التی حکم الشارع فیها بجواز رجوع الواهب بمعنی کونه حکما شرعیا له أصلا و بالذات بحیث لا یقبل الإسقاط و من هنا ظهر أن ثبوت خیار المجلس فی أول أزمنة انعقاد البیع لا ینافی کونه فی حد ذاته مبنیا علی اللزوم لأن الخیار حق خارجی قابل للانفکاک. نعم لو کان فی أول انعقاده محکوما شرعا بجواز الرجوع بحیث یکون حکما فیه لاحقا مجعولا قابلا للسقوط کان منافیا لبنائه علی اللزوم فالأصل هنا کما قیل نظیر قولهم إن الأصل فی الجسم الاستدارة فإنه لا ینافی کون أکثر الأجسام علی غیر الاستدارة لأجل القاسر الخارجی و مما ذکرنا ظهر وجه النظر فی کلام صاحب الوافیة حیث أنکر هذا الأصل لأجل خیار المجلس إلا أن یرید أن الأصل بعد ثبوت خیار المجلس بقاء عدم اللزوم و سیأتی ما فیه

بقی الکلام فی معنی قول العلامة فی القواعد و التذکرة إنه لا یخرج من هذا الأصل إلا بأمرین ثبوت خیار أو ظهور عیب فإن ظاهره أن ظهور العیب سبب لتزلزل البیع فی مقابل الخیار مع أنه من أسباب الخیار و توجیهه بعطف الخاص علی العام کما فی جامع المقاصد غیر ظاهر إذ لم یعطف العیب علی أسباب الخیار بل عطف علی نفسه و هو مباین له لا أعم. نعم قد یساعد علیه ما فی التذکرة من قوله و إنما یجزع عن الأصل بأمرین أحدهما ثبوت الخیار لهما أو لأحدهما من غیر نقص فی أحد العوضین بل للتروی خاصة. و الثانی ظهور عیب فی أحد العوضین انتهی. و حاصل التوجیه علی هذا أن الخروج عن اللزوم لا یکون إلا بتزلزل

المکاسب، ج 3، ص 215

العقد لأجل الخیار و المراد بالخیار فی المعطوف علیه ما کان ثابتا بأصل الشرع أو بجعل المتعاقدین لا لاقتضاء نقص فی أحد العوضین و بظهور العیب ما کان الخیار لنقص أحد العوضین لکنه مع عدم تمامه تکلف فی عبارة القواعد مع أنه فی التذکرة ذکر فی الأمر الأول الذی هو الخیار فصولا سبعة بعدد أسباب الخیار و جعل السابع منها خیار العیب و تکلم فیه کثیرا و مقتضی التوجیه أن یتکلم فی الأمر الأول فیما عدا خیار العیب و یمکن توجیه ذلک بأن العیب سبب مستقل لتزلزل العقد فی مقابل الخیار فإن نفس ثبوت الأرش بمقتضی العیب و إن لم یثبت خیار الفسخ موجب لاسترداد جزء من الثمن فالعقد بالنسبة إلی جزء من الثمن متزلزل قابل لإبقائه فی ملک البائع و إخراجه عنه و یکفی فی تزلزل العقد ملک إخراج جزء مما ملکه البائع بالعقد عن ملکه. و إن شئت قلت إن مرجع ذلک إلی ملک فسخ العقد الواقع علی مجموع العوضین من حیث المجموع و نقض مقتضاه من تملک کل من مجموع العوضین فی مقابل الآخر لکنه مبنی علی کون الأرش جزء حقیقیا من الثمن کما عن بعض العامة لیتحقق انفساخ العقد بالنسبة إلیه عند استرداده.

و قد صرح العلامة فی کتبه بأنه لا یعتبر فی الأرش کونه جزء من الثمن بل له إبداله لأن الأرش غرامة و حینئذ فثبوت الأرش لا یوجب تزلزلا فی العقد ثم إن الأصل بالمعنی الرابع إنما ینفع مع الشک فی ثبوت خیار فی خصوص البیع لأن الخیار حق خارجی یحتاج ثبوته إلی الدلیل أما لو شک فی عقد آخر من حیث اللزوم و الجواز فلا یقتضی ذلک الأصل لزومه لأن مرجع الشک حینئذ إلی الشک فی الحکم الشرعی. و أما الأصل بالمعنی الأول فقد عرفت عدم تمامیته و أما بمعنی الاستصحاب فیجری فی البیع و غیره إذا شک فی لزومه و جوازه و أما بمعنی القاعدة فیجری فی البیع و غیره لأن أکثر العمومات الدالة علی هذا المطلب یعم غیر البیع

[الأدلة علی أصالة اللزوم]
اشارة

و قد أشرنا فی مسألة المعاطاة إلیها و نذکرها هنا تسهیلا علی الطالب-

فمنها قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

دل علی وجوب الوفاء بکل عقد و المراد بالعقد مطلق العهد کما فسر به فی صحیحة ابن سنان المرویة فی تفسیر علی بن إبراهیم أو ما یسمی عقدا لغة و عرفا. و المراد بوجوب الوفاء العمل بما اقتضاه العقد فی نفسه- بحسب الدلالة اللفظیة نظیر الوفاء بالنذر فإذا دل العقد مثلا علی تملیک العاقد ماله من غیره وجب العمل بما یقتضیه التملیک من ترتیب آثار ملکیة ذلک الغیر له فأخذه من یده بغیر رضاه و التصرف فیه کذلک نقض لمقتضی ذلک العهد فهو حرام فإذا حرم بإطلاق الآیة جمیع ما یکون نقضا لمضمون العقد و منها التصرفات الواقعة بعد فسخ المتصرف من دون رضاء صاحبه کان هذا لازما مساویا للزوم العقد و عدم انفساخه بمجرد فسخ أحدهما فیستدل بالحکم التکلیفی علی الحکم الوضعی أعنی فساد الفسخ من أحدهما بغیر رضا الآخر و هو معنی اللزوم بل قد حقق فی الأصول أن لا معنی للحکم الوضعی إلا ما انتزع من الحکم التکلیفی. و مما ذکرنا ظهر ضعف ما قیل من أن معنی وجوب الوفاء بالعقد العمل بما یقتضیه من لزوم و جواز فلا یتم الاستدلال به علی اللزوم. توضیح الضعف أن اللزوم و الجواز من الأحکام الشرعیة للعقد و لیسا من مقتضیات العقد فی نفسه مع قطع النظر عن حکم الشارع. نعم هذا المعنی أعنی وجوب الوفاء بما یقتضیه العقد فی نفسه یصیر بدلالة الآیة حکما شرعیا للعقد مساویا للزوم و أضعف من ذلک ما نشأ من عدم التفطن لوجه دلالة الآیة علی اللزوم مع الاعتراف بأصل الدلالة لمتابعة المشهور و هو أن المفهوم من الآیة عرفا حکمان تکلیفی و وضعی و قد عرفت أن لیس المستفاد منها إلا حکم واحد تکلیفی یستلزم حکما وضعیا

[الاستدلال بآیة أحل الله البیع]

و من ذلک یظهر لک الوجه فی دلالة قوله تعالی أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیْعَ علی اللزوم فإن حلیة البیع التی لا یراد منها إلا حلیة جمیع التصرفات المترتب علیه التی منها ما یقع بعد فسخ أحد المتبایعین بغیر رضاء الآخر مستلزمة لعدم تأثیر ذلک الفسخ و کونه لغوا غیر مؤثر

[الاستدلال بآیة تجارة عن تراض]

و منه یظهر وجه الاستدلال علی اللزوم بإطلاق حلیة أکل المال بالتجارة عن تراض فإنه یدل علی أن التجارة سبب لحلیة التصرف بقول مطلق حتی بعد فسخ أحدهما من دون رضاء الآخر فدلالة الآیات الثلاث علی أصالة اللزوم علی نهج واحد لکن یمکن أن یقال- إنه إذا کان المفروض الشک فی تأثیر الفسخ فی رفع الآثار الثابتة بإطلاق الآیتین الأخیرتین لم یمکن التمسک فی رفعه إلا بالاستصحاب و لا ینفع الإطلاق.

و منها قوله تعالی وَ لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ

دل علی حرمة الأکل بکل وجه یسمی باطلا عرفا و موارد ترخیص الشارع لیس من الباطل فإن أکل المارة من ثمرة الأشجار التی تمر بها باطل لو لا إذن الشارع الکاشف عن عدم بطلانه و کذلک الأخذ بالشفعة و الخیار فإن رخصة الشارع فی الأخذ بهما یکشف عن ثبوت حق لذوی الخیار و الشفعة و ما نحن فیه من هذا القبیل فإن أخذ مال الغیر و تملکه من دون إذن صاحبه باطل عرفا. نعم لو دل الشارع علی جوازه کما فی العقود الجائزة بالذات أو بالعارض کشف ذلک عن حق للفاسخ متعلق بالعین. و مما ذکرنا یظهر وجه الاستدلال بقوله ص: لا یحل مال امرئ مسلم إلا عن طیب نفسه.

و منها قوله: الناس مسلطون علی أموالهم

فإن مقتضی السلطنة التی أمضاها الشارع أن لا یجوز أخذه من یده و تملکه علیه من دون رضاه و لذا استدل المحقق فی الشرائع علی عدم جواز رجوع المقرض فیما أقرضه بأن فائدة الملک التسلط و نحوه العلامة فی بعض کتبه و الحاصل أن جواز العقد الراجع إلی تسلط الفاسخ علی تملک ما انتقل عنه و صار مالا لغیره و أخذه منه بغیر رضاه مناف لهذا العموم

و منها قوله: المؤمنون عند شروطهم

و قد استدل به علی اللزوم غیر واحد منهم المحقق الأردبیلی قدس سره بناء علی أن الشرط مطلق الإلزام و الالتزام و لو ابتدأ من غیر ربط بعقد آخر فإن العقد علی هذا شرط فیجب الوقوف عنده و یحرم التعدی عنه فیدل علی اللزوم بالتقریب المتقدم فی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لکن لا یبعد منع صدق الشرط فی الالتزامات الابتدائیة بل المتبادر عرفا

المکاسب، ج 3، ص 216

هو الإلزام التابع- کما یشهد به موارد استعمال هذا اللفظ حتی فی مثل قوله فی دعاء التوبة: و لک یا رب شرطی ألا أعود فی مکروهک و عهدی أن أهجر جمیع معاصیک و قوله فی أول دعاء الندبة: بعد أن شرطت علیهم الزهد فی درجات هذه الدنیا کما لا یخفی علی من تأملها مع أن کلام بعض أهل اللغة علی ما ادعینا من الاختصاص ففی القاموس الشرط إلزام الشی ء و التزامه فی البیع و نحوه

و منها الأخبار المستفیضة فی أن البیعین بالخیار ما لم یفترقا

و أنه إذا افترقا وجب البیع و أنه لا خیار لهما بعد الرضا

فهذه جملة من العمومات- الدالة علی لزوم البیع عموما أو خصوصا

[مقتضی الاستصحاب أیضا اللزوم]

و قد عرفت أن ذلک مقتضی الاستصحاب أیضا و ربما یقال إن مقتضی الاستصحاب- عدم انقطاع علاقة المالک عن العین فإن الظاهر من کلماتهم عدم انقطاع علاقة المالک عن العین التی له فیها الرجوع و هذا الاستصحاب حاکم علی الاستصحاب المتقدم المقتضی اللزوم و رد بأنه إن أرید بقاء علاقة الملک أو علاقة یتفرع علی الملک فلا ریب فی زوالها بزوال الملک و إن أرید بها سلطنة إعادة العین فی ملکه فهذه علاقة یستحیل اجتماعها مع الملک و إنما تحدث بعد زوال الملک لدلالة دلیل فإذا فقد الدلیل فالأصل عدمها و إن أرید بها العلاقة التی کانت فی مجلس البیع فإنها تستصحب عند الشک فیصیر الأصل فی البیع بقاء الخیار کما یقال الأصل فی الهبة بقاء جوازها بعد التصرف فی مقابل من جعلها لازمة بالتصرف ففیه مع عدم جریانه فیما لا خیار فیه فی المجلس بل مطلقا بناء علی أن الواجب هنا الرجوع فی زمان الشک إلی عموم أوفوا بالعقود لا الاستصحاب أنه لا یجدی بعد تواتر الأخبار بانقطاع الخیار مع الافتراق فیبقی ذلک الاستصحاب سلیما عن الحاکم فتأمل

[ظاهر المختلف أن الأصل عدم اللزوم و المناقشة فیه]

ثم إنه یظهر من المختلف فی مسألة أن المسابقة لازمة أو جائزة أن الأصل عدم اللزوم و لم یرده من تأخر عنه إلا بعموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و لم یکن وجه صحیح لتقریر هذا الأصل. نعم هو حسن فی خصوص المسابقة و شبهه مما لا یتضمن تملیکا أو تسلیطا لیکون الأصل بقاء ذلک الأثر و عدم زواله بدون رضا الطرفین

[إذا شک فی عقد أنه من مصادیق العقد اللازم أو الجائز]

ثم إن ما ذکرنا من العمومات المثبتة لأصالة اللزوم- إنما هو فی الشک فی حکم الشارع باللزوم و یجری أیضا فیما إذا شک فی عقد خارجی أنه من مصادیق العقد اللازم أو الجائز بناء علی أن المرجع فی الفرد المردد بین عنوانی العام و المخصص إلی العموم و أما بناء علی خلاف ذلک فالواجب الرجوع عند الشک فی اللزوم إلی الأصل بمعنی استصحاب الأثر و عدم زواله بمجرد فسخ أحد المتعاقدین إلا أن یکون هنا أصل موضوعی یثبت العقد الجائز کما إذا شک فی أن الواقع هبة أو صدقة فإن الأصل عدم قصد القربة فیحکم بالهبة الجائزة لکن الاستصحاب المذکور إنما ینفع فی إثبات صفة اللزوم و أما تعیین العقد اللازم حتی یترتب علیه سائر آثار العقد اللازم کما إذا أرید تعیین البیع عند الشک فیه و فی الهبة فلا بل یرجع فی أثر کل عقد إلی ما یقتضیه الأصل بالنسبة إلیه فإذا شک فی اشتغال الذمة بالعوض حکم بالبراءة التی هی من آثار الهبة و إذا شک فی الضمان مع فساد العقد حکم بالضمان لعموم علی الید إن کان هو المستند فی الضمان بالعقود الفاسدة و إن کان المستند دخوله فی ضمان العین أو قلنا بأن خروج الهبة من ذلک العموم مانع عن الرجوع إلیه فیما احتمل کونه مصداقا لها کان الأصل البراءة أیضا

القول فی أقسام الخیار
اشارة

و هی کثیرة إلا أن أکثرها متفرقة و المجتمع منها فی کل کتاب سبعة و قد أنهاها بعضهم إلی أزید من ذلک- حتی أن المذکور فی اللمعة مجتمعا أربعة عشر مع عدم ذکره لبعضها و نحن نقتفی أثر المقتصر علی السبعة کالمحقق و العلامة قدس سرهما لأن ما عداها لا یستحق عنوانا مستقلا إذ لیس له أحکام مغایر لسائر أنواع الخیار فنقول و بالله التوفیق

الأول فی خیار المجلس
اشارة

فالمراد بالمجلس مطلق مکان المتبایعین حین البیع- و إنما عبر بفرده الغالب و إضافة الخیار إلیه لاختصاصه و ارتفاعه بانقضائه الذی هو الافتراق و لا خلاف بین الإمامیة فی ثبوت هذه الخیار و النصوص به مستفیضة- و الموثق الحاکی لقول علی ع: إذا صفق الرجل علی البیع فقد وجب مطروح أو مؤول و لا فرق بین أقسام البیع و أنواع المبیع. نعم سیجی ء استثناء بعض أشخاص المبیع کالمنعتق علی المشتری و تنقیح مباحث هذا الخیار و مسقطاته یحصل برسم مسائل

مسألة لا إشکال فی ثبوته للمتبائعین إذا کانا أصیلین و لا فی ثبوته للوکیلین فی الجملة
اشارة

و هل یثبت لهما مطلقا خلاف قال فی التذکرة لو اشتری الوکیل أو باع أو تعاقد الوکیلان تعلق الخیار بهما و بالموکلین مع حضورهما فی المجلس و إلا فبالوکیلین فلو مات الوکیل فی المجلس و الموکل غائب انتقل الخیار إلیه لأن ملکه أقوی من ملک الوارث و للشافعیة قولان أحدهما أنه یتعلق بالموکل و الآخر أنه یتعلق بالوکیل انتهی.

[أقسام الوکیل]
[أن یکون وکیلا فی مجرد إجراء العقد]

أقول و الأولی أن یقال- إن الوکیل إن کان وکیلا فی مجرد إجراء العقد فالظاهر عدم ثبوت الخیار لهما- وفاقا لجماعة منهم المحقق و الشهید الثانیان لأن المتبادر من النص غیرهما و إن عممناه لبعض أفراد الوکیل و لم نقل بما قیل تبعا لجامع المقاصد بانصرافه بحکم الغلبة إلی خصوص العاقد المالک مضافا إلی أن مفاد أدلة الخیار إثبات حق و سلطنة لکل من المتعاقدین علی ما انتقل إلی الآخر بعد الفراغ عن تسلطه علی ما انتقل إلیه فلا یثبت بها هذا التسلط لو لم یکن مفروغا عنه فی الخارج أ لا تری أنه لو شک المشتری فی کون المبیع ممن ینعتق علیه لقرابة أو یجب صرفه لنفقة أو إعتاقه لنذر فلا یمکن الحکم بعدم وجوبه لأدلة الخیار بزعم إثباتها للخیار المستلزم لجواز رده علی البائع و عدم وجوب عتقه هذا مضافا إلی ملاحظة بعض أخبار هذا الخیار المقرون فیه بینه و بین خیار الحیوان الذی لا یرضی الفقیه بالتزام ثبوته للوکیل فی إجراء

المکاسب، ج 3، ص 217

الصیغة فإن المقام و إن لم یکن من تعارض المطلق و المقید إلا أن سیاق الجمیع یشهد باتحاد. المراد من لفظ المتبایعین مع أن ملاحظة حکمة الخیار بتعدی ثبوته للوکیل المذکور مضافا إلی أدلة سائر الخیارات فإن القول بثبوتها لموقع الصیغة لا ینبغی من الفقیه و الظاهر عدم دخوله فی إطلاق العبارة المتقدمة عن التذکرة. فإن الظاهر من قوله اشتری الوکیل أو باع تصرف الوکیل بالبیع و الشراء لا مجرد إیقاع الصیغة و من جمیع ذلک یظهر ضعف القول بثبوته للوکیلین المذکورین کما هو ظاهر الحدائق- و أضعف منه تعمیم الحکم لصورة منع الموکل من الفسخ بزعم أن الخیار حق ثبت للعاقد بمجرد إجرائه للعقد فلا یبطل بمنع الموکل و علی المختار فهل یثبت للموکلین فیه إشکال- من أن الظاهر من البیعین فی النص المتعاقدان فلا یعم الموکلین. و ذکروا أنه لو حلف علی عدم البیع لم یحنث ببیع وکیله و من أن الوکیلین فیما نحن فیه کالآلة للمالکین و نسبة الفعل إلیهما شائعة و لذا لا یتبادر من قوله باع فلان ملکه الکذائی کونه مباشرا للصیغة و عدم الحنث بمجرد التوکیل فی إجراء الصیغة ممنوع فالأقوی ثبوته لهما و لکن مع حضورهما فی مجلس العقد و المراد به مجلسهما المضاف عرفا إلی العقد فلو جلس هذا فی مکان و ذاک فی مکان آخر فاطلعا علی عقد الوکیلین فمجرد ذلک لا یوجب الخیار لهما إلا إذا صدق کون مکانیهما مجلسا لذلک العقد بحیث یکون الوکیلان کلسانی الموکلین و العبرة بافتراق الموکلین عن هذا المجلس لا بالوکیلین هذا کله إن کان وکیلا فی مجرد إیقاع العقد

[أن یکون وکیلا مستقلا فی التصرف المالی]

و إن کان وکیلا فی التصرف المالی کأکثر الوکلاء فإن کان مستقلا فی التصرف فی مال الموکل بحیث یشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها نظیر العامل فی القراض و أولیاء القاصرین فالظاهر ثبوت الخیار له لعموم النص و دعوی تبادر المالکین ممنوعة خصوصا إذا استندت إلی الغلبة- فإن معاملة الوکلاء و الأولیاء لا تحصی و هل یثبت للموکلین أیضا مع حضورهما کما تقدم عن التذکرة إشکال من تبادر المتعاقدین من النص و قد تقدم عدم حنث الحالف علی ترک البیع ببیع وکیله و من أن المستفاد من أدلة سائر الخیارات و خیار الحیوان المقرون بهذا الخیار فی بعض النصوص کون الخیار حقا لصاحب المال شرعا إرفاقا له و أن ثبوته للوکیل لکونه نائبا عنه یستلزم ثبوته للمنوب عنه إلا أن یدعی مدخلیة المباشرة للعقد فلا یثبت لغیر المباشر و لکن الوجه الأخیر لا یخلو عن قوة و حینئذ فقد یتحقق فی عقد واحد الخیار لأشخاص کثیرة- من طرف واحد أو من الطرفین فکل من سبق من أهل الطرف الواحد إلی إعماله نفذ و سقط خیار الباقین بلزوم العقد أو بانفساخه و لیس المقام من تقدیم الفاسخ علی المجیز فإن تلک المسألة فیما إذا ثبت للجانبین و هذا فرض من جانب واحد ثم علی المختار من ثبوته للموکلین فهل العبرة فیه بتفرقهما عن مجلسهما حال العقد أو عن مجلس العقد أو بتفرق المتعاقدین أو بتفرق الکل فیکفی بقاء أصیل مع وکیل آخر فی مجلس العقد وجوه أقواها الأخیر

[أن لا یکون مستقلا فی التصرف]

و إن لم یکن مستقلا فی التصرف فی مال الموکل قبل العقد و بعده بل کان وکیلا فی التصرف علی وجه المعاوضة کما إذا قال له اشتر لی عبدا و الظاهر حینئذ عدم الخیار للوکیل لا لانصراف الإطلاق إلی غیر ذلک بل لما ذکرنا فی القسم الأول من إطلاق أدلة الخیار مسوق لإفادة سلطنة کل من العاقدین علی ما نقله عند الفراغ عن تمکنه من رد ما انتقل إلیه فلا تنهض لإثبات هذا التمکن عند الشک فیه و لا لتخصیص ما دل علی سلطنة الموکل علی ما انتقل إلیه المستلزمة لعدم جواز تصرف الوکیل فیه برده إلی مالکه الأصلی و فی ثبوته للموکلین ما تقدم

[هل للموکل تفویض حق الخیار إلی الوکیل]

و الأقوی اعتبار الافتراق عن مجلس العقد کما عرفت فی سابقه ثم هل للموکل بناء علی ثبوت الخیار له تفویض الأمر إلی الوکیل بحیث یصیر ذا حق خیاری- الأقوی العدم لأن المتیقن من الدلیل ثبوت الخیار للعاقد فی صورة القول به عند العقد لا لحوقه له بعده. نعم یمکن توکیله فی الفسخ أو فی مطلق التصرف فسخا أو التزاما.

[عدم ثبوت الخیار للفضولی]

و مما ذکرنا اتضح عدم ثبوت الخیار للفضولیین و إن جعلنا الإجازة کاشفة لا لعدم صدق المتبایعین لأن البیع النقل و لا نقل هنا کما قیل لاندفاعه بأن البیع النقل العرفی و هو موجود هنا. نعم ربما کان ظاهر الأخبار حصول الملک شرعا بالبیع و هذا المعنی منتف فی الفضولی قبل الإجازة و یندفع أیضا بأن مقتضی ذلک عدم الخیار فی الصرف و السلم قبل القبض مع أن هذا المعنی لا یصح علی مذهب الشیخ- القائل بتوقف الملک علی انقضاء الخیار فالوجه فی عدم ثبوته للفضولیین فحوی ما تقدم- من عدم ثبوته للوکیلین الغیر المستقلین. نعم فی ثبوته للمالکین بعد الإجازة مع حضورهما فی مجلس العقد وجه و اعتبار مجلس الإجازة علی القول بالنقل له وجه خصوصا علی القول بأن الإجازة عقد مستأنف علی ما تقدم. توضیحه فی مسألة عقد الفضولی و یکفی حینئذ الإنشاء أصالة من أحدهما و الإجازة من الآخر إذا جمعهما مجلس عرفا. نعم یحتمل فی أصل المسألة أن یکون الإجازة من المجیز التزاما بالعقد فلا خیار بعدها خصوصا إذا کانت بلفظ التزمت فتأمل و لا فرق فی الفضولیین بین الغاصب و غیره فلو تبایع غاصبان ثم تفاسخا لم یزل العقد عن قابلیة لحوق الإجازة بخلاف ما لو رد الموجب منهما قبل قبول الآخر لاختلال صورة المعاقدة و الله العالم.

مسألة لو کان العاقد واحدا

لنفسه أو غیره عن نفسه أو غیره ولایة أو وکالة علی وجه یثبت له الخیار مع التعدد بأن کان ولیا أو وکیلا مستقلا فی التصرف فالمحکی عن ظاهر الخلاف و القاضی و المحقق و العلامة و الشهیدین و المحقق الثانی و المحقق المیسی و الصیمری و غیرهم ثبوت هذا الخیار له عن الاثنین لأنه بائع و مشتر فله ما لکل منهما کسائر أحکامها الثابتة لهما من حیث کونهما متبایعین و احتمال کون الخیار لکل منهما بشرط انفراده بإنشائه فلا یثبت مع قیام العنوانین لشخص واحد مندفع باستقرار سائر أحکام المتبایعین و جعل الغایة التفرق المستلزم للتعدد مبنی علی الغالب خلافا للمحکی فی التحریر من القول بالعدم و استقربه فخر الدین و مال إلیه المحقق الأردبیلی و الفاضل الخراسانی

المکاسب، ج 3، ص 218

و المحدث البحرانی و استظهره بعض الأفاضل ممن عاصرناهم و لا یخلو عن قوة بالنظر إلی ظاهر النص لأن الموضوع فیه صورة التعدد و الغایة فیه الافتراق المستلزم للتعدد و لولاها لأمکن استظهار کون التعدد فی الموضوع لبیان حکم کل من البائع و المشتری کسائر أحکامهما إذ لا یفرق العرف بین قوله المتبایعان کذا و قوله لکل من البائع و المشتری إلا أن التقیید بقوله حتی یفترقا ظاهر فی اختصاص الحکم بصورة إمکان فرض الغایة و لا یمکن فرض التفرق فی غیر المتعدد و منه یظهر سقوط القول بأن کلمة حتی تدخل علی الممکن و المستحیل إلا أن یدعی أن التفرق غایة مختصة بصورة التعدد لا مخصصة للحکم بها. و بالجملة فحکم المشهور بالنظر إلی ظاهر اللفظ مشکل. نعم لا یبعد بعد تنقیح المناط لکن الإشکال فیه و الأولی التوقف تبعا للتحریر و جامع المقاصد ثم لو قلنا بالخیار فالظاهر بقائه إلی أن یسقط بأحد المسقطات غیر التفرق.

مسألة قد یستثنی بعض أشخاص المبیع عن عموم ثبوت هذا الخیار
منها من ینعتق علی أحد المتبایعین

و المشهور کما قیل عدم الخیار مطلقا بل عن ظاهر المسالک أنه محل وفاق و احتمل فی الدروس ثبوت الخیار للبائع و الکلام فیه مبنی علی القول المشهور من عدم توقف الملک علی انقضاء الخیار- و إلا فلا إشکال فی ثبوت الخیار و الظاهر أنه لا إشکال فی عدم ثبوت الخیار بالنسبة إلی نفس العین لأن مقتضی الأدلة الانعتاق بمجرد الملک و الفسخ بالخیار من حینه لا من أصله و لا دلیل علی زواله بالفسخ مع قیام الدلیل علی زوال الحریة بعد تحققها إلا علی احتمال ضعفه فی التحریر فیما لو ظهر من ینعتق علیه معیبا مبنی علی تزلزل العتق و أما الخیار بالنسبة إلی أخذ القیمة فقد یقال مقتضی الجمع بین أدلة الخیار و دلیل عدم عود الحر إلی الرقیة فیفرض المعتق کالتالف فلمن انتقل إلیه أن یدفع القیمة و یسترد الثمن. و ما فی التذکرة من أنه وطن نفسه علی الغبن المالی و المقصود من الخیار أن ینظر و یتروی لدفع الغبن عن نفسه ممنوع لأن التوطین علی شرائه عالما بانعتاقه علیه لیس توطینا علی الغبن من حیث المعاملة و کذا لمن انتقل عنه أن یدفع الثمن و یأخذ القیمة و ما فی التذکرة من تغلیب جانب العتق إنما یجدی مانعا عن دفع العین لکن الإنصاف أنه لا وجه للخیار لمن انتقل إلیه لأن شراءه إتلاف له فی الحقیقة و إخراج له عن المالیة و سیجی ء سقوط الخیار بالإتلاف بل أدنی تصرف فعدم ثبوته به أولی و منه یظهر عدم ثبوت الخیار لمن انتقل عنه لأن بیعه من ینعتق علیه إقدام علی إتلافه و إخراجه عن المالیة. و الحاصل أنا إذا قلنا إن الملک فیمن ینعتق علیه تقدیری لا حقیقی- فالمعاملة علیه من المتبایعین مواطأة علی إخراجه عن المالیة و سلکه فی سلک ما لا یتمول لکنه حسن مع علمهما فتأمل. و قد یقال إن ثبوت الخیار لمن انتقل عنه مبنی علی أن الخیار و الانعتاق هل یحصلان بمجرد البیع أو بعد ثبوت الملک آنا ما أو الأول بالأول و الثانی بالثانی أو العکس فعلی الأولین و الأخیر یقوی القول بالعدم لأمضویة أخبار العتق و کون القیمة بدل العین فیمتنع استحقاقها من دون المبدل و لسبق تعلقه علی الأخیر و یحتمل قریبا الثبوت جمعا بین الحقین و دفعا للمنافاة من البین و عملا بالنصین و بالإجماع علی عدم إمکان زوال ید البائع عن العوضین و تنزیلا للفسخ منزلة الأرش مع ظهور عیب فی أحدهما و للعتق بمنزلة تلف العین و لأنهم حکموا بجواز الفسخ و الرجوع إلی القیمة فیما إذا باع بشرط العتق فظهر کونه ممن ینعتق علی المشتری أو تعیب بما یوجب ذلک و الظاهر عدم الفرق بینه و بین المقام و علی الثالث یتجه الثانی لما مر و لسبق تعلق حق الخیار و عروض العتق ثم قال و حیث کان المختار فی الخیار أنه بمجرد العقد و فی العتق أنه بعد الملک و دل ظاهر الأخبار و کلام الأصحاب علی أن أحکام العقود و الإیقاعات تتبعها بمجرد حصولها إذا لم یمنع عنها مانع من غیر فرق بین الخیار و غیره بل قد صرحوا بأن الخیار یثبت بعد العقد و أنه علة و المعلول لا یتخلف عن علته کما أن الانعتاق لا یتخلف عن الملک فالأقرب هو الأخیر کما هو ظاهر المختلف و التحریر و مال إلیه الشهید إن لم یثبت الإجماع علی خلافه و یؤیده إطلاق الأکثر و دعوی ابن زهرة الإجماع علی ثبوت خیار المجلس فی جمیع ضروب المبیع من غیر استثناء انتهی کلامه رفع مقامه أقول إن قلنا إنه یعتبر فی فسخ العقد بالخیار أو بالتقایل- خروج الملک عن ملک من انتقل عنه نظرا إلی أن خروج أحد العوضین عن ملک أحدهما یستلزم دخول الآخر فیه و لو تقدیرا لم یکن وجه للخیار فیما نحن فیه و لو قلنا بکون الخیار بمجرد العقد و الانعتاق عقیب الملک آنا ما إذ برفع العقد لا یقبل المنعتق علیه لأن یخرج من ملک المشتری إلی ملک البائع و لو تقدیرا إذ ملکیة المشتری لمن ینعتق علیه لیس علی وجه یترتب علیه سوی الانعتاق و لا یجوز تقدیره بعد الفسخ قبل الانعتاق خارجا عن ملک المشتری إلی ملک البائع ثم انعتاقه مضمونا علی المشتری کما لو فرض بیع المشتری للمبیع فی زمن الخیار ثم فسخ البائع. و الحاصل أن الفاسخ یتلقی الملک من المفسوخ علیه و هذا غیر حاصل فیما نحن فیه و إن قلنا أن الفسخ لا یقتضی أزید من رد العین إن کان موجودا و بدله إن کان تالفا أو کالتالف و لا یعتبر فی صورة

التلف إمکان تقدیر تلقی الفاسخ الملک من المفسوخ علیه و تملکه منه بل یکفی أن یکون العین المضمونة قبل الفسخ بثمنها مضمونة بعد الفسخ بقیمتها مع التلف کما یشهد به الحکم بجواز الفسخ و الرجوع إلی القیمة فیما تقدم فی مسألة البیع شرط العتق ثم ظهور المبیع منعتقا علی المشتری و حکمهم برجوع الفاسخ إلی القیمة لو وجد العین منتقلة بعقد لازم مع عدم إمکان تقدیر عود الملک قبل الانتقال الذی هو بمنزلة التلف إلی الفاسخ کان الأوفق بعمومات الخیار القول به هنا و الرجوع إلی القیمة إلا مع إقدام المتبایعین علی المعاملة مع العلم بکونه ممن ینعتق علیه فالأقوی العدم لأنهما قد تواطئا علی إخراجه عن المالیة الذی هو بمنزلة إتلافه. و بالجملة فإن الخیار حق فی العین و إنما یتعلق بالبدل بعد تعذره لا ابتداء

المکاسب، ج 3، ص 219

فإذا کان نقل العین إبطالا لمالیته و تفویتا لمحل الخیار کان کتفویت نفس الخیار باشتراط سقوطه فلم یحدث حق فی العین حتی یتعلق ببدله و قد صرح بعضهم بارتفاع خیار البائع بإتلاف المبیع و نقله إلی من ینعتق علیه کالإتلاف له من حیث المالیة فدفع الخیار به أولی و أهون من رفعه فتأمل.

و منها العبد المسلم المشتری من الکافر

بناء علی عدم تملک الکافر للمسلم اختیارا فإنه قد یقال بعدم ثبوت الخیار لأحدهما أما بالنسبة إلی العین فلفرض عدم جواز تملک الکافر للمسلم و تملیکه إیاه و أما بالنسبة إلی القیمة فلما تقدم من أن الفسخ یتوقف علی رجوع العین إلی مالکه الأصلی و لو تقدیر التکون مضمونة له بقیمته علی من انتقل إلیه و رجوع المسلم إلی الکافر غیر جائز و هذا هو المحکی عن حواشی الشهید رحمه الله حیث قال إنه یباع و لا یثبت له خیار المجلس و لا الشرط و یمکن أن یرید بذلک عدم ثبوت الخیار للکافر فقط و إن ثبت للمشتری فیوافق مقتضی کلام فخر الدین فی الإیضاح من أن البیع بالنسبة إلی الکافر استنقاذ و بالنسبة إلی المشتری کالبیع بناء منه علی عدم تملک السید الکافر له لأن الملک سبیل و إنما له حق استیفاء ثمنه منه لکن الإنصاف أنه علی هذا التقدیر لا دلیل علی ثبوت الخیار للمشتری أیضا لأن الظاهر من قوله البیعان بالخیار اختصاص الخیار بصورة تحقق البیع من الطرفین مع أنه لا معنی لتحقق العقد البیعی من طرف واحد فإن شروط البیع إن کانت موجودة تحقق من الطرفین و إلا لم یتحقق أصلا کما اعترف به بعضهم فی مسألة بیع الکافر الحربی من ینعتق علیه و الأقوی فی المسألة وفاقا لظاهر الأکثر و صریح کثیر ثبوت الخیار فی المقام و إن تردد فی القواعد بین استرداد العین أو القیمة. و ما ذکرنا من أن الرجوع بالقیمة مبنی علی إمکان تقدیر الملک فی ملک المالک الأصلی لو أغمضنا عن منعه کما تقدم فی المسألة السابقة غیر قادح هنا لأن تقدیر المسلم فی ملک الکافر بمقدار یثبت علیه بدله لیس سبیلا للکافر علی المسلم و لذا جوزنا له شراء من ینعتق علیه و قد مر بعض الکلام فی ذلک فی شروط المتعاقدین.

و منها شراء العبد نفسه

بناء علی جوازه فإن الظاهر عدم الخیار فیه و لو بالنسبة إلی القیمة لعدم شمول أدلة الخیار له و اختاره فی التذکرة و فیها أیضا أنه لو اشتری جمدا فی شدة الحر ففی الخیار إشکال و لعله من جهة احتمال اعتبار قابلیة العین للبقاء بعد العقد لیتعلق بها الخیار فلا یندفع الإشکال بما فی جامع المقاصد من أن الخیار لا یسقط بالتلف لأنه لا یسقط به إذا ثبت قبله فتأمل.

مسألة لا یثبت خیار المجلس فی شی ء من العقود سوی البیع عند علمائنا

کما فی التذکرة و عن تعلیق الإرشاد و غیرهما و عن الغنیة الإجماع علیه و صرح الشیخ فی غیر موضع من المبسوط بذلک أیضا بل عن الخلاف الإجماع علی عدم دخوله فی الوکالة و العاریة و القراض و الحوالة و الودیعة إلا أنه فی المبسوط بعد ذکر جملة من العقود التی یدخلها الخیار و التی لا یدخلها قال و أما الوکالة و الودیعة و العاریة و القراض و الجعالة فلا یمنع من دخول الخیارین فیها مانع انتهی و مراده خیار المجلس و الشرط. و حکی نحوه عن القاضی و لم یعلم معنی الخیار فی هذه العقود بل جزم فی التذکرة بأنه لا معنی للخیار فیها لأن الخیار فیها أبدا و احتمل فی الدروس أن یراد بذلک عدم جواز التصرف قبل انقضاء الخیار و لعل مراده التصرف المرخص فیه شرعا للقابل فی هذه العقود لا الموجب إذ لا معنی لتوقف جواز تصرف المالک فی هذه العقود علی انقضاء الخیار لأن أثر هذه العقود تمکن غیر المالک من التصرف فهو الذی یمکن توقفه علی انقضاء الخیار الذی جعل الشیخ قدس سره أثر البیع متوقفا علیه- لکن الإنصاف أن تتبع کلام الشیخ فی المبسوط فی هذا المقام یشهد بعدم إرادته هذا المعنی فإنه صرح فی مواضع قبل هذا الکلام و بعده باختصاص خیار المجلس بالبیع و الذی یخطر بالبال أن مراده دخول الخیارین فی هذه العقود إذا وقعت فی ضمن عقد البیع فتنفسخ بفسخه فی المجلس و هذا المعنی و إن کان بعیدا فی نفسه إلا أن ملاحظة کلام الشیخ فی المقام یقربه إلی الذهن و قد ذکر نظیر ذلک فی جریان الخیارین فی الرهن و الضمان و صرح فی السرائر بدخول الخیارین فی هذه العقود لأنها جائزة فیجوز الفسخ فی کل وقت و هو محتمل کلام الشیخ فتأمل. و کیف کان فلا إشکال فی أصل هذه المسألة.

مسألة مبدأ هذا الخیار من حین العقد

لأن ظاهر النص کون البیع علة تامة و مقتضاه کظاهر الفتاوی شمول الحکم للصرف و السلم قبل القبض و لا إشکال فیه لو قلنا بوجوب التقابض فی المجلس فی الصرف و السلم وجوبا تکلیفیا إما للزوم الربا کما صرح به فی صرف التذکرة و إما لوجوب الوفاء بالعقد و إن لم یکن بنفسه مملکا لأن ثمرة الخیار حینئذ جواز الفسخ فلا یجب التقابض أما لو قلنا بعدم وجوب التقابض و جواز ترکه إلی التفرق المبطل للعقد ففی أثر الخیار خفاء لأن المفروض بقاء سلطنة کل من المتعاقدین علی ملکه و عدم حق لأحدهما فی مال الآخر و یمکن أن یکون أثر الخیار خروج العقد بفسخ ذی الخیار عن قابلیة لحوق القبض الملک فلو فرض اشتراط سقوط الخیار فی العقد لم یخرج العقد بفسخ المشروط علیه عن قابلیة التأثیر. قال فی التذکرة لو تقابضا فی عقد الصرف ثم أجازا فی المجلس لزم العقد و إن أجازا قبل التقابض فکذلک و علیهما التقابض فإن تفرقا قبله انفسخ العقد ثم إن تفرقا عن تراض لم یحکم بعصیانهما فإن انفرد أحدهما بالمفارقة عصی انتهی و فی الدروس یثبت یعنی خیار المجلس فی الصرف تقابضا أو لا فإن التزما به قبل القبض وجب التقابض فلو هرب أحدهما عصی و انفسخ العقد و لو هرب قبل الالتزام فلا معصیة و یحتمل قویا عدم العصیان مطلقا لأن للقبض مدخلا فی اللزوم فله ترکه انتهی و صرح الشیخ أیضا فی المبسوط بثبوت التخایر فی الصرف قبل التقابض. و مما ذکرنا یظهر الوجه فی کون مبدأ الخیار للمالکین الحاضرین فی مجلس عقد الفضولیین علی القول بثبوت الخیار لهما من زمان إجازتهما علی القول بالنقل و کذا علی الکشف مع احتمال کونه من زمان العقد

القول فی مسقطات الخیار
اشارة

و هی أربعة علی ما ذکرها فی التذکرة اشتراط سقوطه فی

المکاسب، ج 3، ص 220

ضمن العقد و إسقاطه بعد العقد و التفرق و التصرف فیقع الکلام فی مسائل.

مسألة لا خلاف ظاهرا فی سقوط هذا الخیار باشتراط سقوطه فی ضمن العقد.
اشارة

و عن الغنیة الإجماع علیه و یدل علیه قبل ذلک عموم المستفیض المؤمنون أو المسلمون عند شروطهم و قد یتخیل معارضته بعموم أدلة الخیار و یرجح علی تلک الأدلة بالمرجحات و هو ضعیف لأن الترجیح من حیث الدلالة و السند مفقود و موافقة عمل الأصحاب لا یصیر مرجحا بعد العلم بانحصار مستندهم فی عموم أدلة الشروط کما یظهر من کتبهم و نحوه فی الضعف التمسک بعموم أوفوا بالعقود بناء علی صیرورة شرط عدم الخیار کالجزء من العقد الذی یجب الوفاء به إذ فیه أن أدلة الخیار أخص فیخصص بها العموم بل الوجه مع انحصار المستند فی عموم دلیل الشروط عدم نهوض أدلة الخیار للمعارضة لأنها مسوقة لبیان ثبوت الخیار بأصل الشرع فلا ینافی سقوطه بالمسقط الخارجی و هو الشرط لوجوب العمل به شرعا بل التأمل فی دلیل الشرط یقضی بأن المقصود منه رفع الید عن الأحکام الأصلیة الثابتة للمشروطات قبل وقوعها فی حیز الاشتراط فلا تعارضه أدلة تلک الأحکام فحاله حال أدلة وجوب الوفاء بالنذر و العهد فی عدم مزاحمتها بأدلة أحکام الأفعال المنذورة لو لا النذر. و یشهد لما ذکرنا من حکومة أدلة الشرط و عدم معارضتها للأحکام الأصلیة حتی یحتاج إلی المرجح استشهاد الإمام فی کثیر من الأخبار بهذا العموم و علی مخالفة کثیر من الأحکام الأصلیة. منها صحیحة مالک بن عطیة قال:

سألت أبا عبد الله ع عن رجل کان له أب مملوک و کان تحت أبیه جاریة مکاتبة قد أدت بعض ما علیها فقال لها ابن العبد هل لک أن أعینک فی مکاتبتک حتی تؤدی ما علیک بشرط أن لا یکون لک الخیار بعد ذلک علی أبی إذا أنت ملکت نفسک قالت نعم فأعطاها فی مکاتبتها علی أن لا یکون لها الخیار بعد ذلک قال ع لا یکون لها الخیار المسلمون عند شروطهم. و الروایة محمولة بقرینة الإجماع علی عدم لزوم الشروط الابتدائیة علی صورة وقوع الاشتراط فی ضمن عقد لازم أو المصالحة علی إسقاط الخیار المتحقق سببه بالمکاتبة بذلک المال و کیف کان فالاستدلال فیها بقاعدة الشروط علی نفی الخیار الثابت بالعمومات دلیل علی حکومتها علیها لا معارضتها المحوجة إلی التماس المرجح. نعم قد یستشکل التمسک بدلیل الشروط فی المقام من وجوه- الأول أن الشرط یجب الوفاء به إذا کان العقد المشروط فیه لازما لأن الشرط فی ضمن العقد الجائز لا یزید حکمه علی أصل العقد بل هو کالوعد فلزوم الشرط یتوقف علی لزوم العقد فلو ثبت لزوم العقد بلزوم الشرط لزم الدور. الثانی أن هذا الشرط مخالف لمقتضی العقد علی ما هو ظاهر قوله البیعان بالخیار فاشتراط عدم کونهما بالخیار اشتراط لعدم بعض مقتضیات العقد. الثالث ما استدل به بعض الشافعیة علی عدم جواز اشتراط السقوط من أن إسقاطه الخیار فی ضمن العقد إسقاط لما لم یجب لأن الخیار لا یحدث إلا بعد البیع فإسقاطه فیه کإسقاطه قبله هذا و لکن شی ء من هذه الوجوه لا یصلح للاستشکال أما الأول فلأن الخارج من عموم الشرط الشروط الابتدائیة لأنها کالوعد الواقعة فی ضمن العقود الجائزة بالذات أو بالخیار مع بقائها علی الجواز لأن الحکم بلزوم الشرط مع فرض جواز العقد المشروط به مما لا یجتمعان لأن الشرط تابع و کالتقیید للعقد المشروط به أما إذا کان نفس مؤدی الشرط لزوم ذلک العقد المشروط به کما فیما نحن فیه لا التزاما آخر مغایرا لالتزام أصل العقد فلزومه الثابت بمقتضی عموم وجوب الوفاء بالشرط عین لزوم العقد فلا یلزم تفکیک بین التابع و المتبوع فی اللزوم و الجواز. و أما الثانی فلأن الخیار حق للمتعاقدین اقتضاء العقد لو خلی و نفسه فلا ینافی سقوطه بالشرط. و بعبارة أخری المقتضی للخیار العقد بشرط لا طبیعة العقد من حیث هی حتی لا یوجد بدونه و قوله البیعان بالخیار و إن کان له ظهور فی العلیة التامة إلا أن المتبادر من إطلاقه صورة الخلو عن شرط السقوط مع أن مقتضی الجمع بینه و بین دلیل الشرط کون العقد مقتضیا لإتمام العلة لیکون التخلف ممتنعا شرعا. نعم یبقی الکلام فی دفع توهم أنه لو بنی علی الجمع بهذا الوجه بین دلیل الشرط و عمومات الکتاب و السنة لم یبق شرط مخالف للکتاب و السنة بل و لا لمقتضی العقد و محل ذلک و إن کان فی باب الشروط إلا أن مجمل القول فی دفع ذلک فیما نحن فیه أنا حیث علمنا بالنص و الإجماع أن الخیار حق مالی قابل للإسقاط و الإرث لم یکن سقوطه منافیا للمشروع فلم یکن اشتراطه اشتراط المنافی کما لو اشترطا فی هذا العقد سقوط الخیار فی عقد آخر. و أما عن الثالث بما عرفت من أن المتبادر من النص المثبت للخیار صورة الخلو عن الاشتراط و إقدام المتبایعین علی عدم الخیار ففائدة الشرط إبطال المقتضی لا إثبات المانع و یمکن أن یستأنس لدفع الإشکال من هذا الوجه الثالث و من سابقه بصحیحة مالک بن عطیة المتقدمة

ثم إن هذا الشرط یتصور علی وجوه-
أحدها أن یشترط عدم الخیار

و هذا هو مراد المشهور من اشتراط السقوط فیقول بعت بشرط أن لا یثبت خیار المجلس کما مثل به فی الخلاف و المبسوط و الغنیة و التذکرة لأن المراد بالسقوط هنا عدم الثبوت لا الارتفاع.

الثانی أن یشترط عدم الفسخ

فیقول بعت بشرط أن لا أفسخ فی المجلس فیرجع إلی التزام ترک حقه فلو خالف الشرط و فسخ فیحتمل قویا عدم نفوذ الفسخ لأن وجوب الوفاء بالشرط مستلزم لوجوب إجباره علیه و عدم سلطنته علی ترکه کما لو باع منذور التصدق به علی ما ذهب إلیه غیر واحد فمخالفة الشرط و هو الفسخ غیر نافذة فی حقه و یحتمل النفوذ لعموم دلیل الخیار و الالتزام بترک الفسخ لا یوجب فساد الفسخ علی ما قاله بعضهم من أن بیع منذور التصدق حنث موجب للکفارة لا فاسد و حینئذ فلا فائدة فی هذا غیر الإثم علی مخالفته إذ ما یترتب علی مخالفة الشرط فی غیر هذا المقام من تسلط المشروط له علی الفسخ لو خولف الشرط غیر مترتب هنا و الاحتمال الأول أوفق بعموم وجوب الوفاء بالشرط الدال علی

المکاسب، ج 3، ص 221

وجوب ترتب آثار الشرط و هو عدم الفسخ فی جمیع الأحوال حتی بعد الفسخ فیستلزم ذلک کون الفسخ الواقع لغوا کما تقدم نظیره فی الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقد علی کون فسخ أحدهما منفردا لغوا لا یرفع وجوب الوفاء.

الثالث أن یشترط إسقاط الخیار

و مقتضی ظاهره وجوب الإسقاط بعد العقد فلو أخل به و فسخ العقد ففی تأثیر الفسخ الوجهان المتقدمان و الأقوی عدم التأثیر و هل للمشروط له الفسخ- بمجرد عدم إسقاط المشترط الخیار بعد العقد و إن لم یفسخ وجهان من عدم حصول الشرط و من أن المقصود منه إبقاء العقد- فلا یحصل التخلف إلا إذا فسخ و الأولی بناء علی القول بعدم تأثیر الفسخ هو عدم الخیار لعدم تخلف الشرط و علی القول بتأثیره ثبوت الخیار لأنه قد یکون الغرض من الشرط عدم تزلزل العقد و یکون بقاء المشترط علی سلطنة الفسخ مخالفا لمصلحة المشروط له و قد یموت ذو الخیار و ینتقل إلی وارثه.

بقی الکلام فی أن المشهور أن تأثیر الشرط إنما هو مع ذکره فی متن العقد
اشارة

فلو ذکراه قبله لم یفد لعدم الدلیل علی وجوب الوفاء به و صدق الشرط علی غیر المذکور فی العقد غیر ثابت لأن المتبادر عرفا هو الإلزام و الالتزام المرتبط بمطلب آخر و قد تقدم عن القاموس أنه الإلزام و الالتزام فی البیع و نحوه و عن الشیخ و القاضی تأثیر الشرط المتقدم. قال فی محکی الخلاف لو شرطا قبل العقد أن لا یثبت بینهما خیار بعد العقد صح الشرط و لزم العقد بنفس الإیجاب و القبول ثم نقل الخلاف عن بعض أصحاب الشافعی ثم قال دلیلنا أنه لا مانع من هذا الشرط و الأصل جوازه و عموم الأخبار فی جواز الشرط یشمل هذا الموضع انتهی و نحوه المحکی عن جواهر القاضی. و قال فی المختلف علی ما حکی عنه بعد ذلک و عندی فی ذلک نظر فإن الشرط إنما یعتبر حکمه لو وقع فی متن العقد. نعم لو شرطا قبل العقد و تبایعا علی ذلک الشرط صح ما شرطاه انتهی. أقول التبایع علی ذلک الشرط إن کان بالإشارة إلیه فی العقد بأن یقول مثلا بعت علی ما ذکر فهو من المذکور فی متن العقد و إن کان بالقصد إلیه و البناء علیه عند الإنشاء فهذا هو ظاهر کلام الشیخ نعم یحتمل أن یرید الصورة الأولی و أراد بقوله قبل العقد قبل تمامه و هذا هو المناسب للاستدلال له بعدم المانع من هذا الاشتراط و یؤیده أیضا بل یعینه أن بعض أصحاب الشافعی إنما یخالف فی صحة هذا الاشتراط فی متن العقد. و قد صرح فی التذکرة بذکر خلاف بعض الشافعیة فی اشتراط عدم الخیار فی متن العقد و استدل عنهم بأن الخیار بعد تمام العقد فلا یصح إسقاطه قبل تمامه. و الحاصل أن ملاحظة عنوان المسألة فی الخلاف و التذکرة و استدلال الشیخ علی الجواز و بعض الشافعیة علی المنع یکاد یوجب القطع بعدم إرادة الشیخ صورة ترک الشرط فی متن العقد و کیف کان فالأقوی أن الشرط الغیر المذکور فی متن العقد غیر مؤثر لأنه لا یلزم بنفس اشتراطه السابق لأن المتحقق فی السابق إما وعد بالتزام أو التزام تبرعی لا یجب الوفاء به و العقد اللاحق و إن دفع مبنیا علیه لا یلزمه لأنه إلزام مستقل لا یرتبط بالتزام العقد إلا بجعل المتکلم و إلا فهو بنفسه لیس من متعلقات الکلام العقدی مثل العوضین و قیودهما حتی یقدر شرطا منویا فیکون کالمحذوف النحوی بعد نصب القرینة فإن من باع داره فی حال بنائه فی الواقع علی عدم الخیار له لم یحصل له فی ضمن بیعه إنشاء التزام بعدم الخیار و لم یقید إنشاءه بشی ء بخلاف قوله بعتک علی أن لا خیار لی الذی مؤداه بعتک ملتزما علی نفسی و بانیا علی أن لا خیار لی فإن إنشاءه للبیع قد اعتبر مقیدا بإنشائه التزام عدم الخیار فحاصل الشرط إلزام فی التزام مع اعتبار تقیید الثانی بالأول و تمام الکلام فی باب الشروط إن شاء الله تعالی.

فرع

ذکر العلامة فی التذکرة موردا لعدم جواز اشتراط نفی خیار المجلس و غیره فی متن العقد و هو ما إذا نذر المولی أن یعتق عبده إذا باعه بأن قال لله علی أن أعتقک إذا بعتک قال لو باعه بشرط نفی الخیار لم یصح البیع لصحة النذر فیجب الوفاء به و لا یتم برفع الخیار و علی قول بعض علمائنا من صحة البیع مع بطلان الشرط یلغو الشرط و یصح البیع و یعتق انتهی. أقول هذا مبنی علی أن النذر المعلق بالعین یوجب عدم تسلط الناذر علی التصرفات المنافیة له و قد مر أن الأقوی فی الشرط أیضا کونه کذلک.

مسألة و من المسقطات إسقاط هذا الخیار بعد العقد
اشارة

بل هذا هو المسقط الحقیقی و لا خلاف ظاهرا فی سقوطه بالإسقاط- و یدل علیه بعد الإجماع فحوی ما سیجی ء من النص الدال علی سقوط الخیار بالتصرف معللا بأنه رضاء بالبیع مضافا إلی القاعدة المسلمة من أن لکل ذی حق إسقاط حقه و لعله لفحوی تسلط الناس علی أموالهم فهم أولی بالتسلط علی حقوقهم المتعلقة بالأموال و لا معنی لتسلطهم علی مثل هذه الحقوق الغیر القابلة للنقل إلا نفوذ تصرفهم فیها بما یشمل الإسقاط و یمکن الاستدلال له بدلیل الشرط لو فرض شموله للالتزام الابتدائی ثم إن الظاهر سقوط الخیار بکل لفظ یدل علیه بإحدی الدلالات العرفیة للفحوی المتقدمة و فحوی ما دل علی کفایة بعض الأفعال فی إجازة عقد الفضولی و صدق الإسقاط النافذ بمقتضی ما تقدم من التسلط علی إسقاط الحقوق و علی هذا فلو قال أحدهما أسقطت الخیار من الطرفین فرضی الآخر سقط خیار الراضی أیضا لکون رضاه بإسقاط الآخر خیاره إسقاطا أیضا.

مسألة لو قال أحدهما لصاحبه اختر

فإن اختار المأمور الفسخ فلا إشکال فی انفساخ العقد- و إن اختار الإمضاء ففی سقوط خیار الأمر أیضا مطلقا کما عن المبسوط الأکثر بل عن الخلاف الإجماع علیه أو بشرط إرادته تملیک الخیار لصاحبه و إلا فهو باق مطلقا کما هو ظاهر التذکرة أو مع قید إرادة الاستکشاف دون التفویض و یکون حکم التفویض کالتملیک. أقول و لو سکت فخیار الساکت باق إجماعا و وجهه واضح و أما خیار الأمر ففی بقائه مطلقا أو بشرط عدم إرادة تملیک

المکاسب، ج 3، ص 222 الخیار کما هو ظاهر التذکرة أو سقوط خیاره مطلقا کما عن الشیخ أقوال و الأولی أن یقال إن کلمة اختر بحسب وضعه لطلب اختیار المخاطب أحد طرفی العقد من الفسخ و الإمضاء و لیس فیه دلالة علی ما ذکروه من تملیک الخیار أو تفویض الأمر أو استکشاف الحال. نعم الظاهر عرفا من حال الأمر أن داعیه استکشاف حال المخاطب و کأنه فی العرف السابق کان ظاهرا فی تملیک المخاطب أمر الشی ء کما یظهر من باب الطلاق فإن تم دلالته حینئذ علی إسقاط الأمر خیاره بذلک و إلا فلا مزیل لخیاره و علیه یحمل علی تقدیر الصحة ما ورد فی ذیل بعض أخبار خیار المجلس أنهما بالخیار ما لم یفترقا أو یقول أحدهما لصاحبه اختر ثم إنه لا إشکال فی أن إسقاط أحدهما خیاره لا یوجب سقوط خیار الآخر و منه یظهر أنه لو أجاز أحدهما و فسخ الآخر انفسخ العقد لأنه مقتضی ثبوت الخیار فکان العقد بعد إجازة أحدهما جائزا من طرف الفاسخ دون المجیز کما لو جعل الخیار من أول الأمر لأحدهما و هذا لیس تعارضا بین الإجازة و الفسخ و ترجیحا له علیها. نعم لو اقتضت الإجازة لزوم العقد من الطرفین کما لو فرض ثبوت الخیار من طرف أحد المتعاقدین أو من طرفهما المتعدد کالأصیل و الوکیل فأجاز أحدهما و فسخ الآخر دفعة واحدة أو تصرف ذو الخیار فی العوضین دفعة واحدة کما لو باع عبدا بجاریة ثم أعتقهما جمیعا حیث إن إعتاق العبد فسخ و إعتاق الجاریة إجازة أو اختلف الورثة فی الفسخ و الإجارة تحقق التعارض و ظاهر العلامة فی جمیع هذه الصور تقدیم الفسخ و لم یظهر له وجه تام و سیجی ء الإشارة إلی ذلک فی موضعه.

مسألة من جملة مسقطات الخیار افتراق المتبایعین
اشارة

و لا إشکال فی سقوط الخیار به و لا فی عدم اعتبار ظهوره فی رضاهما بالبیع و إن کان ظاهر بعض الأخبار ذلک مثل قوله: فإذا افترقا فلا خیار لهما بعد الرضا و معنی حدوث افتراقهما المسقط مع کونهما متفرقین حین العقد افتراقهما بالنسبة إلی الهیئة الاجتماعیة الحاصلة لهما حین العقد فإذا حصل الافتراق الإضافی و لو بمسماه ارتفع الخیار فلا یعتبر الخطوة و لذا حکی عن جماعة التعبیر بأدنی الانتقال و الظاهر أن ذکره فی بعض العبارات لبیان أقل الأفراد خصوصا مثل قول الشیخ فی الخلاف أقل ما ینقطع به خیار المجلس خطوة مبنی علی الغالب فی الخارج أو فی التمثیل لأقل الافتراق فلو تبایعا فی سفینتین متلاصقتین کفی مجرد افتراقهما و یظهر من بعض اعتبار الخطوة اغترارا بتمثیل کثیر من الأصحاب و عن صریح آخر التأمل و کفایة الخطوة لانصراف الإطلاق إلی أزید منها فیستصحب الخیار و یؤیده قوله فی بعض الروایات: فلما استوجبتها قمت فمشیت خطی لیجب البیع حین افترقنا و فیه منع الانصراف و دلالة الروایة ثم اعلم أن الافتراق علی ما عرفت من معناه یحصل بحرکة أحدهما و بقاء الآخر فی مکانه فلا یعتبر الحرکة من الطرفین فی صدق افتراقهما فالحرکة من أحدهما لا یسمی افتراقا حتی یحصل عدم المصاحبة من الآخر فذات الافتراق من المتحرک و اتصافها بکونها افتراقا من الساکن و لو تحرک کل منهما کان حرکة کل منهما افتراقا بملاحظة عدم مصاحبة الآخر و کیف کان فلا یعتبر فی الافتراق المسقط حرکة کل منهما إلی غیر جانب الآخر کما یدل علیه الروایات الحاکیة لشراء الإمام ع أرضا و أنه قال: فلما استوجبتها قمت فمشیت خطی لیجب البیع حین افترقنا فأثبت افتراق الطرفین بمشیه ع فقط.

مسألة المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن إکراه إذا منع من التخایر أیضا

سواء بلغ حد سلب الاختیار أم لا لأصالة بقاء الخیار بعد تبادر الاختیار من الفعل المسند إلی الفاعل المختار مضافا إلی حدیث رفع ما استکرهوا علیه و قد تقدم فی مسألة اشتراط الاختیار فی المتبایعین ما یظهر منه عموم الرفع للحکم الوضعی المحمول علی المکلف فلا یختص برفع التکلیف هذا و لکن یمکن منع التبادر فإن المتبادر هو الاختیاری فی مقابل الاضطراری الذی لا یعد فعلا حقیقیا قائما بنفس الفاعل بل یکون صورة فعل قائمة بجسم المضطر لا فی مقابل المکره الفاعل بالاختیار لدفع الضرر المتوعد علی ترکه فإن التبادر ممنوع فإذا دخل الاختیاری المکره علیه دخل الاضطراری لعدم القول بالفصل مع أن المعروف بین الأصحاب أن الافتراق و لو اضطرارا مسقط للخیار إذا کان الشخص متمکنا من الفسخ و الإمضاء مستدلین علیه بحصول التفرق المسقط للخیار. قال فی المبسوط فی تعلیل الحکم المذکور لأنه إذا کان متمکنا من الإمضاء و الفسخ فلم یفعل حتی وقع التفرق کان ذلک دلیلا علی الرضا و الإمضاء انتهی و فی جامع المقاصد تعلیل الحکم المذکور بقوله لتحقق الافتراق مع التمکن من الاختیار انتهی. و منه یظهر أنه لا وجه للاستدلال بحدیث رفع الحکم عن المکره للاعتراف بدخول المکره و المضطر إذا تمکنا من التخایر و الحاصل أن فتوی الأصحاب هی أن التفرق عن إکراه علیه و علی ترک التخایر غیر مسقط للخیار و أنه لو حصل أحدهما باختیاره سقط خیاره و هذا لا یصح الاستدلال علیه باختصاص الأدلة بالتفرق الاختیاری و لا بأن مقتضی حدیث الرفع جعل التفرق للمکره علیه کلا تفرق لأن المفروض أن التفرق الاضطراری أیضا مسقط مع وقوعه فی حال التمکن من التخایر فالأولی الاستدلال علیه مضافا إلی الشهرة المحققة الجابرة للإجماع المحکی و إلی أن المتبادر من التفرق ما کان عن رضاء بالعقد سواء وقع اختیارا أو اضطرارا بقوله ص فی صحیحة الفضیل: فإذا افترقا فلا خیار بعد الرضا منهما دل علی أن الشرط فی السقوط الافتراق و الرضا منهما و لا ریب أن الرضا المعتبر لیس إلا المتصل بالتفرق بحیث یکون التفرق عنه إذ لا یعتبر الرضا فی زمان آخر إجماعا أو یقال إن قوله بعد الرضا إشارة إلی إناطة السقوط بالرضا بالعقد المستکشف عنه عن افتراقهما فیکون الافتراق مسقطا لکونه کاشفا نوعا عن رضاهما بالعقد و إعراضهما عن الفسخ و علی کل تقدیر فیدل علی أن المتفرقین و لو اضطرارا إذا کانا متمکنین من الفسخ و لم یفسخا کشف ذلک نوعا عن رضاهما بالعقد فسقط خیارهما فهذا هو الذی استفاده الشیخ قدس سره

المکاسب، ج 3، ص 223

کما صرح به فی عبارة المبسوط المتقدمة.

مسألة لو أکره أحدهما علی التفرق و منع عن التخایر و بقی الآخر فی المجلس

فإن منع من المصاحبة و التخایر لم یسقط خیار أحدهما لأنهما مکرهان علی الافتراق و ترک التخایر فدخل فی المسألة السابقة و إن لم یمنع من المصاحبة ففیه أقوال و توضیح ذلک أن افتراقهما المستند إلی اختیارهما کما عرفت یحصل بحرکة أحدهما اختیارا و عدم مصاحبة الآخر کذلک و أن الإکراه علی التفرق لا یسقط حکمه ما لم ینضم معه الإکراه علی ترک التخایر فحینئذ نقول تحقق الإکراه المسقط فی أحدهما دون الآخر یحصل تارة بإکراه أحدهما علی التفرق و ترک التخایر و بقاء الآخر فی المجلس مختارا فی المصاحبة أو التخایر و أخری بالعکس بإبقاء أحدهما فی المجلس کرها مع المنع عن التخایر و ذهاب الآخر اختیارا و محل الکلام هو الأول و سیتضح به حکم الثانی و الأقوال فیه أربعة سقوط خیارهما کما عن ظاهر المحقق و العلامة و ولده السعید و السید العمید و شیخنا الشهید قدس الله أسرارهم و ثبوته لهما کما عن ظاهر المبسوط و المحقق و الشهید الثانیین و محتمل الإرشاد و سقوطه فی حق المختار خاصة- و فصل فی التحریر بین بقاء المختار فی المجلس فالثبوت لهما و بین مفارقته فالسقوط عنهما و مبنی الأقوال علی أن افتراقهما المجعول غایة لخیارهما هل یتوقف علی حصوله عن اختیارهما أو یکفی فیه حصوله عن اختیار أحدهما و علی الأول هل یکون اختیار کل منهما مسقطا لخیاره أو یتوقف سقوط خیار کل واحد علی مجموع اختیارهما فعلی الأول یسقط خیار المختار خاصة کما عن الخلاف و جواهر القاضی و علی الثانی یثبت الخیاران کما عن ظاهر المبسوط و المحقق و الشهید الثانیین. و علی الثانی فهل یعتبر فی المسقط لخیارهما کونه فعلا وجودیا و حرکة صادرة باختیار أحدهما و یکفی کونه ترکا اختیاریا کالبقاء فی مجلس العقد مختارا فعلی الأول یتوجه التفصیل المصرح به فی التحریر بین بقاء الآخر فی مجلس العقد و ذهابه و علی الثانی یسقط الخیاران کما عن ظاهر المحقق و العلامة و ولده السعید و السید العمید و شیخنا الشهید. و اعلم أن ظاهر الإیضاح أن قول التحریر لیس قولا مغایرا للثبوت لهما و أن محل الخلاف ما إذا لم یفارق الآخر المجلس اختیارا و إلا سقط خیارهما اتفاقا حیث قال فی شرح قول والده لو حمل أحدهما و منع عن التخایر لم یسقط خیاره علی إشکال و أما الثابت فإن منع من المصاحبة و التخایر لم یسقط خیاره و إلا فالأقرب سقوطه فیسقط خیار الأول انتهی. قال إن هذا مبنی علی بقاء الأکوان و عدمه و افتقار الباقی إلی المؤثر و عدمه و إن الافتراق ثبوتی أو عدمی فعلی عدم البقاء أو افتقار الباقی إلی المؤثر یسقط لأنه فعل المفارقة و علی القول ببقائها و استغناء الباقی عن المؤثر و ثبوتیة الافتراق لم یسقط خیاره لأنه لم یفعل شیئا و إن قلنا بعدمیة الافتراق و العدم لیس بمعلل فکذلک و إن قلنا إنه یعلل سقط أیضا و الأقرب عندی السقوط لأنه مختار فی المفارقة انتهی. و هذا الکلام و إن نوقش فیه بمنع بناء الأحکام علی هذه التدقیقات إلا أنه علی کل حال صریح فی أن الباقی لو ذهب اختیارا فلا خلاف فی سقوط خیاره و ظاهره کظاهر عبارة القواعد أن سقوط خیاره لا ینفک عن سقوط خیار الآخر فینتفی القول المحکی عن الخلاف و الجواهر لکن العبارة المحکیة عن الخلاف ظاهرة فی هذا القول قال لو أکرها أو أحدهما علی التفرق بالأبدان علی وجه یتمکنان من الفسخ و التخایر فلم یفعلا بطل خیارهما أو خیار من تمکن من ذلک و نحوه المحکی عن القاضی فإنه لو لا جواز التفکیک بین الخیارین لاقتصر علی قوله بطل خیارهما فتأمل بل حکی هذا القول عن ظاهر التذکرة أو صریحها و فیه تأمل و کیف کان فالأظهر فی بادئ النظر ثبوت الخیارین للأصل- . و ما تقدم من تبادر تفرقهما عن رضا منهما فإن التفرق و إن لم یعتبر کونه اختیاریا من الطرفین و لا من أحدهما إلا أن المتبادر رضاهما بالبیع حین التفرق فرضا أحدهما فی المقام و هو الماکث لا دلیل علی کفایته فی سقوط خیارهما و لا فی سقوط خیار خصوص التراضی إذ الغایة غایة للخیارین فإن تحققت سقطا و إلا ثبتا. و یدل علیه ما تقدم من صحیحة الفضیل المصرحة بإناطة سقوط الخیار بالرضا منهما المنفی بانتفاء رضاء أحدهما و لکن یمکن التفصی عن الأصل بصدق تفرقهما و تبادر تقیده بکونه عن رضا کلیهما ممنوعة- بل المتیقن اعتبار رضا أحدهما و ظاهر الصحیحة و إن کان اعتبار ذلک إلا أنه معارض بإطلاق ما یستفاد من الروایة السابقة الحاکیة لفعل الإمام ع

و أنه قال فمشیت خطی لیجب البیع حین افترقنا جعل مجرد مشیه سببا لصدق الافتراق المجعول غایة للخیار و جعل وجوب البیع علة غائیة له من دون اعتبار رضا الآخر أو شعوره بمشی الإمام ع و دعوی انصرافه إلی صورة شعور الآخر و ترکه المصاحبة اختیارا ممنوعة و ظاهر الصحیحة و إن کان أخص إلا أن ظهور الروایة فی عدم مدخلیة شی ء آخر زائدا علی مفارقة أحدهما صاحبه مؤید بالتزام مقتضاه فی غیر واحد من المقامات مثل ما إذا مات أحدهما و فارق الآخر اختیارا- فإن الظاهر منهم عدم الخلاف فی سقوط الخیارین و قد قطع به فی جامع المقاصد مستدلا بأنه قد تحقق الافتراق فسقط الخیاران مع أن المنسوب إلیه ثبوت الخیار لهما فیما نحن فیه و کذا لو فارق أحدهما فی حال نوم الآخر أو غفلته عن مفارقة صاحبه مع تأید ذلک بنقل الإجماع عن السید عمید الدین و ظاهر المبنی المتقدم عن الإیضاح أیضا عدم الخلاف فی عدم اعتبار الرضا من الطرفین و إنما الخلاف فی أن البقاء اختیارا مفارقة اختیاریة أم لا بل ظاهر القواعد أیضا أن سقوط خیار المکره متفرع علی سقوط خیار الماکث من غیر إشارة إلی وجود خلاف فی هذا التفریع و هو الذی ینبغی لأن الغایة إن حصلت سقط الخیاران و إلا بقیا فتأمل. و عبارة الخلاف المتقدمة و إن کانت ظاهرة فی التفکیک بین المتبایعین فی الخیار إلا إنما لیست بتلک الظهور لاحتمال إرادة سقوط خیار المتمکن من التخایر من حیث تمکنه مع قطع النظر عن حال الآخر فلا ینافی سقوط خیار الآخر لأجل التلازم بین الخیارین من حیث اتحادهما فی الغایة مع أن شمول عبارته

المکاسب، ج 3، ص 224

لبعض الصور التی لا یختص بطلان الخیار فیها بالمتمکن مما لا بد منه کما لا یخفی علی المتأمل و حملها علی ما ذکرنا من إرادة المتمکن لا بشرط إرادة خصوصه فقط أولی من تخصیصها ببعض الصور و لعل نظر الشیخ و القاضی إلی أن الافتراق المستند إلی اختیارهما جعل غایة لسقوط خیار کل منهما فالمستند إلی اختیار أحدهما مسقط لخیاره خاصة و هو استنباط حسن لکن لا یساعد علیه ظاهر النص ثم إنه یظهر مما ذکرنا حکم عکس المسألة و هی ما إذا أکره أحدهما علی البقاء ممنوعا من التخایر و فارق الآخر اختیارا فإن مقتضی ما تقدم من الإیضاح من مبنی الخلاف عدم الخلاف فی سقوط الخیارین هنا و مقتضی ما ذکرنا من مبنی الأقوال جریان الخلاف هنا أیضا و کیف کان فالحکم بسقوط الخیار عنهما هنا کما لا یخفی

مسألة لو زال الإکراه

فالمحکی عن الشیخ و جماعة- امتداد الخیار بامتداد مجلس الزوال و لعله لأن الافتراق الحاصل بینهما فی حال الإکراه کالمعدوم فکأنهما بعد مجتمعان فی مجلس العقد فالخیار باق. و فیه أن الهیئة الاجتماعیة الحاصلة حین العقد قد ارتفعت حسا غایة الأمر عدم ارتفاع حکمها و هو الخیار بسبب الإکراه و لم یجعل مجلس زوال الإکراه بمنزلة مجلس العقد.

و الحاصل أن الباقی بحکم الشرع هو الخیار لا مجلس العقد فالنص ساکت عن غایة هذا الخیار فلا بد إما من القول بالفور کما عن التذکرة- و لعله لأنه المقدار الثابت یقینا لاستدراک حق المتبایعین و إما من القول بالتراخی إلی أن یحصل المسقطات لاستصحاب الخیار و الوجهان جاریان فی کل خیار لم یظهر حاله من الأدلة.

مسألة و من مسقطات هذا الخیار التصرف

علی وجه یأتی فی خیاری الحیوان و الشرط ذکره الشیخ فی المبسوط فی خیار المجلس و فی الصرف و العلامة فی التذکرة و نسب إلی جمیع من تأخر عنه بل ربما یدعی إطباقهم علیه و حکی عن الخلاف و الجواهر و الکافی و السرائر و لعله لدلالة التعلیل فی بعض أخبار خیار الحیوان و هو الوجه أیضا فی اتفاقهم علی سقوط خیار الشرط و إلا فلم یرد فیه نص بالخصوص بل سقوط خیار المشتری بتصرفه مستفاد من نفس تلک الروایة المعللة حیث قال: فإن أحدث المشتری فیما اشتری حدثا قبل الثلاثة أیام فذلک رضا منه فلا شرط فإن المنفی یشمل شرط المجلس و الحیوان فتأمل و تفصیل التصرف المسقط سیجی ء إن شاء الله تعالی

الثانی خیار الحیوان
[عموم هذا الخیار لکل ذی حیاة]

لا خلاف بین الإمامیة- فی ثبوت الخیار فی الحیوان للمشتری و ظاهر النص و الفتوی العموم لکل ذی حیاة فیشمل مثل الجراد و الزنبور و السمک و العلق و دود القز و لا یبعد اختصاصه بالحیوان المقصود حیاته فی الجملة فمثل السمک المخرج من الماء و الجراد المحرز فی الإناء و شبه ذلک خارج لأنه لا یباع من حیث إنه حیوان بل من حیث إنه لحم و یشکل فیما صار کذلک لعارض کالصید المشرف علی الموت بإصابة السهم أو بجرح الکلب المعلم و علی کل حال فلا یعد زهاق روحه تلفا من البائع قبل القبض أو فی زمان الخیار و فی منتهی خیاره مع عدم بقائه إلی الثلاثة وجوه

[هل یختص هذا الخیار بالبیع المعین أو یعم الکلی أیضا]

ثم إنه هل یختص هذا الخیار بالمبیع المعین- کما هو المنساق فی النظر من الإطلاقات مع الاستدلال به فی بعض معاقد الإجماع کما فی التذکرة بالحکمة الغیر الجاریة فی الکلی الثابت فی الذمة أو یعم الکلی کما هو المتراءی من النص و الفتوی لم أجد مصرحا بأحد الأمرین. نعم یظهر من بعض المعاصرین الأول و لعله الأقوی

و کیف کان فالکلام فیمن له هذا الخیار و فی مدته من حیث المبدأ و المنتهی و مسقطاته یتم برسم مسائل.

مسألة المشهور اختصاص هذا الخیار بالمشتری

حکی عن الشیخین و الصدوقین و الإسکافی و ابن حمزة و الشامیین الخمسة و الحلبیین الستة و معظم المتأخرین و عن الغنیة و ظاهر الدروس الإجماع علیه- لعموم قوله ع إذا افترقا وجب البیع خرج المشتری و بقی البائع بل لعموم أوفوا بالعقود بالنسبة إلی ما لیس فیه خیار المجلس بالأصل أو بالاشتراط و یثبت الباقی بعدم القول بالفصل و یدل علیه أیضا ظاهر غیر واحد من الأخبار منها صحیحة الفضیل ابن یسار عن أبی عبد الله ع قال: قلت له ما الشرط فی الحیوان قال ثلاثة أیام للمشتری قلت و ما الشرط فی غیر الحیوان قال البیعان بالخیار ما لم یفترقا فإذا افترقا فلا خیار بعد الرضا منهما و ظهوره فی اختصاص الخیار بالمشتری و إطلاق نفی الخیار لهما فی بیع غیر الحیوان بعد الافتراق یشمل ما إذا کان الثمن حیوانا و یتلوها فی الظهور روایة علی بن أسباط عن أبی الحسن الرضا ع قال: الخیار فی الحیوان ثلاثة أیام للمشتری فإن ذکر القید مع إطلاق الحکم قبیح إلا لنکتة جلیة و نحوها صحیحة الحلبی عن أبی عبد الله ع قال فی الحیوان: کله شرط ثلاثة أیام للمشتری و صحیحة ابن رئاب عن أبی عبد الله ع قال: الشرط فی الحیوانات ثلاثة أیام للمشتری و أظهر من الکل صحیحة ابن رئاب المحکیة عن قرب الإسناد قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل اشتری جاریة لمن الخیار للمشتری أو للبائع و لهما کلیهما قال الخیار لمن اشتری نظره ثلاثة أیام فإذا مضت ثلاثة أیام فقد وجب الشراء و عن سیدنا المرتضی قدس سره و ابن طاوس ثبوته للبائع أیضا. و حکی عن الانتصار دعوی الإجماع علیه لأصالة جواز العقد من الطرفین بعد ثبوت خیار المجلس و لصحیحة محمد بن مسلم: المتبایعان بالخیار ثلاثة أیام فی الحیوان و فیما سوی ذلک من بیع حتی یفترقا و بها تخصص عمومات اللزوم مطلقا أو بعد الافتراق و هی أرجح بحسب السند من صحیحة ابن رئاب المحکیة عن قرب الإسناد و قد صرحوا بترجیح روایة مثل محمد بن مسلم و زرارة و أضرابهما علی غیرهم من الثقات مضافا إلی ورودها فی الکتب الأربعة المرجحة علی مثل قرب الإسناد من الکتب التی یلتفت إلیها أکثر أصحابنا مع بعد غفلتهم عنها أو عن مراجعتها و أما الصحاح الأخر المکافئة سندا لصحیحة ابن مسلم فالإنصاف أن دلالتها بالمفهوم لا تبلغ فی الظهور مرتبة منطوق الصحیحة فیمکن حملها علی بیان الفرد الشدید الحاجة لأن الغالب فی المعاملة خصوصا معاملة الحیوان کون إرادة الفسخ فی طرف المشتری لاطلاعه علی خفایا الحیوان و لا ریب أن الأظهریة فی الدلالة متقدمة فی باب الترجیح علی الأکثریة. و أما ما ذکر فی تأویل

المکاسب، ج 3، ص 225

صحیحة ابن مسلم من أن خیار الحیوان للمشتری علی البائع- فکان بین المجموع ففی غایة السقوط و أما الشهرة المحققة فلا تصیر حجة علی السید بل مطلقا بعد العلم بمستند المشهور و عدم احتمال وجود مرجح لم یذکروه و إجماع الغنیة لو سلم رجوعه إلی اختصاص الخیار بالمشتری لا مجرد ثبوته له معارض بإجماع الانتصار الصریح فی ثبوته للبائع و لعله لذا قوی فی المسالک قول السید مع قطع النظر عن الشهرة بل الاتفاق علی خلافه و تبعه علی ذلک فی المفاتیح و توقف فی غایة المراد و حواشی القواعد و تبعه فی المقتصر هذا و لکن الإنصاف أن أخبار المشهور من حیث المجموع لا یقصر ظهورها عن الصحیحة مع اشتهارها بین الرواة حتی محمد بن مسلم الراوی للصحیحة مع أن المرجع بعد التکافؤ عموم أدلة لزوم العقد بالافتراق و المتیقن خروج المشتری فلا ریب فی ضعف هذا القول. نعم هنا قول ثالث لعله أقوی منه و هو ثبوت الخیار لمن انتقل إلیه الحیوان ثمنا أو مثمنا نسب إلی جماعة من المتأخرین منهم الشهید فی المسالک لعموم صحیحة محمد بن مسلم: المتبایعان بالخیار ما لم یفترقا و صاحب الحیوان بالخیار ثلاثة أیام و لا ینافیه تقیید صاحب الحیوان بالمشتری فی موثقة ابن فضال لاحتمال ورود التقیید مورد الغالب لأن الغالب کون صاحب الحیوان مشتریا و لا ینافی هذه الدعوی التمسک بإطلاق صحیحة محمد بن مسلم لأن الغلبة قد یکون بحیث توجب تنزیل التقیید علیها و لا یوجب تنزیل الإطلاق و لا ینافیها أیضا ما دل علی اختصاص الخیار بالمشتری لورودها مورد الغالب من کون الثمن غیر حیوان و لا صحیحة محمد بن مسلم المثبتة للخیار للمتبائعین لإمکان تقییدها و إن کان بعد بما إذا کان العوضان حیوانین لکن الإشکال فی إطلاق الصحیحة الأولی- من جهة قوة انصرافه إلی المشتری فلا مخصص یعتد به لعمومات اللزوم مطلقا أو بعد المجلس فلا محیص عن المشهور

مسألة لا فرق بین الأمة و غیرها فی مدة الخیار

و فی الغنیة کما عن الحلبی أن مدة خیار الأمة مدة استبرائها بل عن الأول دعوی الإجماع- و ربما ینسب هذا إلی المقنعة و النهایة و المراسم من جهة حکمهم بضمان البائع لها مدة الاستبراء و لم أقف لهم علی دلیل- .

مسألة مبدء هذا الخیار من حین العقد

فلو لم یتفرق ثلاثة أیام انقضی خیار الحیوان أو بقی خیار المجلس لظاهر قوله ع: إن الشرط فی الحیوان ثلاثة أیام و فی غیره حتی یفترقا خلافا للمحکی عن ابن زهرة فجعله من حین التفرق و کذا الشیخ و الحلی فی خیار الشرط المتحد مع هذا الخیار فی هذا الحکم من جهة الدلیل الذی ذکراه. قال فی المبسوط الأولی أن یقال إنه یعنی خیار الشرط یثبت من حین التفرق لأن الخیار یدخل إذا ثبت العقد و العقد لم یثبت قبل التفرق انتهی و نحوه المحکی عن السرائر و هذه الدعوی لم نعرفها.

نعم ربما یستدل علیه بأصالة عدم ارتفاعه بانقضاء ثلاثة من حین العقد بل أصالة عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس و بلزوم اجتماع السببین علی مسبب واحد و ما دل علی أن تلف الحیوان فی الثلاثة من البائع مع أن التلف فی الخیار المشترک من المشتری و یرد الأصل ظاهر الدلیل مع أنه بالتقریر الثانی مثبت و أدلة التلف من البائع محمول علی الغالب من کونه بعد المجلس و یرد التداخل بأن الخیارین إن اختلفا من حیث الماهیة فلا بأس بالتعدد و إن اتحدا فکذلک إما لأن الأسباب معرفات و إما لأنها علل و مؤثرات یتوقف استقلال کل واحد منها فی التأثیر علی عدم مقارنة الآخر أو سبقه فهی علل تامة إلا من هذه الجهة و هو المراد مما فی التذکرة فی الجواب عن أن الخیارین مثلان فلا یجتمعان من أن الخیار واحد و الجهة متعددة ثم إن المراد بزمان العقد هل زمان مجرد الصیغة کعقد الفضولی علی القول بکون الإجازة ناقلة أو زمان الملک و عبر بذلک للغلبة الظاهر هو الثانی کما استظهره بعض المعاصرین قال فعلی هذا لو أسلم حیوانا فی طعام و قلنا بثبوت الخیار لصاحب الحیوان و إن کان بائعا- کان مبدئه بعد القبض و تمثیله بما ذکر مبنی علی اختصاص الخیار بالحیوان المعین و قد تقدم التردد فی ذلک ثم إن ما ذکروه فی خیار المجلس من جریانه فی الصرف و لو قبل القبض یدل علی أنه لا یعتبر فی الخیار و الملک لکن لا بد له من أثر و قد تقدم الإشکال فی ثبوته فی الصرف قبل القبض لو لم نقل بوجوب التقابض.

مسألة لا إشکال فی دخول اللیلتین المتوسطتین فی الثلاثة أیام

لا لدخول اللیل فی مفهوم الیوم بل للاستمرار المستفاد من الخارج و لا فی دخول اللیالی الثلاث عند التلفیق مع الانکسار و لو عقد فی اللیل فالظاهر بقاء الخیار إلی آخر الیوم الثالث و یحتمل النقص عن الیوم الثالث بمقدار ما بقی من لیلة العقد لکن فیه أنه یصدق حینئذ الأقل من ثلاثة أیام و الإطلاق علی المقدار المساوی للنهار و لو من اللیل خلاف الظاهر قیل و المراد بالأیام الثلاثة ما کانت مع اللیالی الثلاث لدخول اللیلتین أصالة فتدخل الثالثة و إلا لاختلف مفردات الجمع فی استعمال واحد انتهی فإن أراد اللیلة السابقة علی الأیام فهو حسن إلا أنه لا یعلل بما ذکر و إن أراد اللیلة الأخیرة فلا یلزم من خروجها اختلاف مفردات الجمع فی استعمال واحد إذ لا نقول باستعمال الیومین الأولین فی الیوم و اللیلة و استعمال الیوم الثالث فی خصوص النهار بل نقول إن الیوم مستعمل فی خصوص النهار أو مقداره من نهارین لا فی مجموع النهار و اللیل أو مقدارهما و لا فی باقی النهار و لو ملفقا من اللیل و المراد من الثلاثة أیام هی بلیالیها أی لیالی مجموعها لا کل واحد منها فاللیالی لم ترد من نفس اللفظ و إنما أرید من جهة الإجماع و ظهور اللفظ الحاکمین فی المقام باستمرار الخیار فکأنه قال الخیار یستمر إلی أن یمضی ست و ثلاثون ساعة من النهار.

مسألة یسقط هذا الخیار بأمور
أحدها اشتراط سقوطه فی العقد

و لو شرط سقوط بعضه فقد صرح بعض بالصحة و لا بأس به.

و الثانی إسقاطه بعد العقد

و قد تقدم الأمران.

و الثالث التصرف

و لا خلاف فی إسقاطه فی الجملة لهذا الخیار و یدل علیه قبل الإجماع النصوص

المکاسب، ج 3، ص 226

ففی صحیحة ابن رئاب: فإن أحدث المشتری فیما اشتری حدثا قبل الثلاثة أیام فذلک رضا منه و لا شرط له قیل له و ما الحدث قال إن لامس أو قبل أو نظر منها إلی ما کان محرما علیه قبل الشراء و صحیحة الصفار: کتبت إلی أبی محمد ع فی الرجل اشتری دابة من رجل فأحدث فیها حدثا من أخذ الحافر أو نعلها أو رکب ظهرها فراسخ أ له أن یردها فی الثلاثة الأیام التی له فیها الخیار بعد الحدث الذی یحدث فیها أو الرکوب الذی یرکبها فراسخ فوقع ع إذا أحدث فیها حدثا فقد وجب الشراء إن شاء الله و فی ذیل الصحیحة المتقدمة عن قرب الإسناد قلت له: أ رأیت إن قبلها المشتری أو لامس فقال إذا قبل أو لامس أو نظر منها إلی ما یحرم علی غیره فقد انقضی الشرط و لزم البیع و استدل علیه فی التذکرة بعد الإجماع بأن التصرف دلیل الرضا و فی موضع آخر منها أنه دلیل الرضا بلزوم العقد و فی موضع آخر منها کما فی الغنیة أن التصرف إجازة. أقول المراد بالحدث إن کان مطلق التصرف الذی لا یجوز لغیر المالک إلا برضاه کما یشیر إلیه قوله أو نظر إلی ما کان یحرم علیه قبل الشراء فلازمه کون مطلق استخدام المملوک بل مطلق التصرف فیه مسقطا کما صرح به فی التذکرة فی بیان التصرف المسقط للرد بالعیب من أنه لو استخدمه بشی ء خفیف مثل اسقنی أو ناولنی الثوب أو أغلق الباب سقط الرد ثم استضعف قول بعض الشافعیة بعدم السقوط معللا بأن مثل هذه الأمور قد یؤمر به غیر المملوک بأن المسقط مطلق التصرف و قال أیضا لو کان له علی الدابة سرج أو رکاب فترکهما علیهما بطل الرد لأنه استعمال و انتفاع انتهی. و قال فی موضع من التذکرة عندنا أن الاستخدام بل کل تصرف یصدر من المشتری قبل علمه بالعیب أو بعده یمنع الرد انتهی. و هو فی غایة الإشکال لعدم تبادر ما یعم ذلک من لفظ الحدث و عدم دلالة ذلک علی الرضا بلزوم العقد مع أن من المعلوم عدم انفکاک المملوک المشتری عن ذلک فی أثناء الثلاثة فیلزم جعل الخیار فیه کاللغو مع أنهم ذکروا أن الحکمة فی هذا الخیار الاطلاع علی أمور خفیة فی الحیوان توجب زهادة المشتری و کیف یطلع الإنسان علی ذلک بدون النظر إلی الجاریة و لمسها و أمرها بغلق الباب و السقی و شبه ذلک و إن کان المراد مطلق التصرف بشرط دلالته علی الرضا بلزوم العقد کما یرشد إلیه وقوعه فی معرض التعلیل فی صحیحة ابن رئاب. و یظهر من استدلال العلامة و غیره علی المسألة بأن التصرف دلیل الرضا بلزوم العقد فهو لا یناسب إطلاقهم الحکم بإسقاط التصرفات التی ذکروها و دعوی أن جمیعها مما یدل لو خلی و طبعه علی الالتزام بالعقد فیکون إجازة فعلیة کما تری

[المراد من فذلک رضی منه فی صحیحة ابن رئاب]
اشارة

ثم إن قوله ع فی الصحیحة فذلک رضی منه یراد منه الرضا بالعقد فی مقابلة کراهة ضده أعنی الفسخ و إلا فالرضا بأصل الملک مستمر من زمان العقد إلی حین الفسخ و یشهد لهذا المعنی روایة عبد الله بن الحسن بن زید بن علی بن الحسین عن أبیه عن جعفر عن أبیه قال قال رسول الله ص: فی رجل اشتری عبدا بشرط إلی ثلاثة أیام فمات العبد فی الشرط قال یستحلف بالله تعالی ما رضیه ثم بری ء من الضمان فإن المراد بالرضا الالتزام بالعقد و الاستحلاف فی الروایة محمولة علی سماع دعوی التهمة أو علی صورة حصول القطع للبائع بذلک إذا عرفت هذا

فقوله ع فذلک رضاء منه و لا شرط له یحتمل وجوها
أحدها أن یکون الجملة جوابا للشرط

فیکون حکما شرعیا بأن التصرف التزام بالعقد و إن لم یکن التزاما عرفا.

الثانی أن یکون توطئة للجواب

و هو قوله و لا شرط له لکنه توطئة لحکمة الحکم و تمهید لها لا علة حقیقة فیکون إشارة إلی أن الحکمة فی سقوط الخیار بالتصرف دلالته غالبا علی الرضا نظیر کون الرضا حکمة فی سقوط خیار المجلس بالتفرق فی قوله: فإذا افترقا فلا خیار بعد الرضا منهما فإنه لا یعتبر فی الافتراق دلالة علی الرضا و علی هذین المعنیین فکل تصرف مسقط و إن علم عدم دلالته علی الرضا.

الثالث أن یکون الجملة إخبارا عن الواقع

نظرا إلی الغالب و ملاحظة نوع التصرف لو خلی و طبعه و یکون علة للجواب فیکون نفی الخیار معللا بکون التصرف غالبا دالا علی الرضا بلزوم العقد و بعد ملاحظة وجوب تقیید إطلاق الحکم بمؤدی علته کما فی قوله لا تأکل الرمان لأنه حامض دل علی اختصاص الحکم بالتصرف الذی یکون کذلک أی دالا بالنوع غالبا علی التزام العقد و إن لم یدل فی شخص المقام فیکون المسقط من التصرف ما کان له ظهور نوعی فی الرضا نظیر ظهور الألفاظ فی معانیها مقیدا بعدم قرینة یوجب صرفه عن الدلالة کما إذا دل الحال أو المقال علی وقوع التصرف للاختبار أو اشتباها بعین أخری مملوکة له و یدخل فیه کلما یدل نوعا علی الرضا و إن لم یعد تصرفا عرفا کالتعریض للبیع و الإذن للبائع فی التصرف فیه

الرابع أن یکون إخبارا عن الواقع

و یکون العلة هی نفس الرضا الفعلی الشخصی و یکون إطلاق الحکم مقیدا بتلک العلة فیکون موضوع الحکم فی الحقیقة هو نفس الرضا الفعلی فلو لم یثبت الرضا الفعلی لم یسقط الخیار

[المناقشة فی الاحتمالین الأولین]

ثم إن الاحتمالین الأولین و إن کانا موافقین لإطلاق سائر الأخبار و إطلاقات بعض کلماتهم مثل ما تقدم من التذکرة من أن مطلق التصرف لمصلحة نفسه مسقط و کذا غیره کالمحقق و الشهید الثانیین بل لإطلاق بعض معاقد الإجماع إلا أنهما بعیدان عن ظاهر الخبر مع مخالفتهما لأکثر کلماتهم فإن الظاهر منها عدم السقوط بالتصرف للاختبار و الحفظ- بل ظاهرها اعتبار الدلالة فی الجملة علی الرضا کما سیجی ء. و یؤیده حکم بعضهم بکفایة الدال علی الرضا و إن لم یعد تصرفا کتقبیل الجاریة للمشتری علی ما صرح به فی التحریر و الدروس فعلم أن العبرة بالرضا و إنما اعتبر التصرف للدلالة و ورود النص أیضا بأن العرض علی البیع إجازة مع أنه لیس حدثا عرفا و مما یؤید عدم إرادة الأصحاب کون التصرف مسقطا إلا من جهة دلالته علی الرضا حکمهم بأن کل تصرف یکون إجازة من المشتری فی المبیع یکون فسخا من البائع فلو کان التصرف مسقطا تعبدیا عندهم من جهة النص لم یکن وجه للتعدی عن کونه إجازة إلی کونه فسخا.

و قد صرح فی التذکرة بأن الفسخ کالإجازة یکون بالقول و بالفعل و ذکر التصرف مثالا للفسخ و الإجازة الفعلیین فاندفع ما یقال فی تقریب کون التصرف

المکاسب، ج 3، ص 227

مسقطا لا للدلالة علی الرضا بأن الأصحاب یعدونه فی مقابل الإجازة.

[المناقشة فی الاحتمال الرابع]

و أما المعنی الرابع فهو و إن کان أظهر الاحتمالات من حیث اللفظ بل جزم به فی الدروس و یؤیده ما تقدم من روایة عبد الله بن الحسن بن زید الحاکیة للنبوی الدال کما فی الدروس أیضا علی الاعتبار بنفس الرضا و ظاهر بعض کلماتهم الآتیة أن المستفاد من تتبع الفتاوی الإجماع علی عدم إناطة الحکم بالرضا الفعلی بلزوم العقد مع أن أظهریته بالنسبة إلی المعنی الثالث غیر واضحة

فتعین إرادة المعنی الثالث
اشارة

و محصله دلالة التصرف لو خلی و طبعه علی الالتزام و إن لم یفد فی خصوص المقام فیکون التصرف إجازة فعلیة فی مقابل الإجازة القولیة و هذا هو الذی ینبغی أن یعتمد علیه.

[الاستشهاد بکلمات الفقهاء علیه]

قال فی المقنعة إن هلاک الحیوان فی الثلاثة من البائع إلا أن یحدث فیه المبتاع حدثا یدل علی الرضا بالابتیاع انتهی. و مثل للتصرف فی مقام آخر بأن ینظر إلی الأمة إلی ما یحرم لغیر المالک. و قال فی المبسوط فی أحکام العیوب إذا کان المبیع بهیمة و أصاب بها عیبا فله ردها و إذا کان فی طریق الرد جاز له رکوبها- و سقیها و علفها و حلبها و أخذ لبنها و إن نتجت کان له نتاجها ثم قال و لا یسقط الرد لأنه إنما یسقط بالرضا بالعیب أو بترک الرد بعد العلم بالعیب أو بأن یحدث فیه عیب عنده و لیس هنا شی ء من ذلک انتهی و فی الغنیة لو هلک المبیع فی مدة الخیار فهو من مال بائعه إلا أن یکون المبتاع قد أحدث فیه حدثا یدل علی الرضا انتهی و قال الحلبی فی الکافی فی خیار الحیوان فإن هلک فی مدة الخیار فهو من مال البائع إلا أن یحدث فیه حدثا یدل علی الرضا انتهی و فی السرائر بعد حکمه بالخیار فی الحیوان إلی ثلاثة أیام قال هذا إذا لم یحدث فی هذه المدة حدثا یدل علی الرضا و یتصرف فیه تصرفا ینقص قیمته أو یکون لمثل ذلک التصرف أجرة بأن یرکب الدابة أو یستعمل الحمار أو یقبل الجاریة أو یلامسها أو یدبرها تدبیرا لیس له الرجوع فیه کالمنذور انتهی و قال فی موضع آخر إذا لم یتصرف فیه یؤذن بالرضا فی العادة و أما العلامة رحمه الله فقد عرفت أنه استدل علی أصل الحکم بأن التصرف دلیل الرضا باللزوم. و قال فی موضع آخر لو رکب الدابة لیردها سواء قصرت المسافة أو طالت لم یکن ذلک رضاء بها ثم قال و لو سقاها الماء أو رکبها لیسقیها ثم یردها لم یکن ذلک رضاء منه بإمساکه و لو حلبها فی طریقه فالأقرب أنه تصرف یؤذن بالرضا. و فی التحریر فی مسألة سقوط رد المعیب بالتصرف قال و کذا لو استعمل المبیع أو تصرف فیه بما یدل علی الرضا و قال فی الدروس استثنی بعضهم من التصرف رکوب الدابة و الطحن علیها و حلبها إذ بها یعرف حالها لیختبر و لیس ببعید و قال المحقق الکرکی لو تصرف ذو الخیار غیر عالم کأن ظنها جاریته المختصة فتبینت ذات الخیار أو ذهل عن کونها المشتراة ففی الحکم تردد ینشأ من إطلاق الخبر بسقوط الخیار بالتصرف و من أنه غیر قاصد إلی لزوم البیع إذ لو علم لم یفعل و التصرف إنما عد مسقطا لدلالته علی الرضا باللزوم. و قال فی موضع آخر و لا یعد رکوب الدابة للاستخبار أو لدفع جموحها أو للخوف من ظالم أو لیردها تصرفا ثم قال و هل یعد حملها للاستخبار تصرفا لیس ببعید أن لا یعد و کذا لو أراد ردها و حلبها لأخذ اللبن علی إشکال ینشأ من أنه ملکه فله استخلاصه انتهی. و حکی عنه فی موضع آخر أنه قال و المراد بالتصرف المسقط ما کان المقصود منه التملک لا الاختبار و لا حفظ المبیع کرکوب الدابة للسقی انتهی.

و مراده من التملک البقاء علیه و الالتزام به و یحتمل أن یراد به الاستعمال للانتفاع بالملک لا للاختیار و الحفظ هذا ما حضرنی من کلماتهم فی هذا المقام الظاهرة فی المعنی الثالث و حاصله التصرف علی وجه یدل عرفا لو خلی و طبعه علی الالتزام بالعقد لیکون إسقاطا فعلیا للخیار فیخرج منه ما دلت القرینة علی وقوعه لا عن الالتزام لکن یبقی الإشکال المتقدم سابقا من أن أکثر أمثلة التصرف المذکورة فی النصوص و الفتاوی لیست کذلک بل هی واقعة غالبا مع الغفلة أو التردد أو العزم علی الفسخ مطلقا أو إذا اطلع علی ما یوجب زهده فیه فهی غیر دالة فی نفسها عرفا علی الرضا و منه یظهر وجه النظر فی دفع الاستبعاد الذی ذکرناه سابقا من عدم انفکاک اشتراء الحیوان من التصرف فیه فی الثلاثة فیکون مورد الخیار فی غایة الندرة بأن الغالب فی التصرفات وقوعها مع عدم الرضا باللزوم فلا یسقط بها الخیار إذ فیه أن هذا یوجب استهجان تعلیل السقوط بمطلق الحدث بأنه رضاء لأن المصحح لهذا التعلیل مع العلم بعدم کون بعض أفراده رضاء هو ظهوره فیه عرفا من أجل الغلبة فإذا فرض أن الغالب فی مثل هذه التصرفات وقوعها لا عن التزام للعقد بل مع العزم علی الفسخ أو التردد فیه أو الغفلة کان تعلیل الحکم علی المطلق بهذه العلة الغیر الموجودة إلا فی قلیل من أفراده مستهجنا.

و أما الاستشهاد لذلک بما سیجی ء من أن تصرف البائع فی ثمن بیع الخیار غیر مسقط لخیاره اتفاقا و لیس ذلک إلا من جهة صدوره لا عن التزام بالعقد بل مع العزم علی الفسخ برد مثل الثمن ففیه ما سیجی ء. و مما ذکرنا من استهجان التعلیل علی تقدیر کون غالب التصرفات واقعة لا عن التزام یظهر فساد الجمع بهذا الوجه یعنی حمل الأخبار المتقدمة علی صورة دلالة التصرفات المذکورة علی الرضا بلزوم العقد جمعا بینها و بین ما دل من الأخبار علی عدم سقوطه بمجرد التصرف مثل روایة عبد الله بن الحسن المتقدمة التی لم یستفصل فی جوابها بین تصرف المشتری فی العبد المتوفی فی زمان الخیار و عدمه و إنما أنیط سقوط الخیار فیها بالرضا الفعلی و مثل الخبر المصحح: فی رجل اشتری شاة فأمسکها ثلاثة أیام ثم رد قال إن کان تلک الثلاثة أیام شرب لبنها یرد معها ثلاثة أمداد و إن لم یکن لها لبن فلیس علیه شی ء و نحوه الآخر و ما فیهما من رد ثلاثة أمداد لعله محمول علی الاستحباب مع أن ترک العمل به لا یوجب رد الروایة فتأمل. و قد أفتی بذلک فی المبسوط فیما لو باع شاة غیر مصراة و حلبها أیاما ثم وجد المشتری فیها عیبا ثم قال و قیل لیس له ردها

المکاسب، ج 3، ص 228

لأنه تصرف بالحلب. و بالجملة فالجمع بین النص و الفتوی الظاهرین فی کون التصرف مسقطا لدلالته علی الرضا بلزوم العقد و بین ما تقدم من التصرفات المذکورة فی کثیر من الفتاوی خصوصا ما ذکره غیر واحد من الجزم بسقوط الخیار بالرکوب فی طریق الرد و التردد فیه و فی التصرف للاستخبار مع العلم بعدم اقترانهما بالرضا بلزوم العقد فی غایة الإشکال و الله العالم بحقیقة الحال

الثالث خیار الشرط
اشارة

أعنی الثابت بسبب اشتراطه فی العقد و لا خلاف فی صحة هذا الشرط و لا فی أنه لا یتقدر بحد عندنا- و نقل الإجماع علیه مستفیض الأصل فیه قبل ذلک الأخبار العامة المسوغة لاشتراط کل شرط إلا ما استثنی و الأخبار الخاصة الواردة فی بعض أفراد المسألة. فمن الأولی الخبر المستفیض الذی لا یبعد دعوی تواتره: إن المسلمین عند شروطهم و یزید فی صحیحة ابن سنان: إلا کل شرط خالف کتاب الله فلا یجوز. و فی موثقة إسحاق بن عمار: إلا شرطا حرم حلالا أو حلل حراما نعم فی صحیحة أخری لابن سنان: من اشترط شرطا مخالفا لکتاب الله فلا یجوز علی الذی اشترط علیه و المسلمون عند شروطهم فیما وافق کتاب الله لکن المراد منه بقرینة المقابلة عدم المخالفة للإجماع علی عدم اعتبار موافقة الشرط لظاهر الکتاب. و تمام الکلام فی معنی هذه الأخبار و توضیح المراد منه الاستثناء الوارد فیها یأتی فی باب الشرط فی ضمن العقد إن شاء الله-

و المقصود هنا بیان أحکام الخیار المشترط فی العقد
اشارة

و هی تظهر برسم مسائل-

مسألة لا فرق بین کون زمان الخیار متصلا بالعقد أو منفصلا عنه

لعموم أدلة الشرط قال فی التذکرة لو شرط خیار الغد صح عندنا خلافا للشافعی و استدل له فی موضع آخر بلزوم صیرورة العقد جائزا بعد اللزوم و رد بعدم المانع من ذلک مع أنه کما فی التذکرة منتقض بخیار التأخیر و خیار الرؤیة. نعم یشترط تعیین المدة فلو تراضیا علی مدة مجهولة کقدوم الحاج بطل بلا خلاف بل حکی الإجماع علیه صریحا لصیرورة المعاملة بذلک غرریة و لا عبرة بمسامحة العرف فی بعض المقامات و إقدام العقلاء علیه أحیانا فإن المستفاد من تتبع أحکام المعاملات عدم رضاء الشارع بذلک إذ کثیرا ما یتفق التشاح فی مثل الساعة و الساعتین من زمان الخیار فضلا من الیوم و الیومین. و بالجملة فالغرر لا ینتفی بمسامحة الناس فی غیر زمان الحاجة إلی المداقة و إلا لم یکن بیع الجزاف و ما تعذر تسلیمه و الثمن المحتمل للتفاوت القلیل و غیر ذلک من الجهالات غررا لتسامح الناس فی غیر مقام الحاجة إلی المداقة فی أکثر الجهالات و لعل هذا مراد بعض الأساطین من قوله إن دائرة الغرر فی الشرع أضیق من دائرته فی العرف و إلا فالغرر لفظ لا یرجع فی معناه إلا إلی العرف. نعم الجهالة التی لا یرجع الأمر معها غالبا إلی التشاح بحیث یکون النادر کالمعدوم لا تعد غررا کتفاوت المکاییل و الموازین. و یشیر إلی ما ذکرنا الأخبار الدالة علی اعتبار کون السلم إلی أجل معلوم و خصوص موثقة غیاث:

لا بأس بالسلم فی کیل معلوم إلی أجل معلوم لا یسلم إلی دیاس أو إلی حصاد مع أن التأجیل إلی الدیاس و الحصاد و شبههما فوق حد الإحصاء بین العقلاء الجاهلین بالشرع و ربما یستدل علی ذلک بأن اشتراط المدة المجهولة مخالف للکتاب و السنة لأنه غرر و فیه أن کون البیع بواسطة الشرط مخالفا للکتاب و السنة غیر کون نفس الشرط مخالفا للکتاب و السنة ففی الثانی یفسد الشرط و یتبعه البیع و فی الأول یفسد البیع فیلغو الشرط اللهم إلا أن یراد أن نفس الالتزام بخیار فی مدة مجهولة غرر و إن لم یکن بیعا فیشمله دلیل نفی الغرر فیکون مخالفا للکتاب و السنة لکن لا یخفی سرایة الغرر إلی البیع فیکون الاستناد فی فساده إلی فساد شرطه المخالف للکتاب کالأکل من القفا.

مسألة لا فرق فی بطلان العقد- بین ذکر المدة المجهولة

کقدوم الحاج و بین عدم ذکر المدة أصلا کأن یقول بعتک علی أن یکون لی الخیار و بین ذکر المدة المطلقة کأن یقول بعتک علی أن یکون لی الخیار مدة لاستواء الکل فی الغرر- خلافا للمحکی عن المقنعة و الانتصار و الخلاف و الجواهر و الغنیة و الحلبی فجعلوا مدة الخیار فی الصورة الثانیة ثلاثة أیام و یحتمل حمل الثالثة علیها- و عن الانتصار و الغنیة و الجواهر الإجماع علیه- و فی محکی الخلاف وجود أخبار الفرقة به و لا شک أن هذه الحکایة بمنزلة إرسال أخبار فیکفی فی انجبارها الإجماعات المنقولة و لذا مال إلیه فی محکی الدروس لکن العلامة فی التذکرة لم یحک هذا القول إلا عن الشیخ قدس سره و أوله بإرادة خیار الحیوان. و عن العلامة الطباطبائی فی مصابیحه الجزم به و قواه بعض المعاصرین منتصرا لهم بما فی مفتاح الکرامة من أنه لیس فی الأدلة ما یخالفه إذ الغرر مندفع بتحدید الشرع و إن لم یعلم به المتعاقدان کخیار الحیوان الذی لا إشکال فی صحة العقد مع الجهل به أو بمدته. و زاد فی مفتاح الکرامة التعلیل بأن الجهل یؤول إلی العلم الحاصل من الشرع و فیه ما تقدم فی مسألة تعذر التسلیم من أن بیع الغرر موضوع عرفی حکم فیه الشارع بالفساد و التحدید بالثلاثة تعبد شرعی لم یقصده المتعاقدان فإن ثبت بالدلیل کان مخصصا لعموم نفی الغرر و کان التحدید تعبدیا نظیر التحدید الوارد فی بعض الوصایا المبهمة أو یکون حکما شرعیا ثبت فی موضوع خاص- و هو إهمال مدة الخیار. و الحاصل أن الدعوی فی تخصیص أدلة نفی الغرر لا فی تخصصها و الإنصاف أن ما ذکرنا من حکایة الأخبار و نقل الإجماع لا ینهض لتخصیص قاعدة الغرر لأن الظاهر بقرینة عدم تعرض الشیخ لذکر شی ء من هذه الأخبار فی کتابیه الموضوعین لإیداع الأخبار أنه عول فی هذه الدعوی علی اجتهاده فی دلالة الأخبار الواردة فی شرط الحیوان و لا ریب أن الإجماعات المحکیة إنما تجبر قصور السند المرسل المتضح دلالته أو القاصر دلالته لا المرسل المجهول العین المحتمل لعدم الدلالة رأسا فالتعویل حینئذ علی نفس الجابر و لا حاجة إلی ضم المنجبر إذ نعلم إجمالا أن المجمعین اعتمدوا علی دلالات اجتهادیة استنبطوها من الأخبار- و لا ریب أن المستند غالبا فی إجماعات القاضی و ابن زهرة إجماع السید فی الانتصار. نعم قد روی فی

المکاسب، ج 3، ص 229

کتب العامة أن حنان بن منقذ کان یخدع فی البیع لشجة أصابته فی رأسه فقال له النبی ص: إذا بعت فقل لا خلابة و جعل له الخیار ثلاثا. و فی روایة و لک الخیار ثلاثا و الخلابة الخدیعة فی دلالته فضلا عن سنده ما لا یخفی و جبرها بالإجماعات کما تری إذ التعویل علیها مع ذهاب المتأخرین إلی خلافها فی الخروج عن قاعدة الغرر مشکل بل غیر صحیح فالقول بالبطلان لا یخلو عن قوة ثم إنه ربما یقال ببطلان الشرط دون العقد- و لعله مبنی علی أن فساد الشرط لا یوجب فساد العقد. و فیه أن هذا علی القول به فیما إذا لم یوجب الشرط فسادا فی أصل البیع کما فیما نحن فیه حیث إن جهالة الشرط یوجب کون البیع غرریا و إلا فالمتجه فساد البیع و لو لم نقل بسرایة الفساد من الشرط إلی المشروط و سیجی ء تمام الکلام فی مسألة الشروط.

مسألة مبدأ هذا الخیار من حین العقد

لأنه المتبادر من الإطلاق و لو کان زمان الخیار منفصلا کان مبدؤه أول جزء من ذلک الزمان فلو شرط خیار الغد کان مبدؤه من طلوع فجر الغد فیجوز جعل مبدئه من انقضاء خیار الحیوان بناء علی أن مبدأه من حین العقد و لو جعل مبدأه من حین التفرق بطل لأدائه إلی جهالة مدة الخیار. و عن الشیخ و الحلی أن مبدأه من حین التفرق و قد تقدم عن الشیخ وجهه مع عدم تمامیته. نعم یمکن أن یقال هنا إن المتبادر من جعل الخیار جعله فی زمان لو لا الخیار لزم العقد کما أشار إلیه فی السرائر لکن لو تم هذا لاقتضی کونه فی الحیوان من حین انقضاء الثلاثة- مع أن هذا إنما یتم مع العلم بثبوت خیار المجلس و إلا فمع الجهل به لا یقصد إلا الجهل من حین العقد بل الحکم بثبوته من حین التفرق حکم علی المتعاقدین بخلاف قصدهما

مسألة یصح جعل الخیار لأجنبی

قال فی التذکرة لو باع العبد و شرط الخیار للعبد- صح البیع و الشرط عندنا معا و حکی عنه الإجماع فی الأجنبی قال لأن العبد بمنزلة الأجنبی و لو جعل الخیار لمتعدد کان کل منهم ذا خیار فإن اختلفوا فی الفسخ و الإجارة قدم الفاسخ لأن مرجع الإجازة إلی إسقاط خیار المجیز خاصة بخلاف ما لو وکل جماعة فی الخیار فإن النافذ هو تصرف السابق لفوات محل الوکالة بعد ذلک و عن الوسیلة أنه إذا کان الخیار لهما و اجتمعا علی فسخ أو إمضاء نفذ و إن لم یجتمعا بطل و إن کان لغیرهما و رضی نفذ البیع و إن لم یرض کان المبتاع بالخیار بین الفسخ و الإمضاء انتهی و فی الدروس و یجوز اشتراطه لأجنبی منفردا و لا اعتراض علیه و معهما أو مع أحدهما و لو خولف أمکن اعتبار فعله و إلا لم یکن لذکره فائدة انتهی. أقول و لو لم یمض فسخ الأجنبی مع إجازته و المفروض عدم مضی إجازته مع فسخه لم یکن لذکر الأجنبی فائدة ثم إنه ذکر غیر واحد أن الأجنبی یراعی المصلحة للجاعل و لعله لتبادره من الإطلاق و إلا فمقتضی التحکیم نفوذ حکمه علی الجاعل من دون ملاحظة مصلحة فتعلیل وجوب مراعاة الأصلح بکونه أمینا لا یخلو عن نظر ثم إنه ربما یتخیل أن اشتراط الخیار للأجنبی مخالف للمشروع نظرا إلی أن الثابت فی الشرع صحة الفسخ بالتفاسخ أو بدخول الخیار بالأصل کخیاری المجلس و الشرط أو بالعارض کخیار الفسخ برد الثمن لنفس المتعاقدین و هو ضعیف لمنع اعتبار کون الفسخ من أحد المتعاقدین شرعا و لا عقلا بل المعتبر فیه تعلق حق الفاسخ بالعقد أو بالعین و إن کان أجنبیا فحینئذ یجوز للمتبائعین اشتراط حق للأجنبی فی العقد و سیجی ء نظیره فی إرث الزوجة للخیار مع عدم إرثها من العین.

مسألة یجوز لهما اشتراط الاستیمار

بأن یستأمر المشروط علیه الأجنبی فی أمر العقد فیأتمر بأمره أو بأن یأتمره إذا أمره ابتداء و علی الأول فإن فسخ المشروط علیه من دون استیمار لم ینفذ و لو استأمره فإن أمره بالإجازة لم یکن له الفسخ قطعا إذ الغرض من الشرط لیس مجرد الاستیمار بل الالتزام بأمره مع أنه لو کان الغرض مجرد ذلک لم یوجب ذلک أیضا ملک الفسخ و إن أمره بالفسخ لم یجب علیه الفسخ بل غایة الأمر ملک الفسخ حینئذ إذ لا معنی لوجوب الفسخ علیه أما مع عدم رضاء الآخر بالفسخ فواضح إذ المفروض أن الثالث لا سلطنة له علی الفسخ و المتعاقدان لا یریدانه و أما مع طلب الآخر للفسخ فلأن وجوب الفسخ حینئذ علی المستأمر بالکسر راجع إلی حق لصاحبه علیه فإن اقتضی اشتراط الاستیمار ذلک الحق علی صاحبه عرفا فمعناه سلطنة صاحبه علی الفسخ فیرجع اشتراط الاستیمار إلی شرط لکل منهما علی صاحبه. و الحاصل أن اشتراط الاستیمار من واحد منهما علی صاحبه إنما یقتضی ملکه للفسخ إذا أذن له الثالث المستأمر و اشتراطه لکل منهما علی صاحبه یقتضی ملک کل واحد منهما للفسخ عند الإذن. و مما ذکرنا یتضح حکم الشق الثانی و هو الائتمار بأمره الابتدائی فإنه إن کان شرطا لأحدهما ملک الفسخ لو أمره به و إن کان لکل منهما ملکا کذلک ثم فی اعتبار مراعاة المستأمر للمصلحة و عدمه وجهان أوجههما العدم إن لم یستفد الاعتبار من إطلاق العقد بقرینة حالیة أو مقالیة.

مسألة من أفراد خیار الشرط ما یضاف البیع و یقال له بیع الخیار

و هو جائز عندنا کما فی التذکرة و عن غیرها الإجماع علیه و هو أن یبیع شیئا و یشترط الخیار لنفسه مدة بأن یرد الثمن فیها و یرتجع المبیع

و الأصل فیه بعد العمومات المتقدمة فی الشرط النصوص المستفیضة

منها موثقة إسحاق بن عمار

قال سمعت من یسأل أبا عبد الله ع یقول و سأله رجل و أنا عنده فقال: رجل مسلم احتاج إلی بیع داره فمشی فجاء إلی أخیه فقال له أبیعک داری هذه و یکون لک أحب إلی من أن یکون لغیرک علی أن تشترط لی أنی إذا جئتک بثمنها إلی سنة تردها علی قال لا بأس بهذا إن جاء بثمنها ردها علیه قلت أ رأیت لو کان للدار غلة لمن تکون الغلة فقال الغلة للمشتری أ لا تری أنها لو احترقت کانت من ماله

و روایة معاویة بن میسرة

قال سمعت أبا الجارود: یسأل أبا عبد الله ع عن رجل باع دارا له من رجل و کان بینه و بین الذی اشتری منه الدار خلطة- فشرط أنک إن أتیتنی بمالی ما بین ثلاث سنین فالدار دارک فأتاه بماله قال له أبو الجارود فإن هذا الرجل قد أصاب فی هذا المال فی ثلاث سنین قال هو ماله و قال ع

المکاسب، ج 3، ص 230

أ رأیت لو أن الدار احترقت من مال من کانت یکون الدار دار المشتری

و عن سعید بن یسار

فی الصحیح قال: قلت لأبی عبد الله ع إنا نخالط أناسا من أهل السود أو غیرهم فنبیعهم و نربح علیهم فی العشرة اثنی عشر و ثلاثة عشر و نؤخر ذلک فیما بیننا و بینهم السنة و نحوها و یکتب لنا رجل منهم علی داره أو أرضه بذلک المال الذی فیه الفضل الذی أخذ منا شراء بأنه باع و قبض الثمن منه فنعده إن جاء هو بالمال إلی وقت بیننا و بینهم أن ترد علیه الشراء فإن جاء الوقت و لم یأتنا بالدراهم فهو لنا فما تری فی هذا الشراء قال أری أنه لک إن لم یفعله و إن جاء بالمال الموقت فرد علیه

و عن أبی الجارود

عن أبی جعفر ع قال: إن بعت رجلا علی شرط فإن أتاک بمالک و إلا فالبیع لک.

إذا عرفت هذا

فتوضیح المسألة یتحقق بالکلام فی أمور

الأول أن اعتبار رد الثمن فی هذا الخیار- یتصور علی وجوه

أحدها أن یؤخذ قیدا للخیار علی وجه التعلیق أو التوقیت

فلا خیار قبله و یکون مدة الخیار منفصلة دائما عن العقد و لو بقلیل و لا خیار قبل الرد و المراد برد الثمن فعل ماله دخل فی القبض من طرفه و إن أبی المشتری.

الثانی أن یؤخذ قیدا للفسخ

بمعنی أن له الخیار فی کل جزء من المدة المضروبة و التسلط علی الفسخ علی وجه مقارنته لرد الثمن أو تأخره عنه.

الثالث أن یکون رد الثمن فسخا فعلیا

بأن یراد منه تملیک الثمن لیتملک منه المبیع و علیه حمل فی الریاض ظاهر الأخبار الدالة علی عود المبیع بمجرد رد الثمن.

الرابع أن یؤخذ رد الثمن قیدا لانفساخ العقد

فمرجع ثبوت الخیار له إلی کونه مسلطا علی سبب الانفساخ لا علی مباشرة الفسخ و هذا هو الظاهر من روایة معاویة بن میسرة و یحتمل الثالث کما هو ظاهر روایتی سعید بن یسار و موثقة إسحاق بن عمار و عنوان المسألة بهذا الوجه هو الظاهر من الغنیة حیث لم یذکر هذا القسم من البیع فی الخیار أصلا و إنما ذکره فی أمثلة الشروط الجائزة فی متن العقد قال إن یبیع و یشترط علی المشتری إن رد الثمن علیه فی وقت کذا کان المبیع له انتهی.

الخامس أن یکون رد الثمن شرطا لوجوب الإقالة علی المشتری

بأن یلتزم المشتری علی نفسه أن یقیله إذا جاء بالثمن و استقالة و هو ظاهر الوسیلة حیث قال إذا باع شیئا علی أن یقیله فی وقت کذا بمثل الثمن الذی باعه منه لزمته الإقالة إذا جاءه بمثل الثمن فی المدة انتهی فإن أبی أجبره الحاکم أو أقال عنه و إلا استقل بالفسخ و هو محتمل روایتی سعید بن یسار و إسحاق بن عمار علی أن یکون رد المبیع البیع فیهما کنایة عن ملزومه و هی الإقالة لا أن یکون وجوب الرد کنایة عن تملک البائع للمبیع بمجرد فسخه بعد رد الثمن علی ما فهمه الأصحاب و مرجعه إلی أحد الأولین- . و الأظهر فی کثیر من العبارات مثل الشرائع و القواعد و التذکرة هو الثانی

[صحة الأنحاء المذکورة عدا الرابع]

لکن الظاهر صحة الاشتراط بکل من الوجوه الخمسة عدا الرابع فإنه فیه إشکالا من جهة أن انفساخ البیع بنفسه بدون إنشاء فعلی أو قولی یشبه انعقاده بنفسه مخالفة المشروع من توقف المسببات علی أسبابها الشرعیة و سیجی ء فی باب الشروط ما یتضح به صحة ذلک و سقمه.

الأمر الثانی الثمن المشروط رده إما أن یکون فی الذمة و إما أن یکون معینا

و علی کل تقدیر إما أن یکون قد قبضه و إما لم یقبضه فإن لم یقبضه فله الخیار و إن لم یتحقق رد الثمن لأنه شرط علی تقدیر قبضه و إن لم یفسخ حتی انقضت المدة لزم البیع و یحتمل العدم بناء علی أن اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله و إن قبض الثمن المعین فإما أن یشترط رد عینه أو یشترط رد ما یعم بدله مع عدم التمکن من العین بسبب لا منه أو مطلقا أو و لو مع التمکن منه علی الإشکال من الأخیر من حیث اقتضاء الفسخ شرعا بل لغة رد العین مع الإمکان و فی جواز اشتراط رد القیمة فی المثلی و بالعکس وجهان- و إما أن یطلق فعلی الأول لا خیار إلا برد العین فلو تلف لا من البائع فالظاهر عدم الخیار- إلا أن یکون إطلاق اشتراط رد العین فی الخیار لإفادة سقوطه بإتلاف البائع فیبقی الخیار فی إتلاف غیره علی حاله و فیه نظر. و علی الثانی فله رد البدل فی موضع صحة الاشتراط. و أما الثالث فمقتضی ظاهر الشرط فیه رد العین و یظهر من إطلاق محکی الدروس و حاشیة الشرائع أن الإطلاق لا یحمل علی العین و یحتمل حمله علی الثمن الکلی و سیأتی و إن کان الثمن کلیا فإن کان فی ذمة البائع کما هو مضمون روایة سعید بن یسار المتقدمة فرده بأداء ما فی الذمة سواء قلنا إنه عین الثمن أو بدله من حیث إن ما فی ذمة البائع سقط عنه بصیرورته ملکا له فکأنه تلف المراد برده المشترط رد بدله و إن لم یکن الثمن فی ذمة البائع و قبضه فإن شرط رد ذلک الفرد المقبوض أو رد مثله بأحد الوجوه المتقدمة فالحکم علی مقتضی الشرط و إن أطلق فالمتبادر بحکم الغلبة فی هذا القسم من البیع المشتهر ببیع الخیار هو رد ما یعم البدل إما مطلقا أو مع فقد العین و یدل علیه صریحا بعض الأخبار المتقدمة إلا أن المتیقن منها صورة فقد العین.

الأمر الثالث [هل یکفی مجرد رد الثمن فی الفسخ]

قیل ظاهر الأصحاب بناء علی ما تقدم من أن رد الثمن فی هذا البیع عندهم مقدمة لفسخ البائع أنه لا یکفی مجرد الرد فی الفسخ و صرح به فی الدروس و غیره و لعل منشأ الظهور أن هذا القسم فرد من خیار الشرط مع اعتبار شی ء زائد فیه و هو رد الثمن و عللوا ذلک أیضا بأن الرد من حیث هو لا یدل علی الفسخ أصلا و هو حسن مع عدم الدلالة أما لو فرض الدلالة عرفا إما بأن یفهم منه کونه تملیکا للثمن من المشتری لیتملک منه المبیع علی وجه المعاطاة و إما بأن یدل الرد بنفسه علی الرضا بکون المبیع ملکا له و الثمن ملکا للمشتری فلا وجه لعدم الکفایة مع اعترافهم بتحقق الفسخ فیما هو أخفی من ذلک دلالة و ما قیل من أن الرد یدل علی إرادة الفسخ و الإرادة غیر المراد ففیه أن المدعی دلالته علی إرادة کون المبیع ملکا له و الثمن ملکا للمشتری و لا یعتبر فی الفسخ الفعلی أزید من هذا مع أن ظاهر الأخبار کفایة الرد فی وجوب رد المبیع بل قد عرفت فی روایة معاویة بن میسرة حصول تملک المبیع برد الثمن فیحمل علی تحقق الفسخ الفعلی به.

الأمر الرابع- یسقط هذا الخیار بإسقاطه بعد العقد

علی الوجه الثانی من الوجهین الأولین بل و علی الوجه الأول بناء علی أن تحقق السبب و هو العقد کاف فی صحة إسقاط الحق- لکن مقتضی ما صرح به فی التذکرة من أنه لا یجوز إسقاط خیار الشرط أو الحیوان

المکاسب، ج 3، ص 231

بعد العقد بناء علی حدوثهما من زمان التفرق عدم الجواز أیضا إلا أن یفرق هنا بأن المشروط له مالک للخیار قبل الرد و لو من حیث تملکه للرد الموجب له فله إسقاطه بخلاف ما فی التذکرة و یسقط أیضا بانقضاء المدة و عدم رد الثمن أو بدله مع الشرط أو مطلقا علی التفصیل المتقدم و لو تبین المردود من غیر الجنس فلا رد و لو ظهر معیبا کفی فی الرد و له الاستبدال و یسقط أیضا بالتصرف فی الثمن المعین مع اشتراط رد العین أو حمل الإطلاق علیه و کذا الفرد المدفوع من الثمن الکلی إذا حمل الإطلاق علی اعتبار رد عین المدفوع کل ذلک لإطلاق ما دل علی أن تصرف ذی الخیار- فیما انتقل إلیه رضاء بالعقد و لا خیار و قد عمل الأصحاب بذلک فی غیر مورد النص کخیاری المجلس و الشرط. و المحکی عن المحقق الأردبیلی و صاحب الکفایة- أن الظاهر عدم سقوط هذا الخیار بالتصرف فی الثمن لأن المدار فی هذا الخیار علیه لأنه شرع لانتفاع البائع بالثمن فلو سقط الخیار سقط الفائدة و للموثق المتقدم المفروض فی مورده تصرف البائع فی الثمن و بیع الدار لأجل ذلک و المحکی عن العلامة الطباطبائی فی مصابیحه الرد علی ذلک بعد الطعن علیه بمخالفته لما علیه الأصحاب بما محصله أن التصرف المسقط ما وقع فی زمان الخیار و لا خیار إلا بعد الرد و لا ینافی شی ء مما ذکر لزومه بالتصرف بعد الرد لأن ذلک منه بعده لا قبله و إن کان قادرا علی إیجاد سببه فیه إذ المدار علی الفعل لا علی القوة علی أنه لا یتم فیما اشترط فیه الرد فی وقت منفصل عن العقد کیوم بعد سنة مثلا انتهی محصل کلامه و ناقش بعض من تأخر عنه فیما ذکره من کون حدوث الخیار بعد الرد لا قبله بأن ذلک یقتضی جهالة مبدء الخیار و بأن الظاهر من إطلاق العرف و تضعیف کثیر من الأصحاب قول الشیخ بتوقف الملک علی انقضاء الخیار ببعض الأخبار المتقدمة فی هذه المسألة الدالة علی أن غلة المبیع للمشتری هو کون مجموع المدة زمان الخیار انتهی. أقول فی أصل الاستظهار المتقدم و الرد المذکور عن المصابیح و المناقشة علی الرد نظر أما الأول فلأنه لا مخصص لدلیل سقوط الخیار بالتصرف المنسحب فی غیر مورد النص علیه باتفاق الأصحاب و أما بناء هذا العقد علی التصرف فهو من جهة أن الغالب المتعارف البیع بالثمن الکلی و ظاهر الحال فیه کفایة رد مثل الثمن و لذا قوینا حمل الإطلاق فی هذه الصورة علی ما یعم البدل و حینئذ فلا یکون التصرف فی عین الفرد المدفوع دلیلا علی الرضا بلزوم العقد إذ لا منافاة بین فسخ العقد و صحة هذا التصرف و استمراره و هو مورد الموثق المتقدم أو منصرف إطلاقه أو من جهة تواطؤ المتعاقدین علی ثبوت الخیار مع التصرف أیضا أو للعلم بعدم الالتزام بالعقد بمجرد التصرف فی الثمن و قد مر أن السقوط بالتصرف لیس تعبدا شرعیا مطلقا حتی المقرون منه بعدم الرضا بلزوم العقد. و أما الثانی فلأن المستفاد من النص و الفتوی کما عرفت کون التصرف مسقطا فعلیا کالقولی یسقط الخیار فی کل مقام یصح إسقاطه بالقول و الظاهر عدم الإشکال فی جواز إسقاط الخیار قولا قبل الرد هذا مع أن حدوث الخیار بعد الرد مبنی علی الوجه الأول المتقدم من الوجوه الخمسة فی مدخلیة الرد فی الخیار و لا دلیل علی تعینه فی بیع الخیار المتعارف بین الناس بل الظاهر من عبارة غیر واحد هو الثانی أو نقول إن المتبع مدلول الجملة الشرطیة الواقعة فی متن العقد فقد یؤخذ الرد فیها قیدا للخیار و قد یؤخذ قیدا للفسخ. نعم لو جعل الخیار و الرد فی جزء معین من المدة کیوم بعد السنة کان التصرف قبله تصرفا مع لزوم العقد و جاء فیه الإشکال فی صحة الإسقاط هنا و لو قولا من عدم تحقق الخیار و من تحقق سببه. و أما المناقشة فی تحدید مبدأ الخیار بالرد بلزوم جهالة مدة الخیار ففیه أنها لا تقدح مع تحدید زمان التسلط علی الرد و الفسخ بعده إنشاء. نعم ذکر فی التذکرة أنه لا یجوز اشتراط الخیار من حین التفرق إذا جعلنا مبدأه عند الإطلاق من حین العقد لکن الفرق یظهر بالتأمل و أما الاستشهاد علیه بحکم العرف ففیه أن زمان الخیار عرفا لا یراد به إلا ما کان الخیار متحققا فیه شرعا أو بجعل المتعاقدین و المفروض أن الخیار هنا جعلی فالشک فی تحقق الخیار قبل الرد بجعل المتعاقدین و أما ما ذکره بعض الأصحاب فی رد الشیخ من بعض أخبار

المسألة فلعلهم فهموا من مذهبه توقف الملک علی انقضاء زمان الخیار مطلقا حتی المنفصل کما لا یبعد عن إطلاق کلامه و إطلاق ما استدل له به من الأخبار.

الأمر الخامس لو تلف المبیع کان من المشتری

سواء کان قبل الرد أو بعده و نماؤه أیضا له مطلقا و الظاهر عدم سقوط خیار البائع فیسترد المثل أو القیمة برد الثمن أو بدله و یحتمل عدم الخیار بناء علی أن مورد هذا الخیار هو إلزام أن له رد الثمن و ارتجاع البیع و ظاهره اعتبار بقاء المبیع فی ذلک فلا خیار مع تلفه ثم إنه لا تنافی بین شرطیة البقاء و عدم جواز تفویت الشرط فلا یجوز للمشتری إتلاف المبیع کما سیجی ء فی أحکام الخیار لأن غرض البائع من الخیار استرداد عین ماله و لا یتم إلا بالتزام إبقائه للبائع و لو تلف الثمن فإن کان بعد الرد و قبل الفسخ فمقتضی ما سیجی ء من أن التلف فی زمان الخیار ممن لا خیار له کونه من المشتری و إن کان ملکا للبائع إلا أن یمنع شمول تلک القاعدة للثمن و یدعی اختصاصها بالمبیع- کما ذکره بعض المعاصرین و استظهره من روایة معاویة بن میسرة المتقدمة و لم أعرف وجه الاستظهار إذ لیس فیها إلا أن نماء الثمن للبائع و تلف المبیع من المشتری و هما إجماعیان حتی فی مورد کون التلف ممن لا خیار له فلا حاجة لهما إلی تلک الروایة و لا یکون الروایة مخالفة للقاعدة و إنما المخالف لها هی قاعدة أن الخراج بالضمان إذا انضمت إلی الإجماع لی کون النماء للمالک. نعم الإشکال فی عموم تلک القاعدة للثمن کعمومها لجمیع أفراد الخیار لکن الظاهر من إطلاق غیر واحد عموم القاعدة للثمن و اختصاصها بالخیارات الثلاثة أعنی خیار المجلس و الشرط و الحیوان و سیجی ء الکلام فی أحکام الخیار و إن کان التلف قبل الرد فمن البائع بناء علی عدم ثبوت الخیار

المکاسب، ج 3، ص 232

قبل الرد و فیه ما عرفت من منع المبنی منع البناء فإن دلیل ضمان من لا خیار له مال صاحبه و هو تزلزل البیع سواء کان بخیار متصل أو بمنفصل کما یقتضیه أخبار تلک المسألة کما سیجی ء ثم إن قلنا بأن تلف الثمن من المشتری انفسخ البیع و إن قلنا بأنه من البائع فالظاهر بقاء الخیار فیرد البدل و یرتجع المبیع.

الأمر السادس لا إشکال فی القدرة علی الفسخ برد الثمن علی نفس المشتری أو برده علی وکیله المطلق أو الحاکم أو العدول

مع التصریح بذلک فی العقد و إن کان المشروط هو رده إلی المشتری مع عدم التصریح ببدله فامتنع رده إلیه عقلا لغیبة و نحوها أو شرعا لجنون و نحوه ففی حصول الشرط برده إلی الحاکم کما اختاره المحقق القمی فی بعض أجوبة مسائله و عدمه کما اختاره سید مشایخنا فی مناهله قولان و ربما یظهر من صاحب الحدائق الاتفاق علی عدم لزوم رد الثمن إلی المشتری مع غیبته حیث إنه بعد نقل قول المشهور بعدم اعتبار حضور الخصم فی فسخ ذی الخیار و أنه لا اعتبار بالإشهاد خلافا لبعض علمائنا قال إن ظاهر الروایة اعتبار حضور المشتری لیفسخ البائع بعد دفع الثمن إلیه فما ذکروه من جواز الفسخ مع عدم حضور المشتری و جعل الثمن أمانة إلی أن یجی ء المشتری و إن کان ظاهرهم الاتفاق علیه إلا أنه بعید عن مساق الأخبار المذکورة انتهی. أقول لم أجد فیما رأیت من تعرض الحکم رد الثمن مع غیبة المشتری فی هذا الخیار و لم یظهر منهم جواز الفسخ بجعل الثمن أمانة عند البائع حتی یحضر المشتری و ذکرهم لعدم اعتبار حضور الخصم فی فسخ ذی الخیار إنما هو لبیان حال الفسخ من حیث هو فی مقابل العامة و بعض الخاصة حیث اشترطوا فی الفسخ بالخیار حضور الخصم و لا تنافی بینه و بین اعتبار حضوره لتحقق شرط آخر للفسخ و هو رد الثمن إلی المشتری مع أن ما ذکره من أخبار المسألة- لا یدل علی اعتبار حضور الخصم فی الفسخ و إن کان موردها صورة حضوره لأجل تحقق الرد إلا أن الفسخ قد یتأخر عن الرد بزمان بناء علی مغایرة الفسخ للرد و عدم الاکتفاء به عنه. نعم لو قلنا بحصول الفسخ بالرد اختص موردها بحضور الخصم لکن الأصحاب لم ینکروا اعتبار الحضور فی هذا الخیار خصوصا لو فرض قولهم بحصول الفسخ بمجرد رد الثمن فافهم و کیف کان فالأقوی فیما لم یصرح باشتراط الرد إلی خصوص المشتری هو قیام الولی مقامه لأن الظاهر من الرد إلی المشتری حصوله عنده و تملکه له حتی لا یبقی الثمن فی ذمة البائع بعد الفسخ و لذا لو دفع إلی وارث المشتری کفی و کذا لو رد وارث البائع مع أن المصرح به فی العقد رد البائع و لیس ذلک لأجل إرثه للخیار لأن ذلک متفرع علی عدم مدخلیة خصوص البائع فی الرد و کذا الکلام فی ولیه و دعوی أن الحاکم إنما یتصرف فی مال الغائب- علی وجه الحفظ و المصلحة و الثمن قبل رده باق علی ملک البائع و قبضه عنه الموجب لسلطنة البائع علی الفسخ قد لا یکون مصلحة للغائب أو شبهه فلا یکون ولیا فی القبض فلا یحصل ملک المشتری المدفوع بعد الفسخ مدفوعة بأن هذا لیس تصرفا اختیاریا من قبل الولی حتی یناط بالمصلحة بل البائع حیث وجد من هو منصوب شرعا لحفظ مال الغائب صح له الفسخ إذ لا یعتبر فیه قبول المشتری أو ولیه للثمن حتی یقال إن ولایته فی القبول متوقفة علی المصلحة بل المعتبر تمکین المشتری أو ولیه منه إذا حصل الفسخ. و مما ذکرنا یظهر جواز الفسخ برد الثمن- إلی عدول المؤمنین لیحفظوها حسبة عن الغائب و شبهه و لو اشتری الأب للطفل بخیار البائع فهل یصح له الفسخ مع رد الثمن إلی الولی الآخر أعنی الجد مطلقا أو مع عدم التمکن من الرد إلی الأب أو لا وجوه و یجری مثلها فیما لو اشتری الحاکم للصغیر فرد البائع إلی حاکم آخر و لیس فی قبول الحاکم الآخر مزاحمة للأول حتی لا یجوز قبوله للثمن و لا یجری ولایته بالنسبة إلی هذه المعاملة بناء علی عدم جواز مزاحمة حاکم لحاکم آخر فی مثل هذه الأمور لما عرفت من أن أخذ الثمن من البائع لیس تصرفا اختیاریا بل البائع إذا وجد من یجوز أن یتملک الثمن عن المشتری عند فسخه جاز له الفسخ و لیس فی مجرد تملک الحاکم الثانی الثمن عن المشتری مزاحمة للحاکم الأول غایة الأمر وجوب دفعه إلیه مع احتمال عدم الوجوب لأن هذا ملک جدید للصغیر لم یتصرف فیه الحاکم الأول فلا مزاحمة لکن الأظهر أنها مزاحمة عرفا.

الأمر السابع إذا أطلق اشتراط الفسخ برد الثمن- لم یکن له ذلک إلا برد الجمیع

فلو رد بعضه لم یکن له الفسخ و لیس للمشتری التصرف فی المدفوع إلیه لبقائه علی ملک البائع و الظاهر أنه ضامن له لو تلف إذا دفعه إلیه علی وجه التمنیة إلا أن یصرح بکونها أمانة عنده إلی أن یجتمع قدر الثمن فینفسخ البائع و لو شرط البائع الفسخ فی کل جزء برد ما یخصه من الثمن جاز الفسخ فیما قابل المدفوع و للمشتری خیار التبعیض إذا لم یفسخ البائع بقیة المبیع و خرجت المدة و هل له ذلک قبل خروجها الوجه ذلک و یجوز اشتراط الفسخ فی الکل برد جزء معین من الثمن فی المدة بل بجزء غیر معین فیبقی الباقی فی ذمة البائع بعد الفسخ.

الأمر الثامن کما یجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن کذا یجوز للمشتری اشتراط الفسخ برد المثمن

و لا إشکال فی انصراف الإطلاق إلی العین و لا فی جواز التصریح برد بدله مع تلفه لأن مرجعه إلی اشتراط الخیار برد المبیع مع وجوده و بدله مع تلفه و عدم بقاء مال البائع عند المشتری بعد الفسخ و فی جواز اشتراط رد بدله و لو مع التمکن من العین إشکال من أنه خلاف مقتضی الفسخ لأن مقتضاه رجوع کل من العوضین إلی صاحبه فاشتراط البدل اشتراط للفسخ علی وجه غیر مشروع بل لیس فسخا فی الحقیقة. نعم لو اشترط رد التالف بالمثل فی القیمی و بالقیمة فی المثلی أمکن الجواز لأنه بمنزلة اشتراط إیفاء ما فی الذمة بغیر جنسه لا اشتراط ضمان التالف المثلی بالقیمة و القیمی بالمثل و لا اشتراط رجوع غیر ما اقتضاه العقد إلی البائع فتأمل و یجوز اشتراط الفسخ لکل منهما برد ما انتقل إلیه أو بدله و الله العالم.

مسألة لا إشکال و لا خلاف- فی عدم اختصاص خیار الشرط بالبیع- و جریانه فی کل معاوضة لازمة
اشارة

المکاسب، ج 3، ص 233

کالإجارة و الصلح و المزارعة و المساقاة بل قال فی التذکرة الأقرب عندی دخول خیار الشرط فی کل عقد معاوضة خلافا للجمهور. و مراده ما یکون لازما لأنه صرح بعدم دخوله فی الوکالة و الجعالة و القراض و العاریة و الودیعة لأن الخیار لکل منهما دائما فلا معنی لدخول خیار الشرط فیه.

و الأصل فی ما ذکر عموم المؤمنون عند شروطهم

بل الظاهر المصرح به فی کلمات جماعة دخوله فی غیر المعاوضات من العقود اللازمة و لو من طرف واحد بل إطلاقها یشمل العقود الجائزة إلا أن یدعی من الخارج عدم معنی للخیار فی العقد الجائز و لو من الطرف الواحد. فعن الشرائع و الإرشاد و الدروس و تعلیق الإرشاد و مجمع البرهان و الکفایة دخول خیار الشرط فی کل عقد سوی النکاح و الوقف و الإبراء و الطلاق و العتق و ظاهرها ما عدا الجائز و لذا ذکر نحو هذه العبارة فی التحریر بعد ما منع الخیار فی العقود الجائزة و کیف کان فالظاهر عدم الخلاف بینهم فی أن مقتضی عموم أدلة الشرط الصحة فی الکل و إنما الإخراج لمانع. و لذا قال فی الدروس بعد حکایة المنع من دخول خیار الشرط فی الصرف عن الشیخ قدس سره أنه لم یعلم وجهه مع عموم صحیحة ابن سنان المؤمنون عند شروطهم

فالمهم هنا بیان ما خرج عن هذا العموم
اشارة

فنقول

أما الإیقاعات

فالظاهر عدم الخلاف فی عدم دخول الخیار فیها کما یرشد إلیه استدلال الحلی فی السرائر علی عدم دخوله فی الطلاق بخروجه عن العقود قیل لأن المفهوم من الشرط ما کان بین اثنین کما ینبه علیه جملة من الأخبار و الإیقاع إنما یقوم بواحد و فیه أن المستفاد من الأخبار کون الشرط قائما بشخصین المشروط له و المشروط علیه لا کونه متوقفا علی الإیجاب و القبول أ لا تری أنهم جوزوا أن یشترط فی إعتاق العبد خدمة مدة تمسکا بعموم المؤمنون عند شروطهم. غایة الأمر توقف لزومه کاشتراط مال علی العبد علی قبول العبد علی قول بعض لکن هذا غیر اشتراط وقوع الشرط بین الإیجاب و القبول فالأولی الاستدلال علیه مضافا إلی إمکان منع صدق الشرط و انصرافه خصوصا علی ما تقدم عن القاموس بعدم مشروعیة الفسخ فی الإیقاعات حتی تقبل لاشتراط التسلط علی الفسخ فیها. و الرجوع فی العدة لیس فسخا للطلاق بل هو حکم شرعی فی بعض أقسامه لا یقبل الثبوت فی غیر مورده بل و لا السقوط فی مورده و مرجع هذا إلی أن مشروعیة الفسخ لا بد لها من دلیل و قد وجد فی العقود من جهة مشروعیة الإقالة و ثبوت خیار المجلس و الحیوان و غیرهما فی بعضها بخلاف الإیقاعات فإنه لم یعهد من الشارع تجویز نقض أثرها بعد وقوعها حتی یصح اشتراط ذلک فیها. و بالجملة فالشرط لا یجعل غیر السبب الشرعی سببا فإذا لم یعلم کون الفسخ سببا لارتفاع الإیقاع أو علم عدمه بناء علی أن اللزوم فی الإیقاعات حکم شرعی کالجواز فی العقود الجائزة فلا یصیر سببا باشتراط التسلط علیه فی متن الإیقاع هذا کله مضافا إلی الإجماع عن المبسوط و نفی الخلاف عن السرائر علی عدم دخوله فی العتق و الطلاق و إجماع المسالک علی عدم دخوله فی العتق و الإبراء. و مما ذکرنا فی الإیقاع یمکن أن یمنع دخول الخیار فیما تضمن الإیقاع- و لو کان عقدا کالصلح المفید فائدة الإبراء کما فی التحریر و جامع المقاصد و فی غایة المرام أن الصلح إن وقع معاوضة دخله خیار الشرط و إن وقع عما فی الذمة مع جهالته أو علی إسقاط الدعوی قبل ثبوتها لم یدخله لأن مشروعیته لقطع المنازعة فقط و اشتراط الخیار لعود الخصومة ینافی مشروعیته و کل شرط ینافی مشروعیة العقد غیر لازم انتهی. و الکبری المذکورة فی کلامه راجعة إلی ما ذکرنا فی وجه المنع عن الإیقاعات و لا أقل من الشک فی ذلک الراجع إلی الشک فی سببیة الفسخ لرفع الإیقاع.

و أما العقود
اشارة

فمنها ما لا یدخله اتفاقا و منها ما اختلف فیه و منها ما یدخله اتفاقا.

فالأول النکاح

فإنه لا یدخله اتفاقا کما عن الخلاف و المبسوط و السرائر و جامع المقاصد و المسالک الإجماع علیه و لعله لتوقف ارتفاعه شرعا علی الطلاق و عدم مشروعیة التقایل فیه.

و من الثانی الوقف

فإن المشهور عدم دخوله فیه و عن المسالک أنه موضع وفاق و یظهر من محکی السرائر و الدروس وجود الخلاف فیه و ربما علل باشتراط القربة فیه و أنه فک ملک بغیر عوض و الکبری فی الصغریین ممنوعة. و یمکن الاستدلال له بالموثقة المذکورة فی مسألة شرط الواقف کونه أحق بالوقف عند الحاجة- و هی قوله ع: من أوقف أرضا ثم قال إن احتجت إلیها فأنا أحق بها ثم مات الرجل فإنها ترجع فی المیراث و قریب منها غیرها و فی دلالتها علی المدعی تأمل. و یظهر من المحکی عن المشایخ الثلاثة فی تلک المسألة- تجویز اشتراط الخیار فی الوقف و لعله المخالف الذی أشیر إلیه فی محکی السرائر و الدروس. و أما حکم الصدقة فالظاهر أنه حکم الوقف قال فی التذکرة فی باب الوقف إنه یشترط فی الوقف الإلزام فلا یقع لو شرط الخیار فیه لنفسه و یکون الوقف باطلا کالعتق و الصدقة انتهی. لکن قال فی باب خیار الشرط أما الهبة المقبوضة فإن کانت لأجنبی غیر معوض عنها و لا قصد بها القربة و لا تصرف المتهب یجوز للواهب الرجوع فیها و إن اختل أحد القیود لزمت و هل یدخلها خیار الشرط الأقرب ذلک انتهی. و ظاهره دخول الخیار فی الهبة اللازمة حتی الصدقة و کیف کان فالأقوی عدم دخوله فیها لعموم ما دل علی أنه لا یرجع فیما کان لله- بناء علی أن المستفاد منه کون اللزوم حکما شرعیا لماهیة الصدقة نظیر الجواز للعقود الجائزة و لو شک فی ذلک کفی فی عدم سببیة الفسخ التی یتوقف صحة اشتراط الخیار علیها و توهم إمکان إثبات السببیة بنفس دلیل الشرط واضح الاندفاع. و منه الصلح فإن الظاهر المصرح به فی کلام جماعة کالعلامة فی التذکرة دخول الخیار فیه مطلقا بل عن المهذب البارع فی باب الصلح الإجماع علی دخوله فیه بقول مطلق و ظاهر المبسوط کالمحکی عن الخلاف عدم دخوله فیه مطلقا و قد تقدم التفصیل عن التحریر- و جامع المقاصد و غایة المرام و لا یخلو عن قرب لما تقدم من الشک فی سببیة الفسخ لرفع الإبراء أو ما

المکاسب، ج 3، ص 234

یفید فائدته. و منه الضمان فإن المحکی عن ضمان التذکرة و القواعد عدم دخول خیار الشرط فیه و هو ظاهر المبسوط و الأقوی دخوله فیه لو قلنا بالتقایل فیه. و منه الرهن فإن المصرح به فی غایة المرام عدم ثبوت الخیار للراهن لأن الرهن وثیقة للدین و الخیار ینافی الاستیثاق و لعله لذا استشکل فی التحریر و هو ظاهر المبسوط و مرجعه إلی أن مقتضی طبیعة الرهن شرعا بل عرفا کونها وثیقة و الخیار مناف لذلک و فیه أن غایة الأمر کون وضعه علی اللزوم فلا ینافی جواز جعل الخیار بتراضی الطرفین. و منه الصرف فإن صریح المبسوط و الغنیة و السرائر عدم دخول خیار الشرط فیه مدعین علی ذلک الإجماع و لعله لما ذکره فی التذکرة للشافعی المانع عن دخوله فی الصرف و السلم من أن المقصود من اعتبار التقابض فیهما أن یفترقا و لا یبقی بینهما علقة و لو أثبتنا الخیار بقیت العلقة و الملازمة ممنوعة کما فی التذکرة و لذا جزم فیها بدخوله فی الصرف و إن استشکله أولا کما فی القواعد.

و من الثالث أقسام البیع ما عدا الصرف و مطلق الإجارة و المزارعة و المساقاة

و غیر ما ذکر من موارد الخلاف فإن الظاهر عدم الخلاف فیها.

[هل یدخل خیار الشرط فی القسمة]

و اعلم أنه ذکر فی التذکرة تبعا للمبسوط دخول خیار الشرط فی القسمة- و إن لم یکن فیها رد و لا یتصور إلا بأن یشترط الخیار فی التراضی القولی بالسهام. و أما التراضی الفعلی فلا یتصور دخول خیار الشرط فیه بناء علی وجوب ذکر الشرط فی متن العقد و منه یظهر عدم جریان هذا الخیار فی المعاطاة و إن قلنا بلزومها من أول الأمر أو بعد التلف و السر فی ذلک أن الشرط القولی- لا یمکن ارتباطه بالإنشاء الفعلی و ذکر فیهما أیضا دخول الخیار فی الصداق و لعله لمشروعیة الفسخ فیه فی بعض المقامات کما إذا زوجها الولی بدون مهر المثل و فیه نظر و ذکر فی المبسوط أیضا دخول هذا الخیار فی السبق و الرمایة للعموم. أقول و الأظهر بحسب القواعد إناطة دخول خیار الشرط بصحة التقایل فی العقد فمتی شرع التقایل مع التراضی بعد العقد جاز تراضیهما حین العقد علی سلطنة أحدهما أو کلیهما علی الفسخ فإن إقدامه علی ذلک حین العقد کاف فی ذلک بعد ما وجب علیه شرعا القیام و الوفاء بما شرطه علی نفسه فیکون أمر الشارع إیاه بعد العقد بالرضا بما یفعله صاحبه من الفسخ و الالتزام و عدم الاعتراض علیه قائما مقام رضاه الفعلی بفعل صاحبه و إن لم یرض فعلا و أما إذا لم یصح التقایل فیه لم یصح اشتراط الخیار فیه لأنه إذا لم یثبت تأثیر الفسخ بعد العقد عن تراض منهما فالالتزام حین العقد لسلطنة أحدهما علیه لا یحدث له أثرا لما عرفت من أن الالتزام حین العقد لا یفید إلا فائدة الرضا الفعلی بعد العقد بفسخ صاحبه و لا یجعل الفسخ مؤثرا شرعیا و الله العالم

الرابع خیار الغبن
[الغبن لغة و اصطلاحا]

و أصله الخدیعة قال فی الصحاح هو بالتسکین فی البیع و الغبن بالتحریک فی الرأی و هو فی اصطلاح الفقهاء- تملیک ماله بما یزید علی قیمته مع جهل الآخر و تسمیة المملک غابنا و الآخر مغبونا مع أنه قد لا یکون خدع أصلا کما لو کانا جاهلین لأجل غلبة صدور هذه المعاوضة علی وجه الخدع. و المراد بما یزید أو ینقص العوض مع ملاحظة ما انضم إلیه من الشرط- فلو باع ما یساوی مائة دینار بأقل منه مع اشتراط الخیار للبائع فلا غبن لأن المبیع ببیع الخیار ینقص ثمنه عن المبیع بالبیع اللازم و هکذا غیره من الشروط و الظاهر أن کون الزیادة مما لا یتسامح به شرط خارج عن مفهومه بخلاف الجهل بقیمته ثم إن ثبوت الخیار به مع الشرط المذکور هو المعروف بین الأصحاب- و نسبه فی التذکرة إلی علمائنا و عن نهج الحق نسبته إلی الإمامیة و عن الغنیة و المختلف الإجماع علیه صریحا. نعم المحکی عن المحقق قدس سره فی درسه إنکاره و لا یعد ذلک خلافا فی المسألة کسکوت جماعة عن التعرض له. نعم حکی عن الإسکافی منعه و هو شاذ

و استدل فی التذکرة علی هذا الخیار بقوله تعالی إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْکُمْ

قال و معلوم أن المغبون لو عرف الحال لم یرض و توجیهه أن رضا المغبون بکون ما یأخذه عوضا عما یدفعه مبنی علی عنوان مفقود و هو عدم نقصه عنه فی المالیة فکأنه قال اشتریت هذا الذی یساوی درهما بدرهم فإذا تبین أنه لا یساوی درهما تبین أنه لم یکن راضیا به عوضا لکن لما کان المقصود صفة من صفات المبیع لم یکن تبین فقده کاشفا عن بطلان البیع بأن کان کسائر الصفات المقصودة التی لا یوجب تبین فقدها إلا الخیار فرارا عن استلزام لزوم المعاملة إلزامه بما لم یلتزم و لم یرض به. فالآیة إنما تدل علی عدم لزوم العقد فإذا حصل التراضی بالعوض غیر المساوی کان کالرضا السابق لفحوی حکم الفضولی و المکره و یضعف بمنع کون الوصف المذکور عنوانا بل لیس إلا من قبیل الداعی الذی لا یوجب تخلفه شیئا بل قد لا یکون داعیا أیضا کما إذا کان المقصود ذات المبیع من دون ملاحظة مقدار مالیته فقد یقدم علی أخذ الشی ء و إن کان ثمنه أضعاف قیمته و التفت إلی احتمال ذلک مع أن أخذه علی وجه التقیید لا یوجب خیارا إذا لم یذکر فی متن العقد

[الأولی الاستدلال علیه بآیة و لا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل]

و لو أبدل قدس سره هذه الآیة بقوله تعالی لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ کان أولی بناء علی أن أکل المال علی وجه الخدع ببیع ما یسوی درهما بعشرة مع عدم تسلط المخدوع بعد تبین خدعه علی رد المعاملة و عدم نفوذ رده أکل المال بالباطل أما مع رضاه بعد التبین بذلک فلا یعد أکلا بالباطل. و مقتضی الآیة و إن کان حرمة الأکل حتی قبل تبین الخدع إلا أنه خرج بالإجماع و بقی ما بعد اطلاع المغبون و رده للمعاملة لکن یعارض الآیة ظاهر قوله تعالی إِلَّا أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ بناء علی ما ذکرنا من عدم خروج ذلک عن موضوع التراضی فمع التکافؤ یرجع إلی أصالة اللزوم إلا أن یقال إن التراضی مع الجهل بالحال یخرج عن کون أکل الغابن لمال المغبون الجاهل أکلا بالباطل و یمکن أن یقال إن آیة التراضی تشمل غیر صورة الخدع کما إذا أقدم المغبون علی شراء العین محتملا لکونه بأضعاف قیمته فیدل علی نفی الخیار فی هذه الصورة من دون معارضة

المکاسب، ج 3، ص 235

فیثبت عدم الخیار فی الباقی بعدم القول بالفصل فتعارض مع آیة النهی المختصة بصورة الخدع الشاملة غیرها بعدم القول بالفصل فیرجع بعد تعارضهما بضمیمة عدم القول بالفصل و تکافؤهما إلی أصالة اللزوم.

[ما استدل به فی التذکرة و المناقشة فیه]

و استدل أیضا فی التذکرة بأن النبی ص أثبت الخیار فی تلقی الرکبان و إنما أثبته للغبن و یمکن أن یمنع صحة حکایة إثبات الخیار لعدم وجودها فی الکتب المعروفة بین الإمامیة لیقبل ضعفه الانجبار بالعمل.

[الاستدلال بلا ضرر و ضرار]

و أقوی ما استدل به علی ذلک فی التذکرة و غیرها- قوله ص: لا ضرر و لا ضرار فی الإسلام و کان وجه الاستدلال إن لزوم مثل هذا البیع و عدم تسلط المغبون علی فسخه ضرر علیه و إضرار به فیکون منفیا.

فحاصل الروایة أن الشارع لم یحکم بحکم یکون فیه الضرر و لم یسوغ إضرار المسلمین بعضهم بعضا و لم یمض لهم من المتصرفات ما فیه ضرر علی الممضی علیه.

و منه یظهر صحة التمسک لتزلزل کل عقد یکون لزومه ضررا علی الممضی علیه سواء کان من جهة الغبن أم لا و سواء کان فی البیع أم فی غیره کالصلح غیر المبنی علی المسامحة و الإجارة و غیرها من المعاوضات هذا و لکن یمکن الخدشة فی ذلک بأن انتفاء اللزوم و ثبوت التزلزل فی العقد لا یستلزم ثبوت الخیار للمغبون بین الرد و الإمضاء بکل الثمن إذ یحتمل أن یتخیر بین إمضاء العقد بکل الثمن و رده فی المقدار الزائد غایة الأمر ثبوت الخیار للغابن لتبعض المال علیه فیکون حال المغبون حال المریض إذا اشتری بأزید من ثمن المثل و حاله بعد العلم بالقیمة حال الوارث إذا مات ذلک المریض المشتری فی أن له استرداد الزیادة من دون رد جزء من العوض کما علیه الأکثر فی معاوضات المریض المشتملة علی المحاباة و إن اعترض علیهم العلامة بما حاصله أن استرداد بعض أحد العوضین من دون رد بعض الآخر ینافی مقتضی المعاوضة. و یحتمل أیضا أن یکون نفی اللزوم- بتسلط المغبون علی إلزام الغابن بأحد الأمرین من الفسخ فی الکل و من تدارک ما فات علی المغبون برد القدر الزائد أو بدله و مرجعه إلی أن للمغبون الفسخ إذا لم یبذل الغابن التفاوت فالمبذول غرامة لما فات علی المغبون علی تقدیر إمضاء البیع لا هبة مستقلة کما فی الإیضاح و جامع المقاصد حیث انتصرا للمشهور القائلین بعدم سقوط الخیار ببذل الغابن للتفاوت بأن الهبة المستقلة لا تخرج المعاملة عن الغبن الموجب للخیار و سیجی ء ذلک. و ما ذکرنا نظیر ما اختاره العلامة فی التذکرة و احتمله فی القواعد من أنه إذا ظهر کذب البائع مرابحة فی إخباره برأس المال فبذل المقدار الزائد مع ربحه فلا خیار للمشتری فإن مرجع هذا إلی تخییر البائع بین رد التفاوت و بین الالتزام بفسخ المشتری. و حاصل الاحتمالین عدم الخیار للمغبون مع بذل الغابن للتفاوت فالمتیقن من ثبوت الخیار له صورة امتناع الغابن من البذل و لعل هذا هو الوجه فی استشکال العلامة فی التذکرة فی ثبوت الخیار مع البذل بل قول بعض بعدمه کما یظهر من الریاض ثم إن المبذول لیس هبة مستقلة حتی یقال إنها لا یخرج المعاملة المشتملة علی الغبن عن کونها مشتملة علیه و لا جزء من أحد العوضین حتی یکون استرداده مع العوض الآخر جمعا بین جزء المعوض و تمام العوض منافیا لمقتضی المعاوضة بل هو غرامة لما أتلفه الغابن علیه من الزیادة بالمعاملة الغبنیة فلا یعتبر کونه من عین الثمن نظیر الأرش فی المعیب.

[ما استدل به علی عدم سقوط الخیار مع البذل و المناقشة فیه]

و من هنا ظهر الخدشة فیما فی الإیضاح و جامع المقاصد من الاستدلال علی عدم السقوط مع البذل بعد الاستصحاب بأن بذل التفاوت لا یخرج المعاملة عن کونها غبنیة لأنها هبة مستقلة حتی أنه لو دفعه علی وجه الاستحقاق لم یحل أخذه إذ لا ریب فی أن من قبل هبة الغابن لا یسقط خیاره انتهی بمعناه وجه الخدشة ما تقدم من احتمال کون المبذول غرامة لما أتلفه الغابن علی المغبون قد دل علیه نفی الضرر. و أما الاستصحاب ففیه أن الشک فی اندفاع الخیار بالبدل لا فی ارتفاعه به إذ من المحتمل ثبوت الخیار علی الممتنع دون الباذل- ثم إن الظاهر أن تدارک ضرر المغبون بأحد الاحتمالین المذکورین أولی من إثبات الخیار له لأن إلزام الغابن بالفسخ ضرر لتعلق غرض الناس بما ینتقل إلیهم من أعواض أموالهم خصوصا النقود و نقض الغرض ضرر و إن لم یبلغ حد المعارضة لضرر المغبون إلا أنه یصلح مرجحا لأحد الاحتمالین المذکورین علی ما اشتهر من تخییره بین الرد و الإمضاء بکل الثمن إلا أن یعارض ذلک بأن غرض المغبون قد یتعلق بتملک عین ذات قیمة لکون المقصود اقتناءها للتجمل و قد یستنکف عن اقتناء ذات القیمة الیسیرة للتجمل فتأمل.

و قد یستدل علی الخیار بأخبار واردة فی حکم الغبن
اشارة

فعن الکافی بسنده إلی إسحاق بن عمار عن أبی عبد الله ع قال: غبن المسترسل سحت و عن المیسر عن أبی عبد الله ع قال: غبن المؤمن حرام و فی روایة أخری: لا تغبن المسترسل فإن غبنه لا یحل و عن مجمع البحرین أن الاسترسال الاستیناس و الطمأنینة إلی الإنسان و الثقة به فیما یحدثه و أصله السکون و الثبات و منه الحدیث: أیما مسلم استرسل إلی مسلم فغبنه فهو کذا و منه غبن المسترسل سحت انتهی. و یظهر منه أن ما ذکره أو لا حدیث رابع

و الإنصاف عدم دلالتها علی المدعی

فإن ما عدا الروایة الأولی ظاهره فی حرمة الخیانة فی المشاورة فیحتمل کون الغبن بفتح الباء و أما الروایة الأولی فهی و إن کانت ظاهرة فیما یتعلق بالأموال لکن یحتمل حینئذ أن یراد کون الغابن بمنزلة آکل السحت فی استحقاق العقاب علی أصل العمل و الخدیعة فی أخذ المال و یحتمل أن یراد کون المقدار الذی یأخذه زائدا علی ما یستحقه بمنزلة السحت فی الحرمة و الضمان و یحتمل إرادة کون مجموع العوض المشتمل علی الزیادة بمنزلة السحت فی تحریم الأکل فی صورة خاصة و هی اطلاع المغبون و رده للمعاملة المغبون فیها و لا ریب أن الحمل علی أحد الأولین أولی و لا أقل من السماوات للثالث فلا دلالة

فالعمدة فی المسألة الإجماع

المحکی المعتضد بالشهرة المحققة و حدیث نفی الضرر بالنسبة إلی خصوص الممتنع عن بذل التفاوت

ثم إن تنقیح هذا المطلب یتم برسم مسائل
مسألة یشترط فی هذا الخیار أمران
الأول عدم علم المغبون بالقیمة

فلو علم بالقیمة فلا

المکاسب، ج 3، ص 236

خیار- بل لا غبن کما عرفت بلا خلاف و لا إشکال لأنه أقدم علی الضرر ثم إن الظاهر عدم الفرق بین کونه غافلا من القیمة بالمرة أو ملتفتا إلیها و لا بین کونه مسبوقا بالعلم و عدمه و لا بین الجهل المرکب و البسیط مع الظن بعدم الزیادة و النقیصة أو الظن بهما أو الشک. و یشکل فی الأخیرین إذا أقدم علی المعاملة بانیا علی المسامحة علی تقدیر الزیادة و النقیصة فهو کالعالم بل الشاک فی الشی ء إذا أقدم علیه بانیا علی تحمله فهو فی حکم العالم من حیث استحقاق المدح علیه أو الذم و من حیث عدم معذوریته لو کان ذلک الشی ء مما یعذر الغافل فیه. و الحاصل أن الشاک الملتفت إلی الضرر مقدم علیه و من أن مقتضی عموم نفی الضرر و إطلاق الإجماع المحکی ثبوته بمجرد تحقق الضرر خرج المقدم علیه عن علم بل مطلق الشاک لیس مقدما علی الضرر بل قد یقدم برجاء عدمه و مساواته للعالم فی الآثار ممنوعة حتی فی استحقاق المدح و الذم لو کان المشکوک مما یترتب علیه ذلک عند الإقدام علیه و لذا قد یحصل للشاک بعد اطلاعه علی الغبن حالة أخری لو حصلت له قبل العقد لم یقدم علیه. نعم لو صرح فی العقد بالالتزام به و لو علی تقدیر ظهور الغبن کان ذلک راجعا إلی إسقاط الغبن. و مما ذکرنا یظهر ثبوت الخیار للجاهل و إن کان قادرا علی السؤال کما صرح به فی التحریر و التذکرة و لو أقدم عالما علی غبن یتسامح به فبان أزید بما لا یتسامح بالمجموع منه و من المعلوم فلا یبعد الخیار و لو أقدم علی ما لا یتسامح فبان أزید بما یتسامح به منفردا أو بما لا یتسامح ففی الخیار وجه ثم إن المعتبر القیمة حال العقد فلو زادت بعده و لو قبل اطلاع المغبون علی النقصان حین العقد لم ینفع- لأن الزیادة إنما حصلت فی ملکه و المعاملة وقعت علی الغبن و یحتمل عدم الخیار حینئذ لأن التدارک حصل قبل الرد فلا یثبت الرد المشروع لتدارک الضرر کما لو بری ء المعیوب قبل الاطلاع علی عیبه بل فی التذکرة أنه مهما زال العیب قبل العلم أو بعده قبل الرد سقط حق الرد و أشکل منه ما لو توقف الملک علی القبض فارتفع الغبن قبله لأن الملک قد انتقل إلیه حینئذ من دون نقص فی قیمته. نعم لو قلنا بوجوب التقابض بمجرد العقد کما صرح به العلامة فی الصرف یثبت الخیار لثبوت الضرر بوجوب إقباض الزائد فی مقابلة الناقص لکن ظاهر المشهور عدم وجوب التقابض و لو ثبت الزیادة أو النقیصة بعد العقد فإنه لا عبرة بهما إجماعا کما فی التذکرة ثم إنه لا عبرة بعلم الوکیل فی مجرد العقد بل العبرة بعلم الموکل و جهله. نعم لو کان وکیلا فی المعاملة و المساومة فمع علمه و فرض صحة المعاملة حینئذ لا خیار للموکل و مع جهله یثبت الخیار للموکل إلا أن یکون عالما بالقیمة و بأن وکیله یعقد علی أزید منها و یقرره له و إذا ثبت الخیار فی عقد الوکیل فهو للموکل خاصة إلا أن یکون وکیلا مطلقا بحیث یشمل مثل الفسخ فإنه کالولی حینئذ و قد مر ذلک مشروحا فی خیار المجلس- ثم إن الجهل إنما یثبت باعتراف الغابن و بالبینة إن تحققت و بقول مدعیه مع الیمین لأصالة عدم العلم الحاکمة علی أصالة اللزوم- مع أنه قد یتعسر إقامة البینة علی الجهل و لا یمکن للغابن الحلف علی علمه لجهله بالحال فتأمل هذا کله إذا لم یکن المغبون من أهل الخبرة- بحیث لا یخفی علیه القیمة إلا لعارض من غفلة أو غیرها و إلا فلا یقبل قوله کما فی الجامع و المسالک و قد یشکل بأن هذا إنما یوجب عدم قبول قوله من حیث تقدیم الظاهر علی الأصل فغایة الأمر أن یصیر مدعیا من جهة مخالفة قوله للظاهر لکن المدعی لما تعسر إقامة البینة علیه و لا یعرف إلا من قبله یقبل قوله مع الیمین فلیکن هذا من هذا القبیل إلا أن یقال إن مقتضی تقدیم الظاهر جعل مدعیه مقبول القول بیمینه لا جعل مخالفه مدعیا یجری علیه جمیع أحکام المدعی حتی فی قبول قوله إذا تعسر علیه إقامة البینة. أ لا تری أنهم لم یحکموا بقبول قول مدعی فساد العقد إذا تعسر علیه إقامة البینة علی سبب الفساد هذا مع أن عموم تلک القاعدة ثم اندراج المسألة فیها محل تأمل و لو اختلفا فی القیمة وقت العقد أو فی القیمة بعده مع تعذر الاستعلام فالقول قول منکر سبب الغبن لأصالة عدم التغیر و أصالة اللزوم.

و منه یظهر حکم ما لو اتفقا علی التغیر و اختلفا فی تاریخ العقد و لو علم تاریخ التغیر فالأصل و إن اقتضی تأخر العقد الواقع علی الزائد عن القیمة إلا أنه لا یثبت به وقوع العقد علی الزائد حتی یثبت العقد.

الأمر الثانی کون التفاوت فاحشا

فالواحد بل الاثنان فی العشرین لا یوجب الغبن وحده عندنا کما فی التذکرة ما لا یتغابن الناس بمثله و حکی فیها عن مالک أن التفاوت بالثلث لا یوجب الخیار و إن کان بأکثر من الثلث أوجبه و رده بأنه تخمین لم یشهد له أصل فی الشرع انتهی. و الظاهر أنه لا إشکال فی کون التفاوت بالثلث بل الربع فاحشا. نعم الإشکال فی الخمس و لا یبعد دعوی عدم مسامحة الناس فیه کما سیجی ء التصریح من المحقق القمی فی تصویره لغبن کلا المتبایعین ثم الظاهر أن المرجع عند الشک فی ذلک هو أصالة ثبوت الخیار لأنه ضرر لم یعلم تسامح الناس فیه و یحتمل الرجوع إلی أصالة اللزوم لأن الخارج هو الضرر الذی یتفاحش فیه لا مطلق الضرر.

بقی هنا شی ء و هو أن ظاهر الأصحاب و غیرهم أن المناط فی الضرر الموجب للخیار کون المعاملة ضرریة

مع قطع النظر عن ملاحظة حال أشخاص المتبایعین و لذا حدوه بما لا یتغابن به الناس أو بالزائد علی الثلث کما عرفت عن بعض العامة و ظاهر حدیث نفی الضرر المستدل علیه فی أبواب الفقه ملاحظة الضرر بالنسبة إلی شخص الواقعة و لذا استدلوا به علی عدم وجوب شراء ماء الوضوء بمبلغ کثیر إذا أضر بالمکلف و وجوب شرائه بذلک المبلغ علی من لا یضر به ذلک مع أن أصل شراء الماء بأضعاف قیمته معاملة ضرریة فی حق الکل. و الحاصل أن العبرة إذا کان بالضرر المالی لم یجب شراء ماء الوضوء بأضعاف قیمته و إن کانت بالضرر الحالی تعین التفصیل فی خیار الغبن بین ما یضر بحال المغبون و غیره و الأظهر اعتبار الضرر المالی لأنه ضرر فی نفسه من غیر مدخلیة لحال الشخص و تحمله فی بعض المقامات إنما خرج بالنص

المکاسب، ج 3، ص 237 و لذا أجاب فی المعتبر عن الشافعی المنکر لوجوب الوضوء فی الفرض المذکور بأن الضرر لا یعتبر مع معارضة النص. و یمکن أیضا أن یلتزم الضرر المالی فی مقام التکلیف لا لتخصیص عموم نفی الضرر بالنص بل لعدم کونه ضررا بملاحظة ما بإزائه من الأجر کما یشیر إلیه قوله ع: بعد شرائه ع ماء وضوئه بأضعاف قیمته إن ما یشتری به مال کثیر. نعم لو کان الضرر مجحفا بالمکلف انتفی بأدلة نفی الحرج لا دلیل نفی الضرر فنفی الضرر المالی فی التکالیف لا یکون إلا إذا کان تحمله حرجا.

[تصویر الغبن من الطرفین و الإشکال فیه]
اشارة

إشکال ذکر فی الروضة و المسالک تبعا لجامع المقاصد فی أقسام الغبن أن المغبون إما أن یکون هو البائع أو المشتری أو هما انتهی فیقع الإشکال فی تصور غبن کل من المتبایعین معا. و المحکی عن بعض الفضلاء فی تعلیقه علی الروضة- ما حاصله استحالة ذلک حیث قال قد عرفت أن الغبن فی طرف البائع إنما هو إذا باع بأقل من القیمة السوقیة و فی طرف المشتری إذا اشتری بأزید منها و لا یتفاوت الحال بکون الثمن و المثمن من الأثمان أو العروض أو مختلفین و حینئذ فلا یعقل کونهما معا مغبونین و إلا لزم کون الثمن أقل من القیمة السوقیة و أکثر و هو محال فتأمل انتهی

و قد تعرض غیر واحد ممن قارب عصرنا لتصویر ذلک فی بعض الفروض
منها ما ذکره المحقق القمی
اشارة

صاحب القوانین فی جواب من سأله عن هذه العبارة من الروضة قال إنها تفرض فیما إذا باع متاعه بأربعة توأمین من الفلوس أن یعطیه عنها ثمانیة دنانیر معتقدا أنها یسوی بأربعة توأمین ثم تبین أن المتاع یسوی خمسة توأمین و أن الدنانیر یسوی خمسة توأمین إلا خمسا فصار البائع مغبونا من کون الثمن أقل من القیمة السوقیة بخمس تومان و المشتری مغبونا من جهة زیادة الدنانیر علی أربعة توأمین فالبائع مغبون فی أصل البیع و المشتری مغبون فی ما التزمه من إعطاء الدنانیر عن الثمن و إن لم یکن مغبونا فی أصل البیع انتهی.

[المناقشة فی ما ذکره المحقق القمی]

أقول الظاهر أن مثل هذا البیع المشروط بهذا الشرط یلاحظ فیه حاصل ما یصل إلی البائع بسبب مجموع العقد و الشرط کما لو باع شیئا یسوی خمسة دراهم بدرهمین علی أن یخیط له ثوبا مع فرض کون أجرة الخیاطة ثلاثة دراهم و من هنا یقال إن للشروط قسطا من العوض و إن أبیت إلا عن أن الشرط معاملة مستقلة و لا مدخل له فی زیادة الثمن و خرج ذلک عن فرض غبن کل من المتبایعین فی معاملة واحدة لکن الحق ما ذکرنا من وحدة المعاملة و کون الغبن من طرف واحد.

و منها ما ذکره بعض المعاصرین من فرض المسألة

فیما إذا باع شیئین فی عقد واحد بثمنین فغبن البائع فی أحدهما و المشتری فی الآخر. و هذا الجواب قریب من سابقه فی الضعف لأنه إن جاز التفکیک بینهما عند فرض ثبوت الغبن لأحدهما خاصة حتی یجوز له الفسخ فی العین المغبون فیها خاصة فهما معاملتان مستقلتان کان الغبن فی کل واحدة منها لأحدهما خاصة فلا وجه لجعل هذا قسما ثالثا لقسمی غبن البائع خاصة و المشتری خاصة و إن لم یجز التفکیک بینهما لم یکن غبن أصلا مع تساوی الزیادة فی أحدهما للنقیصة فی الآخر و مع عدم المساواة فالغبن من طرف واحد.

و منها أن یراد بالغبن فی المقسم معناه الأعم الشامل لصورة خروج العین المشاهدة سابقا

علی خلاف ما شاهده أو خروج ما أخبر البائع بوزنه علی خلاف خبره. و قد أطلق الغبن علی هذا المعنی الأعم العلامة فی القواعد و الشهید فی اللمعة و علی هذا المعنی الأعم تحقق الغبن فی کل منهما و هذا أحسن لکن ظاهر عبارة الشهید و المحقق الثانیین إرادة ما عنون به هذا الخیار و هو الغبن بالمعنی الأخص علی ما فسروه به.

و منها ما ذکره بعض من أنه یحصل بفرض المتبایعین وقت العقد فی مکانین

کما إذا حصر العسکر البلد و فرض قیمة الطعام خارج البلد ضعف قیمته فی البلد فاشتری بعض أهل البلد من وراء سور البلد طعاما من العسکر بثمن متوسط بین القیمتین فالمشتری مغبون لزیادة الثمن علی قیمة الطعام فی مکانه و البائع مغبون لنقصانه عن القیمة فی مکانه و یمکن رده بأن المبیع بعد العقد باق علی قیمته حین العقد و لا غبن فیه للمشتری ما دام فی محل العقد و إنما نزلت قیمته بقبض المشتری و نقله إیاه إلی مکان الرخص. و بالجملة الطعام عند العقد لا یکون إلا فی محل واحد له قیمة واحدة.

و منها ما ذکره فی مفتاح الکرامة من فرضه فیما إذا ادعی کل من المتبایعین الغبن

کما إذا بیع ثوب بفرس بظن المساواة ثم ادعی کل منهما نقص ما فی یده عما فی ید الآخر و لم یوجد المقوم لیرجع إلیه فتحالفا فیثبت الغبن لکل منهما فیما وصل إلیه و قال و یتصور غبنهما فی أحد العوضین- کما لو تبایعا شیئا بمائة درهم ثم ادعی البائع کونه یسوی بمائتین و المشتری کونه لا یسوی إلا بخمسین و لا مقوم یرجع إلیه فیتحالفان و یثبت الفسخ لکل منهما انتهی. و فیه أن الظاهر أن لازم التحالف عدم الغبن فی المعاملة أصلا مع أن الکلام فی الغبن الواقعی دون الظاهری.

و الأولی من هذه الوجوه هو الوجه الثالث و الله العالم.

مسألة ظهور الغبن شرط شرعی لحدوث الخیار أو کاشف عقلی عن ثبوته حین العقد

وجهان منشأهما اختلاف کلمات العلماء فی فتاویهم و معاقد إجماعهم و استدلالاتهم فظاهر عبارة المبسوط و الغنیة و الشرائع و غیرها هو الأول و فی الغنیة الإجماع علی أن ظهور الغبن سبب للخیار و ظاهر کلمات آخرین الثانی و فی التذکرة أن الغبن سبب لثبوت الخیار عند علمائنا و قولهم لا یسقط هذا الخیار بالتصرف فإن المراد التصرف قبل العلم بالغبن و عدم سقوطه ظاهر فی ثبوته. و مما یؤید الأول أنهم اختلفوا فی صحة التصرفات الناقلة فی زمان الخیار و لم یحکموا ببطلان التصرفات الواقعة من الغابن حین جهل المغبون بل صرح بعضهم بنفوذها و انتقال المغبون بعد ظهور غبنه إلی البدل. و یؤیده أیضا الاستدلال فی التذکرة و الغنیة علی هذا الخیار بقوله ص فی حدیث تلقی الرکبان إنهم بالخیار إذا دخلوا السوق فإن ظاهره حدوث الخیار بعد الدخول الموجب لظهور الغبن هذا و لکن لا یخفی إمکان إرجاع الکلمات إلی أحد الوجهین بتوجیه ما کان منها ظاهرا فی المعنی الآخر. و توضیح ذلک أنه إن أرید بالخیار السلطنة الفعلیة التی یقتدر بها علی الفسخ و الإمضاء قولا أو فعلا فلا یحدث إلا بعد

المکاسب، ج 3، ص 238

ظهور الغبن و إن أرید ثبوت حق للمغبون لو علم به لقام بمقتضاه فهو ثابت قبل العلم و إنما یتوقف علی العلم إعمال هذا الحق فیکون حال الجاهل بموضوع الغبن کالجاهل بحکمه أو بحکم خیاری المجلس أو الحیوان أو غیرهما ثم إن الآثار المجعولة للخیار- بین ما یترتب علی تلک السلطنة الفعلیة کالسقوط بالتصرف فإنه لا یکون إلا بعد ظهور الغبن فلا یسقط قبله کما سیجی ء. و منه التلف فإن الظاهر أنه قبل ظهور الغبن من المغبون اتفاقا لو قلنا بعموم قاعدة کون التلف فی زمان الخیار ممن لا خیار له لمثل خیار الغبن کما جزم به بعض و تردد فیه آخر و بین ما یترتب علی ذلک الحق الواقعی کإسقاطه بعد العقد قبل ظهوره و بین ما یتردد بین الأمرین کالتصرفات الناقلة فإن تعلیلهم المنع عنها بکونها مفوتة لحق ذی الخیار من العین ظاهر فی ترتب المنع علی وجود نفس الحق و إن لم یعلم به. و حکم بعض من منع من التصرف فی زمان الخیار بمضی التصرفات الواقعة من الغابن قبل علم المغبون یظهر منه أن المنع لأجل التسلط الفعلی و المتبع دلیل کل واحد من تلک الآثار فقد یظهر منه ترتب الأثر علی نفس الحق الواقعی و لو کان مجهولا لصاحبه و قد یظهر منه ترتبه علی السلطنة الفعلیة و تظهر ثمرة الوجهین أیضا فیما لو فسخ المغبون الجاهل اقتراحا أو بظن وجود سبب معدوم فی الواقع فصادف الغبن ثم إن ما ذکرناه فی الغبن من الوجهین جار فی العیب. و قد یستظهر من عبارة القواعد فی باب التدلیس الوجه الأول قال و کذا یعنی لا رد لو تعیبت الأمة المدلسة عنده قبل علمه بالتدلیس انتهی فإنه ذکر فی جامع المقاصد أنه لا فرق بین تعیبها قبل العلم و بعده لأن العیب مضمون علی المشتری ثم قال إلا أن یقال إن العیب بعد العلم غیر مضمون علی المشتری لثبوت الخیار و ظاهره عدم ثبوت الخیار قبل العلم بالعیب لکون العیب فی زمان الخیار مضمونا علی من لا خیار له لکن الاستظهار المذکور مبنی علی شمول قاعدة التلف ممن لا خیار له لخیار العیب و سیجی ء عدم العموم إن شاء الله و أما خیار الرؤیة فسیأتی أن ظاهر التذکرة حدوثه بالرؤیة فلا یجوز إسقاطه قبلها.

مسألة یسقط هذا الخیار بأمور
أحدها إسقاطه بعد العقد

و هو قد یکون بعد العلم بالغبن فلا إشکال فی صحة إسقاطه بلا عوض مع العلم بمرتبة الغبن و لا مع الجهل بها إذا سقط الغبن المسبب عن أی مرتبة کان فاحشا کان أو أفحش و لو أسقطه بزعم کون التفاوت عشرة فظهر مائة ففی السقوط وجهان من عدم طیب نفسه بسقوط هذا المقدار من الحق کما لو أسقط حق عرض بزعم أنه شتم لا یبلغ القذف فتبین کونه قذفا و من أن الخیار أمر واحد- مسبب عن مطلق التفاوت الذی لا یتسامح به و لا تعدد فیه فیسقط بمجرد الإسقاط و القذف و ما دونه من الشتم حقان مختلفان و أما الإسقاط بعوض بمعنی المصالحة عنه به فلا إشکال فیه مع العلم بمرتبة الغبن أو التصریح بعموم المراتب و لو أطلق و کان للإطلاق منصرف کما لو صالح عن الغبن المحقق فی المتاع المشتری بعشرین بدرهم فإن المتعارف من الغبن المحتمل فی مثل هذه المعاملة هو کون التفاوت أربعة أو خمسة فی العشرین فیصالح عن هذا المحتمل بدرهم فلو ظهر کون التفاوت ثمانیة عشر و أن المبیع یسوی درهمین فی فبطلان الصلح لأنه لم یقع علی الحق الموجود أو صحته مع لزومه لما ذکرنا من أن الخیار حق واحد له سبب واحد و هو التفاوت الذی له أفراد متعددة فإذا أسقطه سقط أو صحته متزلزلا لأن الخیار الذی صالح عنه باعتقاد أن عوضه المتعارف درهم تبین کونه مما یبذل فی مقابله أزید من الدرهم ضرورة أنه کلما کان التفاوت المحتمل أزید یبذل فی مقابله أزید مما یبذل فی مقابله لو کان أقل فیحصل الغبن فی المصالحة إذ لا فرق فی الغبن بین کونه للجهل بمقدار مالیته مع العلم بعینه و بین کونه لأجل الجهل بعینه وجوه و هذا هو الأقوی فتأمل. و أما إسقاط هذا الخیار بعد العقد قبل ظهور الغبن- فالظاهر أیضا جوازه و لا یقدح عدم تحقق شرطه بناء علی کون ظهور الغبن شرطا لحدوث الخیار إذ یکفی فی ذلک تحقق السبب المقتضی للخیار و هو الغبن الواقعی و إن لم یعلم به و هذا کاف فی جواز إسقاط المسبب قبل حصول شرطه کإبراء المالک الودعی المفرط عن الضمان و کبراءة البائع من العیوب الراجعة إلی إسقاط الحق المسبب عن وجودها قبل العلم بها. و لا یقدح فی المقام أیضا کونه إسقاطا لما لم یتحقق إذ لا مانع منه إلا التعلیق و عدم الجزم الممنوع عنه فی العقود فضلا عن الإیقاعات و هو غیر قادح هنا فإن الممنوع منه هو التعلیق علی ما لا یتوقف تحقق مفهوم الإنشاء علیه. و أما ما نحن فیه و شبهه مثل طلاق مشکوک الزوجیة و إعتاق مشکوک الرقیة منجزا أو الإبراء عما احتمل الاشتغال به فقد تقدم فی شرائط الصیغة أنه لا مانع منه لأن مفهوم العقد معلق علیها فی الواقع من دون تعلیق المتکلم و منه البراءة عن العیوب المحتملة فی المبیع و ضمان درک المبیع عند ظهوره مستحقا للغیر. نعم قد یشکل الأمر من حیث العوض المصالح به فإنه لا بد من وقوع شی ء بإزائه و هو غیر معلوم فالأولی ضم شی ء إلی المصالح عنه المجهول التحقق أو ضم سائر الخیارات إلیه بأن یقول صالحتک عن کل خیار لی بکذا و لو تبین عدم الغبن لم یقسط العوض علیه لأن المعدوم إنما دخل علی تقدیر وجوده لا منجزا باعتقاد الوجود.

الثانی من المسقطات اشتراط سقوط الخیار فی متن العقد

و الإشکال فیه من الجهات المذکورة هنا أو المتقدمة فی إسقاط الخیارات المتقدمة قد علم التفصی عنها. نعم هنا وجه آخر للمنع یختص بهذا الخیار و خیار الرؤیة- و هو لزوم الغرر من اشتراط إسقاطه. قال فی الدروس فی هذا المقام ما لفظه و لو شرطا رفعه أو رفع خیار الرؤیة فالظاهر بطلان العقد للغرر انتهی. ثم احتمل الفرق بین الخیارین بأن الغرر فی الغبن سهل الإزالة و جزم الصیمری فی غایة المرام ببطلان العقد و الشرط و تردد فیه المحقق الثانی إلا أنه استظهر الصحة و لعل توجیه کلام الشهید هو أن الغرر باعتبار الجهل بمقدار مالیة المبیع کالجهل بصفاته لأن وجه کون الجهل بالصفات غررا هو رجوعه إلی الجهل بمقدار مالیته و لذا لا غرر مع الجهل بالصفات التی لا مدخل

المکاسب، ج 3، ص 239

لها فی القیمة لکن الأقوی الصحة لأن مجرد الجهل بمقدار المالیة لو کان غررا لم یصح البیع مع الشک فی القیمة و أیضا فإن ارتفاع الغرر عن هذا البیع لیس لأجل الخیار حتی یکون إسقاطه موجبا لثبوته و إلا لم یصح البیع إذ لا یجدی فی الإخراج عن الغرر ثبوت الخیار لأنه حکم شرعی لا یرتفع به موضوع الغرر و إلا لصح کل بیع غرری علی وجه التزلزل و ثبوت الخیار کبیع المجهول وجوده و المتعذر تسلیمه. و أما خیار الرؤیة فاشتراط سقوطه راجع إلی إسقاط اعتبار ما اشترطاه من الأوصاف فی العین غیر المرئیة فکأنهما تبایعا سواء وجد فیها تلک الأوصاف أم لا فصحة البیع موقوفة علی اشتراط تلک الأوصاف و إسقاط الخیار فی معنی إلغائها الموجب للبطلان مع احتمال الصحة هناک أیضا لأن مرجع إسقاط خیار الرؤیة إلی التزام عدم تأثیر تخلف تلک الشروط لا إلی عدم التزام ما اشترطاه من الأوصاف و لا تنافی بین أن یقدم علی اشتراء العین- بانیا علی وجود تلک الأوصاف و بین الالتزام بعدم الفسخ لو تخلفت فتأمل و سیجی ء تمام الکلام فی خیار الرؤیة و کیف کان فلا أری إشکالا فی اشتراط سقوط خیار الغبن من حیث لزوم الغرر إذ لو لم یشرع الخیار فی الغبن أصلا لم یلزم منه غرر.

الثالث تصرف المغبون بأحد التصرفات المسقطة للخیارات المتقدمة بعد علمه بالغبن.

و یدل علیه ما دل علی سقوط خیاری المجلس و الشرط به مع عدم ورود نص فیهما و اختصاص النص بخیار الحیوان و هو إطلاق بعض معاقد الإجماع بأن تصرف ذی الخیار فیما انتقل إلیه إجازة و فیما انتقل عنه فسخ و عموم العلة المستفادة من النص فی خیار الحیوان المستدل بها فی کلمات العلماء علی السقوط و هی الرضا بلزوم العقد مع أن الدلیل هنا إما نفی الضرر و إما الإجماع و الأول منتف فإنه کما لا یجری مع الإقدام علیه فکذلک لا یجری مع الرضا به بعده. و أما الإجماع فهو غیر ثابت مع الرضا إلا أن یقال إن الشک فی الرفع لا الدفع فیستصحب فتأمل. أو ندعی أن ظاهر قولهم فیما نحن فیه أن هذا الخیار لا یسقط بالتصرف شموله للتصرف بعد العلم بالغبن و اختصاص هذا الخیار من بین الخیارات بذلک لکن الإنصاف عدم شمول التصرف فی کلماتهم لما بعد العلم بالغبن. و غرضهم من تخصیص الحکم بهذا الخیار أن التصرف مسقط لکل خیار و لو وقع قبل العلم بالخیار کما فی العیب و التدلیس سوی هذا الخیار و یؤید ذلک ما اشتهر بینهم من أن التصرف قبل العلم بالعیب و التدلیس ملزم لدلالته علی الرضا بالبیع فیسقط الرد و إنما یثبت الأرش فی خصوص العیب لعدم دلالة التصرف علی الرضا بالعیب و کیف کان فاختصاص التصرف غیر المسقط فی کلامهم بما قبل العلم لا یکاد یخفی علی المتتبع فی کلماتهم. نعم لم أجد لهم تصریحا بذلک عدا ما حکی عن صاحب المسالک و تبعه جماعة لکن الاستشکال من جهة ترک التصریح مع وجود الدلیل مما لا ینبغی بل ربما یستشکل فی حکمهم بعدم السقوط بالتصرف قبل العلم مع حکمهم بسقوط خیار التدلیس و العیب بالتصرف قبل العلم و الاعتذار بالنص إنما یتم فی العیب دون التدلیس فإنه مشترک مع خیار الغبن فی عدم النص و مقتضی القاعدة فی حکم التصرف قبل العلم فیهما واحد. و التحقیق أن یقال إن مقتضی القاعدة عدم السقوط لبقاء الضرر و عدم دلالة التصرف مع الجهل علی الرضا بلزوم العقد و تحمل الضرر. نعم قد ورد النص فی العیب علی السقوط و ادعی علیه الإجماع مع أن ضرر السقوط فیه متدارک بالأرش و إن کان نفس إمساک العین قد تکون ضررا فإن تم دلیل فی التدلیس أیضا قلنا به و إلا وجب الرجوع إلی دلیل خیاره ثم إن الحکم بسقوط الخیار بالتصرف بعد العلم بالغبن مبنی علی ما تقدم فی الخیارات السابقة من تسلیم کون التصرف دلیلا علی الرضا بلزوم العقد و إلا کان اللازم فی غیر ما دل فعلا علی الالتزام بالعقد من أفراد التصرف الرجوع إلی أصالة بقاء الخیار.

الرابع من المسقطات تصرف المشتری المغبون قبل العلم بالغبن

تصرفا مخرجا عن الملک علی وجه اللزوم کالبیع و العتق فإن المصرح به فی کلام المحقق و من تأخر عنه- هو سقوط خیاره حینئذ و قیل إنه المشهور- و هو کذلک بین المتأخرین. نعم ذکر الشیخ فی خیار المشتری مرابحة عند کذب البائع أنه لو هلک السلعة أو تصرف فیها سقط الرد و الظاهر اتحاد هذا الخیار مع خیار الغبن کما یظهر من جامع المقاصد فی شرح قول الماتن و لا یبطل الخیار بتلف العین فراجع. و استدل علی هذا الحکم فی التذکرة بعدم إمکان استدراکه مع الخروج عن الملک و هو بظاهره مشکل لأن الخیار غیر مشروط عندهم بإمکان رد العین. و یمکن أن یوجه بأن حدیث نفی الضرر لم یدل علی الخیار بل المتیقن منه جواز رد العین المغبون فیها فإذا امتنع ردها فلا دلیل علی جواز فسخ العقد. و تضرر المغبون من جهة زیادة الثمن معارض بتضرر الغابن بقبول البدل فإن دفع الضرر من الطرفین إنما یکون بتسلط المغبون علی رد العین فیکون حاله من حیث إن له القبول و الرد حال العالم بالغبن قبل المعاملة فی أن له أن یشتری و أن یترک و لیس هکذا بعد خروج العین عن ملکه مع أن إخراج المغبون العین عن ملکه التزام بالضرر و لو جهلا منه به هذا و لکن اعترض علیهم شیخنا الشهید قدس روحه السعید فی اللمعة بما توضیحه أن الضرر الموجب للخیار قبل التصرف ثابت مع التصرف و التصرف مع الجهل بالضرر لیس إقداما علیه لما عرفت من أن الخارج عن عموم نفی الضرر لیس إلا صورة الإقدام علیه عالما به فیجب تدارک الضرر باسترداد ما دفعه من الثمن الزائد برد نفس العین مع بقائها علی ملکه و بدلها مع عدمه. و فوات خصوصیة العین علی الغابن لیس ضررا لأن العین المبیعة إن کانت مثلیة فلا ضرر بتبدلها بمثلها و إن کانت قیمیة فتعریضها للبیع یدل علی إرادة قیمتها فلا ضرر أصلا فضلا عن أن یعارض ضرر زیادة الثمن علی القیمة خصوصا مع الإفراط فی الزیادة و الإنصاف أن هذا حسن جدا لکن قال فی الروضة إن لم یکن الحکم إجماعا. أقول و الظاهر عدمه لأنک عرفت عدم عنوان المسألة فی کلام من تقدم علی المحقق فیما تتبعت.

ثم إن مقتضی دلیل المشهور عدم الفرق فی المغبون المتصرف بین البائع و المشتری

قال فی التحریر بعد أن صرح بثبوت الخیار للمغبون

المکاسب، ج 3، ص 240 بائعا کان أو مشتریا و لا یسقط الخیار بالتصرف مع إمکان الرد و مقتضی إطلاقه عدم الفرق بین الناقل اللازم و بین فک الملک کالعتق و الوقف و بین المانع عن الرد مع البقاء علی الملک کالاستیلاد بل و یعم التلف و عن جماعة تخصیص العبارة بالمشتری فإن أرادوا قصر الحکم علیه فلا یعرف له وجه إلا أن یبنی علی مخالفته لعموم دلیل الخیار أعنی نفی الضرر فیقتصر علی مورد الإجماع

[الناقل الجائز لا یمنع الرد بالخیار إذا فسخه]

ثم إن الظاهر التقیید بصورة امتناع الرد و ظاهر التعلیل بعدم إمکان الاستدراک ما صرح به جماعة من أن الناقل الجائز لا یمنع الرد بالخیار إذا فسخه فضلا عن مثل التدبیر و الوصیة من التصرفات غیر الموجبة للخروج عن الملک فعلا و هو حسن لعموم نفی الضرر. و مجرد الخروج عن الملک لا یسقط تدارک ضرر الغبن و لو اتفق زوال المانع کموت ولد أم الولد و فسخ العقد اللازم لعیب أو غبن ففی جواز الرد وجهان من أنه متمکن حینئذ و من استقرار البیع و ربما یبنیان علی أن الزائل العائد کالذی لم یزل أو کالذی لم یعد- و کذا الوجهان فیما لو عاد إلیه بناقل جدید و عدم الخیار هنا أولی لأن العود هنا بسبب جدید. و فی الفسخ برفع السبب السابق

و فی لحوق الإجارة بالبیع قولان

من امتناع الرد و هو مختار الصیمری و أبی العباس و من أن مورد الاستثناء هو التصرف المخرج عن الملک و هو المحکی عن ظاهر الأکثر و لو لم یعلم بالغبن إلا بعد انقضاء الإجارة توجه الرد و کذا لو لم یعلم به حتی انفسخ البیع.

و فی لحوق الامتزاج مطلقا أو فی الجملة بالخروج عن الملک وجوه

أقواها اللحوق لحصول الشرکة فیمتنع رد العین الذی هو مورد الاستثناء و کذا لو تغیرت العین بالنقیصة و لو تغیرت بالزیادة العینیة أو الحکمیة أو من الجهتین فالأقوی الرد فی الوسطی بناء علی حصول الشرکة فی غیرها المانعة عن رد العین فتأمل هذا کله فی تصرف المغبون

و أما تصرف الغابن
اشارة

فالظاهر أنه لا وجه لسقوط خیار المغبون به و حینئذ فإن فسخ و وجد العین خارجة عن ملکه لزوما بالعتق أو الوقف أو البیع اللازم ففی تسلطه علی إبطال ذلک من حینه أو من أصلها کالمرتهن و الشفیع أو رجوعه إلی البدل وجوه من وقوع العقد فی متعلق حق الغیر فإن حق المغبون بأصل المعاملة الغبنیة و إنما یظهر له بظهور السبب فله الخیار فی استرداد العین إذا ظهر السبب و حیث وقع العقد فی ملک الغابن فلا وجه لبطلانه من رأس و من أن وقوع العقد فی متعلق حق الغیر یوجب تزلزله من رأس کما فی بیع الرهن. و مقتضی فسخ البیع الأول تلقی الملک من الغابن الذی وقع البیع معه لا من المشتری الثانی و من أنه لا وجه للتزلزل إما لأن التصرف فی زمان خیار غیر المتصرف صحیح لازم کما سیجی ء فی أحکام الخیار فیسترد الفاسخ البدل. و إما لعدم تحقق الخیار قبل ظهور الغبن فعلا علی وجه فعلا علی وجه یمنع من تصرف من علیه الخیار کما هو ظاهر الجماعة هنا و فی خیار الغیب قبل ظهوره فإن غیر واحد ممن منع من تصرف غیر ذی الخیار بدون إذنه أو استشکل فیه حکم بلزوم العقود الواقعة قبل ظهور الغبن و العیب و هذا هو الأقوی و سیأتی تتمة لذلک فی أحکام الخیار و کذا الحکم لو حصل مانع من رده کالاستیلاد و یحتمل هنا تقدیم حق الخیار لسبق سببه علی الاستیلاد

[جریان الحکم فی خروج المبیع عن ملک الغابن بالعقد الجائز]

ثم إن مقتضی ما ذکرنا جریان الحکم فی خروج المبیع عن ملک الغابن بالعقد الجائز لأن معنی جوازه تسلط أحد المتعاقدین علی فسخه- أما تسلط الأجنبی و هو المغبون فلا دلیل علیه بعد فرض وقوع العقد صحیحا. و فی المسالک لو کان الناقل مما یمکن إبطاله کالبیع بخیار ألزم بالفسخ فإن امتنع فسخه الحاکم و إن تعذر فسخه المغبون و یمکن النظر فیه بأن فسخ المغبون إما بدخول العین فی ملکه و إما بدخول بدلها فعلی الأول لا حاجة إلی الفسخ حتی یتکلم فی الفاسخ و علی الثانی فلا وجه للعدول عما استحقه بالفسخ إلی غیره اللهم إلا أن یقال إنه لا منافاة لأن البدل المستحق بالفسخ إنما هو للحیلولة فإذا أمکن رد العین وجب علی الغابن تحصیلها لکن ذلک إنما یتم مع کون العین باقیة علی ملک المغبون و أما مع عدمه و تملک المغبون للبدل فلا دلیل علی وجوب تحصیل العین.

[لو اتفق عود الملک إلی الغابن]

ثم علی القول بعدم وجوب الفسخ فی الجائز لو اتفق عود الملک إلیه لفسخ فإن کان ذلک قبل فسخ المغبون فالظاهر وجود رد العین و إن کان بعده فالظاهر عدم وجوب رده لعدم الدلیل بعد تملک البدل و لو کان العود بعقد جدید فالأقوی عدم وجوب الرد مطلقا لأنه ملک جدید تلقاه من مالکه. و الفاسخ إنما یملک بسبب ملکه السابق بعد ارتفاع السبب الناقل

[تصرف الغابن تصرفا مغیرا للعین]
اشارة

و لو تصرف الغابن تصرفا مغیرا للعین- فإما أن یکون بالنقیصة أو بالزیادة أو بالامتزاج

فإن کان بالنقیصة

فإما أن یکون نقصا یوجب الأرش و إما أن یکون مما لا یوجبه فإن أوجب الأرش أخذه مع الأرش کما هو مقتضی الفسخ لأن الفائت مضمون بجزء من العوض فإذا رد تمام العوض وجب رد مجموع المعوض فیتدارک الفائت منه ببدله و مثل ذلک ما لو تلف بعض العین و إن کان مما لا یوجب شیئا رده بلا شی ء. و منه ما لو وجد العین مستأجرة فإن علی الفاسخ الصبر إلی أن ینقضی مدة الإجارة و لا یجب علی الغابن بذل عوض المنفعة المستوفاة بالنسبة إلی بقیة المدة بعد الفسخ لأن المنفعة من الزوائد المنفصلة المتخللة بین العقد و الفسخ فهی ملک للمفسوخ علیه فالمنفعة الدائمة تابعة للملک المطلق فإذا تحقق فی زمان ملک منفعة العین بأسرها و یحتمل انفساخ الإجارة فی بقیة المدة لأن ملک منفعة الملک المتزلزل متزلزل و هو الذی جزم به المحقق القمی فیما إذا فسخ البائع بخیاره المشروط له فی البیع و فیه نظر لمنع تزلزل ملک المنفعة. نعم ذکر العلامة فی القواعد فیما إذا وقع التفاسخ لأجل اختلاف المتبایعین أنه إذا وجد البائع العین مستأجرة کانت الأجرة للمشتری و المؤجر وجب علیه للبائع أجرة المثل للمدة الباقیة بعد الفسخ و قرره علی ذلک شراح الکتاب و سیجی ء ما یمکن أن یکون فارقا بین المقامین

و إن کان التغییر بالزیادة

فإن کانت حکمیة محضة- کقصارة الثوب و تعلیم الصنعة فالظاهر ثبوت الشرکة فیه بنسبة تلک الزیادة بأن تقوم العین

المکاسب، ج 3، ص 241

معها و لا معها و یؤخذ النسبة و لو لم یکن للزیادة مدخل فی زیادة القیمة فالظاهر عدم شی ء لمحدثها لأنه إنما عمل فیما له و عمله لنفسه غیر مضمون علی غیره و لو لم یحصل منه فی الخارج ما یقابل المال و لو فی ضمن العین و لو کانت الزیادة عینا محضا کالغرس ففی تسلط المغبون علی القلع بلا أرش کما اختاره فی المختلف فی الشفعة أو عدم تسلطه علیه مطلقا کما علیه المشهور فیما إذا رجع بائع الأرض المغروسة بعد تفلیس المشتری أو تسلطه علیه مع الأرش کما اختاره فی المسالک هنا و قیل به فی الشفعة و العاریة وجوه من أن صفة کونه منصوبا المستلزمة لزیادة قیمته إنما هی عبارة عن کونه فی مکان صار ملکا للغیر فلا حق للغرس کما إذا باع أرضا مشغولة بماله و کان ماله فی تلک الأرض أزید قیمة. مضافا إلی ما فی المختلف فی مسألة الشفعة من أن الفائت لما حدث فی محل معرض للزوال لم یجب تدارکه و من أن الغرس المنصوب الذی هو مال للمشتری مال مغایر للمقلوع عرفا و لیس کالمتاع الموضوع فی بیت بحیث یکون تفاوت قیمته باعتبار المکان. مضافا إلی مفهوم قوله ص: لیس لعرق ظالم حق فیکون کما لو باع الأرض المغروسة و من أن الغرس إنما وقع فی ملک متزلزل و لا دلیل علی استحقاق الغرس علی الأرض البقاء. و قیاس الأرض المغروسة علی الأرض المستأجرة حیث لا یفسخ إجارتها و لا تغرم لها أجرة المثل فاسد للفرق بتملک المنفعة فی تمام المدة قبل استحقاق الفاسخ هناک بخلاف ما نحن فیه فإن المستحق هو الغرس المنصوب من دون استحقاق مکان فی الأرض فالتحقیق أن کلا من المالکین یملک ماله لا بشرط حق له علی الآخر و لا علیه له فلکل منهما تخلیص ماله عن مال صاحبه فإن أراد مالک الغرس قلعه فعلیه أرش طم الحفر و إن أراد مالک الأرض تخلیصها فعلیه أرش الغرس أعنی تفاوت ما بین کونه منصوبا دائما و کونه مقلوعا و کونه مالا للمالک علی صفة النصب دائما لیس اعترافا بعدم تسلطه علی قلعه لأن المال هو الغرس المنصوب و مرجع دوامه إلی دوام ثبوت هذا المال الخاص له فلیس هذا من باب استحقاق الغرس للمکان فافهم. و یبقی الفرق بین ما نحن فیه و بین مسألة التفلیس حیث ذهب الأکثر إلی أن لیس للبائع الفاسخ قلع الغرس و لو مع الأرش و یمکن الفرق بکون حدوث ملک الغرس فی ملک متزلزل فیما نحن فیه فحق المغبون إنما تعلق بالأرض قبل الغرس بخلاف مسألة التفلیس لأن سبب التزلزل هناک بعد الغرس فیشبه بیع الأرض المغروسة و لیس للمشتری قلعه و لو مع الأرش بلا خلاف بل عرفت أن العلامة فی المختلف جعل التزلزل موجبا لعدم استحقاق أرش الغرس ثم إذا جاز القلع فهل یجوز للمغبون مباشرة القلع أم له مطالبة المالک بالقلع- و مع امتناعه یجبره الحاکم أو یقلعه وجوه ذکروها فیما لو دخلت أغصان شجر الجار إلی داره و یحتمل الفرق بین المقامین من جهة کون الدخول هناک بغیر فعل المالک و لذا قیل فیه بعدم وجوب إجابة المالک الجار إلی القلع و إن جاز للجار قلعها بعد الامتناع أو قبله هذا کله حکم التخلیص. و أما لو اختار المغبون الإبقاء فمقتضی ما ذکرنا- من عدم ثبوت حق لأحد المالکین علی الآخر استحقاقه الأجرة علی البقاء لأن انتقال الأرض إلی المغبون بحق سابق علی الغرس لا بسبب لا حق له هذا کله حکم الشجر. و أما الزرع ففی المسالک أنه یتعین إبقاؤه بالأجرة لأن له أمدا ینتظر و لعله لإمکان الجمع بین الحقین علی وجه لا ضرر فیه علی الطرفین بخلاف مسألة الشجر فإن فی تعیین إبقائه بالأجرة ضررا علی مالک الأرض لطول مدة البقاء فتأمل. و لو طلب مالک الغرس القلع فهل لمالک الأرض منعه لاستلزامه نقص أرضه فإن کلا منهما مسلط علی ماله و لا یجوز تصرفه فی مال غیره إلا بإذنه أم لا لأن التسلط علی المال لا یوجب منع مالک آخر عن التصرف فی ماله وجهان أقواهما الثانی

و لو کان التغیر بالامتزاج

فإما أن یکون بغیر جنسه- و إما أن یکون بجنسه فإن کان بغیر جنسه فإن کان علی وجه الاستهلاک عرفا بحیث لا یحکم فی مثله بالشرکة کامتزاج ماء الورد المبیع بالزیت فهو فی حکم التالف یرجع إلی قیمته و إن کان لا علی وجه یعد تالفا کالخل الممتزج مع الأنجبین ففی کونه شریکا أو کونه کالمعدوم وجهان من حصول الاشتراک قهرا لو کانا للمالکین و من تغیر حقیقته فیکون کالتلف الرافع للخیار و إن کان الامتزاج بالجنس فإن کان بالمساوی یثبت الشرکة و إن کان بالأردإ فکذلک.

و فی استحقاقه لأرش النقص أو تفاوت الرداءة من الجنس الممتزج أو من ثمنه وجوه و لو کان بالأجود احتمل الشرکة فی الثمن بأن یباع و یعطی من الثمن بنسبة قیمته و یحتمل الشرکة بنسبة القیمة فإذا کان الأجود یساوی قیمتی الردی ء کان المجموع بینهما أثلاثا و رده الشیخ فی مسألة رجوع البائع علی المفلس بعین ماله بأنه یستلزم الربا قیل و هو حسن مع عموم الربا لکل معاوضة.

بقی الکلام فی حکم تلف العوضین مع الغبن

و تفصیله أن التلف إما أن یکون فیما وصل إلی الغابن أو فیما وصل إلی المغبون و التلف إما بآفة أو بإتلاف أحدهما أو بإتلاف الأجنبی و حکمها أنه لو تلف ما فی ید المغبون فإن کان بآفة فمقتضی ما تقدم من التذکرة فی الإخراج عن الملک من تعلیل السقوط بعدم إمکان الاستدراک سقوط الخیار لکنک قد عرفت الکلام فی مورد التعلیل فضلا عن غیره و لذا اختار غیر واحد بقاء الخیار فإذا فسخ غرم قیمته یوم التلف أو یوم الفسخ و أخذ ما عند الغابن أو بدله و کذا لو کان بإتلافه و لو کان بإتلاف الأجنبی ففسخ المغبون أخذ الثمن و رجع الغابن إلی المتلف إن لم یرجع المغبون علیه و إن رجع علیه بالبدل ثم ظهر الغبن ففسخ رد علی الغابن القیمة یوم التلف أو یوم الفسخ و لو کان بإتلاف الغابن فإن لم یفسخ المغبون أخذ القیمة من الغابن و إن فسخ أخذ الثمن و لو کان إتلافه قبل ظهور الغبن فأبرأه المغبون من الغرامة ثم ظهر الغبن ففسخ وجب علیه رد القیمة لأن ما أبرأه بمنزلة المقبوض و لو تلف ما فی ید الغابن بآفة أو بإتلافه ففسخ المغبون أخذ البدل.

و فی اعتبار القیمة یوم التلف أو یوم الفسخ قولان ظاهر الأکثر الأول و لکن صرح فی الدروس و المسالک و محکی حاشیة الشرائع للمحقق الثانی و صاحب

المکاسب، ج 3، ص 242

الحدائق و بعض آخر أنه لو اشتری عینا بعین فقبض إحداهما دون الأخری فباع المقبوض ثم تلف غیر مقبوض أن البیع الأول ینفسخ بتلف متعلقة قبل القبض بخلاف البیع الثانی فیغرم البائع الثانی قیمة ما باعه یوم تلف غیر المقبوض و هذا ظاهر بل صریح فی أن العبرة بقیمة یوم الانفساخ دون تلف العین و الفرق بین المسألتین مشکل و تمام الکلام فی باب الإقالة إن شاء الله. و لو تلف بإتلاف الأجنبی رجع المغبون بعد الفسخ إلی الغابن لأنه الذی یرد إلیه العوض فیؤخذ منه المعوض أو بدله و لأنه ملک القیمة علی المتلف و یحتمل الرجوع إلی المتلف لأن المال فی ضمانه و ما لم یدفع العوض فنفس المال فی عهدته و لذا صرح فی الشرائع بجواز المصالحة علی ذلک المتلف بما لو صالح به علی قیمته لزم الربا. و صرح العلامة بأنه لو صالحه علی نفس المتلف بأقل من قیمته لم یلزم الربا و إن صالحه علی قیمته بالأقل لزم الربا بناء علی جریانه فی الصلح و یحتمل التخییر أما الغابن فلأنه ملک البدل و أما المتلف فلأن المال المتلف فی عهدته قبل أداء القیمة و إن کان بإتلاف المغبون فإن لم یفسخ غرم بدله و لو أبرأه الغابن من بدل المتلف فظهر الغبن ففسخ رد الثمن و أخذ قیمة المتلف لأن المبرإ منه کالمقبوض. هذا قلیل من کثیر ما یکون هذا المقام قابلا له من الکلام و ینبغی إحالة الزائد علی ما ذکروه فی غیر هذا المقام و الله العالم بالأحکام و رسوله و خلفائه الکرام صلوات الله علیه و علیهم إلی یوم القیام.

مسألة الظاهر ثبوت خیار الغبن فی کل معاوضة مالیة

بناء علی الاستناد فی ثبوته فی البیع إلی نفی الضرر. نعم لو استند إلی الإجماعات المنقولة أمکن الرجوع فی غیر البیع إلی أصالة اللزوم و ممن حکی عنه التصریح بالعموم فخر الدین قدس سره فی شرح الإرشاد و صاحب التنقیح و صاحب إیضاح النافع و عن إجازة جامع المقاصد جریانه فیها مستندا إلی أنه من توابع المعاوضات. نعم حکی عن المهذب البارع عدم جریانه فی الصلح و لعله لکون الغرض الأصلی فیه قطع المنازعة فلا یشرع فیه الفسخ و فیه ما لا یخفی. و فی غایة المرام التفصیل بین الصلح الواقع علی وجه المعاوضة فیجری فیه و بین الواقع علی إسقاط دعوی قبل ثبوتها ثم ظهر حقیة ما یدعیه و کان مغبونا فیما صالح به و الواقع علی ما فی الذمم و کان مجهولا ثم ظهر بعد عقد الصلح و ظهر غبن أحدهما علی تأمل و لعله للإقدام فی هذین علی رفع الید عما صالح عنه کائنا ما کان فقد أقدم علی الضرر. و حکی عن بعض التفصیل بین کل عقد وقع شخصه علی وجه المسامحة و کان الإقدام فیه علی المعاملة مبنیا علی عدم الالتفات إلی النقص و الزیادة بیعا کان أو صلحا أو غیرهما فإنه لا یصدق فیه اسم الغبن و بین غیره. و فیه مع أن منع صدق الغبن محل نظر أن الحکم بالخیار لم یعلق فی دلیل علی مفهوم لفظ الغبن حتی یتبع مصادیقه فإن الفتاوی مختصة بغبن البیع و حدیث نفی الضرر عام لم یخرج منه إلا ما استثنی فی الفتاوی من صورة الإقدام علی الضرر عالما به. نعم لو استدل بآیة التجارة عن تراض أو النهی عن أکل المال بالباطل- أمکن اختصاصها بما إذا أقدم علی المعاملة محتملا للضرر مسامحا فی دفع ذلک الاحتمال. و الحاصل أن المسألة لا تخلو عن إشکال من جهة أصالة اللزوم و اختصاص معقد الإجماع و الشهرة بالبیع و عدم تعرض الأکثر لدخول هذا الخیار فی غیر البیع- کما تعرضوا لجریان خیار الشرط و تعرضهم لعدم جریان خیار المجلس فی غیر البیع لکونه محل خلاف لبعض العامة فی بعض أفراد ما عدا البیع فلا یدل علی عموم غیره لما عدا البیع و من دلالة حدیث نفی الضرر علی عدم لزوم المعاملة المغبون فیها فی صورة امتناع الغابن عن بذل التفاوت بعد إلحاق غیرها بظهور عدم الفصل عند الأصحاب و قد استدل به الأصحاب علی إثبات کثیر من الخیارات فدخوله فیما عدا البیع لا یخلو عن قوة نعم یبقی الإشکال فی شموله للصورة المتقدمة و هی ما إذا علم من الخارج بناء شخص تلک المعاملة بیعا کان أو غیره علی عدم المغابنة و المکایسة من حیث المالیة کما إذا احتاج المشتری إلی قلیل من شی ء مبتذل لحاجة عظیمة دینیة أو دنیویة فإنه لا یلاحظ فی شرائه مساواته للثمن المدفوع بإزائه فإن فی شمول الأدلة لمثل هذا خفاء بل منعا إلا أن یتم بعدم القول بالفصل و الله العالم.

مسألة اختلف أصحابنا فی کون هذا الخیار علی الفور أو علی التراخی
اشارة

علی قولین

[الاستدلال للفور بآیة أوفوا بالعقود]

و استند للقول الأول و هو المشهور ظاهرا إلی کون الخیار علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی المتیقن و قرره فی جامع المقاصد بأن العموم فی أفراد العقود یستتبع عموم الأزمنة و إلا لم ینتفع بعمومه انتهی.

[الاستدلال للتراخی بالاستصحاب]

و للقول الثانی إلی الاستصحاب. و ذکر فی الریاض ما حاصله أن المستند فی هذا الخیار إن کان الإجماع المنقول اتجه التمسک بالاستصحاب و إن کان نفی الضرر وجب الاقتصار علی الزمان الأول إذ به یندفع الضرر.

[المناقشة فی الوجوه المذکورة]

أقول و یمکن الخدشة فی جمیع الوجوه المذکورة أما فی وجوب الاقتصار علی المتیقن فلأنه غیر متجه مع الاستصحاب و أما ما ذکره فی جامع المقاصد من عموم الأزمنة فإن أراد به عمومها المستفاد من إطلاق الحکم بالنسبة إلی زمانه الراجع بدلیل الحکمة إلی استمراره فی جمیع الأزمنة فلا یخفی أن هذا العموم فی کل فرد من موضوع الحکم تابع لدخوله تحت العموم فإذا فرض خروج فرد منه فلا یفرق فیه بین خروجه عن حکم العام دائما أو فی زمان ما إذ لیس فی خروجه دائما زیادة تخصیص فی العام حتی یقتصر عند الشک فیه علی المتیقن نظیر ما إذا ورد تحریم فعل بعنوان العموم و خرج منه فرد خاص من ذلک الفعل لکن وقع الشک فی أن ارتفاع الحرمة عن ذلک الفرد مختص ببعض الأزمنة أو عام لجمیعها فإن اللازم هنا استصحاب حکم الخاص أعنی الحلیة لا الرجوع فی ما بعد الزمان المتیقن إلی عموم التحریم و لیس هذا من معاوضة العموم للاستصحاب و السر فیه ما عرفت من تبعیة العموم الزمانی للعموم الأفرادی فإذا فرض خروج بعضها فلا مقتضی للعموم الزمانی فیه حتی یقتصر فیه من حیث الزمان علی المتیقن بل الفرد الخارج واحد دام زمان خروجه أو انقطع.

المکاسب، ج 3، ص 243

نعم لو فرض إفادة الکلام للعموم الزمانی علی وجه یکون الزمان مکثرا لأفراد العام بحیث یکون الفرد فی کل زمان مغایرا له فی زمان آخر کان اللازم بعد العلم بخروج فرد فی زمان ما الاقتصار علی المتیقن لأن خروج غیره من الزمان مستلزم لخروج فرد آخر من العام غیر ما علم خروجه کما إذا قال المولی لعبده أکرم العلماء فی کل یوم بحیث کان إکرام کل عالم فی کل یوم واجبا مستقلا غیر إکرام ذلک العالم فی الیوم الآخر فإذا علم بخروج زید العالم و شک فی خروجه عن العموم یوما أو أزید وجب الرجوع فی ما بعد الیوم الأول إلی عموم وجوب الإکرام لا إلی استصحاب عدم وجوبه بل لو فرضنا عدم وجود ذلک العموم لم یجز التمسک بالاستصحاب بل یجب الرجوع إلی أصل آخر کما أن فی الصورة الأولی لو فرضنا عدم حجیة الاستصحاب لم یجز الرجوع إلی العموم فما أوضح الفرق بین الصورتین. ثم لا یخفی أن مناط هذا الفرق لیس کون عموم الزمان فی الصورة الأولی من الإطلاق المحمول علی العموم بدلیل الحکمة و کونه فی الصورة الثانیة عموما لغویا بل المناط کون الزمان فی الأولی ظرفا للحکم و إن فرض عمومه لغویا فیکون [الحکم فیه حکما واحدا مستمرا لموضوع واحد] فیکون مرجع الشک فیه إلی الشک فی استمرار حکم واحد و انقطاعه فیستصحب و الزمان فی الثانیة مکثر لأفراد موضوع الحکم فمرجع الشک فی وجود الحکم فی الآن الثانی إلی ثبوت حکم الخاص لفرد من العام مغایر للفرد الأول و معلوم أن المرجع فیه إلی أصالة العموم فافهم و اغتنم. و بذلک یظهر فساد دفع کلام جامع المقاصد- بأن آیة أَوْفُوا و غیرها مطلقة لا عامة فلا تنافی الاستصحاب إلا أن یدعی أن العموم لا یرجع إلا إلی العموم الزمانی علی الوجه الأول.

فقد ظهر أیضا مما ذکرنا من تغایر موردی الرجوع إلی الاستصحاب و الرجوع إلی العموم فساد ما قیل فی الأصول من أن الاستصحاب قد یخصص العموم و مثل له بالصورة الأولی زعما منه أن الاستصحاب قد خصص العموم. و قد عرفت أن مقام جریان الاستصحاب لا یجوز فیه الرجوع إلی العموم و لو علی فرض عدم الاستصحاب و مقام جریان العموم لا یجوز الرجوع إلی الاستصحاب و لو علی فرض عدم العموم فلیس شی ء منهما ممنوعا بالآخر فی شی ء من المقامین إذا عرفت هذا فما نحن فیه من قبیل الأول لأن العقد المغبون فیه إذا خرج عن عموم وجوب الوفاء فلا فرق بین عدم وجوب الوفاء به فی زمان واحد و بین عدم وجوبه رأسا نظیر العقد الجائز دائما فلیس الأمر دائرا بین قلة التخصیص و کثرته حتی یتمسک بالعموم فیما عدا المتیقن فلو فرض عدم جریان الاستصحاب فی الخیار علی ما سنشیر إلیه لم یجز التمسک بالعموم أیضا. نعم یتمسک فیه حینئذ بأصالة اللزوم الثابتة بغیر العمومات و أما استناد القول بالتراخی إلی الاستصحاب- فهو حسن علی ما اشتهر من المسامحة فی تشخیص الموضوع فی استصحاب الحکم الشرعی الثابت بغیر الأدلة اللفظیة المشخصة للموضوع مع کون الشک من حیث استعداد الحکم للبقاء. و أما علی التحقیق من عدم إحراز الموضوع فی مثل ذلک علی وجه التحقیق فلا یجری فیما نحن فیه الاستصحاب فإن المتیقن سابقا ثبوت الخیار لمن لم یتمکن من تدارک ضرره بالفسخ فإذا فرضنا ثبوت هذا الحکم من الشرع فلا معنی لانسحابه فی الآن اللاحق مع کون الشخص قد تمکن من التدارک و لم یفعل لأن هذا موضوع آخر یکون إثبات الحکم له من القیاس المحرم. نعم لو أحرز الموضوع من دلیل لفظی علی المستصحب أو کان الشک فی رافع الحکم حتی لا یحتمل أن یکون الشک لأجل تغیر الموضوع اتجه التمسک بالاستصحاب. و أما ما ذکره فی الریاض ففیه أنه إن بنی الأمر علی التدقیق فی موضوع الاستصحاب کما أشرنا هنا و حققناه فی الأصول فلا یجری الاستصحاب و إن کان المدرک للخیار الإجماع و إن بنی علی المسامحة فیه کما اشتهر جری الاستصحاب و إن استند فی الخیار إلی قاعدة الضرر کما اعترف به ولده قدس سره فی المناهل مستندا إلی احتمال أن یکون الضرر علة محدثة یکفی فی بقاء الحکم و إن ارتفع إلا أن یدعی أنه إذا استند الحکم إلی الضرر فالموضوع للخیار هو المتضرر العاجز عن تدارک ضرره و هو غیر محقق فی الزمان اللاحق کما أشرنا-

[ما ذکره بعض المعاصرین فی المسألة]
اشارة

ثم إنه بنی المسألة بعض المعاصرین علی ما لا محصل له فقال ما لفظه إن المسألة مبتنیة علی أن لزوم العقد معناه أن أثر العقد مستمر إلی یوم القیامة و أن عموم الوفاء بالعقود عموم زمانی للقطع بأن لیس المراد بالآیة الوفاء بالعقود آنا ما بل علی الدوام. و قد فهم المشهور منها ذلک باعتبار أن الوفاء بها العمل بمقتضاها و لا ریب أن مفاده عرفا و بحسب قصد المتعاقدین الدوام فإن دل دلیل علی ثبوت خیار من ضرر أو إجماع أو نص فی ثبوته فی الماضی أو مطلقا بناء علی الإهمال لا الإطلاق فی الأخبار فیکون استثناء من ذلک العام و یبقی العام علی عمومه کاستثناء أیام الإقامة و الثلاثین و وقت المعصیة و نحوها من حکم السفر أو أن اللزوم لیس کالعموم و إنما یثبت ملکا سابقا و یبقی حکمه مستصحبا إلی المزیل فتکون المعارضة بین استصحابین و الثانی وارد علی الأول فیقدم علیه و الأول أقوی لأن حدوث الحادث مع زوال العلة السابقة یقضی بعدم اعتبار السابق أما مع بقائها فلا یلغو اعتبار السابق انتهی.

[المناقشة فی ما ذکره بعض المعاصرین]

و لا یخفی أن ما ذکره من المبنی للرجوع إلی العموم- و هو استمرار اللزوم مبنی لطرح العموم و الرجوع إلی الاستصحاب و أما ما ذکره أخیرا لمبنی الرجوع إلی الاستصحاب و حاصله أن اللزوم إنما یثبت بالاستصحاب فإذا ورد علیه استصحاب الخیار قدم علیه ففیه أن الکل متفقون علی الاستناد فی أصالة اللزوم إلی عموم آیة الوفاء و إن أمکن الاستناد فیه إلی الاستصحاب أیضا فلا وجه للإغماض عن الآیة و ملاحظة الاستصحاب المقتضی للزوم مع استصحاب الخیار

[الأقوی الفور و الدلیل علیه]

ثم إنه قد علم من تضاعیف ما أوردناه علی کلمات الجماعة أن الأقوی کون الخیار هنا علی الفور لأنه لما لم یجز التمسک فی الزمان الثانی بالعموم لما عرفت سابقا من أن مرجع العموم الزمانی فی هذا المقام إلی استمرار الحکم فی الأفراد فإذا انقطع الاستمرار فلا دلیل علی العود إلیه کما فی جمیع الأحکام المستمرة إذا طرأ علیها الانقطاع و لا بالاستصحاب الخیار لما عرفت

المکاسب، ج 3، ص 244

من أن الموضوع غیر محرز لاحتمال کون موضوع الحکم عند الشارع هو من لم یتمکن من تدارک ضرره بالفسخ فلا یشمل الشخص المتمکن منه التارک له بل قد یستظهر ذلک من حدیث نفی الضرر تعین الرجوع إلی أصالة فساد فسخ المغبون و عدم ترتب الأثر علیه و بقاء آثار العقد فیثبت اللزوم من هذه الجهة و هذا لیس کاستصحاب الخیار لأن الشک هنا فی الواقع فالموضوع محرز کما فی استصحاب الطهارة بعد خروج المذی فافهم و اغتنم و الحمد لله. هذا مضافا إلی ما قد یقال هنا و فیما یشبهه من إجازة عقد الفضولی و نکاحه و غیرهما من أن تجویز التأخیر فیها ضرر علی من علیه الخیار و فیه تأمل ثم إن مقتضی ما استند إلیه للفوریة عدا هذا المؤید الأخیر هی الفوریة العرفیة لأن الاقتصار علی الحقیقیة حرج علی ذی الخیار فلا ینبغی تدارک الضرر به و الزائد علیها لا دلیل علیه عدا الاستصحاب المتسالم علی رده بین أهل هذا القول لکن الذی یظهر من التذکرة فی خیار العیب علی القول بفوریة ما هو أوسع من الفور العرفی قال خیار العیب لیس علی الفور علی ما تقدم خلافا للشافعی فإنه اشترط الفوریة و المبادرة بالعادة فلا یؤمر بالعدو و لا الرکض للرد و إن کان مشغولا بصلاة أو أکل أو قضاء حاجة فله الخیار إلی أن یفرغ و کذا لو اطلع حین دخل وقت هذه الأمور فاشتغل بها فلا بأس إجماعا و کذا لو لبس ثوبا أو أغلق بابا و لو اطلع علی العیب لیلا فله التأخیر إلی أن یصبح و إن لم یکن عذر انتهی. و قد صرح فی الشفعة علی القول بفوریتها بما یقرب من ذلک و جعلها من الإعذار و صرح فی الشفعة بأنه لا تجب المبادرة علی خلاف العادة و رجع فی ذلک کله إلی العرف فکل ما لا یعد تقصیرا لا یبطل به الشفعة و کل ما یعد تقصیرا و توانیا فی الطلب فإنه مسقط لها انتهی. و المسألة لا تخلو عن إشکال لأن جعل حضور وقت الصلاة أو دخول اللیل عذرا فی ترک الفسخ المتحقق بمجرد قوله فسخت لا دلیل علیه. نعم لو توقف الفسخ علی الحضور عند الخصم أو القاضی أو علی الإشهاد توجه ما ذکر فی الجملة مع أن قیام الدلیل علیه مشکل إلا أن یجعل الدلیل علی الفوریة لزوم الإضرار لمن علیه الخیار فیدفع ذلک بلزوم المبادرة العرفیة بحیث لا یعد متوانیا فیه فإن هذا هو الذی یضر بحال من علیه الخیار من جهة عدم استقرار ملکه و کون تصرفاته فیه فی معرض النقص لکنک عرفت التأمل فی هذا الدلیل

[رأی المصنف فی المسألة]

فالإنصاف أنه إن تم الإجماع الذی تقدم عن العلامة علی عدم البأس بالأمور المذکورة و عدم قدح أمثالها فی الفوریة فهو و إلا وجب الاقتصار علی أول مراتب الإمکان إن شاء الفسخ و الله العالم

[معذوریة الجاهل بالخیار فی ترک المبادرة]

ثم إن الظاهر أنه لا خلاف فی معذوریة الجاهل بالخیار فی ترک المبادرة لعموم نفی الضرر إذ لا فرق بین الجاهل بالغبن [و الجاهل بالخیار فی ترک المبادرة لعموم نفی الضرر إذ لا فرق بین الجاهل بالغبن] و الجاهل بحکمه و لیس ترک الفحص عن الحکم الشرعی منافیا لمعذوریته کترک الفحص عن الغبن و عدمه و لو جهل الفوریة فظاهر بعض الوفاق علی المعذوریة. و یشکل بعدم جریان نفی الضرر هنا لتمکنه من الفسخ و تدارک الضرر فیرجع إلی ما تقدم من أصالة بقاء آثار العقد و عدم صحة فسخ المغبون بعد الزمان الأول. و قد حکی عن بعض الأساطین عدم المعذوریة فی خیار التأخیر و المناط واحد و لو ادعی الجهل بالخیار فالأقوی القبول إلا أن یکون مما لا یخفی علیه هذا الحکم الشرعی إلا لعارض ففیه نظر. و قال فی التذکرة فی باب الشفعة إنه لو قال إنی لم أعلم ثبوت حق الشفعة أو قال أخرت لأنی لم أعلم أن الشفعة علی الفور فإن کان قریب العهد بالإسلام أو نشأ فی بریة لا یعرفون الأحکام قبل قوله و له الأخذ بالشفعة و إلا فلا انتهی. فإن أراد بالتقیید المذکور تخصیص السماع بمن یحتمل فی حقه الجهل فلا حاجة إلیه لأن أکثر العوام و کثیرا من الخواص لا یعلمون مثل هذه الأحکام و إن أراد تخصیص السماع بمن یکون الظاهر فی حقه عدم العلم ففیه أنه لا داعی إلی اعتبار الظهور مع أن الأصل العدم

و الأقوی أن الناسی فی حکم الجاهل

و فی سماع دعواه النسیان نظر من أنه مدع و من تعسر إقامة البینة علیه و أنه لا یعرف إلا من قبله. و أما الشک فی ثبوت الخیار فالظاهر معذوریته و یحتمل عدم معذوریته لتمکنه من الفسخ بعد الاطلاع علی الغبن ثم السؤال عن صحته شرعا فهو متمکن من الفسخ العرفی إذ الجهل بالصحة لا یمنع عن الإنشاء فهو مقصر بترک الفسخ لا لعذر فافهم و الله العالم

الخامس خیار التأخیر
[کلام التذکرة فی خیار التأخیر]

قال فی التذکرة من باع شیئا و لم یسلمه إلی المشتری و لا قبض الثمن و لا شرط تأخیره و لو ساعة لزم البیع ثلاثة أیام فإن جاء المشتری بالثمن فی هذه الثلاثة فهو أحق بالعین و إن مضت الثلاثة و لم یأت بالثمن تخیر البائع بین فسخ العقد و الصبر و المطالبة بالثمن عند علمائنا أجمع.

[الدلیل علی هذا الخیار]
اشارة

و الأصل فی ذلک قبل الإجماع المحکی عن الانتصار و الخلاف و الجواهر و غیرها- المعتضد بدعوی الاتفاق المصرح بها فی التذکرة و الظاهرة من غیرها و بما ذکره فی التذکرة من أن الصبر أبدا مظنة الضرر المنفی بالخبر بل الضرر هنا أشد من الضرر فی الغبن حیث إن المبیع هنا فی ضمانه و تلفه منه و ملک لغیره لا یجوز له التصرف فیه

الأخبار المستفیضة
اشارة

منها روایة علی بن یقطین قال: سألت أبا الحسن ع عن الرجل یبیع البیع و لا یقبضه صاحبه و لا یقبض الثمن قال الأجل بینهما ثلاثة أیام فإن قبض بیعه و إلا فلا بیع بینهما و روایة إسحاق بن عمار عن العبد الصالح قال: من اشتری بیعا فمضت ثلاثة أیام و لم یجی ء فلا بیع له و روایة ابن الحجاج قال: اشتریت محملا و أعطیت بعض الثمن و ترکته عند صاحبه ثم احتبست أیاما ثم جئت إلی بائع المحمل لأخذه فقال قد بعته فضحکت ثم قلت لا و الله لا أدعک أو أقاضیک- فقال أ ترضی بأبی بکر ابن عیاش قلت نعم فأتیناه فقصصنا علیه قصصنا فقال أبو بکر بقول من تحب أن أقضی بینکما أ بقول صاحبک أو غیره قلت بقول صاحبی قال سمعته یقول من اشتری شیئا فجاء بالثمن ما بینه و بین ثلاثة أیام و إلا فلا بیع له و صحیحة زرارة عن أبی جعفر ع: قلت له الرجل یشتری من الرجل المتاع ثم یدعه عنده فیقول آتیک بثمنه قال إن جاء ما بینه و بین ثلاثة أیام و إلا فلا بیع له.

و ظاهر هذه الأخبار بطلان البیع

کما فهمه فی المبسوط حیث قال روی أصحابنا أنه إذا اشتری شیئا بعینه بثمن معلوم و قال للبائع أجیئک

المکاسب، ج 3، ص 245

بالثمن و مضی فإن جاء فی مدة الثلاثة کان البیع له و إن لم یرتجع بطل البیع انتهی. و ربما یحکی هذا عن ظاهر الإسکافی المعبر بلفظ الروایات و توقف فیه المحقق الأردبیلی و قواه صاحب الکفایة و جزم به فی الحدائق طاعنا علی العلامة فی المختلف حیث إنه اعترف بظهور الأخبار فی خلاف المشهور ثم اختار المشهور مستدلا بأن الأصل بقاء صحة العقد و حمل الأخبار علی نفی اللزوم أقول ظهور الأخبار فی الفساد فی محله إلا أن فهم العلماء و حملهم الأخبار علی نفی اللزوم مما یقرب هذا المعنی مضافا إلی ما یقال من أن قوله ع فی أکثر تلک الأخبار لا بیع له ظاهر فی انتفاء البیع بالنسبة إلی المشتری فقط و لا یکون إلا نفی اللزوم من طرف البائع إلا أن فی روایة ابن یقطین: فلا بیع بینهما و کیف کان فلا أقل من الشک فیرجع إلی استصحاب الآثار المترتبة علی البیع و توهم کون الصحة سابقا فی ضمن اللزوم فیرتفع بارتفاعه مندفع بأن اللزوم لیس من قبیل الفصل للصحة و إنما هو حکم مقارن لها فی خصوص البیع الخالی من الخیار

ثم إنه یشترط فی هذا الخیار أمور
أحدها عدم قبض المبیع

و لا خلاف فی اشتراطه ظاهرا- و یدل علیه من الروایات المتقدمة قوله فی صحیحة علی بن یقطین المتقدمة: فإن قبض بیعه و إلا فلا بیع بینهما بناء علی أن البیع هنا بمعنی المبیع لکن فی الریاض إنکار دلالة الأخبار علی هذا الشرط و تبعه بعض المعاصرین و لا أعلم له وجها غیر سقوط هذه الفقرة عن النسخة المأخوذة منها الروایة و احتمال قراءة قبض بالتخفیف و بیعه بالتشدید یعنی قبض بائعه الثمن و لا یخفی ضعف هذا الاحتمال لأن استعمال البیع بالتشدید مفردا نادر- بل لم یوجد مع إمکان إجراء أصالة عدم التشدید نظیر ما ذکره فی الروضة من أصالة عدم المد فی لفظ البکاء الوارد فی قواطع الصلاة ثم إنه لو کان عدم قبض المشتری لعدوان البائع- بأن بذل له الثمن فامتنع من أخذه و إقباض المبیع فالظاهر عدم الخیار لأن ظاهر النص و الفتوی کون هذا الخیار إرفاقا للبائع و دفعا لتضرره- فلا یجری فیما إذا کان الامتناع من قبله و لو قبضه المشتری علی وجه یکون للبائع استرداده کما إذا کان بدون إذنه مع عدم إقباض الثمن ففی کونه کلا قبض مطلقا أو مع استرداده أو کونه قبضا وجوه- رابعها ابتناء المسألة علی ما سیجی ء فی أحکام القبض من ارتفاع الضمان عن البائع بهذا القبض و عدمه و لعله الأقوی إذ مع ارتفاع الضمان بهذا القبض لا ضرر علی البائع إلا من جهة وجوب حفظ المبیع لمالکه و تضرره بعدم وصول ثمنه إلیه و کلاهما ممکن الاندفاع بأخذ المبیع مقاصة و أما مع عدم ارتفاع الضمان بذلک فیجری دلیل الضرر بالتقریب المتقدم و إن ادعی انصراف الأخبار إلی غیر هذه الصورة لکنه مشکل کدعوی شمولها و لو قلنا بارتفاع الضمان و لو مکن المشتری من القبض فلم یقبض- فالأقوی أیضا ابتناء المسألة علی ارتفاع الضمان و عدمه. و ربما یستظهر من قول السائل فی بعض الروایات ثم یدعه عنده عدم کفایة التمکین و فیه نظر- و الأقوی عدم الخیار لعدم الضمان و فی کون قبض بعض المبیع کلا قبض لظاهر الأخبار أو کالقبض لدعوی انصرافها إلی صورة عدم قبض شی ء منه أو تبعیض الخیار بالنسبة إلی المقبوض و غیره استنادا مع تسلیم الانصراف المذکور إلی تحقق الضرر بالنسبة إلی غیر المقبوض لا غیره وجوه.

الشرط الثانی عدم قبض مجموع الثمن

و اشتراطه مجمع علیه نصا و فتوی و قبض البعض کلا قبض بظاهر الأخبار- المعتضد بفهم أبی بکر بن عیاش فی روایة ابن الحجاج المتقدمة و ربما یستدل بتلک الروایة تبعا للتذکرة و فیه نظر و القبض بدون الإذن کعدمه- لظهور الأخبار فی اشتراط وقوعه بالإذن فی بقاء البیع علی اللزوم مع أن ضرر ضمان المبیع مع عدم وصول الثمن إلیه علی وجه یجوز له التصرف فیه باق.

نعم لو کان القبض بدون الإذن حقا کما إذا عرض المبیع علی المشتری فلم یقبضه فالظاهر عدم الخیار لعدم دخوله فی منصرف الأخبار و عدم تضرر البائع بالتأخیر و ربما یقال بکفایة القبض هنا مطلقا مع الاعتراف باعتبار الإذن فی الشرط السابق أعنی قبض المبیع نظرا إلی أنهم شرطوا فی عناوین المسألة فی طرف المبیع عدم إقباض المبیع إیاه و فی طرف الثمن عدم قبضه و فیه نظر لأن هذا النحو من التعبیر من مناسبات عنوان المسألة باسم البائع فیعبر فی طرف الثمن و المثمن بما هو فعل له و هو القبض فی الأول و الإقباض فی الثانی فتأمل. و لو أجاز المشتری قبض الثمن بناء علی اعتبار الإذن کانت فی حکم الإذن و هل هی کاشفة أو مثبتة أقواهما الثانی و یترتب علیه ما لو قبض قبل الثلاثة فأجاز المشتری بعدها.

الشرط الثالث عدم اشتراط تأخیر تسلیم أحد العوضین

لأن المتبادر من النص غیر ذلک فیقتصر فی مخالفة الأصل علی منصرف النص مع أنه فی الجملة إجماعی.

الشرط الرابع أن یکون المبیع عینا أو شبهه

کصاع من صبرة- نص علیه الشیخ فی عبارته المتقدمة فی نقل مضمون روایات أصحابنا و ظاهره کونه مفتی به عندهم و صرح به فی التحریر و المهذب البارع و غایة المرام و هو ظاهر جامع المقاصد حیث قال لا فرق فی الثمن بین کونه عینا أو فی الذمة و قال فی الغنیة و روی أصحابنا أن المشتری إذا لم یقبض المبیع و قال أجیئک بالثمن و مضی فعلی البائع الصبر علیه ثلاثا ثم هو بالخیار بین فسخ البیع و مطالبته بالثمن هذا إذا کان المبیع مما یصح بقائه فإن لم یکن کذلک کالخضراوات فعلیه الصبر یوما واحدا ثم هو بالخیار ثم ذکر أن تلف المبیع قبل الثلاثة من مال المشتری و بعده من مال البائع ثم قال و یدل علی ذلک کله إجماع الطائفة انتهی. و فی معقد إجماع الانتصار و الخلاف و جواهر القاضی لو باع شیئا معینا بثمن معین لکن فی بعض نسخ الجواهر لو باع شیئا غیر معین.

و قد أخذ عنه فی مفتاح الکرامة و غیره و نسب إلی القاضی دعوی الإجماع علی غیر المعین و أظن الغلط فی تلک النسخة و الظاهر أن المراد بالثمن المعین فی معقد إجماعهم هو المعلوم فی مقابل المجهول لأن تشخص الثمن غیر معتبر إجماعا و لذا وصف فی التحریر تبعا للمبسوط المبیع بالمعین و الثمن بالمعلوم و من البعید

المکاسب، ج 3، ص 246

اختلاف عنوان ما نسبه فی الخلاف إلی إجماع الفرقة و أخبارهم مع ما نسبه فی المبسوط إلی روایات أصحابنا مع أنا نقول إن ظاهر المعین فی معاقد الإجماعات التشخص العینی لا مجرد المعلوم فی مقابل المجهول و لو کان کلیا خرجنا عن هذا الظاهر بالنسبة إلی الثمن للإجماع علی عدم اعتبار التعیین فیه مع أنه فرق بین الثمن المعین و الشی ء المعین فإن الثانی ظاهر فی الشخصی بخلاف الأول. و أما معقد إجماع التذکرة المتقدم فی عنوان المسألة فهو مختص بالشخصی لأنه ذکر فی معقد الإجماع أن المشتری لو جاء بالثمن فی الثلاثة فهو أحق بالعین و لا یخفی أن العین ظاهر فی الشخصی هذه حال معاقد الإجماعات. و أما حدیث نفی الضرر فهو مختص بالشخصی لأنه المضمون علی البائع قبل القبض فیتضرر بضمانه و عدم جواز التصرف فیه و عدم وصول بدله إلیه بخلاف الکلی. و أما النصوص فروایتا ابن یقطین و ابن عمار مشتملتان علی لفظ البیع المراد به المبیع الذی یطلق قبل البیع علی العین المعرضة للبیع و لا مناسبة فی إطلاقه علی الکلی کما لا یخفی و روایة زرارة ظاهرة أیضا فی الشخصی من جهة لفظ المتاع و قوله یدعه عنده فلم یبق إلا قوله ع فی روایة أبی بکر بن عیاش: من اشتری شیئا فإن إطلاقه و إن شمل المعین و الکلی إلا أن الظاهر من لفظ الشی ء الموجود الخارجی- کما فی قول القائل اشتریت شیئا و لو فی ضمن أمور متعددة کصاع من صبرة و الکلی المبیع لیس موجودا خارجیا إذ لیس المراد من الکلی هنا الکلی الطبیعی الموجود فی الخارج لأن المبیع قد یکون معدوما عند العقد و الموجود منه قد لا یملکه البائع حتی یملکه بل هو أمر اعتباری یعامل فی العرف و الشرع معه معاملة الأملاک و هذه المعاملة و إن اقتضت صحة إطلاق لفظ الشی ء علیه أو علی ما یعمه إلا أنه لیس بحیث لو أرید من اللفظ خصوص ما عداه من الموجود الخارجی الشخصی احتیج إلی قرینة علی التقیید فهو نظیر المجاز المشهور و المطلق المنصرف إلی بعض أفراده انصرافا لا یحوج إرادة المطلق إلی القرینة- فلا یمکن دفع احتمال إرادة خصوص الموجود الخارجی بأصالة عدم القرینة فافهم. فقد ظهر مما ذکرنا أن لیس فی أدلة المسألة- من النصوص و الإجماعات المنقولة و دلیل الضرر ما یجری فی المبیع الکلی و ربما ینسب التعمیم إلی ظاهر الأکثر- لعدم تقییدهم البیع بالشخصی. و فیه أن التأمل فی عباراتهم مع الإنصاف یعطی الاختصاص بالمعین أو الشک فی التعمیم مع أنه معارض بعدم تصریح أحد بکون المسألة محل الخلاف من حیث التعمیم و التخصیص إلا الشهید فی الدروس حیث قال إن الشیخ قدس سره قید فی المبسوط هذا الخیار بشراء المعین فإنه ظاهر فی عدم فهم هذا التقیید من کلمات باقی الأصحاب لکنک عرفت أن الشیخ قدس سره قد أخذ هذا التقیید فی مضمون روایات أصحابنا و کیف کان فالتأمل فی أدلة المسألة و فتاوی الأصحاب یشرف الفقیه علی القطع باختصاص الحکم بالمعین

ثم إن هنا أمورا قیل باعتبارها فی هذا الخیار
منها عدم الخیار لأحدهما أو لهما

. قال فی التحریر و لا خیار للبائع لو کان فی المبیع خیار لأحدهما. و فی السرائر قید الحکم فی عنوان المسألة بقوله و لم یشترطا خیارا لهما أو لأحدهما و ظاهره الاختصاص بخیار الشرط و یحتمل أن یکون الاقتصار علیه لعنوان المسألة فی کلامه بغیر الحیوان و هو المتاع- و کیف کان فلا أعرف وجها معتمدا فی اشتراط هذا الشرط- سواء أراد ما یعم خیار الحیوان أم خصوص خیار الشرط و سواء أرید مطلق الخیار و لو اختص بما قبل انقضاء الثلاثة أم أرید خصوص الخیار المحقق فیما بعد الثلاثة سواء أحدث فیها أم بعدها و أوجه ما یقال فی توجیه هذا القول مضافا إلی دعوی انصراف النصوص إلی غیر هذا الفرض أن شرط الخیار فی قوة اشتراط التأخیر و تأخیر المشتری بحق الخیار ینفی خیار البائع. و توضیح ذلک ما ذکره فی التذکرة فی أحکام الخیار من أنه لا یجب علی البائع تسلیم المبیع و لا علی المشتری تسلیم الثمن فی زمان الخیار و لو تبرع أحدهما بالتسلیم لم یبطل خیاره و لا یجبر الآخر علی تسلیم ما فی یده و له استرداد المدفوع قضیة للخیار. و قال بعض الشافعیة لیس له استرداده و له أخذ ما عند صاحبه بدون رضاه کما لو کان التسلیم بعد لزوم البیع انتهی. و حینئذ فوجه هذا الاشتراط أن ظاهر الأخبار کون عدم مجی ء المشتری بالثمن بغیر حق التأخیر و ذو الخیار له حق التأخیر و ظاهرها أیضا کون عدم إقباض البائع لعدم قبض الثمن لا لحق له فی عدم الإقباض. و الحاصل أن الخیار بمنزلة تأجیل أحد العوضین. و فیه بعد تسلیم الحکم فی الخیار و تسلیم انصراف الأخبار إلی کون التأخیر بغیر حق أنه ینبغی علی هذا القول کون مبدأ الثلاثة من حین التفرق و کون هذا الخیار مختصا بغیر الحیوان مع اتفاقهم علی ثبوته فیه کما یظهر من المختلف. و ذهب الصدوق إلی کون الخیار فی الجاریة بعد شهر إلا أن یراد بما فی التحریر عدم ثبوت خیار التأخیر ما دام الخیار ثابتا لأحدهما فلا ینافی ثبوته فی الحیوان بعد الثلاثة. و قد یفصل بین ثبوت الخیار للبائع من جهة أخری فیسقط معه هذا الخیار لأن خیار التأخیر شرع لدفع ضرره و قد اندفع بغیره و لدلالة النص و الفتوی علی لزوم البیع فی الثلاثة فیختص بغیر صورة ثبوت الخیار له قال و دعوی أن المراد من الأخبار اللزوم من هذه الجهة مدفوعة بأن التأخیر سبب للخیار و لا یتقید الحکم بالسبب و بین ما إذا کان الخیار للمشتری فلا وجه لسقوطه مع أن اللازم منه عدم ثبوت هذا الخیار فی الحیوان. و وجه ضعف هذا التفصیل أن ضرر الصبر بعد الثلاثة لا یندفع بالخیار فی الثلاثة. و أما ما ذکره من عدم تقیید الحکم بالسبب فلا یمنع من کون نفی الخیار فی الثلاثة من جهة التضرر بالتأخیر و لذا لا ینافی هذا الخیار خیار المجلس- .

و منها تعدد المتعاقدین

لأن النص مختص بصورة التعدد و لأن هذا الخیار ثبت بعد خیار المجلس و خیار المجلس باق مع اتحاد العاقد إلا مع إسقاطه. و فیه أن المناط عدم الإقباض و القبض و لا إشکال فی تصوره من المالکین مع اتحاد العاقد من قبلهما. و أما خیار المجلس فقد عرفت أنه غیر ثابت للوکیل فی مجرد العقد

المکاسب، ج 3، ص 247

و علی تقدیره فیمکن إسقاطه أو اشتراط عدمه. نعم لو کان العاقد ولیا بیده العوضان لم یتحقق الشرطان الأولان أعنی عدم الإقباض و القبض و لیس ذلک من جهة اشتراط التعدد.

و منها أن لا یکون المبیع حیوانا أو خصوص الجاریة

فإن المحکی عن الصدوق فی المقنع أنه إذا اشتری جاریة فقال أجیئک بالثمن فإن جاء بالثمن فیما بینه و بین شهر و إلا فلا بیع له. و ظاهر المختلف نسبة الخلاف إلی الصدوق فی مطلق الحیوان و المستند فیه روایة ابن یقطین: عن رجل اشتری جاریة فقال أجیئک بالثمن فقال إن جاء بالثمن فیما بینه و بین شهر و إلا فلا بیع له و لا دلالة فیها علی صورة عدم إقباض الجاریة و لا قرینة علی حملها علیها فیحتمل الحمل علی اشتراط المجی ء بالثمن إلی شهر فی متن العقد فیثبت الخیار عند تخلف الشرط و یحتمل الحمل علی استحباب صبر البائع و عدم فسخه إلی شهر و کیف کان فالروایة مخالفة لعمل المعظم فلا بد من حملها علی بعض الوجوه

ثم إن مبدء الثلاثة من حین التفرق أو من حین العقد

وجهان من ظهور قوله:

فإن جاء بالثمن بینه و بین ثلاثة أیام فی کون مدة الغیبة ثلاثة و من کون ذلک کنایة عن عدم التقابض ثلاثة أیام کما هو ظاهر قوله ع فی روایة ابن یقطین:

الأجل بینهما ثلاثة أیام فإن قبض بیعه و إلا فلا بیع بینهما و هذا هو الأقوی.

مسألة یسقط هذا الخیار بأمور

أحدها إسقاطه بعد الثلاثة

بلا إشکال و لا خلاف و فی سقوطه بالإسقاط فی الثلاثة وجهان من أن السبب فیه الضرر الحاصل بالتأخیر فلا یتحقق إلا بعد الثلاثة و لذا صرح فی التذکرة بعدم جواز إسقاط خیار الشرط قبل التفرق إذا قلنا بکون مبدئه بعده مع أنه أولی بالجواز و من أن العقد سبب الخیار فیکفی وجوده فی إسقاطه مضافا إلی فحوی جواز اشتراط سقوطه فی ضمن العقد

الثانی اشتراط سقوطه فی متن العقد

حکی عن الدروس و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و لعله لعموم أدلة الشروط و یشکل علی عدم جواز إسقاطه فی الثلاثة بناء علی أن السبب فی هذا الخیار هو الضرر الحادث بالتأخیر دون العقد فإن الشرط إنما یسقط به ما یقبل الإسقاط بدون الشرط و لا یوجب شرعیة سقوط ما لا یشرع إسقاطه بدون شرط فإن کان إجماع علی السقوط بالشرط کما حکاه بعض قلنا به بل بصحة الإسقاط بعد العقد لفحواه و إلا فللنظر فیه مجال.

الثالث بذل المشتری للثمن بعد الثلاثة

فإن المصرح به فی التذکرة سقوط الخیار حینئذ و قیل بعدم السقوط بذلک استصحابا و هو حسن لو استند فی الخیار إلی الأخبار و أما إذا استند فیه إلی الضرر [- 3- 487- 2] فلا شک فی عدم الضرر حال بذل الثمن فلا ضرر لیتدارک بالخیار و لو فرض تضرره سابقا بالتأخیر فالخیار لا یوجب تدارک ذلک و إنما یتدارک به الضرر المستقبل و دعوی أن حدوث الضرر قبل البذل یکفی فی بقاء الخیار مدفوعة بأن الأحکام المترتبة علی نفی الضرر تابعة للضرر الفعلی لا مجرد حدوث الضرر فی زمان و لا یبعد دعوی انصراف الأخبار إلی صورة التضرر فعلا یقال بأن عدم حضور المشتری علة لانتفاء اللزوم یدور معها وجودا و عدما و کیف کان فمختار التذکرة لا یخلو عن قوة.

الرابع أخذ [- 2- 55- 5] الثمن من المشتری بناء علی عدم سقوطه بالبذل

و إلا لم یحتج إلی الأخذ به و السقوط به لأنه التزام فعلی [- 3- 487- 6] بالبیع و رضا بلزومه و هل یشترط إفادة العلم بکونه لأجل الالتزام أو یکفی الظن فلو احتمل کون الأخذ بعنوان العاریة أو غیرها لم ینفع أم لا یعتبر الظن أیضا وجوه من عدم تحقق موضوع الالتزام إلا بالعلم و من کون الفعل مع إفادة الظن أمارة عرفیة علی الالتزام کالقول. و مما تقدم من سقوط خیار الحیوان أو الشرط بما کان رضاء نوعیا بالعقد و هذا من أوضح أفراده. و قد بینا عدم اعتبار الظن الشخصی فی دلالة التصرف علی الرضا و خیر الوجوه أوسطها لکن الأقوی الأخیر و هل یسقط الخیار بمطالبة الثمن المصرح به فی التذکرة و غیرها العدم للأصل و عدم الدلیل و یحتمل السقوط لدلالته علی الرضا بالبیع. و فیه أن سبب الخیار هو التضرر فی المستقبل- لما عرفت من أن الخیار لا یتدارک به ما مضی من ضرر الصبر و مطالبة الثمن لا یدل علی التزام الضرر المستقبل حتی یکون التزاما بالبیع بل مطالبة الثمن إنما هو استدفاع للضرر المستقبل کالفسخ لا الالتزام بذلک الضرر لیسقط الخیار و لیس الضرر هنا من قبیل الضرر فی بیع الغبن و نحوه مما کان الضرر حاصلا بنفس العقد حتی یکون الرضا به بعد العقد و العلم بالضرر التزاما بالضرر الذی هو سبب الخیار. و بالجملة فالمسقط لهذا الخیار لیس إلا دفع الضرر المستقبل ببذل الثمن أو التزامه بإسقاطه أو اشتراط سقوطه و ما تقدم من سقوط الخیارات المتقدمة بما یدل علی الرضا فإنما هو حیث یکون العقد سببا للخیار و لو من جهة التضرر بلزومه و ما نحن فیه لیس من هذا القبیل مع أن سقوط تلک الخیارات بمجرد مطالبة الثمن أیضا محل نظر لعدم کونه تصرفا و الله العالم.

مسألة فی کون هذا الخیار علی الفور أو التراخی

قولان و قد تقدم ما یصلح أن یستند إلیه لکل من القولین فی مطلق الخیار مع قطع النظر عن خصوصیات الموارد و قد عرفت أن الأقوی الفور و یمکن أن یقال فی خصوص [- 1- 130- 1] ما نحن فیه أن ظاهر قوله ع لا بیع له نفی البیع رأسا و إلا نسب بنفی الحقیقة بعد عدم إرادة نفی الصحة هو نفی لزومه رأسا بأن لا یعود لازما أبدا فتأمل. [- 3- 487- 13] ثم علی تقدیر إهمال النص و عدم ظهوره فی العموم یمکن التمسک بالاستصحاب هنا لأن اللزوم إذا ارتفع عن البیع فی زمان فعوده یحتاج إلی دلیل و لیس الشک هنا فی موضوع المستصحب نظیر ما تقدم فی استصحاب الخیار لأن الموضوع مستفاد من النص فراجع و کیف کان فالقول بالتراخی لا یخلو عن قوة إما لظهور النص و إما للاستصحاب- .

مسألة لو تلف المبیع بعد الثلاثة- کان من البائع إجماعا مستفیضا

بل متواترا کما فی الریاض و یدل علیه النبوی المشهور و إن کان فی کتب روایات أصحابنا غیر مسطور: کل مبیع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه و إطلاقه کمعاقد الإجماعات یعم ما لو تلف فی حال الخیار أم تلف بعد بطلانه کما لو قلنا بکونه علی الفور فبطل بالتأخیر أو بذل المشتری الثمن فتلف العین فی هذا الحال و قد یعارض النبوی بقاعدة

المکاسب، ج 3، ص 248

الملازمة بین النماء و الدرک المستفادة من النص و الاستقراء و القاعدة المجمع علیها من أن التلف فی زمان الخیار ممن لا خیار له لکن النبوی أخص من القاعدة الأولی فلا معارضة و القاعدة الثانیة لا عموم فیها یشمل جمیع أفراد الخیار و لا جمیع أحوال البیع حتی قبل القبض بل التحقیق فیها کما سیجی ء إن شاء الله اختصاصها بخیار المجلس و الشرط و الحیوان مع کون التلف بعد القبض و لو تلف فی الثلاثة فالمشهور کونه من مال البائع أیضا. و عن الخلاف الإجماع علیه خلافا لجماعة من القدماء منهم المفید و السیدان مدعین علیه الإجماع و هو مع قاعدة ضمان المالک [- 5- 384- 1] لما له یصح حجة لهذا القول لکن الإجماع معارض بل موهون و القاعدة مخصصة بالنبوی المذکور المنجبر من حیث الصدور مضافا إلی روایة عقبة بن خالد: [- 3- 489- 4] فی رجل اشتری متاعا من رجل و أوجبه غیر أنه ترک المتاع عنده و لم یقبضه قال آتیک غدا إن شاء الله تعالی فسرق المتاع من مال من یکون قال من مال صاحب المتاع الذی هو فی بیته حتی یقبض المال و یخرجه من بیته فإذا أخرجه من بیته فالمبتاع ضامن لحقه- حتی یرد إلیه حقه و لو مکنه من القبض [- 2- 57- 1] فلم یتسلم فضمان البائع مبنی علی ارتفاع الضمان بذلک و هو الأقوی. قال الشیخ فی النهایة إذا باع الإنسان شیئا و لم یقبض المتاع [- 3- 504- 9] و لا قبض الثمن و مضی المبتاع فإن العقد موقوف ثلاثة أیام فإن جاء المبتاع فی مدة ثلاثة أیام کان المبیع له و إن مضت ثلاثة أیام کان البائع أولی بالمتاع فإن هلک المتاع فی هذه الثلاثة أیام و لم یکن قبضه إیاه کان من مال البائع دون المبتاع و إن کان قبضه إیاه ثم هلک فی مدة ثلاثة أیام کان من مال المبتاع و إن هلک بعد الثلاثة أیام کان من مال البائع علی کل حال لأن الخیار له بعدها انتهی المحکی فی المختلف. و قال بعد الحکایة و فیه نظر إذ مع القبض یلزم البیع انتهی. أقول کأنه جعل الفقرة الثالثة مقابلة للفقرتین فتشمل ما بعد القبض و ما قبله خصوصا مع قوله علی کل حال لکن التعمیم مع أنه خلاف الإجماع مناف لتعلیل الحکم [- 2- 357- 5] بعد ذلک بقوله لأن الخیار له بعد ثلاثة أیام- فإن المعلوم أن الخیار إنما یکون له مع عدم القبض فیدل ذلک علی أن الحکم المعلل مفروض فیما قبل القبض

مسألة لو اشتری ما یفسد من یومه فإن جاء بالثمن ما بینه و بین اللیل و إلا فلا بیع له

کما فی مرسلة محمد بن أبی حمزة و المراد من نفی البیع نفی لزومه و یدل علیه قاعدة نفی الضرر فإن البائع ضامن للمبیع ممنوع عن التصرف فیه محروم عن الثمن و من هنا یمکن تعدیة الحکم إلی کل مورد یتحقق فیه هذا الضرر و إن خرج عن مورد النص کما إذا کان المبیع مما یفسد فی نصف یوم أو فی یومین فیثبت فیه الخیار فی زمان یکون التأخیر عنه ضررا علی البائع لکن ظاهر النص یوهم خلاف ما ذکرنا لأن الموضوع فیه ما یفسد من یومه و الحکم فیه بثبوت الخیار من أول اللیل فیکون الخیار فی أول أزمنة الفساد و من المعلوم أن الخیار حینئذ لا یجدی للبائع شیئا لکن المراد من الیوم الیوم و لیلة فالمعنی أنه لا یبقی علی صفة الصلاح أزید من یوم بلیلة فیکون المفسد له المبیت لا مجرد دخول اللیل فإذا فسخ البائع أول اللیل أمکن له الانتفاع به و ببدله و لأجل ذلک عبر فی الدروس عن هذا الخیار بخیار ما یفسده المبیت و أنه ثابت عند دخول اللیل. و فی معقد إجماع الغنیة أن علی البائع الصبر یوما واحدا ثم هو بالخیار و فی محکی الوسیلة أن خیار الفواکه للبائع فإذا مر علی المبیع یوم و لم یقبض المبتاع کان البائع بالخیار و نحوها عبارة جامع الشرائع. نعم عبارات جماعة من الأصحاب لا یخلو عن اختلال فی التعبیر- لکن الإجماع علی عدم الخیار للبائع فی النهار یوجب تأویلها إلی ما یوافق الدروس و أحسن تلک العبارات عبارة الصدوق فی الفقیه التی أسندها فی الوسائل إلی روایة زرارة قال العهدة فیما یفسد من یومه مثل البقول و البطیخ و الفواکه یوم إلی اللیل فإن المراد بالعهدة عهدة البائع. و قال فی النهایة و إذا باع الإنسان ما لا یصح علیه البقاء من الخضر و غیرها و لم یقبض المبتاع و لا قبض الثمن کان الخیار فیه یوما فإن جاء المبتاع بالثمن فی ذلک الیوم و إلا فلا بیع له انتهی. و نحوها عبارة السرائر و الظاهر أن المراد بالخیار اختیار المشتری فی تأخیر القبض و الإقباض مع بقاء البیع علی حاله من اللزوم و أما المتأخرون فظاهر أکثرهم یوهم کون اللیل غایة للخیار و إن اختلفوا بین من عبر بکون الخیار یوما و من عبر بأن الخیار إلی اللیل و لم یعلم وجه صحیح لهذه التعبیرات مع وضوح المقصد إلا متابعة عبارة الشیخ فی النهایة لکنک عرفت أن المراد بالخیار فیه اختیار المشتری و أن له تأخیر القبض و الإقباض و هذا الاستعمال فی کلام المتأخرین خلاف ما اصطلحوا علیه لفظ الخیار فلا یحسن المتابعة هنا فی التعبیر و الأولی تعبیر الدروس کما عرفت ثم الظاهر أن شروط هذا الخیار شروط خیار التأخیر لأنه فرد من أفراده کما هو صریح عنوان الغنیة و غیرها فیشترط فیه جمیع ما سبق من الشروط. نعم لا ینبغی التأمل هنا فی اختصاص الحکم بالبیع الشخصی أو ما فی حکمه کالصاع من الصبرة و قد عرفت هناک أن التأمل فی الأدلة و الفتاوی یشرف الفقیه علی القطع بالاختصاص أیضا و حکم الهلاک فی الیوم هنا و فیما بعده حکم المبیع هناک فی کونه من البائع فی الحالین و لازم القول الآخر هناک جریانه هنا کما صرح به فی الغنیة حیث جعله قبل اللیل من المشتری ثم إن المراد بالفساد فی النص و الفتوی لیس الفساد الحقیقی لأن موردهما هو الخضر و الفواکه و البقول و هذه لا تضیع بالمبیت و لا تهلک بل المراد ما یشمل تغیر العین نظیر التغیر الحادث فی هذه الأمور بسبب المیت و لو لم یحدث فی المبیع إلا فوات السوق ففی إلحاقه بتغیر العین وجهان من کونه ضررا و من إمکان منع ذلک لکونه فوت نفع لا ضرر

السادس خیار الرؤیة
اشارة

و المراد به الخیار المسبب عن رؤیة المبیع علی خلاف ما اشترطه فیه

المکاسب، ج 3، ص 249

المتبایعان و یدل علیه قبل الإجماع المحقق و المستفیض حدیث نفی الضرر و استدل علیه أیضا بأخبار منها صحیحة جمیل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل اشتری ضیعة و قد کان یدخلها و یخرج منها فلما أن نقد المال صار إلی الضیعة فقلبها ثم رجع فاستقال صاحبه فلم یقله فقال أبو عبد الله ع إنه لو قلب منها و نظر إلی تسع و تسعین قطعة ثم بقی منها قطعة لم یرها لکان له فیها خیار الرؤیة و لا بد من حملها علی صورة یصح معها بیع الضیعة إما بوصف القطعة غیر المرئیة أو بدلالة ما رءاه منها علی ما لم یره. و قد یستدل بصحیحة زید الشحام قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل اشتری سهام القصابین من قبل أن یخرج السهم فقال ع لا یشتر شیئا حتی یعلم أین یخرج السهم فإن اشتری شیئا فهو بالخیار إذا خرج. قال فی الحدائق و توضیح معنی هذا الخبر- ما رواه فی الکافی و التهذیب فی الصحیح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن منهال القصاب و هو مجهول قال: قلت لأبی عبد الله ع أشتری الغنم أو یشتری الغنم جماعة ثم تدخل دارا ثم یقوم رجل علی الباب فیعد واحد أو اثنین و ثلاثة و أربعة و خمسة ثم یخرج السهم قال لا یصلح هذا إنما تصلح السهام إذا عدلت القسمة الخبر. أقول لم یعلم وجه الاستشهاد به لما نحن فیه لأن المشتری لسهم القصاب إن اشتراه مشاعا فلا مورد لخیار الرؤیة و إن اشتری سهمه المعین الذی یخرج فهو شراء فرد غیر معین و هو باطل و علی الصحة فلا خیار فیه للرؤیة کالمشاع و یمکن حمله علی شراء عدد معین نظیر الصاع من الصبرة- و یکون له خیار الحیوان إذا خرج السهم ثم إن صحیحة جمیل مختصة بالمشتری- و الظاهر الاتفاق علی أن هذا الخیار یثبت للبائع أیضا إذا لم یر المبیع و باعه بوصف غیره فتبین کونه زائدا علی ما وصف. و حکی عن بعض أنه یحتمل فی صحیحة جمیل أن یکون التفتیش من البائع بأن یکون البائع باعه بوصف المشتری و حینئذ فیکون الجواب عاما بالنسبة إلیهما علی تقدیر هذا الاحتمال و لا یخفی بعده و أبعد منه دعوی عموم الجواب و الله العالم.

مسألة مورد هذا الخیار بیع العین الشخصیة الغائبة

و المعروف أنه یشترط فی صحته ذکر أوصاف المبیع- التی یرتفع بها الجهالة الموجبة للغرر إذ لولاها لکان غررا و عبر بعضهم عن هذه الأوصاف بما یختلف الثمن باختلافه کما فی الوسیلة و جامع المقاصد و غیرهما و آخر بما یعتبر فی صحة السلم و آخرون کالشیخین و الحلی اقتصروا علی اعتبار ذکر الصفة و الظاهر أن مرجع الجمیع واحد و لذا ادعی الإجماع علی کل واحد منها. ففی موضع من التذکرة یشترط فی بیع خیار الرؤیة وصف المبیع وصفا یکفی فی السلم عندنا و عنه فی موضع آخر من التذکرة أن شرط صحة بیع الغائبة وصفها بما یرفع الجهالة عند علمائنا أجمع و یجب ذکر اللفظ الدال علی الجنس ثم ذکر أنه یجب ذکر اللفظ الدال علی التمیز و ذلک بذکر جمیع الصفات التی تختلف الأثمان باختلافها و یتطرق الجهالة بترک بعضها انتهی و فی جامع المقاصد ضابط ذلک أن کل وصف یتفاوت الرغبات بثبوته و انتفائه و یتفاوت به القیمة تفاوتا ظاهرا لا یتسامح به یجب ذکره فلا بد من استقصاء أوصاف السلم انتهی. و ربما یتراءی التنافی بین اعتبار ما یختلف الثمن باختلافه- و کفایة ذکر أوصاف السلم من جهة أنه قد یتسامح فی السلم فی ذکر بعض الأوصاف لإفضائه إلی عزة الوجود أو لتعذر الاستقصاء علی التحقیق و هذا المانع مفقود فیما نحن فیه. قال فی التذکرة فی باب السلم لا یشترط وصف کل عضو من الحیوان بأوصافه المقصودة و إن تفاوت به الغرض و القیمة لإفضائه إلی عزة الوجود انتهی و قال فی السلم فی الأحجار المتخذة للبناء إنه یذکر نوعها و لونها و یصف عظمها فیقول ما یحمل البعیر منها اثنتین أو ثلاثا أو أربعا علی سبیل التقریب دون التحقیق لتعذر التحقیق و یمکن أن یقال إن المراد ما یعتبر فی السلم فی حد ذاته مع قطع النظر عن العذر الموجب للمسامحة فی بعض أفراد السلم و إن کان یمکن أن یورد علی مسامحتهم هناک أن الاستقصاء فی الأوصاف شرط فی السلم غیر مقید بحال التمکن فتعذره یوجب فساد السلم لا الحکم بعدم اشتراطه کما حکموا بعدم جواز السلم فیما لا یمکن ضبط أوصافه و تمام الکلام فی محله ثم إن الأوصاف التی یختلف الثمن من أجلها- غیر محصورة خصوصا فی العبید و الإماء فإن مراتبهم الکمالیة التی یختلف بها أثمانهم غیر محصورة جدا و الاقتصار علی ما یرفع به معظم الغرر إحالة علی مجهول بل یوجب الاکتفاء علی ما دون صفات السلم لانتفاء الغرر عرفا بذلک مع أنا علمنا أن الغرر العرفی أخص من الشرعی- و کیف کان فالمسألة لا تخلو عن إشکال و أشکل من ذلک أن الظاهر أن الوصف یقوم مقام الرؤیة المتحققة فی بیع العین الحاضرة و علی هذا فیجب أن یعتبر فی الرؤیة أن یحصل بها الاطلاع علی جمیع الصفات المعتبرة فی العین الغائبة مما یختلف الثمن باختلافه. قال فی التذکرة یشترط رؤیة ما هو مقصود بالبیع کداخل الثوب فلو باع ثوبا مطویا أو عینا حاضرة لا یشاهد منها ما یختلف الثمن لأجله کان کبیع الغائب یبطل إن لم یوصف وصفا یرفع الجهالة انتهی. و حاصل هذا الکلام اعتبار وقوع المشاهدة علی ما یعتبر فی صحة السلم و بیع الغائب و من المعلوم من السیرة عدم اعتبار الاطلاع بالرؤیة علی جمیع الصفات المعتبرة فی السلم و بیع العین الغائبة فإنه قد لا یحصل الاطلاع بالمشاهدة علی سن الجاریة بل و لا علی نوعها و لا غیرها من الأمور التی لا یعرفها إلا أهل المعرفة بها فضلا عن مرتبة کمالها الإنسانی المطلوبة فی الجواری المبذول بإزائها الأموال و یبعد کل البعد التزام ذلک أو ما دون ذلک فی المشاهدة بل یلزم من ذلک عدم صحة شراء غیر العارف بأوصاف المبیع الراجعة إلی نوعه أو صنفه أو شخصه بل هو بالنسبة إلی الأوصاف التی اعتبروها کالأعمی لا بد من مراجعته لبصیر عارف و لا أجد فی المسألة أوثق من أن یقال إن المعتبر هو الغرر العرفی فی العین الحاضرة و الغائبة الموصوفة فإن دل علی اعتبار أزید من ذلک حجة معتبرة أخذ به و لیس فیما ادعاه العلامة فی التذکرة من الإجماع حجة مع استناده فی ذلک إلی کونه غررا عرفا حیث قال فی أول مسألة اشتراط العلم بالعوضین أنه أجمع علمائنا علی اشتراط العلم بالعوضین لیعرف ما

المکاسب، ج 3، ص 250

ملک بإزاء ما بذل فینتفی الغرر فلا یصح بیع العین الغائبة ما لم تتقدم رؤیة أو یوصف وصفا یرفع الجهالة انتهی. و لا ریب أن المراد بمعرفة ما ملک معرفته علی وجه وسط بین طرفی الإجمال و التفصیل ثم إنه یمکن الاستشکال فی صحة هذا العقد بأن ذکر الأوصاف لا یخرج البیع عن کونه غررا لأن الغرر بدون أخذ الصفات من حیث الجهل بصفات المبیع فإذا أخذت فیه مقیدا بها صار مشکوک الوجود لأن العبد المتصف بتلک الصفات مثلا لا یعلم وجوده فی الخارج و الغرر فیه أعظم و یمکن أن یقال إن أخذ الأوصاف فی معنی الاشتراط لا التقیید فیبیع العبد مثلا ملتزما بکونه کذا و کذا و لا غرر فیه حینئذ عرفا. و قد صرح فی النهایة و المسالک فی مسألة ما لو رأی المبیع ثم تغیر عما رءاه أن الرؤیة بمنزلة الاشتراط و لازمه کون الوصف القائم مقام الرؤیة اشتراطا و یمکن أن یقال ببناء هذا البیع علی تصدیق البائع أو غیره فی إخباره باتصاف المبیع بالصفات المذکورة کما یجوز الاعتماد علیه فی الکیل و الوزن و لذا ذکروا أنه یجوز مع جهل المتبایعین بصفة العین الغائبة المبایعة بوصف ثالث لهما و کیف کان فلا غرر عرفا فی بیع العین الغائبة مع اعتبار الصفات الرافعة للجهالة و لا دلیل شرعا أیضا علی المنع من حیث عدم العلم بوجود تلک الصفات فیتعین الحکم بجوازه مضافا إلی الإجماع علیه ممن عدا بعض العامة ثم إن الخیار بین الرد و الإمساک مجانا هو المشهور بین الأصحاب. و صریح السرائر تخییره بین الرد و الإمساک بالأرش و أنه لا یجبر علی أحدهما و یضعف بأنه لا دلیل علی الأرش. نعم لو کان للوصف المفقود دخل فی الصحة توجه أخذ الأرش لکن بخیار العیب لا خیار رؤیة المبیع علی خلاف ما وصفه إذ لو لا الوصف ثبت خیار العیب أیضا و سیجی ء عدم اشتراط ذکر الأوصاف الراجعة إلی وصف الصحة و أضعف من هذا ما ینسب إلی ظاهر المقنعة و النهایة و المراسم من بطلان البیع إذ أوجد علی خلاف ما وصف لکن الموجود فی المقنعة و النهایة أنه لم یکن علی الوصف کان البیع مردودا و لا یبعد کون المراد بالمردود القابل للرد لا الباطل فعلا. و قد عبر فی النهایة عن خیار الغبن بذلک فقال و لا بأس بأن یبیع الإنسان متاعا بأکثر مما یسوی إذا کان المبتاع من أهل المعرفة فإن لم یکن کذلک کان البیع مردودا و علی تقدیر وجود القول بالبطلان فلا یخفی ضعفه لعدم الدلیل علی البطلان بعد انعقاده صحیحا عدا ما فی مجمع البرهان- و حاصله وقوع العقد علی شی ء مغایر للموجود فالمعقود علیه غیر موجود و الموجود غیر معقود علیه و یضعف بأن محل الکلام فی تخلف الأوصاف التی لا یوجب مغایرة الموصوف للموجود عرفا بأن یقال إن المبیع فاقد للأوصاف المأخوذة فیه لا إنه مغایر للموجود. نعم لو کان ظهور الخلاف فیما له دخل فی حقیقة المبیع عرفا فالظاهر عدم الخلاف فی البطلان و لو أخذ فی عبارة العقد علی وجه الاشتراط کأن یقول بعتک ما فی البیت علی أنه عبد حبشی فبان حمارا وحشیا إلا أن یقال إن الموجود و إن لم یعد مغایرا للمعقود علیه عرفا إلا أن اشتراط اتصافه بالأوصاف فی معنی کون القصد إلی بیعه بانیا علی تلک الأوصاف فإذا فقد ما بنی علیه العقد فالمقصود غیر حاصل فینبغی بطلان البیع و لذا التزم أکثر المتأخرین بفساد العقد بفساد شرطه فإن قصد الشرط إن کان مؤثرا فی المعقود علیه فالواجب کون تخلفه موجبا لبطلان العقد و إلا لم یوجب فساده فساد العقد بل غایة الأمر ثبوت الخیار و من هنا یظهر أن دفع ما ذکر فی وجه البطلان الذی جعله المحقق الأردبیلی موافقا للقاعدة. و احتمله العلامة رحمه الله فی النهایة فیما إذا ظهر ما رءاه سابقا علی خلاف ما رءاه بأنه اشتباه ناش عن عدم الفرق بین الوصف المعین للکلیات و الوصف المعین فی الشخصیات و بین الوصف الذاتی و العرضی و أن أقصی ما هناک کونه من باب تعارض الإشارة و الوصف و الإشارة أقوی مجازفة لا محصل لها و أما کون الإشارة أقوی من الوصف عند التعارض فلو جری فیما نحن فیه لم یکن اعتبار بالوصف فینبغی لزوم العقد و إثبات الخیار من جهة کونه وصفا لشخص لا مشخصا لکلی حتی یتقوم به و کونه عرضیا لا ذاتیا إعادة للکلام السابق و یمکن أن یقال إن المستفاد من النصوص و الإجماعات فی الموارد المتفرقة عدم بطلان البیع بمخالفة الصفة المقصودة غیر المتقومة للمبیع سواء علم القصد

إلیها من الخارج أم اشترطت فی العقد کالحکم بمضی العقد علی المعیب مع عدم القصد إلا إلی الصحیح و منه المصراة- و کالحکم فی النص و الفتوی بتبعیض الصفقة إذا باع ما یملک و ما لم یملک و غیر ذلک فتأمل و سیجی ء بعض الکلام فی مسألة الشرط الفاسد إن شاء الله نعم هنا إشکال آخر من جهة تشخیص الوصف الداخل فی الحقیقة عرفا الموجب ظهور خلافه بطلان البیع و الخارج عنها الموجب ظهور خلافه للخیار فإن الظاهر دخول الذکورة و الأنوثة فی الممالیک فی حقیقة المبیع لا فی مثل الغنم و کذا الرومی و الزنجی حقیقتان عرفا و ربما یتغایر الحقیقتان مع کونه فیما نحن فیه من قبیل الأوصاف کما إذا باعه الدهن أو الجبن أو اللبن علی أنه من الغنم فبان من الجاموس و کذا لو باعه خل الزبیب فبان من التمر و یمکن إحالة اتحاد الجنس و مغایرته علی العرف و إن خالف ضابطة التغایر المذکورة فی باب الربا فتأمل.

مسألة الأکثر علی أن الخیار عند الرؤیة فوری

بل نسب إلی ظاهر الأصحاب بل ظاهر التذکرة عدم الخلاف بین المسلمین إلا من أحمد حیث جعله ممتدا بامتداد المجلس الذی وقعت فیه الرؤیة و احتمل فی نهایة الأحکام و لم أجد لهم دلیلا صالحا علی ذلک إلا وجوب الاقتصار فی مخالفة لزوم العقد علی المتیقن و یبقی علی القائلین بالتراخی فی مثل خیار الغبن و العیب سؤال الفرق بین المقامین مع أن صحیحة جمیل المتقدمة فی صدر المسألة مطلقة یمکن التمسک بعدم بیان مدة الخیار فیها علی عدم الفوریة و إن کان خلاف التحقیق کما نبهنا علیه فی بعض الخیارات المستندة إلی النص. و قد بینا سابقا ضعف التمسک بالاستصحاب فی إثبات

المکاسب، ج 3، ص 251

التراخی و إن استندوا إلیه فی بعض الخیارات السابقة.

مسألة یسقط هذا الخیار بترک المبادرة عرفا

علی الوجه المتقدم فی خیار الغبن و بإسقاطه بعد الرؤیة و بالتصرف بعدها و لو تصرف قبلها ففی سقوط الخیار وجوه ثالثها ابتناء ذلک علی جواز إسقاط الخیار قولا قبل الرؤیة بناء علی أن التصرف إسقاط فعلی و فی جواز إسقاطه قبل الرؤیة وجهان مبنیان علی أن الرؤیة سبب أو کاشف. قال فی التذکرة لو اختار إمضاء العقد قبل الرؤیة لم یلزم لتعلق الخیار بالرؤیة انتهی. و حکی ذلک من غیرها أیضا و ظاهره أن الخیار یحدث بالرؤیة لا أنه یظهر بها و لو جعلت الرؤیة شرطا لا سببا أمکن جواز الإسقاط بمجرد تحقق السبب و هو العقد و لا یخلو عن قوة و لو شرط سقوط هذا الخیار ففی فساده و إفساده للعقد کما عن العلامة و جماعة أو عدمهما کما عن النهایة و بعض- أو الفساد دون الإفساد وجوه بل أقوال من کونه موجبا لکون العقد غررا کما فی جامع المقاصد من أن الوصف قام مقام الرؤیة فإذا شرط عدم الاعتداد به کان المبیع غیر مرئی و لا موصوف و من أن دفع الغرر عن هذا البیع لیس بالخیار حتی یثبت بارتفاعه فإن الخیار حکم شرعی لو أثر فی دفع الغرر جاز بیع کل مجهول متزلزلا. و العلم بالمبیع لا یرتفع بالتزام عدم الفسخ عند تبین المخالفة فإن الغرر هو الإقدام علی شراء العین الغائبة علی أی صفة کانت و لو کان الالتزام المذکور مؤدیا إلی الغرر لکان اشتراط البراءة من العیوب أیضا مؤدیا إلیه لأنه بمنزلة بیع الشی ء صحیحا أو معیبا بأی عیب کان و لا شک أنه غرر و إنما جاز بیع الشی ء غیر مشروط بالصحة اعتمادا علی أصالة الصحة لا من جهة عدم اشتراط ملاحظة الصحة و العیب فی المبیع لأن تخالف أفراد الصحیح و المعیب أفحش من تخالف أفراد الصحیح و اقتصارهم فی بیان الأوصاف المعتبرة فی بیع العین الغائبة علی ما عدا الصفات الراجعة إلی العیب إنما هو للاستغناء عن تلک الأوصاف بأصالة الصحة لا لجواز إهمالها عند البیع فحینئذ فإذا شرط البراءة من العیوب کان راجعا إلی عدم الاعتداد بوجود تلک الأوصاف و عدمها فیلزم الغرر خصوصا علی ما حکاه فی الدروس عن ظاهر الشیخ و أتباعه من جواز اشتراط البراءة من العیوب فیما لا قیمة لمکسوره کالبیض و الجوز الفاسدین کذلک حیث إن مرجعه علی ما ذکروه هنا فی اشتراط سقوط خیار الرؤیة إلی اشتراط عدم الاعتداد بمالیة المبیع و لذا اعترض علیهم الشهید و أتباعه بفساد البیع مع هذا الشرط لکن مقتضی اعتراضهم فساد اشتراط البراءة من سائر العیوب و لو کان للمعیب قیمة لأن مرجعه إلی عدم الاعتداد بکون المبیع صحیحا و معیبا بأی عیب و الغرر فیه أفحش من البیع مع عدم الاعتداد بکون المبیع الغائب متصفا بأی وصف کان ثم إنه یثبت فساد هذا الشرط لا من جهة لزوم الغرر فی البیع حتی یلزم فساد البیع و لو علی القول بعدم استلزام فساد الشرط لفساد العقد بل من جهة أنه إسقاط لما لم یتحقق بناء علی ما عرفت من أن الخیار إنما یتحقق بالرؤیة فلا یجوز إسقاطه قبلها فاشتراط الإسقاط لغو و فساده من هذه الجهة لا یؤثر فی فساد العقد فیتعین المصیر إلی ثالث الأقوال المتقدمة لکن الإنصاف ضعف وجه هذا القول و أقوی الأقوال أولها لأن دفع الغرر عن هذه المعاملة و إن لم یکن لثبوت الخیار لأن الخیار حکم شرعی لا دخل له فی الغرر العرفی المتحقق فی البیع إلا أنه لأجل سبب الخیار و هو اشتراط تلک الأوصاف المنحل إلی ارتباط الالتزام العقدی بوجود الصفات لأنها إما شروط للبیع و إما قیود للمبیع کما تقدم سابقا و اشتراط سقوط الخیار راجع إلی الالتزام بالعقد علی تقدیری وجود تلک الصفات و عدمها و التنافی بین الأمرین واضح و أما قیاس هذا الاشتراط باشتراط البراءة فیدفعه الفرق بینهما بأن نفی العیوب لیس مأخوذا فی البیع علی وجه الاشتراط أو التقیید و إنما اعتمد المشتری فیهما علی أصالة الصحة- لا علی تعهد البائع لانتفائها حتی ینافی ذلک اشتراط براءة البائع عن عهدة انتفائها بخلاف الصفات فیما نحن فیه فإن البائع یتعهد لوجودها فی المبیع و المشتری یعتمد علی هذا التعهد فاشتراط البائع علی المشتری عدم تعهده لها و التزام العقد علیه بدونها ظاهر المنافاة لذلک نعم لو شاهده المشتری و اشتراه معتمدا علی أصالة بقاء تلک الصفات فاشترط البائع لزوم العقد علیه و عدم الفسخ لو ظهرت المخالفة کان نظیر اشتراط البراءة من العیوب کما أنه لو أخبر بکیله أو وزنه فصدقه المشتری فاشترط عدم الخیار لو ظهر النقص کان مثل ما نحن فیه کما یظهر

من التحریر فی بعض فروع الأخبار بالکیل و الضابط فی ذلک أن کل وصف تعهده البائع و کان رفع الغرر بذلک لم یجز اشتراط سقوط خیار فقده و کل وصف اعتمد المشتری فی رفع الغرر علی أمارة أخری جاز اشتراط سقوط خیار فقده کالأصل أو غلبة مساواة باطن الصبرة لظاهرها أو نحو ذلک. و مما ذکرنا وجه فرق الشهید و غیره فی المنع و الجواز بین اشتراط البراءة من الصفات المأخوذة فی بیع العین الغائبة و بین اشتراط البراءة من العیوب فی العین المشکوک فی صحته و فساده و ظهر أیضا أنه لو تیقن المشتری بوجود الصفات المذکورة فی العقد فی المبیع فالظاهر جواز اشتراط عدم الخیار علی تقدیر فقدها لأن رفع الغرر لیس بالتزام تلک الصفات بل لعلمه بها و کذا لو اطمأن بوجودها و لم یتیقن. و الضابط کون اندفاع الغرر باشتراط الصفات و تعهدها من البائع و عدمه هذا مع إمکان التزام فساد اشتراط عدم الخیار علی تقدیر فقد الصفات المعتبر علمها فی البیع خرج اشتراط التبری من العیوب بالنص و الإجماع لأن قاعدة نفی الغرر قابلة للتخصیص کما أشرنا إلیه سابقا. و ظهر أیضا ضعف ما یقال من أن الأقوی فی محل الکلام الصحة لصدق تعلق البیع بمعلوم غیر مجهول و لو أن الغرر ثابت فی البیع نفسه لم یجد فی الصحة ثبوت الخیار و إلا لصلح ما فیه الغرر من البیع مع اشتراط الخیار و هو معلوم العدم و إقدامه علی الرضا بالبیع المشترط فیه السقوط مع عدم الاطمئنان بالوصف إدخال الغرر علیه من قبل نفسه انتهی. توضیح الضعف أن المجدی فی الصحة ما هو سبب الخیار و هو التزام البائع وجود الوصف لا نفس الخیار

المکاسب، ج 3، ص 252

و أما کون الإقدام من قبل نفسه فلا یوجب الرخصة فی البیع الغرری و المسألة موضع إشکال.

مسألة لا یسقط هذا الخیار ببذل التفاوت و لا بإبدال العین

لأن العقد إنما وقع علی الشخصی فتملک غیره یحتاج إلی معاوضة جدیدة و لو شرط فی متن العقد الإبدال لو ظهر علی خلاف الوصف ففی الدروس أن الأقرب الفساد و لعله لأن البدل المستحق علیه بمقتضی الشرط إن کان بإزاء الثمن فمرجعه إلی معاوضة جدیدة علی تقدیر ظهور المخالفة بأن ینفسخ البیع بنفسه عند المخالفة و ینعقد بیع آخر فیحصل بالشرط انفساخ عقد و انعقاد عقد آخر کل منهما معلق علی المخالفة و من المعلوم عدم نهوض الشرط لإثبات ذلک و إن کان بإزاء المبیع الذی ظهر علی خلاف الوصف فمرجعه أیضا إلی انعقاد معاوضة تعلیقیة غرریة لأن المفروض جهالة المبدل. و علی أی تقدیر فالظاهر عدم مشروعیة الشرط المذکور فیفسد و یفسد العقد و بذلک ظهر ضعف ما فی الحدائق من الاعتراض علی الشهید رحمه الله حیث قال بعد نقل عبارة الدروس و حکمه بالفساد ما لفظه ظاهر کلامه أن الحکم بالفساد أعم من أن یظهر علی الوصف أولا و فیه أنه لا موجب للفساد مع ظهوره علی الوصف المشروط و مجرد شرط البائع الإبدال مع عدم الظهور علی الوصف لا یصلح سببا للفساد لعموم الأخبار المتقدمة. نعم لو ظهر مخالفا فإنه یکون فاسدا من حیث المخالفة و لا یجبره هذا الشرط لإطلاق الأخبار و الأظهر رجوع الحکم بالفساد فی العبارة إلی الشرط المذکور حیث لا تأثیر له مع الظهور و عدمه. و بالجملة فإنی لا أعرف للحکم بفساد العقد فی الصورة المذکورة علی الإطلاق وجها یحمل علیه انتهی.

مسألة الظاهر ثبوت خیار الرؤیة فی کل عقد واقع علی عین شخصیة موصوفة

کالصلح و الإجارة لأنه لو لم یحکم بالخیار مع تبین المخالفة فإما أن یحکم ببطلان العقد لما تقدم عن الأردبیلی فی بطلان بیع العین الغائبة و إما أن یحکم بلزومه من دون خیار و الأول مخالف لطریقة الفقهاء فی تخلف الأوصاف المشروطة فی المعقود علیه و الثانی فاسد من جهة أن دلیل اللزوم هو وجوب الوفاء بالعقد و حرمة النقض و معلوم أن عدم الالتزام بترتب آثار العقد علی العین الفاقدة للصفات المشترطة فیها لیس نقضا للعقد بل قد تقدم عن بعض أن ترتیب آثار العقد علیها لیس وفاء و عملا بالعقد حتی یجوز بل هو تصرف لم یدل علیه العقد فیبطل. و الحاصل أن الأمر فی ذلک دائر بین فساد العقد و ثبوته مع الخیار و الأول مناف لطریقة الأصحاب فی غیر باب فتعین الثانی.

مسألة لو اختلفا فقال البائع لم یختلف صفة و قال المشتری قد اختلف

ففی التذکرة قدم قول المشتری- لأصالة براءة ذمته من الثمن فلا یلزمه ما لم یقر به أو یثبت بالبینة و رده فی المختلف فی نظیر المسألة بأن إقراره بالشراء إقرار بالاشتغال بالثمن و یمکن أن یکون مراده ببراءة الذمة عدم وجوب تسلیمه إلی البائع بناء علی ما ذکره فی أحکام الخیار من التذکرة من عدم وجوب تسلیم الثمن و لا المثمن فی مدة الخیار و إن تسلم الآخر و کیف کان فیمکن أن یخدش بأن المشتری قد أقر باشتغال ذمته بالثمن سواء اختلف صفة المبیع أم لم یختلف غایة الأمر سلطنته علی الفسخ لو ثبت أن البائع التزم علی نفسه اتصاف البیع بأوصاف مفقودة کما لو اختلفا فی اشتراط کون العبد کاتبا و حیث لم یثبت ذلک فالأصل عدمه فیبقی الاشتغال لازما غیر قابل للإزالة بفسخ العقد هذا و یمکن دفع ذلک بأن أخذ الصفات فی المبیع و إن کان فی معنی الاشتراط إلا أنه بعنوان التقیید فمرجع الاختلاف إلی الشک فی تعلق البیع بالعین الملحوظ فیها صفات مفقودة أو تعلقه بعین لو حظ فیها الصفات الموجودة أو ما یعمها و اللزوم من أحکام البیع المتعلق بالعین علی الوجه الثانی و الأصل عدمه و منه یظهر الفرق بین ما نحن فیه و بین الاختلاف فی اشتراط کتابة العبد و قد تقدم توضیح ذلک و بیان ما قیل أو یمکن أن یقال فی هذا المجال فی مسألة ما إذا اختلفا فی تغییر ما شاهداه قبل البیع

مسألة لو نسج بعض الثوب فاشتراه علی أن ینسج الباقی کالأول بطل

کما عن المبسوط و القاضی و ابن سعید قدس سرهما و العلامة فی کتبه و جامع المقاصد و استدل علیه فی التذکرة و جامع المقاصد بأن بعضه عین حاضرة و بعضه فی الذمة مجهول.

و عن المختلف صحته- و لا یحضرنی الآن حتی أتأمل فی دلیله و الذی ذکر للمنع و لا ینهض مانعا فالذی یقوی فی النظر أنه إذا باع البعض المنسوج المنضم إلی غزل معین علی أن ینسجه علی ذلک المنوال فلا مانع منه و کذا إذا ضم معه مقدارا معینا کلیا من الغزل الموصوف علی أن ینسجه کذلک إذ لا مانع من ضم الکلی إلی الشخصی و إلیه ینظر بعض کلمات المختلف فی هذا المقام حیث جعل اشتراط نسج الباقی کاشتراط الخیاطة و الصبغ و کذا إذا باعه أذرعا معلومة منسوجة مع هذا المنسوج بهذا المنوال و لو لم ینسجه فی الصورتین الأولیین علی ذلک المنوال ثبت الخیار لتخلف الشرط- و لو لم ینسجه کذلک فی الصورة الأخیرة لم یلزم القبول و بقی علی مال البائع و کان للمشتری الخیار فی المنسوج لتبعض الصفقة علیه و الله العالم

السابع خیار العیب
اشارة

إطلاق العقد یقتضی وقوعه مبنیا علی سلامة العین من العیب و إنما ترک اشتراطه صریحا اعتمادا علی أصالة السلامة و إلا لم یصح العقد من جهة الجهل بصفة العین الغائبة و هی صحتها التی هی من أهم ما یتعلق به الأغراض و لذا اتفقوا فی بیع العین الغائبة علی اشتراط ذکر الصفات التی یختلف الثمن باختلافها و لم یذکروا اشتراط صفة الصحة فلیس ذلک إلا من حیث الاعتماد فی وجودها علی الأصل فإن من یشتری عبدا لا یعلم أنه صحیح سوی أم فالج مقعد لا یعتمد فی صحته إلا علی أصالة السلامة کما یعتمد من شاهد المبیع سابقا علی بقائه علی ما شاهده فلا یحتاج إلی ذکر تلک الصفات فی العقد و کما یعتمد علی إخبار البائع بالوزن. قال فی التذکرة الأصل فی المبیع من الأعیان و الأشخاص- السلامة من العیوب و الصحة فإذا أقدم المشتری علی

المکاسب، ج 3، ص 253

بذل ماله فی مقابلة تلک العین فإنما بنی إقدامه علی غالب ظنه المستند إلی أصالة السلامة انتهی. و قال فی موضع آخر إطلاق العقد و اشتراط السلامة یقتضیان السلامة علی ما مر من القضاء العرفی یقتضی أن المشتری إنما بذل ماله بناء علی أصالة السلامة فکأنها مشترطة فی نفس العقد انتهی. و مما ذکرنا یظهر أن الانصراف لیس من باب انصراف المطلق إلی الفرد الصحیح لیرد علیه أولا منع الانصراف و لذا لا یجری فی الأیمان و النذور. و ثانیا عدم جریانه فیما نحن فیه لعدم کون المبیع مطلقا بل هو جزئی حقیقی خارجی. و ثالثا بأن مقتضاه عدم وقوع العقد رأسا علی المعیب فلا معنی لإمضاء العقد الواقع علیه أو فسخه حتی یثبت التخییر بینهما و دفع جمیع هذا بأن وصف الصحة قد أخذ شرطا فی العین الخارجیة نظیر معرفة الکتابة أو غیرها من الصفات المشروطة فی العین الخارجیة و إنما استغنی عن ذکر وصف الصحة لاعتماد المشتری فی وجودها علی الأصل کالعین المرئیة سابقا حیث یعتمد فی وجود أصلها و صفاتها علی الأصل. و لقد أجاد فی الکفایة حیث قال إن المعروف بین الأصحاب أن إطلاق العقد یقتضی لزوم السلامة و لو باع کلیا حالا أو سلما کان الانصراف إلی الصحیح من جهة ظاهر الإقدام أیضا و یحتمل کونه من جهة الإطلاق- المنصرف إلی الصحیح فی مقام الاشتراء و إن لم ینصرف إلیه فی غیر هذا المقام فتأمل ثم إن المصرح به فی کلمات جماعة أن اشتراط الصحة فی متن العقد یفید التأکید لأنه تصریح بما یکون الإطلاق منزلا علیه. و إنما ترک لاعتماد المشتری علی أصالة السلامة فلا یحصل من أجل هذا الاشتراط خیار آخر غیر خیار العیب کما لو اشترط کون الصبرة کذا و کذا صاعا فإنه لا یزید علی ما إذا ترک الاشتراط و اعتمد علی إخبار البائع بالکیل أو اشترط بقاء الشی ء علی الصفة السابقة المرئیة فإنه فی حکم ما لو ترک ذلک اعتمادا علی أصالة بقائها. و بالجملة فالخیار خیار العیب اشترط الصحة أم لم یشترط. و یؤیده ما ورد من روایة یونس: فی رجل اشتری جاریة علی أنها عذراء فلم یجدها عذراء قال یرد علیه فضل القیمة فإن اقتصاره ع علی أخذ الأرش الظاهر فی عدم جواز الرد یدل علی أن الخیار خیار العیب و لو کان هنا خیار تخلف الاشتراط لم یسقط الرد بالتصرف فی الجاریة بالوطء أو مقدماته و منه یظهر ضعف ما حکاه فی المسالک- من ثبوت خیار الاشتراط هنا فلا یسقط الرد بالتصرف و دعوی عدم دلالة الروایة علی التصرف أو عدم دلالته علی اشتراط البکارة فی متن العقد کما تری.

مسألة ظهور العیب فی المبیع- یوجب تسلط المشتری علی الرد و أخذ الأرش

مسألة ظهور العیب فی المبیع- یوجب تسلط المشتری علی الرد و أخذ الأرش

بلا خلاف و یدل علی الرد الأخبار المستفیضة الآتیة و أما الأرش فلم یوجد فی الأخبار ما یدل علی التخییر بینه و بین الرد بل ما دل علی الأرش یختص بصورة التصرف المانع من الرد فیجوز أن یکون الأرش فی هذه الصورة لتدارک ضرر المشتری لا لتعیین أحد طرفی التخییر بتعذر الآخر. نعم فی الفقه الرضوی فإن خرج السلعة معیبا و علم المشتری فالخیار إلیه إن شاء رده و إن شاء أخذه أو رد علیه بالقیمة أرش العیب و ظاهره کما فی الحدائق التخییر بین الرد و أخذه بتمام الثمن و أخذ الأرش و یحتمل زیادة الهمزة فی لفظة أو و یکون واو العطف فیدل علی التخییر بین الرد و الأرش و قد یتکلف لاستنباط هذا الحکم من سائر الأخبار و هو صعب جدا و أصعب منه جعله مقتضی القاعدة- بناء علی أن الصحة و إن کانت وصفا فهی بمنزلة الجزء فیتدارک فائتة باسترداد ما قابله من الثمن و یکون الخیار حینئذ لتبعض الصفقة و فیه منع المنزلة عرفا و لا شرعا و لذا لم یبطل البیع فیما قابله من الثمن بل کان الثابت بفواته مجرد استحقاق المطالبة بل لا یستحق المطالبة بعین ما قابله علی ما صرح به العلامة و غیره ثم منع کون الجزء الفائت یقابل بجزء من الثمن إذا أخذ وجوده فی المبیع الشخصی علی وجه الشرطیة کما فی بیع الأرض علی أنها جریان معینة و ما نحن فیه من هذا القبیل. و بالجملة فالظاهر عدم الخلاف فی المسألة بل الإجماع علی التخییر بین الرد و الأرش. نعم یظهر من الشیخ فی غیر موضع من المبسوط أن أخذ الأرش مشروط بالیأس عن الرد لکنه مع مخالفته لظاهر کلامه فی النهایة و بعض مواضع المبسوط ینافیه إطلاق الأخبار بجواز أخذ الأرش فافهم ثم إن فی کون ظهور العیب مثبتا للخیار أو کاشفا عنه ما تقدم فی خیار الغبن. و قد عرفت أن الأظهر ثبوت الخیار بمجرد العیب و الغبن واقعا و إن کان ظاهر کثیر من کلماتهم یوهم حدوثه بظهور العیب خصوصا بعد کون ظهور العیب بمنزلة رؤیة المبیع علی خلاف ما اشترط. و قد صرح العلامة بعدم جواز إسقاط خیار الرؤیة قبلها معللا بأن الخیار إنما یثبت بالرؤیة لکن المتفق علیه هنا نصا و فتوی جواز التبری و إسقاط خیار العیب. و یؤید ثبوت الخیار هنا بنفس العیب أن استحقاق المطالبة بالأرش الذی هو أحد طرفی الخیار لا معنی لثبوته بظهور العیب بل هو ثابت بنفس انتفاء وصف الصحة هذا مضافا إلی أن الظاهر من بعض أخبار المسألة أن السبب هو نفس العیب لکنها لا تدل علی العلیة التامة فلعل الظهور شرط و کیف کان فالتحقیق ما ذکرنا فی خیار الغبن من وجوب الرجوع فی کل حکم من أحکام هذا الخیار إلی دلیله و أنه یفید ثبوته بمجرد العیب أو بظهوره و المرجع فیما لا یستفاد من دلیله أحد الأمرین هی القواعد فافهم ثم إنه لا فرق فی هذا الخیار بین الثمن و المثمن کما صرح به العلامة و غیره هنا و فی باب الصرف فیما إذا ظهر أحد عوضی الصرف معیبا و الظاهر أنه مما لا خلاف فیه و إن کان مورد الأخبار ظهور العیب فی المبیع لأن الغالب کون الثمن نقدا غالبا و المثمن متاعا فیکثر فیه العیب بخلاف النقد

القول فی مسقطات هذا الخیار بطرفیه أو أحدهما
مسألة یسقط الرد خاصة بأمور
أحدها التصریح بالتزام العقد و إسقاط الرد و اختیار الأرش

المکاسب، ج 3، ص 254

و لو أطلق الالتزام بالعقد فالظاهر عدم سقوط الأرش و لو أسقط الخیار فلا یبعد سقوطه.

الثانی التصرف فی المعیب

عند علمائنا کما فی التذکرة و فی السرائر الإجماع علی أن التصرف یسقط الرد بغیر خلاف منهم و نحوه المسالک و سیأتی الخلاف فی الجملة من الإسکافی و الشیخین و ابن زهرة و ظاهر المحقق بل المحقق الثانی و استدل علیه فی التذکرة أیضا تبعا للغنیة بأن تصرفه فیه رضاء منه به علی الإطلاق و لو لا ذلک کان ینبغی له الصبر و الثبات حتی یعلم حال صحته و عدمها و بقول أبی جعفر ع فی الصحیح: أیما رجل اشتری شیئا و به عیب أو عوار و لم یتبرأ إلیه و لم یتبین له فأحدث فیه بعد ما قبضه شیئا ثم علم بذلک العوار و بذلک العیب فإنه یمضی علیه البیع و یرد علیه بقدر ما ینقص من ذلک الداء و العیب من ثمن ذلک لو لم یکن به.

و یدل علیه مرسلة جمیل عن أبی عبد الله ع: فی الرجل یشتری الثوب أو المتاع فیجد به عیبا قال إن کان الثوب قائما بعینه رده علی صاحبه و أخذ الثمن و إن کان الثوب قد قطع أو خیط أو صبغ رجع بنقصان العیب هذا و لکن الحکم بسقوط الرد بمطلق التصرف حتی مثل قول المشتری للعبد المشتری ناولنی الثوب أو أغلق الباب علی ما صرح به العلامة فی التذکرة فی غایة الإشکال لإطلاق قوله ع: إن کان الثوب قائما بعینه رده المعتضد بإطلاق الأخبار فی الرد خصوصا ما ورد فی رد الجاریة- بعد ما لم تحض ستة أشهر عند المشتری و رد المملوک فی أحداث السنة و نحو ذلک مما یبعد التزام التقیید فیه بصورة عدم التصرف فیه بمثل أغلق الباب و نحوه و عدم ما یصلح للتقیید مما استدل به للسقوط فإن مطلق التصرف لا یدل علی الرضا خصوصا مع الجهل بالعیب. و أما المرسلة فقد عرفت إطلاقها لما یشمل لبس الثوب و استخدام العبد بل وطء الجاریة لو لا النص المسقط للخیار به. و أما الصحیحة فلا یعلم المراد من إحداث شی ء فی المبیع لکن الظاهر بل المقطوع عدم شموله لغة و لا عرفا لمثل استخدام العبد و شبهه مما مر من الأمثلة فلا تدل علی أزید مما دل علیه ذیل المرسلة من أن العبرة بتغیر العین و عدم قیامها بعینها اللهم إلا أن یستظهر بمعونة ما تقدم فی خیار الحیوان من النص الدال علی أن المراد بإحداث الحدث فی المبیع هو أن ینظر إلی ما حرم النظر إلیه قبل الشراء فإذا کان مجرد النظر المختص بالمالک حدثا دل علی سقوط الخیار هنا بکل تصرف فیکون ذلک النص دلیلا علی المراد بالحدث هنا و هذا حسن لکن إقامة البینة علی اتحاد معنی الحدث فی المقامین مع عدم مساعدة العرف علی ظهور الحدث فی هذا المعنی مشکلة ثم إنه إذا قلنا بعموم الحدث فی هذا المقام لمطلق التصرف فلا دلیل علی کونه من حیث الرضا بالعقد فلا یتقید بالتصرف الدال علیه و إن کان النص فی خیار الحیوان دالا علی ذلک بقرینة التعلیل المذکور فیه علی الوجوه المتقدمة هناک فی المراد من التعلیل لکن کلمات کثیر منهم فی هذا المقام أیضا یدل علی سقوط هذا الخیار بالتصرف من حیث الرضا بل عرفت من التذکرة و الغنیة أن علة السقوط دلالة التصرف نوعا علی الرضا و نحوه فی الدلالة علی کون السقوط بالتصرف من حیث دلالته علی الرضا کلمات جماعة ممن تقدم علیه و من تأخر عنه. قال فی المقنعة فإن لم یعلم المبتاع بالعیب حتی أحدث فیه حدثا لم یکن له الرد و کان له أرش العیب خاصة و کذلک حکمه إذا أحدث فیه حدثا بعد العلم و لا یکون إحداثه الحدث بعد المعرفة بالعیب رضاء به منه انتهی. فإن تعلیله عدم سقوط الأرش بعدم دلالة الإحداث علی الرضا بالعیب ظاهر خصوصا بملاحظة ما یأتی من کلام غیره فی أن سقوط الرد بالحدث لدلالته علی الرضا بأصل البیع و مثلها عبارة النهایة من غیر تفاوت و قال فی المبسوط إذا کان المبیع بهیمة فأصاب بها عیبا کان له ردها فإذا کان فی طریق الرد جاز له رکوبها و علفها و سقیها و حلبها و أخذ لبنها و إن نتجت کان له نتاجها کل هذا لأنه ملکه و له فیه فائدته و علیه مئونته و الرد لا یسقط لأنه إنما یسقط الرد بالرضا بالمعیب أو ترک الرد بعد العلم به أو بأن یحدث فیه عیب عنده و لیس هنا شی ء من ذلک انتهی و قال فی الغنیة و لا یسقط بالتصرف بعد العلم بالعیب حق المطالبة بالأرش لأن التصرف دلالة الرضا بالبیع لا بالعیب انتهی و فی السرائر قال فی حکم من ظهر علی عیب فیما اشتراه و لا یجبر علی أحد الأمرین یعنی الرد و الأرش قال هذا إذا لم یتصرف فیه تصرفا یؤذن بالرضا فی العادة أو ینقص قیمته بالتصرف انتهی و فی الوسیلة و یسقط الرد بأحد ثلاثة أشیاء بالرضا و بترک الرد بعد العلم به إذا عرف أن له الرد و بحدوث عیب آخر عنده انتهی و هی بعینها کعبارة المبسوط المتقدمة ظاهرة فی أن التصرف لیس بنفسه مسقطا إلا إذا دل علی الرضا. و قال فی التذکرة لو رکبها لیسقیها ثم یردها لم یکن ذلک رضاء منه بإمساکها و لو حلبها فی طریق الرد فالأقوی أنه تصرف یؤذن بالرضا بها. و قال بعض الشافعیة لا یکون رضاء بإمساکه لأن اللبن ماله قد استوفاه فی حال الرد انتهی. و فی جامع المقاصد و المسالک فی

رد ابن حمزة القائل بأن التصرف بعد العلم یسقط الأرش أیضا- أن التصرف لا یدل علی إسقاط الأرش. نعم یدل علی الالتزام بالعقد. و فی التحریر لو نقل المبیع أو عرضه للبیع أو تصرف فیه بما یدل علی الرضا قبل علمه بالعیب و بعده سقط الرد انتهی. و قد ظهر من جمیع ذلک أن التصرف من حیث هو لیس مسقطا و إنما هو التزام و رضاء بالعقد فعلا فکل تصرف یدل علی ذلک عادة فهو مسقط و ما لیس کذلک فلا دلیل علی الإسقاط به کما لو وقع نسیانا أو للاختبار و مقتضی ذلک أنه لو وقع التصرف قبل العلم بالعیب لم یسقط خصوصا إذا کان مما یتوقف العلم بالعیب علیه و حصل بقصد الاختبار إلا أن المعروف خصوصا بین العلامة و من تأخر عنه عدم الفرق فی السقوط بالتصرف بین وقوعه قبل العلم بالعیب أو بعده- و الذی ینبغی أن یقال و إن کان ظاهر المشهور خلافه- إن التصرف بعد العلم مسقط للرد إذا کان دالا بنوعه علی الرضا کدلالة اللفظ علی معناه لا مطلق التصرف و الدلیل علی

المکاسب، ج 3، ص 255

إسقاطه مضافا إلی أنه التزام فعلی فیدل علیه ما یدل علی اعتبار الالتزام إذا دل علیه باللفظ ما تقدم فی خیار الحیوان من تعلیل السقوط بالحدث بکونه رضاء بالبیع و لذا تعدینا إلی خیار المجلس و الشرط و حکمنا بسقوطهما بالتصرف فکذلک خیار العیب و أما التصرف قبل العلم بالعیب فإن کان مغیرا للعین بزیادة أو نقیصة أو تغیر هیئة أو ناقلا لها بنقل لازم أو جائز و بالجملة صار بحیث لا یصدق معه قیام الشی ء بعینه فهو مسقط أیضا لمرسلة جمیل المتقدمة و یلحق بذلک تعذر الرد بموت أو عتق أو إجازة أو شبه ذلک. و ظاهر المحقق فی الشرائع الاقتصار علی ذلک حیث قال فی أول المسألة و یسقط الرد بإحداثه فیه حدثا کالعتق و قطع الثوب سواء کان قبل العلم بالعیب أو بعده. و فی مسألة رد المملوک من أحداث السنة فلو أحدث ما یغیر عینه أو صفته ثبت الأرش انتهی. و هو الظاهر من المحکی عن الإسکافی حیث قال فإن وجد بالسلعة عیبا و قد أحدث فیه ما لا یمکن معه ردها إلی ما کانت علیه قبله کالوطئ للأمة و القطع للثوب أو تعذر الرد بموت أو نحوه کان له فضل ما بین الصحة و العیب انتهی. و هذا هو الذی ینبغی أن یقتصر علیه من التصرف قبل العلم و أما ما عدا ذلک من التصرف قبل العلم کحلب الدابة و رکوبها و شبه ذلک فلا دلیل علی السقوط به بحیث یطمئن به النفس. و أقصی ما یوجد لذلک صحیحة زرارة المتقدمة بضمیمة ما تقدم فی خیار الحیوان من التمثیل للحدث بالنظر و باللمس و قیام النص و الإجماع علی سقوط رد الجاریة بوطئها قبل العلم مع عدم دلالته علی الالتزام بالبیع و عدم تغییره للعین و إطلاق معقد الإجماع المدعی فی کثیر من العبائر کالتذکرة و السرائر و الغنیة و غیرها و فی نهوض ذلک کله لتقیید إطلاق أخبار الرد خصوصا ما کان هذا التقیید فیه فی غایة البعد کالنص برد الجاریة بعد ستة أشهر و رد الجاریة إذا لم یطأها و رد المملوک من أحداث السنة نظر بل منع خصوصا معاقد الإجماع فإن نقله الإجماع کالعلامة و الحلی و ابن زهرة قد صرحوا فی کلماتهم المتقدمة بأن العبرة بالرضا بالعقد فکان دعوی الإجماع وقعت من هؤلاء علی السقوط بما یدل علی الرضا من التصرف خصوصا ابن زهرة فی الغنیة حیث إنه اختار ما قویناه من التفصیل بین صورتی العلم و الجهل و المغیر و غیره حیث قال قدس سره و خامسها یعنی مسقطات الرد التصرف فی المبیع الذی لا یجوز مثله إلا بملکه أو الإذن الحاصل له بعد العلم بالعیب فإنه یمنع من الرد لشی ء من العیوب و لا یسقط حق المطالبة بالأرش لأن التصرف دلالة الرضا بالبیع لا بالعیب و کذا حکمه إن کان قبل العلم بالعیب و کان مغیرا للعین بزیادة فیه مثل الصبغ للثوب أو نقصان فیه کالقطع للثوب و إن لم یکن کذلک فله الرد بالعیب إذا علمه ما لم یکن وطء الجاریة فإنه یمنع من ردها لشی ء من العیوب إلا الحبل انتهی کلامه. و قد أجاد قدس سره فیما استفاده من الأدلة و حکی عن المبسوط أیضا أن التصرف قبل العلم لا یسقط به الخیار لکن صرح بأن الصبغ و قطع الثوب یمنع من الرد فإطلاق التصرف قبل العلم محمول علی غیر المغیر و ظاهر المقنعة و المبسوط أنه إذا وجد العیب بعد عتق العبد و الأمة لم یکن له ردهما و إذا وجده بعد تدبیرهما أو هبتهما کان مخیرا بین الرد و أخذ أرش العیب و فرقا بینهما و بین العتق بجواز الرجوع فیهما دون العتق و یرده مع أن مثلهما تصرف یؤذن بالرضا مرسلة جمیل فإن العین مع الهبة و التدبیر غیر قائمة و جواز الرجوع و عدمه لا دخل له فی ذلک و لذا اعترض علیهما الحلی بالنقض بما لو باعه بخیار مع أنه لم یقل أحد من الأمة بجواز الرد حینئذ. و قال بعد ما ذکر إن الذی یقتضیه أصول المذهب أن المشتری إذا تصرف فی المبیع أنه لا یجوز له رده و لا خلاف فی أن الهبة و التدبیر تصرف. و بالجملة فتعمیم الأکثر لأفراد التصرف مع التعمیم لما بعد العلم و ما قبله مشکل و العجب من المحقق الثانی أنه تنظر فی سقوط الخیار بالهبة الجائزة مع تصریحه فی مقام آخر بما علیه الأکثر.

الثالث تلف العین أو صیرورته کالتالف

فإنه یسقط الخیار هنا بخلاف الخیارات المتقدمة غیر الساقطة بتلف العین و المستند فیه بعد ظهور الإجماع إناطة الرد فی المرسلة السابقة بقیام العین فإن الظاهر منه اعتبار بقائها فی ملکه فلو تلف أو انتقل إلی ملک الغیر أو استؤجر أو رهن أو أبق العبد أو انعتق العبد علی المشتری فلا رد. و مما ذکرنا ظهر أن عد انعتاق العبد علی المشتری مسقط برأسه کما فی الدروس لا یخلو عن شی ء. نعم ذکر أنه یمکن إرجاع هذا الوجه إلی التصرف و هو أیضا لا یخلو عن شی ء و الأولی ما ذکرناه ثم إنه لو عاد الملک إلی المشتری لم یجز رده للأصل- خلافا للشیخ بل المفید قدس سرهما. فرع لا خلاف نصا و فتوی- فی أن وطء الجاریة یمنع عن ردها بالعیب سواء قلنا بأن مطلق التصرف مانع أم قلنا باختصاصه بالتصرف الموجب لعدم کون الشی ء قائما بعینه غایة الأمر کون الوطی علی هذا القول مستثنی عن التصرف غیر المغیر للعین کما عرفت من عبارة الغنیة مع أن العلامة علل المنع فی موضع من التذکرة بأن الوطی جنایة و لهذا یوجب غرامة جزء من القیمة کسائر جنایات المملوک. و قد تقدم فی کلام الإسکافی أیضا أن الوطی مما لا یمکن معه رد المبیع إلی ما کان علیه قبله و یشیر إلیه ما سیجی ء فی غیر واحد من الروایات من قوله معاذ الله أن یجعل لها أجرا فإن فیه إشارة إلی أنه لو ردها لا بد أن یرد معها شیئا تدارکا للجنایة- إذ لو کان الوطی مجرد استیفاء منفعة- لم یتوقف ردها إلی رد عوض المنفعة فإطلاق الأجر علیه فی الروایة علی طبق ما یتراءی فی نظر العرف من کون هذه الغرامة کأنها أجرة للوطء و حاصل معناه أنه إذا حکمت بالرد مع أرش جنایتها کان ذلک فی الأنظار بمنزلة الأجرة و هی ممنوعة شرعا لأن إجارة الفروج غیر جائزة و هذا إنما وقع من أمیر المؤمنین ع مبنیا علی تقریر رعیته علی ما فعله الثانی من تحریم العقد المنقطع فلا یقال إن المتعة مشروعة و قد ورد أن المنقطعات مستأجرات فلا وجه للاستعاذة بالله من جعل الأجرة للفروج هذا ما یخطر عاجلا بالبال فی معنی هذه الفقرة و الله العالم و کیف کان ففی النصوص المستفیضة

المکاسب، ج 3، ص 256

الواردة فی المسألة کفایة ففی صحیحة ابن حازم عن أبی عبد الله ع: فی رجل اشتری جاریة فوقع علیها قال إن وجد فیها عیبا فلیس له أن یردها و لکن یرد علیه بقدر ما نقصها العیب قلت هذا قول أمیر المؤمنین ع قال نعم و صحیحة ابن مسلم عن أحدهما ع: أنه سئل عن الرجل یبتاع الجاریة فیقع علیها فیجد بها عیبا بعد ذلک قال لا یردها علی صاحبها و لکن یقوم ما بین العیب و الصحة و یرد علی المبتاع معاذ الله أن یجعل لها أجرا و روایة میسر عن أبی عبد الله ع قال: کان علی لا یرد الجاریة بعیب إذا وطئت و لکن یرجع بقیمة العیب و کان یقول معاذ الله أجعل لها أجرا الخبر و فی روایة طلحة بن زید عن أبی عبد الله ع قال: قضی أمیر المؤمنین ع فی رجل اشتری جاریة فوطئها ثم رأی فیها عیبا قال تقوم و هی صحیحة و تقوم و بها الداء ثم یرد البائع علی المبتاع فضل ما بین الصحة و الداء و ما عن حماد فی الصحیح عن أبی عبد الله ع یقول قال علی بن الحسین ع: کان القضاء الأول فی الرجل إذا اشتری أمة فوطئها ثم ظهر علی عیب أن البیع لازم و له أرش العیب إلی غیر ذلک مما سیجی ء ثم إن المشهور استثنوا عن عموم هذه الأخبار لجمیع أفراد العیب الحمل فإنه عیب إجماعا کما فی المسالک إلا أن الوطی لا یمنع من الرد به بل یردها و یرد معها العشر أو نصف العشر علی المشهور بینهم و استندوا فی ذلک إلی نصوص مستفیضة- منها صحیحة ابن سنان عن أبی عبد الله ع: عن رجل اشتری جاریة حبلی و لم یعلم بحبلها فوطئها قال یردها علی الذی ابتاعها منه و یرد علیها نصف عشر قیمتها لنکاحه إیاها و قد قال علی ع: لا ترد التی لیست بحبلی إذا وطئها صاحبها و یوضع عنه من ثمنها بقدر العیب إن کان فیها و روایة عبد الملک بن عمرو عن أبی عبد الله ع قال: لا ترد التی لیست بحبلی إذا وطئها صاحبها و له أرش العیب و ترد الحبلی و یرد معها نصف عشر قیمتها و زاد فی الکافی قال و فی روایة أخری: إن کانت بکرا فعشر قیمتها و إن کانت ثیبا فنصف عشر قیمتها و مرسلة ابن أبی عمیر عن سعید بن یسار: قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل باع جاریة حبلی و هو لا یعلم فینکحها الذی اشتری قال یردها و یرد نصف عشر قیمتها و روایة عبد الرحمن بن أبی عبد الله قال: سألت أبا عبد الله ع عن الرجل یشتری الجاریة فیقع علیها فیجدها حبلی قال ترد و یرد معها شیئا و صحیحة ابن مسلم عن أبی جعفر ع: فی الرجل یشتری الجاریة الحبلی فینکحها قال یرد و یکسوها و روایة عبد الملک بن عمرو عن أبی عبد الله ع: فی الرجل یشتری الجاریة و هی حبلی فیطأها قال یردها و یرد عشر قیمتها هذه جملة ما وقفت علیها من الروایات و قد عمل بها المشهور بل ادعی علی ظاهرها الإجماع فی الغنیة کما عن الانتصار و عدم الخلاف فی السرائر خلافا للمحکی عن الإسکافی فحکم بالرد مع کون الحمل من المولی لبطلان بیع أم الولد حیث قال فإن وجد فی السلعة عیبا کان عند البائع و قد أحدث المشتری فی السلعة ما لا یمکن ردها إلی ما کانت علیه قبله کالوطئ للأمة أو القطع للثوب أو تلف السلعة بموت أو غیره کان للمشتری فضل ما بین الصحة و العیب دون ردها فإن کان العیب ظهور حمل من البائع و قد وطئها المشتری من غیر علم بذلک کان علیه ردها و نصف عشر قیمتها انتهی. و اختاره فی المختلف و هو ظاهر الشیخ فی النهایة حیث قال فإن وجد بها عیبا بعد أن وطئها لم یکن له ردها و کان له أرش العیب خاصة اللهم إلا أن یکون العیب من حبل فیلزمه ردها علی کل حال وطئها أم لم یطأها و یرد معها إذا وطئها نصف عشر قیمتها انتهی. و یمکن استفادة هذا من إطلاق المبسوط القول بمنع الوطی من الرد فإن من البعید عدم استثناء وطء الحامل و عدم تعرضه لحکمه مع اشتهار المسألة فی الروایات و ألسنة القدماء. و قال فی الوسیلة إذا وطئ الأمة ثم علم بها عیبا لم یکن له ردها إلا إذا کان العیب حملا و کان حرا فإنه وجب علیه ردها و یرد معها نصف عشر قیمتها و إن کان الحمل مملوکا

لم یجب ذلک انتهی. و ظاهر الریاض أیضا اختیار هذا القول. و الإنصاف أن ظاهر الأخبار المتقدمة فی بادئ النظر و إن کان ما ذکره المشهور إلا أن العمل علی هذا الظهور یستلزم مخالفة الظاهر من وجوه أخر أحدها من حیث مخالفة ظهورها فی وجوب رد الجاریة أو تقیید الحمل بکونه من غیر المولی حتی تکون الجملة الخبریة واردة فی مقام دفع توهم الحظر الناشئ من الأخبار المتقدمة المانعة من رد الجاریة بعد الوطی إذ لو بقی الحمل علی إطلاقه لم یستقم دعوی وقوع الجملة الخبریة فی مقام دفع توهم الحظر إذ لا منشأ لتوهم حظر رد الحامل حتی أم الولد فلا بد إما من التقیید أو من مخالفة ظاهر الجملة الخبریة. الثانی مخالفة لزوم العقر علی المشتری لقاعدة عدم العقر فی وطء الملک أو قاعدة کون الرد بالعیب فسخا من حینه لا من أصله. الثالث مخالفته لما دل علی کون التصرف عموما و الوطی بالخصوص مانعا من الرد. أن الظاهر من قول السائل فی مرسلة ابن أبی عمیر المتقدمة رجل باع جاریة حبلی و هو لا یعلم وقوع السؤال عن بیع أم الولد و إلا لم یکن لذکر جهل البائع فی السؤال فائدة و یشیر إلیه ما فی بعض الروایات المتقدمة- من قوله ع یکسوها فإن فی ذلک إشارة إلی تشبثها بالحریة للاستیلاد فنسب الکسوة إلیها تشبها بالحرائر و لم یصرح بالعقر الذی هو جزء من القیمة. الخامس ظهور هذه الأخبار فی کون الرد بعد تصرف المشتری فی الجاریة بغیر الوطی من نحو اسقنی ماءا أو أغلق الباب و غیرهما مما قل أن تنفک عنه الجاریة و تقییدها بصورة عدم هذه التصرفات تقیید بالفرض النادر و إنما دعی إلی هذا التقیید فی غیر هذه الأخبار مما دل علی رد الجاریة بعد مدة طویلة الدلیل الدال علی اللزوم بالتصرف لکن لا داعی هنا لهذا التقیید إذ یمکن تقیید الحمل بکونه من المولی لتسلم الأخبار عن جمیع ذلک. و غایة الأمر تعارض هذه الأخبار مع ما دل علی منع الوطی عن الرد بالعموم من وجه فیبقی ما عدا الوجه الثالث- مرجحا لتقیید هذه الأخبار و لو فرض التکافؤ بین جمیع ما تقدم و بین إطلاق الحمل فی هذه الأخبار أو ظهور اختصاصه بما لم یکن من المولی وجب الرجوع إلی عموم ما دل علی أن إحداث الحدث مسقط- لکونه رضاء بالبیع و یمکن الرجوع إلی ما دل علی جواز الرد مع قیام

المکاسب، ج 3، ص 257

العین. نعم لو خدش فی عموم ما دل علی المنع من الرد بمطلق التصرف وجب الرجوع إلی أصالة جواز الرد الثابت قبل الوطی لکن یبقی لزوم العقر مما لا دلیل علیه إلا الإجماع المرکب و عدم الفصل بین الرد و العقر فافهم. ثم إن المحکی عن المشهور إطلاق الحکم بوجوب رد نصف العشر بل عن الانتصار و الغنیة الإجماع علیه إلا أن یدعی انصراف إطلاق الفتاوی و مقعد الإجماع کالنصوص إلی الغالب من کون الحامل ثیبا فلا یشمل فرض حمل البکر بالسحق أو بوطء الدبر و لذا ادعی عدم الخلاف فی السرائر- علی اختصاص نصف العشر بالثیب و ثبوت العشر فی البکر بل معقد إجماع الغنیة بعد التأمل موافق للسرائر أیضا حیث ذکر فی الحامل أنه یرد معها نصف عشر قیمتها علی ما مضی بدلیل إجماع الطائفة و مراده بما مضی کما یظهر لمن راجع کلامه ما ذکره سابقا مدعیا علیه الإجماع من أنه إذا وطئ المشتری فی مدة خیار البائع ففسخ یرد معها العشر إن کانت بکرا و نصف العشر إن کانت ثیبا و أما الانتصار فلا یحضرنی حتی أراجعه و قد عرفت إمکان تنزیل الجمیع علی الغالب و حینئذ فیکون مرسلة الکافی المتقدمة بعد انجبارها بما عرفت من السرائر و الغنیة دلیلا علی التفصیل فی المسألة. کما اختاره جماعة من المتأخرین مضافا إلی ورود العشر فی بعض الروایات المتقدمة المحمولة علی البکر إلا أنه بعید و لذا نسبه الشیخ إلی سهو الراوی فی إسقاط لفظ النصف. و فی الدروس أن الصدوق ذکرها بلفظ النصف و أما ما تقدم مما دل علی أنه یرد معها شیئا فهو بإطلاقه خلاف الإجماع فلا بد من جعله واردا فی مقام ثبوت أصل العقر لا مقداره و أما ما دل علی أنه یکسوها فقد حمل علی کسوة تساوی العشر أو نصفه و لا بأس به فی مقام الجمع ثم إن مقتضی الإطلاق جواز الرد و لو مع الوطی فی الدبر- و یمکن دعوی انصرافه إلی غیره- فیقتصر فی مخالفة العمومات علی منصرف اللفظ و فی لحوق التقبیل و اللمس بالوطء وجهان من الخروج عن مورد النص و من الأولویة و لو انضم إلی الحمل عیب آخر فقد استشکل فی سقوط الرد بالوطء من صدق کونها معیبة بالحمل و کونها معیبة بغیره. و فیه أن کونها معیبة بغیر الحمل لا یقتضی إلا عدم تأثیر ذلک العیب فی الرد مع التصرف لا نفی تأثیر عیب الحمل ثم إن صریح بعض النصوص و الفتاوی و ظاهر باقیها اختصاص الحکم بالوطء مع الجهل بالعیب فلو وطئ عالما به سقط الرد لکن إطلاق کثیر من الروایات یشمل العالم.

الرابع من المسقطات حدوث عیب عند المشتری
اشارة

و تفصیل ذلک أنه إذا حدث العیب بعد العقد علی المعیب فإما أن یحدث قبل القبض و إما أن یحدث بعده فی زمان خیار یضمن فیه البائع المبیع أعنی خیار المجلس و الحیوان و الشرط- و إما أن یحدث بعد مضی الخیار و المراد بالعیب الحادث هنا هو الأخیر. و أما الأول فلا خلاف ظاهرا فی أنه لا یمنع الرد بل فی أنه هو کالموجود قبل العقد حتی فی ثبوت الأرش فیه علی الخلاف الآتی فی أحکام القبض و أما الحادث فی زمن الخیار فکذلک لا خلاف فی أنه غیر مانع عن الرد بل هو سبب مستقل موجب للرد بل الأرش علی الخلاف الآتی فیما قبل القبض بناء علی اتحاد المسألتین کما یظهر من بعض و یدل علی ذلک ما یأتی من أن الحدث فی زمان الخیار مضمون علی البائع و من ماله و معناه ضمانه علی الوجه الذی یضمنه قبل القبض بل قبل العقد إلا أن المحکی عن المحقق فی درسه فیما لو حدث فی المبیع عیب أن تأثیر العیب الحادث فی زمن الخیار و کذا عدم تأثیره فی الرد بالعیب القدیم إنما هو ما دام الخیار فإذا انقضی الخیار کان حکمه حکم العیب المضمون علی المشتری قال فی الدروس لو حدث فی المبیع عیب غیر مضمون علی المشتری لم یمنع من الرد قبل القبض أو فی مدة خیار المشتری المشترط أو بالأصل فله الرد ما دام الخیار فإن خرج الخیار ففی الرد خلاف- بین ابن نما و تلمیذه المحقق قدس سرهما فجوزه ابن نما لأنه من ضمان البائع و منعه المحقق قدس سره لأن الرد لمکان الخیار و قد زال و لو کان حدوث العیب فی مبیع صحیح فی مدة الخیار فالباب واحد انتهی. لکن الذی حکاه فی اللمعة عن المحقق هو الفرع الثانی و هو حدوث العیب فی مبیع صحیح و لعل الفرع الأول مترتب علیه لأن العیب الحادث إذا لم یکن مضمونا علی البائع حتی یکون سببا للخیار غایة الأمر کونه غیر مانع عن الرد بالخیارات الثلاثة کان مانعا عن الرد بالعیب السابق إذ لا یجوز الرد بالعیب مع حدوث عیب مضمون علی المشتری فیکون الرد فی زمان الخیار بالخیار لا بالعیب السابق فمنشأ هذا القول عدم ضمان البائع للعیب الحادث و لذا ذکر فی اللمعة أن هذا من المحقق مناف لما ذکره فی الشرائع من أن العیب الحادث فی الحیوان مضمون علی البائع مع حکمه بعدم الأرش ثم إنه ربما یجعل قول المحقق عکسا لقول شیخه و یضعف کلاهما بأن الظاهر تعدد الخیار و فیه أن قول ابن نما رحمه الله لا یأبی عن التعدد کما لا یخفی. و أما الثالث أعنی العیب الحادث فی ید المشتری بعد القبض و الخیار فالمشهور أنه مانع عن الرد بالعیب السابق بل عن شرح الإرشاد لفخر الإسلام و فی ظاهر الغنیة الإجماع علیه- و المراد بالعیب هنا مجرد النقص لا خصوص ما یوجب الأرش فیعم عیب الشرکة و تبعض الصفقة إذا اشتری اثنان شیئا فأراد أحدهما رده بالعیب أو اشتری واحد صفقة و ظهر العیب فی بعضه فأراد رد المعیب خاصة و نحوه نسیان العبد الکتابة کما صرح به فی القواعد و غیره و نسیان الدابة للطحن کما صرح به فی جامع المقاصد و یمکن الاستدلال علی الحکم فی المسألة بمرسلة جمیل المتقدمة- فإن قیام العین و إن لم یناف بظاهره مجرد نقص الأوصاف کما اعترف به بعضهم فی مسألة تقدیم قول البائع فی قدر الثمن مع قیام العین إلا أن الظاهر منه بقرینة التمثیل لمقابله بمثل قطع الثوب و خیاطته و صبغه ما یقابل تغیر الأوصاف و النقص الحاصل و لو لم یوجب أرشا کصبغ الثوب و خیاطته. نعم قد یتوهم شموله لما یقابل للزیادة کالثمن و تعلم الصنعة لکنه یندفع بأن الظاهر من قیام العین بقاؤه بمعنی أن لا ینقص مالیته لا بمعنی أن لا یزید و لا ینقص کما لا یخفی علی المتأمل.

المکاسب، ج 3، ص 258

و استدل العلامة فی التذکرة علی أصل الحکم قبل المرسلة بأن العیب الحادث یقتضی إتلاف جزء من المبیع فیکون مضمونا علی المشتری فیسقط رده للنقص الحاصل فی یده فإنه لیس تحمل البائع له بالعیب السابق أولی من تحمل المشتری له للعیب الحادث هذا و لکن المرسلة لا تشمل جمیع أفراد النقص مثل نسیان الدابة للطحن و شبهه و الوجه المذکور فی التذکرة قاصر عن إفادة المدعی لأن المرجع بعد عدم الأولویة من أحد الطرفین إلی أصالة ثبوت الخیار و عدم ما یدل علی سقوطه غایة الأمر أنه لو کان الحادث عیبا کان علیه الأرش للبائع إذا رده کما إذا تقایلا أو فسخ أحدهما بخیاره بعد تعیب العین أما مثل نسیان الصنعة و شبهه فلا یوجب أرشا بل یرده لأن النقص حدث فی ملکه و إنما یضمن وصف الصحة لکونه کالجزء التالف فیرجع البائع بعد الفسخ ببدله. نعم لو علل الرد بالعیب القدیم بکون الصبر علی المعیب ضررا أمکن أن یقال إن تدارک ضرر المشتری بجواز الرد مع تضرر البائع بالصبر علی العیب الحادث مما لا یقتضیه قاعدة نفی الضرر لکن العمدة فی دلیل الرد هو النص و الإجماع فاستصحاب الخیار عند الشک فی المسقط لا بأس به إلا أن الإنصاف أن المستفاد من التمثیل فی الروایة بالصبغ و الخیاطة هو إناطة الحکم بمطلق النقص. توضیح ذلک أن المراد بقیام العین هو ما یقابل الأعم من تلفها و تغیرها علی ما عرفت من دلالة ذکر الأمثلة علی ذلک لکن المراد من التغیر هو الموجب للنقص لا الزیادة لأن مثل السمن لا یمنع الرد قطعا. و المراد بالنقص هو الأعم من العیب الموجب للأرش فإن النقص الحاصل بالصبغ و الخیاطة إنما هو لتعلق حق المشتری بالثوب من جهة الصبغ و الخیاطة و هذا لیس عیبا اصطلاحیا و دعوی اختصاصه بالتغیر الخارجی الذی هو مورد الأمثلة فلا یعم مثل نسیان الدابة للطحن یدفعه أن المقصود مجرد النقص مع أنه إذا ثبت الحکم فی النقص الحادث و إن لم یکن عیبا اصطلاحیا ثبت فی المغیر و غیره للقطع بعدم الفرق فإن المحتمل هو ثبوت الفرق فی النقص الحادث بین کونه عیبا اصطلاحیا لا یجوز رد العین إلا مع أرشه و کونه مجرد نقص لا یوجب أرشا کنسیان الکتابة و الطحن أما الفرق فی أفراد النقص غیر الموجب للأرش بین مغیر العین حسا و غیره فلا مجال لاحتماله ثم إن ظاهر المفید فی المقنعة المخالفة فی أصل المسألة- و أن حدوث العیب لا یمنع من الرد لکنه شاذ علی الظاهر ثم مقتضی الأصل عدم الفرق فی سقوط الخیار بین بقاء العیب الحادث و زواله فلا یثبت بعد زواله لعدم الدلیل علی الثبوت بعد السقوط. قال فی التذکرة عندنا أن العیب المتجدد مانع عن الرد بالعیب السابق سواء زال أم لا لکن فی التحریر لو زال العیب الحادث عند المشتری و لم یکن بسببه کان له الرد و لا أرش علیه انتهی. و لعل وجهه أن الممنوع هو رده معیوبا لأجل تضرر البائع و ضمان المشتری لما یحدث و قد انتفی الأمران و لو رضی البائع برده مجبورا بالأرش أو غیر مجبور جاز الرد کما فی الدروس و غیره لأن عدم الجواز لحق البائع و إلا فمقتضی قاعدة خیار الفسخ عدم سقوطه بحدوث العیب غایة الأمر ثبوت قیمة العیب و إنما منع من الرد هنا للنص و الإجماع أو للضرر. و مما ذکرنا یعلم أن المراد بالأرش الذی یغرمه المشتری عند الرد قیمة العیب لا الأرش الذی یغرمه البائع للمشتری عند عدم الرد لأن العیب القدیم مضمون بضمان المعاوضة و الحادث مضمون بضمان الید ثم إن صریح المبسوط أنه لو رضی البائع بأخذه معیوبا لم یجز مطالبته بالأرش و هذا أحد المواضع التی أشرنا فی أول المسألة إلی تصریح الشیخ فیها بأن الأرش مشروط بالیأس من الرد و ینافیه إطلاق الأخبار بأخذ الأرش.

تنبیه [هل تبعض الصفقة مانع من الرد]
اشارة

ظاهر التذکرة و الدروس أن من العیب المانع من الرد بالعیب القدیم تبعض الصفقة علی البائع. و توضیح الکلام فی فروع هذه المسألة أن التعدد المتصور فیه التبعض إما فی أحد العوضین و إما فی البائع و إما فی المشتری. فالأول کما إذا اشتری شیئا واحدا أو شیئین بثمن واحد من بائع واحد فظهر بعضه معیبا و کذا لو باع شیئا بثمن فظهر بعض الثمن معیبا. و الثانی کما إذا باع اثنان من واحد شیئا واحدا فظهر معیبا و أراد المشتری أن یرد علی أحدهما نصیبه دون الآخر. و الثالث کما إذا اشتری اثنان من واحد شیئا فظهر معیبا فاختار أحدهما الرد دون الآخر و ألحق بذلک الوارثان لمشتری واحد للمعیب و أما التعدد فی الثمن بأن یشتری شیئا واحدا بعضه بثمن و بعضه الآخر بثمن آخر فلا إشکال فی کون هذا عقدین و لا إشکال فی جواز التفریق بینهما

[التعدد فی العوض]

أما الأول فالمعروف أنه لا یجوز التبعیض فیه من حیث الرد بل الظاهر المصرح به فی کلمات بعض الإجماع علیه- لأن المردود إن کان جزء مشاعا من المبیع الواحد فهو ناقص من حیث حدوث الشرکة و إن کان معینا فهو ناقص من حیث حدوث التفریق فیه و کل منهما نقص یوجب الخیار لو حدث فی المبیع الصحیح فهو أولی بالمنع عن الرد من نسیان الدابة الطحن و هذا الضرر و إن أمکن جبره بخیار البائع نظیر ما إذا کان بعض الصفقة حیوانا فرده المشتری بخیار الثلاثة إلا أنه یوجب الضرر علی المشتری- إذ قد یتعلق غرضه بإمساک الجزء الصحیح و یدل علیه النص المانع عن الرد بخیاطة الثوب و الصبغ فإن المانع فیهما لیس إلا حصول الشرکة فی الثوب بنسبة الصبغ و الخیاطة لا مجرد تغیر الهیئة و لذا لو تغیر بما یوجب الزیادة کالسمن لم یمنع عن الرد قطعا. و قد یستدل بعد رد الاستدلال بتبعض الصفقة بما ذکرناه مع جوابه بظهور الأدلة فی تعلق حق الخیار بمجموع المبیع لا کل جزء منه لا أقل من الشک لعدم إطلاق موثوق به و الأصل اللزوم. و فیه مضافا إلی أن اللازم من ذلک- عدم جواز رد المعیب منفردا و إن رضی البائع لأن المنع حینئذ لعدم المقتضی للخیار فی الجزء لا لوجود المانع عنه و هو لزوم الضرر علی البائع حتی ینتفی برضا البائع أنه لا یشک أحد فی أن دلیل هذا الخیار- کغیره من أدلة جمیع الخیارات صریح فی ثبوت حق الخیار لمجموع المبیع لا کل جزء و لذا لم یجوز أحد تبعیض ذی الخیار أجزاء ماله فیه الخیار و لم یحتمل هنا أحد رد الصحیح دون المعیب و إنما وقع الإشکال فی أن محل الخیار هو هذا الشی ء المعیوب غایة الأمر أنه یجوز رد الجزء الصحیح معه لئلا تتبعض

المکاسب، ج 3، ص 259

الصفقة علیه و إما لقیام الإجماع علی جواز رده و إما لصدق المعیوب علی المجموع کما تقدم أو أن محل الخیار هو مجموع ما وقع علیه العقد لکونه معیوبا و لو من حیث بعضه. و بعبارة أخری الخیار المسبب عن وجود الشی ء المعیوب فی الصفقة نظیر الخیار المسبب عن وجود الحیوان فی الصفقة فی اختصاصه بالجزء المعنون بما هو سبب للخیار أم لا بل غایة الأمر ظهور النصوص الواردة فی الرد فی رد البیع الظاهر فی تمام ما وقع علیه العقد لکن موردها المبیع الواحد العرفی المتصف بالعیب نظیر أخبار خیار الحیوان و هذا المقدار لا یدل علی حکم ما لو انضم المعیب إلی غیره بل قد یدل کأخبار خیار الحیوان علی اختصاص الخیار بخصوص ما هو متصف بالعیب عرفا باعتبار نفسه أو جزئه الحقیقی کبعض الثوب لا جزئه الاعتباری کأحد الشیئین الذی هو محل الکلام. و منه یظهر عدم جواز التشبث فی المقام بقوله فی مرسلة جمیل إذا کان الشی ء قائما بعینه لأن المراد بالشی ء هو المعیب و لا شک فی قیامه هنا بعینه. و بالجملة فالعمدة فی المسألة مضافا إلی ظهور الإجماع ما تقدم من أن مرجع جواز الرد منفردا إلی إثبات سلطنة للمشتری علی الجزء الصحیح من حیث إمساکه ثم سلب سلطنته عنه بخیار البائع و منع سلطنته علی الرد أولا أولی و لا أقل من التساوی فیرجع إلی أصالة اللزوم و الفرق بینه و بین خیار الحیوان الإجماع کما أن للشفیع أن یأخذ بالشفعة فی بعض الصفقة. و بالجملة فالأصل کاف فی المسألة ثم إن مقتضی ما ذکروه من إلحاق تبعض الصفقة بالعیب الحادث أنه لو رضی البائع بتبعض الصفقة جاز الرد کما فی التذکرة معللا بأن الحق لا یعدوهما و هذا مما یدل علی أن محل الخیار هو الجزء المعیب إلا أنه منع من رده نقصه بالانفراد عن باقی المبیع إذ لو کان محله المجموع لم یجز رد المعیب وحده إلا بالتفاسخ و معه یجوز رد الصحیح منفردا أیضا.

و أما الثانی و هو تعدد المشتری

و أما الثانی و هو تعدد المشتری

بأن اشتریا شیئا واحدا فظهر فیه عیب فإن الأقوی فیه عدم جواز انفراد أحدهما علی المشهور کما عن جماعة و استدل علیه فی التذکرة و غیرها بأن التشقیص عیب مانع من الرد- خلافا للمحکی عن الشیخ فی باب الشرکة- و الإسکافی و القاضی و الحلی و صاحب البشری فجوزوا الافتراق. و فی التذکرة لیس عندی فیه بعد إذ البائع أخرج العبد إلیهما مشقصا فالشرکة حصلت بإیجابه و قواه فی الإیضاح لما تقدم من التذکرة و ظاهر هذا الوجه اختصاص جواز التفریق بصورة علم البائع بتعدد المشتری و استجوده فی التحریر- و قواه فی جامع المقاصد و صاحب المسالک. و قال فی المبسوط إذا اشتری الشریکان عبدا بمال الشرکة ثم أصابا به عیبا کان لهما أن یرداه و کان لهما أن یمسکاه فإن أراد أحدهما الرد و الآخر الإمساک کان لهما ذلک ثم قال و لو اشتری أحد الشریکین للشرکة ثم أصابا به عیبا کان لهما أن یردا و أن یمسکا فإن أراد أحدهما الرد و الآخر الإمساک نظر فإن أطلق العقد و لم یخبر البائع أنه قد اشتری للشرکة لم یکن له الرد لأن الظاهر أنه اشتراه لنفسه فإذا ادعی أنه اشتراه له و لشریکه فقد ادعی خلاف الظاهر فلم یقبل قوله و کان القول قول البائع مع یمینه إلی أن قال و إن أخبر البائع بذلک قیل فیه وجهان أحدهما و هو الصحیح أن له الرد لأن الملک بالعقد وقع لاثنین فقد علم البائع أنه یبیعه من اثنین و کان لأحدهما أن ینفرد بالرد دون الآخر و قیل فیه وجه آخر و هو أنه لیس له الرد لأن القبول فی العقد کان واحدا انتهی. و ظاهر هذه العبارة اختصاص النزاع بما إذا کان القبول فی العقد واحدا من اثنین أما إذا تحقق القبول من الشریکین فلا کلام فی جواز الافتراق ثم الظاهر منه مع اتحاد القبول التفصیل بین علم البائع و جهله لکن التأمل فی تمام کلامه قد یعطی التفصیل بین کون القبول فی الواقع لاثنین أو لواحد فإنه قدس سره علل عدم جواز الرد فی صورة عدم إخبار المشتری بالاشتراک بأن الظاهر أنه اشتراه لنفسه لا بعدم علم البائع بالتعدد و کذا حکمه قدس سره بتقدم قول البائع بیمینه المستلزم لقبول البینة من المشتری علی أن الشراء بالاشتراک دلیل علی أنه یجوز التفریق بمجرد ثبوت التعدد فی الواقع بالبینة و إن لم یعلم به البائع إلا أن یحمل الیمین علی یمین البائع علی نفی العلم و یراد من البینة البینة علی إعلام المشتری للبائع بالتعدد و کیف کان فمبنی المسألة علی ما یظهر من کلام الشیخ علی تعدد العقد بتعدد المشتری و وحدته و الأقوی فی المسألة عدم جواز الافتراق مطلقا لأن الثابت من الدلیل هنا خیار واحد متقوم باثنین فلیس لکل منهما الاستقلال و لا دلیل علی تعدد الخیار هنا إلا إطلاق الفتاوی و النصوص من أن من اشتری معیبا فهو بالخیار الشامل لمن اشتری جزء من المعیب لکن الظاهر بعد التأمل انصرافه إلی غیر المقام و لو سلمنا الظهور لکن لا ریب فی أن رد هذا المبیع منفردا عن المبیع الآخر نقص حدث فیه بل لیس قائما بعینه و لو بفعل الممسک لحصته و هو مانع من الرد و من ذلک یعلم قوة المنع و إن قلنا بتعدد العقد. و ما ذکروه تبعا للتذکرة من أن التشقیص حصل بإیجاب البائع فیه أنه أخرجه غیر مبعض و إنما تبعض بالإخراج و المقصود حصوله فی ید البائع کما کان قبل الخروج و خلاف ذلک ضرر علیه و علم البائع بذلک لیس فیه إقدام علی الضرر إلا علی تقدیر کون حکم المسألة جواز التبعیض و هو محل الکلام. و الحاصل أن الفرق بین هذه المسألة و المسألة الأولی غیر وجیه

و أما الثالث و هو تعدد البائع

فالظاهر عدم الخلاف فی جواز التفریق إذ لا ضرر علی البائع بالتفریق و لو اشتری اثنان من اثنین عبدا واحدا فقد اشتری کل من کل ربعا فإن أراد أحدهما رد ربع إلی أحد البائعین دخل فی المسألة الثالثة و لذا لا یجوز لأن المعیار تبعض الصفقة علی البائع الواحد.

مسألة یسقط الأرش دون الرد فی موضعین
أحدهما إذا اشتری ربویا بجنسه فظهر عیب فی أحدهما فلا أرش حذرا من الربا

و یحتمل جواز أخذ الأرش و نفی عنه البأس فی التذکرة بعد أن حکاه وجها ثالثا لبعض الشافعیة موجها له بأن المماثلة فی مال الربا إنما یشترط فی ابتداء العقد و قد حصلت و الأرش حق ثبت بعد ذلک لا یقدح فی العقد

المکاسب، ج 3، ص 260

السابق انتهی. ثم ذکر أن الأقرب أنه یجوز أخذ الأرش من جنس العوضین لأن الجنس لو امتنع أخذه لامتنع أخذ غیر الجنس لأنه یکون بیع مال الربا بجنسه مع شی ء آخر انتهی. و عن جامع الشرائع حکایة هذا الوجه عن بعض أصحابنا المتقدم علی العلامة و حاصل وجهه أن صفة الصحة لم تقابل بشی ء من الثمن حتی یکون المقابل للمعیب الفاقد للصحة أنقص منه قدرا بل لم تقابل بشی ء أصلا و لو من غیر الثمن و إلا لثبت فی ذمة البائع و إن لم یختر المشتری الأرش بل الصحة وصف التزمه البائع فی المبیع من دون مقابلته بشی ء من المال کسائر الصفات المشترطة فی المبیع إلا أن الشارع جوز للمشتری مع تبین فقده أخذ ما یخصه بنسبة المعاوضة من الثمن أو غیره و هذه غرامة شرعیة حکم بها الشارع عند اختیار المشتری لتغریم البائع هذا و لکن یمکن أن یدعی أن المستفاد من أدلة تحریم الربا و حرمة المعاوضة إلا مثلا بمثل بعد ملاحظة أن الصحیح و المعیب جنس واحد أن وصف الصحة فی أحد الجنسین کالمعدوم لا یترتب علی فقده استحقاق عوض و من المعلوم أن الأرش عوض وصف الصحة عرفا و شرعا فالعقد علی المتجانسین لا یجوز أن یصیر سببا لاستحقاق أحدهما علی الآخر زائدا علی ما یساوی الجنس الآخر. و بالجملة فبناء معاوضة المتجانسین علی عدم وقوع مال فی مقابل الصحة المفقودة فی أحدهما و المسألة فی غایة الإشکال و لا بد من مراجعة أدلة الربا و فهم حقیقة الأرش و سیجی ء بعض الکلام فیه إن شاء الله تعالی

الثانی ما لو لم یوجب العیب نقصا فی القیمة

فإنه لا یتصور هنا أرش حتی یحکم بثبوته و قد مثلوا لذلک بالخصاء فی العبید و قد یناقش فی ذلک بأن الخصاء موجب فی نفسه لنقص القیمة لفوات بعض المنافع عنه کالفحولة و إنما یرغب فی الخصی قلیل من الناس لبعض الأغراض الفاسدة أعنی عدم تستر النساء منه فیکون واسطة فی الخدمات بین المرء و زوجته و هذا المقدار لا یوجب زیادة فی أصل المالیة فهو کعنب معیوب یرغب فیه لجودة خمره لکن الإنصاف أن الراغب فیه لهذا الغرض حیث یکون کثیرا لا نادرا بحیث لا یقدح فی قیمته المتعارفة لو لا هذا الغرض صح أن یجعل الثمن المبذول من الراغبین مقدارا لمالیة الخصی فکان هذا الغرض صار غرضا مقصودا متعارفا و صحة الغرض و فساده شرعا لا دخل لها فی المالیة العرفیة کما لا یخفی. و بالجملة فالعبرة فی مقدار المالیة برغبة الناس فی بذل ذلک المقدار من المال بإزائه سواء کان من جهة أغراض أنفسهم أم من جهة بیعه علی من له غرض فیه مع کثرة ذلک المشتری و عدم ندرته بحیث یلحق بالاتفاقیات.

مسألة یسقط الرد و الأرش معا بأمور.
أحدها العلم بالعیب قبل العقد

بلا خلاف و لا إشکال لأن الخیار إنما ثبت مع الجهل و قد یستدل بمفهوم صحیحة زرارة المتقدمة و فیه نظر و حیث لا یکون العیب المعلوم سببا لخیار فلو اشترط العالم ثبوت خیار العیب مریدا به الخیار الخاص الذی له أحکام خاصة فسد الشرط و أفسد لکونه مخالفا للشرع و لو أراد به مجرد الخیار کان من خیار الشرط و لحقه أحکامه لا أحکام خیار العیب.

الثانی تبری البائع عن العیوب
اشارة

إجماعا فی الجملة علی الظاهر المصرح به فی محکی الخلاف و الغنیة و نسبه فی التذکرة إلی علمائنا أجمع و الأصل فی الحکم قبل الإجماع- مضافا إلی ما فی التذکرة من أن الخیار إنما یثبت لاقتضاء مطلق العقد السلامة فإذا صرح البائع بالبراءة فقد ارتفع إطلاق صحیحة زرارة المتقدمة- و مکاتبة جعفر بن عیسی الآتیة- و مقتضی إطلاقهما کمعقد الإجماع المحکی عدم الفرق بین التبری تفصیلا و إجمالا- و لا بین العیوب الظاهرة و الباطنة لاشتراک الکل فی عدم المقتضی للخیار مع البراءة خلافا للمحکی فی السرائر عن بعض أصحابنا من عدم کفایة التبری إجمالا. و عن المختلف نسبه إلی الإسکافی و قد ینسب إلی صریح آخر کلام القاضی المحکی فی المختلف مع أن المحکی عن کامل القاضی موافقة المشهور. و فی الدروس نسب المشهور إلی أشهر القولین ثم إن ظاهر الأدلة هو التبری من العیوب الموجودة حال العقد و أما التبری من العیوب المتجددة الموجبة للخیار فیدل علی صحته و سقوط الخیار به عموم المؤمنون عند شروطهم. قال فی التذکرة بعد الاستدلال بعموم المؤمنون لا یقال إن التبری مما لم یوجد یستدعی البراءة مما لم یجب لأنا نقول إن التبری إنما هو من الخیار الثابت بمقتضی العقد لا من العیب انتهی. أقول المفروض أن الخیار لا یحدث إلا بسبب حدوث العیب و العقد لیس سببا لهذا الخیار فإسناد البراءة إلی الخیار لا ینفع. و قد اعترف قدس سره فی بعض کلماته بعدم جواز إسقاط خیار الرؤیة بعد العقد و قبل الرؤیة. نعم ذکر فی التذکرة جواز اشتراط نفی خیار الرؤیة فی العقد لکنه مخالف لسائر کلماته و کلمات غیره کالشهید و المحقق الثانی. و بالجملة فلا فرق بین البراءة من خیار العیوب و البراءة من خیار الرؤیة بل الغرر فی الأول أعظم إلا أنه لما قام النص و الإجماع علی صحة التبری من العیوب الموجودة فلا مناص عن التزام صحته مع إمکان الفرق بین العیوب و الصفات المشترطة فی العین الغائبة باندفاع الغرر فی الأول بالاعتماد علی أصالة السلامة فلا یقدح عدم التزام البائع بعدمها بخلاف الثانی فإن الغرر لا یندفع فیه إلا بالتزام البائع بوجودها فإذا لم یلتزم بها لزم الغرر. و أما البراءة عن العیوب المتجددة فلا یلزم من اشتراطها غرر فی البیع حتی یحتاج إلی دفع الغرر بأصالة عدمها لأنها غیر موجودة بالفعل فی المبیع حتی یوجب جهالة

ثم إن البراءة فی هذا المقام یحتمل إضافتها إلی أمور
الأول عهدة العیوب

و معناه تعهد سلامته من العیوب فیکون مرجعه إلی عدم التزام سلامته فلا یترتب علی ظهور العیب رد و لا أرش فکأنه باعه علی کل تقدیر.

الثانی ضمان العیب

و هذا أنسب بمعنی البراءة و مقتضاه عدم ضمانه بمال فتصیر الصحة کسائر الأوصاف المشترطة فی عقد البیع لا یوجب إلا تخییرا بین الرد و الإمضاء مجانا و مرجع ذلک إلی إسقاط أرش العیوب فی عقد البیع لا خیارها.

الثالث حکم العیب

و معناه البراءة من الخیار الثابت بمقتضی العقد بسبب العیب

و الأظهر فی العرف هو المعنی الأول و الأنسب بمعنی البراءة هو الثانی و قد تقدم عن التذکرة المعنی الثالث و هو بعید عن اللفظ إلا أن یرجع إلی المعنی الأول و الأمر سهل

ثم إن تبرأ البائع عن المعیوب مطلقا أو عن عیب خاص إنما یسقط تأثیره من حیث الخیار

أما سائر أحکامه فلا فلو تلف بهذا العیب فی أیام خیار المشتری لم یزل

المکاسب، ج 3، ص 261

ضمان البائع لعموم النص لکن فی الدروس أنه لو تبرأ من عیب فتلف به فی زمن خیار المشتری فالأقرب عدم ضمان البائع- و کذا لو علم المشتری به قبل العقد أو رضی به بعده و تلف فی زمان خیار المشتری و یحتمل الضمان لبقاء علاقة الخیار المقتضی لضمان العین معه و أقوی إشکالا ما لو تلف به و بعیب آخر تجدد فی الخیار انتهی کلامه رفع مقامه

ثم إن هنا أمورا یظهر من بعض الأصحاب سقوط الرد و الأرش بها
منها زوال العیب قبل العلم به

کما صرح به فی غیر موضع من التذکرة. و مال إلیه فی جامع المقاصد و اختاره فی المسالک بل و کذا لو زال بعد العلم به قبل الرد و هو ظاهر التذکرة حیث قال فی أواخر فصل العیوب لو کان المبیع معیبا عند البائع ثم اقبضه و قد زال عیبه فلا رد لعدم موجبه و سبق العیب لا یوجب خیارا کما لو سبق علی العقد ثم زال قبله بل مهما زال العیب قبل العلم أو بعده قبل الرد سقط حق الرد انتهی. و هو صریح فی سقوط الرد و ظاهر فی سقوط الأرش- کما لا یخفی علی المتأمل خصوصا مع تفریعه فی موضع آخر قبل ذلک عدم الرد و الأرش معا علی زوال العیب حیث قال لو اشتری عبدا أو حدث فی ید المشتری نکتة بیاض فی عینه و وجد نکتة قدیمة ثم زالت إحداهما فقال البائع الزائلة هی القدیمة فلا رد و لا أرش و قال المشتری بل الحادثة و لی الرد قال الشافعی یتحالفان إلی آخر ما حکاه عن الشافعی و کیف کان ففی سقوط الرد بزوال العیب وجه لأن ظاهر أدلة الرد خصوصا بملاحظة أن الصبر علی العیب ضرر هو رد المعیوب و هو المتلبس بالعیب لا ما کان معیوبا فی زمان فلا یتوهم هنا استصحاب الخیار. و أما الأرش فلما ثبت استحقاق المطالبة به لفوات وصف الصحة عند العقد فقد استقر بالعقد خصوصا بعد العلم بالعیب و الصحة إنما حدثت فی ملک المشتری فبراءة ذمة البائع عن عهدة العیب المضمون علیه یحتاج إلی دلیل فالقول بثبوت الأرش و سقوط الرد قوی لو لم یکن تفصیلا مخالفا للإجماع و لم أجد من تعرض لهذا الفرع قبل العلامة أو بعده. نعم هذا داخل فی فروع القاعدة التی اخترعها الشافعی و هو أن الزائل العائد کالذی لم یزل أو کالذی لم یعد لکن عرفت مرارا أن المرجع فی ذلک هی الأدلة و لا منشأ لهذه القاعدة.

و منها التصرف بعد العلم بالعیب

فإنه مسقط للأمرین عند ابن حمزة فی الوسیلة و لعله لکونه علامة للرضا بالمبیع بوصف العیب و النص المثبت للأرش بعد التصرف ظاهر فیما قبل العلم و رد بأنه دلیل الرضا بالمبیع لا بالعیب- و الأولی أن یقال إن الرضا بالعیب لا یوجب إسقاط الأرش و إنما المسقط له إبراء البائع عن عهدة العیب و حیث لم یدل التصرف علیه فالأصل بقاء حق الأرش الثابت قبل التصرف مع أن اختصاص النص بصورة التصرف قبل العلم ممنوع فلیراجع.

و منها التصرف فی المعیب الذی لم ینقص قیمته بالعیب

کالبغل الخصی بل العبد الخصی علی ما عرفت فإن الأرش منتف لعدم تفاوت القیمة- و الرد لأجل التصرف. و قد یستشکل فیه من حیث لزوم الضرر علی المشتری بصبره علی المعیب و فیه أن العیب فی مثله لا یعد ضررا مالیا بالفرض فلا بأس بأن یکون الخیار فیه کالثابت بالتدلیس فی سقوطه بالتصرف مع عدم أرش فیه و حله أن الضرر إما أن یکون من حیث القصد إلی ما هو أزید مالیة من الموجود و إما أن یکون من حیث القصد إلی خصوصیة مفقودة فی العین مع قطع النظر عن قیمته و الأول مفروض الانتفاء و الثانی قد رضی به و أقدم علیه المشتری بتصرفه فیه بناء علی أن التصرف دلیل الرضا بالعین الخارجیة کما لو رضی بالعبد المشروط کتابته مع تبین عدمها فیه إلا أن یقال إن المقدار الثابت من سقوط الرد بالتصرف هو مورد ثبوت الأرش و إلا فمقتضی القاعدة عدم سقوط الرد بالتصرف کما فی غیر العیب و التدلیس من أسباب الخیار خصوصا بعد تنزیل الصحة فیما نحن فیه منزلة الأوصاف المشترطة التی لا یوجب فواتها أرشا فإن خیار التخلف فیها لا یسقط بالتصرف کما صرح به نعم لو اقتصر فی التصرف المسقط علی ما یدل علی الرضا کان مقتضی عموم ما تقدمه سقوط الرد بالتصرف مطلقا.

و منها حدوث العیب فی المعیب المذکور

و الاستشکال هنا بلزوم الضرر فی محله فیحتمل ثبوت الرد مع قیمة النقص الحادث لو کان موجبا له لأن الصحة فی هذا المبیع کسائر الأوصاف المشترطة فی المبیع التی لا یوجب فواتها أرشا و النص الدال علی اشتراط الرد بقیام العین و هی المرسلة المتقدمة مختص بمورد إمکان تدارک ضرر الصبر علی المعیب بالأرش و الإجماع فیما نحن فیه غیر متحقق مع ما عرفت من مخالفة المفید فی أصل المسألة هذا کله مضافا إلی أصالة جواز الرد الثابت قبل حدوث العیب و هی المرجع بعد معارضة الضرر المذکور و یتضرر البائع بالفسخ و نقل المعیب إلی ملکه بعد خروجه عن ملکه سلیما عن هذا العیب و کیف کان فلو ثبت الإجماع أو استفیض بنقله علی سقوطه الرد بحدوث العیب و التغییر علی وجه یشمل المقام و إلا فسقوط الرد هنا محل نظر بل منع.

و منها ثبوت أحد مانعی الرد فی المعیب

الذی لا یجوز أخذ الأرش فیه لأجل الربا. أما المانع الأول فالظاهر أن حکمه کما تقدم فی المعیب الذی لا ینقص مالیته فإن المشتری لما أقدم علی معاوضة أحد الربویین بالآخر أقدم علی عدم مطالبة مال زائد علی ما یأخذه بدلا عن ماله و إن کان المأخوذ معیبا فیبقی وصف الصحة کسائر الأوصاف التی لا یوجب اشتراطها إلا جواز الرد بلا أرش فإذا تصرف فیه خصوصا بعد العلم تصرفا دالا علی الرضا بفاقد الوصف المشترط لزم العقد کما فی خیار التدلیس بعد التصرف نعم التصرف قبل العلم لا یسقط خیار الشرط کما تقدم. و أما المانع الثانی فظاهر جماعة کونه مانعا فیما نحن فیه من الرد أیضا و هو مبنی علی عموم منع العیب الحادث من الرد حتی فی صورة عدم جواز أخذ الأرش. و قد عرفت النظر فیه و ذکر فی التذکرة وجها آخر لامتناع الرد و هو أنه لو رد فإما أن یکون مع أرش العیب الحادث و إما أن یرد بدونه فإن رده بدونه کان ضررا علی البائع و إن رد مع الأرش لزم الربا قال لأن المردود حینئذ یزید علی وزن عوضه و الظاهر أن مراده من ذلک أن رد المعیب لما کان بفسخ المعاوضة و مقتضی المعاوضة بین الصحیح و المعیب من جنس واحد أن لا یضمن وصف الصحة بشی ء إذ لو جاز ضمانه لجاز أخذ المشتری الأرش فیما نحن فیه فیکون وصف الصحة فی کل من العوضین نظیر سائر الأوصاف الغیر المضمونة بالمال فإذا حصل

المکاسب، ج 3، ص 262

الفسخ وجب تراد العوضین من غیر زیادة و لا نقیصة و لذا یبطل التقایل مع اشتراط الزیادة أو النقیصة فی أحد العوضین فإذا استرد المشتری الثمن لم یکن علیه إلا رد ما قابله لا غیر فإن رد إلی البائع قیمة العیب الحادث عنده کما هو الحکم فی غیر الربویین إذا حصل العیب عنده لم یکن ذلک إلا باعتبار کون ذلک العیب مضمونا علیه بجزء من الثمن فیلزم وقوع الثمن بإزاء مجموع المثمن و وصف صحته- فینقص الثمن عن نفس المعیب فیلزم الربا فمراد العلامة رحمه الله بلزوم الربا إما لزوم الربا فی أصل المعاوضة إذ لو لا ملاحظة جزء من الثمن فی مقابلة صفة الصحة لم یکن وجه لغرامة بدل الصفة و قیمتها عند استرداد الثمن و إما لزوم الربا فی الفسخ حیث قوبل فیه الثمن بمقداره من المثمن و زیادة و الأول أولی و مما ذکرنا ظهر ما فی تصحیح هذا بأن قیمة العیب الحادث غرامة لما فات فی یده مضمونا علیه نظیر المقبوض بالسوم إذا حدث فیه العیب فلا ینضم إلی المثمن حتی یصیر أزید من الثمن. إذ فیه وضوح الفرق فإن المقبوض بالسوم إنما یتلف فی ملک مالکه فیضمنه القابض و العیب الحادث فی المبیع لا یتصور ضمان المشتری له إلا بعد تقدیر رجوع العین فی ملک البائع و تلف وصف الصحة منه فی ید المشتری فإذا فرض أن صفة الصحة لا یقابل بجزء من المال فی عقد المعاوضة الربویة فیکون تلفها فی ید المشتری کنسیان العبد الکتابة لا یستحق البائع عند الفسخ قیمتها. و الحاصل أن البائع لا یستحق من المشتری إلا ما وقع مقابلا بالثمن و هو نفس المثمن من دون اعتبار صحته جزء فکأنه باع عبدا کاتبا فقبضه المشتری ثم فسخ أو تفاسخا بعد نسیان العبد الکتابة نعم هذا یصح فی غیر الربویین لأن وصف الصحة فیه یقابل بجزء من الثمن فیرد المشتری قیمة العیب الحادث عنده لیأخذ الثمن المقابل لنفس المبیع مع الصحة ثم إن صریح جماعة من الأصحاب عدم الحکم علی المشتری بالصبر علی المعیب مجانا فیما نحن فیه فذکروا فی تدارک ضرر المشتری وجهین اقتصر فی المبسوط علی حکایتهما. أحدهما جواز رد المشتری للمعیب مع غرامة قیمة العیب الحادث لما تقدم إلیه الإشارة من أن أرش العیب الحادث فی ید المشتری نظیر أرش العیب الحادث فی المقبوض بالسوم فی کونها غرامة تالف مضمون علی المشتری لا دخل له فی العوضین حتی یلزم الربا الثانی أن یفسخ البیع لتعذر إمضائه و إلزام المشتری ببدله من غیر الجنس- معیبا بالعیب القدیم و سلیما عن الجدید و یجعل بمثابة التالف لامتناع رده بلا أرش و مع الأرش و اختار فی الدروس تبعا للتحریر الوجه الأول مشیرا إلی تضعیف الثانی بقوله لأن تقدیر الموجود معدوما خلاف الأصل و تبعه المحقق الثانی معللا بأن الربا ممنوعة فی المعاوضات لا فی الضمانات و أنه کأرش عیب العین المقبوضة بالسوم إذا حدث فی ید المستام و إن کانت ربویة فکما لا یعد هنا ربا فکذا لا یعد فی صورة النزاع. أقول قد عرفت الفرق بین ما نحن فیه و بین أرش عیب المقبوض بالسوم فإنه یحدث فی ملک مالکه بید قابضه و العیب فیما نحن فیه یحدث فی ملک المشتری و لا یقدر فی ملک البائع إلا بعد فرض رجوع مقابله من الثمن إلی المشتری و المفروض عدم المقابلة بین شی ء منه و بین صحة البیع.

و منها تأخیر الأخذ بمقتضی الخیار

فإن ظاهر الغنیة إسقاطه للرد و الأرش کلیهما حیث جعل المسقطات خمسة التبری و الرضا بالعیب و تأخیر الرد مع العلم لأنه علی الفور بلا خلاف و لم یذکر فی هذه الثلاثة ثبوت الأرش ثم ذکر حدوث العیب و قال لیس له هاهنا إلا الأرش ثم ذکر التصرف و حکم فیه بالأرش فإن فی إلحاق الثالث بالأولین فی ترک ذکر الأرش فیه ثم ذکره فی الأخیرین و قوله لیس له هاهنا ظهورا فی عدم ثبوت الأرش بالتأخیر و هذا أحد القولین منسوب خبر بعد خبر إلی الشافعی و لعله لأن التأخیر دلیل الرضا و یرده بعد تسلیم الدلالة أن الرضا بمجرده لا یوجب سقوط الأرش کما عرفت فی التصرف نعم سقوط الرد وحده له وجه کما هو صریح المبسوط و الوسیلة علی ما تقدم من عبارتهما فی التصرف المسقط و یحتمله أیضا عبارة الغنیة المتقدمة- بناء علی ما تقدم فی سائر الخیارات- من لزوم الاقتصار فی الخروج عن أصالة اللزوم علی المتیقن السالمة عما یدل علی التراخی عدا ما فی الکفایة من إطلاق الأخبار و خصوص بعضها و فیه أن الإطلاق فی مقام بیان أصل الخیار و أما الخبر الخاص فلم أقف علیه و حینئذ فالقول بالفور وفاقا لمن تقدم للأصل لا یخلو عن قوة مع ما تقدم من نفی الخلاف فی الغنیة فی کونه علی الفور و لا یعارضه ما فی المسالک و الحدائق من أنه لا نعرف فیه خلافا لأنا عرفناه و لذا جعله فی التذکرة أقرب و کذا ما فی الکفایة من عدم الخلاف لوجود الخلاف نعم فی الریاض أنه ظاهر أصحابنا المتأخرین کافة و التحقیق رجوع المسألة إلی اعتبار الاستصحاب فی مثل هذا المقام و عدمه. و لذا لم یتمسک فی التذکرة للتراخی إلا به و إلا فلا یحصل من فتوی الأصحاب إلا الشهرة بین المتأخرین المستندة إلی الاستصحاب و لا اعتبار بمثلها. و إن قلنا بحجیة الشهرة أو حکایة نفی الخلاف من باب مطلق الظن لعدم الظن کما لا یخفی و الله العالم.

مسألة [هل یجب الإعلام بالعیب]

مسألة [هل یجب الإعلام بالعیب]

قال فی المبسوط من باع شیئا فیه عیب لم یبینه فعل محظورا و کان المشتری بالخیار انتهی. و مثله ما عن الخلاف و فی موضع آخر من المبسوط وجب علیه أن یبینه و لا یکتمه أو یتبرأ إلیه من العیوب و الأول أحوط و نحوه عن فقه الراوندی و مثلهما فی التحریر و زاد الاستدلال علیه بقوله لئلا یکون غاشا- و ظاهر ذلک کله عدم الفرق بین العیب الجلی و الخفی و صریح التذکرة و السرائر کظاهر الشرائع الاستحباب مطلقا. و ظاهر جماعة التفصیل بین العیب الخفی و الجلی فیجب فی الأول مطلقا کما هو ظاهر جماعة أو مع عدم التبری کما فی الدروس فالمحصل من ظاهر کلماتهم خمسة أقوال و الظاهر ابتناء الکل علی دعوی صدق الغش و عدمه و الذی یظهر من ملاحظة العرف و اللغة فی معنی الغش أن کتمان العیب الخفی و هو الذی لا یظهر بمجرد الاختبار المتعارف قبل البیع غش فإن الغش کما یظهر من اللغة خلاف النصح أما العیب الظاهر فالظاهر أن ترک إظهاره لیس غشا نعم لو أظهر سلامته عنه علی وجه یعتمد علیه کما إذا فتح قرآنا بین یدی العبد الأعمی مظهرا أنه بصیر یقرأ فاعتمد المشتری علی ذلک و أهمل اختباره کان غشا. قال فی التذکرة فی رد استدلال الشافعی علی وجوب إظهار العیب مطلقا بالغش إن الغش ممنوع بل یثبت فی کتمان العیب بعد سؤال المشتری و تبینه و التقصیر فی

المکاسب، ج 3، ص 263

ذلک من المشتری انتهی. و یمکن أن یحمل بقرینة ذکر التقصیر علی العیب الظاهر کما أنه یمکن حمل عبارة التحریر المتقدمة المشتملة علی لفظ الکتمان و علی الاستدلال بالغش علی العیب الخفی بل هذا الجمع ممکن فی کلمات الأصحاب مطلقا و من أقوی الشواهد علی ذلک أنه حکی عن موضع من السرائر أن کتمان العیوب مع العلم بها حرام و محظور بغیر خلاف مع ما تقدم من نسبة الاستحباب إلیه فلاحظ ثم التبری من العیوب هل یسقط وجوب الإعلام فی مورده کما عن المشهور أم لا فیه إشکال نشأ من دعوی صدق الغش. و من أن لزوم الغش من جهة ظهور إطلاق العقد فی التزام البائع بالصحة فإذا تبرأ من العیوب ارتفع الظهور أو من جهة إدخال البائع للمشتری فیما یکرهه عامدا و التبری لا یرفع اعتماد المشتری علی أصالة الصحة فالتعزیر إنما هو لترک ما یصرفه عن الاعتماد علی الأصل و الأحوط الإعلام مطلقا کما تقدم من المبسوط ثم إن المذکور فی جامع المقاصد و المسالک و عن غیرهما أنه ینبغی بطلان البیع فی مثل شوب اللبن بالماء لأن ما کان من غیر الجنس لا یصح العقد فیه و الآخر مجهول إلا أن یقال إن جهالة الجزء غیر مانعة إن کانت الجملة معلومة کما لو ضم ماله و مال غیره و باعهما ثم ظهر البعض مستحقا فإن البیع لا یبطل فی ملکه و إن کان مجهولا قدره وقت العقد انتهی. أقول الکلام فی مزج اللبن بمقدار من الماء یستهلک فی اللبن و لا یخرجه عن حقیقته کالملح الزائد فی الخبز فلا وجه للإشکال المذکور نعم لو فرض المزج علی وجه یوجب تعیب الشی ء من دون أن یستهلک فیه بحیث یخرج عن حقیقته إلی حقیقة ذلک الشی ء توجه ما ذکروه فی بعض الموارد

مسائل فی اختلاف المتبایعین
اشارة

مسائل فی اختلاف المتبایعین

و هو تارة فی موجب الخیار- و أخری فی مسقطة و ثالثة فی الفسخ.

أما الأول [الاختلاف فی موجب الخیار]
اشارة

ففیه مسائل

الأولی لو اختلفا فی تعیب المبیع و عدمه مع تعذر ملاحظته لتلف أو نحوه

فالقول قول المنکر بیمینه.

الثانیة لو اختلفا فی کون الشی ء عیبا و تعذر تبین الحال لفقد أهل الخبرة

کان الحکم کسابقه نعم لو علم کونه نقصا کان للمشتری الخیار فی الرد دون الأرش لأصالة البراءة.

الثالثة لو اختلفا فی حدوث العیب فی ضمان البائع أو تأخره عن ذلک
اشارة

بأن حدث بعد القبض و انقضاء الخیار کان القول قول منکر تقدمه للأصل حتی لو علم تاریخ الحدوث و جهل تاریخ العقد لأن أصالة عدم العقد حین حدوث العیب لا یثبت وقوع العقد علی المعیب. و عن المختلف أنه حکی عن ابن الجنید أنه إن ادعی البائع أن العیب حدث عند المشتری حلف المشتری إن کان منکرا انتهی. و لعله لأصالة عدم تسلیم البائع العین إلی المشتری علی الوجه المقصود و عدم استحقاقه الثمن کلا و عدم لزوم العقد نظیر ما إذا ادعی البائع تغیر العین عند المشتری و أنکر المشتری. و قد تقدم فی محله هذا إذا لم تشهد القرینة القطعیة مما لا یمکن عادة حصوله بعد وقت ضمان المشتری أو تقدمه علیه و إلا عمل علیها من غیر یمین. قال فی التذکرة و لو أقام أحدهما بینة عمل بها ثم قال و لو أقاما بینة عمل ببینة المشتری لأن القول قول البائع لأنه ینکر فالبینة علی المشتری و هذا منه مبنی علی سقوط الیمین عن المنکر بإقامة البینة و فیه کلام فی محله و إن کان لا یخلو عن قوة و إذا حلف البائع فلا بد من حلفه علی عدم تقدم العیب- أو نفی استحقاق الرد أو الأرش إن کان قد اختبر المبیع و اطلع علی خفایا أمره کما یشهد بالإعسار و العدالة و غیرهما مما یکتفی فیه بالاختبار الظاهر. و لو لم یختبر ففی جواز الاستناد فی ذلک إلی أصالة عدمه إذا شک فی ذلک وجه احتمله فی جامع المقاصد و حکی عن جماعة کما یحلف علی طهارة المبیع استنادا إلی الأصل و یمکن الفرق بین الطهارة و بین ما نحن فیه بأن المراد بالطهارة فی استعمال المتشرعة ما یعم غیر معلوم النجاسة لا الطاهر الواقعی کما أن المراد بالملکیة و الزوجیة ما استند إلی سبب شرعی ظاهری کما تدل علیه روایة جعفر الواردة فی جواز الحلف علی ملکیة ما أخذ من ید المسلمین. و فی التذکرة بعد ما حکی عن بعض الشافعیة جواز الاعتماد علی أصالة السلامة فی هذه الصورة قال و عندی فیه نظر أقربه الاکتفاء بالحلف علی نفی العلم و استحسنه فی المسالک قال لاعتضاده بأصالة عدم التقدم فیحتاج المشتری إلی إثباته و قد سبقه إلی ذلک فی المیسیة و تبعه فی الریاض. أقول إن کان مراده الاکتفاء بالحلف علی نفی العلم فی إسقاط أصل الدعوی بحیث لا یسمع البینة بعد ذلک ففیه إشکال- نعم لو أرید سقوط الدعوی إلی أن تقوم البینة فله وجه و إن استقرب فی مفتاح الکرامة أن لا یکتفی بذلک منه فیرد الحاکم الیمین علی المشتری فیحلف و هذا أوفق بالقواعد. ثم الظاهر من عبارة التذکرة اختصاص یمین نفی العلم علی القول به بما إذا لم یختبر البائع المبیع بل عن الریاض لزوم الحلف مع الاختبار علی البت قولا واحدا. لکن الظاهر أن المفروض فی التذکرة صورة الحاجة إلی یمین نفی العلم إذ مع الاختبار بتمکن من الحلف علی البت فلا حاجة إلی عنوان مسألة الیمین علی نفی العلم لا أن الیمین علی نفی العلم لا یکفی من البائع مع الاختبار فافهم.

فرع لو باع الوکیل فوجد به المشتری عیبا یوجب الرد

رده علی الموکل لأنه المالک و الوکیل نائب عنه بطلت وکالته بفعل ما أمر به فلا عهدة علیه و لو اختلف الموکل و المشتری فی قدم العیب و حدوثه فیحلف الموکل علی عدم التقدم کما مر و لا یقبل إقرار الوکیل بقدمه لأنه أجنبی و إذا کان المشتری جاهلا بالوکالة و لم یتمکن الوکیل عن إقامة البینة فادعی علی الوکیل بقدم العیب فإن اعترف الوکیل بالتقدم لم یملک الوکیل رده علی الموکل لأن إقرار الوکیل بالسبق دعوی بالنسبة إلی الموکل لا یقبل إلا بالبینة فله إحلاف الموکل علی عدم السبق لأنه لو اعترف نفع الوکیل بدفع الظلامة عنه فله علیه مع إنکاره الیمین و لو رد الیمین علی الوکیل فحلف علی السبق ألزم الموکل و لو أنکر الوکیل التقدم حلف لیدفع عن نفسه الحق اللازم علیه لو اعترف و لم یتمکن من الرد علی الموکل لأنه لو أقر رد علیه و هل للمشتری تحلیف الموکل لأنه مقر بالتوکیل الظاهر لا لأن دعواه علی الوکیل یستلزم إنکار وکالته و علی الموکل یستلزم الاعتراف به- و احتمل فی جامع المقاصد ثبوت ذلک له مؤاخذة له بإقراره ثم إذا لم یحلف الوکیل و نکل فحلف المشتری الیمین المردودة و رد العین علی الوکیل فهل للوکیل ردها علی الموکل أم لا وجهان بناهما فی القواعد علی کون الیمین المردودة کالبینة فینفذ فی حق الموکل أو کإقرار المنکر فلا ینفذ و تنظر فیه فی جامع المقاصد بأن کونها کالبینة لا یوجب نفوذها للوکیل علی الموکل لأن الوکیل معترف بعدم سبق العیب فلا تنفعه البینة القائمة علی السبق الکاذبة باعترافه قال

المکاسب، ج 3، ص 264

اللهم إلا أن یکون إنکاره لسبق العیب استنادا إلی الأصل بحیث لا یتنافی ثبوته و لا دعوی ثبوته کأن یقول لا حق لک علی فی هذه الدعوی إذ لیس فی المبیع عیب ثبت لک به الرد علی فإنه لا تمنع حینئذ تخریج المسألة علی القولین المذکورین انتهی. و فی مفتاح الکرامة أن اعتراضه مبنی علی کون الیمین المردودة کبینة الراد و المعروف بینهم أنه کبینة المدعی أقول کونه کبینة لا ینافی عدم نفوذها للوکیل المکذب لها علی الموکل و تمام الکلام فی محله.

الرابعة لو رد سلعة بالعیب فأنکر البائع أنها سلعته

قدم قول البائع کذا فی التذکرة و الدروس و جامع المقاصد لأصالة عدم حق له علیه و أصالة عدم کونها سلعته و هذا بخلاف ما لو ردها بخیار فأنکر کونها له فاحتمل هنا فی التذکرة و القواعد تقدیم قول المشتری و نسبه فی التحریر إلی القیل لاتفاقهما علی استحقاق الفسخ بعد أن احتمل مساواتها للمسألة الأولی أقول النزاع فی کون السلعة سلعة البائع یجتمع مع الخلاف فی الخیار و مع الاتفاق علیه کما لا یخفی لکن ظاهر المسألة الأولی کون الاختلاف فی ثبوت خیار العیب ناشئا عن کون السلعة هذه السلعة المعیوبة أو غیرها و الحکم تقدیم قول البائع مع یمینه. و أما إذا اتفقا علی الخیار و اختلفا فی السلعة فلذی الخیار حینئذ الفسخ من دون توقف علی کون هذه السلعة هی المبیعة أو غیرها فإذا فسخ و أراد رد السلعة فأنکرها البائع فلا وجه لتقدیم قول المشتری مع أصالة عدم کون السلعة هی التی وقع العقد علیها. نعم استدل علیه فی الإیضاح بعد ما قواه بأن الاتفاق منهما علی عدم لزوم البیع و استحقاق الفسخ و الاختلاف فی موضعین أحدهما خیانة المشتری فیدعیها البائع بتغیر السلعة و المشتری ینکرها و الأصل عدمها. الثانی سقوط حق الخیار الثابت للمشتری فالبائع یدعیه و المشتری ینکره و الأصل بقاؤه و تبعه فی الدروس حیث قال لو أنکر البائع کون المبیع مبیعه حلف و لو صدقه علی کون المبیع معیوبا و أنکر تعیین المشتری حلف المشتری انتهی. أقول أما دعوی الخیانة فلو احتاجت إلی الإثبات و لو کان معها أصالة عدم کون المال الخاص هو المبیع لوجب القول بتقدیم قول المشتری فی المسألة الأولی و إن کانت هناک أصول متعددة علی ما ذکرها فی الإیضاح و هی أصالة عدم الخیار و عدم حدوث العیب و صحة القبض بمعنی خروج البائع من ضمانه لأن أصالة عدم الخیانة مستندها ظهور حال المسلم و هو وارد علی جمیع الأصول العملیة نظیر أصالة الصحة و أما ما ذکره من أصالة صحة القبض فلم نتحقق معناها و إن فسرناها من قبله بما ذکرنا لکن أصالة الصحة لا تنفع لإثبات لزوم القبض و أما دعوی سقوط حق الخیار فهی إنما تجدی إذا کان الخیار المتفق علیه لأجل العیب کما فرضه فی الدروس و إلا فأکثر الخیارات مما أجمع علی بقائه مع التلف علی أن أصالة عدم سقوط الخیار لا تثبت إلا ثبوته لا وجوب قبول هذه السلعة إلا من جهة التلازم الواقع بینهما و لعل نظر الدروس إلی ذلک لکن للنظر فی إثبات أحد المتلازمین بالأصل الجاری فی الآخر مجال کما نبهنا علیه مرارا.

و أما الثانی و هو الاختلاف فی المسقط
اشارة

ففیه أیضا مسائل-

الأولی لو اختلفا فی علم المشتری بالعیب و عدمه

قدم منکر العلم فیثبت الخیار.

الثانیة لو اختلفا فی زواله قبل علم المشتری أو بعده

علی القول بأن زواله بعد العلم لا یسقط الأرش بل و لا الرد ففی تقدیم مدعی البقاء فیثبت الخیار لأصالة بقائه و عدم زواله المسقط للخیار أو تقدیم مدعی عدم ثبوت الخیار لأن سببه أو شرطه العلم به حال وجوده و هو غیر ثابت فالأصل لزوم العقد و عدم الخیار وجهان أقواهما الأول و العبارة المتقدمة من التذکرة فی سقوط الرد بزوال العیب قبل العلم أو بعده قبل الرد تومئ إلی الثانی فراجع. و لو اختلفا بعد حدوث عیب جدید و زوال أحد العیبین فی کون الزائل هو القدیم حتی لا یکون خیار أو الحادث حتی یثبت الخیار فمقتضی القاعدة بقاء القدیم الموجب للخیار و لا یعارضه أصالة بقاء الجدید لأن بقاء الجدید لا یوجب بنفسه سقوط الخیار إلا من حیث استلزامه لزوال القدیم و قد ثبت فی الأصول أن أصالة عدم أحد الضدین لا یثبت وجود الضد الآخر لیترتب علیه حکمه لکن المحکی فی التذکرة عن الشافعی فی مثله التحالف- قال لو اشتری عبدا و حدث فی یده نکتة بیاض بعینه و وجد نکتة قدیمة ثم زالت إحداهما فقال البائع الزائلة القدیمة فلا رد و لا أرش و قال المشتری بل الحادثة و لی الرد قال الشافعی یحلفان علی ما یقولان فإذا حلفا استفاد البائع بیمینه دفع الرد و استفاد المشتری بیمینه أخذ الأرش انتهی.

الثالثة لو کان عیب مشاهد غیر المتفق علیه

فادعی البائع حدوثه عند المشتری و المشتری سبقه ففی الدروس أنه کالعیب المنفرد یعنی أنه یحلف البائع کما لو لم یکن سوی هذا العیب و اختلفا فی السبق و التأخر و لعله لأصالة عدم التقدم و یمکن أن یقال إن عدم التقدم هناک راجع إلی عدم سبب الخیار و أما هنا فلا یرجع إلی ثبوت المسقط بل المسقط هو حدوث العیب عند المشتری و قد مر غیر مرة أن أصالة التأخر لا یثبت بها حدوث الحادث فی الزمان المتأخر و إنما یثبت بها عدم التقدم الذی لا یثبت به التأخر ثم قال فی الدروس لو ادعی البائع زیادة العیب عند المشتری و أنکر احتمل حلف المشتری لأن الخیار متیقن و الزیادة موهومة و یحتمل حلف البائع إجراء للزیادة مجری العیب الجدید. أقول قد عرفت الحکم فی العیب الجدید و إن حلف البائع فیه محل نظر ثم إنه لا بد من فرض المسألة فیما لو اختلفا فی مقدار من العیب موجود زائد علی المقدار المتفق علیه أنه کان متقدما أو متأخرا. و أما إذا اختلفا فی أصل الزیادة فلا إشکال فی تقدیم قول المشتری.

الرابعة لو اختلف فی البراءة قدم منکرها

فیثبت الخیار لأصالة عدمها الحاکمة علی أصالة لزوم العقد. و ربما یتراءی من مکاتبة جعفر بن عیسی خلاف ذلک قال: کتبت إلی أبی الحسن ع جعلت فداک المتاع یباع فیمن یزید فینادی علیه المنادی فإذا نادی علیه بری ء من کل عیب فیه فإذا اشتراه المشتری و رضیه و لم یبق إلا نقد الثمن فربما زهد فیه فإذا زهد فیه ادعی عیوبا و أنه لم یعلم بها فیقول له المنادی قد برئت منها فیقول المشتری لم أسمع البراءة منها أ یصدق فلا یجب علیه أم لا یصدق فکتب ع أن علیه الثمن الخبر

المکاسب، ج 3، ص 265

و عن المحقق الأردبیلی أنه لا یلتفت إلی هذا الخبر لضعفه مع الکتابة و مخالفة القاعدة انتهی. و ما أبعد ما بینه و بین ما فی الکفایة من جعل الروایة مؤیدة لقاعدة البینة علی 28 و الیمین علی من أنکر و فی کل منهما نظر. و فی الحدائق أن المفهوم من مساق الخبر المذکور أن إنکار المشتری إنما وقع مدالسة لعدم رغبته فی المبیع و إلا فهو عالم بتبری البائع و الإمام ع إنما ألزمه بالثمن من هذه الجهة و فیه أن مراد السائل لیس حکم العالم بالتبری المنکر له فیما بینه و بین الله بل الظاهر من سیاق السؤال استعلام من یقدم قوله فی ظاهر الشرع من البائع و المشتری مع أن حکم العالم بالتبری المنکر له مکابرة معلوم لکل أحد خصوصا للسائل کما یشهد به قوله أ یصدق أم لا یصدق الدال علی وضوح حکم صورتی صدقه و کذبه و الأولی توجیه الروایة بأن الحکم بتقدیم قول المنادی لجریان العادة بنداء الدلال عند البیع بالبراءة من العیوب علی وجه یسمعه کل من حضر للشراء فدعوی المشتری مخالفة للظاهر نظیر دعوی الغبن و الغفلة عن القیمة ممن لا یخفی علیه قیمة المبیع بقی فی الروایة إشکال آخر من حیث إن البراءة من العیوب عند نداء المنادی لا یجدی فی سقوط خیار العیب بل یعتبر وقوعه فی متن العقد و یمکن التفصی عنه إما بالتزام کفایة تقدم الشرط علی العقد بعد وقوع العقد علیه کما یأتی فی باب الشروط و إما بدعوی أن نداء الدلال بمنزلة الإیجاب لأنه لا ینادی إلا بعد أن یرغب فیه أحد الحضار بقیمته فینادی الدلال و یقول بعتک هذا الموجود بکل عیب و یکرر ذلک مرارا من دون أن یتم الإیجاب حتی یمکن من إبطاله عند زیادة من زاد. و الحاصل جعل ندائه إیجابا للبیع و لو أبیت إلا عن أن المتعارف فی الدلال کون ندائه قبل إیجاب البیع أمکن دعوی کون المتعارف فی ذلک الزمان غیر ذلک مع أن الروایة لا تصریح فیها بکون البراءة فی النداء قبل الإیجاب کما لا یخفی. ثم الحلف هنا علی نفی العلم بالبراءة لأنه الموجب لسقوط الخیار لانتفاء البراءة واقعا

الخامسة لو ادعی البائع رضاء المشتری به بعد العلم أو إسقاط الخیار أو تصرفه فیه أو حدوث عیب عنده حلف المشتری

لأصالة عدم هذه الأمور و لو وجد فی المعیب عیب اختلفا فی حدوثه و قدمه ففی تقدیم مدعی الحدوث لأصالة عدم تقدمه کما تقدم سابقا فی دعوی تقدم العیب و تأخره أو مدعی عدمه لأصالة بقاء الخیار الثابت بالعقد علی المعیب و الشک فی سقوطه بحدوث العیب الآخر فی ضمان المشتری فالأصل عدم وقوع العقد علی السلیم من هذا العیب حتی یضمنه المشتری.

و أما الثالث [الاختلاف فی الفسخ]
اشارة

ففیه مسائل

الأولی لو اختلفا فی الفسخ فإن کان الخیار باقیا فله إنشاؤه

و فی الدروس أنه یمکن جعل إقراره إنشاء. و لعله لما اشتهر من أن من ملک شیئا ملک الإقرار به کما لو ادعی الزوج الطلاق و یدل علیه بعض الأخبار الواردة فیمن أخبر بعتق مملوکه ثم جاء العبد یدعی النفقة علی أیتام الرجل و أنه رق لهم و سیجی ء الکلام فی فروع هذه القاعدة و إن کان بعد انقضاء زمان الخیار- کما لو تلف العین افتقر مدعیه إلی البینة و مع عدمها حلف الآخر علی نفی علمه بالفسخ إن ادعی علیه علمه بفسخه ثم إذا لم یثبت الفسخ فهل یثبت للمشتری المدعی للفسخ الأرش- لئلا یخرج من الحقین أم لا لإقراره بالفسخ. و زاد فی الدروس أنه یحتمل أن یأخذ أقل الأمرین من الأرش و ما زاد علی القیمة من الثمن إن اتفق لأنه بزعمه یستحق استرداد الثمن و رد القیمة فیقع التقاص فی قدر القیمة و یبقی قدر الأرش مستحقا علی التقدیرین انتهی.

الثانیة لو اختلفا فی تأخر الفسخ عن أول الوقت

بناء علی فوریة الخیار ففی تقدیم مدعی التأخیر لأصالة بقاء العقد و عدم حدوث الفسخ فی أول الزمان أو مدعی عدمه لأصالة صحة الفسخ وجهان- و لو کان منشأ النزاع الاختلاف فی زمان وقوع العقد مع الاتفاق علی زمان الفسخ ففی الحکم بتأخر العقد لتصحیح الفسخ وجه- یضعف بأن أصالة تأخر العقد الراجعة حقیقة إلی أصالة عدم تقدمه علی الزمان المشکوک وقوعه فیه لا یثبت وقوع الفسخ فی أول الزمان و هذه المسألة نظیر ما لو ادعی الزوج الرجوع فی عدة المطلقة و ادعت هی تأخره عنها.

الثالثة لو ادعی المشتری الجهل بالخیار أو بفوریته
اشارة

بناء علی فوریته سمع قوله إن احتمل فی حقه الجهل للأصل. و قد یفصل بین الجهل بالخیار فلا یعذر إلا إذا نشأ فی بلد لا یعرفون الأحکام و الجهل بالفوریة فیعذر مطلقا لأنه مما یخفی علی العامة

نهایة الحکمة از ابتدا تا المرحلة السابعة

نهایة الحکمة

نهایة الحکمة

از ابتدای کتاب تا پایان المرحلة السابعة

کلام بمنزلة المدخل لهذه الصناعة

کلام بمنزلة المدخل لهذه الصناعة

بسم الله الرحمن الرحیم الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام علی سیدنا محمد وآله الطاهرین.

إنا معاشر الناس أشیاء موجودة جدا ومعنا أشیاء أخر موجودة ربما فعلت فینا أو انفعلت منا کما أنا نفعل فیها أو ننفعل منها. هناک هواء نستنشقه وغذاء نتغذی به ومساکن نسکنها وأرض نتقلب علیها وشمس نستضی ء بضیائها وکواکب نهتدی بها وحیوان ونبات وغیرهما. وهناک أمور نبصرها وأخری نسمعها وأخری نشمها وأخری نذوقها وأخری وأخری. وهناک أمور نقصدها أو نهرب منها وأشیاء نحبها أو نبغضها وأشیاء نرجوها أو نخافها وأشیاء تشتهیها طباعنا أو تتنفر منها وأشیاء نریدها لغرض الاستقرار فی مکان أو الانتقال من مکان أو إلی مکان أو الحصول علی لذة أو الاتقاء من ألم أو التخلص من مکروه أو لمآرب أخری.

ص 4

وجمیع هذه الأمور التی نشعر بها ولعل معها ما لا نشعر بها لیست بسدی لما أنها موجودة جدا وثابتة واقعا فلا یقصد شی ء شیئا إلا لأنه عین خارجیة وموجود واقعی أو منته إلیه لیس وهما سرابیا فلا یسعنا أن نرتاب فی أن هناک وجودا ولا أن ننکر الواقعیة مطلقا إلا أن نکابر الحق فننکره أو نبدی الشک فیه وإن یکن شی ء من ذلک فإنما هو فی اللفظ فحسب. فلا یزال الواحد منا وکذلک کل موجود یعیش بالعلم والشعور یری نفسه موجودا واقعیا ذا آثار واقعیة ولا یمس شیئا آخر غیره إلا بما أن له نصیبا من الواقعیة. غیر أنا کما لا نشک فی ذلک لا نرتاب أیضا نخطی ء فنحسب ما لیس بموجود موجودا أو بالعکس کما أن الإنسان الأولی کان یثبت أشیاء ویری آراء ننکرها نحن الیوم ونری ما یناقضها وأحد النظرین خطأ لا محالة وهناک أغلاط نبتلی بها کل یوم فنثبت الوجود لما لیس بموجود وننفیه عما هو موجود حقا ثم ینکشف لنا أنا أخطأنا فی ما قضینا به فمست الحاجة إلی البحث عن الأشیاء الموجودة وتمییزها بخواص الموجودیة المحصلة مما لیس بموجود بحثا نافیا للشک منتجا للیقین فإن هذا النوع من البحث هو الذی یهدینا إلی نفس الأشیاء الواقعیة بما هی واقعیة.

وبتعبیر آخر بحثا نقتصر فیه علی استعمال البرهان فإن القیاس البرهانی هو المنتج للنتیجة الیقینیة من بین الأقیسة کما أن الیقین هو الاعتقاد الکاشف عن وجه الواقع من بین الاعتقادات. فإذا بحثنا هذا النوع من البحث أمکننا أن نستنتج به أن کذا موجود وکذا لیس بموجود ولکن البحث عن الجزئیات خارج من وسعنا علی أن البرهان لا یجری فی الجزئی بما هو متغیر زائل ولذلک بعینه ننعطف فی هذا النوع من البحث إلی البحث عن حال الموجود علی وجه کلی فنستعلم به أحوال الموجود المطلق بما أنه کلی ولما کان من المستحیل أن یتصف

ص 5

الموجود بأحوال غیر موجودة انحصرت الأحوال المذکورة فی أحکام تساوی الموجود من حیث هو موجود کالخارجیة المطلقة والوحدة العامة والفعلیة الکلیة المساویة للموجود المطلق أو تکون أحوالا هی أخص من الموجود المطلق لکنها وما یقابلها جمیعا تساوی الموجود المطلق کقولنا الموجود إما خارجی أو ذهنی والموجود إما واحد أو کثیر والموجود إما بالفعل أو بالقوة والجمیع کما تری أمور غیر خارجة من الموجودیة المطلقة والمجموع من هذه الأبحاث هو الذی نسمیه الفلسفة. وقد تبین بما تقدم أولا أن الفلسفة أعم العلوم جمیعا لأن موضوعها أعم الموضوعات وهو الموجود الشامل لکل شی ء فالعلوم جمیعا تتوقف علیها فی ثبوت موضوعاتها وأما الفلسفة فلا تتوقف فی ثبوت موضوعها علی شی ء من العلوم فإن موضوعها الموجود العام الذی نتصوره تصورا أولیا ونصدق بوجوده کذلک لأن الموجودیة نفسه.

وثانیا أن موضوعها لما کان أعم الأشیاء ولا ثبوت لأمر خارج منه کانت المحمولات المثبتة فیها إما نفس الموضوع کقولنا إن کل موجود فإنه من حیث هو موجود واحد أو بالفعل فإن الواحد وإن غایر الموجود مفهوما لکنه عینه مصداقا ولو کان غیره کان باطل الذات غیر ثابت للموجود وکذلک ما بالفعل وإما لیست نفس الموضوع بل هی أخص منه لکنها لیست غیره کقولنا إن العلة موجودة فإن العلة وإن کانت أخص من الموجود لکن العلیة لیست حیثیة خارجة من الموجودیة العامة وإلا لبطلت. وأمثال هذه المسائل مع ما یقابلها تعود إلی قضایا مرددة المحمول تساوی أطراف التردید فیها الموجودیة العامة کقولنا کل موجود إما بالفعل أو بالقوة فأکثر المسائل فی الفلسفة جاریة علی التقسیم کتقسیم الموجود إلی واجب وممکن وتقسیم الممکن إلی جوهر وعرض وتقسیم الجوهر إلی مجرد

ص 6

ومادی وتقسیم المجرد إلی عقل ونفس وعلی هذا القیاس.

وثالثا أن المسائل فیها مسوقة علی طریق عکس الحمل فقولنا الواجب موجود والممکن موجود فی معنی الوجود یکون واجبا ویکون ممکنا وقولنا الوجوب إما بالذات وإما بالغیر معناه أن الموجود الواجب ینقسم إلی واجب لذاته وواجب لغیره.

ورابعا أن هذا الفن لما کان أعم الفنون موضوعا ولا یشذ عن موضوعه ومحمولاته الراجعة إلیه شی ء من الأشیاء لم یتصور هناک غایة خارجة منه یقصد الفن لأجلها فالمعرفة بالفلسفة مقصودة لذاتها من غیر أن تقصد لأجل غیرها وتکون آلة للتوصل بها إلی أمر آخر کالفنون الآلیة نعم هناک فوائد تترتب علیها.

وخامسا أن کون موضوعها أعم الأشیاء یوجب أن لا یکون معلولا لشی ء خارج منه إذ لا خارج هناک فلا علة له فالبراهین المستعملة فیها لیست ببراهین لمیة وأما برهان الإن فقد تحقق فی کتاب البرهان من المنطق أن السلوک من المعلول إلی العلة لا یفید یقینا فلا یبقی للبحث الفلسفی إلا برهان الإن الذی یعتمد فیه علی الملازمات العامة فیسلک فیه من أحد المتلازمین العامین إلی الآخر

ص 7

المرحلة الأولی فی أحکام الوجود الکلیة وفیها خمسة ف

اشارة

المرحلة الأولی فی أحکام الوجود الکلیة وفیها خمسة فصول

الفصل الأول فی أن الوجود مشترک معنوی

الوجود بمفهومه مشترک معنوی یحمل علی ما یحمل علیه بمعنی واحد وهو ظاهر بالرجوع إلی الذهن حینما نحمله علی أشیاء أو ننفیه عن أشیاء کقولنا الإنسان موجود والنبات موجود والشمس موجودة واجتماع النقیضین لیس بموجود واجتماع الضدین لیس بموجود وقد أجاد صدر المتألهین قدس سره حیث قال إن کون مفهوم الوجود مشترکا بین الماهیات قریب من الأولیات. فمن سخیف القول ما قال بعضهم إن الوجود مشترک لفظی وهو فی کل ماهیة یحمل علیها بمعنی تلک الماهیة. ویرده لزوم سقوط الفائدة فی الهلیات البسیطة مطلقا کقولنا الواجب موجود والممکن موجود والجوهر موجود والعرض موجود. علی أن من الجائز أن یتردد بین وجود الشی ء وعدمه مع العلم بماهیته ومعناه کقولنا هل الاتفاق موجود أو لا. وکذا التردد فی ماهیة الشی ء مع الجزم بوجوده کقولنا هل النفس الإنسانیة الموجودة جوهر أو عرض والتردد فی أحد الشیئین مع الجزم بالآخر یقضی بمغایرتهما. ونظیره فی السخافة ما نسب إلی بعضهم أن مفهوم الوجود مشترک

ص 9

لفظی بین الواجب والممکن. ورد بأنا إما أن نقصد بالوجود الذی نحمله علی الواجب معنی أو لا والثانی یوجب التعطیل وعلی الأول إما أن نعنی به معنی الذی نعنیه إذا حملناه علی الممکنات وإما أن نعنی به نقیضه وعلی الثانی یلزم نفی الوجود عنه عند إثبات الوجود له تعالی عن ذلک وعلی الأول یثبت المطلوب وهو کون مفهوم الوجود مشترکا معنویا. والحق کما ذکره بعض المحققین أن القول بالاشتراک اللفظی من الخلط بین المفهوم والمصداق فحکم المغایرة إنما هو للمصداق دون المفهوم.

الفصل الثانی فی أصالة الوجود واعتباریة الماهیة

الفصل الثانی فی أصالة الوجود واعتباریة الماهیة

الوجود هو الأصیل دون الماهیة أی أنه هو الحقیقة العینیة التی نثبتها بالضرورة إنا بعد حسم أصل الشک والسفسطة وإثبات الأصیل الذی هو واقعیة الأشیاء أول ما نرجع إلی الأشیاء نجدها مختلفة متمایزة مسلوبا بعضها عن بعض فی عین أنها جمیعا متحدة فی دفع ما کان یحتمله السوفسطی من بطلان الواقعیة فنجد فیها مثلا إنسانا موجودا وفرسا موجودا وشجرا موجودا وعنصرا موجودا وشمسا موجودة وهکذا. فلها ماهیات محمولة علیها بها یباین بعضها بعضا والوجود محمول علیها مشترک المعنی بینها والماهیة غیر الوجود لأن المختص غیر المشترک وأیضا الماهیة لا تأبی فی ذاتها أن یحمل علیها الوجود وأن یسلب عنها ولو کانت عین الوجود لم یجز أن تسلب عن نفسها لاستحالة سلب الشی ء عن نفسه فما نجده فی الأشیاء من حیثیة الماهیة غیر ما نجده فیها من حیثیة الوجود.

ص 10

وإذ لیس لکل واحد من هذه الأشیاء إلا واقعیة واحدة کانت إحدی هاتین الحیثیتین أعنی الماهیة والوجود بحذاء ما له من الواقعیة والحقیقة وهو المراد بالأصالة والحیثیة الأخری اعتباریة منتزعة من الحیثیة الأصیلة تنسب إلیها الواقعیة بالعرض. وإذ کان کل شی ء إنما ینال الواقعیة إذا حمل علیه الوجود واتصف به فالوجود هو الذی یحاذی واقعیة الأشیاء وأما الماهیة فإذ کانت مع الاتصاف بالوجود ذات واقعیة ومع سلبه باطلة الذات فهی فی ذاتها غیر أصیلة وإنما تتأصل بعرض الوجود. فقد تحصل أن الوجود أصیل والماهیة اعتباریة کما قال به المشاءون أی أن الوجود موجود بذاته والماهیة موجودة به. وبذلک یندفع ما أورد علی أصالة الوجود من أن الوجود لو کان حاصلا فی الأعیان کان موجودا لأن الحصول هو الوجود فللوجود وجود وننقل الکلام إلیه وهلم جرا فیتسلسل. وجه الاندفاع أن الوجود موجود لکن بذاته لا بوجود زائد أی أن الوجود عین الموجودیة بخلاف الماهیة التی حیثیة ذاتها غیر حیثیة وجودها. وأما دعوی أن الموجود فی عرف اللغة إنما یطلق علی ما له ذات معروضة للوجود ولازمه أن الوجود غیر موجود فهی علی تقدیر صحتها أمر راجع إلی الوضع اللغوی أو غلبة الاستعمال والحقائق لا تتبع استعمال الألفاظ وللوجود کما تقدم حقیقة عینیة نفسها ثابتة لنفسها.

قال بهمنیار فی التحصیل وبالجملة فالوجود حقیقته أنه فی الأعیان لا غیر وکیف لا یکون فی الأعیان ما هذه حقیقته انتهی ص 281 . ویندفع أیضا ما أشکل علیه بأن کون الوجود موجودا بذاته یستتبع کون الوجودات الإمکانیة واجبة بالذات لأن کون الوجود موجودا بذاته یستلزم امتناع سلبه عن ذاته إذ الشی ء لا یسلب عن نفسه ولا نعنی بالواجب

ص 11

بالذات إلا ما یمتنع عدمه لذاته. وجه الاندفاع أن الملاک فی کون الشی ء واجبا بالذات لیس هو کون وجوده نفس ذاته بل کون وجوده مقتضی ذاته من غیر أن یفتقر إلی غیره وکل وجود إمکانی فهو فی عین أنه موجود فی ذاته مفتقر إلی غیره مفاض منه کالمعنی الحرفی الذی نفسه نفسه وهو مع ذلک لا یتم مفهوما إلا بالقیام بغیره وسیجی ء مزید توضیح له فی الأبحاث الآتیة. قال صدر المتألهین فی الأسفار معنی وجود الواجب بنفسه أنه مقتضی ذاته من غیر احتیاج إلی فاعل وقابل ومعنی تحقق الوجود بنفسه أنه إذا حصل إما بذاته کما فی الواجب أو بفاعل لم یفتقر تحققه إلی وجود آخر یقوم به بخلاف غیر الوجود انتهی ج 1 ص 40.

ویندفع عنه أیضا ما أورد علیه أنه لو کان الوجود موجودا بذاته والماهیة موجودة بغیرها الذی هو الوجود کان مفهوم الوجود مشترکا بین ما بنفسه وما بغیره فلم یتم مفروض الحجة من أن الوجود مشترک معنوی بین الموجودات لا لفظی. وجه الاندفاع أن فیه خلطا بین المفهوم والمصداق والاختلاف المذکور مصداقی لا مفهومی. فتبین بما تقدم فساد القول بأصالة الماهیة کما نسب إلی الإشراقیین فهی عندهم أصیلة إذا کانت بحیث ینتزع عنها الوجود وإن کانت فی حد ذاتها اعتباریة والوجود المنتزع عنها اعتباریا. ویرده أن صیرورة الماهیة الاعتباریة بانتزاع مفهوم الوجود الاعتباری أصیله ذات حقیقة عینیة انقلاب ضروری الاستحالة. وتبین أیضا فساد القول بأصالة الوجود فی الواجب وأصالة الماهیة فی الممکن کما قال به الدوانی وقرره بأن الوجود علی ما یقتضیه ذوق المتألهین حقیقة عینیة شخصیة هی الواجب تعالی وتتأصل الماهیات الممکنة بنوع من

ص 12

الانتساب إلیه فإطلاق الموجود علیه تعالی بمعنی أنه عین الوجود وعلی الماهیات الممکنة بمعنی أنها منتسبة إلی الوجود الذی هو الواجب. ویرده أن الانتساب المذکور إن استوجب عروض حقیقة عینیة علی الماهیات کانت هی الوجود إذ لیس للماهیة المتأصلة إلا حیثیتا الماهیة والوجود وإذا لم تضف الأصالة إلی الماهیة فهی للوجود وإن لم یستوجب شیئا وکانت حال الماهیة قبل الانتساب وبعده سواء کان تأصلها بالانتساب انقلابا وهو محال. یتفرع علی أصالة الوجود واعتباریة الماهیة أولا أن کل ما یحمل علی حیثیة الماهیة فإنما هو بالوجود وأن الوجود حیثیة تقییدیة فی کل حمل ماهوی لما أن الماهیة فی نفسها باطلة هالکة لا تملک شیئا فثبوت ذاتها وذاتیاتها لذاتها بواسطة الوجود فالماهیة وإن کانت إذا اعتبرها العقل من حیث هی لم تکن إلا هی لا موجودة ولا معدومة لکن ارتفاع الوجود عنها بحسب هذا الاعتبار ومعناه أن الوجود غیر مأخوذ فی حدها لا ینافی حمله علیها خارجا عن حدها عارضا لها فلها ثبوت ما کیفما فرضت. وکذا لوازم ذاتها التی هی لوازم الماهیة کمفهوم الماهیة العارضة لکل ماهیة والزوجیة العارضة لماهیة الأربعة تثبت لها بالوجود لا لذاتها وبذلک یظهر أن لازم الماهیة بحسب الحقیقة لازم الوجودین الخارجی والذهنی کما ذهب إلیه الدوانی. وکذا لازم الوجود الذهنی کالنوعیة للإنسان ولازم الوجود الخارجی کالبرودة للثلج والمحمولات غیر اللازمة کالکتابة للإنسان کل ذلک بالوجود وبذلک یظهر أن الوجود من لوازم الماهیة الخارجة عن ذاتها. وثانیا أن الوجود لا یتصف بشی ء من أحکام الماهیة کالکلیة والجزئیة وکالجنسیة والنوعیة والفصلیة والعرضیة الخاصة والعامة و

ص 13

کالجوهریة والکمیة والکیفیة وسائر المقولات العرضیة فإن هذه جمیعا أحکام طارئة علی الماهیة من جهة صدقها وانطباقها علی شی ء کصدق الإنسان وانطباقه علی زید وعمرو وسائر الأفراد أو من جهة اندراج شی ء تحتها کاندارج الأفراد تحت الأنواع والأنواع تحت الأجناس والوجود الذی هو بذاته الحقیقة العینیة لا یقبل انطباقا علی شی ء ولا اندراجا تحت شی ء ولا صدقا ولا حملا ولا ما یشابه هذه المعانی نعم مفهوم الوجود یقبل الصدق والاشتراک کسائر المفاهیم. ومن هنا یظهر أن الوجود یساوق الشخصیة. ومن هنا یظهر أیضا أن الوجود لا مثل له لأن مثل الشی ء ما یشارکه فی الماهیة النوعیة ولا ماهیة نوعیة للوجود. ویظهر أیضا أن الوجود لا ضد له لأن الضدین کما سیأتی أمران وجودیان متعاقبان علی موضوع واحد داخلان تحت جنس قریب بینهما غایة الخلاف والوجود لا موضوع له ولا جنس له ولا له خلاف مع شی ء.

وثالثا أن الوجود لا یکون جزءا لشی ء لأن الجزء الآخر والکل المرکب منهما إن کانا هما الوجود بعینه فلا معنی لکون الشی ء جزءا لنفسه وإن کان أحدهما أو کلاهما غیر الوجود کان باطل الذات إذ لا أصیل غیر الوجود فلا ترکیب. وبهذا البیان یثبت أن الوجود لا جزء له ویتبین أیضا أن الوجود بسیط فی ذاته.

ورابعا أن ما یلحق الوجود حقیقة من الصفات والمحمولات أمور غیر خارجة عن ذاته إذ لو کانت خارجة کانت باطلة.

وخامسا أن للموجود من حیث اتصافه بالوجود نحو انقسام إلی ما بالذات وما بالعرض فالوجود موجود بالذات بمعنی أنه عین نفسه والماهیة موجودة بالعرض أی أنها لیست بالوجود بالنظر إلی نفس ذاتها وإن کانت

ص 14

موجودة بالوجود حقیقة قبال ما لیس بموجود بالوجود وسادسا أن الوجود عارض للماهیة بمعنی أن للعقل أن یجرد الماهیة عن الوجود فیعقلها وحدها من غیر نظر إلی وجودها فلیس الوجود عینها ولا جزءا لها ومن الدلیل علی ذلک جواز سلب الوجود عن الماهیة واحتیاج اتصافها به إلی الدلیل وکونها متساویة النسبة فی نفسها إلی الوجود والعدم ولو کان الوجود عینها أو جزءا لها لما صح شی ء من ذلک. والمغایرة کما عرفت عقلیة فلا تنافی اتحاد الماهیة والوجود خارجا وذهنا فلیس هناک إلا حقیقة واحدة هی الوجود لمکان أصالته واعتباریتها فالماهیات المختلفة یختلف بها الوجود نحوا من الاختلاف من غیر أن یزید علی الوجود شی ء وهذا معنی قولهم إن الماهیات أنحاء الوجود وإلی هذا الاختلاف یئول ما بین الماهیات الموجودة من التمیز والبینونة واختلاف الآثار هو معنی قولهم إن الماهیات حدود الوجود فذات کل ماهیة موجودة حد لا یتعداه وجودها ویلزمه سلوب بعدد الماهیات الموجودة الخارجة عنها فماهیة الإنسان الموجودة مثلا حد لوجوده لا یتعداه وجوده إلی غیره فهو لیس بفرس ولیس ببقر ولیس بشجر ولیس بحجر إلی آخر الماهیات الموجودة المباینة للإنسان.

وسابعا أن ثبوت کل شی ء أی نحو من الثبوت فرض إنما هو لوجود هناک خارجی یطرد العدم لذاته فللتصدیقات النفس الأمریة التی لا مطابق لها فی خارج ولا فی ذهن مطابق ثابت نحوا من الثبوت التبعی بتبع الموجودات الحقیقیة. توضیح ذلک أن من التصدیقات الحقة ما له مطابق فی الخارج نحو الإنسان موجود والإنسان کاتب ومنها ما له مطابق فی الذهن نحو الإنسان نوع والحیوان جنس ومنها ما له مطابق یطابقه لکنه غیر موجود فی الخارج ولا فی الذهن کما فی قولنا عدم العلة علة لعدم المعلول والعدم باطل

ص 15

الذات إذ العدم لا تحقق له فی خارج ولا فی ذهن ولا لأحکامه وآثاره وهذا النوع من القضایا تعتبر مطابقة لنفس الأمر فإن العقل إذا صدق کون وجود العلة علة لوجود المعلول اضطر إلی تصدیق أنه ینتفی إذا انتفت علته وهو کون عدمها علة لعدمه ولا مصداق محقق للعدم فی خارج ولا فی ذهن إذ کل ما حل فی واحد منهما فله وجود. والذی ینبغی أن یقال بالنظر إلی الأبحاث السابقة إن الأصیل هو الوجود الحقیقی وهو الوجود وله کل حکم حقیقی ثم لما کانت الماهیات ظهورات الوجود للأذهان توسع العقل توسعا اضطراریا باعتبار الوجود لها وحمله علیها وصار مفهوم الوجود والثبوت یحمل علی الوجود والماهیة وأحکامهما جمیعا ثم توسع العقل توسعا اضطراریا ثانیا بحمل مطلق الثبوت والتحقق علی کل مفهوم یضطر إلی اعتباره بتبع الوجود أو الماهیة کمفهوم العدم والماهیة والقوة والفعل ثم التصدیق بأحکامها فالظرف الذی یفرضه العقل لمطلق الثبوت والتحقق بهذا المعنی الأخیر هو الذی نسمیه نفس الأمر ویسع الصوادق من القضایا الذهنیة والخارجیة وما یصدقه العقل ولا مطابق له فی ذهن أو خارج غیر أن الأمور النفس الأمریة لوازم عقلیة للماهیات متقررة بتقررها وللکلام تتمة ستمر بک إن شاء الله تعالی. وقیل المراد بالأمر فی نفس الأمر عالم الأمر وهو عقل کلی فیه صور المعقولات جمیعا والمراد بمطابقة القضیة لنفس الأمر مطابقتها لما عنده من الصورة المعقولة. وفیه أن الکلام منقول إلی ما عنده من الصورة المعقولة وهی صورة معقولة تقتضی مطابقا فیما وراءها تطابقه. وقیل المراد بنفس الأمر نفس الشی ء فهو من وضع الظاهر موضع الضمیر فکون العدم مثلا باطل الذات فی نفس الأمر کونه فی نفسه کذلک.

ص 16

وفیه أن ما لا مطابق له فی خارج ولا فی ذهن لا نفسیة له حتی یطابقه هو وأحکامه.

وثامنا أن الشیئیة مساوقة للوجود فما لا وجود له لا شیئیة له فالمعدوم من حیث هو معدوم لیس بشی ء. ونسب إلی المعتزلة أن للماهیات الممکنة المعدومة شیئیة فی العدم وأن بین الوجود والعدم واسطة یسمونها الحال وعرفوها بصفة الموجود التی لیست موجودة ولا معدومة کالضاحکیة والکاتبیة للإنسان لکنهم ینفون الواسطة بین النفی والإثبات فالمنفی هو المحال والثابت هو الواجب والممکن الموجود والممکن المعدوم والحال التی لیست بموجودة ولا معدومة. وهذه دعاو یدفعها صریح العقل وهی بالاصطلاح أشبه منها بالنظرات العلمیة فالصفح عن البحث فیها أولی.

وتاسعا أن حقیقة الوجود بما هی حقیقة الوجود لا سبب لها وراءها أی أن هویته العینیة التی هی لذاتها أصیلة موجودة طاردة للعدم لا تتوقف فی تحققها علی شی ء خارج من هذه الحقیقة سواء کان سببا تاما أو ناقصا وذلک لمکان أصالتها وبطلان ما وراءها نعم لا بأس بتوقف بعض مراتب هذه الحقیقة علی بعض کتوقف الوجود الإمکانی علی الوجود الواجبی وتوقف بعض الممکنات علی بعض. ومن هنا یظهر أن لا مجری لبرهان اللم فی الفلسفة الإلهیة الباحثة عن أحکام الموجود من حیث هو موجود.

وعاشرا أن حقیقة الوجود حیث کانت عین حیثیة ترتب الآثار کانت عین الخارجیة فیمتنع أن تحل الذهن فتتبدل ذهنیة لا تترتب علیها الآثار لاستلزامه الانقلاب المحال وأما الوجود الذهنی الذی سیأتی إثباته إن شاء الله فهو من حیث کونه یطرد عن نفسه العدم وجود خارجی مترتب علیه الآثار وإنما یعد ذهنیا لا تترتب علیه الآثار بقیاسه إلی المصداق الخارجی

ص 17

الذی بحذائه. فقد بان أن حقیقة الوجود لا صورة عقلیة لها کالماهیات الموجودة فی الخارج التی لها صورة عقلیة وبان أیضا أن نسبة مفهوم الوجود إلی الوجودات الخارجیة لیست نسبة الماهیة الکلیة إلی أفرادها الخارجیة. وتبین بما تقدم أیضا أن المفهوم إنما تکون ماهیة إذا کان لها فرد خارجی تقومه وتترتب علیه آثارها.

الفصل الثالث فی أن الوجود حقیقة مشککة

الفصل الثالث فی أن الوجود حقیقة مشککة

لا ریب أن الهویات العینیة الخارجیة تتصف بالکثرة تارة من جهة أن هذا إنسان وذاک فرس وذلک شجر ونحو ذلک وتارة بأن هذا بالفعل وذاک بالقوة وهذا واحد وذاک کثیر وهذا حادث وذاک قدیم وهذا ممکن وذاک واجب وهکذا. وقد ثبت بما قد أوردناه فی الفصل السابق أن الکثرة من الجهة الأولی وهی الکثرة الماهویة موجودة فی الخارج بعرض الوجود وأن الوجود متصف بها بعرض الماهیة لمکان أصالة الوجود واعتباریة الماهیة. وأما الکثرة من الجهة الثانیة فهی التی تعرض الوجود من جهة الانقسامات الطارئة علیه نفسه کانقسامه إلی الواجب والممکن وإلی الواحد والکثیر وإلی ما بالفعل وما بالقوة ونحو ذلک وقد تقدم فی الفصل السابق أن الوجود بسیط وأنه لا غیر له ویستنتج من ذلک أن هذه الکثرة مقومة للوجود بمعنی أنها فیه غیر خارجة منه وإلا کانت جزءا منه ولا جزء للوجود أو حقیقة خارجة منه ولا خارج من الوجود.

ص 18

فللوجود کثرة فی نفسه فهل هناک جهة وحدة ترجع إلیها هذه الکثرة من غیر أن تبطل بالرجوع فتکون حقیقة الوجود کثیرة فی عین أنها واحدة وواحدة فی عین أنها کثیرة وبتعبیر آخر حقیقة مشککة ذات مراتب مختلفة یعود ما به الامتیاز فی کل مرتبة إلی ما به الاشتراک کما نسب إلی الفهلویین أو لا جهة وحدة فیها فیعود الوجود حقائق متباینة بتمام الذات یتمیز کل منها من غیره بتمام ذاته البسیطة لا بالجزء ولا بأمر خارجی کما نسب إلی المشائین. الحق أنها حقیقة واحدة فی عین أنها کثیرة لأنا ننتزع من جمیع مراتبها ومصادیقها مفهوم الوجود العام الواحد البدیهی ومن الممتنع انتزاع مفهوم واحد من مصادیق کثیرة بما هی کثیرة غیر راجعة إلی وحدة ما. ویتبین به أن الوجود حقیقة مشککة ذات مراتب مختلفة کما مثلوا له بحقیقة النور علی ما یتلقاه الفهم الساذج أنه حقیقة واحدة ذات مراتب مختلفة فی الشدة والضعف فهناک نور قوی ومتوسط وضعیف مثلا ولیست المرتبة القویة نورا وشیئا زائدا علی النوریة ولا المرتبة الضعیفة تفقد من حقیقة النور شیئا أو تختلط بالظلمة التی هی عدم النور بل لا تزید کل واحدة من مراتبه المختلفة علی حقیقة النور المشترکة شیئا ولا تفقد منها شیئا وإنما هی النور فی مرتبة خاصة بسیطة لم تتألف من أجزاء ولم ینضم إلیها ضمیمة وتمتاز من غیرها بنفس ذاتها التی هی النوریة المشترکة. فالنور حقیقة واحدة بسیطة متکثرة فی عین وحدتها ومتوحدة فی عین کثرتها کذلک الوجود حقیقة واحدة ذات مراتب مختلفة بالشدة والضعف والتقدم والتأخر والعلو والدنو وغیرها. ویتفرع علی ما تقدم أمور الأمر الأول أن التمایز بین مرتبة من مراتب الوجود ومرتبة أخری إنما هو بنفس ذاتها البسیطة التی ما به الاشتراک فیها عین ما به الامتیاز ولا ینافیه مع

ص 19

ذلک أن ینسب العقل التمایز الوجودی إلی جهة الکثرة فی الوجود دون جهة الوحدة ولا أن ینسب الاشتراک والسنخیة إلی جهة الوحدة. الأمر الثانی أن بین مراتب الوجود إطلاقا وتقییدا بقیاس بعضها إلی بعض لمکان ما فیها من الاختلاف بالشدة والضعف ونحو ذلک وذلک أنا إذا فرضنا مرتبتین من الوجود ضعیفة وشدیدة وقع بینهما قیاس وإضافة بالضرورة وکان من شأن المرتبة الضعیفة أنها لا تشتمل علی بعض ما للمرتبة الشدیدة من الکمال لکن لیس شی ء من الکمال الذی فی المرتبة الضعیفة إلا والمرتبة الشدیدة واجدة له. فالمرتبة الضعیفة کالمؤلفة من وجدان وفقدان فذاتها مقیدة بعدم بعض ما فی المرتبة الشدیدة من الکمال وإن شئت فقل محدودة وأما المرتبة الشدیدة فذاتها مطلقة غیر محدودة بالنسبة إلی المرتبة الضعیفة. وإذا فرضنا مرتبة أخری فوق الشدیدة کانت نسبة الشدیدة إلی هذه التی فرضنا فوقها کنسبة التی دونها إلیها وصارت الشدیدة محدودة بالنسبة إلی ما فوقها کما کانت مطلقة بالنسبة إلی ما دونها وعلی هذا القیاس فی المراتب الذاهبة إلی فوق حتی تقف فی مرتبة لیست فوقها مرتبة فهی المطلقة من غیر أن تکون محدودة إلا بأنها لا حد لها. والأمر بالعکس مما ذکر إذا أخذنا مرتبة ضعیفة واعتبرناها مقیسة إلی ما هی أضعف منها وهکذا حتی ننتهی إلی مرتبة من الکمال والفعلیة لیس لها من الفعلیة إلا فعلیة أن لا فعلیة لها الأمر الثالث تبین من جمیع ما مر أن للمراتب المترتبة من الوجود حدودا غیر أعلی المراتب فإنها محدودة بأنها لا حد لها وظاهر أن هذه الحدود الملازمة

ص 20

للسلوب والأعدام والفقدانات التی نثبتها فی مراتب الوجود وهی أصیلة وبسیطة إنما هی من ضیق التعبیر وإلا فالعدم نقیض الوجود ومن المستحیل أن یتخلل فی مراتب نقیضه. وهذا المعنی أعنی دخول الأعدام فی مراتب الوجود المحدودة وعدم دخولها المؤدی إلی الصرافة نوع من البساطة والترکیب فی الوجود غیر البساطة والترکیب المصطلح علیها فی موارد أخری وهو البساطة والترکیب من جهة الأجزاء الخارجیة أو العقلیة أو الوهمیة. الأمر الرابع أن المرتبة کلما تنزلت زادت حدودها وضاق وجودها وکلما عرجت وزادت قربا من أعلی المراتب قلت حدودها واتسع وجودها حتی یبلغ أعلی المراتب فهی مشتملة علی کل کمال وجودی من غیر تحدید ومطلقة من غیر نهایة. الأمر الخامس أن للوجود حاشیتین من حیث الشدة والضعف وهذا ما یقضی به القول بکون الوجود حقیقة مشککة. الأمر السادس أن للوجود بما لحقیقته من السعة والانبساط تخصصا بحقیقته العینیة البسیطة وتخصصا بمرتبة من مراتبه المختلفة البسیطة التی یرجع ما به الامتیاز فیها إلی ما به الاشتراک وتخصصا بالماهیات المنبعثة عنه المحددة له ومن المعلوم أن التخصص بأحد الوجهین الأولین مما یلحقه بالذات وبالوجه الثالث أمر یعرضه بعرض الماهیات.

ص 21

الفصل الرابع فی شطر من أحکام العدم

الفصل الرابع فی شطر من أحکام العدم

قد تقدم أن العدم لا شیئیة له فهو محض الهلاک والبطلان. ومما یتفرع علیه أن لا تمایز فی العدم إذ التمایز بین شیئین إما بتمام الذات کالنوعین تحت مقولتین أو ببعض الذات کالنوعین تحت مقولة واحدة أو بما یعرض الذات کالفردین من نوع ولا ذات للعدم. نعم ربما یضاف العدم إلی الوجود فیحصل له حظ من الوجود ویتبعه نوع من التمایز کعدم البصر الذی هو العمی والمتمیز من عدم السمع الذی هو الصمم وکعدم زید وعدم عمرو المتمیز أحدهما من الآخر. وبهذا الطریق ینسب العقل إلی العدم العلیة والمعلولیة حذاء ما للوجود من ذلک فیقال عدم العلة علة لعدم المعلول حیث یضیف العدم إلی العلة والمعلول فیتمیز العدمان ثم یبنی عدم المعلول علی عدم العلة کما کان یتوقف وجود المعلول علی وجود العلة وذلک نوع من التجوز حقیقته الإشارة إلی ما بین الوجودین من التوقف. ونظیر العدم المضاف العدم المقید بأی قید یقیده کالعدم الذاتی والعدم الزمانی والعدم الأزلی ففی جمیع ذلک یتصور مفهوم العدم ویفرض له مصداق علی حد سائر المفاهیم ثم یقید المفهوم فیتمیز المصداق ثم یحکم علی المصداق علی ما له من الثبوت المفروض بما یقتضیه من الحکم کاعتبار عدم العدم قبال العدم نظیر اعتبار العدم المقابل للوجود قبال الوجود. وبذلک یندفع الإشکال فی اعتبار عدم العدم بأن العدم المضاف إلی العدم نوع من العدم وهو بما أنه رافع للعدم المضاف إلیه یقابله تقابل

ص 22

التناقض والنوعیة والتقابل لا یجتمعان البتة. وجه الاندفاع کما أفاده صدر المتألهین ره أن الجهة مختلف فعدم العدم بما أنه مفهوم أخص من مطلق العدم مأخوذ فیه العدم نوع من العدم وبما أن للعدم المضاف إلیه ثبوتا مفروضا یرفعه العدم المضاف رفع النقیض للنقیض یقابله العدم المضاف. وبمثل ذلک یندفع ما أورد علی قولهم المعدوم المطلق لا یخبر عنه بأن القضیة تناقض نفسها فإنها تدل علی عدم الإخبار عن المعدوم المطلق وهذا بعینه خبر عنه ویندفع بأن المعدوم المطلق بما أنه بطلان محض فی الواقع لا خبر عنه وبما أن لمفهومه ثبوتا ما ذهنیا یخبر عنه بأنه لا یخبر عنه فالجهتان مختلفتان وبتعبیر آخر المعدوم المطلق بالحمل الشائع لا یخبر عنه وبالحمل الأولی یخبر عنه بأنه لا یخبر عنه. وبمثل ما تقدم أیضا یندفع الشبهة عن عدة من القضایا توهم التناقض کقولنا الجزئی جزئی وهو بعینه کلی یصدق علی کثیرین وقولنا اجتماع النقیضین ممتنع وهو بعینه ممکن موجود فی الذهن وقولنا الشی ء إما ثابت فی الذهن أو لا ثابت فیه واللاثابت فی الذهن ثابت فیه لأنه معقول موجود بوجود ذهنی. فالجزئی جزئی بالحمل الأولی کلی صادق علی کثیرین بالحمل الشائع واجتماع النقیضین ممکن بالحمل الأولی ممتنع بالحمل الشائع واللاثابت فی الذهن لا ثابت فیه بالحمل الأولی ثابت فیه بالحمل الشائع.

الفصل الخامس فی أنه لا تکرر فی الوجود

الفصل الخامس فی أنه لا تکرر فی الوجود

کل موجود فی الأعیان فإن هویته العینیة وجوده علی ما تقدم من أصالة

ص 23

الوجود والهویة العینیة تأبی بذاته الصدق علی کثیرین وهو التشخص فالشخصیة للوجود بذاته فلو فرض لموجود وجودان کانت هویته العینیة الواحدة کثیرة وهی واحدة هذا محال. وبمثل البیان یتبین استحالة وجود مثلین من جمیع الجهات لأن لازم فرض مثلین اثنین التمایز بینهما بالضرورة ولازم فرض التماثل من کل جهة عدم التمایز بینهما وفی ذلک اجتماع النقیضین هذا محال. وبالجملة من الممتنع أن یوجد موجود واحد بأکثر من وجود واحد سواء کان الوجودان مثلا واقعین فی زمان واحد من غیر تخلل العدم بینهما أو منفصلین یتخلل العدم بینهما فالمحذور وهو لزوم العینیة مع فرض الاثنینیة فی الصورتین سواء. والقول بأن الوجود الثانی متمیز من الأول بأنه مسبوق بالعدم بعد الوجود بخلاف الأول وهذا کاف فی تصحیح الاثنینیة وغیر مضر بالعینیة لأنه تمیز بعدم. مردود بأن العدم بطلان محض لا کثرة فیه ولا تمیز ولیس فیه ذات متصفة بالعدم یلحقها وجود بعد ارتفاع وصفه فقد تقدم أن ذلک کله اعتبار عقلی بمعونة الوهم الذی یضیف العدم إلی الملکة فیتعدد العدم ویتکثر بتکثر الملکات وحقیقة کون الشی ء مسبوق الوجود بعدم وملحوق الوجود به. وبالجملة إحاطة العدم به من قبل ومن بعد اختصاص وجوده بظرف من ظروف الواقع وقصوره عن الانبساط علی سائر الظروف من الأعیان لا أن للشی ء وجودا واقعیا فی ظرف من ظروف الواقع وللعدم تقرر واقع منبسط علی سائر الظروف ربما ورد علی الوجود فدفعه عن مستقره واستقر هو فیه فإن فیه إعطاء الأصالة للعدم واجتماع النقیضین. والحاصل أن تمیز الوجود الثانی تمیز وهمی لا یوجب تمیزا حقیقیا ولو أوجب ذلک أوجب البینونة بین الوجودین وبطلت العینیة.

ص 24

والقول بأنه لم لا یجوز أن یوجد الموجد شیئا ثم یعدم وله بشخصه صورة علمیة عنده أو عند بعض المبادی العالیة ثم یوجد ثانیا علی ما علم فیستحفظ الوحدة والعینیة بین الوجودین بالصورة العلمیة. یدفعه أن الوجود الثانی کیفما فرض وجود بعد وجود وغیریته وبینونته للوجود الأول بما أنه بعده ضروری ولا تجتمع العینیة والغیریة البتة. وهذا الذی تقرر من استحالة تکرر الوجود لشی ء مع تخلل العدم هو المراد بقولهم إن إعادة المعدوم بعینه ممتنع وقد عد الشیخ امتناع إعادة المعدوم بعینه ضروریا. وقد أقاموا علی ذلک حججا هی تنبیهات بناء علی ضروریة المسألة منها أنه لو جاز للموجود فی زمان أن ینعدم زمانا ثم یوجد بعینه فی زمان آخر لزم تخلل العدم بین الشی ء ونفسه وهو محال لاستلزامه وجود الشی ء فی زمانین بینهما عدم متخلل. ومنها أنه لو جاز إعادة الشی ء بعینه بعد انعدامه جاز إیجاد ما یماثله من جمیع الوجوه ابتداء وهو محال أما الملازمة فلأن الشی ء المعاد بعینه وما یماثله من جمیع الوجوه مثلان وحکم الأمثال فیما یجوز وفیما لا یجوز واحد فلو جاز إیجاده بعینه ثانیا بنحو الإعادة جاز إیجاد مثله ابتداء وأما استحالة اللازم فلاستلزام اجتماع المثلین فی الوجود عدم التمیز بینهما وهما اثنان متمایزان. ومنها أن إعادة المعدوم بعینه توجب کون المعاد هو المبتدأ لأن فرض العینیة یوجب کون المعاد هو المبتدأ ذاتا وفی جمیع الخصوصیات المشخصة حتی الزمان فیعود المعاد مبتدأ وحیثیة الإعادة عین حیثیة الابتداء. ومنها أنه لو جازت الإعادة لم یکن عدد العود بالغا حدا معینا یقف علیه إذ لا فرق بین العودة الأولی والثانیة والثالثة وهکذا إلی ما لا نهایة له کما لم یکن فرق بین المعاد والمبتدإ وتعین العدد من لوازم وجود الشی ء المتشخص.

ص 25

وذهب جمع من المتکلمین نظرا إلی أن المعاد الذی نطقت به الشرائع الحقة إعادة للمعدوم إلی جواز الإعادة واستدلوا علیه بأنه لو امتنعت إعادة المعدوم بعینه لکان ذلک إما لماهیته أو لأمر لازم لماهیته ولو کان کذلک لم یوجد ابتداء أو لأمر مفارق فیزول الامتناع بزواله. ورد بأن الامتناع لأمر لازم لوجوده لا لماهیته وأما ما نطقت به الشرائع الحقة فالحشر والمعاد انتقال من نشأة إلی نشأة أخری ولیس إیجاد بعد الإعدام.

ص 27

المرحلة الثانیة فی الوجود المستقل والرابط وفیها ثل

اشاره

المرحلة الثانیة فی الوجود المستقل والرابط وفیها ثلاثة فصول

الفصل الأول فی انقسام الوجود إلی المستقل والرابط

ینقسم الموجود إلی ما وجوده فی نفسه ونسمیه الوجود المستقل والمحمولی أو النفسی وما وجوده فی غیره ونسمیه الوجود الرابط وذلک أن هناک قضایا خارجیة تنطبق بموضوعاتها ومحمولاتها علی الخارج کقولنا زید قائم والإنسان ضاحک مثلا وأیضا مرکبات تقییدیة مأخوذة من هذه القضایا کقیام زید وضحک الإنسان نجد فیها بین أطرافها من الأمر الذی نسمیه نسبة وربطا ما لا نجده فی الموضوع وحده ولا فی المحمول وحده ولا بین الموضوع وغیر المحمول ولا بین المحمول وغیر الموضوع فهناک أمر موجود وراء الموضوع والمحمول. ولیس منفصل الذات عن الطرفین بحیث یکون ثالثهما ومفارقا لهما کمفارقة أحدهما الآخر وإلا احتاج إلی رابط یربطه بالموضوع ورابط آخر یربطه بالمحمول فکان المفروض ثلاثة خمسة واحتاج الخمسة إلی أربعة روابط أخر وصارت تسعة وهلم جرا فتسلسل أجزاء القضیة أو المرکب إلی غیر النهایة وهی محصورة بین حاصرین هذا محال فهو إذن موجود فی الطرفین قائم بهما بمعنی ما لیس بخارج منهما من غیر أن یکون عینهما أو جزأهما أو عین أحدهما أو جزأه ولا أن ینفصل منهما والطرفان اللذان وجوده فیهما هما بخلافه فثبت أن من الموجود ما وجوده فی نفسه وهو المستقل ومنه ما وجوده

ص 29

فی غیره وهو الرابط. وقد ظهر مما تقدم أن معنی توسط النسبة بین الطرفین کون وجودها قائما بالطرفین رابطا بینهما. ویتفرع علیه أمور الأول أن الوعاء الذی یتحقق فیه الوجود الرابط هو الوعاء الذی یتحقق فیه وجود طرفیه سواء کان الوعاء المذکور هو الخارج أو الذهن وذلک لما فی طباع الوجود الرابط من کونه غیر خارج من وجود طرفیه فوعاء وجود کل منها هو بعینه وعاء وجوده فالنسبة الخارجیة إنما تتحقق بین طرفین خارجیین والنسبة الذهنیة إنما بین طرفین ذهنیین والضابط أن وجود الطرفین مسانخ لوجود النسبة الدائرة بینهما وبالعکس. الثانی أن تحقق الوجود الرابط بین طرفین یوجب نحوا من الاتحاد الوجودی بینهما وذلک لما أنه متحقق فیهما غیر متمیز الذات منهما ولا خارج منهما فوحدته الشخصیة تقضی بنحو من الاتحاد بینهما سواء کان هناک حمل کما فی القضایا أو لم یکن کغیرها من المرکبات فجمیع هذه الموارد لا یخلو من ضرب من الاتحاد. الثالث أن القضایا المشتملة علی الحمل الأولی کقولنا الإنسان إنسان لا رابط فیها إلا بحسب الاعتبار الذهنی فقط وکذا الهلیات البسیطة کقولنا الإنسان موجود إذ لا معنی لتحقق النسبة الرابطة بین الشی ء ونفسه. الرابع أن العدم لا یتحقق منه رابط إذ لا شیئیة له ولا تمیز فیه ولازمه أن القضایا الموجبة التی أحد طرفیها أو کلاهما العدم کقولنا زید معدوم وشریک الباری معدوم لا عدم رابطا فیها إذ لا معنی لقیام عدم بعدمین أو بوجود وعدم ولا شیئیة له ولا تمیز اللهم إلا بحسب الاعتبار الذهنی. ونظیرتها القضایا السالبة کقولنا لیس الإنسان بحجر فلا عدم رابط

ص 30

فیها إلا بحسب الاعتبار الذهنی. الخامس أن الوجودات الرابطة لا ماهیة لها لأن الماهیات هی المقولة فی جواب ما هو فهی مستقلة بالمفهومیة والوجودات الرابطة لا مفهوم لها مستقلا بالمفهومیة

الفصل الثانی فی کیفیة اختلاف الوجود الرابط والمستق

الفصل الثانی فی کیفیة اختلاف الوجود الرابط والمستقل

هل الاختلاف بین الوجود المستقل والرابط اختلاف نوعی أو لا بمعنی أن الوجود الرابط وهو ذو معنی تعلقی هل یجوز أن ینسلخ عن هذا الشأن فیعود معنی مستقلا بتوجیه الالتفات إلیه مستقلا بعد ما کان ذا معنی حرفی أو لا یجوز. الحق هو الثانی لما سیأتی فی أبحاث العلة والمعلول أن حاجة المعلول إلی العلة مستقرة فی ذاته ولازم ذلک أن یکون عین الحاجة وقائم الذات بوجود العلة لا استقلال له دونها بوجه ومقتضی ذلک أن یکون وجود کل معلول سواء کان جوهرا أو عرضا موجودا فی نفسه رابطا بالنظر إلی علته وإن کان بالنظر إلی نفسه وبمقایسة بعضه إلی بعض جوهرا أو عرضا موجودا فی نفسه. فتقرر أن اختلاف الوجود الرابط والمستقل لیس اختلافا نوعیا بأن لا یقبل المفهوم غیر المستقل الذی ینتزع من الربط المتبدل إلی المفهوم المستقل المنتزع من المستقل. ویتفرع علی ما تقدم أمور الأول أن المفهوم فی استقلاله بالمفهومیة وعدم استقلاله تابع لوجوده الذی ینتزع منه ولیس له من نفسه إلا الإبهام فحدود الجواهر والأعراض

ص 31

ماهیات جوهریة وعرضیة بقیاس بعضها إلی بعض وبالنظر إلی أنفسها وروابط وجودیة بقیاسها إلی المبدإ الأول تبارک وتعالی وهی فی أنفسها مع قطع النظر عن وجودها لا مستقلة ولا رابطة. الثانی أن من الوجودات الرابطة ما یقوم بطرف واحد کوجود المعلول بالقیاس إلی علته کما أن منها ما یقوم بطرفین کوجودات سائر النسب والإضافات. الثالث أن نشأة الوجود لا تتضمن إلا وجودا واحدا مستقلا هو الواجب عز اسمه والباقی روابط ونسب وإضافات

الفصل الثالث فی انقسام الوجود فی نفسه إلی ما لنفسه

الفصل الثالث فی انقسام الوجود فی نفسه إلی ما لنفسه وما لغیره

ینقسم الموجود فی نفسه إلی ما وجوده لنفسه وما وجوده لغیره والمراد بکون وجود الشی ء لغیره أن یکون وجوده فی نفسه وهو الوجود الذی یطرد عن ماهیته العدم هو بعینه طاردا للعدم عن شی ء آخر لا لعدم ماهیة ذلک الشی ء الآخر وذاته وإلا کانت لموجود واحد ماهیتان وهو محال بل لعدم زائد علی ماهیته وذاته له نوع من المقارنة له کالعلم الذی یطرد بوجوده العدم عن ماهیة نفسه وهو بعینه یطرد الجهل الذی هو عدم ما عن موضوعه. والحجة علی تحقق هذا القسم أعنی الوجود لغیره وجودات الأعراض فإن کلا منها کما یطرد عن ماهیة نفسه العدم یطرد عن موضوعه عدما ما زائدا علی ذاته وکذلک الصور النوعیة المنطبعة فإن لها نوع حصول لموادها تطرد به عن موادها لا عدم ذاتها بل نقصا جوهریا تکمل بطرده وهو المراد بکون وجود الشی ء لغیره وناعتا.

ص 32

ویقابله ما کان وجوده طاردا للعدم عن ماهیة نفسه فحسب وهو الوجود لنفسه کالأنواع التامة الجوهریة کالإنسان والفرس وغیرهما. فتقرر أن الوجود فی نفسه ینقسم إلی ما وجوده لنفسه وما وجوده لغیره وذلک هو المطلوب. ویتبین بما مر أن وجود الأعراض من شئون وجود الجواهر التی هی موضوعاتها وکذلک وجود الصور المنطبعة غیر مباینة لوجود موادها. ویتبین به أیضا أن المفاهیم المنتزعة عن الوجودات الناعتة التی هی أوصاف لموضوعاتها لیست بماهیات لها ولا لموضوعاتها وذلک لأن المفهوم المنتزع عن وجود إنما یکون ماهیة له إذا کان الوجود المنتزع عنه یطرد عن نفسه العدم والوجود الناعت یطرد العدم لا عن نفس المفهوم المنتزع عنه مثلا وجود السواد فی نفسه یطرد العدم عن نفس السواد فالسواد ماهیته وأما هذا الوجود من حیث جعله الجسم أسود فلیس یطرد عدما لا عن السواد فی نفسه ولا عن ماهیة الجسم المنعوت به بل عن صفة یتصف بها الجسم خارجة عن ذاته.

ص 33

المرحلة الثالثة فی انقسام الوجود إلی ذهنی وخارجی

المرحلة الثالثة فی انقسام الوجود إلی ذهنی وخارجی

فصل فی انقسام الوجود إلی ذهنی وخارجی

المعروف من مذهب الحکماء أن لهذه الماهیات الموجودة فی الخارج المترتبة علیها آثارها وجودا آخر لا یترتب علیها فیه آثارها الخارجیة بعینها وإن ترتبت آثار أخر غیر آثارها الخارجیة وهذا النحو من الوجود هو الذی نسمیه الوجود الذهنی وهو علمنا بماهیات الأشیاء. وأنکر الوجود الذهنی قوم فذهب بعضهم إلی أن العلم إنما هو نوع إضافة من النفس إلی المعلوم الخارجی. وذهب بعضهم ونسب إلی القدماء أن الحاصل فی الذهن عند العلم بالأشیاء أشباحها المحاکیة لها کما یحاکی التمثال لذی التمثال مع مباینتهما ماهیة. وقال آخرون بالأشباح مع المباینة وعدم المحاکاة ففیه خطأ من النفس غیر أنه خطأ منظم لا یختل به حیاة الإنسان کما لو فرض إنسان یری الحمرة خضرة دائما فیرتب علی ما یراه خضرة آثار الحمرة دائما. والبرهان علی ثبوت الوجود الذهنی أنا نتصور هذه الأمور الموجودة فی الخارج کالإنسان والفرس مثلا علی نعت الکلیة والصرافة ونحکم علیها بذلک ولا نرتاب أن لمتصورنا هذا ثبوتا ما فی ظرف وجداننا وحکمنا علیه بذلک فهو موجود بوجود ما وإذ لیس بهذه النعوت موجودا فی الخارج لأنه فیه علی نعت

ص 35

الشخصیة والاختلاط فهو موجود فی ظرف آخر لا یترتب علیه فیه آثاره الخارجیة ونسمیه الذهن. وأیضا نتصور أمورا عدمیة غیر موجودة فی الخارج کالعدم المطلق والمعدوم المطلق واجتماع النقیضین وسائر المحالات فلها ثبوت ما عندنا لاتصافها بأحکام ثبوتیة کتمیزها من غیرها وحضورها لنا بعد غیبتها عنا وغیر ذلک وإذ لیس هو الثبوت الخارجی لأنها معدومة فیه ففی الذهن. ولا نرتاب أن جمیع ما نعقله من سنخ واحد فالأشیاء کما أن لها وجودا فی الخارج ذا آثار خارجیة لها وجود فی الذهن لا یترتب علیها فیه تلک الآثار الخارجیة وإن ترتبت علیها آثار أخر غیر آثارها الخارجیة الخاصة. ولو کان هذا الذی نعقله من الأشیاء هو عین ما فی الخارج کما یذهب إلیه القائل بالإضافة لم یمکن تعقل ما لیس فی الخارج کالعدم والمعدوم ولم یتحقق خطأ فی علم. ولو کان الموجود فی الذهن شبحا للأمر الخارجی نسبته إلیه نسبة التمثال إلی ذی التمثال ارتفعت العینیة من حیث الماهیة ولزمت السفسطة لعود علومنا جهالات علی أن فعلیة الانتقال من الحاکی إلی المحکی تتوقف علی سبق علم بالمحکی والمفروض توقف العلم بالمحکی علی الحکایة. ولو کان کل علم مخطئا فی الکشف عما وراءه لزمت السفسطة وأدی إلی المناقضة فإن کون کل علم مخطئا یستوجب أیضا کون هذا العلم بالکلیة مخطئا فیکذب فیصدق نقیضه وهو کون بعض العلم مصیبا. فقد تحصل أن للماهیات وجودا ذهنیا لا تترتب علیها فیه الآثار کما أن لها وجودا خارجیا تترتب علیها فیه الآثار وتبین بذلک انقسام الموجود إلی خارجی وذهنی. وقد تبین بما مر أمور الأمر الأول أن الماهیة الذهنیة غیر داخلة ولا مندرجة تحت المقولة التی

ص 36

کانت داخلة تحتها وهی فی الخارج تترتب علیها آثارها وإنما لها من المقولة مفهومها فقط فالإنسان الذهنی وإن کان هو الجوهر الجسم النامی الحساس المتحرک بالإرادة الناطق لکنه لیس ماهیة موجودة لا فی موضوع بما أنه جوهر ولا ذا أبعاد ثلاثة بما أنه جسم وهکذا فی سائر أجزاء حد الإنسان فلیس له إلا مفاهیم ما فی حده من الأجناس والفصول من غیر ترتب الآثار الخارجیة ونعنی بها الکمالات الأولیة والثانویة ولا معنی للدخول والاندراج تحت مقولة إلا ترتب آثارها الخارجیة وإلا فلو کان مجرد انطباق مفهوم المقولة علی شی ء کافیا فی اندراجه تحتها کانت المقولة نفسها مندرجة تحت نفسها لحملها علی نفسها فکانت فردا لنفسها وهذا معنی قولهم إن الجوهر الذهنی جوهر بالحمل الأولی لا بالحمل الشائع. وأما تقسیم المنطقیین الأفراد إلی ذهنیة وخارجیة فمبنی علی المسامحة تسهیلا للتعلیم. ویندفع بما مر إشکال أوردوه علی القول بالوجود الذهنی وهو أن الذاتیات منحفظة علی القول بالوجود الذهنی فإذا تعقلنا الجوهر کان جوهرا نظرا إلی انحفاظ الذاتیات وهو بعینه عرض لقیامه بالنفس قیام العرض بموضوعه فکان جوهرا وعرضا بعینه واستحالته ظاهرة. وجه الاندفاع أن المستحیل کون شی ء واحد جوهرا وعرضا معا بالحمل الشائع والجوهر المعقول جوهر بالحمل الأولی وعرض بالحمل الشائع فلا استحالة. وإشکال ثان وهو أن لازم القول بالوجود الذهنی أن یکون الجوهر المعقول جوهرا نظرا إلی انحفاظ الذاتیات والعلم عندهم من الکیفیات النفسانیة فالمعقول من الجوهر مندرج تحت مقولة الجوهر وتحت مقولة الکیف وهو محال لأدائه إلی تناقض الذات لکون المقولات متباینة بتمام الذات وکذا إذا تعقلنا الکم مثلا کانت الصورة المعقولة مندرجة تحت

ص 37

مقولتی الکم والکیف معا وهو محال وکذا إذا تعقلنا الکیف المبصر مثلا کان مندرجا تحت نوعین من مقولة الکیف وهما الکیف المحسوس والکیف النفسانی. وجه الاندفاع أنه کیف نفسانی بالحمل الشائع فهو مندرج تحته وأما غیره من المقولات أو أنواعها فمحمول علیه بالحمل الأولی ولیس ذلک من الاندارج فی شی ء. إشکال ثالث وهو أن لازم القول بالوجود الذهنی کون النفس حارة باردة معا ومربعا ومثلثا معا إلی غیر ذلک من المتقابلات عند تصورها هذه الأشیاء إذ لا نعنی بالحار والبارد والمربع والمثلث إلا ما حصلت له هذه المعانی التی توجد للغیر وتنعته. وجه الاندفاع أن الملاک فی کون وجود الشی ء لغیره وکونه ناعتا له هو الحمل الشائع والذی یوجد فی الذهن من برودة وحرارة ونحوهما هو کذلک بالحمل الأولی دون الشائع. وإشکال رابع وهو أن اللازم منه کون شی ء واحد کلیا وجزئیا معا وبطلانه ظاهر بیان الملازمة أن الإنسان المعقول مثلا من حیث تجویز العقل صدقه علی کثیرین کلی وهو بعینه من حیث کونه موجودا قائما بنفس واحدة شخصیة یتمیز بها عن غیره جزئی فهو کلی وجزئی معا. وجه الاندفاع أن الجهة مختلفة فالإنسان المعقول مثلا من حیث إنه مقیس إلی الخارج کلی ومن حیث إنه کیف نفسانی قائم بالنفس غیر مقیس إلی الخارج جزئی. وإشکال خامس وهو أنا نتصور المحالات الذاتیة کشریک الباری وسلب الشی ء عن نفسه واجتماع النقیضین وارتفاعهما فلو کانت الأشیاء حاصلة بذواتها فی الذهن استلزم ذلک ثبوت المحالات الذاتیة. وجه الاندفاع أن الثابت فی الذهن إنما هو مفاهیمها بالحمل الأولی

ص 38

لا مصادیقها بالحمل الشائع فالمتصور من شریک الباری هو شریک الباری بالحمل الأولی وأما بالحمل الشائع فهو ممکن وکیف نفسانی معلول للباری مخلوق له. الأمر الثانی أن الوجود الذهنی لما کان لذاته مقیسا إلی الخارج کان بذاته حاکیا لما وراءه فامتنع أن یکون للشی ء وجود ذهنی من دون أن یکون له وجود خارجی محقق کالماهیات الحقیقیة المنتزعة من الوجود الخارجی أو مقدر کالمفاهیم غیر الماهویة التی یتعملها الذهن بنوع من الاستمداد من معقولاته فیتصور مفهوم العدم مثلا ویقدر له ثبوتا ما یحکیه بما تصوره من المفهوم. وبالجملة شأن الوجود الذهنی الحکایة لما وراءه من دون أن یترتب آثار المحکی علی الحاکی ولا ینافی فی ذلک ترتب آثار نفسه الخاصة به من حیث إن له ماهیة الکیف وکذا لا ینافیه ما سیأتی أن الصور العلمیة مطلقا مجردة عن المادة فإن ترتب آثار الکیف النفسانی وکذا التجرد حکم الصور العلمیة فی نفسها والحکایة وعدم ترتب الآثار حکمها قیاسا إلی الخارج ومن حیث کونها وجودا ذهنیا لماهیة کذا خارجیة. ویندفع بذلک إشکال أوردوه علی القائلین بالوجود الذهنی وهو أنا نتصور الأرض علی سعتها بسهولها وبراریها وجبالها وما یحیط بها من السماء بأرجائها البعیدة والنجوم والکواکب بأبعادها الشاسعة وحصول هذه المقادیر العظیمة فی الذهن أی انطباعها فی جزء عصبی أو جزء دماغی من انطباع الکبیر فی الصغیر وهو محال. ولا یجدی الجواب عنه بما قیل إن المحل الذی ینطبع فیه الصور منقسم إلی غیر النهایة فإن الکف لا تسع الجبل وإن کانت منقسمة إلی غیر النهایة وجه الاندفاع أن الحق کما سیأتی بیانه أن الصور العلمیة الجزئیة غیر مادیة بل مجردة تجردا مثالیا فیه آثار المادة من الأبعاد والألوان والأشکال دون

ص 39

نفس المادة والانطباع من أحکام المادة ولا انطباع فی المجرد. وبذلک یندفع أیضا إشکال آخر هو أن الإحساس والتخیل علی ما بینه علماء الطبیعة بحصول صور الأجسام بما لها من النسب والخصوصیات الخارجیة فی الأعضاء الحساسة وانتقالها إلی الدماغ مع ما لها من التصرف فی الصور بحسب طبائعها الخاصة والإنسان ینتقل إلی خصوصیات مقادیرها وأبعادها وأشکالها بنوع من المقایسة بین أجزاء الصورة الحاصلة عنده علی ما فصلوه فی محله ومن الواضح أن هذه الصور الحاصلة المنطبعة بخصوصیاتها فی محل مادی مباینة للماهیات الخارجیة فلا مسوغ للقول بالوجود الذهنی وحضور الماهیات الخارجیة بأنفسها فی الأذهان. وجه الاندفاع أن ما ذکروه من الفعل والانفعال المادیین عند حصول العلم بالجزئیات فی محله لکن هذه الصور المنطبعة لیست هی المعلومة بالذات وإنما هی أمور مادیة معدة للنفس تهیئها لحضور الماهیات الخارجیة عندها بصور مثالیة مجردة غیر مادیة بناء علی ما سیتبین من تجرد العلم مطلقا وقد عرفت أیضا أن القول بمغایرة الصور عند الحس والتخیل لذوات الصور التی فی الخارج لا ینفک عن السفسطة. الأمر الثالث أنه لما کانت الماهیات الحقیقیة التی تترتب علیها آثارها فی الخارج هی التی تحل الأذهان بدون ترتب من آثارها الخارجیة فلو فرض هناک أمر حیثیة ذاته عین أنه فی الخارج ونفس ترتب الآثار کنفس الوجود العینی وصفاته القائمة به کالقوة والفعل والوحدة والکثرة ونحوها کان ممتنع الحصول بنفسها فی الذهن وکذا لو فرض أمر حیثیة ذاته المفروضة حیثیة البطلان وفقدان الآثار کالعدم المطلق وما یئول إلیه امتنع حلوله الذهن. فحقیقة الوجود وکل ما حیثیة ذاته حیثیة الوجود وکذا العدم المطلق وکل ما حیثیة ذاته المفروضة حیثیة العدم یمتنع أن یحل الذهن حلول الماهیات الحقیقیة.

ص 40

وإلی هذا یرجع معنی قولهم إن المحالات الذاتیة لا صورة صحیحة لها فی الأذهان. وسیأتی إن شاء الله بیان کیفیة انتزاع مفهوم الوجود وما یتصف به والعدم وما یئول إلیه فی مباحث العقل والعقال والمعقول

المرحلة الرابعة فی مواد القضایا الوجوب والامتناع و

اشاره

المرحلة الرابعة فی مواد القضایا الوجوب والامتناع والإمکان وانحصارها فی ثلاث

فی مواد القضایا الوجوب والامتناع والإمکان وانحصارها فی ثلاث

والمقصود بالذات فیها بیان انقسام الموجود إلی الواجب والممکن والبحث عن خواصهما وأما البحث عن الممتنع وخواصه فمقصود بالتبع وبالقصد الثانی وفیها ثمانیة فصول

الفصل الأول فی أن کل مفهوم إما واجب وإما ممکن وإما ممتنع

کل مفهوم فرضناه ثم نسبنا إلیه الوجود فإما أن یکون الوجود ضروری الثبوت له وهو الوجوب أو یکون ضروری الانتفاء عنه وذاک کون العدم ضروریا له وهو الامتناع أو لا یکون الوجود ضروریا له ولا العدم ضروریا له وهو الإمکان وأما احتمال کون الوجود والعدم معا ضروریین له فمندفع بأدنی التفات فکل مفهوم مفروض إما واجب وإما ممتنع وإما ممکن. وهذه قضیة منفصلة حقیقیة مقتنصة من تقسیمین دائرین بین النفی والإثبات بأن یقال کل مفهوم مفروض فإما أن یکون الوجود ضروریا له أو لا وعلی الثانی فإما أن یکون العدم ضروریا له أو لا الأول هو الواجب والثانی هو الممتنع والثالث هو الممکن. والذی یعطیه التقسیم من تعریف المواد الثلاث أن وجوب الشی ء کون وجوده ضروریا له وامتناعه کون عدمه ضروریا له وإمکانه سلب الضرورتین بالنسبة إلیه فالواجب ما یجب وجوده والممتنع ما یجب عدمه والممکن ما لیس یجب وجوده ولا عدمه. وهذه جمیعا تعریفات لفظیة من قبیل شرح الاسم المفید للتنبیه ولیست بتعریفات حقیقیة لأن الضرورة واللاضرورة من المعانی البینة البدیهیة التی ترتسم فی النفس ارتساما أولیا تعرف بنفسها ویعرف بها غیرها ولذلک من

ص 43

حاول أن یعرفها تعریفا حقیقیا أتی بتعریفات دوریة کتعریف الممکن بما لیس بممتنع وتعریف الواجب بما یلزم من فرض عدمه محال أو ما فرض عدمه محال وتعریف المحال بما یجب أن لا یکون إلی غیر ذلک. والذی یقع البحث عنه فی هذا الفن الباحث عن الموجود بما هو موجود بالقصد الأول من هذه المواد الثلاث هو الوجوب والإمکان کما تقدمت الإشارة إلیه وهما وصفان ینقسم بهما الموجود من حیث نسبة وجوده إلیه انقساما أولیا. وبذلک یندفع ما أورد علی کون الإمکان وصفا ثابتا للممکن یحاذی الوجوب الذی هو وصف ثابت للواجب تقریره أن الإمکان کما تحصل من التقسیم السابق سلب ضرورة الوجوب وسلب ضرورة العدم فهما سلبان اثنان وإن عبر عنهما بنحو قولهم سلب الضرورتین فکیف یکون صفة واحدة ناعتة للممکن سلمنا أنه یرجع إلی سلب الضرورتین وأنه سلب واحد لکنه کما یظهر من التقسیم سلب تحصیلی لا إیجاب عدولی فما معنی اتصاف الممکن به فی الخارج ولا اتصاف إلا بالعدول کما اضطروا إلی التعبیر عن الإمکان بأنه لا ضرورة الوجود والعدم وبأنه استواء نسبة الماهیة إلی الوجود والعدم عند ما شرعوا فی بیان خواص الإمکان ککونه لا یفارق الماهیة وکونه علة للحاجة إلی العلة إلی غیر ذلک. وجه الاندفاع أن القضیة المعدولة المحمول تساوی السالبة المحصلة عند وجود الموضوع وقولنا لیس بعض الموجود ضروری الوجود ولا العدم وکذا قولنا لیست الماهیة من حیث هی ضروریة الوجود ولا العدم الموضوع فیه موجود فیتساوی الإیجاب العدولی والسلب التحصیلی فی الإمکان ثم لهذا السلب نسبة إلی الضرورة وإلی موضوعه المسلوب عنه الضرورتان یتمیز بها من غیره فیکون عدما مضافا له حظ من الوجود وله ما یترتب علیه من الآثار وإن وجده العقل أول ما یجد فی صورة السلب التحصیلی کما یجد العمی وهو

ص 44

عدم مضاف کذلک أول ما یجده. ویتفرع علی ما تقدم أمور الأمر الأول أن موضوع الإمکان هو الماهیة إذ لا یتصف الشی ء بلا ضرورة الوجود والعدم إلا إذا کان فی نفسه خلوا من الوجود والعدم جمیعا ولیس إلا الماهیة من حیث هی فکل ممکن ذو ماهیة وبذلک یظهر معنی قولهم کل ممکن زوج ترکیبی له ماهیة ووجود. وأما إطلاق الممکن علی وجود غیر الواجب بالذات وتسمیته بالوجود الإمکانی فاصطلاح آخر فی الإمکان والوجوب یستعمل فیه الإمکان والوجوب بمعنی الفقر الذاتی والغنی الذاتی ولیس یراد به سلب الضرورتین أو استواء النسبة إلی الوجود والعدم إذ لا یعقل ذلک بالنسبة إلی الوجود. الأمر الثانی أن الإمکان لازم الماهیة إذ لو لم یلزمها جاز أن تخلو منه فکانت واجبة أو ممتنعة فکانت فی نفسها موجودة أو معدومة والماهیة من حیث هی لا موجودة ولا معدومة. والمراد بکونه لازما لها أن فرض الماهیة من حیث هی یکفی فی اتصافها بالإمکان من غیر حاجة إلی أمر زائد دون اللزوم الاصطلاحی وهو کون الملزوم علة مقتضیة لتحقق اللازم ولحوقه به إذ لا اقتضاء فی مرتبة الماهیة من حیث هی إثباتا ونفیا. لا یقال تحقق سلب الضرورتین فی مرتبة ذات الماهیة یقضی بکون الإمکان داخلا فی ذات الشی ء وهو ظاهر الفساد. فإنا نقول إنما یکون محمول من المحمولات داخلا فی الذات إذا کان الحمل حملا أولیا ملاکه الاتحاد المفهومی دون الحمل الشائع الذی ملاکه الاتحاد الوجودی والإمکان وسائر لوازم الماهیات الحمل بینها وبین الماهیة من حیث هی حمل شائع لا أولی. الأمر الثالث أن الإمکان موجود بوجود موضوعه فی الأعیان ولیس

ص 45

اعتبارا عقلیا محضا لا صورة له فی الأعیان کما قال به بعضهم ولا أنه موجود فی الخارج بوجود مستقل منحاز کما قال به آخرون. أما أنه موجود فی الأعیان بوجود موضوعه فلأنه قسیم فی التقسیم للواجب الذی ضرورة وجوده فی الأعیان فارتفاع الضرورة الذی هو الإمکان هو فی الأعیان وإذ کان موضوعا فی التقسیم المقتضی لاتصاف المقسم بکل واحد من الأقسام کان فی معنی وصف ثبوتی یتصف به موضوعه فهو معنی عدمی له حظ من الوجود والماهیة متصفة به فی الأعیان وإذ کانت متصفة به فی الأعیان فله وجود فیها علی حد الأعدام المضافة التی هی أوصاف عدمیة ناعتة لموصوفاتها موجودة بوجودها والآثار المترتبة علیه فی الحقیقة هی ارتفاع آثار الوجوب من صرافة الوجود وبساطة الذات والغنی عن الغیر وغیر ذلک. وقد اتضح بهذا البیان فساد قول من قال إن الإمکان من الاعتبارات العقلیة المحضة التی لا صورة له فی خارج ولا ذهن وذلک لظهور أن ضرورة وجود الموجود أمر وعاؤه الخارج وله آثار خارجیة وجودیة. وکذا قول من قال إن للإمکان وجودا فی الخارج منحازا مستقلا وذلک لظهور أنه معنی عدمی واحد مشترک بین الماهیات ثابت بثبوتها فی أنفسها وهو سلب الضرورتین ولا معنی لوجود الأعدام بوجود منحاز مستقل. علی أنه لو کان موجودا فی الأعیان بوجود منحاز مستقل کان إما واجبا بالذات وهو ضروری البطلان وإما ممکنا وهو خارج عن ثبوت الماهیة لا یکفی فیه ثبوتها فی نفسها فکان بالغیر وسیجی ء استحالة الإمکان بالغیر. وقد استدلوا علی ذلک بوجوه أوجهها أن الممکن لو لم یکن ممکنا فی الأعیان لکان إما واجبا فیها أو ممتنعا فیها فیکون الممکن ضروری الوجود أو ضروری العدم هذا محال. ویرده أن الاتصاف بوصف فی الأعیان لا یستلزم تحقق الوصف فیها بوجود منحاز مستقل بل یکفی فیه أن یکون موجودا بوجود موصوفه والإمکان

ص 46

من المعقولات الثانیة الفلسفیة التی عروضها فی الذهن والاتصاف بها فی الخارج وهی موجودة فی الخارج بوجود موضوعاتها. وقد تبین مما تقدم أن الإمکان معنی واحد مشترک کمفهوم الوجود.

تنبیه

تنقسم الضرورة إلی ضرورة أزلیة وهو کون المحمول ضروریا للموضوع لذاته من دون أی قید وشرط حتی الوجود وتختص بما إذا کان ذات الموضوع وجودا قائما بنفسه بحتا لا یشوبه عدم ولا تحده ماهیة وهو الوجود الواجبی تعالی وتقدس فیما یوصف به من صفاته التی هی عین ذاته. وإلی ضرورة ذاتیة وهی کون المحمول ضروریا للموضوع لذاته مع الوجود لا بالوجود کقولنا کل إنسان حیوان بالضرورة فالحیوانیة ذاتیة للإنسان ضروریة له ما دام موجودا ومع الوجود ولولاه لکان باطل الذات لا إنسان ولا حیوان. وإلی ضرورة وصفیة وهی کون المحمول ضروریا للموضوع لوصفه کقولنا کل کاتب متحرک الأصابع بالضرورة ما دام کاتبا وإلی ضرورة وقتیة ومرجعها إلی الضرورة الوصفیة بوجه.

تنبیه آخر

هذا الذی تقدم من معنی الإمکان هو المبحوث عنه فی هذه المباحث وهو إحدی الجهات الثلاث التی لا یخلو عن واحدة منها شی ء من القضایا وقد کان الإمکان عند العامة یستعمل فی سلب الضرورة عن الجانب المخالف ولازمه سلب الامتناع عن الجانب الموافق ویصدق فی الموجبة فیما إذا کان

ص 47

الجانب الموافق ضروریا نحو الکاتب متحرک الأصابع بالإمکان أو مسلوب الضرورة نحو الإنسان متحرک الأصابع بالإمکان ویصدق فی السالبة فیما إذا کان الجانب الموافق ممتنعا نحو لیس الکاتب بساکن الأصابع بالإمکان أو مسلوب الضرورة نحو لیس الإنسان بساکن الأصابع بالإمکان فالإمکان بهذا المعنی أعم موردا من الإمکان بالمعنی المتقدم أعنی سلب الضرورتین ومن کل من الوجوب والامتناع لا أنه أعم مفهوما إذ لا جامع مفهومی بین الجهات ثم نقله الحکماء إلی خصوص سلب الضرورة من الجانبین وسموه إمکانا خاصا وخاصیا وسموا ما عند العامة إمکانا عاما وعامیا وربما أطلق الإمکان وأرید به سلب الضرورات الذاتیة والوصفیة والوقتیة وهو أخص من الإمکان الخاص ولذا یسمی الإمکان الأخص نحو الإنسان کاتب بالإمکان فالماهیة الإنسانیة لا تستوجب الکتابة لا لذاتها ولا لوصف ولا فی وقت مأخوذین فی القضیة وربما أطلق الإمکان وأرید به سلب الضرورات جمیعا حتی الضرورة بشرط المحمول وهو فی الأمور المستقبلة التی لم یتعین فیها إیجاب ولا سلب فالضرورة مسلوبة عنها حتی بحسب المحمول إیجابا وسلبا وهذا الاعتبار بحسب النظر البسیط العامی الذی من شأنه الجهل بالحوادث المستقبلة لعدم إحاطته بالعلل والأسباب وإلا فلکل أمر مفروض بحسب ظرفه إما الوجود والوجوب وإما العدم والامتناع وربما أطلق الإمکان وأرید به الإمکان الاستعدادی وهو وصف وجودی من الکیفیات القائمة بالمادة تقبل به المادة الفعلیات المختلفة والفرق بینه وبین الإمکان الخاص أنه صفة وجودیة تقبل الشدة والضعف والقرب والبعد من الفعلیة موضوعة المادة الموجودة ویبطل منها بوجود المستعد

ص 48

بخلاف الإمکان الخاص الذی هو معنی عقلی لا یتصف بشدة وضعف ولا قرب وبعد وموضوعه الماهیة من حیث هی لا یفارق الماهیة موجودة کانت أو معدومة وربما أطلق الإمکان وأرید به کون الشی ء بحیث لا یلزم من فرض وقوعه محال ویسمی الإمکان الوقوعی وربما أطلق الإمکان وأرید به ما للوجود المعلولی من التعلق والتقوم بالوجود العلی وخاصة الفقر الذاتی للوجود الإمکانی بالنسبة إلی الوجود الواجبی جل وعلا ویسمی الإمکان الفقری والوجودی قبال الإمکان الماهوی.

تنبیه آخر

الجهات الثلاث المذکورة لا تختص بالقضایا التی محمولها الوجود بل تتخلل واحدة منها بین أی محمول مفروض نسب إلی أی موضوع مفروض غیر أن الفلسفة لا تتعرض منها إلا بما یتخلل بین الوجود وعوارضه الذاتیة لکون موضوعها الموجود بما هو موجود.

الفصل الثانی فی انقسام کل من المواد الثلاث

الفصل الثانی فی انقسام کل من المواد الثلاث

إلی ما بالذات وما بالغیر وما بالقیاس إلی الغیر إلا الإمکان

ینقسم کل من هذه المواد الثلاث إلی ما بالذات وما بالغیر وم

ص 49

بالقیاس إلی الغیر إلا الإمکان فلا إمکان بالغیر والمراد بما بالذات أن یکون وضع الذات مع قطع النظر عن جمیع ما عداه کافیا فی اتصافه وبما بالغیر أن لا یکفی فیه وضعه کذلک بل یتوقف علی إعطاء الغیر واقتضائه وبما بالقیاس إلی الغیر أن یکون الاتصاف بالنظر إلی الغیر علی سبیل استدعائه الأعم من الاقتضاء فالوجوب بالذات کضرورة الوجود لذات الواجب تعالی لذاته بذاته والوجوب بالغیر کضرورة وجود الممکن التی تلحقه من ناحیة علته التامة والامتناع بالذات کضرورة العدم للمحالات الذاتیة التی لا تقبل الوجود لذاتها المفروضة کاجتماع النقیضین وارتفاعهما وسلب الشی ء عن نفسه والامتناع بالغیر کضرورة عدم الممکن التی تلحقه من ناحیة عدم علته والإمکان بالذات کون الشی ء فی حد ذاته مع قطع النظر عن جمیع ما عداه مسلوبة عنه ضرورة الوجود وضرورة العدم وأما الإمکان بالغیر فممتنع کما تقدمت الإشارة إلیه وذلک لأنه لو لحق الشی ء إمکان بالغیر من علة مقتضیة من خارج لکان الشی ء فی حد نفسه مع قطع النظر عما عداه إما واجبا بالذات أو ممتنعا بالذات أو ممکنا بالذات لما تقدم أن القسمة إلی الثلاثة حاصرة وعلی الأولین یلزم الانقلاب بلحوق الإمکان له من خارج وعلی الثالث أعنی کونه ممکنا بالذات فإما أن یکون بحیث لو فرضنا ارتفاع العلة الخارجة بقی الشی ء علی ما کان علیه من الإمکان فلا تأثیر للغیر فیه لاستواء وجوده وعدمه وقد فرض مؤثرا هذا خلف وإن لم یبق علی إمکانه لم یکن ممکنا بالذات وقد فرض کذلک هذا خلف هذا لو کان ما بالذات وما بالغیر إمکانا واحدا هو بالذات وبالغیر معا ولو فرض کونه إمکانین اثنین بالذات وبالغیر کان لشی ء واحد من حیثیة

ص 50

واحدة إمکانان لوجود واحد وهو واضح الفساد کتحقق وجودین لشی ء واحد وأیضا فی فرض الإمکان بالغیر فرض العلة الخارجة الموجبة للإمکان وهو فی معنی ارتفاع النقیضین لأن الغیر الذی یفید الإمکان الذی هو لا ضرورة الوجود والعدم لا یفیده إلا برفع العلة الموجبة للوجود ورفع العلة الموجبة للعدم التی هی عدم العلة الموجبة للوجود فإفادتها الإمکان لا تتم إلا برفعها وجود العلة الموجبة للوجود وعدمها معا وفیه ارتفاع النقیضین والوجوب بالقیاس إلی الغیر کوجوب العلة إذا قیست إلی معلولها باستدعاء منه فإنه بوجوده یأبی إلا أن تکون علته موجودة وکوجوب المعلول إذا قیس إلی علته التامة باقتضاء منها فإنها بوجودها تأبی إلا أن یکون معلولها موجودا وکوجوب أحد المتضائفین إذا قیس إلی وجود الآخر والضابط فیه أن تکون بین المقیس والمقیس إلیه علیة ومعلولیة أو یکونا معلولی علة واحدة إذ لو لا رابطة العلیة بینهما لم یتوقف أحدهما علی الآخر فلم یجب عند ثبوت أحدهما ثبوت الآخر والامتناع بالقیاس إلی الغیر کامتناع وجود العلة التامة إذا قیس إلی عدم المعلول بالاستدعاء وکامتناع وجود المعلول إذا قیس إلی عدم العلة بالاقتضاء وکامتناع وجود أحد المتضائفین إذا قیس إلی عدم الآخر وعدمه إذا قیس إلی وجود الآخر والإمکان بالقیاس إلی الغیر حال الشی ء إذا قیس إلی ما لا یستدعی وجوده ولا عدمه والضابط أن لا یکون بینهما علیة ومعلولیة ولا معلولیتهما لواحد ثالث ولا إمکان بالقیاس بین موجودین لأن الشی ء المقیس إما واجب بالذات مقیس إلی ممکن أو بالعکس وبینهما علیة ومعلولیة وإما ممکن مقیس إلی ممکن آخر وهما ینتهیان إلی الواجب بالذات

ص 51

نعم للواجب بالذات إمکان بالقیاس إذا قیس إلی واجب آخر مفروض أو إلی معلولاته من خلقه حیث لیس بینهما علیة ومعلولیة ولا هما معلولان لواحد ثالث ونظیر الواجبین بالذات المفروضین الممتنعان بالذات إذا قیس أحدهما إلی الآخر أو إلی ما یستلزمه الآخر وکذا الإمکان بالقیاس بین الواجب بالذات والممکن المعدوم لعدم بعض شرائط وجوده فإنه معلول انعدام علته التامة التی یصیر الواجب بالذات علی الفرض جزءا من أجزائها غیر موجب للممکن المفروض فللواجب بالذات إمکان بالقیاس إلیه وبالعکس وقد تبین بما مر أولا أن الواجب بالذات لا یکون واجبا بالغیر ولا ممتنعا بالغیر وکذا الممتنع بالذات لا یکون ممتنعا بالغیر ولا واجبا بالغیر ویتبین به أن کل واجب بالغیر فهو ممکن وکذا کل ممتنع بالغیر فهو ممکن وثانیا أنه لو فرض واجبان بالذات لم یکن بینهما علاقة لزومیة وذلک لأنها إنما تتحقق بین شیئین أحدهما علة للآخر أو هما معلولا علة ثالثة ولا سبیل للمعلولیة إلی واجب بالذات.

الفصل الثالث فی أن واجب الوجود بالذات ماهیته إنیته

الفصل الثالث فی أن واجب الوجود بالذات ماهیته إنیته

واجب الوجود بالذات ماهیته إنیته بمعنی أن لا ماهیة له وراء وجوده الخاص به والمسألة بینة بالعطف علی ما تقدم من أن الإمکان لازم الماهیة فکل ماهیة فهی ممکنة وینعکس إلی أن ما لیس بممکن فلا ماهیة له فلا ماهیة للواجب بالذات وراء وجوده الواجبی

ص 52

وقد أقاموا علیه مع ذلک حججا أمتنها أنه لو کان للواجب بالذات ماهیة وراء وجوده الخاص به کان وجوده زائدا علیها عرضیا لها وکل عرضی معلل فکان وجوده معلولا إما لماهیته أو لغیرها والثانی وهو المعلولیة للغیر ینافی وجوب الوجود بالذات والأول وهو معلولیته لماهیته تستوجب تقدم ماهیته علی وجوده بالوجود لوجوب تقدم العلة علی معلولها بالوجود بالضرورة فلو کان هذا الوجود المتقدم عین الوجود المتأخر لزم تقدم الشی ء علی نفسه وهو محال ولو کان غیره لزم أن توجد ماهیة واحدة بأکثر من وجود واحد وقد تقدمت استحالته علی أنا ننقل الکلام إلی الوجود المتقدم فیتسلسل واعترض علیه بأنه لم لا یجوز أن تکون ماهیته علة مقتضیة لوجوده وهی متقدمة علیه تقدما بالماهیة کما أن أجزاء الماهیة علل قوامها وهی متقدمة علیها تقدما بالماهیة لا بالوجود ودفع بأن الضرورة قائمة علی توقف المعلول فی نحو وجوده علی وجود علته فتقدم العلة فی نحو ثبوت المعلول غیر أنه أشد فإن کان ثبوت المعلول ثبوتا خارجیا کان تقدم العلة علیه فی الوجود الخارجی وإن کان ثبوتا ذهنیا فکذلک وإذ کان وجود الواجب لذاته حقیقیا خارجیا وکانت له ماهیة هی علة موجبة لوجوده کان من الواجب أن تتقدم ماهیته علیه فی الوجود الخارجی لا فی الثبوت الماهوی فالمحذور علی حاله حجة أخری کل ماهیة فإن العقل یجوز بالنظر إلی ذاتها أن یتحقق لها وراء ما وجد لها من الأفراد أفراد أخر إلی ما لا نهایة له فما لم یتحقق من فرد فلامتناعه بالغیر إذ لو کان لامتناعه بذاته لم یتحقق منه فرد أصلا فإذا فرض هذا الذی له ماهیة واجبا بالذات کانت ماهیته کلیة لها وراء ما وجد من أفراده فی الخارج أفراد معدومة جائزة الوجود بالنظر إلی نفس الماهیة وإنما امتنعت بالغیر ومن المعلوم أن الامتناع بالغیر لا یجامع الوجوب

ص 53

بالذات وقد تقدم أن کل واجب بالغیر وممتنع بالغیر فهو ممکن فإذن الواجب بالذات لا ماهیة له وراء وجوده الخاص واعترض علیه بأنه لم لا یجوز أن یکون للواجب بالذات حقیقة وجودیة غیر زائدة علی ذاته بل هو عین ذاته ثم العقل یحلله إلی وجود ومعروض له جزئی شخصی غیر کلی هو ماهیته ودفع بأنه مبنی علی ما هو الحق من أن التشخص بالوجود لا غیر وسیأتی فی مباحث الماهیة فقد تبین بما مر أن الواجب بالذات حقیقة وجودیة لا ماهیة لها تحدها هی بذاتها واجبة الوجود من دون حاجة إلی انضمام حیثیة تعلیلیة أو تقییدیة وهی الضرورة الأزلیة وقد تقدم فی المرحلة الأولی أن الوجود حقیقة عینیة مشککة ذات مراتب مختلفة کل مرتبة من مراتبها تجد الکمال الوجودی الذی لما دونها وتقومه وتتقوم بما فوقها فاقدة بعض ما له من الکمال وهو النقص والحاجة إلا المرتبة التی هی أعلی المراتب التی تجد کل کمال ولا تفقد شیئا منه وتقوم بها کل مرتبة ولا تقوم بشی ء وراء ذاتها فتنطبق الحقیقة الواجبیة علی القول بالتشکیک علی المرتبة التی هی أعلی المراتب التی لیس وراءها مرتبة تحدها ولا فی الوجود کمال تفقده ولا فی ذاتها نقص أو عدم یشوبها ولا حاجة تقیدها وما یلزمها من الصفات السلبیة مرجعها إلی سلب السلب وانتفاء النقص والحاجة وهو الإیجاب وبذلک یندفع وجوه من الاعتراض أوردوها علی القول بنفی الماهیة عن الواجب بالذات منها أن حقیقة الواجب بالذات لا تساوی حقیقة شی ء مما سواها لأن حقیقة غیره تقتضی الإمکان وحقیقته تنافیه ووجوده یساوی وجود الممکن فی أنه وجود فحقیقته غیر وجوده وإلا کان وجود کل ممکن واجبا ومنها أنه لو کان وجود الواجب بالذات مجردا عن الماهیة فحصول هذ

ص 54

الوصف له إن کان لذاته کان وجود کل ممکن واجبا لاشتراک الوجود وهو محال وإن کان لغیره لزمت الحاجة إلی الغیر ولازمه الإمکان وهو خلف ومنها أن الواجب بالذات مبدأ للممکنات فعلی تجرده عن الماهیة إن کانت مبدئیته لذاته لزم أن یکون کل وجود کذلک ولازمه کون کل ممکن علة لنفسه ولعلله وهو بین الاستحالة وإن کانت لوجوده مع قید التجرد لزم ترکب المبدإ الأول بل عدمه لکون أحد جزأیه وهو التجرد عدمیا وإن کانت بشرط التجرد لزم جواز أن یکون کل وجود مبدأ لکل وجود إلا أن الحکم تخلف عنه لفقدان الشرط وهو التجرد ومنها أن الواجب بذاته إن کان نفس الکون فی الأعیان وهو الکون المطلق لزم کون کل موجود واجبا وإن کان هو الکون مع قید التجرد عن الماهیة لزم ترکب الواجب مع أنه معنی عدمی لا یصلح أن یکون جزءا للواجب وإن کان هو الکون بشرط التجرد لم یکن الواجب بالذات واجبا بذاته وإن کان غیر الکون فی الأعیان فإن کان بدون الکون لزم أن لا یکون موجودا فلا یعقل وجود بدون الکون وإن کان الکون داخلا لزم الترکب والتوالی المتقدمة کلها ظاهرة البطلان وإن کان الکون خارجا عنه فوجوده خارج عن حقیقته وهو المطلوب إلی غیر ذلک من الاعتراضات ووجه اندفاعها أن المراد بالوجود المأخوذ فیها إما المفهوم العام البدیهی وهو معنی عقلی اعتباری غیر الوجود الواجبی الذی هو حقیقة عینیة خاصة بالواجب وإما طبیعة کلیة مشترکة متواطئة متساویة المصادیق فالوجود العینی حقیقة مشککة مختلفة المراتب أعلی مراتبها الوجود الخاص بالواجب بالذات وأیضا التجرد عن الماهیة لیس وصفا عدمیا بل هو فی معنی نفی الحد الذی هو من سلب السلب الراجع إلی الإیجاب وقد تبین أیضا أن ضرورة الوجود للواجب بالذات ضرورة أزلیة لا ذاتیة

ص 55

ولا وصفیة فإن من الضرورة ما هی أزلیة وهی ضرورة ثبوت المحمول للموضوع بذاته من دون أی قید وشرط کقولنا الواجب موجود بالضرورة ومنها ضرورة ذاتیة وهی ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع مع الوجود لا بالوجود سواء کان ذات الموضوع علة للمحمول کقولنا کل مثلث فإن زوایاه الثلاث مساویة لقائمتین بالضرورة فإن ماهیة المثلث علة للمساواة إذا کانت موجودة أو لم یکن ذات الموضوع علة لثبوت المحمول کقولنا کل إنسان إنسان بالضرورة أو حیوان أو ناطق بالضرورة فإن ضرورة ثبوت الشی ء لنفسه بمعنی عدم الانفکاک حال الوجود من دون أن یکون الذات علة لنفسه ومنها ضرورة وصفیة وهی ضرورة ثبوت المحمول للموضوع بوصفه مع الوجود لا بالوجود کقولنا کل کاتب متحرک الأصابع بالضرورة ما دام کاتبا وقد تقدمت إشارة إلیها.

الفصل الرابع فی أن واجب الوجود بالذات واجب الوجود

الفصل الرابع فی أن واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جمیع الجهات

واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جمیع الجهات قال صدر المتألهین ره المقصود من هذا أن واجب الوجود لیس فیه جهة إمکانیة فإن کل ما یمکن له بالإمکان العام فهو واجب له ومن فروع هذه الخاصة أنه لیس له حالة منتظرة فإن ذلک أصل یترتب علیه هذا الحکم ولیس هذا عینه کما زعمه کثیر من الناس فإن ذلک هو

ص 56

الذی یعد من خواص الواجب دون هذا لاتصاف المفارقات النوریة به إذ لو کان للمفارق حالة منتظرة کمالیة یمکن حصولها فیه لاستلزم تحقق الإمکان الاستعدادی فیه والانفعال عن عالم الحرکة والأوضاع الجرمانیة وذلک یوجب تجسمه وتکدره مع کونه مجردا نوریا هذا خلف انتهی ج1 ص122 والحجة فیه أنه لو کان للواجب بالذات المنزه عن الماهیة بالنسبة إلی صفة کمالیة من الکمالات الوجودیة جهة إمکانیة کانت ذاته فی ذاته فاقدة لها مستقرا فیها عدمها فکانت مرکبة من وجود وعدم ولازمه ترکب الذات ولازم الترکب الحاجة ولازم الحاجة الإمکان والمفروض وجوبه هذا خلف حجة أخری أن ذات الواجب بالذات لو لم تکن کافیة فی وجوب شی ء من الصفات الکمالیة التی یمکن أن تتصف بها کانت محتاجة فیه إلی الغیر وحینئذ لو اعتبرنا الذات الواجبة بالذات فی نفسها مع قطع النظر عن ذلک الغیر وجودا وعدما فإن کانت واجبة مع وجود تلک الصفة لغت علیه ذلک الغیر وقد فرض علة هذا خلف وإن کانت واجبة مع عدم تلک الصفة لزم الخلف أیضا وأورد علیها أن عدم اعتبار العلة بحسب اعتبار العقل لا ینافی تحققها فی نفس الأمر کما أن اعتبار الماهیة من حیث هی هی وخلوها بحسب هذا الاعتبار عن الوجود والعدم والعلة الموجبة لهما لا ینافی اتصافها فی الخارج بأحدهما وحصول علته ورد بأنه قیاس مع الفارق فإن حیثیة الماهیة من حیث هی غیر حیثیة الواقع فمن الجائز أن یعتبرها العقل ویقصر النظر إلیها من حیث هی من دون ملاحظة غیرها من وجود وعدم وعلتهما وهذا بخلاف الوجود العینی فإن حیثیة ذاته عین حیثیة الواقع ومتن التحقق فلا یمکن اعتباره بدون اعتبار جمیع ما یرتبط به من علة وشرط

ص 57

ویمکن تقریر الحجة بوجه آخر وهو أن عدم کفایة الذات فی وجوب صفة من صفاته الکمالیة یستدعی حاجته فی وجوبها إلی الغیر فهو العلة الموجبة ولازمه أن یتصف الواجب بالذات بالوجوب الغیری وقد تقدمت استحالته وأورد علی أصل المسألة بأنه منقوض بالنسب والإضافات اللاحقة للذات الواجبیة من قبل أفعاله المتعلقة بمعلولاته الممکنة الحادثة فإن النسب والإضافات قائمة بأطرافها تابعة لها فی الإمکان کالخلق والرزق والإحیاء والإماتة وغیرها ویندفع بأن هذه النسب والإضافات والصفات المأخوذة منها کما سیأتی بیانه معان منتزعة من مقام الفعل لا من مقام الذات نعم لوجود هذه النسب والإضافات ارتباط واقعی به تعالی والصفات المأخوذة منها للذات واجبة بوجوبها فکونه تعالی بحیث یخلق وکونه بحیث یرزق إلی غیر ذلک صفات واجبة ومرجعها إلی الإضافة الإشراقیة وسیأتی تفصیل القول فیه فیما سیأتی إن شاء الله تعالی وقد تبین بما مر أولا أن الوجود الواجبی وجود صرف لا ماهیة له ولا عدم معه فله کل کمال فی الوجود وثانیا أنه واحد وحدة الصرافة وهی المسماة بالوحدة الحقة بمعنی أن کل ما فرضته ثانیا له امتاز عنه بالضرورة بشی ء من الکمال لیس فیه فترکبت الذات من وجود وعدم وخرجت عن محوضة الوجود وصرافته وقد فرض صرفا هذا خلف فهو فی ذاته البحتة بحیث کلما فرضت له ثانیا عاد أولا وهذا هو المراد بقولهم إنه واحد لا بالعدد وثالثا أنه بسیط لا جزء له لا عقلا ولا خارجا وإلا خرج عن صرافة الوجود وقد فرض صرفا هذا خلف

ص 58

ورابعا أن ما انتزع عنه وجوبه هو بعینه ما انتزع عنه وجوده ولازمه أن کل صفة من صفاته وهی جمیعا واجبة عین الصفة الأخری وهی جمیعا عین الذات المتعالیة وخامسا أن الوجوب من شئون الوجود الواجبی کالوحدة غیر خارج من ذاته وهو تأکد الوجود الذی مرجعه صراحة مناقضته لمطلق العدم وطرده له فیمتنع طرو العدم علیه والوجود الإمکانی أیضا وإن کان مناقضا للعدم مطاردا له إلا أنه لما کان رابطا بالنسبة إلی علته التی هی الواجب بالذات بلا واسطة أو معها وهو قائم بها غیر مستقل عنها بوجه لم یکن محکوما بحکم فی نفسه إلا بانضمام علته إلیه فهو واجب بإیجاب علته التی هی الواجب بالذات یأبی العدم ویطرده بانضمامها إلیه.

الفصل الخامس الشی ء ما لم یجب لم یوجد وفیه بطلان ا

الفصل الخامس الشی ء ما لم یجب لم یوجد وفیه بطلان القول بالأولویة

قد تقدم أن الماهیة فی مرتبة ذاتها لیست إلا هی لا موجودة ولا معدومة ولا أی شی ء آخر مسلوبة عنها ضرورة الوجود وضرورة العدم سلبا تحصیلیا وهو الإمکان فهی عند العقل متساویة النسبة إلی الوجود والعدم فلا یرتاب العقل فی أن تلبسها بواحد من الوجود والعدم لا یستند إلیها لمکان استواء النسبة ولا أنه یحصل من غیر سبب بل یتوقف علی أمر وراء الماهیة یخرجها من حد الاستواء ویرجح لها الوجود أو العدم وهو العلة ولیس ترجیح جانب الوجود بالعلة إلا بإیجاب الوجود إذ لو لا الإیجاب لم یتعین الوجود لها بل کانت جائزة الطرفین ولم ینقطع السؤال أنها لم صارت موجودة مع جواز

ص 59

العدم لها فلا یتم من العلة إیجاد إلا بإیجاب الوجود للمعلول قبل ذلک والقول فی علة العدم وإعطائها الامتناع للمعلول نظیر القول فی علة الوجود وإعطائها الوجوب فعلة الوجود لا تتم علة إلا إذا صارت موجبة وعلة العدم لا تتم علة إلا إذا کانت بحیث تفید امتناع معلولها فالشی ء ما لم یجب لم یوجد وما لم یمتنع لم یعدم وأما قول بعضهم إن وجوب وجود المعلول یستلزم کون العلة علی الإطلاق موجبة بفتح الجیم غیر مختارة فیلزم کون الواجب تعالی موجبا فی فعله غیر مختار وهو محال فیدفعه أن هذا الوجوب الذی یتلبس به المعلول وجوب غیری ووجوب المعلول منتزع من وجوده لا یتعداه ومن الممتنع أن یؤثر المعلول فی وجود علته وهو مترتب علیه متأخر عنه قائم به وقد ظهر بما تقدم بطلان القول بالأولویة علی أقسامها توضیحه أن قوما من المتکلمین زعما منهم أن القول باتصاف الممکن بالوجوب فی ترجح أحد جانبی الوجود والعدم له یستلزم کون الواجب فی مبدئیته للإیجاد فاعلا موجبا بفتح الجیم تعالی عن ذلک وتقدس ذهبوا إلی أن ترجح أحد الجانبین له بخروج الماهیة عن حد الاستواء إلی أحد الجانبین بکون الوجود أولی له أو العدم أولی له من دون أن یبلغ أحد الجانبین فیخرج به من حد الإمکان فقد ترجح الموجود من الماهیات بکون الوجود أولی له من غیر وجوب والمعدوم منها بکون العدم أولی له من غیر وجوب وقد قسموا الأولویة إلی ذاتیة تقتضیها الماهیة بذاتها أو لا تنفک عنها وغیر ذاتیة تفیدها العلة الخارجة وکل من القسمین إما کافیة فی وقوع المعلول وإما غیر کافیة ونقل عن بعض القدماء أنهم اعتبروا أولویة الوجود فی بعض

ص 60

الموجودات وأثره أکثریة الوجود أو شدته وقوته أو کونه أقل شرطا للوقوع واعتبروا أولویة العدم فی بعض آخر وأثره أقلیة الوجود أو ضعفه أو کونه أکثر شرطا للوقوع ونقل عن بعضهم اعتبارها فی طرف العدم بالنسبة إلی طائفة من الموجودات فقط ونقل عن بعضهم اعتبار أولویة العدم بالنسبة إلی جمیع الموجودات الممکنة لکون العدم أسهل وقوعا هذه أقوالهم علی اختلافها وقد بان بما تقدم فساد القول بالأولویة من أصلها فإن حصول الأولویة فی أحد جانبی الوجود والعدم لا ینقطع به جواز وقوع الطرف الآخر والسؤال فی تعین الطرف الأولی مع جواز الطرف الآخر علی حاله وإن ذهبت الأولویات إلی غیر النهایة حتی ینتهی إلی ما یتعین به الطرف الأولی وینقطع به جواز الطرف الآخر وهو الوجوب علی أن فی القول بالأولویة إبطالا لضرورة توقف الماهیات الممکنة فی وجودها وعدمها علی علة إذ یجوز علیه أن یقع الجانب المرجوح مع حصول الأولویة للجانب الآخر وحضور علته التامة وقد تقدم أن الجانب المرجوح الواقع یستحیل تحقق علته حینئذ فهو فی وقوعه لا یتوقف علی علة هذا خلف ولهم فی رد هذه الأقوال وجوه أخر أوضحوا بها فسادها أغمضنا عن إیرادها بعد ظهور الحال بما تقدم وأما حدیث استلزام الوجوب الغیری أعنی وجوب المعلول بالعلة لکون العلة موجبة بفتح الجیم فواضح الفساد کما تقدم لأن هذا الوجوب انتزاع عقلی عن وجود المعلول غیر زائد علی وجوده والمعلول بتمام حقیقته أمر متفرع علی علته قائم الذات بها متأخر عنها وما شأنه هذا لا یعقل أن یؤثر فی العلة ویفعل فیها ومن فروع هذه المسألة أن القضایا التی جهتها الأولویة لیست ببرهانیة

ص 61

إذ لا جهة إلا الضرورة والإمکان اللهم إلا أن یرجع المعنی إلی نوع من التشکیک تنبیه ما مر من وجوب الوجود للماهیة وجوب بالغیر سابق علی وجودها منتزع عنه وهناک وجوب آخر لاحق یلحق الماهیة الموجودة ویسمی الضرورة بشرط المحمول وذلک أنه لو أمکن للماهیة المتلبسة بالوجود ما دامت متلبسة أن یطرأها العدم الذی یقابله ویطرده لکان فی ذلک إمکان اقتران النقیضین وهو محال ولازمه استحالة انفکاک الوجود عنها ما دام التلبس ومن حیثه وذلک وجوب الوجود من هذه الحیثیة ونظیر البیان یجری فی الامتناع اللاحق للماهیة المعدومة فالماهیة الموجودة محفوفة بوجوبین والماهیة المعدومة محفوفة بامتناعین ولیعلم أن هذا الوجوب اللاحق وجوب بالغیر کما أن الوجوب السابق کان بالغیر وذلک لمکان انتزاعه من وجود الماهیة من حیث اتصاف الماهیة به کما أن الوجوب السابق منتزع منه من حیث انتسابه إلی العلة الفیاضة له.

الفصل السادس فی حاجة الممکن إلی العلة

الفصل السادس فی حاجة الممکن إلی العلة

وأن علة حاجته إلی العلة هو الإمکان دون الحدوث

حاجة الممکن أی توقفه فی تلبسه بالوجود أو العدم إلی أمر وراء ماهیته

ص 62

من الضروریات الأولیة التی لا یتوقف التصدیق بها علی أزید من تصور موضوعها ومحمولها فإنا إذا تصورنا الماهیة بما أنها ممکنة تستوی نسبتها إلی الوجود والعدم وتوقف ترجح أحد الجانبین لها وتلبسها به علی أمر وراء الماهیة لم نلبث دون أن نصدق به فاتصاف الممکن بأحد الوصفین أعنی الوجود والعدم متوقف علی أمر وراء نفسه ونسمیه العلة لا یرتاب فیه عقل سلیم وأما تجویز اتصافه وهو ممکن مستوی النسبة إلی الطرفین بأحدهما لا لنفسه ولا لأمر وراء نفسه فخروج عن الفطرة الإنسانیة وهل علة حاجته إلی العلة هو الإمکان أو الحدوث قال جمع من المتکلمین بالثانی والحق هو الأول وبه قالت الحکماء واستدلوا علیه بأن الماهیة باعتبار وجودها ضروریة الوجود وباعتبار عدمها ضروریة العدم وهاتان ضرورتان بشرط المحمول والضرورة مناط الغنی عن العلة والسبب والحدوث هو کون وجود الشی ء بعد عدمه وإن شئت فقل هو ترتب إحدی الضرورتین علی الأخری والضرورة کما عرفت مناط الغنی عن السبب فما لم تعتبر الماهیة بإمکانها لم یرتفع الغنی ولم تتحقق الحاجة ولا تتحقق الحاجة إلا بعلتها ولیس لها إلا الإمکان حجة أخری الحدوث وهو کون الوجود مسبوقا بالعدم صفة الوجود الخاص فهو مسبوق بوجود المعلول لتقدم الموصوف علی الصفة والوجود مسبوق بإیجاد العلة والإیجاد مسبوق بوجوب المعلول ووجوبه مسبوق بإیجاب العلة علی ما تقدم وإیجاب العلة مسبوق بحاجة المعلول وحاجة المعلول مسبوقة بإمکانه إذ لو لم یکن ممکنا لکان إما واجبا وإما ممتنعا والوجوب والامتناع مناط الغنی عن العلة فلو کان الحدوث علة للحاجة والعلة متقدمة علی معلولها بالضرورة لکان متقدما علی نفسه بمراتب وهو محال فالعلة هی الإمکان إذ لا یسبقها مما یصلح للعلیة غیره والحاجة تدور معه وجودا وعدما والحجة تنفی کون الحدوث مما یتوقف علیه الحاجة بجمیع احتمالاته من

ص 63

کون الحدوث علة وحده وکون العلة هو الإمکان والحدوث جمیعا وکون الحدوث علة والإمکان شرطا وکون الإمکان علة والحدوث شرطا أو عدم الحدوث مانعا وقد استدلوا علی نفی علیة الإمکان وحده للحاجة بأنه لو کان علة الحاجة إلی العلة هو الإمکان من دون الحدوث جاز أن یوجد القدیم الزمانی وهو الذی لا یسبقه عدم زمانی وهو محال فإنه لدوام وجوده لا سبیل للعدم إلیه حتی یحتاج فی رفعه إلی علة تفیض علیه الوجود فدوام الوجود یغنیه عن العلة ویدفعه أن موضوع الحاجة هو الماهیة بما أنها ممکنة دون الماهیة بما أنها موجودة والماهیة بوصف الإمکان محفوظة مع الوجود الدائم کما أنها محفوظة مع غیره فالماهیة القدیمة الوجود تحتاج إلی العلة بما هی ممکنة کالماهیة الحادثة الوجود والوجود الدائم مفاض علیها کالوجود الحادث وأما الماهیة الموجودة بما أنها موجوده فلها الضرورة بشرط المحمول والضرورة مناط الغنی عن العلة بمعنی أن الموجود بما أنها موجودة لا یحتاج إلی موجودیة أخری تطرأ علیه علی أن مرادهم من الحدوث الذی اشترطوه فی الحاجة الحدوث الزمانی الذی هو کون الوجود مسبوقا بعدم زمانی فما ذکروه منتقض بنفس الزمان إذ لا معنی لکون الزمان مسبوقا بعدم زمانی مضافا إلی أن إثبات الزمان قبل کل ماهیة إمکانیة إثبات للحرکة الراسمة للزمان وفیه إثبات متحرک تقوم به الحرکة وفیه إثبات الجسم المتحرک والمادة والصورة فکلما فرض وجود لماهیة ممکنة کانت قبله قطعة زمان وکلما فرضت قطعة زمان کان عندها ماهیة ممکنة فالزمان لا یسبقه عدم زمانی وأجاب بعضهم عن النقض بأن الزمان أمر اعتباری وهمی لا بأس بنسبة القدم علیه إذ لا حقیقة له وراء الوهم وفیه أنه هدم لما بنوه من إسناد حاجة الممکن إلی حدوثه الزمانی إذ

ص 64

الحادث والقدیم علیه واحد وأجاب آخرون بأن الزمان منتزع عن وجود الواجب تعالی فهو من صقع المبدإ تعالی لا بأس بقدمه ورد بأن الزمان متغیر بالذات وانتزاعه من ذات الواجب بالذات مستلزم لتطرق التغیر علی ذاته تعالی وتقدس ودفع ذلک بأن من الجائز أن لا یطابق المعنی المنتزع المصداق المنتزع منه من کل جهة فیباینه وفیه أن تجویز مباینة المفهوم المنتزع للمنتزع منه سفسطة إذ لو جاز مباینة المفهوم للمصداق لانهدم بنیان التصدیق العلمی من أصله

تنبیه

قد تقدم فی مباحث العدم أن العدم بطلان محض لا شیئیة له ولا تمایز فیه غیر أن العقل ربما یضیفه إلی الوجود فیحصل له ثبوت ما ذهنی وحظ ما من الوجود فیتمیز بذلک عدم من عدم کعدم البصر المتمیز من عدم السمع وعدم الإنسان المتمیز من عدم الفرس فیرتب العقل علیه ما یراه من الأحکام الضروریة ومرجعها بالحقیقة تثبیت ما یحاذیها من أحکام الوجود ومن هذا القبیل حکم العقل بحاجة الماهیة الممکنة فی تلبسها بالعدم إلی علة هی عدم علة الوجود فالعقل إذا تصور الماهیة من حیث هی الخالیة من التحصل واللاتحصل ثم قاس إلیها الوجود والعدم وجد بالضرورة إن تحصلها بالوجود متوقف علی علة موجودة ویستتبعه أن علة وجودها لو لم توجد لم توجد الماهیة المعلولة فیتم الحکم بأن الماهیة الممکنة لإمکانها تحتاج فی اتصافها بشی ء من الوجود والعدم إلی مرجح یرجح ذلک ومرجح الوجود وجود العلة ومرجح العدم عدمها أی لو انتفت العلة الموجدة لم توجد الماهیة

ص 65

المعلولة وحقیقته أن وجود الماهیة الممکنة متوقف علی وجود علتها.

الفصل السابع الممکن محتاج إلی العلة بقاء کما أنه م

الفصل السابع الممکن محتاج إلی العلة بقاء کما أنه محتاج إلیها حدوثا

وذلک لأن علة حاجته إلی العلة هی إمکانه اللازم لماهیته کما تقدم بیانه والماهیة محفوظة معه بقاء کما أنها محفوظة معه حدوثا فله حاجة إلی العلة الفیاضة لوجوده حدوثا وبقاء وهو المطلوب حجة أخری الهویة العینیة لکل شی ء هو وجوده الخاص به والماهیة اعتباریة منتزعة منه کما تقدم بیانه ووجود الممکن المعلول وجود رابط متعلق الذات بعلته متقوم بها لا استقلال له دونها لا ینسلخ عن هذا الشأن کما سیجی ء بیانه إن شاء الله فحاله فی الحاجة إلی العلة حدوثا وبقاء واحد والحاجة ملازمة له والفرق بین الحجتین أن الأولی تثبت المطلوب من طریق الإمکان الماهوی بمعنی استواء نسبة الماهیة إلی الوجود والعدم والثانیة من طریق الإمکان الوجودی بمعنی الفقر الوجودی المتقوم بغنی العلة

الفصل الثامن فی بعض أحکام الممتنع بالذات

الفصل الثامن فی بعض أحکام الممتنع بالذات

لما کان الامتناع بالذات هو ضرورة العدم بالنظر إلی ذات الشی ء المفروضة کان مقابلا للوجوب بالذات الذی هو ضرورة الوجود بالنظر إلی ذات الشی ء العینیة یجری فیه من الأحکام ما یقابل أحکام الوجوب الذاتی

ص 66

قال فی الأسفار بعد کلام له فی أن العقل کما لا یقدر أن یتعقل حقیقة الواجب بالذات لغایة مجده وعدم تناهی عظمته وکبریائه کذلک لا یقدر أن یتصور الممتنع بالذات بما هو ممتنع بالذات لغایة نقصه ومحوضة بطلانه ولا شیئیته وکما تحقق أن الواجب بالذات لا یکون واجبا بغیره فکذلک الممتنع بالذات لا یکون ممتنعا بغیره بمثل ذلک البیان وکما لا یکون لشی ء واحد وجوبان بذاته وبغیره أو بذاته فقط أو بغیره فقط فلا یکون لأمر واحد امتناعان کذلک فإذن قد استبان أن الموصوف بما بالغیر من الوجوب والامتناع ممکن بالذات وما یستلزم الممتنع بالذات فهو ممتنع لا محالة من جهة بها یستلزم الممتنع وإن کانت له جهة أخری إمکانیة لکن لیس الاستلزام للممتنع إلا من الجهة الامتناعیة مثلا کون الجسم غیر متناهی الأبعاد یستلزم ممتنعا بالذات هو کون المحصور غیر محصور الذی مرجعه إلی کون الشی ء غیر نفسه مع کونه عین نفسه فأحدهما محال بالذات والآخر محال بالغیر فلا محالة یکون ممکنا باعتبار غیر اعتبار علاقته مع الممتنع بالذات علی قیاس ما علمت فی استلزام الشی ء للواجب بالذات فإنه لیس من جهة ماهیته الإمکانیة بل من جهة وجوب وجوده الإمکانی وبالجملة فکما أن الاستلزام فی الوجود بین الشیئین لا بد له من علاقة علیة ومعلولیة بین المتلازمین فکذلک الاستلزام فی العدم والامتناع بین شیئین لا ینفک عن تعلق ارتباطی بینهما وکما أن الواجبین لو فرضنا لم یکونا متلازمین بل متصاحبین بحسب البخت والاتفاق کذلک التلازم الاصطلاحی لا یکون بین ممتنعین بالذات بل بین ممتنع بالذات وممتنع بالغیر وهو لا محالة ممکن بالذات کما مر وبهذا یفرق الشرطی اللزومی عن الشرطی الاتفاقی فإن الأول یحکم

ص 67

فیه بصدق التالی وضعا ورفعا علی تقدیر صدق المقدم وضعا ورفعا لعلاقة ذاتیة بینهما والثانی یحکم فیه کذلک من غیر علاقة لزومیة بل بمجرد الموافاة الاتفاقیة بین المقدم والتالی فما فشا عند عامة الجدلیین فی أثناء المناظرة عند فرض أمر مستحیل لیتوصل به إلی استحالة أمر من الأمور بالبیان الخلفی أو الاستقامی أن یقال إن مفروضک مستحیل فجاز أن یستلزم نقیض ما ادعیت استلزامه إیاه لکون المحال قد یلزم منه محال آخر واضح الفساد فإن المحال لا یستلزم أی محال کان بل محالا إذا قدر وجودهما یکون بینهما تعلق سببی ومسببی انتهی ج1 ص236 فإن قیل الممتنع بالذات لیس إلا ما یفترضه العقل ویخبر عنه بأنه ممتنع بالذات فما معنی عدم قدرته علی تعقله قیل إن المراد بذلک أن لا حقیقة عینیة له حتی یتعلق به علم حتی أن الذی نفرضه ممتنعا بالذات ونحکم علیه بذلک ممتنع بالذات بالحمل الأولی محکوم علیه بالامتناع وصورة علمیة ممکنة موجودة بالحمل الشائع وهذا نظیر ما یقال فی دفع التناقض المتراءی فی قولنا المعدوم المطلق لا یخبر عنه حیث یدل علی نفی الإخبار عن المعدوم المطلق وهو بعینه إخبار عنه إن نفی الإخبار عن المعدوم المطلق بالحمل الشائع إذ لا شیئیة له حتی یخبر عنه بشی ء وهذا بعینه إخبار عن المعدوم المطلق بالحمل الأولی الذی هو موجود ممکن ذهنی وإن قیل إن الذی ذکر أن الممتنعین بالذات لیس بینهما إلا الصحابة الاتفاقیة ممنوع لأن المعانی التی یثبت العقل امتناعها علی الواجب بالذات کالشریک والماهیة والترکیب وغیر ذلک یجب أن تکون صفات له ممتنعة علیه بالذات إذ لو کانت ممتنعة بالغیر کانت ممکنة له بالذات کما تقدم ولا صفة إمکانیة فیه تعالی لما بین أن الواجب الوجود بالذات واجب الوجود من

ص 68

جمیع الجهات ثم الحجج القائمة علی نفی هذه الصفات الممتنعة علی ما أشیر إلیه فی أول الکتاب براهین إنیة تسلک من طریق الملازمات العامة فللنتائج وهی امتناع هذه الصفات علاقة لزومیة مع المقدمات فهی جمیعا معلولة لما وراءها ممتنعة بغیرها وقد بین أنها ممتنعة بذاتها هذا خلف أجیب عنه بأن الصفات الممتنعة التی تنفیها البراهین الإنیة عن الواجب بالذات مرجعها جمیعا إلی نفی الوجوب الذاتی الذی هو عین الواجب بالذات فهی واحدة بحسب المصداق المفروض لها وإن تکثرت مفهوما کما أن الصفات الثبوتیة التی للواجب بالذات هی عین الوجود البحت الواجبی مصداقا وإن کانت متکثرة مفهوما فعدم الانفکاک بین هذه الصفات والسلوک البرهانی من بعضها إلی بعض لمکان وحدتها بحسب المصداق المفروض وإن کان فی صورة التلازم بینها بحسب المفهوم کما أن الأمر فی الصفات الثبوتیة کذلک ویعبر عنه بأن الصفات الذاتیة کالوجوب الذاتی مثلا بالذات وباقتضاء من الذات ولا اقتضاء ولا علیة بین الشی ء ونفسه وهذا معنی ما قیل إن الدلیل علی وجود الحق المبدع إنما یکون بنحو من البیان الشبیه بالبرهان اللمی فامتناع الماهیة التی سلکنا إلی بیانه من طریق امتناع الإمکان علیه تعالی مثلا هو وامتناع الإمکان یرجعان إلی بطلان الوجوب الذاتی الممتنع علیه تعالی وقد استحضره العقل بعرض الوجوب الذاتی المنتزع عن عین الذات واعلم أنه کما یمتنع الملازمة بین ممتنعین بالذات کذلک یمتنع استلزام الممکن لممتنع بالذات فإن جواز تحقق الملزوم الممکن مع امتناع اللازم بالذات وقد فرضت بینهما ملازمة یستلزم تحقق الملزوم مع عدم اللازم وفیه نفی الملازمة هذا خلف

ص 69

وقد أورد علیه بأن عدم المعلول الأول وهو ممکن یستلزم عدم الواجب بالذات وهو ممتنع بالذات فمن الجائز أن یستلزم الممکن ممتنعا بالذات کما أن من الجائز عکس ذلک کاستلزام عدم الواجب عدم المعلول الأول ویدفعه أن المراد بالممکن هو الماهیة المتساویة النسبة إلی جانبی الوجود والعدم ومن المعلوم أنه لا ارتباط لذاتها بشی ء وراء ذاتها الثابتة لذاتها بالحمل الأولی فماهیة المعلول الأول لا ارتباط بینها وبین الواجب بالذات نعم وجودها مرتبط بوجوده واجب بوجوبه وعدمها مرتبط عقلا بعدمه ممتنع بامتناع عدمه ولیس شی ء منهما ممکنا بمعنی المتساوی النسبة إلی الوجود والعدم وأما عدهم وجود الممکن ممکنا فالإمکان فیه بمعنی الفقر والتعلق الذاتی لوجود الماهیة بوجود العلة دون الإمکان بمعنی استواء النسبة إلی الوجود والعدم ففی الإشکال مغالطة بوضع الإمکان الوجودی موضع الإمکان الماهوی

خاتمة

قد اتضح من الأبحاث السابقة أن الوجوب والإمکان والامتناع کیفیات للنسب فی القضایا لا تخلو عن واحد منها قضیة وأن الوجوب والإمکان أمران وجودیان لمطابقة القضایا الموجهة بهما بما أنها موجهة بهما للخارج مطابقة تامة فهما موجودان فی الخارج لکن بوجود موضوعهما لا بوجود منحاز مستقل فهما من الشئون الوجودیة الموجودة لمطلق الموجود کالوحدة والکثرة والحدوث والقدم وسائر المعانی الفلسفیة المبحوث عنها فی الفلسفة بمعنی کون الاتصاف بها فی الخارج وعروضها فی الذهن وهی المسماة بالمعقولات الثانیة الفلسفیة

ص 70

وأما الامتناع فهو أمر عدمی هذا کله بالنظر إلی اعتبار العقل الماهیات والمفاهیم موضوعات للأحکام وأما بالنظر إلی کون الوجود العینی هو الموضوع لها بالحقیقة لأصالته فالوجوب نهایة شدة الوجود الملازم لقیامه بذاته واستقلاله بنفسه والإمکان فقره فی نفسه وتعلقه بغیره بحیث لا یستقل عنه بذاته کما فی وجود الماهیات الممکنة فهما شأنان قائمان بالوجود غیر خارجین عنه.

ص 71

المرحلة الخامسة فی الماهیة وأحکامها وفیها سبعة فصو

اشاره

المرحلة الخامسة فی الماهیة وأحکامها وفیها سبعة فصول

الفصل الأول فی أن الماهیة فی حد ذاتها لا موجودة ولا لا موجودة

الماهیة وهی ما یقال فی جواب ما هو لما کانت من حیث هی وبالنظر إلی ذاتها فی حد ذاتها لا تأبی أن تتصف بأنها موجودة أو معدومة کانت فی حد ذاتها لا موجودة ولا موجودة بمعنی أن الموجود واللاموجود لیس شی ء منهما مأخوذا فی حد ذاتها بأن یکون عینها أو جزءها وإن کانت لا تخلو عن الاتصاف بأحدهما فی نفس الأمر بنحو الاتصاف بصفة خارجة عن الذات وبعبارة أخری الماهیة بحسب الحمل الأولی لیست بموجودة ولا لاموجودة وإن کانت بحسب الحمل الشائع إما موجودة وإما لا موجودة وهذا هو المراد بقولهم إن ارتفاع الوجود والعدم عن الماهیة من حیث هی من ارتفاع النقیضین عن المرتبة ولیس ذلک بمستحیل وإنما المستحیل ارتفاعهما عن الواقع مطلقا وبجمیع مراتبه یعنون به أن نقیض الوجود المأخوذ فی حد الذات لیس هو العدم المأخوذ فی حد الذات بل عدم الوجود المأخوذ فی حد الذات بأن یکون حد الذات وهو المرتبة قیدا للوجود لا للعدم أی رفع المقید دون الرفع المقید ولذا قالوا إذا سئل عن الماهیة من حیث هی بطرفی النقیضین کان من الواجب أن یجاب بسلب الطرفین مع تقدیم السلب علی الحیثیة حتی یفید سلب المقید دون السلب المقید فإذا سئل هل الماهیة من حیث هی موجودة

ص 73

أو لیست بموجودة فالجواب لیست الماهیة من حیث هی بموجودة ولا لاموجودة لیفید أن شیئا من الوجود والعدم غیر مأخوذ فی حد ذات الماهیة ونظیر الوجود والعدم فی خروجهما عن الماهیة من حیث هی سائر المعانی المتقابلة التی فی قوة النقیضین حتی ما عدوه من لوازم الماهیات فلیست الماهیة من حیث هی لا واحدة ولا کثیرة ولا کلیة ولا جزئیة ولا غیر ذلک من المتقابلات ولیست الأربعة من حیث هی زوجا ولا فردا.

الفصل الثانی فی اعتبارات الماهیة

الفصل الثانی فی اعتبارات الماهیة

للماهیة بالنسبة إلی ما یقارنها من الخصوصیات اعتبارات ثلاث وهی أخذها بشرط شی ء وأخذها بشرط لا وأخذها لا بشرط والقسمة حاصرة أما الأول فأن تؤخذ الماهیة بما هی مقارنة لما یلحق بها من الخصوصیات فتصدق علی المجموع کأخذ ماهیة الإنسان بشرط کونها مع خصوصیات زید فتصدق علیه وأما الثانی فأن تؤخذ وحدها وهذا علی وجهین أحدهما أن یقصر النظر فی ذاتها مع قطر النظر عما عداها وهذا هو المراد بشرط لا فی مباحث الماهیة والآخر أن تؤخذ وحدها بحیث لو قارنها أی مقارن مفروض کان زائدا علیها غیر داخل فیها فتکون موضوعة للمقارن المفروض غیر محمولة علیه وأما الثالث فأن لا یشترط معها شی ء من المقارنة واللامقارنة بل تؤخذ مطلقة من غیر تقیید بنفی أو إثبات وتسمی الماهیة بشرط شی ء مخلوطة والبشرط لا مجردة واللابشرط

ص 74

مطلقة والمقسم للأقسام الثلاث الماهیة وهی الکلی الطبیعی وتسمی اللابشرط المقسمی وهی موجودة فی الخارج لوجود بعض أقسامها فیه کالمخلوطة والموجود من الکلی فی کل فرد غیر الموجود منه فی فرد آخر بالعدد ولو کان الموجود منه فی الأفراد الخارجیة واحدا بالعدد کان الواحد کثیرا بعینه وهو محال وکان الواحد متصفا بصفات متقابلة وهو محال وهذا معنی قولهم إن نسبة الماهیة إلی أفرادها کنسبة الآباء الکثیرین إلی أولادهم لا کنسبة الأب الواحد إلی أولاده الکثیرین فالماهیة کثیرة فی الخارج بکثرة أفرادها نعم هی بوصف الکلیة والاشتراک واحدة موجودة فی الذهن کما سیأتی.

الفصل الثالث فی الکلی والجزئی

الفصل الثالث فی الکلی والجزئی

لا ریب أن الماهیة الکثیرة الأفراد تصدق علی کل واحد من أفرادها وتحمل علیه بمعنی أن الماهیة التی فی الذهن کلما ورد فیه فرد من أفرادها وعرض علیها اتحدت معه وکانت هی هو وهذه الخاصة هی المسماة بالکلیة وهی المراد باشتراک الأفراد فی الماهیة فالعقل لا یمتنع من تجویز صدق الماهیة علی کثیرین بالنظر إلی نفسها سواء کانت ذات أفراد کثیرین فی الخارج أم لا فالکلیة خاصة ذهنیة تعرض الماهیة فی الذهن إذ الوجود الخارجی العینی مساوق للشخصیة مانع عن الاشتراک فالکلیة من لوازم الوجود

ص 75

الذهنی للماهیة کما أن الجزئیة والشخصیة من لوازم الوجود الخارجی فما قیل إن الکلیة والجزئیة فی نحو الإدراک بمعنی أن الحس لقوة إدراکه ینال الشی ء نیلا کاملا بحیث یمتاز عما سواه مطلقا ویتشخص والعقل لضعف إدراکه یناله نیلا هینا یتردد ما ناله بین أمور ویقبل الانطباق علی کثیرین کالشبح المرئی من بعید بحیث لا یتمیز کل التمیز فیتردد بین أن یکون مثلا هو زیدا أو عمرا أو خشبة منصوبة أو غیر ذلک ولیس إلا واحدا من المحتملات وکالدرهم الممسوح المردد بین الدراهم المختلفة ولیس إلا واحدا منها فاسد إذ لو کان الأمر کذلک لم یکن مصداق الماهیة فی الحقیقة إلا واحدا من الأفراد ولکذبت القضایا الکلیة کقولنا کل ممکن فله علة وکل أربعة زوج وکل کثیر فإنه مؤلف من آحاد والضرورة تدفعه فالحق أن الکلیة والجزئیة لازمان لوجود الماهیات فالکلیة لوجودها الذهنی والجزئیة لوجودها الخارجی وکذا ما قیل إن الماهیة الموجودة فی الذهن جزئیة شخصیة کالماهیة الموجودة فی الخارج فإنها موجودة فی ذهن خاص قائمة بنفس جزئیة فالماهیة الإنسانیة الموجودة فی ذهن زید مثلا غیر الماهیة الإنسانیة الموجودة فی ذهن عمرو والموجودة منها فی ذهن زید الیوم غیر الموجودة فی ذهنه بالأمس وهکذا فاسد فإن الماهیة المعقولة من الحیثیة المذکورة أعنی کونها قائمة بنفس جزئیة ناعتة لها وکذا کونها کیفیة من الکیفیات النفسانیة وکمالا لها هی من الموجودات الخارجیة الخارجة من بحثنا وکلامنا فی الماهیة بوجودها الذهنی الذی لا یترتب علیها فیه آثارها الخارجیة وهی من هذه الجهة لا تأبی الصدق علی کثیرین. ثم إن الأشیاء المشترکة فی معنی کلی یتمیز بعضها من بعض بأحد أمور

ص 76

ثلاثة فإنها إن اشترکت فی عرضی خارج من الذات فقط تمیزت بتمام الذات کالنوعین من مقولتین من المقولات العرضیة المشترکین فی العرضیة وإن اشترکت فی ذاتی فإن کان فی بعض الذات ولا محالة هو الجنس تمیزت ببعض آخر وهو الفصل کالإنسان والفرس المشترکین فی الحیوانیة المتمیزین بالنطق والصهیل وإن کان فی تمام الذات تمیزت بعرضی مفارق إذ لو کان لازما لم یخل عنه فرد فلازم النوع لازم لجمیع أفراده وزاد بعضهم علی هذه الأقسام الثلاثة قسما رابعا وهو التمیز بالتمام والنقص والشدة والضعف فی نفس الطبیعة المشترکة وهو التشکیک والحق أن الماهیة بما أنها هی لا تقبل التشکیک وإنما التشکیک فی الوجود هذا کله فی الکلیة وأنها خاصة ذهنیة للماهیة وأما الجزئیة وهی امتناع الشرکة فی الشی ء وتسمی الشخصیة فالحق أنها بالوجود کما ذهب إلیه الفارابی ره وتبعه صدر المتألهین ره قال فی الأسفار والحق أن تشخص الشی ء بمعنی کونه ممتنع الشرکة فیه بحسب نفس تصوره إنما یکون بأمر زائد علی الماهیة مانع بحسب ذاته من تصور الاشتراک فیه فالمشخص للشی ء بمعنی ما به یصیر ممتنع الاشتراک فیه لا یکون بالحقیقة إلا نفس وجود ذلک الشی ء کما ذهب إلیه المعلم الثانی فإن کل وجود متشخص بنفس ذاته وإذا قطع النظر عن نحو الوجود الخاص للشی ء فالعقل لا یأبی عن تجویز الاشتراک فیه وإن ضم إلیه ألف مخصص فإن الامتیاز فی الواقع غیر التشخص إذ الأول للشی ء بالقیاس إلی المشارکات فی أمر عام والثانی باعتباره فی نفسه حتی أنه لو لم یکن له مشارک لا یحتاج إلی ممیز زائد مع أن له تشخصا فی نفسه ولا یبعد أن یکون التمیز یوجب للشی ء استعداد التشخص فإن النوع المادی المنتشر ما لم تکن المادة متخصصة الاستعداد لواحد منه لا یفیض وجوده عن المبدإ الأعلی انتهی ج 2 ص 10 ویتبین به أولا أن الأعراض المشخصة التی أسندوا التشخیص إلیه

ص 77

وهی عامة الأعراض کما هو ظاهر کلام بعضهم وخصوص الوضع ومتی وأین کما صرح به بعض آخر وخصوص الزمان کما قال به آخرون وکذا ما قیل إنه المادة أمارات للتشخص ومن لوازمه وثانیا أن قول بعضهم إن المشخص للشی ء هو فاعله القریب المفیض لوجوده وکذا قول بعضهم إن المشخص هو فاعل الکل وهو الواجب تعالی الفیاض لکل وجود وکذا قول بعضهم إن تشخص العرض بموضوعه لا یخلو عن استقامة غیر أنه من الإسناد إلی السبب البعید والسبب القریب الذی یستند إلیه التشخص هو نفس وجود الشی ء إذ الوجود العینی للشی ء بما هو وجود عینی یمتنع وقوع الشرکة فیه فهو المتشخص بذاته والماهیة متشخصة به وللفاعل أو الموضوع دخل فی التشخص من جهة أنهما من علل الوجود لکن أقرب الأسباب هو وجود نفس الشی ء کما عرفت وثالثا أن جزئیة المعلوم المحسوس لیس من قبل نفسه بما أنه مفهوم ذهنی بل من قبل الاتصال الحسی بالخارج وعلم الإنسان بأنه نوع تأثر له من العین الخارجی وکذا جزئیة الصورة الخیالیة من قبل الاتصال بالحس کما إذا أحضر صورة خیالیة مخزونة عنده من جهة الحس أو رکب مما عنده من الصور الحسیة المخزونة صورة فرد خیالی فافهم.

الفصل الرابع فی الذاتی والعرضی

الفصل الرابع فی الذاتی والعرضی

المفاهیم المعتبرة فی الماهیات وهی التی تؤخذ فی حدودها وترتفع الماهیات بارتفاعها تسمی ذاتیات وما سوی ذلک مما یحمل علیها وهی خارجة من الحدود کالکاتب من الإنسان والماشی من الحیوان تسمی

ص 78

عرضیات والعرضی قسمان فإنه إن توقف انتزاعه وحمله علی انضمام کتوقف انتزاع الحار وحمله علی الجسم علی انضمام الحرارة إلیه سمی محمولا بالضمیمة وإن لم یتوقف علی انضمام شی ء إلی الموضوع سمی الخارج المحمول کالعالی والسافل هذا هو المشهور وقد تقدم أن العرض من مراتب وجود الجوهر ویتمیز الذاتی من غیر الذاتی بخواصه التی هی لوازم ذاتیته وهی کونه ضروری الثبوت لذی الذاتی لضروریة ثبوت الشی ء لنفسه وکونه غنیا عن السبب فالسبب الموجد لذی الذاتی هو السبب الموجد للذاتی لمکان العینیة وکونه متقدما علی ذی الذاتی تقدما بالتجوهر کما سیجی ء إن شاء الله وقد ظهر مما تقدم أن الحمل بین الذات وبین أجزائه الذاتیة حمل أولی وبه یندفع الإشکال فی تقدم أجزاء الماهیة علیها بأن مجموع الأجزاء عین الکل فتقدم المجموع علی الکل تقدم الشی ء علی نفسه وهو محال وذلک أن الذاتی سواء کان أعم وهو الجنس أو أخص وهو الفصل عین الذات والحمل بینهما أولی وإنما سمی جزءا لوقوعه جزءا من الحد علی أن إشکال تقدم الأجزاء علی الکل مدفوع بأن التقدم للأجزاء بالأسر علی الکل وبین الاعتبارین تغایر.

الفصل الخامس فی الجنس والفصل والنوع وبعض ما یلحق ب

الفصل الخامس فی الجنس والفصل والنوع وبعض ما یلحق بذلک

الماهیة التامة التی لها آثار خاصة حقیقیة تسمی من حیث هی کذلک

ص 79

نوعا کالإنسان والفرس والغنم وقد بین فی المنطق أن من المعانی الذاتیة للأنواع الواقعة فی حدودها ما یشترک فیه أکثر من نوع واحد کالحیوان الذی یشترک فیه الإنسان والفرس وغیرهما کما أن منها ما یختص بنوع واحد کالناطق المختص بالإنسان ویسمی الجزء المشترک فیه جنسا والجزء المختص فصلا وینقسم الجنس والفصل إلی قریب وبعید وأیضا ینقسم الجنس والنوع إلی عال ومتوسط وسافل کل ذلک مبین فی محله ثم إنا إذا أخذنا معنی الحیوان الموجود فی أکثر من نوع واحد مثلا وعقلناه بأنه الجوهر الجسم النامی الحساس المتحرک بالإرادة جاز أن نعقله وحده بحیث یکون کل ما یقارنه من المعانی کالناطق زائدا علیه خارجا من ذاته ویکون ما عقلناه من المعنی مغایرا للمجموع منه ومن المقارن غیر محمول علیه کما أنه غیر محمول علی المقارن فالمفهوم المعقول من الحیوان غیر مفهوم الحیوان الناطق وغیر مفهوم الناطق کان المعنی المعقول علی هذا الوجه مادة بالنسبة إلی المعنی الزائد المقارن وعلة مادیة بالنسبة إلی المجموع منه ومن المقارن وجاز أن نعقله مقیسا إلی عدة من الأنواع التی تشترک فیه کأن نعقل معنی الحیوان المذکور آنفا مثلا بأنه الحیوان الذی هو إما إنسان وإما فرس وإما غنم وإما غیر ذلک من أنواع الحیوان فیکون المعنی المعقول علی هذا النحو ماهیة ناقصة غیر محصلة حتی ینضم إلیها الفصل المختص بأحد تلک الأنواع فیحصلها ماهیة تامة فتکون ذلک النوع بعینه کأن ینضم فصل الإنسان مثلا وهو الناطق إلی الحیوان فیکون هو الحیوان الناطق بعینه وهو نوع الإنسان ویسمی الذاتی المشترک فیه المأخوذ بهذا الاعتبار جنسا والذی یحصله فصلا والاعتباران المذکوران الجاریان فی الجزء المشترک أعنی أخذه بشرط لا ولا بشرط یجریان فی الجزء المختص فیکون بالاعتبار الأول صورة للجزء الآخر المقارن وعلة صوریة للمجموع ولا یحمل علی شی ء منها وبالاعتبار الثانی فصلا یحصل الجنس ویتمم النوع ویحمل علیه حملا أولی

ص 80

فقد تحصل أن الجزء الأعم فی الماهیات وهو الجنس متقوم بالجزء الأخص الذی هو الفصل بحسب التحلیل العقلی قال فی الأسفار فی کیفیة تقوم الجنس بالفصل هذا التقویم لیس بحسب الخارج لاتحادهما فی الوجود والمتحدان فی ظرف لا یمکن تقوم أحدهما بالآخر وجودا بل بحسب تحلیل العقل الماهیة النوعیة إلی جزءین عقلیین وحکمه بعلیة أحدهما للآخر ضرورة احتیاج أجزاء ماهیة واحدة بعضها إلی بعض والمحتاج إلیه والعلة لا یکون إلا الجزء الفصلی لاستحالة أن یکون الجزء الجنسی علة لوجود الجزء الفصلی وإلا لکانت الفصول المتقابلة لازمة له فیکون الشی ء الواحد مختلفا متقابلا هذا ممتنع فبقی أن یکون الجزء الفصلی علة لوجود الجزء الجنسی ویکون مقسما للطبیعة الجنسیة المطلقة وعلة للقدر الذی هو حصة النوع وجزءا للمجموع الحاصل منه ومما یتمیز به عن غیره انتهی ج 2 ص 30 29 فإن قیل إن الفصل إن کان علة لمطلق الجنس لم یکن مقسما له وإن کان علة للحصة التی فی نوعه وهو المختص به فلا بد أن یفرض التخصص أولا حتی یکون الفصل علة له لکنه إذا تخصص دخل فی الوجود واستغنی بذلک عن العلة قیل إن الخصوصیة التی بها یصیر الجنس المبهم حصة خاصة بالنوع من شئون تحصله الوجودی الجائی إلیه من ناحیة علته التی هی الفصل والعلة متقدمة بالوجود علی معلولها فالتخصص حاصل بالفصل وبه یقسم الجنس الفاقد له فی نفسه ولا ضیر فی علیة فصول متعددة لماهیة واحدة جنسیة لضعف وحدتها فإن قیل التحصل الذی یدخل به الجنس فی الوجود هو تحصله بالوجود الفردی فما لم یتلبس بالوجود الخارجی لم یتم ولم یکن له شی ء من الشئون الوجودیة فما معنی عد الفصل علة له

ص 81

قیل المراد بتحصله بالفصل ثبوته التعقلی وکینونته ماهیة تامة نوعیة والذی یکتسبه بالوجود الفردی هو تحقق الماهیة التامة تحققا یترتب علیه الآثار الخارجیة فالذی یفیده الفصل هو تحصل الماهیة المبهمة الجنسیة وصیرورتها ماهیة نوعیة تامة والذی یفیده الوجود الفردی هو تحصل الماهیة التامة وصیرورتها حقیقة خارجیة یترتب علیها الآثار فتبین بما مر أولا أن الجنس هو النوع مبهما والفصل هو النوع محصلا والنوع هو الماهیة التامة من غیر نظر إلی إبهام أو تحصل وثانیا أن کلا من الجنس والفصل محمول علی النوع حملا أولیا وأما النسبة بین الجنس والفصل أنفسهما فالجنس عرض عام للفصل والفصل خاصة للجنس والحمل بینهما حمل شائع وثالثا أن من الممتنع تحقق أکثر من جنس واحد فی مرتبة واحدة فی ماهیة نوعیة واحدة وکذا تحقق أکثر من فصل واحد فی مرتبة واحدة فی ماهیة نوعیة واحدة لاستلزامه کون الواحد بعینه کثیرا وهو محال ورابعا أن الجنس والمادة متحدان ذاتا ومختلفان اعتبارا فالمادة إذا أخذت لا بشرط کانت جنسا والجنس إذا أخذ بشرط لا کان مادة وکذلک الفصل والصورة متحدان ذاتا ومختلفان اعتبارا فالفصل بشرط لا صورة کما أن الصورة لا بشرط فصل وهذا فی الجواهر المادیة المرکبة ظاهر فإن المادة والصورة موجودتان فیها خارجا فیؤخذ منهما معنی المادة والصورة ثم یؤخذان لا بشرط فیکونان جنسا وفصلا وأما الأعراض فهی بسائط خارجیة غیر مرکبة من مادة وصورة فما به الاشتراک فیها عین ما به الامتیاز لکن العقل یجد فیها مشترکات ومختصات فیعتبرها أجناسا وفصولا لها ثم یعتبرها بشرط لا فتعود مواد وصورا عقلیة لها

ص 82

والأمر فی الجواهر المجردة أیضا علی هذه الوتیرة.

الفصل السادس فی بعض ما یرجع إلی الفصل

الفصل السادس فی بعض ما یرجع إلی الفصل

یستعمل لفظ الفصل فی کلماتهم فی معنیین أحدهما أخص اللوازم التی یعرض النوع وأعرفها وهو إنما یعد فصلا ویوضع فی الحدود موضع الفصول الحقیقیة لصعوبة الحصول علی الفصول الحقیقیة التی تقوم الأنواع أو لعدم وجود اسم دال علیها بالمطابقة فی اللغة کالناطق المأخوذ فصلا للإنسان فإن المراد بالنطق إما التکلم وهو بوجه من الکیفیات المسموعة وإما إدراک الکلیات وهو عندهم من الکیفیات النفسانیة والکیفیة کیفما کانت من الأعراض والأعراض لا تقوم الجواهر ویسمی فصلا منطقیا والثانی ما یقوم النوع ویحصل الجنس حقیقة وهو مبدأ الفصل المنطقی ککون الإنسان ذا نفس ناطقة فصلا للنوع الإنسانی ویسمی فصلا اشتقاقیا ثم إن الفصل الأخیر تمام حقیقة النوع لأنه محصل الجنس الذی یحصله ویتممه نوعا فما أخذ فی أجناسه وفصوله الأخر علی وجه الإبهام مأخوذ فیه علی وجه التحصیل ویتفرع علیه أن نوعیة النوع محفوظة بالفصل ولو تبدلت بعض أجناسه ولذا لو تجردت صورته التی هی الفصل بشرط لا عن المادة التی هی الجنس بشرط لا فی المرکبات المادیة کالإنسان تتجرد نفسه فتفارق البدن کانت حقیقة النوع محفوظة بالصورة ثم إن الفصل غیر مندرج تحت جنسه الذی یحصله بمعنی أن الجنس غیر

ص 83

مأخوذ فی حده أخذ الجنس فی النوع ففصول الجواهر لیست بجواهر وذلک لأنه لو اندرج تحت جنسه افتقر إلی فصل یقومه وننقل الکلام إلی فصله ویتسلسل بترتب فصول غیر متناهیة وتحقق أنواع غیر متناهیة فی کل فصل ویتکرر الجنس بعدد الفصول وصریح العقل یدفعه علی أن النسبة بین الجنس والفصل تنقلب إلی العینیة ویکون الحمل بینهما حملا أولیا ویبطل کون الجنس عرضا عاما للفصل والفصل خاصة للجنس ولا ینافی ذلک وقوع الحمل بین الجنس وفصله المقسم کقولنا کل ناطق حیوان وبعض الحیوان ناطق لأنه حمل شائع بین الخاصة والعرض العام کما تقدمت الإشارة إلیه والذی نفیناه هو الحمل الأولی فالجوهر مثلا صادق علی فصوله المقسمة له من غیر أن تندرج تحته فیکون جزءا من ماهیتها فإن قلت ما تقدم من عدم دخول فصل النوع تحت جنسه ینافی قولهم فی تقسیم الجوهر علی العقل والنفس والهیولی والصورة الجسمیة والجسم بکون الصورة الجسمیة والنفس نوعین من الجوهر ولازم کون الشی ء نوعا من مقولة اندراجه ودخوله تحتها ومن المعلوم أن الصورة الجسمیة هی فصل الجسم مأخوذا بشرط لا ففی کونه نوعا من الجوهر دخول الفصل الجوهری تحت جنس الجوهر وأخذ الجوهر فی حده ونظیر البیان جار فی عدهم النفس نوعا من الجوهر علی أنهم بینوا بالبرهان أن النفس الإنسانیة جوهر مجرد باق بعد مفارقة البدن والنفس الناطقة صورة الإنسان وهی بعینها مأخوذة لا بشرط فصل للماهیة الإنسانیة قلت یختلف حکم المفاهیم باختلاف الاعتبار العقلی الذی یطرؤها وقد تقدم فی بحث الوجود لنفسه ولغیره أن الوجود فی نفسه هو الذی ینتزع عنه ماهیة الشی ء وأما اعتبار وجوده لشی ء فلا ینتزع عنه ماهیة وإن کان وجوده لغیره عین وجوده فی نفسه والفصل مفهوم مضاف إلی الجنس حیثیته

ص 84

أنه ممیز ذاتی للنوع وجوده للجنس فلا ماهیة له من حیث إنه فصل وهذا معنی قولهم إن لازم کون الجنس عرضا عاما للفصل والفصل خاصة له أن لیست فصول الجواهر جواهر بمعنی کونها مندرجة تحت معنی الجواهر اندراج الأنواع تحت جنسها بل کاندراج الملزومات تحت لازمها الذی لا یدخل فی ماهیتها وأما الصورة من حیث إنها صورة مقومة للمادة فحیث کانت بشرط لا بالنسبة إلی المادة لم یکن بینهما حمل أولی فلا اندراج لها تحت الجنس وإلا کانت نوعا بینه وبین الجنس عینیة وحمل أولی هذا خلف وإن کان بینها وبین المادة حمل شائع بناء علی الترکیب الاتحادی بین المادة والصورة نعم لما کانت الصورة تمام ماهیة النوع کما عرفوها بأنها ما به الشی ء هو هو بالفعل کانت فصول الجواهر جواهر لأنها عین حقیقة النوع وفعلیته لکن لا یستوجب ذلک دخولها تحت جنس الجوهر بحیث یکون الجوهر مأخوذا فی حدها بینه وبینها حمل أولی فتبین بما تقدم أن الفصول بما أنها فصول بسائط غیر مرکبة من الجنس والفصل ممحضة فی أنها ممیزات ذاتیة وکذلک الصور المادیة التی هی فی ذاتها مادیة موجودة للمادة بسائط فی الخارج غیر مرکبة من المادة والصورة وبسائط فی العقل غیر مرکبة من الجنس والفصل وإلا کانت الواحدة منها أنواعا متسلسلة کما تقدمت الإشارة إلیها وأما النفس المجردة فهی باعتبار أنها فصل للنوع حیثیتها حیثیة الوجود الناعتی وقد عرفت أن لا ماهیة للوجود الناعتی وأما من حیث تجردها فی ذاتها فإن تجردها مصحح وجودها لنفسها کما أنها موجودة فی نفسها وهی تمام حقیقة النوع فیصدق علیه الجوهر فتکون هی النوع الجوهری الذی کانت جزءا صوریا له ولیست بصورة ولا ینافیه کون وجودها للمادة أیضا فإن هذا التعلق إنما هو فی مقام الفعل دون الذات فهی مادیة فی فعلها لا فی ذاته

ص 85

هذا علی القول بکون النفس المجردة روحانیة الحدوث والبقاء کما علیه المشاءون وأما علی القول بکونها جسمانیة الحدوث روحانیة البقاء فهی تتجرد فی ذاتها أولا وهی بعد متعلقة بالمادة فعلا ثم تتجرد عنها فی فعلها أیضا بمفارقة البدن.

الفصل السابع فی بعض أحکام النوع

الفصل السابع فی بعض أحکام النوع

النوع هو الماهیة التامة التی لها فی الوجود آثار خاصة وینقسم إلی ما لا یتوقف فی ترتب آثاره علیه إلا علی الوجود الخارجی الذی یشخصه فردا کالإنسان مثلا ویسمی النوع الحقیقی وإلی ما یتوقف فی ترتب آثاره علیه علی لحوق فصل أو فصول به فیکون جنسا بالنسبة إلی أنواع دونه وإن کان نوعا بالنظر إلی تمام ماهیته کالأنواع العالیة والمتوسطة کالجسم الذی هو نوع من الجوهر عال ثم هو جنس للأنواع النباتیة والجمادیة والحیوان الذی هو نوع متوسط من الجوهر وجنس للإنسان وسائر الأنواع الحیوانیة ویسمی النوع الإضافی ثم إن الماهیة النوعیة توجد أجزاؤها فی الخارج بوجود واحد هو وجود النوع لأن الحمل بین کل منها وبین النوع حمل أولی والنوع موجود بوجود واحد وأما فی الذهن فبینها تغایر بالإبهام والتحصل ولذلک کان کل من الجنس والفصل عرضیا للآخر کما تقدم ومن هنا ما ذکروا أنه لا بد فی المرکبات الحقیقیة وهی الأنواع المادیة أن یکون بین أجزائها فقر وحاجة من بعضها إلی بعض حتی ترتبط وتتحد حقیقة واحدة وقد عدوا المسألة ضروریة

ص 86

ویمتاز المرکب الحقیقی من غیره بالوحدة الحقیقیة وذلک بأن یحصل من تألف الأجزاء أمر آخر وراءها له أثر جدید خاص وراء آثار الأجزاء لا مثل المرکبات الاعتباریة التی لا أثر لها وراء آثار الأجزاء کالعسکر المرکب من أفراد والبیت المرکب من اللبن والجص وغیرهما ومن هنا یترجح القول بأن الترکیب بین المادة والصورة ترکیب اتحادی لا انضمامی کما سیأتی إن شاء الله ثم إن الماهیات النوعیة منها ما هو کثیر الأفراد کالأنواع التی لها تعلق ما بالمادة کالعنصر وکالإنسان ومنها ما هو منحصر فی فرد کالنوع المجرد عن المادة ذاتا وفعلا وهو العقل وذلک أن الکثرة إما أن تکون تمام ذات الماهیة النوعیة أو بعضها أو خارجة منها لازمة أو مفارقة وعلی التقادیر الثلاثة الأول یمتنع أن یتحقق لها فرد إذ کل ما فرض فردا لها وجب کونه کثیرا وکل کثیر مؤلف من آحاد وکل واحد مفروض یجب أن یکون کثیرا وکل کثیر فإنه مؤلف من آحاد وهکذا فیذهب الأمر إلی غیر النهایة ولا ینتهی إلی واحد فلا یتحقق الواحد فلا یتحقق لها فرد وقد فرض کثیر الأفراد هذا خلف وعلی التقدیر الرابع کانت الکثرة بعرض مفارق یعرض النوع تتحقق بانضمامه إلیه وعدم انضمامه الکثرة وکل عرض مفارق یتوقف عروضه علی سبق إمکان حامله المادة فیکون النوع مادیا بالضرورة فکل نوع کثیر الأفراد فهو مادی وینعکس بعکس النقیض إلی أن کل نوع مجرد فهو منحصر فی فرد وهو المطلوب.

ص 87

المرحلة السادسة فی المقولات العشر

اشاره

المرحلة السادسة فی المقولات العشر

فی المقولات العشر

وهی الأجناس العالیة التی إلیها تنتهی الماهیات بالتحلیل وفیها واحد وعشرون فصلا

الفصل الأول فی المقولات وعددها

لا ریب أن للموجود الممکن ماهیة هی ذاته التی تستوی نسبتها إلی الوجود والعدم وهی ما یقال فی جواب ما هو وأن فی هذه الماهیات مشترکات ومختصات أعنی الأجناس والفصول وأن فی الأجناس ما هو أعم وما هو أخص أی أنها قد تترتب متصاعدة من أخص إلی أعم فلا محالة تنتهی السلسلة إلی جنس لا جنس فوقها لاستحالة ذهابها إلی غیر النهایة المستلزم لترکب ذات الممکن من أجزاء غیر متناهیة فلا یمکن تعقل شی ء من هذه الماهیات بتمام ذاتیاتها علی أن هذه الأجناس باعتبار أخذها بشرط لا مواد خارجیة أو عقلیة والمادة من علل القوام وهی متناهیة کما سیأتی إن شاء الله تعالی فتحصل أن هناک أجناسا عالیة لیس فوقها جنس وهی المسماة بالمقولات ومن هنا یظهر أولا أن المقولات بسائط غیر مرکبة من جنس وفصل وإلا کان هناک جنس أعلی منها هذا خلف وثانیا أنها متباینة بتمام ذواتها البسیطة وإلا کان بینها مشترک ذاتی وهو الجنس فکان فوقها جنس هذا خلف

ص 89

وثالثا أن الماهیة الواحدة لا تندرج تحت أکثر من مقولة واحدة فلا یکون شی ء واحد جوهرا وکما معا ولا کما وکیفا معا وهکذا ویتفرع علیه أن کل معنی یوجد فی أکثر من مقولة واحدة فهو غیر داخل تحت المقولة إذ لو دخل تحت ما یصدق علیه لکان مجنسا بجنسین متباینین أو أجناس متباینة وهو محال ومثله ما یصدق من المفاهیم علی الواجب والممکن جمیعا وقد تقدمت الإشارة إلی ذلک ورابعا أن الماهیات البسیطة کالفصول الجوهریة مثلا وکالنوع المفرد إن کان خارجة عن المقولات وقد تقدم فی مرحلة الماهیة وخامسا أن الواجب والممتنع خارجان عن المقولات إذ لا ماهیة لهما والمقولات ماهیات جنسیة ثم إن جمهور المشائین علی أن المقولات عشر وهی الجوهر والکم والکیف والوضع وأین ومتی والجدة والإضافة وأن یفعل وأن ینفعل والمعول فیما ذکروه علی الاستقراء ولم یقم برهان علی أن لیس فوقها مقولة هی أعم من الجمیع أو أعم من البعض وأما مفهوم الماهیة والشی ء والموجود وأمثالها الصادقة علی العشر جمیعا ومفهوم العرض والهیئة والحال الصادقة علی التسع غیر الجوهر والهیئة النسبیة الصادقة علی السبع الأخیرة المسماة بالأعراض النسبیة فهی مفاهیم عامة منتزعة من نحو وجودها خارجة من سنخ الماهیة فماهیة الشی ء هو ذاته المقول علیه فی جواب ما هو ولا هویة إلا للشی ء الموجود وشیئیة الشی ء موجود فلا شیئیة لما لیس بموجود وعرضیة الشی ء کون وجوده قائما بالغیر وقریب منه کونه هیئة وحالا ونسبیة الشی ء کون وجوده فی غیره غیر خارج من وجود الغیر فهذه مفاهیم منتزعة من نحو الوجود محمولة علی أکثر من مقولة واحدة فلیست من المقولات کما تقدم وعن بعضهم أن المقولات أربع بإرجاع المقولات النسبیة إلی مقولة واحدة فهی الجوهر والکم والکیف والنسبة

ص 90

ویدفعه ما تقدم أن النسبة مفهوم غیر ماهوی منتزع من نحو الوجود ولو کفی مجرد عموم المفهوم فی جعله مقولة فلیرد المقولات إلی مقولتین الجوهر والعرض لصدق مفهوم العرض علی غیر الجوهر من المقولات بل إلی مقولة واحدة هی الماهیة أو الشی ء وعن شیخ الإشراق أن المقولات خمس الجوهر والکم والکیف والنسبة والحرکة ویرد علیه ما یرد علی سابقه مضافا إلی أن الحرکة أیضا مفهوم منتزع من نحو الوجود وهو الوجود السیال غیر القار الثابت فلا مساغ لدخولها فی المقولات.

الفصل الثانی فی تعریف الجوهر وأنه جنس لما تحته من

الفصل الثانی فی تعریف الجوهر وأنه جنس لما تحته من الماهیات

تنقسم الماهیة انقساما أولیا إلی الماهیة التی إذا وجدت فی الخارج وجدت لا فی موضوع مستغن عنها وهی ماهیة الجوهر وإلی الماهیة التی إذا وجدت فی الخارج وجدت فی موضوع مستغن عنها وهی المقولات التسع العرضیة فالجوهر ماهیة إذا وجدت فی الخارج وجدت لا فی موضوع مستغن عنها وهذا تعریف بوصف لازم للوجود من غیر أن یکون حدا مؤلفا من الجنس والفصل إذ لا معنی لذلک فی جنس عال کما أن تعریف العرض بالماهیة التی إذا وجدت فی الخارج وجدت فی موضوع مستغن عنها تعریف بوصف لازم لوجود المقولات التسع العرضیة ولیس من الحد فی شی ء والتعریف تعریف جامع مانع وإن لم یکن حدا فقولنا ماهیة یشمل عامة الماهیات ویخرج به الواجب بالذات حیث کان وجودا صرف

ص 91

لا ماهیة له وتقیید الماهیة بقولنا إذا وجدت فی الخارج للدلالة علی أن التعریف لماهیة الجوهر الذی هو جوهر بالحمل الشائع إذ لو لم یتحقق المفهوم بالوجود الخارجی لم یکن ماهیة حقیقیة لها آثارها الحقیقیة ویخرج بذلک الجواهر الذهنیة التی هی جواهر بالحمل الأولی عن التعریف فإن صدق المفهوم علی نفسه حمل أولی لا یوجب اندراج المفهوم تحت نفسه وتقیید الموضوع بکونه مستغنیا عنها للإشارة إلی تعریف الموضوع بصفته اللازمة له وهو أن یکون قائما بنفسه أی موجودا لنفسه فالجوهر موجود لا فی موضوع أی لیس وجوده لغیره کالأعراض بل لنفسه وأما ما قیل إن التقیید بالاستغناء لإدخال الصور الجوهریة الحالة فی المادة فی التعریف فإنها وإن وجدت فی الموضوع لکن موضوعها غیر مستغن عنها بل مفتقرة إلیها ففیه أن الحق أن الصور الجوهریة ماهیات بسیطة غیر مندرجة تحت مقولة الجوهر ولا مجنسة بجنس کما تقدمت الإشارة إلیه فی مرحلة الماهیة ووجود القسمین أعنی الجوهر والعرض فی الخارج ضروری فی الجملة فمن أنکر وجود الجوهر فقد قال بجوهریة الأعراض من حیث لا یشعر ومن الأعراض ما لا ریب فی عرضیته کالأعراض النسبیة والجوهر جنس لما یصدق علیه من الماهیات النوعیة مقوم لها مأخوذ فی حدودها لأن کون الماهیات العرضیة مفتقرة فی وجودها الخارجی إلی موضوع مستغن عنها یستلزم وجود ماهیة هی فی ذاتها موضوعة لها مستغنیة عنها وإلا ذهبت سلسلة الافتقار إلی غیر النهایة فلم تتقرر ماهیة وهو ظاهر وأما ما استدل به علی جنسیة الجوهر لما تحته بأن کون وجود الجوهر لا فی موضوع وصف واحد مشترک بین الماهیات الجوهریة حاصل لها علی وجه اللزوم مع قطع النظر عن الأمور الخارجة فلو لم یکن الجوهر جنسا لها بل کان لازم وجودها وهی ماهیات متباینة بتمام الذات لزم انتزاع مفهوم

ص 92

واحد من مصادیق کثیرة متباینة بما هی کذلک وهو محال فبین هذه الماهیات الکثیرة المتباینة جامع ماهوی واحد لازمه الوجودی کون وجودها لا فی الموضوع ففیه أن الوصف المذکور معنی منتزع من سنخ وجود هذه الماهیات الجوهریة لا من الماهیات کما أن کون الوجود فی الموضوع وهو وصف واحد لازم للمقولات التسع العرضیة معنی واحد منتزع من سنخ وجود الأعراض جمیعا فلو استلزم کون الوصف المنتزع من الجواهر معنی واحدا جامعا ماهویا واحدا فی الماهیات الجوهریة لاستلزم کون الوصف المنتزع من المقولات العرضیة معنی واحدا جامعا ماهویا واحدا فی المقولات العرضیة هو جنس لها وانتهت الماهیات إلی مقولتین هما الجوهر والعرض فالمعول فی إثبات جنسیة الجوهر لما تحته من الماهیات علی ما تقدم من أن افتقار العرض إلی موضوع یقوم به یستلزم ماهیة قائمة بنفسها ویتفرع علی ما تقدم أن الشی ء الواحد لا یکون جوهرا وعرضا معا وناهیک فی ذلک أن الجوهر وجوده لا فی موضوع والعرض وجوده فی موضوع والوصفان لا یجتمعان فی شی ء واحد بالبداهة.

الفصل الثالث فی أقسام الجوهر الأولیة

الفصل الثالث فی أقسام الجوهر الأولیة

قالوا إن الجوهر إما أن یکون فی محل أو لا یکون فیه والکائن فی المحل

ص 93

هو الصورة المادیة وغیر الکائن فیه إما أن یکون محلا لشی ء یقوم به أو لا یکون والأول هو الهیولی والثانی لا یخلو إما أن یکون مرکبا من الهیولی والصورة أو لا یکون والأول هو الجسم والثانی إما أن یکون ذا علاقة انفعالیة بالجسم بوجه أو لا یکون والأول هو النفس والثانی هو العقل فأقسام الجوهر الأولیة خمسة هی الصورة المادیة والهیولی والجسم والنفس والعقل ولیس التقسیم عقلیا دائرا بین النفی والإثبات فإن الجوهر المرکب من الجوهر الحال والجوهر المحل لیس ینحصر بحسب الاحتمال العقلی فی الجسم فمن الجائز أن یکون فی الوجود جوهر مادی مرکب من المادة وصورة غیر الصورة الجسمیة لکنهم قصروا النوع المادی الأول فی الجسم تعویلا علی استقرائهم علی أنک قد عرفت أن الصورة الجوهریة لیست مندرجة تحت مقولة الجوهر وإن صدق علیها الجوهر صدق الخارج اللازم قال فی الأسفار بعد الإشارة إلی التقسیم المذکور والأجود فی هذا التقسیم أن یقال الجوهر إن کان قابلا للأبعاد الثلاثة فهو الجسم وإلا فإن کان جزءا منه هو به بالفعل سواء کان فی جنسه أو فی نوعه فصورة إما امتدادیة أو طبیعیة أو جزء هو به بالقوة فمادة وإن لم یکن جزءا منه فإن کان متصرفا فیه بالمباشرة فنفس وإلا فعقل ثم قال مشیرا إلی وجه جودة هذا التقسیم وذلک لما سیظهر من تضاعیف ما حققناه من کون الجوهر النفسانی الإنسانی مادة للصورة الإدراکیة التی یتحصل بها جوهرا آخر کمالیا بالفعل من الأنواع المحصلة التی یکون لها نحو آخر من الوجود غیر الوجود الطبیعی الذی لهذه الأنواع المحصلة

ص 94

الطبیعیة انتهی ج 4 ص 234 وما یرد علی التقسیم السابق یرد علی هذا التقسیم أیضا علی أن عطف الصور الطبیعیة وهی متأخرة عن نوعیة الجسم علی الصورة الامتدادیة لا یلائم کون الانقسام أولیا وکیف کان فالذی یهمنا هاهنا أن نبحث عن حقیقة الجسم وجزئیة المادة والصورة الجسمیة وأما النفس فاستیفاء البحث عنها فی علم النفس وستنکشف حقیقتها بعض الانکشاف فی مرحلتی القوة والفعل والعاقل والمعقول وأما العقل فیقع الکلام فی حقیقته فی الإلهیات بالمعنی الأخص وستنکشف بعض الانکشاف فی مرحلتی القوة والفعل والعاقل والمعقول إن شاء الله تعالی.

الفصل الرابع فی ماهیة الجسم

الفصل الرابع فی ماهیة الجسم

لا ریب فی وجود الجسم بمعنی الجوهر الذی یمکن أن یفرض فیه ثلاثة خطوط متقاطعة علی زوایا قوائم وإن لم تکن موجودة فیه بالفعل کما فی الکرة والأسطوانة فحواسنا التی انتهی إلیها علومنا وإن لم یکن فیها ما ینال الموجود الجوهری وإنما تدرک أحوال الأجسام وأوصافها العرضیة لکن أنواع التجربات تهدینا هدایة قاطعة إلی أن ما بین السطوح والنهایات من الأجسام مملوءة فی الجملة غیر خالیة عن جوهر ذی امتداد فی جهاته الثلاث والذی یجده الحس من هذا الجوهر الممتد فی جهاته الثلاث یجده متصلا واحدا یقبل القسمة إلی أجزاء بالفعل لا مجموعا من أجزاء بالفعل ذوات

ص 95

فواصل هذا بحسب الحس وأما بحسب الحقیقة فاختلفوا فیه علی أقوال أحدها أنه مرکب من أجزاء ذوات أوضاع لا تتجزی ولا تنقسم أصلا لا خارجا ولا وهما ولا عقلا وهی متناهیة وهو مذهب جمهور المتکلمین الثانی أنه مرکب کما فی القول الأول غیر أن الأجزاء غیر متناهیة ونسب إلی النظام الثالث أنه مرکب من أجزاء بالفعل متناهیة صغار صلبة لا تقبل القسمة الخارجیة لصغرها وصلابتها ولکن تقبل القسمة الوهمیة والعقلیة ونسب إلی ذیمقراطیس الرابع أنه متصل واحد کما فی الحس ویقبل القسمة إلی أجزاء متناهیة ونسب إلی الشهرستانی الخامس أنه جوهر بسیط هو الاتصال والامتداد الجوهری الذی یقبل القسمة خارجا ووهما وعقلا ونسب إلی أفلاطون الإلهی السادس أنه مرکب من جوهر وعرض وهما الجوهر والجسمیة التعلیمیة التی هی امتداد کمی فی الجهات الثلاث ونسب إلی شیخ الإشراق السابع أنه جوهر مرکب من جوهرین أحدهما المادة التی هی قوة کل فعلیة والثانی الاتصال الجوهری الذی هو صورتها والصورة اتصال وامتداد جوهری یقبل القسمة إلی أجزاء غیر متناهیة بمعنی لا یقف فإن اختلاف العرضین یقسمه وکذا الآلة القطاعة تقسمه بالقطع حتی إذا أعیت لصغر الجزء أو صلابته أخذ الوهم فی التقسیم حتی إذا عجز عنه لنهایة صغر الجزء أخذ العقل فی تقسیمه علی نحو کلی بأنه کلما قسم إلی أجزاء کان الجزء الجدید ذا حجم له جانب غیر جانب یقبل القسمة من غیر أن تقف فورود القسمة لا یعدم الجسم وهو قول أرسطو والأساطین من حکماء الإسلام هذا ما بلغنا من أقوالهم فی ماهیة الجوهر المسمی بالجسم وفی کل منه

ص 96

وجه أو وجوه من الضعف نشیر إلیها بما تیسر أما القول الأول المنسوب إلی المتکلمین وهو أن الجسم مرکب من أجزاء لا تتجزی أصلا تمر الآلة القطاعة علی فواصل الأجزاء وهی متناهیة تقبل الإشارة الحسیة ففیه أن الجزء المفروض إن کان ذا حجم کان له جانب غیر جانب بالضرورة فیجری فیه الانقسام العقلی وإن لم یمکن تقسیمه خارجا ولا وهما لنهایة صغره وإن لم یکن له حجم امتنع أن یحصل من اجتماعه مع غیره جسم ذو حجم وأیضا لنفرض جزءا لا یتجزی بین جزءین کذلک فإن کان یحجز عن مماسة الطرفین انقسم فإن کلا من الطرفین یلقی منه غیر ما یلقاه الآخر وإن لم یحجز عن مماستهما استوی وجود الوسط وعدمه ومثله کل وسط مفروض فلم یحجب شی ء شیئا وهو ضروری البطلان وأیضا لیفرض جزء لا یتجزی فوق جزءین کذلک وعلی ملتقاهما فإن لقی بکله أو ببعضه کل کلیهما تجزی وإن لقی بکله کل أحدهما فقط فلیس علی الملتقی وقد فرض علیه وإن لقی بکله أو ببعضه من کل منهما شیئا انقسم وانقسما جمیعا وقد أوردوا فی بطلان الجزء الذی لا یتجزی وجوها من البراهین وهی کثیرة مذکورة فی کتبهم وأما القول الثانی المنسوب إلی النظام وهو أن الجسم مرکب من أجزاء لا تتجزی غیر متناهیة فیرد علیه ما یرد علی القول الأول مضافا إلی أن عدم تناهی الأجزاء علی تقدیر کونها ذوات حجم یوجب کون الجسم المتکون من اجتماعها غیر متناهی الحجم بالضرورة والضرورة تدفعه وأما القول الثالث المنسوب إلی ذیمقراطیس وهو أن الجسم مرکب من أجزاء صغار صلبة لا تتجزی خارجا وإن جاز أن تتجزی وهما وعقلا ففیه أن هذه الأجزاء لا محالة جواهر ذوات حجم فتکون أجساما ذوات اتصال

ص 97

جوهری تتألف منها الأجسام المحسوسة فالذی یثبته هذا القول أن هاهنا أجساما أولیة هی مبادی هذه الأجسام المحسوسة علی أن هذا القول لا یتبین به نفی الهیولی وإبطال ترکب الجسم منها ومن الصورة الجسمیة وسیأتی إثباتها فی الفصل التالی فیئول إلی إثبات الصورة الجسمیة للأجسام الأولیة التی هی مبادی ء هذه الأجسام المحسوسة وإلیها تنتهی بالتجزئة وأما القول الرابع المنسوب إلی الشهرستانی وهو کون الجسم متصلا واحدا کما فی الحس یقبل القسمة إلی أجزاء متناهیة ففیه أن لازمه وقوف القسمة العقلیة وهو ضروری البطلان وأما القول الخامس المنسوب إلی أفلاطون وهو کون الجسم جوهرا بسیطا وهو الاتصال الجوهری القابل للقسمة إلی غیر النهایة ففیه منع کون الجسم بسیطا لما سیوافیک من إثبات الهیولی للجسم علی أن فی کون الاتصال الجوهری الذی للجسم هو ما یناله الحس من الأجسام المحسوسة کلاما سیأتی إن شاء الله وأما القول السادس المنسوب إلی شیخ الإشراق وهو کون الجسم مرکبا من جوهر وعرض وهما المادة والجسم التعلیمی الذی هو من أنواع الکم المتصل ففیه أولا أن لا معنی لتقویم العرض للجوهر مع ما فیه من تألف ماهیة حقیقیة من مقولتین وهما الجوهر والکم والمقولات متباینة بتمام الذات وثانیا أن الکم عرض محتاج إلی الموضوع حیثما کان فهذا الامتداد المقداری الذی یتعین به طول الجسم وعرضه وعمقه کم محتاج إلی موضوع یحل فیه ولو لا أن فی موضوعه اتصالا ما یقبل أن یوصف بالتعین لم یعرضه ولم یحل فیه فلو أخذنا مقدارا من شمعة وسویناها کرة ثم أسطوانیا ثم مخروطا ثم مکعبا وهکذا وجدنا الأشکال متغیرة متبدلة وللشمعة اتصال باق محفوظ فی الأشکال المختلفة المتبدلة فهناک اتصالان اتصال مبهم غیر

ص 98

متعین فی نفسه لولاه لم یکن شمعة واتصال وامتداد متعین لو بطل لم یبطل به جسم الشمعة والأول هو صورة الجسم والثانی عرض یعرض الجسم والانقسام یعرض الجسم من حیث عرضه هذا وأما من حیث اتصاله الذاتی المبهم فله إمکان أن یفرض فیه أبعاد ثلاثة قال الشیخ فی الشفاء فالجسمیة بالحقیقة صورة الاتصال القابل لما قلناه من فرض الأبعاد الثلاثة وهذا المعنی غیر المقدار وغیر الجسمیة التعلیمیة فإن هذا الجسم من حیث له هذه الصورة لا یخالف جسما آخر بأنه أکبر أو أصغر ولا یناسبه بأنه مساو أو معدود به أو عاد له أو مشارک أو مباین وإنما ذلک له من حیث هو مقدر ومن حیث جزء منه یعده وهذا الاعتبار غیر اعتبار الجسمیة التی ذکرناها انتهی ص 64 وبالجملة فأخذ الامتداد الکمی العرضی فی ماهیة الجوهر علی ما فیه من الفساد خلط بین الاتصال الجوهری والامتداد العرضی الذی هو الجسم التعلیمی وأما القول السابع المنسوب إلی أرسطو وهو ترکب الجسم من الهیولی والصورة الجسمیة وهی الاتصال الجوهری علی ما عند الحس وهو کون الشی ء بحیث یمکن أن یفرض فیه امتدادات ثلاثة متقاطعة علی قوائم تقبل القسمة إلی أجزاء غیر متناهیة أما الهیولی فسیجی ء إثباتها وأما الصورة الجسمیة التی هی الاتصال فقد تقدم توضیحه ففیه أن کون الجسم مرکبا من مادة واتصال جوهری یقبل القسمة إلی غیر النهایة لا غبار علیه لکن لا حجة تدل علی کون الجسم فی اتصاله کما هو علیه عند الحس فخطأ الحس غیر مأمون وقد اکتشف علماء الطبیعیة أخیرا بعد تجارب دقیقة فنیة أن الأجسام مؤلفة من أجزاء ذریة لا تخلو من جرم بینها من الفواصل أضعاف ما لأجرامها من الامتداد فلینطبق هذا القول علی ما اکتشفوه من الأجسام الذریة التی

ص 99

هی مبادی ء تکون الأجسام المحسوسة ولیکن وجود الجسم بهذا المعنی أصلا موضوعا لنا نعم لو سلم ما یقال إن المادة یعنون بها الأجسام الذریة الأول قابلة التبدل إلی الطاقة وأنها مجموعة من ذرات الطاقة المتراکمة کان من الواجب فی البحث الحکمی أخذ الطاقة نوعا عالیا مترتبا علی الجوهر قبل الجسم ثم ترتیب الأبحاث المتفرقة علی ما یناسب هذا الوضع فلیتأمّل.

الفصل الخامس فی ماهیة المادة وإثبات وجودها

الفصل الخامس فی ماهیة المادة وإثبات وجودها

لا ریب أن الجسم فی أنه جوهر یمکن أن یفرض فیه الامتدادات الثلاثة أمر بالفعل وفی أنه یمکن أن یوجد فیه کمالات أخر أولیة مسماة بالصورة النوعیة التی تکمل جوهره وکمالات ثانیة من الأعراض الخارجة عن جوهره أمر بالقوة وحیثیة الفعل غیر حیثیة القوة لما أن الفعل لا یتم إلا بالوجدان والقوة تلازم الفقدان فالذی یقبل من ذاته هذه الکمالات الأولی والثانیة الممکنة فیه ویتحد بها أمر غیر صورته الاتصالیة التی هو بها بالفعل فإن الاتصال الجوهری من حیث هو اتصال جوهری لا غیر وأما حیثیة قوة الکمالات اللاحقة وإمکانها فأمر خارج عن الاتصال المذکور مغایر له فللجسم وراء اتصاله الجوهری جزء آخر حیثیة ذاته حیثیة قبول الصور والأعراض اللاحقة وهو الجزء المسمی بالهیولی والمادة فتبین أن الجسم جوهر مرکب من جزءین جوهریین المادة التی إنیتها قبول الصور المتعلقة نوع تعلق بالجسم والأعراض المتعلقة بها والصورة الجسمیة وأن المادة جوهر قابل للصور والأعراض الجسمانیة وأن الامتداد

ص 100

الجوهری صورة لها لا یقال لا ریب أن الصور والأعراض الحادثة اللاحقة بالأجسام یسبقها إمکان فی المحل واستعداد وتهیؤ فیه لها وکلما قرب الممکن من الوقوع زاد الاستعداد اختصاصا واشتد حتی إذا صار استعدادا تاما وجد الممکن بإفاضة من الفاعل فما المانع من إسناد القبول إلی الجسم أعنی الاتصال الجوهری بواسطة قیام الاستعداد به عروضا من غیر حاجة إلی استعداد وقبول جوهری نثبتها جزءا للجسم علی أن القبول والاستعداد مفهوم عرضی قائم بالغیر فلا یصلح أن یکون حقیقة جوهریة علی أن من الضروری أن الاستعداد یبطل مع تحقق المستعد له فلو کان هناک هیولی هی استعداد وقبول جوهری وجزء للجسم لبطلت بتحقق الممکن المستعد له وبطل الجسم ببطلان جزئه وانعدم بانعدامه وهو خلاف الضرورة فإنه یقال مغایرة الجسم بما أنه اتصال جوهری لا غیر مع کل من الصور النوعیة تأبی أن یکون موضوعا للقبول والاستعداد لها بل یحتاج إلی أمر آخر لا یأبی أن یتحد مع کل من الصور اللاحقة فیکون فی ذاته قابلا لکل منها وتکون الاستعدادات الخاصة التی تتوسط بینه وبین الصور الممکنة أنحاء تعینات القبول الذی له فی ذاته فنسبة الاستعدادات المتفرقة المتعینة إلی الاستعداد المبهم الذی للمادة فی ذاتها نسبة الأجسام التعلیمیة والامتدادات المقداریة التی هی تعینات للامتداد والاتصال الجوهری إلی الاتصال الجوهری ولو کان الجسم بما أنه اتصال جوهری هو الموضوع للاستعداد والجسم من الحوادث التی یسبقها إمکان لکان حاملا لإمکان نفسه فکان متقدما علی نفسه بالزمان وأما ما قیل إن المفهوم من القبول معنی عرضی قائم بالغیر فلا معنی للقول

ص 101

بکون المادة قبولا بذاته وهو کون القبول جوهرا فیدفعه أن البحث حقیقی والمتبع فی الأبحاث الحقیقیة البرهان دون الألفاظ بمفاهیمها اللغویة ومعانیها العرفیة وأما حدیث بطلان الاستعداد بفعلیة تحقق المستعد له المقوی علیه فلا ضیر فیه فإن المادة هی فی ذاتها قوة کل شی ء من غیر تعین شی ء منها وتعین هذه القوة المستتبع لتعین المقوی علیه عرض موضوعه المادة وبفعلیة الممکن المقوی علیه تبطل القوة المتعینة والاستعداد الخاص والمادة علی ما هی علیه من کونها قوة علی الصور الممکنة وبالجملة إن کان مراد المستشکل بقوله إن الاستعداد یبطل بفعلیة الممکن المستعد له هو مطلق الاستعداد الذی للمادة فممنوع وإن کان مراده هو الاستعداد الخاص الذی هو عرض قائم بالمادة فمسلم لکن بطلانه لا یوجب بطلان المادة لا یقال الحجة أعنی السلوک إلی إثبات المادة بمغایرة القوة والفعل منقوضة بالنفس الإنسانیة فإنها بسیطة مجردة من المادة ولها آثار بالقوة کسنوح الإرادات والتصورات وغیر ذلک فهی أمر بالفعل فی ذاتها المجردة وبالقوة من حیث کمالاتها الثانیة فإذا جاز کونها علی بساطتها بالفعل وبالقوة معا فلیجز فی الجسم أن یکون متصفا بالفعلیة والقوة من غیر أن یکون مرکبا من المادة والصورة فإنه یقال النفس لیست مجردة تامة ذاتا وفعلا بل هی متعلقة بالمادة فعلا فلها الفعلیة من حیث تجردها والقوة من حیث تعلقها بالمادة لا یقال الحجة منقوضة بالنفس الإنسانیة من جهة أخری وهو أنهم ذکروا وهو الحق أن النفس الإنسانیة العقلیة مادة للمعقولات المجردة وهی مجردة کلما تعقلت معقولا صارت هی هو فإنا نقول خروج النفس المجردة من القوة إلی الفعل باتحادها بعقل بعد

ص 102

عقل لیس من باب الحرکة المعروفة التی هی کمال أول لما بالقوة من حیث إنه بالقوة وإلا استلزم قوة واستعدادا وتغیرا وزمانا وکل ذلک ینافی التجرد الذی هو الفعلیة التامة العاریة من القوة بل المراد بکون النفس مادة للصور المعقولة اشتداد وجودها المجرد من غیر تغیر وزمان باتحادها بالمرتبة العقلیة التی فوق مرتبة وجودها بإضافة المرتبة العالیة وهی الشرط فی إفاضة المرتبة التی هی فوق ما فوقها وبالجملة مادیة النفس للصور المجردة المعقولة غیر المادیة بالمعنی الذی فی عالم الأجسام نوعا وناهیک فی ذلک عدم وجود خواص المادة الجسمانیة هناک لا یقال الحجة منقوضة بنفس المادة فإنها فی نفسها جوهر موجود بالفعل ولها قوة قبول الأشیاء فیلزم ترکبها من صورة تکون بها بالفعل ومادة تکون بها بالقوة وننقل الکلام إلی مادة المادة وهلم جرا فیتسلسل وبذلک یتبین أن الاشتمال علی القوة والفعل لا یستلزم ترکبا فی الجسم لأنه یقال کما أجاب عنه الشیخ إن المادة متضمنة للقوة والفعل لکن قوتها عین فعلیتها وفعلیتها عین قوتها فهی فی ذاتها محض قوة الأشیاء لا فعلیة لها إلا فعلیة أنها قوة الأشیاء لا یقال الحجة منقوضة بالعقل فإنه مؤثر فیما دونه متأثر عما فوقه ففیه جهتا فعل وانفعال فیلزم علی قولکم ترکبه من مادة وصورة حتی یفعل بالصورة وینفعل بالمادة فإنه یقال إن الانفعال والقبول هناک غیر الانفعال والقبول المبحوث عنه فی الأجسام فانفعال العقل وقبوله الوجود مما فوقه لیس إلا مجرد وجوده الفائض علیه من غیر سبق قوة واستعداد یقرب موضوعه من الفعلیة وإنما العقل یفرض للعقل ماهیة یعتبرها قابلة للوجود والعدم فیعتبر تلبسها بالوجود قبولا وانفعالا فالقبول کالانفعال مشترک بین المعنیین والذی یستلزم

ص 103

الترکب هو القبول بمعنی الاستعداد والقوة السابقة دون القبول بمعنی فیضان الوجود فالعقل یفعل بعین ما یقبل وینفعل به.

الفصل السادس فی أن المادة لا تفارق الجسمیة والجسمی

الفصل السادس فی أن المادة لا تفارق الجسمیة والجسمیة لا تفارق المادة

أی أن کل واحدة منها لا تفارق صاحبتها. أما أن المادة لا تتعری عن الصورة فلأنها فی ذاتها وجوهرها قوة الأشیاء لا نصیب لها من الفعلیة إلا فعلیة أنها لا فعلیة لها ومن الضروری أن الوجود یلازم الفعلیة المقابلة للقوة فهی أعنی المادة فی وجودها مفتقرة إلی موجود فعلی محصل الوجود تتحد به فتحصل بتحصله وهو المسمی صورة وأیضا لو وجدت المادة مجردة عن الصورة لکان لها فعلیة فی وجودها وهی قوة الأشیاء محضا وفیه اجتماع المتنافیین فی ذات واحدة وهو محال ثم إن المادة لما کانت متقومة الوجود بوجود الصورة فللصورة جهة الفاعلیة بالنسبة إلیها غیر أنها لیست تامة الفاعلیة لتبدل الصور علیها والمعلول الواحد لا تکون لها إلا علة واحدة فللمادة فاعل أعلی وجودا من المادة والمادیات یفعل المادة ویحفظ وجودها باتحاد صورة علیها بعد صورة فالصورة شریکة العلة للمادة لا یقال المادة علی ما قالوا واحدة بالعدد وصورة ما واحدة بالعموم والواحد بالعدد أقوی وجودا من الواحد بالعموم فلازم علیة صورة ما للمادة کون ما هو أقوی وجودا معلولا للأضعف وجودا وهو محال فإنه یقال إن المادة وإن کانت واحدة بالعدد لکن وحدتها مبهمة

ص 104

ضعیفة لإبهام وجودها وکونها محض القوة ووحدة الصورة وهی شریکة العلة التی هی المفارق مستظهرة بوحدة المفارق فمثل إبقاء المفارق وحفظ المادة بصورة ما مثل السقف یحفظ من الانهدام بنصب دعامة بعد دعامة وسیأتی فی مباحث الحرکة الجوهریة إن شاء الله ما ینکشف به حقیقة الحال فی کثرة هذه الصور المتعاقبة علی المادة وقد تبین بما تقدم أن کل فعلیة وتحصل تعرض المادة فإنما هی بفعلیة الصورة لما أن تحصلها بتحصل الصورة وأن الصورة شریکة العلة للمادة وأن الصورة متقدمة علی المادة وجودا وإن کانت المادة متقدمة علیها زمانا وأما أن الصورة الجسمیة لا تتعری عن المادة فلأن الجسم أیا ما کان لا یخلو عن عوارض مفارقة تتوارد علیه من أقسام الحرکات والکم والکیف والأین والوضع وغیرها وکذلک الصور النوعیة المتعاقبة علیه وهی جمیعا تتوقف علی إمکان واستعداد سابق لا حامل له إلا المادة فلا جسم إلا فی مادة وأیضا الجسم بما أنه جوهر قابل للأبعاد الثلاثة طبیعة نوعیة تامة واحدة وإن کانت تحته أنواع ولیس کمفهوم الجوهر الذی لیس له إلا أن یکون ماهیة جنسیة لا حکم له إلا حکم أنواعه المندرجة تحته فإذا کان طبیعة نوعیة فهو بطبیعته وفی ذاته إما أن یکون غنیا عن المادة غیر مفتقر إلیها أو مفتقرا إلیها فإن کان غنیا بذاته استحال أن یحل المادة لأن الحلول عین الافتقار لکنا نجد بعض الأجسام حالا فی المادة فلیس بغنی عنها وإن کان مفتقرا إلیها بذاته ثبت الافتقار وهو الحلول فی کل جسم لا یقال لم لا یجوز أن یکون غنیا عنها بحسب ذاته وتعرضه المقارنة فی بعض الأفراد لسبب خارج عن الذات کعروض الأعراض المفارقة للطبائع النوعیة لأنه یقال مقارنة الجسم للمادة کما أشیر إلیه بحلوله فیها وبعبارة

ص 105

أخری بصیرورة وجوده للمادة ناعتا لها فمعنی عروض الافتقار له بسبب خارج بعد غناه عنها فی ذاته صیرورة وجوده لغیره بعد ما کان لنفسه وهو محال بالضرورة واعلم أن المسألة وإن عقدت فی تجرد الصورة الجسمیة لکن الدلیل یجری فی کل صورة فی إمکانها أن یلحقها کمالات طارئة. وسیأتی فی بحث الحرکة الجوهریة أن الجوهر المادی متحرک فی صورها حتی یتخلص إلی فعلیة محضة لا قوة معها وذلک باللبس بعد اللبس لا بالخلع واللبس فبناء علیه یکون استحالة تجرد الصورة المادیة عن المادة مقیدة بالحرکة دون ما إذا تمت الحرکة وبلغت الغایة. ویتأید ذلک بما ذکره الشیخ وصدر المتألهین أن المادة غیر داخلة فی حد الجسم دخول الأجناس فی حدود أنواعها فماهیة الجسم وهی الجوهر القابل للأبعاد الثلاثة لا خبر فیها عن المادة التی هی الجوهر الذی فیه قوة الأشیاء لکن الجسم مثلا مأخوذ فی حد الجسم النامی والجسم النامی مأخوذ فی حد الحیوان والحیوان مأخوذ فی حد الإنسان. وقد بینه صدر المتألهین بأنها لو کانت داخلة فی ماهیة الجسم لکانت بینة الثبوت له علی ما هو خاصة الذاتی لکنا نشک فی ثبوتها للجسم فی بادی ء النظر ثم نثبتها له بالبرهان ولا برهان علی ذاتی. ولا منافاة بین القول بخروجها عن ماهیة الجسم والقول باتحادها مع الصورة الجسمیة علی ما هو لازم اجتماع ما بالقوة مع ما بالفعل لأن الاتحاد المدعی إنما هو الوجود لا فی الماهیة. ولازم ذلک أن لو تجرد بعض الأنواع المادیة عن المادة لم یلزم انقلاب بتغیر الحد وأن المادة من لوازم وجوده لا جزء ماهیته.

ص 106

الفصل السابع فی إثبات الصور النوعیة

الفصل السابع فی إثبات الصور النوعیة

وهی الصور الجوهریة المنوعة لجوهر الجسم المطلق. إنا نجد فی الأجسام اختلافا من حیث صدق مفاهیم علیها هی بینة الثبوت لها ممتنعة الانفکاک عنها فإنا لا نقدر أن نتصور جسما دون أن نتصوره مثلا عنصرا أو مرکبا معدنیا أو شجرا أو حیوانا وهکذا وتلبس الجسم بهذه المفاهیم علی هذا النحو أمارة کونها من مقوماته. ولما کان کل منها أخص من الجسم فهی مقومة لجوهر ذاته فیحصل بانضمام کل منها إلیه نوع منه ولا یقوم الجوهر إلا جوهر فهی صور جوهریة منوعة. لا یقال لا نسلم أن الجوهر لا یقومه إلا جوهر فکثیرا ما یوجد الشی ء ویقال علیه الجوهر فی جواب ما هو ثم ینضم إلیه شی ء من الأعراض ویتغیر به جواب السؤال عنه بما هو کالحدید الذی هو جوهر فإذا صنع منه السیف بضم هیئات عرضیة إلیه وسئل عنه بما هو کان الجواب عنه غیر الجواب عنه وهو حدید وکالطین والحجر وهما جوهران فإذا بنی منهما بناء وقع فی جواب السؤال عنه بما هو البیت ولم ینضم إلیها إلا هیئات عرضیة. فإنه یقال فیه خلط بین الأنواع الحقیقیة التی هی مرکبات حقیقیة تحصل من ترکبها هویة واحدة وراء الأجزاء لها آثار وراء آثار الأجزاء کالعناصر والموالید وبین المرکبات الاعتباریة التی لا یحصل من ترکب أجزائها أمر وراء الأجزاء ولا أثر وراء آثارها کالسیف والبیت من الأمور

ص 107

الصناعیة وغیرها. وبالجملة المرکبات الاعتباریة لا یحصل منها أمر وراء نفس الأجزاء والمرکب من جوهر وعرض لا جوهر ولا عرض فلا ماهیة له حتی یقع فی جواب ما هو کل ذلک لتباین المقولات بتمام ذواتها البسیطة فلا یتکون من أکثر من واحدة منها ماهیة. ولا یقال کون الصور النوعیة جواهر ینافی قولهم إن فصول الجواهر غیر مندرجة تحت جنس الجوهر. فإنه یقال قد تقدم البحث عنه فی مرحلة الماهیة واتضح به أن معنی جوهریة فصول الجواهر وهی الصور النوعیة مأخوذة بشرط لا أن جنس الجوهر صادق علیها صدق العرض العام علی الخاصة فهی مقومات للأنواع عارضة علی الجنس. حجة أخری إنا نجد الأجسام مختلفة بحسب الآثار القائمة بها من العوارض اللازمة والمفارقة واختصاص کل من هذه المختلفات الآثار بما اختص به من الآثار لیس إلا لمخصص بالضرورة. ومن المحال أن یکون المخصص هو الجسمیة المشترکة لاشتراکها بین جمیع الأجسام ولا المادة المشترکة لأن شأنها القبول والاستعداد دون الفعل والاقتضاء ولا موجود مفارق لاستواء نسبته إلی جمیع الأجسام ویمتنع أن یکون المخصص هو بعض الأعراض اللاحقة بأن یتخصص أثر بأثر سابق فإنا ننقل الکلام إلی الأثر السابق فیتسلسل أو یدور أو ینتهی إلی أمر غیر خارج عن جوهر الجسم الذی عنده الأثر والأولان محالان فیبقی الثالث وهو استناد الآثار إلی أمر غیر خارج من جوهر الجسم فیکون مقوما له ومقوم الجوهر جوهر وإذ کان هذا المقوم الجوهری أخص من الجسم المطلق فهو صورة جوهریة منوعة له. ففی الأجسام علی اختلافها صور نوعیة جوهریة هی مباد للآثار المختلفة

ص 108

باختلاف الأنواع. لا یقال إن فی أفراد کل نوع من الأنواع الجسمانیة آثارا مختصة وعوارض مشخصة لا یوجد ما هو عند فرد منها عند غیره من الأفراد ویجری فیها ما سقتموه من الحجة فهلا أثبتم بعد الصور التی سمیتموها صورا نوعیة صورا شخصیة مقومة لماهیة النوع. لأنه یقال الأعراض المسماة عوارض مشخصة لوازم التشخص ولیست بمشخصة وإنما التشخص بالوجود کما تقدم فی مرحلة الماهیة وتشخص الأعراض بتشخص موضوعاتها إذ لا معنی لعموم العرض القائم بالموضوع المشخص والأعراض الفعلیة اللاحقة بالفرد مبدؤها الطبیعة النوعیة التی فی الفرد تقتضی من الکم والکیف والوضع وغیرها عرضا عریضا ثم الأسباب والشرائط الخارجیة الاتفاقیة تخصص ما تقتضیه الطبیعة النوعیة وبتغیر تلک الأسباب والشرائط ینتقل الفرد من عارض یتلبس به إلی آخر من نوعه أو جنسه.

خاتمة للفصل

لما کانت الصورة النوعیة مقومة لمادتها الثانیة التی هی الجسم المؤلف من المادة والصورة الجسمیة کانت علة فاعلیة للجسم متقدمة علیه کما أن الصورة الجسمیة شریکة العلة للمادة الأولی. ویتفرع علیه أولا أن الوجود أولا للصورة النوعیة وبوجودها توجد الصورة الجسمیة ثم الهیولی بوجودها الفعلی. وثانیا أن الصور النوعیة لا تحفظ الجسمیة إلی بدل بل توجد بوجودها الجسمیة ثم إذا تبدلت إلی صورة أخری تخالفها نوعا بطل ببطلانها الجسم ثم حدثت جسمیة أخری بحدوث الصورة التالیة.

ص 109

الفصل الثامن فی الکم وهو من المقولات العرضیة

الفصل الثامن فی الکم وهو من المقولات العرضیة

قد تقدم أن العرض ماهیة إذا وجدت فی الأعیان وجدت فی موضوع مستغن عنه وأن العرضیة کعرض عام لتسع من المقولات هی أجناس عالیة لا جنس فوقها ولذا کان ما عرف به کل واحدة منها تعریفا بالخاصة لا حدا حقیقیا ذا جنس وفصل. وقد عرف الشیخان الفارابی وابن سینا الکم بأنه العرض الذی بذاته یمکن أن یوجد فیه شی ء واحد یعده وهو أحسن ما أورد له من التعریف وأما تعریفه بأنه العرض الذی یقبل القسمة لذاته فقد أورد علیه بأنه تعریف بالأخص لاختصاص قبول القسمة بالکم المتصل وأما المنفصل فهو ذو أجزاء بالفعل وکذا تعریفه بأنه العرض الذی یقبل المساواة فقد أورد علیه بأنه تعریف دوری لأن المساواة هی الاتحاد فی الکم وکیف کان فما یشتمل علیه هذه التعاریف خواص ثلاثة للکم وهی العد والانقسام والمساواة

الفصل التاسع فی انقسامات الکم

الفصل التاسع فی انقسامات الکم

ینقسم الکم انقساما أولیا إلی المتصل والمنفصل والمتصل هو الکم الذی یمکن أن یفرض فیه أجزاء تتلاقی علی حدود مشترکة والحد المشترک هو

ص 110

الذی یمکن أن یجعل بدایة لجزء کما یمکن أن یجعل نهایة لآخر کالخط إذا فرض انقسامه إلی ثلاثة أجزاء فإن القسم المتوسط یمکن أن یجعل بدایة لکل من الجانبین ونهایة له فیکون القسمان قسما واحدا والخط ذا قسمین. وعرف المتصل أیضا بما یقبل الانقسام إلی غیر النهایة والمنفصل خلاف المتصل وهو العدد الحاصل من تکرر الواحد فإنه منقسم إلی أجزاء بالفعل ولیس بینها حد مشترک فإن الخمسة مثلا إذا قسم إلی اثنین وثلاثة فإن کان بینهما حد مشترک من الأجزاء کانت أربعة أو من خارج کانت ستة. والمتصل ینقسم إلی قسمین قار وغیر قار والقار هو الثابت المجتمع الأجزاء بالفعل کالسطح وغیر القار هو الذی لا یجتمع أجزاؤه المفروضة بالفعل کالزمان فإن کل جزء منه بالفعل قوة للجزء التالی فلا یجتمعان بالفعل إذ فعلیة الشی ء لا تجامع قوته. والقار ینقسم إلی الجسم التعلیمی وهو القابل للانقسام فی جهاته الثلاث العرض والطول والعمق والسطح وهو القابل للانقسام فی الجهتین العرض والطول والخط وهو القابل للانقسام فی جهة واحدة. والکم المنفصل وهو العدد موجود فی الخارج بالضرورة والکم المتصل غیر القار وهو الزمان سیأتی إثبات وجوده فی مباحث القوة والفعل. وأما الکم المتصل القار فالجسم التعلیمی والسطح موجودان فی الخارج لأن هناک أجساما طبیعیة منفصلا بعضها من بعض متعینة متناهیة ولازم تعینها الجسم التعلیمی ولازم تناهیها السطح. وأما الخط فهو موجود فی الخارج إن ثبتت أجسام لها سطوح متقاطعة کالمکعب والمخروط والهرم ونحوها. ثم إن کل مرتبة من مراتب العدد غیر المتناهیة نوع خاص منه مباین لسائرها لاختصاصها بخواص عددیة لا تتعداها إلی غیرها. والزمان نوع واحد وإن کان معروضه أنواع الحرکات الجوهریة والعرضیة

ص 111

لما أن بین أفرادها عادا مشترکا. والأجسام التعلیمیة التی لا عاد مشترکا بینها کالکرة والمخروط والمکعب ونحوها أنواع متباینة وکذا السطوح التی لا عاد مشترکا بینها کالسطح المستوی وأقسام السطوح المحدبة والمقعرة وکذا الخطوط التی لا عاد مشترکا بینها إن کانت موجودة کالخط المستقیم وأنواع الأقواس وأما الأجسام والسطوح والخطوط غیر المنتظمة فلیست بأنواع بل مرکبة من أنواع شتی.

الفصل العاشر فی أحکام مختلفة للکم

الفصل العاشر فی أحکام مختلفة للکم

قد تقدمت الإشارة إلی أن من خواص الکم المساواة والمفاوتة ومنها الانقسام خارجا کما فی العدد أو وهما کما فی غیره ومنها وجود عاد منه یعده وهناک أحکام أخر أوردوها. أحدها أن الکم المنفصل وهو العدد یوجد فی المادیات والمجردات جمیعا وأما المتصل غیر القار منه وهو الزمان فلا یوجد إلا فی المادیات وأما المتصل القار وهو الجسم التعلیمی والسطح والخط فلا یوجد فی المجردات إلا عند من یثبت عالما مقداریا مجردا له آثار المادة دون نفس المادة. الثانی أن العدد لا تضاد فیه لأن من شروط التضاد غایة الخلاف بین المتضادین ولیست بین عددین غایة الخلاف إذ کل مرتبتین مفروضتین من العدد فإن الأکثر منهما یزید بعدا من الأقل بإضافة واحد علیه. وأما الاحتجاج علیه بأن کل مرتبة من العدد متقوم بما هو دونه والضد لا یتقوم بالضد ففیه أن المرتبة من العدد لو ترکبت مما دونها من المراتب کانت المراتب التی تحتها فی جواز تقویمها علی السواء کالعشرة مثلا یجوز فرض ترکبه

ص 112

من تسعة وواحدة وثمانیة واثنین وسبعة وثلاثة وستة وأربعة وخمسة وخمسة وتعین بعضها للجزئیة ترجح بلا مرجح وهو محال وقول الریاضیین إن العشرة مجموع الثمانیة والاثنین معناه مساواة مرتبة من العدد لمرتبتین لا کون المرتبة وهی نوع واحد عین المرتبتین وهما نوعان اثنان. ونظیر الکلام یجری فی الکم المتصل مطلقا وکذا لا یضاد الجسم التعلیمی سطحا ولا خطا ولا سطح خطا إذ لا موضوع واحدا هناک یتعاقبان علیه ولا یتصور هناک غایة الخلاف. الثالث أن الکم لا یوجد فیه التشکیک بالشدة والضعف وهو ضروری أو قریب منه نعم یوجد فیه التشکیک بالزیادة والنقص کأن یکون خط أزید من خط فی الطول إذا قیس إلیه وجودا لا فی أن له ماهیة الخط وکذا السطح یزید وینقص من سطح آخر من نوعه وکذا الجسم التعلیمی. الرابع قالوا إن الأبعاد متناهیة واستدلوا علیه بوجوه من أوضحها أنا نفرض خطا غیر متناه وکرة خرج من مرکزها خط مواز لذلک الخط غیر المتناهی فإذا تحرکت الکرة تلاقی الخطان بمصادرة أقلیدس فصار الخط الخارج من المرکز مسامتا للخط غیر المتناهی المفروض بعد ما کان موازیا له ففی الخط غیر المتناهی نقطة بالضرورة هی أول نقط المسامتة لکن ذلک محال إذ لا یمکن أن یفرض علی الخط نقطة مسامتة إلا وفوقها نقطة یسامتها الخط قبلها. وقد أقیم علی استحالة وجود بعد غیر متناه براهین أخر کبرهان التطبیق والبرهان السلمی وغیر ذلک. الخامس أن الخلاء ولازمه قیام البعد بنفسه من دون معروض یقوم به محال وسیأتی الکلام فیه فی بحث الأین. السادس أن العدد لیس بمتناه ومعناه أنه لا توجد مرتبة من العدد إلا ویمکن فرض ما یزید علیها وکذا فرض ما یزد علی الزائد ولا تقف السلسلة

ص 113

حتی تنقطع بانقطاع الاعتبار ویسمی غیر المتناهی اللایقفی ولا یوجد من السلسلة دائما بالفعل إلا مقدار متناه وما یزید علیه فهو فی القوة وأما ذهاب السلسلة بالفعل إلی غیر النهایة علی نحو العدول دون السلب التحصیلی فغیر معقول فلا کل ولا مجموع لغیر المتناهی بهذا المعنی ولا تحقق فیه لشی ء من النسب الکسریة کالنصف والثلث والربع وإلا عاد متناهیا.

الفصل الحادی عشر فی الکیف وانقسامه الأولی

الفصل الحادی عشر فی الکیف وانقسامه الأولی

عرفوه بأنه عرض لا یقبل القسمة ولا النسبة لذاته فیخرج بالعرض الواجب لذاته والجوهر وبقید عدم قبول القسمة الکم وبقید عدم قبول النسبة المقولات السبع النسبیة ویدخل بقید لذاته ما یعرضه قسمة أو نسبة بالعرض. قال صدر المتألهین المقولات لما کانت أجناسا عالیة لیس فوقها جنس لم یمکن أن یورد لها حد ولذلک کان ما یورد لها من التعریفات رسوما ناقصة یکتفی فیها بذکر الخواص لإفادة التمییز ولم یظفر فی الکیف بخاصة لازمة شاملة إلا المرکب من العرضیة والمغایرة للکم والأعراض النسبیة فعرف بما محصله أنه عرض یغایر الکم والأعراض النسبیة لکن هذا التعریف تعریف للشی ء بما یساویه فی المعرفة والجهالة لأن الأجناس العالیة لیس بعضها أجلی من البعض ولو جاز ذلک لجاز مثله فی سائر المقولات بل ذلک أولی لأن الأمور النسبیة لا تعرف إلا بعد معروضاتها التی هی الکیفیات فعدلوا عن ذکر کل من الکم والأعراض النسبیة إلی ذکر الخاصة التی هی أجلی انتهی ملخصا الأسفار ج 4 ص 58.

ص 114

وینقسم الکیف انقساما أولیا إلی أربعة أقسام کلیة هی الکیفیات المحسوسة والنفسانیة والمختصة بالکمیات والاستعدادیة وتعویلهم فی حصرها فی الأربعة علی الاستقراء.

الفصل الثانی عشر فی الکیفیات المحسوسة

الفصل الثانی عشر فی الکیفیات المحسوسة

ومن خاصتها أن فعلها بطریق التشبیه أی جعل الغیر شبیها بنفسها کما تجعل الحرارة مجاورها حارا وکما یلقی السواد مثلا شبحه أی مثاله علی العین والکیفیات المحسوسة تنقسم إلی المبصرات والمسموعات والمذوقات والمشمومات والملموسات. والمبصرات منها الألوان فالمشهور أنها کیفیات عینیة موجودة فی خارج الحس وأن البسیط منها البیاض والسواد وباقی الألوان حاصلة من ترکبهما أقساما من الترکیب وقیل الألوان البسیطة التی هی الأصول خمسة السواد والبیاض والحمرة والصفرة والخضرة وباقی الألوان مرکب منها. وقیل اللون کیفیة خیالیة لا وجود لها وراء الحس کالهالة وقوس قزح وغیرهما وهی حاصلة من أنواع اختلاط الهواء بالأجسام المشفة أو انعکاس منها. ومن المبصرات النور وهو غنی عن التعریف وربما یعرف بأنه الظاهر بذاته المظهر لغیره وینبغی أن یراد به إظهاره الأجسام للبصر ولو أطلق الإظهار کان ذلک خاصة للوجود. وکیف کان فالمعروف من مذهبهم أنه کیفیة مبصرة توجد فی الأجسام

ص 115

النیرة بذاتها أو فی الجسم الذی یقابل نیرا من غیر أن ینتقل من النیر إلی المستنیر ویقابله الظلمة مقابلة العدم للملکة وقیل إن النور جوهر جسمانی وقیل إنه ظهور اللون. والمسموعات هی الأصوات والصوت کیفیة حاصلة من قرع عنیف أو قلع عنیف مستتبع لتموج الهواء الحامل للأصوات فإذا بلغ التموج الهواء المجاور لصماخ الأذن أحس الصوت ولیس الصوت هو التموج ولا نفس القلع والقرع ولیس الصوت المحسوس خیالا فی الحس معدوما فی خارج الحس. والمذوقات هی الطعوم المدرکة بالذائقة وقد عدوا بسائطها تسعة وهی الحرافة والملاحة والمرارة والدسومة والحلاوة والتفه والعفوصة والقبض والحموضة وما عدا هذه الطعوم طعوم مرکبة منها. والمشمومات أنواع الروائح المحسوسة بالشامة ولیس لأنواع الروائح التی ندرکها أسماء عندنا نعرفها بها إلا من جهة إضافتنا لها إلی موضوعاتها کما نقول رائحة المسک ورائحة الورد أو من جهة موافقتها للطبع ومخالفتها له کما نقول رائحة طیبة ورائحة منتنة أو من جهة نسبتها إلی الطعم کما نقول رائحة حلوة ورائحة حامضة وهذا کله دلیل ضعف الإنسان فی شامته کما ذکره الشیخ. والملموسات أنواع الکیفیات المحسوسة بحس اللمس وقد عدوا بسائطها اثنی عشر نوعا هی الحرارة والبرودة والرطوبة والیبوسة واللطافة والکثافة واللزوجة والهشاشة والجفاف والبلة والثقل والخفة وقد ألحق بها بعضهم الخشونة والملاسة والصلابة واللین والمعروف أنها مرکبة.

ص 116

الفصل الثالث عشر فی الکیفیات المختصة بالکمیات

الفصل الثالث عشر فی الکیفیات المختصة بالکمیات

وهی الکیفیات العارضة للجسم بواسطة کمیته فیتصف بها الکم أولا ثم الجسم لکمیته کالاستدارة فی الخط والزوجیة فی العدد. وهی ثلاثة أقسام بالاستقراء الأول الشکل والزاویة الثانی ما لیس بشکل وزاویة مثل الاستدارة والاستقامة من الکیفیات العارضة للخط والسطح والجسم التعلیمی الثالث الکیفیات العارضة للعدد مثل الزوجیة والفردیة والتربیع والتجذیر وغیر ذلک. وألحق بعضهم بالثلاثة الخلقة ومرادهم بها مجموع اللون والشکل ویدفعه أنها لیس لها وحدة حقیقیة ذات ماهیة حقیقیة بل هی من المرکبات الاعتباریة ولو کانت ذات ماهیة کان من الواجب أن یندرج تحت الکیفیات المبصرة والکیفیات المختصة بالکمیات وهما جنسان متباینان وذلک محال. أما القسم الأول فالشکل هیئة حاصلة للکم من إحاطة حد أو حدود به إحاطة تامة کشکل الدائرة التی تحیط بها خط واحد وشکل المثلث والمربع وکثیر الأضلاع التی یحیط بها حدود والکرة التی یحیط بها سطح واحد والمخروط والأسطوانة والمکعب التی تحیط بها سطوح فوق الواحد. والشکل من الکیفیات لصدق حد الکیف علیه ولیس هو السطح أو الجسم ولا الحدود المحیطة به ولا المجموع بل الهیئة الحاصلة من سطح أو جسم أحاط به حدود خاصة. والزاویة هی الهیئة الحاصلة من إحاطة حدین أو حدود متلاقیة فی حد

ص 117

إحاطة غیر تامة کالزاویة المسطحة الحاصلة من إحاطة خطین متلاقیین فی نقطة والزاویة المجسمة الحاصلة من إحاطة سطح المخروط المنتهی إلی نقطة الرأس وزاویة المکعب المحیط بها سطوح ثلاثة والکلام فی کون الزاویة کیفا لا کما نظیر ما مر من الکلام فی کون الشکل من مقولة الکیف. وجوز الشیخ کون الهیئة الحاصلة من إحاطة السطحین من المکعب مثلا المتلاقیین فی خط زاویة لانطباق خواص الزاویة علیها. وأما القسم الثانی فالاستقامة فی الخط وتقابلها الاستدارة من مقولة الکیف دون الکم وبینهما تخالف نوعی أما أنهما من مقولة الکیف فلأنا نعقل مفهومی الاستقامة والاستدارة وهما مفهومان ضروریان ولا نجد فیهما معنی قبول الانقسام وإن کانا لا یفارقان ذلک وجودا لعروضهما للکم ولو کان قبول الانقسام جزءا من حدیهما أو من أعرف خواصهما لم یخل عنه تعقلهما. وأما کونهما نوعین متخالفین متباینین فلأنهما لو کانا نوعا واحدا کان ما یوجد فیهما من التخالف عرضیا غیر جزء للذات ولا لازما له فکان من الجائز عند العقل أن یزول وصف الاستقامة عن الخط المستقیم ویبقی أصل الخط ثم یوصف بالاستدارة لکن ذلک محال لأن الخط نهایة السطح کما أن السطح نهایة الجسم ولا یمکن أن یتغیر حال النهایة إلا بعد تغیر حال ذی النهایة فلو لم یتغیر حال السطح فی انبساطه وتمدده لم یتغیر حال الخط فی استقامته ولو لم یتغیر حال الجسم فی انبساطه وتمدده لم یتغیر حال السطح فی ذلک والجسم التعلیمی یبطل بذلک ویوجد غیره وکذا السطح الذی هو نهایته وکذا الخط الذی هو نهایته فإذا بطل المعروض ووجد معروض آخر بالعدد کان العارض أیضا کذلک. فإذا امتنع بقاء المستقیم من الخط مع زوال استقامته علم منه أن الاستقامة إما فصله أو لازم فصله فالمستقیم یغایر المستدیر فی نوعیته وکذ

ص 118

السطح المستوی وغیره وأیضا غیره لما یخالفه وکذا الأجسام التعلیمیة لما یخالفها. ویتفرع علی ما تقدم أولا أن لا تضاد بین المستقیم والمستدیر لعدم التعاقب علی موضوع واحد ولعدم غایة الخلاف وکذا ما بین الخط والسطح وکذا ما بین السطح والجسم التعلیمی وکذا ما بین السطوح أنفسها وبین الأجسام التعلیمیة أنفسها. وثانیا أن لا اشتداد وتضعف بین المستقیم والمستدیر إذ من الواجب فی التشکیک أن یشمل الشدید علی الضعیف وزیادة وقد تبین أن المستقیم لا یتضمن المستدیر وبالعکس. وأما القسم الثالث فالزوجیة والفردیة العارضتان للعدد وکذا التربیع والتجذیر والتکعیب وما یناظرها وهی من الکیفیات دون الکم لصدق حد الکیف علیها وهو ظاهر بالنظر إلی أن کل مرتبة من مراتب العدد نوع منه مستقل فی نوعیته مباین لغیره یشارک سائر المراتب فی الانقسام وکون الانقسام بمتساویین وعدم کونه کذلک نعت للانقسام غیر قابل فی نفسه للانقسام وغیر نسبی فی نفسه فلیس بکم ولا بواحد من الأعراض النسبیة فلیس شی ء من الزوجیة والفردیة إلا کیفا عارضا للکم. ونظیر البیان یجری فی سائر أحوال الأعداد من التربیع والتجذیر وغیر ذلک. وبالتأمّل فیما تقدم یظهر أولا أن لا تضاد بین هذه الأحوال العددیة إذ لا موضوع مشترکا بین الزوجیة والفردیة یتعاقبان علیه علی ما هو شرط التضاد. وثانیا أن لا تشکیک بالشدة والضعف ولا بالزیادة والنقیصة فی هذه الأحوال العددیة فکما لا یتبدل تقوس واستدارة إلی تقوس واستدارة أخری إلا مع بطلان موضوعه ووجود موضوع آخر غیره بالعدد کذلک لا تتبدل

ص 119

زوجیة مثلا إلی زوجیة زوج الزوج إلا مع بطلان موضوعه الذی هو المعدود ووجود موضوع آخر غیره بالعدد وفی ذلک بطلان الزوجیة التی هی عرض ووجود زوجیة أخری بالعدد ولیس ذلک من التشکیک فی شی ء. وثالثا یعلم بالتذکر لما تقدم أن الکیفیات المختصة بالکمیات توجد فی المادیات والمجردات المثالیة جمیعا بناء علی تجرد المثال.

الفصل الرابع عشر فی الکیفیات الاستعدادیة وتسمی أیض

الفصل الرابع عشر فی الکیفیات الاستعدادیة وتسمی أیضا القوة واللاقوة

والمعنی الجامع بینها الذی هو بمنزلة النوع من مطلق الکیف وبمنزلة الجنس لأنواعها الخاصة بها أنها استعداد شدید جسمانی نحو أمر خارج بمعنی أنه الذی یترجح به حدوث أمر من خارج ولها نوعان أحدهما الاستعداد الشدید علی أن ینفعل کالممراضیة واللین والثانی الاستعداد الشدید علی أن لا ینفعل کالمصحاحیة والصلابة. وألحق بعضهم بالنوعین نوعا ثالثا وهو الاستعداد الشدید نحو الفعل کالمصارعیة ورده الشیخ وتبعه صدر المتألهین قال فی الأسفار إنه لا خلاف فی أن القوة علی الانفعال والقوة علی المقاومة داخلتان تحت هذا النوع وأما القوة علی الفعل هل هی داخلة تحت هذا النوع فالمشهور أنها منه والشیخ أخرجها منه وهو الحق کما سیظهر لک وجهه فإذا أرید تلخیص معنی جامع للقسمین دون الأمر الثالث فیقال إنه کیفیة بها یترجح أحد جانبی القبول واللاقبول لقابلها.

ص 120

وأما بیان أن القوة علی الفعل لا تصلح أن تکون داخلة تحت هذا النوع کما ذهب إلیه الشیخ فیحتاج أولا إلی أن نعرف أصلا کلیا وهو أن جهات الفعل دائما تکون من لوازم الذات لأن کل ذات لها حقیقة فلها اقتضاء أثر إذا خلی وطبعه ولم یکن مانع یفعل ذلک الأثر فلا یحتاج فی فعلها إلی قوة زائدة علیها وإذا فرض إضافة قوة أخری لها لم تکن تلک الذات بالقیاس إلیها فاعلة لها بل قابلة إیاها وإذا اعتبرت الذات والقوة معا کان المجموع شیئا آخر إن کان له فعل کان فعله لازما من غیر تراخی استعداد له لحصول ذلک الفعل. ولو فرض ذلک الاستعداد للفاعلیة له کان یلزمه أولا قوة انفعالیة لحصول ما یتم به کونه فاعلا فذلک الاستعداد المفروض لم یکن بالحقیقة لفاعلیته بل لانفعاله فلیس للفاعلیة استعداد بل للمنفعلیة أولا وبالذات وللفاعلیة بالعرض. فثبت مما بینا بالبرهان أن لا قوة ولا استعداد بالذات لکون الشی ء فاعلا بل إنما القوة والاستعداد للانفعال ولصیرورة الشی ء قابلا لشی ء بعد أن لم یکن انتهی الأسفار ج 4 ص 105. وأما نفس الاستعداد فقد قیل إنها من المضاف إذ لا یعقل إلا بین شیئین مستعد ومستعد له فلا یکون نوعا من الکیف ویظهر من بعضهم أنه کیف یلزمه إضافة کالعلم الذی هو من الکیفیات النفسانیة ویلزمه الإضافة بین موضوعه ومتعلقه أعنی العالم والمعلوم وکالقدرة والإرادة.

الفصل الخامس عشر فی الکیفیات النفسانیة

الفصل الخامس عشر فی الکیفیات النفسانیة

الکیفیة النفسانیة وهی کما قال الشیخ ما لا یتعلق بالأجسام علی

ص 121

الجملة إن لم تکن راسخة سمیت حالا وإن کانت راسخة سمیت ملکة وإذ کانت النسبة بین الحال والملکة نسبة الضعف والشدة وهم یعدون المرتبتین من الضعف والشدة نوعین مختلفین کان لازمه عد الحال مغایرا للملکة نوعا ووجودا. والکیفیات النفسانیة کثیرة وإنما أوردوا منها فی هذا الباب بعض ما یهم البحث عنه. فمنها الإرادة قال فی الأسفار یشبه أن یکون معناها واضحا عند العقل غیر ملتبس بغیرها إلا أنه یعسر التعبیر عنها بما یفید تصورها بالحقیقة وهی تغایر الشهوة کما أن مقابلها وهی الکراهة یغایر النفرة إذ قد یرید الإنسان ما لا یشتهیه کشرب دواء کریه ینفعه وقد یشتهی ما لا یریده کأکل طعام لذیذ یضره انتهی ج 4 ص 113. وبمثل البیان یظهر أن الإرادة غیر الشوق المؤکد الذی عرفها به بعضهم وملخص القول الذی یظهر به أمر الإرادة التی یتوقف علیها فعل الفاعل المختار هو أن مقتضی الأصول العقلیة أن کل نوع من الأنواع الجوهریة مبدأ فاعلی للأفعال التی ینسب إلیه صدورها وهی کمالات ثانیة للنوع فالنفس الإنسانیة التی هی صورة جوهریة مجردة متعلقة الفعل بالمادة علة فاعلیة للأفعال الصادرة عن الإنسان لکنها مبدأ علمی لا یصدر عنها إلا ما میزته من کمالاتها الثانیة من غیره ولذا تحتاج قبل الفعل إلی تصور الفعل والتصدیق بکونه کمالا لها فإن کان التصدیق ضروریا أو ملکة راسخة قضت بکون الفعل کمالا ولم تأخذ بالتروی کالمتکلم الذی یتلفظ بالحرف بعد الحرف من غیر ترو ولو تروی فی بعضها لتبلد وتلکأ وانقطع عن الکلام وإن لم یکن ضروریا مقضیا به توسلت إلی التروی والفحص عن المرجحات فإن ظفرت بما یقضی بکون الفعل کمالا قضت به ثم یتبع هذه الصورة العلمیة علی ما

ص 122

قیل الشوق إلی الفعل لما أنه کمال ثان معلول لها ثم یتبع الشوق الإرادة وهی وإن کانت لا تعبیر عنها یفید تصور حقیقتها لکن یشهد لوجودها بعد الشوق ما نجده ممن یرید الفعل وهو عاجز عنه ولا یعلم بعجزه فلا یستطیع الفعل وقد أراده ثم یتبع الإرادة القوة العاملة المحرکة للعضلات فتحرک العضلات وهو الفعل. فمبادی الفعل الإرادی فینا هی العلم والشوق والإرادة والقوة العاملة المحرکة هذا ما نجده من أنفسنا فی أفعالنا الإرادیة وإمعان النظر فی حال سائر الحیوان یعطی أنها کالإنسان فی أفعالها الإرادیة. فظهر بذلک أولا أن المبدأ الفاعلی لأفعال الإنسان الإرادیة بما أنها کمالاتها الثانیة هو الإنسان بما أنه فاعل علمی والعلم متمم لفاعلیته یتمیز به الکمال من غیره ویتبعه الشوق من غیر توقف علی شوق آخر أو إرادة وتتبعه الإرادة بالضرورة من غیر توقف علی إرادة أخری وإلا لتسلسلت الإرادات فعد الإرادة علة فاعلیة للفعل فی غیر محله وإنما الإرادة والشوق الذی قبلها من لوازم العلم المتمم لفاعلیة الفاعل. وثانیا أن أفعال الإنسان مما للعلم دخل فی صدوره لا تخلو من إرادة الفاعل حتی الفعل الجبری وسیأتی فی البحث عن أقسام الفاعل ما ینفع فی المقام. وثالثا أن الملاک فی اختیاریة الفعل تساوی نسبة الإنسان إلی الفعل والترک وإن کان بالنظر إلیه وهو تام الفاعلیة ضروری الفعل. ومن الکیفیات النفسانیة القدرة وهی حالة فی الحیوان بها یصح أن یصدر عنه الفعل إذا شاء ولا یصدر عنه إذا لم یشأ ویقابلها العجز. وأما القدرة المنسوبة إلی الواجب تعالی فإذ کان الواجب الوجود بالذات واجب الوجود من جمیع الجهات فهی مبدئیته الفعلیة بذاته لکل شی ء وإذ کانت عین الذات فلا ماهیة لها بل هی صرف الوجود.

ص 123

ومن الکیفیات النفسانیة علی ما قیل العلم والمراد به العلم الحصولی الذهنی من حیث قیامه بالنفس قیام العرض بموضوعه لصدق حد الکیف علیه وأما العلم الحضوری فهو حضور المعلوم بوجوده الخارجی عند العالم والوجود لیس بجوهر ولا عرض. والعلم الذی هو من الکیف مختص بذوات الأنفس وأما المفارقات فقد تقدم أن علومها حضوریة غیر حصولیة غیر أن العلوم الحصولیة التی فی معالیلها حاضرة عندها وإن کانت هی أیضا بما أنها من صنعها حاضرة عندها. ومن هذا الباب الخلق وهو الملکة النفسانیة التی تصدر عنها الأفعال بسهولة من غیر رویة ولا یسمی خلقا إلا إذا کان عقلا عملیا هو مبدأ الأفعال الإرادیة ولیس هو القدرة علی الفعل لأن نسبة القدرة إلی الفعل والترک متساویة ولا نسبة للخلق إلا إلی الفعل ولیس المراد به هو الفعل وإن کان ربما یطلق علیه لأنه الأمر الراسخ الذی یبتنی علیه الفعل. وللخلق انشعابات کثیرة تکاد لا تحصی الشعب الحاصلة منها لکن أصول الأخلاق الإنسانیة نظرا إلی القوی الباعثة للإنسان نحو الفعل ثلاثة وهی قوی الشهوة الباعثة له إلی جذب الخیر والنافع الذی یلائمه وقوی الغضب الباعثة له إلی دفع الشر والضار والعقل الذی یهدیه إلی الخیر والسعادة ویزجره عن الشر والشقاء. فالملکة العاملة فی المشتهیات إن لازمت الاعتدال بفعل ما ینبغی کما ینبغی سمیت عفة وإن انحرفت إلی حد الإفراط سمیت شرها وإن نزلت إلی التفریط سمیت خمودا وکذلک الملکة المرتبطة بالغضب لها اعتدال تسمی شجاعة وطرفا إفراط یسمی تهورا وتفریط یسمی جبنا وکذلک الملکة الحاکمة فی الخیر والشر والنافع والضار إن لازمت وسط الاعتدال فاشتغلت بما ینبغی کما ینبغی سمیت حکمة وإن خرجت إلی حد الإفراط

ص 124

سمیت جربزة أو إلی حد التفریط سمیت غباوة. والهیئة الحاصلة من اجتماع الملکات الثلاث التی نسبتها إلیها نسبة المزاج إلی الممتزج وأثرها إعطاء کل ذی حق من القوی حقه إذا اعتدلت سمیت عدالة وإن خرجت إلی حد الإفراط سمیت ظلما أو إلی حد التفریط سمیت انظلاما. ووسط الاعتدال من هذه الملکات التی هی الأصول وما یتفرع علیها من الفروع فضیلة ممدوحة والطرفان أعنی طرفی الإفراط والتفریط رذیلة مذمومة والبحث عن هذه الفضائل والرذائل موکول إلی غیر هذه الصناعة. وقد ظهر مما تقدم أولا أن الخلق إنما یوجد فی العالم الإنسانی وغیره من ذوات الأنفس التی تستکمل بالأفعال الإرادیة علی ما یناسب کمال وجوده فلا خلق فی المفارقات إذ لا عقل عملیا ولا استکمال إرادیا فیها. وثانیا أن کلا من هذه الأخلاق التی هی من الکیفیات النفسانیة بما أنها ملکة راسخة تقابلها حال من تلک الکیفیة کالشهوة والغضب والخوف والفزع والحزن والهم والخجل والفرح والسرور والغم وغیر ذلک والبحث عن أسبابها الطبیعیة فی الطب وعن إصلاحها وتدبیرها بحیث یلائم السعادة الإنسانیة فی صناعة الأخلاق. ومن الکیفیات النفسانیة اللذة والألم واللذة علی ما عرفوها إدراک الملائم بما أنه ملائم والألم إدراک المنافی بما أنه مناف فهما من الکیف بما أنهما من سنخ الإدراک وینقسمان بانقسام الإدراک فمنهما حسی وخیالی وعقلی فاللذة الحسیة کإدراک النفس الحلاوة من طریق الذوق والرائحة الطیبة من طریق الشم واللذة الخیالیة إدراکها الصورة الخیالیة من بعض الملذات الحسیة واللذة العقلیة إدراکها بعض ما نالته من الکمالات الحقة العقلیة واللذة العقلیة أشد اللذائذ وأقواها لتجردها وثباتها والألم الحسی والخیالی والعقلی علی خلاف اللذة فی کل من هذه الأبواب.

ص 125

واللذة علی أی حال وجودیة والألم عدمی یقابلها تقابل العدم والملکة. لا یقال لا ریب فی أن الألم شر بالذات وإذ کان هو إدراک المنافی بما أنه مناف کان أمرا وجودیا لأن الإدراک أمر وجودی وبهذا ینفسخ قولهم إن الشر عدم لا غیر. لأنه یقال وجود کل شی ء هو نفس ذلک الشی ء ذهنیا کان أو خارجیا فحضور أی أمر عدمی عند المدرک هو نفس ذلک الأمر العدمی لاتحاد الوجود والماهیة والعلم والمعلوم فالألم الموجود فی ظرف الإدراک مصداق للألم وهو بعینه الألم العدمی الذی هو شر بالذات. تنبیه ما مر من القول فی الکیف وأحکامه وخواصه هو المأثور من الحکماء المتقدمین وللمتأخرین من علماء الطبیعة خوض عمیق فیما عده المتقدمون من الکیف عثروا فیه علی أحکام وآثار جمة ینبغی للباحث المتدبر أن یراجعها ویراعی جانبها فی البحث.

الفصل السادس عشر فی الإضافة وفیه أبحاث

الفصل السادس عشر فی الإضافة وفیه أبحاث

البحث الأول

قد عرفت أن سبعا من المقولات أعراض نسبیة وهی الإضافة والأین و

ص 126

المتی والوضع والجدة وأن یفعل وأن ینفعل ومعنی نسبیتها أنها هیئات قائمة بموضوعاتها من نسب موجودة فیها لا أن هذه المقولات عین تلک النسب الوجودیة وذلک أنک عرفت فی بحث الوجود الرابط والمستقل أن النسبة رابط موجود فی غیره لا استقلال له أصلا لا یحمل علی شی ء ولا یحمل علیه شی ء فلا ماهیة له لأن الماهیة ما یقال علی الشی ء فی جواب ما هو والمقولات ماهیات جنسیة فلا تکون النسبة مقولة ولا داخلة تحت مقولة. علی أن النسبة فی بعض هذه المقولات متکررة متکثرة ولا معنی لتکرر الماهیة کمقولة الإضافة التی یجب فیها تکرر النسبة ومقولة الوضع التی فیها نسبة بعض أجزاء الشی ء إلی بعض ونسبة المجموع إلی الخارج وربما قامت علی نسب کثیرة جدا. فتبین أن المقولة النسبیة هی هیئة حاصلة للشی ء من نسبة کذا وکذا قائمة به.

البحث الثانی

أن الإضافة هیئة حاصلة من نسبة الشی ء إلی شی ء آخر منسوب إلی الشی ء الأول المنسوب إلیه کهیئة الإضافة التی فی الأخ فإن فیها نسبة الأخ بالأخوة إلی أخیه المنسوب إلی هذا الأخ المنسوب إلیه بالأخوة. فالنسبة التی فی مقولة الإضافة متکررة وهو الفرق بین ما فیها من النسبة وبین مطلق النسبة فإن وجود مطلق النسبة واحد قائم بالطرفین مطلقا بخلاف الحال فی مقولة الإضافة فإن النسبة فیها متکررة لکل من المضافین نسبة غیر ما فی الآخر غیر أنهما متلازمان لا تنفکان فی ذهن ولا خارج. وما أوردناه من تعریف الإضافة لیس بحد منطقی کما تقدمت الإشارة إلیه فی نظائره بل رسم إن کان أعرف من المعرف ولعل المعقول من لفظ

ص 127

الإضافة مشفعا ببعض ما له من الأمثلة أعرف عند العقل مما أوردناه من الرسم فلا کثیر جدوی فی إطالة البحث عن قیوده نقضا وإبراما وکذا فی سائر ما أوردوه لها من التعاریف. ثم إنه ربما یطلق المضاف ویراد به نفس المقولة ویسمی عندهم بالمضاف الحقیقی وربما یطلق ویراد به موضوع المقولة وربما یطلق ویراد به الموضوع والعرض جمیعا ویسمی المضاف المشهوری فإن العامة تری أن المضاف إلی الابن مثلا هو الإنسان المتلبس بالبنوة والحال أن التعلق من الجانبین إنما هو للإضافة نفسها بالحقیقة.

البحث الثالث

الإضافة موجودة فی الخارج والحس یؤید ذلک لوقوعه علی أنواع من الإضافات الخارجیة التی لها آثار عینیة لا یرتاب فیها کإضافة الأب والابن والعلو والسفل والقرب والبعد وغیر ذلک. وأما نحو وجودها فالعقل ینتزع من الموضوعین الواجدین للنسبة المتکررة المتلازمة وصفا ناعتا لهما انتزاعا من غیر ضم ضمیمة فهی موجودة بوجود موضوعها من دون أن یکون بإزائه وجود منحاز مستقل. قال فی الأسفار بعد کلام له فی هذا المعنی وبالجملة إن المضاف بما هو مضاف بسیط لیس له وجود فی الخارج مستقل مفرد بل وجوده أن یکون لاحقا بأشیاء کونها بحیث یکون لها مقایسة إلی غیرها فوجود السماء فی ذاتها وجود الجواهر ووجودها بحیث إذا قیس إلی الأرض عقلت الفوقیة وجود الإضافات انتهی ج 4 ص 204.

ص 128

البحث الرابع

من أحکام الإضافة أن المضافین متکافئان وجودا وعدما وقوة وفعلا فإذا کان أحدهما موجودا کان الآخر موجودا وکذا فی جانب العدم وإذا کان أحدهما بالقوة فالآخر بالقوة وکذا فی جانب الفعل. واعترض علیه بأنه منقوض بالتقدم والتأخر فی أجزاء الزمان فإن المتقدم والمتأخر منها مضافان مع أن وجود أحدهما یلازم عدم الآخر ومنقوض أیضا بعلمنا ببعض الأمور المستقبلة فالعلم موجود فی الحال والمعلوم معدوم لم یوجد بعد مع أن العلم والمعلوم من المضافین. وأجیب أما عن أول النقضین فبأن معیة أجزاء الزمان لیست آنیة بأن یکون الجزءان موجودین فی آن واحد بل معیتهما اتصالهما فی الوجود الوحدانی التدریجی الذی معیتهما فیه عین التقدم والتأخر فیه کما أن وحدة العدد عین کثرته. وأما عن النقض الثانی فبأن الإضافة إنما هی بین العلم وبین الصورة الحاضرة من المعلوم عند العالم وهو المعلوم بالذات دون المعلوم بالعرض الذی هو عین خارجی والأمور المستقبلة حاضرة بصورتها المعلومة بالذات عند العالم وإن کانت غائبة بعینها الخارجیة المعلومة بالعرض علی أن الحق أن العلم عین المعلوم کما سیأتی فی مرحلة العاقل والمعقول. وکما یتکافی المضافان وجودا وعدما وقوة وفعلا کذلک یتکافئان عموما وخصوصا فالأبوة العامة تضایف البنوة العامة والأبوة الشخصیة تضایف البنوة الشخصیة. ومن خواص الإضافة أنها تعرض جمیع المقولات حتی نفسها ففی الجوهر کالأب والابن وفی الکم المتصل کالعظیم والصغیر وفی الکم المنفصل

ص 129

کالکثیر والقلیل وفی الکیف کالأحر والأبرد وفی الإضافة کالأقرب والأبعد وفی الأین کالعالی والسافل وفی المتی کالأقدم والأحدث وفی الوضع کالأشد انتصابا وانحناء وفی الجدة کالأکسی والأعری وفی أن یفعل کالأقطع والأصرم وفی أن ینفعل کالأشد تسخنا والأضعف.

البحث الخامس

تنقسم الإضافة إلی متشاکلة الأطراف وهی التی لا اختلاف بین أطرافها کالقریب والقریب والأخ والأخ والجار والجار ومختلفة الأطراف کالأب والابن والعالی والسافل. وتنقسم أیضا إلی ما هو خارجی کالأب والابن وما هو ذهنی کالکلی والفرد والأعم والأخص.

الفصل السابع عشر فی الأین وفیه أبحاث

الفصل السابع عشر فی الأین وفیه أبحاث

البحث الأول

الأین هیئة حاصلة للجسم من نسبته إلی المکان والمکان بما له من الصفات المعروفة عندنا بدیهی الثبوت فهو الذی یصح أن ینتقل الجسم عنه وإلیه وأن یسکن فیه وأن یکون ذا وضع أی مشارا إلیه بأنه هنا أو هناک وأن یکون مقدرا له نصف وثلث وربع وأن یکون بحیث یمتنع حصول جسمین فی واحد منه قال صدر المتألهین قده هذه أربع أمارات تصالح

ص 130

علیها المتنازعون لئلا یکون النزاع لفظیا ج 4 ص 39. وقد اختلفوا فی حقیقته علی أقوال خمسة أحدها أنه هیولی الجسم والثانی أنه الصورة والثالث أنه سطح من جسم یلاقی المتمکن سواء کان حاویا أو محویا له والرابع أنه السطح الباطن من الحاوی المماس للسطح الظاهر من المحوی وهو قول المعلم الأول وتبعه الشیخان الفارابی وابن سینا والخامس أنه بعد یساوی أقطار الجسم المتمکن فیکون بعدا جوهریا مجردا عن المادة وهو قول أفلاطون والرواقیین واختاره المحقق الطوسی ره وصدر المتألهین فهذه أقوال خمسة. سادسها قول بعضهم بإنکار المکان وإذ کانت الأمارات الأربع المذکورة آنفا بدیهیة لا یرتاب فیها فعلی المنکرین أن یرجعوه إلی مقولة الوضع فغیرها من الجوهر وسائر الأعراض لا ینطبق علیه البتة لکن یرد علیه أن الجسم ربما ینتقل من مکان إلی مکان مع عدم التغیر فی جوهره وسائر أعراضه غیر الأین وربما یعرضه التغیر فیه مع عدم الانتقال فالمکان غیر الجمیع حتی الوضع. والقول بأنه الهیولی أو الصورة لا تنطبق علیه الأمارات السابقة فإن المکان یطلب بالحرکة ویترک بالحرکة والهیولی وکذا الصورة لا تطلبان بالحرکة ولا تترکان بالحرکة وأیضا المرکب ینسب إلی الهیولی فیقال باب خشبی أو من حدید ولا ینسب إلی المکان. فالمعتمد هو القول بالسطح أو البعد الجوهری المجرد عن المادة وللفریقین احتجاجات ومشاجرات طویلة مذکورة فی المطولات. ومن أقوی ما یورد علی القول بالسطح أن لازمه کون الشی ء ساکنا ومتحرکا فی زمان واحد فالطیر الواقف فی الهواء والسمک الواقف فی الماء عند ما یجری الهواء والماء علیهما یجب أن یکونا متحرکین لتبدل السطح المحیط بهما من الهواء والماء وهما ساکنان بالضرورة وأیضا المکان متصف بالفراغ و

ص 131

الامتلاء وذلک نعت البعد لا نعت السطح. ومن أقوی ما یورد علی القول بالبعد الجوهری المجرد أن لازمه تداخل المقدارین وهو محال فإن فیه حلول الجسم بمقداره الشخصی الذاهب فی الأقطار الثلاثة فی المکان الذی هو مقدار شخصی یساویه ورجوعهما مقدارا شخصیا واحدا ولا ریب فی امتناعه اللهم إلا أن یمنع ذلک بأن من الجائز أن یکون المانع هو الهیولی مع المقدار أو الصورة مع المقدار أو هما معه.

البحث الثانی

قد عرفت أن الأین هیئة حاصلة للشی ء من نسبته إلی المکان والکلام فی کونه هیئة حاصلة من النسبة لا نفس وجود النسبة نظیر ما تقدم فی الإضافة.

البحث الثالث

قد یقسم الأین إلی أول حقیقی وثان غیر حقیقی فالأول کون الشی ء فی مکانه الخاص به الذی لا یسعه فیه غیره معه ککون الماء فی الکوز والثانی نظیر قولنا فلان فی البیت فلیس البیت مشغولا به وحده بل یسعه وغیره وأبعد منه کونه فی الدار ثم فی البلد وهکذا والتقسیم غیر حقیقی والمقسم هو الأین بحسب توسع العرف العام. ویقرب منه تقسیمه إلی أین جنسی وهو الکون فی المکان وأین نوعی کالکون فی الهواء وأین شخصی ککون هذا الشخص فی هذا الوقت فی مکانه الحقیقی

ص 132

الفصل الثامن عشر فی المتی

الفصل الثامن عشر فی المتی

وهو الهیئة الحاصلة للشی ء من نسبته إلی الزمان سیأتی إن شاء الله أن لکل حرکة بما لها من الوجود السیال التدریجی مقدارا غیر قار یخصها ویغایر ما لغیرها من الامتداد غیر القار. فلکل حرکة خاصة واحدة بالعدد زمان خاص واحد بالعدد غیر أن بعض هذه الأزمنة یقبل الانطباق علی بعض والزمان العام المستمر الذی نقدر به الحرکات زمان الحرکة الیومیة المأخوذ مقیاسا نقیس به الأزمنة والحرکات فیتعین به نسب بعضها إلی بعض بالتقدم والتأخر والطول والقصر وللحوادث بحسب ما لها من النسبة إلی الزمان هیئة حاصلة لها هی المتی. ویقرب الکلام فی المتی من الکلام فی الأین فهناک متی یخص الحرکة لا یسع معها غیرها وهو المتی الأول الحقیقی ومنه ما یعمها وغیرها ککون هذه الحرکة الواقعة فی ساعة کذا أو فی یوم کذا أو فی شهر کذا أو فی سنة کذا أو فی قرن کذا وهکذا والفرق بین الأین والمتی فی هذا الباب أن الزمان الخاص الواحد یشترک فیه کثیرون بانطباقها علیه بخلاف الأین الخاص الواحد فلا یسع إلا جسما واحدا. وینقسم المتی نوع انقسام بانقسام الحوادث الزمانیة فمنها ما هی تدریجیة الوجود ینطبق علی الزمان نفسه ومنها ما هی آنیة الوجود ینتسب إلی طرف الزمان کالوصولات والمماسات والانفصالات. وینقسم أیضا کما قیل إلی ما بالذات وما بالعرض فما بالذات متی

ص 133

الحرکات المنطبقة علی الزمان بذاتها وما بالعرض متی المتحرکات المنطبقة علیه بواسطة حرکاتها وأما بحسب جوهر ذاتها فلا متی لها وهذا مبنی علی منع الحرکة الجوهریة وأما علی القول بها کما سیأتی إن شاء الله فلا فرق بین الحرکة والمتحرک فی ذلک وینقسم أیضا بانقسام المقولات الواقعة فیها الحرکات

الفصل التاسع عشر فی الوضع

الفصل التاسع عشر فی الوضع

الوضع هو الهیئة الحاصلة للشی ء من نسبة بعض أجزائه إلی بعض والمجموع إلی الخارج کهیئة القیام والقعود والاستلقاء والانبطاح. وینقسم الوضع إلی ما بالطبع وما لا بالطبع أما الذی بالطبع فکاستقرار الشجرة علی أصلها وساقها والذی لا بالطبع فکحال ساکن البیت من البیت وینقسم إلی ما بالفعل وما بالقوة. قیل الوضع مما یقع فیه التضاد والشدة والضعف أما التضاد فمثل کون الإنسان رأسه إلی السماء ورجلاه إلی الأرض مضادا لوضعه إذا کان معکوسا والوضعان معنیان وجودیان متعاقبان علی موضوع واحد من غیر أن یجتمعا فیه وبینهما غایة الخلاف وکذا الحال فی الاستلقاء والانبطاح وأما الشدة فکالأشد انتصابا أو الأکثر انحناء. وفی تصویر غایة الخلاف فی الوضع خفاء فلیتأمّل.

تنبیه

للوضع معنیان آخران غیر المعنی المقولی أحدهما کون الشی ء قابل

ص 134

للإشارة الحسیة والإشارة کما نقل عن الشفاء تعیین الجهة التی تخص الشی ء من جهات هذا العالم وعلیه فکل جسم وجسمانی یقبل الوضع بهذا المعنی فالنقطة ذات وضع بخلاف الوحدة. وثانیهما معنی أخص من الأول وهو کون الکم قابلا للإشارة الحسیة بحیث یقال أین هو من الجهات وأین بعض أجزائه المتصلة به من بعض. لکن نوقش فیه بأن الخط والسطح بل الجسم التعلیمی لا أین لها لو لا تعلقها بالمادة الجسمانیة فلا یکفی مجرد الاتصال الکمی فی إیجاب قبول الإشارة الحسیة حتی یقارن المادة نعم للصورة الخیالیة المجردة من الکم إشارة خیالیة وکذا للصورة العقلیة إشارة تسانخها.

الفصل العشرون فی الجدة

الفصل العشرون فی الجدة

وتسمی أیضا الملک وهی الهیئة الحاصلة من إحاطة شی ء بشی ء بحیث ینتقل المحیط بانتقال المحاط والموضوع هو المحاط فالإحاطة التامة کإحاطة إهاب الحیوان به والإحاطة الناقصة کما فی التقمص والتنعل والتختم ونحو ذلک وتنقسم إلی جدة طبیعیة کما فی المثال الأول وغیر طبیعیة کما فی غیره من الأمثلة. قال فی الأسفار وقد یعبر عن الملک بمقولة له فمنه طبیعی ککون القوی للنفس ومنه اعتبار خارجی ککون الفرس لزید ففی الحقیقة الملک یخالف هذا الاصطلاح فإن هذا من مقولة المضاف لا غیر انتهی ج 4 ص 223. والحق أن الملک الحقیقی الذی فی مثل کون القوی للنفس حیثیة وجودیة

ص 135

هی قیام وجود شی ء بشی ء بحیث یختص به فیتصرف فیه کیف شاء فلیس معنی مقولیا والملک الاعتباری الذی فی مثل کون الفرس لزید اعتبار للملک الحقیقی دون مقولة الإضافة وسنشیر إن شاء الله إلی هذا البحث فی مرحلة العاقل والمعقول

الفصل الحادی والعشرون فی مقولتی أن یفعل وأن ینفعل

الفصل الحادی والعشرون فی مقولتی أن یفعل وأن ینفعل

أما الأول فهو هیئة غیر قارة حاصلة فی الشی ء المؤثر من تأثیره ما دام یؤثر کتسخین المسخن ما دام یسخن وتبرید المبرد ما دام یبرد. وأما الثانی فهو هیئة غیر قارة حاصلة فی المتأثر ما دام یتأثر کتسخن المتسخن ما دام یتسخن وتبرد المتبرد ما دام یتبرد. ومن خاصة هاتین المقولتین أولا کما یظهر من الأمثلة أنهما تعرضان غیرهما من المقولات کالکیف والکم والوضع وغیرها وثانیا أن معروضهما من حیث هو معروض لا یخلو عن حرکة ولذا عبر عنهما بلفظ أن یفعل وأن ینفعل الظاهرین فی الحرکة والتدرج دون الفعل والانفعال الذین ربما یستعملان فی التأثیر والتأثر الدفعی غیر التدریجی وبالجملة المقولتان هیئتان عارضتان لمعروضهما من جملة ما له من الحرکة. قال فی الأسفار واعلم أن وجود کل منهما فی الخارج لیس عبارة عن نفس السلوک إلی مرتبة فإنه بعینه معنی الحرکة ولا أیضا وجود کل منهما وجود المقولات التی یقع بها التحریک والتحرک کالکیف مثل السواد والکم مثل مقدار الجسم النامی أو الوضع کالجلوس والانتصاب ولا غیر ذلک. بل وجودهما عبارة عن وجود شی ء من هذه المقولات ما دام یؤثر أو یتأثر

ص 136

فوجود السواد أو السخونة مثلا من حیث إنه سواد من باب مقولة الکیف ووجود کل منهما من حیث کونه تدریجیا یحصل منه تدریجی آخر أو یحصل من تدریجی آخر هو من مقولة أن یفعل أو أن ینفعل. وأما نفس سلوکه التدریجی أی خروجه من القوة إلی الفعل سواء کان فی جانب الفاعل أو فی جانب المنفعل فهو عین الحرکة لا غیر فقد ثبت نحو ثبوتهما فی الخارج وعرضیتهما انتهی ج 4 ص 225. وأما الإشکال فی وجود المقولتین بأن تأثیر المؤثر یمتنع أن یکون وصفا ثبوتیا زائدا علی ذات المؤثر وإلا افتقر إلی تأثیر آخر فی ذلک التأثیر وننقل الکلام إلیه فیتسلسل ذاهبا إلی غیر النهایة وهو محصور بین حاصرین المؤثر والمتأثر. ویجری نظیر الإشکال فی زیادة تأثر المتأثر علی ذات المتأثر فلو کان قبول الأثر زائدا علی ذات القابل احتاج إلی قبول آخر وننقل الکلام إلیه فیتسلسل وهو محصور بین حاصرین فالتأثیر والتأثر سواء کانا دفعیین أو تدریجیین وصفان عدمیان غیر موجودین فی الخارج. فیدفعه أنه إنما یتم فیما کان الأثر الثبوتی المفروض موجودا بوجود منحاز یحتاج إلی تأثیر منحاز جدید یخصه وأما لو کان ثابتا بثبوت أمر آخر فهو مجعول بعین الجعل المتعلق بمتبوعه والتأثیر والتأثر التدریجیان موجودان بعین إیجاد الکیف کالسواد فی المسود والمتسود ولا دلیل علی وجود الشی ء أقوی من صدق مفهومه علی عین خارجی فی قضیة خارجیة

ص 137

المرحلة السابعة فی الواحد والکثیر وفیها تسعة فصول

اشاره

المرحلة السابعة فی الواحد والکثیر وفیها تسعة فصول

الفصل الأول فی أن مفهوم الوحدة والکثرة بدیهی غنی عن التعریف

ینقسم الموجود إلی الواحد والکثیر فکل موجود إما واحد وإما کثیر والحق أن الوحدة والکثرة من المفاهیم العامة الضروریة التصور المستغنیة عن التعریف کالوجوب والإمکان ولذا کان ما عرفوهما به من التعریف لا یخلو من دور وتعریف الشی ء بنفسه کتعریف الواحد بأنه الذی لا ینقسم من الجهة التی یقال إنه واحد ففیه أخذ الانقسام الذی هو الکثرة فی تعریف الواحد مضافا إلی کونه تعریفا للواحد بالواحد ثم تعریف الکثیر بأنه المجتمع من الوحدات وفیه أخذ الوحدة فی تعریف الکثیر وقد کانت الکثرة مأخوذة فی حد الواحد وهو الدور مضافا إلی کونه تعریفا للکثیر بالمجتمع وهو الکثیر بعینه فالحق أن تعریفهما بما عرفا به تعریف لفظی یراد به التنبیه علی معناهما وتمییزه من بین المعانی المخزونة عند النفس فالواحد هو الذی لا ینقسم من حیث إنه لا ینقسم والتقیید بالحیثیة لیندرج فیه الواحد غیر الحقیقی الذی ینقسم من بعض الوجوه والکثیر هو الذی ینقسم من حیث إنه ینقسم. فقد تحصل أن الموجود ینقسم إلی الواحد والکثیر وهما معنیان متباینان تباین أحد القسمین للآخر.

ص 139

تنبیه

قالوا إن الوحدة تساوق الوجود فکل موجود فهو واحد من جهة أنه موجود حتی أن الکثرة الموجودة من حیث هی موجودة کثرة واحدة کما یشهد بذلک عروض العدد لها والعدد مؤلف من آحاد یقال کثرة واحدة وکثرتان وکثرات ثلاث وعشرة واحدة وعشرتان وعشرات ثلاث وهکذا. وربما یتوهم أن انقسام الموجود إلی الواحد والکثیر ینافی کون الواحد مساوقا للموجود وذلک أن الکثیر من حیث هو کثیر موجود لمکان الانقسام المذکور والکثیر من حیث هو کثیر لیس بواحد ینتج أن بعض الموجود لیس بواحد وهو یناقض قولهم کل موجود فهو واحد. ویدفعه أن للواحد اعتبارین اعتباره فی نفسه من غیر قیاس بعض مصادیقه إلی بعض فیساوق الموجود ویعم مصادیقه من واحد وکثیر واعتباره بقیاس بعض مصادیقه إلی بعض فهناک مصادیق لا یوجد فیها من معنی عدم الانقسام ما یوجد فی مصادیق أخر کالعشرة التی لا یوجد فیها من معنی عدم الانقسام ما یوجد فی الواحد وإن کان فیها ذلک إذا قیس إلی العشرات فالکثیر الذی لیس بالواحد هو المقیس من حیث هو مقیس والذی یقابله هو الواحد بالاعتبار الثانی وأما الواحد بالاعتبار الأول فهو یعم الواحد والکثیر القسیمین جمیعا. ونظیر ذلک انقسام مطلق الموجود إلی ما بالقوة وما بالفعل مع مساوقة ما بالفعل لمطلق الموجود وانقسام الوجود إلی ذهنی وخارجی یترتب علیه الآثار مع مساوقة الخارجی المترتب علیه الآثار لمطلق الوجود فکل ذلک من الاختلافات التشکیکیة التی لحقیقة الوجود المشککة. ونظیر هذا التوهم ما ربما یتوهم أن الوحدة من المعانی الانتزاعیة العقلیة

ص 140

ولو کانت حقیقة خارجیة لکانت لها وحدة ولوحدتها وحدة وهلم جرا فیتسلسل. ویدفعه أن وحدتها عین ذاتها فهی واحدة بذاتها نظیر ما تقدم فی الوجود أنه موجود بذاته من غیر حاجة إلی وجود زائد علی ذاته

الفصل الثانی فی أقسام الواحد

الفصل الثانی فی أقسام الواحد

الواحد إما حقیقی وإما غیر حقیقی والحقیقی ما اتصف بالوحدة لذاته من غیر واسطة فی العروض کالإنسان الواحد وغیر الحقیقی بخلافه کالإنسان والفرس المتحدین فی الحیوان وینتهی لا محالة إلی واحد حقیقی. والواحد الحقیقی إما ذات هی عین الوحدة وإما ذات متصفة بالوحدة والأول هو صرف الشی ء الذی لا یتثنی ولا یتکرر وتسمی وحدته وحدة حقة والواحد والوحدة هناک شی ء واحد والثانی کالإنسان الواحد. والواحد بالوحدة غیر الحقة إما واحد بالخصوص وإما واحد بالعموم والأول هو الواحد بالعدد الذی یفعل بتکرره العدد والثانی کالنوع الواحد والجنس الواحد. والواحد بالخصوص إما أن لا ینقسم من حیث طبیعته المعروضة للوحدة أیضا کما لا ینقسم من حیث صفة وحدته أو ینقسم والأول إما نفس مفهوم الوحدة وعدم الانقسام وإما غیره وغیره إما وضعی کالنقطة الواحدة وإما غیر وضعی کالمفارق وهو إما متعلق بالمادة بوجه کالنفس المتعلقة بالمادة فی فعلها وإما غیر متعلق بها أصلا کالعقل والثانی وهو الذی یقبل الانقسام بحسب طبیعته المعروضة للوحدة إما أن یقبله بالذات کالمقدار الواحد وإم

ص 141

أن یقبله بالعرض کالجسم الطبیعی الواحد من جهة مقداره. والواحد بالعموم إما واحد بالعموم المفهومی وإما واحد بالعموم بمعنی السعة الوجودیة والأول إما واحد نوعی کالإنسان وإما واحد جنسی کالحیوان وإما واحد عرضی کالماشی والضاحک والواحد بالعموم بمعنی السعة الوجودیة کالوجود المنبسط. والواحد غیر الحقیقی وهو ما اتصف بالوحدة بعرض غیره لاتحاده به نوعا من الاتحاد کزید وعمرو المتحدین فی الإنسان والإنسان والفرس المتحدین فی الحیوان ویختلف أسماء الواحد غیر الحقیقی باختلاف جهة الوحدة فالاتحاد فی معنی النوع یسمی تماثلا وفی معنی الجنس تجانسا وفی الکیف تشابها وفی الکم تساویا وفی الوضع توازیا وتطابقا. ووجود کل من الأقسام المذکورة ظاهر وکذا کون الوحدة واقعة علی أقسامها وقوع المشکک علی مصادیقه بالاختلاف کذا قرروا.

الفصل الثالث فی أن من لوازم الوحدة الهوهویة ومن لو

الفصل الثالث فی أن من لوازم الوحدة الهوهویة ومن لوازم الکثرة الغیریة

من عوارض الوحدة الهوهویة کما أن من عوارض الکثرة الغیریة والمراد بالهوهویة الاتحاد من جهة ما مع الاختلاف من جهة ما ولازم ذلک صحة الحمل بین کل مختلفین بینهما اتحاد ما وإن اختص الحمل بحسب التعارف ببعض أقسام الاتحاد. واعترض علیه بأن لازم عموم صحة الحمل فی کل اتحاد ما من مختلفین هو

ص 142

صحة الحمل فی الواحد المتصل المقداری الذی له أجزاء کثیرة بالقوة موجودة بوجود واحد بالفعل بأن یحمل بعض أجزائه علی بعض وبعض أجزائه علی الکل وبالعکس فیقال هذا النصف من الذراع هو النصف الآخر وهذا النصف هو الکل أو کله هو نصفه وبطلانه ضروری. والجواب کما أفاده صدر المتألهین قده أن المتصل الوحدانی ما لم ینقسم بواحد من أنحاء القسمة خارجا أو ذهنا لم یتحقق فیه کثرة أصلا فلم یتحقق شرط الحمل الذی هو وحدة ما مع کثرة ما فلم یتحقق حمل وإذا انقسم بأحد أنحاء القسمة بطلت هویته الواحدة وانعدم الاتصال الذی هو جهة وحدته فلم یتحقق شرط الحمل الذی هو کثرة ما مع وحدة ما فلم یتحقق حمل. فقد تبین أن بین کل مختلفین من وجه متحدین من وجه حملا إذا جامع الاتحاد الاختلاف لکن التعارف العامی کما أشرنا إلیه خص الحمل علی موردین من الاتحاد مع الاختلاف. أحدهما أن یتحد الموضوع والمحمول مفهوما مع اختلافهما بنوع من الاعتبار کالاختلاف بالإجمال والتفصیل فی قولنا الإنسان حیوان ناطق فإن الحد عین المحدود مفهوما وإنما یختلفان بالإجمال والتفصیل والاختلاف بالإبهام وغیره فی قولنا الإنسان حیوان فإن الجنس هو النوع مبهما والاختلاف بالتحصیل وغیره فی قولنا الإنسان ناطق فإن الفصل هو النوع محصلا کما مر فی مباحث الماهیة وکالاختلاف بفرض الشی ء مسلوبا عن نفسه فیغایر نفسه نفسه ثم یحمل علی نفسه لدفع توهم المغایرة فیقال مثلا الإنسان إنسان ولما کان هذا الحمل ربما یعتبر فی الوجود العینی کان الأصوب أن یعرف باتحاد الموضوع والمحمول ذاتا ویسمی هذا الحمل حملا أولیا ذاتیا. وثانیهما أن یختلفا مفهوما ویتحدا وجودا کما فی قولنا زید إنسان

ص 143

وقولنا القطن أبیض وقولنا الضاحک متعجب ویسمی هذا الحمل حملا شائعا صناعیا. وهاهنا نکتة یجب التنبیه علیها وهی أنه قد تقدم فی المباحث السابقة أن الوجود ینقسم إلی ما فی نفسه وما فی غیره وینقسم أیضا إلی ما لنفسه وما لغیره وهو الوجود النعتی وتقدم أیضا امتناع أن توجد ماهیتان بوجود واحد نفسی بأن یطرد وجود واحد العدم عن نفس ماهیتین متباینتین وهو وحدة الکثیر المستحیلة عقلا. ومن هنا یتبین أن الحمل الذی هو اتحاد المختلفین بوجه لا یتحقق فی وجود المختلفین النفسی وإنما یتحقق فی الوجود النعتی بأن یکون أحد المختلفین ناعتا بوجوده للآخر والآخر منعوتا به وبعبارة أخری أحد المختلفین هو الذات بوجوده النفسی والآخر هو الوصف بوجوده النفسی واتحادهما فی الوجود النعتی الذی یعطیه الوصف للذات وهذا معنی قول المنطقیین إن القضیة تنحل إلی عقدین عقد الوضع ولا یعتبر فیه إلا الذات وما فیه من الوصف عنوان مشیر إلی الذات فحسب وعقد الحمل والمعتبر فیه الوصف فقط وهاهنا نوع ثالث من الحمل یستعمله الحکیم مسمی بحمل الحقیقة والرقیقة مبنی علی اتحاد الموضوع والمحمول فی أصل الوجود واختلافهما بالکمال والنقص یفید وجود الناقص فی الکامل بنحو أعلی وأشرف واشتمال المرتبة العالیة من الوجود علی کمال ما دونها من المراتب.

الفصل الرابع فی انقسام الحمل إلی هو هو وذی هو

الفصل الرابع فی انقسام الحمل إلی هو هو وذی هو

ینقسم الحمل إلی حمل هو هو وحمل ذی هو والأول ما یثبت فیه المحمول

ص 144

للموضوع بلا توقف علی اعتبار أمر زائد کقولنا الإنسان ضاحک ویسمی أیضا حمل المواطاة والثانی أن یتوقف ثبوت المحمول للموضوع علی اعتبار أمر زائد کتقدیر ذی أو الاشتقاق کقولنا زید عدل أی ذو عدل أو عادل. وینقسم أیضا إلی بتی وغیر بتی والأول ما کان لموضوعه أفراد محققة یصدق علیها بعنوانه کقولنا الإنسان کاتب والکاتب متحرک الأصابع والثانی ما کان لموضوعه أفراد مقدرة غیر محققة کقولنا المعدوم المطلق لا یخبر عنه وقولنا اجتماع النقیضین محال. وینقسم أیضا إلی بسیط ومرکب ویسمیان الهلیة البسیطة والهلیة المرکبة والهلیة البسیطة ما کان المحمول فیها وجود الموضوع کقولنا الإنسان موجود والهلیة المرکبة ما کان المحمول فیها أثرا من آثاره وعرضیا من عرضیاته کقولنا الإنسان ضاحک فهی تدل علی ثبوت شی ء لشی ء بخلاف الهلیة البسیطة حیث تدل علی ثبوت الشی ء. وبذلک یندفع ما أورده بعضهم علی کلیة قاعدة الفرعیة القائلة إن ثبوت شی ء لشی ء فرع ثبوت المثبت له بانتقاضه بمثل قولنا الماهیة موجودة حیث إن ثبوت الوجود للماهیة بناء علی ما یقتضیه قاعدة الفرعیة فرع ثبوت الماهیة وننقل الکلام إلی ثبوتها فهو فرع ثبوتها قبل وهلم جرا فیتسلسل والجواب علی ما تحصل أن القضیة هلیة بسیطة والهلیة البسیطة إنما تدل علی ثبوت الشی ء لا علی ثبوت شی ء لشی ء حتی یقتضی وجودا للماهیة قبل وجودها هذا. وأما ما أجاب به بعضهم عن الإشکال بتبدیل الفرعیة من الاستلزام وأن الحق أن ثبوت شی ء لشی ء مستلزم لثبوت المثبت له ولو بنفس هذا الثبوت وثبوت الوجود للماهیة مستلزم لثبوت الماهیة بنفس هذا الثبوت فهو تسلیم للإشکال وأسوء حالا منه قول بعضهم إن القاعدة مخصصة بثبوت الوجود للماهیة هذا.

ص 145

الفصل الخامس فی الغیریة وأقسامها

الفصل الخامس فی الغیریة وأقسامها

قد تقدم أن من عوارض الکثرة الغیریة وتنقسم الغیریة إلی ذاتیة وغیر ذاتیة فالغیریة الذاتیة هی أن یدفع أحد شیئین الآخر بذاته فلا یجتمعان لذاتیهما کالمغایرة بین الوجود والعدم وتسمی تقابلا وقد عرفوا التقابل بأنه امتناع اجتماع شیئین فی محل واحد من جهة واحدة فی زمان واحد ونسبة امتناع الاجتماع إلی شیئین للدلالة علی کونه لذاتیهما والمراد بالمحل الواحد مطلق الموضوع ولو بحسب فرض العقل حتی یشمل تقابل الإیجاب والسلب حیث إن متن القضیة کالموضوع لهما وتقیید التعریف بجهة واحدة لإخراج ما اجتمع منهما فی شی ء واحد من جهتین ککون زید أبا لعمرو وابنا لبکر والتقیید بوحدة الزمان لیشمل ما کان من التقابل زمانیا فلیس عروض الضدین لموضوع واحد فی زمانین مختلفین ناقضا للتعریف. ولا ینتقض التعریف بالمثلین الممتنع اجتماعهما عقلا لأن أحد المثلین لا یدفع الآخر بذاته التی هی الماهیة النوعیة المشترکة بینهما وإنما یمتنع اجتماعهما لاستحالة تکرر الوجود الواحد کما تقدم فی مباحث الوجود ولا ینتقض أیضا بنقیض اللازم وعین الملزوم فإن نقیض اللازم إنما یعاند عین الملزوم لمعاندته اللازم الذی هو نقیضه فامتناع اجتماعه مع الملزوم بعرض نقیضه لا لذاته. والغیریة غیر الذاتیة أن یکون الشیئان لا یجتمعان لأسباب أخر غیر ذاتیهما کافتراق الحلاوة والسواد فی السکر والفحم وتسمی خلافا ویسمی أیضا الغیر بحسب التشخص والعدد.

ص 146

والتقابل ینقسم إلی أربعة أقسام وهی تقابل التناقض وتقابل العدم والملکة وتقابل التضایف وتقابل التضاد والأصوب فی ضبط الأقسام أن یقال إن المتقابلین إما أن یکون أحدهما عدما للآخر أو لا وعلی الأول إما أن یکون هناک موضوع قابل کالبصر والعمی فهو تقابل العدم والملکة أو لا یکون کالإیجاب والسلب وهو تقابل التناقض وعلی الثانی وهو کونهما وجودیین فإما أن لا یعقل أحدهما إلا مع الآخر وبالقیاس إلیه کالعلو والسفل وهو تقابل التضایف أو لا وهو تقابل التضاد.

الفصل السادس فی تقابل التناقض

الفصل السادس فی تقابل التناقض

وهو تقابل الإیجاب والسلب کقولنا زید أبیض ولیس زید بأبیض أو ما هو فی معنی الإیجاب والسلب من المفردات کالإنسان واللاإنسان والعمی واللاعمی والمعدوم واللامعدوم. والنقیضان لا یصدقان معا ولا یکذبان معا وإن شئت فقل لا یجتمعان ولا یرتفعان فمآل تقابل التناقض إلی قضیة منفصلة حقیقیة هی قولنا إما أن یصدق الإیجاب وإما أن یصدق السلب. فالتناقض فی الحقیقة بین الإیجاب والسلب ولا ینافی ذلک تحقق التناقض بین المفردات فکل مفهوم أخذناه فی نفسه ثم أضفنا إلیه معنی النفی کالإنسان واللاإنسان والفرس واللافرس تحقق التناقض بین المفهومین وذلک أنا إذا أخذنا مفهومین متناقضین کالإنسان واللاإنسان لم نرتب أن التقابل قائم بالمفهومین علی حد سواء فالإنسان یطرد بذاته اللاإنسان کما أن اللاإنسان یطرد بذاته الإنسان وضروری أنه لو لم یعتبر الثبوت والوجود فی

ص 147

جانب الإنسان لم یطارد اللاإنسان ولم یناقضه فالإنسان واللاإنسان إنما یتناقضان لأنهما فی معنی وجود الإنسان وعدم الإنسان ولا یتم ذلک إلا باعتبار قیام الوجود بالإنسان وکذا العدم فالإنسان واللاإنسان إنما یتناقضان لانحلالهما إلی الهلیتین البسیطتین وهما قضیتا الإنسان موجود ولیس الإنسان بموجود. ونظیر الکلام یجری فی المتناقضین قیام زید ولا قیام زید فهما فی معنی وجود القیام لزید وعدم القیام لزید وهما ینحلان إلی هلیتین مرکبتین هما قولنا زید قائم وقولنا لیس زید بقائم فتقابل التناقض بالحقیقة بین الإیجاب والسلب وإن شئت فقل بین الوجود والعدم غیر أنه سیأتی فی مباحث العاقل والمعقول إن شاء الله تعالی أن العقل إنما ینال مفهوم الوجود أولا معنی حرفیا فی القضایا ثم یسبک منه المعنی الإسمی بتبدیله منه وأخذه مستقلا بعد ما کان رابطا ویصور للعدم نظیر ما جری علیه فی الوجود فتقابل التناقض بین الإیجاب والسلب أولا وبالذات وبین غیرهما بعرضهما. فما فی بعض العبارات من نسبة التناقض إلی القضایا کما فی عبارة التجرید إن تقابل السلب والإیجاب راجع إلی القول والعقد انتهی أرید به السلب والإیجاب من حیث الإضافة إلی مضمون القضیة بعینه وقد ظهر أیضا أن قولهم نقیض کل شی ء رفعه أرید فیه بالرفع الطرد الذاتی فالإیجاب والسلب یطرد کل منهما بالذات ما یقابله. وأما تفسیر من فسر الرفع بالنفی والسلب فصرح بأن نقیض الإنسان هو اللاإنسان ونقیض اللاإنسان اللالاإنسان وأما الإنسان فهو لازم النقیض ولیس بنقیض فلازم تفسیره کون تقابل التناقض من جانب واحد دائما وهو ضروری البطلان. ومن أحکام تقابل التناقض أن تقابل النقیضین إنما یتحقق فی الذهن أو فی اللفظ بنوع من المجاز لأن التقابل نسبة قائمة بطرفین وأحد الطرفین فی

ص 148

المتناقضین هو العدم والعدم اعتبار عقلی لا مصداق له فی الخارج وهذا بخلاف تقابل العدم والملکة فإن العدم فیه کما سیأتی إن شاء الله عدم مضاف إلی أمر موجود فله حظ من الوجود فالتقابل فیه قائم فی الحقیقة بطرفین موجودین. ومن أحکام هذا التقابل امتناع الواسطة بین المتقابلین به فلا یخلو شی ء من الأشیاء عن صدق أحد النقیضین فکل أمر مفروض إما هو زید مثلا أو لیس بزید وإما هو أبیض أو لیس بأبیض وهکذا فکل نقیضین مفروضین یعمان جمیع الأشیاء. ومن أحکام هذا التقابل أن النقیضین لا یصدقان معا ولا یکذبان معا علی سبیل القضیة المنفصلة الحقیقیة کما تقدمت الإشارة إلیه وهی قولنا إما أن یصدق الإیجاب أو یصدق السلب وهی قضیة بدیهیة أولیة یتوقف علیها صدق کل قضیة مفروضة ضروریة کانت أو نظریة فلیس یصدق قولنا الأربعة زوج مثلا إلا إذا کذب قولنا لیست الأربعة بزوج ولیس یصدق قولنا العالم حادث إلا إذا کذب قولنا لیس العالم بحادث ولذا سمیت قضیة امتناع اجتماع النقیضین وارتفاعهما بأولی الأوائل. ولذا کان الشک فی صدق هذه المنفصلة الحقیقیة مزیلا للعلم بکل قضیة مفروضة إذ لا یتحقق العلم بصدق قضیة إلا إذا علم بکذب نقیضها والشک فی هذه المنفصلة الحقیقیة یوجب الشک فی کذب النقیض ولازمه الشک فی صدق النقیض الآخر ففی الشک فیها هلاک العلم کله وفساده من أصله وهو أمر تدفعه الفطرة الإنسانیة وما یدعیه السوفسطی من الشک دعوی لا تتعدی طور اللفظ البتة وسیأتی تفصیل القول فیه.

ص 149

الفصل السابع فی تقابل العدم والملکة

الفصل السابع فی تقابل العدم والملکة

ویسمی أیضا تقابل العدم والقنیة وهما أمر وجودی عارض لموضوع من شأنه أن یتصف به وعدم ذلک الأمر الوجودی فی ذلک الموضوع کالبصر والعمی الذی هو فقد البصر من موضوع من شأنه أن یکون بصیرا. ولا یختلف الحال فی تحقق هذا التقابل بین أن یؤخذ موضوع الملکة هو الطبیعة الشخصیة أو الطبیعة النوعیة أو الجنسیة فإن الطبیعة الجنسیة وکذا النوعیة موضوعان لوصف الفرد کما أن الفرد موضوع له فعدم البصر فی العقرب کما قیل عمی وعدم ملکة لکون جنسه وهو الحیوان من شأنه أن یکون بصیرا وإن لم یتصف به طبیعة العقرب النوعیة وکذا المرودة وعدم التحاء الإنسان قبل أوان البلوغ عدم ملکة لکون الطبیعة النوعیة التی للإنسان من شأنها ذلک وإن کان صنف غیر البالغ لا یتصف به ویسمی تقابل العدم والملکة بهذا الإطلاق حقیقیا. وربما قید بالوقت باشتراط أن یکون العدم فی وقت الملکة ویسمی التقابل حینئذ بالمشهوری وعلیه فمرودة الإنسان قبل أوان البلوغ لیست من عدم الملکة فی شی ء وکذا فقد العقرب للبصر لیس بعمی. وهو أشبه بالاصطلاح فلا یضر خروج الموارد التی یکون الموضوع فیها هو الجنس أو النوع من تقابل العدم والملکة مع عدم دخولها فی التقابلات الثلاثة الباقیة وأقسام التقابل منحصرة فی الأربعة.

ص 150

الفصل الثامن فی تقابل التضایف

الفصل الثامن فی تقابل التضایف

المتضایفان کما تحصل من التقسیم أمران وجودیان لا یعقل أحدهما إلا مع تعقل الآخر فهما علی نسبة متکررة لا یعقل أحدهما إلا مع تعقل الآخر المعقول به ولذلک یمتنع اجتماعهما فی شی ء من جهة واحدة لاستحالة دوران النسبة بین الشی ء ونفسه. وقد أورد علی کون التضایف أحد أقسام التقابل الأربعة بأن مطلق التقابل من أقسام التضایف إذ المتقابلان بما هما متقابلان متضایفان فیکون عد التضایف من أقسام التقابل من قبیل جعل الشی ء قسیما لقسمه. وأجیب عنه بأن مفهوم التقابل من مصادیق التضایف ومصداق التضایف من أقسام التقابل ومصادیقه فالقسم من التضایف هو مفهوم التقابل والقسیم له هو مصداقه وکثیرا ما یکون المفهوم الذهنی فردا لمقابله کمفهوم الجزئی الذی هو فرد للکلی ومقابل له باعتبارین فلا إشکال. ومن أحکام التضایف أن المتضایفین متکافئان وجودا وعدما وقوة وفعلا فإذا کان أحدهما موجودا فالآخر موجود بالضرورة وإذا کان أحدهما معدوما فالآخر معدوم بالضرورة وإذا کان أحدهما بالقوة أو بالفعل فالآخر کذلک بالضرورة. ولازم ذلک أنهما معان لا یتقدم أحدهما علی الآخر لا ذهنا ولا خارجا.

ص 151

الفصل التاسع فی تقابل التضاد

الفصل التاسع فی تقابل التضاد

قد عرفت أن المتحصل من التقسیم السابق أن المتضادین أمران وجودیان غیر متضایفین لا یجتمعان فی محل واحد فی زمان واحد من جهة واحدة والمنقول عن القدماء أنهم اکتفوا فی تعریف التضاد علی هذا المقدار ولذلک جوزوا وقوع التضاد بین الجواهر وأن یزید أطراف التضاد علی اثنین.

لکن المشائین أضافوا إلی ما یتحصل من التقسیم قیودا أخر فرسموا المتضادین بأنهما أمران وجودیان غیر متضایفین متعاقبان علی موضوع واحد داخلان تحت جنس قریب بینهما غایة الخلاف ولذلک ینحصر التضاد عندهم فی نوعین أخیرین من الأعراض داخلین تحت جنس قریب بینهما غایة الخلاف ویمتنع وقوع التضاد بین أزید من طرفین. بیان ذلک أن کل ماهیة من الماهیات بل کل مفهوم من المفاهیم منعزل بذاته عن غیره من أی مفهوم مفروض ولیس ذلک من التضاد فی شی ء وإن کان یصدق علیه سلب غیره وکذا کل نوع تام بوجوده الخارجی وآثاره الخارجیة مباین لغیره من الأنواع التامة بما له ولآثاره من الوجود الخارجی لا یتصادقان بمعنی أن یطرد الوجود الخاص به الطارد لعدمه عدم نوع آخر بعینه فلیس ذلک من التقابل والتضاد فی شی ء. وإنما التضاد وهو التقابل بین أمرین وجودیین أن یکون کل من الأمرین طاردا بماهیته الأمر الآخر ناظرا إلیه آبیا للاجتماع معه وجودا. ولازم ذلک أولا أن یکون هناک أمر ثالث یوجدان له ویتحدان به والأمر الذی یوجد له الأمر الوجودی ویتحد به هو مطلق الموضوع الأعم من محل

ص 152

الجوهر وموضوع العرض لکن الجواهر لا یقع فیها تضاد کما سیجی ء فالمتعین أن یکونا عرضین ذوی موضوع واحد. وثانیا أن یکون النوعان بما أن لکل منهما نظرا إلی الآخر متطاردین کل منهما یطرد الآخر بفصله الذی هو تمام نوعیته والفصل لا یطرد الفصل إلا إذا کانا جمیعا مقسمین لجنس واحد أی أن یکون النوعان داخلین تحت جنس واحد قریب فافهم ذلک. ولا یرد علیه أن الفصل لکونه جزء الماهیة غیر مستقل فی الحکم والحکم للنوع لأن الفصل عین النوع محصلا فحکمه حکم النوع بعینه. علی أن الأجناس العالیة من المقولات العشر لا یقع بینها تضاد لأن الأکثر من واحد منها یجتمع فی محل واحد کالکم والکیف وسائر الأعراض تجتمع فی جوهر واحد جسمانی وکذا بعض الأجناس المتوسطة الواقعة تحت بعضها مع بعض واقع تحت آخر وکذا الأنواع الأخیرة المندرجة تحت بعضها مع بعض الأنواع الأخیرة المندرجة تحت بعض آخر فالتضاد إنما یقع بالاستقراء فی نوعین واقعین تحت جنس قریب من المقولات العرضیة کالسواد والبیاض المعدودین من الکیفیات المبصرة عندهم وکالتهور والجبن من الکیفیات النفسانیة.

وأما اعتبار غایة الخلاف بین المتضادین فإنهم حکموا بالتضاد بین أمور ثم عثروا بأمور متوسطة بین المتضادین نسبیة کالسواد والبیاض المتضادین وبینهما من الألوان الصفرة والحمرة والخضرة وهی بالنسبة إلی السواد من البیاض وبالنسبة إلی البیاض من السواد وکالتهور والجبن المتوسط بینهما الشجاعة فاعتبروا أن یکون الضد فی غایة الخلاف ونهایة البعد من ضده. وهذا هو الموجب لنفیهم التضاد بین الجواهر فإن الأنواع الجوهریة لا یوجد فیها ما هو نسبی مقیس إلی طرفین ولا نوعان متطرفان بینهما غایة الخلاف ومن أحکام التضاد أنه لا یقع بین أزید من طرفین لأنه تقابل والتقابل

ص 153

نسبة ولا تتحقق نسبة واحدة بین أزید من طرفین وهذا حکم عام لجمیع أقسام التقابل. قال فی الأسفار ومن أحکام التضاد علی ما ذکرناه من اعتبار غایة التباعد أن ضد الواحد واحد لأن الضد علی هذا الاعتبار هو الذی یلزم من وجوده عدم الضد الآخر فإذا کان الشی ء وحدانیا وله أضداد فإما أن یکون مخالفتها مع ذلک الشی ء من جهة واحدة أو من جهات کثیرة فإن کانت مخالفتها له من جهة واحدة فالمضاد لذلک الشی ء بالحقیقة شی ء واحد وضد واحد وقد فرض أضدادا وإن کانت المخالفة بینها وبینه من جهات عدیدة فلیس الشی ء ذا حقیقة بسیطة بل هو کالإنسان الذی یضاد الحار من حیث هو بارد ویضاد البارد من حیث هو حار ویضاد کثیرا من الأشیاء لاشتماله علی أضدادها فالتضاد الحقیقی إنما هو بین الحرارة والبرودة والسواد والبیاض ولکل واحد من الطرفین ضد واحد وأما الحار والبارد فالتضاد بینهما بالعرض انتهی ج 2 ص 114. ومن أحکامه أن المتضادین متعاقبان علی الموضوع لاعتبار غایة الخلاف بینهما سواء کان بینهما واسطة أو وسائط هی بالقیاس إلی کل من الجانبین من الجانب الآخر وأثره أن لا یخلو الموضوع منهما معا سواء تعاورا علیه واحدا بعد واحد أو کان أحد الضدین لازما لوجوده کالبیاض للثلج والسواد للقار. ومن أحکامه أن الموضوع الذی یتعاقبان علیه یجب أن یکون واحدا بالخصوص لا واحدا بالعموم إذ لا یمتنع وجود ضدین فی موضوعین وإن کانا متحدین بالنوع أو الجنس.

خاتمة

اختلفوا فی التمانع الذی بین الواحد والکثیر حیث لا یجتمعان فی شی ء

ص 154

واحد من جهة واحدة أ هو من التقابل بالذات أم لا وعلی الأول أ هو أحد أقسام التقابل الأربعة أم قسم خامس غیر الأقسام الأربعة المذکورة وعلی الأول أ هو من تقابل التضایف أم من تقابل التضاد ولکل من الاحتمالات المذکورة قائل علی ما فصل فی المطولات. والحق أنه لیس من التقابل المصطلح فی شی ء لأن قوام التقابل المصطلح بالغیریة الذاتیة التی هی تطارد الشیئین المتقابلین وتدافعهما بذاتیهما ومن المستحیل أن یرجع الاختلاف والتمانع الذاتی إلی الاتحاد والتآلف والواحد والکثیر لیسا کذلک إذ الواحد والکثیر قسمان ینقسم إلیهما الموجود من حیث هو موجود وقد تقدم أن الوحدة مساوقة للوجود فکل موجود من حیث هو موجود واحد کما أن کل واحد من حیث هو واحد موجود فالواحد والکثیر کل منهما مصداق الواحد أی أن ما به الاختلاف بین الواحد والکثیر راجع إلی ما به الاتحاد وهذا شأن التشکیک دون التقابل. فالوحدة والکثرة من شئون تشکیک الوجود ینقسم الوجود بذلک إلی الواحد والکثیر مع مساوقة الواحد للموجود المطلق کما ینقسم إلی الوجود الخارجی والذهنی مع مساوقة الخارجی لمطلق الوجود وینقسم إلی ما بالفعل وما بالقوة مع مساوقة ما بالفعل لمطلق الوجود. علی أن واحدا من أقسام التقابل الأربعة بما لها من الخواص لا یقبل الانطباق علی الواحد والکثیر فإن النقیضین والعدم والملکة أحد المتقابلین فیهما عدم للآخر والواحد والکثیر وجودیان والمتضایفان متکافئان وجودا وعدما وقوة وفعلا ولیس الواحد والکثیر علی هذه الصفة والمتضادان بینهما غایة الخلاف ولا کذلک الواحد والکثیر فإن کل کثیر عددی قوبل به الواحد العددی فإن هناک ما هو أکثر منه وأبعد من الواحد لعدم تناهی العدد فلیس بین الواحد والکثیر شی ء من التقابلات الأربعة والقسمة حاصرة فلا تقابل بینهما أصلا.

ص 155

درباره مركز

بسمه تعالی
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
با اموال و جان های خود، در راه خدا جهاد نمایید، این برای شما بهتر است اگر بدانید.
(توبه : 41)
چند سالی است كه مركز تحقيقات رايانه‌ای قائمیه موفق به توليد نرم‌افزارهای تلفن همراه، كتاب‌خانه‌های ديجيتالی و عرضه آن به صورت رایگان شده است. اين مركز كاملا مردمی بوده و با هدايا و نذورات و موقوفات و تخصيص سهم مبارك امام عليه السلام پشتيباني مي‌شود. براي خدمت رسانی بيشتر شما هم می توانيد در هر كجا كه هستيد به جمع افراد خیرانديش مركز بپيونديد.
آیا می‌دانید هر پولی لایق خرج شدن در راه اهلبیت علیهم السلام نیست؟
و هر شخصی این توفیق را نخواهد داشت؟
به شما تبریک میگوییم.
شماره کارت :
6104-3388-0008-7732
شماره حساب بانک ملت :
9586839652
شماره حساب شبا :
IR390120020000009586839652
به نام : ( موسسه تحقیقات رایانه ای قائمیه)
مبالغ هدیه خود را واریز نمایید.
آدرس دفتر مرکزی:
اصفهان -خیابان عبدالرزاق - بازارچه حاج محمد جعفر آباده ای - کوچه شهید محمد حسن توکلی -پلاک 129/34- طبقه اول
وب سایت: www.ghbook.ir
ایمیل: Info@ghbook.ir
تلفن دفتر مرکزی: 03134490125
دفتر تهران: 88318722 ـ 021
بازرگانی و فروش: 09132000109
امور کاربران: 09132000109